الوحدة الرابعة: العلاقات الدولية في الإسلام PDF
Document Details
Uploaded by SlickAzurite
جامعة الزرقاء - كلية الشريعة
Tags
Summary
This document discusses Islamic principles of international relations. It covers topics such as human dignity, unity of humanity, religious tolerance, virtue, justice, and the concept of jihad. The document appears to be part of a larger work, likely a textbook or academic paper.
Full Transcript
# الوحدة الرابعة: العلاقات الدولية في الإسلام ## المحاضرة الخامسة عشرة ### مبادئ العلاقات الدولية في الإسلام - يَقيم الإسلام دعائم وأسساً للعلاقات الإنسانية بين الدول والشعوب تعتبر الموجه الرئيسي في نهج المسلم الحياتي وينظر من خلالها إلى صلته مع الغير وبها يَضبط علاقاته في السلم والحرب وهي: -...
# الوحدة الرابعة: العلاقات الدولية في الإسلام ## المحاضرة الخامسة عشرة ### مبادئ العلاقات الدولية في الإسلام - يَقيم الإسلام دعائم وأسساً للعلاقات الإنسانية بين الدول والشعوب تعتبر الموجه الرئيسي في نهج المسلم الحياتي وينظر من خلالها إلى صلته مع الغير وبها يَضبط علاقاته في السلم والحرب وهي: - **الكرامة الإنسانية**: - يَرفع الإسلام الإنسان إلى درجة من التكريم تربو على أية درجة فقد بين سبحانه في كتابه العزيز أنه جعل الإنسان خليفة في الأرض واختصه باللغة وعلمه الأسماء قال سبحانه في كتابه العزيز: - ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ ءَادَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِتُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَنَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَكَادَمُ أَنْبِتْهُم بِأَسْمَابِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ (البقرة: 30 - 33). - وسخر للإنسان ما خلق في الأرض هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّنَهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة: (2) - وكرمه على سائر المخلوقات: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ - **الناس أمة واحدة فعليهم أن يتعاونوا جميعا**: - اعتبر الإسلام الناس جميعا أمة تجمع بينهم الإنسانية وإذا فرقتهم الأهواء فالأصل واحد، وقد صرح القرآن بهذا في غير moضع، فقد بين أن الأبوين الكريمين هما أصل البشرية، قال تعالى: يَتَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء: (1) وقال تعالى: ﴿ يَتَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَابِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَنْقَنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ (الحجرات: 13) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ، فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١) )189( :الأعراف( - **التسامح الديني**: - هذا الجانب من جوانب حضارتنا جديد في تاريخ الشعوب جديد في تاريخ السياسة، والحكومات والعقائد والأديان التي توارت عبر حقب الزمن فقد كان شعار المسلم فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ (الزمر: 17 - وقال تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ (الجاثية: 14). - وما دام الإسلام لم يبن على الإكراه لقوله تعالى : * لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ يرید من المؤمنين أن يدرك حقيقة وجوده ويعتقد المبدأ الذي يشاء ما دام لا يحدث فتنة أو خطراً على كيان الأمة في حدود ما تسمح به السياسة الشرعية. - وهذا أمر القرآن ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا لَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَانَتَمُوَلِي حَمِيمٌ ) (فصلت: 34)، وقوله فَاصْفَح الصَّفْحَ الْجَمِيل )) (الحجر: 85). - وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرُ الصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ )) (النحل: 126 - 127 ) . - **الفضيلة**: - أمر الإسلام المسلمين بأن يتمسكوا في جميع علاقاتهم سواء كانت بين الآحاد أم كانت الجماعات وسواء أكانت العلاقة في حال السلم أم في حال الحرب، دون تفريق بين جنس وآخر - من آيات الله: ﴿ وَمِنْ آيَنَيْهِ, خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَيَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (الروم : (22) فلا تمايز ولا اختلاف، ورحمة الله للجميع تتحقق بإتباع محمد صلى الله عليه وسلم: ((الجنة لمن أطاعني ولو كان عبداً حبشياً والنار لمن عصاني ولو كان شريفاً قرشياً)) (1). وواجب الشعوب أن تتعاون على هذا الأساس فهي دعوة مفتوحة في القرآن لتكون ركيزة حق ومنارة عدل :: - ولا تعانوا على الإثم والعدوان واتقوا الله أن الله شديد العقاب (+) (المائدة: (2) - هذا ما فعله صلى الله عليه وسلم في توقيعه المعاهدة مع اليهود أول ما قدم إلى المدينة وواثقهم فيها على التناصر والتآزر لدفع الاعتداء والظلم، ورغب في حلف الفضول وقال فيه (حضرت) في دار عبد الله بن جدعان حلف الفضول إلا إني لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت وما أحب أن لي به حمر النعيم)) (2) ، فالإسلام يرحب بكل تعاون إنساني أخوي قائم على سبيل إسعاد البشرية. - و خلاصة القول (( إن النظرة الكلية للإسلام عن الحياة تهدينا إلى انه يعد الحياة الإنسانية واحدة، متدرجة الخطوات متضامنة الأجيال، متعاقبة الأطوار كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (البقرة: 28) واحدة من ناحية الفطرة متماسكة النوازع والأشواق ممتزجة المادة والروح قابلة لارتفاع إذا حسن وجهها، ومستعدة للهبوط إذا أساء التوجيه والقيادة * وَنَفْسِ وَمَا سَوَنَهَا , فَأَلْهَمَهَا فُ وَمَا سَوَنَهَا فَأَلْهَمَهَا فُ وَتَقْوَنَهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّنَهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّهَا ) - **العداء**: - تقوم الفكر الإسلامية على أن العدل قائم في كل شيء في سنن الوجود الكونية وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ) (الرحمن) : (7) ، ثم الوجود الإنساني * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ) (الرحمن : 8 - 9) . إن العدل الذي نظم به الكون يحفظه من الخلل وتخلصت البشرية من العداوات والفتن والحروب من هنا جاءت الآيات القرآنية صريحة بالعدل والتصرف بمقتضاه حتى مع الأعداء قال تعالى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) (النساء: 135) . ## المحاضرة السادسة عشرة ### أصوات العلاقة مع غير المسلمين - في وجه من وقف في طريق الدعوة الإسلامية وقوفاً مسلحاً. وحاول النيل منها، واستمر الموكب الإيماني ينشر العدل والفضيلة بين الناس. - لم تكن حرب، إلا إذا كان اعتداء ولم يدخل الإسلام بلداً إلا وصيحات الضعفاء تتعالى للخلاص من الظلم والاضطهاد وهذه الفتوحات أثارت جدلا بين المسلمين . - فقدم الفقهاء المسلمون رأيين أحدهما يقول: أن العلاقة تقوم على الحرب والآخر يقول : أن علاقة المسلمين بغيرهم تقوم على أساس السلم. ### أدلة من قالء: الأصلء في علاقة المسلمين بغيرهم السلمء: - ينطلق أصحاب هذا الرأي في البرهنة على أن العلاقة بين المسلمين وغيرهم السلم من منطلقين: المنطلق الأول نصي والثاني اجتهادي. #### الأدلة النصيةء: - إن المتتبع لآيات القرآن الكريم يجدها قاطعة الدلالة على أن الأصل في العلاقات الدولية هو السلم. - لا تكون حرباً إلا إذا أعتدي على الدولة الإسلامية فعلاً، أو بفتنة المسلمين عن دينهم فالحرب تكون حينئذ ضرورة أوجبها الدفاع عن النفس وعن العقيدة والحرية الدينية أو اتقاء لهجوم تكون المبادرة فيه ضرباً من الدفاع " . قال تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (الأنفال: #### الأدلة الاجتهاديةء: - أغنى الفقهاء المسلمون الشريعة الإسلامية بضوابط عامة وقواعد كلية تسهل على الدارس معرفة كثير من الأحكام واستنباطها إذا ما دعا ذلك، ومن بين هذه القواعد التي قعدوها قولهم (الضرورات تقدر بقدرها) فبما أن الحرب ضرورة لإيجاد السلم ومن أراد السلم استعد للحرب هي الأصل في الفقهاء (أن الضرورة تقدر بقدرها) وطبايع الأمور (1) . - واعتبار الحرب هي الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم أمر يخالف منطق الضرورة (3) - الفقهاء يقررون في قواعدهم أن الأصل في الأشياء الإباحة) (2) - الأصل الحل من التكاليف ( 3 ) . - و (الأصل في الذمة البراءة ) (4) ، وهذه القواعد وأن كانت في أصول الأشياء فهيما لم يرد ف الشرخ فإن قاعدة (الأصل في العلاقات السلم) لم يطرأ عليها أيضاً تغيير ف الشرخ الإسلامي ف رأينا على عكس ما استنبطه الفقهاء من النصوص الشرعية - ليتناسب مع ما درجوا عليه من أصول اجتهادية ف معرفة الأحكام، يبقى عليهم بعد ذلك أن يقروا بأن الإسلام يعتبر العلاقات الدولية قائمة على أساس السلم - بین المسلمين وغيرهم: - إن اعتبار الحرب هي الأصل سيكون سبباً ف صدود الناس عن الإسلام، وسيزًا هؤ ا الفهر دائماً للوقوف ف وجه الدعوة الإسلامية التي لا يهم أصحابها الا اشعال الحروب بين الامم وما ارسل الله نبية عليه السلام إلا رحمة للعالمين وما مهمة المسلمين الا ان يأتوا بالناس إلى إسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تألفوا الناس ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل بيت من مدر او وبر إلا لا تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم )) (1) ## المحاضرة السابعة عشرة ### التطرف والعنف والإرهاب - ابتليت الإنسانية ف هذا العصر ببلاء، تشظا أذاه على جوانب الحياة، فأصاب بأذيته الجميع، وهذا البلاء هو ما يسمى بالإرهاب الذي لا يعرف ديناً و لا وطناً - ظهر أناس أعماهم الحقد أو الجهل، فالصقوا هذا البلاء بالإسلام، وهذا فيه ظلم كبير للإسلام والمسلمين - فما عرف الإسلام التطرف ولا العنف ولا الإرهاب، وإنما كان دائماً يبعث برسائل الأمن والأمان للخلق جميعا، وهو دين الوسطية والعدل والحق - قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (البقرة : 143) . #### التطرف: - يعرف التطرف لغة بأنه الشطط بعيدا عن التوسط والاعتدال، أو هو الغلو في عقيدة أو مذهب أو فكر. - وأما تعريفه :اصطلاحا : فهو يقصد به الإفراط في مجاوزة المقدار المعتبر شرعا في أمر من أمور الدين، وهو أمر مذموم ومحرم شرعا. - فالتطرف هو البعد عن التوسط والاعتدال إفراطاً أو تفريطاً، زيادة أو نقصاً، وهذا منهي عنه بنص الكتاب الكريم والسنة الشريفة - من القرآن الكريم فقد جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم، تذم التطرف والتشدد، وتنهى عنه وتحرمه منها قوله تعالى: #### العنف: - يعرف العنف في اللغة بأنه: الشدة والمشقة، وهو نقيض اللين والرفق. - وأما في الاصطلاح فهو : الشدة في القول أو الفعل لا يحتاج لها لإحقاق حق أو إثبات عدل سواء مورس من قبل دول أو أفراد أو جماعات - و لقد حذر الإسلام من العنف، ونبه الى الخطر الذي يحدق بسببه، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب" (متفق عليه ) وقد وصف الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأوصاف الرفق واللين وطيبة القلب بقوله تعالى وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ( آل عمران : 159 ) وغيرها من الآيات الكريمة التي تدعوا إلى ترك العنف والقسوة، في القول أو الفعل أو التعبير عن الرأي - لأن ذلك يولد الكراهية بين الناس والنزاع والخصام، وقد يصل إلى حد الاقتتال، وهذا ما نراه اليوم ماثلاً في حياة المسلمين، تشهد به الفضائيات، وساحات الصراع عبارات نابية، وألفاظ مقذعة، لا ترضي الله - سبحانه - فسفك الدم الحرام، واستبيحت الحرمات، وضاعت حقوق الأمة بين غال و مفرط. - إنه يجب على أصحاب كل مذهب أو فرقه إسلامية، أن يبتعدوا عن العنف وأسبابه وطرقه، لأن المستفيد الوحيد هم أعداء الإسلام والمسلمين، وقد وجهنا الإسلام إلى أدب الحوار والمناظرة حتى مع غير المسلمين، لذلك وجب علينا أن نبتعد عن العنف والقسوة - وأن نستخدم الحكمة والموعظة الحسنه ليعود المسلمين أمة واحده قويه كما بدأت. #### الإرهاب: - ملأ الدنيا وشغل الناس، وأعيا الأطباء والدواء. - فهو في اللغة: الإخافة والتخويف. - أما اصطلاحا فهو : العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان ف دينه وعقله وماله وعرضه ودمه. #### جهاد الأعداء: - اقتضت رحمة الله بالإنسان الذي جعل الحفاظ على وجوده وكيانه وحماية حقوقه بإقامة العدل، ومن أسمى الغايات التي يرمي إليها هذا الإسلام لذلك فهو يتوخى أنبل السبل في إعلان الجهاد للوصول إلى الهدف دون إراقة دم أو استنفاد طاقات ## المحاضرة الثامنة عشرة ### رسالة عمان - تتعرَض رسالة الإسلام السمحة اليوم لهجمة شرسة، ممن يحاولون تصوير الإسلام، بصورة تشوه الحقيقة الناصعة لهذا الدين الحنيف، ويرسمون تصوراً مشوها، عماده الافتراء، وتزييف الحقائق، يساعدهم في ذلك تصرفات غير مسؤولة من بعض المنتسبين للإسلام، هذه الرسالة السمحة، التي أوحى بها الله - عز وجل - للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحملها صحابته وآل بيته الأطهار من بعده، عنوان إخوة إنسانية، ودين يستوعب البشرية جميعها ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، - ويكرم الإنسان ويقبل الآخر . - لذا تبنت المملكة الأردنية الهاشمية نهجاً ، يحرص على إبراز الصورة الحقيقية المشرقة لهذا الدين ، ووقف التجني عليه، والدفاع عنه بحكم المسؤولية، الروحية والتاريخية الموروثة، التي تحملها القيادة الهاشمية، لذلك كانت الرغبة الملكية، أن يكون هناك جهد إسلامي من أجل توضيح صورة الإسلام، وعرضها على البشرية جمعاء، وقد صدرت رسالة عمان في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك 1435 هـ، الموافق تشرين الثاني 2004 ، كتبها كبار علماء الشريعة الإسلامية في العالم الإسلامي، وهذه الرسالة على قدر عظيم من الأهمية؛ لإبرازها صورة الإسلام القائم على الوسطية والاعتدال، مما جعلها نوراً ، و مرشداً ، و هداية للمسلمين، ولغيرهم من البشر. - قد اشتملت على محاور كثيرة تزيد على عشرين محور وسوف نتناول أهم هذه المحاور التي من أهمها : #### التحذير من خطر التحديات التي تهدد الأمة الإسلامية: - بينت رسالة عمان أن الإسلام يتعرض لهجمة شرسة؛ لتشويه صورته المعتدلة ##### الخطر الخارجي: - يأتي من قبل أعداء هذه الأمة، الذين يحاولون - في كل وقت وحين تشويه صورة الإسلام، وإلصاق التهم فيه، وبث الشبهات حوله - ووصفه بأنه دين يدعو إلى القتل والاعتداء، دون تمييز بين الأطفال و الشيوخ والنساء، - ومن أخطر هذه التحديات الاستهزاء الواضح بالرسول صلى الله عليه وسلم -. ##### الخطر الداخلي: - يأتي من قبل المسلمين، الذين فهموا الإسلام فهمًا خاطئاً، ولم يعوا سماحة الإسلام ويسر تعاليمه، فأخذوا يكفرون ويضللون، ومن ثم يقتلون باسم الإسلام والجهاد في سبيل الله، فعاثوا في الأرض فسادا، وجروا على مجتمعاتهم ودولهم الويلات والمصائب والفتن، وصوروا الإسلام بصورة قبيحة، حتى أصبح كثير من الناس لا يعرفون عن الإسلام إلا القتل والتفجير والعنف والإرهاب ومن هذه الأعمال قتل المسلمين والاعتداء على الأبرياء المسالمين والآمنين بالترويع والتهجير والاعتداء على الأعراض والأموال التي نهى الله - عز وجل - ونبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - . - ومن هنا جاءت رسالة عمان، محذرة أبناء الأمة الإسلامية من خطر هؤلاء المارقين، ووضحت بأن هؤلاء لا يمثلون الإسلام وأهله، وبينت أن الإسلام - دين إنساني يتعامل مع الآخر وفق قواعد ثابتة من السماحة و العدل، لا يمكن أن تتغير أو تتبدل وهي تتجلى فيما يلي: #### وحدة الجنس البشري، وأصل الناس واحد. #### إلغاء جميع الفوارق القائمة بين الناس على أساس الجنس أو العرق أو اللغة أو اللون أو البلد . #### إلغاء نظام الطبقات، والتأكيد على تساوي الجميع، في الحقوق والواجبات، #### الاستقامة والتقوى، وحسن التعامل هي الأسس المؤثرة في التفاضل بين البشر. #### عدم الاعتداء على حقوقها، والمحافظة على عفتها . #### نظرة الإسلام للمرأة حيث إنها كائن مكرم، ووجوب المحافظة عليها، واحترامها #### رعاية الفقراء، ووجوب رعايتهم، وبذل المساعدة لهم. #### الوصاية بالجار، والتأكيد على حقوقه، والإحسان إليه، وعدم إلحاق الضرر به، #### أياً كان نوع هذا الضرر، حتى لو كان هذا الجار من غير المسلمين. #### غير المسلمين في المجتمع الإسلامي لهم حقوق، #### يجب احترامها، منها حرية إقامة شعائرهم الدينية، وعدم التعرض لهم، وضرورة الإحسان لهم. #### الأمر بالعدل مع جميع الناس ، والتحذير من الظلم، وإضرار الآخرين، #### ومن تكريم الله عز وجل للإنسان قوله تعالى لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ (البقرة: 256) . #### فلم يسلب الله عز وجل إرادة الإنسان وحريته، بل ترك له الحرية الكاملة في اختيار الإسلام أو عدم اختياره #### ومن صور قبول الإسلام للآخر، فقد أمر بحوار ومناصحة الآخرين بالحجج الشرعية والعقلية في آيات كثيرة ، وأمر أتباعه بمحاورتهم برفق ولين، و مجادلتهم بالتي هي أحسن، قال تعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (النحل: (125). #### وقوله تعالى وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَبِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ﴾ (العنكبوت: 46 ) . #### والمتأمل لهاتين الآيتين يلحظ أن الله تعالى لم يقتصر في الأمر بالجدال و المحاورة مع الآخر بالطريقة الحسنة، بل أمر بالتي هي أحسن، وهذا يعني إن كان #### تكريم الإنسان: - لقد ركزت رسالة عمان على حقيقة كبرى، وهي أن الإسلام كرم الإنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه، قال تعالى : #### منهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين - اتسم منهج الدعوى باللين والرفق، رافضا للغلظة والعنف، وطلب من المسلم أن يستخدم الحكمة والموعظة الحسنة، في مجادلة غيره، سواء أكان مع المسلم أم مع غيره، #### التركيز على إبراز القواسم المشتركة بين أتباع الديانات، ولاسيما ما كان أصلها سماوي - إن هذا التركيز جاء من أجل الاستفادة منها لصالح الإنسانية جمعاء، وتؤكد الرسالة، على أن الديانات تشمل على مجموعة من المبادئ والقيم الإنسانية التي يؤمن بها جميع أتباع هذه الديانات، ويتفقون على تقديسها، فأصل الشرائع السماوية واحد، ومصدرها من الله تعالى أوحى بها إلى أنبيائه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَرَى وَالصَّبِعِينَ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (البقرة: (62) .