النظرية المعرفية PDF

**النظرية المعرفية** النظرية المعرفية، هي منظور نفسي يركز على دراسة العمليات العقلية مثل الإدراك والذاكرة والانتباه وحل المشكلات والتفكير. وهي تدرس كيفية معالجة الأفراد للمعلومات واتخاذ القرارات والتفاعل مع بيئتهم. وتؤكد النظرية المعرفية أن هذه العمليات العقلية تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل السلوك وفه...

**النظرية المعرفية** النظرية المعرفية، هي منظور نفسي يركز على دراسة العمليات العقلية مثل الإدراك والذاكرة والانتباه وحل المشكلات والتفكير. وهي تدرس كيفية معالجة الأفراد للمعلومات واتخاذ القرارات والتفاعل مع بيئتهم. وتؤكد النظرية المعرفية أن هذه العمليات العقلية تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل السلوك وفهم الظواهر النفسية. و يفترض أنصار هذا النموذج النظري أن الاضطرابات النفسية ترجع إلى الطريقة التي يدرك بها الفرد الحدث وتفسيره له من خلال خبراته وأفكاره. فالاضطرابات تعتبر كنتيجة مباشرة للطريقة التي يفكر بها الشخص عن نفسه و عن العالم وعن المستقبل.\ ووفقًا للمنظور المعرفي، تنشأ الأمراض النفسية من أنماط التفكيرالسلبية. وقد تشمل هذه الحديث السلبي عن الذات، والتحيزات المعرفية، والمعتقدات غير العقلانية، والتصورات المشوهة للواقع. يمكن أن تؤدي أنماط التفكير الخاطئة هذه إلى مشاعر سلبية، وسلوكيات غير تكيفية، واضطرابات نفسية.\ \ على سبيل المثال، قد يكون لدى شخص مصاب بالاكتئاب مخطط ذاتي سلبي، وهو إطار معرفي يشكل كيفية رؤيته لنفسه والآخرين والعالم من حوله. قد يؤدي هذا المخطط الذاتي السلبي إلى أفكار تلقائية سلبية، مثل \"أنا لا قيمة لي\" أو \"لا شيء يسير على ما يرام بالنسبة لي\". يمكن أن تؤدي هذه الأفكار بعد ذلك إلى مشاعر اليأس والعجز.\ \ وفي مثال آخر، قد يكون لدى شخص يعاني من القلق تحيز معرفي نحو تفسير المواقف الغامضة على أنها تهديد. يمكن أن يؤدي هذا التحيز المعرفي إلى القلق المفرط والخوف وسلوكيات التجنب و بمرور الوقت، يمكن أن تصبح هذه السلوكيات غير تكيفية وتتداخل مع الأداء اليومي. كما أشارت النظرية المعرفية أيضًا إلى الانتباه الانتقائي وتحيزات الذاكرة فقد يركز الأفراد المصابون باضطرابات معينة على المعلومات التي تدعم أفكارهم السلبية ويتذكرونها بينما يتجاهلون أو ينسون المعلومات الإيجابية أو المحايدة. يمكن أن يؤدي هذا الانتباه والذاكرة الانتقائية إلى الحفاظ على الأعراض النفسية وتفاقمها. و يرى منظرو هذه النظرية أن هناك أربعة مصادر رئيسية من القصور المعرفي ترتبط بظهور الاضطرابات النفسية و هي: \- نقص المعلومات و قصور الخبرة و السذاجة في حل المشكلات. -أساليب التفكير و ما تنطوي عليه من أخطاء كالتعميم و التطرف. -ما يحمله الفرد من آراء و أفكار و معتقدات عن نفسه و عن الآخرين و المواقف التي يتفاعل معها. -التوقعات السلبية لدى الفرد. **من بين العلماء البارزين في المنحى المعرفي** و **الذين أسهموا في فهم و تفسير و علاج الأضطرابات النفسية نجد:** **\*[آرون بيك] Beck:** لم يكن بيك راضيا عن التعقيدات الكثيرة و المفاهيم المجردة لمدرسة التحليل النفسي.و قد أدى تشجيع بيك لمرضاه على القيام بتحليل معرفي لأفكارهم خلال الجلسات إلى ملاحظ أن الأفكار ليست غير واعية كما افترض فرويد سابقًا، وأن أنواعًا معينة من التفكير قد تكون مسؤولة عن الضائقة العاطفية. استخدم بيك، بعد تحليل أنماط التفكير المعرفي للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب، مصطلح \"الأفكار التلقائية\" للإشارة إلى الأفكار التي أفاد هؤلاء المرضى أنهم يمرون بها تلقائيًا وعفويا. لاحظ بيك أن هذه الأفكار تنشأ من ثلاثة أنظمة اعتقادية أساسية: المعتقدات حول الذات، والمعتقدات حول العالم، والمعتقدات حول المستقبل، ومن أمثلة ذلك ما يلي: - الذات - \"أنا لا قيمة لي وقبيح\"، \"أتمنى لو كنت مختلفًا\"، أو \"لا أستطيع أن أفعل أي شيء بشكل صحيح\" - العالم - \"لا أحد يقدرني\"، \"الناس يتجاهلونني طوال الوقت\"، أو \"الحياة غير عادلة للغاية\" - المستقبل - \"لن تتغير الأمور أبدًا\"، \"الأمور لا يمكن إلا أن تسوء!\" كما لاحظ بيك أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب يميلون إلى تجاهل صفاتهم الإيجابية بسرعة واعتبار إنجازاتهم الثانوية لا معنى لها. وقد يسيئون أيضًا تفسير الرعاية والاهتمام من الآخرين على أنها تستند إلى الشفقة أو أنها عرضة للزوال بسهولة إذا عرف هؤلاء \"الشخص على حقيقته\" وهذا التفسير الخاطئ يغذي المزيد من مشاعر الذنب لديه. كما يرى بيك أن الناس يستجيبون للأحداث انطلاقا من المعاني التي يعطونها لها، وهذه الاستجابات تجاه الأحداث تؤدي إلى ردود فعل انفعالية متباينة للموقف الواحد باختلاف الأشخاص ، بل و من الشخص الواحد في أوقات مختلفة. كما تحدث عن التشوهات المعرفية والتي تعد أنماط من التفكير التي تساهم في ظهور المشاعر السلبية والسلوكيات الغير تكيفية، و تتضمن هذه التشوهات أخطاء أو تحيزات في تفسير المعلومات. و يمكن تلخيص التشوهات المعرفية الرئيسية وفقًا لبيك فيما يلي: - **التجريد الانتقائي:** التركيز فقط على تفاصيل أو أحداث سلبية محددة مع تجاهل الجوانب الإيجابية، وقد يؤدي هذا التشويه إلى إدراك منحرف للواقع. - **التعميم المفرط** : يحدث التفكير التعميمي عندما يركز الشخص على حدث واحد وقع ويستخلص استنتاجًا بناءً عليه وبما أنهم توصلوا إلى هذا الاستنتاج من حدث واحد، فإنهم يستنتجون بشكل غير صحيح أن جميع الأحداث المماثلة في المستقبل سوف تؤدي إلى نفس الفشل أو التجربة السلبية. فمثلا طالب يحصل على درجة سيئة في أحد الاختبارات، وبناءً على ذلك يعتقد أنه غبي وفاشل ويعتقد أنه في جميع الاختبارات المستقبلية سيحصل على درجة سيئة أيضًا*.* - **التخصيص** **\"الشخصنة\":** تحمل المسؤولية الشخصية المفرطة أو إلقاء اللوم على الذات بخصوص الأحداث أو المواقف التي تقع خارج نطاق السيطرة الشخصية. وغالبًا ما ينطوي هذا التشويه على تصور الذات باعتبارها السبب وراء النتائج السلبية دون مراعاة العوامل الأخرى المساهمة. - **الاستدلال التعسفي:** استخلاص استنتاجات من أدلة غير كافية أو من عدم وجود أدلة. - **التهويل:** تضخيم الجوانب السلبية للموقف وتخيل أسوأ النتائج المحتملة. وغالبًا ما ينطوي هذا التشويه على قلق مفرط وتوتر بشأن الأحداث المستقبلية **\"إنه أسوأ شيء يمكن أن يحدث\"، \"سيكون ذلك نهاية العالم\"** \***[ألبرت أليس]** **Ellis:**يعد رائد العلاج العقلاني الانفعالي، استخدم إليس (1957) مصطلح التفكير غير العقلاني  أو الأفكار غير العقلانية للإشارة إلى الأفكار غير الوظيفية (السلبية) التي تميل إلى توليد مشاعر سلبية وبالتالي سلوكيات غير تكيفية. \- كما أشار اليس إلى أن التفكير غير العقلاني ينشأ من خلال التعلم المبكر في سن الطفولة ، والأسرة بنظامها الفكري ومعتقداتها اللاعقلانية مسئولة عن ذلك التفكير اللاعقلاني.\ - يفترض اليس أن البشر لديهم ميول وتوجهات *عقلانية* فطرية (مساعدة للذات وللآخرين وبناءة) *وغير عقلانية* (هادمة للذات). \- يزعم أن الناس إلى حد كبير يبنون بوعي أو بغير وعي استجابات - مثل لوم الذات والشفقة على الذات والغضب والشعور بالذنب والعار والاكتئاب والقلق - وسلوكيات وميول سلوكية - مثل التسويف والقهر والتجنب والإدمان والانسحاب - من خلال تفكيرهم غير العقلاني والهدام للذات. ومن خلال تحقيق وترسيخ فلسفة أكثر عقلانية وبناءة للذات وللآخرين والعالم، غالبًا ما يكون الناس أكثر عرضة لتجربة المشاعر إيجابية وللتصرف بطرق أكثر تكيفًا. من بين إحدى الطرق التي شرح بها إليس هذه العملية كانت باستخدام ما يعرف بنموذج ABC بحيث: - A = الحدث المنشط، الموقف أو العامل المسبب للتوتر الذي أثار العاطفة - B = المعتقدات أو أنماط التفكير السلبي (التفكير غير العقلاني) - C = النتيجة العاطفية أي الاستجابة الانفعالية للاعتقاد وفي حالة الاضطرابات النفسية فإن هذه الأفكار لا عقلانية، وهي تؤثر على إدراك الشخص وتأويله للأحداث والمواقف بشكل غير مناسب ، مما يجعله يستجيب استجابات نفسية لاتكيفية.