محاضرات في شريعة وقانون (PDF)

Summary

هذه محاضرات في شريعة وقانون، من إعداد الدكتور أحمد المبارك عباسي، للعام الجامعي 2020-2021م. تناقش المحاضرات الوظيفة العامة والموظف العام في القانون الجزائري، وتقدم تعريفات مختلفة وتاريخ لتشريع الوظيفة العامة في الجزائر.

Full Transcript

![](media/image1.png)**الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية** **جامعة الشهيد حمه لخضر** **كلية العلوم الاسلامية** **قسم الشريعة** محاضرات في ألقيت على طلبة سنة ثانية ماستر شريعة وقانون **من إعداد الدكتور:** أحمد المبارك عباسي السنة الجامعية: 2020-2021م **المبحث الأول: في التعريف بالوظيفة...

![](media/image1.png)**الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية** **جامعة الشهيد حمه لخضر** **كلية العلوم الاسلامية** **قسم الشريعة** محاضرات في ألقيت على طلبة سنة ثانية ماستر شريعة وقانون **من إعداد الدكتور:** أحمد المبارك عباسي السنة الجامعية: 2020-2021م **المبحث الأول: في التعريف بالوظيفة العامة والموظف العام** **المطلب الأول: مصطلح الوظيفة العامة** إن مطلح الوظيفة العامة \"la function publique\" من المصطلحات الحديثة. وعادة يستعمل للدلالة على الموظفين، وكل ما يمت إليهم بصلة. ويقابل مصطلح الوظيفة العامة السائد في النظام الفرنسي مصطلح الخدمة المدنية \"Civil Service\". وقد أشارت بعض الدراسات أن مصطلح الخدمة المدنية أكثر قدما مقارنة بمصطلح الوظيفة العامة[^1^](#fn1){#fnref1.footnote-ref}. وهو شائع الاستعمال في كل من الكويت والسعودية والأردن وقطر والبحرين. ويقصد بالوظيفة العامة من زاوية عضوية أو هيكلية مجموعة من الموظفين يشغلون مهاما داخل الإدارة العمومية. ولها أهمية كبرى بالنظر أنها توفر خدمة عامة. وتوثق العلاقة بين الدولة من جهة والجمهور من جهة أخرى. ولا يتم تلبية هذه الخدمة إلا بتدخل من الموزف العام باعتباره يد الدولة في القيام بواجب عبء أداء الخدمة العمومية[^2^](#fn2){#fnref2.footnote-ref}. وتمثل الوظيفة العامة قسم مهم في مجال القانون الإداري ولها ابعاد سياسية وأخرى اجتماعية لا يمكن انكارها[^3^](#fn3){#fnref3.footnote-ref}. وتتميز الوظيفة العامة، عن باقي قطاعات النشاط المختلفة، المالية والتجارة والاقتصادية وغيرها أنه ينظمها قانون خاص ومميز، أطلق عليه في الجزائر \"القانون الأساسي العام للوظيفة العامة\". ويحكم بشكل عام كل العمليات التي تهم عالم الوظيفة العامة، ومسار الموظف العام بدءا بالتعيين والتثبيت إلى الترقية والانتداب والاستيداع والتكوين والاستقالة والتأديب وغيرها من الوضعيات التي سنتناولها بالدراسة والتحليل. وتنظم الوظيفة العامة إلى جانب النص العام، بنصوص خاصة قطاعية تختلف حسب طبيعة النشاط. فطاع الصحة يحتاج لنصوص خاصة وقطاع التربية أيضا وقطاع التكوين المهني وقطاع التعليم العالي وغيرها من قطاعات النشاط. مما يجعل البحث في مجال الوظيفة العمومية عسيرا فليس من السهل القيام به. **المطلب الثاني: تعريف الموظف العام في القانون الجزائري** التعريف الوارد في الأمر 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966 المتضمن القانون الاساسي العام للوظيفة العامة والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 46 لسنة 1966. عرف أول تشريع للوظيفة العامة الموظف العام في المادة الأولى والتي جاء فيها: \"يعتبر موظفين الأشخاص المعينون في وظيفة دائمة الذين رسموا في درجة التسلسل في الإدارات المركزية التابعة للدولة، والمصالح الخارجية التابعة لهذه الإدارات، والجماعات المحلية وكذلك المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بمرسوم\". ومن هنا أشار النص بصريح العبارة أنه حتى تنطبق صفة الموظف العام لا بد من توافر الشروط التالية: 1. **صدور قرار التعيين:** فلا صفة للموظف دون تعيين. فينبغي على السلطة المختصة أن تصدر قرارا إداريا تعترف بموجبه بتعيين شخص محدد وشغله لوظيفة معينة ومبينة في قرار التعيين. وقد تكون السلطة المختصة إدارة مركزية أو إدارة محلية أو مؤسسة أو هيئة عمومية. 2. **أن يتعلق التعيين بوظيفة دائمة:** ومن هنا لا يمكن اعتباره موظفا عاما من يشغل المنصب مؤقت أو تستند إليه مهمة مؤقتة. 3. **أن يصدر القرار المتضمن ترسيم الشخص المعين في أحد درجات التسلسل الإداري:** فلا يكفي صدور قرار التعيين. 1. **ديمومة الوظيفة أو الخدمة الدائمة:** ويقصد بها أن ينقطع الموظف لخدمة الدولة ولا تكون استعانتها به عارضة[^4^](#fn4){#fnref4.footnote-ref}. وانطلاقا من هذه الميزة أو العنصر لا يمكن اعتبار الأعوان المؤقتين والأعوان المتعاقدين من قبيل الموظفين العموميين، لانتفاء عنصر الديمومة بالنسبة إليهم ولأن استعانة الإدارة العمومية بهم كان على سبيل التأقيت والتعاقد لمدة محددة[^5^](#fn5){#fnref5.footnote-ref}. وإذا كان العون المتعاقد مع الإدارة، أو العون المؤقت يتشابهان مع وضعية الموظف العام كون أن لكليهما أجر شهري، وعطلة سنوية وراحة أسبوعية، غير أن الاختلاف بين الموظف العام والعون المؤقت والعون المتعاقد يظل بالأساس ينحصر في عنصر الدائمية، وهو ما يفرض أن يكون الموظف مرسما في أحد درجات التسلسل الإداري، الأمر الذي لا ينطبق بالنسبة للعون المتعاقد والعون المؤقت. وديمومة الوظيفة عنصر من عناصر المرفق العام، ويقترن هذا المعنى بصفتي الاستقرار والاستمرارية اللصيقتين بمفهوم المرفق العام. لذلك يتمتع الموظف العام بحق الاستقرار، فالموظف له الحق في أن يحافظ على منصبه مهما أصاب التنظيم الإداري من تغييرات[^6^](#fn6){#fnref6.footnote-ref}. وبعنصر الديمومة يتميز الموزف العام عن العامل الخاض للتشريع الاجتماعي أو العامل في القطاع الاقتصادي، فهذا الأخير نجده معرضا في حالات معينة للتسريح الاجتماعي لدواعي اقتصادية[^7^](#fn7){#fnref7.footnote-ref}. وانطلاقا من ذلك لا يمكن إضفاء صفة الموظف على أعوان الدولة المتقاضين أجرة يومية والشاغلين لمناصب غير دائمة اقتصادية[^8^](#fn8){#fnref8.footnote-ref}. 2. ونتيجة لذلك يعد موزف عمومي كل من عمل لدى الدولة في مصالحها الوزارية المختلفة والعاملين في الولاية والبلدية والمؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري، مع توافر شرط الديمومة. 3. **أن يعين ويرسم من قبل السلطة المختصة**[^10^](#fn10){#fnref10.footnote-ref}**:** حتى يكتسب الشخص صفة الموظف في الجزائر ينبغي أن يتم أولا إدماجه أحد الأسلاك التابعة للسلم الهرمي للإدارة، فيتقلد في وضعيته الأولى رتبة من رتب هذا السلم بصفة متمرن وهو ما ينبغي الإشارة إليه في مقرر أو قرار التعيين الصادر عن السلطة المختصة[^11^](#fn11){#fnref11.footnote-ref}. ويخضع بعد هذا لفترة تجربة تحددها النصوص ثم تصدر الإدارة المختصة قرارا آخر أو مقرر تعبر فيه عن رغبتها في ترسيم أو تثبيت العون في أحد درجات التسلسل الإداري، وبذلك تكتمل عناصر الموظف العام[^12^](#fn12){#fnref12.footnote-ref}. فالترسيم هو الذي يؤكد ديمومة الوزيفة، وقد ورد تعريفه في المادة 4 من الأمر 06-03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية[^13^](#fn13){#fnref13.footnote-ref}. وبصدور قرار أو مقرر الترسيم يتمتع بعدها صاحب الصفة بالحماية المقررة له في القانون الأساسي للوظيفة العامة العام[^14^](#fn14){#fnref14.footnote-ref}. علما أن هناك حالات استثنائية محددة يعين فيها الشخص ويثبت في ذات الوقت بموجب وثيقة واحدة كما هو الحال بالنسبة لبعض الأسلاك الجامعية المتعلقة برتبة بروفيسور. **المطلب الرابع: التعريف الخاص أو الواسع أو الجزائي للموظف العام** نجده قد عرف الموظف العام في المادة 2 منه بأنه: 1. كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس المحلية المنتخبة سواء كان معينا أو منتخبا دائما أو مؤقتا مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر بصرف النظر عن رتبته وأقدميته. 2. كل شخص آخر يتولى ول مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو دون أجر وساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية. 3. كل شخص آخر معرف بأنه موظف عام من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول به. تطبيقا للنص أعلاه يعتبر النائب في المجلس الشعبي الوطني موظفا عاما وكذلك عضو مجلس الأمة ويمتد الأمر ليشمل القاضي وعضو المجلس الشعبي البلدي وعضو المجلس الشعبي الولائي. ولا يهم إن كانت الوظيفة دائمة أو مؤقتة بأجر أو دون أجر ولا يهم الرتبة ولا الأقدمية ولا يهم إن كان معنيا أو منتخبا. والحكمة التي أراد المشرع الوصول إليها من خلال التوسع في فكرة الموظف العام هي الوقاية من الفساد ومكافحته في كل القطاعات وتجفيف مصادره. **المبحث الثاني: تطور تشريع الوظيفة العامة في الجزائر** لقد مر تشريع الوظيفة العامة بمراحل مختلفة لذلك خصصنا لكل مرحلة مطلبا خاصا. **المطلب الأول: المرحلة الانتقالية 1962-1966** عندما حصلت الدولة على استقلالها كان من غير الممكن ولأسباب موضوعية التخلي كليا ومرحلة واحدة عن التشريع الفرنسي باعتباره التشريع الذي يحكم الإدارة الجزائرية خلال الفترة الاستعمارية[^16^](#fn16){#fnref16.footnote-ref}. لذا بات لازما الاعتراف بمد سريان تطبيق القانون الفرنسي في المرحلة التالية للاستقلال وهو ما حمله القانون رقم 62-157 المؤرخ في 31 ديسمبر 1962. وقد برر هذا القانون في بيان أسباب مقتضب أنه إن كان من جهة وفي ظل الدولة المستقلة ينبغي إصدار تشريعات تلائم طموحات الشعب، إلا أنه من جهة أخرى لا يمكن ترك الدولة دون منظومة قانونية، لذا تحتم الاحتفاظ بتشريع الدولة الاستعمارية إلى حين التفكير في إعداد نصوص تلائم فلسفة وتوجه الدولة الجزائرية. وجاءت المادة الأولى من القانون أعلاه لتعلن مد سريان كل التشريعات السارية المفعول في الفترة قبل 31-12-1962 لتظل سارية المفعول في مرحلة الاستقلال باستثناء ما تعلق بالسيادة الوطنية. وفصلت المادة 2 المقصود بالسيادة في المجال الداخلي والخارجي[^17^](#fn17){#fnref17.footnote-ref}. **المطلب الثاني: مرحلة الأمر 66-133** لقد صدر أول تشريع للوظيفة العامة في الجزائر المستقلة بموجب الأمر 66-133 المؤرخ في 2 جوان [^18^](#fn18){#fnref18.footnote-ref}1966، وتضمن هذا الأمر 79 مادة، وحدد تاريخ سريانه يوم أول يناير 1967، وتبع صدور هذا الأمر 19 مرسوما نشرت كلها في ذات الجريدة الرسمية التي نشر فيها الأمر 66-133. إلى جانب صدور قرار وزاري مشترك وتعليمة في العدد ذاته. ولقد اعتبر البعض أن صدور القانون الأساسي للوظيفة العامة يمثل أهد حدث في تاريخ المؤسسات الإدارية في الجزائر، ثم إن فئة الموظفين بالذات كثيرا ما انتظرت صدور هذا القانون على الأقل لتحديد مجال الحقوق الوظيفية والواجبات[^19^](#fn19){#fnref19.footnote-ref}. واعترف بيان الأسباب أن الوظيفة العمومية مرت بمرحلة جد صعبة طوال المرحلة الاستعمارية حيث كانت الوظيفة مفتوحة إلا للفرنسيين. وكان التوظيف على أساس المسابقات من بين المرشحين الذين يحملون مؤهلات مطلوبة لشغل الوظيفة، أما بعد الاستقلال وفي ظل الأمر 66-133 لم يعد بالإمكان اعتماد نظام المسابقات نظرا لعدم وجود الوقت، كما أنه لم يكن بالإمكان المحافظة على مستوى التعليم اللازم وذلك لعدم وجود مرشحين[^20^](#fn20){#fnref20.footnote-ref}. وعن مجال تطبيق هذا الأمر جاء بيان الأسباب واضحا في استبعاد رجال القضاء وأعضاء الجيش الوطني والقائمون بشعائر الدين. وهو ما تأكد في المادة الأولى من الامر، أما بخصوص المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري فقد اعترف البيان بأن هناك ضرر لحق بالدولة، وثبت في المرحلة الانتقالية، وتمثل في ترك تباين كبير في مجال الرواتب والتقاعد والفوائد الاجتماعية بين طبقتين من المصالح العمومية وإذا كانت الدولة الجزائرية في المرحلة الانتقالية قد شهدت تباينا كبيرا فيما خص الرواتب والأجور بين قطاع الوظيفة العمومية وكانت رواتبه ضعيفة، والقطاع خص الوراتب وبالأجور بين قطاع الوظيفة العمومية وكانت رواتبه ضعيفة، والقطاع الصناعي والتجاري وكانت أجوره مرتفعة، فهذا أمر يشكل خللا كبيرا ولا يمكن أن يحدث في دولة اشتراكية التوجه وترمي بقوانينها ومؤسساتها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. ولقد اعتبر بيان الأسباب أن الأجور في القطاع الاقتصادي هو بمثابة مزايدة تحدث في عالم الشغل ضد الإدارات العمومية[^21^](#fn21){#fnref21.footnote-ref}. وأنشأ الأمر 66-133 هيئات استشارية في مجال الوظيفة العمومية كالمجلس الأعلى للوظيفة العمومية وأعلن عن صدور مرسوم مستقبلا يضبط أحكامه، كما أنشأ اللجان المتساوية الأعضاء والجان التقنية. **المطلب الثالث: مرحلة القانون الأساسي العام للعامل 1978**[^22^](#fn22){#fnref22.footnote-ref} لقد صدر القانون الأساسي العام للعامل بموجب القانون 78-12 بتارخ 5 أوت 1978، وتضمن 217 مادة[^23^](#fn23){#fnref23.footnote-ref}. وجاءت المادة الأولى منه لتعرف العامل بأنه: \"كل من يعيش من حاصل عمله اليدوي أو الفكري ولا يستخدم غيره من العمال أثناء ممارسة نشاطه المهني\". بما يفهم منه أن المشرع أراد لهذا النص أن يكون بمثابة قانون إطار، ونصا مرجعيا وأساسيا ذو طابع توحيدي بين جميع القطاعات[^24^](#fn24){#fnref24.footnote-ref}. والدليل أن القانون 78-12 حمل عنوان \"..أساسي عام..\"، ثم أعطى تعريفا واسعا للعامل مستمد من الميثاق الوطني على العاملين في القطاع الصناعي والتجاري وأيضا العاملين في القطاع الإداري أو مجال الوظيفة العمومية. لأن الموظف في هذا القطاع الأساسي العام للعامل صدر في عز أوج المرحلة الاستراكية وبعد قرابة ثمانية سنوات من صدور الأوامر المتعلقة بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات. فالنبرة التوحيدية في هذا القانون واضحة لأسباب أيديولوجية صرفة. فطالما كانت الدولة في توجهها إشتراكية، كان عليها أن توحد الإطار القانوني لجميع العاملين أيا كان مجال النشاط وقطاع العمل. **المطلب الرابع: مرحلة القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العامة 1985.** تميزت سنة 1985 بصدور المرسوم 85-59 المؤرخ في 23 مارس 1985 المتعلق بالقانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العامة والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 13 لسنة 1985. وتضمن هذا المرسوم 150 مادة، والشيء اللافت للنظر بالنسبة لها النص الجديد: - أنه اعتمد أساسا على المادة 2 من القانون 78-12 بما يعني أن المشرع جعل من القانون الأساسي العام للعامل نصا مرجعيا. وهو ما يؤكد الطابع الوحدوي لهذا القانون، فأراد المشرع تعميمه بموجب مرسوم يطبق في مجال الإدارات العمومية والمؤسسات الإدارية. - حمل هذا المرسوم عنوان \"الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات\"، صيغة العمومية واضحة جلية في النص. - استعمل المرسوم مصطلح العامل بدل الموظف بما يؤكد نية التوحيد على الأقل من حيث المصطلح فمهما اختلف قطاع النشاط فثمة عامل يعيش من حاصل عمله اليدوي أو الفكري. **المطلب الخامس: مرحلة الأمر 06-03 المطبق حاليا** إن أول ما يسترعي الانتباه أن المشرع استعمل في تسمية النص عبارة \"الأساسي العام\"، بما يؤكد أن قانون الوظيفة العمومية هو بمثابة قانون إطار[^25^](#fn25){#fnref25.footnote-ref}. وحمل الأمر 06-03 المتعلق بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية 224 مادة موزعة على عناوين مختلفة. ومن المفيد التذكير أن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية لسنة 2006 صدر في ظل ظروف تميزت عن المرحلة السابقة ألا وهي التعددية السياسية واقتصاد السوق. وقد جاء بخاصية التوحيد بين صفوف الموظفين التابعين لسلك الوظيفة العمومية وهذا لضمان احترافية الإدارة[^26^](#fn26){#fnref26.footnote-ref}. واستبدل مصطلح العامل السائد في المرحلة الاشتراكية خاصة في ظل القانون الأساسي العام للعامل لمصطلح الموظف. وهو المصطلح السائد والمستعمل في كثير من النظم الوظيفية في العالم، ولقد أدخل البعض القانون الأساسي العام للوظيفة العامة لسنة 2006 ضمن الاصلاح الإداري وخدمة الإدارة والرفع من المستوى المعيشي للموظفين لمواجهة متطلبات الحياة الاجتماعية[^27^](#fn27){#fnref27.footnote-ref}. **المبحث الثالث: تغيير نمط رقابة مفتشية الوظيفة العامة. الانتقال من نظام الرقابة السابقة إلى الرقابة البعدية** إن الانتقال لنظام الرقابة الإدارية على المسار المهني للموظف العام يلاحظ تغيير نمط الرقابة التي تمارسها مصالح الوظيف العمومي بين مرحلة أولى عرفت نظام الرقابة السابقة، ومرحلة ثانية شهدت تطبيق نظام الرقابة البعدية. وسنتولى من خلال المطالب التالية إبراز أهمية الرقابة التي تمارسها مفتشية الوظيف العمومي، وسنعقبها بتعريف الرقابة الإدارية ثم الوقوف عند مرحلة الرقابة السابقة وأخير الرقابة البعدية وهو ما سنفصله فيما يلي: **المطلب الأول: أهمية رقابة مفتشية الوظيفة العامة** ويمكن إجمالها فيما يلي: 1. إن رقابة مفتشية الوظيفة العمومية تنصب بالأساس على المسار الوظيفي للموظف العام بما ينجم عن أهمية خاصة بالنظر لمكانة الموظف العام في حد ذاته فهو يد الدولة ويتحدث باسمها ويمارس سلطتها ويصدر القرارات نيابة عنا ويحمل ختمتها. لذلك قيل أن الدولة لا تساوي أكثر مما يساويه الموظف العام. ثم إن الموظف العام تعود أيضا لعلاقة الفرد بالإدارة هذه العلاقة الدائمة والمستمرة فهي تبدأ بشهادة الميلاد وتنتهي برخصة الدفن وبين الوثيقة الأولى والأخيرة هناك وثائق ووثائق ما كانت لترى النور لولا تدخل الموظف العام. إن أهمية رقابة جهاز مفتشية الوظيفة العمومية تزاد درجتها حين التوقف عند بعض الأرقام التي تشير أن قطاع الوظيفة العمومية ضم حتى سنة 2010 الأعداد التالية: - موزعين بين 1.417.564 موظف دائم بما يمثل 82.9% - 310.687 عون متعاقد بما يمثل 17.1% فهذه الارقام المضخمة تدل أن رفع مجال الرقابة من قبل مفتشية الوظيفة العمومية سيجعلنا أمام مخالفات كثيرة من قبل القطاعات المستخدمة سواء في مجال التوظيف أو التثبيت أو الترقية أو الانتداب الخ. ويكفي الإشارة أن نسبة خطأ فقط لواحد بالمائة سيجعلنا أمام أرقام مخيفة وثقيلة تتعلق بوضعيات خاطئة ومخالفة للقانون أو التنظيم. 2. إن الغرض الأساسي من رقابة جهاز مفتشية الوظيفة العمومية هو حماية مبدأ المسروعية والمحافظة على قوانين الجمهورية وأنظمتها المختلفة. فكأنما يناط بهذا الجهاز إرساء دولة القانون والمؤسسات، فالوظيفة وكل وظيفة تخضع لشروط في سلمها وهو ما يفرض وجود جهاز رقيب على أداء كل هذه العمليات الإدارية. 3. إن قطاع الوظيفة العمومية قطاع حساس زذز مكانة خاصة فوظائف الدولة ليست مكفولة لأي كان للالتحاق بها. بما يفرض أن يمارس جهاز الرقابة دوره لحماية هذه المكانة وحساسية هذا القطاع. 4. ما يضفي على هذه الرقابة أهمية خاصة أن قطاع الوظيفة العمومية قطاع متنوع يضم أسلاكا متنوعة وقطاعات نشاط متباينة بنسب مئوية مختلفة. ومن الطبيعي القول أن لكل قطاع قانونه الأساسي وهو ما يعطي أهمية خاصة للرقابة التي يمارسها جهاز مفتشية الوظيفة العمومية. 5. أن رقابة مفتشية العمومية قديمة في تاريخها فهي رقابة مكرسة منذ صدور المرسوم 62-526 المؤرخ في 18 سبتمبر 1962 والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 15 لسنة 1962. وهو ما يعني أن جهاز مفتشية الوظيفة العمومية نشأ قبل صدور القانون الأساسي الأول للوظيفة العامة أي قبل 2 جوان 1966. ولا زال جهاز المفتشية موجودا وعايش تطور المنظومة القانونية الجزائرية في كل المراحل. **المطلب الثاني: تعريف الرقابة الإدارية** تدخل رقابة مفتشية الوظيفة العامة من حيث الطبيعة والنوع في مجال الرقابة الإدارية، وهو ما يفرض إعطاء تعريف لهذه الأخيرة. يمكن تعريف الرقابة الإدارية بأنها وظيفة تقوم بها السلطة المختصة بقصد التحقق من أن العمل يسير وفقا للقوانين والأنظمة وضمن أطر الأهداف المحددة. وعن طريق الرقابة الإدارية نتأكد من مدى انسجام العمل الذي يقوم به القطاع الذي خضع للرقابة للقوانين والأنظمة. وهذا بغرض رصد مواطن الضعف وحصر الأخطاء، فكأنما الرقابة الإدارية هي حصن يحمي مبدأ مشروعية الأعمال الإدارية. ولما كانت الأعمال الإدارية تنقسم إلى انفرادية تتجسد في القرارات الإدارية وأعمال تعاقدية تتجلى في العقود المختلفة والصفقات كان لزاما وحماية لمبدأ المشروعية أن تخضع كل هذه الأعمال لضرب من الرقابة من بينها الرقابة الإدارية. وهناك أجهزة كثيرة تمارس الرقابة الإدارية كالوزارات والمفتشيات وسنسلط الضوء على رقابة مفتشية الوظيفة العمومية. وينبغي أن نضع نصب أعيننا أن كل نوع من الرقابة حتى يكون فعالا وناجعا وجي يتصف بما يلي: - أن تكون الرقابة مرنة وبسيطة - أن تكون الرقابة قليلة التكاليف فلا فعالية في رقابة ينتج عنها نفقات كثيرة تثقل كاهل الخزينة العمومية. - ينبغي أن نوفر لهذه الرقابة الوسائل اللازمة والكافية بما يجعلها ذات فعالية وأداء. - ينبغي أن نمارس الرقابة في الوقت المناسب لما للزمن من أهمية بالغة في علم التسيير. وفي علم الإدارة. - ينبغي أن يكون الهدف من الرقابة هو إصلاح مواطن الضعف والتصدي للأخطاء وأن لا تحيد عن هذا الهدف. **اختلاف مجال رقابة مفتشية الوظيفة العمومية:** إن الدارس لأطر ومجال رقابة جهاز مفتشية الوظيفة العمومية يلاحظ تغير نمط الرقابة بين مرحلة وأخرى، فمن مجال الرقابة السابقة المقررة منذ الاستقلال إلى غاية جويلية 1995، إلى مجال الرقابة اللاحقة المقرر منذ جويلية 1995 إلى اليوم. ولا شك أن تغيير مجال الرقابة يطرح عديد الأسئلة لماذا غير المشروع نمط الرقابة الإدارية لهذاا لجهاز المهم وما هي دواعي الإصلاح الإداري وأبعاده. وإلى أي مدى يمكن المفاضلة بين نظام وآخر في ظل ما نلاحظه من تطور في مجال علم الإدارة وعلم التسيير؟ **المطلب الثالث: مرحلة الرقابة السابقة، سبتمبر 1962 إلى غاية جويلية 1995** **تعريف الرقابة:** هي الرقابة التي تمارس حيال مقررات تسير حياة الموظفين قبل أن يستكمل القرار لمقومات إصداره ووجوده النهائي، وبالتالي فهي مرحلة يمر بها القرار قبل أن يصبح نافذا، فيكون القرار الإداري القاضي بالتعيين أو التثبيت أو التحويل لاغيا أي عديم الأثر إذا لم يتضمن تأشيرة سابقة لجهاز الوظيفة العمومية. فالآمر بلاصرف سواء كان وزيرا أو واليا أو رئيس مجلس شعبي بلدي أو مدير مؤسسة لا يستطيع توقيع قرار تعيين أو ترقية أو أي قرار آخر يمس المسار الوظيفي للموظف العام ما لم يؤشر هذا لقرار مسبقا من قبل جهاز مفتشية الوظيفة العمومية. من أجل ذلك جاءت المادة 30 من الأمر 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية لتكرس مبدأ خضوع القرارات الفردية للموظف العام لرقابة مسبقة وحصولها على التأشيرات القانونية. وتطبيقا للمادة 30 أعلاه صدر بهذا الخصوص المرسوم رقم 66-145 المؤرخ في 2 جوان 1966م يتعلق بتحرير ونشر بعض القرارات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي تهم وضعية الموظفين. حيث جاءت المادة 6 منه لتؤكد مبدأ الرقابة السابقة على مقررات التعيين أو الترسيم أو الترقية أو الإيقاف وفرضت خضوعها جميعا للتأشيرة المسبقة للجهات المخولة ومنها مفتشية الوظيفة العمومية. **تقدير نظام الرقابة السابقة:** مما لا شك أن اعتماد نظام الرقابة السابقة ينجم عنه تحقيق جملة من المزايا التي لا يمكن إنكارها. وكذلك يخلف بعض العيوب بحسب ما سنبينه فيما يلي: **مزايا نظام الرقابة السابقة:** يحقق نظام الرقابة السابقة جملة من المزايا يمكن تلخيصها فيما يلي: 1. يؤدي نظام الرقابة السابقة إلى المحافظة على مبدأ المشروعية وبالتالي المساهمة في إرساء دولة القانون. فلا يرى النور إلا القرار المشروع سواء حمل في مضمونه تعيينا أو تثبيتا أو انتدابا أو تحويلا وغيرها من العمليات الإدارية. 2. يضمن نظام الرقابة السابقة للموظف العام حماية خاصة ومركزا قانونيا سليما ومشروعا. دل على هذه المشروعية التأشيرة المسبقة لجهاز الوظيفة العمومية. وهذا الأمر غير مكفول في نظام الرقابة اللاحقة كما سيأتي البيان. 3. يحمي نظام الرقابة السابقة الأمر بالصرف وزيرا كان أم واليا أو رئيس مجلس شعبي بلدي أو مدير مؤسسة على أساس أن الملف المتعلق بالمسار الوظيفي للموظف العام خضع في كل عملية فردية لرقابة مسبقة. وتوقيع الأمر بالصرف على وثيقة التعيين أو التقية وغيرها تكون لاحقة لتأشيرة جهاز الوظيفة العمومية وليست سابقة لها. 4. يكفل نظام الرقابة توحيد تطبيق سائر الأحكام المتعلقة بقطاع الوظيفة العمومية في مختلف الإدارات طالما كان الجهاز المراقب واحدا. ينبغي الإشارة إلى ملاحظة جد مهمة أن نظام الرقابة السابقة نتج عنه اكتشاف العديد من الأخطاء على مستوى جميع الإدارات فيما خص تطبيق نصوص الوظيفة العامة وهذا ما يعطي أهمية خاصة لهذا النوع من الرقابة. **عيوب نظام الرقابة السابقة:** ينتج عن نظام الرقابة السابقة ببروز عديد العيوب أخصها ذكرا: 1. إن الرقابة السابقة ينتج عنها انتشار ظاهرة البيروقراطية يمفهومها السلبي أمام كثرة الملفات الفردية التي تم إحالتها على جهاز الوظيفة العمومية من ملفات التعيين والتثبيت والترقية والانتداب والتحويل وغيرها. مما يستغرق زمنا طويلا لدراسة هذه اللمفات وإضفاء التأشيرة عليها أو رفضها أو طلب وثيقة أخرى حسب الوضعية. وما يجعل عنصر الزمن يطول أكثر هي الاعتبارات التالية: 1. تعدد الجهات الخاضعة للرقابة من إدارة التربية إلى الإدارة المحلية إلى التعليم العالي إلى الصحة إلى التكوين المهني وغير ذلك من القطاعات. 2. ضعف وسائل الجهة القائمة بالرقابة أي جهاز مفتشية الوظيفة العمومية خاصة ما تعلق منها بالجانب البشري المتمثل في قلة المراقبين. مما يجعل في النهاية وضعية الموظف معلقة إلى حين استيفاء إجراءات الرقابة، ولا مفر من الانتظار. 2. إن الرقابة السابقة لا تقوم على التنبؤ والتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية وهو من أهم آليات التسيير والتحكم. فكأنما إجراءات الرقابة السابقة صارت عملية روتينية لإتمام إجراءات التوظيف أو التثبيت أو التحويل وغيرها. ولعل هذه العيوب اقتنع بها المشرع فبادر إلى إصدار المرسوم رقم 81-114 بتاريخ 6/6/1981 والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 46 لسنة 1966 وتم تعديل المادة 6 من المرسوم 66-145 المذكور. وضيق المرسوم الجديد من مجال الرقابة السابقة فصارت تشمل فقط التعيين والانتداب خارج القطاع وإنهاء المهام. وألزمت المادة 2 من مرسوم 81-114 إرسال نسخة من القرارات المعفاة من التأشيرة المسبقة إلى السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية أو ممثلها على المستوى المحلي. وفي هذه الحالة تتولى هذه السلطة ممارسة الرقابة اللاحقة على القرارات المتخذة خلال الشهرين المواليين لتسلم القرار. ويحل القرار الجديد من قبل مفتشية الوظيفة العمومية. وهو ما يؤكد أن فكرة الرقابة اللاحقة لجهاز الوظيفة العامة ثم في مرحلة مبكرة وهو ما حمله المرسوم 81- 114 غير أن هذه المرحلة لم تدم طويلا إذ سرعان ما بسط نظام الرقابة السابقة نفوذه بعد صدور المرسوم 85-59 بتاريخ 23 مارس 1985 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 13. فبالعودة للمادة 39 الفقرة الأخيرة أوجب المرسوم الجديد إخضاع مقررات التعيين لتأشيرة الرقابة القانونية. كما أوجبت المادة 49 الفقرة 2 من مرسوم 85-59 خضوع مقررات لتاشيرة أجهزة الرقابة قبل صدوره أو توقيعه من قبل الأمر بالتصرف. أن نظام التأشيرة السابقة وإن خلف سبقت الإشارة إبيها ولا يمكن إنكارها، إلا أن هيؤاخذ عليه أنه اتصف بالجمود ولم يعد يتماشى ومقتضيات التنمية الإدارية. هذا فضلا أنه سجل على نظام الرقابة السابقة أن أدى بعض الشيء إلى انحراف أجهزة الوظيف العمومي ومحاولة تدخلها في التسيير بفرض بعض الاجراءات[^28^](#fn28){#fnref28.footnote-ref}. **المطلب الرابع: مرحلة الرقابة اللاحقة منذ جويلية 1995 إلى الآن** لقد حكم الكثير على نظام الرقابة السابقة أنه نظام يؤدي إلى انتشار ظاهرة البيروقراطية وأن يعيق الإدارات في نشاطاتها وعملياتها الإدارية المختلفة. ويدفع بالأمر بالصرف أن يكترث فقط بملفات الموظفين التابعين له ما خرج من جهاز الرقابة وحظي بتأشيرة وما لم ينل التأشيرة وتكون هذه الملفات هي شغله الشاغل وتستنزف كل قدراته وإمكاناته العملية دون أن يكون لديه القدر الكافي من الوقت ليهتم بإستراتيجية تنمية إدارته. وتأسيسيا على ذلك صار نظام الرقابة السابقة في قفص الاتهام بأنه نظام غير مجدي وغير نافع ويتعين استبداله خاصة أمام تزايد عدد الموظفين وتنوع الجهات الإدارية الخاضعة للرقابة. ولعل مثل هذه الأطروحات أقنعت المشرع الذي تبنى منذ 01 جويلية 1995 نمطا جديدا للرقابة عن طريق مفتشية الوظيفة العمومية هو نمط الرقابة اللاحقة. واستحدث المشرع بموجب الإصلاح الإداري الجديد وثيقة سميت بـ \"مخطط التسيير\" حملها المرسوم التنفيذي 95-126 المؤرخ في 29 أفريل 1995 والذي جاء معدلا ومتمما للمرسوم رقم 66-145 المذكور والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 26 لسنة 1995. هذا العدد الذي تضمن عديد النصوص التنظيمية المتعلقة بالوظيفة العمومية. فنشر فيه المرسوم التنفيذي 95-123 المؤرخ في 29 أفريل 1995 يحدد صلاحيات المدير العام للوظيفة العمومية. والمرسوم التنفيذي 95-124 المؤرخ في 29 أفريل 1995 يتضمن تنظيم الإدارة المركزية في المديرية العامة للوظيفة العمومية. والمرسوم التنفيذي 95-125 المؤرخ في 29 أفريل 1995 يتعلق بمفتشيات الوظيفة العمومية. ونصت المادة 6 من المرسوم التنفيذي 95-126: \"تعفى من التأشيرة القبلية للسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية جميع القرارات الفردية التي تتعلق بتسيير مسار الحياة المهنية للموظفين وأعوان العموميين في الدولة..\". وبذلك حدث التحول النوعي في مجال الرقابة، وتم تغيير نمطها من نظام الرقابة السابقة، والذي ثبت من خلال الممارسة العملية لسنوات عيوبه، لنظام الرقابة اللاحقة، واستحدث المرسوم التنفيذي المذكور آلية جديدة من آليات تسيير الموارد البشرية سميت بـ \"المخطط السنوي للتسيير\". فنصت المادة 6 مكرر \"في إطار تسيير مسار الحياة المهنية للموظفين والأعوان العموميين في الدولة المنصوص عليهم في المادة 6 أعلاه يتعين على المؤسسات والإدارات العمومية أن تعد مخططا سنويا لتسيير الموارد البشرية تبعا للمناصب المالية المتوفرة ووفقا للأحكام القانونية الأساسية والتنظيمية المعمول بها\". وأفصحت الفقرة 2 من ذات المادة عن الغرض من وضع هذا المخطط أنه يمكن في ضبط العمليات الإدارية المختلفة وخاصة من جانب التوظيف والترقية والتكوين وتحسين المستوى والإحالة على التقاعد. ويتم إعداد مخطط التسيير بالنسبة للقاطاعات الخاضعة للوظيفة العمومية بتنسيق مشترك بين المؤسسة المعنية أو الإدارة مع مصالح السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية وهذا بعد تحديد المناصب المالية. وطبقا للمادة 6 مكرر 2 تمارس المصالح المكلفة بالوظيفة العمومية في إطار صلاحيتها الرقابة البعدية على تنفيذ مخطط التسيير وعلى قانونية القرارات الفردية المتخذة من جانب القطاعات المعنية بالخضوع لرقابة مفتشية الوظيفة العمومية. وتتم الرقابة البعدية بشكل مفاجئ ومباغت، وتتولى مصالح الوظيفة العمومية إرسال تقريرها إلى كل الأطراف المعنية لا سيما السلطة التي لها صلاحية التعيين والمصالح المختصة لدى الوزير المكلف بالميزانية، وألزمت المادة 6 مكرر 3 إرسال المقررات المتعلقة بتسيير المسار الوظيفي خلال 10 أيام من تاريخ توقيعه للسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية. ولم يعد منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم من اللزوم خضوع العمليات الإدارية الفردية من تعيين وتثبيت وترقية وتحويل وانتداب وغيرها لتأشيرة مسبقة لجهاز الوظيفة العمومية. مما خفف العبء على هذا الجهاز وأكسب القطاع المستخدم قدرا كبيرا من الوقت إلى جانب أنه بسط في الجوانب الإجرائية. وبات في ظل الإصلاح الجديدة من السهل الحصول على قرار توظيف أو تثبيت وغيره من القرارات في زمن معقول. وجسد الإصلاح الإداري الجديد فكرة التنبؤ والتنظيم وسد ثغرة ميزت نظام الرقابة السابقة ولا أدل على ذلك أن مخطط التسيير عبارة عن جداول تدرج فيها البيانات الخاصة بلكل إدارة خاضعة لقطاع الوظيفة العمومية وتشمل هذه الجداول عمليات مختلفة. وينبغي التصريح أن نظام الرقابة اللاحقة هو الآخر ينتج عنه بعض العيوب إرجاعها إلى ما يلي: 1. أن يظل هذا النظام مجسدا لظاهرة البيروقراطية غير أنه بدل قناعه، فبدل ممارسة الرقابة على الحالات الفردية تستبدل بالرقابة المسلطة على مخطط التسيير أي الرقابة على الحالات الجماعية، وما يكرس من درجة هذا العيب ما لاحظناه من طول مدة تطلبها مفتشية الوظيفة العمومية للتأشيرة على مخطط التسيير خاصة في المرحلة الأولى من سنوات تطبيقه. 2. إن نظام الرقابة اللاحقة يفتح مجالا للقطاع المستخدم لارتكاب أخطاء فيما خص وضعيات الموظفين، فطالما صار بالإمكان توقيع القرار من قبل الأمر بالصرف دون حاجة لخضوعه لتأشيرة، فقد يحمل القرار بين طياته خطأ ما، مما يعرضه للإلغاء الإداري بعد كشف الخطأ من قبل مفتشية الوظيفة العمومية، وهو ما يجعل في النهاية وضع الموظف قابل لإعادة النظر فيه ولو بعد مدة، ولا يمكنه أن يحتج بفكرة الحق المكتسب لأن الخطأ لا يولد حقا، وهذا خلافا لنظام الرقابة السابقة الذي لا يظهر القرار في ظله إلا مشروعا بما يجعل الموظف المعني في وضعية طمأنينة. ولقد سجلت المديرية العامة للوظيفة العامة بعض الملاحظات على الإدارات العمومية حملها المنشور 10 ك خ بتاريخ 08 جوان 2014 المتعلق بالمصادقة على المخططات السنوية لتسيير الموارد البشربة بعنوان السنة المالية 2014. ومما جاء فيه: -الإيداع المتأخر لمشاريع مخططات تسيير الموارد البشرية للدراسة والمصادقة عليها أو تعديلها على مستوى مصالح الوظيفة العامة. -التأخر في ترسيم بعض المتربصين بعد انقضاء فترة التجربة -عدم مباشرة عملية توثيق الشهادات والمؤهلات للموظفين الجدد -التأخر في تنصيب الناجحين في المسابقات **الإطار القانوني لمبدأ المساواة:** **مبدأ المساواة في القانون الأساسي للوظيفة العامة لسنة 1966:** أعلن بيان الأسباب للقانون الأساسي للوظيفة العامة لسنة 1966 أن الدخول للوظيفة العامة يحكمه مبدأ المساواة، فلا يمكن التمييز بين الجزائريين، واستثنى البيان بشكل صريح من كان لهم موقف سلبي أثناء الثورة وهذا اعتبار سياسي. وربط بيان الأسباب بين مبدأ المساواة ومبدأ الجدارة معلنا أن الدخول للوظيفة يتم بطريق المسابقات والامتحانات والشهادات وهذا كفيل بتجسيد مبدأ المساواة بين الجزائريين. وأعلن البيان أيضا أن مبدأ المساواة ليس له مفهوم مطلق، بل يرد عليه استثناء يتعلق بقدماء المجاهديت وهذا لتمكينهم من الالتحاق بالوظائف العامة ومواصلة جهودهم في مرحلة بناء الدولة وجاءت المادة من القانون الأساسي للوظيفة العامة لترسي مبدأ المساواة في مجال الوظيفة العامة بقولها أنه ليس هناك أي تمييز بين الجنسين في تطبيق هذا القانون، هذا طبعا مع مراعاة الشروط المتعلقة بالاستعداد البدني والواجبات المفروضة في بعض الوظائف **مبدأ المساواة في القانون الأساسي للوظيفة العامة لسنة 2006:** نصت المادة 7 من القانون الأساسي العام للعامل أن العمال سواسية في الحقوق ولواجبات ويتقاضون عن العمل الواحد أجرا واحدا ويتمتعون بذات الامتيازات عندما تكون وضعياتهم واحدة. **المطلب الخامس: مبدأ الجدارة** لا يكفي ضمان مبدأ المساواة بين المواطنين وفتح سبل الالتحاق بالوظيفة أمامهم دون تمييز مرده الجنس أو العرق أو الحالة المالية أو الحالة الدينية، بل ينبغي إلى جانب ذلك فرض مؤهلات ومجموعة معارف فيمن يريد الالتحاق بالوظيفة مع اختلاف بين منصب وآخر. إن كل منصب إداري يفترض في شاغله أن تتوافر لديه قدرا أو حدا من المعرفة يستوجبها المنصب في حد ذاته، ثم أن هناك علاقة كبيرة بين الإدارة العامة ومبدأ الجدارة، فالإدارة حين تضم أشخاص لا يحملون مؤهلا فكيف يمكن ضمان أداء الخدمة أو انتظار مردودية المرفق العام[^29^](#fn29){#fnref29.footnote-ref}. ولا يتعارض مبدأ الجدارة مع مبدأ المساواة لأن التساوي في الالتحاق بالوظائف العامة لا يتنافى أبدا وفرض مؤهلات لشغل الوظيفة، أو فرض مسابقة أو امتحان مهني للحصول عليها والتأكد من قدرات المعني[^30^](#fn30){#fnref30.footnote-ref}. من أجل ذلك جاءت المادة 80 من الأمر 06-03 فنصت صراحة أن الالتحاق بالوظيفة العامة يتم عن طريق المسابقة على أساس الاختبار أو الشهادات أو الفحص المهني. وتطبيقا للنص أعلاه لا تستطيع حجهة الإدارة أن تلحق أحد المواطنين وتعهد له وظيفة عامة دون اتباع إجراءات المسابقة وفق ما ينص عليه القانون، وفرض المسابقة للالتحاق بالوظائف العامة واكتساب صفة موظف عام دليل قوي على اعتماد المشرع الجزائري مبدأ الجدارة في مجال الوظيفة العامة فلو فرضنا مثلا أن للجامعة مناصب تتعلق بهيئة التدريس وجب هنا ابتاع إجراءات المسابقة وأخطار المعنيين بموجب إعلانات منشورة بشروط المسابقة. وعدد المناصب المفتوحة وتارخ فتح التسجيل وتاريخ غلقه والملف المطلوب وغير ذلك من المعلومات التي يفرضها القانون والتنظيم. ويقتضي تطبيق مبدأ الجدارة في مجال التعليم العالي خضوع المترشح للتقييم العلمي من حيث منشوراته ومؤلفاته ونشاطه العلمي، ثم خضوعه للمثول أمام انتقاء تتكون من أساتذة من ذوي الخبرة، ويتم ترتيب المترشحين حسب النقاط المحصل عليها. فرغم أن الأستاذ يحمل مؤهل ماجستير أو دكتوراه فلا يمنع ذلك أبدا من خضوعه لنظام المسابقة. **المبحث الرابع: تنظيم المسار المهني للموظف العام** تحت هذا العنوان ورد في الأمر المتعلق بالوظيفة العامة جملة من العناوين الفرعية كما هي: - التوظيف --شروطه وإجراءاته - التربص والترسيم - علاقة الموظف بالإدارة - التسيير الإداري للمسار المهني - تقييم الموظف - تكوين الموظف - ترقية الموظف وسنخصص لكل مسألة مطلبا خاصا. **المطلب الأول: التوظيف -- شروطه وإجراءاته** من البديهي القول أن الدخول للوظيفة العامة في أي نظام قانوني يتوقف على توافر المناصب المالية التي تخولها الجهات المعنية للإدارات العمومية سنويا. فالتوظيف وإن حقق أهدافا اجتماعية واقتصادية وغيرها فإنه ينجم عنه تحمل الخزينة العامة للأعباء الناتجة عن الوظيفة العامة بما تحتويه من قطاعات مختلفة. واختيار عدد الموظفين على مستوى الإدارة الواحدة طرح جملة من الإشكالات بالنظر للعدد الذي ينبغي أن يحتوي عليه تنظيم إداري معين. فقد أثبتت دراسات علم الإدارة أن قلة عدد الموظفين على مستوى إدارة معينة يخلف ظاهرة البطء في العمل الإداري بما ينعكس سلبا على أداء المرفق من جهة ويؤثر على المنتفع من خدمات المرفق من جهة أخرى[^31^](#fn31){#fnref31.footnote-ref}. ومن جهة أخرى ينبغي الاعتراف أن زيادة عدد الموظفين والإفراط في فتح المناصب المالية والإدارية وإن خفف من جهة من نسب البطالة وحقق البعد والمقصد الاجتماعي إلا أنه حمل الخزينة العامة وأرهقها لذا وجب دراسة وضعية كل إدارة على حدة واتخاذ القرار المناسب. ويخضع التوظيف لجملة من الشروط حددتها القوانين والأنظمة وهو ما يستوجب ذكر هذه الشروط. كما يمر الدخول للوظيفة العامة بمجموعة إجراءات حددها التنظيم. لذا سنتولى شرح التوظيف ثم نعقبها بشرح إجراءات التوظيف. **شروط تولي وظيفة عامة:** بالرجوع للأمر 06-03 نجده قد نص بوضوح في المادة 75 منه أنه لا يمكن أن يوظف أيا كان في وظيفة عمومية ما لم تتوافر فيه الشروط التالية - أين يكون جزائري الجنسية: نصت المادة 3 من الدستور الجزائري أن الجنسية معرفة بالقانون وبالرجوع للقانون نجده أطلق العبارة وهي الجنسية الجزائرية ولم يميز بين من يحمل الجنسية الجزائرية أصلية وبين من اكتسبها. وكانت المادة 25 من الأمر 66-133 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة تتشرط على الأقل سنتين بالنسبة للمكتسب. - أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية: وتعني الحقوق المضمونة للمواطنين والتي لا يمكن سحبها إلا عن طريق القانون أو بقرار صادر عن محكمة جنائية. ويعتبر حق الانتخاب من بين الحقوق المدنية وبفقدان هذا الحق يصبح الشخص غير مؤهل للتعيين في وظيفة عامة[^32^](#fn32){#fnref32.footnote-ref}. ومن هنا فإن حرمان شخص من حقوقه المدنية ينجم عنه عدم أهليته لتولي وظيفة عامة لأن فتح باب الوظيفة بالنسبة إليه يعني أننا في وضعية تناقض في المراكز القانونية تسلب من جهة وتمنح وتعترف من جهة أخرى. ويجد هذا الشرط أساسه القانوني في المادة 75 من الأمر 06-03. وفقد هذا الشرطكما سنرى موجب لانتهاء العلاقة الوظيفية. من أجل ذلك ذهب مجلس الدولة الفرنسي في قراره الصادر بتاريخ 5 جانفي 1977 بأن الشطب من قائمة انتخابية كاف لزوال صفة الموظف[^33^](#fn33){#fnref33.footnote-ref}. **-أن لا تحمل شهادته للسوابق القضائية ملاحظات تتنافى وممارسة الوظيفة المراد الالتحاق بها** وهذا شرط سن بالأساس للتأكد من الجانب المسلكي أو سلوك المرشح للوظيفة العامة فلا شك أن نظرة المواطن للوظيفة ستتأثر وتهتز إن كان يسمح لأصحاب السوابق القضائية والمجرمين الالتحاق بالوظيفة العامة والمساهمة في تأدية خدمة المرفق العام. ثم إن الوظائف أسرار وأمانات وواجبات وهذا ما لا يمكن أن يؤتمن صاحب السوابق عليه. ويستمد هذا الشرط وجوده من المادة 75 من الأمر 06-03. -**أن يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنية:** إن آخر تشريع يحكم الخدمة الوطنية في الجزائر هو القانون قبل 14-06 المؤرخ في 9 أغسطس 2014 والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 48 لسنة 2014. وقد عرفت المادة الأولى منه الخدمة الوطنية بأنها مشاركة المواطنين في الدفاع الوطني، وبينت المادة 2 المقصود بالدفاع الوطني بأنه تأدية المهام المخولة للجيش الوطني الشعبي بموجب الدستور والتي تتعلق بالمحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية وكذا المحافظة على وحدة البلاد وسلامتها الترابية. وتعتبر الخدمة الوطنية إجبارية وتدخل عنوان الأعباء العامة ذات الطابع الوطني، وتؤدي بالشكل العسكري في هياكل الجيش الوطني الشعبي لمدة 12 شهرا بصفة مستمرة. ولقد تشددت المادة 7 من القانون 14-06 بشان الخدمة الوطنية معلنة أنه لا يمكن توظيف أي مواطن في القطاع العام أو القطاع الخاص، أو الترخيص له بممارسة نشاط حر أو مزاولة مهنة إلا بعد اثبات وضعيته تجاه الخدمة الوطنية. وبالرجوع للمادة 27 من قانون الوظيفة العامة نجده قد اشترط تحديد الوضعية تجاه الخدمة الوطنية بالنسبة للراغب في الالتحاق بالوظائف العامة. أي أن على المرشح للوظيفة أن يثبت: -إما أداء الخدمة فعليا ويقدم الوثيقة الدالة على ذلك -يثبت الاستفادة من الأرجاء طبقا للمادة 27 كأن يكون له أخ يؤدي الخدمة الوطنية -يثبت استفادته من التأجيل طبقا للقانون -يثبت إعفاءه من الخدمة بموجب وثيقة رسمية وقد دل على هذا الشرط المادة 75 من الأمر 06-03 وتطبيقا للمادة 75 من الأمر أعلاه أصدر رئيس المحكمة تعليمية رقم 6 مؤرخة في 6 مايو 2006 المتعلقة بإثبات الوضعية إزاء الخدمة الوطنية حيث فرضت هذه التعليمية على كل راغب في التوظيف أن يثبت وضعيته تجاه الخدمة الوطنية بموجب شهادة تؤكد إن كان مستفيدا من التأجيل، أو مؤجل التجنيد، أو معفيا. وما سجلناه بالرجوع للقوانين الأساسية أن المرسوم التنفيذي 08-167 المؤرخ في 7 جوان 2008 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بإدارة السجون اشترط في المادة 24 منه صراحة للالتحاق بالوظيفة أداء الخدمة الوطنية وليس تحديد الوضعية كما جاء في الأمر 06-03[^34^](#fn34){#fnref34.footnote-ref}. **-أن تتوفر فيه شروط السن والقدرة البدنية والذهنية وكذا المؤهلات المطلوبة للالتحاق بالوظيفة المراد الالتحاق به:** - **شروط السن** من المؤكد أن المشرع عند وضعه لسن معينة يفرض الالتحاق بالوظيفة العامة يراعي جملة من الاعتبارات الموضوعية. فلا ينبغي المبالغة في سن التوظيف وفرض مثلا 21 سنة لأن هذا الشرط سيحرم عددا كبيرا من الالتحاق بالوظيفة العامة إلى غاية بلوغ السن. ثم أن هناك تمدرس وخروج من المدرسة والثانوية على المشرع أن يراعيه. وكذلك نسبة البطالة. من أجل ذلك جاءت المادة 78 من الأمر 06-03 لتحدد سن الالتحاق بالوظيفة العامة بـ18 سنة وهي سن بتقدينا معقولة. وجدير بالإشارة أن القانون الأساسي العام للعامل لسنة 1978 حدد في المادة 44 منه سنا للتوظيف لا تقل عن 16 سنة وتثبت السن بوثيقة شهادة الميلاد. - **شرط القدرة البدنية والذهنية** تفرض كل وظيفة عامة توافر قدر من الاستطاعة البدنية لممارستها والنهوض بأعبائها. فالموظف العام يمضي الساعات الطوال في اليوم الواحد مستجيبا لمتطلبات وظيفته. وهذا يستوجب تمتعه بقدر معقول من الاستطاعة البدنية لتمكينه من توفير الخدمة العامة ولضمان استمرارية المرفق العام. وينبغي التذكير أن هذا الشرط عام مدرج في القانون الأساسي العام للوظيفة العامة بموجب المادة 75 منه ولا يصطدم على الإطلاق مع الشروط الخاصة للوظيفة التي تستوجب مثلا قامة معينة أو نسبة رؤية محددة أو تفرض أداء اختبار بدني. فهذا لا يتنافى أبدا والشرط العام. فلكل وظيفة شروطها الخاصة أملتها طبيعتها وسنت لدواعي موضوعية ولاعتبارات عامة. ولا يكفي توافر القدرة البدنية بل وجب أن تلازمها القدرة الذهنية فالأمر يتعلق بوظيفة عامة ولا ينبغي أن تسند بالنظر لخطورتها إلا لمستحقيها وهم الأشخاص الذين ثبت خلوهم من أي عائق ذهني يحول دون ممارستهم لوظائفهم. إن هناك مخاطر جمة ستلاقي الوظيفة العامة وتلاقي أداء الخدمة العامة ومردود المرفق العام إن نحن رخصنا لمن لهم إعاقات ذهنية بالالتحاق بعالم الوظيفة. ومن المفيد الإشارة إلى أن المنشور الصادر عن المديرية العامة للوظيفة العامة بتاريخ 29/04/2006 تحت رقم 16 ك خ نص على أن شرط البدنية يثبت من خلال تقديم شهادة طبية مسلمة من طرف طبيب في الاختصاص المطلوب طب عام طب الصدر طب العيون. كما ورد في ذات المنشور أن المرشحين المعفيين من الخدمة الوطنية لأسباب طبية لا يمكنهم المشاركة في مسابقات التوظيف للالتحاق بالأسلاك والرتب المعنية بسبب عدم استيفاءهم شرطا قانونيا أساسيا والمتمثل في الأهلية البدنية. وتوضيحا لأحكام هذا المنشور صدر بتاريخ 14 جوان 2006 منشورا اخر تحت رقم 637 ك خ موضوعه أن اشتراط شهادة طب العيون واستبعاد المرشحين المعفيين من الخدمة الوطنية لأساب طبية فيما يخص مسابقات الالتحاق بالأسلاك المنصوص عليها في بعض القوانين الخاصة يخص أسلاك الحماية المدنية أسلاك الأمن الوطني أسلاك إدارة السجون أسلاك الجمارك أسلاك إدارة الغابات أسلاك الحرس البلدي وماعدا ذلك فالمرشحين لباقي المسابقات الخاصة بباقي الموظفين غير معنية بأحكام المنشور رقم 16 المؤرخ في 29 أفريل 2006. وقد تضمن القوانين الأساسية الخاصة شروطا خاصة تناسب طبيعة الوظيفة غير ذلك ما أشار إليه المرسوم التنفيذي 08-167 المؤرخ في 7 جوان 2008 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاص بإدارة السجون حيث أورد شرط القامة للرجال 1.66 والنساء 1.58. كما أورد شرط حدة البصر وقدرها 10/15. وذكر شرط أداء الخدمة الوطنية ولم يقتصر على تحديد الوضعية كما ذهب لذلك الأمر 06-03 وقدم شرطا مميزا يتعلق بالجنسية الجزائرية فأوجب ألا تقل عن خمس سنوات كما تقدمت الإشارة لذلك. - **شرط المؤهل** مما لا شك في أن وظائف الدولة كثيرة ومتنوعة وقطاعات النشاط كثيرة ومتعددة وما يصلح من مؤهل في وظيفة قد لا يصلح في وظيفة أخرى لذا من الأفضل والأنسب ترك مسألة تحديد المؤهل للنصوص الخاصة كأصل عام. وبالعودة مثلا للمرسوم التنفيذي 08-302 المشار إليه نجده قد حدد شرط المؤهل في المادة 8 منه بالنسبة لمفتش سياحة وحصر الشهادات في: - شهادة في الفندقة والسياحة - الحقوق - العلوم التجارية - العلوم الاقتصادية - علوم التسيير أما المرسوم التنفيذي 08-411 المؤرخ في 24 ديسمبر2001 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالإدارة المكلفة بالشؤون الدينية والأوقاف نجده قد اشترط بالنسبة لوظيفة إمام أو مرشد ديني شهادة في العلوم الإسلامية. أما وكيل الأوقاف فالشهادة المطلوبة قد تكون علوم إسلامية حقوق علوم اقتصادية علوم مالية مانجمنت. وتوضيحا للتداخل الذي شهدته بعض الإدارات العمومية فيما خص التعامل بين الشهادات الجامعية للنظام القديم والشهادات الجامعية الممنوحة في إطار نظام ل.م.د أصدر الوزير الأول تعليمة بتاريخ 9 ديسمبر 2014 تحت رقم 328. و.أ موضوعها عدم قبول أي تمييز الشهادات سالفة الذكر وأنه ينبغي التكيف مع النظام الجديد من أجل تمكين خريجي المؤسسات الجامعية لالتحاق بالوظائف. ولقد فرضت الرسالة المنشور رقم444 بتاريخ 29 جويلية 2000 والمتعلقة بتوثيق الشهادات والمؤهلات على الإدارة المكلفة بالتوظيف الاتصال بالإدارة المعنية بفرض توثيق الشهادة أو المؤهل. ولنفس الغرض صدرت الرسالة المنشور رقم 28 ك خ لسنة 2003 عن المديرية العامة للوظيفة العامة. **إجراءات التوظيف** يفرض مبدأ الجدارة إخضاع المرشحين للوظيفة العامة لمسابقة بغرض التأكد من قدراتهم واختيار أفضلهم. وهو ما يعني أن الالتحاق بالوظائف العامة من حيث الأصل لا يتم بشكل مباشر بل عبر إجراءات طويلة. ورجوعا للمرسوم التنفيذي رقم 12-194 المؤرخ في 25 أفريل 2012 والمتعلق بتحديد كيفيات تنظيم المسابقات والامتحانات والفحوص المهنية في المؤسسات العمومية وإجراءاتها. نجده قد حدد ورسم جملة من الإجراءات تتعلق بالمسابقة والامتحانات المهنية تلزم الإدارة بالمثول إليها. ويمكن حصر أهم إجراءات التوظيف فيما يلي - الإعلان عن المسابقة وجب أن يتم ضمن مخطط خماسي لتسيير الموارد البشرية. وهذا ما نصت عليه المادة 2 من المرسوم التنفيذي 12-194 - قرار المسابقة أو الاختبار وجب أن يكون مطابقا للتنظيم الجاري به العمل وهذا ما يفرض - تحديد نمط المسابقة - تحديد عدد المناصب المفتوحة - تحديد شروط المشاركة - تحديد عدد الاختبارات وطبيعتها ومدتها ومعاملاتها والنقطة الإقصائية إن اقتضى الأمر. - ضبط تاريخ فتح التسجيلات النهائية - تشكيلة لجنة الانتقاء بالنسبة للمسابقة بناء على شهادات ويخضع قرار المسابقة لرقابة المطابقة والمشروعية من قبل مصالح الوظيفة العامة المختصة وهو ما يفرض تبليغها بقرار فتح المسابقة لفحصه خلال 5 أيام من تاريخ توقيعه. وتملك مصالح الوظيفة العامة مدة 7 أيام لفحص القار وتبليغ النتيجة للإدارة المعنية. - قرار المسابقة وجب إشهاره بعد الحصول على الرأي المطابق لقرار فتح المسابقة من قبل مصالح الوظيفة العامة المختصة، وجب إشهار القرار في الصحافة المكتوبة أو عبر ملصقات وفي الموقع الالكتروني للمديرية العامة للوظيفة العامة وتكريسا لفكرة توسيع نطاق المعلومة الخاصة بإشهار المسابقات صدر منشور عن المديرية العامة للوظيفة العامة تحت رقم 3 ك خ 2007 بتاريخ 9 ماي 2007 يقضي بضرورة استغلال تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة لضمان إشهار واسع لعروض مناصب الشغل. وهو ما دفع المديرية العامة أن تضع مجمل المسابقات على شبكة الأنترنيت. وألزمت مجموع الإدارات بملأ البطاقات المعلوماتية المتلعقة بإشهار المسابقات. وقد تكفل التنظيم أيضا بتحديد المعلومات الواجب إدراجها في الإعلان والخاصة بتكوين الملف ومكان إجراء المسابقة ومعايير الانتقاء. وجدير بالإشارة أن المديرية العامة للوظيفة العامة أصدرت العديد من النصوص التفسيرية بغرض مساعدة الإدارات العامة على التحكم في تنظيم المسابقات وبالتالي الوصول لنتيجة سلامة إجراءات التوظيف. ولعل من بين التعليمات الصادرة في هذا المجال التعليمة رقم 01- م ع و ع مؤرخة في 20 فيفري 2013 من باب خصوصية القطاع وطبيعة الوظيفة، من ذلك ما اشارت إليه المراسيم التالية باشتراطها لإجراء أداء اليمين أمام الجهة القضائية المختصة. **المطلب الثاني: التربص والترسم.** نصبت المادة 83 من الأمر 06-03: \"يعين كل مرشح تم توظيفه في رتبته للوظيفة العامة بصفة متربص\". ومن هنا فإن التحاق المترشح بالوظيفة العامة يدخله في مرحلة جديدة هي مرحلة التربص. وحددت المادة 84 مدتها بسنة. مما يعطي لجهة الإدارة فرصة أخرى لتقييم قدرات المعني والتأكد من جديته والتزامه. فلو ثبت للإدارة نتائج سلبية سجلتها ضد المتربص بإمكانها الاستغناء عن خدماته وتسرسحه دون إشعار أو تعويض طبقا للمادة 85. الترسيم: بعد انتهاء مدة التربص يتم إما: \*ترسيم المتربص في رتبته: وهذا يفرض أن السلطة السلمية أبدت موافقتها بشأن ترسيم المرشح، وانتقاله من وضع قانوني يملك فيه صفة متربص، إلى وضع قانوني آخر أكثر حصانة ألا وهو وضع المرسم، ويتوقف الترسيم على التسجيل في قائمة التأهل يعرض على اللجنة المتساوية الأعضاء. وقد عرف الفقه الترسيم بأنه إجراء قانوني يدمج العون العمومي بصفة نهائية في سلك من أسلاك التدرج على مستوى إدارة عمومية. \*إخضاع المتربص لفترة تربص أخرى ولنفس المدة مرة واحدة فقط \*تسريح المتربص دون إشعار مسبق أو تعويض: ويخضع في القانون الجزائري لنفس واجبات الموظف المرسم ويتمتع بنفس الحقوق كأصل عام، غير أن المتربص لا يستطيع الاستفادة ويتمتع بنفس الحقوق كأصل عام، غير أن المتربص لا يستطيع الاستفادة من الاستيداع أو الانتداب وهو ما نصت عليه المادة 88، ولا يمكن للمتربص الترشح لانتخابات اللجان المتساوية الأعضاء أو لجان الطعن أو اللجان التقنية. وتعتبر فترة التربص فترة عمل فعلية تحسب في الاقدمية وفي التقاعد طبقا للمادة 90 من الأمر 06-03. ورجوعا للرسالة المنشور تحت رقم 05 ك خ بتاريخ 02 مارس 2011 والصادرة عن المديرية العامة للوظيفة العامة تبين لنا أن بعض الإدارات تتأخر في إجراءات ترسيم الموظف، وهو ما دفع المديرية العامة لإصدار التعليمة المذكورة والتنويه على ضرورة احترام الآجال الأساسية ومتابعة إجراءات الترسيم فور انقضاء فترة التجربة. وقد تتضمن القوانين الأساسية الخاصة بكل قطاع نشاط إجراءات للترسيم من ذلك المرسوم التنفيذي 08-130 المذكور والذي حددت المادة 17 منه إجراءات الترسيم بالنسبة للأستذة حيث ورد فيها أن قرار الترسيم يصدره مسؤول المؤسسة الجامعية باقتراح من عميد الكلية أو مدير المعهد أو رئيس القيم بالنسبة للمدرسة بعد الأخذ برأي اللجنة العلمية للقسم بالنسبة للكلية والمدرسة، والمجلس العلمي للمعهد لدى الجامعة. **المطلب الثالث: تقييم الموظف** لا يكفي التأكد من مؤهلات الموظف بإخضاعه لنظام المسابقة عند التحاقه بالوظيفة العامة؛ بل ينبغي متابعة أداءه ونشاطه الوظيفي. من أجل ذلك جاءت المادة 97 من الأمر 06-03 معلنة أن الموظف أثناء مساره الوظيفي يخضع لتقييم مستمر ودوري. وغياب هذا التقييم على مستوى الإدارات العمومية سيخلف لا شك ظاهرة التماطل في أداء العمل الإداري، بل سيخلف حالة الكسل أيضا ويجعل الموظف يؤجل عمله ولا يستعجل في أداء واجباته الوظيفية. وهو ما سينتج عنه في النهاية ضعف الأداء الإداري وتأثر جمهور المنتفعين من خدمات المرفق العام. ومن هنا فإن مقاصد التشريع من وراء تقييم أداء الموظف بصفة دورية وعلى سبيل الاستمرار أي طيلة المشوار الوظيفي واضحة بغرض فتح باب المنافسة لتفجير طاقة الموظف والوقوف عند مؤهلاته وأداءه. كما أن التقييم تقتضيه أصول العمل الإداري وتفرضه العدالة الإدارية. فليس من الإنصاف في شيء أن يتقاضى الموظفون في الرتبة الواحدة أجرا واحدا دون تمييز بين من اجتهد وكد وقدم مردودا إيجابيا في الرتبة الواحدة أجرا واحدا خلال مدة معينة، وبين من يؤجل عمله، ولا يوفي بالتزاماته. ولقد وضح قانون الوظيفة العامة بموجب المادة 97 منه أن الهدف من تقييم الموظف هو: - الترقية في الدرجات - الترقية في الرتبة - منح امتيازات مرتبطة بالمردودية - منح الأوسمة التشريفية والمكافآت أما عن سلطة التقييم فهي السلطة السلمية طبقا للمادة 101 من القانون 06-03، فالمسئول المباشر للموظف هو من يتابع نشاطه اليومي، وهو الأولى بتقييم قدراته ومؤهلاته. وفيما خص شكل التقييم يكون مكتوبا فلا يصح التنقيط الشفوي. ثم أن التنقيط له آثار مالية فكيف يمكن حسابها إن تم بغير الكتابة. كما ألزم القانون أن يكون منقطا أي يحمل علامة ما منحت للموظف متبوعة بملاحظة. ولما كان التنقيط يمس المركز القانوني والإداري والمالي للموظف وجب تعليمه فلا يصح إصداره بصفة مستترة ودون علم الموظف، بل ينبغي مواجهته بهذا التقييم لأنه يخصه وتحفظ استمارة التنقيط في الملف الإداري للموظف. ولقد أجازت المادة 102 من الأمر 06-03 للموظف له حق تقديم تظلم أمام اللجنة المتساوية الأعضاء المختصة. وتملك هذه الأخيرة حق تقديم اقتراح بمراجعة التنقيط في حال اقتناعها بمضمون التظلم. وبهدف التقليل من حالات التظلم بشأن التنقيط الدوري أو التقييم حرص قانون الوظيفة العامة على وضع مجموعة معايير موضوعية للتنقيط لتفادي النزوات الشخصية والحسابات الذاتية. وهذه المعايير حملتها المادة 99 من قانون الوظيفة العامة والتي جاء فيها: \"يرتكز تقييم الموظف على معايير موضوعية تهدف على وجه الخصوص لتقدير: -احترام الواجبات العامة والواجبات المنصوص عليها في القوانين الأساسية -الكفاءة المهنية -الفعالية والمردودية -كيفية الخدمة يمكن أن تنص القوانين الخاصة على معايير أخرى\". ومن باب توسيع نطاق المشاركة في وضع معايير موضوعية للتقييم تفرضها بعض الوظائف والمهام نص قانون الوظيفة العامة بموجب 100 منه على إمكانية مشاركة الإدارات العمومية بمقترحاتها بعد مشاورة اللجان المتساوية الأعضاء وترفع هذه الاقتراحات للهيكل المركزي للوظيفة العامة. ولقد تضمنت بعض القوانين الأساسية الخاصة ببعض قطاعات النشاط أحكاما تتعلق بالتقييم. فهذا المرسوم التنفيذي رقم 08-409 المؤرخ في 24 ديسمبر 2008 والمتضمن القانون الأساسي الخاص بمستخدمي أمانة الضبط لدى الجهات القضائية حيث حددت المادة 29 بعض معايير التقييم كالسرعة والدقة في تشكيل الملفات القضائية والتطبيق السليم للإجراءات القانونية والقضائية. أما المرسوم التنفيذي 09-393 المؤرخ في 24 نوفمبر 2009 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين لأسلاك الممارسين الكبيين العامين في الصحة العمومية. حيث أشارت المادة 15 منه لمعايير التقييم وحصرتها في: -روح المبادة -تحقيق الأهداف -الملف التأديبي -أعمال البحث والمنشورات العلمية **المطلب الرابع: ترقية الموظف** تعتبر الترفية أهم الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام، ولما لها من أثر مادي ومعنوي بالنسبة له. فالموظف العام حين يلتحق برتبة معينة يطمح دائما في أن يحسن قدراته وأن يرتقي في سلم الوظيفة العامة والولوج للمناصب العليا. فالترقية على هذا النحو تحقق قدرا من الاستقرار الوظيفي، وتحقق العدالة وسط الإدارات العمومية، وتبعث طكمأنينة لدى الموظفين وتحفزهم على التقيد أكثر بواجباتهم الوظيفية. ويقصد بالترقية صدور قرار من الجهة المخولة بموجبه تكشف عن نقل موظف من رتبة دنيا إلى رتبة أعلى. ومن الطبيعي القول أنه يلازم الترقية تغييرا في المركز القانوني للموظف المرقي. فتتغير واجباته وتزداد سعة وخطورة وأهمية، كما يتحسن وضعه المالي. ولقد ثبت من خلال الدراسات السلوكية أن الترقية تمثل عاملا مهما من عوامل تحقيق الذات، فكأنما بالترقية يثبت الموظف أنه حقق ذاته وفرض شخصيته داخل الإدارة العامة[^35^](#fn35){#fnref35.footnote-ref}. والحديث عن الترقية يطرح أعقد إشكالية في الوسط الإداري وتتعلق بمعايير الترقية، فإذا أقيمت الترقية على معيار الأقدمية وحده، هذا يعني أن الإدارة ستعلن عن الموظف الذي وصل دوره في الترقية وتقييمها على عامل العد والزمن دون اعتبار آخر. وتجمع دراسات القانون الإداري وحتى علم الإدارة العامة أن الترقية بناء على أقدمية تمنع تعسف جهة الإدارة، بل وتبعث الاطمئنان لدى الموظفين فيعرف كل دوره في الترقية ومتى سيكون غير أن يسجل على الترقية بناء على الأقدمية أنها تساهم في غلق الطريق أمام الكفاءات ولا تحفز الموظف لتقديم مواهبه والإفصاح عن مؤهلاته وقدراته. من أجل ذلك ظهر معيار الترقية بناء على الكفاءة، والترقية بناء على الشهادة والترقية على أثر المشاركة في عملية تدريب نظمتها جهة الإدارة. وتعتبر منازعات الترقية في النظم القضائبة من اعقد القضايا، وكثيرا ما رفض القضاء الإداري التصدي للدعاوي المتعلقة بالترقية بحجة أن الإدارة هي الأولى بتقييم موظفيها، فمحكمة العدل العليا بالأردن قبل 1992 كانت تعتبر منازعات الترقية خارج اختصاصها النوعي، غير أنها غيرت الموقف من خلال قرارها رقم 12 لسنة 1992 حيث فصلت في قضايا ترفيع الموظفين العموميين. وبالنظر لأهمية الترقية إن على الصعيد الشخصي بالنسبة للموظف العام، أو بالنسبة للإدارة كهيكل، فقد جاء الأمر 06-03 مفصلا بشأن أحكام الترقية مع الإحالة للتنظيم في مسائل دقيقة وتفصيلية. فالمادة 106 عرفت الترقية في الدرجات بأنها الانتقال من درجة إلى درجة أعلى وتتم طبعا بصفة مستمرة بالنسبة للموظف، والغرض من إقرارها تحفيز الموظفين الذين أثبتوا مدة بقاء أو عمل ونشاط داخل إدارة معينة. فالموظف الذي يلتحق بإدارة ما ويقضي فيها 12 سنة من النشاط والأداء سوف لن تكون درجته ذاتها بالنسبة لموظف آخر حديث الانتساب للإدارة ولو كانا في نفس الرتبة ويحملان ذات المؤهل العلمي، فتجربة الموظف القديم شفعت له الترقية من درجة إلى أخرى بصفة مستمرة، ويقابل الدرجة تعويضات مالية من شأنها تحسين ظروف الموظف المادية. وقد تكون الترقية في الرتبة وهي موضوع المادة 107 من القانون المذكور فينتقل الموظف العام من رتبة معينة إلى رتبة أعلى منها. وهذا طبعا يفرض وجود معطيات جديدة تبرر التصريح بالانتقال من رتبة إلى أخرى. وجاءت المادة 107 مفصلة في كيفيات الانتقال من رتبة إلى أخرى وأنها تتم: 1. على أساس الشهادات. فقد حصل الموظف خلال مساره المهني على شهادة، فبات من حقه أن تنعكس إيجابا على وضعه الوظيفي، فيرقى من رتبة إلى أخرى. 2. عن طريق امتحان مهني أو فحص مهني. فإذا نظمت جهة الإدارة بالتنسيق مع مصالح الوظيف العمومي والجهات المخولة امتحانا مهنيا واستوفي الموظف شروط المشاركة واجتياز بنجاح هذا الامتحان. وجب حينئذ التصريح بترقيته من رتبة عمل فيها في وضع معين أو قديم إلى رتبة جديدة أعلى منها درجة. وطبعا ينجم عن الترقية في التربة تغيير في مهام وواجبات الموظف بما يفرضه الوضع الجديد، ويقابلها زيارة في الراتب. 3. على سبيل الاختيار. هذا النوع من الترقية يعطي للإدارة فرصة في تحفيز بعض موظفيها الذين أمضوا في خدمتها مدة معينة حددها التنظيم، ويعطي لها مجال اختيار بين موظفيها وسلطة تقديرية، واشترط القانون في هذا النوع من الترقية التسجيل في قائمة التأهيل بعد أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء، بما يؤكد أن المشرع يبحث دائما عن توسيع نطاق المشاركة في اتخاذ القرار تفاديا لتكريس الحسابات الشخصية في الإدارات العمومية. ولا يخضع الموظف الذي اتفاد من ترقية حسب الحالات المذكورة لتربص طبقا للمادو 108 من الأمر 06-03، ومن المؤكد ان المشرع أخذ بعين الاعتبار أقدمية الموظف حيث شفعت له وهو يستفيد من الانتقال من رتبة إلى أخرى فكانت مبررا لإعفاءه من التربص الذي يقتصر كأصل عام على الموظف حديث الالتحاق بالوظيفة. وهذا حافز معنوي ومبرر مقبول من شأنه تكريس فكرة الاستقرار الوظيفي وبعث قدر من الاطمئنان لدى فئة الموظفين العموميين. ذلك أنه وفي غياب هذا الامتياز لا يعقل إخضاع الموظف بعد ثبوب عمله لسنوات لمدة تربص أخرى قد تهدد وضعه لأن الإدارة تملك في حالات التربص تأجيل الترسيم أو الإعلان في خدمة إدارة معينة. وبما أن الترقية تغير من وضع الموظف إداريا وماليا فرض القانون من باب التحكم في الموارد البشرية القيام بالتقديرات اللازمة وهذا من خلال المخططات السنوية والمتعددة السنوات والخاصة بالتكوين وتحسين المستوى. وهو ما أشارت إليه بوضوح المادة 111 من القانون. ولقد ربط المشرع مرة أخرى بين الترقية والتكوين حيث أعلنت المادة 109 أن الانتقال من فوج لآخر أعلى منه درجة يستوجب الخضوع لتكوين مسبق منصوص عليه في القوانين الاساسية والحصول على الشهادة المطلوبة. وعن الأفواج أو المجموعات فقد ضمت طبقا للمادة 8 من هذا القانون الفئات التالية: الفوج أ: ويضم الموظفين الحائزين على مستوى التأهيل المطلوب لممارسة وظيفة التصميم، البحث، الدراسات. الفوج ب: ويضم الموظفين يمارسون نشاط التطبيق. الفوج ج: ويحتوي على الموظفين الذين يمارسون نشاط التحكم. الفوج د: ويضم الموظفين الذين يمارسون نشاط التنفيذ. **المبحث الخامس: ضمانات وحقوق وواجبات الموظف** **المطلب الأول**: **ضمانات الموظف** حمل الأمر 06-03 الإعلان عن مجموعة ضمانات يتمتع بها الموظف العام وهي: 1. حرية الرأي: وهذه حرية عامة مكرسة بموجب المادة 36 من الدستور وجاء ذكرها في المادة 26 من الأمر 2. حظر التمييز بين الموظفين لأي سبب كان: سبق البيان أن مبدأ المساواة يعد من أهم مبادئ القانون. ويحظى باهتمام المواثيق الدولية والنصوص الإقليمية وكذلك النصوص الرسمية الداخلية. وتطبيقا لمضمون هذا المبدأ لا يجوز للإدارة التمييز بين الموظفين بسبب ما أبدوه من راء أو تصنيفهم على هذا الأساس. كما لا يجوز لها التمييز بينهم على أساس الجنس أو الأصل أو بسبب أي ظرف من ظروفهم الشخصية أو الاجتماعية. ويخضع تصرفها في حال التمييز للرقابة القضائية بعد رفع الدعوى من الطرف المتضرر. ودل على ضمانة عدم التمييز المادة 29 من الدستور. وتجسد مبدأ المساواة المادة 27 من الأمر. **المطلب الثاني**: **حقوق الموظف** يتمتع الموظف في التشريع الجزائري بمجموعة حقوق حددها الأمر 06-03 وفصلتها التشريعات الخاصة. وهذه الحقوق هي: 1. الحق في الراتب: يقصد بالراتب مبلغ مالي يتقاضاه الموظف شهريا في مقابل تفرغه وانقطاعه لخدمة الإدارة المستخدمة. والراتب تكلفت النصوص الخاصة بتحديده وهو ما يؤكد مرة أخرى الطابع القانوني للعلاقة الوظيفية. فلا تملك جهة الإدارة الزيادة في الراتب أو الانقاص منه أو منح موظفين رواتب معينة تختلف عن نظراتهم. كما لا يملك الموظف أن يفرض راتب معين وجب أن يدفع إليه مهما كان مؤهله. فتحديد الرواتب مسألة تتفرد بها النصوص الخاصة وتضبط بناء على اعتبارات عديدة. وقد أشارت عديد الدراسات أن للراتب تأثيرا على التنمية الاقتصادية التي تتحمل الوظيفة عبئها الأكبر. ويتعلق بعدالة توزيع الدخل وله دور اجتماعي بارز ومهم لا يمكن إنكاره[^36^](#fn36){#fnref36.footnote-ref}. وللرواتب أيضا الطابع التوحيدي فلا يصح التمييز بين فئة الموظفين في البلد الواحد بين منطقة وأخرى إن اتحدت مؤهلاتهم ورتبهم. ولا شك أن الطابع التوحيدي للرواتب وفرض شبكة واحدة تسري على كل الموظفين يكرس مبدأ المساواة في مجال الوظيفة العامة. ولقد اعترف بيان الأسباب للأمر 66-133 المذكور تحت عنوان \"الأجور\" بوجود اختلالات كبيرة في مجال الأجر بين القطاع الإداري والقطاع الاقتصادي ميزت المرحلة الانتقالية. وعبر المشرع عن سخطه لهذا الوضع المزدوج. ويمنح الراتب مقابل الخدمة فلا يصح المطالبة براتب عن مدة انقطاع عن النشاط الوظيفي. وهذا ما أقره مجلس الدولة الجزائري وسنتعرض له في البحث الخاص بالمنازعات الوظيفية. 2. الحق في الحماية: للحق في الحماية وجه دستوري حملته المادة 55 والتي نصت على أن يضمن القانون أثناء العمل الحق في الحماية وهو أيضا مكرس في عيد القوانين الخاصة. ذلك أنه قد يتعرض الموظف العام أثناء مساره المهني إلى تهديدات أو إهانة أو شتم أو قذف أو اعتداء أثناء ممارسته لوظيفته أو بمناسبتها. فوجب حينئذ أن تبسط له الدولة الحماية اللازمة التي تضمن كرامته وتراعي صفته واعتباره. وتتجلى هذه الحماية في ضمان حق التعويض لجبر ضرر الموظف. وهي حماية تفرضها قواعد العدالة وتوجيها مقتضيات الوظيفة. لأن السب والشتم أو الاعتداء أو القذف الذي تعرض له الموظف من جانب الغير تم أثناء تأدية النشاط الوظيفي وفي موقع العمل. وقد يحدث الاعتداء بمناسبة أداء العمل كأن يكون الموظف في مهمة خارج الإدارة فموظف إدارة الضرائب أو إدارة مسح الأراضي أو مديرية التجارة يمارس كثيرا من نشاطه خارج موقع الإدارة. وهو ما قد يجعله عرضة للاعتداء، فإن ثبت كنا أمام مسؤولية دولة وتطبق قواعد الحماية، وتأسس الدولة كطرف مدني أمام الجهات القضائية المختصة. وهو ما أشارت إليه صراحة المادة 30 من الأمر 06-03. وقد يتابع الموظف قضائيا من قبل الغير بسبب خطأ وظيفي، فوجب هنا على الإدارة المعينة التي يتبعها الموظف أن تبسط له الحماية اللازمة، وأن تحل محله بالنسبة للغير المطالب بالتعويض، ما لم تثبت ?

Use Quizgecko on...
Browser
Browser