الدولة العثمانية والدولة العربية: سليم الأول PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
محمد حسن محمد ابوإسماعيل
Tags
Summary
هذه وثيقة تاريخية عن السلطان سليم الأول، تاسع السلاطين العثمانيين. توضح الوثيقة نشأته وحياة سليم الأول، ووصوله للحكم، وبعض أحداث عهده. تُعتبر الوثيقة ذات أهمية للباحثين المهتمين بتاريخ الدولة العثمانية.
Full Transcript
**الدولة العثمانية والدولة العربية** **بعنوان : سليم الأول** الأسم : محمد حسن محمد ابوإسماعيل الفرقة : الأولى تحت إشراف : د/ مرسى مختار يعتبر سليم الأول تاسع السلاطين العثمانيين، وخليفة المسلمين الرابع والسبعين، وهو أول من حمل لقب أمير المؤمنين من العثمانيين، واستمر حكمه للدولة العثمانية من عام...
**الدولة العثمانية والدولة العربية** **بعنوان : سليم الأول** الأسم : محمد حسن محمد ابوإسماعيل الفرقة : الأولى تحت إشراف : د/ مرسى مختار يعتبر سليم الأول تاسع السلاطين العثمانيين، وخليفة المسلمين الرابع والسبعين، وهو أول من حمل لقب أمير المؤمنين من العثمانيين، واستمر حكمه للدولة العثمانية من عام 1512م-1520م، وأطلق عليه الأتراك لقب القاطع أو الشجاع بسبب شجاعته في ساحة الحرب، كما سماه الإنجليز بسليم العابس كونه متجهم الوجه، وتميّز عهد هذا السلطان بتحوّل الفتوحات من الغرب الأوروبي إلى المشرق العربي، كما أصبحت الدولة العثمانيّة أهم طرق التجارة البريّة التي تمر من أراضي الدولة، وفي موضوعنا هذا سنعرفكم على السلطان سليم الأول. نشأة وحياة سليم الأول سليم الأول هو ابن السلطان بايزيد الثاني بن محمد الفاتح والسيدة عائشة كلبهار خاتون، وُلد بتاريخ 10 تشرين الأول في عام 1470م في مدينة أماسيا الأناضوليّة على ساحل البحر الأسود، وهو واحد من أولاد السلطان الثمانية الذين ماتوا، ولم يبقى سوى كركود وأحمد، واختلف هؤلاء الأمراء في العديد من الأفكار والآراء، فكان كركود محباً للعلوم والآداب والفنون، أما أحمد فكان مرغوباً لدى الأعيان والأمراء، بينما كان سليم محبّ للحرب، ومرغوب لدى الجند بصفة عامة، والانكشاريّة بصفة خاصة، وبسبب هذا الاختلاف بين الأمراء عيّن السلطان ابنه كركود والياً على إحدى ولايات سلطانه البعيدة، وولى أحمد على أماسيا، بينما تولى سليم ولاية طرابزون. عصيان سليم الأول على السلطان اشتعلت نيران الحروب الداخليّة في أواخر عهد السلطان بايزيد للعديد من الأسباب، والتي لم تهدأ إلا بعد وفاته، حيث عين السلطان بايزيد بن سليمان ابنه سليم والياً على كافا بالقرم، ولكنّ سليم لم يرضى عن هذا التعيين، وترك مقر ولايته مسافراً إلى كافا، وطلب من أبيه تعيينه والياً على ولاية من الولايات الأوروبيّة، ولكن السلطان رفض، وأصرّ على بقائه والياً في طرابزون. خشي أخو سليم الأمير أحمد من كون سليم يسعى للعرش، ولذلك استغلّ فرصة انتصاره على جيش التحالف التركماني الصفوي في آسيا، وذهب إلى القسطنطينيّة لاستعراض قوته العسكريّة أمام السلطان وإخوته الأمراء، ولكنّ سليم أثار الفتنة في تراقيا رداً على فعل أخيه أحمد، وعصى والده جهاراً، ثمّ سار بجيشٍ جمعه من قبائل التتار إلى بلاد الروملي، ولكنّ والده بعث إليه جيشاً لإرساله، ولما وجد ابنه مصراً على الحرب عيّنه السلطان والياً في أوروبا حقناً للدماء، كما أنّه منع دخول ابنه أحمد إلى العاصمة حتى لا يخلعه أو يقتله لتولي الحكم. في هذا الوقت دعا السلطان بايزيد ديوانه للانعقاد والتشاور لتنصيب أحد أبنائه خلفاً له، واجتمع الرأي على ابنه أحمد، ولكن ما إن وصل الخبر إلى سليم حتى غضب، وأعلن الثورة على والده، وذهب إلى مدينة أدرنة، وسيطر عليها، وأعلن نفسه سلطاناً، ولكنّ أباه السلطان بعث جيشاً يقدر بأربعين ألف جندي، وهزمه في الثالث من آب لعام 1511م، وجعله يلجأ فاراً إلى بلاد القرم. تولي سليم الأول الحكم عفا السلطان عن الأمير سليم الأول، وسمح له بالعودة إلى ولايته، وأتى إليها مع الانكشاريّة باحتفال زائد، وذهبوا إلى سرايا السلطان، وطلبوا منه التنازل عن الملك للأمير سليم، وقبل السلطان، وتنحى عن عرشه بتاريخ 25 نيسان عام 1512م، وتولى مقاليد الحكم بشكلٍ رسمي بتاريخ 23 من أيار من نفس العام. **[حياته قبل السلطنة]** **[ولادته ونشأته]** جانبٌ من مدينة أماسية، مسقط رأس السُلطان سليم. وُلد سليم الأوَّل على القول الأصح سنة 875هـ المُوافقة لِسنة 1470م، وقيل في سنة 872هـ (1467 - 1468م)، في مدينة أماسية بِالأناضول، خلال ولاية أبيه بايزيد على سُنجق تلك الناحية. تتفق مُعظم المصادر على أنَّ والدته هي عائشة گُلبهار خاتون ابنة أمير ذي القدر علاء الدولة بوزقورد بك، ويقول بعض الباحثين أنَّ والدة هذا السُلطان هي امرأة تُدعى «گُلبهار» حصرًا، دون ذكرٍ لِنسبها وما إذا كانت ابنة أحد الأُمراء المُسلمين في الأناضول، ويقول آخرون أنَّها دُعيت «عائشة خاتون» فحسب، ويُؤيدون كونها ابنة علاء الدولة بوزقورد بك. اختُتن سليم على يد جدِّه السُلطان مُحمَّد الفاتح، وبحسب رواية المُؤرِّخ أحمد بن يُوسُف القرماني فإنَّ السُلطان الفاتح طلب من ولده بايزيد بِأن يبعث إليه بِإبنيه أحمد وسليم لِيختتنهما بِنفسه، فلمَّا قدما إليه أجلسهما بِجانبه على تخت المُلك وأخذ يُلاعبهما ويُمازحهما، فشدَّ أُذُن سليم إليه فبكى الأخير، فأمر السُلطان بِإحضار طرائف التُحف من الخزينة لِيُرضيهما، فرضي أحمد وقام وقبَّل يد جدِّه، وأبى سليم أن يرضى رُغم مُحاولات السُلطان بإسعاده، فقال له: «يَا وَلَدِي نَصْطَلِحُ مَعَك»، فردَّ عليه سليم: «والله مَا اصْطَلَحَ مَعَك، إِنَّ لِي عَلَيْكَ حَقًّا أُبْقِيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، فانزعج السُلطان وقال لِوُزرائه: «اعْلَمُوا أَنَّ وَلَدِي هَذَا هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ هَذَا التَّخْت»، ثُمَّ ختنهما وأرسلهما إلى والدهما. **[كيف وصل سليم الأول للحكم؟]** وفي يوم 3 صفر 918هـ المُوافق فيه 19 نيسان (أبريل) 1512م، وصل سليم إلى إسلامبول، فاستقبلته الإنكشاريَّة بِاحتفالٍ زائد، وكان على رأسهم الشاهزاده قورقود الذي خرج وسلَّم على أخيه وهنَّأه بِالسلطنة ودعا لهُ بِالتوفيق والنصر، مُعلنًا بِذلك خُضُوعه ومُسالمته **[كيف استلم السلطان سليم الأول العرش؟]** وصل سليم الاول لعرش السلطنه سنة 1512 بعد صراعات مع اخوه و مع ابوه بايزيد التانى و اللى نجح فيها انه يقضى على كل المنافسين المحتلمين ليه على العرش و ماخلاش غير ابنه و ولى عهده سليمان **[من قتل سليم؟]** يقال رسميًا أن سليم توفي بسبب إصابته بتورم في وجهه، إلا أن بعض المؤرخين يعتقدون أنه توفي بسبب السرطان أو أن طبيبه سممه. **[كيف وصل السلطان سليم الأول إلى الحكم؟]** وكان سليم قد وصل إلى السلطة بعد صراعه مع اخوته ووالده بايزيد الثاني حيث نجح سليم في الاطاحة بوالده وطارد اخوته فقتلهم ليقضي على أي فرصة لهم لمنافسته أو تهديد حكمه، ليتحول بعد ذلك إلى الشرق حيث دخل في صراع مع الشيعة الإسماعيلية مؤسسي الدولة الصفوية في إيران التي مثلت تهديدا سياسيا وأيديولوجيا للدولة العثمانية السنية **[ما هي عاصمة الدولة العثمانية في عهد سليم الأول؟]** عاد السلطان سليم الأول إلى العاصمة إسطنبول بعد أن حقق مجدا للدولة العثمانية واتساعا في رقعتها ومساحتها، وحاملا لقب الخلافة المجيد، وفي أثناء إقامته هبت فتنة شيعية في منطقة طوقاد الأناضولية سنة 625هـ = 1519م، فأرسل إليها أحد قواده، فنجح في إخمادها والقضاء عليها، وأعاد السكون إليها. **[صراع السُلطان سليم وأخويه]** غدر الشاهزاده أحمد واصطدامه بسليم ما أن استقرَّ سليم على تخت السلطنة حتَّى وصلت إليه أنباء عصيان أخيه أحمد من جديد، الذي كان ما يزال رافضًا قرار والده القاضي بِإزاحته وتولية أخيه الأصغر مكانه، واستمرَّ يدَّعي لِنفسه الأحقيَّة بِعرش آل عُثمان، فسيَّر ولده الشاهزاده علاء الدين عليّ في جمعٍ إلى السيطرة على بورصة، فأغار على نواحيها وقصد أخذ البلد أيضًا. ولمَّا كان الشغل الشاغل لِلسُلطان سليم هو الخطر الصفوي، فقد وجد نفسه مُضطرًّا أن يعمل على تأمين الأمن والوحدة في داخل الدولة العُثمانيَّة أولًا قبل أن يتفرَّغ لِقتال الصفويين، وتأمين هذه الوحدة والقضاء على المخاطر الداخليَّة لن يتمَّ إلَّا بِتنحية أخيه الكبير أحمد وأنصاره، وأيُّ طامعٍ يدَّعي حق ولاية العرش. بناءً على هذا، نادى سليم بِجمع الجيش وترك ابنه الشاهزاده سُليمان نائبًا عنه في دار السلطنة، وخرج هو في سبعين ألف جُنديّ مُجدًّا إلى صوب بورصة في أواسط جُمادى الأولى 918هـ المُوافق لِأواخر شهر تمُّوز (يوليو) 1512م، فهرب الشاهزاده علاء الدين عليّ إلى والده بِقونية، فتوجَّه السُلطان سليم إلى أنقرة وأرسل أحد قادته، وهو «طور علي بك بن بالي بن مالقوج»، في طليعة الجيش مع عساكر الروملِّي إلى جانب الشاهزاده أحمد، ولمَّا علم الأخير بِكثرة جُند أخيه القادمين إليه سارع بِالهرب إلى أماسية، فتبعه طور علي بك، فهرب أحمدٌ مُجددًا إلى جانب ملطية وطرندة. ولمَّا فشل القائد العُثماني بِالقبض على الشاهزاده العاصي، أرسل إلى السُلطان سليم يُعلمه، فأجابه السُلطان بأن يحفظ تلك الثُغُور مع أُمراء الروملِّي، وأقطع أماسية لِأحدهم، وهو مُصطفى بك بن داود وأمره بِالسير إليها والتمركز فيها. ثُمَّ عاد السُلطان إلى بورصة حيثُ سرَّح الجيش وشتى في خواص خُدَّامه. استغلَّ الشاهزاده أحمد إقلاع أخيه عن مُطاردته، فأرسل ابنيه مُراد وعلاء الدين عليّ إلى العاصمة الصفويَّة تبريز لِطلب المعونة من الشاه إسماعيل الذي كان يتحيَّن الفُرصة لِهدم الدولة العُثمانيَّة والتوسُّع على حسابها. سارع الشاه بِالاستجابة لِطلب الشاهزاده العاصي، فأمدَّهُ بِنحو ألفيّ فارس، فسار فيهم إلى أماسية خلال فصل الشتاء ودخلها بغتةً، فأسر أميرها مُصطفى بك بن داود لِفترةٍ وجيزة، ثُمَّ أطلقه واستوزره، وأرسل إلى أُمراء الروملِّي الذين كانوا يُحافظون الحُدُود والثُغُور مع طور علي بك، واستمالهم إليه، فمالوا، وأرادوا الغدر بِقائدهم المذكور، لكنَّهُ تفطَّن لِغايتهم وهرب في جمعٍ قليلٍ من رجاله ولحق بِالسُلطان سليم في بورصة حيثُ أخبره بِالقضيَّة. اضطرب السُلطان من هذا الخبر، وتخوَّف من بعض الذين يُحتمل أنهم يُبطنون الخيانة، وكان في مُقدِّمتهم أبناء أخوته الذين كانوا قد التجؤوا إليه؛ وهم مُحمَّدشاه بن شاهنشاه وعُثمان بن علمشاه وأورخان وموسى وأميرخان أبناء محمود بن بايزيد، فأمر بِقتلهم جميعًا، فقُتلوا عن آخرهم، ودُفنوا بِجانب جد جدِّهم السُلطان مُراد الثاني في تُربته المعروفة بِـ«كُليَّة المُراديَّة». كذلك ضبط السُلطان مُراسلاتٍ سريَّةٍ بين الصدر الأعظم خوجة مُصطفى باشا والشاهزاده أحمد، وتبيَّن أنَّ الصدر الأعظم كان يُخبر الشاهزاده بِمقاصد السُلطان وخططه، وهذا ما مكَّنه من الهرب من قونية ثُمَّ أماسية دون أن يتمكَّن الجيش من القبض عليه. كانت عاقبة خيانة الصدر الأعظم أن قتلهُ السُلطان شرَّ قتلة وجعلهُ عبرةً لِغيره، ونصَّب بدلًا منه أحمد باشا بن هرسك، فكانت تلك المرَّة الرابعة التي يتولَّى فيها أحمد باشا الصدارة العُظمى. بعد ذلك قرَّر السُلطان اختبار ولاء أخيه قورقود حتَّى يهدأ باله بِداخليَّته ويطمئن أنَّ مُنازعه الوحيد هو أخيهما الأكبر أحمد، فيتفرَّغ لاستئصال شأفته، فتجهَّز وسار إلى صوب مغنيسية مقر ولاية قورقود. **[كم سنة حكم سليم الأول؟]** السلطان سليم الاول (تركى: Selim I Yavuz، الشجاع) (اتولد: يوم 10 اكتوبر 1465 -- مات: يوم 22 سبتمبر،1520) كان سلطان الامبراطوريه العثمانيه بين 1512 - 1520، فى عهده احتل العثمانيين بلاد الشام و الحجاز و مصر و ضموها لامبرطوريتهم. **[كيف مات السلطان العثماني سليم الأول؟]** وبحسب التاريخ الموثق لسلاطين العثمانيين، في كتاب \"سلاطين الدولة العثمانية\" للمؤلف التركي صالح كولن، وبمقدمة من أحد أحفاد سلاطين العثمانيين وهو عثمان عثمان أوغلو، حفيد السلطان مراد الخامس، فإن سليم الأول 1470-1520م، مات مصاباً بجرثومة الجمرة الخبيثة، من دون أن تتم الإشارة إلى كيفية إصابته بتلك الجرثومة **[السلطان سليم الأول على العرش]** قام السلطان بايزيد بمسامحة ابنه سليم على ما فعله وسمح له بالعودة إلى ولايته، وقد أتى سليم مع عدد من الانكشارية الذين ذهبوا لقصر السلطان وطلبوا منه التنازل عن العرش لابنه سليم، وقبل السلطان بايزيد التنحى عن عرشه في 1512م وتولية ابنه سليم بدلًا منه، الذي تولى العرش في الخامس والعشرين من شهر إبريل عام 1512م الموافق الثامن من شهر صفر عام 918 هجرية. وأول ما فعله السلطان سليم الأول بعد توليه العرش هو القضاء على الفتن الداخلية التي نشبت ضده على يد أخوته الذين كانوا يتطلعون للحكم مثله. **[السلطان سليم ما بعد توليه العرش]** بعد القضاء على الفتن الداخلية، كان على سليم الأول النظر في أمرين مهمين للغاية، أما أولهما فهو زيادة نفوذ الشيعة في العراق وإيران وتهديد الدولة الصفوية الشيعية لاستقرار الدولة العثمانية. والدولة الصفوية نشأت في إيران عام 1502م الموافق 907 هجرية على يد إسماعيل الصفوي، والذي كان متطلعًا لتوسيع رقعة دولته فقام بالاستيلاء على العراق وأرسل الدعاة التابعين له لنشر المذهب الشيعي في الأناضول، الأمر الذي أدى لاستياء الدولة العثمانية السنية، فبدأت المناوشات العسكرية بين الطرفين في أواخر عهد السلطان بايزيد، ووصل التصادم بينهما لمرحلة خطيرة في عهد سليم الأول، الذي استطاع الفوز عليهم في الرابع والعشرين من أغسطس عام 1514م في معركة وادي جالديران. أما الأمر الثاني فكان ازدياد الخطر البرتغالي في منطقة الخليج العربي وتهديد الأراضي المقدسة؛ لا سيما بعد الضعف والانحلال الذي أصاب دولة المماليك في مصر والشام، وعجزها عن صد خطر البرتغاليين على منطقة الخليج العربي، حتى وصل بهم الأمر لإعلان عزمهم على قصف مكة المكرمة والمدينة المنورة، لذا كان الهدف الثاني للسلطان سليم الأول هو القضاء على الدولة المملوكية في مصر، ومحاولة نقل ممتلكات الدولة العباسية لآل عثمان، الأمر الذي كان يعلم أنه سيحقق للدولة العثمانية قوة كبيرة وهيبة بين المسلمين والمسيحيين في أوروبا، فانتصر السلطان سليم على المماليك بالفعل عام 1516م الموافق 922 هجرية، وسقطت الشام (حلب وحماه وحمص ودمشق وفلسطين وغزة) في يد الدولة العثمانية، ثم دخل السلطان سليم لمصر وانتصر على السلطان طومان باي آخر سلاطين الدولة المملوكية، وذلك في معركة عرفت باسم الريدانية عام 1517م الموافق 922 هجرية، وبهذا قضى على دولة المماليك في مصر. **[وفاة السلطان العثماني سليم الأول]** بعد عودة السلطان العثماني سَليم الأول إلى إسطنبول بعد كل ما حققه من انتصارات وفتوحات مكنته من توسيع رقعة الدولة العثمانية، قامت فتنة شيعية في منطقة طوقاد في الأناضول عام 1519م الموافق 625 هجرية. فأرسل السلطان إليهم أحد قاداته لإخمادها، ونجح بالفعل في القضاء عليها وعاد الهدوء والسكون للمنطقة، وبعدها بعام واحد توفي السلطان سليم الأول، بعد أن كان يتجهز للخروج في حملة كانت إلى بلاد المجر في الغالب. والسبب في وفاته -حسب ما يقال- هو ظهور دمل بين كتفيه أهمله في البداية، لكنه ازداد سوءًا حتى اشتد عليه الألم وأصبح لا يحتمل. فجاء الأطباء لمحاولة التخفيف عنه لكنهم لم يستطيعوا. وظل السلطان يتألم حوالي شهرين قبل أن تفيض روحه لبارئها ليلة السبت الموافق الثاني والعشرين من شهر سبتمبر عام 1520م / التاسع من شهر شوال عام 926 هجرية، عن عمر يناهز الحادية والخمسين عامًا. وقد أخفى طبيبه الخاص خبر وفاته عن الحاشية، وأبلغ الصدر الأعظم بيري محمد باشا الجمالي فقط، الذي اجتمع مع مصطفى باشا وأحمد باشا وقرروا إخفاء الأمر حتى حضور ابنه الشاهزاده سليمان؛ بسبب خوفهم من ثورة الانكشارية إذا علموا. وبعد حضور سليمان استلم التابوت الذي يحتوي على جثة والده عند أسوار القسطنطينية، ودفنه -بعد أن صلى عليه الجنازة في مسجد الفاتح- في أحد مرتفعات المنطقة. ولم يدفن أي من العثمانيين الآخرين مع السلطان سليم الأول، وبقى في قبره وحيدًا مثله مثل جده السلطان محمد الفاتح. **[فتح مصر]** بعد أن انتصر السلطان سليم على المماليك في سوريا، فُتحت أمامه الطريق نحو فلسطين ومصر. هذا ولما وصل خبر موت السلطان الغوري إلى مصر، انتخب المماليك \"طومان باي\" خلفًا له،وأرسل إليه السلطان سليم يعرض عليه الصلح بشرط اعترافه بسيادة الباب العالي على القطر المصري، فلم يقبل وقتل المبعوثين العثمانيين،واستعد لملاقاة الجيوش العثمانية عند الحدود. وبناءً على هذا، عزم السلطان سليم على قتال طومان باي، فاشترى عدّة آلاف من الجمال وحمّلها مقادير وافرة من المياه ليشرب منها جنده وهم يجتازون الصحراء إلى الأراضي المصرية. والتقت مقدمتا الجيشين عند حدود بلاد الشام حيث هُزمت مقدمة المماليك، وتابع العثمانيون زحفهم نحو مصر، فاحتلوا مدينة غزة على الطريق وساروا عابرين صحراء سيناء حتى وصلوا بالقرب من القاهرة. وكان طومان باي مرابطًا في الريدانيّة، وهي قرية صغيرة تقع على الطريق المؤدية إلى القاهرة،فحفر خندقًا على طول الخطوط الأمامية، ووضع مدافعه الكبيرة وأعد أسلحته وبنادقه وحاول شحذ همة مماليكه وقواته ولكن دون جدوى؛ فقد جبن كثير منهم عن اللقاء حتى كان بعضهم لا يقيم بالريدانيّة إلا في خلال النهار حتى يراهم السلطان، وفي المساء يعودون إلى القاهرة للمبيت في منازلهم. ولم يكن من شأن جيش كهذا أن يثبت في معركة أو يصمد للقاء أو يتحقق له النصر، فحين علم طومان باي وهو في الريدانية بتوغل العثمانيين في البلاد المصرية حاول جاهدًا أن يقنع أمراءه بمباغتة العثمانيين عند الصالحية، وهم في حالة تعب وإعياء بعد عبورهم الصحراء، لكنهم رفضوا، معتقدين أن الخندق الذي حفروه بالريدانيّة كفيل بحمايتهم ودفع الخطر عنهم، لكنه لم يغن عنهم شيئاً، فقد تحاشت قوات العثمانيين التي تدفقت كالسيل مواجهة المماليك عند الريدانيّة عندما علمت تحصيناتها، وتحولت عنها، واتجهت صوب القاهرة، فلحق بهم طومان باي مجسّم لجندي مملوكي بكامل درعه من القرن السادس عشر. وفي 22 يناير سنة 1517، الموافق في 29 ذي الحجة سنة 922هـ، التحم الفريقان في معركة هائلة،وعلى الرغم من الخيانة التي بدرت من بعض ضباط المماليك، فقد أبدى سلاح الفرسان المملوكي شجاعة كبيرة في ذلك اليوم، فلم تكد المعركة تبدأ حتى كرّت ثلّة من فرسان المماليك المدججين بالسلاح الكامل على قلب القوّات العثمانية حيث كانت تخفق راية السلطان الخاصة، وكان على رأس الثلّة طومان باي نفسه. والواقع أن السلطان سليم لم ينجُ من تلك الهجمة إلا بأعجوبة، فقد أخطأ طومان باي بينه وبين الصدر الأعظم \"سنان باشا الخادم\"، حيث قبض عليه وقتله بيده ظنًا منه أنه السلطان سليم. غير أن ما أقدم عليه سلطان المماليك لم ينفع شيئاً، فذهبت كل جهوده أدراج الرياح أمام المدافع العثمانية، فاضطر طومان باي ومن بقي معه إلى الانسحاب إلى نواحي الفسطاط، تاركين في ساحة الريدانية آلاف القتلى. وبهذا انتصر السلطان سليم على المماليك واستعدّ لدخول القاهرة، وكان الثمن الذي دفعه كلاً من العثمانيين والمماليك في هذه الحرب باهظًا للغاية، إذ بلغ مجموع خسائر الفريقين من الجنود حوالي 25,000 جندي. **[ما بعد الريدانيّة]** وبعد المعركة ببضعة أيام، تحديدًا في يوم 23 يناير سنة 1517، الموافق في 8 محرم سنة 923هـ، دخل السلطان سليم مدينة القاهرة في موكب حافل وقد أحاطت به جنوده الذين امتلأت بهم شوارع القاهرة، يحملون البيارق الحمراء شعار الدولة العثمانية، وكُتب على بعضها \"إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا\"، وفي بعضها \"نصرٌ من الله وفتحٌ قريب\". ولم يكد السلطان يهنأ بهذا الفتح حتى باغته طومان باي في \"بولاق\"؛ واشترك معه المصريون في هذه الحملة المفاجئة، وأشعلوا في معسكر سليم الأول النيران، وظن الناس أن النصر آت لا محالة، واستمرت مقاومة المماليك أربعة أيام وليال، وظهروا فيها على العثمانيين، حتى إنه خُطب لطومان باي في القاهرة في يوم الجمعة، وكان قد دُعي لسليم الأول في الجمعة التي سبقتها، غير أن هذا الفوز لم يحسم المعركة لصالح طومان باي؛ إذ سرعان ما لجأ الجنود العثمانيون إلى سلاح البنادق، وأمطروا به من فوق المآذن الأهالي والمماليك، فأجبروهم على الفرار، وفرَّ طومان باي إلى \"البهنا\" التي تقع غربي النيل في جنوب القاهرة. وذهب ضحيّة هذه المناوشات من العثمانيين والمماليك وأهالي المدينة ما يبلغ خمسين ألف نسمة ظل طومان باي يعمل على المقاومة بما تيسر له من وسائل، واجتمع حوله كثير من الجنود وأبناء الصعيد حتى قويت شوكته، غير أنه أدرك أن هذا غير كاف لتحقيق النصر، فأرسل إلى سليم يفاوضه في الصلح، فاستجاب له السلطان العثماني، وكتب له كتابًا بهذا، وبعث به مع وفد من عنده إلى طومان باي، إلا أن بعض المماليك هاجموا الوفد وأفنوه عن بكرة أبيه فحنق السلطان سليم وغضب غضبًا شديدًا، وخرج لقتال طومان باي بنفسه، والتقى الجيشان قرب قرية \"الوردان\" بالجيزة حيث دارت معركة حامية استمرت يومين وانتهت بهزيمة طومان باي وفراره إلى البحيرة. وهنا أعلن السلطان سليم أنه يعفو عمّن يستسلم إليه من المماليك، فاستسلم ثمانمئة من زعمائهم إليه، ولكنه أمر بقتلهم جميعًا. **[السطان سليم والجيش العثماني في مصر.]** لجأ طومان باي إلى أحد مشايخ البدو بإقليم البحيرة طالبًا منه العون والحماية فأحسن استقباله في بادئ الأمر، ثم وُشي به إلى السلطان سليم، فسارع بإرسال قوة للقبض عليه فأتت به إليه. وكان السلطان قد أُعجب بشجاعة طومان باي وحزمه على القتال والدفاع عن ملكه على الرغم من كل العوائق، فلم يفعل شيئاً سوى معاتبته واتهامه بقتل أفراد الوفد الذي أرسله إليه للصلح، فنفى طومان باي التهمة عن نفسه، وبرر استمراره في القتال بأن الواجب يُحتم عليه ذلك. وكاد السلطان من شدّة إعجابه بجرأة وشجاعة طومان باي أن يعفو عنه، ولكنه لم يفعل تحت تأثير الوشاة الذين حرّضوا السلطان على قتله بحجة أن لا بقاء لملكه في مصر ما دام طومان باي على قيد الحياة. عندئذ أمر السلطان بقتل طومان باي شنقًا، فنُفذ أمره في 13 أبريل سنة 1517، الموافق في 21 ربيع الأول سنة 923هـ بباب زويله، ودُفن الجثمان في القبر الذي كان السلطان الغوري قد أعدّه لنفسه.وبذلك انتهت دولة المماليك وسقطت الخلافة العبّاسية، وأصبحت مصر ولاية عثمانية. مكث السلطان سليم بالقاهرة نحو شهر زار في خلالها جميع المساجد التاريخية بالمدينة وكل ما بها من الآثار، ووزع على أعيان المدينة العطايا والخلع السنيّة، وحضر الاحتفال الذي يُقام في مصر سنويًا لفتح الخليج الناصري عند بلوغ النيل الدرجة الكافية لريّ الأراضي المصرية، ثم حضر احتفال سفر قافلة الحجاج التي تُرسل معها كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة وأرسل الصرّة المعتاد إرسالها إلى الحرمين الشريفين، من عهد السلطان محمد \"چلبي\" الأوّل، بقصد توزيعها على الفقراء، وأبلغها إلى ثمانية وعشرون ألف دوكا. وفيما كان السلطان سليم في القاهرة قدّم إليه شريف مكة، \"محمد أبو نمي الثاني بن بركات\"، مفاتيح الحرمين الشريفين كرمز لخضوعه واعتراف منه بالسيادة العثمانية على الأراضي المقدسة الإسلامية؛ وكانت هذه السيادة لسلاطين المماليك من قبل، وهكذا خضعت مكة المكرمة لسيطرة العثمانيين من غير حرب أو قتال. ومما جعل لفتح وادي النيل أهمية تاريخية عظمى، أن محمد الثالث \"المتوكل على الله\"، آخر ذريّة خلفاء بني العبّاس، الذي حضر أجداده القاهرة بعد الغزو المغولي لبغداد سنة 1258، وكانت له الخلافة بمصر اسمًا،تنازل عن حقه في الخلافة الإسلامية إلى السلطان سليم، على الرغم من أن الأخير كان قد أعلن نفسه قبلاً خليفة للمسلمين في دمشق،وسلّمه الآثار النبوية، وهي بيرق وسيف وعباءة نبي الإسلام \"محمد بن عبد الله\" عليه الصلاة والسلام. ومن ذلك التاريخ حمل كل سلطان عثماني لقب \"أمير المؤمنين\" و\"خليفة المسلمين\". وبعد أن أصبح السلطان خليفةً للمسلمين، خلع على نفسه لقب ملك البرّين، وخاقان البحرين، وكاسر الجيشين، وخادم الحرمين الشريفين - ويقصد بهذا، سيطرته على عدد من الدول الآسيوية والأفريقية، وبالتحديد مصر، الأناضول، ومعظم أنحاء الهلال الخصيب، وسيطرته على البحر المتوسط وما يتفرع عنه من بحور، والبحار المتفرعة من المحيط الهندي، وهزيمته للجيوش الصفويّة والمملوكيّة، وحمايته للمدينتين المقدستين عند المسلمين، مكة والمدينة المنورة.