كتاب أصول الفقه PDF
Document Details
Uploaded by HeartfeltOmaha9800
جامعة القاهرة
2006
عبد العزيز رمضان سمك
Tags
Summary
This is a book on the foundations of Islamic jurisprudence. It discusses the origins, methodology, and importance of the study of Islamic law. Written by Dr. Abdulaziz Ramadan Samk, a professor at Cairo University's Faculty of Law.
Full Transcript
ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ٢٨ ١٨:٣٠ ﻛﺘﺎب أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻗﺪﻳﻢ ﻟﺼﻔﺤﺔ ٥٨ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ دﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ رﻣﻀﺎن ﺳﻤﻚ أﺳﺘﺎذ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق – ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٤٢٧هـ ٢٠٠٦ -م اﻟﻨﺎﺷﺮ دار اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴ ِ ﻢ ﻦ اﻟَّﺮ ِ ﺣَﻤ ِ...
ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ٢٨ ١٨:٣٠ ﻛﺘﺎب أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻗﺪﻳﻢ ﻟﺼﻔﺤﺔ ٥٨ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ دﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ رﻣﻀﺎن ﺳﻤﻚ أﺳﺘﺎذ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق – ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٤٢٧هـ ٢٠٠٦ -م اﻟﻨﺎﺷﺮ دار اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴ ِ ﻢ ﻦ اﻟَّﺮ ِ ﺣَﻤ ِ ِ اﻟَّﺮ ْ ﻢ ﷲ ﺑﺴ ِ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ،وﻣﻦ اﻫﺘﺪى ﺑﻬﺪﻳﻪ ،وﺳﺎر ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺠﻪ ، وﺗﻤﺴﻚ ﺑﺸﺮﻳﻌﺘﻪ ،وﻋﻤﻞ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻌﺪ... ﻓﺈن دراﺳﺔ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﺪراﺳﺎت ﻧﻔﻌًﺎ ،وأﻋﻼﻫﺎ ﻗﺪرًا ،وأرﻓﻌﻬﺎ ﺷﺄﻧًﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺗﺒﻴﻴﻨﻪ ﻟﻠﻨﺼﻮص واﻻﺟﺘﻬﺎد ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻧﺺ ﻓﻴﻪ ،وﻻ ﻣﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻧﺼﻮﺻﻪ ،وﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﻌﺎدل ،وﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻘﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﺤﻮﺛﻪ ودراﺳﺎﺗﻪ وﻣﻘﺎرﻧﺎﺗﻪ ﺑﻴﻦ اﻵراء واﻟﻤﺬاﻫﺐ ،ﻓﻬﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴﻞ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻃﺮق اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ ،وﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ واﻻﺟﺘﻬﺎد. ... ﻓﻘﺪ أﻟﻒ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،ووﺿﻌﻮا اﻷﺳﺲ وﺑﻌﺪ اﻟﻤﺘﻴﻨﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻠﻢ ،وﻣﻨﻬﻢ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ " ،ﺛﻢ أﺗﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮون ﻓﺸﺮﺣﻮا وﻋﻠﻘﻮا وأﺿﺎﻓﻮا ،ﺛﻢ ﺟﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮون ﻓﻴﺴﺮوا ووﺿﺤﻮا ﻟﻠﻨﺎس ﻗﻮاﻋﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺳﻬﻞ ﻻ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻏﻤﻮض. وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ أﺣﺎول ﺟﺎﻫﺪًا -ﻣﺴﺘﻌﻴﻨًﺎ ﺑﺮﺑﻲ -وﺑﻘﺪر ﻣﺎ أوﺗﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ أن أﺳﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرب ،وأن أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻗﻮاﻋﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ،ورﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﺑﻌﺒﺎرات ﻳﺴﻴﺮة. وﷲ أﺳﺄل أن ﻳﻠﻬﻤﻨﻰ اﻟﺼﻮاب ،وأن ﻳﻤﺪﻧﻰ ﺑﻌﻮﻧﻪ وﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﺮﻳﻌﺘﻪ ،وأن ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻰ زﻻﺗﻰ ،إﻧﻪ ﻏﻔﻮر رﺣﻴﻢ ،وﻧﻌﻢ اﻟﻤﻮﻟﻰ وﻧﻌﻢ اﻟﻨﺼﻴﺮ ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ : ﻧﺒﺪأ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺘﻤﻬﻴﺪ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،وﻧﺸﺄﺗﻪ ، وﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ،وﺑﻴﺎن أﻫﻤﻴﺘﻪ وﻏﺎﻳﺘﻪ ،وﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ. وﻧﺘﻨﺎول اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻰ وأﻗﺴﺎﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻷول .وأدﻟﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ .وﻧﺒﻴﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ .وﻧﺘﻨﺎول اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﺮاﺑﻊ .وﻧﻌﺮض اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﺨﺎﻣﺲ .وﻧﺨﺼﺺ اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎدس ﻟﺒﻴﺎن ﺗﻌﺎرض اﻷدﻟﺔ واﻟﺘﺮﺟﻴﺢ. -٦ - ﺗﻤﻬﻴﺪ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﻧﺸﺄﺗﻪ وﻣﻮﺿﻮﻋﻪ وأﻫﻤﻴﺘﻪ وﻏﺎﻳﺘﻪ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺄﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ : وﻛﻠﻤﺔ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﺰأﻳﻦ ( اﻟﻤﻀﺎف واﻟﻤﻀﺎف إﻟﻴﻪ). ﻓﺎﻷﺻﻮل ﺟﻤﻊ أﺻﻞ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﻴﺮه ،ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﺒﻨﺎء ﺣﺴﻴًﺎ ﻛﺒﻨﺎء اﻟﺴﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪران ،أو ﻣﻌﻨﻮﻳًﺎ ﻛﺒﻨﺎء اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ دﻟﻴﻠﻪ ، واﻟﻤﻌﻠﻮل ﻋﻠﻰ ﻋﻠﺘﻪ. وﻓﻲ اﻻﺻﻄﻼح :ﻳﻄﻠﻖ ﻟﻔﻆ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ أﻣﻮر ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ، واﻟﻘﺎﻋﺪة ،واﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﺼﺤﺐ ،واﻟﻤﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ. وﻣﺜﺎل إﻃﻼق ﻟﻔﻆ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻟﻴﻞ أن ﻳﻘﺎل :اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﻢ اﻟﺰﻧﺎ ﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وﻻ َﺗْﻘَﺮُﺑﻮا اﻟِّﺰَﻧﻰ )( ) ،...أى اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻢ اﻟﺰﻧﺎ .وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ أي أدﻟﺔ اﻟﻔﻘﻪ. وﻣﺜﺎل إﻃﻼق اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋﺪة أن ﻳﻘﺎل :اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻠﻖ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺈﻃﻼﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺮد ﻣﺎ ﻳﻘﻴﺪه ،واﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم أن ﻳﻨﺘﻈﻢ ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮاده ﻗﻄﻌًﺎ ،وﻗﻮﻟﻬﻢ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﻤﻴﺘﺔ ﻟﻠﻤﻀﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻷﺻﻞ أى ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﺎﻋﺪة ،وﻣﺜﺎل اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﺼﺤﺐ أن ُﻳﻘﺎل " اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﻹﺑﺎﺣﺔ. واﻟﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﺼﺤﺐ ﻟﻸﺷﻴﺎء اﻹﺑﺎﺣﺔ إﻟﻰ أن ﻳﺮد دﻟﻴﻞ ﻳﺤﺮﻣﻬﺎ ". وﻣﺜﺎل اﻟﻤﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ُﻳﻘﺎس ﻛﻞ ﻣﺴﻜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺎء اﻟﻌﻨﺐ ﻛﺎﻟﻨﺒﻴﺬ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻤﺮ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻌﻠﺔ وﻫﻰ اﻹﺳﻜﺎر اﻟﺬى ﻳﻔﺴﺪ اﻟﻌﻘﻞ ،وُﻳﺴﻤﻰ اﻟﻤﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﺎل ﻫﻮ اﻟﺨﻤﺮ واﻟﻨﺒﻴﺬ ﻫﻮ اﻟﻔﺮع. )(1ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء :ﻣﻦ اﻵﻳﺔ٣٢ -۷ - وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸﺊ واﻟﻔﻬﻢ ﻟﻪ(۱). ﻮِﻟﻲ) (٢). ﺴﺎِﻧﻲ َ ،ﻳْﻔَﻘُﻬﻮا َﻗ ْ ﻦ ِﻟ َ ﻋْﻘَﺪًة ِﻣ ْ ﻞ ُ ﺣُﻠ ْ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :وا ْ وﻓﻲ اﻻﺻﻄﻼح :ﻫﻮ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ﻣﻦ أدﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ + وﻋﺮﻓﻪ اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﺑﺄﻧﻪ « :اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ» (۳). وﻟﻬﺬا ﻟﻤﺎ أﺿﻴﻔﺖ ﻛﻠﻤﺔ أﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻔﻘﻪ ﻟﺰم أن ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺮاد ﺑﻬﺎ اﻷدﻟﺔ أو اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،ﻓﻴﻜﻮن اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ أدﻟﺔ اﻟﻔﻘﻪ أو ﻗﻮاﻋﺪه اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ :ﺟﻤﻊ ﺣﻜﻢ ،واﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻫﻮ « ﺧﻄﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ اﻗﺘﻀﺎء أو ﺗﺨﻴﻴﺮًا أو وﺿﻌًﺎ». وﻛﻠﻤﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ :ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺮع ﻧﺼًﺎ أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺟﺘﻬﺎد ، ﻛﻘﻮﻟﻚ :اﻟﺼﻼة واﺟﺒﺔ ،واﻟﺮﺑﺎ ﺣﺮام .وﻳﺨﺮج ﺑﻬﺬا اﻟﻘﻴﺪ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﻣﺼﺪرﻫﺎ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻛﻌﻠﻢ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ واﻟﻄﺐ وﻧﺤﻮه ،وﻳﺨﺮج ﺑﻪ أﻳﻀًﺎ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺤﻮ واﻟﺼﺮف + وﻣﻌﻨﻰ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ :أى اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺻﻼة ،أو ﺻﻮم ،أو ﺣﺞ ،أو رﻫﻦ ،أو وﺻﻴﺔ ،أو ﺑﻴﻊ ،أو ﻗﺘﻞ ،أو ﺳﺮﻗﺔ ،وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ .وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺗﺨﺮج اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪة ﻛﺎﻹﻳﻤﺎن بﷲ وﻛﺘﺒﻪ ورﺳﻠﻪ وﻣﻼﺋﻜﺘﻪ واﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺚ وﺣﺸﺮ وﺣﺴﺎب وﺟﻨﺔ )(۱ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻻﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻣﺎدة ﻓﻘﻪ جـ ٥ص٣٤٥٠ )(۲ﺳﻮرة ﻃﻪ اﻵﻳﺘﺎن ۲۸.، ۲۷ : )(۳اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ ﻟﻠﻐﺰاﻟﻲ ج 1ص٤. - ハー وﻧﺎر .وﺗﺨﺮج ﻛﺬﻟﻚ اﻷﺣﻜﺎم اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻮﺟﻮب ﺗﺮك اﻟﺤﺴﺪ واﻟﻐﻴﺒﺔ واﻟﺘﺠﺴﺲ ،ووﺟﻮب اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻮﻋﻮد ،وﺣﺮﻣﺔ اﻟﻜﺒﺮ واﻟﺘﻨﺎﺑﺮ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎب وﻧﺤﻮﻫﺎ. وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻔﻘﻪ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣًﺎ ،أى ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ أم ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ،أم أﺧﻼﻗﻴﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻣﻌﻨﺎه : ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ﻟﻬﺎ وﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ».ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺧﺼﺺ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺘﺄﺧﺮون اﻟﻔﻘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ. ﻓﺘﻘﻴﻴﺪ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻳﺨﺮج ﻋﻠﻢ اﻟﻤﻘﻠﺪ ،ﻓﺈن ﻋﻠﻤﻪ ﻣﻜﺘﺴﺐ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ إﻣﺎﻣﻪ وﻗﻮﻟﻪ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ. واﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﻜﺎم ﺟﺰﺋﻴﺔ ،ﻷن ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻫﺬه اﻷﺣﻜﺎم ﻛﺠﻮاز اﻟﺒﻴﻊ ،وﺗﺤﺮﻳﻢ اﻟﺮﺑﺎ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺬﻟﻚ ، وﺗﺨﺮج ﺑﺬﻟﻚ اﻷدﻟﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺠﺎل ﻋﻤﻞ اﻷﺻﻮﻟﻲ واﻟﻔﻘﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻄﻠﻖ أﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ ذات اﻷﺣﻜﺎم ،ﻓﻴﻘﺎل اﻟﻔﻘﻪ :ﻫﻮ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ﻣﻦ أدﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ اﻟﻤﺮاد ﺑﻌﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ : ﻳﻌﺮف ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﺑﺄﻧﻪ « اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ أدﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ » (۱).ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺄﻧﻪ « اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻟﻔﻘﻪ ) ، (۲أي اﺳﺘﻨﺒﺎط )(۱إرﺷﺎد اﻟﻔﺤﻮل ﻟﻠﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ص٣. )(۲إرﺷﺎد اﻟﻔﺤﻮل ﻟﻠﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ص ٣؛ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﻠﺒﻲ :أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ج 1ص١٦ -۹- اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ أدﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ .وﻳﻄﻠﻖ أﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﻮاﻋﺪ :ﺟﻤﻊ ﻗﺎﻋﺪة ،وﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺰﺋﻴﺎﺗﻬﺎ أي أﻓﺮادﻫﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻗﺎﻋﺪة اﻷﻣﺮ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻟﻺﻳﺠﺎب ،ﻓﻜﻞ أﻣﺮ ﻣﻄﻠﻖ ﻣﻨﺼﻮص ﺤ ّ ﺞﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن أو اﻟﺴﻨﺔ ﻳﻔﻴﺪ اﻹﻳﺠﺎب ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :وَأِﺗُﻤﻮا اْﻟ َ ﺪ ) (1).وأﻳﻀًﺎ ﻗﺎﻋﺪة : َواْﻟُﻌْﻤَﺮَة ِﻟَّﻠِﻪ ) (1).وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وَأْوُﻓﻮا ِﺑاْﻟَﻌْﻬ ِ اﻟﻨﻬﻰ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻟﻠﺘﺤﺮﻳﻢ ،ﻓﻜﻞ ﻧﻬﻰ ﻣﻄﻠﻖ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻖ) (٢). ﺤ ِّ ﺣَّﺮَم اﻟَّﻠُﻪ ِإَّﻟﺎ ِﺑاْﻟ َﺲ اَّﻟِﺘﻲ َ َوَﻟﺎ َﺗْﻘُﺘُﻠﻮا اﻟَّﻨْﻔ َ واﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ذﻟﻚ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮف اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻜﻠﻰ اﻟﺬي ﺗﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻪ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ)(٤ ﻦ َءاَﻣُﻨﻮا َأْوُﻓﻮْا ِﺑاْﻟُﻌُﻘﻮِد ﴾ ) (1ﻳﻔﻴﺪ ً ﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :ﻳَﺘَﺄُّﻳَﻬﺎ َأِذﻳ َ ﻓﻤﺜﻼ ً أن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﻘﻮد ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻄﻠﻖ ،ﻓﻼﺑﺪ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻔﻘﻴﻪ أوﻻ اﻷﻣﺮ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﻮﺟﻮب ،ﻓﻴﻘﻮل اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﻘﻮد واﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺪﻳﻦ ، وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ اﻟﺬي اﺳﺘﻨﺒﻄﻪ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺠﺰﺋﻲ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ وﻫﻲ « أن اﻷﻣﺮ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﻮﺟﻮب». وأﻳﻀًﺎ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﺮﺑﺎ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﺑﻘﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ( َﻟﺎ َﺗْﺄُﻛُﻠﻮا اﻟِّﺮﺑﻮا ) ﻻ )(1ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ١٩٦ )(۲ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء :اﻵﻳﺔ٣٤ )(۳ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء :اﻵﻳﺔ٣٣ )(٤اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ﻟﻠﺸﺎﻃﺒﻲ جـ ٣ص ٩وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ؛ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﻠﺒﯽ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص۱۷. )(٥ﺳﻮرةххјјјјхххјххххјјјјхх -۱۰- ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺗﺤﺮﻳﻢ اﻟﺮﺑﺎ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣﻌﻠﻮﻣًﺎ ﻟﺪى اﻟﻔﻘﻴﻪ أوﻻ ً أن اﻟﻨﻬﻰ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ وﻫﻲ ﻗﺎﻋﺪة أﺻﻮﻟﻴﺔ ﻛﻠﻴﺔ ،وﻳﻄﺒﻖ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎم ﻳﻨﺘﻈﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﻢ ) وﻳﺤﻜﻢ ﺑﺄنﻢ ُأَّﻣَﻬﺎُﺗُﻜ ْ ﻋَﻠْﻴُﻜ ْ ﺖ َ ﺣِّﺮَﻣ ْ أﻓﺮاده ﻗﻄﻌًﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ُ ﴿ : ﻛﻞ أم ﻣﺤﺮﻣﺔ ،وﻳﻄﺒﻖ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد اﻟﺸﺎﺋﻊ ﺑﺪون ﻗﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺤِﺮﻳُﺮ َرَﻗَﺒٍﺔ ) وﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﻠﻤﺔ أم ﻏﻴﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﻔﺎرة اﻟﻈﻬﺎر ﴿ َﻓَﺘ ْ ﻣﺴﻠﻤﺔ. أﻣﺎ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻬﻮ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ،ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم واﻟﺒﻴﻊ واﻹﺟﺎرة واﻟﻌﺎرﻳﺔ ،ﻟﻴﺴﺘﻨﺒﻂ ﻟﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﺣﻜﻤﺎً ﺷﺮﻋﻴًﺎ ﻛﺎﻟﻮﺟﻮب واﻟﻨﺪب واﻟﺤﺮﻣﺔ واﻟﻜﺮاﻫﺔ واﻟﺼﺤﺔ واﻟﺒﻄﻼن ﻣﻦ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺠﺰﺋﻲ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻔﻘﻴﻪ ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ وﻳﻄﺒﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺰﺋﻴﺎت اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻜﻠﻰ ﻟﻴﺘﻮﺻﻞ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ اﻟﻌﻤﻠﻲ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ أﻣﺎ ﻣﻮﺿﻮع ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻬﻮ اﻷدﻟﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع واﻟﻘﻴﺎس وأﻧﻮاﻋﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﻬﻲ وأﻋﺮاﺿﻬﺎ ﻛﺎﻟﻌﺎم واﻟﺨﺎص واﻟﻤﻄﻠﻖ واﻟﻤﻘﻴﺪ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻟﻸﺣﻜﺎم اﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎول أﻳﻀًﺎ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻛﺎﻹﻳﺠﺎب واﻟﻨﺪب واﻟﺘﺤﺮﻳﻢ واﻟﻜﺮاﻫﺔ واﻟﺼﺤﺔ واﻟﺒﻄﻼن وﻏﻴﺮﻫﺎ(1). )(۱ﻓﺎﻹﻳﺠﺎب ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻰ ﻳﻨﺪرج ﻓﻴﻪ إﻳﺠﺎب اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﻘﻮد وإﻳﺠﺎب اﻟﺸﻬﻮد ﻓﻲ اﻟﺰواج ، واﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻰ ﻳﻨﺪرج ﻓﻴﻪ ﺗﺤﺮﻳﻢ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺰﻧﺎ واﻟﺴﺮﻗﺔ ،ﻓﺎﻹﻳﺠﺎب ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻰ وإﻳﺠﺎب ﻓﻌﻞ ﻣﻌﻴﻦ ﺣﻜﻢ ﺟﺰﺋﻰ ،واﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻰ وﺗﺤﺮﻳﻢ ﻓﻌﻞ ﻣﻌﻴﻦ ﺣﻜﻢ ﺟﺰﺋﻲ وﻫﻜﺬا اﻟﺼﺤﺔ واﻟﺒﻄﻼن. -۱۱- ﻓﺎﻷﺻﻮﻟﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ وأﻧﻮاﻋﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﻬﻲ ، وأﻋﺮاﺿﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم واﻟﺨﺎص واﻟﻤﻘﻴﺪ واﻟﻤﻄﻠﻖ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ دﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ،وﻃﺮق اﺳﺘﻔﺎدة اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻜﻠﻴﺔ ) ، (1ﻓﻌﻤﻞ اﻷﺻﻮﻟﻰ ﻫﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ ) (٢واﻷﺣﻜﺎم اﻟﻜﻠﻴﺔ + أﻣﺎ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﻬﺎ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ وﻳﺜﺒﺘﻬﺎ ﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ،وﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ن ﴾ (٤). ق َﻣَّﺮَﺗﺎ ِ ﻄَﻠﺎ ُ ﺣَّﺮَم اﻟِّﺮﺑﻮا ) (٢).وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :اﻟ َّ ﻞ اﻟَّﻠُﻪ اْﻟَﺒْﻴَﻊ َو َ ﺣ َّ َوَأ َ وﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ « :ﻣﻦ أﺣﻴﺎ أرﺿًﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻓﻬﻰ ﻟﻪ». اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻪ واﻷﺻﻮل : أﻣﺎ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻬﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎل اﻟﻨﺎس وأﻗﻮاﻟﻬﻢ ،وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﺈن اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻮادﻫﺎ وأﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎل اﻟﻨﺎس وأﻗﻮاﻟﻬﻢ )(۱ﻣﺜﻞ ﻗﺎﻋﺪة اﻷﻣﺮ ﻟﻺﻳﺠﺎب واﻟﻨﻬﻲ ﻟﻠﺘﺤﺮﻳﻢ ،واﻟﻌﺎم ﻳﻨﺘﻈﻢ ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮاده ﻗﻄﻌًﺎ ، واﻟﻤﻄﻠﻖ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد اﻟﺸﺎﺋﻊ ﺑﺪون ﻗﻴﺪ وﻫﻜﺬا. )(۲ﻓﻬﻨﺎك اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻜﻠﻰ واﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺠﺰﺋﻲ ،واﻟﺤﻜﻢ اﻟﻜﻠﻰ واﻟﺤﻜﻢ اﻟﺠﺰﺋﻲ ،ﻓﺎﻷﻣﺮ دﻟﻴﻞ ﻛﻠﻰ واﻟﻨﺺ اﻟﺬي ورد ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻐﺔ اﻷﻣﺮ دﻟﻴﻞ ﺟﺰﺋﻲ ،واﻟﻨﻬﻲ دﻟﻴﻞ ﻛﻠﻰ واﻟﻨﺺ اﻟﺬي ورد ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻨﻬﻰ دﻟﻴﻞ ﺟﺰﺋﻰ ،وأﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻜﻠﻰ ﻓﻬﻮ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬي ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻪ ﻋﺪة ﺟﺰﺋﻴﺎت ،ﻣﺜﻞ :اﻹﻳﺠﺎب واﻟﺘﺤﺮﻳﻢ واﻟﺼﺤﺔ واﻟﺒﻄﻼن .ﻓﺎﻹﻳﺠﺎب ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻰ ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻪ إﻳﺠﺎب اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﻬﻮد وﻧﺤﻮﻫﺎ ،واﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻰ ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻪ ﺗﺤﺮﻳﻢ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺮﺑﺎ واﻟﺰﻧﺎ واﻟﻘﺬف ،وﻫﻜﺬا اﻟﺼﺤﺔ واﻟﺒﻄﻼن. )(۳ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ٢٧٥ )(٤ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ۲۲۹ -۱۲- أﻣﺎ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻣﻦ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻬﻲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪه وﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ) ، (۱أو « ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻗﺘﺒﺎس اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ» ﻧﺸﺄة ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ : إن ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺸﺄ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻬﺠﺮى ،ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻷول اﻟﻬﺠﺮى ) ، (۳ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻛﺎن ﻳﻔﺘﻲ وﻳﻘﻀﻰ ﺑﺎﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ واﻻﺟﺘﻬﺎد دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﺻﻮل أو ﻗﻮاﻋﺪ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻟﻔﻘﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ -رﺿﻮان ﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﺘﻮن وﻳﺤﻜﻤﻮن ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻠﻜﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ وأﺻﻴﻠﺔ وﺳﻠﻴﻤﺔ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﺗﻌﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺘﻬﺪون ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻨﺺ ﺑﻤﻠﻜﺘﻬﻢ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﻮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﺒﺘﻬﻢ ﻟﻠﺮﺳﻮل ،وﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﻨﺰول ، وﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ وأﺳﺮارﻫﺎ وﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ: ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﻀﻰ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد -رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﺄن ﻋﺪة اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻋﻨﻬﺎ زوﺟﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﻮﺿﻊ اﻟﺤﻤﻞ ،اﺳﺘﺪﻻﻻ ً ﺑﻘﻮل ﷲ ﻦ ) ، ) (4وﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺣْﻤَﻠُﻬ َّ ﻦ َ ﻀْﻌ َﻦ َأن َﻳ َ ﺟُﻠُﻬ َّ ل َأ َ ﺣَﻤا ِ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وُأوَﻟﺎتُ اْﻟَﺄ ْ ﺟﺎ ن َأْزَوا ً ﻢ َوَﻳَﺬُرو َ ن ِﻣﻨُﻜ ْ ﻦ ُﻳَﺘَﻮَّﻓْﻮ َﻗﺪ ﻧﺰﻟﺖ ﺑﻌﺪ ﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :واَّﻟِﺬﻳ َ )(۱ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف :أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ص۱۱. )(۲اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ ﻟﻠﻐﺰاﻟﻲ ج ۱ص۷. )(۳اﻟﺸﻴﺦ /ﺧﻼف ص۱۳ )(٤ﺳﻮرة اﻟﻄﻼق :اﻵﻳﺔ٤. -۱۳- ً ﻟﻘﺎﻋﺪة ﺸًﺮا ﴾ ) ، (1وﻫﺬا ﻳﻌﺪ إﻋﻤﺎﻻ ﻋ ْ ﺷُﻬٍﺮ َو َ ﻦ َأْرَﺑَﻌَﺔ َأ ْ ﺴِﻬ َّ ﻦ ِﺑَﺄﻧُﻔ ِ ﺼ َ َﻳَﺘَﺮَّﺑ ْ أﺻﻮﻟﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄن اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ﻳﻨﺴﺦ اﻟﻤﺘﻘﺪم أو ﻳﺨﺼﺼﻪ .وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﻀﻰ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﻪ -ﺑﺘﻀﻤﻴﻦ اﻟﺼﻨﺎع وﻗﺎل ً ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن " :ﻻ ﻳﺼﻠﺢ اﻟﻨﺎس إﻻ ذاك " ،ﻓﻬﺬا ﻳﻌﺪ إﻋﻤﺎﻻ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄن اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ دﻟﻴﻞ ﺷﺮﻋﻲ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ اﻷﺣﻜﺎم وﺣﻴﻨﻤﺎ اﺗﺴﻌﺖ اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،واﺧﺘﻠﻂ اﻟﻌﺮب ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ، ودﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺮدات واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺗﺄﺛﺮت اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺑﻬﺬا اﻻﺧﺘﻼط ،وﻛﺜﺮت اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺼﻮص اﻗﺘﻀﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ وﺿﻊ ﻗﻮاﻋﺪ ﻟﻐﻮﻳﺔ وﻧﺤﻮﻳﺔ ﻳﺴﺘﻌﺎن ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ وﺗﻘﻮﻳﻢ اﻟﻠﺴﺎن + وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺷﺘﺪ اﻟﺠﺪال ﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺮأى ،واﺟﺘﺮأ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻪ وإﻧﻜﺎر ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻪ ،دﻋﺎ ﻛﻞ ﻫﺬا إﻟﻰ وﺿﻊ ﺿﻮاﺑﻂ وﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ وﺷﺮوط اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﻬﺎ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﻬﺎ ،وﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻫﺬه اﻟﺒﺤﻮث اﻻﺳﺘﺪﻻﻟﻴﺔ وﺗﻠﻚ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ) ، (۲وﻟﻜﻨﻪ ﺑﺪأ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ أﺣﻜﺎم ﻣﻨﺜﻮرة ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ ،ﻷن ﻛﻞ إﻣﺎم ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻔﻘﻪ اﻷرﺑﻌﺔ ﻛﺎن ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ دﻟﻴﻞ ﺣﻜﻤﻪ ووﺟﻪ اﺳﺘﺪﻻﻟﻪ ،وﻛﻞ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻛﺎن ﻳﺤﺘﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻪ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺞ ،وﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺪﻻﻻت واﻟﺤﺠﺞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻄﻮى ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ أﺻﻮﻟﻴﺔ. ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ /ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﻠﺒﻰ ... " :وﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ إﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ أن ﻗﻮاﻋﺪ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﺟﺪت ﻗﺒﻞ ﺗﺪوﻳﻦ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل ،وﺟﺪت ﻣﻦ ﺣﻴﻦ )(۱ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ٢٣٤ )(۲اﻟﺸﻴﺦ /ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ص١٤. -١٤- ...... وﺟﺪ اﻻﺟﺘﻬﺎد ،ﻓﻜﺎن ﻟﻜﻞ ﻓﻘﻴﻪ ﻗﻮاﻋﺪه اﻟﺘﻰ ﻳﻄﺒﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﺟﺘﻬﺎده ﻗﺪ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻗﻮاﻋﺪ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﻬﺎ وﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮاﺗﻬﻢ وﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺗﻬﻢ وﺟﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺸﺊ اﻟﻜﺜﻴﺮ وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺼﺮﺣًﺎ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻗﺎﻋﺪة أﺻﻮﻟﻴﺔ "(1). وأول ﻣﻦ ﺟﻤﻊ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﻤﻨﺜﻮرة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻫﻮ اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﺻﺎﺣﺐ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ)(۲ ﺛﻢ ﺟﺎء اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إدرﻳﺲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻰ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٢٠٤هـ ووﺿﻊ أول ﻛﺘﺎب ﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﻫﻮ ﻛﺘﺎب "اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ" .وﻗﺪ رواه ﻋﻨﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬه اﻟﻤﺼﺮى اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻤﺮادى ،وﻳﻌﺪ ﻛﺘﺎب اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ أول ﻛﺘﺎب ﻣﺪون ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮأى اﻟﻤﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻓﻘﺪ ُدوَﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻗﻮاﻋﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ وﺑﺤﻮﺛﻪ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ،وﺟﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﺆﻳﺪة ﺑﺎﻟﺒﺮﻫﺎن واﻟﺪﻟﻴﻞ .واﻟﺬى دﻓﻊ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ رأى ﻛﺜﺮة اﻵراء واﻟﻔﺘﺎوى ،واﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻛﺎﻟﻘﻴﺎس ،وﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ أدﻟﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ أم ﻻ وﻛﺈﺟﻤﺎع أﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﺧﺒﺮ اﻟﻮاﺣﺪ وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أدﻟﺔ اﻷﺣﻜﺎم ،وﻃﺮق اﻻﺳﺘﻨﺒﺎط ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ،ﻓﻘﺎم ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ واﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻰ أن ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ اﺟﺘﻬﺎده (۳).ﺛﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ. ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل : ﻟﻘﺪ ﺳﻠﻚ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻃﺮﻳﻘًﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل ،وﺳﻠﻚ )(1أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ص۲۷. )(۲راﺟﻊ :اﻟﺸﻴﺦ /ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﻠﺒﻰ جـ ۱ص ، ۳۰واﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﺘﻲ أﺷﺎر إﻟﻴﻬﺎ. )(۳راﺟﻊ :ﺑﺪران أﺑﻮ اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ :ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ص۸۷. -١٥- ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻜﻼم ﻃﺮﻳﻘًﺎ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻴﻪ .ﻓﺄﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻓﺎﺗﺨﺬوا ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ واﻟﺒﺤﻮث اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ رأوا أن أﺋﻤﺘﻬﻢ ﺑﻨﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺟﺘﻬﺎدﻫﻢ ،ﻓﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺘﻮا ﻗﻮاﻋﺪ وﺑﺤﻮﺛًﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ أﺛﺒﺘﻮا ﻗﻮاﻋﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﺮﻋﺖ ﻋﻦ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ أﺋﻤﺘﻬﻢ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوع اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻨﺒﻄﻬﺎ أﺋﻤﺘﻬﻢ(1). وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﺘﺎب اﻷﺻﻮل " ﻟﻺﻣﺎم ﻓﺨﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺒﺰدوى اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٤٨٢هـ ،وﻛﺘﺎب "اﻟﻤﻨﺎر" ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ اﻟﻨﺴﻔﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٧٦٠هـ ،وﻛﺘﺎب " أﺻﻮل اﻟﺠﺼﺎص اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ۳۷۰هـ. وأﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻜﻼم أى ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﺎﻣﺘﺎزت ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﻗﻮاﻋﺪ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل وﺑﺤﻮﺛﻪ ﺗﺤﻘﻴﻘًﺎ ﻧﻈﺮﻳًﺎ ،وﻟﻢ ﻳﺘﺨﺬوا ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺳﺘﻨﺒﻄﻪ أﺋﻤﺘﻬﻢ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪون ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم، ﻓﻌﻠﻤﺎء اﻟﻜﻼم أﺛﺒﺘﻮا ﻗﻮاﻋﺪ وﺑﺤﻮﺛًﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ أﻳﺪﻫﺎ اﻟﻌﻘﻞ وﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺒﺮﻫﺎن ، وﺳﻮاء اﺗﻔﻘﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﻊ اﻟﻔﺮوع اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء أم ()۲ﻻ + وﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎروا ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ أﻛﺜﺮ اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ أﻟﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﺘﺎب "اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ" ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ ٥٠٥هـ ،وﻛﺘﺎب "اﻟﻤﻨﻬﺎج" ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺒﻴﻀﺎوى اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٦٨٥هـ ،وﻛﺘﺎب " اﻹﺣﻜﺎم ﻓﻲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم ﻟﻸﻣﺪى اﻟﺸﺎﻓﻌﻰ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٦٣١هـ ،وﻛﺘﺎب " اﻟﻤﺤﺼﻮل ﻟﻠﺮازي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٦٠٦هـ. )(۱اﻟﺸﻴﺦ /ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ص١٥. )(۲اﻟﺸﻴﺦ /ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ،ص ۱۵؛ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﻠﺒﻲ ج ۱ص۳۳. - ١٦- و ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺣﺎول اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺘﻴﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺘﻴﻦ ،ﻓﺎﻫﺘﻢ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮوع اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﻬﺎ ،واﻫﺘﻢ أﻳﻀًﺎ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺒﺮاﻫﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ(1). وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﺘﺎب. ﺗﻨﻘﻴﺢ اﻷﺻﻮل " ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﺒﺨﺎرى ﺻﺪر اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٧٤٧هـ ،وﻛﺘﺎب "ﺑﺪﻳﻊ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻴﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﺰدوى واﻹﺣﻜﺎم اﻟﻤﻈﻔﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺒﻐﺪادي اﻟﺤﻨﻔﻰ اﻟﻤﺸﻬﻮر ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺴﺎﻋﺎﺗﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٦٩٤هـ)(٢ وﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﻤﻔﻴﺪة اﻟﻤﻮﺟﺰة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻛﺘﺎب " إرﺷﺎد اﻟﻔﺤﻮل. ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ١٢٥٥هـ ،وﻛﺘﺎب " اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ " ﻻﺑﻦ اﻟﻬﻤﺎم اﻟﺤﻨﻔﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٨٦١هـ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل : . إن ﻟﺪراﺳﺔ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ،ﻓﻬﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻳﺒﻴﻦ ﻟﻠﻔﻘﻴﻪ واﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻻﺳﺘﻨﺒﺎط اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ اﻟﻌﻤﻠﻲ ، ﻓﻔﻴﻪ ﺑﻴﺎن ﻟﻸﺣﻜﺎم ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ ،واﻷدﻟﺔ وﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ ،وﻃﺮق اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ،وﺷﺮوط اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ،وﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،أو اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻮﺿﻌﻰ ،أو اﻟﻘﻀﺎة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻤﻌﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﻠﺒﻰ " :وﻓﻲ اﻟﺤﻖ إن أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﻔﻘﻪ ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻣﺘﺨﺼﺼًﺎ ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ أم ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺨﺼﺼًﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻪ دارس اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻓﺮوﻋﻪ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ،ﻷن اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ )(1ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ص١٦. )(۲أى أﻧﻪ ﻛﺘﺎب ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻛﺘﺎﺑﻲ " أﺻﻮل اﻟﺒﺰدوى اﻟﺤﻨﻔﻰ " ،وﻛﺘﺎب " اﻹﺣﻜﺎم ﻓﻲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم " ﻟﻸﻣﺪى اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ. -۱۷- اﻟﻨﺼﻮص ،ﻓﻔﻴﻬﺎ اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻰ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺎم واﻟﺨﺎص ،واﻟﻤﻄﻠﻖ واﻟﻤﻘﻴﺪ ،ﻛﻤﺎ أن ﻓﻴﻬﺎ واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاد اﻟﻤﺸﺮع واﻟﺬي ﻳﻜﺘﻨﻔﻪ اﻹﺑﻬﺎم ،وﻫﻲ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎرض أو اﻟﻘﺼﻮر ﻋﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﺮض ﻟﻬﺎ واﺿﻌﻮ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﺣﻴﻦ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻴﻀﻄﺮ اﻟﻤﻄﺒﻖ إﻟﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻘﻴﺎس وﻫﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻟﻔﺎظ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ دﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺪل ﺑﻌﺒﺎرﺗﻬﺎ وﻗﺪ ﺗﺪل ﺑﺈﺷﺎرﺗﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﻟﻬﺎ ﻣﻨﻄﻮﻗًﺎ وﻣﻔﻬﻮﻣًﺎ ﻣﻮاﻓﻘًﺎ أو ﻣﺨﺎﻟﻔًﺎ. ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻄﺒﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻠﻤًﺎ ﺑﻘﻮاﻋﺪ اﻻﺟﺘﻬﺎد وﻃﺮق أﺧﺬ اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص ،وﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ ﻧﻈﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺎﻋﺘﺮاف ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺴﺘﻄﺎع ﺗﻘﻴﻴﺪ اﻟﻤﻄﻠﻖ وﺗﺨﺼﻴﺺ اﻟﻌﺎم ،واﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿﺔ أو اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻨﻬﺎ ، وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﻄﻮق واﻟﻤﻔﻬﻮم ؟ ﺛﻢ ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﻋﻤﺎل اﻟﻘﻴﺎس اﻟﻀﺮورة اﻗﺘﻀﺘﻪ ،واﻟﻘﻴﺎس اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻪ ﺷﺮوﻃﻪ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻟﻪ ﻋﻦ ﻏﻴﺮه أﻳﻘﻴﺲ ﺑﻤﺠﺮد اﻟﺸﺒﻪ ؟ وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺒﻴﻦ أﺟﻠﻰ ﺑﻴﺎن ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﺎرح اﻟﻘﺎﻧﻮن أو ﻣﻄﺒﻘﻪ ﻣﻠﻤًﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻓﻼ ﻳﺄﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺰﻟﻞ أو اﻟﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻫﺪى. (1). ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ أن أﻫﻤﻴﺔ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻳﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻟﻜﻞ ﻣﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ أو اﻟﻘﺎﻧﻮن أو اﻟﻘﻀﺎء ،ﻓﻬﺆﻻء ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ دراﺳﺘﻪ وﻓﻬﻤﻪ وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪه ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﺤﺚ واﻻﺟﺘﻬﺎد )(1أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ج ۱ص ۳۹.، ۳۸ -1A- -۱۹- اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷول ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ وأﺳﺎﺳﻪ -٢٠- ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻰ ﻓﻰ اﺻﻄﻼح اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ : " ﻫﻮ ﺧﻄﺎب اﻟﺸﺎرع اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ اﻗﺘﻀﺎء أو ﺗﺨﻴﻴﺮًا أو وﺿﻌًﺎ (1).- ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﻦ : -اﻟﻨﻮع اﻷول :اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ :وﻫﻮ ﺧﻄﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﺑﺎﻻﻗﺘﻀﺎء أى اﻟﻄﻠﺐ أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ. وأﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ،أى ﻃﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻷﻧﻪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﻔﻌﻞ ،أو ﻛﻒ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ،أو ﺗﺨﻴﻴﺮه ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك .وﻗﺪ أﻃﻠﻖ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك ،رﻏﻢ أن اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮ واﺿﺢ ،ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎب أن اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻰ أﻧﻪ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻔﻌﻞ أو ﺗﺮك. وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻓﺈن اﻟﻤﺒﺎﺣﺎت ﻗﺪ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻇﺮوف ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاﺋﺾ إذا ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻠﻬﻼك أو اﻟﺘﻠﻒ ،وأﻳﻀًﺎ ﻗﺪ ﻳﺼﻞ اﻟﻤﺒﺎح إﻟﻰ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت ﻏﻴﺮ اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ اﻹﺳﺮاف واﻟﺘﺒﺬﻳﺮ ﺑﺘﻨﺎول ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،وﺑﻬﺬا ﻳﻤﻜﻦ إدراك اﻻرﺗﺒﺎط اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﺨﻴﻴﺮى واﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ)(۲ )(۱إرﺷﺎد اﻟﻔﺤﻮل ﻟﻠﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ص٦. )(۲ﻳﻮﺳﻒ ﻗﺎﺳﻢ :أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ص٢٥٠ -۲۱- وﻳﻼﺣﻆ أن ﺧﻄﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻴﺲ ﺧﺎﺻًﺎ ﺑﻨﺼﻮص اﻟﻘﺮآن وﺣﺪﻫﺎ ، ﺑﻞ ﻳﺸﻤﻞ ﺧﻄﺎب رﺳﻮل ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻪ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ،ﻓﺈن ﻋﻦﻖ َﻄ ُﺧﻄﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺸﻤﻠﻪ ،ودﻟﻴﻞ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :وَﻣﺎ َﻳْﻨ ِ ﺣﻰ ﴾ ().ﻓﺨﻄﺎب رﺳﻮل ﷲ ـ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻲ ُﻳﻮ َ ﺣ ٌ ﻫَﻮ ِإَّﻟﺎ َو ْ ن ُ اْﻟَﻬَﻮى * ِإ ْ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ -اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻪ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﻬﺪاﻳﺔ ﻫﻮ وﺣﻰ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻟﻤﻌﻨﻰ ،واﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ رﺳﻮل ﷲ -ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ - وﻛﺬﻟﻚ اﻷدﻟﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻛﺎﻹﺟﻤﺎع واﻟﻘﻴﺎس أﻳﻀًﺎ ،ﻷن ﻣﺮﺟﻊ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻳﺸﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﻃﻠﺒًﺎ أو ﺗﺨﻴﻴﺮًا أو وﺿﻌًﺎ ،وﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺼﻮﺻًﺎ أم ﻏﻴﺮﻫﺎ(٢). - واﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻲ :وﻫﻮ ﺧﻄﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺠﻌﻞ اﻟﺸﺊ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻐﻴﺮه ،أو ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﻪ ،أو ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣﻨﻪ .وأﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻰ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟﺸﺎرع ،ﻓﺎﻟﺸﺎرع ﻫﻮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺊ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﺸﺊ آﺧﺮ أو ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﻪ أو ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣﻨﻪ .ﻓﺎﻷﺳﺒﺎب واﻟﺸﺮوط واﻟﻤﻮاﻧﻊ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ إﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﺸﺎرع. ﺷﺮح اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ : واﻟﻤﺮاد ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ :ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻗﺪرة اﻟﻤﻜﻠﻒ واﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ، )(۱ﺳﻮرة اﻟﻨﺠﻢ :اﻵﻳﺘﺎن )٤).، (۳ )(۲ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ص ، ۱۱۱زﻛﺮﻳﺎ اﻟﺒﺮى ص٢٦٥. -۲۲- وﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﻓﻌﺎل اﻟﻘﻠﻮب ﻛﺎﻹﺧﻼص واﻟﺤﺴﺪ واﻟﺮﻳﺎء ،أو أﻓﻌﺎل اﻟﺠﻮارح ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺤﺞ .واﻟﻤﻜﻠﻒ ﻫﻮ اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﻌﺎﻗﻞ اﻟﺬي ﺑﻠﻐﺘﻪ اﻟﺪﻋﻮة. ﻟﻠﺘﺮك. وﻣﻌﻨﻰ اﻻﻗﺘﻀﺎء :أى اﻟﻄﻠﺐ ،وﺳﻮاء ﻛﺎن ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﻔﻌﻞ أو ﻃﻠﺒًﺎ واﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﺘﺨﻴﻴﺮ :اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك دون ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻷﺣﺪﻫﻤﺎ. وﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﺧﻄﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺬاﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺻﻔﺎﺗﻪ ،ﻷن ﺗﻘﻴﻴﺪ اﻟﺨﻄﺎب ﺑﺄﻧﻪ ( اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ) ﺷﻬَﺪ ﷲ ﻳﺨﺮج اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺬاﺗﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ َ ( : ﻫَﻮ اْﻟَﻌِﺰﻳُﺰ ﻂ َﻟﺎ ِإَﻟَﻪ ِإَّﻟﺎ ُ ﺴ ِ ﻢ َﻗﺎِﺋﻤًﺎ ِﺑاْﻟِﻘ ْ ﻫَﻮ َواْﻟَﻤﻻِﺋَﻜُﺔ َوُأوُﻟﻮ اْﻟِﻌْﻠ ِ َأَّﻧُﻪ ﻻ ِإَﻟَﻪ ِإَّﻟﺎ ُ ﻢ ) ، ) (1وﻳﺨﺮج اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺠﺒﺎل وﻧﺤﻮﻫﺎ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (: ﺤِﻜﻴ ُ اْﻟ َ ﺸﻮَرًة ُﻛ ُّ ﻞ ﺤ ُ ﻄْﻴَﺮ َﻣ ْ ﺷﺮاق * َواﻟ َّ ﻲ َواْﻟَﺄ ْ ﺸ ِّ ﻦ ِﺑاْﻟَﻌ ِ ﺤ َ ﺴِّﺒ ْ ل َﻣَﻌُﻪ ُﻳ َ ﺠَﺒا َ ﺨْﺮَﻧﺎ اْﻟ ِ ﺳ َّ ِإَّﻧﺎ َ ﺼَﻠٰﻮَة َوَﻣﺎُﺗﻮا اﻟَّﺰَﻛﻮَة )، ) (٢ ب ) ، ) (٢وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :وَأِﻗﻴُﻤﻮا اﻟ َّ َﻟُﻪ َأَّوا ٌ ﻫﺬا ﺧﻄﺎب ﻣﻦ اﻟﺸﺎرع ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻼة وإﺗﻴﺎء اﻟﺰﻛﺎة ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻔﻌﻠﻬﻤﺎ ﻖ )، ) (٤ ﺤ ِّ ﺣَّﺮَم اﻟَّﻠُﻪ ِإَّﻟﺎ ِﺑاْﻟ َ ﺲ اَّﻟِﺘﻲ َ وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وَﻟﺎ َﺗْﻘُﺘُﻠﻮا اﻟَّﻨْﻔ َ ﻫﺬا ﺧﻄﺎب ﻣﻦ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﺘﻞ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺪون وﺟﻪ ﺣﻖ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﺘﺮﻛﻪ )(۱ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان :اﻵﻳﺔ١٨ )(۲ﺳﻮرة ص :اﻵﻳﺘﺎن )(۱۹).، (۱۸ )(۳ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ٤٣. )(٤ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء :اﻵﻳﺔ٣٣ -۲۳- ﻋَﻠْﻴِﻬَﻤﺎ ِﻓﻴَﻤﺎ ح َ ﺟَﻨﺎ َ ﺣُﺪوَد اﻟَّﻠِﻪ َﻓَﻠﺎ ُ ﻢ َأَّﻟﺎ ُﻳِﻘﻴَﻤﺎ ُ ﺧْﻔُﺘ ْ ن ِ وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :ﻓِﺈ ْ ت ِﺑِﻪ ) ، ) (۱ﺧﻄﺎب ﻣﻦ اﻟﺸﺎرع ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺒﺪل اﻟﺨﻠﻊ ﺗﺨﻴﻴﺮًا ﻓﻴﻪ. اْﻓَﺘَﺪ ْ ﻄﺎُدوا ) ، ) (٢ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺗﺨﻴﻴﺮ ﺻ َ ﻢ َﻓﺎ ْ ﺣَﻠْﻠُﺘ ْ وأﻳﻀًﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وِإَذا َ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﻴﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺸﺊ وﺗﺮﻛﻪ. وﻋﻠﻰ ﻫﺬا ،ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﻠﻒ إﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﻔﻌﻞ أو ﻃﻠﺐ ﺗﺮﻛﻪ ،أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ أو اﻟﺘﺮك ،ﻓﻴﺸﻤﻞ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻴﺔ اﻟﺨﻤﺴﺔ وﻫﻲ :اﻟﻮﺟﻮب واﻟﻨﺪب واﻟﺤﺮﻣﺔ واﻟﻜﺮاﻫﺔ واﻹﺑﺎﺣﺔ وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﺸﺊ آﺧﺮ ﻗﻮل ﷲ ﻄُﻌﻮا َأْﻳِﺪَﻳُﻬَﻤﺎ ) ، ) (۳ﻓﺎﻟﺴﺮﻗﺔ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺴﺎِرَﻗُﺔ َﻓﺎْﻗ َ ق َواﻟ َّ ﺴﺎِر ُ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :واﻟ َّ ﺼﻠﻮةَ ﻢ اﻟ َّ اﻟﺸﺎرع ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ إﻳﺠﺎب ﻗﻄﻊ ﻳﺪ اﻟﺴﺎرق .وﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ َ ( :أِﻗ ِ ﺸْﻤﺲ ) ، ) (٤اﻗﺘﻀﻰ ﺟﻌﻞ دﻟﻮك اﻟﺸﻤﺲ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻮﺟﻮب اﻟﺼﻼة. ك اﻟ َّ ِﻟُﺪُﻟﻮ ِ ﻋَﻠﻰ وﻣﺜﺎل ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺎرع ﺷﻴﺌًﺎ ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﺸﺊ آﺧﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :وِﻟَّﻠِﻪ َ ﺳِﺒﻴًﻠﺎ ) ، ) (٥ﻓﺎﻟﺸﺎرع ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ع ِإَﻟْﻴِﻪ َ ﻄﺎ َ ﺳَﺘ َ ﻦ ا ْ ﺖ َﻣ ِ ﺞ اْﻟَﺒْﻴ ِ س ﺣِ ُّ اﻟَّﻨﺎ ِ ﻦ آَﻣُﻨﻮا ِإَذا اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﻮﺟﻮب اﻟﺤﺞ ،وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :ﻳﺎ َأُّﻳَﻬﺎ اَّﻟِﺬﻳ َ )(۱ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ۲۲۹. )(۲ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ٢. )(۳ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ٣٨ )(٤ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء :اﻵﻳﺔ+.۷۸ )(٥ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان :اﻵﻳﺔ۹۷ -٢٤- ﺤ ﻮا ﺴ ُ ﻖ َواْﻣ َ ﻢ ِإَﻟﻰ اْﻟَﻤَﺮاِﻓ ِ ﻢ َوَأْﻳِﺪَﻳُﻜ ْ ﻫُﻜ ْ ﺟﻮ َ ﺴُﻠﻮا ُو ُ ﻏ ِﺼﻻِة َﻓﺎ ْ ﻢ ِإَﻟﻰ اﻟ َّ ُﻗْﻤُﺘ ْ ﻦ ) ، ) (۱ﻓﺎﻟﺸﺎرع ﺟﻌﻞ اﻟﻄﻬﺎرة ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﺼﺤﺔ ﻢ ِإَﻟﻰ اْﻟَﻜْﻌَﺒْﻴ ِ ﺟَﻠُﻜ ْ ﻢ َوَأْر ُﺳُﻜ ْ ِﺑُﺮُؤو ِ اﻟﺼﻼة ،وﻋﺪم اﻟﻄﻬﺎرة ﻳﺴﺘﻠﺰم ﻋﺪم ﺻﺤﺔ اﻟﺼﻼة. وﻣﺜﺎل ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺎرع ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣﻦ ﺷﺊ ﻣﺎ روى ﻋﻦ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ -ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ -أﻧﻪ ﻗﺎل « :اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻻ ﻳﺮث )، » (۲ ﻓﻘﺘﻞ اﻟﻮارث ﻣﻮرﺛﻪ ﺟﻌﻠﻪ اﻟﺸﺎرع ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣﻦ اﻹرث. وﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ أن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻳﺮاد ﺑﻪ ﻃﻠﺐ اﻟﻔﻌﻞ أو ﺗﺮﻛﻪ أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك. وأﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﻓﻼ ﻳﺮاد ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻄﻠﺐ أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ،وإﻧﻤﺎ ُﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺑﻴﺎن اﻷﺳﺒﺎب واﻟﺸﺮوط واﻟﻤﻮاﻧﻊ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﺸﺎرع ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ F واﻟﺜﺎﻧﻲ :أن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﻘﺪورًا ﻟﻠﻤﻜﻠﻒ أى ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺖ ﻗﺪرﺗﻪ واﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم ،ﻷن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴًﺎ إﻻ وﺳﻌﻬﺎ .وأﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻰ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘًﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﻠﻒ أو ﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ (۳).وﻣﺜﺎل ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺳﺒﺒًﺎ وﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻘﺪور واﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻋﻘﻮده وﺟﺮاﺋﻤﻪ .وﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪوره اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻓﻬﻰ )(1ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ٦. )(۲ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ص ۹۱۳ﺣﺪﻳﺚ رﻗﻢ ۲۷۳۵ﺑﺎب " ﻣﻴﺮاث اﻟﻘﺎﺗﻞ ". )(۳اﻟﺸﻴﺦ /ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ص ١١٤، ۱۱۳ -٢٤- ﻦ )) (۱ ﻢ ِإَﻟﻰ اْﻟَﻜْﻌَﺒْﻴ ِ ﺟَﻠُﻜ ْ ﻢ َوَأْر ُ ﺳُﻜ ْ ﺤﻮا ِﺑُﺮُؤو ِ ﺴ ُ ﻖ َواْﻣ َ ﻢ ِإَﻟﻰ اْﻟَﻤَﺮاِﻓ ِ ﻢ َوَأْﻳِﺪَﻳُﻜ ْ ﻫُﻜ ْ ﺟﻮ َ ﺴُﻠﻮا ُو ُ ﻏ ِ ﺼﻻِة َﻓﺎ ْ ﻢ ِإَﻟﻰ اﻟ َّ ُﻗْﻤُﺘ ْ ،ﻓﺎﻟﺸﺎرع ﺟﻌﻞ اﻟﻄﻬﺎرة ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة ،وﻋﺪم اﻟﻄﻬﺎرة ﻳﺴﺘﻠﺰم ﻋﺪم ﺻﺤﺔ اﻟﺼﻼة. وﻣﺜﺎل ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺎرع ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣﻦ ﺷﺊ ﻣﺎ روى ﻋﻦ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ -ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ -أﻧﻪ ﻗﺎل « :اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻻ ﻳﺮث ) ، » (۲ﻓﻘﺘﻞ اﻟﻮارث ﻣﻮرﺛﻪ ﺟﻌﻠﻪ اﻟﺸﺎرع ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣﻦ اﻹرث. وﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ أن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻳﺮاد ﺑﻪ ﻃﻠﺐ اﻟﻔﻌﻞ أو ﺗﺮﻛﻪ أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك. وأﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﻓﻼ ﻳﺮاد ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻄﻠﺐ أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ،وإﻧﻤﺎ ُﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺑﻴﺎن اﻷﺳﺒﺎب واﻟﺸﺮوط واﻟﻤﻮاﻧﻊ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﺸﺎرع ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ واﻟﺜﺎﻧﻲ :أن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﻘﺪورًا ﻟﻠﻤﻜﻠﻒ أى ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺖ ﻗﺪرﺗﻪ واﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم ،ﻷن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴًﺎ إﻻ وﺳﻌﻬﺎ .وأﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻰ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘًﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﻠﻒ أو ﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ (۳).وﻣﺜﺎل ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺳﺒﺒًﺎ وﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻘﺪور واﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻋﻘﻮده وﺟﺮاﺋﻤﻪ .وﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪوره اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻓﻬﻰ )(1ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ٦. )(۲ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ص ۹۱۳ﺣﺪﻳﺚ رﻗﻢ ۲۷۳۵ﺑﺎب " ﻣﻴﺮاث اﻟﻘﺎﺗﻞ ". )(۳اﻟﺸﻴﺦ /ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺧﻼف ص ١١٤، ۱۱۳ -٢٥- ﺳﺒﺐ ﻟﻠﻤﻴﺮاث .وﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺷﺮﻃًﺎ وﻫﻮ ﻓﻰ ﻣﻘﺪور اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺗﻌﻴﻴﻦ اﻟﺜﻤﻦ واﻟﻤﺜﻤﻦ واﻷﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﺒﻴﻊ وﻫﻮ ﺷﺮط ﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﻘﺪ .وﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺷﺮﻃﺎً ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪور اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﻠﻮغ اﻟﺮﺷﺪ ﻓﻬﻮ ﺷﺮط ﻟﻨﻔﺎذ ﻋﻘﺪ اﻟﺒﻴﻊ. وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻧﻊ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻘﺪور اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﺜﻞ ﻗﺘﻞ اﻟﻮارث ﻣﻮرﺛﻪ .وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪور ﻟﻪ ﻛﺎﻹرث ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﻮﺻﻴﺔ ،ﻟﺤﺪﻳﺚ رﺳﻮل ﷲ ﷺ « :إن ﷲ ﻗﺪ أﻋﻄﻰ ﻛﻞ ذي ﺣﻖ ﺣﻘﻪ ﻓﻼ وﺻﻴﺔ ﻟﻮارث (۱). واﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻫﻮ ذات اﻟﻨﺺ اﻟﺼﺎدر ﻣﻦ اﻟﺸﺎرع داﻻ ً ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﺐ أو اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ أو اﻟﻮﺿﻊ. أﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻬﻮ اﻷﺛﺮ اﻟﺬي ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺧﻄﺎب اﻟﺸﺎرع ﻓﻲ اﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻟﻮﺟﻮب واﻟﺤﺮﻣﺔ واﻹﺑﺎﺣﺔ (٢).ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺼْﻤُﻪ ) ) (۳ﻳﻘﺘﻀﻰ وﺟﻮب ﺻﻴﺎم رﻣﻀﺎن ، ﺸْﻬَﺮ َﻓْﻠَﻴ ُ ﻢ اﻟ َّ ﺷِﻬَﺪ ِﻣﻨُﻜ ُ َﻓَﻤﻦ َ ﻓﺎﻟﻨﺺ ذاﺗﻪ ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ،أﻣﺎ وﺟﻮب ﺻﻴﺎم اﻟﺸﻬﺮ ﺨْﺮ َﻗْﻮٌم ِّﻣﻦ ﺴ َ ﻓﻬﻮ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻟﻔﻘﻬﺎء .وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :ﻟﺎ َﻳ ْ َﻗْﻮٍم ) ) (٤ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ،وﺣﺮﻣﺔ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻟﻔﻘﻬﺎء. )(۱ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ج ۲ص ۹۰۵ﺣﺪﻳﺚ رﻗﻢ ۲۷۱۳ﺑﺎب " ﻻ وﺻﻴﺔ ﻟﻮارث ". )(۲اﻟﺸﻴﺦ /ﺧﻼف ص۱۱۱. )(۳ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ١٨٥ )(٤ﺳﻮرة اﻟﺤﺠﺮات :اﻵﻳﺔ١١. - ٢٦- وﻧﻘﺴﻢ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب إﻟﻰ ﻓﺼﻠﻴﻦ : اﻟﻔﺼﻞ اﻷول :أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ. اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ :أرﻛﺎن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ. اﻟﻔﺼﻞ اﻷول أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ وﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻰ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ :ﺣﻜﻢ ﺗﻜﻠﻴﻔﻲ ،وﺣﻜﻢ وﺿﻌﻰ. وﻧﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ : اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮﺿﻌﻲ. اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻰ إﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ أﻗﺴﺎم ﻫﻰ [ :اﻹﻳﺠﺎب ،واﻟﻨﺪب، واﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ،واﻟﻜﺮاﻫﺔ ،واﻹﺑﺎﺣﺔ ].وذﻟﻚ ﻷن ﻃﻠﺐ اﻟﻔﻌﻞ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻹﻟﺰام ﻓﻴﺴﻤﻰ إﻳﺠﺎﺑًﺎ ،واﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﻌﻠﻪ ﻳﺴﻤﻰ واﺟﺒًﺎ. وإن ﻛﺎن ﻃﻠﺐ اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻹﻟﺰام ﺳﻤﻰ ﻧﺪﺑًﺎ ،واﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﻌﻠﻪ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻨﺪوﺑًﺎ. وإذا ﻛﺎن ﻃﻠﺐ ﺗﺮك اﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻹﻟﺰام ﻓﻬﻮ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ، واﻟﻤﻄﻠﻮب ﺗﺮك ﻓﻌﻠﻪ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺤﺮﻣًﺎ. وإن ﻛﺎن ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺮك ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻹﻟﺰام ﻓﻬﻮ اﻟﻜﺮاﻫﺔ ،وﻳﺴﻤﻰ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻜﺮوﻫًﺎ. وإن ﻛﺎن اﻟﺤﻜﻢ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺗﺨﻴﻴﺮ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﻴﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺸﺊ وﺗﺮﻛﻪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻹﺑﺎﺣﺔ ،واﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي ﺧﻴﺮ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺒﺎﺣًﺎ. -۲۸- وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈن اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﻌﻠﻪ ﻗﺴﻤﺎن :ﻫﻤﺎ :اﻟﻮاﺟﺐ واﻟﻤﻨﺪوب واﻟﻤﻄﻠﻮب ﺗﺮك ﻓﻌﻠﻪ ﻗﺴﻤﺎن :اﻟﻤﺤﺮم واﻟﻤﻜﺮوه .واﻟﺬي ﺧﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك ﻫﻮ اﻟﻤﺒﺎح. وﻧﺒﻴﻦ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ : ً :اﻟﻮاﺟﺐ : أوﻻ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ اﺻﻄﻼﺣًﺎ :ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع ﻣﻦ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻹﻟﺰام)(1 وﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ ﻳﻘﺘﺮن ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺘﻴﻢ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻄﻠﺐ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺰام ،أو دل ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ،أو أﻳﺔ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ أﺧﺮى داﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻣﺜﺎل ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺰام ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وَأِﻗﻴُﻤﻮا ﺴﺎِر ُ ق ﻦ ) ، ) (۲وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :واﻟ َّ ﺼﻻَة َوآُﺗﻮا اﻟَّﺰَﻛﺎَة َواْرَﻛُﻌﻮا َﻣَﻊ اﻟَّﺮاِﻛِﻌﻴ َ اﻟ َّ ﺴَﺒﺎ َﻧَﻜاﻻ ً ﻣﻦ ﷲ ) (٣).ﻓﻘﺪ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﺟَﺰاًء ِﺑَﻤﺎ َﻛ َ ﻄُﻌﻮا َأْﻳِﺪَﻳُﻬَﻤﺎ َ ﺴﺎِرَﻗُﺔ َﻓﺎْﻗ َ َواﻟ َّ ﻛﻞ آﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻵﻳﺎت ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ أﻣﺮ وﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻘﺮﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮف اﻷﻣﺮ ﺸْﻬَﺮ ﻢ اﻟ َّ ﺷِﻬَﺪ ِﻣْﻨُﻜ ُ ﻦ َ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮب .وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :ﻓَﻤ ْ ﺣَّﺘﻰ ن ِﻧَﻜﺎﺣًﺎ َ ﺠُﺪو َ ﻦ ﻻ َﻳ ِ ﻒ اَّﻟِﺬﻳ َ ﺴَﺘْﻌِﻔ ِ ﺼْﻤُﻪ) ،) (٤وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وْﻟَﻴ ْ َﻓْﻠَﻴ ُ ﻀِﻠِﻪ ) (٥).ﻓﻘﺪ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻛﻞ آﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻵﻳﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻦ َﻓ ْ ﻢ اﻟَّﻠُﻪ ِﻣ ْ ُﻳْﻐِﻨَﻴُﻬ ُ )(1اﻹﺣﻜﺎم ﻓﻲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم ﻟﻸﻣﺪى ج ١ص٨٦ ). (۲ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ ٤٣. ). (۳ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ ۳۸. ). (٤ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ١٨٥ ). (٥ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر :اﻵﻳﺔ٣٣ -۲۸- وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈن اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﻌﻠﻪ ﻗﺴﻤﺎن :ﻫﻤﺎ :اﻟﻮاﺟﺐ واﻟﻤﻨﺪوب واﻟﻤﻄﻠﻮب ﺗﺮك ﻓﻌﻠﻪ ﻗﺴﻤﺎن :اﻟﻤﺤﺮم واﻟﻤﻜﺮوه .واﻟﺬي ﺧﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺮك ﻫﻮ اﻟﻤﺒﺎح. وﻧﺒﻴﻦ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ : ً :اﻟﻮاﺟﺐ : أوﻻ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ اﺻﻄﻼﺣًﺎ :ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع ﻣﻦ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻹﻟﺰام)(1 وﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ ﻳﻘﺘﺮن ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺘﻴﻢ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻄﻠﺐ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺰام ،أو دل ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ،أو أﻳﺔ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ أﺧﺮى داﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻣﺜﺎل ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺰام ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وَأِﻗﻴُﻤﻮا ﺴﺎِر ُ ق ﻦ ) ، ) (۲وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :واﻟ َّ ﺼﻻَة َوآُﺗﻮا اﻟَّﺰَﻛﺎَة َواْرَﻛُﻌﻮا َﻣَﻊ اﻟَّﺮاِﻛِﻌﻴ َ اﻟ َّ ﺴَﺒﺎ َﻧَﻜاﻻ ً ﻣﻦ ﷲ ) (٣).ﻓﻘﺪ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﺟَﺰاًء ِﺑَﻤﺎ َﻛ َ ﻄُﻌﻮا َأْﻳِﺪَﻳُﻬَﻤﺎ َ ﺴﺎِرَﻗُﺔ َﻓﺎْﻗ َ َواﻟ َّ ﻛﻞ آﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻵﻳﺎت ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ أﻣﺮ وﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻘﺮﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮف اﻷﻣﺮ ﺸْﻬَﺮ ﻢ اﻟ َّ ﺷِﻬَﺪ ِﻣْﻨُﻜ ُ ﻦ َ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮب .وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :ﻓَﻤ ْ ﺣَّﺘﻰ ن ِﻧَﻜﺎﺣًﺎ َ ﺠُﺪو َ ﻦ ﻻ َﻳ ِ ﻒ اَّﻟِﺬﻳ َ ﺴَﺘْﻌِﻔ ِ ﺼْﻤُﻪ) ،) (٤وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وْﻟَﻴ ْ َﻓْﻠَﻴ ُ ﻀِﻠِﻪ ) (٥).ﻓﻘﺪ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻛﻞ آﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻵﻳﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻦ َﻓ ْ ﻢ اﻟَّﻠُﻪ ِﻣ ْ ُﻳْﻐِﻨَﻴُﻬ ُ )(1اﻹﺣﻜﺎم ﻓﻲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم ﻟﻸﻣﺪى ج ١ص ٨٦ )(۲ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ٤٣. )(۳ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ۳۸. )(٤ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ١٨٥ )(٥ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر :اﻵﻳﺔ٣٣ -۲۹- ﻓﻌﻞ ﻣﻀﺎرع ﻣﻘﺘﺮن ﺑﻼم اﻷﻣﺮ وﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻘﺮﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮف اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب .وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺘﻪ أﻳﻀﺎً ﻢ ) ، ) (۱ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻫَﺘَﺪْﻳُﺘ ْ ﻞ ِإَذا ا ْ ﺿ َّﻦ َ ﻢ َﻣ ْ ﻀُّﺮُﻛ ْﻢ ﻻ َﻳ ُ ﺴُﻜ ْ ﻢ َأْﻧُﻔ َﻋَﻠْﻴُﻜ ْ ﻦ آَﻣُﻨﻮا َ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :ﻳﺎ َأُّﻳَﻬﺎ اَّﻟِﺬﻳ َ " ﻋﻠﻴﻜﻢ " اﺳﻢ ﻓﻌﻞ أﻣﺮ وﻫﻮ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻘﺮﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮﻓﻪ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮب ﻋَﻠﻰ اﻟَّﻨﺎسِ وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺰام ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ :وِﻟَّﻠِﻪ َ ﻚ َأَّﻟﺎ َﺗْﻌُﺒُﺪوا ِإَّﻟﺎ ﻀﻰ َرُّﺑ َ ﺼَﻴﺎُم ) ، ) (۳وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :وَﻗ َ ﻢ اﻟ ِّ ﻋَﻠْﻴُﻜ ُﺐ َ ﺖ ) ، ) (۲وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ُ ( :ﻛِﺘ َ ﺞ اْﻟَﺒْﻴ ِﺣ ُّ ِ ﻦ) ﻆ اْﻟُﺄْﻧَﺜَﻴْﻴ ِ ﺣ ِّ ﻞ َ ﻢ ِﻟﻠَّﺬَﻛِﺮ ِﻣْﺜ ُ ﻢ ﷲ ُ ِﻓﻲ َأْوﻻِدُﻛ ْ ﺻﻴُﻜ ُ ﺴﻨًﻨﺎ ) ، ((٤وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ُ ( :ﻳﻮ ِ ﺣ َ ﻦ ِإ ْ ِإَّﻳﺎُه َوِﺑاْﻟَﻮاِﻟَﺪْﻳ ِ ) ،(٥وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﻎ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺘﻴﻢ اﻟﻄﻠﺐ واﻹﻟﺰام ﺑﻪ .وﻛﻤﺎ ﻟﻮ رﺗﺐ اﻟﺸﺎرع اﻟﻌﻘﺎب ﻋﻠﻰ ﻦ * َوُﻛَّﻨﺎ ﺴِﻜﻴ َ ﻢ اْﻟِﻤ ْ ﻄِﻌ ُ ﻚ ُﻧ ْ ﻢ َﻧ ُ ﻦ َوَﻟ ْ ﺼِّﻠﻴ َ ﻦ اْﻟُﻤ َﻚ ِﻣ َ ﻢ َﻧ ُ ﺳَﻔَﺮ َﻗاُﻟﻮا َﻟ ْ ﻢ ِﻓﻲ َ ﺳَﻠَﻜُﻜ ْ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :ﻣﺎ َ ﻦ) (٢). ﺣَّﺘﻰ َأَﺗَﻨﺎ اْﻟَﻴِﻘﻴ ُ ﻦ َ ب ِﺑَﻴْﻮِم اﻟِّﺪﻳ ِ ﻦ )َ (3وُﻛَّﻨﺎ ُﻧَﻜِّﺬ ُ ﻀﻴ َﺨﺎِﺑ ِض َﻣَﻊ اْﻟ َ ﺨﻮ ُ َﻧ ُ وﺣﻜﻢ اﻟﻮاﺟﺐ :أن ﻳﺜﺎب اﻟﺸﺨﺺ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ وﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻪ. )(1ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ١٠٥. )(۲ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان :اﻵﻳﺔ۹۷ )(۳ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ۱۸۳. )(٤ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء :اﻵﻳﺔ٢٣ )(٥ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء :اﻵﻳﺔ١١ )(1ﺳﻮرة اﻟﻤﺪﺛﺮ :اﻵﻳﺎت٤٧٤٢. أﻗﺴﺎم اﻟﻮاﺟﺐ ): (۱ ﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﺪة أﻗﺴﺎم ﻻﻋﺘﺒﺎرات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ : ﻓﺒﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺎﻷداء ﻳﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ :واﺟﺐ ﻋﻴﻨﻰ وواﺟﺐ ﻛﻔﺎﺋﻲ وﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻴﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب واﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻳﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ : واﺟﺐ ﻣﻌﻴﻦ وواﺟﺐ ﻣﺨﻴﺮ .وﻣﻦ ﺣﻴﺚ وﻗﺖ أداﺋﻪ ﻳﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ واﺟﺐ ﻣﺆﻗﺖ وواﺟﺐ ﻣﻄﻠﻖ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﻗﻴﺖ. -ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻮاﺟﺐ إﻟﻰ :واﺟﺐ ﻋﻴﻨﻰ وواﺟﺐ ﻛﻔﺎﻧﻲ : ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻌﻴﻨﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،وﻻ ﻳﺼﺢ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻏﻴﺮه ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻼة واﻟﺼﻴﺎم واﻟﺰﻛﺎة واﻟﺤﺞ ﻣﺎدام اﻟﻤﻜﻠﻒ ﻗﺎدرًا ﻋﻠﻰ أداﺋﻬﺎ وﺗﺤﻘﻘﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﺮوط اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻷداء اﻟﻮاﺟﺐ ، ﺼﻻَة َوآُﺗﻮا اﻟَّﺰَﻛﺎَة َواْرَﻛُﻌﻮا َﻣَﻊ وﻳﺄﺛﻢ إن ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :وَأِﻗﻴُﻤﻮا اﻟ َّ ﺼَﻴﺎُم َﻛَﻤﺎ ﻢ اﻟ ِّ ﻋَﻠْﻴُﻜ ُ ﺐ َ ﻦ آَﻣُﻨﻮا ُﻛِﺘ َ ﻦ ) ، ) (٢وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ َ ( :ﻳﺎ َأُّﻳَﻬﺎ اَّﻟِﺬﻳ َ اﻟَّﺮاِﻛِﻌﻴ َ ن ) ، ) (٢وﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ ( :وﻟﻠﻪ ﻢ َﺗَّﺘُﻘﻮ َ ﻢ َﻟَﻌَّﻠُﻜ ْ ﻦ َﻗْﺒِﻠُﻜ ْ ﻦ ِﻣ ْ ﻋَﻠﻰ اَّﻟِﺬﻳ َ ﺐ َ ُﻛِﺘ َ ً) (4). ﺳِﺒﻴﻼ ع ِإَﻟْﻴِﻪ َ ﻄﺎ َ ﺳَﺘ َ ﻦ ا ْ ﺖ َﻣ ِ ﺞ اْﻟَﺒْﻴ ِ ﺣ ُّ س ِ ﻋَﻠﻰ اﻟَّﻨﺎ ِ َ أﻣﺎ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻜﻔﺎﺋﻲ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ، ﻻ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺮد ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،وإذا ﻗﺎم ﺑﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ،ﻓﻘﺪ أدى اﻟﻮاﺟﺐ وﺳﻘﻂ اﻹﺛﻢ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ،وإذا ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ )(۱اﻧﻈﺮ :اﻹﺣﻜﺎم ﻓﻲ أﺻﻮل اﻷﺣﻜﺎم ﻟﻸﻣﺪى جـ ۱ص ۹۱وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. )(۲ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ٤٣ )(۳ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة :اﻵﻳﺔ۱۸۳ )(٤ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان :اﻵﻳﺔ۹۷ -۳۱- اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ أﺛﻤﻮا ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم ﻗﻴﺎم أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄداء اﻟﻮاﺟﺐ. وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻀﺮورﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻟﻄﺐ ،واﻟﻘﻀﺎء ،واﻹﻓﺘﺎء ،وأداء اﻟﺸﻬﺎدة ،واﻟﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ورد اﻟﺴﻼم وأﻧﻮاع اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺮﻗﻰ اﻷﻣﻢ وﻧﻬﻀﺘﻬﺎ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﻣﻨﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻲ واﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻛﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎرات واﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ وإﻧﻘﺎذ اﻟﻐﺮﻗﻰ وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ .ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮب ﺷﺮﻋًﺎ أداء ﻫﺬه اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻷن ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﺎس ﺗﻘﺘﻀﻰ ذﻟﻚ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻄﻠﻮب أن ﻳﺆدﻳﻬﺎ ﻛﻞ ﻓﺮد ﺑﻌﻴﻨﻪ. ً وإذا ﺗﻌﻴﻦ ﻓﺮد ﻷداء اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻜﻔﺎﺋﻲ ﺻﺎر واﺟﺒًﺎ ﻋﻴﻨﻴًﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻤﺜﻼ إذا ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ إﻻ ﻃﺒﻴﺐ واﺣﺪ ﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻄﺐ ﻟﻌﻼج اﻟﻤﺮﺿﻰ وﻳﺼﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮب ﻋﻴﻨﻴًﺎ ﻻ ﻛﻔﺎﺋﻴًﺎ ،وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻜﻔﺎﺋﻲ إﻟﻰ واﺟﺐ ﻋﻴﻨﻰ. -اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻰ :اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﻌﻴﻦ واﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﺨﻴﺮ : ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺒﻪ اﻟﺸﺎرع ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺰﻛﺎة ،وﻻ ﺗﺒﺮأ ذﻣﺔ اﻟﻤﻜﻠﻒ إﻻ إذا أدى ﻫﺬا اﻟﻮاﺟﺐ ﺑﻌﻴﻨﻪ. أﻣﺎ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﺨﻴﺮ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع أداءه ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻣﻮر ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻢ اﻟَّﻠﻪُ ﺧُﺬُﻛ ُ ﻣﺜﻞ ﻛﻔﺎرة اﻟﺤﻨﺚ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻴﻦ ،فﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮل َ ﴿ :ﻟﺎ ُﻳَﺆا ِ ن َﻓَﻜْﻔَﺮُﺗﻪُ ﻢ اْﻟَﺄْﻳَﻤﺎ َﻋَﻘﺪُﺗ ُ ﺧُﺬُﻛﻢ ِﺑَﻤﺎ َ ﻢ َوَﻟِﻜﻦ ُﻳَﺆا ِ ِﺑاﻟَّﻠْﻐِﻮ ِﻓﻲ َأْﻳَﻤﺎِﻧُﻜ ْ ﻢ َأوْ ﺴَﻮُﺗُﻬ ْ ﻢ َأْو ِﻛ ْ ﻫِﻠﻴُﻜ ْ ن َأ ْ ﻄِﻌُﻤﻮ َ ﻂ َﻣﺎ ُﺗ ْ ﺳ ِﻦ َأْو َﻦ ِﻣ ْ ﺴﺎِﻛﻴ َ ﺸَﺮِة َﻣ َ ﻋ َ ﻃَﻌﺎُم َِإ ْ ﻢ ِإَذاﻚ َﻛَﻔَﺮُة َأْﻳَﻤِﻨُﻜ ْ ﺼَﻴﺎُم َﺛَﻠَﺜِﺔ َأَّﻳﺎٍم َذِﻟ َﺠْﺪ َﻓ ِ ﻢ َﻳ ِ ﺤِﺮﻳُﺮ َرَﻗَﺒٍﺔ َﻓَﻤﻦ َّﻟ ْ َﺗ ْ --- OCR End --- -٣٢- ﻢ ) ، ) (۱ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻧﺚ ﻓﻲ ﻳﻤﻴﻨﻪ أﺣﺪ أﻣﻮر ﺛﻼﺛﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺣَﻠْﻔُﺘ ْ َ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ واﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ واﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﺨﻴﺮ ﻓﻲ أداء أى واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﺗﺒﺮأ ذﻣﺘﻪ ﺑﺄداء أى واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻳﺠﺪ واﺣﺪًا ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻴﺎم. اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻮاﺟﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر وﻗﺖ أداﺋﻪ : ﻳﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ واﺟﺐ ﻣﺆﻗﺖ ،وواﺟﺐ ﻣﻄﻠﻖ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ،وﻫﺬا ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻌﻴﻦ وﻳﺄﺛﻢ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺘﺄﺧﻴﺮه ﻋﻦ وﻗﺘﻪ ﺑﺪون ﻋﺬر ،ﻛﺎﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ،وﺻﻮم رﻣﻀﺎن واﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ)(۲ )(1ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ٨٩. )(۲وأﻣﺎ وﻗﺖ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ " :وﻗﺖ اﻟﻮﻗﻮف ﻣﻦ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ﻳﻮم ﻋﺮﻓﺔ إﻟﻰ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻳﻮم اﻟﻨﺤﺮ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺧﻼﻓًﺎ ﺑﻴﻦ أﻫﻞ - وﺳﻠﻢ - اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ أن أﺧﺮ اﻟﻮﻗﺖ ﻃﻠﻮع ﻓﺠﺮ ﻳﻮم اﻟﻨﺤﺮ .ﻗﺎل ﺟﺎﺑﺮ ﻻ ﻳﻔﻮت اﻟﺤﺞ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺟﻤﻊ ،ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﻧﻘﻠﺖ ﻟﻪ :أﻗﺎل رﺳﻮل ﷲ -ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ ذﻟﻚ ؟ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ( رواه اﻷﺛﺮم ).وأﻣﺎ أوﻟﻪ ﻓﻤﻦ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ﻳﻮم ﻋﺮﻓﺔ ، ﻓﻤﻦ أدرك ﻋﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ وﻫﻮ ﻋﺎﻗﻞ ﻓﻘﺪ ﺗﻢ ﺣﺠﻪ ،وﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ :أول وﻗﺘﻪ زوال اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻳﻮم ﻋﺮﻓﺔ وﻫﻮ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻈﻬﺮ واﺧﺘﺎره أﺑﻮ ﺣﻔﺺ اﻟﻌﻜﺒﺮى وﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻼم اﻟﺨﺮﻗﻲ وﺣﻜﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ ذﻟﻚ إﺟﻤﺎﻋًﺎ ،وﻇﺎﻫﺮ ﻛﻼم اﻟﺨﺮﻗﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎل :وﻟﻮ وﻗﻒ ﺑﻌﺮﻓﺔ ﻧﻬﺎرًا ودﻓﻊ ﻗﺒﻞ اﻹﻣﺎم ﻓﻌﻠﻴﻪ دم. وﻟﻨﺎ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ " :ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺻﻼﺗﻨﺎ ﻫﺬه ووﻗﻒ ﻣﻌﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺪﻓﻊ وﻗﺪ وﻗﻒ ﺑﻌﺮﻓﺔ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻟﻴﻼ أو ﻧﻬﺎرًا ﻓﻘﺪ ﺗﻢ ﺣﺠﻪ وﻗﻀﻰ ﺗﻔﺘﻪ " ﺗﻔﺘﻪ " ،وﻷﻧﻪ - -٣٢- ﻢ ) ، ) (۱ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻧﺚ ﻓﻲ ﻳﻤﻴﻨﻪ أﺣﺪ أﻣﻮر ﺛﻼﺛﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺣَﻠْﻔُﺘ ْ َ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ واﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ واﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﺨﻴﺮ ﻓﻲ أداء أى واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﺗﺒﺮأ ذﻣﺘﻪ ﺑﺄداء أى واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻳﺠﺪ واﺣﺪًا ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻴﺎم. اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻮاﺟﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر وﻗﺖ أداﺋﻪ : ﻳﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ واﺟﺐ ﻣﺆﻗﺖ ،وواﺟﺐ ﻣﻄﻠﻖ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ،وﻫﺬا ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﺎرع ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻌﻴﻦ وﻳﺄﺛﻢ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺘﺄﺧﻴﺮه ﻋﻦ وﻗﺘﻪ ﺑﺪون ﻋﺬر ،ﻛﺎﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ،وﺻﻮم رﻣﻀﺎن واﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ)(۲ )(1ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة :اﻵﻳﺔ۸۹. )(۲وأﻣﺎ وﻗﺖ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ " :وﻗﺖ اﻟﻮﻗﻮف ﻣﻦ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ﻳﻮم ﻋﺮﻓﺔ إﻟﻰ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻳﻮم اﻟﻨﺤﺮ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺧﻼﻓًﺎ ﺑﻴﻦ أﻫﻞ - وﺳﻠﻢ - اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ أن أﺧﺮ اﻟﻮﻗﺖ ﻃﻠﻮع ﻓﺠﺮ ﻳﻮم اﻟﻨﺤﺮ .ﻗﺎل ﺟﺎﺑﺮ ﻻ ﻳﻔﻮت اﻟﺤﺞ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺟﻤﻊ ،ﻗﺎل