قضية المواطنة PDF
Document Details
Uploaded by BlitheOmaha
Benha University
هاني محمد يونس, شيرين عيد موسى
Tags
Summary
This document discusses the concept of citizenship. It explores the historical context of citizenship, its various facets, and its importance to individuals and society.
Full Transcript
# القضايا المجتمعية ## قضية المواطنة **أ.د/ هاني محمد يونس** **د/ شيرين عيد موسى** **قسم أصول التربية** ## مقدمة حظى موضوع المواطنة بأهمية كبرى لكل من الفرد والمجتمع، ويعزى هذا الاهتمام إلى العديد من المتغيرات والأحداث والتطورات التي شهدها المجتمع المصرى من : انفتاح سياسى، واقتصادى، وتوجهات سياسي...
# القضايا المجتمعية ## قضية المواطنة **أ.د/ هاني محمد يونس** **د/ شيرين عيد موسى** **قسم أصول التربية** ## مقدمة حظى موضوع المواطنة بأهمية كبرى لكل من الفرد والمجتمع، ويعزى هذا الاهتمام إلى العديد من المتغيرات والأحداث والتطورات التي شهدها المجتمع المصرى من : انفتاح سياسى، واقتصادى، وتوجهات سياسية مختلفة، وتعديلات دستورية جديدة حول إضافة المواطنة لبنود الدستور وانعكاس ذلك على المجتمع. وقد شهد العالم - أيضاً - العديد من الأحداث والتطورات التي تهدد بفقدان قيمة الولاء والهوية الثقافية وروح التطوع خاصة مع ظهور الثورة المعرفية والإعلامية التي تزايدت آثارها في السنوات الأخيرة، وظهر ذلك في انطلاق مئات من الأقمار الصناعية، والتي تحمل الآلاف من القنوات الفضائية؛ والتي تبث برامجها من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة حاملة معها تقاليد وثقافات تلك الدول. هذا بخلاف مئات الشبكات المعلوماتية التي تنشر ملايين الرسائل عبر الفضاء المعرفى؛ لتصل إلى كل مكان في العالم. وقد ظهر صدى تلك المشكلات في مصر كالعنف والتطرف والإرهاب والخروج على النظام والقانون وتهديد الأمن في المجتمع، كما ظهرت سلوكيات أخرى تعبر عن: السلبية، وعدم التسامح، وعدم المشاركة السياسية، وتنعكس مؤشرات تلك الأزمة في عدة مظاهر منها حالات السلبية، واللامبالاة، وانخفاض درجة المشاركة السياسية، وضعف الشعور بالأنتماء، والإحساس بالاغتراب، والرغبة فى الهجرة، ووجود فراغ سياسي، وضعف الوعى بالقضايا السياسية. ## مفهوم المواطنة يعود مفهوم المواطنة تاريخياً إلى الحضارات القديمة مثل : الإغريقية، والمصرية القديمة، فحيثما وجدت مجتمعات منظمة مكتملة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، ووزعت بها الأدوار على المؤسسات والأفراد يظهر مفهوم المواطنة ويستمر ويتطور عبر الزمن. وتعددت المفاهيم المتعلقة بالمواطنة تبعاً لاختلاف وجهات النظر حولها، وبالرغم من تداول استخدام مفهوم المواطنة Citizenship **بين كافـة رجـال التربية بشكل عام،** والمتخصصين في الدراسات الاجتماعية والعلوم السياسية بشكل خاص؛ فما زال مفهوم المواطنة غامضاً؛ الأمر الذي أدى إلى صعوبة تخطيط البرامج التعليمية المناسبة لتنمية الشعور بالمواطنة والتمسك بقيمها، ومن ثم فمن الأهمية استعراض التعريفات المختلفة لمفهوم المواطنة، وما يتداخل معها من المفاهيم ذات الصلة مثل : (المواطن- الوطنية حقوق الإنسان – الديمقراطية)؛ مما يوصل إلى فهم واسع للمفهوم كما يلي : ### 1. بعض المفاهيم ذات الصلة بمفهوم المواطنة : #### أ- المواطن: فالمواطن يعني أنه عضو في دولة ، له فيها ما لأى شخص آخر من الحقوق والامتيازات التي يكفلها الدستور، وعليه ما على أى شخص من الواجبات التي يفرضها هذا الدستور، وهنا يمكن اعتبار المواطن عضواً في مجتمعه يتمتع بحقوقه، ويلتزم بواجباته التي يحددها الدستور، ولديه القدرة على المشاركة فى العمليات السياسية، وتحمل مسئوليات هذه المشاركة، ومن ثم فهو جزء من كل، وليس كمية مهملة. كما أن المواطن هو الإنسان الذي يستقر في بقعة الأرض وينتسب إليها، ويرتبط بها من خلال علاقة ثنائية تتميز بالاستمرار، وتقوم على جملة المصالح المادية والمعنوية التي تنشأ عن التفاعل معها والمواطن هنا هو : الإنسان الذي يرى نفسه، ويرى أفعاله متصلة بالإنسانية التي تتميز بالتفاعل والترابط بين أبناء المجتمع من أجل النهوض به. #### ب- الوطنية : وجدير بالذكر أن العلاقة الثنائية بين المواطن ووطنه بمكوناته الثلاثة [الأرض - النظام الحاكم ومؤسساته – وجموع المواطنين]؛ تتطلب رابطة من الشعور بالانتماء والولاء لدى المواطن تجـاه وطنه ومجتمعه، وتتبدى مظاهرهـا فـي قبـول أفراد المجتمع بعضهم البعض، وشعورهم بالألفة والارتياح لمعيشتهم جنباً إلى جنب، ومراعاة مصالحهم المشتركة، والشعور بأنهم جزء من وطنهم، وإرادتهم للحياة فيه، والتضحية بالنفس للدفاع عنه، وهذه الرابطة هي "الوطنية". ويلاحظ أن الوطنية هي شعور بالولاء والانتماء، وهي حب وتعاطف، وليس تطرفاً أو كراهية، كما أنها موقف حضارى يتجسد في عطاء المواطن لوطنه مهما تعددت صور هذا العطاء، وفاءً للعطاء غير المحدود من الوطن للمواطنين، فالوطنية شعور أو عاطفة لدى المواطن تولد لديه إحساساً بالانتماء والولاء، ومن ثم تسعى كافة الدول جاهدة لإيقاظ هذا الشعور لدى أفرادها؛ لما له من فائدة كبرى في تماسك المجتمع والحفاظ عليه. #### ج- حقوق الإنسان : ومع وجود الوطنية والشعور بالولاء والانتماء إلى وطـن مـا وبالفخر وبالاعتزاز لهذا الانتماء لدى المواطنين، يأتي أساساً من خلال تمتع الإنسان بحقوقه الأساسية : (التمتع بالكرامة، والمساواة، والعدل، والأمان ۰۰۰) ؛ مما يساعد على تنمية الشعور بالمواطنة، والولاء للوطن والوطنية؛ حيث إنه من المستحيل إيجاد مواطنين مسلوبي الحقوق والحريات يشعرون ويعتزون بانتمائهم الوطني. وبذلك تكون المواطنة تتويجاً لممارسة الحقوق من قبل المواطنين والتمتع بها، ومن ثم تتضح العلاقة بين المواطنة وحقوق الإنسان في كون المواطنة شعور (الفرد- المواطن بالولاء والانتماء والتمتع بالحقوق الأساسية والمشاركة السياسية؛ مما يجعل المواطنة هي الخاصية القانونية التي يتمتع بفضلها الإنسان بحقوقه الأساسية سواء المدنية #### د - الديمقراطية : من المعروف أن الديمقراطية تعنى : "حكم الشعب بالشعب"؛ وذلك من خلال إتاحة الفرص لجميع المواطنين للتعبير الحر، والحوار، والمناقشة الحرة، والحقوق، والحريات السياسية والاجتماعية؛ فضلاً عن إعطاء حق المشاركة في الحكم للأفراد، وبذلك لا تكون هناك فرصة لتحكم طبقة في طبقة أو السيطرة على السلطة والحكم، بل تكون السلطة لجميع أفراد الشعب دون تفرقة. وغالباً ما تستخدم كلمتا : الديمقراطية، والمواطنة، وكأنهما تعنيان الشيء نفسه، لكنهما في الواقع ليستا كذلك، فالديمقراطية هي مجموعة أفكار ومبادئ عن المواطنة، كما أنها تتكون كذلك من مجموعة من ممارسات وإجراءات تمت صياغتها وقولبتها خلال تاريخ طويل حافل بالمعاناة في أغلب الأحيان، فالديمقراطية هي أساس المواطنة. ### ٢. المفهوم اللغوى والسياسي والاجتماعي للمواطنة : أما مفهوم المواطنة فما زال هناك تباين في التعريفات المتعلقة به من قبل العلماء والمتخصصين، يكشف الغموض المتأصل في هذا المفهوم لديهم؛ لذا يجدر أن نشير إلى مفهومها من ثلاث زوايا مختلفة : (المفهوم اللغوى – السياسي – الاجتماعي من أجل التوصل إلى معنى أوسع للمفهوم. #### أ- المفهوم اللغوى للمواطنة : كلمة (مواطنة) لم ترد في المعاجم العربية، وهي كلمة حديثة مشتقة من وطن اختارها المعربون للتعبير بها عن كلمة Citizenship الإنجليزية. فالمواطنة والمواطن في الأصل اللغوى للكلمة مشتقة من (الوطن) : المنزل تقيم به وهو موطن الإنسان ومحله" حسـب ابـن مـنظـور فـي لسان العرب. وأوطنت الأرض، ووطنتها توطنيا واستوطنتها أى اتخذتها وطناً ومنه أيضاً الاستيطان ومنه مفهوم (الوطنية) الذي دخل إلى اللغة العربية من خلال ترجمة التراث الغربي الحديث. ويمكن القول إن مفهوم المواطنة لا يزال المفهوم الغائب في الفكر المعاصر بالرغم من أهميته لارتباطه الوثيق بالوطن، وبحالة المواطن في إطار الجماعة الوطنية من حيث : المساواة، والمشاركة، والحقوق. #### ب-المفهوم السياسي للمواطنة : لم تعد المواطنة محصورة في ولاء عشائري، ولا قبلى، ولا طائفي، ولا عرقي، ولا طبقى، بل يتجاوز الولاء هذه الأطر الضيقة ليرتبط بالوطن الأم الحاضن للجميع في ظل دستورها الحاكم وقوانينها السائدة . ويلاحظ أن المواطنة هي مصدر العلاقات السياسية والقانونية من خلال تمتع الفرد بحقوقه، وحرصه على أن يكون له دور إيجابي في الحياة السياسية والحرية الفردية في مشاركته السياسية لحـق التصويت والترشيح للهيئـات الانتخابية، وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى المواطنة على أنها : علاقة بين فرد ودولة يحددها قانون تلك الدولة بما تتضمنه هذه العلاقة من واجبات وحقوق، كما أن المواطنة تدل ضمناً - على درجة من الحرية مصحوبة بمسئوليات وحق الانتخاب وتولى المناسب العامة. وأخيراً **نلاحظ أن مفهوم المواطنة مفهوم قانوني في المقام الأول،** فالمواطن ليس مجرد حائز على حقوقه الفردية فقط، ولكنه يمتلك - أيضاً - جزءاً من السيادة السياسية والحرية. كما عرفت “المواطنة “ بانها الارتباط القوى بالدولة والنظام القانوني والسياسي بكل ما يحتويه ذلك من التزامات وحقوق، بل هي نسق من الحقوق لمضمون دستورى لكل أعضاء المجتمع السياسي” #### ج- المفهوم الاجتماعي للمواطنة : يعد حصر مفهوم المواطنة في الإطار السياسي مفهوماً ضيقاً لها، حيث إن هذا الإطار ما هو إلا جانب من جوانب الحياة الاجتماعية وأن مفهوم المواطنة أعمق وأشمل من ذلك وعرفها بعضهم بأنها : العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعنى أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية كأسنان المشط بدون أدنى تمييز قائم على أى معايير تحكمية مثل الدين-الجنس- اللون-المستوى الاقتصادى-الانتماء السياسي، أو الموقف الفكرى " قام علماء الاجتماع بتعريفها بأشكال متنوعة، فعرفهـا "البعض" بأنها : صفة المواطن التي تحدد حقوقه وواجباته؛ فيعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته من خلال التربية الوطنية، وتتميز المواطنة بنوع خاص بـولاء المواطن لبلاده وخدمتها، والتعاون مع الآخرين لتحقيق الأهداف القومية. وعلى أساس ذلك عرفها البعض بأنها : مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين شخص طبیعی، وبين مجتمع سياسي **[الدولة]**، ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء، ويتولى الطرف الثانى مهمة الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الشخص والدولة عن طريق القانون كما يحكمها مبدأ المساواة . إذن يمكن أن نخلص من ذلك بأن المواطنة صفة مكتسبة للفرد من المجتمع الذي نشأ فيه، ويتم ممارستها وتطويرها من خلال عملية التنشئة الاجتماعية؛ حيث يمنح الفرد بموجبها ممارسة حقوقه التي كفلها له المجتمع مقابل الولاء والانتماء لهذا المجتمع شكلاً ومضموناً. وبذلك تصبح المواطنة هي : [علاقة الفرد بالوطن الذي ينتسب إليه، والتي تفرض حقوقاً دستورية وواجبات منصوص عليها من أجل تحقيق مقاصد مشتركة ومتبادلة والحرص على ممارستها في المجتمع]. ## أهمية قيم المواطنة للفرد والمجتمع : ومنذ بداية الثمانينات من القرن العشرين حدثت العديد من التطورات التي وضعت موضوع المواطنة على الأجندة السياسية والتعليمية، وينطبق هذا القول على مصر؛ حيث ظهرت كثير من المظاهر التي تدل على غياب الوعى بتنمية قيم المواطنة، وأن شباب مصر في مهب رياح أزمة أسبابها محلية في بعض جوانبها وعالمية وإقليمية في جوانبها الأخرى، وهذه الأزمة متداخلة التأثيرات حيث يشترك نقص الوعى واهتزاز منظومة القيم وعدم القدرة على التكيف مع المجتمع وغيرها، وكل ذلك يؤكد على ضرورة تحصين طلابنا بالمواطنة والوعى بقيمها. هذا وقد تبنت مؤتمرات اليونسكو الدعوة للاهتمام بقيم المواطنة كمكون رئيس في تكوين شخصية الفـرد بـعـدما تفشـت ظواهر سلبية لدى الشباب في العديد من الدول، وأصبحت خطراً يهدد غالبية دول العالم، ويمكن التعرف على بعض قيم المواطنة وأهميتها سواء للفرد أو المجتمع والتي تمثلت في: - احترام حقوق الأفراد والجماعات. - قبول رأى الأغلبية واحترام حقوق الأقلية. - تشجيع المتعلمين على المشاركة في العمليات السياسية. - بالإضافة إلى بعض القيم التي تتطلبها العمليات الديمقراطية مثل العدل – المساواة المسئولية – سيادة القانون – احترام الكرامة الإنسانية – الاعتدال – الاستقامة – احترام الآخر. وقيم المواطنة فى بعدها القومى تتضمن قيماً أساسية، وأخرى فرعية أو مصاحبة أو مرادفة منها: - الولاء : وما يرادفه من قيم حب الوطن – الاعتزاز به والفخر بالانتماء إليه. - الدفاع عن الوطن : وما يتطلبه من قيم مصاحبة كحماية مقدساته وصيانة ثرواته، وصد كل عدوان خارجي أو داخلى عنه. - خدمة الوطن : والإخلاص في العمل لتحديثه وتنميته مع تقديم المصالح العليا للوطن. - التعاون والمشاركة : في كل الأمور العامة التي تهم جميع المواطنين - الالتزام : بكل ما تفرضه القوانين والآداب والأعراف حتى يسود العدل - الحب والاحترام لكل المواطنين : بغض النظر عن اختلاف النوع والدين والطبقة.. وقيم المواطنة فى بعدها العالمي تتطلب ما يلى : 1. السلام : وما يرادفه من قيم كالتفاهم الدولي، والتسامح الإنساني، واحترام وتقدير ثقافات الآخرين، والتعايش مع كل الناس 2. التعاون : في صيغ وأساليب متنوعة ومع هيئات ونظم وجماعات وأفراد في كل مجال حيوى كالغذاء – الأمن – التعليم – العمل - الصحة. 3. الدفاع المشترك : لصد كل اعتداء تتعرض له الدول والأقليات والأقاليم حتى ينعم الناس جميعاً بخيرات الحياة . ومع تسليم كل المسئولين وأصحاب الفكر في مصر بأهمية قيم المواطنة وضرورة توافرها من أجل تنميتها للأجيال الجديدة؛ إلا أننا نفتقد الآلية التي يجب صياغتها واستخدامها في تنفيذ ذلك الهدف. وهذا ما يمكن الإشارة إليه من خلال تحديد دور التعليم في تنمية قيم المواطنة وآليات تنفيذه . ## تفعيل دور المؤسسات التربوية فى تنمية قيم المواطنة لدى طلابها : تهتم الدول المتقدمة بالمواطنة وتعدها أساساً للحفاظ على النسيج الاجتماعي وسبيلاً لتدعيم الهوية الوطنية والشخصية القومية لها؛ نتيجة لما تستند إليه المواطنة من مجموعة من القيم الأصلية والمتمثلة في حب الوطن، والولاء والانتماء، والحرية التعاون التسامح التكافل- الوعي بالحقوق والواجبات - المسئولية - الشجاعة، وهـذه القيم تمثل القاسم المشترك الأعظم بين مختلف المجتمعات، وأغلب الثقافات، وهي الجانب العالمي لمفهوم المواطنة وأن تفعيل قيم المواطنة وتنميتها، هو الذي يرتب الحقوق والواجبات بين المواطن والدولة، ويحدد لكل طرف حقوقه وواجباته، ويعد هذا التحديد الترجمة العملية لقيم المواطنة والتطبيق الفعلى لما تقتضيه الكلمة من معان، وبذلك يصبح إكساب قيم المواطنة والوعي بها وترجمتها إلى أسلوب عملي وممارسات يومية لدى أفراد المجتمع هو مسئولية كافة المؤسسات التربوية في المجتمع، حيث إن هناك مؤسسات ووسائط كثيرة تسهم في تنمية قيم المواطنين، ومعارفهم، ومهاراتهم السياسية والمدنية، وتشكيل شخصياتهم، والتزاماتهم، ومسئولياتهم منها : الأسرة، والمؤسسات الدينية، ووسائل الإعلام، ومنظمات المجتمع المدنى، وغيرها، ولكن يبرز دور المدرسة من بين مؤسسات المجتمع المتعددة، والمشاركة في تنمية قيم المواطنة لدى الأفراد باعتبار أن المدرسة هي المؤسسة التي تقدم برامج ذات أهداف محددة، ولها طرق وأساليب تربوية مقصودة وواضحة، ومخطط لها لغرس قيم معينة، كما أنها تضم ملايين من أبناء الوطن. ويمكن تخصيص أدوار هذه المؤسسات على النحو التالي: | | |------| | **المؤسسة ** | | **الإعلامية** | | **المؤسسة ** | | **الدينية** | | **منظمات ** | | **المجتمع المدني** | ### المؤسسة الإعلامية : يمكن أن يكون لوزارة الإعلام بأجهزتها المختلفة التي تأكدت لها الريادة في مجال تنمية المواطنة بوجه عام- وعلى رأسها التليفزيون أن تقود كافة المؤسسات المربية الأخرى؛ وذلك من خلال برامج خاصة للتثقيف السياسي، والمدني تعرف المواطنين بالدستور والقانون وحقوق ومسئوليات المواطنة، والمؤسسات التشريعية والقانونية ومستويات الحكومة وصلاحيات والتزامات كل هذه المؤسسات، وكيف يمكن للمواطنين التأثير فيها، ويمكن أن يُدْعَى إليها رجال الفكر، وأساتذة الجامعات، والمسئولون، وأعضاء السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، ومنظمات المجتمع المدنى، تلقى الضوء على إسهامات هذه المنظمات، وكذلك القيام بحملات إعلامية لحث المواطنين على المشاركة السياسية والمدنية، وممارسة حقوق ومسئوليات المواطنة، إن أهمية المؤسسات الإعلامية، تكمن في عمق تأثيرها، وسعة انتشارها، وتخطيها لحاجز الأمية، وقدرتها على تقديم خبرات متنوعة وثرية وجذابة، وأنها تؤثر في عالم الكبار والصغار على السواء، وأنها يمكن أن تتيح قناة اتصال لمؤسسات التربية الأخرى، بما في ذلك المؤسسة التعليمية، ويمكن للصحف اليومية أن تلعب دوراً في التثقيف السياسي والمدنى، وعلى القائمين عليها ألا ينسوا أن للصحافة دوراً تثقيفياً وتنويرياً، ولنا في الصحافة الأمريكية منذ أكثر من مائتين عام المثل والقدوة في نشر أفكار وفلسفات مفكرى وفلاسفة التنوير عبر صفحاتها. ### المؤسسة الدينية : يمكن للمؤسسة الدينية المتمثلة في : أساتذة، وعلماء، ودعاة، ووعاظ وزارة الأوقاف والأزهر الشريف – ورجال الدين المسيحي- أن تلعب دوراً كبيراً في دعم المواطنة الواعية والمسئولة والفعالة، وذلك لعمق تأثيرها في نفوس المواطنين، وذلك من خلال الحض على المشاركة السياسية والمدنية، وربطها بتعاليم الدين، وذلك من خلال البرامج التليفزيونية، والندوات الشعبية، والكتب الدينية، وخطب الجمعة. ### منظمات المجتمع المدنى : إن منظمات المجتمع المدنى مثل : الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية، ومنظمات حقوق الإنسان، وجمعيات المثقفين، والجمعيات الأهلية، هى الأحرص على نشر الثقافة المدنية والسياسية، ولذلك يجب أن تتاح لهذه المنظمات الفرص للإعلان عن نفسها وممارساتها وتعريـف الجمهـور بإسهاماتها وأنشطتها وأهمية ذلك للحياة اليومية لكل المواطنين، وطرق مشاركة المواطنين في هذه المنظمات، وذلك من خلال المؤسسات الإعلامية، والتعليمية، والدينية. وإذا كانت تنمية قيم المواطنة تحتاج إلى تكامل كل الوسائط التربوية (المربية) فإنها على مستوى المدرسة تحتاج إلى تضافر وتكامل جميع مكونات الموقف التعليمي فعلى سبيل المثال، يمكن للرحلات وأنشطة الكشافة والجوالة والفرق الرياضية، أن تسهم في إكساب قيم المواطنة إلى تلاميذ التعليم الإعدادى بإقامة رحلات مدرسية إلى الأماكن؛ التي شهدت كفاح المصريين من أجل مصر، والآثار المصرية القديمة، ومنها المتاحف الإسلامية، وزيارة الإهرامات، ونصب الشهداء، وغيرها، وزيارة الأماكن التاريخية، والمتاحف، وكذلك يمكن تبادل الهدايا والزيارات في المناسبات الدينية لأبناء الديانتين : الإسلامية والمسيحية والتي تكسب التلاميذ السلوكيات المرغوبة، والتي ستشعر التلاميذ بالاطمئنان إلى الآخر الديني والثقة فيه، ويمكن عن طريق المسرح المدرسي تقديم بعض العروض التي تنمى التعاون والتكافل والشجاعة، وغيرها من قيم المواطنة، وذلك بتكوين الفرق الرياضية والمعسكرات، وعمل الحفلات والأندية الصيفية لتنمية التعاون والمشاركة وتفاعل التلاميذ مع بعضهم البعض . وبذلك يجب أن تكون التربية من أجل المواطنة معبرة عن المنهج، وتقوم على المشاركة، وتكون مرتبطة بالمهارات الحياتية، وتجرى في بيئـة غيـر سلطوية، وتتم بالتعاون مع الوالدين والمجتمع المحلى، وتضع الطلاب في احتكاك مباشر مع الحكومة، والمجالس الشعبية، وكل قطاعات المجتمع، و يجب أن تهتم بالوثائق الأساسية مثل : الدستور، وكذلك من الضرورى التأكيد على أن التربية من أجل المواطنة، تختلف عن التلقين السياسي وأنها تعني في الأساس : المواطنة الواعية، والفعالة والمسئولة ومهمتها تنمية القيم والاتجاهات، ودعم مهارات التفكير الناقد والإعداد للمجتمع المدني الذي يقوم على المشاركة والإيجابية والتعددية. وهنا تكمن ضرورة تفعيل دور المؤسسات التربويــة فـي تنميـة قيم المواطنة لدى طلابها خاصة في الجامعة. لابد من تشجيع طلاب الجامعة على متابعة القضايا العامة والشئون السياسية الداخلية والخارجية والاهتمام بها والشئون السياسية بتوفير ما يلزمهم لذلك- وتفسير الأحداث السياسية ومسبباتها وتقييم القضايا العامة والتعبير عن آرائهم بحيادية، وبدون محاولة فرضها على الطلاب، وبلورة رأى حول هذه القضايا والأحداث والحديث عن البدائل السياسية؛ بما يساعد الطلاب على فهم القيم والمعتقدات المختلفة ووجهات النظر المتعارضة، وانفتاح الطلاب على قيم ومعتقدات مختلفة، ويمكنهم من فهم وتقييم القضايا العامة والسياسية، وتكوين رأى حولها. ## الهوامش والمراجع 1. عبد الرحمن قنديل، غندور عبد السلام فتح الله : فاعلية استخدام بعض مداخل التربية القيمية لتقديم الموضوعات المرتبطة بقضايا العلم والتكنولوجيا والمجتمع في تنمية التحصيل الدراسي وقيم المواطنة لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي "المؤتمر العلمي الخامس" (التربية العلمية للمواطنة)، كلية التربية، جامعة عين شمس، المجلد الأول، ۲۰۰۱ 2. محمد عبد الرؤوف خميس : فاعلية منهج مطور في التربية الوطنية في تنمية بعض جوانب التعليم اللازمة لخصائص المواطنة لدى طلاب المرحلة الثانوية، رسالة دكتوراه، كلية التربية، جامعة الإسكندرية، ١٩٩٥ - ناصيف نصار : في التربية والسياسة "متى يصير الفرد مواطناً؟ دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ۲۰۰۰ 4. فضيل أبو النصر : الإنسان العالمي "العولمة والعالمية والنظام العالمي"، بيان للنشر والتوزيع، ۲۰۰۱، 5. أبو الفتوح رضوان : شخصية المواطن المصرى، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، د.ت، 6. عبد السلام السعيدي : تدريس مفاهيم قيم حقوق الإنسان ضمن المناهج التعليمية "مع دراسة تطبيقية"، السلسلة البيداموجية، الرباط، المغرب، ۲۰۰۱ 7. رسمی عبد الملك رستم : تفعيل دور التنظيمات المدرسية في التربية للديمقراطية، المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، القاهرة، ۱۹۹۹، 8. السيد يسين : المواطنة في زمن العولمة، المركز القبطى للدراسات الاجتماعية القاهرة، ۲۰۰۰ 9. وليم سليمان قلادة : المواطنة "نشأة مبدأ المواطنة في مصر"، المركز القبطي للدراسات الاجتماعية، القاهرة، ط(٤)، ١٩٩١ 10. (') عبد السلام نوير : الثقافة السياسية للمعلم في مصر "دراسة ميدانية على عينة من معلمي التعليم الأساسي" رسالة دكتوراه، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، ۱۹۹۸ 11. أحمد الرشيدي : "حقوق الإنسان نحو مدخل إلى وعي ثقافي"، الهيئة العامة لتصدر الثقافة، القاهرة، ٢٠٠٥ 12. عبد الخالق سعد : المواطنة وتنميتها لدى طلاب التعليم قبل الجامعي، المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، القاهرة 13. علاء إبراهيم زايد : خصائص المواطنة في محتوى منهج التاريخ وانعكاساتها على العملية التعليمية والطلاب في المرحلة المتوسطة بالمملكة العربية السعودية، المؤتمر العلمي الخامس "التعليم من أجل مستقبل عربـي أفضل" كلية التربية، جامعة حلوان، ۱۹۹ 14. يسن عبد الرحمن قنديل، مندور عبد السلام فتح الله : فاعلية استخدام بعض مداخل التربية القيمية لتقديم الموضوعات المرتبطة بقضايا العلم والتكنولوجيا في تنمية التحصيل الدراسي وقيم المواطنة لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي، "المؤتمر العلمي الخامس" التربية العلمية للمواطنـة "كلية التربية جامعة عين شمس، المجلد الأول، ۲۰۰۱ 15. هديل محمود الليثى : القيم الديمقراطية لدى طلاب الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، رسالة ماجستير، كلية التربية بالإسماعيلية، جامعة قناة السويس، ۱۹۹۸ 16. جاك ديلور : التعليم ذلك الكنز المكنون، ترجمة (جابر عبد الحميد جابر)، دار النهضة العربية، القاهرة، ۱۹۹۸ 17. جمال الدين إبراهيم : تقويم أثر منهج الدراسات الاجتماعية للصف الأول الإعدادي في تنمية المواطنة لدى التلاميذ، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية البنات، جامعة عين شمس، ۱۹۹۷، 18. هاني عبد الستار فرج التربية والمواطنـة "دراسة تحليلية"، مجلة مستقبل التربية العربية، المجلد العاشر، العدد ٣٥، أكتوبر ٢٠٠٤، المركز العربي للتعليم والتنمية، القاهرة 19. یوسف خليل يوسف : دور التربية الوطنية في تكوين المواطن الصالح في مرحلة التعليم الأساسي، أكاديمية البحث العلمي، القاهرة، ١٩٩٤ 20. عبد المنعم المشاط : التعليم والتنشئة السياسية، مركز البحوث السياسية، القاهرة، 1994، ص65 21. كمال المنوفي : الجامعة وبناء المواطنة، جريدة الأهرام، العدد ٤١٦٧٤، ١١ يناير، ۲۰۰۱ ، القاهرة، 22. (۱) رشدى أحمد طعيمة : مناهج التعليم في ظل العولمة، المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، مجلة التربية والتعليم، القاهرة، العددان ۱۷-۱۸ 23. أحمد يوسف سعد : مفهوم وقضايا المواطنة في النصوص التعليمية بين منهجيات التمكين ومحتويات التعبئة، مجلة عالم التربية، ع۹، ۲۰۰۲ 24. علاء إبراهيم زايد : خصائص المواطنة في محتوى منهج التاريخ وانعكاسها على المعلمين والطلاب في المرحلة المتوسطة بالمملكة العربية السعودية "المؤتمر العلمي الخامس"، التعليم من أجل مستقبل عربي أفضل، كلية التربية، جامعة حلوان ==End of OCR for page 16==