كتاب الصحة النفسية والإرشاد النفسي PDF
Document Details
Uploaded by BelovedVolcano4049
كلية البنات للآداب والعلوم والتربية
د.شيماء عرفة, د.مروة الشعراوي, د.شيماء حجازي, د.ورد محمد مختار
Tags
Summary
هذا المقرر يشرح الصحة النفسية والإرشاد النفسي للطالبات في كلية البنات. يغطي المقرر المعلومات والمفاهيم الأساسية في الصحة النفسية، معايير السواء واللا سَواء، مدارس الصحة النفسية، مناهجها، خدماتها و أهميتها في المجال التربوي. يقدم أيضاً أساليب جمع البيانات و طرق الإرشاد النفسي المختلفة.
Full Transcript
كلية البنات لألداب والعلوم والتربية قسم علم النفس الصحة النفسية واإلرشاد النفس إعداد د.شيماء عرفة د.مروة الشعراوى د.شيماء حجازي...
كلية البنات لألداب والعلوم والتربية قسم علم النفس الصحة النفسية واإلرشاد النفس إعداد د.شيماء عرفة د.مروة الشعراوى د.شيماء حجازي د.ورد محمد مختار 1 نموذج رقم()12 جامعة :جامعة عين شمس كلية :كلية البنات قـسم :علم النفس توصيف مقرر دراسي -1بيانات المقرر الفرقة /المستوى:الرابعه إسم المقرر :الصحه النفسية الرمز الكودي 411 :عن واإلرشاد النفسي تطبيقى :ــــــ نظري 2 عدد الوحدات الدراسية : التخصص :الشعب التربويه يهدف هذا المقرر إلى: -2هدف المقرر: -1إلمام الطالبة بالمعلومات والمفاهيم المرتبطة بمجال الصحة النفسية. -2تعريف الطالبة بأهم معايير السواء والالسواء النفسي. -3وعي الطالبة بالمدارس المفسره للصحة النفسية. -4إلمام الطالبة بمناهج الصحة النفسية ومستويات خدماتها. -5إكتساب االطالبة أهم المهارات الالزمة لتشخيص المشكالت النفسية التي يمكن أن تظهر عند تالميذ المدارس . -6اكتساب الطالبة إتجاهات إيجابية نحو أهمية الصحة النفسية لكل من المعلم والطالب والمجتمع بأسره. -3المستهدف من تدريس المقرر: المقرر تكون الطالبة قادرة على أن : بنهاية ُ أ -المعلومات والمفاهيم : .1تُ َع ِّرف مفهوم الصحة النفسية . .2تُميز بين المفاهيم األساسية في مجال الصحة النفسية. .3تُعدد معايير السواء النفسي. .4تعدد مظاهر الصحه النفسية. .5تتعرف علي الصحه النفسية من وجهه نظر مدارس علم النفس المختلفة. .6تُحدد أسباب المشكالت النفسية. الذهانية. العصابية و ُ .7تُميز بين اإلضطرابات ُ .8تصف المشكالت النفسية الشائعة في المدارس. .9تشرح دور المدرسة في الصحه النفسية. .10تُحدد دور المعلم في دعم الصحه النفسية. 2 المختلفة. .11تصف الحيل الدفاعية ُ .12تحدد أهداف االرشاد النفسي واألُسس التي يقوم عليها. .13تُميز طرق اإلرشاد النفسي ومجاالته . .14تُعين أساليب جمع البيانات في العملية االرشادية. .15تذكر نماذج لطرق وأساليب االرشاد النفسي وفنياته. .1تُقارن بين المفاهيم والمصطلحات ُ المرتبطة بمجال الصحة ب -المهارات الذهنية : النفسية. .2تُفسر الطالبة السلوك السوى في ضوء المدارس المختلفه. .3تَستنبط معايير السواء والالسواء النفسي. ُ.4تلخص مظاهر الصحة النفسية. .5تختار الوسيلة المناسبة لجمع المعلومات عن التلميذ الذي يحتاج المساعدة النفسية. ُ المشكالت التي ُيعاني منها التالميذ في المجتمع .6تعرض ألهم ُ المدرسي. .7تُفسر أسباب المشكالت التي ُيعاني منها التالميذ في المدرسة. .8تناقش طرق التعامل مع التالميذ ذوي المشكالت السلوكية في المدرسة . .9تعرض ألهم طرق ُ المساعدة في التعامل بفعَّاليه مع المشكالت المحتلفه. ُ ُ.10تلخص أهم طرق اإلرشاد المناسبة للمجتمع المدرسي. لمساعدة التالميذ بالمدارس. .1تخطط برنامج إرشادي ُ جـ -المهارات المهنية الخاصة بالمقرر: .2توظف ما تعلمته في اكتشاف األسباب المؤدية للمشكالت في المدارس. .3تُدير ورشة عمل حول أهمية الصحة النفسية للمعلم والتلميذ . .4توظف ما تعلمته فى الكشف المبكر عن المشكالت النفسية والسلوكية بين التالميذ . .5تطبق االختبارات الخاصة بتشخيص المشكالت النفسية على التالميذ . 3 .6تتحدث عن المشكالت النفسية المختلفة التى تواجه المجتمع المدرسي. .7تشارك في حالت التوعيه الخاصة يالوقايه من التعرض للمشكالت. .8تكتب تقرير عن حاله أحد التالميذ في ضوء أساليب االرشاد النفسي. المجتمعى القريب منها عن .9تست تتتخدم ما تعلمته فى توعية ُ المحيط ُ مشكالت الصحة النفسية. .1تفعل دورها كتربويه في توجيه الوالدين بكيفية مراعاه أبنائهم. د -المهارات العامة: .2تقترح طرًقا جديدة إلرشاد التالميذ ذوي المشكالت النفسية. .3تَُف ِّعل الطرق التي تعلمتها إلرشاد التالميذ ذوي المشكالت النفسية . .4تعمل ضمن فريق للكشف عن التالميذ ذوي المشكالت النفسية في المدرسة . .5تتعامل بحرفية مع حاالت الالسواء النفسي بالمدارس. .6تشارك في حل المشكالت التربوية بالمدرسة. .7تنقل خبرتها في المجال ألسر التالميذ. .1الص ت تتحة النفس ت تتية (مدخل ا تعريفات الص ت تتحه النفس ت تتيةا مظاهر -4محتوى المقرر: الصتتحة النفستتيةا محكات الحكم على الستتلوك الستتوى والالستتوى ا الصحه النفسية من وجهه نظر مدارس علم النفس) .2الصتتحة النفستتية (نستتبية الصتتحة النفستتية – علم الصتتحة النفستتية وعالقته بالعلوم األخرى -مناهج الص ت ت تتحة النفس ت ت تتية ومس ت ت تتتويات خدماتها). .3مفاهيم أس ت ت تتاس ت ت تتية في الص ت ت تتحة النفس ت ت تتية (الداف ية – اإلحباط – الصراع ت ت الحيل الدفاعية – التوافق النفسي ت ت ت الشخصية). .4الص ت تتحة النفس ت تتية والمرض النفس ت تتي (تعريف المرض النفس ت تتي – العصاب والذهان والفرق بينهما) أسباب المرض النفسي – ُ المدرسة في الصحه النفسية. .5دور َ المعلم في دعم الصحه النفسية. .6دور ُ 4 .7االرشاد النفسي( المفهوم ت األسس ت ت األهميه). .8أساليب جمع البيانات في العمليه االرشاديه. .9طرق االرش تتاد النفس تتي المختلفة (الس تتلوكي -المعرفي – المعرفي السلوكي -العقالني االنفعالي). .10نماذج للمشكالت في المجتمع المدرسي (التنمرت ت السرقه ت ت الكذب ت ت قلق االمتحان ت ت الغيره ت ت إدمان االنترنت). المحاضرة ت ت ت ت ت ت المناقشة – التعلم التعاونى ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت التعلم األلكتروني من خالل -5أساليب التعليم والتعلم: المحاضرات المرفوعة على المنصة ت ت ت ت ت ت التعلم الذاتي من خالل (القراءة والبحث في قواعد البيانات واإلنترنت والبحوث) ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت ت المناقشة والتفاعل ). الصفي ( جمع معلومات من مصادر مختلفة المحاضرة – المناقشة – التعلم التعاونى ُ -6أساليب التعليم والتعلم للطالب ذوى القدرات المحدودة: -7تقويم الطالب: المستخدمه: األساليب ُ توزيع الدرجات)20%( : اختبار االعمال الفصليه .......التوقيت :األسبوع الثامن من الدراسة. توزيع الدرجات)80%( : المعلن عنها في الكليه. االختبار النهائي......التوقيت :طبًقا للمواعيد ُ -8قائمة الكتب الدراسية والمراجع : .1حامد عبد السالم زهران (.)1978الصحة النفسية والعالج أ -مذكرات: النفسي.القاهرة :عالم الكتب. .2حسام أحمد أبو سيفا وأحمد محمد الناشري (.)2009الصحة النفسية.القاهرة :إيتراك للطباعة والنشر. .3عبد المطلب أمين القريطي (.)1998في الصحة النفسية . القاهرة :دار الفكر العربي. المحتوى العلمي على اإلسطوانة ُ المدمجة التي تم تقديمها للطالبات ب -كتب ملزمة: من ِّقبل أستاذ المادة. .1رشاد علي عبد العزيز موسى (.)2001أساسيات الصحة النفسية جـ -كتب مقترحة: والعالج النفسي.القاهرة :مؤسسة المختار. 5 .2عالء الدين كفافي (.)1990الصحة النفسية (ط.)3القاهرة :دار هجر للطباعة والنشر. .3عمر شاهينا ويحيى الرخاوي (.)1977مبادئ األمراض النفسية (ط.)3القاهرة :مكتبة النصر الحديثة. جميع المجالت فى علم النفس واالرشت تتاد النفست تتى والتى تهتم بهذا المجال ا د– دوريات علمية أو نشرات ومنها المجلة المصت ت ترية للد ارس ت تتات النفس ت تتية ا مجلة البحث فى التربية وعلم ...إلخ النفس ا حولية كلية البنات بجامعة عين شمس ( القسم األدبى ). رئيس مجلس القسم العلمى: أستاذ المادة : أ.د /هيام صابر شاهين. د.شيماء أحمد.د.وسام عبد المعبود.د.مروه فتحي د.شيماء عرفه.د.ورد مختار.د.شيماء حجازى. 6 جدول المحتويات 9 الفصل األول :الصحة النفسية 10 مدخل 10 مقدمة 11 أهداف المقرر 12 تعريفات الصحة النفسية 15 محكات الحكم على السلوك السوى والالسوى 18 مظاهر الصحة النفسية 19 خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية 21 رؤية بعض مدارس علم النفس للصحة النفسية 26 الفصل ى الثان :ت.الصحة النفسية 27 نسبية الصحة النفسية 29 علم الصحة النفسية وعالقته بالعلوم األخرى 32 مناهج الصحة النفسية 34 مستويات الصحة النفسية ى 36 الفصل الثالث مفاهيم أساسية يف الصحة النفسية 44 ثانيا اإلحباط 47 ثالثا-الصراع CONFLICT 53 رابعا -الحيل الدفاعية DEFENSE MECHANISMS 62 خامسا -التوافق النفسي ADJUSTMENT 70 سادسا-مفهوم الشخصية 78 الفصل الرابع :الصحة النفسية والمرض النفس 79 مقدمة 79 أول :الفرق بين مفهوم الصحة النفسية والمرض النفسى 80 ثانيا :أسباب األمراض النفسية 83 ( أ ) العُصاب NEUROSIS 88 ( ب ) الذُهان PSYCHOSIS 93 النفس ي الفصل الخامس :اإلرشاد 94 تعريف اإلرشاد النفسي 97 أهمية اإلرشاد 100 أهداف اإلرشاد النفسي 7 106 األسس الفلسفية والنفسية للتوجيه واألرشاد النفسى 113 المبادئ التي تقوم عليها العملية اإلرشادية 116 أدوات اإلرشاد النفسي 122 المعايير األخالقية والمهنية لإلرشاد النفسى 127 دور المدرسة في الصحة النفسية 128 دور المعلم في دعم الصحة النفسية للطالب ى 130 الفصل السادس :نماذج من المشكالت الشائعة ف المجتمع المدرس 131 مشكلة الكذب 135 مشكلة السرقةSTEALING 138 مشكلة التنمر BULLYING 143 مشكلة الغيرة 147 مشكلة قلق المتحان 150 مشكلة إدمان اإلنترنت لدى المراهقين 153 قائمة المراجع 8 الفصل األول :الصحة النفسية مدخل مقدمة محكات الحكم على السلوك السوى والالسوى تعريفات الصحة النفسية مظاهر الصحة النفسية خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية رؤية بعض مدارس علم النفس للصحة النفسية 9 مدخل لقد زاد إهتمام الدول واألفراد بموضوعات علم النفس التي تخص حياتهم ومشاعرهم وما يعانوه من مشكالت حياتية يومية مثل تعابير العقد النفسية ،وفصام الشخصية ،وسوء التكيف واإلحباط والكبت ،واإلغتراب والقلق، والمخاوف المرضية ،واإلجهاد واإلحتراق النفسي وغيرها. وفي العصر الحديث عصر القلق والتوتر يعد علم الصحة النفسية من أكثر العلوم االنسانية إثارة للهتمام والدراسة ،ولم ينحصر إهتمام الدارسين باإلضطرابات النفسية وليدة هذا العصر ،فحسب بل شمل البحث عن مفهوم الصحة النفسية ومظاهرها بهدف تحقيقها لألفراد ،ولحمايتهم من الوقوع في متاهات اإلضطراب النفسي، فمفهوم الصحة النفسية يتبلور حول ثالث محاور ،هي :التوافق بين الوظائف النفسية والجسمية ،والقدرة على مواجهة إحباطات الحياة ،والقدرة على العيش بإيجابية وسعادة.وفى هذا اإلطار هناك عدد من المحكات لوصف الفرد السوى من حيث الصحة النفسية ،تتمثل فيما يلى: -1أن يتقبل الفرد ذاته ،بمعنى إدراك نواحي قوته ،وجوانب ضعفه ،وتقبل كل منها. -2أن تكون المسافة بين مستوى طموحه وإمكاناته الواقعية مناسبة. -3أن تكون لديه درجة مناسبه من المرونة في عالقته مع األخرين. -4أن يتسم بدرجة مناسبة من اإلتزان االنفعالي. -5أن يكون على قدر مناسب من المبادأة. -6أن ينجح في إقامة عالقات إجتماعية فعالة مع األخرين. وللصحة النفسية جانبان أولهما نظري واألخر عملي ،أما الجانب األول يتناول الشخصية والدوافع والحاجات، وأسباب األمراض النفسية وأعراضها ،وحيل الدفاع النفسي ،والتوافق وتعليم الناس ،وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتدريب األخصائيين للقيام بالبحوث العلمية ،بينما الجانب الثاني يتناول التطبيق العملي فيتناول الوقاية من المرض النفسي ،وتشخيص األمراض النفسية وعالجها. مقدمة يعتبر مجال الصحة النفسية من أكثر مجاالت علم النفس إثارة إلهتمام الناس سواء المتخصصين منهم فى العلوم اإلنسانية أو غيرهم من عامة الناس.ولعل من أقرب األسباب التي يمكن أن نسوقها للطالب هنا لكى توضح ما يدفعنا إلى القول بأهمية هذا المجال هو أن الوصول إلى مستوى مناسب من الصحة النفسية السليمة أمر مرغوب فيه من الناس جميعًا.وقد يظن الطالب أن االهتمام بالصحة النفسية لم يظهر إال بظهور علم النفس بفروعه المختلفة ،غير أننا نرى فى ذلك غير ما يظن الطالب ،فقد أهتم الناس منذ القدم بشؤنهم الصحية ،الجسمية منها صورا مختلفة ،ومما ال شك فيه أن إنتشار بعض ً والنفسية ،وأن اإلهتمام بالصحة النفسية أو بالجانب النفسي 10 العادات القديمة كإستخدام التمائم والتعاويذ وإقامة حفالت الزار ،واللجوء إلى من يدعى السحر وكتابة األحجبة ضا – ولم تكن شكواه عضوية – للتخلص مما يشكو منه. كانت كلها محاوالت ممن اشتكى مر ً وال شك فى أن لجوء كثير من الناس لألديان فى العصور المختلفة هى فى جانب منها على األقل محاولة من الناس للراحة النفسية أو هى محاولة لتحسين صحتهم النفسية ،.وال ننسى جميعًا ما تعلمناه ونحن صغار من أهمية العناية بالجسم ،ولم يكن هناك أكثر ما يثير اهتمامنا بالعناية بالجسم من أن نتذكر باستمرار بأن العقل السليم فى الجسم السليم ،أو على األقل هذا ما كان يراه الكبار ونشأوا عليه ،وهذا يوضح مدى االهتمام الذى كان يعطى للجانب النفسى. وعلى الرغم من هذا ،فإننا نستطيع القول بأن اهتمام الناس بصحتهم النفسية قد ازداد عن الماضى ،وقد يزداد فى الغد والمستقبل عما هو عليه اآلن. وال شك أن ارتقاع مستوى النمو الفكري والحضاري بصفة عامة ،قد أدى إلى ازدياد عدد من يدركون من الناس بأن الحياة المثالية هى تلك التى يستمتع بها الفرد ويستمتع بها اآلخرون بمشاركتهم له فيها والتى ال تتوقف على صحتهم الجسمية فحسب ،بل هى رهينة أيضا بصحتهم النفسية ،وأن الحياة التى يحياها الفرد وهو سليم نفسيًا، ال يمكن مقارنتها بالحياة التى يحياها الفرد وهو عليل أو مضطرب نفسيًا ،بل إن صحة نفسية سليمة قد تساعد أو تهون من قسوة المرض العضوى فتفاؤل المريض قد يؤدى الى تقدم فى الشفاء كما تبين فى العديد من الدراسات . وبإزدياد التقدم اإلنسانى الحضارى ،تتعقد أسباب الحياة وأساليبها ويزداد العبء الملقى على عاتق األفراد، وترتفع مستويات آمال األفراد وطموحهم ويزداد التنافس بين الناس ،كل فرد يحاول أن يصل فى هذه الحياة المعقدة إلى المستوى الذى يتفق مع ما يراه من مستويات طموحه ،وقد نسرف فى آمالنا ونبالغ فى مستويات قدراتنا ،ويزيد ذلك من العبء النفسى الملقى على كاهلنا وتتطور الثقافة وتسرع فى تطور القيم وتزداد حدة هذا الصراع. وقبل أن نتصفح هذا المنهج البد من التساؤل عن الهدف من دراسته أهداف المقرر إننا نهدف من خالل دراستك لهذا المنهج أن تكون مل ًما بإطار محدد ومبسط عن المعرفة النفسية ،هذه المعرفة ستكون بمثابة المعين الذى ترجع إليه عند الحاجة لمزيد من الفهم واالستبصار حيال الظواهر النفسية التى تصادفك ضا لمزيد من الفهم الواعى الذى يعينك على حسن التصرف إزاء المشكالت النفسية التى قد تعترى فى الحياة ،وأي ً تالميذك ،أبناء اليوم ورجال الغد. ومن خالل دراستك لهذا المنهج ستكون أكثر إلما ًما بالموضوعات النفسية اآلتية: 11 أوالً :موضوعات خاصة بالتعريفات والمفاهيم المستخدمة فى مجال الصحة النفسية -1السلوك الالسوى ومحكاته. -2السلوك السوى وسماته. -3تعريف الصحة النفسية. -4عالقة الصحة النفسية بمدارس علم النفس المختلفة. -5نسبية الصحة النفسية -6علم الصحة النفسية وعالقته بالعلوم األخ تعريفات الصحة النفسية تتعدد تعريفات الصحة النفسية ،لكن معظم هذه التعريفات تتضمن الشروط الالزم توافرها حتى يتم تكيف الفرد مع نفسه واآلخرين ،والبيئة بشكل عام تكيفا يحقق السعادة للفرد والمجتمع ،والسعادة ليست دواء يقدمه لنا اآلخرون بقدر ما هو شعور داخلي ينبع من الذات ويتضمن عددا من المشاعر اإلنسانية ،كالرضا عن النفس والثقة بها وباآلخرين والرغبة في العطاء والقدرة على تقديمه لهم. وقد يقول قائل من أين ستأتي السعادة والدنيا مليئة باآلالم واألحزان ،فليس الحزن إنتفاء السعادة ،وذلك انه في أحوال عديدة تعبير عن قلب إنساني يشعر بالناس ويسع اآلم اآلخرين ،وليس بالضرورة أن يولد الحزن اإلضطراب والتوتر الهدام ،فقد يدفع النفس لمزيد من العمل والبذل والعطاء مما يملؤها شعورا بالثقة والرضا والسعادة.وعلم الصحة النفسية هو الدراسة العلمية للصحة النفسية وعملية التوافق النفسي ،ما يؤدي إليها وما يحققها ،وما يعوقها وما يحدث من مشكالت واضطرابات وأمراض نفسية ،ودراسة أسبابها وتشخيصها وعالجها والوقاية منها.كما ان علم النفس يخدم الصحة النفسية من خالل دراسته العلمية عن طريق الوقاية والعالج. وتتعدد تعريفات الصحة النفسية بتعدد المناحي النظرية التي تنطلق منهـا هـذه التعريفات إال أنهـــا تتفـــق فيما بينهـــا عـــلى مجموعـــة مـــن المقومـــات األساســـية للصحة النفسية ومن هذه التعريفات: منظمـة الصـحة العالميـة WHOفقـد عرفت الصحة النفسية بأنها حالة السالمة الكاملة في النواحي الجسمية والعقلية وليست مجرد الخلو مـن األمراض والتشوهات ،ويمكن أن يشار إليه " :بأنه التوافق التام والتكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة عـلى مواجهـة األزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة على اإلنسان مع اإلحساس اإليجابي بالسعادة “. فالصحة النفسـية ال تعنـي الخلـو مـن األمـراض فقـط بـل هـي في مواجهـة األزمـات الشديدة والصعبة مع الشعور اإليجابي الواعي بالكفاية.أما التعريف األكثر شموال فهو «قدرة الفرد على التوافـق مـع نفسـه ومـع 12 المجتمـع الذي يعيش فيه وهـذا يـؤدي الى التمتـع بحيـاة خاليـة مـن التـأزم واإلضـطرابات.مليئـة بالتحمس وهذا يعني أن يـرضى الفـرد عـن نفسـه وأن يتقبـل ذاتـه لكى يتقبـل اآلخـرين وأن يتوافق مع المجتمع وال يسلك سلوكا اجتماعيا شاذا. ويعرف أحمد عبـد الخـالق الصـحة النفسـية بأنهـا ً :حالـة دائمة نسـبيا فهـي ليسـت استاتيكية ثابتة إما تتحقق أو ال تتحقق ،وإنما هي حالة ديناميكية متحركة ،ونسبية تتغير مـن فرد إلى آخر ،ولدى الفرد ذاته من وقت إلى أخر ،كما تختلف معايريها تبعا لمراحل النمـو التـي يمر بها الفرد ،وتتغير تبعا لتغير الزمان وتغير المجتمعات. كما يعرفها حامد زهران بأنها َ :حالة دائمة نسبيا يكون فيها الفرد متوافقـا ً نفسيا ،ويشعر بالسعادة مع نفسه، ومع اآلخرين ويكون قادرا عـلى تحقيـق ذاتـه وإسـتغالل ً قدراته وإمكانياته إلى أقصى حد ممكن ،ويكون قادرا على مواجهة مطالب الحياة. وهناك من عرف الصحة النفسية في ضوء عمليـة التوافـق وهـذا مـا ذهـب إليـه عبـد العزيــز القــوصي الــذي يــرى أن الصحة النفسـية هي التوافق التام أو التكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة األزمات النفسية العادية التي تطرأ عـادة على اإلنسان ،ومع اإلحساس اإليجابي بالسعادة والكفاية. ويقصد بالتوافق التام خلو المرء مـن النزاع الداخلي وما يترتب عليه من توتر نفسي وتردد ،ومقدرته عـلى حسـم هـذا النـزاع حـال وقوعه ،ويؤكد أيضا على أن من أركان الصحة النفسية نجاح الفرد في تكيفه مع ظروف بيئتـه االجتماعية والمادية وتحقيق حاجاته النفسية. في حين يرى صـالح مخيمـر أن الصحة النفسـية هـي :إتسام الشخصـية بالوحـدة الكلية واإلستمرارية، والفهم الواقعي إلمكانات الذات وحدودها ،وخفض التـوترات ،والشـعور بالتقــدم نحــو أهــداف ً المســتقبل تحقيقــا للــذات ،وتكيفــا مــع الحيــاة اإلجتماعية ،والحصول على تقدير اآلخرين وحبهم. ويـرى شـوبن أن التوافـق المتكامـل Integrative adjustmentنموذجا للصحة َ النفسية وقد حدد عددا من مظاهر هذا التوافق المتكامل على النحو التالي: -القدرة على ضبط النفس. -الشعور بالمسؤولية الشخصية. -الشعور بالمسؤولية االجتماعية . -اإلهتمام بالقيم المختلفة . -تعلم إرجاء إشباع الحاجات 13 -اإلنصياع اإلجتماعي . -تفضيل األهداف بعيدة المـدى ذات األثـر الكبـري عـن األهـداف القريبـة ذات األثـر المحدود . -سلوك يتفق مع قيم ومعايير الجماعة . -يتحمل مسؤولية أعمالة دون اللجوء إلى الحيل الدفاعية . -إدراك حاجات اآلخرين وإحترامها . ويركــز صــموئيل مغــاريوس في تعريفــة للصــحة النفســية عــلى مــؤشرات الصــحة النفسية فيراها كالتالي-: -تقبل الفرد لحدود إمكانياته . -استمتاع الفرد بعالقاته اإلجتماعية . -نجاح الفرد في عمله ورضاه عنه -اإلقبال على الحياة بوجه عام -كفاءة الفرد في مواجهة إحباطات الحياة اليومية -اتساع أفق الحياة النفسية -إشباع الفرد لدوافعه وحاجاته -ثبات اتجاهات الفرد -تحمل الفرد لمسؤولية أفعاله وقراراته -التمتع باالتزان االنفعالى من خالل استعراض التعريفات السابقة للصحة النفسية نستطيع أن نستخلص التالي: - 1الصحة النفسية مفهوم ثقافي بمعنى أنه مفهوم يتأثر بطبيعة وثقافة وقـيم ومعتقـدات المجتمع . - 2الصحة النفسية مفهوم نسبي ،بمعنى أنـه يختلـف مـن مرحلـة عمريـة إلى مرحلـة أخرى في نفس المجتمع ،ومن وقت آلخر لنفس المرحلة في نفس المجتمع. 14 -3مفهوم الصـحة النفسـية ثابـت نسـبياً ،ولـيس معنـى ذلـك أنـه اسـتاتيكيا جامـدا ً ً ،فالثبات يعني أن حالة الصحة النفسية لفـرد مـا ال تتغير بشـكل يـومي ومفـاجئ إنمـا يمكـن التنبؤ بها من خالل معرفتنا السابقة بشخصية الفرد. -4مفهوم الصحة النفسية مفهوم متغير ،وديناميكي ،ومتحرك ،وهذا التغير والتحرك يحدث وفق قوانين تعديل السلوك والتدخل السيكولوجي ،أي وفق أصول علمية ومنهجية ،وديناميكى بمعنى يؤثر في جوانب أخرى في الشخصية ويتأثر بها في الوقت نفسه. -5مفهوم الصحة النفسية يعني مواجهة مطالب الحياة عن طريق التكيف االجتماعي والتوافق االجتماعي -6الشـــعور بالســـعادة هـــو جـــوهر الصـــحة النفســـية وهـــذا يتأتى مـــن خـــالل الفاعلية النفسية. -٧الصحة النفسية لها شرطان أساسيان هما: أ -مواجهة ضغوط الحياة بطريقة سليمة ب -تحقيق الذات من خالل استغالل أقصى طاقات وإمكانات الفرد السليم ووضع الخطط العالجية لها. فعلم الصحة النفسية يهدف إلى الدراسة العلميـة للتوافـق كما يهـتم بدراسة حاالت سوء التوافق واختالل الصحة النفسية بمختلف أنواعها وتصنيفاتها ولذلك كـان أحد أهدافه العمل على عالج حاالت سوء التوافق وعدم السواء للعودة بها إلى حالة التوافـق والسواء ولذا فإنه يتعامل مع اضطرابات الصحة النفسية فعال ويكون ذلك عن طريـق المـنهج العالجي بأساليبه ومدارسه المختلفة. محكات الحكم على السلوك السوى والالسوى السلوك السوى يشتمل على النضـج والتوافـق اإلجتماعي والـنفسي ،ويتطلـب مهارات في مجال تكوين عالقات شخصية واجتماعية فعالة وإيجابية مقبولة مـن الفـرد ومـن اآلخرين ،كما يعنى توافقا في المهنـة أي فاعليـة في أداء الـدور الـذي يحقـق رضـا عـن الـذات وتقــديرا لهــا ،كما يعنــى توافقــا مــع الــذات بمعنى استبصار الفــرد بذاتــه وقدراتــه وتوظيفها في إطار إيجابي يحقق له أهدافه ويحقق إشباعاته المادية مـع الرضا عـن الذات. وبالنسبة للشخصية السـوية والالسـوية مفهومـان ال يفهم أحدهما إال بـالرجوع لألخر والفرق بينهما هو فرق كمي وليس كيفي حيث أن كل شخصية تعـانى مـن إضـطرابات معينة أحيانا ما تتطور هذه االضطرابات وترقـي إلى مسـتوى المـرض الـنفسي وأغلـب األحيـان تظل كما هي إذا لم تتعرض ألي صدمة انفعالية أو سلوكية. فالشخص السوي والالسوى شكالن من أشكال التوافق النفسي االجتماعي مع المجتمـع الذي يعيش فيه اإلنسان ويختلف السواء والالسواء من بيئة ألخرى ومن مجتمع آلخر ،والذي يحدد السوي والمريض هما البيئة واإلنسان معا. 15 ويقصد بالصحة النفسية للفرد السوي هو خلو شخصيته من اإلنحرافات واإلضطرابات واألمراض النفسية الواضحة ،عالوة على قدرته على التوافق والنجاح في عالقاتـه مـع اآلخـرين ،والتحقيق اإليجابي البناء لذاته في عمله وإنتاجه مع قدرة الفرد على الصمود حيـال األزمـات والشدائد وضروب اإلحباط والحرمان دون أن يختل ميزانه فينهار. معايير السواء والالسواء لــكى نــتمكن مــن التميــز بين الشــخص الســوي والغير ســوي البــد مــن مالحظــة أربعة معايير وهي ما يلي: المعيار الذاتي :أي كيف يري اإلنسان ذاته وكيف يري نفسه ويقيم ذاته حيث يتخذ الفـرد مـن ذاتـه أطار مرجعي يرجع إليه في الحكم على سلوكه في السواء والالسواء ويرجع هـذا المحـك مـن الناحيـة التاريخيـة إلى الفيلسـوف اليوناني " بروتـاجوراس " الذي ذهب أن اإلنسان مقياس لكل شيء ،وفي الوقـت الحـاضر يمكن القـول أن هـذا المحـك هو الشـائع اآلن بـين األفـراد حـين يريـدون أن يحكمـوا عـلى سـلوك مـا بأنـه سـوي أو شـاذ أن يعودوا إلى إطاره المرجعي (أي كل العوامل الذاتية والموضوعية التي تحـدد إدراك الفـرد لموضوع ما) كما يقـوم هـذا المحـك عـلى فكـرة مؤداهـا أننـا ننظـر إلى النـاس ونالحـظ ظـروفهم وتصرفاتهم ً ،وكثيرا ما نقول عنها أنها ( سوية ) حين تنسجم مع أفكارنـا وآرائنـا الذاتيـة ،كما نقول أنها (غير سويه) حين تختلف مع هذه األفكار واآلراء ،وهكذا فإننا عندما نحكـم ذواتنـا نتحدث عن ما هو سوي أو غير سوي ،ونحكمها معتمدين على كل مـا قبلتـه وألفتـه في ضوء خبرتهـا الســابقة ،وأكثر مــا يكــون ســواء في نظرنــا هــو مــا يــتالءم مــع مــا نرغــب فيــه ،أو ما هو مرغوب فيه من وجهة نظرنا الشخصية ،بينما يكون الشاذ نقيضه. ويــؤخذ على هذا المحك- : انه ال يترك مجاالً للكشف عن معيار عام وغير شخصي نميز به ما بين هو سـوي وما هو ال سوي (شاذ).أنه ال يمكن تسيير الناس عامة حسب رأي شخصي واحد وان نطلق عليهم االحكـام جزافا ً ً ووفقا لرأينا الذاتي. أن األحكام التي تصدر على أساس المحك الذاتي تتعرض في الكثير من الحاالت للتشويه والتحريف ،وذلك بحكم دوافع الفرد واتجاهاته وعالقاته باآلخرين خاصة في المواقف التي ال يكون فيها الفرد في موقف حيادي ولذلك فإن هذا المحك إذا كان يصل إلصدار أحكام السواء والشذوذ في بعض مواقف الحياة العامة ،فإنه ال يمكن الوقوف إليه باعتباره محكا ً علميا ً دقيقا ً. 16 المعيار االجتماعي: والمقصود به هو مدى قدرة وموائمة الفرد على التوافق والتأقلم في بيئته االجتماعية وكيف يرى اآلخرون ذلك الشخص وأي تعارض في النظرة للذات بين المعياريين (األول والثاني) ينتج من هذا التناقض النفسي االجتماعي نوع من القلق النفسي وبالتالي اإلرباك وسوء الصحة النفسية. يعتمد هذا المحك على المعايير السلوكية السائدة في المجتمع كمحددات للسلوك السوي فكل فرد يلتزم بالمعايير السلوكية التي ارتضاها أفراد المجتمع واتفقوا عليها ،ينعم بقدر مناسب من الصحة النفسية ،وكل من يخرج عن هذه المعايير يبتعد عن حالة السواء ووقفا ً لهذا المعيار فإن التوافق بين سلوك الفرد وقيم المجتمع ومعاييره االجتماعية استواءا ً ويكون عدم التوافق شذوذا ً ولذلك يعد أساسا ً للحكم على سلوكه بالسواء أو الشذوذ ،ولذلك يعد القبول االجتماعي المحك االجتماعي للحكم على السلوك بالسواء والالسواء. وبالرغم من أن هذا المعيار األكثر شيوعا ً بين المعايير المختلفة إال أن له نواقصه ولعل أهمها هي ان أفراد المجتمع عليهم االمتثال للتقاليد السائدة بغض النظر عن كونها صحيحة او خاطئة ،ومن ال يمتثل فهو شاذ. المعيار اإلحصائي: بمعني ان أكون كبقية الناس بسلوكيات متوسطة ليست فيها أي اتجاه للشذوذ السلبي أو االيجابي وهذا ما يطلق علية اسم المتوسط االجتماعي. المعيار المثالي: بمعني ان اصنع لنفسي شخصية أتمنى ان أكون مثلها وأحاكيها في اغلب األحيان في تصرفاتها وسلوكياتها حتى أصل إلى ما اتمنى من حيث صورة الشخصية. المعيار الباثولوجي: وبالرغم من ذلك فإن الخبرة تعلمنا أنه نادرا ً ما نجد فردا ً خاليا ً تماما ً من األعراض وبخاصة في ظل الظروف الضاغطة ،ومع ذلك فالعرض أو مجموعة األعراض هي عامالت واضحة لشخصية مضطربة والشخص الذي تظهر عليه األعراض يعتبر شاذا ً. ومن المنطقي أن يركز المحك الباثولوجي (المرض) على المرض ،إذ أن عالج هذا المرض ً ،وكلما كان المرض معديا ،أو قابالً لنشر العدوى كان أخطـر ،ولـذلك يعـرف السـلوك الشـاذ ً ً تبعا لذلك بأنه حالة مرضية يكون فيها الفـرد خطـرا عـلى نفسـه أو عـلى المجتمـع و مـن ثـم يتطلب السلوك هنا التدخل لحامية الفرد أو المجتمع أو كليهما. ومن الجدير بالذكر أنه قد يكون هناك من يتسم سـلوكه بـاالنحراف ولكنـه االنحراف الـذي لـيس ضرر عـلى 17 الفـرد أو المجتمـع مثـل بعـض العصابيين الـذين يعانون من مرض الخوف من التلوث ،فيغسلون أيـديهم كلما صـافحوا أحـدا ،أو لمسوا شيئا فهؤالء ال يعتبرون ً مرضى طبقا لهـذا المحـك ،بـالرغم مـن حـاجتهم إلى المسـاعدة والعالج . اما تحديد السلوك غير السوي في ضوء الخطر الذي يهدد المجتمـع وهكـذا نجـد أنـه ً على الرغم من أن هذا المحك وإن كان علميا ،إال أنـه يختلـف مـن ثقافـة إلى أخـرى أي أنـه محك نسبي إلى حد كبير ،إن علماء النفس المحدثين في محاولتهم لفهم شخصية اإلنسان والعوامل المحددة لهـا قد اهتموا بدراسة أثر كل مـن العوامـل البيولوجيـة واالجتماعية والثقافيـة في الشخصـية ،وفي دراستهم لتأثير العوامل البيولوجية على الشخصية ،قد اهتمـوا بدراسـة أثـر كـل مـن الوراثـة والتكوين البدين ،وطبيعة تكوين الجهاز العصبي ،والجهاز الغـدي ومـا يفـرزه مـن هرمونـات متعددة ،وفي دراسـتهم لتـأثري العوامـل االجتماعية والثقافيـة عـلى الشخصـية ،فقـد كما اهتموا بدراسـة اهتمـوا بدراسة تأثري خبرات الطفولة وخاصة في األسرة وطريقة معاملة الوالدين، تــأثري الطبقــات االجتماعية ،والثقافــات الفرعيــة المدرســة ،المؤسســات االجتماعية المختلفــة ،وجماعات الرفاق واألصدقاء . غير أن علماء النفس المحدثين قد أغفلوا في دراستهم للشخصية تأثير الجانـب الروحـي من اإلنسان في شخصيته وسلوكه ،مما أدى إلى قصور واضح في فهمهم للنسـان وفي معـرفتهم للعوامل المحددة للشخصية السوية وغير السوية ،كما أدى إلى عـدم اهتداءهم إلى مفهـوم واضح دقيق للصـحة النفسـية. وأدى ذلـك بالتـالي إلى عـدم اهتـدائهم إلى الطريقـة المـثلى في العالج النفسي إلضطرابات الشخصية. مظاهر الصحة النفسية إن للصحة النفسية مظاهر تنم عنها ،وعالمات ودالالت تدل عليها ،والتي تشير إلى مظاهر سلوكية محددة يتوافر الكثير منها لدى الفرد المتمتع بدرجة عالية من الصحة النفسية ،حيث أن هذه المظاهر تعتبر مؤشرات نوعية ، منها ما هو ذاتي ال يشعر بها إال صاحبها ،ومنها ما هو خارجي يشعر بها ويدركها اآلخرون ،حيث تتمثل هذه المظاهر فيما يلي : .1التوافق الذاتي :وهو نجاح اإلنسان في التوافق بين دوافعه وحسن تكيفه مع نفسه ،ورضـاه عنها والتحكم فيها وحسم صراعاتها. 18 .2التوافق االجتماعي :ويقصد به حسن التكيف مع اآلخرين في المجاالت االجتماعية التي تقوم على العالقات بين األفراد ،وأهمها األسرة والمدرسة والجامعة والعمل ،ويتضمن نجاح الفـرد على إقامة عالقات اجتماعية تتسم هذه العالقات بالتعاون والحب والتسامح واإليثار والثقة واالحترام والتقبل . .3الشعور بالسعادة وراحة البال :واألدلة على ذلك كثيرة كالشعور بالطمأنينـة ،واألمـن والرضا عن النفس ،وتقبلها ،واحترامها ،واالستمتاع بالحياة ،ورضا الفرد عنها ،وما قسمه هللا له .4معرفة قدرات النفس وحدودها :فلكل منا قدرات وإمكانيات بدرجة معنية ومن الثابت أن لكل فرد جوانب قوة وجوانب ضعف ،ومن بين مظاهر الصحة النفسية أن يدرك الفرد هذه الحقيقة ،ويستثمر جوانب قوته ويتقبل نواحي ضعفه دون المبالغة في تقدير ذاته وتضخيم إمكانياته أكبر مـن قـدرها ،أو تحقير نفسه وبخس حقها واإلقالل من قدرها. .5مواجه ة اإلحباط :حيث ال تخلو الحياة اليومية من األزمات والشدائد ،أوالصعوبات الـتي يتعين على الفرد مواجهتها ،ومحاولة حلها ،والتغلب عليها وكلما كانت درجـة اإلحبـاط مرتفعة كلما كان الفرد أكثر تحمل للشدائد ومواجهتها . .6النجاح في العمل والرضا عنه :والتي تعتبر من المظاهر السلوكية التي تبرهن علـى الـصحة عن النفسية .٧االستمتاع في الحياة :يستمتع الفرد بما أحل هللا له من الطيبات والخيرات وجمـال الحيـاة ويكون مستبشرا ً ومتفائالً بها ،واالنفعال والتـأثر به . .8حسن الخلق :يصبح اإلنسان ذو الصحة النفسية على خلق عظيم حيث يتجنب اآلثام والمعاصي ويبتعد عن الكبائر والصغائر وال يقربها . .9الخلو النسبي من األعراض :فكلما قلت مظاهر االضطراب النفسي دل ذلك علـى مــدى االستقرار النفسي للفرد. خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية وضع ماسلو ومتلمان ) ( Maslow & Mittelmann1951قائمة بالمحكات التي تصف الشخص السوي الصحيح وهي :شعـور كـافي بـاألمن ،درجـة معقولـة مـن تـقـويـم الـذات ،أهداف واقعية في الحياة ،اتصال فاعل بالواقع ،تكامل وثبات في الشخصية ،القدرة علي التعلم من الخبرة ،تلقائية مناسبة ،انفعالية معقولة، 19 القدرة علي إشباع حاجات الجماعة مع درجة ما من التحرر من الجماعة ( أي الفردية ) ،رغبات جسدية غير مبالغ فيها مع القدرة على إشباعها في صورة مقبولة. ويمكن تناول خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية بالتفصيل علي النحو التالي : .1كفاءة الفرد في مواجهة إحباطات الحياة اليومية :تختلـف قـدرة الناس على تحمل المشاق والصعوبات العادية التي تواجههم في الحياة ،ونجد من بين الناس من ينزعج انزعاجا ً شديدا ً ألي تغير غير متوقع في مجري األمور أو لعدم حصوله على ما يريد ،ويصل الحال ببعضهم إلى البلبلة الفكرية التامة واالنهيار الشامل عند تعرضهم للحباطات البسيطة ،وعلى العكس من ذلك نجد بعض الناس لديهم صالبة قوية إزاء متاعب الحياة وأحداثها اليومية ودرجة عاليـة مـن الـتـحـمـل والـصمـود ومواجهة عقالنية لمواقف اإلحباط وال يؤثر عليهـا االنفعال أو التخبط . .2تقبل الفرد الـواقـعـي لحـدوده وإلمكانياته :الشخص الواقعي يكون مقدرا لقدراته وللعالم من حوله ،وهو يقيم قدراته بطريقة واقعية وال يبالغ في تصورها ويفهم ذاته فهما ً واقعيا ً أو قريبا ً من الواقع ،وهذا يهيئ له تجنب كثير من اإلحباط والفشل ويساعده علي اإلنجـاز والتوافق السليم .ونالحظ أيضا ً أن البعض اآلخـر من الناس كـثيرا ً مـا يبالغون في تـصـور قـدرتهم ويتوهمون في أنفسهم أكثر مما يستطيعونه فعالً ،كما يحاول البعض األخر أن يحقر مـن شأن نفسه ويركز على عيوبه ونقائصه وال يستطيع أن يرى كل إمكانياته ،وهذا التصور الخاطئ لنفسه ال يساعد على توافقه النفسي أو على التعامل الناجح مع اآلخرين. .3ضبط النفس والتحكم في الذات :وتعنى تقدير الفرد لعواقب ما يقوم به من سلوك وقدرته على ضبط النفس وكبح أهوائه في المواقف المختلفة ،من خالل تقدير واقعي لمتطلبات األمور ،والتصرف بروية في المواقف المختلفة بحيث يكون قادر علي تحقيق االتزان بين النواحي الفسيولوجية والنفسية من خالل تأجيل إشباع حاجاته أو تعديلها أو تغييرها ،ويعبر هذا االتزان عن نضح األنا وتوازنها مع الضمير واإلرادة دون خلل . .4القدرة على العمل واإلنتاج :الفرد القادر على استغالل قدراته وإمكاناته إلى أقصي درجـة ممكنة في العمل واإلنتاج ،وتكون عالقاته بزمالئه ورؤساءه بالعمل متزنة ،يكون قادرا ً على اإلبداع .شاعرا ً بقيمة العمل في تنمية ذاته والمجتمع الذي يعيش فيه .على عكس بعض األفراد الذين يؤدون أعماالً وهم كارهون لهـا ،أو أعماالً ال تتناسب مع قدراتهم وإمكـانـيـاتـهـم. 20 .5تصـدي الـفـر د لمسئولية ما يتخذه مـن قـرارات وأفعال :يتضح هذا المعيار في كل ما يلتزم به الفرد السوي من قرارات وأفعال إذ القول ال بد وأن يواكبهعمل ،وأن القول الذي يتضمن قرارا ً ال بد وأن ينفذ مما يدل على اإلرادة الصالحة الفعالة ،والمعبرة عن االلتزام ،والصدق في القول ،والمسئولية في االنجاز والتعامل. .6الشعور بالرضا عن الحياة :يشير الرضا عن الحياة إلى شعور الفرد بالسعادة العامة ،وتحرره من التوتر والقلق ،واهتمامه بالحياة ،واإلقبال عليها بحماس ،والرغبة الحقيقية في معايشتها ،وبناء شبكة من العالقات اإليجابية مع المحيطين به ،وقدرتة على مجابهة المواقف الصعبه من خالل طرح بدائل جيدة لحلها ،وشعوره المتزايد بالثقة في قدراته ،وميله إلى الدعابة ،وسعيه الدءوب نحو إنجاز أهدافه ،وعدم اإلحساس بالفشل عندما يعجز عن مواجهة بعض المواقف العسيرة ،كل هذا من شأنه أن يزيد من طموحاته فى الحياه فضال عن إحساسه الداخلي بما حققه من إنجازات أكاديمية مرموقة تمكنه من تبوء موقع وظيفي في المستقبل. .٧الشعور باألمن :جوهر هذا النوع من الشعور هو االهتمام المتواصل باشباع الحاجات ،سواء كانت الحاجات بيولوجية أو سيكولوجية ،وأكثر حاجات األمن أهمية هو األمن االنفعالي ،وينشأ عن شعور الفرد بأنه سوف يكون قادرا ً على حفظ عالقات متزنة ومرضية مع الناس الذين لهم أهمية في حياته. وتتمثل حاجات األمن لـدي الفرد في حاجته إلي حماية نفسه من العوامل التي يمكن أن يكون لها تأثير غير مرغوب عليه قال صلى هللا عليه وسلم " :من أصبح منكم معافى في جسده أمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " صدق رسول هللا صلى هللا ليه وسلم ( رواه ابن ماجه ) . .8االفادة من الخبرة :يعدل الفرد السوي من سلوكه بنا ًء علي الخبرات التي يمر بها في حياته فهو قادر علي تعديل أو تغيير سلوكه في ضوء المتطلبات الحالية والمستقبلية وتراكم الخبرات تمكنه من التعامل االيجابي مع المواقف التي يواجهها . رؤية بعض مدارس علم النفس للصحة النفسية -1المدرسة التحليلية: يرى فرويد مؤسس المدرسة التحليلية في علم النفس أن الفرد الذي يستطيع أن يحقق الصحة النفسية لذاته ،هو الشخص القادر على منح الحب والعمل المنتج عموما وتتمثل الصحة النفسية من وجهة فرويد في القدرة على مواجهه الدوافع البيولوجية والغريزية والسيطرة عليها في ضوء متطلبات الواقع االجتماعي ،كما تتمثل في قدرة 21 األنا على التوفيق بين مطالب الهو واألنا األعلى ،ويرى فرويد أن اإلنسان ال يستطيع أن يصل إلى تحقيق جزئي لصحته النفسية ذلك ألنه في حالة صراع دائم بين محتويات الهو ومطالب الواقع ،وقد عارض إدلر نظرية فرويد، ورأى ان األنسان يستطيع أن يتغلب على الشعور بالنقص ويحقق الصحة النفسية عن طريق: -الميل االجتماعي والعيش مع اآلخرين. -التنشئة االجتماعية الصحية. -وضع أهداف محددة والعمل على تحقيقها بالشكل الذي يسهم في تكوين شخصية متماسكة قادرة على مواجهة الصعوبات. أما أريكسون فقد أسس نظرية نفسية اجتماعية في النمو ،ورأى أن الصحة النفسية تتمثل في قدرة الفرد على مواجهة مشكالت مرحلة النمو التي يمر بها بنجاح ،وأوضح أريكسون أن صحة الفرد النفسية في مرحلة عمرية معينة تساعد الفرد في تحقيق التكيف النفسي في المراحل العمرية التالية. أما كارين هوري فتتمثل الصحة النفسية حسب رأيها في إدراك الذات وتحققها والمقدرة على إضفاء التكامل بين معظم الحاجات النفسية. -2المدرسة السلوكية: ترى هذه المدرسة أن السلوك ينشأ ً من البيئة ،وأن عملية التعلم تحدث نتيجة لوجود الدافع والمثير واإلستجابة، بمعنى أنه إذا وجد الدافع والمثير حدثت اإلستجابة (السلوك) ،ولكي يقوى الربط بين المثير واإلستجابة البد من التعزيز ،أما إذا تكررت اإلستجابة دون تعزيز كان ذلك عامال على إضعاف الرابطة بين المثير واإلستجابة ،أي إضعاف التعلم.وتقرر هذه المدرسة أن الناس يقومون بسلوك سوى معين ألنهم بهذا الشكل نتيجة للتعزيز إن مفهوم الصحة النفسية عند السلوكيين يتحدد باستجابات مناسبة للمثيرات المختلفة ...استجابات بعيدة عن القلق والتوتر.وعليه يتلخص مفهوم الصحة النفسية وفقا لهذه الرؤية في القدرة على اكتساب عادات تتناسب مع البيئة التي يعيش فيها الفرد وتتطلبها هذه البيئة.وقد وجهت انتقادات عديدة لهذه المدرسة ،ومن أهمها التركيز على أهمية التعزيز الخارجي والدوافع الخارجية للسلوك اإلنساني ،وعدم اهتمامها بالتفكير والعواطف والشعور وإنعكاس ذلك على هذا السلوك. -3المدرسة اإلنسانية: يعد المذهب اإلنساني في علم النفس مذهبا حديثا نسبيا ،وقد ظهر كرد فعل للمدرستين األساسيتين في علم النفس وهما مدرسة التحليل النفسي والسلوكية ويقوم هذا المذهب على رفض المسلمات التي تقوم عليها المدرستان ،ولعل من أهم مسلمات هذا المذهب. -اإلنسان خير. 22 -اإلنسان كائن حي في نشاط مستمر ونمو دائم. -إن الخبرة الحاضرة للفرد ذات أهمية بالغة وينبغي دراستها كما يدركها الفرد وليس كما يدركهااالخرين. -إن الفهم السليم لنشاط اإلنسان وسلوكه ال يتأتى إال بدراسة األصحاء وليس المرضى كما فعل الفرويديون. وتبدو الصحة النفسية عند المفكرين اإلنسانيين في مدى تحقيق الفرد إلنسانيته تحقيقا كامال.ويختلف األفراد فميا يصلون إليه من مستويات من حيث اإلنسانية الكاملة وهكذا يختلفون في مستويات صحتهم النفسية. ويعد ابراهام ما سلو وكارل روجرز من أشهر العلماء اإلنسانيين لذا نستعرض آراءهم في مجال من خالل اآلتي: إبراهام ما سلو والذي رأى ما سلو أن للنسان حاجات متنوعة ،وأن هذه الحاجات تتوزع بصورة هرمية كاآلتي: أ -المستوى األدنى :ويضم الحاجات الفسيولوجية والحاجة إلى األمن والسالمة.وهذه الحاجات على درجة عالية من األهمية فإذا كان الفرد مرتاحا ومشبعا لحاجاته الجسمية ويشعر باألمان فإنه سيحاول إشباع المستوى األعلى من الحاجات التي يطلق عليها الحاجات االجتماعية. ب -المستوى األعلى :ويضم حاجة الصداقة والعطف والحنان واالنتماء. ويعد إشباع هذه الحاجات يسعى الفرد إلى إشباع دوافع التحصيل والتقدير ،ثم دافع تحقيق الذات الذي يعد الغاية العظمى في هرم ما سلو.وتتحقق الصحة النفسية من وجهة نظر ما سلو عندما يتمكن الفرد من إشباع هذه الحاجات بطريقة سوية ،ويحقق إنسانية الكاملة. ومن المؤشرات التي تحدد معنى اإلنسانية الكاملة اآلتي: -حرية الفرد تلك الحرية التي يمارسها اإلنسان وهو مدرك لحدودها ،ومتحمل لمسؤوليتها وما ينتج عن ممارستها ،والتي عن طريقها يصل إلى معنى لحياته. -إرادة الحرية التي تمكن الفرد من اختيار هدف معين والعيش من أجل تحقيقه. -الشعور باألمان واالنتماء وتقبل الذات. -تقبل اآلخرين وحبهم والتعاطف معهم. -االلتزام بقيم عليا مثل الحق والجمال والخير وغيرها من القيم التي تدل على انسانية اإلنسان الكاملة وتعبرعن الصحة النفسية. كارل روجرز حيث وضع هذا العالم نظرية الذات في علم النفس ،أو ما يعرف بنظرية االرشاد المتمركز حول العميل ويرى روجرز أن كل فرد قادر على إدراك ذاته بتكوين مفهوم او فكرة عنها. وينمو مفهوم الذات نتيجة للتفاعل االجتماعي جنبا على جنب مع الدافع الداخلي لتحقيق الذات.ولكي يحقق 23 اإلنسان ذاته ال بد أن يكون مفهومه عنها موجبا وحقيقيا ،وعليه فإن اإلنسان المتمتع بالصحة النفسية هو الشخص القادر على تكوين مفهوم إيجابي عن نفسه ،الشخص الذي يتفق سلوكه مع المعايير االجتماعية ومع مفهومه عن ذاته. وتستند نظرية روجرز في الشخصية إلى المفاهيم األساسية التالية: إن اإلنسان كائن منظم :يتصرف بشكل كلي في المجال الظاهري بدافع تحقيق الذات والسلوك الهادف لتحقيق النمو والتحرر من مقومات تطوره.وأن اإلنسان خير في جوهره وال حاجة للسيطرة عليه والتحكم به. الذات :وهي مدركات وقيم تنشأ من تفاعل الفرد مع البيئة.والذات تحافظ على سلوك المسترشد.والذات في حالة نمو وتغير نتيجة التفاعل المستمر مع المجال الظاهري والفرد لديه أكثر من ذات :الواقعية ،المثالية ،الخاصة. المجال الظاهري :وهو الواقع المحيط بالفرد والذي يدرك أهميته؟ الن الفرد يختار استجابته على أساس ما يدركه، ال على أساس الواقع. وبحسب هذه النظرية فإن االضطراب النفسي ينتج عندما يفشل في استيعاب ،وتنظيم الخبرات الحسية العقلية التي يمر بها ،إضافة إلى الفشل في تنمية المفهوم الواقعي للذات ،ووضع الخطط التي تتالءم معه ،لذا أفضل طريقة برأي روجرز ،هي لتغيير السلوك هي تنمية مفهوم ذات واقعي موجب ،حيث بينت الدراسات إن مفهوم الذات يكون مشوها بعيدا عن الواقع لدى المرضى عقليا ً. وإن من أهم أسباب االضطراب النفسي هو اإلحباط حيث انه يعوق مفهوم الذات ،ويهدد إشباع الحاجات األساسية للفرد.كما إن انضمام خبرة جديدة لديه وال تتوافق مع الخبرات السابقة لديه تجعله في حالة اضطراب نفسي. وخطوات اإلرشاد النفسي عند روجرز االستكشاف واالستطالع :أي تعرف مصادر قلق المسترشد وتوتره ،وتحديد الجوانب السلبية واإليجابية في شخصية المسترشد أي يفهم شخصيته ويستغل الجوانب اإليجابية منها لتحقيق أهدافه.وتوضيح وتحقيق القيم يساعد المرشد والمسترشد في زيادة فهمه وإدراكه لقيمه الحقيقية بهدف التعرف علي التناقض فيما بينها ،والكشف عن أسباب التوتر الناجم من اختالف قيمه عن الواقع. هنا يقوم المرشد بتوضيح الفرق بين القيم ،واآلمال ،والقيم الحقيقية ،والقيم الزائفة والمكافأة وتعزيز االستجابات حيث يوضح المرشد مدى التقدم أو التغير اإليجابي ويقويه لدى المسترشد كخطوة أولية للتغلب على مشكالته االنفعالية. -4المدرسة العرفية: تتضمن الصحة النفسية من وجهة نظر أصحاب هذه المدرسة القدرة على تفسير الخبرات بطريقة منطقية تمكن الفرد من المحافظة على األمل واستخدام مهارات معرفية مناسبة لمواجهة األزمات وحل المشكالت.وعليه فإن 24 الشخص المتمتع بالصحة النفسية فرد قادر على استخدام استراتيجيات معرفية مناسبة للتخلص من الضغوط النفسية ويحيا على فسحة من األمل ،وأن ال يسمح لليأس بالتسلل إلى نفسه.ومن المفيد القول في هذا المجال أن بعض الوجوديين يرى ان الصحة النفسية للفرد تكون في حريته في اختيار قيم تحدد إطاره في الحياة وتعطي معنى لحياته ،كما تكون في اللجوء إلى هللا وعبادته.أما البعض اآلخر فقد رفض هذا الرأي ونادى بضرورة إدراك اإلنسان بانه يعيش حياة بال معنى ،حياة تتشكل من سلسلة من التناقضات وعليه أن يعيشها أو يعايشها كما تأتي الرياح. ونالحظ تأثر الطرف األول بوجودية علم النفس فقد ظهر من بين المشتغلين بعلم النفس عدد من المتحدثين بالوجودية نذكر منهم ماي ،لينج ،وفرانكلن وعلى الرغم من وجود بعض االختالفات بينهم إال أنهم يشتركون في إطار عام ،حيث يؤكدون على فردية اإلنسان وقيمة وصراعة في سبيل الوصول إلى معنى لوجوده ورغبته في الوصول إلى تنظيم معين من القيم يختاره بإرادة حرة ،إذ تدفع اإلنسان في حياته رغبة قوية للوصول إلى معنى لوجوده ،وهو دائما وأبدا مدفوع بإرادة إلى اكتشاف ذاته وممارسة حياته كما يراها وكما يختارها ،وبهذه اإلرادة يحقق اإلنسان لنفسه الصحة النفسية ويعود من اغترابه بالتمسك بالقيم الروحية. 25 الفصل الثانى :ت.الصحة النفسية نسبية الصحة النفسية علم الصحة النفسية وعالقته بالعلوم األخرى مناهج الصحة النفسية ومستويات خدماتها 26 نسبية الصحة النفسية تعد الصحة النفسية حالة دائمة نسبيا ً وليست مطلقة ،ويعني ذلك أنها ليست حالة ثابتة إما أن تتحقق أو ال تتحقق ،بل هي حالة ديناميكية متحركة نشطة ونسبية ،فمن الخصائص الهامة التي تميز الصحة النفسية أنها ذات ثبات نسبي،وأنها تتغير تبعا ً لعدد من المتغيرات ،فمستوى الصحة النفسية يختلف بين األفراد ،ولدى الفرد الواحد من وقت إلى آخر ،كما تختلف معاييرها تبعا لمراحل النمو ،وتتغير كذلك تبعا ً الختالف الزمان والمجتمع ،وهذا ما نعرض له فيما يلي: -1نسبية الصحة النفسية من فرد إلى آخر: يختلف األفراد في درجة صحتهم النفسية كما يختلفون من حيث الطول والوزن والذكاء والقلق...وغيرها، فالصحة النفسية نسبية غير مطلقة،وال تخضع لقانون (الكل أو ال شئ) ،فكمالها التام غير موجود وانتفاؤها الكلي غير موجود إال قليالً جداً ،فال يوجد شخص كامل في صحته النفسية ،وأيضا ً ال يكاد يكون هناك شخص تنتفي لديه جميع عالمات الصحة النفسية ومظاهرها .فمن الممكن أن نجد بعض الجوانب السوية(اإليجابية) لدى أشد الناس اضطراباً. -2نسبية الصحة النفسية لدى الفرد الواحد من وقت إلى آخر: ال يوجد شخص يشعر في كل لحظة من لحظات حياته بالسعادة والسرور ،كما أنه ال يوجد فرد يشعر بالتعاسة والحزن طول حياته أيضاً.فالشخص يمر بمواقف سارة وأخرى غير سارة ،وتستخدم االختبارات والمقاييس النفسية لتحديد درجة الفرد على بعد متدرج "سلم تقدير ذي بعدين "،الصحة النفسية مقابل الشذوذ،ولكن يجب أن نذكرأن الشخص الذي يتمتع بدرجة مرتفعة من الصحة النفسية يتميز بأن لديه درجة مرتفعة من الثبات النسبي أيضاً.في حين أن الدرجة المنخفضة من الصحة النفسية تتميز بالتغير والتذبذب من وقت إلى آخر. -3نسبية الصحة النفسية تبعا ً لمراحل النمو: إن مفهوم السلوك السوى Normal Behaviorالذي يدل على الصحة النفسية هو مفهوم نسبي أيضا ً مرتبط بمراحل النمو التي يمر بها الفرد .فقد يعد سلوكا ً ما سويا ً في مرحلة عمرية معينة ولكنه يعد غير سوي إذا حدث من نفس الفرد في مرحلة عمرية أخرى (مثل الرضاعة حتى السنة الثانية) تعد سلوكا ً سويا،في حين تعد سلوكا ً غير سوي إذا حدثت في سن الخامسة مثالً ،كما أن مص اإلصبع سلوك سوي طبيعي في األشهر األولى من عمر 27 الطفل ولكنه يعتبر مشكلة سلوكية إذا حدث بعد السادسة من العمر .ومثله أيضا ً التبول الال إرادي فهو سلوك سوي في العام األول من عمر الطفل ،ولكنه يعد مشكلة سلوكية بعد الخامسة من العمر مثالً...وهكذا -4نسبية الصحة النفسية تبعا ً لتغير المجتمعات: تختلف معايير السلوك الدال على الصحة النفسية أو الشذوذ النفسي تبعا ً الختالف المجتمعات ،ألن السلوك الذي يدل على الصحة النفسية يختلف ب