الفصل الأول: الصحة النفسية PDF

Summary

يُقدّم هذا الفصل لمحةً عن الصحة النفسية، مُعرّفًا بها و موضحًا بعض النظريات المتعلقة بها. يغطي الفصل أيضًا بعض الجوانب المتعلقة بالصحة العقلية، من منظور تاريخي واجتماعي و فردي.

Full Transcript

# مقدمة: ## الفصل الأول ## الصحة النفسية الصحة النفسية أو الصحة العقلية هي مستوى الرفاهية النفسية أو العقل الخالي من الاضطرابات، وهي الحالة النفسية للشخص الذي يتمتع بمستوى عاطفي _وسلوكي_ جيد من وجهة نظر علم النفس الإيجابي أو النظرة الكلية للصحة العقلية من الممكن أن تتضمن قدرة الفرد على الاستمتاع ب...

# مقدمة: ## الفصل الأول ## الصحة النفسية الصحة النفسية أو الصحة العقلية هي مستوى الرفاهية النفسية أو العقل الخالي من الاضطرابات، وهي الحالة النفسية للشخص الذي يتمتع بمستوى عاطفي _وسلوكي_ جيد من وجهة نظر علم النفس الإيجابي أو النظرة الكلية للصحة العقلية من الممكن أن تتضمن قدرة الفرد على الاستمتاع بالحياة وخلق التوازن بين أنشطة الحياة ومتطلباتها لتحقيق المرونة النفسية ". والصحة النفسية وفقاً لمنظمة الصحة العالمية تعني الحياة التي تتضمن الرفاهية والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتية بين الأجيال وإمكانات الفرد الفكرية والعاطفية. كما أن منظمة الصحة العالمية نصت على أن رفاهية الفرد تشمل القدرة على إدراك قدراتهم والتعامل مع ضغوط الحياة العادية والإنتاج ومساعدة المجتمع . ومع ذلك فإن تعريف "الصحة العقلية" تختلف نتيجة للاختلاف الثقافي والتقييم الذاتي والتنافس في النظريات . "الصحة السلوكية هي المصطلح الأمثل للصحة العقلية وهي تعتبر حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيف مع حالات التوتر العادية والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في مجتمعه المحلي. والصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض الشخص الذي يعاني من اضطراب في حالته الصحية السلوكية يواجه مشاكل عديدة، لعل أبرزها الإجهاد والاكتئاب والقلق ومشاكل في علاقاته مع الآخرين وقد يعاني من الحزن والإدمان وقصور الانتباه وفرط الحركة وصعوبات في التعلم واضطراب المزاج واضطرابات نفسية أخرى . يمكن للمرشدين النفسيين والمعالجين ومدربي الحياة وعلماء النفس ومزاولي مهنة التمريض والأطباء أن يساعدوا في إدارة المخاوف الصحية السلوكية عن طريق معالجتها بطرق مثل جلسات العلاج أو الاستشارة أو المداواة الميدان الجديد للصحة النفسية العالمية هو "مجال الدراسة والبحث والخبرة والذي يضع الأولوية لتحسين الصحة العقلية وتحقيق الإنصاف في مجال الصحة العقلية لجميع الناس في العالم. # تعريف الصحة النفسية ## أ- فئة التعريفات السلبية: - تضم هذه الفئة جميع التعريفات التي تحدد الصحة النفسية بضدها، أي عن طريق استبعاد كل ما لا يتفق معها ، ويعرف الصحة النفسية بالخلو أو البرء من أعراض المرض العقلي" - هذا التعريف لا يشمل جميع مستويات وحالات الصحة النفسية. فقد نجد فرداً خالياً من أعراض المرض النفسي أو العقلي لكنه مع ذلك غير ناجح في حياته وعلاقاته بغيره من الناس سواء في العمل أو في الحياة الاجتماعية، فعلاقاته تتسم بالاضطراب وسوء التوافق، ومثل هذا الشخص يوصف بأنه لا يتمتع بصحة نفسية سليمة على الرغم من خلوه من أعراض المرض العقلي أو النفسي. - إذا هناك الكثير من الناس من نعتبرهم أسوياء لكنهم يشعرون بمعاناة شديدة لا تمكنهم من التمتع بالحياة بينما يوجد لدى الآخرون بعض المشاكل والأعراض التي تجعلهم يظهرون كما لو كانوا مرضى ولكن الحقيقة عكس ذلك. ## ب فئة التعريفات الإيجابية: - وهو ضرورة توافر عناصر وشروط إيجابية بالإضافة إلى غياب العناصر السلبية لدى الفرد حتى يتصف بالصحة النفسية. - **الاحتماء نسبية الصحة النفسية :** - ولنسبية الصحة النفسية عدة نواحي: ### 1. الناحية الفردية : - الصحة والمرض السواء واللاسواء ، مفهومان نسبيان حيث لا يمكن فهم الواحد إلا بالقياس إلى الآخر من جهة، ومن جهة أخرى ليس هناك خط فاصل بين المرضى والأسوياء ، فتقسيم الناس إلى فئتين (أسوياء في مقابل المرضى أمر لم يعد مقبولاً اليوم وذلك لاعتبارين: - الاعتبار الأول : ليس هناك حد أقصى أو نهائي للصحة النفسية. - الاعتبار الثاني : المضطربون يختلفون في درجة الاضطراب، فالاضطراب يبدأ من المشكلات السلوكية وينتهي إلى الاضطرابات الذهانية الكبرى. ### ب - الناحية الاجتماعية : - مفهوم الصحة النفسية يحدد من خلال العادات والتقاليد والقيم والمعتقدات السائدة في المجتمع، فالمجتمعات تختلف عن بعضها البعض ومن ثم فإن مظاهر السلوك وأشكاله المعبرة عن الصحة النفسية حتماً مختلفة من مجتمع لآخر طالما أن هذه المجتمعات مختلفة ثقافياً وقيمياً، فالسلوك الذي يبدو غير سوي في ثقافة ما قد يكون مقبولاً تماماً في غيرها من الثقافات، مثال ذلك إقامة علاقة بين صبي وفتاة يعتبر علامة صحة في مجتمع يؤدي غيابها إلى القلق وطلب العلاج والتدخل من جانب الطب النفسي، بينما يعتبر ظهورها كارثة وعلامة من علامات الانحراف في مجتمع آخر. فالنسبية الثقافية تتضح هنا، فليس هناك سواء مطلق أو لا سواء مطلق. ### جـ - الناحية التاريخية : - يتحدد السلوك الدال على الصحة النفسية وفقاً لعدد من المتغيرات ومن هذه المتغيرات الزمان الذي حدث فيه السلوك، فما هو سوي اليوم لم يكن كذلك بالأمس وقد لا يكون كذلك في الغد، وما كان شاذاً وغير صحي بالأمس لا يعد كذلك اليوم والعكس صحيح، والأمثلة عديدة ومتنوعة ومنها قيام أحد الأساتذة الأمريكيين بفصل طالبة جامعية منذ خمسون عاماً بسبب إصرارها على التدخين داخل قاعة المحاضرة وذلك لإتيان هذه الطالبة سلوكاً مخالفاً للمألوف، والطريف أن نفس الجامعة فصلت هذا الأستاذ نفسه بعد ثلاثون عاماً وقد أصبح يعاني لِما سبب إصراره على عدم التدخين وهو أمر اعتبرته الجامعة تدخلاً غير مألوف في حريات الطلاب. # معايير الصحة النفسية: ## أ- المعيار الإحصائي : - أي ظاهرة نفسية عند قياسها إحصائياً تتوزع وفقاً للتوزيع الاعتدالي، بمعنى أن الغالبية من العينة الإحصائية تحصل على درجات متوسطة في حين تحصل فئتان متناظرتان على درجات مرتفعة أعلى من المتوسط ودرجات منخفضة أقل من المتوسط، وبهذا المعنى تصبح السوية هي المتوسط الحسابي للظاهرة في حين يشير الانحراف إلى طرفي المنحنى إلى اللاسوية، فالشخص اللاسوي هو الذي ينحرف عن المتوسط العام للتوزيع الاعتدالي. ## ب - المعيار الذاتي : - السوية تحدد هنا من خلال إدراك الفرد لمعناها، فهي كما يشعر بها الفرد ويراها من خلال نفسه، فالسوية هنا هي إحساس داخلي وخبرة ذاتية حيث يتخذ الفرد من ذاته إطاراً مرجعياً يرجع إليه في الحكم على سلوكه، فإذا كان الفرد يشعر بالقلق وعدم الرضا عن الذات فإنه يعد وفقاً لهذا المعيار غير سوي . ## جـ - المعيار الاجتماعي : - تتحدد السوية في ضوء العادات والتقاليد الاجتماعية حيث تكون السوية مسايرة للسلوك المعترف به اجتماعياً، ويعني ذلك أن الحكم على السوية أو اللاسوية لا يمكن التوصل إليه إلا بعد دراسة ثقافة الفرد. ويخلو هذا المعيار من مخاطر المبالغة في الأخذ بمعايير المسايرة، أي اعتبار الأشخاص المسايرين للجماعة هم الأسوياء في حين يعتبر غير المسايرين هم الأبعد عن السوية، فهناك خصائص لا سوية كالانتهازية تكتسب مشروعيتها في إطار من الرغبة الاجتماعية، فالمسايرة الزائدة في حد ذاتها سلوك غير سوي. # مظاهر الصحة النفسية 1. غياب الصراع النفسي الحاد (الصراع الخارجي والداخلي.) 2. النضج الانفعالي، بحيث يعبر الفرد عن انفعالاته بصورة متزنة بعيدة عن التعبيرات البدائية والطفلية. 3. الدافعية الإيجابية للإنجاز التي تدفع الفرد للقيام بأعمال تحقق له النجاح. 4. التوافق النفسي المتمثل في العلاقة المتجانسة مع البيئة، بحيث يستطيع الفرد الحصول على الإشباع اللازم لحياته مع مراعاة ما يوجد في البيئة المحيطة من متغيرات. ## التوافق النفسي وحيل الدفاع: - يعرف التوافق النفسي بأنه أي تناول السلوك والبيئة الطبيعية والاجتماعية بالتغيير والتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد ونفسه من جهة وبينه وبين البيئة من جهة أخرى. - وعندما يعجز الفرد عن تحقيق التوافق بالأساليب الصحيحة فإنه يلجأ لما يعرف بحيل الدفاع، هي الحيل التي يلجأ إليها الأنا عند مواجهة صراع، لخفض التوتر ، والوصول إلى توازن نفسي، وجميعها تتم لا شعوريا. منها ما يلي : ### 1. الكبت (Repression) : - وهي حيلة، تدفع بوساطتها المواقف أو الأفكار غير المقبولة، إلى دائرة اللاشعور ، وبعيداً عن الشعور. وذلك مثل الفتاة التي صدمت عاطفياً ، فنسيت تماماً كل تفاصيل الصدمة، والظروف التي أحاطت بها، من دون أن تقصد ذلك إرادياً . هذا النسيان، هو الكبت، ويتم لا شعوريا، لتجنيبها الألم النفسي الذي ينجم عن تذكرها تلك الصدمة. ### 2. النكوص (Regression) : - وهي حيلة ، يرتد بوساطتها الشخص إلى مراحل سابقة من النمو، إذ ينكص إلى تصرفات بدائية، لا تلائم سنه الحالية. وتلاحظ هذه الحيلة في أمراض نفسية كثيرة. ومن أمثلتها، الطفل الذي يبلغ ثمانية أعوام، وأصبح يتحكم في عملية الإخراج، ثم ولد له شقيق صغير، مما أثر في نفسيته من دون أن يدري، جعله ينكص إلى مرحلة مبكرة، ففقد السيطرة على التبول الوظيفي، أثناء النوم. وبالطريقة نفسها قد تحدث التهتهة (Stuttering)، كعرض نكوصي. وقد يكون النكوص شديداً، إلى درجة فقد السيطرة والإرادة الكامل، كما في حالات الفصام )Schizophrenia(.العقلي ### 3. التبرير (Rationalization) : - وهي حيلة دفاعية، تبرر بوساطتها السلوك، أو الدوافع، أو المشاعر غير المقبولة، بخلق أسباب لتفسيرها. ويلجأ إليها الشخص لتقليل الصراع، ومحاولة قبول ما يبرره . وكثيرون يستخدمون تلك الحيلة الدفاعية، استخداماً مَرضياً، إذ يسرون في تبرير سلوكياتهم أو دوافعهم أو مشاعرهم ، تجنّباً للشعور بالذنب أو التقصير . وهذا يقلل من دافعيتهم لإصلاح أنفسهم، ويجعلهم يصطدمون بالواقع، وبمن يعايشونهم. وعليهم أن يعوا ذلك، ويقللوا من تبريراتهم، ويصلحوا من أنفسهم، ومن سلوكياتهم، بدلاً من التبريرات التي يضيق المحيطون بالإفراط فيها ### 4. الإبطال (Undoing) - وهي حيلة دفاعية، تتوخى إصلاح ما قد أفسد، وهي غير مقبولة من الأنا والإبطال هو قيام الفرد بسلوك يعاكس ما قام به فعلا، وكان غير مقبول شخصيا أو اجتماعيا وكأنه يحاول إصلاح ما أفسد وإلغاء وإبطال ومحو مفعوله. إنه يعبر عن التوبة. - مثال : إلغاء الأم عقابها لطفلها بإغراقه بالحب، وإلغاء الذنب بالتوبة. ### 5. التكوين العكسي : (Reaction Formation) - وهي حيلة دفاعية، يسيطر بها الشخص على دافع أو شعور غير مقبول، بتكوين عكسه فالكراهية الشديدة، تظهر في شكل حب مبالغ فيه. وأوضح مثال لها ما يظهره الطفل الصغير ، الذي يبلغ أربعة أعوام، لأخيه الذي يصغره بعامين. فعندما يجرح الأصغر جرحاً بسيطاً، وينزعج الأكبر، بشدة، ويظل يبكي حزناً على جرح أخيه بصورة مبالغ فيها ، فإنه يظهر، بذلك، تكويناً عكسياً، في محاولة للتغلب على مشاعر الكراهية، التي يستشعرها تجاه أخيه ### 6. الإسقاط (Projection) - وهي حيلة لاشعورية، ينسب بها الشخص إلى الآخرين أفكاره ومعتقداته، ومشاعره ونزعاته اللاشعورية، الخاصة به، وغير المقبولة، أي يسقطها عليهم. وهي حيلة لحماية الشخص من القلق، الذي ينشأ عن الصراع الداخلي. وأوضح مثال لذلك ما يدعيه طفل وحيد، من أن أبيه أو أمه لا يحبه، فهذا إسقاط من الطفل لمشاعر عدم الحب، التي يشعر بها، ويسقطها على أبيه. ### 7. النقل التحويل (Displacement) : - وهي حيلة دفاعية، يعيد بها الشخص توجيه انفعالاته المحبوسة تجاه شخص أو موقف، خلاف الأفكار والأشخاص والمواقف الأصلية، سبب الانفعال . الموظف الذي يهينه رئيسه في العمل، فلا يستطيع الرد أو إخراج انفعالاته. ولكنه عندما يعود إلى بيته، يصب غضبه على زوجته، من دون سبب، أو لسبب تافه. وتبادر الزوجة، بدورها، إلى إفراغ غضبها على أولادها . وهكذا تكون حيلة النقل، التي مارسها الزوج من دون أن يعي، قد أساءت إلى أولاده إساءة غير مباشرة. ويتكرر ذلك كثيراً، داخل البيوت، من دون وعي ممن يمارسونه. ### 8. الانشقاق (Dissociation): - وهي حيلة تتضمن عزل مجموعة من العمليات الوظائف) النفسية ، عن باقي الوظائف النفسية. وتعمل مستقلة، أو بصورة آلية، من دون وعي الشخص بها. فقد تعزل الذاكرة، مثلما يحدث في فقدان الذاكرة . وقد يعزل الوعي والحركة، مثلما يحدث في المشي أثناء النوم. وقد يكون العزل أكثر تعقيداً، ولعديد من الوظائف، كما يحدث في اضطراب تعدد الشخصية. ### 9. الإنكار : (Denial) - إنكار الأشياء ، التي قد تسبب قلقاً، وإبعادها عن دائرة الوعي. ويختلف الكبت عن الإنكار ، في أن الكبت يحدث عندما يحاول الدافع الغريزي، أن يكون شعورياً، وأن يعبّر عن نفسه في صورة سلوك. بينما الإنكار يجعل الشخص جاهلاً بحادث معين، ولكن لا يمنعه من التعبير عن دوافعه الغريزية ومشاعره ### 10 العزل : (Isolation) - وهي حيلة، تعزل فكرة، أو ذكرى، عما يرتبط بها من شعور، لتجنّب الانفعالات غير السارة، ولحماية الشخص من القلق.. ### 11. التسامي (Sublimation) - وهي حيلة توجه الطاقة المرتبطة بنزعات غير مقبولة، إلى أنشطة مقبولة نفسياً واجتماعياً. والتسامي يحقق درجة ضئيلة من الإشباع للنزعات الغريزية ، مثل المراهق الذي يوجه طاقته لممارسة الرياضة، بدلاً من النزعات العدوانية غير المقبولة. وهي حيلة صحية. ### 12. التعويض : - استبدال هدف مقبول اجتماعيا لا يمكن الحصول عليه بهدف آخر مقبول اجتماعيا ويمكن مثال طالب يفشل في الدراسة فيعوض ذلك بالنشاط في مجال التجارة أو الذي يفشل في الدخول في كلية الطب فيدخل أحد ابنائه الطب. )1998( حامد زهران

Use Quizgecko on...
Browser
Browser