لغ ع 501- اللغة العربية (3)- بسمة رمضان PDF

Document Details

جامعة عين شمس

2024

بسمة رمضان عبده يوسف

Tags

Arabic language Arabic literature Arabic history Arabic culture

Summary

This document appears to be lecture notes or course materials for a 5th-level Arabic language course at Ain Shams University. It covers the history of Arabic literature from the pre-Islamic era to the Abbasid period, focusing on genres like storytelling and maqamat. The course is taught by Dr. Bسمة رمضان عبده يوسف

Full Transcript

‫قسم التاريخ‬ ‫العربية (‪)3‬‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫المستوى الخامس‬ ‫(كود‪ :‬ترخ ‪( )501‬ساعتان)‬ ‫دكتــــــــورة‬ ‫بسمة رمضان عبده‬ ‫س األدب والنقد الحديث‬ ‫ُم ِّ‬ ‫در ُ‬ ‫العربية وآدابها...

‫قسم التاريخ‬ ‫العربية (‪)3‬‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫المستوى الخامس‬ ‫(كود‪ :‬ترخ ‪( )501‬ساعتان)‬ ‫دكتــــــــورة‬ ‫بسمة رمضان عبده‬ ‫س األدب والنقد الحديث‬ ‫ُم ِّ‬ ‫در ُ‬ ‫العربية وآدابها‬ ‫َّ‬ ‫قسم ُّ‬ ‫اللغة‬ ‫كلية اآلداب – جامعة عين شمس‬ ‫القاهرة ‪2024-‬م‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫اللغة العرب يَّ ة ( ‪)3‬‬ ‫المستوى الخامس‬ ‫( ترخ ‪( )501‬ساعتان)‬ ‫دكــتــورة‬ ‫بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫درس ال دب والنقد الحديث‬ ‫ُم ِّ‬ ‫قسم اللُّغة العربيَّة وآدابها – كلية اآلداب – جامعة عين شمس‬ ‫‪1‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫الفهرس‬ ‫اتلعريف باملحتوى ُ‬ ‫المقرر ‪5-4______________________.‬‬ ‫مقدمة‪َّ :‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬بدايات َّ‬ ‫انلرث األديب يف عصور األدب املختلفة‪48 - 6_____.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ -1‬انلرث يف العرص اجلاهيل‬ ‫‪26‬‬ ‫‪ -2‬انلرث يف صدر اإلسالم‬ ‫‪34‬‬ ‫‪ -3‬انلرث يف العرص األموي‬ ‫‪37‬‬ ‫‪ -4‬انلرث يف العرص العباس‬ ‫َّ‬ ‫الفصل اثلَّاين‪ :‬فن القصص واحليك؛ َّ‬ ‫اتلعريف والنشأة ___________‪65 - 49‬‬ ‫‪50‬‬ ‫ً‬ ‫واصطالحا‬ ‫‪ -1‬اتلعريف لغة‬ ‫‪57‬‬ ‫‪ -2‬نشأة فن القصص عند العرب‬ ‫‪63‬‬ ‫‪ -3‬أنواع القصص عند األدب العريب القديم‬ ‫الفصل اثلالث‪ :‬املقامات‪( :‬خصائصها وأشهر ُكتَّ َ‬ ‫ابها)‪87 - 65...........................‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم املقامة لغة واصطالحا‬ ‫‪69‬‬ ‫‪ -2‬اخلصائص الفنية للمقامات‬ ‫‪80‬‬ ‫‪ -3‬نصوص خمتارة من مقامات اهلمذاين‬ ‫‪83‬‬ ‫‪ -4‬نصوص خمتارة من مقامات احلريري‬ ‫‪2‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫َّ‬ ‫تراثية خمتارة ‪113 - 91..................................‬‬ ‫الفصل َّ‬ ‫الرابع‪ :‬نصوص قصصية‬ ‫‪92‬‬ ‫‪ -1‬نصوص خمتارة من "ابلخالء" للجاحظ‬ ‫‪95‬‬ ‫‪ -2‬نصوص خمتارة من ألف يللة ويللة‬ ‫‪107‬‬ ‫‪ -3‬نصوص خمتارة من لكيلة ودمنة‬ ‫ا ملصادر واملراجع‪117 - 115................................................................‬‬ ‫‪3‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ُمـقـــدمــــــة‬ ‫يهدف هــــذا املقرر إىل دراسـة انلَّرث األديب وبداياته وتطوره عرب عصـور‬ ‫ـدءا من العصــر اجلاهيل حىت العص ـر العبَّاس‪ ،‬ويُركز املقرر ىلع‬ ‫أدبيًّة خمتلفة؛ بَـ ً‬ ‫ُ‬ ‫دراســة فن القصــص واحليك‪ ،‬وتعريفه‪ ،‬ونشــأته‪ ،‬ثم ينتقل صشــا خاص راســة‬ ‫ُ‬ ‫املقامات وخصائصها الفنيَّة وأهم كتَّابها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قســما إىل مقدمة‪ ،‬وأربعة فصــول‪ ،‬وهم ىلع انلحو‬ ‫وعليه‪ ،‬جاء الكتاب ُم‬ ‫اآليت‪:‬‬ ‫جاء الفصــل األول بعنوا ‪ " :‬بدايات انلرث األديب وتطوره" وقد تناول هذا‬ ‫الفصـل ببيعة انلرث‪ ،‬وصـورته‪ ،‬وألوانه يف لك عصـــ ـر من عصـور األدب اجلاهليَّة‬ ‫ُ‬ ‫وصـدر اإلسـالم والعصــــر األموي والعباس؛ حيث يهدف هذا الفصـل إىل تقديم‬ ‫صورة شاملة إىل الطالب عن ألوا انلرث وخصائصه‪.‬‬ ‫بينما جاء اثلاين بعنوا ‪ " :‬فن القصص واحليك" وقد خصصته راسة فن‬ ‫القصة ونشأتها‪ ،‬وتطورها يف تاريخ اآلداب البرشية اعمة‪ ،‬ويف األدب العريب خاصة‪،‬‬ ‫حماولني اإلجابة عن سؤال مهم وهو؛ هل عرف العرب فن القصة؟‬ ‫وقد ركزت يف الفصل اثلَّالث ىلع املقامات بوصفها ً‬ ‫نواع نرثيًا قصصيًا‪،‬‬ ‫وجاء هذا الفصل بعنوا ‪" :‬املقامات‪ :‬خصائصها وأشهر كتابها"‪ ،‬وتناول تعريف‬ ‫‪4‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫املقامة‪ ،‬ونشأتها‪ ،‬وأهم خصائصها‪ ،‬وأشهر كتابها‪.‬‬ ‫واخ ُ‬ ‫تتمت املقرر بفصل رابع بعنوا ‪" :‬نصوص قصصية تراثية خمتارة"‬ ‫وتناول هذا الفصل نماذج خمتارة من كتاب "ابلخالء للجاحظ"‪ ،‬وكتاب "ألف يللة‬ ‫ويللة"‪ ،‬و"لكيلة ودمنة" البن املقفع‪ ،‬وقد جاءت هذه انلصوص لدلراسة واتلحليل‪،‬‬ ‫وتلدريب الطالب ىلع قراءة كتب الرتاث انلرثي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومثمرا للطالب يف زيادة‬ ‫ً‬ ‫مفيدا‬ ‫قرر‬ ‫وإين ألرجو من اهلل أ يكو هذا ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫معرفتهم بالرتاث انلرثي والقصيص عند العرب‪ ،‬وتمرسهم ىلع قراءة نصوص تراثيَّة‬ ‫قصصية عربية‪.‬‬ ‫بقلم‬ ‫صسمة رمضا عبده يوسف‬ ‫‪ 2024‬م‬ ‫‪5‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫الفصل األول‬ ‫بدايات َّ‬ ‫انلرث األديب‬ ‫َّ‬ ‫انلرث يف العرص اجلاهيل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫َّ‬ ‫انلرث يف عرص صدر اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫َّ‬ ‫انلرث يف العرص األموي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫َّ‬ ‫انلرث يف العرص العباس‪.‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ُ َ‬ ‫انلرث‪ :‬هو الالكم اذلي لم ينظ ُم يف أوزا وقواف‪ ،‬وهو ىلع رضبني‪ :‬أما‬ ‫الرضب األول‪ :‬فهو انلرث العادي اذلي يُقال يف لغة اتلخابب‪ ،‬وليس هلذا الرضب‬ ‫ً‬ ‫قيمة أدبية‪ ،‬إال ما جيري فيه أحيانا من أمثال وحكم‪.‬وأما الرضب اثلاين‪ :‬فهو‬ ‫انلرث اذلي يرتفع فيه أصحابه إىل لغة فيها فن ومهارة وبالغة‪ ،‬وهذا الرضب هو‬ ‫َ‬ ‫اذلي يُعىن انلقاد يف اللغات املختلفة ببحثه‪ ،‬ودر ِس ِه‪ ،‬وبيا ما مر به من‬ ‫(الفن ومذاهبه يف انلَّرث العريب‪)15/‬‬ ‫أحداث‪.‬‬ ‫ُو ِ َ انلرث العريب يف بطن اجلزيرة العربية عند األعراب ابلدويني يف‬ ‫َّ‬ ‫هيلكه الساذج والبسيط‪ ،‬وملا انتقل األعراب إىل احلرض وأصبحوا مدنيني‪ ،‬تقدم‬ ‫المد واحلرض‪ ،‬وأصبح يعلب دورا ً ً‬ ‫مهما يف احلاكيات‬ ‫انلرث العريب وترعرع يف ُ‬ ‫والقصص الشعبية اليت يرويها الشيوخ الكبار ألبفاهلم‪ ،‬ويف صناعة األمثال‬ ‫العربية‪ ،‬واخلطب اليت يلقيها رئيس القوم أوقائدهم يف املجالس‪.‬‬ ‫‪َّ -1‬‬ ‫انلرث يف العرص اجلاهيل‬ ‫ومن يرجع إىل العرص اجلاهيل وأخباره جيد هذا الرضب األخري من انلرث‬ ‫دورا ًّ‬ ‫مهما يف حياة العرب حينئذ‪ ،‬إذ اك عرب اجلاهلية‬ ‫(انلرث الفين) يلعب ً‬ ‫مشغوفني باتلاريخ والقصص عن فرسانهم ووقائعهم وملوكهم‪ ،‬يقطعو بذلك‬ ‫‪7‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫أوقات سمرهم يف الليل‪ ،‬وحول خيامهم‪ ،‬وقد دارت بينهم أبراف من أخبار‬ ‫األمم املجاورة هلم ممزتجة باخلرافات واألسابري‪.‬‬ ‫( الفن ومذاهبه يف انلرث العريب‪)15/‬‬ ‫َّ‬ ‫الشاهد‪ :‬فيف السرية انلبوية أ "انلرض بن احلارث امليك" اك يقص ىلع‬ ‫"قريش" أحاديث عن أبطال الفرس‪ ،‬أمثال‪ُ :‬رستم‪ ،‬وإسفنديار‪ ،‬وأكرث ما اك‬ ‫ُ‬ ‫يستهويهم من القصص أحاديث ق َّصاصهم عن أيامهم وحروبهم يف اجلاهلية‪.‬‬ ‫( َّ‬ ‫السابق‪)15/‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫اجلاهلية يه‪" :‬رشح‬ ‫األدبية‬ ‫صورت نلا احلياة‬ ‫و ِم َن املؤلفات اليت‬ ‫انلقائض" أليب عبيدة‪ ،‬وكتاب "األاغين" أليب الفرج األصفهاين‪.‬‬ ‫ومن اللغويني واألدباء َمن يعنو بتلك األيام واحلروب عناية واسعة؛‬ ‫مثل‪ :‬ابن عبد ربه يف "العقد الفريد"‪ ،‬وابن األثري يف اجلزء األول من كتابه‬ ‫"الاكمل"‪ ،‬وامليداين يف الفصل اتلاسع والعرشين من كتابه "جممع األمثال"‪ ،‬وغريهم‬ ‫نظر َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫السابق‪)16/‬‬ ‫(ي‬ ‫الكثري!‬ ‫وي َرى ا كتور "شويق ضيف" صِشأ هذه القضيَّة‪" :‬ينبيغ أال نعلق أهمية‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫كثريا قبل أ يأخذ شلكه‬ ‫تارخيية أو أدبية ىلع هذا القصص‪ ،‬فإ الرواة َّ‬ ‫حرفوا فيه‬ ‫انلهايئ عند "أيب عبيدة" وغريه من مؤليف العرص العباس‪.‬وإذا كنا ال نستطيع أ‬ ‫نعتمد ىلع هذا ا لقصص يف حوادث اتلاريخ فأوىل نلا أال نعتمد عليه يف وصف‬ ‫‪8‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫صورة انلرث اجلاهيل وبيا خصائصه الفنية؛ ألنه لم يُكتَب يف العرص اجلاهيل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫(السابق‪)17 – 16/‬‬ ‫وال يف عرص قريب منه‪ ،‬وإنما كتب يف العرص العباس‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫وعليه يؤكد أستاذنا ا كتور "شويق ضيف" قائال‪ :‬واحلَق أنه ال يوجد ينا‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫مادي ىلع أ العرب تركوا يف العرص اجلاهيل مدونات تارخييَّة أو أدبيَّة‪... ،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ديلل‬ ‫وِتارية‪ ،‬ولكنهم‬ ‫فالعرب استخدموا الكتابة يف العرص اجلاهيل ألغراض سياسية ِ‬ ‫لم خيرجوا بها إىل أغراض أدبية خالصة؛ تتيح نلا أ نزعم أنه ُوجد عندهم لو‬ ‫من ألوا الكتابة الفنية‪.‬ومما ال شك فيه أنه ال يوجد حتت أيدينا وثائق نستطيع‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫(السابِق‪)20-19-17/‬‬ ‫أ ندَع بها أ اجلاهليني عرفوا الكتابة الفنية‪.‬‬ ‫الصحيحة‪،‬‬‫اتلارخييَّة َّ‬ ‫انلرث اجلاهيل اليت أثبتتها الوثائق َّ‬ ‫و ِمن ألوا َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫واملؤلفات األدبيَّة بعد ذلِك هو (األمثال)‪ ،‬فقد أكرثوا من َرضبِها يف مواقف‬ ‫حياتية متنوعة‪ ،‬وهناك كتب مشهورة تتخصص ببحثها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وجبانب األمثال نعرف أنه اك هلم (خطابة) وخ َطب كثرية‪ ،‬وقد‬ ‫أخذت اخلطابة عندهم صورتني‪ :‬صورة اجتماعية اعمة يف منافراتهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ومفاخراتهم‪ ،‬وجمامعهم‪ ،‬وأسواقهم‪ ،‬وحروبهم‪ ،‬وصورة خاصة يف سجع الك َّها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫(ين َظر َّ‬ ‫السابق‪)20 /‬‬ ‫وما اك يزنلق ىلع ألسنتهم أثناء تكهنهم‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫إذ ‪ -‬عزيزي َّ‬ ‫الطالب ‪ -‬أشهر ألوا انلرث اجلاهيل اآليت‪:‬‬ ‫الك َّهان‬ ‫سجع ُ‬ ‫طب‬ ‫ال ُخ َ‬ ‫األمثال‬ ‫وقد سلمت نلا بائفة واسعة من األمثال تناقلتها أجياهلم‪ ،‬واألجيال اليت‬ ‫تليها يف اإلسالم؛ مما أتاح هلا أ حتتفظ بصورتها اجلاهلية‪ ،‬ومعروف أ األمثال‬ ‫ً‬ ‫ال تتغري بل تظل بويال ىلع هيئتها اليت صيغت عليها‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وأما اخلطابة وسجع الك َّها فضاعت نصوصهما إال قليال جدا‪ ،‬إذ بقيت‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫(السابِق‪)20 /‬‬ ‫بعض قطع منه منثورة يف ثنايا الكتب اتلارخيية واألدبية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وما دمنا بصدد درس انلَّرث اجلاهيل فال بد من تعقب صورة لك فن من‬ ‫هذه الفنو اثلالثة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬األمثال‬ ‫أبدع معظم العرب يف رضب األمثال يف خمتلف املواقف واألحداث‪،‬‬ ‫وذلك حلاجة انلاس العملية إيلها‪ ،‬فيه أصدق ديلل عن األمة وتفكريها‪ ،‬واعداتها‬ ‫ً‬ ‫وتقايلدها‪ ،‬وتصور املجتمع وحياته وشعوره تصويًرا دقيقا‪.‬‬ ‫تعريف املثل‬ ‫‪10‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫يوجز‬ ‫هو قول حمكم الصياغة‪ ،‬قليل اللفظ‪ ،‬موجز العبارة‪ ،‬بليغ اتلعبري‪ِ ،‬‬ ‫ِتربة إنسانية عميقة‪ ،‬مضمرة وخمزتلة بألفاظه‪ ،‬نتجت عن حادثة أو قصة قيل‬ ‫فيها املثل‪ ،‬ويرضب يف احلوادث املشابهة هلا‪.‬‬ ‫وهو فن أديب نرثي ذو أبعاد داليلة ومعنوية متعددة‪ ،‬انترش ىلع األلسن‪،‬‬ ‫هل مورد وهل مرضب‪.‬‬ ‫و من أسباب انتشار األمثال وشيوعها؛ حسن العبارة وخفتها‪ ،‬وعمق ما‬ ‫فيها من حكمة الستخالص العرب‪ ،‬إصابتها للغرض املنشود منها‪ ،‬احلاجة إيلها‬ ‫وصدق تمثيلها للحياة العامة وألخالق الشعوب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َّ َ‬ ‫كبريا من األمثال‪ ،‬ويه عبارات‬ ‫وقد خلف نلا عرب اجلاهلية تراثا‬ ‫ب يف حوادث مشابة للحوادث األصلية اليت جاءت فيها‪ ،‬وقد ُعين علماء‬ ‫تُ َ‬ ‫رض ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫المفضل الضّب‪ ،‬وأبو عبيدة‪ ،‬وأبو هالل‬ ‫العرص العباس بدراستها؛ ومنهم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫األمثال"‪(.‬يُنظر‬ ‫العسكري يف كتابه"مجهرة األمثال"‪ ،‬وامليداين يف كتابه "جممع‬ ‫َّ‬ ‫الس ابق‪)21-20 /‬‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫وقد د َر َج من ألفوا األمثال ىلع أ يرتبوها حسب حروفها األوىل‪ ،‬ىلع‬ ‫ُ‬ ‫حنو ما ترتب املعاجم ألفاظها؛ وذللك نراهم يوزعونها اعدة ىلع تسعة وعرشين بابًا‬ ‫ً‬ ‫بعدد أبواب احلروف اهلجائية‪ ،‬ثم بعد هذا اتلوزيع يفرسونها‪ ،‬ويقصو أحيانا‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابق‪)21/‬‬ ‫حوادثها‪ ،‬اليت جاءت فيها‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫نماذج خمتارة ل ِ ِصيغ األمثال عند اجلاهليني‬ ‫أمثال جاءت خمالفة لقواعد انلحو واتلرصيف؛ ومنها أمثلتها‬ ‫أ)‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ِابق‪)21/‬‬ ‫(ي‬ ‫اريها" بتسكني ايلاء يف " باريها"‪ ،‬واألصل فتحها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أعط القوس ب ِ‬‫✓ " ِ‬ ‫رضب يف وجوب تفويض األمر إىل من حيسنه ويتمهر‬ ‫معىن املثل‪ :‬هو مثُ ٌل يُ َ‬ ‫فيه؛ أي‪ :‬استعن ىلع عملك بأهل اخلربة واملهارة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫قريب يف املعىن من املثل‬ ‫رشح توضيح الحظ ميع! أ هذا املثل اجلاهيل‬ ‫أعط العيش خلبَّازه"‪.‬‬ ‫احلديث اذلي يقول ‪ِ " :‬‬ ‫✓ "أجناؤها أبناؤها" مجع جا وبا ‪ ،‬والقياس الرصيف ( ُجناتها بُناتها)؛ أل‬ ‫ً‬ ‫فاعال ال جيمع ىلع أفعال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫معىن املثل‪ :‬إ اذلين َجنَوا ىلع هذه ا ار َ‬ ‫بالهدم هم اذلين ع َمروها بابلناء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ضيعت اللنب" بكرس اتلاء إذا خوبب بها املذكر واملؤنث‬ ‫ِ‬ ‫✓ "الصيف‬ ‫واالثنا واجلمع‪.‬‬ ‫معىن املثل ‪ :‬يُرضب هذا املثل يف بلب احلاجة بعد الفوت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫بدع فكر ميع‪ ،‬وحاول أ تعصف‬ ‫فكر ميع‪ :‬هيا عزيزي الطا ِلب الم ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫متداولة قريبٌة ِمن معىن هذه‬ ‫َ‬ ‫ب ِذهنك تلجد أمثال حديثة‪ ،‬أو أقوال‬ ‫َّ َّ َ‬ ‫السابِقة‪.‬‬ ‫األمثال اجلاهلية‬ ‫‪12‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ب) وهناك بعض األمثال مبهم اغمض‪ ،‬ال يفهمها سامعه أو قارئه إال إذا رجع‬ ‫إىل كتب األمثال يستعني بها يف رشح املراد منه‪ ،‬ىلع أ هذه األمثال‬ ‫الغامضة قليلة‪ ،‬أما الكرثة فواضحة بينَة‪ ،‬ومن ذلك قول العرب‪:‬‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫السابق‪)22- 21/‬‬ ‫(ي‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫✓ "بعني ما أرينك" فإ معناه أرسع‪ ،‬وهو معىن ال يفهم من اللفظ بتاتا‪ ،‬وقد‬ ‫علق عليه "أبو هالل العسكري" يف مجهرته‪ ،‬بقوهل‪ " :‬هو من الالكم اذلى‬ ‫قد عرف معناه سما ًاع من غري أ يدل عليه لفظه"‬ ‫✓ " ال يعرف اله َّر من الرب" وهو َ‬ ‫من األمثال الغامضة ما اضطرب الرشاح يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفسريه‪ ،‬فقد ذكر بعضهم أ اهلر‪ :‬النسور‪ ،‬والرب‪ :‬الفأرة‪ ،‬وقال بعض علماء‬ ‫َ‬ ‫الكوفة معىن املثل‪ :‬ال يعرف من ي ُهر عليه (يكرهه) ممن يَ ِربه‪ ،‬وقال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫آخرو ‪ :‬اهلر‪ :‬داعء الغنم‪ ،‬والرب‪َ :‬سوق َها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ج) وهنَاك األمثال البسيطة والواضحة؛ ومنها‪:‬‬ ‫✓ " إياك أعىن واسمىع يا جارة " يرضب يف اتلعريض باليشء يبديه الشخص‬ ‫وهو يريد غريه‪.‬‬ ‫✓ " ِتوع احلرة وال تأكل بثدييها" ال تأكل بثدييها‪ :‬أي‪ :‬بثمن لنب ثدييها‪.‬‬ ‫يرضب يف صيانة الرجل احلر نفسه عن املاكسب اخلسيسة‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫✓ "املقدرة تذهب احلفيظة" احلفيظة‪ :‬الغضب‪.‬يرضب يف العفو عند املقدرة‪.‬‬ ‫املرضب ؟‬ ‫َ‬ ‫ُم َالحظة‪ :‬لا مثل َمورد َ‬ ‫رضب ‪.‬فما الم ِورد ؟ وما ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم‬ ‫ِ‬ ‫واملورد ‪:‬هو ا ملناسبة اليت قيل فيها املثل يف ابلداية (أي أول مرة)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫املناسبة اليت قيل فيها‬ ‫رضب ‪ :‬هو احلالة اجلديدة اليت تشبه تلك‬ ‫َّ َ‬ ‫أما الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫املثل يف أول مرة ‪ ،‬و جيب أ يقال املثل بلفظه؛ فاألمثال ال تغري‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫من األمثال اآلتية‪ ،‬ووضح معناه‪،‬‬‫والمرضب لِ ُا مثل َ‬‫المورد َ‬ ‫نشاط‪ :‬بَني َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كما يُمكنك االستعانة بـ " جممع األمثال للميداين" ‪ ،‬و " مجهرة األمثال" للعسكري!‬ ‫✓ "لا جواد كبوة ولا صارم نبوة"‬ ‫"مقتل الرجل بني فكيه"‬ ‫✓‬ ‫ٌ‬ ‫"ويل للشيج من اخليل"‬ ‫✓‬ ‫َ‬ ‫"من اسرتىع اذلئب ظلم"‬ ‫✓‬ ‫" قبل الر َم ُ‬ ‫اء تمأل الكنائن"‬ ‫✓‬ ‫احلية إال َّ‬ ‫حية"‬ ‫✓ "ال تدل َّ‬ ‫ُ‬ ‫✓ "لك جمر يف اخلالء يُرس"‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أر َى َبحنا"‬ ‫جعجعة وال َ‬ ‫"أسمع‬ ‫✓‬ ‫‪14‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫و ِم َّمن اشتهر يف العرص اجلاه َّ‬ ‫يل بكرثة ما انزلق ىلع ألسنتها من هذه‬ ‫األمثال‪:‬‬ ‫✓ "لقما اعد" من تلك القبيلة ايلمنية ابلائدة اليت اكنت تسكن األحقاف‪،‬‬ ‫فإننا جند ذكراه واضحة ىلع ألسنة الشعراء‪.‬‬ ‫✓ "أكثم بن صييف اتلميم" فهو ممن ُع ِرف بكرثة احلكم واألمثال يف‬ ‫اجلاهلية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حكما للعرب حتتكم‬ ‫✓ "اعمر بن الظرب" وهو من أشهر حكمائهم‪ ،‬واك‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ِابق‪)24 – 23 /‬‬ ‫إيله‪ ،‬وافتخر به اإلصبع العدواين يف بعض شعره‪(.‬ي‬ ‫َّ‬ ‫اجلاهلية‬ ‫َّ‬ ‫والفنية يف األمثال‬ ‫َّ‬ ‫األسلوبية‬ ‫اخلصائص‬ ‫من يُنعم انلظر يف األمثال اجلاهلية جيد بائفة منها توفر هلا رضوب من‬ ‫ً‬ ‫القيم اتلصويرية واملوسيقية‪ ،‬ففيها أحيانا تشبيه واستعارة وكناية وتمثيل‪ ،‬وفيها‬ ‫ً‬ ‫أحيانا أخرى صقل وسجع وتنميق هذا من ناحية‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬أ األمثال ِترى يف لغة اتلخابب وأحاديث انلاس‬ ‫َ‬ ‫ايلومية العادية وقلما ن َّمق أصحاب هذه األحاديث لغتهم أو حاولوا أ يوفروا‬ ‫ً‬ ‫هلا رضوبا من اجلمال الفين ابلديع‪.‬ومن ثم اك كثري من األمثال اجلاهلية خيلو‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ابق‪)25- 24/‬‬ ‫خلوا تاما من املهارة‪(.‬ي‬ ‫‪15‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ً‬ ‫ويؤكد أستاذنا ا كتور شويق ضيف قائال‪ :‬إ األصل يف األمثال أ ال‬ ‫تكو مصقولة وال مصنوعة‪ ،‬ألنها من لغة الشعب‪ ،‬وقلما نمق الشعب يف‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابِق‪)25 /‬‬ ‫لغته‪.‬‬ ‫ومن نماذج هذه األمثلة اليت تفنن أصحابها يف صوغها وإخراجها يف‬ ‫أسلوب بليغ‪ ،‬من حيث اختيار ألفاظها‪ ،‬وصيغها ويرجع بعضها اآلخر إىل ما‬ ‫تعتمد عليه من تصويرأو سجع‪ ،‬اآليت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫✓ "اكملستجري من الرمضاء بانلار"‪ ،‬إ املجاز والتشبيه هنا جاء كناية ع َّمن‬ ‫يستعني بأحد انلاس يلخفف مصيبته فزييده مصيبة ىلع مصيبته وهو‬ ‫مثل مشهور قيل يف لكيب بن ربيعة حني بعنه َج َّساس واك معه عمرو‬ ‫ُ‬ ‫بن املزدلف فاقرتب منه عمرو فطلب منه لكيب أ يُ ِغيثه صرشبة ماء‬ ‫فأجهز عليه عمرو فصار مثال وقيل فيه‪:‬‬ ‫املستجري بعمرو عند كربته‬ ‫اكملستجري من الرمضاء بانلار‬ ‫فخرج عن معناه األصيل وصار تعبريا اصطالحيَّا شاع استعماهل بهذا‬ ‫املعىن ابلاليغ‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫✓ "خيبط خبط عشواء"‪ ،‬العشواء‪ :‬انلاقة ضعيفة ابلرص‪.‬يرضب مثال يف‬ ‫َّ‬ ‫اتلعرث‪ ،‬ومن اخلصائص األسلوبيَّة اليت ِتلت يف املثل التشبية بني‬ ‫رص!‬ ‫يركب رأسه يهتم لعاقبَته اكنلَّاقَة َ‬ ‫العشواء اليت ال ُتب ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الشخص اذلي‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫✓ "املنية وال ا نية"‪ ،‬وفيه إيقاع وموسيىق باستخدام السجع بني لفظتني (‬ ‫املنيَّة‪ ،‬ا نيَّة)‪ ،‬ا نية‪ :‬العمل ا ينء‪.‬ويُقال يف مواقف العزة والرشف‪،‬‬ ‫حيث ال تكو احلياة الكريمة إال بالشجاعة واإلقدام وروح اإلباء‪.‬‬ ‫ومن خصائصه ً‬ ‫أيضا؛ أ املثل ال يتغري‪ ،‬بل جيري كما جاء ىلع األلسنة‪،‬‬ ‫‪...‬وقد أكرث العرب من صنع األمثال ورضبها يف مجيع أحداثهم وشئو حياتهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وكثريا ما اكنوا يسوقونها يف خطابتهم؛ يقول (اجلاحظ)‪ " :‬اك الرجل من العرب‬ ‫ً‬ ‫مجيعا يلتمثلوا بها إال‬ ‫يقف املوقف فريسل عدة أمثال سائرة‪ ،‬ولم يكن انلاس‬ ‫ملا فيه ا من املرفق واالنتفاع"‪ ،‬فقد أودعوها ِتاربهم‪ ،‬فاتسمت بالقبول واتلداول‪.‬‬ ‫نظر َّ‬‫ُ َ‬ ‫السابق‪)22 – 21/‬‬ ‫(ي‬ ‫ومن خصائصه أنه جيتمع يف املثل أربعة ال جيتمع يف غريه من الالكم‪:‬‬ ‫"إجياز اللفظ‪ ،‬وإصابة املعىن‪ ،‬وحسن التشبيه‪ ،‬وجودة الكناية إضافة إىل قوة‬ ‫العبارة واتلأثري‪ ،‬فهو نهاية ابلالغة‪.‬‬ ‫واألمثال يف الغالب أصلها قصة‪ ،‬إال أ الفروق الزمنية اليت تمتد لعدة‬ ‫قرو بني ظهور األمثال وحماولة رشحها أدت إىل احتفاظ انلاس باملثل جلمال‬ ‫‪17‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫إيقاعه‪ ،‬وخفة ألفاظه وسهولة حفظه‪ ،‬وتركوا القصص اليت أدت إىل رضبها‪.‬ويف‬ ‫الغالب تغلب روح األسطورة ىلع األمثال اليت تدور يف القصص اجلاهلية‪.‬‬ ‫مرضب‬ ‫َّ‬ ‫نشاط‪ :‬وضح اخلصائص األسلوبية يف األمثال اآلتية‪ ،‬مع ِذكر ِ‬ ‫املثل ومورده!‬ ‫✓ "يف اجلريرة تشرتك العشرية"‪.‬‬ ‫✓ "إ ابلغاث بأرضنا يستنرس"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫✓ "ال تكن رببا فتعرص وال ياصسا فتكرس"‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬اخلطابة‬ ‫اك للخطابة يف العرص اجلاهيل شأ عظيم‪ ،‬إذ اكنوا يستخدمونها يف‬ ‫منافراتهم ومفاخراتهم‪ ،‬ويف انلصح واإلرشاد‪ ،‬ويف احلث ىلع قتال األعداء‪ ،‬ويف‬ ‫ا عوة إىل السلم وحقن ا ماء‪ ،‬ويف مناسباتهم االجتماعية املختلفة اكلزواج‬ ‫واإلصهار إىل األرشاف‪ ،‬واكنوا خيطبو يف األسواق واملحافل العظام والوفادة ىلع‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابِق‪)27 /‬‬ ‫عن مفاخر قبائلهم وحمامدها‪.‬‬ ‫امللوك واألمراء‪ ،‬متحدثني‬ ‫‪18‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫تعريف اخلطابة‬ ‫يه فن خماببة اجلماهري‪ ،‬بغية اإلقناع واإلمتاع‪ ،‬بكالم بليغ وجزي‪.‬‬ ‫فيه قطعة من انلرث الرفيع‪ ،‬قد تطول أو تقرص حسب احلاجة هلا‪.‬‬ ‫ويه من أقدم فنو انلرث‪ ،‬ألنها تعتمد يلع املشافهة‪ ،‬ألنها فن خماببة‬ ‫اجلمهور بأسلوب يعتمد يلع االستمالة‪ ،‬ويلع إثارة عوابف السامعني‪ ،‬وجذب‬ ‫انتباههم‪ ،‬وحتريك مشاعرهم‪ ،‬وذلك يقتيض من اخلطيب تنوع األسلوب‪ ،‬وجودة‬ ‫اإللقاء‪ ،‬وحتسني الصوت ونطق اإلشارة‪.‬أما اإلقناع فيقوم يلع خماببة العقل‪،‬‬ ‫وذلك يقتيض من اخلطيب رضب األمثلة وتقديم األدلة والرباهني اليت تقنع‬ ‫السامعني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أشهر خطباء العرب‬ ‫وترتدد يف كتاب "ابليا واتلبيني للجاحظ" وغريه من كتب األدب‬ ‫أسماء بائفة كبرية من خطباء اجلاهلية اذلين اشتهروا بالفصاحة‪ ،‬ووضوح‬ ‫ا اللة وابليا عما يف أنفسهم‪ ،‬مما جعل األسماع والقلوب تهش إيلهم‪ ،‬ويعظم‬ ‫يف انلاس خطرهم‪ ،‬ويشيع يف اآلفاق ذكرهم‪ ،‬واكنوا ينترشو يف اجلزيرة بمكة‬ ‫واملدينة‪ ،‬وما وراءهما من قبائل ابلادية؛ ومن خطبائهم‪" :‬سهيل بن عمرو‬ ‫األعلم"‪ ،‬و"هاشم"و "أمية" واكنوا من خطباء قريش‪.‬و"قيس بن الشماس" ‪ ،‬و‬ ‫"سعد بن الربيع" من املدينة‪.‬و"ابن عمار الطايئ"‪ ،‬و"هاين بن قبيصة" خطيب‬ ‫‪19‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫شيبا يوم ذي قار‪.‬و"زهري بن جناب" خطيب لكب وقضاعة‪.‬و"وربيعة بن‬ ‫حذار" خطيب بين أسد‪ ،‬و"اعمر بن الظرب" ‪ ،‬و"بليد بن ربيعة العامري"‪ ،‬و"عمر‬ ‫و بن لكثوم" خطيب تغلب‪.‬و"هرم بن قطبة الفزاري"‪.‬ولم تشتهر قبيلة باخلطابة‬ ‫كما اشتهرت (إياد) و(تميم)‪ ،‬ومن إياد "قس بن ساعدة" ‪ ،‬ومن خطباء تميم‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ابق‪)31 – 30 /‬‬ ‫املقومني "ضمرة بن ضمرة" و"أكثم بن صييف"‪(.‬ي‬ ‫َّ‬ ‫إ مزنلة اخلطيب يف اجلاهلية اكنت فوق مزنلة الشاعر‪ ،‬ويقول أبو عمرو‬ ‫بن العالء‪ " :‬اك الشاعر يف اجلاهلية يقدم ىلع اخلطيب‪ ،‬لفرط حاجتهم إىل الشعر‬ ‫اذلى يقيد عليهم مآثرهم‪ ،‬ويفخم شأنهم‪ ،‬وبهول ىلع عدوهم ومن غزاهم‪ ،‬ويهيب‬ ‫من فرسانهم‪ ،‬وخيوف من كرثة عددهم‪ ،‬ويهابهم شاعر غريهم فرياقب شاعرهم‪.‬‬ ‫فلما كرث الشعر والشعراء واختذوا الشعر مكسبة‪ ،‬ورحلوا إىل السوقة‪ ،‬وترسعوا‬ ‫َّ‬ ‫(السابق‪)28 /‬‬ ‫إىل أعراض انلاس صار اخلطيب عندهم فوق الشاعر"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والفنية للخ َطب اجلاهلية‬ ‫األسلوبية‬ ‫اخلصائص‬ ‫قرص اجلمل والفقرات‪.‬جودة العبارة واملعاين‪.‬شدة اإلقناع واتلأثري‪.‬‬ ‫السهولة ووضوح الفكرة‪.‬مجال اتلعبري وسالمة األلفاظ‪.‬اتلنويع يف األسلوب ما‬ ‫بني اإلنشايئ واخلربي‪.‬قلة الصور ابليانية‪.‬اإلكثار من السجع غري امللكف‪.‬‬ ‫االقتباس من القرآ الكريم واالستشهاد به‪.‬استعمال أسلوب الوعظ وانلصح‬ ‫واالرشاد واحلكمة‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫أجزاء اخلطبة وأهدافها‬ ‫للخطبة أجزاء ثالثة يه (املقدمة – واملوضوع – واخلاتمة)‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أما أهداف اخلطبة‪ :‬اإلفهام واإلقناع واإلمتاع واالستمالة‪.‬‬ ‫وللخطابة ممزيات تمتاز بها عن غريها من الفنو ؛ ومنها‪ :‬هلا تقايلد فنية‪،‬‬ ‫وبنيوية‪ ،‬وسمات‪.‬هلا زي معني وهيأة تمثيلية للخطيب‪ ،‬وأصول يف املعاملة‪.‬كما‬ ‫أنها تستدَع احتشاد انلاس من وجهاء القوم‪.‬هلا أماكن إلقاء للتجمعات‬ ‫الكربى (مضارب اخليام‪ ،‬ساحات الزنول‪ ،‬جمالس السمر‪ ،‬األسواق)‪.‬‬ ‫أسباب ازدهار اخلطبة يف العرص اجلاهيل‪:‬‬ ‫ازدهرت اخلطبة الكتمال عوامل ازدهارها ورقيها ويه‪:‬‬ ‫‪ - 1‬حرية القول‪ - 2.‬دواَع اخلطابة اكحلرب والصلح واملغامرات‪ - 3.‬الفصاحة‬ ‫فا العرب اكنوا فصحاء‪.‬‬ ‫أنواع اخلطابة‪:‬‬ ‫ختتلف باختالف املوضوع واملضمو ؛ منها‪:‬‬ ‫ا ينيـة‪ :‬اليت تعمد إىل الوعظ واإلرشاد واتلذكري واتلفكري‪.‬‬ ‫السياسية ‪ :‬اليت تستعمل خلدمة أغراض ا ولة أو القبيلة‪.‬‬ ‫االجتماعية ‪ :‬اليت تعالج قضايا املجتمع ا اخلية‪ ،‬والعالقة منها من أمور انلاس‪،‬‬ ‫اكلزواج‪.‬‬ ‫احلربية‪ :‬اليت تستعمل بغية إثارة احلماسة وتأجيج انلفوس‪ ،‬وشد العزائم‪.‬‬ ‫‪21‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫قضائية‪ :‬اليت تقتيض الفصل واحلكم بني أمور انلاس‪ ،‬يستعملها اعدة احلاكم‬ ‫أو القاض‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نماذج خمتارة من خطب اجلاهليَّة‬ ‫انلموذج األول‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫خطبة لقس ابن ساعدة اإليادي ‪ ،‬ويؤكد اجلاحظ أ انلّب صىل اهلل عليه وسلم‬ ‫ُ‬ ‫هو اذلى روى خطبة "قس بن ساعدة اإليادي" يف سوق عاكظ‪ ،‬ويقول إنه إسناد‬ ‫تعجز عنه األماين وتنقطع دونه اآلمال‪ ،‬ومع ذلك لم يستطع روايتها اكملة إنما‬ ‫روى أجزاء منها‪ ،‬يه قوهل‪ " :‬أيها انلاس اسمعوا وعوا‪.‬من اعش مات‪ ،‬ومن مات‬ ‫فات‪ ،‬ولك ما هو آت آت‪.‬آيات حمكمات‪ ،‬مطر ونبات‪ ،‬وآباء وأمهات‪ ،‬وذاهب‬ ‫وآت‪ ،‬ضوء وظالم‪ ،‬وب ٌر وآثام‪ ،‬بلاس ومركب‪ ،‬ومطعم ومرشب‪ ،‬وجنوم تمور ‪،‬‬ ‫وحبور ال تغور‪ ،‬وسقف مرفوع‪ ،‬ومهاد موضوع‪ ،‬ويلل داج‪ ،‬وسماء ذات أبراج‪،‬‬ ‫مايل أرى انلاس يموتو وال يرجعو ‪ُ ،‬‬ ‫أرضوا فأقاموا‪ ،‬أم حبسوا فناموا"‪.‬‬ ‫حتليل َّ‬ ‫انلص‪ :‬بدأ قس بن سعادة خطبته يف لفت أنظار انلاس إيله فبدأ‬ ‫بأسلوب إنشايئ‪ ،‬يناديهم ويقول هلم (استمعوا‪ /‬وأنصتوا ‪/‬وتفهموا قويل‬ ‫‪/‬واحفظوه) ‪ ،‬إ لك من جاء إىل هذه ا نيا واعش أيامه فيها ال بد أ يأتيه‬ ‫املوت يلودع هذه احلياة‪ ،‬ومن ترك ا نيا ومىض منها فلن يَعود إيلها فقد‬ ‫انتىه أمره‪ ،‬ولك من يعيش ىلع هذه ا نيا سيأتيه املوت ال حمالة‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫بعد تقرير احلقيقة األوىل اليت بدأ بها قس بن ساعدة‪ ،‬أخذ يذكر آيات اهلل‬ ‫يف الكو يف دعوة ضمنية يدعو بها السامعني للتفكر يف هذه املخلوقات!‬ ‫ثم يعود صسؤال استناكري يذكر به انلاس أ اذلي يموت ال يعود للحياة‬ ‫الستدراك ما فاته‪ ،‬فيقول‪ :‬ملاذا ال يعود املوىت للحياة؟ هل أنسوا باملقام يف‬ ‫القبور‪ ،‬أم أ انلاس قد نسوهم فظلوا نائمني إىل وقت حيني فيه القيام‪.‬‬ ‫السامعني باستخدامه‬ ‫وقد استخدم يف خطبته هذه إيقاع موسييق جيذب َّ‬ ‫َّ‬ ‫السجع يف املفردات ( مات ‪ /‬فات ‪ /‬آت ‪ /‬حمكمات )‪ ( ،‬تغور ‪ /‬تمور)‪( ،‬‬ ‫مرفوع ‪ /‬موضوع)‪.‬‬ ‫انلموذج اثلاين‬ ‫ً‬ ‫خطبة هانئ بن قبيضة قبيل موقعة ذي قار قائال‪" :‬يا معرش بكر‪ ،‬هالك معذور‬ ‫ٌ‬ ‫خري من ناج فرور‪ ،‬إ احلذر ال ينيج من القدر‪ ،‬وإ الصرب من أسباب الظفر‪،‬‬ ‫خري من ا نية‪ ،‬واستقبال املوت ٌ‬ ‫خري من استدباره‪ ،‬والطعن يف ثغر انلحور‬ ‫املنية ٌ‬ ‫أكرم منه يف األدبار والظهور‪ ،‬يا آل بكر قاتلوا‪ ،‬فما من املنايا بد"‪.‬‬ ‫الطالب املجتهد حاول أ تقوم صرشح وحتليل هذه‬ ‫نشاط‪َ :‬هيَّا عزيزي َّ‬ ‫اخلطبة مع الرتكزي ىلع أهم خصائصها الفنية وابلالغيَّة!‬ ‫‪23‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ُ َّ‬ ‫ثاثلًا‪ :‬سجع الكها (انلرث املسجوع)‬ ‫اكنت عند العرب يف العرص اجلاهيل بائفة تدىع اتلنبؤ ومعرفة‬ ‫املغيبات وأنها تنطلق من آتلهم بما سخر هلا من اجلن اليت تسرتق هلا السمع‪،‬‬ ‫فتكتشف هلا احلجب وما تأىت به ألواح الغد‪.‬واكنوا يسمونها "الكها "‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وواحدهم يسىم "اكهنا"‪ ،‬أما تابِ َعه من اجلن فيسىم "رئيا"‪ ،‬واكنوا يفزعو إيلهم‬ ‫همة كإعال حرب‪ ،‬أو قعود عن نرصة أحالف‪ ،‬أو‬ ‫الم َّ‬ ‫الستشارتهم يف األمور ُ‬ ‫كشف قتل إنسا أو ناقة‪.‬وقد يلجأو إ يلهم احلكم بينهم أو املنافرة‪ ،‬ممتثلني‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابِق‪)38 /‬‬ ‫تعبري رؤاهم وأحالمهم‪.‬‬ ‫ألحاكمهم‪ ،‬وقد يطلبو إيلهم‬ ‫ومن كهانهم املشهورين‪:‬‬ ‫"املأمور احلاريث" ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫"وسلمة اخلزاَع"‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫"وسواد بن قارب"‬ ‫‪-‬‬ ‫وعزى بنت سلمة الشعثاء‪ ،‬وزبراء‪ ،‬والزرقاء بنت‬ ‫‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫زهري‪ ،‬والغيطلة القرشية‪ ،‬وه َّن نسوة عرفن باتلكهن‪.‬‬ ‫وروت كتب األدب واتلاريخ بائفة من أقوال هؤالء الكها والاكهنات‬ ‫وخطابتهم‪ ،‬ولكها تلزتم السجع‪ ،‬وما نشك يف أ أكرث ما روى عنهم مصنوع‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫إضافة إىل كما اكنوا يعتمدو ىلع مثل هذه األقسام واأليما باألرض‬ ‫والسماء‪ ،‬والطري والشمس وما يتصل بذلك من القمر وانلجوم والكواكب‬ ‫ً‬ ‫واألشجار والرياح ولك ما يظنو أنه حيمل قوى خفية‪.‬وأيضا فإنهم اكنوا‬ ‫يعتمدو ىلع اإلغراب يف ألفاظهم لإلبهام واتلأثري يف نفوس السامعني‪ ،‬واكنوا‬ ‫يعتمدو يف هذا اإلبهام ىلع األقسام واللفظ الغريب إذا زعمنا أ الكها اكنوا‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ابق‪)41- 40 - 39 /‬‬ ‫الرمز‪(.‬ي‬ ‫يبنو سجعهم يف كثري من جوانبه ىلع‬ ‫وقد أشار القرآ الكريم ىلع وجود سجع الكها كما يف قوهل تعاىل‪:‬‬ ‫{وال بقول اكهن قليال ما تذكرو } وهذا نوع من انلرث يف العرص اجلاهيل أواله‬ ‫املسترشقو من العناية أكرث مما يستحق‪ ،‬وبعضهم اك يغمز بذلك من َب َرف‬ ‫خيف إىل الفواصل يف آيات القرا الكريم؛ كأنه يريد الطعن يف إعجازه‪.‬‬ ‫يقول املسترشق "بالشري" يف كتابه (تاريخ األدب العريب)‪" ،‬أ ساك‬ ‫ً‬ ‫نظاما إيقاعيًا تعبرييًا سبق ظهور انلرث العريب‪،‬‬ ‫املجال العريب عرفوا‪ ،‬دو ريب‬ ‫ولم يكن هذا الشا اجلمايل هو الشعر العروض‪ ،‬ولكنه نرث إيقاَع ذو فواصل‬ ‫مسجعة "‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يقول ابن رشيق‪ :‬واك الكم العرب لكه منثورا‪ ،‬فاحتاجت العرب إىل‬ ‫الغناء بماكرم األخالق وبيب أعراقها‪ ،‬وصنعوا أاعريض جعلوها موازين‬ ‫ً‬ ‫للالكم‪ ،‬فلما تم هلم وزنه سموه شعرا "‪.‬فلما استقر العرب‪ ،‬واجتمعوا بعد تفرق‪،‬‬ ‫‪25‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ويمكننا تعريف السجع بأنه‪ " :‬لو فين يعمد إىل ترديد قطع نرثية‬ ‫قصرية‪ ،‬مسجعة ومتتايلة‪ ،‬تعتمد يف تكوينها ىلع الوز اإليقاَع أو اللفظي‪،‬‬ ‫وقوة املعىن"‪.‬‬ ‫فمن ممزياته أنه يأىت؛ حمكم ابلناء‪ ،‬جزل األسلوب‪ ،‬شديد األرس‪،‬‬ ‫ضخم املظهر‪ ،‬ذو روعة يف األداء‪ ،‬وقوة يف ابليا ‪ ،‬ونضارة يف ابلالغة‪.‬يغلب‬ ‫عليه كرثة الصنعة‪ ،‬كرثة الزخارف يف أصواتها وإيقاعها‪.‬‬ ‫ذللك فانلرث املسجوع يأيت يف مرحلة انلضج‪.‬بينما كنا قد رجحنا من‬ ‫قبل بأسبقية األمثال ىلع غريها من أشاكل اتلعبري انلرثي‪.‬‬ ‫وظاهرة السجع املبالغ فيه يف انلرث اجلاهيل‪ ،‬قد ارتبطت بطقوس مرشبة‬ ‫بال سحر والكهو ومعتقدات اجلدود‪ ،‬ذللك يكرث يف رأيه ترديد القطع انلرثية‬ ‫القصرية املسجعة أثناء احلج يف اجلاهلية‪ ،‬وحول مواكب اجلنائز‪.‬‬ ‫‪ -2‬انلرث وألوانه يف عرص صدر اإلسالم‬ ‫ي فتح اإلسالم صفحة جديدة يف تاريخ انلرث العريب‪ ،‬يه صفحة دين‬ ‫خرج انلَّ اس من الظلمات إىل انلور‪ ،‬وينقل العرب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قويم بعث به رسول عظيم‪ ،‬يل ِ‬ ‫وغري العرب من حياة الفوىض واهلمجية واخلرافة والوثنية والعداوة وابلغضاء إىل‬ ‫حياة مدنية‪ ،‬قوامها سعادة اجلنس البرشي‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫لم يعد العرب قبائل متنابذة‪ ،‬كما اكنوا يف اجلاهليَّة‪ ،‬بل أصبحوا مجاعة‬ ‫واحدة ُرمحاء فيما بينهم‪ ،‬يسند قوي هم ضعيفهم‪ ،‬ال يتحاربو وال يتخاصمو ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابِق‪)42 /‬‬ ‫َ‬ ‫َون َزل مع اإلسالم القرآ الكريم يف أسلوب ال يبارى يف قوة إقناعه‬ ‫وبالغة تركيبه‪ ،‬حىت يلقول "الويلد بن املغرية" أحد خصوم الرسول وقد سمعه‬ ‫يتلو من آياته‪ " :‬واهلل لقد سمعت من حممد ً‬ ‫الكما‪ ،‬ما هو من الكم اإلنس واجلن‪،‬‬ ‫وإ هل حلالوة‪ ،‬وإ عليه لطالوة‪ ،‬وإ أع اله ملثمر‪ ،‬وإ أسفله ملغدق"‬ ‫ً‬ ‫ويرشح ذلك "اجلاحظ" فيقول‪" :‬بعث اهلل حممدا عليه الصالة والسالم‬ ‫شاعرا وخطيبًا‪ ،‬وأحكم ما اكنت لغة‪ ،‬وأشد‬ ‫ً‬ ‫يف زمن أكرث ما اكنت العرب فيه‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابِق‪)45 -44/‬‬ ‫ما اكنت عدة‪.‬‬ ‫وقد أثر هذا الكتاب العظيم ً‬ ‫آثارا بعيدة يف اللغة العربية‪ ،‬فقد حول‬ ‫أدبها من قصائد يف الغزل‪ ،‬واحلماسة‪ ،‬واألخذ باثلأر‪ ،‬والفخر‪ ،‬ووصف اإلبل‪،‬‬ ‫واخليل‪ ،‬والسيوف‪ ،‬والرماح‪ ،‬ومن حكم متناثرة ال ضابط هلا وال نظام‪ ،‬إىل‬ ‫أدب اعلم خيوض يف مشالك احلياة واجلماعة‪ ،‬وينظم أمورها ا ينية وا نيوية؛‬ ‫فارتىق األدب العريب رقيا لم يكن يعلم به العرب‪ ،‬واتسعت آفاقه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابق‪)47/‬‬ ‫َّ‬ ‫خاصة‪ ،‬كذلك اك‬ ‫أثر ىلع احلياة األدبيَّة اعمة وانلَّرث‬ ‫ٌ‬ ‫وكما اك للقرآ‬ ‫للحديث انلبوي أثره‪ ،‬وقد تداول العرب واملسلمو من لكماته اجلامعة بعض‬ ‫‪27‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫أمثال لم يتقدمه فيها أحد‪ ،‬من ذلك قول انلاس‪( :‬مات حتف أنفه ‪ -‬ال يلسع‬ ‫ً‬ ‫املؤمن من جحر مرتني –إ املنبت ال أرضا قطع وال ظهرا أبيق ‪ -‬إياكم‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ابق‪)51-48 /‬‬ ‫(ي‬ ‫وخرضاء ا من)‪.‬‬ ‫‪‬ىلع أنه ينبيغ أ تعرف – عزيزي الطالب ‪ -‬أ األمثال لم يعد هلا‬ ‫منذ ظهور اإلسالم خطورتها يف تاريخ انلرث العريب‪ ،‬فقد تغريت احلياة العربية‬ ‫من قواعدها‪ ،‬ولم تعد حتتكرها األمثال‪ ،‬إذ أخذ العرب يشغلو عنها بتالوة‬ ‫َّ‬ ‫القرآ ‪ ،‬ورواية احلديث‪ ،‬واختذوا منهما عربتهم وموعظتهم‪ ،‬وحىت الشعر كف‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابق‪)51/‬‬ ‫من شعرائهم عن نظمه‪.‬‬ ‫كثريو‬ ‫ومن ألوا انلرث يف عرص صدر اإلسالم‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬اخل َ َطابَة‬ ‫اك الرسول صىل اهلل عليه وسلم أخطب العرب قاببة‪ ،‬وقد اك خيطب‬ ‫ً‬ ‫كثريا‪ ،‬ويدعوها إىل دينه احلنيف‪ ،‬وا خول يف باعة اهلل وحمبته‪ ،‬وملا‬ ‫يف قريش‬ ‫هاجر إىل املدينة أصبحت اخلطابة فريضة مكتوبة يف صالة اجلمعة والعيدين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منظما من اخلطابة ا ينية لم يكونوا‬ ‫وبذلك عرف العرب رضبًا‬ ‫يعرفونه يف اجلاهلية‪ ،‬إذ اكنت خطابتهم ‪ -‬كما أسلفنا – اجتماعية‪ ،‬واكنت تدور‬ ‫َّ‬ ‫(الس ابق‪)52/‬‬ ‫اغبلًا ىلع املنافرات واملفاخرات‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫صىل اهلل عليه وسلَّم خيطب يف األحداث ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫همة وعند‬ ‫َّ‬ ‫اك الرسول‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وخي ُطب للوعظ‪ ،‬وا عوة‪ ،‬واتلفكر‪َّ ،‬‬ ‫خيطب للترشيع‪،‬‬ ‫واتلأمل‪ ،‬واك‬ ‫املناسبات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضخما من اخلطب‪.‬‬ ‫وإرساء قواعد ا ين اجلديد‪ ،‬ومن املحقق أنه خلف تراثا‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫نماذج خمتارة ِمن خطب الرسول الكريم صىل اهلل عليه وسلم‬ ‫اخلطبة األوىل‬ ‫" أيها انلاس إ لكم معالم فانتهوا إىل معاملكم‪ ،‬وإ لكم نهاية‬ ‫فانتهوا إىل نهايتكم‪ ،‬إ املؤمن بني خمافتني‪ :‬بني اعجل قد مىض ال يدرى ما‬ ‫اهلل صانع به‪ ،‬وبني آجل قد بىق ال يدرى ما اهلل قاض فيه‪.‬فليأخذ العبد من‬ ‫َ‬ ‫الك َ‬ ‫َّ‬ ‫رب ة‪ ،‬ومن احلياة قبل املوت‪.‬‬ ‫نفسه نلفسه‪ ،‬ومن دنياه آلخرته‪ ،‬ومن الشيبة قبل‬ ‫فو اذلي نفس حممد بيده ما بعد املوت من مستعتب‪ ،‬وال بعد ا نيا من دار إال‬ ‫اجلنة أو انلار "‪.‬‬ ‫حتليل انلص‪:‬تدور هذه اخلطبة حول وعظ انلَّاس‪ ،‬ودعوتهم لطريق‬ ‫الفالح‪ ،‬وأ يعملوا لآلخرة قبل ا نيا‪ ،‬وىلع املؤمن أ يستغل شبابه يف العبادة‬ ‫قبل أ يشيب ويهرم‪.‬‬ ‫اخلطبة اثلَّانية‬ ‫‪1‬‬ ‫اقتبست هذه انلماذج من كتاب د‪.‬شويق ضيف " الفن ومذاهبه يف انلَّرث العريب" ‪ ،‬ومن كتاب "أشهر اخل ُ َطب‬ ‫ومشاهري اخلطباء" لسالمة موىس ‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫" احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إيله‪ ،‬ونعوذ باهلل من‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫رشور أنفسنا ومن سيئات أعمانلا‪َ ،‬من يه ِد اهلل فال ُم ِضل هل‪ ،‬ومن يضلل فال‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫هادى هل‪ ،‬وأشهد أ ال هلإ إال اهلل وحده ال رشيك هل‪ ،‬وأ حممدا عبده ورسوهل‪،‬‬ ‫أوصيكم‪ ،‬عباد اهلل‪ ،‬بتقوى اهلل وأحثكم ىلع باعته‪ ،‬وأستفتح باذلي هو خري‪.‬‬ ‫انلاس! اسمعوا مين أبَني لكم فإين ال أدرى‪ ،‬لعىل ال ألقاكم بعد‬ ‫أما بعد‪ ،‬أيها َّ‬ ‫اعيم هذا يف موقيف هذا‪.‬أيها انلاس ! إ دماءكم وأموالكم عليكم حرام‪،‬‬ ‫إىل أ تلقوا ربكم‪ ،‬كحرمة يومكم هذا يف شهركم هذا يف بدلكم هذا‪ ،‬أال‬ ‫هل بَلَّ ُ‬ ‫غت؟ امهلل اشهد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫اجلاهلية‬ ‫فمن اكنت عنده أمانة فليؤدها إىل اذلى ائتمنه عليها‪ ،‬وإ ِربا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫موضوع‪ ،‬وإ أول ربا أبدأ به ِربَا عم العباس بن عبد املطلب – وإ دماء‬ ‫اجلاهلية موضوعة‪ ،‬وأول دم أبدأ به دم اعمر بن ربيعة بن احلارث ابن عبد‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫العم ُد قود‪،‬‬‫املطلب ‪ -‬وإ مآثر اجلاهلية موضوعة‪ ،‬غري السدانة والسقاية ‪.‬و‬ ‫ُ‬ ‫وشبه العمد ما قتل بالعصا واحلجر‪ ،‬وفيه مائة بعري‪ ،‬فمن زاد فهو من أهل‬ ‫ِ‬ ‫اجلاهلية‪.‬‬ ‫أيها انلاس ! إ الشيطا قد يَ ِئس أ يُعبد يف أرضكم هذه‪ ،‬ولكنه قد‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫رىض أ يطاع فيها سوى ذلك مما حتقرو من أعمالكم‪.‬أيها انلاس ( إنما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫النَّ ُ‬ ‫يسءزيادة يف الكفر يُضل به اذلين كفروا حيلونه اعما وحيرمونه اعما‪،‬‬ ‫‪30‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫حر م اهلل )‪.‬إ الزما قد استدار كهيئته‬‫حرم اهلل فيُحلوا ما َّ‬ ‫يلوابئوا عدة ما َّ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫يوم خلق اهلل السموات واألرض‪ ،‬وإ عدة الشهور عند اهلل اثنا عرش شهرا يف‬ ‫كتاب اهلل يوم خلق السموات واألرض‪ ،‬منها أربعة حرم‪ :‬ثالثة متوايلات وواحد‬ ‫فرد‪ :‬ذو القعدة وذو احلجة واملحرم ورجب اذلى بني مجادى وشعبا ‪ ،‬أال هل‬ ‫بلغت ؟ امهلل اشهد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أيها انلاس ! إ لنسائكم عليكم حقا‪ ،‬ولكم عليهن حق‪.‬لكم‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫علني أ ال يُوبئ فرشكم غريكم‪ ،‬وال يُدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إال‬ ‫بإذنكم وال يأتني بفاحشة مبي نة‪ ،‬فإ فعلن فإ اهلل قد أذ لكم أ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تعضلوهن وتهجروهن يف املضاجع وترضبوهن رضبا غري مربح‪ ،‬فإ انتهني‬ ‫ُ‬ ‫وأبعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بامل عروف‪ ،‬وإنما النساء عندكم عوا ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ال يملكن ألنفسهن شيئا‪ ،‬أخذتموهن بأمانة اهلل‪ ،‬واستحللتم فروجهن بكلمة‬ ‫اهلل فاتقوا اهلل يف النساء واستوصوا بهن خريا ً أال هل بَلَّ ُ‬ ‫غت ؟ امهلل اشهد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أيها انلاس إنما املؤمنو إخوة وال حيل المرئ مسلم مال أخيه إال عن‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫َّ‬ ‫بيب َنفس منه‪ ،‬أال هل بلَّ ُ‬ ‫ترجعن بعدى كفارا يرضب‬ ‫غت ؟ امهلل اشهد‪.‬فال‬ ‫بعضكم رقاب بعض‪ ،‬فإين قد تركت فيكم ما إ أخذتم به لن تضلوا بعده‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بلغت ؟ امهلل اشهد‪.‬أيها انلاس! إ ربكم واحد وإ أباكم‬ ‫كتاب اهلل‪.‬أال هل‬ ‫واحد‪ ،‬لككم آلدم‪ ،‬وآدم من تراب ‪ ،‬أكرمكم عند اهلل أتقاكم إ اهلل عليم‬ ‫‪31‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ُ‬ ‫بلغت؟ امهلل اشهد‪.‬‬ ‫خبري‪.‬وليس ا لعريب ىلع عجم فضل إال باتلقوى أال هل‬ ‫َ‬ ‫الغائب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الشاهد‬ ‫قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فيبلغ‬ ‫ٌ‬ ‫أيها انلاس! إ اهلل قس َم لا وارث نصيبه من املرياث فال ِتوز وصية‬ ‫َّ‬ ‫لوارث‪.‬يف أكرث من اثللث‪.‬والو للفراش وللعاهر احلَ َ‬ ‫ج ُر‪.‬من ادىع إىل غري أبيه‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫أو توىل غري موايله فعليه لعنة اهلل واملالئكة وانلاس أمجعني‪ ،‬ال يقبل منه‬ ‫ٌ‬ ‫َصف وال عدل‪.‬والسالم عليكم ورمحة اهلل وبراكته"‪.‬‬ ‫‪:‬بدأت حبمد اهلل واستغفاره واتلوبة إيله‪ ،‬واالستعاذة من‬ ‫(‪)1‬‬ ‫حتليل َّ‬ ‫انلص‬ ‫رشور انلفس‪ ،‬وسيئات العمل ونقائصه‪ ،‬وتقرت بالشهادتني‪ ،‬وتوصية املسلمني‬ ‫بعبادة اهلل وباعته‪ ،‬كما تقرت بكلمة ( أما بعد )‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ث َّم يبدأ الرسول صىل اهلل عليه وسلم يف ترشيع أمور يف ا ين حتتاج‬ ‫تلوضيح وترسيخ ويه ىلع انلحو اآليت‪:‬‬ ‫✓ حتريم القتل وإراقة ا ماء‪ :‬فيبني أ دماء املسلمني حرام كأمواهلم‪ ،‬فال‬ ‫قتل وال نهب وال سلب‪ ،‬فقد انتىه قتل انلفس املحرمة وانتىه قطع‬ ‫الطرق‪ ،‬وانتهت اخليانات جبميع رضوبها‪ ،‬فمن اكنت عنده أمانة ال خينها‪،‬‬ ‫بل فليؤدها مستوفاة إىل صاحبها‪.‬إنه جمتمع ديين جديد‪ ،‬تتوثق فيه‬ ‫الروابط‪ ،‬فال ربا وال أخذ بثأر‪ ،‬وقد تداعت مآثر اجلاهلية سوى سدانة‬ ‫‪1‬‬ ‫لقد ورد هذا اتلحليل يف كتاب " الفن ومذاهبه يف انلرث العريب" لدلكتور شويق ضيف‪ ،‬صــ‪.56 ،55‬‬ ‫‪32‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫الكعبة وسقاية احلجيج‪ ،‬فهما رضوريتا للجماعة‪ ،‬وهما ذللك باقيتا ‪.‬‬ ‫أما رشيعة األخذ باثلأر اليت اكنت قوام حياتهم يف اجلاهلية‪ ،‬فقد قىض‬ ‫عليها اإلسالم‪ ،‬إذ جعل حق ا م لدلولة‪ ،‬فالقاتل املتعمد تقتله ا ولة‬ ‫بصاحبه‪ ،‬أما من قتل خطأ فديته مائة ناقة ال تزيد‪.‬وخيوفهم الرسول من‬ ‫الشيطا وما يدعو إيله من الرشور فقد انتهت عبادته‪ ،‬ولكن لم تنته‬ ‫ً‬ ‫أبماعه يف تضليل انلاس عن اجلادة‪.‬وأيضا فإنه انتىه عهد اتلالعب يف‬ ‫ا ين ويف األشهر احلرم‪.‬‬ ‫✓ تنظيم َ‬ ‫العالقات بني أفراد األرسة‪ :‬ال ينظم الرسول العالقات بني الفرد‬ ‫ً‬ ‫ومجاعته الكربى من األمة فحسب‪ ،‬بل ينظمها أيضا بينه وبني مجاعته‬ ‫الصغرى من األرسة‪ ،‬فيدعو إىل راعية حقوق املرأة‪ ،‬وأ يعاملها الرجل‬ ‫برفق ورمحة‪ ،‬وقد رفع اإلسالم من شأنها ووضعها يف املاك الالئق بها‪،‬‬ ‫فكفل هلا حرية اتلرصف يف ماهلا كما كفل هلا حق اختيار زوجها‪.‬‬ ‫✓ تنظيم َ‬ ‫العالقات بني أفراد املجتمع‪ :‬ويدعو الرسول إىل دعم الروابط بني‬ ‫ً‬ ‫أفراد األمة‪ ،‬فاملسلمو مجيعا إخوة متساوو يف احلقوق والواجبات‪ ،‬ال‬ ‫غين وال فقري وال أسود وال أبيض‪ ،‬وال عريب وال عجم‪ ،‬فاجلميع سواء‪،‬‬ ‫وال فضل إال باتلقوى والعمل الصالح‪.‬‬ ‫‪33‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫ً‬ ‫✓ توضيح نظام اتلوريث وفقا للرشيعة اإلسالمية‪ :‬ويشري صىل اهلل عليه‬ ‫وسلم إىل ما رشعه القرآ من نظام اتلوريث اجلديد‪ ،‬ويقرر أ املورث‬ ‫ً‬ ‫حيرم ورثته من ماهل‪ ،‬ويعطيه شيئا من احلرية‪ ،‬فيجعل هل‬ ‫ِ‬ ‫ال حيق هل أ‬ ‫احلق أ يوىص لورثته ببعض ماهل‪ ،‬ولكن ىلع أ ال يزيد عن ثلثه‪،‬‬ ‫ويعرض ملشلكة كربى من مشالكهم‪ ،‬يه األبناء غري الرشعيني اذلين‬ ‫و وا يف اجلاهلية فينسبهم إىل أصحاب الفراش‪ :‬واك من اعدهم أ‬ ‫ً‬ ‫ينسبوا إىل غري آبائهم‪ ،‬فقىض ىلع تلك العادة السيئة حفظا لألنساب‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ونالحظ أنه صىل اهلل عليه وسلم ال يستعني بألفاظ خالبة وال تزويق‪،‬‬ ‫وقد برئت ألفاظه من اإلغراب واتلعقيد واالستكراه‪ ،‬وخلوها ِمن السجع‪.‬‬ ‫‪ -3‬انلرث وألوانه يف عرص بين َّ‬ ‫أمية‬ ‫أ َّما يف عرص بين َّ‬ ‫أمية ازدهرت اخلطابة ‪ ،‬وقد عملت يف هذا االزدهار‬ ‫وهيأت هل أسباب خمتلفة‪ ،‬منها السياس‪ ،‬ومنها ا يين‪ ،‬ومنها العقيل‪.‬‬ ‫أما من حيث السياسة فقد كرثت األحزاب السياسية املعارضة بلين‬ ‫أمية‪ ،‬وكرث مشعلو الفت‪ ،‬واحلروب ا اخلية‪ ،‬ومعروف أ ا ولة األموية قامت‬ ‫ىلع أنقاض فتنة "عثما " وما انتهت إيله من حروب صفني بني ىلع‬ ‫ومعاوية‪َّ.‬‬ ‫(السابق‪)63 /‬‬ ‫‪34‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫فظهرت اخلطابة السياسية اك لك حزب من األحزاب السياسية يتخذ‬ ‫اخلطابة وسيلة إىل نقد خصومه‪ ،‬وبيا نظريته السياسية واستمالة انلاس إيلها‪.‬‬ ‫ذللك نمت خطابة املحافل (احلفلية) يف هذا العرص حبكم نمو‬ ‫إضافة ِ‬ ‫السلطا العريب‪ ،‬فاكنت الرجال والوفود تقدم ىلع اخللفاء والوالة ألغراض‬ ‫خمتلفة‪ :‬للشكوى‪ ،‬أو لالستمناح‪ ،‬أو للتهنئة‪ ،‬أو للتعزية‪ ،‬أو للموعظة‪ ،‬أو لغري‬ ‫ُ َ‬ ‫نظر َّ‬ ‫الس ابق‪)71-68 /‬‬ ‫(ي‬ ‫ذلك من األغراض‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫رثية ظهر نوع ثالث وهو اخلطابة ا َّ‬ ‫وإضافة هلذه األنواع انلَّ َّ‬ ‫ينية تمثلت‬ ‫يف القصص والوعظ إذ اكنت هناك بائفة تعرف بـ(القصاص) تفرس القرآ‬ ‫الكريم‪ ،‬وتمزج تفسريها بقصص كثرية تستمدها من موروثات أهل الكتب‬ ‫السماوية‪.‬‬ ‫واتسعت جبانب ذلك موجة الزهد والعبادة والنسك‪ ،‬وتبعها ظهور‬ ‫واع ظ كثريين‪ ،‬تموج كتب األدب بمواعظهم وما اكنوا يدعو إيله من الزهد يف‬ ‫حطام ا نيا‪ ،‬وجماهدة انلفس حىت ترفض عرض احلياة ومتعتها الزائلة وتطلب‬ ‫املناظرات‪(.‬يُنظر َّ‬ ‫الس ابق‪)66-65/‬‬ ‫ما عند اهلل من ثواب اآلخرة‪ ،‬كما ظهر فن‬ ‫‪35‬‬ ‫د‪.‬بسمة رمضان عبده يوسف‬ ‫التاريخ‪ :‬المستوى الخامس"‬ ‫"قسم َّ‬ ‫العربية‬ ‫َّ‬ ‫اللغة‬ ‫السمات الفنية واألسلوبية للخطابة يف عرص بين أمية‬ ‫فيما خيص اخلطابة السياسية ف فيها رضوب من الصور ابليانية‪ ،‬وبعبارة‬ ‫أخرى من التشبيهات واالستعارات‪ ،‬غري أنه ال يعمد فيها إىل السجع‪.‬‬ ‫أما خطباء املحافل (اخلطابة احلفلية) وجدناهم حياولو جاهدين‬ ‫َّ‬ ‫اتلأنق يف خطابهم‪ ،‬وهذا ببييع أل خطابتهم حمدودة‪ ،‬إذ ال تتجاوز يف كثري منها‬ ‫لكمات معدودة‪ ،‬واكنوا يلقونها بني أيدى اخللفاء والوالة‪ ،‬فاكنوا يطلبو فيها أ‬ ‫تروعهم وتستميل إيلهم قلوبهم‪ ،‬ولعلهم من أجل ذلك اكنوا يلزتمو فيها‬ ‫( يُنظر السابق‪)89-82-81/‬‬ ‫السجع‪ ،‬واتلأنق اللفظي‪.‬‬ ‫وقد خطا خطباء القصص واملواعظ خبطابتهم خطوات واسعة حنو‬ ‫ً‬ ‫الصقل‪ ،‬واتلجويد ألسايلبهم‪ ،‬وتلوين معانيهم وتنويعها وتفريعها فرواع‪ ،‬وذللك‬ ‫ً‬ ‫هبطوا بأسايلبهم قليال عن مستوى أسايلب اخلطابة السياسية‪ ،‬حىت تفهمهم‬ ‫مجيع الطبقات‪ ،‬وحىت ال يرتفعوا بكالمهم عن فئات العامة‪ ،‬ونراهم‬ ‫يستخدمو رضوبًا من اتلصوير أو من التشبيها

Use Quizgecko on...
Browser
Browser