محاضرات في الفقه الجنائي 2018-2019 PDF
Document Details
Uploaded by GraciousCynicalRealism644
2018
Tags
Summary
This document contains lectures on Islamic criminal law (fiqh al-jināy). It covers introductory topics, including definitions of key terms like crime, punishment, and types of offenses.
Full Transcript
ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ الغصل االول مقدمات في الفقه الجنائي المبحث االول :المصطل...
ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ الغصل االول مقدمات في الفقه الجنائي المبحث االول :المصطلحات المتعلقة بالفقه الجنائي -1الجريمة -2العقوبة -3الحدود -4الجناية -5التعزير -6الفقه الجنائي المبحث الثاني:منهج الشريعة في محاربة الجريمة واهداف العقوبة وخصائص الفقه الجنائي االسالمي المطلب االول :منهج الشريعة في محاربة الجريمة المطلب الثاني :اهداف وغايات العقوبة في الشريعة االسالمية المطلب الثالث :خصائص الفقه الجنائي االسالمي المبحث الثالث:تعريف الحدود ودليل مشروعيتها والحكمة من ذلك المطلب االول :تعريف الحدود (لغة واصطالحا) المطلب الثاني :دليل مشروعيتها المطلب الثالث :الحكمة من ذلك المبحث الرابع :حكم اقامة الحدود وال ّ شفاعة فيها ومكان اقامتها المطلب االول :حكم اقامة الحدود الشفاعة فيها المطلب الثاني :حكم ّ المطلب الثالث :مكان اقامة الحدود الغصل االول 1 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ مقدمات في الفقه الجنائي المبحث االول :المصطلحات المتعلقة بالفقه الجنائي -1تعريف الجريمة :لغـة: الجريمة مأخوذة من الجرم وهو القطع ,يقال:شجرة جريمة:أي مقطوعة ,ويطلق الجرم على الكسب غير المشروع فيقال:خرج يجرم ألهله:أي يطلب ويحتال. وخصص هذا اللفظ في الكسب اآلثم ،الن األصل في(الجرم) قطع الثمرة عن الشجرة ثم استعير ذلك لكل آن َق ْو ٍماكتساب مكروه ،ومن هنا كان معنى {الجرم} :التعدي والذنب ،ومن ذلك قوله تعالى{ َوَال َي ْج ِرَمنَّ ُك ْم َش َن ُ ِ َن تَ ْعتَ ُدوا} [المائدة . ]2 : ُّوك ْم َع ِن اْل َم ْس ِجد اْل َح َار ِم أ ْ صد ُ َن َ أْ َّه ُم ْج ِرًما َفِإ َّن َل ُه َج َهنَّ َم ِ قال ابن عباس :أي ال يحملنكم بغض قوم على العدوان ,وقوله تعالى{ِإنَّ ُه َم ْن َيأْت َرب ُ َج َرْم َنا}اآلية 11من سورة المعارج.وقوله تعالى َلون َع َّما أ ْ ) اآلية 74من سورة طه.وقوله تعالى {ُق ْل ال تُ ْسأ َ اب َي ْو ِمِئ ٍذ ِب َبِنيه} اآلية 25من سورة سبأ.{يوُّد اْلم ْج ِرم َلو َيْفتَِدي ِم ْن َع َذ ِ ََ ُ ُ ْ فالمشتقات من مادة "جرم" في كل هذه اآليات الكريمة ،قد دار معناها حول األذناب ،والمخالفة،والنهي آثما مخالًفا لما يأمر به للا سبحانه وتعالى ،ويرضاه الدين حمال ً للمسلمين عن أن يحملهم البغض والخالف ً . من هذا كله يتضح أن كلمة جريمة تطلق على كل عمل خالف به فاعله أمر ربه ،وحاد به عن الطريق المستقيم وجانب بإتيانه ،الحق والعدل ،مع مراعاة أن األعمال التي يجرمها الشرع تتفاوت في كمها ،وكيفها طبًقا لما وضحه الشرع وبينه. ومن هنا نرى أن المعنى اللغوي للجريمة يطلق على كل ما هو مخالف للحق,وبذلك نجد ارتباطاً وثيقاً بين المعنى اللغوي وماورد في القرآن لهذا المفهوم ,حيث خص للا تعالى هذه المادة(ج ر م) لوصف األفعال غير المستحسنة في الشرع . ومن هنا نجد:أن أي مجاوزة ألوامر للا هي ذنب وجريمة،لتوعد للا تعالى فاعلها بقولهَ {:و َم ْن َيتَ َع َّد ُح ُد َ ود َّللاِ َفَق ْد َ ظَل َم َنْف َس ُه}[الطالق ]1 : {و َم ْن َيتَ َع َّد ُح ُد َ ود َّ ون}[البقرة ]229 :وقوله َ َّللاِ َفأُوَلِئك هم َّ الظالِ ُم َ َ ُُ َّ والمراد بالحدود هنا:األحكام الشرعية وسميت حدود ,ألنها نهايات نهى للا تعالى عن تعديها. )2المعنى الشرعي العام للجريمة{:هو كل فعل أو ترك قرر الشارع عليه عقاباً}. والمراد بالعقاب هنا:ما يشمل العقاب األخروي والدنيوي وسواء كان عقوبة بدنيه أو كفارة فكل جريمة لها في الشرع جزاء عاجل أو آجل إال أن يتغمد للا عبده برحمته ويعفو عنه بمشيئته. )3المعنى الشرعي الخاص للجريمة{:هي محظورات شرعية زجر للا عنها بحد أو تعزير} . 2 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ فعلى هذا ال يسمى جريمة ف ي االصطالح الخاص إال الفعل المحظور.الذي يعاقب عليه بعقوبة دنيويه يقررها القضاء وينفذها السلطان. وبهذا التعريف نرى:أن بين لفظ (المعصية أو أالثم) وبين لفظ (الجريمة) عالقة عموم وخصوص :فمفهوم (المعصية) أوسع من مفهوم (الجريمة)،إذ أن كل جريمة معصية ,وليست كل معصية جريمة ،وذلك الن الجريمة معصية خصصت لها عقوبة ينفذها للسلطان. -2الجناية :لغة : ذنبا يؤاخذ عليه. هي اسم لما يجنيه المرء من شر اكتسبه ،يقال :جنى على قومه جناية أذنب ً وأصله من جنى الثمر :وهو أخذه من الشجر ،وهو عام ،إال أنه خص بما يحرم من الفعل. جانبا ،والذي وقع عليه الشر :مجنيا عليه ،فالجناية هي الذنب ،والجرم ،وما يفعله ويسمى مكتسب الشرً : اإلنسان مما يوجب العقاب ،أو القصاص في الدنيا واآلخرة ( ,)1وقد جاء عن النبي(ص) :في خطبة حجة الوداع[:ال يجني جان إال على نفسه.]... الجناية بهذا المعنى مرادفه للفظ الجريمة بالمعنى العام. والجناية في الشرع :اسم لفعل مجرم سواء أكان في مال أو نفس. أما في عرف الفقهاء :فقد تعارف الكثير من الفقهاء على إطالق هذا اللفظ على :االعتداء الواقع على نفس اإلنسان وأطرافه,ويشمل ذلك القتل والجرح والضرب واإلجهاض وغير ذلك.. بينما يطلق البعض األخر من الفقهاء :لفظ الجناية على جرائم الحدود والقصاص. فيعم ذلك الجرائم التي يكون فيها اعتداء على المصالح الخمسة التي جاءت الشريعة لحمايتها وصيانتها. والجناية بهذا المعنى تقترب من معنى الجريمة بمدلولها الخاص. أما على المعنى األول فان الجريمة اعم منها بكثير. -3التعزير لغة :من العزر :وهو المنع والرد. واصطالحاً :عقوبة غير مقدرة شرعاً تجب(هلل أو ألدمي) في كل معصية ال حد فيها وال كفارة . معنى (غير مقدرة شرعاً):أي ترك لولي األمر تقديرها(.)2 او هو :عقوبة يوقعها الحاكم الشرعي دون الحد في جرائم غير منصوص على عقوبتها(.)3 -4العقوبة لغة :للعقوبة معاني مختلفة ،منها: -1لسان العرب ج 18ص 168الدار المصرية للتأليف ،المصباح المنير ج 1ص.58 -2قال الشيخ مغنية في كتابه فقه االمام الصادق ج 6ص( 245وانما ترك تقدير ذلك الى الحاكم بما يراه ،على ان اليبلغ في التقدير الحد المنصوص عليه للجرائم االخر ...ويسمى التعزير عقوبة ،النها قد فوضت الى نظر الحاكم ) . -3مدخل الى علم الفقه عند المسلمين الشيعة ،علي حازم ص80 3 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ ق ِعَق ِ اب) (.)4 الر ُس َل َف َح االعقاب :وهو الجزاء بالشر ،من ذلك قوله تعالىِ(:إ ْن ُك ٌّل ِإاال َك اذ َب ُّ ين) (. )5 اقَب ُة لِْل ُم ات ِق َ ومنها العاقبة :وهي الجزاء بالخير،من ذلك قوله تعالى(:واْلع ِ َ َ ضا العقوبة هي الجزاء في الدنيا ،والعقاب هو الجزاء كما أن منها:أن يتبع شيء شيء آخر ،ومن ذلك أي ً في اآلخرة ،كما وسميت العقوبة بذلك ،ألنها تعقب الذنب وتتبعه . اصطالحا( :أنها موانع قبل الفعل وزواجر بعده) . ً العقوبة -5الفقه الجنائي :هو الفقه الذي يتناول األحكام الشرعية المرتبطة بالحدود والتعزير والجنايات . المبحث الثاني منهج الشريعة في محاربة الجريمة واهداف العقوبة وخصائص الفقه الجنائي االسالمي المطلب االول منهج الشريعة في محاربة الجريمة يتميز التشريع الجنائي اإلسالمي بأنه :تشريع سماوي يشكل جزء من الدين اإلسالمي الذي جاء ليطبق في كل زمان ومكان ،األمر الذي اكسب أحكامه شرعية مطلقة ،وشمولية عالمية ،ودرجة كبيرة من الثبات واالستقرار. ومن هنا فان النظام اإلسالمي في دعوته الكبرى إلى أقامة مجتمع اسالمي صالح -يقوم على التكامل االجتماعي واالقتصادي والعدالة االجتماعية وصيانة حقوق اإلنسان وحرياته الفردية -ال شك يسعى إلى تزويد اإلنسان ببعض أسباب الحماية،والوقاية التي تصرفه عن التفكير في االعتداء على مصالح المجتمع األساسية ،ولحماية مصالح المجتمع األساسية،فقد سلك الدين اإلسالمي مسلكين رئيسين احدهما: (-1مسلك وقائي) للحيلولة دون االعتداء على هذه المصالح . (-2مسلك عقابي) لردع كل صور المساس بهذه المصالح . فمن نماذج المسلك الوقائي :الصالة :عبادة واقية للمؤمن من الفحشاء. والصوم:عبادة ووقاية للمؤمن من خالل تطويع النفس البشرية وتعويدها على التغلب على شهواتها. والزكاة:عبادة ووقاية للمؤمن تصرفه عن البخل وتعوده على البذل والعطاء. والحج:عبادة ووقاية للمؤمن حيث تنقي الروح وتطهر النفس من الخطايا والذنوب. المطلب الثاني اهداف وغايات العقوبة في الشريعة االسالمية ا ن هدف العقوبة في الشريعة اإلسالمية (:منع الجريمة أو الوقاية منها أو مكافحتها)حيث إن النهي عن الفعل ،أو األمر بإتيانه ،ال يتحقق بذاته إال إذا اقترن بعقاب محدد ،يقوم على أذى مبرر بحكمة سماوية عليا . -4سورة ص :اآلية 14 -5سورة القصص :اآلية 83 4 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ ويمكن حصر أغراض العقوبة بأهداف ثالثة هي: أوال:حماية المجتمع اإلسالمي . ثانيا:إقرار العدالة في المجتمع. ثالثا:إصالح الجاني. أما أوال :حماية المجتمع: فتتم بحماية المصالح الحقيقة للمجتمع ضد فعل اإلجرام ،الذي يشكل اعتداء على هذه المصالح ،األمر الذي يجعل العقوبة ذاتها وسيلة اجتماعية للدفاع عن حقوق المجتمع ،وحماية مصالحه التي تهددها أو تنتهكها الجريمة. وتتحقق مثل هذه الوقاية االجتماعية بمطلبين جوهرين هما: أوال :الردع الخاص ,ثانيا :الردع العام. فالردع الخاص :هو الذي يتجه بطبيعته إلى عقاب الفرد الجاني الذي ارتكب الفعل اإلجرامي ,كاستئصاله من المجتمع بصورة نهائية كما هو الحال في عقوبة اإلعدام،أو جلده في بعض جرائم الحدود. وهنا تحقق العقوبة مطلب الردع الخاص ،ألنها تمنع تكرار جريمة الجاني في المستقبل ،النعدام وجوده في حالة عقوبة اإلعدام ،أو ردعه أو إصالحه في حالة عقوبة الجلد. وأما الردع العام :فهو الذي ٍ يجسد معنى الزجر في العقوبة،إذ تكون هذه العقوبات(سواء كانت حداً آو قصاصا أو دية أو تعزيزا),إنذا اًر عاما للناس أو بيانا علنيا لآلثار السيئة التي تترتب على ارتكاب الفعل اإلجرامي،وإبراز نوعية األذى الذي ينبغي أن يخشاه اإلنسان ،واألثر النفسي الذي تتركه العقوبة لدى اإلفراد. وألجل ذلك فان اإلسالم يستلزم مبدأ عالنية العقوبة(( )6وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين). وأما ثانيا:اقرار العدالة في المجتمع: فان العقوبة بطبيعتها أذى وجزاء ينزله المجتمع بالجاني ،مقابل األذى الذي انزله الجاني بالمجتمع ،وفي عقاب الجاني ما يحقق العدالة في المجتمع ،فإذا ما كانت الجريمة -كما قدمنا -تشكل عدوانا على المصالح األساسية في المجتمع ،فان ترك مثل هذه العدوان بدون عقاب ،يؤدي إلى تبلور االنفعاالت الجماعية لالنتقام من الجاني أو من ذويه ،ولذلك((فان عقاب الجاني يكرس مفاهيم العدالة ويثبت دعائم التنظيم االجتماعي)). وأما ثالثا :اصالح الجاني: -6قال الشيخ مغنية في كتابه فقه االمام الصادق ج 6ص( 258ويستحب ان يشهد الرجم طائفة من المؤمنين الجل الردع والزجر) . 5 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ فالشريعة اإلسالمية ال تستهدف الزجر أو التأديب لذاته كهدف جوهري للعقوبة فحسب ،بل تنشد أصالح الجاني وتوبته وصالحه ،ففي عقوبة الحرابة الحدية :يستمر النفي حتى تثبت توبة الجاني وصالح أمره بعدم عودته إلى الجريمة مرة أخرى. كما وقد انعقد أجماع الفقهاء على أن التعزير فيه تأديب وإصالح الجاني دون التشفي أو االنتقام منه ،إذ يشترط أال يكون القطع أو الجلد عقابا مهلكا للجاني ،وكذلك التضييق في عقوبة الحبس ما أمكن لتجنب عزلة الجاني عن المجتمع فترة طويلة ،تتيح له الفرصة لالختالط بالمجرمين من ذوي السوابق اإلجرامية. المطلب الثالث خصائص الفقه الجنائي االسالمي يمكننا ا يجاز ابرز خصائص أو سمـات التشريع الجنائي اإلسالمي على النحو التالي: -1الطابع الديني الشامل ألحكامه: حيث يعتبر هذا التشريع جزءا من التشريع السماوي الذي نزل من عند للا سبحانه وتعالى. ويترتب على ذلك: -أن أحكام هذا التشريع تصبح ذات صفة عالمية ،ال ترتبط بشعب أو جنس أو إقليم معين. -أنها شاملة كاملة ال قصور فيها وال تقبل التعديل أو التغيير ,ألنها من صنع للا ,األمر الذي يجعلها ذات طبيعة إلزامية مطلقة. -2الطابع األخالقي العام: إذ هي ترتبط باألخالق ارتباطا وثيقا ،بوصفها المحور الذي تدور حوله صالحية الفرد وصالحية المجتمع واألمة ,فالقاعدة الجنائية اإلسالمية تقوم على أرضية أخالقية عريضة تتعدى دائرة التجريم الضيقة ,ألنها تتضمن كافة الواجبات الدينية،والمحظورات الشرعية،والقيم والمبادئ األخالقية،وكل ما توجبه األخالق من أوامر ونواهي قد ال تدخل بالضرورة في دائرة األفعال التي يحرمها القانون الجنائي الوضعي. 3ـ تعدد مصادر التشريع الجنائي اإلسالمي: إذ هي تؤخذ من النصوص القرآنية إلى جانب األحاديث النبوية ،وكل ما يتفرع عنهما عن طريق االجتهاد كاإلجماع والقياس واالستحسان والمصالح المرسلة واالستصحاب ,ولعلى هذا يفيد بوضوح مدى ارتباط التشريعات اإلسالمية بتطور المجتمع ،وتلبية حاجات األمة المتغيرة المستجدة . المبحث الثالث تعريف الحدود ودليل مشروعيتها والحكمة من ذلك المطلب االول تعريف الحدود (لغة واصطالحا) 6 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ الحد في اللغة :المنع..لذا سمي البواب حدادا ،لمنعه الناس من الدخول ،وسمي السجان حدادا ،لمنعه من في السجن من الخروج. ويطلق للحد على الفصل بين الشيئين؛ لئال يختلط أحدهما باآلخر ،والحد:جمعه حدود ،وحد كل شيء منتهاه؛ ألنه يرده ويمنعه عن التمادي ،وحدود الديار نهايتها ،لمنعها ملك الغير عن الدخول فيها ،أو خروج بعضها إليه. ،وسميت العقوبات حدودا؛ ألنها موانع من ارتكاب أسبابها ،وحدود هللا محارمه؛ ألنها ممنوع عنها، َّللا فَال تَ ْق َربُوهَا} ،وهي أيضا أحكامه؛ ألنها تمنع من التخطي إلى ما وراءها ،ومنه قال تعالى{:تِ ْلكَ ُح ُدو ُد ه ِ وها} . قوله تعالىِ {:تْلك حدودُ َّ ِ َّللا َفال تَ ْعتَ ُد َ َ ُُ ُ الحدود اصطالحا(:زواجر وضعها للا تعالى للردع عن ارتكاب ماحظر وترك ما أمر به) . وتعرف أيضا بأنها(:العقوبة المقدرة حًقا هلل تعالى) . وبهذه التعريفات تظهر لنا العالقة الواضحة بين المعنى اللغوي والشرعي حيث إن الغرض من الحدود (المنع) . المطلب الثاني :دليل مشروعيتها األصل في مشروعية الحدود الكتاب والسنة واإلجماع؛ فقد قرر الكتاب والسنة عقوبات محددة لجرائم ٍ ومعاص معينة ،كالزنى ،والسرقة ،وشرب الخمر ،وغيرها ،مما سيأتي تفصيله إن شاء للا ،مع ذكر أدلة ذلك كله. المطلب الثالث :الحكمة من مشروعية الحدود: شرعت الحدود:زجراً للنفوس عن ارتكاب المعاصي والتعدي على حرمات هللا سبحانه ،فتتحقق الطمأنينة في المجتمع ،ويشيع األمن بين أفراده ،ويسود االستقرار ،ويطيب العيش(.)7 َّللاُ َعَل ْي ِه واله َو َسلَّ َم(:ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب صلَّى َّ كما أن فيها تطهيراً للعبد في الدنيا ؛ لقوله َ ()8 َّللاُ َعَل ْي ِه واله َو َسلَّ َم(:من أصاب حداً أقيم عليه ذلك الحد ،فهو كفارة ذنبه) صلَّى َّ به فهو كفارته) ،وقوله َ ()9 -7ا ّن الطّباع البشريّة ،والشّهوة النّفسانيّة مائلة إلى قضاء الشّهوة ،واقتناص المالذ ،وتحصيل مقصودها ومحبوبها من الشّرب والزّ نى والتّشفّي بالقتل وأخذ مال الغير ،واالستطالة على الغير بالشّتم والضّرب ،فاقتضت الحكمة شرع هذه الحدود حسما لهذا الفساد ،وزجرا عن ارتكابه ،ليبقى العالم على نظم االستقامة ،فإ ّن إخالء العالم عن إقامة الزّ اجر يؤدّي إلى انحرافه ،وفيه من الفساد ما ال يخفى . -8يرى جمهور الفقهاء :أ ّن الح ّد المقدّر في ذنب كفّارة لذلك الذّنب ،وعند فقهاء الحنفيّة :الح ّد غير مطهّر ،بل المطهّر التّوبة ، ّللا تعالى في ح ّد قطّاع الطّريق { :ذلك لهم خزي في الدّنيا ولهم في اآلخرةفإذا ح ّد ولم يتب يبقى عليه إثم المعصية عندهم ،كما قال ّ عذاب عظيم } . -9أخرجه البخاري برقم ()6784 7 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ ( ،)10يقول الشيخ مغنية(:من أقيم عليه الحد لذنب ارتكبه-زنا كان او غيره -فلن يعاقبه هللا عليه مرة ثانية،النه سبحانه . ()11 اعدل من ان يجمع بين عقابين على ذنب واحد) وهذه الحدود مع كونها محققة لمصلحة العباد ،فإنها عدل كلها وإنصاف ،بل هي غاية العدل. المبحث الرابع حكم اقامة الحدود وال ّ شفاعة فيها ومكان اقامتها المطلب االول :حكم اقامة الحدود : َّللاُ َعَل ْي ِه َو َسلَّ َم- صلَّى َّ تجب إقامة الحدود بين الناس منعاً للمعاصي وردعاً للعصاة،وقد قال رسول للاَ - مرغباً في إقامة الحدود( :إقامة حد من حدود للا ،خير من مطر أربعين ليلة في بالد للا عز وجل) (. )12 شفاعة في الحدود :المطلب الثاني :حكم ال ّ الشفاعة في الحدود بعد وصولها للحاكم ،والثّبوت عنده ال خالف بين جمهور الفقهاء في أّنه :ال تجوز ّ بي صلى هللا عليه وسلم{ أنكر على أسامة بن زيد حين شفع في المراة ألن الّن ّ ألنه طلب ترك الواجبّ ، ّ ، َّللا تعالى}(،)13ولقول علي(ع)(:اذا رفع حد من حدود ّ المخزومية الّتي سرقت ،فقال وهو غضبان:أتشفع في ّ ّ . ()14 الحد الى االمام فال شفاعة) الرافع له إلى الحاكم ليطلقه، الشفاعة عند ّ وأما قبل أن يبلغ اإلمام :فعند جمهور الفقهاء :تجوز ّ َّللاُ َعَل ْي ِه َو َسلَّ َم -للذي ُسر َق رداؤه ،فأراد أن يعفو عن السارق(:فهالَّ قبل أن تأتيني به) (،)15 صلَّى َّ لقولهَ - بمجرد الفعل . ّ الحد قبل ذلك لم يثبت ،فالوجوب ال يثبت ألن وجوب ّ و ّ الحد . أحب أن يشفع له أحد ،ولكن يترك ليقام عليه ّ بشر وفساد فال ّ وقال مالك رحمه للا :إن عرف ّ -10أخرجه أحمد في المسند ( ، )214/5قال الحافظ ابن حجر :سنده حسن(.فتح الباري )86/12 -11الشيخ مغنية في كتابه :فقه االمام الصادق ج 6ص.261ط مؤسسة انصاريان -قم -12سنن ابن ماجه برقم (،)2537السلسلة الصحيحة لاللباني برقم ( ،)231وسائل الشيعة،الحر العاملي ج 28ص13-12 -13أخرجه البخاري برقم ( ،)6788مستدرك الوسائل،للنوري الطبرسي ج 18ص 15بلفظ(ال تشفع في حد اذا بلغ السلطان) -14مستدرك الوسائل،للنوري الطبرسي ج 18ص15 -15أخرجه أبو داود برقم ( ، )4394والحاكم ( ) 380/4وصححه ،ووافقه الذهبي ،وصححه األلباني (اإلرواء برقم ، )2317 وهنا اشير الى ان اإلسالم ال يرى العقوبة غاية في ذاتها ،ولكنه يراها وسيلة -ضمن وسائل كثيرة أخرى -لتقويم النفس اإلنسانية وكفها عن االنحراف؛ ولذلك فإن اإلسالم ال يتربص بالمجرم لكي يوقع عليه العقاب ،وال ينتظر عثرة العاثر ليبطش به أو ينتقم منه، إنه طالما نصح بالستر عليه لعله يتوب أو يستغفر ،دليل ذلك قوله عليه الصالة والسالم" :تعافوا الحدود بينكم فما بلغني من حد فقد وجب) 8 ــــــــــــــــ محاضرات في الفقه الجنائي ()2019 -2018ـــــــــــــــــــــــــ المطلب الثالث :من يقيم الحد ومكان إقامته: ِ َّللاُ َعَل ْيه َو َسلَّ َم يقيم الحدود في حياته ،ثم خلفاؤه صلَّى َّ الذي يقيم الحد هو اإلمام أو نائبه :فقد كان النبي َ َّللاُ َعَل ْي ِه َو َسلَّ َم من يقيم الحد نيابة عنه فقال عليه السالم(:واغد يا أنيس صلَّى َّ من بعده.وقد َو َكل النبي َ إلى امرأة هذا ،فإن اعترفت فارجمها) (.)16ووجب ذلك على اإلمام؛ ضماناً للعدالة ،ومنعاً للحيف والظلم. ِ المسجد ،وأن َّللاُ َعَل ْي ِه َو َسلَّ َم أن ُي ْستََق َاد في صلَّى َّ أي مكان غير المسجد :فقد (نهى النبي َ ويقام الحد في ّ الحدود) ()17؛ وذلك صيانة للمسجد عن التلوث ونحوه. ُ األشعار ،وأن تَُق َام فيه ُ تُْن َش َد فيه -16أخرجه البخاري برقم ( )2314فقد ذكر الحر العاملي في وسائل الشيعة ج 28ص(( 49عن حفص بن غياث قال :سألت أبا عبدهللا (عليه السالم):عمن يقيم الحدود ؟ فقال(ع) :إقامة الحدود إلى من إليه الحكم)) . -17أخرجه أبو داود 9