فقه اللغة العربية PDF

Document Details

DecisiveTantalum8760

Uploaded by DecisiveTantalum8760

جامعة ميسان

2004

حاصد ياسر الزيدي

Tags

Arabic linguistics Arabic language linguistics philology

Summary

This book, "فقه اللغة العربية", by Dr. Hasad Yaser Al-Zaidi, discusses Arabic linguistics and its different branches. It examines the differences between linguistics and philology and highlights important works in Arabic philology. The first edition was published in 2004.

Full Transcript

# فقه اللغة العربية ## تأليف الدكتور حاصد ياسر الزيدي ( أستاذ الدراسات السير في جامعة الموصل ( سابقاً ) أستاذ الدراسات اللغوية في كلية التربية للبنات بجامعة بغداد ## الطبعة الأولى ١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م ## الفصل الأول ## في فقه اللغة ومبحثه وأهميته ## في دراسة اللغة ### المبحث الأول: ### الفرق بين ع...

# فقه اللغة العربية ## تأليف الدكتور حاصد ياسر الزيدي ( أستاذ الدراسات السير في جامعة الموصل ( سابقاً ) أستاذ الدراسات اللغوية في كلية التربية للبنات بجامعة بغداد ## الطبعة الأولى ١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م ## الفصل الأول ## في فقه اللغة ومبحثه وأهميته ## في دراسة اللغة ### المبحث الأول: ### الفرق بين علم اللغة وفقه اللغة ليس من اليسير تحديد الفروق الدقيقة بين علم اللغة وفقه اللغة، لأن أغلب مباحثهما متداخل لدى كثير من علماء الشرق والغرب. وقد أدى هذا التداخل إلى إطلاق إحدى التسميتين على الأخرى، حتى إن من الباحثين الذين يكتبون في علم اللغة يذكرون البحوث اللغوية المتعلقة بهذا العلم ويتحدثون عنها، ثم يقولون: وفقه اللغة يشمل معظم البحوث السابقة، ولا سيما إذا ووزنت هذه البحوث بين لغتين أو لغات متعددة. على نحو ما نجد مثلاً في كتاب (علم اللغة) للدكتور علي عبد الواحد وافي. وعند الموازنة نلحظ أن هذه الفروق طفيفة، فاسم علم اللغة عند الغربيين "Linguistics" ، أي العلم المختص بالكلام أو اللغة. واسم فقه اللغة عندهم هو "Philology" ، وهي كلمة مركبة من لفظين إغريقيين: هما "Philos" بمعنى الصديق، و "Logos" بمعنى الخطبة أو الكلام " فكأن واضع التسمية لاحظ أن فقه اللغة يقوم على: حب الكلام للتعمق في دراسته من حيث قواعده وأصوله وتاريخه " . فلم يكن فقه اللغة بمنأى عن علم اللغة بل كان وثيق الصلة به، فمباحثه المتنوعة كما يقول فردينان دي سوسور " مهدت السبيل لعلم اللغة التاريخي " . بل إن "LOMMEL" يذكر في رسالته التي .. بعنوان "كيف يدرس علم اللغة"؟ "إن علم اللغة من أهم الوسائل المساعدة للدراسات الفيلولوجية من جانب، ومن جانب آخر فإنه علم قائم بذاته، له وظيفة معينة وطرق و ميادين معروفة. ولا يستغني علم اللغة عن الفيلولوجيا، لأن أهم مصادره هي النصوص اللغوية. والعلاقة وثيقة بين العلمين إلى درجة أن الاستعمال الشائع للكلمتين لا يكاد يفرق بينهما " . ومع أن مصطلح " فقه اللغة " عربي قديم - كما سيتضح لنا - إلا أن عدداً من الباحثين يروق لهم أن يستعملوا مكانه أحياناً مصطلح "فيلولوجيا " أو " فيلولوجي " ، وهو المصطلح الغربي، بعد تعريبه كما ترى في الكلمة الأولى أو نقله دخيلاً كما في الثانية. ولا نرى ضرورة لذلك ؛ إذ أن المصطلح العربي الذي ذكرنا منضبط ودال على هذا العلم. على أن كلمة ( الفيلولوجي) قد تحددت عند الألمان بدراسة النصوص دراسة تاريخية لمحاولة فهمها، مع الاستعانة بدراسة الفروع اللغوية الأخرى التي يبحث فيها .... علم آخر عندهم هو (علم اللغة) " . غير أن هذا لا يعني أن مباحث فقه اللغة الحديث بعامة وقفت عند هذا اللون من البحث، بل إنها في الواقع تجاوزته إلى مباحث أخرى، عبر تاريخ هذا العلم وتطوراته. فيذكر فردينان دي سوسور أن فقه اللغة إنما يطلق غالباً على الحركة العلمية التي بدأها فردريك أوكست ولف Friedrich August wolf في عام ۱۷۷۷م، والتي استمرت حتى يومنا هذا . كما يذكر أن اللغة ليست الهدف الوحيد لهذه الحركة، بل إن علماء فقه اللغة اهتموا كذلك بإصلاح النصوص المكتوبة وشرحها والتعليق عليها . وإن هذه الدراسة قد شجعت أصحابها على الاهتمام بالتاريخ الأدبي والعادات والتقاليد والنظم الاجتماعية وغيرها، كما استخدم هؤلاء العلماء أساليب النقد في دراستهم . وكان هدفهم من هذه الدراسة اللغوية الموازنة بين النصوص التي كتبت في فترات مختلفة، أن يتبينوا اللغة التي يختص بها كل مؤلف من مؤلفي هذه النصوص، ولحل رموز عدد من اللغات القديمة الغامضة وتفسيرها ". ولا شك أن مثل هذه الدراسات قد مهدت لعلم اللغة التاريخي . وكان عيب فقه اللغة الغربي في هذه الفترة انحصار جل عنايته بدراسة اللغة الإغريقية واللاتينية القديمة. وهو ما أطلق عليه المحدثون اسم (فقه اللغة الإتباعي ( أو كما يسمى أيضاً ( الكلاسيكي) ، الذي عني بهاتين اللغتين من حيث قواعدهما وتأريخ أدبها ونقد نصوصها " . ولا يبتعد مفهوم علمائنا القدامى الفقه اللغة عما نسميه اليوم : فقه اللغة الاتباعي، إذ أن معظم بحوث هذا العلم عندهم تتعلق باللغة العربية الفصحى من حيث تاريخها وقواعدها ونقد نصوصها، فقابلت الفصحى عندهم الإغريقية واللاتينية عند الغربيين" . ثم بدأت مرحلة أخرى من مراحل فقه اللغة الحديث، عندما اكتشف العلماء أن اللغات يمكن الموازنة بينها . وكان هذا الاكتشاف بداية (فقه اللغة المقارن ) " Comparative philology ، وقد انصب أكثر هذه الدراسات المقارنة أولاً على الهندية - الأوربية، إلا أن هناك دراسات تتعلق باللغات الرومانسية، وهي اللغات التي انبثقت عن اللاتينية كالفرنسية والإيطالية والأسبانية والبرتغالية والرومانية . وقد بدأ بالدراسات المتعلقة بهذه اللغات الرومانسية (دياز) Diez ما بين الأعوام (١٨٣٦ - ۱۸۳۸) وساعدت هذه الدراسات من اقتراب علم اللغة من هدفه المنشود " ; إذ تميز علماء اللغات الرومانسية من علماء اللغات الهندو -- أوربية وتفوقوا عليهم في أنهم كانوا يحسنون اللغة اللاتينية - اللغة الأم لهذه اللغات من ناحية، وتتوفر لديهم مجموعة كبيرة من النصوص من ناحية أخرى. الأمر الذي أعانهم على أن يكتشفوا تطور اللهجات الرومانسسية المختلفة بصورة تفصيلية "". وبذلك نستطيع القول أننا عندما نأخذ بهذا الاصطلاح : (فقه اللغة)، فإننا نتناول في الدراسة المباحث القديمة، ولكن بأسلوب حديث، كما نتناول قوانين علــم اللغــة المعاصر في هذه الدراسة. بل أننا لنلمح في فقه اللغة أحياناً عنصراً مستقبلياً هو ما يصح أن يطلق عليه (إثراء اللغة) عن طريق إنمائها، وهو مجال نشاط المجامع اللغوية ". واختص فقه اللغة في الجامعات العربية بدراسة فقه اللغة العربية ، وإن تباينت مناهجه بين الدراسة (الاتباعية) والقديمة ، ومحاولات لتطبيق المناهج الحديثة في الدرس اللغوي . واتسم كذلك بمنهج خاص به مستقل تماماً عن المناهج الأخرى للعلوم المختلفة كالتفكير الفلسفي أو الغيبي (الميتافزيقي) أو المنطق الصوري . وفي ضوء هذا المنهج عُرف فقه اللغة بأنه " منهج للبحث استقرائي وصفي يعرف به موطن اللغة الأول ، وفصيلتها ، وعلاقتها باللغات المجاورة أو البعيدة ، الشقيقة أو الأجنبية ، وخصائص أصواتها ، وأبنية مفرداتها وتراكيبها ، وعناصر لهجاتها ، وتطور دلالتها ، ومدى نمائها قراءة وكتابة" . كما عرف بأنه : " العلم الذي يحاول الكشف عن اللغة سے اللغات التي تسير عليها - في حياتها وسر تطوّرها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة تاريخية من جانب: ووصفية من جانب " وفي ضوء هذين التعريفين يتبين لنا أن فقه اللغة تتعلق به ثلاثة علوم هي : 1- التاريخ : وذلك لمعرفة موطن اللغة الأول ، والوشائج التي بينها وبين لغات إنسانية أخرى ، وتنوع لهجاتها ، وتطور خطها وكتابتها. 2- علم الصوت نويتعلق بصفات أصوات اللغة ومخارجها ، واختلاف هذه الأصوات بحسب اللهجات المختلفة ، وما يطرأ عليها من تطور نتيجة الظواهر اللغوية المتبانية. 3- علم الدلالة : ويبحث في معاني ألفاظ اللغة ، وتطور هذه المعاني بحسب العصور المتعددة ، والظروف المتنوعة : من فكرية وثقافة وسياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية. يأتي : أما مجال علم اللغة ، فهو كما يذكر فردينان دي سو سور " يجب أن يشتمل على ما وصف تاريخ اللغات المعروفة كافة وذلك بتتبع تاريخ الأسر اللغوية وإعادة بناء اللغة الأم لكل أسرة على قدر المستطاع كلغات الجزريين واللغات الحامية ، واللغات الهندو – أوربية . 2- تحديد القوى والقوانين التي تعمل بصورة مستمرة في اللغــات كلها واستنتاج القواعد العامة من جميع الظواهر التاريخية الخاصة . -٣- تحديد معالم علم اللغة وطبيعته سن وبهذا يتبين لنا الفارق بين فقه اللغة وعلم اللغة ، من حيث إن الأول يُعنى بلغة من اللغات ، فيدرس تاريخها وأصواتها ودلالة ألفاظها ، على حين يعنى علم اللغة باللغات كافة ، لا بلغة معينة واحدة ، فيتناولها بالدرس من حيث تاريخها وقوانينها وظواهرها العامة المشتركة دون الوقوف عند خاصية كل واحدة منها على انفراد وفي هذا يقول الدكتور محمود السعران : " فمع أن اللغة العربية تختلف عن الإنجليزية ، وهذه تفترق عن الفرنسية إلا أن ثمة أصولاً وخصائص جوهرية تجمع ما بين هذه اللغات ، وتجمع ما بينها وما بين سائر اللغات وصور الكلام الإنساني ، وهو أن كلاً منها لغة ، أن كلا منها نظام اجتماعي معين، يتكلمه جماعة معينة ، بعد أن تتلقاه من المجتمع .... . وعلم اللغة " يستقي مادته من النظر في اللغات على اختلافها . وهو يحاول أن يصل إلى فهم الحقائق والخصائص التي تسلك اللغات جميعاً في عقد واحد " . ومع هذا الفارق بين فقه اللغة وعلم اللغة من بعض الجوانب ، هناك نقاط اتصال واضحة بينهما ، فكل منهما يقدم للآخر ما يتوصل إليه من بحث، فالبحوث التاريخية المتعلقة باللغات ، وهي مما يعنى به فقه اللغة ، مادة جيدة لعلم اللغة ، ويقابل ذلك أن القوانين العامة التي تتحكم في اللغات بعامة ، وهي التي اكتشفها علم اللغة ، ذات قيمة علمية لمباحث فقه اللغة ، كالبحث في الأصوات ، وتطور الدلالات ، والأثر الاجتماعي . والديني والنفسي في اللغة ، وما إلى ذلك وفي هذا يقول دي سوسور : " أما علم الفيلولوجيا ( فقه اللغة ) .. فهو يتميز من علم اللغة مع وجود نقاط الاتصال بين العلمين ، و و الخدمات المتبادلة التي يقدمها كل منهما للآخر ". في القرن التاسع عشر تاريخياً ، مع عناية بالتطور ولقد كان منهج البحث في اللغة القرن العشرين ذا طابع وصفي ؛ فدرس العلماء الذي طرأ على اللغات ، ثم صار في الخصائص الصوتية للغات ، وكذلك التعبيرية . فتناولت تلك الدراسة عدة مواد لغويـــة ما يصح تسميته : " علم الاجتماع اللغوي " . كالأصوات والدلالات والمعجمات ، وهو وقد انطلقوا في ضوء هذه الدراسة الوصفية يعالجون الأصوات الإنسانية بالبحث العميق الجاد ، فقابلوا بين الأصوات اللغوية ، ودرسوا أعضاء النطق ، وكان العـــربيـة المسلمون قد سبقوهم إلى ذلك في علمين مهمين هما : - علم التجويد وعلم الصرف . فالذي يقرأ كتب التجويد يتبين له قيمة المباحث التسي انبثقت من هذا العلم من علوم القرآن ، كالقلب الصوتي المسمى (الإقلاب) ، وهو قلب النون الساكنة والتنوين ميماً في النطق ـــ إذا جاء بعدهما باء والإدغام ، والغنة والإشمام ، والإمالة ، وتسهيل الهمز ، والتفحيم والترقيق ، كتفحيم الراء واللام أو ترقيقهما في مواضع دون أخرى من القرآن الكريم ، وما إلى ذلك من ظواهر صوتية عرضت لها كتب القراءات القرآنية وكتب التجويد . وبالمثل نجد مثل هذه الدراسات وغيرها في كثير من كتب الصرف ، على نحو ما هو مسطور في كتاب التصريف الملوكي لأبي الفتح عثمان بن جني (ت ۳۹۲ هـ ) ، لهذا الكتاب - على صغره - يعرض لعدة ظواهـــــــر صوتية ، كالإدغام والقلب والإبدال والإمالة التي عللها بعلة صوتية دقيقة سماها : تقريب الصوت من الصوت ، ومنها أصوات اللبن التي يحل بعضها محل بعض في كلمات من كلام العرب ، كحلول الكسرة مكان الفتحة في قول بعضهم - وهم بنو أسد ـ : شعير، و زئير الأسد . قال : " فمن ذلك الإمالة ، وإنما وقعت في الكلام لتقريب الصوت من الصوت . . وقال : " ومن ذلك تقريب الصوت مع حروف الحلق ، نحو : شعير ورغيف وبعير وسمعت الشجري غير مرة يقول : زئير الأسد ، يريد : الزئير " . وما إلى ذلك مما أورد في هذا الكتاب وأما كتابه القيم ( الخصائص ) ، فهو مليء بالدراسات والمباحث الصوتية كمد الصوت اللين القصير ليكون صوتاً طويلاً وهو ما سماه ( مطل الحركات) ، فإذا مـــدت الفتحة والضمة والكسرة ، صارت ألفاً وواواً وياء على الترتيب وإذا كان فقه اللغة قديماً في تراثنا اللغوي ، كما بيناه آنفاً ، فقد سبق علم اللغة في دخول جامعاتنا الحديثة . إذ أن هذا العلم الأخير ، الذي يطلق عليه أحياناً اسم ( علم اللغة العام ) General linguistics " ، لم يدخل هذه الجامعات إلا حديثاً ، وبنطاق محدود في أكثر الأقسام التي تعنى بتدريس اللغة العربية ، وقد سبقت مصر غيرها من الأقطار العربية في ذلك ، واستحدثت لدراسته في بعض جامعاتها الأجهزة الصوتية على نحو ما نجد مثلاً في جامعة الإسكندرية ويتصل علم اللغة اتصالاً وثيقاً بالعلوم الأخرى من اجل مهماته اللغوية، وهي علوم إنسانية ، وعلوم صرف ، فأهم العلوم الإنسانية : علم الأجناس البشرية ( الاثنوكرافي ) ، وعلم ما قبل التاريخ ، وعلم المجتمعات البشرية (الأنثروبولوجي ) ، وعلم الاجتماع ، وعلم النفس الاجتماعي ، والتاريخ والجغرافية . ومن العلوم الصرف : علم فسلجة الأصوات وظائف الأصوات وعلم التشريح ، وعلم الوراثة ، وعلم وظائف الأعضاء ". على أن القوانين والنتائج التي يأتي بها (علم اللغة) ، ليست لها صفة الحتمية كالقوانين الطبيعية ، مثل الكيمياء ، والهندسة ، وعلوم الحياة ، والرياضيات المبحث الثاني : أشهر مصنفات القدامى والمحدثين في فقه اللغة العربية ة العلم صنف غير واحد من اللغويين القدامى في فقه اللغة العربية . وقد اتسمت مصنفاتهم بالدقة والاستيعاب لخصائص العربية وموادها وموضوعاتها والإخلاص في كشفها وبيان أسرارها . وقد كان لهم في ذلك فضل كبير على دارسي هذه اللغة الكريمة والباحثين فيها جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا ؛ إذ كانت تلك المباحث النور الذي استضاء به المعاصرون في ما كتبوه في هذا العلم ، وسطروه من إضافات هنا وهناك ، فـــي موضوعاته المتنوعة ، وذلك بعد التطور الذي حدث في العصر الحديث نتيجة للبحوث اللغوية التي انتهى إليها علم اللغة وفقه اللغة في الغرب والشرق . وقد انقسمت مصنفات القدامى في فقه العربية على قسمين : قسم يضم مجموعة من مباحث فقه اللغة في كتاب ، والآخر يتناول مبحثاً واحداً فحسب، في كتاب أو رسالة وكذلك صنع المحدثون من العرب والمستشرقين ؛ إذ صنفوا كتباً في فقه العربية ، متناولين مباحثه المتنوعة ، محاولين استقصاءها ، ليلم بها الدارسون والمثقفون كما أن عدداً غير قليل منهم صنف في واحد أو أكثر من مباحث هذه المادة (۱) القدامي: فأما القدامى. فإن مصنفاتهم تناولت فقه اللغة ومباحثه المختلفة ، إما بهذا الاسم أو لم آخر هو : فقه العربية ، أو خصائص العربية أو علوم اللغة ، أو نحو ذلك . وهؤلاء هم الذين سنفوا كتبا . وتذكر من مصنفاتهم: لا الصاحبي في فقه العربية وسنن العرب في كلامها : لأبي الحسين احمد بن فــــارس ت ٣٩٥ هـ ) ، أهداه إلى تلميذه اللغوي الأديب الصاحب بن عباد ت ٣٨٥ هـــــ) ، ولذلك سماه : الصاحبي .. وقد ضمنه كثيراً من موضوعات فقه اللغة ، مثل : نشأة اللغة العربية ، ولهجات العرب ، وخصائص العربية ، والقياس ، والاشتقاق ، وأثر الإسلام في اللغة ، مشيراً إلى المعنى اللغوي والشرعي ، وما سماه : الصناعي . وكذلك المترادف ، وحروف الهجاء ، وحروف المعاني ، واشتقاق أسماء الأشخاص ، وما إلى ذلك . وكان أبو بكر بن دريد الازدي (ت ۳۲۱هـ) صاحب معجم (جمهرة اللغة) ، قد صنف كتاباً في هذا النوع الأخير من مباحث الصاحبي ، سماه الاشتقاق) حاول فيه أن يعثر على أصل اشتقاق كل اسم من أسماء القبائل العربية وأفخاذها وبطونها ، ثم أسماء الأشخاص المرموقين فيها ، من السادات والرؤساء والشعراء والفرسان والحكماء ". وقد عرض ابن دريد في أثناء ذلك لعدة مباحث تتعلق بفقه اللغة ، مثل الاشتراك ، والأضداد ، واحتج في كتابه هذا بشواهد متنوعة ، وخاصة القرآن الكريم ، والحديث الشريف ، إلى جانب احتجاجه بالشعر والنثر من كلام العرب .. وقد ضمن ابن فارس كتابه (الصاحبي) نظريته التي ابتدعها في النحت، وهي التي شاعت بعد ذلك ، واخذ بها غير واحد من القدامى ، كما سنرى إن شاء الله في حديثنا عن النحت في عوامل نمو اللغة العربية ومفاد هذه النظرية أن الألفاظ التي تزيد حروفها على ثلاثة ، أكثرها منحوت من لفظين ، مثل قول العرب (صه صلق) للصوت الشديد ، فهو عنده من (صهل) و (صلّق)، و (الصليم) ، أي : الشديد الحافر من الحيوان ، مأخود في رأيه من (الصلد) و (الصدم) .. ثم وسع نظريته هذه في كتابه الآخر (مقاييس اللغة) - وهو معجم مرتب وفق حروف الهجاء - إذ بنى هذا المعجم على هذا الأساس من التصور والفرض في كل مادة رباعية أو خماسية استطاع أن يلحظ فيها ظاهرة النحت . وقد انتهى به هذا الصنيع إلــــى التكلف في طائفة مما أورد ، وإن دلّ على ضرب من الحيل اللغوية ، وسنورد منه أمثلة: معجم ( مقاييس اللغة ) لابن فارس : وهو في ستة أجزاء، اعتمد فيه مصنفه - كما أوضح ذلك في مقدمته. على عدد من المعجمات و كتب اللغة التي سبقته ، كالعين للخليل ، وجمهرة اللغة لابن دريد ، وغريب الحديث ، والغريب المصنف ، لأبي عبيد، إلا أن فيه فكرتين جديدتين ، أشرنا إلى إحداهما أنفا ، هما : (الأصول) و ( النحت ) . فهو في موضوع الأصول يحاول أن يدرج مفردات المادة اللغوية الواحدة تحت أصل أو أكثر ". وقد أوضح هذا في أول معجمه قائلاً : " إن للغة العرب مقاييس صحيحة وأصولاً تتفرع منها فروع . وقد ألف الناس في جوامع اللغة ما ألفوا ، ولم يُعربوا في شيء من ذلك عن مقياس من تلك المقاييس ، ولا أصل من الأصول " . وانبرى بعد ذلك يرد كلمات معجمه إلى أصل معنوي أو أصليين أو أكثر من ذلك ففي (اش) مثلاً أصل واحد ، أوضحه بقوله : " الهمزة والشين يدل على الحركة للقاء قال ابن دريد : أش القوم يؤشون أشاً إذا قام بعضهم للشر لا للخير " . وفي (أص) أصلان ، أي معنيان ، قال : "وأما الهمزة والصاد فله معنيان : أحدهما أصل الشيء ومجتمعه ، والأصل الآخر : الرعدة " .. وقد تتفرع من أصل واحد عدة فروع مثل ( أم ) الذي " يتفرع منه أربعة أبواب ، وهي : الأصل ، والمرجع ، والجماعة ، والدين " . و وهذه الأربعة متقاربة ، فيما يذكر ابن فارس . " وبعد ذلك أصول ثلاثة هي : القامة والحين والقصد " ". ومعنى ذلك أن لـ ( أم ) أربعة أصول كما أشار إلى ما لا يعد أصلا في العربية لسبب من الأسباب ، من مثل وقوعه ( إتباعاً ( نحو : ( بَيْصَ ( التي هي اتباع لـ ( حَيْص ( " ، في قول العرب : وقعت في حَيْ بَيْص ، إذ أن معنى الكلمة الأولى : (حيص) ، ما لا خلاص منه ، وليس للثانيــــــة (بيص) من معنى ، فقد جيء بها لمجرد الاتباع وإحداث التناسق الموسيقي في العبارة باتفاق إيقاع الثانية والأولى وقد يكون السبب في عدم الأصلية تضمن اللفظة لحروف لا يمكن أن تعد أصلاً كالحرف المعتل المهموز . ففي ( خجا ( يقول ابن فارس : الخاء والجيم والحرف المعتل والمهموز ليس أصلاً ، تقولون : رجل خجأة ، أي : أحمق " . وهناك كلمات ترد مفردة لا يقاس عليها مثل ( ختل ) ؛ قال : الخاء والثاء واللام كلمة واحدة لا يقاس عليها " . فهذه أمثلة للفكرة الأولى الجديدة التي تضمنها معجم مقاييس اللغة . أما الفكرة الثانية ، وهي النحت بالصورة التي رآها وبيناها سالفاً ، فقد كانت هنا أوسع مما هي في الصاحبي ، على ما بينا ، فمن ذلك قوله في (البحتر)، إنه منحوت من ( بتر) و (حَتَرَ) ، أي ضيق على غيره . فهذا الذي وصف بهذا الوصف ، لم يعط ما أعطيه الطويل نا. فقه اللغة وسر العربية : لأبي منصور الثعالبي (ت ٤٢٩ هـ) . وهو كتاب صغير الحجم إلى حد ما ، إلا انه جمّ الفائدة . وليس الكتاب كله في فقه اللغة وإنما القسم الثاني منه حسب ، وهو الذي سماه "سر" العربية". أما القسم الأول منه فهو معجم للمعاني ، وهو أكثر الكتاب . وهو عادة يبدأ في هذا القسم ببيان معنى عام ، ثم يذكر تحته ما يتعلق عن أئمة اللغة الكبار ومعزوة اليهم ، كابي ي أغلبها عن به من مفردات اللغة، مروي عمرو بن العلاء وأبي عبيدة وأبي عبيد . أما القسم الثاني المتعلق بفقه اللغة ، فقد تضمن مباحث في العربية متنوعة : بلاغية ولغوية ونحوية ، بل صرفيه أحياناً فمن مباحثه اللغوية المتعلقة بفقه اللغة بمعناه الدقيق بحثه في (المشترك اللفظي) ، وقد سماه (وقوع اسم واحد على أشياء مختلفة ، والابدال ، والقلب اللفظي والصوتي ، والأضداد ، والنحت ، والاتباع ، ويلحظ أن المادة في هذا القسم الثاني غير مرتبة بحسب المواد التي ذكرنا من نحو وبلاغة وصرف وفقه لغة ، وإنما يختلط بعضها ببعض . ( الخصائص ) بن جني الموصلي البغدادي (ت ۳۹۲ هــــــ) ، وهو من كتب اللغة القيمة ، وقد ضم طائفة من مباحث اللغة والنحو والصرف . وقد هيأت لذلك ثقافة المصنف الممتازة وعاسيته الواسعة، وتذوقه للغة ، وغوصه في أعماقها ، مستمداً من مشاهير اللغويين وخاصة شيخه أبا علي النحوي (ت ۳۷۷ هـ) ، الذي يذكره في هذا الكتاب مراراً ، راوياً عنه ، أو مناقشاً آراءه لأبي الفتح عثمان . وكانت مباحث فقه اللغة في هذا الكتاب وفيرة ودقيقة ، فمنها : القول على اللغة وما هي ، والقول على أصل اللغة الإلهام هي أم اصطلاح ! وسنعرض لذلك عند الكــــــلام على نشأة اللغة في المبحث القادم ، ومنها ما قيس على كلام العرب ، والفصيح يجتمع في كلامه لغتان فصاعداً ، وما يرد عن العربي مخالفاً لما عليه الجمهور ، وتركب اللغــات وهو الذي يسمى أيضاً : تداخل اللغات ، فهذا ما يلقانا به ابن جني في الجزء الأول من الخصائص ، وإذا تابعناه في الجزءين الآخرين ألفيناه يعرض لجملة مباحث تتعلق بفقه اللغة أيضاً ، نذكر منها على سبيل المثال ونختار : اختلاف اللغات وكلها حجة ، و الاشتقاق الأكبر ، في الجزء الثاني ، وكمية الحركات ومطل الحركات ، ومطل الحروف. وفي حذف الهمز و إبداله ، في الجزء الثالث ولسنا هنا في مجال تفصيل القيمة المعوية لهذا الكتاب ، وما حواه من بحوث قيمة متنوعة في فقه انده به به بما يدل على قيمته العربية ، وإنما عرضنا ه (المخصص) : لابن سيدة الأندلسي (ت ٤٥٨ هـ ) ، وهو معجم في المعاني وقـــــد تضمن عدة بحوث في فقه اللغة ، كالاشتراك ، والترادف، والاشتقاق ، والتعريب ، والقصر والمد... ٦- المزهر في علوم اللغة وأنواعها ) : لجلال الدين السيوطي (ت ۹۱۱ هـ) وهو كتاب جليل ، تناولت مباحث كثيرة في فقه اللغة ، مثل : نشأة اللغات، والغريب والحوشي ، ولغات العرب ، والمستعمل والمهمل من كلامهم ، وتداخل اللغات وتوافقها ، و المعرب والدخيل ، والألفاظ الإسلامية ، والمولد والإبدال لدى العامة ، كإبدال الأصوات الصامتة بأخرى مثلها ، وإبدال حروف اللين القصيرة بأخرى ، من مثل إبدال الضمة بالفتحة والكسرة بالضمة ، ومعرفة خصائص اللغة ، وإن العربية أوسع اللغات وأفضلها ، والاشتقاق والمشترك ، والمترادف ، والاتباع ، والأضداد ، والقلب" وما إلى ذلك . وقد استقاها السيوطي من عدد كبير من المصادر اللغوية التي سبقته تشعرنا بذلك النقول الكثيرة التي أوردها . وأول ما يطالعنا نص من كتاب (الصاحبي) لأبن فــــارس ، وهـــو شيء من مقدمة ذلك الكتاب الذي بين فيه ابن فارس محتويات كتابه ومنهجه بعامة في T تأليفه ... المختطفات القديمة القديمة - السا العربية، كوردنا فهذه من اشهر الكتب التي ألفت متضمنة عدة مباحث في فقه اللغة العربية، أوردنا منها أمثلة لما هو أظهر وأشهر ، ، دون. أن نتوخى إحصاءها . : وأما الكتب القديمة التي اختصت يبحث من مباحث فقه اللغة ، فهي كثيرة، نورد شهرها بإيجاز : - (الأضداد) لأبي حاتم السجستاني (ت ٢٥٥ هـ) نشره المستشرق هفنر في بيروت سنة ۱۹۱۳ م ، ضمن ثلاثة كتب في الأضداد (الأضداد) ليعقوب بن السكيت (ت ٢٤٤ هـ ) ضمن ثلاثة كتب في الأضداد. طبع في بولاق سنة ١٣١٦ - ۱۳۲۱ هـ . طبع في القاهرة بتحقيق محمد احمد جاد المولى ورفيقيه بجزأين ضخمين سنة ١٩٥٢ ينظر على سبيل المثال الجزء الأول من المزهر . المزهر ١/ ٤ وما بعدها (الأضداد) : لأبي بكر بن ألا نباري (ت ۳۲۸ هـ ) طبع في الكويت سنة ١٩٦٠ بتحقيق أبي الفضل . (الأضداد) : للصاغاني (ت ٦٥٠ هـ ) نشره هفنر ، ضمن ثلاثة كتب في الأضداد . ه الأضداد من كلام العرب ، لأبي الطيب اللغوي (ت) ٣٥١ هـ) ، حققه الدكتور عزة حسن ، وطبع سنة ١٩٦٣م ، ضمن مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق ٦ـ (الأضداد) : لابن الدهان (ت) ٥٦٩ هـ ) حققه الدكتور عزة حسن ، وطبع سنة ١٩٦٣م ضمن مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق فهذه من الكتب التي ألفت في الأضداد ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد ، لمحمد بن يزيد المبرد ، وهو مطبوع في المطبعة السلفية في القاهرة سنة ١٣٥٠ هـ ، وبتحقيق عبد العزيز الميمني - (الإبدال) ، لابن السكيت ، طبع في القاهرة سنة ۱۹۷۸ ، بتحقيق الدكتور حسن محمد شرف ، بعد طبعة هفنر سنة ١٩٠٣ . (الإبدال) ، لأبي الطيب اللغوي / التنوخي . نشر في دمشق سنة ١٩٦٠ ، بتحقيق عز الدين فأنت ترى أن كتاب المبرد في المشترك اللفظي ، والكتابين الآخرين في الإبدال اللغوي . ا المعرب من الكلام الأعجمي ، لأبي منصور الجواليقي (ت ٥٣٩ هـ) طبع فـــي ترى يتناول المعرب من الألفاظ التي في العربية. مطبعة دار الكتب في القاهرة بتحقيق وشرح أحمد محمد شاكر سنة ١٣٦١هـ - وهو كما ۱۱ - الفروق في اللغة ، لأبي هلال العسكري (٣٩٥) هـ ) ، طبع في بيروت سنة ۱۹۷۳ وهذا الكتاب معجم في بيان الفروق المعنوية بين طائفة كبيرة من الألفاظ التي تبدو أنها متفقة الدلالة تماماً . وقد أوردها المصنف من دون ترتيب ، بل كيف ما اتفق له . وهو من الكتب النادرة في موضوعه ١٢- (لغات العرب ، رواية ابن حسنون المقرئ عن ابن عباس ، طبع الكتاب بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد طبعتين الثانية منهما في بيروت سنة ١٩٧٢ هذه طائفة من أشهر الكتب التي تناولت بالدرس موضوعاً من موضوعات فقه اللغة، لدى القدامي من اللغويين المحدثون: (۲) أما المحدثون فلهم مصنفات في فقه اللغة أيضاً ، وقد أفادوا من الدراسات القديمة ، والدراسات الحديثة معاً . ودرس عدد منهم علم اللغة الحديث في بلاد الغرب ، واستعان غير واحد منهم بالأجهزة الصوتية الحديثة في دراسة علم الأصوات اللغوية . وقد انقسمت مصنفاتهم أيضاً على قسمين قسم يتناول مجموعة من مباحث فقه اللغة في كتاب ، وآخر يتناول موضوعاً منه . وقد توفرت في المكتبة العربية اليوم عدة كتب تبحث في موضوعات فقه اللغة العربية المتنوعة ، كالأصوات ، واللهجات ، والدلالات ، وللدراسات الجامعية مكان فسيح في هذا النوع من الدراسات ، تجلّى في رسائل للماجستير والدكتوراه في الأقطار العربية والأوربية . وأشهر الكتب المؤلفة في فقه اللغة في العصر الحديث ، وما يتعلق بالدرس اللغوي بعامة : الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية ، لجرجي زيدان . وقد طبع أربع طبعات ، آخرها في بيروت سنة ۱۹۸۲ ، بمراجعة وتعليق الدكتور مراد كامل. ٢- اللغة العربية لحفني ناصف . - ٤ ٦ اللغة العربية كائن حي ، لجرجي زيدان . المؤاند يخلق علم اللغة ، للدكتور علي عبد الواحد وافي . فقه اللغة ، للدكتور علي عبد الواحد وافي . من أسرار اللغة ، للدكتور إبراهيم أنيس - في اللهجات العربية للدكتور إبراهيم أنيس أورد الدكتور رمضان عبد التواب طائفة كبيرة من هذا النوع من الكتب ، ينظر كتابه : فصول في فقه العربية ص ١٥ وما بعدها

Use Quizgecko on...
Browser
Browser