مقاييس مدخل إلى الفلسفة سنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية جانفي 2025 PDF
Document Details
Uploaded by HeavenlyRadium9127
Université Constantine 2
2025
BEN ALI
Tags
Summary
هذه اوراق امتحان لمادة مدخل إلى الفلسفة لسنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية لعام 2025. تتضمن محاضرات حول الفلسفة من الداللة االشتقاقية الى الدالالت االصطالحية، وخصائص التفكير الفلسفي، أهمية الفلسفة في البحث العلمي، والعديد من المواضيع الفلسفية المهمة.
Full Transcript
مقياس مدخل إلى الفلسفة سنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية جانفي 2025 المجموعة األولى إسناد /http://creativecommons.org/licenses/by/4.0/fr : ...
مقياس مدخل إلى الفلسفة سنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية جانفي 2025 المجموعة األولى إسناد /http://creativecommons.org/licenses/by/4.0/fr : قائمة المحتويات 3 وحدة 4 مقدمة BEN ALI - Iمحاضرات مدخل إلى الفلسفة 5 .1المحاضرة -01الفلسفة من الداللة االشتقاقية إلى الدالالت االصطالحية 5.............................................. .1.1الدالالت االصطالحية للفلسفة 5........................................................................................................................ مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. 2 وحدة االتمييز بين ضروب التفكير البشري وموضعة الفلسفة داخلها إإدراك أهمية التفكير الفلسفي في بناء الحضارة إدراك أهمية الفلسفة في البحث العلمي. 3 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. مقدمة يتساءل المبتدئ بدراسة الفلسفة عن مفهومها أّو ال متسائال :ما الفلسفة؟ هذا السؤال ةال شك يختلف في طبيعته ومضمونه عن سؤال :ما المجتمع؟ أو ما الخلية؟ أو ما الضوء؟ ألن طبيعة هذه األسئلة علمية بينما سؤالنا ما الفلسفة ذو طبيعة فلسفية باألساس ال يستطيع ال علم االجتماع وال الفيزيولوجيا وال البيولوجيا وال الفيزياء أن يجيبنا عن ماهية الفلسفة ال عن تعريفها ومنه هذا السؤال موجه للفيلسوف بصفة خاصة وللفلسفة بصفة عامة وعليه فإلن محتوى البرنامج سيكون كما يلي: )1الفلسفة من الداللة االشتقاقية إلى الدالالت االصطالحية . ) 2خصائص التفكير الفلسفي. ) 3المباحث األساسية للتفكير الفلسفي ) 4الفلسف و تجاوز التفكير األسطوري ) 5الفلسفة كتفكير منهجي عقالني ) 6الفلسفة و الثقافة و الطبيعة ) 7الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية ) 8التفكير الفلسفي والتفكير العلمي ) 9دور الفلسفة في تعقل الدين و ترشيد السلوك الديني. )10العالقة التفاعلية والتكاملية بين الفلسفة والعلم. )11الفلسفة والحضارة )12الفلسف والتربية )13الفلسف وترشيد الفعل السياسي.دور الفلسف في تكوين المجتمع المدني. )14الفلسف والمواطنة الفلسفة و حقوق اإلنسان. )15رهانات الفلسفة في المجتمعات العربية واإلسالمية مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. 4 I محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI .1المحاضرة -01الفلسفة من الداللة االشتقاقية إلى الدالالت االصطالحية . من حيث اللغة هي كلمة يونانية تنقسم إلى مقطعين “فيلو ”philoبمعنى حب ،و”سوفيا ”sophieبمعنى الحكمة.ومنه فالفلسفة هي حب الحكمة وهي دراسة المشاكل العامة ،واألساسية ،التي تتعلق بأمور معينة كالوجود ،والعقل ،والمعرفة ،واللغة. والفلسفة تميل إلى التساؤل.والتدقيق في ماهية األشياء.وتوصف الفلسفة أحيانًا بأنها “التفكير في التفكير” بمعنى التفكير في طبيعة التفكير، والتدبر والتأمل.وقد عرفت الفلسفة بأنها محاولة عن اإلجابة عن األسئلة األساسية ،التي يطرحها الوجود الكوني.ويعرف الفالسفة بأنهم الباحثون عن الحقيقة من خالل التأمل. وكان فيثاغورس أول من أطلق على نفسه لفظ فيلسوف أي محب الحكمة بينما رأى أن الحكيم هو هللا.وجعل حب الحكمة هو البحث عن الحقيقة ،وجعل الحكمة هي المعرفة التي تقوم على التأمل. 11جورج طرابيشي ،معجم الفالسفة ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،الطبعة الثالثة.2006 ،أيضا -روزنتال ،الموسوعة الفلسفية ،ترجمة: سمير كرم ،دار الطليعة بيروت ،ص .332كذلك -إبراهيم مذكور ،المعجم الفلسفي ،الهيئة العامة لشؤون المطابع األميرية ،القاهرة ،1983 ص .137و 4-معن زيادة وآخرون ،الموسوعة الفلسفية العربية ،ج ،1معهد االنماء القومي ،بيروت لبنان ،ط ،1986 ،1ص .653وأخيرا جميل صليبا ،النعجم الفلسفي ،ج ،2دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،1982ص .154 22ابن رشد ،فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من اتصال ،مركز دراسات الوحدة العربية ،سلسلة التراث الفلسفي العربي ، مؤلفات ابن رشد ،الطبعة . 3بيروت .2002 .1.1الدالالت االصطالحية للفلسفة الفلسفة عند أفالطون هي" :المعرفة باألمور األزلية" أو أن "الفلسفة معرفة الحقيقة األزلية" ،واستخدم افالطون الفلسفة بأسلوب مميز وخاص به ،وقد سمي هذا األسلوب بـ ” الديالكتيك أي الجدل ” ،وكان يعتمد هذا األسلوب على نقد اآلراء الملقاة .كانت الفلسفة هي أعلى شكل من أشكال البحث ،وأوضح افالطون أن الفلسفة تهتم بالعالقة بين الكيانات األبدية ،وغير المتغيرة . الفلسفة عند أرسطو هي معرفة الوجود بما هو وجود 3 عند بن سينا الحكمة استكمال النفس اإلنسانية بالتصور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة اإلنسانية1. 4 بن رشد النظر في الموجودات واعتبارها من حيث داللتها على الصانع2 همية الفلسفة إزالة الخرافات ،وكشف األوهام ،التي بدورها تعيق عملية البحث العلمي. إخضاع االكتشافات العلمية للقيم اإلنسانية ،ألن غاية العلم األساسية هي التوصل إلى االكتشافات والنتائج.دون النظر إلى إن هذه االكتشافات، هل تعود بالنفع أو الضرر على المجتمع أم ال. ترشيد العلوم المختلفة لغايات اجتماعية وتعود على المجتمع بالنفع ،وربط العلم باألخالق.ألن كل منهما جزء ال يتجزأ من اآلخر. 5 تحفيز العقل وجعله قادرًا على البحث العلمي3. 63كارل ياسبرز مدخل إلى الفلسفة ،ترجمة الدكتور محمد فتحي الشنيطي ،مكتبة القاهرة الحديثة ،الطبعة األولى .1967 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour%201.docx#_ednref1.1 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour%201.docx#_ednref2.2 E%D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour%201.docx#_edn1.3 E%D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour%201.docx#_edn2.4 E%D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour%201.docx#_edn1.5 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour%201.docx#_ednref1.6 5 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI -a) 2الدرس الثاني خصائص التفكير الفلسفي للتفكير الفلسفي خصائص أهمها : أ-الشمولية :يتميز التفكير الفلسفي بعدم التخصص في موضوع من المواضيع أو ميدان من الميادين المعرفية ،وإن انفصال العلوم عن الفلسفة بداية من القرن السابع عشر يعني أن هذه العلوم أخذت في االتجاه نحو التخصص في أحد فروع المعرفة.إال أن الفلسفة ظلت كما كانت منذ ظهورها لدى اليونان تتجنب التخصص حتى عندما عند ظن البعض أنها أفرغت من محتواها عندما انفصلت العلوم عنها تباعا ،واستمرت تنشد الشمولية في كل ما تدرس.إنها ال تروم تفسير المشكالت الجزئية مثل ما نجده في العلوم العقلية أو التجريبية ،ويمكن الوقوف على هذه الخاصية بالنظر لمباحثها األساسية ،فعندما يبحث الفيلسوف في الوجود مثال فإنه ال يركز على المكونات األساسية للكواكب والنجوم والقوانين التي تحكم سيرها في الفضاء ،وإنما يريد اإلجابة على أسئلة اشمل نحو ما هو مصدر الكون؟ وماهي طبيعته؟ و ما هو مصيره؟ وهي أسئلة ليس من السهل أن يقدم العالم إجابة مقبولة عنها.وكذلك األمر في مبحث االبستومولوجيا إنها ال تريد الكشف عن أساسيات الفيزياء ودقائق الرياضيات ،ولكنها تريد الكشف بشكل عام عن مصدر الحقيقة ومدى مصداقيتها ،واألمر نفسه ينطبق على مبحث األخالق والقيم والجمال.والشمولية ال تعني أن الفلسفة بإمكانها االجابة على كل األسئلة التي يثيرها الذهن البشري ،ألن هذا يتجاوز الطاقة التي يتوفر عليها أي فيلسوف ال سيما في ظل توسع المعارف الذي عرفها عصرنا ،وإنما تحاول مقاربة المسائل التي يطرحها الذهن البشري بصفة كلية و شاملة ،على أن ال يفهم من هذا الكالم أن 7 مقاربتها الكلية تكون سطحية ومبتذلة1. ب-االتساق :المقصود به التناسق والتآلف والتآزر في األفكار والمواقف واآلراء فاالتساق cohérenceعند الالند يكون عندما يغيب التناقض والتنافر ،وبدل ذلك يحل التماسك.ويعتبر االتساق أهم خصائص الفلسفة منذ ظهورها ،بحيث يحرص الفيلسوف على تجنب التناقض في أفكاره عندما تستنبط النتائج من المقدمات فتكون متوافقة مع بعضها البعض منطقيا ووفقا للتفكير العقلي السليم ووفق ما ينسجم مع النسق الفلسفي للفيلسوف 82.فإذا كان من القائلين بفطرية األفكار مثل أفالطون فال ينبغي أن يقر باألصل التجريبي للرياضيات ،ألن هذا الموقف يتعارض مع مسلماته ومبادئه التي تستبعد الحواس كطريق للمعرفة الصحيحة.بالمقابل فإن جون لوك لو انتهي إلى القول بأن عناصر الرياضيات قبلية فإن هذا الحكم سيحط من قيمته كفيلسوف ألنه ال ينسجم مع فلسفته العامة المبنية على التجربة.وفي الحقيقة فإن الحرص على عدم التناقض واالنسجام الفكري ،هو العامل الرئيسي في ظهور انساق فلسفية مختلفة بين الفالسفة ،وأن قيمة هذه األنساق تزداد كلما خلت من التناقض ،وهذا ما يسمى بالبناء الفكري للفيلسوف.أو التماسك الفكري مما يجعل النسق الفلسفي قائما مستمرا ال يتجاوزه التاريخ ونقد الفلسفات التي تأتي بعده، ومن ذلك فلسفة أفالطون المثالية التي انعكست على كل المسائل الفلسفية التي تناولها.وكذلك أرسطو وبن سينا وبن رشد ورينيه ديكارت وإيمانويل كانط ،وجون لوك ،وتوماس هوبز ،فريدريك هيجل.وغيرهم من أصحاب األنساق الفلسفية ،وقد يجر هؤالء الفالسفة الذين يبحثون عن اتساق أفكراهم وخلوها من التناقض لمعارضة ما هو سائد السيما في مجال الدين والسياسة.ولكن مع ذلك نجدهم يفضلون سالمة أنساقهم الفكرية من التناقض ،حتى لو جلب لهم هذا الحرص الكثير من المشاكل ،بل قد يتفاقم الوضع فيجد الفيلسوف نفسه أمام تهم خطيرة قد تزج به في السجون او النفي كما حدث مع ابن رشد الذي تعرض لنكبة أبعدته عن موطنه وتسببت في حرق كتبه ،أو اإلعدام كما وقع مع سقراط.واألمثلة كثيرة للمفكرين الذين تمسكوا بأفكارهم الفلسفية والدفاع عنها.ألنهم يؤمنون بأن الفلسفة ليست فكرا مرتجال ،وليست شطحات فكرية ال يعرف مصدرها ،وليست شذرات من اآلراء من هنا وهنالك؛ وإنما هي تفكير منظم ،وبنية من األفكار والنظريات. ج-العمق :الفلسفة ليست تفكيرا ساذجا سطحيا مرتجال متسرعا بل هي تفكير قائم على التأني والتريث ،وميزة التفكير الفلسفي الصبر والتصبر واالبتعاد عن االنفعال العاطفي والتمسك ببرودة الدم التامة ،فإذا كانت الفلسفة تهتم باإلجابة عن القضايا الكبرى ،فهذا ال يعني أنها ال تتميز بالسطحية.فتعمل على التعمق إلى ابعد الحدود في القضايا التي تتناولها بالبحث.فأفالطون عندما أراد أن يقدم تصوره للعدالة نجده يتوسع ويتعمق أكثر لدرجة انه ألف كتاب الجمهورية بغرض تحديد معنى العدالة.فالقول مثال بأن العدالة هي أن يأخذ كل ذي حق حقه مفهوم ال يفي بمضمون العدالة عنده.أما ديكارت فان التعمق عنده يبرز عندما أراد البحث في حقيقة وجود اإلنسان معتمدا على منهج الشك النقدي ،فاخذ يشك في كل ما وصل إليه من معارف بما في ذلك القول بأنه موجود.إلى أن وصل إلى الشك في عملية الشك نفسها التي يقوم بها ،ليتبين له استحالة الشك في كونه يشك ،وهنا تأكد له انه يفكر ،ومادام يفكر فهو موجود.فقال أنا أفكر إذا أنا موجود.وكل ذلك بفضل خاصية التعمق في الفلسفة، 9 واالبتعاد عن التسرع في األحكام والسطحية في التفكير3. 101فؤاد زكريا ،التفكير العلمي ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،د ط ، 1978 ،ص 37 112اندري الالند ،موسوعة الالند الفلسفية ،تر :خليل احمد خليل ،منشورات عويدات ،بيروت – باريس ،ط ، 2001 ، 2ص . 178 123عبد الغفار مكاوي ،لم الفلسفة ،منشاة المعارف االسكندرية ،د ط ، 1981 ،ص . 31 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour2.docx#_edn1.7 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour2.docx#_edn2.8 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour2.docx#_edn3.9 %84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour2.docx#_ednref1.10 %84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour2.docx#_ednref2.11 %84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour2.docx#_ednref3.12 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. 6 محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI -i) 3الدرس الثالث مباحث التفكير الفلسفي يعتبر الفيلسوف افالطون أول من وضع تصنيفا لما يسمى العلوم الفلسفية قاصدا بها مباحث الفلسفة األساسية وهي بطبيعة الحال موضوعات التفكير الفلسفي الرئيسية ،يرى أفالطون أن العلوم الفلسفية هي على التوالي :الجدل الذي يعالج مسائل العلم االنساني وما بعد الطبيعة عالم المعقوالت والنظر في طبيعة وجود األشياء ثم العلم الطبيعي الذي هو الفلسفة الطبيعية وعلم النفس والعلم الثالث األخالق الذي يبحث في السلوك االنساني.ثم بعده تصنيف أرسطو ثم فرنسيس بيكون ثم داالمبير ثمم كريستيانوولف ثم هيغل كل هؤالء الفالسفة حاولوا إيجاد تصنيفف مختلف للعلوم الفلسفية أو مباحث الفلسفة لكنهم تقريبا اجمعوا على أنه هناك ثالثة مباحث رئيسية للفلسففة هي ااألشهر واألكثر ششيوعا عند دارسي الفلسفة: 1ألنطولوجيا هي علم الوجود ،أو مبحث الوجود.وهو مبحث فلسفي يسعى إلى تقديم نظرية للوجود ،بشكل عام ،أي الوجود في استقالل عن أشكاله وأنواعه الخاصة ،ويعود مصطلح األنطولوجيا إلى أصل يوناني ،من كلمتين ،onto :وتعني الوجود ،و ،logosوتعني علم أو دراسة أو بحث أو خطاب.يدرس هذا العلم في البحث في كشف طبيعة الوجود غير المادي في القضايا الميتافيزيقية المترتبة على التصورات أو المفاهيم والقوانين العلمية ،مثل المادة والطاقة والزمان والمكان والكم والكيف والعلة والقانون والوجود الذهني وغيرها الكينونة ( )beingأو الوجود ( )existenceإضافة إلى أصناف الوجود في محاولة لتحديد وإيجاد أي كيان أو كينونة ( )entitiesوأي أنماط لهذه الكينونات الموجودة في الحياة.ومع كل هذا فإن األنطولوجيا ذات عالقة وثيقة بمصطلحات دراسة الواقع ()reality يعود البحث في طرح المصطلح إلى بارمينيدس ،الذي اعتبر أن الوجود يوجد من دون تبدل أو تغير ،فحقيقة الوجود أنه واحد ،ووحده الرأي يوهم بعكس ذلك ،أي بالتغير والتعدد.غير أن أفالطون وبعده أرسطو شددا معًا على فكرة تعدد الوجود ،فقد أثار األول في محاورة السوفسطائي مسألة الالوجود الذي يحيل إلى التغير ،كما حدد أرسطو الوجود أوًال كجوهر وثانيًا كأعراض للجوهر. استخدم كانط مفهوم األنطولوجيا؛ ليشير به إلى تصور جديد للمفهوم ،يتعلق بعالقتنا بمعارفنا األولية ،وجاء ذلك في مشروع فلسفته النقدية التي تسعى إلى وضع حدود لتضخم الميتافيزيقا وهيمنتها على التفكير الفلسفي. أما أدموند هوسرل فقد ميز بين أنطولوجيا كونية أصيلة وأنطولوجيا جهوية ،فهناك خلف العالم بأكمله حقيقة واضحة وهدف ما ،وهناك أنطولوجيا خاصة بتفاصيل الحياة وعالقة اإلنسان بها ،وقد حاول أن يقرب بين المجالين في محاولته الشهيرة لتجاوز أزمة العلوم األوروبية في بدايات القرن الماضي. أما مارتن هايدجر أغطى لمفهوم األنطولوجيا أبعادًا جديدة؛ حيث ميز بين نوعين ،األنطولوجيا األساس واألنطولوجيا التقليدية ،واألول يشترط الثاني ،فالعلم -مهما كان -ينطوي على أنطولوجيا ،أي يتضمن موقفًا من الكون وتصورًا للحقيقة. 2االبستيمولوجيا أو نظرية المعرفة :مصطلح نظرية المعرفة -سواء كان مرادفا لإلبستمولوجيا أو مغاير لها -فيعنى بالبحث في إمكانية قيام معرفة ما عن الوجود بمختلف أشكاله ومظاهره ،وإذا كانت المعرفة ممكنة ،فما أدواتها؟ وما حدودها؟ وما قيمتها؟ واإلجابة عن هذه األسئلة، تشكل نظرية المعرفة.إذن يطلق مفهوم نظرية المعرفة على مجموعة من المباحث هدفها تحديد ماهية المعرفة وقيمتها ومصادرها وطبيعتها. والبحث في هذه القضايا وأمثالها ،تفرعت عنه ثالثة مذاهب فلسفية رئيسية ،األول :المذهب العقلي الذي يرى أن العقل بما ركب فيه من استعدادات أولية أو مبادئ قبلية هو وسيلتنا الوحيدة للمعرفة اليقينية.والثاني :المذهب الحسي أو التجريبي الذي يرجع المعرفة كلها إلى ما تمدنا به الحواس ،باعتبار أن العقل صفحة بيضاء ليس فيه إال ما تنقله إليه حواسنا.وأما الثالث :المذهب الحدسي الذي يذهب إلى أن الطريق الصحيح للمعرفة هو الحدس. نظرّية المعرفة (باإلنجليزية)Epistemology : هي دراسة لطبيعة المعرفة ،كالّشرح والتبرير.هناك جدل كبير حول مراكز نظرّية المعرفة التي تتفرع إلى أربع مناطق: التحليل الفلسفي لطبيعة المعرفة ومدى ارتباطها بمفاهيم مثل الحقيقة ،والمعتقد والّتبرير. مشاكل ومواضيع الّتشكيك المختلقة. مصادر ومجاالت المعرفة والمعتقدات الُم بّر رة. معايير المعرفة والّتبرير. تتناول نظرّية المعرفة أسئلة مثل «ما الذي يجعل المعتقدات المبّر رة ُم بّر رة؟»« ،ماذا يعني أن نقول أّننا نعرف شيئًا ما؟»؛ وبشكل أساسي ورئيسي «كيف نعلم أّننا نعلم؟». يعود أصل مصطلح إبستيمولوجيا والذي يعني نظرية المعرفة إلى كلمتي إبستميي والتي تعني المعرفة باللغة اليونانية القديمة ولوجيا التي تعني الخطاب المنطقي.سبق ظهور المصطلح باللغة اإلنجليزية ظهوره باللغة األلمانية بعنوان ( Wissenschaftslehreوالذي يعني نظرية العلوم) ،وقّدم هذا المصطلح الفالسفة يوهان فيشته وبرنارد بولزانو في أواخر القرن الثامن عشر.ظهرت كلمة إبستيمولوجيا للمرة األولى في عام ،1847وذلك خالل استعراض في مجلة إلكترك من نيويورك.اسُتخدمت الكلمة ألول مرة ترجمة لمصطلح ويسينشافتلير في رواية فلسفية للمؤلف . في عام ،1854أدخل الفيلسوف األسكتلندي جيمس فريدريك فيرير كلمة إبستيمولوجيا بصورة سليمة في األدب الفلسفي اإلنجليزي، واستخدمها في كتاب معاهد الميتافيزيقياُ :يسمى هذا القسم من العلم كما يجب باإلبستيمولوجيا –مذهب أو نظرية المعرفة ،ويجيب على السؤال العام« ،ما هو اإلدراك والُم دَر ك؟» –أو أكثر من ذلك قليل« ،ما هي المعرفة؟» 7 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI أما المصطلح الفرنسي ( )épistémologieفُيستخدم بمعنى مختلف وأضيق بكثير من مصطلح إبستيمولوجيا اإلنجليزي ،إذ يستخدمه الفالسفة الفرنسيون لإلشارة فقط إلى فلسفة العلوم.فعلى سبيل المثال ،بدأ إيميل مايرسون كتابه «الهوية والواقع» ،الذي ُكتب في عام ،1908بمالحظة مفادها أن الكلمة «أصبحت حالًيا تعادل فلسفة العلوم». 3مبحث القيم أو اإلكسيولوجيا يعد مبحث القيم والذي يطلق عليه بـ (اإلكسيولوجيا) فلسفة القيم Philosophy of valuesمن المباحث التي تتعرض لدراسة المثل العليا ،والكشف عن ماهيات القيم التي يسعى الجميع لتحقيقها في حياتهم ،وثمة ثالث قيٍم أساسية هي( :الجمال ،والخير، والحق) ،ولكل واحدة منها علم خاص يدرس موضوعاتها.يعرف عادل العوا القيمة بأنها :كل ما له شأو في التصور وقي الفعل دى أفراد وجامعات وكلمة شأو تعني القيمة الجدارة الكمال الوزن والسعر والقدرة والطاقة.والقيمة ،مشتقة من القوام أي »العدل« وحسن الطول ،وحسن القامة ،وهي تعني في اللغة القدر ،وقّو م السلعة أي قّدرها ،وقي القرآن الكريم فيها كتب قيمة أي مستقيمة ،تبيين الحق من الباطل على استقراء وبرهان.وقوام كل شيء ما استقام به ،وقوام العيش عماده ،وقوام الجسم :تمامه.والتقويم :عملية التفضيل والترجيح ،والشيء الراجح ،قي العربية ،هو الوازن ،والتفاضل بني القوم هو أن يكون بعضهم أفضل من بعض. إن اإلكسيولوجيا يراد بها :العلم الذي يبحث في ما هو(قّيم) و(ثمين) و(جديد) ،وتكون الفلسفة المتصلة به هي (فلسفة القيم) أو(نظرية القيم). فالقيمة هي :كل ما له شأن في التصور وفي الفعل لدى األفراد والجماعات.كما أن القيمُة هي قدُر الشيء وثمنه ،هي تنحدُر من فعل قام ،وتدُّل على االستقامِة واالعتدال.إكسيولوجيا أو أكسيولوجيا Axiologyهي نظرية أو مبحث القيم و هو أحد المحاور الرئيسية الثالث في الفلسفة والمراد به البحث في طبيعة القيم و أصنافها ومعاييرها ،وهو يرتبط خاصة بعلوم :المنطق و األخالق و الجمال. فقيمة الحق ،التي يدرسها علم المنطق الذي يضع لنا قواعد التفكير السليم. وقيمة الخير ،التي يدرسها علم األخالق الذي يوضح قواعد السلوك األخالقي. وقيمة الجمال ،التي يدرسها علم الجمال الذي يوضح مقاييس الشيء الجميل ،وينمي الذوق الجمالي لدى اإلنسان. -4 1الدرس الرابع الفلسفة و تجاوز التفكير األسطوري -1طبيعة التفكير األسطوري: األسطورة في اللغة العربيه األحاديث المنمقة أو المزخرفة التي ال نظام لها ،فهي مشتقة من السطر بمعنى الصف من الكتاب والشجر والنخل ونحوها ،وسطر :إذا كتب كما ورد في قوله تعالى ( ن والقلم وما يسطرون ) وسطرها بمعنى ألفها ،وسطر علينا :أتانا باألساطير ،وسطر فالن على فالن ،إذا زخرف له األقاويل ،ونمقها ،وتلك األقاويل :األساطير.وكلمة (أساطير) وردت في القرآن الكريم بصيغه الجمع (: ،إن هذا إال أساطير األولين ) ( األنفال ( ) 31 :وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالو أساطير األولين )( النحل .)24 :كما ظهر فرع جديد من فروع العلم يعنى بدراسة وتفسير األساطير هو الميثولوجى ، Mythologyوالشق األول من الكلمة Mythoمأخوذة من اليونانية Muthoالتي تعني حكاية تقليدية عن اآللهة واألبطال ،أما الشق الثاني Logyفيعني العلم ،وكلمة أسطورة تعارض العقل ( لوغوس) في اليونانية االسطوره اصطالحا :تعددت تعريفات االسطوره طبقا لتعدد أنواعها ،وتعدد المناهج التي تتناولها بالدراسة فاألسطورة Mytheتكوين ذهني يأخذ صورة قصة تروي أحداثا تتعلق بشخصية أو بعدة شخصيات .وهذه القصة متخيلة و مجردة ،وقد ال تستند إلى أسس واقعية أو تاريخية ممكنة التحديد .وغالبا ما تدور األسطورة حول قضايا الـوالدة والموت ،والبداية والنهاية ،والمالحم واألزمنة ،وهي تعطي تفسيرا فلسفيا وجوديا للقضايا التي تباشرها .فالقصة التي حدثت آلدم أو لحواء ،ولولديهما هابيل وقابيل هي أسطورة األصل اإلنساني ،كما هي أسطورة الدولة الطبيعة أو العقد االجتماعي .يرى ليفي ستروس أن األساطير Mythesتأخذ مكان العلوم في المجتمعات البدائية والتقليدية إلى حد ما و على خالف ذلك فإنه يغلب على ا?تمعات الحديثة في حيا?ا وفي منظوما?ا الفكرية أ?ا تعتمد معطيات العلم والحقـائق العلمية بدرجة واسعة جدا. فالحقيقة هي هذه التي تقوم على أسس عقلية وعلمية وبالدرجة األولى ،وقلما توجد أفكار ذات طابع سحري أو أسطوري في هذه المجتمعات. أنواعها: أ-األسطورة الطقوسية :وهي تمثل الجانب الكالمي لطقوس األفعال التي من شأنها أن تحفظ للمجتمع رخاءه . ب-األسطورة التكوينية :وهي التـي تصور لنا عملية خلق الكون. ج-األسطورة التعليلية :وهي التي حاول اإلنسان عن طريقها ،أن يعلل ظاهرة تستدعي نظره ،ولكنه ال يجد لها تفسيرًا ،ومن ثم فهو يخلق حكاية أسطورية ،تشرح سر وجود هذه الظاهرة. د-األسطورة الرمزية :وهي التي تتضمن رموزًا تتطلب التفسير ،ومن المؤكد أن هذه األساطير قد ألفت في مرحلة فكرية أكثر نضجًا ورقيًا. ه-أسطورة األبطال الخارقين :وهي التي يتميز فيها البطل ذو الصفات الخارقة ،ولكن صفاته اإلنسانية دائمًا تشده إلى العالم األرضي تعدد مناهج دراسة األساطير: ا/المنهج المجازي :يرى أن األسطورة قصة مجازية ،تخفي أعمق معاني الثقافة. ب/المنهج الرمزي :يرى أن األسطورة قصة رمزية ،تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها ،لذلك يجب دراسة العصور نفسها لفك رموز األسطورة. ج/المنهج العقلي :يذهب إلى نشوء األسطورة نتيجة سوء فهم أرتكبه أفراد في تفسيرهم ،أو قراءتهم أو.سردهم لرواية أو حادث. د/منهج التحليل النفسي :يحتسب األسطورة رموزًا لرغبات غريزية وانفعاالت نفسية. مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. 8 محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI ثالثا :التعريف المنهجي لالسطوره :أما منهجيا فإننا نعرف االسطوره(بالمعنى الفلسفي) بأنها فكره تحاول تفسير الوجود على المستوى الكلى المجرد لكن دون توافر امكانيه التحقق من صدق هذه الفكرة أو كذبها بواسطة االدله العقلية والمنطقية.أما االسطوره بالمعنى االدبى فهي: الحكايات الخيالية ،التي توجد عند األمم في أشكال التعبير في األدب الشعبي-ماضيها ،ومادتها أشخاص أو حوادث أو أعمال فوق طاقة البشر… التفكير األسطوري La pensée mythiqueيعبر عن منهجية الشعوب البدائية في التفكير ،وفي تفسير الكـون حيـث كانـت األسطورة تلعب دور المعرفة العلمية في هذه ا?تمعات التي لم تشهد والدة العلم .أما التفكير الخرافي فهو الـتفكير الـذي يتناقض مع الواقع ،ويتنافر مع المنطق، ويقوم على إنكار العلم ورفض مناهجه.وبالمقارنة بين المفهومين نجد بأن األسـطورة غالبا ما تكون تفسيرا متكامال للوجود ،على حين أن الخرافة تتعلق بجزئية أو حادثة واحدة.فالخرافة هي فكرة من غير أساس واقعي على اإلطالق ،وبالتالي هي تصور ذهني غير عقالني ( أي ال يقبله العقل أو المنطق ) بل هي صورة لما نطلـق عليه الالمعقول وفقا للمصطلح الذي يوظفه محمد عابد الجابري في وصفه ألوهام العقل وخرافاته حيث يقول " :الالمعقول هو تصور غيبي ال يؤسسه العقل ،وال يقبل التحقيق واقعيًا ،لكونه يقدم نفسه بديًال عن كل واقع .وهـذا الالمعقـول يمكن أن نطلق عليه بجدارة تسمية الخرافة. خصائص التفكير االسطورى: -1القبول المطلق لفكره معينه ،وبالتالي الرفض المطلق لألفكار األخرى . -2الشك المطلق أي إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة ،أو النزعة القطعية أي التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة. -3استخدام اإللهام أو الوجدان والخيال استخدام مطلق غير مقيد بالعقل. -4الال منطقيه ( التناقض) من جهة أخرى التفكير األسطوري عبارة مرحلة تاريخية افتراضية للفكر البشري تسبق الفكر الحديث أي الفلسفي/العلمي ،اقترحها هنري فرانكفورت وزوجته هنريت أنتونيا فرانكفورت في األربعينيات.وفًقا لهذا االقتراح ،كانت هناك مرحلة «أسطورية» رأى البشر أن كل حدث هو عمل إرادي من جانب بعض الكائنات الشخصية.ويفترض أن طريقة التفكير هذه تفسر ميل القدماء إلى خلق أساطير تصور األحداث على أنها أفعال اآللهة واألرواح. شخصنة للطبيعة وعدم القدرة على التجريد وفًقا للفرانكفورت ،إن «الفرق األساسي بين مواقف اإلنسان الحديث والقديم المتعلقة بالعالم المحيط هو :بالنسبة لإلنسان العلمي الحديثُ ،يشار إلى عالم الظواهر أساًسا بكلمة «هو»؛ أما بالنسبة لإلنسان القديم -وكذلك البدائي -كان يشار إليه بكلمة «أنت»».بعبارة أخرى ،يرى اإلنسان الحديث معظم األشياء باعتبارها كائنات غير شخصية ،بينما يرى اإلنسان القديم معظم األشياء كأشخاص.وفًقا للفرانكفورت ،نظر القدماء إلى العالم بهذه الطريقة ألنهم لم يفكروا من ناحية القوانين العالمية.فالفكر الحديث «يقلل من فوضى التصورات إلى نظام تجري فيه األحداث النموذجية وفًقا للقوانين العالمية» ُ.يعتبر الفكر الحديث تجريدًيا :فهو يسعى إلى توحيد المبادئ الكامنة وراء التنوع.في المقابل ،يزعم الفرانكفورت ،أنه «ال يمكن للعقل البدائي االنسحاب إلى هذا الحد من اإلدراك الحسي اإلدراكي».ال يبحث الفكر األسطوري عن توحيد للمبادئ الكامنة وراء تنوع األحداث الفردية.وهو عملي وليس مجرًدا :فهو يأخذ كل حدث في المعنى الظاهري له«.ال بد أن النهر ،أو اآللهة ،غاضب» ،وال بد أنه قرر منع الفيضان السنوي.وبهذا ،يتنهي الفكر األسطوري في النظر إلى العالم بالكامل باعتباره شخصًيا :وأن كل حدث هو فعل إرداي. التناقض يزعم الفرانكفورت أن الفكر األسطوري يحتوي على التناقضات الظاهرية .إذ لم يحاول القدماء توحيد التجارب المختلفة تحت قانون عالمي ،بل أخذوا كل تجربة فردية حسب المعنى الظاهري لها.لذا أخذوا أحياًنا تجربة واحدة وطوروا منها خرافة ،وأخذوا تجربة مختلفة وطوروا منها خرافة مختلفة ،دون االهتمام بشأن ما إذا كانت هذه الخرافات تتعارض فيما بينها« :من المرجح أن القدماء قدموا أوصاًفا مختلفة متوازية للظواهر الطبيعية حتى لو كانت متنافية» يقدم الفرانكفورت المصريين القدماء كمثال إذ كانت لديهم ثالث أساطير خلق مختلفة. -5 1الدرس الخامس الفلسفة كتفكير منهجي عقالني الفلسفة نفيض التفكير األسطوري النفيض للعقالنية التفكير العقالني والتفكير الالعقالني مصطلحان متناقضان التفكير العقالني هو الذي يعتمد بشكل تام على المنطق المجرد الموضوعي الغير ذاتي باالبتعاد الكلي والحد من تأثير االنفعاالت والغرائز البشرية.كلما تأثر التفكير بالمشاعر والغرائز أكثر ،كلما تحول إلى تفكير العقالني أكثر. لتفكير نشاط سيكولوجي: التفكير عبارة عن نشاط عقلي يمكن اإلنسان من معالجة المواضيع والمواقف والمشكالت في ذهنه ،أي مجرد بعيد عن التفكير الحسي والعاطفي االنفعالي ،وذلك من خالل عملية انعكاس ما يجري من تفاعالت بين األشياء في الجانب الواعي من اإلنسان ،و يعرفه على انه " :عملية انعكاس العالقات بين الظواهر أو األشياء أو األحداث في وعي اإلنسان ".كما أن التفكير عملية عقلية معرفية تتأثر بما عند الفرد من قدرات وأساليب وامكانيات ،و هذا األخير صنف تبعا لنتائج العديد من الدراسات بعدة طرق؛ إذ صنف حسب األساليب ،والمستويات ...الخ .كما صنف حسب خضوعه للمنطق ومدى عقالنيته إلى عقالني أو العقالني .وقد اهتم بالتفكير وفق هذا التصنيف العديد من الباحثين والمختصين خاصة في مجال الصحة النفسية والعالج النفسي ،ومن ابرز هؤالء " البيرت أليس" A. Ellisمؤسس نظرية العالج العقالني االنفعالي ما هو التفكير العقالني؟ التفكير العقالني هو عملية.يشير إلى القدرة على التفكير بالعقل.ويشمل القدرة على استخالص استنتاجات معقولة من الحقائق والمنطق والبيانات.ببساطة ،إذا كانت أفكارك مبنية على الحقائق وليس العواطف ،فهذا ما يسمى بالتفكير العقالني.ويعتقد أرسطو أن اإلنسان كائن عقالني ووفًقا لرؤيته في الفكر العقالني ،فإن التفكير األسطوري يميز البشر عن الحيوانات األخرى ،كما عبر عن العقالنية باعتبارها قوة العقل 9 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI والملكية ،ألّن البشر على عكس األنواع األخرى لديهم سلطة التفكير ،على الرغم من أن الباحثين يقدمون أدلة قليلة حول كيفية نشوء التفكير العقالني عند البشر ،إال أنهم يقترحون أن البشر ربما كان لديهم دائًم ا تفكير عقالني إلى حد ما أو على األقل لديهم القدرة على العقالنية واالستدالل بينما على النقيض يجادل البعض أن لديهم طبيعة أساسية غير عقالنية ،لكنهم يسعون نحو تطوير السلوك العقالني من خالل االتصال والتواصل االجتماعي وتشير الدراسات إلى أن األشخاص العقالنيين أكثر قدرة على التغلب على استجاباتهم العاطفية. العقالنية مصطلح قديم مصطلح واسع جدا بحيث يكاد يشتمل على كل األنشطة البشرية التي يصدر فيها السلوك عن ملكة العقل ،وهو من جهة أخرى مصطلح ضيق جدا بحيث يقتصر على مذهب معين يختلف عن بقية المذاهب التي ليست بالضرورة «غير عقالنية» . المعنى اللغوي للعقالنية.أصل الكلمة؛ مشتق من «العقل» .لكن في التراث القديم سوف لن نصادف هذه الكلمة تحديدا ،بل كلمة أخرى تعد مرادفا لها :العقلية أو العقلي.ورغم إنه ال فرق لغويا بين المصطلحين ،إال أن بعض اللغويين والمترجمين العرب يفرقون بين العقالنية والعقلية باعتبار األولى داللة على مذهب فلسفي معروف في تاريخ الفلسفة ،والثانية مجرد صفة يمكن إطالقها على كل سلوك نابع من العقل.على أن هناك كلمة أخرى «عقلي» أو «عقالني» وهي كلمة «عاقل» ،هذه الكلمة مجرد مصطلح ثقافي لوصف السلوك الفردي في المجتمع ،ويراد منها أن يكبح أو «يعقل = من عقال البعير» المرء شهواته وانفعاالته لكي ينسجم سلوكه مع قيم المجتمع ،فيوصف المرء عندها بالعاقل حتى ولو كان مؤمنا بأفكار غير عقالنية. الكلمة الالتينية للعقالنية « »Rationalismeمأخوذة من « »Ratioبمعنى النسبة أو العالقة ،وهي أصل المصطلح في اللغات األوروبية اليوم. والعالقة المرادة هنا هي العالقة التي تقوم بين طرفين في قضية منطقية أو حكم منطقي.والعالقة المنطقية ذات طابع عقلي ،أي موافق للعقل. فالعقالنية تعني اصطالحا االنطالق من ملكة العقل في إدارة السلوك والفعل ونوعا ما في إصدار األحكام.إنها صفة للتفكير المنظم والمتسلسل من مقدمات عامة إلى نتائج الزمة ،وهذا التفكير المنظم يسيطر على المجاالت العملية والسلوكية أكثر من التأملية والعلمية.ولذا يمكن اعتبار مصطلح «العقلنة» عند ماكس فيبر نوعا من هذا التفكير البيروقراطي المرتب.وهنا تقترب العقالنية بهذا المعنى العام من المعنى العربي في أصله االصطالحي..فحسن التدبير للمرء الفرد يقابله التخطيط االستراتيجي والمنهجي للمجتمعات والمدن ونحوها في عرفنا اليوم.إذن فهذا التعريف األول للعقالنية بوصفها نشاطا للعقل البشري وانطالقا منه في التدبير والسلوك والتخطيط يمكن أن نسميه بالعقالنية العامة المشتركة. التعريف الثاني للعقالنية المذهبية ،أو العقالنية بوصفها مذهبا أو علما على مدرسة أو مدارس فكرية معينة.وفي تاريخ العلم والفلسفة يعد المذهب الحسي أو التجريبي هو المذهب المعارض للمذهب العقالني.هنا تتحول بوصلة الداللة؛ فلم تعد صفة العقالني أو العقالني تطلق على السلوك بل على األفكار.وللدقة فهي مدرسة إبستمولوجية :تتساءل عن أصل المعرفة :هل هو العقل أم الحس؟ ،وبالطبع فهي تؤكد أن العقل هو أساس المعرفة.. العقالنية مفهوم و نظام قائم على االستدالل (العقل) في مقابل (تضاد) أنظمة قائمة على المثالية أو الحسّية ،كما أنها تضاد للعفوية القائمة على الدوافع الالعقالنية كمصدر لكل فعل إنساني ،و بالتالي العقالنية عبارة عن رؤية للعالم مبنية على االتفاق الكلي بين ما هو عقلي (التناسق) و واقع الكون.وهي من خالل نشأتها و تطورها كاتجاه في الفكر األوروبي الحديث (النهضة و عصر األنوار) ظهر خالل القرن السادس عشر و ما بعده ،و الحامل ألولوية العقل في كل شيء ،منطلقا في عدة معان متكاملة و متفاوتة ،مقصيا بذلك من الواقع كل ما ليس عقليا (أي خارج عن دائرة التفسير العقلي) أما الشروط التي أنتجت االتجاه و المفهوم مثل التطور الصناعي و االكتشافات العلمية المعرفية و الجغرافية..التي كان لها دور ضاغط باتجاه عقلنة كل جوانب الحياة استجابة لمطلب الكم و النوع في التراكم الصناعي ،من أبرز ممثليها من الفالسفة ديكارت و اسبينوزا وليبنتز و كانط...الخ -6 1الدرس السادس الفلسفة و الثقافة و الطبيعة مفهوم الثقافة: توحي كلمة ثقافة للوهلة األولى إلى أّنها مجموعة من المعلومات التي ُترّدد دون جدوى ،والحق أَّن الثقافة مفهوم معّقد ومرّكب للغاية ،فهي: المعلومات والمعارف المنتجة للسلوك اإلنساني في الحياة المباشرةُ ،تترِج ُم الثقافة أساليَب وطرائق عيِش المجتمعات ،وُتبرز الثقافة صورًة هاّم ًة لحياة الشعوب السابقة. فمفهوم الثقافةهو" :كُّل ما يضيء العقل ،ويهّذب الذوق ،وينّم ي موهبة النقد ،وباشتقاق كلمة ثقافة من الِّثقاف يكون معناها االطالع الواسع في مختلف فروع المعرفة ،والشخص ذو االطالع الواسع ُيعَّر ف على أّنه شخٌص مثّقف ،وُتعّر ف الثقافة أيًضا -اصطالحًا -على أّنها نظام يتكّو ن من مجموعة من المعتقدات ،واإلجراءات ،والمعارف ،والسلوكّيات التي يتّم تكوينها ومشاركتها ضمن فئٍة معّينة ،والثقافة التي يكّو نها أي شخص يكون لها تأثير قوّي على سلوكه". وكان للعلماء والمفكرين نصيٌب من تعريف الثقافة ،ومن هذه التعريفات ما قاله العالم االجتماعُّي مالينوفسكي عن الثقافة "أنها األفكار اإلنسانّية والعادات والتقاليد والُّنظم والقيم االجتماعّية لتحقيق الحاجات األساسّية ،والضرورّية داخل المجتمع ويفرض عليه نظام معين". قال األنثروبولوجي تايلور إَّن الثقافة "تعبير عن شمولّية الحياة االجتماعّية ،وتتمّيز بُبعدها الجماعي ،والثقافة في نهاية األمر مكتسبة ،وبالتالي ال تنشأ عن الوراثة البيولوجية ،ومع أنها مكتسبٌة فإَّن أصلها وطابعها غير واٍع إلى حد كبير". حاول إدوارد سايبر وضع مفهوٍم شامٍل للثقافة ،فقام بوضع ثالثة تعريفاٍت ُتكّم ل بعضها ،وهي " :أّي صفٍة يّتصف بها اإلنسان يكون مصدرها اإلرث االجتماعي"".مجموعة من األفكار والمعلومات والخبرات التي تنتشر في مجتمع ما بسبب التأييد االجتماعي لها ،ويكون أساسها التراث"".مجموعة من األفكار التي تدور حول الحياة واالتجاهات العامة ومظاهر الحضارة التي يتمّيز بها شعٌب ما ،وُتكِسُبُه مكانًة خاصًة في العالم".. مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. 10 محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI والتقوقع أو االنعزال الثقافُّي معناه أَّن كَّل بيئة ثقافّية ُتكِسُب الفرد شخصّية وسلوًكا وأفكاًر ا وعقلّيًة متمّيزة ،ولكَّن هذا الفرد يعتبر أَّن أَّي تفاعل أو تداخل مع ثقافاٍت أخرى ال بَّد أْن يؤّدي إلى فقدان األصالة وذوبان الهوّية والذات ،وتلك خطيئٌة كبرى.فمن الضرورِّي اكتشاف الثقافات األخرى والتعّر ف عليها واالستفادة منها.وعليه للتعددية الثقافّية دوٌر هاٌّم في فهم الشعوب ،وقد قال لويس رودريغس" :ظّلت المجتمعات متنّو عة ثقافًّيا في القرن الواحد والعشرين ،حيث يوجد في معظم البلدان خليٌط بشرّي من أعراق وخلفيّات لغوّية وانتماءات دينّية مختلفة ،ووصف المنّظرون السياسّيون المعاصرون هذه الظاهرة المتمّثلة في التعايش بين الثقافات المتنّو عة في البقعة الجغرافية نفسها بفضاء التعددية الثقافّية. فلسفة الثقافة تعتبر الثقافة (باإلنجليزية )Culture :من المواضيع البارزة في الفلسفة ،وفي النقاط التالية توضيٌح لمفهومها ،إلى جانب عدٍد من الجوانب ذات العالقة به :من المعروف أّن عصر التنوير ( ،)Age of Enlightenmentالذي ساد أوروبا في القرن الثامن عشر ،قد وّلد معه العديد من األفكار التي لها عالقة بالبشرية وبالتطور في مختلف مجاالت الحياة ،وكان من بين هذه األفكار اإليمان بوحدة البشرية ،ولكن هذه الفكرة لم تكن متوافقة مع الواقع ،مما أدى لظهور مفهوم الثقافة ،ليكون بمثابة رد فعٍل معارٍض على فكرة وحدة البشرية. الثقافة والفلسفة مفهومان مترابطان ،وتجمعهما عالقة قوية ،وُتوصف الثقافة على أنها "الخلفية" التي نشأت فيها الفلسفة ،فهي تتضمن في جوانبها المبادئ التي ُتحدد على أساسها ماهية اإلنسان ،والذي يعتبر بدوره من المواضيع المهمة التي تتناولها الفلسفة ،باإلضافة إلى ذلك، ُتساهم الفلسفة في تحديد مالمح الثقافة ورسم معالمها ،فهي تمنح األفراد مجاًال للتفكير ،والنقد ،والتساؤل بما تطرحه الثقافة من أفكار ،كما أنها تفسح لهم المجال لرفض أو تقبل هذه األفكار ،إلى جانب ذلك ،تمنح الفلسفة العديد من المزايا للثقافة ،بما في ذلك الشمولية ،والتماسك، والمنطقية ،واالتساق ،كما تساهم الفلسفة في الحفاظ على الثقافة؛ فمن دون الفلسفة لكان هناك احتماٌل أن يتم اعتبار كل ما يتعلق بالثقافة وكل ما تمثله أموًر ا رجعية ،وال تتناسب مع روح العصر. فلسفة الثقافة هي أحد فروع الفلسفة التي تنظر في جوهر ومغزى الثقافة.تعد فلسفة الثقافة من االتجاهات الجديدة نسبًيا في مجال الفلسفة ونظرا ألهمية دراسة الثقافة يوجد في الفلسفة فرٌع مختٌص بدراسة معنى وماهية الثقافة ،وُيطلق عليه فلسفة الثقافة ( ،)Philosophy of Cultureويختلف هذا الفرع من الفلسفة عن علم االجتماع الثقافي ( )Sociology of Cultureالذي يدرس الثقافة ضمن نظاٍم محدد من العالقات االجتماعية ،ويختلف أيًضا عن فلسفة التاريخ ( )Philosophy of Historyبسبب عدم تناسب وتيرة التطور التاريخي مع وتيرة قيام البشر بتكوين الثقافة ،وقد كان الفيلسوف والناقد األدبي األلماني آدم مولر ( )Adam Müllerأول من استخدم هذا المصطلح ألول مرة في بداية القرن التاسع عشر، وبالرجوع إلى موضوع أهمية دراسة الثقافة ،يمكن القول أّن أهمية دراسة الثقافة تتمثل في سعيها إلى التوصل إلى إجاباٍت بخصوص عدٍد من أصعب األسئلة ذات العالقة بالطبيعة البشرية؛ أال وهي" :إلى أي مدى يعتبر اإلنسان قادًر ا على فهم نفسه؟ و إلى أي مدى يستطيع المجتمع تقييم الممارسات التي تجري فيه؟ و من يمتلك أفضل قدرة على التحليل ،الفرد أم المجتمع؟ ولماذا؟ و هل توجد وجهة نظر تعتبر األنسب لدراسة المجتمع أو الفرد؟ المفهوم الفلسفي للطبيعة مفهوم الطبيعة في الفلسفة الطبيعة تعني كّل ما هو غير صناعّي ،أو كّل ما هو منظر طبيعّي من جباٍل ،وأنهاٍر ،وغاباٍت ،وتعني أيضا كّل ما هو من ردود أفعال أو فطرة الكائنات الحّية ،والبشر ،كما يستخدم لفظ (الطبيعة) لوصف كّل ما هو موجود دون أّي تدخل بشرّي . ففي السياق الفلسفيُ ،يستخدم مصطلح ( )Natureلإلشارة إلى عدة أمور" ،جوهر األشياء"؛ أي ذاتها وحقيقتها ،وما ُيميزها من سماٍت خاصة ،وهي أيًضا الفطرة التي فطر اإلنسان وغيره من المخلوقات عليها ،إلى جانب ما يصدر عنهم من استجاباٍت حركية ،أو استجابات حسية انفعالية (ردود أفعال) ،كما أّن الطبيعة في الفلسفة هي كل ما يتسم بأنه "طبيعي" ،وُيمثل جزًء ا من الطبيعة ،وال تشتمل هذه الصفة على األشياء التي تتسم بأنها "صناعية" ،ومن األمثلة على هذه األشياء المناظر والمظاهر الطبيعية ،مثل الحيوان ،والنبات ،والجبال ،والينابيع ،وغيرها. عالقة اإلنسان بالطبيعة في الفلسفة فُيعتبر جزًء ا من الطبيعة ،وهناك عالقة تجمعه بها ،وتتسم هذه العالقة التي بين الطبيعة واإلنسان بأنها معقدة ،وُم بهمة ،وغامضة ،وتتمثل بعدة أوجه ،من أهمها أّن الطبيعة ُتمثل الحيز الذي يعيش فيه اإلنسان ،ويضمن فيه بقاءه على قيد الحياة ،واستمرارية وجوده ،وهذا الدور المحوري الذي تلعبه الطبيعة في حياة اإلنسان ليس حديث العهد أو مؤقت؛ بل هو موجوٌد منذ البداية ،وما زال متواصًال ،أضف إلى ذلك أّن الطبيعة هيئت الفرصة لإلنسان ،من خالل منحه المجال ،لُيظهر وُيثبت ما يمتلكه من مواهب ،وقدرات ،وأفكار ،واستطاع اإلنسان بفضل ذلك من تغيير الطبيعة ،وتحويلها إلى أشياء (منتجات) يستفيد منها ،ورافق هذا التغيير الذي أصاب الطبيعة تغيير تعرض له وعي وذات اإلنسان ،أما عن مواجهة اإلنسان للطبيعة ،فهو ما زال في خضم محاوالته لفهمها؛ ففي كل مرة يسعى فيها اإلنسان إلى فهم وإدراك الطبيعة وقوتها ،واكتشاف قوانينها ،ويصل إلى مرحلة يظن فيها أنه نجح في ذلك ،يتفاجأ بأنه في الواقع على العكس من ذلك تماًم ا ،وذلك عندما تكشف الطبيعة عن ظواهر وأسرار جديدة وغير مألوفة له ،تجعله في حالة استنفاٍر مستمر ،ولكن على الرغم من ذلك ،ال ُينكر اإلنسان حبه للطبيعة ،وال ينكر إعجابه وشغفه لها ،ولما تحتويه. الفلسفة الطبيعة ( )Philosophy of Natureأو الفلسفة الطبيعية ،وعلم الكون (أو الكونيات) ،وعلم الطبيعة ،هي ذلك الفرع من المعرفة ،الذي يتناول الجوانب العامة من عالم الطبيعة والكون المادي ،ومن األمثلة على المواضيع التي تتمحور حولها فلسفة الطبيعة عدة مفاهيم ،بما في ذلك مفهوم الروح ،والحياة ،والطبيعة ،والوقت ،والحركة ،والمادة ،والالنهاية ،وغيرها من المفاهيم ذات الصلة ،عالوًة على ذلك ،تتناول فلسفة الطبيعة العناصر والمكونات التي يتألف منها الكون ،وتجدر اإلشارة في هذا السياق ،إلى أّن الفالسفة الطبيعيون في يومنا هذا ،يواجهون اثنتين من 11 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI المشاكل الرئيسية ،والتي تتمثل أوالهما في الطريقة التي يمكن من خاللها التمييز بين فلسفة الطبيعة وما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا) ،أما الثانية فتتمثل في الطريقة التي يمكن من خاللها حماية هذا الفرع من المعرفة والحفاظ عليه ،كي ال تتأثر مكانتها ووجودها بسبب العلوم الحديثة ،كعلم النفس ،والبيولوجيا ،والفيزياء ،والكيمياء ،وُيشير تعريٌف آخر لفلسفة الطبيعة على أنها الدراسة الموضوعية ،التي تتناول كًال من الطبيعة والكون المادي ،وتعد هذه الدراسة نظيًر ا لما ُيعرف في الوقت الحاضر بالعلوم الطبيعية ،وال سيما الفيزياء. وعليه فالفلسفة الطبيعّية أو فلسفة الطبيعة فهي التي يتّم بها دراسة الطبيعة بطريقة فلسفّية ،وتقوم بدراسة النظام الكونّي المادّي ،حيث كانت سائدة قبل توافر العلوم الحديثة ،كما كانت المقدمة للعلوم الفيزيائية ،كما أّنها الفلسفة األولى التي انبثقت منها باقي الفلسفات. أصل المصطلح يونانّي وهو دراسة عمل الطبيعة ،وتختّص فلسفة الطبيعة بالتحليل ،والتناقش في كيفّية وصف الطبيعة.وقد ُعرفت باسم العلوم الفيزيائّية في القرن الرابع عشر ،والقرن الخامس عشر ،ثم أصبحت ُتعرف باسم الفيزياء ،وتدّر س في الجامعات في القرن التاسع عشر. مناهج الفلسفة الطبيعية احتوت هذه الفلسفة على عّدة مناهج ،أو مبادئ أساسّية هي :أ -1الطبيعة هي الشيء الحقيقّي الوحيد في هذا الكون.مفتاح الحياة هو الطبيعة ،وكّل شيء نقوم به هو جزٌء من الطبيعة-2.كّل شيء في هذه الحياة يتحّر ك تبعا لقوانين الطبيعة.أهداف المجتمع ثانوّية وأقّل أهمّية من أهداف الفرد ،أي أّن كّل فرد ُيعّد أهّم ِم ن المجتمع-3.األنشطة االجتماعّية مسموحة ليس ألّنها جّيدة ،بل ألّنها تمنع الفوضى.الفلسفة الطبيعّية نالحظ أّن تركيز الفلسفة الطبيعّية الرئيسّي هو على الفرد ،ورغباته ،وميوله ،وفطرته ،وُتشّدد الفلسفة على أّن االطفال يولدون خيرين ال أشرار ،ولكن تربية المجتمع هي ما تؤثر عليهم وتغيرهم ،حيث تعتقد أّن فطرة الطفل تقوده إلى التصرف الصحيح دائمًا ،ولكن في التربية يتّم تشويش الطفل وإضعاف طبيعته ،وبالتالي يتوّجه نحو االتجاه السلبّي ،والشرير. تؤكد منهجية الفلسفة على أهمية السفر والترحال ،ألنهما يساعدان على توسيع آفاق اإلنسان وفكره ،كما يحّث المنهج على التعّلم الذاتّي ،وتنمية الشخص لمعرفته من خالل الخبرات المكتسبة من التعامل مع األشياء ،والناس من حوله ،أي من البيئة حوله ،أو الطبيعة.وقد كان (جان جاك روسو) قد فّضلها ومنهجها ،الذي يحّث على السفر للتعّلم ،بدًال من التعّلم من الكتب ،وفي رأيه أّن إساءة استخدام الكتب تقتل العلم ،حيث إّن القارئ قد "يظن" أّنه يعلم كّل ما يقرأ ،وأّن الكتب في وجهة نظره تجلعنا نهمل الكتاب األكبر وهو الطبيعة. يرى منهج الفلسفة الطبيعّية عدم وجود فائدة من تعّلم لغة أخرى قبل سن الثانّية عشرة ،وال يرى جدوى في تعليم األساطير والتاريخ؛ ألّن ما يهّم هو إعداد اإلنسان للحياة المتطّو رة ،والمتغّيرة ،أي للمستقبل وليس الماضي ،وأعلت هذه الفلسفة من شأن األعمال والحرف اليدوّية ،فتكون بذلك األهداف العامة لمنهج الفلسفة تختلف في كّم ها وكيفّيتها من شخص إلى آخر ،وهذا حسب حاجات اإلنسان وحاجات هذا الشخص -7 1الدرس السابع الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية عالقة الفلسفة بالدين :حسب المعجم الفلسفي ،الدين في اللغة هو العادة ،والحال ،والسيرة ،والسياسة ،والرأي ،والحكم ،والطاعة والجزاء، ومنه «مالك يوم الدين» ،و«كما تدين تدان».ويطلق الدين عند الفالسفة القدماء على وضع إلهي يسوق ذوي العقول إلى الخير.ويفرق بعض الفالسفة بين الدين والملة والمذهب ،على أساس أن الشريعة من حيث إنها مطاعة تسمى دينًا ،ومن حيث إنها جامعة تسمى ملة ،ومن حيث إنه يرجع إليها تسمى مذهبًا.هناك رأي آخر يرى أن الدين منسوب إلى هللا ،والملة منسوبة إلى الرسول ،والمذهب منسوب إلى المجتهد 131.في الفلسفة الحديثة للدين عدة معاٍن ،فهو جملة من اإلدراكات واالعتقادات واألفعال الحاصلة للنفس جراء حبها هلل ،والدين هو اإليمان بالقيم المطلقة والعمل بها ،وهناك مصطلح نشأ في القرن الثامن عشر يقال له: -الدين الطبيعي تبناه فالسفة مشاهير من مثل روسو وفولتير وديدرو وغيرهم ،فالدين الطبيعي اصطالح أطلق في القرن الثامن عشر على االعتقاد بوجود هللا وخيريته وبروحانية النفس وخلودها وبإلزامية فعل الخير من جهة ما هو ناشئ عن وحي الضمير ونور العقل.لكت هذا الدين ال يقول بالبعث وال بالحساب حيث أن دعاته ال يجحدون اإلله بالمرة ،وإن كانوا يحلون محل اإلله فوق الطبيعي إلها طبيعيا هو اإلنسانية، أي أن اإلنسان يدين بحياته ووجوده لإلنسانية ،سواء من ناحية استمراره البيولوجي أو ثقافته ،وكذلك فالبشرية تحتاج لهذا اإلنسان الفرد ،بعكس اإلله في الديانات الكتابية أنه الغني عن عباده ،ويصف أوغست كونت تعبئة اإلنسان لقدراته بهدف تحقيق غايات مثالية علمية أو اجتماعية أو 14 فنية ،بأنها تجربة لها طبيعتها الدينية التي ال تختلف في نوعها عن التجارب الدينية األخرى وان تباينت عنها في الكيف2. أما «إميل دوركايم» فقد عرف الدين بأنه مؤسسة اجتماعية قوامها التفريق بين المقدس وغير المقدس ،ولها جانبان أحدهما روحي مؤلف من العقائد والمشاعر الوجدانية ،واآلخر مادي مؤلف من الطقوس والعادات.يمكن أن نلمح ثالث عالمات تدل على الدين الجمعي ،أال وهي قبول جماعة من الناس لبعض األحكام المشتركة وقيامهم بشعائر معينة ،إيمانهم بقيم مطلقة وحرصهم على توكيد هذا اإليمان وحفظه ،اعتقادهم أن اإلنسان متصل بقوة روحية أعلى منه ،مفارقة لهذا العالم أو سارية فيه. العالقة بين الفلسفة والدين الفرق بين الدين والعلم والفلسفة هو أن اإلنسان ينخرط في الدين بكل كيانه عبر الشعائر والتربية الروحية ،بينما يقتصر كٌل من العلم والفلسفة على استخدام أدوات معرفية ُيفترض بها أن تكون محايدة أو أن تقترب من ذلك باستمرار.إن تحديد مجال الحقيقة بالدين من وجهة النظر الفلسفية ،قد يبدو أشبه بإحالة مفهوم الحقيقة إلى المتحف بعد أن فقد صالحيته في المجال المعرفي.ولكن الفرق بين المجال االنفعالي والمجال العقالني ليس فرقا معيارّيًا أو تفضيلّيًا ،فليس ُهناك عالقة أفضلية بين المعرفي والمعنوي ،في الواقع فإن الفكر الديني العقالني أيضا يتخلى عن المفهوم اُألسطوري للحقيقة حينما يؤكد على نسبية اإلنسان مقابل الحقيقة الدينية ،وأن اإلنسان ال يدركها إال بشكل نسبي.على الرغم من أنه ُهنا أيضا ما يزال يخلط بين المعرفة واالنفعال.إن الفرق بين الفكر الديني والفكر الفلسفي هو أن الفكر الفلسفي يضع الحقيقة الدينية ذاتها موضع التساؤل ،األمر الذي يجعلها تصبح على الفور موضوعا فلسفيًا تماما كبقية الموضوعات ويخضع القول فيها لشروط الفكر اإلنساني.وذلك ليس ألن الفكر الفلسفي معاٍد للحقيقة الدينية أو كاره لها ،وإنما ألن هذه هي طبيعته فهو يشتغل بهذه الطريقة.بينما قد يضعها الفكر الديني كشيء مسَّلم D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour6.docx#_edn1.13 D9%84%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9/cour6.docx#_edn2.14 مفردات المادة :يجب أن يتضمن السداسي 15مفردة تعليمية /درسا. 12 محاضرات مدخل إلى الفلسفة BEN ALI به من البداية ،حقيقة مفارقة للوعي والفكر ومتعالية ،ولكن قد ال ُيمكن البرهنة عليها.بالطبع هنا نتكلم عن وضع مثالي للفكر الديني ،حيث أن الذي يحدث في الواقع عادًة هو أن هذا الفكر يرفض الفصل بين الحقيقة بالمعنى المعنوي والحقيقة بالمعنى العلمي والفلسفي المشروط بالعقل وأدوات المعرفة اإلنسانية.يحدث هذا الخلط بسبب مشكلة اللغة وتداخل األزمنة والعصور في واقعنا الذي يفتقر إلى الشعور بالزمن والتاريخ، فنحن ما نزال نستخدم كلمة الحقيقة بالمعنى النسبي المحدد بإطار أو نسق معرفي مثل الحقائق العلمية ،وفي نفس الوقت نقول بأن الحقائق الدينية هي حقائق بهذا المعنى ،بل قد نسعى إلى محاولة تأسيس وتفسير الحقائق العلمية بالدين أو العكس.أما الحقيقة بالمعنى المتضّم ن في عبارة "البحث عن الحقيقة" والتي هي أقرب في مضمونها إلى "البحث عن المعنى" فهي تقع في مجال مختلف عن المجال المعرفي ،والطريق إليها ليس بالتفكير وحده وإنما بالتجربة والممارسة الدينية بالمعنى الواسع لمفهوم دين والذي يسمح لنا باإلشارة إلى كل أولئك الباحثين عن المعنى من خالل طريقة معينة في الحياة ،أو من خالل الحياة بطريقة معينة.ولكن العقل الذي يريد أن يسيطر على الحياة وعلى العالم بواسطة الحقيقة المطلقة المحددة بوضوح في شكل نصوص جاهزة للتنفيذ وبالتالي للسيطرة والتحُّكم في كل شيء ،هذا العقل ال يحب وال يبحث عن حقيقة معنوية ،بل يريد أدوات لإلحاطة بالعالم فهمًا وتفسيرًا وتسييرًا ولذلك فهو يصطدم بالعقل العلمي والفلسفي الذي يعمل في هذا المجال وبأدوات وأسلحة أكثر تقُّدمًا بقرون طويلة وكثيفة مليئة بالتاريخ. الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية ال تزال بعض المؤلفات األجنبية المعاصرة تحذو حذو المؤلفات األوروبية القديمة في الخلط بين موقف « ابن رشد » وبين « الرشدية الالتينية » حول القضية المعروفة -في فلسفة العصور الوسطى -بقضية « :الحقيقة المزدوجة » الِني يذهب دعاتها إلى القول بوجود حقيقتين متعارضتين .وكثيرًا ما نسبت هذه المؤلفات إلى ابن رشد -في هذه القضية -مذهبًا لم يقل به على اإلطالق .فقد ورد -على سبيل ال مثال ال الحصر -في « معجم المفاهيم الفلسف