خلاصة الدلائل (القدوري) (مادة المعاملات) PDF

Document Details

WarmheartedCloisonnism3468

Uploaded by WarmheartedCloisonnism3468

جامعة العلوم الإسلامية العالمية

صالح حممد أبو احلاج

Tags

Islamic law transactions fiqh legal studies

Summary

This document is a summary of the evidence (Al-Qudouri) from the department of transactions. It discusses the characteristics and specificities of Islamic transactions, and elaborates on how they address practical matters, providing examples of how the principles in these transactions benefit humanity. It explains that these are organized and reasoned through the study of legal branches, general principles, and practical examples.

Full Transcript

‫هتذيب اخلالصة‪....‬‬ ‫‪......‬غاية السائل‬ ‫ـ‪3‬ـ‬ ‫هتذيب‬ ‫الدالئل وتنقيح املسائل‬ ‫خالصة َّ‬ ‫يف رشح ال ُق ُدوري‬ ‫ومعه حاشيته‬ ‫غاية السائل‬ ‫لألستاذ الدكتور صالح حممد أبو احلاج‬ ‫عميد كلية...

‫هتذيب اخلالصة‪....‬‬ ‫‪......‬غاية السائل‬ ‫ـ‪3‬ـ‬ ‫هتذيب‬ ‫الدالئل وتنقيح املسائل‬ ‫خالصة َّ‬ ‫يف رشح ال ُق ُدوري‬ ‫ومعه حاشيته‬ ‫غاية السائل‬ ‫لألستاذ الدكتور صالح حممد أبو احلاج‬ ‫عميد كلية الفقه احلنفي بجامعة العلوم اإلسالمية العاملية‬ ‫عامن‪ ،‬األردن‬ ‫(قسم املعامالت)‬ ‫اجلزء الثاين‬ ‫مركز أنوار العلامء للدراسات‬ ‫ـ‪4‬ـ‬ ‫كتاب البيوع‬ ‫( )‬ ‫كتاب البيوع‬ ‫( ) من مميزات املعامالت الفقهية‪َّ :‬‬ ‫إن هذا اإلقبال اإلسالمي والعاملي عىل دراسة‬ ‫املعامالت الرشعية مل يأت من فراغ‪ ،‬بل ملما امتازت به من خصائص عديدة متيزها عن‬ ‫غريها‪ ،‬ومن جتربتي لسنوات طويلة يف تدريس املعامالت عند السادة احلنفية من كتبهم‬ ‫حتصلت لدي فكر ٌة عا ّمة عن املعامالت‪ ،‬ممت ِّثل اخلطوط العريضة التي يسلكها‬ ‫األصيلة‪َّ ،‬‬ ‫فقهاؤنا يف تقرير أبواب املعامالت‪ ،‬وتعترب أسباب ًا لنجاح املعامالت الرشعية يف تلبية‬ ‫أغراض الناس‪.‬‬ ‫وأحاول هاهنا عرضها بصورة خمترصة؛ َّ‬ ‫ألن متام بياهنا وتفاصيلها وأمثلتها تتحقق‬ ‫بدراسة األبواب الفقهية املختلفة‪ ،‬فهي متثل التصور العام والكيل للمعامالت عند‬ ‫الفقهاء‪ ،‬فيسهل عىل الطالب فهم البناء الفقهي ملسائل املعامالت‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مستقلة؛ لتم ّيزها عن‬ ‫ٍ‬ ‫بنقطة‬ ‫وهذه امليزات متداخل ٌة فيام بينها‪ ،‬ومع ذلك َأفردت ك ً‬ ‫ال منها‬ ‫غريها‪ ،‬وإلظهارها وتسليط ًا للضوء عليها أكثر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫األوىل‪َّ :‬‬ ‫أن املعامالت تنظيمية ال تربوية‪:‬‬ ‫وتنظيمي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تربوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّرشيع اإلسالمي له جانبان‪:‬‬ ‫إن الت َ‬‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫واضحة يف العبادات التي تسعى سعي ًا حثيث ًا إىل‬ ‫ٍ‬ ‫بصورة‬ ‫يتجسدم‬ ‫الرتبوي‪ :‬فهو‬ ‫أ ّما‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫احليوانية الذميمة‪،‬‬ ‫م‬ ‫الصفات‬ ‫وختليص مه من‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫اإلنسان إىل َأعىل مراتبها‪،‬‬ ‫م‬ ‫بإنسانية‬ ‫م‬ ‫االرتقاء‬ ‫فعىل قدر التزام املسلم بدينه يرتقي سلوكه وأخالقه وترصفاته إىل أعىل مستويات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ويؤكد ذلك قوله ‪« :‬بعثت ألمتم مكارم األخالق» يف سنن البيهقي الكبري‬ ‫‪ ،4 :8‬وسنن الدارقطني ‪ ،304 :3‬وسنن أيب داود ‪ ،283 :2‬ومسند أمحد ‪، 82 :2‬‬ ‫ومكارم األخالق ص‪ ،88‬قال احلاكم‪ :‬صحيح اإلسناد‪.‬ينظر‪ :‬خالصة البدر املنري‬ ‫ـ‪5‬ـ‬ ‫م‬ ‫الصفات‬ ‫م‬ ‫بالتخلص من‬ ‫م‬ ‫اخللقية‬ ‫‪ ،258 :2‬والعبادات هي املح ِّقق مة ألفضل املكارم‬ ‫م‬ ‫واإلخالص هللم تعاىل‪.‬‬ ‫م‬ ‫الذميمة‬ ‫فمث ً‬ ‫ال يف الصالة يتعود اإلنسان عىل اإلخالص هلل ‪ ‬والرتكيز الكامل يف أفعال‬ ‫يسمى اخلشوع‪ ،‬ومن أعظم أرسار النجاح يف أي عمل هو‬ ‫الصالة أثناء أدائها وهو ما ّ‬ ‫اإلخالص له والرتكيز الكيل فيه‪ ،‬فاملسلم يأخذ كل يوم مخس دروس يف ترسيخ هذا‬ ‫السلوك يف شخصيته‪ ،‬بحيث يكون جزء ًا من حياته َو مي َم ِّكنمه من النجاح الكامل يف كل‬ ‫أموره‪.‬‬ ‫كل وقت له عمل‪ ،‬وهذا م‬ ‫سبيل النّاجحني‬ ‫أن َّ‬ ‫وتعرفه َّ‬ ‫والصالة تنظم األوقات للمسلم ّ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫وقت عم ً‬ ‫ال كان‬ ‫فمن كان أقدر عىل تنظيم وقته وترتيب حياته وجعل ِّ‬ ‫يف حياهتم‪َ ،‬‬ ‫أنجح يف حياته‪.‬‬ ‫يتعرف عليها بالتَّجربة؛‬ ‫الرتبوية ّ‬ ‫أن النّظريات ّ‬‫أمر ال مبدّ من احلديث عنه وهو َّ‬ ‫وبقي ٌ‬ ‫الزمن َّ‬ ‫أن هذه‬ ‫ألهنا تتعامل مع طبيعة إنسانية وتقدم حلوالً ملشاكل فيها‪ ،‬ويظهر مع َّ‬ ‫َّ‬ ‫احللول أكثر جدوى‪ ،‬فهي تقاس بالتجربة والتطبيق أكثر من قياسها بمنظور العقل يف‬ ‫ترتيب النتائج عىل املقدمات‪ ،‬ولذلك جتد َّ‬ ‫أن العقل ال يدرك العبادات يف نفسها يف‬ ‫ترتب النتائج عليها‪ ،‬ولكن التجربة أثبتت َّأهنا قادرة عىل تعديل سلوك اإلنسان إىل ما‬ ‫ترصفاته‬ ‫أعلم بحاله وبام حيس من ّ‬ ‫م‬ ‫هو أقوم وأفضل‪ ،‬فاهلل ‪ ‬خلق اإلنسان‪ ،‬وهو‬ ‫وأخالقه‪.‬‬ ‫وأ ّما اجلانب التّنظيمي يف التّرشيع‪ :‬فهو يتم ّثل يف النّكاح وال ّطالق واملعامالت والقضاء‬ ‫والسري واملواريث وغريها‪ ،‬ففيها يسعى الفقهاء إىل تقديم أفضل حلول للحياة‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان ّية‪ ،‬و َمن قدَّ م لنا أفضل ممّا عندنا لن نتوانا يف االستفادة واألخذ منه؛ َّ‬ ‫ألن‬ ‫املقصود منها إجياد أفضل حياة برش ّية‪.‬‬ ‫والفقي مه يف حتقيق ذلك له نوران‪ :‬نور العقل‪ ،‬ونور الرشع‪.‬‬ ‫ـ‪6‬ـ‬ ‫فأ ّما نور العقل‪ :‬فبه يبذل قصارى جهده يف تقديم الطريق األرشد واألفضل يف ّ‬ ‫حل‬ ‫املشاكل احلياتية‪ ،‬ويضيف إليه التجربة التّارخيية العميقة يف هذا اجلانب من مق َبل‬ ‫الفقهاء‪ ،‬مالحظ ًا معرفة أهل االختصاص يف هذا امليدان‪ ،‬فام يقدمه غري املسلم يف تنظيم‬ ‫احلياة اإلنسانية ال يعدو كونه من نور العقل البرشي‪ ،‬ومث مله موجود بكامله عند الفقهاء‬ ‫و ميضاف إليه جتارب غريهم من الفقهاء عرب التّاريخ حيث تعترب مادة خصبة جد ًا من‬ ‫التجارب البرشية‪.‬‬ ‫وأما نور الرشع‪ :‬فهو يتم َّثل يف أمور ال ميمكن للعقل إدراكها بنفسه ّ‬ ‫ألول وهلة‪ ،‬وإنَّام‬ ‫وعرفنا هبا ابتداء‪،‬‬ ‫تدرك بالنظر إىل آثارها بعد مدة مديدة‪ ،‬فالرشع اخترص علينا الطريق ّ‬ ‫ف عىل رضرها‪ ،‬ومثال ذلك‪:‬‬ ‫نتعر َ‬ ‫فال حاجة لنا إىل عملها حتى َّ‬ ‫ظاهر يف‬ ‫ٌ‬ ‫تربج املرأة والزنا جير عىل املجتمع من الويالت ما ال يعلمه إال اهلل ‪ ،‬وهذا‬ ‫املجتمعات الرشقية والغربية من انتشار األمراض وحرمان املرأة من ح ِّقها يف الزاوج ـ‬ ‫نتيجة حتقيق الرجل رغبته بالزنا واستغنائه عن املرأة ـ وخروج أجيال بال أرسة تنتفع‬ ‫برتبيتها وتستمتع بحناهنا‪ ،‬فمنعت الرشيعة هذا السلوك ابتداء‪ ،‬ال بعد أن تتعذب‬ ‫أجيال بذلك ثم نكتشف هذه احلقيقة املرة‪.‬‬ ‫وأيض ًا‪ّ :‬‬ ‫الربا‪ ،‬والقامر‪ ،‬وبيع الدين بالدِّ ين‪ ،‬وبيع ما ال متلك‪ ،‬ففيه من املضار التي‬ ‫علمت يف هذا الزمان بسبب الكارثة االقتصادية ما ال خيفى‪ ،‬فالرشيعة عرفتنا بمضاره‬ ‫ابتدا ًء وإن كانت هذا املضار ال تدرك بالعقل إال بآثارها بعد تطبيقه مدة من الزمان‪،‬‬ ‫نتوصل إىل هذه احلقيقة‪ ،‬وقس عىل هذا‬‫ّ‬ ‫نتعذب دهر ًا قبل ّ‬ ‫أن‬ ‫لكن اهلل ‪ ‬مل يرتكنا ّ‬ ‫غريها من األحكام الرشعية‪.‬‬ ‫الرشيعة إىل تنظيم احلياة البرش ّية هبذين النُّورين‪ ،‬اللذين ال يوجدان‬ ‫كل تسعى َّ‬‫وعىل ٍّ‬ ‫لكل‬ ‫ٍ‬ ‫وترتيب ِّ‬ ‫فيتوصل إىل أبد مع تنظي ٍم‬ ‫َّ‬ ‫بتاممها عند غري املسلم املسرتشد بنور اهلل ‪،‬‬ ‫جوانب حياته‪.‬‬ ‫ـ‪8‬ـ‬ ‫ألن تعاملنا‬ ‫أن املعامالت من اجلانب التّنظيمي لإلسالم أمر يف م‬ ‫غاية األمهية؛ َّ‬ ‫ومالحظ مة َّ‬ ‫ٌ‬ ‫م‬ ‫تصورها جيد ًا‪،‬‬ ‫سه مل علينا كثري ًا فهم فروعها‪ ،‬و ميمكننا من‬ ‫تنظيامت مي ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫معها عىل َّأهنا‬ ‫الراجح فيها‪ ،‬و ميمكننا من ختريج املستجدات ـ كام سيأيت ـ‪.‬‬ ‫م‬ ‫و ميساعدنا يف معرفة َّ‬ ‫أن أحكام املعامالت مع َّللة ال تعبد ّية‪:‬‬ ‫الثانية‪َّ :‬‬ ‫علل جيب مراعاهتا عند قراءة فروعها‪ ،‬واألحكام متع ِّلقة هبذه‬ ‫املعامالت مبنيّ ٌة عىل ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫إن‬ ‫كل باب من أبواب‬ ‫مقررة يف ِّ‬‫املعاين‪ ،‬وما يذكره الفقهاء من مسائل هي أمثل ٌة لقواعد َّ‬ ‫خاصة؛ إذ من طريقتمهم يف التَّأليف َّأهنم يذكرون القاعدة‬ ‫ّ‬ ‫الفقه عا ّمة واملعامالت‬ ‫الصحيح‪ ،‬عرف القاعدة التي مبنى عليها‪.‬‬ ‫وتصور بناءه َّ‬ ‫َّ‬ ‫باملثال‪ ،‬فمن فهم املثال‬ ‫و َمن مل ينتبه هلذا وبقي يقرأ مسائل الفقه جمرد ًة عن كوهنا مع َّللة بمعاين وأصول‪ ،‬فلن‬ ‫يكون قادر ًا البتة عىل فهم الفقه‪ ،‬وغري قادر عىل ربط الفروع ببعضها‪ ،‬ومعرفة حكم‬ ‫املستجدات‪ ،‬فعلينا أن ندرك متام ًا َّ‬ ‫أن ما بني أيدينا هي ألفاظ موصلة إىل معاين‪ ،‬واملعاين‬ ‫فإن هذه املعاين هي أسس وقواعد يف ّ‬ ‫كل باب مبنيت عليها األحكام‪ ،‬وقد‬ ‫هي الغايات‪َّ ،‬‬ ‫الصحابة والقواعد العا ّمة التي آتى هبا اإلسالم‬ ‫استنبطت من القرآن والسنة وآثار ّ‬ ‫السليم الذي يسري عىل املنهج املستقيم يف تقدير األممور بام يعود‬ ‫واستفيدت من العقل َّ‬ ‫عىل البرش ّية بالنّفع واخلري‪.‬‬ ‫كل فرع ملا هكذا؟ حتى‬ ‫بالسؤال الدّ ائم قبل ّ‬ ‫الصحيحة للمسائل هو ّ‬ ‫وكيف ّية القراءة ّ‬ ‫يتبني لنا ع ّلته‪ ،‬وكذلك نفعل مع النُّصوص الرشعية من القرآن والسنة بالسؤال ملا‬ ‫ّ‬ ‫هكذا؟ حتى ندرك ع ّلتها‪.‬‬ ‫فكل األحكام مع َّللة بمعاين معتربة علينا إدراكها من أجل فهمها جيد ًا وإمكانية‬ ‫االستفادة منها‪ ،‬قال اآلمدي يف اإلحكام‪...« :264 :3‬خالف إمجاع الفقهاء عىل َّ‬ ‫أن‬ ‫احلكم ال خيلو عن ع ّلة»‪.‬‬ ‫ال َّثالثة‪َّ :‬أهنا مبني ٌة عىل حتقيق املصالح للبرش‪:‬‬ ‫ـ‪8‬ـ‬ ‫ف َمن تأ ّمل يف مح َك مم التَّرشي مع يصل إىل َّأهنا إما جالبة للمصالح وإ ّما دارئ ٌة للمفاسد‪،‬‬ ‫يم‪ ،‬فال يريد من‬ ‫غني عن العباد وحك ٌ‬ ‫وينبغي أن يكون هذا األمر ممس َّلام؛ لكون اهلل ‪ٌّ ‬‬ ‫الشاطبي يف موافقاته ‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ترشيعاتمه إال حتقيق اخلري للبرش ّية يف املعامالت وغريها‪ ،‬قال‬ ‫والنهي‬ ‫م‬ ‫فاألمر‬ ‫م‬ ‫الرشائع إنَّام جيء هبا ملصالح العباد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫املقرر َة َّ‬ ‫أن‬ ‫إن القاعد َة َّ‬ ‫‪َّ « : 48‬‬ ‫منزه عن‬ ‫م‬ ‫احلظوظ ّ‬ ‫غني عن‬ ‫م‬ ‫ومصاحله؛ َّ‬ ‫والتخيري مجيع ًا راجع ٌة إىل ح ِّظ املك َّل م‬ ‫ألن اهللَ ٌّ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫األغراض»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫فإن إدراك هذه احلقيقة الكبرية يورث الثقة الكاملة يف أحكام املعامالت‪ ،‬والرغبة يف‬ ‫اإلقبال عليها عل ًام وعمالً‪ ،‬وإفناء العمر يف االستفادة من كنوزها وخرياهتا؛ لينتفع‬ ‫أن مصلحته‬ ‫ألن املرء يسعى يف مصاحله‪ ،‬فإن علم َّ‬ ‫الناس هبذه النعمة الكربى عليهم؛ َّ‬ ‫السعي وراء حت ُّققها يف حياته‪.‬‬ ‫متحققة هبذا فلن يدخر جهد ًا يف َّ‬ ‫الرابعة‪َّ :‬أهنا تقوم عىل مبادئ عا ّمة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫بكثري من النُّصوص الواردة يف‬ ‫أقل‬ ‫م‬ ‫أبواب املعامالت ُّ‬ ‫الرشعي مة الوارد مة يف‬ ‫َّصوص َّ‬ ‫م‬ ‫الن‬ ‫العبادات‪ ،‬فلم تكثر األحاديث فيها كام كثرت يف العبادات‪ ،‬وليس مرجع هذا عدم‬ ‫ألهنا‬ ‫السبب هو كون العبادات غري معقولة املعنى؛ َّ‬ ‫اهتامم َّ‬ ‫الشارع احلكيم هبا‪ ،‬وإنَّام َّ‬ ‫ألهنا تنظيم ـ كام سبق ـ‪.‬‬ ‫فإهنا معقولة املعنى؛ َّ‬‫تربية‪ ،‬بخالف املعامالت َّ‬ ‫الرشيعة فيها هو تأسيس قواعد عا ّمة تسري عليها املعامالت وتنضبط‬ ‫وإنَّام كانت طريق مة َّ‬ ‫هبا‪ ،‬فكانت إمكانية التطبيق فيها أكثر‪ ،‬ومرونة العمل أوسع‪ ،‬وقدرة االجتهاد فيها‬ ‫حمكمة يف الفقه‪ ،‬لن يستطيع املنافسة يف أبواب‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أصول‬ ‫فمن مل يكن يسري عىل‬ ‫أعظم‪َ ،‬‬ ‫املعامالت؛ َّ‬ ‫ألن ظواهر األحاديث التي كان َيبني عليها كال َمه يف العبادات مل َت معد‬ ‫متوفر ًة إال قلي ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫فعدم االنتباه هلذه امليزة العظيمة يف املعامالت يربك املشتغل هبا‪ ،‬والتفات احلنفية إليها‬ ‫أكثر من غريهم هو الذي جعل أحكام املعامالت يف مذهبهم سهلة يف العمل والتطبيق‪،‬‬ ‫ـ‪9‬ـ‬ ‫وجعل فيها تيسري ًا كبري ًا ورفع ًا للحرج عن الناس؛ َّ‬ ‫ألهنم حيتكمون فيها للمبادئ العا ّمة‬ ‫التي تظافرت عليها النصوص الرشعية‪.‬‬ ‫الربا‪ ،‬وعدم القامر‪ ،‬وإزالة اجلهالة‪ ،‬وغريها‪ ،‬مما سيأيت‬ ‫ومن هذه القواعد‪ :‬الرضا‪ ،‬وعدم ّ‬ ‫متام الكالم يف مناقشته يف امليزات اآلتية‪.‬‬ ‫اخلامسة‪َّ :‬أهنا تقوم عىل أساس الرتايض بني النَّاس‪:‬‬ ‫الرتايض أبرز قاعدة مبنيت عليها املعامالت‪ ،‬ولو مل يكن يف النصوص الرشعية إال‬ ‫مي م‬ ‫مثل َّ‬ ‫هذا األساس يف التعامل لكان كافي ًا للداللة عىل عظم هذا الترشيع‪ ،‬فهي جتري يف كافة‬ ‫ٍ‬ ‫ملعاملة‬ ‫ٍ‬ ‫جلسد بال روح‪ ،‬وال اعتبار‬ ‫الروح يف اجلسد‪ ،‬فال حياة‬ ‫الترصفات التِّجارية جمرى ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫بدون رضا‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﭶ ﭷﭸﭼ [النساء‪ ، ]29 :‬إذ يف اآلية إباحة سائر التجارات الواقعة عن تراض‪،‬‬ ‫والتجارة اسم واقع عىل عقود املعاوضات املقصود هبا طلب األرباح؛ قال ‪ :‬ﭽ ﮢ‬ ‫فسمى اإليامن جتار ًة عىل وجه املجاز‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﭼ [الصف‪ّ ،] 0 :‬‬ ‫تشبيه ًا بالتجارات املقصود هبا األرباح‪ ،‬ينظر‪ :‬أحكام القرآن للجصاص ‪،245 :2‬‬ ‫وغريه‪.‬‬ ‫وأكد هذا املعنى الوارد يف اآلية النبي ‪ ،‬فقال‪« :‬إنَّام البيع عن تراض» يف سنن ابن‬ ‫‪ ،340 :‬والسنن الكربى للبيهقي‪،29 :6‬‬ ‫ماجة‪ ،828 :2‬وصحيح ابن حبان‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫ال ظاهر ًا فيه يمنع من‬ ‫فخلو العقد عنها ابتدا ًء عند التعاقد أو بقا ًء بعد التعاقد يسبب خل ً‬ ‫صحة العقد‪ ،‬ويوجب الفسخ لفساده‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مدار التَّعامالت‪ ،‬فهي القاعد مة العظمى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أكثر فكرة مراعاة يف العقود‪ ،‬فعليها م‬ ‫والرضا هو م‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫وخيارات‬ ‫ٍ‬ ‫رشوط‬ ‫واملرتكز األسايس فيها‪ ،‬فتدخل يف عا ّمة متع ّلقات املعامالت من‬ ‫ـ‪ 0‬ـ‬ ‫أن يف املبيع عيب ًا ينقص قيمته عند‬ ‫تبني َّ‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وعيوب وجهالة‪ :‬كثبوت خيار العيب‪ ،‬فإن ّ‬ ‫التجار ومل يره املشرتي عند البيع يثبت له احلق بر ّد املبيع؛ إذ السالمة ملا كانت مرغوبة‬ ‫صحة‬ ‫ألن الرضا رشط ّ‬ ‫للمشرتي‪ ،‬ومل حتصل‪ ،‬فقد اختل رضاه‪ ،‬وهذا يوجب اخليار؛ َّ‬ ‫البيع‪ ،‬فانعدام الرضا يمنع صحة البيع‪ ،‬واختالله يوجب اخليار فيه؛ إثبات ًا للحكم عىل‬ ‫قدر الدليل؛ قال ‪َ « :‬من اشرتى شا ًة حم َّفلة فر َّدها فلريد معها صاع ًا من متر» يف صحيح‬ ‫اع من التَّمر كأنَّه‬ ‫والص م‬ ‫َّ‬ ‫البخاري ‪ ،855 :2‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ، 98 :8‬وغريمها‪،‬‬ ‫قيمة اللبن الذي حلبه املشرتي‪ ،‬علمه رسول اهلل ‪ ‬بطريق املشاهدة‪.‬‬ ‫السادسة‪َّ :‬أهنا تقوم عىل أساس رفع النزاع‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫جهالة متفيض إىل النِّزاع‬ ‫عرب عنها كثري ًا بعبارة‪ُّ :‬‬ ‫كل‬ ‫وهذه قاعد ٌة كبري ٌة يف املعامالت‪ ،‬مي َّ‬ ‫وغري املعفوة بتح ُّق مق النِّزاع فيها‪ ،‬فعا ّمة الفروع‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫املعفوة‬ ‫م‬ ‫اجلهالة‬ ‫متفسدم البيع‪ ،‬فميزوا بني‬ ‫يف الفساد يع ِّللون فسادها باجلهالة أو بالنِّزاع‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مكان‪ ،‬لك َّن مر ُّدها إىل النزاع‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ومكان إىل‬ ‫ٍ‬ ‫زمان‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫زمان إىل‬ ‫واجلهال مة متفاوت ٌة جد ًا من‬ ‫بعض األوصاف وتكون كافي ًة بعدم حصول‬ ‫فيكفينا مث ً‬ ‫ال يف بلدة أن نذكر يف املبيع َ‬ ‫ٍ‬ ‫التَّنازع‪ ،‬ويف بلدة مأخرى ال يكفينا ذكر مثل هذه األوصاف فيحصل تنازع إن مل ِّ‬ ‫يبني‬ ‫أكثر‪ ،‬فيكون البيع يف البلد الذي ال يتنازعون صحيح ويف اآلخر فاسد‪.‬‬ ‫فالنبي ‪« :‬هنى عن بيع الغرر» يف صحيح البخاري ‪ ،853 :2‬وصحيح مسلم ‪:3‬‬ ‫م‬ ‫الَّس ْخ ّ‬ ‫س ينظر‪:‬‬ ‫‪ ، 53‬وصحيح ابن حبان ‪ ،328 :‬وغريها‪ ،‬قال اإلمام َّ َ‬ ‫املبسوط‪ ، 8 : 2‬والتقرير‪« :. 6 :3‬الغرر ما يكون مستور العاقبة»‪ ،‬فال بد أن‬ ‫ٍ‬ ‫واحد من املتعاقدين‪ ،‬وليس مر ُّد اجلهالة إىل‬ ‫يكون ما يف العقد واضح ًا ب ِّين ًا وحمدَّ د ًا ِّ‬ ‫لكل‬ ‫النظرية والعقل‪ ،‬وإنَّام إىل الواقع والتطبيق‪ ،‬فكم من املسائل نحكم بجهالتها عقالً‪ ،‬لكن‬ ‫ال يتنازعون فيها يف الواقع‪ ،‬فال نحكم بالفساد بسبب هذا اجلهالة‪ ،‬كجواز بيع القمح‬ ‫يف سنبله والباقالء يف قرشه؛ لكونه معتاد ًا وال يفيض للنزاع‪.‬‬ ‫ـ ـ‬ ‫باحلق دون الباطل‪:‬‬ ‫السابعة‪َّ :‬أهنا تقوم عىل أساس أخذ املال ِّ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫فطرق احلصول عىل املال متعددةٌ‪ ،‬منها ما هو مرشوع‪ ،‬ومنها ما هو غري مرشـوع‪ ،‬ومـا‬ ‫كالَّسقة‪ ،‬واخليانة‪ ،‬والغصـب‪،‬‬‫غري مرشوع منها ما هو حمل توافق بني املجتمعات‪َّ :‬‬ ‫كان َ‬ ‫ضـار محتـدِّ دها‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ومنها ما متنعه قوانني لدول وتبيحه مأخرى عىل‬ ‫حسب ثقافات ومنافع و َم ّ‬ ‫تلك األنظمة‪.‬‬ ‫ويف نظامنا اإلسالمي أدخلنا فيـه َّ‬ ‫كـل مـا كـان مم ّ ـ ًا بـاألفراد واملجتمـع ممـا ال نفـع‬ ‫فيه‪،‬ونجعله من املحظورات‪ :‬كالربا‪ ،‬والقامر‪ ،‬والغناء‪ ،‬وثمن اخلمر‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫ـارع هــذه امل ِّيــزة بقول ـه ‪ :‬ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﭼ [البقــرة‪،] 88 :‬‬ ‫وأ َّكــد َّ‬ ‫الشـ م‬ ‫َّرصفات املمنوعة رشع ًا تكون مـن أكـل املـال بالباطـل؛‬ ‫بأن َّ‬ ‫كل الت ُّ‬ ‫و ميمكن ضبط ذلك َّ‬ ‫ألهنا منعت ملا فيها من مفاسد‪ ،‬كالغاصـب إذا أجـر املغصـوب‪ ،‬فـاألجرة لـه‪ ،‬ولكـن‬ ‫َّ‬ ‫يتصدق به؛ ألنَّه حصل له بكسب خبيث‪.‬ينظر‪ :‬املبسوط‪.80 :5‬‬ ‫ال ّثامنة‪ :‬حماربة الربا واحلض عىل االبتعاد عنه وعن شبهته‪:‬‬ ‫وهذه ميزة عظيمة جد ًا؛ َّ‬ ‫ألن الربا مهلكة االقتصاد؛ ملا فيه من تضييع املجتمع يف زيادة‬ ‫السلع‪.‬‬ ‫الفقري فقر ًا وزيادة الغني ً‬ ‫غنى بتحقيقه للتضخم املستمر يف أنواع ِّ‬ ‫وتعري مفه العا ّم‪ :‬هو زياد ٌة خالي ٌة عن عوض‪ ،‬ينظر‪ :‬املبسوط‪ ، 8 : 2‬والتقرير‪:3‬‬ ‫بحق‪ ،‬ومل يعد الرضا م‬ ‫بتاممه موجود ًا‪ ،‬بل‬ ‫‪ ، 6‬فطاملا أنَّه ال يوجد عوض مل يعد أخذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫منتفع‬ ‫ٌ‬ ‫أحدم ال َّطرفني‬ ‫ر؛ هلذه األسباب وغريها وجدنا القرآن حارب الربا‬ ‫واآلخر مت‬ ‫حماربة شديدة‪ ،‬فقال ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ﭜ ﭝﭞﭼ [البقرة‪.]285 :‬‬ ‫فكان أثره السء يف التعامالت املالية كأثر الزنا يف العالقات بني الرجال والنساء‪ ،‬فكام‬ ‫للزنا‪ :‬كالتربج واالختالط‪ ،‬كذلك ممنمع من ِّ‬ ‫كل ال ُّطرق‬ ‫ممنمع من ِّ‬ ‫كل ال ُّطرق املوصلة ّ‬ ‫ـ‪ 2‬ـ‬ ‫للربا‪ ،‬فكانت شبهة الربا ملحقة بالربا يف احلرمة؛ غلق ًا هلذا الباب‪ ،‬وسدّ ًا ّ‬ ‫لكل‬ ‫املوصلة ِّ‬ ‫املنافذ املوصلة له؛ خلطورته الشديدة عىل املال‪.‬‬ ‫التَّاسعة‪ :‬لزوم العوض يف مقابل عني أو منفعة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫احلظ ينظر‪ :‬املبسوط‪ ،85 :8‬وفتح القدير‪:9‬‬ ‫القامر‪ :‬هو تعليق أصل االستحقاق عىل‬ ‫‪ ،440‬وعبارته‪« :‬أصل االستحقاق يف القامر يتعلق بام يستعمل فيه»‪ ،‬ومثله يف‬ ‫حق معترب من منفعة أو عني‪.‬‬ ‫البناية ‪ ،433 :‬وغريها؛ إذ ال يقابل املال فيه ٌّ‬ ‫م‬ ‫األعيان التي ميضاف إليها عقد البيع وأمثاله‪ ،‬واملقصو مد باملنفعة‪:‬‬ ‫واملقصود بالعني‪:‬‬ ‫املنافع التي ميضاف إليها عقدم اإلجارة وأمثاله‪.‬‬ ‫م‬ ‫ألن هبا متام العدل‬ ‫ٍ‬ ‫منفعة؛ َّ‬ ‫عني أو‬ ‫م‬ ‫بإزاء تقدي مم ٍ‬ ‫املال ممستح ّق ًا‬ ‫م‬ ‫املعتربة يكون م‬ ‫م‬ ‫العقود‬ ‫ففي‬ ‫ٍ‬ ‫طرف تقديم‬ ‫كل‬‫يف مقابلة اليشء بقيمته املتوافق عليه بني املتعاقدين‪ ،‬ويكون الز ٌم عىل ِّ‬ ‫ما يلزم عليه قضا ًء‪ ،‬بخالف ما يكون قامر ًا‪ ،‬فكيف يلزم عليه أن ميقدِّ َم شيئ ًا ومل يأخذ يف‬ ‫استحقاق مه له‪ ،‬وهذا كامل العدل‪.‬‬ ‫م‬ ‫مقابلم مه عوض ًا‪ ،‬ولذلك ال ميقىض عليه به؛ لعدم‬ ‫وهنى اهلل تعاىل عن القامر يف قوله‪ :‬ﭽ ﭔ ﭕ ﭖﭼ [املائدة‪ ،]90 :‬وامليَّس‪ :‬هو القامر‬ ‫مشتق من اليَّس؛ ألنّه أخذ املال بسهولة من غري تعب وال كدّ ‪.‬‬ ‫م‬ ‫كالعديد‬ ‫الزمان عديدة جد ًا‪ :‬كاليانصيب‪ُّ ،‬‬ ‫وكل لعب محي ِّقق معناه‪،‬‬ ‫وصور القامر يف هذا َّ‬ ‫احلظ؛ إذ يسألوا سؤاالً سه ً‬ ‫ال وتلزم‬ ‫من املسابقات التلفزيونية واإلذاعية التي تعتمد عىل ّ‬ ‫بدفع مال بطريق االتصال ويفوز واحد وخيَّس الباقون قيمة اتصاالهتم‪ ،‬ومث مله كثري‬ ‫حيصل برسائل عىل اهلاتف بطرق متعددة‪ ،‬يتالعبون فيها بجمع املال‪ ،‬فاحلذر احلذر من‬ ‫قامر‪ ،‬وهو محم َّرم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫كل هذا؛ ألنَّه ٌ‬ ‫العارشة‪َّ :‬‬ ‫أن العقود فيها حقيق ّية ال ومهية‪:‬‬ ‫ونقصد بذلك َّأهنا ليست جمرد مضاربات حتصل يف البورصات وغريها مجينى من ورائها‬ ‫ٍ‬ ‫منفعة‪،‬‬ ‫م‬ ‫تقديم‬ ‫أرباح طائلة دون أن يكون فيها فائدة تعود عىل املجتمع بإنتاجم ٍ‬ ‫عني أو‬ ‫ـ‪ 3‬ـ‬ ‫سلبي بحصول تضخم يف‬ ‫ٌّ‬ ‫أثر‬ ‫وال يقف األمر عند هذا احلدّ فحسب‪ ،‬بل يكون هلا ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫أفراد مع ّينني‪ ،‬ممَّا جعل بعض‬ ‫األسعار‪ ،‬مما يلحق رضر ًا بليغ ًا باملجتمعات حلساب‬ ‫االقتصاديني ميطالب الدُّ ول إن أرادت أن حتل مشكلة التع ّثر االقتصادي أن ترتك وتبتعدَ‬ ‫عن العقود الومهية‪.‬‬ ‫هذه الكيفيات مل تقبلها الرشيعة‪ ،‬وحاربتها وسلكت وسائل جتعل العقود حقيقة تعود‬ ‫بالنفع عىل األفراد واجلامعات باإلنتاج والعمل واالستثامر احلقيقي‪ ،‬فال نريد عقد ًا‬ ‫بدون عني أو منفعة‪.‬‬ ‫م‬ ‫حتقيق الفقه لذلك‪:‬‬ ‫ومن م‬ ‫أمثلة‬ ‫‪.‬املنع من بيع يشء مل يقبض‪ ،‬تأكيد ًا عىل حتقق العقد بانتقال املبيع ووجود الضامن له؛‬ ‫فعن حزام بن حكيم بن حزام ‪ ‬قال‪« :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ّ ،‬إين رجل أشرتي املتاع فام‬ ‫م‬ ‫عيل؟ فقال‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬إذا ابتعت بيع ًا فال تبعه حتى‬ ‫الذي َحي ّل يل منها وما َ ْ‬ ‫حي مرم َّ‬ ‫‪ ،358،36 :‬وسنن النسائي الكربى‪،38 :4‬‬ ‫تقبضه» يف صحيح ابن حبان‬ ‫واملجتبى‪ ،286 :8‬واملنتقى ‪ ، 54 :‬ومصنف ابن أيب شيبة‪ ،388 :4‬ومصنف عبد‬ ‫الرزاق‪43. :8‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬املنع من بيع السلعة قبل متلكها؛ مبالغة يف حصول البيع بحق‪ ،‬وابتعاد ًا عن أسباب‬ ‫النزاع؛ فعن حكيم بن حزام ‪ ‬قال‪« :‬أتيت رسول اهلل ‪ ،‬فقلت‪ :‬يأتيني الرجل‬ ‫يسألني من البيع ما ليس عندي‪ ،‬أبتاع له من السوق‪ ،‬ثم أبيعه؟ قال‪ :‬ال تبع ما ليس‬ ‫عندك» يف جامع الرتمذي ‪ ،534 :3‬وحسنه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ،283 :3‬واملجتبى ‪:8‬‬ ‫‪ ،289‬وغريها‪.‬‬ ‫والس َلم إن مل حيصل تقابض يف نفس املجلس‪ ،‬وجعل القبض‬ ‫‪.3‬إبطال عقد الرصف َّ‬ ‫فيها مستحق ًا رشع ًا؛ سعي ًا إلجياد هذه العقود حقيقة‪ ،‬وخروج ًا من أسباب النزاع بسبب‬ ‫التغري الَّسيع يف األثامن؛ فعن أيب سعيد اخلمدري ‪ ،‬قال ‪« :‬ال تبيعوا الذهب‬ ‫ـ‪ 4‬ـ‬ ‫ال بمثل‪ ،‬وال تشفوا بعضها عىل بعض‪ ،‬وال تبيعوا الورق بالورق إال مث ً‬ ‫ال‬ ‫بالذهب إال مث ً‬ ‫بمثل‪ ،‬وال تشفوا بعضها عىل بعض‪ ،‬وال تبيعوا منها غائب ًا بناجز» يف صحيح البخاري‬ ‫‪ ،86 :2‬وصحيح مسلم ‪ ، 208 :3‬وغريها‪.‬‬ ‫‪.4‬املنع من بيع الدَّ ين بالدَّ ين إال ممن عليه الدَّ ين‪ ،‬فال جيوز بيع ديني عىل زيد لعمر مثالً‪،‬‬ ‫إن رسول‬ ‫وصوره عديدة‪ ،‬وكل هذا حتقيق لعقود حقيقة ال ومهية؛ فعن ابن عمر ‪َّ « :‬‬ ‫اهلل ‪ ‬هنى عن بيع الكالئ بالكالئ» يف سنن الدارقطني ‪ ،8 :3‬واملوطأ ‪،898 :2‬‬ ‫واملستدرك ‪ ،65 :2‬وصححه احلاكم‪ ،‬وقال الدارقطني‪ :‬ليس يف هذا حديث يصح‪،‬‬ ‫لك َّن إمجاع الناس عىل أنَّه ال جيوز بيع دين بدين‪.‬ينظر‪ :‬تلخيص احلبري ‪ :26 :3‬أي‬ ‫النسيئة بالنسيئة‪.‬‬ ‫املبني يف كتب‬ ‫احلادية عرش‪َّ :‬‬ ‫أن األصل يف املعامالت اإلباحة ما مل ختالف هني الشارع ّ‬ ‫أئمتنا الفقهاء‪:‬‬ ‫تيسري‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫األصل يف املعامالت اإلباحة َميِّز ٌة كبري ٌة جد ًا‪ ،‬فيه‬ ‫اعتبار أئمة الفقه قاطب ًة َّ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫إن‬ ‫متوافق مع م‬ ‫كون املعامالت‬ ‫ٌ‬ ‫ورفع للحرج‪ ،‬وابتعا ٌد عن التَّعقيدات والتَّقييدات‪ ،‬وهذا‬ ‫ٌ‬ ‫من التَّنظيامت‪.‬‬ ‫املتخصص يف الصناعة والتجارة وغريها وليس‬ ‫ِّ‬ ‫أن الذي يضع املعاملة هو‬ ‫ومعنى هذا َّ‬ ‫م‬ ‫موافقة أنظمة املعاملة أو‬ ‫بالقانوين الذي ينظر يف‬ ‫الفقيه‪ ،‬فالفقيه أشبه ما يكون عم مله‬ ‫ّ‬ ‫بحفظ احلقوق‪ ،‬ويكون عنده‬ ‫م‬ ‫األنسب واأل م‬ ‫فضل منها‬ ‫الرشكة لقوانني الدَّ ولة وما هو‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫كل ف ٍّن هي فيه‪.‬‬‫مساعدة يف وضع العقود‪ ،‬لكن وضعها ابتداء فهو من قبل أهل ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫نوع‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫أن املعامل َة مع موافقت مها لنظام الدولة نحتاج‬ ‫القانوين َّ‬ ‫وعمل الفقيه يتم ّي مز أيض ًا عن م‬ ‫عمل‬ ‫ّ‬ ‫أن تكون موافق ًة للرشيعة‪ ،‬وبحكم الرتاث الفقهي الضخم عرب التاريخ‪ ،‬والتجارب‬ ‫م‬ ‫العقود‬ ‫اهلائلة يف الدول املتعاقبة يف احلكم بالرشيعة‪ ،‬أصبحت لدى الفقه صور ًا من‬ ‫م‬ ‫واملعامالت ال متعدُّ وال محتىص‪ ،‬فيستطيع أن يفيدَ منها جمتمعه والبرشية مجعاء‪.‬‬ ‫ـ‪ 5‬ـ‬ ‫رير‬ ‫الرشيعة‪َ ،‬‬ ‫وحت م‬ ‫تصحيح معامالت النَّاس بام ال مخيالف َّ‬ ‫م‬ ‫عمل الفقيه‬ ‫وبالتَّايل يكون م‬ ‫َّنقيح‬ ‫م‬ ‫حتقيق العدل بني املمتعاقدين‪ ،‬والت م‬ ‫والسعي يف‬ ‫حق مجيع األطرف‪َّ ،‬‬ ‫املمعاملة بام حيفظ ّ‬ ‫م‬ ‫الواقعية‬ ‫م‬ ‫التجربة‬ ‫م‬ ‫تطويرها بحك مم‬ ‫بام جيعلها أكثر نجاح ًا ومالئم ًة للواقع‪ ،‬واإلسها مم يف‬ ‫ٍ‬ ‫جديدة مستفاد ٌة من تراث األمة‪.‬‬ ‫م‬ ‫معامالت‬ ‫واإلبداع يف‬ ‫والتَّارخيية‪،‬‬ ‫م‬ ‫األصل يف املعامالت اإلباحة حتى يدل الدليل عىل حتريمها‪ ،‬فكوهنا مباحة‬ ‫َ‬ ‫وعليه َّ‬ ‫فإن‬ ‫هو ما قامت عليه العديد من األدلة الرشعية‪ ،‬فام مل يرصح فقهاؤنا بتحريم رشط وعقد‬ ‫فإهنا تبقى‬ ‫ومعاملة؛ ملنع من قبل الشارع‪ ،‬ملا يرتتب عليها من املخاطر واملحظورات‪َّ ،‬‬ ‫عىل األصل من اإلباحة‪.‬‬ ‫ال َّثانية عرش‪َّ :‬أهنا مبن ّي ٌة عىل العرف‪:‬‬ ‫َّظر إىل عرف املجتمع‪ ،‬فيختلف احلكم‬ ‫َّ‬ ‫إن أكثر قاعدة متراعى يف الفتوى والتَّطبيق هي الن م‬ ‫ٍ‬ ‫زمان عىل حسب ما يقتضيه عرف الناس‪ ،‬قال اجلويني‬ ‫ٍ‬ ‫وزمان إىل‬ ‫ٍ‬ ‫مكان‬ ‫ٍ‬ ‫مكان إىل‬ ‫من‬ ‫‪« :382 :‬و َمن مل يمزج العرف يف املعامالت‬ ‫يف هناية املطلب يف دراية املذهب‬ ‫ٍ‬ ‫كامل فيها»‪.‬‬ ‫بفقهها‪ ،‬مل يكن عىل ٍّ‬ ‫حظ‬ ‫والعرف من أبرز أصول رسم املفتي الذي سنناقشه يف امليزة التّالية‪ ،‬فهو من اجلانب‬ ‫م‬ ‫التَّطبيقي للفقه‪ ،‬وليس من اجلانب االستنباطي للحكم كام يظنه عامة املعارصينز‬ ‫الثالثة عرش‪ :‬مراعاهتا قواعد رسم املفتي‪:‬‬ ‫إن األصول عىل نوعني‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫‪.‬أصول للمجتهد املطلق‪ :‬يستنبط هبا األحكام من الكتاب والسنة واآلثار‪ ،‬وهي‬ ‫املتمثلة بقواعد علم األصول من القرآن والسنة واإلمجاع والقياس وغريها‪.‬‬ ‫‪.2‬أصول للمجتهد يف املذهب‪ :‬يطبق فيها الفقه عىل األفراد واجلامعات واملجتمعات‪،‬‬ ‫ورة‪ ،‬والتيسري‪ ،‬ورفع احلرج‪،‬‬ ‫املسامة بـ(قواعد رسم املفتي)‪ ،‬وهي املتمثلة‪ :‬بال‬ ‫وهي ّ‬ ‫وتغري الزمان‪ ،‬والعرف‪ ،‬واملصلحة‪ ،‬وأشباهها‪.‬‬ ‫ـ‪ 6‬ـ‬ ‫ورة؛ لقوله ‪ :‬ﭽﭠ ﭡ‬ ‫وبعض هذه القواعد مؤثرة يف تغري احلكم الرشعي‪ :‬كال‬ ‫ﭢ ﭣﭤﭼ [األنعام‪.] 9 :‬‬ ‫فاحلكم الرشعي له طرفان‪ :‬طرف يف كيفية استنباطه‪ ،‬ويكون بأصول الفقه‪ ،‬وطرف يف‬ ‫كيفية تطبيقه‪ ،‬ويكون برسم املفتي‪.‬‬ ‫وهذا الرتتيب يعطي للمعامالت ميزة عظيمة جد ًا بمراعاة قواعد رسم املفتي عند‬ ‫تطبيقها‪ ،‬فيتحقق العدل املطلوب‪ ،‬واملطابقة املرجوة‪ ،‬قال ابن عابدين يف نرش العرف ‪:2‬‬ ‫عرف زمانه بحيث لو كان يف زمان‬ ‫م‬ ‫وكثري منها ما مي َب ِّينمه املجتهدم عىل ما كان يف‬ ‫‪« : 23‬‬ ‫ٌ‬ ‫العرف احلادث لقال بخالف ما قاله ّأوالً؛ وهلذا قالوا يف رشوط االجتهاد‪ :‬أنَّه ال مبدّ فيه‬ ‫معرفة عادات الناس»‪.‬‬ ‫م‬ ‫من‬ ‫الرابعة عرش‪ :‬استفادهتا من اختالف الفقهاء‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫أن االستفاد َة من املذاهب الفقه ّية املعتربة للمك ّلف واملجتمعات والدُّ ول جائز ٌة‬ ‫معلو ٌم َّ‬ ‫حمل بياهنا‪ ،‬ففي موضع ال َّ ورة جيوز لنا العمل بمذهب الغري؛‬ ‫برشوط ليس هنا ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫املسألة فجاز‬ ‫فيتقوى عىل مذهبنا يف َح ِّق هذه‬ ‫م‬ ‫ورة مع أد ّلة الغري‪،‬‬ ‫الجتامع دليل ال‬ ‫َّ‬ ‫العمل به‪ ،‬وهذه توسع ٌة كبري ٌة عىل األمة‪ ،‬وهذه االستفادة أكثر ما تظهر يف املعامالت؛‬ ‫لكوهنا تنظيم‪ ،‬فكل مذهب يسعى لتقديم تنظيم لنا‪ ،‬فام رأيناه أنسب للواقع وأكثر فائدة‬ ‫وإحكام ًا أخذنا به‪.‬‬ ‫لذا شاع وذاع عىل لسان كثري من السلف‪َّ :‬‬ ‫أن اختالف األئمة يف الفروع هو رضب من‬ ‫رضوب الرمحة‪ ،‬فروي عن رسول اهلل ‪« :‬اختالف أمتي رمحة» قال العراقي ختريج‬ ‫أحاديث اإلحياء ‪« :84 :‬ذكره البيهقي يف «رسالته األشعرية» تعليق ًا وأسنده يف‬ ‫«املدخل» من حديث ابن عباس بلفظ «اختالف أصحايب لكم رمحة»‪ ،‬وإسناده‬ ‫ضعيف»‪.‬‬ ‫ـ‪ 8‬ـ‬ ‫وتفتح‬ ‫الصدر‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫اختالف ال مفقهاء يف‬ ‫م‬ ‫توسع َّ‬ ‫م‬ ‫داخل املذهب وخارجه‬ ‫واالطالع عىل‬ ‫م‬ ‫املدارك‪ ،‬بحيث ال يتشدَّ د الفقيه يف مواضع اخلالف وال مينكر فيها‪ ،‬وإنَّام يتشدَّ د فيام َح ُّقه‬ ‫ورفع للحرج‬ ‫ٌ‬ ‫وتيسري‬ ‫ٌ‬ ‫تسامح‬ ‫ٌ‬ ‫التَّشدد من مواضع اإلمجاع بني العلامء‪ ،‬وتكون فتواه فيها‬ ‫قررته الرشيعة‪ ،‬قال ابن أيب عروبة ‪َ « :‬من مل يسمع االختالف فال‬ ‫عىل مقتىض ما َّ‬ ‫تعدُّ وه عامل ًا» يف جامع بيان العلم‪ ،8 5 :2‬والكامل ‪ ،449 :4‬وامليزان‪ ، 52‬وسري‬ ‫أعالم النبالء‪.4 3 :6‬‬ ‫م‬ ‫حسن نظره لألممور وموازنته هلا‪ ،‬ويكون فيه سعة‬ ‫االختالف يستفيد منه الفقيه يف‬ ‫م‬ ‫فهذا‬ ‫كبرية عىل األمة باختياره ما ميناسبها من أقوال الفقهاء‪ ،‬ونمى الفقه بسببه نمو ًا هائالً‬ ‫فأفادنا كثري ًا يف املعامالت ّ‬ ‫املتنوعة واملستحدثة‪.‬‬ ‫اخلامسة عرش‪ :‬لزوم رشوط املتعاقدين ما مل ختالف مقتىض العقد وهني الشارع احلكيم‪:‬‬ ‫م‬ ‫حتقيقه‪ ،‬فهو مقصو مد‬ ‫ومعنى مقتىض العقد‪ :‬ما يقتضيه‪ :‬أي ما مع مقد العقد من َأجل‬ ‫يشرتط رشط ًا منافي ًا هلذا املقتىض‪َّ ،‬‬ ‫فإن كال َمه تناقض‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال عقد البيع‬ ‫م‬ ‫العقد‪ ،‬فعندما‬ ‫الزمن مثالً‪ ،‬وهو خيالف ُّ‬ ‫حتقق‬ ‫املبيع عنده ممدّ ًة من َّ‬ ‫يقتيض التَّمليك وهو يشرتط أن يبقى م‬ ‫بقوة املقتىض‬ ‫شك ّ‬‫الرشط‪ ،‬وال ّ‬ ‫التَّمليك الكامل املوجود يف العقد‪ ،‬فيتناقض املقتىض مع َّ‬ ‫الرشط؛ ألنَّه ما قام عليه العقد ال ما مأضيف إليه‪.‬‬ ‫عىل َّ‬ ‫وقد منع النبي ‪ ‬من هذه الرشوط يف حديث بريرة ريض اهلل عنها عندما اشرتط‬ ‫سيدها عند بيعها للسيدة عائشة ريض اهلل عنها أن يبقى الوالء‪ ،‬وهذا خمالف ملقتىض‬ ‫العقد من انتقال امللك للمشرتي‪ ،‬والوالء تبع له؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها دخل عيل‬ ‫فإن الوال َء َملن َأعتق‪،‬‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬فذكرت له‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬اشرتي وأعتقي‪َّ ،‬‬ ‫َّبي ‪ ‬من العيش فأثنى عىل اهلل بام هو أه مله‪ّ ،‬‬ ‫ثم قال‪ :‬ما بال أناس يشرتطون‬ ‫ثم قام الن ُّ‬ ‫ّ‬ ‫رشوط ًا ليس يف كتاب اهلل‪َ ،‬من اشرتط رشط ًا ليس يف كتاب اهلل فهو ٌ‬ ‫باطل‪ ،‬وإن اشرتط‬ ‫حق و َأوثق» يف صحيح البخاري ‪.856 :2‬‬ ‫مئة رشط‪ ،‬ورشط اهلل َأ ّ‬ ‫ـ‪ 8‬ـ‬ ‫يتحمل سيده جنايته‪ ،‬ويرثه سيده إن مل يكن له عصبة‬ ‫ّ‬ ‫ومعنى الوالء‪َّ :‬‬ ‫أن العبدَ بعد عتقه‬ ‫من أبناء أو آباء أو مأخوة أو أعامم‪ ،‬فوالء العتاقة هو آخر العصبات؛ فعن ابن عمر ‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫قال ‪« :‬الوال مء حلمة كلحمة النَّسب‪ ،‬ال ميباع وال ميوهب» يف صحيح ابن حبان‬ ‫‪ ،326‬واملستدرك‪ ،389 :4‬واملعجم األوسط‪ ،82 :2‬ومعجم الشيوخ ‪ ،3 2 :‬وسنن‬ ‫البيهقي‪.240 :6‬‬ ‫ٍ‬ ‫رشوط مخمالفة ملقتىض العقد‬ ‫أن اشرتاط‬‫َّبي ‪ ‬اعترب َّ‬ ‫السابق‪َّ :‬‬ ‫أن الن َّ‬ ‫ووجه داللة احلديث َّ‬ ‫والرهن وغريها‪ ،‬فتكون رشوط ًا‬ ‫مخيالف إباحة القرآن للعقود املختلفة من البيع والنِّكاح َّ‬ ‫م‬ ‫العقود ممطلق ًا‪ ،‬وهو‬ ‫م‬ ‫العمل بمقتىض هذه‬ ‫م‬ ‫القرآن هو‬ ‫ليست يف كتاب اهلل؛ َّ‬ ‫ألن الذي يف‬ ‫املتوافق مع ما اتفق عليه املتعاقدان‪...‬‬ ‫م‬ ‫وهذه الرشوط التي تكون خمالفة ملقتىض العقد منها ما يكون فيه منفعة للبائع‪:‬‬ ‫كاشرتاطه عدم تسليم املبيع مبارشة‪ ،‬أو منفعة للمشرتي‪ :‬كاشرتاطه خياطة الثوب‬ ‫أن ع ّلة هذه الرشوط هي الربا والنزاع‪ ،‬فإن تعارفوا هذه‬ ‫ومر سابق ًا َّ‬ ‫الذي اشرتاه‪َّ ،‬‬ ‫الرشوط انتفى األمران وجازت‪.‬‬ ‫وأما الرشوط املوافقة ملقتىض العقد‪ ،‬مثل‪ :‬اشرتاط الرهن أو الكفالة أو غريها مما يؤكد‬ ‫مقتىض العقد ويكون مالئ ًام له‪ ،‬فهي ال تفسد العقد‪ ،‬بل تثبته‪ ،‬فتكون داخلة يف قوله ‪:‬‬ ‫«املسلمون عند رشوطهم إال رشط ًا حرم حالالً أو رشط ًا أحل حرام ًا» يف صحيح‬ ‫البخاري ‪ 894 :2‬معلق ًا‪ ،‬واملستدرك ‪ ،58 :2‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،89 :6‬واللفظ‬ ‫له‪ ،‬وسنن الدارقطني ‪ ،28 :3‬ورشح معاين اآلثار ‪ ،90 :4‬وغريها‪.‬‬ ‫والرشوط التي هنى عنها الشارع‪ ،‬مثل‪ :‬أن يكون العقد ربا أو قامر ًا وأمثاهلا‪َّ ،‬‬ ‫فإهنا‬ ‫ممنوعة‪.‬‬ ‫وبالتايل تكون هذه ميزة للمعامالت‪ ،‬بأن يباح لك اشرتاط ما تريد من الرشوط وتكون‬ ‫الزمة عىل ال َّطرفني برشط أن ال تكون مناقضة ملا اقتضاه العقد أصالً‪ ،‬حتى ال يتحقق‬ ‫ـ‪ 9‬ـ‬ ‫التناقض‪ ،‬إال إن جرى عرف يف ذلك‪.‬‬ ‫ر بفسخ العقد إن لزم منه‪:‬‬ ‫السادسة عرش‪ :‬دفع ال‬ ‫ة مل يكن الزم ًا‪ ،‬وجاز‬ ‫فالعقد وجد لتحقيق املنفعة ال جللب م ّ ة‪ ،‬فإن لزمت منه م‬ ‫أن َّ‬ ‫كل موضع ال يقدر العاقد‬ ‫فسخه‪ ،‬ويظهر هذا جلي ًا يف اإلجارات؛ إذ األصل فيها‪َّ :‬‬ ‫عىل امليض يف موجب العقد إالّ ب ر‪ ،‬مل يلزمه العقد‪ ،‬فهو عذر يف فسخه؛ َّ‬ ‫ألن ال َّ َر‬ ‫ثم زال الوجع‪ ،‬فإنَّه َّ‬ ‫يتعذر امليض يف العقد‬ ‫مدفوع رشع ًا‪ :‬كام لو استأجر؛ لقلع رضسه‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ر‪ ،‬فال يلزم هذا ال‬ ‫إال ب‬ ‫ومثاله املعارص‪ :‬لو أنَّه باع احلديد الذي يف داخل بنائه أو أسالك الكهرباء يف داخل‬ ‫ر الواقع عليه‪ ،‬حيث خيَّس أضعاف ما‬ ‫اجلدران‪ ،‬فإنَّه ال يلزمه التَّسليم؛ لعظيم ال‬ ‫يربح بسبب هدمه للبناء أو إفساده‪ ،‬فلم يكن الزم ًا رغم االتفاق‪ ،‬وجيوز هلام الفسخ‪.‬‬ ‫عرش‪ :‬مقصو مدها تقديم أفضل وأحسن ّ‬ ‫حل وهيئة للمعاملة املال ّية‪:‬‬ ‫السابع َة َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫أفضل حلول متقدَّ مم لتنظيم حياة النَّاس‪ ،‬وهذه هي نظر مة‬ ‫إن املعامالت اإلسالمية هي‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫بتقرير املعاملة‪ ،‬وهذا تأكيد عىل معنى التَّنظيم الذي َم َّر‬ ‫م‬ ‫وتفكريه‬ ‫الفقيه أثناء عملمه‬ ‫سابق ًا‪.‬‬ ‫غريه من األبواب السيام‬ ‫وهذه النَّظر مة جتعل االختيار بني أقوال الفقهاء أوسع من م‬ ‫العبادات؛ َّ‬ ‫ألن مسعاه هاهنا احلصول عىل أكمل وأتم وأحسن هيئة‪ ،‬فإن وجد مثلها يف‬ ‫غري مذهبه أمكنه االستفادة منه‪ ،‬فام كان من املذاهب أقدر عىل أحسن حل للمشكلة‪،‬‬ ‫وأيَّس يف التطبيق‪ ،‬وأنجح يف الواقع‪ ،‬كان أجدر بأن خيتار يف العمل‪ ،‬حتى أننا لو رأينا‬ ‫هيئة أفضل ألي معاملة يف أي قانون ال مانع لنا من االستفادة منه ما مل يكن حمظور ًا‪.‬‬ ‫وهذا األمور التنظيمية تشبه الصناعات التي مو مجدت لتسهيل وتيسري احلياة البرشية‪،‬‬ ‫وليست حكر ًا عىل جمتمع دون جمتمع‪ ،‬بل ميمكن االستفاد مة منها يف كافة املجتمعات‪،‬‬ ‫ـ ‪ 20‬ـ‬ ‫صححها‬ ‫ٍ‬ ‫معاملة من م‬ ‫غري املسلمني أن من ِّ‬ ‫ولكن يف املجتمعات املسلمة نحتاج عند أخذ أي‬ ‫وهن ِّذ َهبا بام يتالئم مع قواعدنا الفقه ّية وأحكام رشيعتنا‪.‬‬ ‫م‬ ‫وال يعني كالمي أن ال تكون املعامالت واألنظمة والقوانني غري مقعدة عىل مذهب‬ ‫معني‪ ،‬بل هو األصل‪ ،‬وبدون ذلك ضياع وتشتيت‪ ،‬واملذهب ال يمنعنا من االستفادة‬ ‫من غريه فيام فيه حاجة ورضورة ومصلحة وتيسري؛ ألنَّه يسعى لذلك يف عملم مه‪ ،‬فإن‬ ‫غريه أن ميقدِّ م أفضل منه يف التَّطبيق أشار إلينا علامء املذهب باألخذ به‪ ،‬فالبناء‬ ‫استطاع م‬ ‫والتأصيل ال بدّ له من مذهب واحد‪ ،‬وإن احتجنا إىل غريه يف العمل والتطبيق فال مانع‬ ‫منه‪.‬‬ ‫الثامنة عرش‪ :‬األصل فيها احلر ّية ال التقييد‪:‬‬ ‫حق‬ ‫مر معنا يف اإلباحة‪ ،‬بل عىل احلر ّية‪ ،‬فنعطيه ّ‬ ‫َّ‬ ‫فإن مبنى ال َّتعامالت ليس عىل املن مع كام ّ‬ ‫أن ميس ِّع َر ويشرتي ويبيع ويملك ويتم َّلك كيفام شاء فال نضع عليه موانع وقيود ال معنى‬ ‫اخلاصة ال متقدَّ م عىل املصلحة‬ ‫ّ‬ ‫ألن املصلح َة‬ ‫هلا‪ ،‬وإنَّام نمنع ما فيه إرضار ًا عام ًا باملجتمع؛ َّ‬ ‫العا ّمة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬املنع من الربا أو القامر أو املخالف للمصلحة العامة أو بي ٍع غري‬ ‫ٍ‬ ‫جهالة تفيض للنِّزاع أو عقدين يف عقد‬ ‫مملوك أو معدو ٍم أو مل يقبض أو بيع دين بدين أو‬ ‫غري متعارفني بحيث يسببان نزاع ًا أو ربا‪.‬‬ ‫وفيام عداها إمجاالً كان امليدان واسع ًا يف النِّشاط بحر ّية تا ّمة‪ ،‬فإن منعنا من يشء أو قيدنا‬ ‫به كان ملصلحة ظاهرة تعود عىل الفرد أو املجتمع‪ ،‬حيث يكون التغليب للمصلحة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫تقسيم العقود إىل صحيح وباطل وفاسد ومكروه وغريها‪:‬‬ ‫م‬ ‫التاسعة عرش‪:‬‬ ‫ـ ‪2‬ـ‬ ‫البيع ينعقد باإلجياب‬ ‫ُ‬ ‫البيع( ) ينعقد باإلجياب‪..................................................‬‬ ‫( ُ‬ ‫إن هذه ميز ٌة عظيم ٌة جدّ ًا مل تكن العقود فيها صحيح وباطل فحسب‪ ،‬بل جعلنا فيها‬ ‫َّ‬ ‫الفاسد‪ ،‬وهو ما كان صحيح ًا يف أصله ال يف وصفه عىل املشهور‪ ،‬بخالف الباطل ما مل‬ ‫يكن صحيح ًا ال بأصله وال بوصفه‪.‬‬ ‫حكمه كالعدم‪ ،‬فال نرتب عليه محك ًام‪ ،‬و ميعترب كأنَّه مل يفعل أص ً‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫أن الباطل‬‫وهيمنا هنا َّ‬ ‫فال حيصل فيه ملك‪.‬‬ ‫الترصف فيه‪ ،‬ويقسم إىل قسمني‪ :‬متمكن وغري‬ ‫ّ‬ ‫ويصح‬ ‫ّ‬ ‫وأ َّما الفاسد فيملك بالقبض‬ ‫متمكن‪.‬‬ ‫واملتمكِّن ال يلحقه التَّصحيح‪ ،‬بل يبقى الزم ًا فيه الفسخ‪ ،‬مثاله‪ :‬رشط الربا يف العقد‪،‬‬ ‫واألجل الفاحش يف الثمن‪ ،‬مثل‪ :‬هبوب الريح ونزول املطر‪ ،‬فال يصح العقد بإلغاء‬ ‫الرشط‪ ،‬وإنَّام علينا جتديد العقد‪.‬‬ ‫نرفع سبب الفساد فينقلب صحيح ًا‪ ،‬مثاله‪ :‬أي‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫يلحقه التَّصحيح‪ ،‬بأن‬ ‫وغري املتمكِّن‬ ‫م‬ ‫مرشط فيه منفع ٌة ألحد املتعاقدين أو األجل غري الفاحش للثمن‪ :‬كوقت احلصاد وقدوم‬ ‫احلاج‪ ،‬فإذا ارتفع رشط الفساد انقلب العقد صحيح ًا‪.‬‬‫ّ‬ ‫فقسم البيع‬ ‫م‬ ‫صحيح وإنَّام يلح مقه إثم ملا فيه من غرر ورضر‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وأ ّما املكروه فالعقدم فيه‬ ‫حيوية العقود‪ ،‬وانقالهبا من فاسدة إىل صحيحة بعد إزالة‬ ‫م‬ ‫الفاسد ممفيد ٌة للغاية يف‬ ‫املفسد‪ ،‬وهذا جيعل هلا ميزة كبرية‪.‬ينظر‪ :‬متامه يف املنهاج املفصل يف املعامالت ص‪.23‬‬ ‫( ) البيع لغ ًة‪ :‬من األضداد‪ ،‬يقال‪ :‬باع اليشء إذا رشاه أو اشـرتاه‪ ،‬ومنـه احلـديث‪« :‬ال‬ ‫‪ ،339 :‬واملسند املستخرج ‪،89 :4‬‬ ‫يبع بعضكم عىل بيع أخيه» يف صحيح ابن حبان‬ ‫ومسند أمحد ‪ :2 :2‬أي ال يشرتي عىل رشاء أخيه…‪.‬ينظر‪ :‬معجم مقاييس اللغـة ‪:‬‬ ‫‪ ،328‬والقاموس ‪ ،8 :3‬واملغرب ص‪ ،56‬واللسان ‪.402-40 :‬‬ ‫ـ ‪ 22‬ـ‬ ‫وال َقبول‬ ‫إمجاع النَّاس‪.‬‬ ‫م‬ ‫وال َقبول)( )‪ ،‬وهذه األشبهة فيه وعليه‬ ‫واصطالح ًا‪ :‬مبادلة مال بامل‪ ،‬ومل يقل بالرتايض؛ ليتناول بيع املكره‪ ،‬فإنَّـه منعقـد وإن مل‬ ‫يلزم‪.‬ينظر‪ :‬الوقاية ص‪ ،499‬وملتقى األبحر ‪ ،3 :2‬وجملـة األحكـام العدليـة ‪،56 :‬‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫متول ماالً اختذه مقنية‪ ،‬فهو ما ملكته من مجيع األشياء من دراهم أو‬ ‫ومعنى املال لغ ًة‪ :‬من ّ‬ ‫دنانري أو ذهب أو فضة أو حنطة أو شعري أو خبز أو حيوان أو ثياب أو سـالح أو غـري‬ ‫ذلك‪.‬ينظـر‪ :‬لسـان العـرب ‪ ،4300 :6‬و املغـرب ص‪ ،449-448‬واملصـباح املنـري‬ ‫ص‪.586‬‬ ‫واصطالح ًا‪ :‬املبذول املنتفع به رشع ًا‪ ،‬هذا تعريف املـال املتقـوم‪ ،‬وأمـا املـال‪ :‬فاملبـذول‬ ‫املنتفع به؛ ألنَّه ما يميل إليه الطبع‪ ،‬و ميمكن ادخاره لوقت احلاجة منقوالً أو غري منقول‪،‬‬ ‫بتمول النّاس كا ّفـة أو بعضـهم‪ ،‬وذلـك ِّ‬ ‫بالصـيانة واالدخـار لوقـت‬ ‫واملالي مة إنَّام ثبتت ّ‬ ‫احلاجة‪ ،‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪ ،288 :5‬ودرر احلكام ‪ ، 80 :2‬وغريمها‪.‬‬ ‫املتقوم؛ َّ‬ ‫ألن املال ما ميمكن ادخاره ولو غري مبـاح‪ :‬كـاخلمر‪،‬‬ ‫أعم من ّ‬ ‫وحاص مله‪َّ :‬‬ ‫أن املال ّ‬ ‫متقـوم‪ ،‬فلـذا فسـد البيـع‬ ‫ّ‬ ‫فـاخلمر ٌ‬ ‫مـال ال‬ ‫م‬ ‫تقوم ما ميمكن ادخاره مع اإلباحـة‪،‬‬ ‫واملال امل ّ‬ ‫بجعلها ثمن ًا‪ ،‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪ ، 53 :9‬والبحر الرائق ‪ 288 :5‬عـن الكشـف الكبـري‪،‬‬ ‫ورد املحتار ‪ ،50 :4‬وجملة األحكام العدلية ‪ ،59 :‬و درر احلكام ‪ ، 80 :2‬والتبيني‬ ‫‪.234 :5‬‬ ‫( ) ركن البيع‪ :‬اإلجياب والقبول الداالن عىل التّبادل‪ ،‬أو ما يقوم مقامهام من التعاطي‪،‬‬ ‫َّرصف الدّ ال عىل تبادل امللكني من قول أو فعل‪.‬‬ ‫فهو الت ُّ‬ ‫واإلجياب‪ :‬لغ ًة‪ :‬اإلثبات‪ ،‬وسمي اإلجياب إجياب ًا؛ لكون املوجب بإجيابـه يثبـت لرخـر‬ ‫حق القبول‪.‬واصطالح ًا‪ :‬ما يصدر أوالً من أحد العاقدين؛ ألجل إنشاء الترصف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ ‪ 23‬ـ‬ ‫إذا كانا بلفظ املايض‬ ‫القيـاس أن ال‬ ‫م‬ ‫ألن َ‬ ‫لفـظ املسـتقبل عـدة‪ ،‬وكـان‬ ‫(إذا كانا بلفظ( ) املاايض)(‪)2‬؛ َّ‬ ‫ينعقد النِّكاح أيض ًا إال بلفظـني ماضـيني إال أنَّـه استحسـن جـوازه بلفظـني مي ّ‬ ‫عـرب‬ ‫بأحدمها عن املستقبل؛ َّ‬ ‫ألن النِّكاح ال حي ه املساومة بخالف البيع‪.‬‬ ‫وفرق آخر‪َّ :‬‬ ‫أن قوله‪«:‬بعني» أمر بالبيع وتوكيل بـه‪ ،‬والواحـد ال يـيل طـريف‬ ‫عقد البيع؛ الختالف احلقوق‪ ،‬وقوله‪«:‬زوجني» أيض ًا ٌ‬ ‫أمر وتوكيل‪ ،‬لكـن الواحـد‬ ‫ييل طريف عقد النِّكاح‪ ،‬فإذا قال‪« :‬زوجتك» فكأ َّنه أتى بال َّشطرين مجيعـ ًا‪ ،‬فافرتقـا‪،‬‬ ‫عي ‪ ‬أحلق البيع بالنِّكاح‪ ،‬والفرق ما ذكرنا‪.‬‬ ‫و َّ م‬ ‫الشاف ّ‬ ‫وال َقبول‪ :‬ما يصدر ثاني ًا من العاقد اآلخر‪.‬‬ ‫فمن بدأ َّأوالً كان هو املوجـب‪،‬‬ ‫وال فرق بني أن يبدأ الكالم من البائع أو من املشرتي‪َ ،‬‬ ‫واآلخر هو القابل‪.‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪ ،8-6 :2‬ودرر احلكام رشح جملـة األحكـام ‪:‬‬ ‫‪ ، 04‬وغريمها‬ ‫والقبول يف البيع ِّ‬ ‫بكل لفظني مستعملني إلنشاء البيع يف معرف البلد‬ ‫م‬ ‫اإلجياب‬ ‫م‬ ‫( ) ينعقد‬ ‫والقوم ‪.‬فمن ألفاظ البيع‪ :‬بعت‪ ،‬واشرتيت‪ ،‬وقبلـت‪ ،‬ورضـيت‪ ،‬وأرغـب‪ ،‬وأحببتـه‪،‬‬ ‫ويوافقني‪ ،‬وبذلت‪ ،‬وجعلك لك هذا بكذا‪ ،‬واخرتت‪ ،‬وأجزت‪ ،‬ووهبتـك مـايل هـذا‬ ‫بخمسني دينار‪ ،‬وأسلمتك‪ ،‬وأعطيت‪ ،‬وملكت‪.‬كام يف الوجيز يف املعامالت ص‪.29‬‬ ‫كل ما ُّ‬ ‫تدل عىل حتقق البيع ال الوعد عرف ًا‪ ،‬فإن كان العقـد يتح َّقـق‬ ‫(‪ )2‬صيغ االنعقاد‪ُّ :‬‬ ‫بالتعاطي بدون تلفظ‪ ،‬فمن باب أوىل أن يتحقق بالصيغ املختلفة إن كانت دا ّلة حصول‬ ‫البيع ال املساومة والعدة‪ ،‬وما يذكره الفقهاء كصيغة املايض‪َّ ،‬‬ ‫فـإن البيـع ينعقـد هبـا؛ إذ‬ ‫اإلجياب والقبول يكونان بصيغة املايض‪ :‬كبعت‪ ،‬واشـرتيت‪ ،‬ورضـيت؛ لداللتـه عـىل‬ ‫حتقيق وقوع احلدث وثبوته دون املستقبل‪ ،‬كام يف الوجيز يف املعامالت ص ‪.3‬‬ ‫ـ ‪ 24‬ـ‬ ‫وإذا أوجب أحد املتعاقدين البيع‪ ،‬فاآلخر باخلياار‪ :‬إن شااء قبال يف املجلاس وإن‬ ‫ِ‬ ‫املجلس قبل ال َقبول بطل اإلجياب‬ ‫شاء رده‪َ ،‬‬ ‫وأ هُّيام قام من‬ ‫(وإذا أوجب أحد املتعاقدين البيع‪ ،‬فاآلخر باخليار‪ :‬إن شاء قبل يف املجلاس‬ ‫وإن شاء رده)؛ أل َّنه ال والية ألحدمها عىل صاحبه‪ ،‬فلو لزمه البيع مـن غـري قبـول‬ ‫أدى إىل ال َّ ر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املجلس قبل ال َقبول بطل اإلجياب)( )؛ أل َّنه خيار متليك فيقف‬ ‫( َ‬ ‫وأ هُّيام قام من‬ ‫املخرية‪ ،‬وهو املعني بقوله ‪« :‬املتبايعـان باخليـار مـا مل يفرتقـا‬ ‫عىل املجلس كام يف ّ‬ ‫عن املجلس»(‪.)2‬‬ ‫( ) و َيبطل اإلجياب قبل قبول اآلخر‪ ،‬وله حاالت‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪.‬إعراض أحدمها يف جملس البيع ـ وهو االجتامع الواقع لعقد البيع ـ‪ ،‬فلـو قـال أحـد‬ ‫املتبايعني‪ :‬بعت أو اشرتيت‪ ،‬واشتغل اآلخر قبل القبول بأمر آخـر أو بكـالم أجنبـي ال‬ ‫تعلق له بعقد البيع‪ ،‬بطل اإلجياب‪.‬‬ ‫‪.2‬ر ّد اإلجياب قبل القبول؛ بأن يرجع أحـد املتبـايعني عـن البيـع بعـد اإلجيـاب َو َق ْب َـل‬ ‫القبول‪ ،‬فإنَّه يبطل اإلجياب‪ ،‬فلو قال البـائع‪ :‬بعـت هـذا املتـاع بكـذا‪ ،‬و َق ْب َـل أن يقـول‬ ‫املشرتي قبلت رجع البائع‪ ،‬ثم قبل املشرتي بعد ذلك‪ ،‬فال ينعقد البيع‪.‬‬ ‫األول‪،‬‬ ‫اإلجيـاب ّ‬ ‫َ‬ ‫تكرار اإلجياب قبـل ال َقبـول مي م‬ ‫بطـل‬ ‫َ‬ ‫األول‪َّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫اإلجياب بعد إجيابه ّ‬ ‫م‬ ‫‪.3‬‬ ‫و ميعترب فيه اإلجياب الثاين‪ ،‬فلو قال البائع للمشرتي‪ :‬بعتك هذا اليشء بمئـة دينـار‪ ،‬ثـم‬ ‫بعد هذا اإلجياب قبل أن يقول املشرتي قبلت رجع البائع فقال‪ :‬بعتك إ ّياه بمئتي دينار‪،‬‬ ‫ألن اإلجيـاب ال ّثـاين رجـوع عـن ّ‬ ‫األول‪،‬‬ ‫فإن للمشرتي أن يقبل عىل اإلجيـاب الثـاين؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫وللموجب أن يرجع عن إجيابه قبل القبول‪.‬ينظر‪ :‬الوجيز يف املعامالت ص‪.29‬‬ ‫(‪ )2‬فعن ابن عمر ‪ ،‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :‬البيعان باخليار ما مل يتفرقا‪ ،‬أو يقول أحدمها‬ ‫ـ ‪ 25‬ـ‬ ‫وإذا حصل اإلجياب وال َقبول لزم البيع‪ ،‬وال خيار لواحد منهام إال من عيب أو عدم‬ ‫واألثاامن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫جواِ البيع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مقداراا يف‬ ‫ِ‬ ‫معرفة‬ ‫ُ‬ ‫واألعواض املشار إليها ال ُيتاج إ ى‬ ‫رؤية‪،‬‬ ‫املطلق ُة ال تصح إال أن تكون معروف َة القادر ف‬ ‫والصافة‪ ،‬وجياوِ البياع باثمن حاال‪،‬‬ ‫ومؤجل إذا كان األجل معلوما‬ ‫َّ‬ ‫عي ‪ ‬يعترب ال َقبول عىل الفور؛ ليحصل االنعقاد واالرتباط‪ ،‬إالّ أنـا‬ ‫و َّ م‬ ‫الشاف ّ‬ ‫املخـرية‪ ،‬فيحصـل االرتبـاط‬ ‫ّ‬ ‫نقول‪ :‬املجلس جيمع الكلامت املتفرقة كـام يف خيـار‬ ‫حك ًام‪.‬‬ ‫(وإذا حصل اإلجياب وال َقبول لزم البيع‪ ،‬وال خيار لواحد منهام إال من عيب‬ ‫حـق الغـري بغـري رضـائه‪ ،‬ومـا رواه‬ ‫ألن يف إثبـات اخليـار إبطـال ّ‬‫أو عدم رؤية)؛ َّ‬ ‫عي ‪« :‬املتبايعان باخليار»( ) املراد منه خيار القبول عىل ما َم َّر؛ َّ‬ ‫ألن املتبايعني‬ ‫َّ م‬ ‫الشاف ّ‬ ‫مها املتشاغالن بالبيع حقيقة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جواِ البيع)؛ أل َّنه ال‬ ‫ِ‬ ‫مقداراا يف‬ ‫ِ‬ ‫معرفة‬ ‫ُ‬ ‫واألعواض املشار إليها ال ُيتاج إ ى‬ ‫(‬ ‫تعلق للصحة باملقدار فيام سوى الربويات‪.‬‬ ‫ألن اجلهالـ َة‬ ‫والصفة)؛ َّ‬ ‫واألثامن املطلق ُة ال تصح إال أن تكون معروف َة القدر ف‬ ‫ُ‬ ‫(‬ ‫فيهام مت ْف ميض إىل املمنازعة‪.‬‬ ‫ومؤجال إذا كاان األجال‬ ‫َّ‬ ‫الـنص(‪( ،)2‬‬ ‫ّ‬ ‫(وجيوِ البيع باثمن حاال)؛ إلطـالق‬ ‫معلوما)؛ أل َّنه «‪ ‬اشرتى طعام ًا من هيودي إىل أجل ورهنه درعه»(‪.)3‬‬ ‫لصاحبه اخرت» يف صحيح البخاري ‪ ،64 :3‬واللفظ له‪ ،‬وصحيح مسلم ‪. 63 :3‬‬ ‫( ) سبق خترجيه‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وهو قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭼ [البقرة‪.]285 :‬‬ ‫أن النبي ‪ ‬اشرتى طعام ًا من هيودي إىل أجل‪ ،‬ورهنه‬‫(‪ )3‬فعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ « :‬‬ ‫ـ ‪ 26‬ـ‬ ‫ِ‬ ‫غالب َن ْقد البلد‪ ،‬فإن كانت النهقو ُد خمتلفة فالبيع‬ ‫َو َمن َأطلق الثمن يف البيع كان عىل‬ ‫فاسد‪ ،‬إال أن ُي َب فِّي َأحدَ اا‪ ،‬وجيوِ بيع ال َّطعاام واحلباوب مكايلاة وجماِفاة‪ ،‬وبإنااء‬ ‫بعينه ال ُيعرف مقداره‪ ،‬وبوِن حجر بعينِه ال ُيعرف مقداره‬ ‫ألن اللفـظ عنـد‬ ‫ِ‬ ‫غالاب َن ْقاد البلاد)؛ َّ‬ ‫( َو َمن َأطلق الثمن يف البيع( ) كان عىل‬ ‫اإلطالق ينرصف إىل املعهود املتعارف‪.‬‬ ‫(فإن كانت النهقو ُد خمتلفاة فاالبيع فاساد)؛ للجهالـة (إال أن ُي َبا فِّي َأحادَ اا)؛‬ ‫الرتفاع ال ُّلبس‪.‬‬ ‫(وجيوِ بيع ال َّطعام واحلبوب مكايلة وجماِفة‪ ،‬وبإناء بعينه ال ُيعرف مقداره‪،‬‬ ‫وبوِن حجر بعين ِه ال ُيعرف مقداره)؛ لقوله ‪« :‬إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف‬ ‫درع ًا من حديد» يف صحيح البخاري ‪ ،56 :3‬واللفظ له‪ ،‬وصحيح مسلم ‪. 226 :3‬‬ ‫أربع حاالت‪:‬‬ ‫( ) أي إن كان بثمن مطلق فله م‬ ‫الرواج واملال ّية‪ ،‬فإنَّه يقع عىل النّقد الغالب يف البلد‪ ،‬بـأن قـال‪:‬‬ ‫‪.‬إن اختلفت النُّقود يف َّ‬ ‫عرشة دراهم مثالً‪ ،‬فإذا كان كذلك ينرصف إىل املتعامل به يف بلده; َّ‬ ‫ألن املعلوم بالعرف‬ ‫كاملعلوم بالنص‪.‬‬ ‫طلـب‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫باخليار يف دف مع أهيام شاء‪ ،‬فلـو‬ ‫والرواجم مع ًا‪َّ ،‬‬ ‫فإن املشرتي‬ ‫‪.2‬إن استوت يف املال ّية ّ‬ ‫امتناع البائع عن َق م‬ ‫بول ما دف َعـه املشـرتي‬ ‫َ‬ ‫يدفع غريه؛ َّ‬ ‫ألن‬ ‫البائع أحدَ مها‪ ،‬فللمشرتي أن َ‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫لواحد عىل اآلخر‪.‬‬ ‫االختالف يف االسم‪ ،‬وال َ‬ ‫فضل‬ ‫َ‬ ‫تعنّت؛ َّ‬ ‫ألن‬ ‫‪.3‬إن استوت يف املال ّية واختلفت يف الرواج‪ ،‬فإنَّه يرصف إىل األروج‪.‬‬ ‫فإن البيع يفسد إالّ أن ّ َ‬ ‫يبـني أحـد النُّقـود؛‬ ‫الرواج واختلفت يف املالية‪َّ ،‬‬ ‫‪.4‬إن استوت يف َّ‬ ‫ألن اجلهالة مفضي ٌة إىل املنازعة‪ ،‬إالَّ أن ت َ‬ ‫رفـع اجلهالـة‪ ،‬ينظـر‪ :‬البحـر الرائـق ‪،204 :5‬‬ ‫َّ‬ ‫ورشح الوقاية ص‪ ،500‬وغريمها‪.‬‬ ‫ـ ‪ 28‬ـ‬ ‫ٍ‬ ‫واحد عناد أ حنيفاة ‪،‬‬ ‫باع ُص ْْب َة طعا ٍم كل قفيز بدرام جاِ البيع يف ٍ‬ ‫قفيز‬ ‫ومن َ‬ ‫َ‬ ‫ومن بااع قطياع غانم كال شااة‬ ‫إال أن ُيسم َي مجل َة قفزاهنا‪ ،‬وقاال‪َ :‬ي ه‬ ‫صح يف الكل‪َ ،‬‬ ‫بدرام فالبيع فاسدٌ يف مجيعها‪ ،‬وكذلك َمن باع ثوبا مذارعة كال ذرا ٍع بادرا ٍم و‬ ‫يسم مجلة ه‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser