حقوق الإنسان: دراسة تاريخية PDF
Document Details
Uploaded by RefinedWonder
Egyptian Russian University
Tags
Summary
مستند يتناول تطور فكرة حقوق الإنسان من الحضارات القديمة إلى العصر الحديث، متضمناً دراسة عن تطورها عبر التاريخ والفلسفة، مع التركيز على مصادرها والقواعد القانونية المتعلقة بها على المستويين الوطني والدولي. ويغطي الموضوع فكرة حقوق الإنسان في الحضارات المصرية القديمة، واليونانية والرومانية، والأديان السماوية، والعصور الوسطى، والعصر الحديث.
Full Transcript
# الفصل الأول: النظام القانوني لقواعد حماية حقوق الإنسان" ## تمهيد وتقسيم: منذ بداية تكوين الحياة المشتركة لمجموعات من البشر كجماعات منظمة، ظهرت فكرة حماية حقوق الإنسان في صورة قواعد عرفية، تحمي حقوق الإنسان, وتدافع عن كرامته من أجل العيش في سعادة ونبذ العنف بين الناس. وبعد أن ظهرت الدول المنظ...
# الفصل الأول: النظام القانوني لقواعد حماية حقوق الإنسان" ## تمهيد وتقسيم: منذ بداية تكوين الحياة المشتركة لمجموعات من البشر كجماعات منظمة، ظهرت فكرة حماية حقوق الإنسان في صورة قواعد عرفية، تحمي حقوق الإنسان, وتدافع عن كرامته من أجل العيش في سعادة ونبذ العنف بين الناس. وبعد أن ظهرت الدول المنظمة تطورت تلك القواعد العرفية إلى نصوص قانونية تضمن تلك الحقوق وتطورت تلك القواعد في العصر الحديث, إلى أن أصبحت في نهاية القرن الماضي, جزءاً من النظام القانوني الدولي, تحت مسمى القانون الدولي لحقوق الإنسان. وجاءت الأديان السماوية جميعها, بالميثاق الديني لحقوق اإلنسان, حيث خلق الله سبحانه وتعالى البشر وكرمهم أفضل وأحسن تكريم, ووضع لهم الإسلام المنهج الذي يسيرون عليه في **هذه** الحياة, وبات هذا التوجه المصدر الرئيسي لكافة القواعد العرفية والقانونية لكافة الإعلانات والمعاهدات والدساتير الوطنية والإقليمية والعالمية, لحقوق الإنسان. ولما كانت المواطنة **تعنى** بأنها علاقة الفرد بالدولة التي يعيش عليها, فقد ترتب عليها العديد من النتائج, أبرزها تمتع المواطن بالحقوق الإنسانية, وتحمله للإلتزامات المستمدة من طبيعته الإنسانية, وتستلهم معانيها من الأديان السماوية. وتمثل المواطنة, وفكرة الهوية المنبثقة عنها, البيئة المادية والمعنوية التي يعيش فيها الإنسان, يرتبط بها ويتفاعل معها, ليكسب كيانه المادي والروحي والثقافي. وقد ظهرت في السنوات الأخيرة بالتزامن مع ظاهرة حقوق الإنسان, آفة الفساد التي تُعتَبَر من أخطر **المظاهر** السلبية المنتشرة على مستوى الدول, وأكثرها فتكا بالأمن والسلم الاجتماعي, نظرا لعلاقتها الوثيقة بقواعد حقوق الإنسان, حيث أشارت الدراسات والإحصائيات إلى أن الدول الأكثر ## انتشارا لظاهرة الفساد, هي الدول الأكثر انتهاكا لقواعد حقوق الإنسان. ونعرض في هذا الفصل **تطور** فكرة حقوق الإنسان, ومفهوم حقوق الإنسان, والمبادئ الرئيسية لحقوق الإنسان, ومصادر وقواعد قانون حقوق الإنسان على المستويين الوطني والدولي, وأنواع حقوق الإنسان, وفقًا لما يلي : * **المبحث الأول :** القواعد العامة لفكرة حقوق الإنسان. * **المبحث الثاني:** أنواع حقوق الإنسان. ## المبحث الأول : القواعد العامة لفكرة حقوق الإنسان. ### تمهيد وتقسيم يعرف بعض الفقهاء حقوق الإنسان: " بأنها تلك الحقوق الأساسية التي تثبت للإنسان كونه إنساناً بصرف النظر عن جنسيته أو ديانته أو أصله أو انتمائه أو وظيفته". ويعتبر كثير من الفقهاء أن قواعد حقوق الإنسان هي : نتاج تطور طبيعي, وتلقائي لقواعد الحرية والمساواة, وقد كانت الثورة الفرنسية سباقة في **الدعوة** إلى تحرير المواطن وحماية حقوق الإنسان من جميع الانتهاكات و **القيود**, غير أن المجتمع الدولي **لم** يعرف حقوق الإنسان بمفهومها العصرى إلا عند صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ونعرض للقواعد العامة لفكرة حقوق الإنسان, من حيث تعريفها والتطور التاريخي لها وخصائصها ومصادرها المختلفة, كما يلي: 1. **التطور التاريخي لفكرة حقوق الإنسان.** 2. **مفهوم حقوق الإنسان.** 3. **مبادئ حقوق الإنسان.** 4. **مصادر حقوق الإنسان.** ## المطلب الأول: التطور التاريخي لفكرة حقوق الإنسان ### تمهيد وتقسيم كان للحضارة الفرعونية في مصر القديمة أثرا عظيما في تجسيد الفكر الـقانوني لحماية حقوق الإنسان ؛ حيث تعتبر ثورة " أخناتون" من أهم الثورات التي جاءت لتجسيد معايير ومفاهيم حقوق الإنسان في تلك الفترة, حيث دعا إلى **الـسـلام** والرحمة و **الـتـسـامـح**, و **نـبـذ** **الـحـروب** و **نـشـر** **الـمـسـاواه** **بـيـن** **الـنـاس** في شئونهم **الـديـنـيـة**, كما دعا إلى **تـحـقـيـق** **الـعـدالة** **لـلـجـمـيـع** **دون** **تـمـيـيـز**, و **أـلـغـى** **الـتـقـديـس** **الـمـبـالـغ** **لـلـأـسـرة** **الـحـاكـمـة**, و **أـصـبـح** **يـعـالـج** **أفـراد** **الـعـائـلة** **الـمـالـكـة** **كـسـائـر **أبـناء** **الشـعـب** **مـن** **حـيـث** **الـمـعـامـلات** **والـامـتـيـازات**. ومن خلال تتبع فكرة حقوق الإنسان في **الـحـضـارات** **الـقـديـمـة**, **كـالـحـضـارة** **الـيـونـانـيـة** **والـرومانـيـة**, نجد أن أفلاطون في جمهوريه **الـفـاضـلة** يقضى بـحـرمـان **الـعـبـيـد** من حق **الـمـواطـنـة**, وإجبارهم على **الـطـاعـة** **والـخـضـوع** **لـلـأحـرار** **سـادـتـهم**, و **لـم** **يـكـن** **الـحـال** عند **الـرومان** بـأفـضـل **مـنـه** عند **الـيـونـان** في **مـجـال** **حـقـوق** **الـإنسـان**, من **حـيـث** **انـتـشـر** **الـرق** **بـيـنـهـم**, و **تـجـاوـزت** **انـتـهـاكـات** **حـقـوق** **الـإنسـان** في **الـعـصـريـن** **الـإغـريـقـي** **والـرومانـي** **كـل** **أشـكـال** **الـظـلم** **والـقـهـر** **الـتـي** **شـهـدهـا** **الـإنسـان** في **تـلـك** **الـفـتـرة** **مـن** **الـزمـان**. ويعنى ذلك أن هناك قصورا واضحا في فكرة حقوق الإنسان في كل من الفكر اليوناني "الإغريقي" الذي تميز بفكرة الحاكم الفيلسوف وبناء المدينة الفاضلة, وفي الفكر الروماني الذي اتسم بخاصية سمو القانون الطبيعي وتحقيق حد أدنى من المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات. وتتمثل فكرة حقوق الإنسان في العصور الوسطى بعدد من الوثائق والقوانين التي صدرت في عدة دول غربية, من أبرزها ميثاق العهد الأعظم الصادر عام 1215م, وعريضة الحقوق الصادرة في عهد الملك شارل الأول عام 1628م. أما في الوقت المعاصر فقد دخلت فكرة حقوق الإنسان مرحلة جديدة من مراحل تطورها وهي المرحلة الدولية, تلك المرحلة التي أصبحت فيها مواضيع حقوق الإنسان تأخذ طابعاً دولياً بعد أن كانت مسألة داخلية بحتة. وتتبع ظهور فكرة حقوق الإنسان, يتطلب البحث في الاعتبارات التاريخية والفلسفية والدينية والسياسية, وفقًا لما يلي: * **الفرع الأول:** فكرة حقوق الإنسان في مصر الفرعونية. * **الفرع الثاني:** فكرة حقوق الإنسان في الأديان السماوية. * **الفرع الثالث:** تطور فكرة حقوق الإنسان في العصور الحديثة. ## وسوف نعرض بقدر من الإيجاز لتتبع فكرة حقوق الإنسان عبر العصور المختلفة. ## الفرع الأول: فكرة حقوق الإنسان في مصر الفرعونية. ### ثورة أخناتون تجسيدا لفكرة حقوق الإنسان ساهمت الحضارة الفرعونية التي تعد أقدم الحضارات الإنسانية تَجَسِدًا لفكرة **حماية** حقوق الإنسان, ويذهب المؤرخون إلى أن أول صفحات التاريخ البشري المكتوب بدأت منذ حوالي 3300 قبل الميلاد في مملكتين مصريتين هما مصر العليا, ومصر السفلى, تحت حكم الفراعنة آنذاك, حيث أصدر الـفـلاح الـمـصـري الـفـصـيـح أولى وثائق حقوق الإنسان في تـارِيـخ الـإنسـانـيـة, عندما **وجـه** خطابا إلى فرعون الـبـلاد يذكـره بواجـباتـه تجـاه الـأفـراد وحقوقهم كمـواطـنـيـن, **فـكـانـت** هذه الـوثـيـقة بياناً **بـحـقـوق** الـإنسـان في **الـعـدالة** **والـمـسـاواه** **وفـي** **حـريـة** **الـتـعـبـيـر** **والـشـكـوى**. واختصرت حـضـارة مـصـر الـفـروعـنـيـة مـفـهـوم حـقـوق الـإنسـان في كـلـمـة واحـدة هـي "مـاعـت" الـتـي تـعـنـي الـعـدل **والـصـدق** **والـحـق**. كـمـا أقـرت الـحـضـارة الـفـروعـنـيـة حـق الـإنسـان في **الـحـيـاة**, **وفـي** **الـتـأميـن** **الـصـحـي**, **وفـي** **الـتـعـلـيـم**, **ومـبـدأ** **الـمـسـاواه** **بـيـن** **الـنـاس** **جـمـيـعـا**. وفـي عـهـد الـأـسـرة الـثـامـنـة **عـشـر** أُنـشـئـت مـجـالـس لـلـبـلاد تـحـكـم **بـالـعـدالة**, و **تـنـادى** بـضـرورة تـطـبـيـق معايير الـعـدالة, حـيـث صـار مـن حـق كـل فـرد ضـمـن حـقـوقـه الـديـنـيـة أن يـحـفـظ جـثـتـه بـعـد مـوتـه, خـاصـة و **أن** **الـتـحـنـيـط** **لـم** **يـكـن** **مـن** **حـقـوق** **الـعـامـة**, إذ تـمـارسـه طبـقـة الـأـمـراء **والـمـلـوك** فـقـط. ثـم حـصـل **الـتـطـور** الـمـهـم أثـنـاء حـكـم الـفـرعـون الـمـوحـد **(أخـنـاتـون)**, حـيـث قـام بـمـا يـشـبـه **الـثـورة** في ذلك **الـعـصـر**, **والـتـي** جـسـدت مـعـايـيـر **ومـفـاهـيـم** حـقـوق الـإنسـان في تـلـك الـحـقـبـة, حـيـث **دعا** إلى **الـسـلام** **والـرحـمـة** **والـتـسـامـح** **ونـبـذ** **الـحـروب**, **و** **نـشـر** **الـمـسـاواه** **بـيـن** **الـنـاس** **في** **شـئـونـهـم** **الـدنـيـويـة**, كـمـا **دعا** إلى **تـحـقـيـق** **الـعـدالة** **لـلـجـمـيـع** **مـن** **دون** **تـمـيـيـز**, **و** **أـلـغـى** **الـتـقـديـس** **الـمـبـالـغ** **بـه** **لـلـأـسـرة** **الـمـالـكـة**, **و** **ذلـك** **بـشـكـل** **أـصـبـح** **بـمـوجـبـه** أفراد العائلة **الـمـالـكـة** كـسـائـر أبـناء الـشـعـب مـن **حـيـث** **الـمـعـامـلـة** **والـامـتـيـازات**. كـمـا أن أهـم مـا جـاء في تـعـالـيـم الـمـلـك "حـرِيـكـارع" أحـد مـلـوك الـأـسـرة الـعـاشـرة الـتـي **أـوصـى** بـإقـامـة الـعـدل **و** **ضـرورة** الـشـعـور **بـالـآخـريـن** في مـحـنـهـم, وفـي هـذا الـسـيـاق تـقـول أحـد الـتـعـالـيـم: "احتـفـظ بـذِكـراك بـيـن الـنـاس بـحـبهـم فـالـإنسـان الـذي يـصـل إلى الـآخـرة مـن **دون** أن يـرتـكـب خـطـيـئـة فـإنـه سـوف يـمـكـث هـنـاك **و** **يـمـشـي** **مـرحـا** مـثـل الـأـربـاب الـخـالـديـن". و **نـشـيـر** هـنـا إلى أن جـمـيـع الـأمثال الـمـرتـبـطـة **بـحـقـوق** الـإنسـان قـام بـتـقـديـمـهـا الـحـكـماء الـمـصـريـون في إطـار الـتـعـلـيـم **والـتـربـيـة**, وقد كـتـبـت **عـلـى** قـطـع الـخـزف وشظايا **مـن** الـحـجـر الـجـيـري. ## الفرع الثاني: فكرة حقوق الإنسان في الأديان السماوية. **فكرة حقوق الإنسان في اليهودية** اعتمدت الـيـهـودـيـة **عـلـى** الـتـوراة الـمـحـرفة, و **قـد** عـرف عـن الـيـهـود إقـبـالـهـم **عـلـى** سـفـك الـدمـاء بـأسلوب بـربـري فـاشـي يـشـهـد الـتـارِيـخ عـلـيـهـم إلى يـومـنـا هـذا, كـمـا عـرف **احـتـقـارهـم** لـلـشـعـوب, و **اعـتـبـار** الـيـهـود شـعـب الـلـه الـمـخـتـار. **و** **يـتـجـلـى** كـل هـذا الـيـوم في **الـغـطـرسـة** الـتـي يـقـودـهـا الـيـهـود **مـن** **خـلال** اعـتـنـاقـهـم الـفـكـر الـصـهـيـونـي الـذي يـسـتـلـذ شـرب دمـاء الـأطـفـال, **والـشـيـوخ**, **والـنـسـاء**, و **لـا** يـبـالـي بـأَي مـواقـيـع, أو مـجـتـمـع دولـي, و **بـذلـك** فـإن **واقـع** حـقـوق الـإنسـان في الـديـانـة الـيـهـودـيـة الـمـحـرفة ارتكزت **عـلـى** الـعـداء لـلـبـشـريـة, و **شـهـدت** انـتـهـاكـا **صـارخـا** لـأحـكـام الـقـانـون الـدولـي, **والـقـانـون** الـدولـي الـإنسـانـي. و **لـعـل** مـا تـمـارسه إسـرائـيـل مـن انـتـهـاكـات **و** **فـظـائـع** ضـد الـفـلـسـطـيـنـيـن خـيـر شـاهـد **و** **دليـل** **عـلـى** **ذلـك**. **فكرة حقوق الإنسان في المسيحية** ظهرت الديـانـة الـمـسـيـحـيـة مـع الـرسـول عـيـسـى **عـلـيـه** الـسـلام, **وكـانـت** تـهـدف إلى **تـحـقـيـق** الـمـثـل الـأعـلـى في الـمـجـتـمـع الـبـشـري **مـن** **خـلال** الـدّعـوة إلى الـصـفاء الـروحـي, **والـتـسـامـح**, **و** **تـطـهـيـر** الـنـفـس, **والـتـفـانـي** في **عـالـم** **الـروحـانـيـات**, **و** Т··. **تـرك** **الـمـلـذات** **وذلـك** **مـن** **أجـل** الـوصـول إلى **تـحـقـيـق** الـعـدل **بـيـن** الـبـشر **و** **تـجـسـيـد** الـأخـوة **والـمـسـاواه** **بـيـنـهـم**. **و** **لـقـد** جـاءت الـمـسـيـحـيـة مـبـشـرة أن الـنـاس مـتـسـاوون, **و** أن الـعـلاقـة **بـيـن** **بـنـي** الـبـشـر يـجـب أن تـقـوم **عـلـى** الـمـحـبـة, و **قـد** أقـامـت الـمـسـيـحـيـة مـجـتـمـعـا مـثـالـيـا, **و** **لـكـن** الـإمـبـراطـوريـة الـرومانـيـة نـاصـبـت الـمـسـيـحـيـة في أول عـهـدـهـا عـداء شـديـدا, مـمـا **دفـع** الـمـسـيـحـيـيـن الـأـوائـل إلى أن يـرفـعـوا مـذهـب "دَع مـا لـقـيـصـر لـقـيـصـر **و** مـا لـلـه الـلـه", **و** **بـذلـك** ابـتـعـدت الـمـسـيـحـيـة **عـن** قـضـايـا الـسـلـطـة, **والـحـريـة** تـاركـة إيـاهـا لـلـجـانـب الـدنـيـوي **مـن** الـحـيـاة, و **قـد** لـاقـى رِجـال الـكـنـيـسـة في تـلـك الـمـرحـلـة تـحـديـات كـبـيـرة **دفـعـوا** في مـواجـهـتـهـا أغـلـى مـا يـمـلـكـون في سـبـيـل نـشـر تـعـالـيـم الـديـانـة الـمـسـيـحـيـة, **والـتـي** كـانـت امـتـداد لـفـلسـفـة الـتـسـامـح **والـتـآخـي**. **و** **مـمـا** **لـا** شـك فـيـه أن الـمـسـيـحـيـة قـد تـضـمـنـت قـيـمـا عـدّة اعـتـبـر الـسـلام أحـد قـيـمـهـا, و **قـد** سـاهـمـت الـتـعـالـيـم الـتـي دَعـت إلـيـهـا الـمـسـيـحـيـة إلى حـد كـبـيـر في الـتـخـفـيـف مـن الـعـادات الـهـمـجـيـة, **والـتـي** كـانـت سـائـدة في الـعـصـور الـوسـطـى. **كـمـا** **ركـزت** الـمـسـيـحـيـة **عـلـى** كـرامـة الـإنسـان, **و** **عـلـى** الـمـسـاواه **بـيـن** جـمـيـع الـبـشـر لـاعـتـبـار أنـهـم أبـناء الـلـه, **و** **وضـعـت** حـجـر الـأـسـاس لـتـقـيـيـد الـسـلـطـة, **و** **قـد** نـادَت الـمـسـيـحـيـة بـمـبـدأ الـفـصـل **بـيـن** الـسـلـطـة الـديـنـيـة **والـدنـيـويـة**, لـإيـمـانـهـا بـفـكـرة الـعـدالة **و** **ضـرورة** اتـخـاذ الـأـسـرة, **والـكـنـيـسـة**, **والـدولـة**, **واسـائـل** لـتـحـقـيـق الـسـعادة لـلـإنسـان, **و** **فـتـحـت** أبـواب الـكـنـائـس لـلـعـبـيـد, **و** **دافـعـت** **عـن** الـفـقـراء **والـمـسـتـضـعـفـيـن** ضـد الـأغـنـيـاء. **فكرة حقوق الإنسان في الإسلام** إن حـقـوق الـإنسـان في الـشـريـعـة الـإسـلامـيـة, تـنـبـع **مـن** فـكـرة مـسـتـقـلـة **عـن** إرادة الـبـشـر, **و** **عـن** الـنـسـبـيـة الـزمـانـيـة, **والـمـكـانـيـة**, **والـمـفـاهـيـم** الـمـتـعـددة, **أي** مـعـايـيـر الـتـطـبـيـق الـمـخـتـلـفـة في الـمـجـتـمـعـات الـإنسـانـيـة, **عـلـى** اخـتـلاف الـنـظـم **والـقـوانـيـن**. **هـي** بـإيجـاز **مـن** نـعـم الـلـه سـبـحـانـه **و** تـعـالـى **عـلـى** عـبـاده, جـاءت في الـشـريـعـة الـإسـلامـيـة, في نـصـوصـهـا, **و** أصـولـهـا الـعـامـة, **و** ألزمت بـهـا الـكـافـة, الـحـاكـم, **والـمـحـكـوم**, **والـدول** **والـشـعـوب**, **و** **هـي** **لـيـسـت سـلاحـا في يـد الـسـلـطـة, أو مـسـوغـا لـخـروج الـنـاس **عـلـى** الـمـجـتـمـع أو الـحـاكـم. **و** تـعـتـبـر الـشـريـعـة الـإسـلامـيـة **مـن** أهـم مـصـادِر حـقـوق الـإنسـان **عـلـى** كـافـة الـمـسـتـويـات الـمـحـلـيـة **والـإقـلـيـمـيـة** **والـدولـيـة**. **و** يـمـكـن الـقـول أن الـإسـلام هـو ديـن الـتـسـامـح و **احـتـرام** حـقـوق الـإنسـان **و** مـكـافـحـة الـفـسـاد, **و** لـيـسـت شـريـعـة إرهاب **و** سـفـك لـلـدماء, كـمـا تـحـاول فـئة الـضـلال أن تـصـدر لـلـعـالـم الـصـورة الـسـلـبـيـة **عـن** الـإسـلام. **و** تـحـرص مـصـر **عـلـى** تـصـحـيـح لـغـة الـخـطـاب الـديـنـي لـفـهـم حـقـيـقـة الـإسـلام **و** كـشـف ضـلالات الـإرهابـيـيـن. "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهِي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (سورة النحل (90). ## الفرع الثالث: تطور فكرة حقوق الإنسان في العصور الحديثة. بدأ الـاهـتـمـام بـحـقـوق الـإنسـان في الـتـارِيـخ الـمـعـاصـر **مـن** **خـلال** الـإعـلانـات, **والـمـواقـيـث** الـدولـيـة, **والـإقـلـيـمـيـة**, **والـتـي** شـكـلـت مـا يـشـبـه