أحوال الجزيرة العربية قبل البعثة PDF

Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...

Summary

This document summarizes the political, social, economic, and religious conditions in the Arabian Peninsula before the advent of Islam. It discusses the various forms of governance, social structures, economic activities, and religious beliefs prevalent in the region.

Full Transcript

‫أوالً‪ :‬أحوال الجزيرة العربية قبل البعثة‪:‬‬ ‫ويمكن بيان ذلك باختصار بما يلي‪:‬‬ ‫‪.1‬الحالة السياسية‪:‬‬ ‫يمكن تقسيم الحكم في الجزيرة العربي...

‫أوالً‪ :‬أحوال الجزيرة العربية قبل البعثة‪:‬‬ ‫ويمكن بيان ذلك باختصار بما يلي‪:‬‬ ‫‪.1‬الحالة السياسية‪:‬‬ ‫يمكن تقسيم الحكم في الجزيرة العربية قبل اإلسالم إلى شكلين من أشكال الحكم هما‪ :‬الملك المتوج وسيادة‬ ‫القبيلة‬ ‫أ‪ -‬الملك المتوج‪:‬‬ ‫المتمثل في قيام دويالت في عدد من أطراف الجزيرة العربية‪ ،‬كدولة المناذرة في "الحيرة" في طرف‬ ‫العراق‪ ،‬ودولة الغساسنة" في "بصرى" في طرف الشام‪ ،‬ودول "معين‪ ،‬و سبأ‪ ،‬وحمير" في اليمن جنوب‬ ‫الجزيرة العربية ودولة كندة في وسط الجزيرة العربية في نجد‪.‬إال أن هذه الدول لم تكن على قدر كبير‬ ‫من االستقالل‪ ،‬حيث وقعت تحت تأثير النفوذ األجنبي المتمثل في نفوذ دولتي الروم والفرس اللتين تقاسمتا‬ ‫الزعامة على العالم آنذاك‪.‬فقد قبل الفرس منذ عهد "أردشير" بحكم بعض قبائل العرب للمناطق المتاخمة‬ ‫لبالد العرب‪ ،‬ليتمكنوا من االستعانة بهم على صد غارات القبائل العربية على حدود دولتهم‪ ،‬كما يجعلوا‬ ‫منهم عائقا أمام أطماع ملوك الروم المنافسين لهم‪ ،‬وكان المناذرة آخر من تولى الحكم في الحيرة من‬ ‫العرب قبل اإلسالم‪.‬وكذلك الشأن في الشام فقد اصطنع الروم بعض القبائل العربية ليتمكنوا بهم من صد‬ ‫غارات بعض القبائل العربية على حدود دولتهم‪ ،‬وليتخذوهم عدة ضد منا فسيهم الفرس‪ ،‬وكان الغساسنة‬ ‫آخر من تولى الحكم في أطراف الشام قبل اإلسالم واتخذوا من "بصرى" قاعدة لهم‪.‬أما في جنوب‬ ‫الجزيرة فقد تعرضت اليمن ‪ -‬في أواخر حكم دولة حمير ‪ -‬السيطرة النفوذ األجنبي‪ ،‬فقد تمكن األحباش من‬ ‫السيطرة عليها حينما بعثوا جيوشهم الحتالل اليمن ردا على ما فعله ذو نواس بنصارى نجران‪.‬وظلت‬ ‫اليمن تحت االحتالل الحبشي منذ سنة ‪٥٢٥‬م إلى سنة ‪٥٧٥‬م حينما ضعف أمر األحباش بعد حادثة الفيل‬ ‫فسنحت الفرصة للفرس بالتدخل عندما استنجد بهم بعض أهل اليمن وانتهت سيطرة الفرس على اليمن‬ ‫بمجيء اإلسالم حينما دخل آخر حكامهم ‪ -‬باذان‪ -‬في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫صورة ‪ :1‬ممالك شمال الجزيرة العربية‬ ‫صورة ‪ :2‬ممالك جنوبي الجزيرة العربية‬ ‫ب) سيادة القبيلة‪:‬‬ ‫كانت معظم مناطق جزيرة العرب خاضعة للسيادة القبلية‪ ،‬حيث تعد القبيلة هي الوحدة السياسية التي ينتمي‬ ‫لها الفرد‪ ،‬فبأمرها يأتمر وتحكمه أعرافها‪ ،‬ومن أجلها يناضل‪ ،‬وعن شرفها يدافع‪.‬كما أن القبيلة بأسرها‬ ‫مسؤولة عن الدفاع عن أفرادها‪ ،‬والذود عن حقوقهم‪ ،‬وعلى كل فرد أن يقف مع أخيه من قبيلته‪ ،‬ظالما ً‬ ‫كان أو مظلوما ً‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫صورة ‪ :3‬توزيع القبائل‬ ‫‪.2‬الحالة االجتماعية ‪:‬‬ ‫تعد األسرة هي الركيزة األساس التي يقوم عليها مجتمع جزيرة العرب قبل اإلسالم‪ ،‬وكان النكاح على أنواع‬ ‫مختلفة منها الزواج بخطبة ومهر وهو الشائع بينهم وأقره اإلسالم‪ ،‬ومنها أنواع أخرى حرمها اإلسالم ما هي‬ ‫إال مظهر من مظاهر الدعارة والزنا‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي يحظى فيه الرجل في المجتمع العربي بالسلطة التامة‪ ،‬والمكانة العالية‪ ،‬نجد المرأة مهضومة‬ ‫الجانب مسلوبة الحقوق‪ ،‬ومن أهم مظاهر ظلم المرأة في المجتمع العربي‪:‬‬ ‫أ) كره المرأة والتشاؤم من إنجاب البنات‪ ،‬وقد ذكر هللا ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى‪َ ) :‬وإِذَا بُ ِشَر‬ ‫أَحدهم ِِب أْلُنثى ظَل وجهه مسودا وهو َك ِظيم ي ت وارى ِمن الأ َقوِم ِمن س ِ‬ ‫وء َما بُ ِشَر بِِه أَُيُأ ِس ُكهُ َعلَى ُهون أ أَم يَ ُد ُّسهُ ِِف‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ أ ُ ُ ُ أ َ ً َ ُ َ ٌ ََ َ َ َ أ‬ ‫َُُ‬ ‫َي ُك ُمو َن) [النحل‪ ،]58:‬وربما أدى هذا الكره إلى وأد البنات عند بعض األفراد‪ ،‬وأنكر هللا‬ ‫الَّت ِ‬ ‫اب أَََل َساءَ َما َأ‬‫ََّ‬ ‫َي ذَنأ ٍ ِ‬ ‫ت ) [التكوير‪،]8 :‬‬ ‫ب قُتلَ أ‬ ‫عليهم هذه العادة االجتماعية المقيتة بقوله تعالى‪َ ) :‬وإِذَا الأ َم أوءُ َدةُ ُسبِلَ أ‬ ‫ت ِِب ِ‬ ‫‪5‬‬ ‫ويعود هذا الكره والواد للبنات إلى الخوف من الفقر والعار‪ ،‬حيث المرأة معرضة للسبي لكثرة الحروب‬ ‫عند العرب‪.‬‬ ‫ب) حرمان المرأة من الميراث‪ ،‬ويزعمون أنه ال يرث إال من يحمل السيف ويحمي البيضة ‪.‬‬ ‫ج) اعتبارها جزءا من متاع الرجل‪ ،‬فإذا مات الرجل وله أبناء من غيرها كان ابنه األكبر أحق‪ :‬بها من‬ ‫ين ءَ َامنُوا ََل ََِي ُّل لَ ُك أم أَن تَ ِرثُوا‬ ‫َّ ِ‬ ‫‪َ(:‬يَيُّ َها الذ َ‬ ‫غيره‪ ،‬ففي صحيح البخاري (عن ابن عباس أنه فسر قوله تعالى َ‬ ‫ساءَ َك أرًها) [النساء‪ ،]19 :‬قال‪ :‬كَانُوا إِ َذا َماتَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ام َرأَتِ ِه إِن شَا َء بَ ْع ُ‬ ‫ض ُه ْم تَزَ َّو َج َها‬ ‫الر ُج ُل َكانَ أَ ْو ِليَا ُؤهُ أَ َح َّق بِ ْ‬ ‫الن َ‬ ‫َوإِ ْن شاؤوا زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها فَ ُه ْم أحق بها من أَ ْه ِل َها فَنَزَ لَ ْ‬ ‫ت هذه اآلية‪.‬‬ ‫ومع هذه النظرة الظالمة للمرأة فقد استطاع عدد من النساء فرض أنفسهن في المجتمع العربي حيث لفتن‬ ‫األنظار إليهن بما أوتين من رجاحة في العقل والرأي وحسن تصرف‪ ،‬وشجاعة‪ ،‬كما برز بعضهن في مجال‬ ‫التجارة‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫) المغلوث‪ ،‬األطلس التاريخي للسيرة النبوية(‬ ‫‪7‬‬ ‫‪.3‬الحالة االقتصادية‪:‬‬ ‫إن الحالة االقتصادية في الجزيرة العربية ليست بأحسن حاالً من الحالة االجتماعية والسياسية‪ ،‬فقد عمل العرب‬ ‫في بعض األعمال منها‪:‬‬ ‫أ) التجارة‪ :‬كانت مكة ملتقى طرق القوافل من أنحاء الجزيرة العربية‪ ،‬مما جعل أهلها يعملون بالتجارة‪،‬‬ ‫وكانت هناك رحلة الشتاء إلى اليمن والصيف إلى الشام‪.‬‬ ‫ب) الزراعة‪ :‬فقد زرع العرب الفاكهة‪ ،‬والنخيل‪ ،‬والحبوب‪ ،‬في يثرب والطائف واليمن واليمامة‪.‬‬ ‫واإلبل‪.‬‬ ‫الرعي‪ :‬وهو االهتمام بتربية الحيوانات كالغنم ِ‬ ‫ج) ّ‬ ‫‪.4‬الحالة الدينية‪:‬‬ ‫كان في الجزيرة العربية قبل اإلسالم عبادات وديانات مختلفة منها‪:‬‬ ‫أ( الحنيفية‪ :‬وهى ملة إبراهيم عليه السالم‪.‬والحنفاء هم الذين دعوا الناس إلى ترك عبادة األوثان‬ ‫واألصنام وأخلصوا العبادة هّلل الواحد األحد‪ ،‬ومن هؤالء زيد بن عمرو بن نفيل‪.‬‬ ‫ب( عبادة األوثان واألصنام‪ :‬وكان عليها أكثر العرب فكانوا يطوفون بها ويذبحون عندها ويدعونها من‬ ‫ت والعَُّزى‪َ.‬وَمناةَ‬ ‫‪{:‬أفرأَيأتُ ُم الال َ‬ ‫دون هّللا وقد انتشرت في الحجاز وبعض مناطق الجزيرة العربية قال تعالى َ‬ ‫وَن إِ ََل هللاِ ُزلأ َفىأ }[الزمر‪.]3 :‬‬ ‫{ما نَ أعبُ ُد ُه أم إَِل ليُ َق ِربُ َ‬ ‫ُخَرى} [النجم‪ ،]19 :‬وقال تعالى‪َ :‬‬ ‫الثَّالثَةَ اْل أ‬ ‫ي الخزاعي هو الذي ابتدع بعض العبادات والمعتقدات في‬ ‫وثبت في صحيح البخاري أن عمرو بن لح ه‬ ‫مكة‪ ،‬والتي منها إدخال عبادة األصنام إلى الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫ج(عبادة النجوم والكواكب‪ :‬اتخذها بعض العرب معبودا ً لهم من دون ه‬ ‫ّللا‪ :‬كالشمس والقمر وبعض النجوم‬ ‫ب ِ‬ ‫الش أعرى}]النجم‪.]49 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬وأَنَّهُ ُه َو َر ُّ‬ ‫د( اليهودية والنصرانية‪ :‬انتشرت اليهودية والنصرانية في بعض مناطق الجزيرة العربية قبل البعثة فقد‬ ‫كانت اليهودية في خيبر ويثرب والنصرانية في نجران واليمن‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ولعل مما سبق يتبين لنا الحاجة إلى بعثة محمد ﷺ ألن الناس كانوا في ضالل مبين عربا ً وغيرهم‪ ،‬وذلك‬ ‫ّللا الواحد األحد‪ ،‬للفوز في‬ ‫إلخراجهم من الظلمات إلى النور‪ ،‬ومن عبادة األوثان واألصنام وغيرها إلى عبادة ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث ِف اْلميني رسوَلً ِمنأ هم ي تأ لُواأ علَي ِهم ِِ ِ‬ ‫اب‬ ‫مهم الكتَ َ‬ ‫يهم ويُ َعل ُ‬ ‫آَيته َويُزك أ‬ ‫ُأ َ َ أ أ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫{ه َو الَّذي بَ َع َ‬ ‫الدنيا واآلخرة‪.‬قال تعالى‪ُ :‬‬ ‫ضالٍَل مب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني} [اجلمعة‪.]2 :‬‬ ‫أمةَ َوإِ أن َكانُوا م أن أقب ُل لَفي َ‬ ‫وا أْلك َ‬ ‫) المغلوث‪ ،‬األطلس التاريخي للسيرة النبوية(‬ ‫ثانيًا‪ :‬حياة الرسول ﷺ قبل البعثة‪:‬‬ ‫‪.1‬مولده واسمه ونسبه‪:‬‬ ‫ولد محمد بن عبد هللا ﷺ في مكة المكرمة يوم االثنين الثاني عشر من شهر ربيع األول عام ‪571‬م‪ ،‬ويعرف‬ ‫ّللا كما ثبت ذلك في‬ ‫عام مولده بعام الفيل وهو العام الذي حاول فيه أبرهة الحبشي أن يهدم الكعبة فأهلكهم ه‬ ‫سورة الفيل‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫والده‪ :‬عبد هللا بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كالب‪ ،‬مات قبل أن يولد النبي ﷺ ‪ ،‬ولذلك‬ ‫ولد يتيما ً ﷺ‪.‬‬ ‫وأمه‪ :‬آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كالب بن مرة‪.‬‬ ‫فلما ولدته أمه أرسلت إلى ج هدِه تبشره بحفيده‪ ،‬فجاء فحمله ودخل به الكعبة ودعا له وسماه محمداً‪.‬قال تعالى‪:‬‬ ‫َْحَ ُد} [الصف‪.]6 :‬‬ ‫ول ََيِِت ِم أن بَ أع ِدي أ‬ ‫اْسهُ أ أ‬ ‫{ومب ِشراً بِرس ٍ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫فنسبه ﷺ هو‪( :‬محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصى بن كالب بن مرة بن كعب‬ ‫بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن‬ ‫معد بن عدنان) وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السالم ويلتقي نسب أبيه مع أمه في كالب بن‬ ‫مرة‪.‬‬ ‫أ) رضـاعتـه في ديار بني سعد‪:‬‬ ‫كان من عادة أشراف قريش أن يدفعوا بأطفالهم إلى مراضع من البادية ليعيش الطفل في هواء البادية‬ ‫الصحي في السنوات األولى من عمره‪ ،‬فيقوى جسمه‪ ،‬لذلك التمس عبد المطلب المراضع لمحمد ﷺ‬ ‫حينما قدم من بني سعد نسوة إلى مكة يلتمسن الرضعاء‪ ،‬وكان من بينهن حليمة السعدية‪ ،‬فما بقيت‬ ‫واحدة منهن إال أخذت طفالً إال حليمة فلم تجد سوى محمد ﷺ فامتنعت عن أخذه ألنه يتيم األب أوالً‪،‬‬ ‫ولكنها كرهت أن ترجع من غير رضيع مما جعلها تأخذه إذ ال يوجد سواه‪.‬فلما أخذته وجدت من‬ ‫بركته ﷺ شيئا ً كثيراً‪ ،‬فمكث ﷺ في بني سعد سنتين‪ ،‬مدة الرضاعة‪.‬ثم ذهبت به حليمة إلى أمه لتطلب‬ ‫منها أن يبقى عندها مدة أخرى ‪.‬‬ ‫ب) حادثة شق الصدر‪:‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ولما بلغ الرابعة من عمره وقعت حادثة شق الصدر‪.‬فقد جاء جبريل إلى محمد ﷺ وهو يلعب مع‬ ‫الغلمان فأخذه وصرعه وشق صدره واستخرج قلبه واستخرج منه علقة‪ ،‬فقال‪ :‬هذا حظ الشيطان منك‬ ‫ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاده كما كان‪.‬‬ ‫قال أنس بن مالك " وقد كنت أرى أثر المخيط في صدره"‪ ،‬فلما علمت حليمة بهذه الحادثة خافت عليه‬ ‫فأرجعته إلى أمه‪.‬‬ ‫ت) موت أمه وكفالة جده‪:‬‬ ‫أصبح ﷺ عند أمه بعدما أرجعته حليمة إليها‪ ،‬فلما بلغ السادسة من عمره ذهبت به إلى يثرب لزيارة‬ ‫أخوال جده عبد المطلب من بني النجار ومعها حاضنته أم أيمن‪ ،‬وفي طريق العودة ماتت أمه في‬ ‫مكان يسمى (األبواء) بين مكة ويثرب فرجعت به أم أيمن إلى مكة فكفله جدُّه عبد المطلب‪.‬‬ ‫ث) كفالة عمه أبي طالب ورحلته األولى إلى الشام‪:‬‬ ‫بقي ﷺ في كفالة ج هدِه عبد المطلب حتى بلغ الثامنة من عمره‪ ،‬فتوفي جده وقبل وفاته أوصى ع َّمه أبا‬ ‫طالب بكفالته ﷺ ‪ ،‬ألنه يعلم حُبَّ أبي طالب لمحمد ﷺ‪ ،‬وقد ساعد عمه في العمل بالتجارة‪ ،‬وصحبه‬ ‫في رحلته إلى بالد الشام‪ ،‬وكان ﷺ في الثانية عشرة من عمره‪.‬‬ ‫ج) أعماله في شبابه‪:‬‬ ‫ضا في التجارة‪.‬‬ ‫عمل النبي ﷺ في رعي الغنم وقال ﷺ ‪(:‬ما من نبي إال ورعى الغنم)‪ ،‬وشارك أي ً‬ ‫ّللا عنها‪:‬‬ ‫ح) زواجه بخديجة رضي ّ‬ ‫ّللا عنها عن محمد ﷺ الصدق واألمانة فطلبت منه أن يتاجر لها‪ ،‬فوافق ﷺ‬ ‫عرفت خديجة رضي ه‬ ‫س َرة ُ غالمها ما رآه من‬ ‫فذهب بتجارة لها إلى بالد الشام وعاد من هذه الرحلة بربح كبير‪ ،‬وحكى لها َم ْي َ‬ ‫‪11‬‬ ‫ُحس ِْن ُخلُق النبي ﷺ إذ كان معه في هذه الرحلة فأعجبت به فخطبها إليه عمه أبو طالب وزوجه إياها‪،‬‬ ‫وكان الرسول ﷺ حينذاك في الخامسة والعشرين من عمره‪ ،‬بينما هي في األربعين من عمرها‪ ،‬وهي‬ ‫أ ُ ْولَى زوجات الرسول ﷺ وقد ولدت له من البنين‪ :‬القاسم وبه كان يكنى‪ ،‬وعبد هللا الذي يلقب (بالطيب‬ ‫والطاهر) ومن البنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة‪.‬‬ ‫خ) حفظ هللا لرسوله ﷺ‪:‬‬ ‫كان من حفظ هللا عز وجل لنبيه ﷺ أن حفظه من المشاركة في أعمال الجاهلية‪ ،‬فلم يشرب الخمر قط‪،‬‬ ‫على الرغم من أن العرب كانت تستبيحه‪ ،‬ولم ه‬ ‫يعظم صن ًما قط‪ ،‬وكان ال يأكل مما ذبح لألصنام‪ ،‬كل‬ ‫هذا تهيئة له للرسالة؛ وذلك حتى ال يعيب عليه أحد حينما يبعث بما عمله في الجاهلية‪.‬‬ ‫د) مشاركته في بعض األحداث‪:‬‬ ‫شارك النبي ﷺ قبل أن يبعث في بعض األحداث التي جرت في مكة ومنها‪:‬‬ ‫▪ حرب ال ِفجَار‪ :‬وسببها انتهاك بعض القبائل لحرمة األشهر الحرم بالقتال فيها حيث كان القتال‬ ‫محرما ً في األشهر الحرم (األشهر الحرم هي‪ :‬محرم‪ ،‬ورجب‪ ،‬وذي القعدة‪ ،‬وذي الحجة) ‪.‬‬ ‫▪ حلف الفضول‪ :‬وهو حلف دعت إليه بعض قبائل قريش‪ ،‬وفيه تعاهدوا على نصرة المظلوم‪،‬‬ ‫وقد حضر النبي ﷺ هذا الحلف‪ ،‬وكان في دار عبد هللا بن جدعان‪.‬‬ ‫▪ تجديد بناء الكعبة المشرفة‪ :‬أرادت قريش تجديد بناء الكعبة لما وقعت جدرانها من أثر‬ ‫السيل‪ ،‬وسرق كنزها‪ ،‬حيث تعاقدوا على أن ال يدخلوا فيها إال ماالً من كسب طيب‪ ،‬وقد‬ ‫شارك النبي ﷺ في البناء معهم حيث كان ينقل الحجارة‪ ،‬وأيضا ً كان له دور في حل التنازع‬ ‫على وضع الحجر األسود مكانه‪ ،‬حيث وضعه بيده ﷺ ‪ ،‬وكان عمره ‪ 35‬سنة‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ذ) إرهاصات النبوة‪:‬‬ ‫ظهرت عالمات تدل على قرب مبعث النبي ﷺ ومنها‪:‬‬ ‫‪ -1‬بشارات األنبياء السابقين به‪.‬‬ ‫‪ -2‬إخبار اليهود عن بعثته ﷺ‪.‬‬ ‫‪ -3‬تسليم الحجر عليه قبل البعثة‪.‬‬ ‫‪ -4‬إخبار الكهان والجان ببعثته ﷺ‪.‬‬ ‫‪ -5‬الرؤيا الصادقة‪ :‬فكان ﷺ ال يرى رؤيا إال وتحققت‪.‬‬ ‫‪ -6‬حادثة شق الصدر‪ ،‬وقد وقعت له مرتين‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫الملخص‬ ‫أوالً‪ :‬أحوال الجزيرة العربية قبل البعثة ويمكن بيان ذلك باختصار بما يلي‪:‬‬ ‫‪.1‬الحالة السياسية‪:‬‬ ‫يمكن تقسيم الحكم في الجزيرة العربية قبل اإلسالم إلى شكلين من أشكال الحكم هما‪ :‬الملك المتوج وسيادة‬ ‫القبيلة‪.‬‬ ‫‪.2‬الحالة االجتماعية‪ :‬من أهم مظاهر ظلم المرأة في المجتمع العربي‪:‬‬ ‫ كره المرأة والتشاؤم من إنجاب البنات‪.‬‬ ‫ حرمان المرأة من الميراث‪.‬‬ ‫ اعتبارها جزءا من متاع الرجل‪.‬‬ ‫‪.3‬الحالة االقتصادية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التجارة‬ ‫ب‪ -‬الزراعة‬ ‫الرعي‬ ‫ج‪ -‬ه‬ ‫‪.4‬الحالة الدينية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الحنيفية‬ ‫ب‪ -‬عبادة األوثان واألصنام‬ ‫ج‪ -‬عبادة النجوم والكواكب‬ ‫د‪ -‬اليهودية والنصرانية‬ ‫ثانيًا‪ :‬حياة الرسول ﷺ قبل البعثة‬ ‫ مولده واسمه ونسبه‬ ‫ رضـاعتـه في ديار بني سعد‬ ‫‪14‬‬ ‫ حادثة شق الصدر‬ ‫ موت أمه وكفالة جده‪:‬‬ ‫ كفالة عمه أبي طالب ورحلته األولى إلى الشام‬ ‫ أعماله في شبابه‬ ‫ زواجه بخديجة رضي ه‬ ‫ّللا عنها‬ ‫ حفظ هللا لرسولهﷺ‪:‬‬ ‫ مشاركته في بعض األحداث‪:‬‬ ‫أ‪ -‬حرب ال ِف َجار‬ ‫ب‪ -‬حلف الفضول‬ ‫ج‪ -‬تجديد بناء الكعبة المشرفة‬ ‫ إرهاصات النبوة‬ ‫‪.1‬بشارات األنبياء السابقين به‪.‬‬ ‫‪.2‬إخبار اليهود عن بعثتهﷺ‪.‬‬ ‫‪.3‬سليم الحجر عليه قبل البعثة‪.‬‬ ‫‪.4‬إخبار الكهان والجان ببعثتهﷺ‪.‬‬ ‫‪.5‬الرؤيا الصادقة‪ :‬فكانﷺ ال يرى رؤيا إال وتحققت‪.‬‬ ‫‪.6‬حادثة شق الصدر‪ ،‬وقد وقعت له مرتين‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫أول‪ :‬البعثة ونزول الوحي على النبي ﷺ وبدء الدعوة‪:‬‬ ‫ا‬ ‫لما بلغ ﷺ األربعين من عمره ُأ ِ‬ ‫وح َي إليه‪ ،‬فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل َفلَ ق الصبح (وهي الرؤيا‬ ‫الصادقة) وكان هذا أول ما بدئ من الوحي‪.‬‬ ‫وفي يوم االثنين من شهر رمضان فاجأه جبريل ألول مرة داخل الغار فقال له‪ :‬اقرأ‪.‬فقال ﷺ " ‪:‬ما‬ ‫فغطه حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال‪ :‬اقرأ‪.‬فقال ﷺ ‪:‬ما أنا بقارئ‪.‬فأخذه‬ ‫ّ‬ ‫أنا بقارئ"‪.‬فأخذه‬ ‫ك الَّ اذي‬ ‫فغطه الثانية ثم أرسله فقال له‪ :‬اقرأ‪ :‬فقال ما أنا بقارئ فأخذه فغطه ثم قال له‪{ :‬اقْرأ اِب ْس ام َربا َ‬ ‫ّ‬ ‫َخلَ َق‪َ ،‬خلَ َق ا اإلنْ َسا َن ام ْن َعلَق} [العلق‪.]1 :‬‬ ‫فرجع بها ترتعد بوادره حتى دخل على خديجة رضي اللّ ه عنها‪.‬فقال‪ :‬زَ ِّملُ وني‪.‬زَ ِّملُ وني‪.‬فزملوه حتى‬ ‫ذهب عنه الخوف‪.‬ثم أخبرها الخبر‪.‬فذهبت معه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان عنده علم‬ ‫الملَ ك الذي نزل على موسى‪".‬‬ ‫باألديان السابقة فأخبره "أن هذا هو َ‬ ‫وكان هذا أول ما نزل من القرآن الكريم‪ ،‬ثم انقطع عنه الوحي فترة من الزمن فحزن الرسول صلى‬ ‫الله عليه وسلم حزناً شديداً ‪ ،‬وذلك حتى يذهب عنه الخوف‪ ،‬ويستعد للوحي مرة أخرى‪ ،‬ثم نزلت‬ ‫عليه سورة المدثر‪ ،‬فأخذ ﷺ يدعو الناس إلى التوحيد‪ ،‬ويحذرهم من الشرك‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ثانيا‪ :‬بدء الدعوة لإلسالم وأول من أسلم‪:‬‬ ‫ا‬ ‫فكان أول من آمن به من النساء خديجة رضي اللّ ه عنها‪.‬ومن الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه‬ ‫‪،‬ومن الصبيان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ‪.‬وأول من آمن من الموالي زيد بن حارثة رضي الله‬ ‫عنه ‪.‬وممن أسلم في وقت مبكر أهل بيت أبي بكر‪ ،‬وسعد بن أبي وقاص‪ ،‬وعثمان بن عفان‪،‬‬ ‫وطلحة ابن عبيد اللّ ه والزبير بن العوام وخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنهم ‪ ،‬ويعرف هؤالء‬ ‫بالسابقين األولين لإلسالم‪.‬‬ ‫ثالثاا ‪ :‬مراحل الدعوة النبوية‪:‬‬ ‫بنزول الوحي على حبيبنا محمد ﷺ بدأت مرحلة جديدة في حياته‪ ،‬مرحلة محملة بالمسؤوليات‬ ‫الجسيمة مسؤوليات تبليغ الدعوة العظيمة‪ ،‬من ربه تعالى إلى الناس كافة‪ ،‬وتحمل ما سيالقيه‬ ‫في ذلك‪.‬وقد استمرت تلك المرحلة ثالثاً وعشرين سنة‪ ،‬انقسمت إلى طورين‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫‪ -1‬الدعوة في العهد المكي‪:‬‬ ‫وتنقسم الدعوة في العهد المكي إلى قسمين‪:‬‬ ‫ الدعوة السرية‬ ‫ الدعوة الجهرية‪.‬‬ ‫‪ -2‬والدعوة في العهد المدني‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫رابعا‪ :‬موقف قريش من دعوة النبي ﷺ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫كانت قريش في البداية غير منكرين لما يقوله النبي ﷺ ‪ ،‬حيث كانوا يظنون أنه من الكهان‪.‬إلى أن‬ ‫بدأ النبي ﷺ يعيب آلهتهم ويدعو إلى ترك اتباع ملة آباءهم التي كانت على الكفر‪ ،‬فانتصبوا‬ ‫لعداوته وعداوة من آمن معه‪ ،‬يعذبون من ال منعة عنده أشد العذاب‪ ،‬ويؤذون من ال يقدرون على‬ ‫عذابه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قريشا من أذيته‪ ،‬وانضم معه بنو هاشم وبنو المطلب دون أبي‬ ‫وقد منع أبو طالب عم النبي ﷺ‬ ‫لهب‪.‬‬ ‫ومن الذين تعرضوا لألذى من قبل قريش‪:‬‬ ‫ أبو بكر الصديق رضي الله عنه ‪ ،‬فقد ضربه عتبة بن ربيعة بالنعال حتى صار ما يعرف وجهه‬ ‫من أنفه‪.‬‬ ‫بالل بن رباح رضي الله عنه‪ ،‬كان سيده أمية بن خلف يعذبه في شدة الحر‪ ،‬وال يزيد بالل أن‬ ‫ ‬ ‫يقول‪ :‬أحد أحد‪ ،‬حتى اشتراه أبو بكر الصديق‪.‬‬ ‫ خباب بن األرت‪ :‬كانت سيدته تأمر أن يلقى في النار على ظهره حتى تنطفأ النار‪.‬‬ ‫ آل ياسر (عمار بن ياسر‪ ،‬واألب ياسر‪ ،‬واألم سمية بنت خياط)‪.‬‬ ‫كان أبو جهل(عمرو بن هشام) يتولى تعذيبهم‪ ،‬وقد قام بقتل سمية وكانت عجوزاً كبيرة‪،‬‬ ‫فكانت أول شهيدة في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫خامسا‪ :‬من وسائل قريش إليقاف دعوة النبي ﷺ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫‪ -1‬الشتم العلني‪.‬‬ ‫‪ -2‬إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات المشوهة عليه‪ ،‬فوصفوه بالكهانة والجنون والسحر‬ ‫والشعر‪.‬‬ ‫‪ -3‬السخرية والتحقير واالستهزاء والتكذيب‪.‬‬ ‫‪ -4‬السعي لمنع الناس من سماع القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪ -5‬محاولة الضغط على أبي طالب لمنع النبي رضي الله عنه من دعوته‪.‬‬ ‫‪ -6‬محاولة اإللحاق األذى بشخص النبي ﷺ واالعتداء عليه‪.‬‬ ‫‪ -7‬المقاطعة‪ ،‬حيث قامت قريش بمقاطعة بني هاشم وبني المطلب‪ ،‬فلم يتزوجوا منهم ولم‬ ‫يشتروا منهم أو يبيعوهم واعتزلوهم‪.‬وقاموا بمحاصرتهم في شعب أبي طالب لمدة ثالث‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫ساد اسا‪ :‬نماذج لألشخاص الذين كانوا يؤذون النبي ﷺ‪:‬‬ ‫‪ -‬أبو لهب (اسمه عبدالعزى)‪.‬‬ ‫‪ -‬امرأة أبي لهب (أروى بنت حرب) كانت تضع الشوك على طريق النبي ﷺ‪.‬‬ ‫‪ -‬عقبة بن أبي معيط‪ ،‬وقد وضع أمعاء اإلبل وأحشاءه على ظهر النبي ﷺ وهو ساجد‪.‬‬ ‫‪ -‬أبي بن خلف‪ ،‬كان يستهزأ بالنبي ﷺ ‪ ،‬حتى أنه فت عظماً ثم نفخه في وجه النبي ﷺ وقال‪:‬‬ ‫من يحيي العظام وهي رميم؟‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ -‬أبو جهل( اسمه عمرو بن هشام يكنى بأبي الحكم) سمي بفرعون هذه األمة‪ ،‬وقد حاول‬ ‫مرة أن يطأ رقبة النبي ﷺ وهو ساجد لكن حمى الله نبيه من ذلك‪ ،‬وله مواقف كثيرة في‬ ‫أذية النبي ﷺ ‪ ،‬وهو الذي أشار بقتل النبي ﷺ حينما اجتمعت قريش في دار الندوة‪.‬‬ ‫بعا‪ :‬الهجرة إلى الحبشة‪:‬‬ ‫سا ا‬ ‫اشتد عليه أذى قريش فناصبوه العداء بوسائل‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة‬ ‫مختلفة منها‪ :‬االفتراءات الكاذبة والتهم الباطلة فوصفوه بأنه ساحر وأنه مجنون وأنه كاهن‪.‬‬ ‫اشتد العذاب على المسلمين‬ ‫ّ‬ ‫وكذلك طعنوا في القرآن الكريم فقالوا إنه أساطير األولين‪.‬وكذلك‬ ‫أحد فكانت‬ ‫ألن فيها ملكاً ال ُي ْظلَ م عنده ٌ‬ ‫فأمرهم صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة؛ ْ‬ ‫الهجرة إلى الحبشة‪.‬‬ ‫‪ -1‬هجرة الحبشة األولى ‪:‬‬ ‫رجال وأربع نسـوة وكان‬ ‫وكانت في السنة الخامسة من البعثة وبلغ عدد المسلمين أحد عشر ً‬ ‫عثمان بن عفان رضي اللّ ه عنه وزوجته رقية بنت رسول اللّ ه صلى الله عليه وسلم من‬ ‫أصحاب الهجرة األولى‪.‬‬ ‫‪ -2‬هجرة الحبشة الثانية‪:‬‬ ‫سمع أهل هجرة الحبشة "األولى" أن أهل مكة دخلوا في اإلسالم فرجعوا إلى مكة ومنهم‬ ‫عثمان بن مظعون فلم يجدوا الخبر صحيحاً فرجعوا مرة أخرى إلى الحبشة وسار معهم‬ ‫رجال وثماني عشرة امرأة فأرسلت‬ ‫جماعة من المسلمين حتى بلغ عددهم ثالثة وثمانين ً‬ ‫‪7‬‬ ‫قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ملك الحبشة تطلب منه أن‬ ‫يردهم إليها في مكة ولكنه رفض بعد أن تبين له صدق المسلمين‪.‬‬ ‫وقد هاجر معظم مهاجرة الحبشة إلى المدينة بعد استقرار اإلسالم فيها وتأخر جعفر بن أبي طالب‬ ‫ومن معه إلى فتح خيبر في السنة السابعة للهجرة‪.‬‬ ‫شكل ‪ :1‬هجرة الحبشة ‪ -‬أطلس السيرة‬ ‫‪8‬‬ ‫ثامنا ا‪ :‬إسالم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه‪:‬‬ ‫هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم َع ُّم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة وكان سبب‬ ‫أن أبا جهل َم َّر بالرسول صلى الله‬ ‫إسالمه الغضب للرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬وذلك عندما َعلِ َم َّ‬ ‫عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه‪ ،‬فغضب حمزة فقصد أبا جهل في المسجد الحرام وضربه‬ ‫بقوس كان معه وقال‪ :‬أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول‪.‬وعندما أسلم حمزة علمت قريش أن‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم قد عزّ ‪ ،‬وكان ذلك في السنة السادسة من البعثة‪.‬‬ ‫تاسعا‪ :‬إسالم عمر بن الخطاب رضي اللّ ه عنه‪:‬‬ ‫ا‬ ‫كان عمر بن الخطاب شاباً قوياً وكان يؤذي المسلمين‪،‬وكان الرسول ﷺ يدعو اللّ ه أن ينصر اإلسالم‬ ‫اإلسالم بأحب الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر ابن الخطاب‪".‬‬ ‫به إذ كان يقول "اللهم أعز ِ‬ ‫اإلسالم وبعد إسالم عمر رضي اللّ ه عنه صلى‬ ‫فاستجاب اللّ ه دعاءه فأسلم عمر فاعتز به ِ‬ ‫المسلمون في المسجد الحرام وما كانوا يستطيعون ذلك من قبل‪ ،‬وكان إسالم حمزه وعمر رضي‬ ‫اللّ ه عنهما في السنة السادسة من البعثة‪.‬‬ ‫عاشرا‪ :‬وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها‪:‬‬ ‫ا‬ ‫في العام العاشر للبعثة مات أبو طالب الذي كان يحمي الرسول صلى الله عليه وسلم من قريش‬ ‫ولم يدخل في اإلسالم‪ ،‬ثم بعده ماتت زوجه خديجة رضي اللّ ه عنها‪.‬التي كانت خير ُمعين للنبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫فسمى بعض المؤرخين هذا العام بعام الحزن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪9‬‬ ‫الملخص‬ ‫تناولنا في هذا الدرس بعثة الرسول ﷺ‪ ،‬حيث ُأ ِ‬ ‫وح َي إلى النبي ﷺ عندما بلغ األربعين من عمره‪،‬‬ ‫حيث رأى (الرؤيا الصادقة) وكان هذا أول ما بدئ من الوحي‪ ،‬ثم واجه النبي ﷺ بعد ذلك العديد من‬ ‫التحديات والمواقف في بعثته ومنها‪:‬‬ ‫ مراحل الدعوة النبوية‪ ،‬وقد استمرت تلك المرحلة ثالثاً وعشرين سنة‪ ،‬انقسمت إلى طورين‪،‬‬ ‫هما‪:‬‬ ‫الدعوة في العهد المكي‪ ،‬والتي تنقسم إلى قسمين‪ :‬الدعوة السرية والدعوة الجهرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الدعوة في العهد المدني‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ موقف قريش من دعوة النبي ﷺ‪:‬‬ ‫حيث كانت قريش في البداية غير منكرين لما يقوله النبي ﷺ‪ ،‬حيث كانوا يظنون أنه من الكهان‪.‬إلى‬ ‫أن بدأ النبي ﷺ يعيب آلهتهم ويدعو إلى ترك اتباع ملة آباءهم التي كانت على الكفر‪ ،‬فانتصبوا‬ ‫لعداوته وعداوة من آمن معه‪ ،‬يعذبون من ال منعة عنده أشد العذاب‪ ،‬ويؤذون من ال يقدرون على‬ ‫عذابه‪.‬‬ ‫ من وسائل قريش إليقاف دعوة النبي ﷺ‪:‬‬ ‫الشتم العلني‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات المشوهة عليه‪ ،‬فوصفوه بالكهانة والجنون والسحر‬ ‫‪-‬‬ ‫والشعر‪.‬‬ ‫السخرية والتحقير واالستهزاء والتكذيب‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫السعي لمنع الناس من سماع القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪10‬‬ ‫محاولة الضغط على أبي طالب لمنع النبي صلى الله عليه وسلم من دعوته‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫محاولة اإللحاق األذى بشخص النبي صلى الله عليه وسلم واالعتداء عليه‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫المقاطعة‪ ،‬حيث قامت قريش بمقاطعة بني هاشم وبني المطلب‪ ،‬فلم يتزوجوا منهم ولم‬ ‫‪-‬‬ ‫يشتروا منهم أو يبيعوهم واعتزلوهم‪.‬وقاموا بمحاصرتهم في شعب أبي طالب لمدة ثالثة‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫ نماذج لألشخاص الذين كانوا يؤذون النبي ﷺ‪:‬‬ ‫أبو لهب وأمراته‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫عقبة بن أبي معيط‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫أبي بن خلف‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫أبو جهل‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ الهجرة إلى الحبشة‪:‬‬ ‫هجرة الحبشة األولى‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫هجرة الحبشة الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ إسالم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه‪.‬‬ ‫ إسالم عمر بن الخطاب رضي اللّ ه عنه‪.‬‬ ‫ وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫أول‪ :‬رحلته إلى الطائف‪:‬‬ ‫ا‬ ‫بعد وفاة أبي طالب‪ ،‬واشتداد أذى قريش على المصطفى ﷺ‪ ،‬سعى جاهداا إليجاد سند يخلف‬ ‫أمال في كسب قبيلة ثقيف‬ ‫عمه أبا طالب في حمايته؛ لمواصلة دعوته‪.‬فرحل إلى الطائف ا‬ ‫لحمايته‪ ،‬ومناصرة دعوته‪.‬فبدأ بساداتها فدعاهم لإلسالم‪ ،‬وعرض عليهم دعوته‪ ،‬وطلب منهم‬ ‫مناصرته‪ ،‬فلم يقبلوا منه‪ ،‬وسخروا منه فطلب منهم أن يكتموا موقفهم‪ ،‬وما دار بينه وبينهم؛ حتى‬ ‫ل يثيروا عليه الناس لكنهم لم يفعلوا‪ ،‬وأغروا به سفهاءهم‪ ،‬وعبيدهم فشتموه ورجموه بالحجارة‬ ‫حتى أدموا عقبه‪ ،‬واجتمع عليه الناس وألجؤوه إلى أحد البساتين‪.‬فلما تفرق الناس‪ ،‬ورجع السفهاء‪،‬‬ ‫وخال الحبيب المصطفى ﷺ بنفسه‪ ،‬وقد بلغ األلم والهم منه مبلغه‪ ،‬ليس على ما أصاب شخصه‬ ‫فحسب‪ ،‬بل لخيبة أمله في ثقيف؛ إذ لم يجد فيهم سنداا يمكنه من مواصلة دعوته‪.‬في هذا‬ ‫الظرف العصيب يلجأ الرسول الله إلى ربه‪ ،‬الذي لم يفقد الثقة به لحظة من اللحظات ليشكو إليه‬ ‫وحده‪ ،‬بثه وحزنه‪ ،‬ويعرض عليه مصابه‪.‬فرفع يديه وقال‪( :‬اللهم إليك أشكو ضعف قوتي‪ ،‬وقلة‬ ‫اس‪.‬يا أرحم الراحمين‪ ،‬أنت رب المستضعفين‪ ،‬وأنت ربي‪ ،‬إلى من تكلني؟‬ ‫حيلتي‪ ،‬وهواني على النَّ ِ‬ ‫يد َيتَ َج َه ُمنِ ي ؟ أم إلى َع ُد ٌّو َملَ كْ تَ ُه َأ ْم ِري؟ إن لم يكن بك َعلَ َّي َغ َض ٌب فال أبالي ولكن عافيتك‬ ‫إلى َب ِع ٍ‬ ‫هي أوسع لي‪ ،‬أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات‪ ،‬وصلح عليه أمر الدنيا واآلخرة‪ ،‬من أن‬ ‫تنزل علي غضبك‪ ،‬أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى‪ ،‬ول حول ول قوة إل بك)‪.‬‬ ‫التقط الرسول ﷺ أنفاسه في هذا البستان الذي أشفق عليه صاحباه‪ ،‬فأمرا غالماا نصرانياا لهما‬ ‫اسمه عداس‪ ،‬أن يقدم للنبي ﷺ قطفاا من العنب‪.‬وكان عداس هذا هو المستفيد األكبر من قدوم‬ ‫الرسول ﷺ للطائف‪ ،‬حين انتهى لقاؤه بالرسول ﷺ بدخوله في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تثبيت وتسلية النبي ﷺ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫كانت رعاية الله عز وجل لنبيه ﷺ تحوطه أينما اتجه‪ ،‬ومع اشتداد األذى بالنبي ﷺ ‪ ،‬حصلت له بعض‬ ‫األحداث التي تساعد في تثبيته على الحق وتسلي ما أصابه من هم وحزن ومنها‪:‬‬ ‫‪.1‬عرض َملَ ك الجبال عليه‪:‬‬ ‫بينما كان النبي ﷺ عائداا من الطائف‪ ،‬والهموم تثقله‪ ،‬حتى لم يعد يشعر بنفسه‪ ،‬إذا بسحابة‬ ‫قائال‪( :‬إن الله قد سمع قول قومك لك‪ ،‬وما ردوا عليك‪ ،‬وقد‬ ‫ا‬ ‫تظله‪ ،‬فنظر فإذا بجبريل يناديه‬ ‫قائال‪( :‬يا محمد‪ ،‬إن شئت أن‬ ‫ا‬ ‫بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت)‪.‬فناداه ملك الجبال‬ ‫أطبق عليهم األخشبين)‪.‬فقال‪( :‬بل أرجو أن يخرج الله من أصالبهم من يعبد الله وحده ول‬ ‫يشرك به شيئاا )‪ ،‬واألخشبان‪ :‬هما الجبالن المحيطان بمكة‪.‬‬ ‫‪.2‬إسالم بعض الجن‪:‬‬ ‫بعد عودة الرسول ﷺ من الطائف‪ ،‬وحين نزل ببطن نخلة قريباا من مكة‪ ،‬قام يصلي‪ ،‬فبعث الله‬ ‫له نفراا من الجن فاستمعوا لقراءته‪ ،‬وآمنوا برسالته‪ ،‬ورجعوا إلى قومهم يدعونهم للدخول في‬ ‫اإلسالم‪.‬وقد أوحى الله إلى نبيه بخبر هؤلء الجن‪ ،‬وما كان منهم‪ ،‬في قوله تعالى‪َ ) :‬وإِ ْذ َ‬ ‫صَرفْ نَا‬ ‫استَ َم َع نَ َفٌر ِم َن ا ْْلِ ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك نَ َفًرا م َن ا ْْل ِن يَ ْستَمعُو َن الْ ُق ْرءَا َن)[ األحقاف‪ ،]29:‬وفي قوله تعالى‪) :‬قُ ْل أُوح َي إِ ََل أَنَّهُ ْ‬ ‫إِلَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫وفال حسناا‬ ‫ا‬ ‫فَ َقالُوا إِ ََّّن ََس ْعنَا قُ ْرََب ًَّن َع َ‬ ‫جبًا)[الجن‪ ،]1:‬ول شك أن في هذا الحدث دعماا معنوياا للنبي‪،‬‬ ‫بانفراج األمر‪.‬فالذي صرف قلوب أولئك الجن للدخول في اإلسالم والدعوة إليه‪ ،‬جدير بأن‬ ‫يصرف قلوب أولئك المعاندين من اإلنس للدخول في اإلسالم‪ ،‬والدعوة إليه كذلك‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.3‬اإلسراء والمعراج‪:‬‬ ‫والم َحن‪ ،‬والشدائد‪ ،‬في سبيل الدعوة إلى‬ ‫ِ‬ ‫بعد أن تعرض صلى الله عليه وسلم لكثير من األذى‪،‬‬ ‫اللّ ه سبحانه وتعالى‪ ،‬فكذبه قومه َو َو َج َد ما وجد من قبيلة ثقيف من العذاب‪ ،‬جاءت حادثة‬ ‫اإلسراء والمعراج‪ ،‬تثبيتاا له صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ورفعاا لمكانته‪ ،‬ولقد أسرى به صلى الله عليه‬ ‫ِ‬ ‫وسلم من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد األقصى‪ ،‬ثم عرج به إلى السماء‪ ،‬قال‬ ‫صى الَّ ِذي ََب َرْكنا َح ْولَهُ لَنُ ِريَهُ ِم ْن آايتِنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪ُ { :‬سْبحا َن الَّذي أ ْ‬ ‫َسرى َبعْبده لَْيالً م َن الْ َم ْسجد ا ْْلََرام إَل الْ َم ْسجد األقْ َ‬ ‫الس ِميع الْب ِ‬ ‫صريُ}[ اإلسراء‪.]1 :‬‬ ‫إِنَّهُ ُه َو َّ ُ َ‬ ‫أول خمسون صالة‬ ‫وفي هذه الرحلة المباركة فرضت عليه الصلوات الخمس‪ ،‬فقد فرضت عليه ا‬ ‫ثم سأل ربه التخفيف حتى صارت خمس صلوات وأجرها بخمسين صالة‪ ،‬وقد أسري به صلى الله‬ ‫عليه وسلم يقظة بجسده وروحه‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ثالثاا ‪ :‬دعوة القبائل في موسم الحج‪:‬‬ ‫بعد رجوع المصطفى ﷺ من الطائف‪ ،‬لم ييأس في بحثه عن نصير يحميه لتبليغ دعوته‪ ،‬فعاد إلى‬ ‫بلده‪ ،‬بعد دخوله في جوار المطعم بن عدي‪ ،‬وأخذ يعرض نفسه على مختلف القبائل التي تفد إلى‬ ‫مكة في موسم الحج‪.‬فكان يتنقل بين القبائل‪ ،‬وتجمعات الناس في الحج‪ ،‬وكان مما يقوله في‬ ‫ذلك‪ :‬يا بني فالن إني رسول الله إليكم‪ ،‬يأمركم أن تعبدوه ول تشركوا به شيئا‪ ،‬وأن تخلعوا ما‬ ‫تعبدون من دونه‪ ،‬وأن تؤمنوا بي وتصدقوني‪ ،‬وتمنعوني؛ حتى أبين عن الله ما بعثني به)‪.‬ومن‬ ‫ذلك قوله‪( :‬هل من رجل يحملني إلى قومه‪ ،‬فإن قريشاا منعوني أن أبلغ كالم ربي)‪.‬وكان عمه أبو‬ ‫لهب يسير خلفه يحرض القبائل على عدم سماع كالمه‪ ،‬ويحذرهم من الدخول في الدين الذي جاء‬ ‫به‪.‬‬ ‫مكث المصطفى في مكة وشغله الشاغل عرض نفسه على القبائل‪ ،‬دون أن يحظى بقبول أحدها‬ ‫لنصرته‪.‬وقد اختلفت تلك القبائل في طريقة ردها‪ ،‬فمنها من كان في ردها قبح‪ ،‬ومنها من كان‬ ‫في ردها لين واعتذار‪ ،‬ومنها من قبل بشروط لم يكن في مقدور الرسول ﷺ قبولها؛ فقد قال له‬ ‫رجل من بني عامر بن صعصعة‪ :‬أرأيت إن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك‪ ،‬أيكون‬ ‫لنا األمر من بعدك؟ فقال‪( :‬األمر إلى الله يضعه حيث يشاء)‪.‬بقي على هذه الحال‪ ،‬حتى هيا الله له‬ ‫نفرا من المدينة (يثرب) آمنوا به وبايعوه‪.‬‬ ‫ا‬ ‫‪6‬‬ ‫صورة ‪ :1‬الهجرة النبوية‬ ‫سارت أحداث الهجرة بشكل تبدو فيه بوضوح عناية الله ورعايته لنبيه ﷺ ودعوته‪.‬فبينما كان في‬ ‫موسم الحج في السنة الحادية عشرة يعرض نفسه على القبائل يطلب نصرتهم‪ ،‬لقي ستة نفر من‬ ‫الخزرج‪ ،‬فاستوقفهم وقال‪( :‬من أنتم؟) قالوا‪ :‬نفر من الخزرج‪.‬فال‪ :‬أمن موالي يهود (؟ قالوا‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫قال‪( :‬أفال تجلسون أكلمكم؟ قالوا‪ :‬بلى فجلسوا معه‪ ،‬فدعاهم إلى الله عز وجل‪ ،‬وعرض عليهم‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وتال عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض‪ :‬يا قوم‪ ،‬تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم به‬ ‫يهود فال تسبقنكم إليه فأجابوه فيما دعاهم إليه‪ ،‬وصدقوه‪ ،‬وقبلوا منه ما عرض عليهم من‬ ‫اإلسالم‪.‬وقالوا‪ :‬إنا قد تركنا قومنا ول قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم‪ ،‬فعسى أن‬ ‫يجمعهم الله بك‪ ،‬فسنقدم عليهم‪ ،‬فندعوهم إلى أمرك‪ ،‬ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا‬ ‫‪3‬‬ ‫الدين‪ ،‬فإن يجمعهم الله عليه فال رجل أعز منك‪ ،‬ثم رجعوا إلى بالدهم يحملون هذا الدين الجديد‪.‬‬ ‫وفي الحين الذي كان رسول الله ﷺ ينتظر ثمار ذلك الغراس الجديد في يثرب واصل دعوته في‬ ‫مكة‪.‬‬ ‫أول‪ :‬بيعتا العقبة‪:‬‬ ‫ا‬ ‫‪.1‬بيعة العقبة األولى‪:‬‬ ‫رجال من يثرب وبعد أن دخلوا في‬ ‫في العام الثاني عشر للبعثة التقى النبي ﷺ اثني عشر ا‬ ‫اإلسالم بايعوه على‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬أل يشركوا باللّ ه شيئاا ‪.‬‬ ‫‪ ‬أن يأتمروا بما أمر اللّ ه به‪.‬‬ ‫‪ ‬أن ينتهوا عما نهى اللّ ه عنه‪.‬‬ ‫وأرسل معهم الرسول صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير (أول سفير في اإلسالم) ثم أرسل‬ ‫بعده عبد الله بن أم مكتوم رضي اللّ ه عنهما ليعلِّ موا الناس أمور الدين اإلسالمي وقراءة القرآن‬ ‫والصالة وغيرها‪.‬‬ ‫ولم يكن في هذه البيعة المبايعة على حماية النبي ﷺ ومقاتلة أعدائه‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫صورة ‪ :2‬مسجد البيعة‬ ‫‪.2‬بيعة العقبة الثانية‪:‬‬ ‫في العام الثالث عشر للبعثة جاء مصعب بن عمير رضي اللّ ه عنه ومعه من الذين أسلموا من‬ ‫ليال وجاء مع النبي‬ ‫أهل يثرب ثالثة وسبعون رجال وامرأتان والتقوا بالرسول ﷺ عند العقبة ا‬ ‫مسلما إل أنه أراد أن يأخذ عليهم األمان لبن‬ ‫ا‬ ‫ﷺ عمه العباس بن عبد المطلب ولم يكن‬ ‫ورغب في‬ ‫أخيه‪ ،‬وكان العباس أول متكلم‪ ،‬ثم تكلم الرسول ﷺ فتال القرآن ودعا إلى اللّ ه ّ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬فبايعوه على‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪.1‬السمع والطاعة في المنشط والمكره‪.‬‬ ‫‪.2‬النفقة في العسر واليسر‪.‬‬ ‫‪.3‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫أل تأخذهم في اللّ ه لومة لئم‪.‬‬ ‫‪َّ.4‬‬ ‫‪.5‬أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫وبعد البيعة رجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة‪ ،‬واستمر في الدعوة‪ ،‬فاشتد أذى‬ ‫قريش على المسلمين‪.‬‬ ‫وكان ﷺ قدر رأى في النوم أن دار هجرته هي المدينة‪ ،‬فأمر الرسول ﷺ أصحابة بالهجرة‬ ‫إليها‪ ،‬فهاجر المسلمون فرادى وجماعات سراا‪ ،‬حتى ل تعلم قريش بالهجرة‪ ،‬وكان أول من‬ ‫هاجر أبو سلمة بن عبداألسد‪ ،‬وأيضاا مصعب بن عمير وعبدالله بن أم مكتوم‪ ،‬ثم بالل بن رباح‬ ‫وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وعمر بن الخطاب في عشرين من الصحابة ﷺ ‪ ،‬وبقي‬ ‫صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي بن أبي طالب وبعض الصحابة المستضعفين‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مؤامرة دار الندوة‪:‬‬ ‫ا‬ ‫لما علمت قريش بانتشار اإلسالم بين األوس والخزرج في يثرب (المدينة)‪ ،‬وعلمت بإذن رسول الله‬ ‫وخشيت أن يهاجر‬ ‫َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ألصحابه بالهجرة إلى يثرب‪ ،‬وهاجر مجموعة كبيرة منهم‪،‬‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬اجتمعت قريش في دار الندوة لمنعه صلى الله عليه وسلم من‬ ‫الهجرة‪ ،‬واتفقوا على أن يأتوا بشاب قوي من كل قبيلة فينتظرون محمداا صلى الله عليه وسلم‬ ‫أمام داره فإذا خرج ضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل‪ ،‬فال يكون أمام بني هاشم إل‬ ‫ﻮك أ َْو ُﳜْ ِﺮ ُﺟ َ‬ ‫ﻮك َوَﳝ ُﻜ ُﺮو َن َوﳝَْ ُﻜ ُﺮ ا ّ وﷲ َﺧ ْﲑُ‬ ‫ﺑﻚ اﻟّ ِﺬﻳ َ َﻛ َﻔﺮوا ﻟِﻴُـﺜْﺒِﺘُ َ‬ ‫ﻮك أ َْو ﻳـَ ْﻘﺘُـﻠُ َ‬ ‫الدية‪ ،‬قال تعالى‪{:‬وإ ْذ ﳝَْ ُﻜ ُﺮ َ‬ ‫قبول ّ‬ ‫اﻟْ َﻤﺎﻛِ ِﺮﻳ َ {] اﻷ ﻔﺎل‪.[٣٠:‬‬ ‫‪6‬‬ ‫فجاء جبريل إلى النبي ﷺ وأخبره بأمرهم‪ ،‬فأمر صلى الله عليه وسلم علياا أن ينام في فراشه‪ ،‬وخرج‬ ‫"الصحبة يا رسول اللّ ه " ثم عاد‬ ‫ّ‬ ‫إلى بيت أبي بكر وأخبره أن اللّ ه أذن له بالهجرة‪ ،‬فقال أبو بكر‪:‬‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيته وخرج منه وشباب قريش ينتظرونه‪ ،‬فأخذ حفنة من التراب‬ ‫ﲔ أَﻳْ ِﺪﻳِ ْﻢ‬ ‫ونثره على رؤوسهم وهو يتلو آيات من سورة "يس " من أولها إلى قوله تعالى‪}:‬و َﺟ َﻌﻠَْﺎ ِﻣ ﺑَْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ﺳﺪاً وِﻣ ﺧﻠْ ِﻔ ِ ﻢ ﺳﺪا ﻓَﺄَ ْﻏ َﺸﻴـَﺎ ﻢ ﻓَـ ﻢ ﻻ ﻳـﺒ ِ‬ ‫ﺼ ُﺮو َن{] ﻳﺲ‪.[٩:‬‬ ‫ْ ُ ْ ُ ْ ُْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ﻮل ﻟِﺼ ِ‬ ‫ﺎﺣﺒ ِ ﻻ َْﲢَﺰ ْن‬ ‫ثور‪ ،‬قال تعالى‪ِ َ } :‬ﱐ اﺛْـَ ْ ِ‬ ‫ﲔ إ ْذ ُﳘَﺎ ﰲ اﻟْﻐَﺎ ِر إ ْذ ﻳـَ ُﻘ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُثم ذهب إلى بيت أبي بكر وخرجا إلى غار ٍ‬ ‫إ ﱠن ﷲ ﻣﻌَﺎ‪.‬ﻓَﺄَْـﺰَل ا ﺳﻜِﻴَـﺘ ﻋﻠَﻴ ِ وأَﻳﱠ َﺪ ِِﲜ ٍ‬ ‫ﻮد َﱂ ﺗَـ َﺮْوَ ﺎ{ ]اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،[٤٠:‬واختفيا فيه لمدة ثالثة أيام ‪.‬‬ ‫َ ّ َ َُ َ ْ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫علي‪.‬أخذوا‬ ‫وبعد أن عرفت قريش أن محمداا صلى الله عليه وسلم خرج وأن النائم على فراشه هو ّ‬ ‫يبحثون عنه في كل مكان‪ ،‬لكن اللّ ه أخفاه عن العيون‪ ،‬ثم جعلت قريش مائة ناقة لمن يأتي به هو‬ ‫وصاحبه حياا أو ميتاا ‪.‬‬ ‫وسبب بقاء علي بن أبي طالب وعدم خروجه مع النبي ﷺ ‪:‬حتى يرد األمانات التي كانت قريش‬ ‫تودعها عند النبي ﷺ‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ا‬ ‫ثالثا‪ :‬مسار طريق الهجرة أحداثه ووصوله ﷺ إلى المدينة‪:‬‬ ‫خرج صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه والدليل عبد اللّ ه بن ُأ َر ْي ِقط الليثي‪-‬‬ ‫رجال أميناا ‪ -‬ومعهم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر من غار ثور‪ ،‬وفي الطريق عرض لهم سراقة‬ ‫وكان ا‬ ‫بن مالك رغبة في الحصول على الجائزة‪ ،‬إل أنه لم يستطع ذلك ورجع حامياا لهم بعد أن كان طالباا‬ ‫لهم في أول النّ هار ‪.‬‬ ‫واستمروا في السير فوصلوا إلى قباء يوم الثنين الثامن من شهر ربيع األول‪ ،‬ونزل صلى الله عليه‬ ‫وسلم في قباء على بني عمرو بن عوف‪ ،‬وأقام في قباء مدة أربعة أيام أسس خاللها مسجد قباء‪.‬‬ ‫مر بدار من دور األنصار طلبوا منه النزول‬ ‫ثم سار صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى المدينة‪ ،‬وكلما َّ‬ ‫عندهم‪ ،‬وهو يقول "دعوها فإنها مأمورة"‪ -‬أي الناقة‪-.‬‬ ‫فسارت حتى بركت في مكان مسجده اآلن‪ ،‬وكان ذلك في يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع األول‪،‬‬ ‫ثم نزل في المدينة على أبي أيوب األنصاري مدة سبعة أشهر حتى بنى مسجده وحجرات أمهات‬ ‫المؤمنين‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫الملخص‬ ‫أول‪ :‬بيعتا العقبة‬ ‫ا‬ ‫رجال من يثرب وبعد‬ ‫‪ -1‬بيعة العقبة األولى‪ :‬في العام الثاني عشر للبعثة التقى النبي ﷺ اثني عشر ا‬ ‫اإلسالم بايعوه على‪:‬‬ ‫أن دخلوا في ِ‬ ‫‪ -‬أل يشركوا باللّ ه شيئاا‪.‬‬ ‫‪ -‬أن يأتمروا بما أمر اللّ ه به‪.‬‬ ‫‪ -‬أن ينتهوا عما نهى اللّ ه عنه‪.‬‬ ‫‪ -2‬بيعة العقبة الثانية‪ :‬بايعوه على‪:‬‬ ‫‪ -‬السمع والطاعة في المنشط والمكره‪.‬‬ ‫‪ -‬النفقة في العسر واليسر‪.‬‬ ‫‪ -‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫أل تأخذهم في اللّ ه لومة لئم‪.‬‬ ‫‪َّ -‬‬ ‫‪ -‬أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مؤامرة دار الندوة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ثالثا‪ :‬مسار طريق الهجرة وأحداثه ووصوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة‬ ‫‪9‬‬ ‫أول‪ :‬مجتمع يثرب (المدينة) قبل الهجرة‪:‬‬ ‫ا‬ ‫كان مجتمع المدينة يتكون من‪:‬‬ ‫‪ -1‬اليهود‬ ‫تجارا وأصحاب أموال‪ ،‬ومن أشهر قبائل اليهود‪:‬‬ ‫وكانوا ا‬ ‫‪ -‬بنو النضير‪ ،‬وإليهم الشرف والرئاسة على اليهود‪.‬‬ ‫‪ -‬بنو قريظة‪.‬‬ ‫‪ -‬بنو قينقاع‪.‬‬ ‫‪ -2‬األوس والخزرج‬ ‫أصلهم أخوين (أوس وأخوه خزرج بن حارثة بن ثعلبة)‪ ،‬من قبائل األزد في اليمن قديماا‪ ،‬هاجرت من‬ ‫اليمن بعد تعرضها للكوارث‪ ،‬حيث استقروا في يثرب قديماا ‪ ،‬وتكاثروا فصاروا قبيلتين‪ ،‬وكانت بينهم‬ ‫حروب ومشاحنات‪ ،‬من أشهر حروبهم يوم بعاث‪ ،‬وكان اليهود يسعون إلى إذكاء الفتنة بينهم‪.‬‬ ‫وكانت القوة والرئاسة للخزرج‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ركائز المجتمع المسلم في المدينة ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫بعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستقر األمر له قام ببعض األمور لتنظيم‬ ‫المجتمع في المدينة منها‪:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪- 1‬بناء المسجد النبوي‪:‬‬ ‫نظراا ألهمية المسجد في اإلسالم‪ ،‬فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ به ألنه هو مكان اجتماع‬ ‫المسلمين وهو المدرسة األولى في اإلسالم ول يزال كـذلك حتى يرث الله األرض ومن عليها‪.‬‬ ‫وقد استمر بناؤه مدة سبعة أشهر‪ ،‬حيث شارك النبي ﷺ أصحابه في بناءه‪.‬‬ ‫رسم توضيحي ‪ :1‬المسجد النبوي – أطلس السيرة‬ ‫‪- 2‬المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار‪:‬‬ ‫آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار بأن يرث بعضهم بعضاا مؤاخاة في اللّ ه‪،‬‬ ‫ألن المهاجرين تركوا أموالهم وديارهم‪ ،‬فتسابق األنصار امتثال ألمر الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫في إكرام المهاجرين وإيثارهم على أنفسهم‪،‬‬ ‫اجَر إلَْي ِه ْم َوالَ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّار وا ِإلميا َن من قَ ْبل ِه ْم حُيبُّو َن َم ْن َه َ‬ ‫ذين تَ َّبوأوا الد َ‬‫حتى أثنى عليهم اللّ ه في كتابه‪.‬قال تعالى‪َّ :‬‬ ‫{وال َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يوق حش َّح نَ ْف ِس ِه فَأحولئِ َ‬ ‫ك حه حم‬ ‫اصة َوَم ْن َ‬ ‫ص َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجةً ممّا أحوتحوا َويح ْؤث حرو َن َعلَى أَن حفس ِهم َولَو َكا َن ِب ْم َخ َ‬ ‫ص حدوِره ْم َح َ‬ ‫ِ‬ ‫ََي حدو َن ِِف ح‬ ‫‪4‬‬ ‫الْ حم ْفلِحو َن}[ احلشر‪ ،]9:‬وقد نسخ أمر التوارث فيما بعد‪ ،‬بعد أن استقر المهاجرون في المدينة وألفوها‬ ‫وتحسنت أوضاعهم القتصادية والجتماعية وبقيت المؤاخاة والتكافل والتعاون‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫اّللِ ۗ إِ َّن َّ‬ ‫اّللَ بِ حك ِّل‬ ‫ض حهم أَوَ َٰل بِب ْعض ِِف كِتَ ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫ِ‬ ‫{والَّ ِذين آمنحوا ِمن ب ع حد وهاجروا وجاه حدوا مع حكم فَأحوَٰلَئِ َ ِ‬ ‫ك من حك ْم ۚ َوأحولحو ْاْل َْر َحام بَ ْع ح ْ ْ َ‬ ‫َْ ََ َح َ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َش ْيء َعلِيم}[ اْلنفال‪.]75:‬‬ ‫‪-3‬عقد المعاهدة مع اليهود‪:‬‬ ‫من أجل استمرار األمن في المدينة عقد معهم الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدة أمن‬ ‫وتعاون‪ ،‬إل أن اليهود نقضوا هذه المعاهدة وكان صلى الله عليه وسلم يصبر على ذلك‪.‬‬ ‫‪- 4‬تنظيم العالقة بين المسلمين‪:‬‬ ‫أقام النبي ﷺ العالقة بين المسلمين على البر والتقوى‪ ،‬ونصرة المظلوم‪ ،‬وإطعام الجائعين‪،‬‬ ‫والتعاون في دفع الديات‪ ،‬وغيرها من األمور التي تنظم العالقة الجتماعية بين المسلمين‪.‬‬ ‫‪- 5‬تأسيس الجيش اإلسالمي‪:‬‬ ‫احتاجت دولة الرسول ﷺ التي قامت في المدينة إلى قوة عسكرية لحمايتها من األعداء الذين‬ ‫أفرادا في القوة‬ ‫ا‬ ‫يتربصون بها‪ ،‬وفي البداية كان جميع الرجال المسلمين القادرين على القتال‬ ‫العسكرية للدولة الناشئة‪ ،‬فإذا دعى للخروج للقتال استجابوا‪ ،،‬ومنهم يتكون الجيش‪ ،‬وقد تصحبهم‬ ‫بعض النساء لخدمات السقاية والتمريض‪ ،‬هكذا كانت تنظم الغزوات والسرايا‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ا‬ ‫ثالثا‪ :‬أحداث وتشريعات في السنة األولى من الهجرة‬ ‫‪- 1‬مولد عبد الله بن الزبير بن العوام‪:‬‬ ‫كان اليهود يزعمون أنهم سحروا المهاجرين فلن يولد لهم‪ ،‬فقدمت أسماء بنت أبي بكر رضي الله‬ ‫عنها المدينة فولدت ابنها عبدالله‪ ،‬فكان أول مولود للمهاجرين في المدينة‪.‬‬ ‫‪- 2‬دخول النبي ﷺ على عائشة رضي الله عنها‪:‬‬ ‫كان النبي ﷺ قد خطب عائشة وعمرها ‪ 6‬سنوات‪ ،‬وبعد الهجرة دخل بها وعمرها ‪ 9‬سنوات‪ ،‬وقد‬ ‫كان من عادة العرب قديماا وغيرهم من األمم والشعوب تزويج بناتهم في هذا السن‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫بأمر من الله عز وجل‪ ،‬وقد استطاعت عائشة رضي الله عنها في هذا السن استيعاب كثيراا من‬ ‫األحكام الشرعية وتعلمها من النبي ﷺ ثم نقلها للناس‪.‬‬ ‫ويطلق على زوجات النبي ﷺ مصطلح (أمهات المؤمنين) رضي الله عنهن‪.‬‬ ‫‪- 3‬زيادة ركعتين في الصالة‪:‬‬ ‫كانت عدد ركعات الصالة كلها ركعتين سواء في الحضر أو السفر‪ ،‬وبعد الهجرة تم زيادة صالة‬ ‫الظهر والعصر والعشاء ركعتين فأصبحن أربع ركعات‪.‬‬ ‫‪- 4‬تشريع األذان‪:‬‬ ‫كان المسلمون يجتمعون للصالة في مواقيتها من غير نداء لها‪ ،‬فتفوت الصالة بعضهم‪ ،‬وقد رأى‬ ‫عبد الله بن زيد رضي الله عنه في منامه األذان وصيغته‪ ،‬فأخبر النبي ﷺ بذلك فطلب منه أن يلقن‬ ‫ما رآه من أذان لبالل بن رباح رضي الله عنه وكان حسن الصوت‪ ،‬وبذلك أقر األذان للصالة‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫رابعا‪ :‬أحداث وتشريعات في السنة الثانية من الهجرة‪:‬‬ ‫ا‬ ‫‪- 1‬تحويل القبلة‪:‬‬ ‫كان الرسول ﷺ يصلي إلى بيت المقدس‪ ،‬واستمر ذلك بعد هجرته ‪ 16‬شهراا ‪ ،‬وقد كان ﷺ يتمنى أن‬ ‫تتحول القبلة إلى الكعبة‪ ،‬فحقق الله له أمنيته‪ ،‬فتحولت القبلة إلى الكعبة‪ ،‬وكانت أول صالة‬ ‫صالها الرسول ﷺ إلى الكعبة هي صالة العصر‪.‬‬ ‫‪- 2‬فرض صيام شهر رمضان‪:‬‬ ‫كان الصيام قبل السنة الثانية تطوعاا غير واجب‪ ،‬حيث يختار الشخص بين أن يصوم شهر رمضان أو أن‬ ‫واجبا على القادر‬ ‫ا‬ ‫يطعم مسكيناا عن كل يوم‪ ،‬وفي السنة الثانية فرض صيام شهر رمضان فأصبح‬ ‫صيامه‪.‬‬ ‫‪- 3‬وفاة رقية وزواج فاطمة رضي الله عنهما‪:‬‬ ‫في هذه السنة توفيت رقية بنت الرسول ﷺ بعد غزوة بدر‪ ،‬وكانت زوجة لعثمان بن عفان رضي الله‬ ‫عنه‪ ،‬فزوجه الرسول ﷺ من ابنته أم كلثوم‪ ،‬فلقب بذي النورين‪.‬‬ ‫وفي هذه السنة تزوجت فاطمة بنت محمد ﷺ من علي بن أبي طالب رضي الله عنه‪ ،‬وهي أم‬ ‫للحسن والحسين رضي الله عنهما‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ ا‬ ‫ثا?

Use Quizgecko on...
Browser
Browser