محاضرات في النقد العربي القديم PDF

Summary

هذه مجموعة محاضرات في النقد العربي القديم، إعداد الدكتور أشرف محمود نجا من كلية التربية بجامعة عين شمس، للعام الجامعي 2024-2025. تناقش المحاضرات مفهوم النقد العربي القديم، وظائفه، وأمثلة من التراث النقدي.

Full Transcript

‫إعداد األستاذ الدكتور‬ ‫أشرف محمود نجا‬ ‫أستاذ األدب والنقد العربي‬ ‫كلية التربية ‪ -‬جامعة عين شمس‬ ‫‪1‬‬ ‫ُمحاضرات‬ ‫ِفي‬ ‫الن ْقد العربِ ِي الق ِديم‬ ‫َّ‬ ‫إعداد األستاذ الدكتور‬ ‫أشرف محمود نجا‬ ‫أستاذ األدب و...

‫إعداد األستاذ الدكتور‬ ‫أشرف محمود نجا‬ ‫أستاذ األدب والنقد العربي‬ ‫كلية التربية ‪ -‬جامعة عين شمس‬ ‫‪1‬‬ ‫ُمحاضرات‬ ‫ِفي‬ ‫الن ْقد العربِ ِي الق ِديم‬ ‫َّ‬ ‫إعداد األستاذ الدكتور‬ ‫أشرف محمود نجا‬ ‫أستاذ األدب والنقد العربي‬ ‫كلية التربية‪-‬جامعة عين شمس‬ ‫العام اجلامعي‬ ‫‪ 2025 -2024‬م‬ 2 ‫‪3‬‬ ‫مقدمة‬ ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على أشرف املرسلني سيدنا‬ ‫حممد وعلى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫وبعد ‪،،،‬‬ ‫فهذه جمموعة حماضرات يف النقد العربي ال قددمم‪ ،‬انتخب ندا ماته هدا‬ ‫من مصاتر الرتاث النقدي واملراجع النقدمة احلدم ثدة‪،‬ومل نق صدد ب هدا إال أن‬ ‫هكون ماتة مُعدَّة ميسَّرة بني أ مددي طدالب الفر قدة األوىل مدن حل قدة التع لديم‬ ‫االبتدائي باملرحلة اجلامعية بقسم اللغة العربية والدراسات اإلسالمية‪ ،‬و قدد‬ ‫عرضنا فيها بعض قضاما النقد العربي اليت حاولنا هبسيطها‪ ،‬وراعينا في هدا‬ ‫التنوع ‪ ،‬وثراء األفكار والتحل يد والتعل يد ‪ ،‬و قددمنااا م شدفوعة بالن صدو‬ ‫النقدمة املنتخبة من مصاتر النقد القدمم واحلدمث؛ حبيث مستطيع الطالب‬ ‫أن مقرأ نصًا نقدمًا قدميًا‪ ،‬ومفهم لغته وحم تدواه وم صدطلحاهه وأ ادم الق ضداما‬ ‫اليت شغلت الذوق النقدي واجلمالي يف بيئة التفكري الن قددي ع ندد ال عدرب؛‬ ‫فضال عن موضوعات أخرى نقدمة نطمح أن نسوقها تاخ قاعات ا لددر؛؛‬ ‫واي هأهي مكملة هلذا اإلطار املطروح ‪.‬‬ ‫وأسأل اهلل العليَّ القدمر التوفيق يف القول والعم ‪.‬‬ 4 ‫‪5‬‬ ‫ مفهوم مصطلح النقد ووظائفه ‪:‬‬ ‫ورت يف حدمث أبي الدرتاء أ نده قدال "إنْ ن قددْت ال ندا؛ ن دقدُو ‪،‬‬ ‫وإنْ هركتهم هركو ؛ مبعنى ن قددههم‪،‬أي عِ بدْتهُم واغت بدْتهم قدابلو مبث لده؛‬ ‫فالنقد انا مبعنى العيب والثلب والتجرمح‪،‬وضداا املدح والثناء والت قدرم ؛‬ ‫واو من قوهلم نقدْتُ رأسه بإصبعي‪ ،‬أي ضرْبتُهُ‪ ،‬ونقَدهْهُ احليةُ إذا لد َغتْهُ‬ ‫والنقد هقشُّر يف احلافر ‪ ،‬ونقد بإصبعه أي نقر‪،‬ونقد الرج ُ الشيء بنظره‬ ‫النن قدا ) متي دي‬ ‫منقده نقدًا ‪ ،‬ونقد إليه اختلس النظر حندوه ‪.‬و(الن قد‬ ‫ال راهم إ خداا ال فدم من دا‪،‬و كدذل ن قددتُ ا لددراام ‪ ،‬وانت قددهُها إذا‬ ‫أخرجت منها الزمف؛وقد أنشد سيبومه قول الفرزتق يف وصف ناقته مشبهًا‬ ‫نثراا احلصى بنثر الدراام‬ ‫(‪)1‬‬ ‫تَنْفِي فَـ َاها احلَـصَى يف كُـلِّ هاجــاةٍ نَفْـيَ ال َّنانـيـاِ تَنْقَـا ُ الصَّيـارفمِ‬ ‫ويف هاج العرو؛ النق متييز الدراام وإخراج الزمف منها ‪ ،‬كذا‬ ‫متييز غرياا ‪،‬كالتنقات والتنقد ‪،‬وقد نقداا منقداا نقدًا ‪،‬وانتقداا ‪ ،‬وهنقداا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫إذا ميز جيداا من رتمئها ‪.‬‬ ‫(‪ )1‬منظر لسان العرب ماتة (نقد) ‪.‬هنفي هدفع ‪ ،‬اهلاجرة شدة احلر ‪ ،‬الصيارمف مفرت اددا صددرييف و اددو‬ ‫من مبيع النقوت بغرياا ‪.‬‬ ‫‪. 282‬‬ ‫(‪ )2‬هاج العرو؛ ‪ ،‬الزبيدي ‪ ،‬ماتة (نقد) جـ ‪، 5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫إذن فالعرب أخذوا كلمة النق من قوهلم نق ال رهم ا لد فنار؛‬ ‫مبعنى بيان الرتيء من اجليد والسليم من الزائف؛ ولذا ف قدد دشبّهوا النا قدد‬ ‫بال صددرييفّ ا لددذي م فددرز ا لدددنانري وا لدددراام ‪.‬فالن قددد ا لددذي م عد النمي يد ‪،‬‬ ‫ومنطوي على حكم ِقيميّ مجاليّ بداجلوتة أو بدالرتاءة؛ قدد ا يدأ ال سدتخدام‬ ‫الكلمة استخدامًا جمازمًا يف التمييز بني اجليد من الشعر وال كدالم ورتمئه مدا‬ ‫إىل أن هطورت إىل وظيفة ناقد الشعر أو الكالم (‪)3‬؛ ولذل قال صاحب هداج‬ ‫العرو؛ "ومن اجملاز ‪...‬نقد الكالم ناقشه‪،‬واو من نقَدة الشعر‪ ،‬ون قدااته‬ ‫وانتقد الشعر على قائله ‪" )4(.‬ومُنسب إىل أبي عمرو بن العالء (ت ‪154‬اـ )‬ ‫قوله "انتقات الشعر أشد من نظمه ‪ ،‬واختيار الرج قطعة من عقله ‪ )5(".‬؛‬ ‫‪judgment‬‬ ‫فكلمـة النقـد ‪ Criticism‬هعـ فـي مفهــومها الدقيق احلُكْم‬ ‫ولعله مفهوم ميكن أن نلحظه يف ك استعماالت الكلمة وأ شدداا عمو مدًا (‪)6‬؛‬ ‫وإن كان املعنى األول (نقد الدرام و ا لددمنار و متي يدز الزا ئدف م نده) أن سدب‬ ‫امل عدداني لل مددرات مددن كل مددة (ن قددد) يف اال صددطالح ا حلدددمث ‪،‬و لدددى أك ثددر‬ ‫‪ ، 17‬تار الف كددر املعا صددر ‪ ، 1 ،‬بددريوت ‪،‬‬ ‫(‪ )3‬التفكري النقدي عند العرب ‪ ،‬ت‪.‬عيسى علي ال عدداكوب ‪،‬‬ ‫سنة ‪1997‬م ‪.‬‬ ‫‪. 284‬‬ ‫(‪ )4‬هاج العرو؛ ‪ ،‬للزبيدي ‪ ،‬جـ ‪، 5‬‬ ‫‪، 93‬بريوت (ت‪.‬ت) ‪.‬‬ ‫(‪ )5‬حماضرات األتباء ‪ ،‬الراغب األصبهاني جـ ‪، 1‬‬ ‫‪ ، 187‬تار الكتاب العربي ‪ ،‬بريوت ‪1967 ، 4 ،‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )6‬النقد األتبي ‪ ،‬أمحد أمني ‪،‬‬ ‫‪7‬‬ ‫املتقـدمني؛ ألنّ فيه معنى الفحص و املـوازنة و التمييز و احلكم (‪)7‬؛ مبعنى‬ ‫أن الناقد لدمه من اخلربة واملرانة والتمييز ‪ -‬كخربة ال صدرييف ع لدى التمي يدز‬ ‫بني اجليد والزائف من الدراام– ما جيعله قاترًا على إصدار حُكم ما على‬ ‫نص أتبي ما بالتحلي أو التفسري أو التقدمر أو ك اذا جمتمعًا ‪ )8(.‬و لدذل‬ ‫(‪)9‬‬ ‫قي إن النقد هفسري وهقييم وهوجيه لألتب ‪.‬‬ ‫‪interpretation‬‬ ‫فللن قددد مهم تددان نتلف تددان إذن ا مددا النف سد‬ ‫ومهمة احلكم ‪ ، judgment‬وإن كان معظم النقات مرون أن احلكم او الغا مدة‬ ‫( ‪)10‬‬ ‫األساسية من النقد‪ ،‬فإنهم قـد استعملوا التفسري وسيلة إىل ه لد الغا مدة‪.‬‬ ‫"فالنقد تراسـة األشياء و هفسرياا و حتليلها وموازنتها بغرياا املشابهة هلا‬ ‫أو املقابلة‪،‬ثم احلكم عليها ببيان قيمتها وترجتها‪ ،‬جيري اذا يف احلسيات‬ ‫واملعنومات‪ ،‬ويف العلوم والفنون‪ ،‬ويف ك شيء متص باحل يداة"(‪)11‬؛ مبع ندى‬ ‫أن جمدداالت الن قددد أو مو ضددوعاهه مت عدددتة ؛ ف هددو مو جددد يف األتب والر سددم‬ ‫والت صددومر واملو سدديقى والن حددت وغري اددا‪ ،‬وإن كا نددت طبيع تدده يف كد اددذه‬ ‫‪ ، 103‬املطبعة الفاروقية ‪ ،‬اإلسكندرمة ‪ ،‬سنة ‪1940‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )7‬أصول النقد األتبي ‪ ،‬أمحد الشامب ‪،‬‬ ‫‪. 187‬‬ ‫(‪ )8‬النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪ ، 136‬ت‪.‬حممد مندور ‪ ،‬نهضة مصر للطباعة والنشر ‪ ،‬القاارة (ت‪.‬ت) ‪.‬‬ ‫(‪ )9‬األتب وفنونه ‪،‬‬ ‫‪. 194 ، 193‬‬ ‫(‪ )10‬النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪. 103‬‬ ‫(‪ )11‬أصول النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪8‬‬ ‫اجملاالت واحدة هنهض على التقدمر الصحيح لألثر الف و بيان قيم تده يف‬ ‫ذاهه ‪ -‬أوالً‪ -‬يف ضوء القواعد أو اخلوا ّ العامة اليت متميز بها ك ُّ فن مدن‬ ‫الفنون‪ ،‬ثم ‪ -‬ثانيًا ‪ -‬بيان ترجته؛ أي موقعه بالنسبة لسواه املشابه لده أو‬ ‫املقاب ؛ من خالل إمضاح امليزات األساسية اليت متميز ب هدا كد أ ثدر أت بدي‬ ‫وهقدمراا هقدمرًا صحيحًا ‪.‬‬ ‫والفنون اجلميلة هرجع مجيعًا إىل أ صد وا حدد مدن ال شدعور مبع ندى‬ ‫أنها "هعبري عدن رر بدة شدعورمة يف صدورة موح يدة" ؛ فغامت هدا األوىل ادي‬ ‫ه صددومر امل شدداعر و األحا سدديس ‪ ،‬ثددم ال تددأثري يف املتل قددي للتجر بددة ال شددعورمة‬ ‫وإعاتة متثي معاناة هلقايها ‪" ،‬إال أنّ أتاة التعبري الفنية ختتلف يف ك فدن‬ ‫عن اآلخر فهي يف املوسيقى أصوات ومسافات ‪،‬ويف التصومر ألوان و خ طدو‬ ‫(‪)12‬‬ ‫ويف النحت أحجام و أوضاع ‪ ،‬و يف األتب ألفاظ و عبارات"‪.‬‬ ‫والنقد يف جمال األتب مطلق عليه النق األ بي ‪ ،‬ومت حدرى النا قدد‬ ‫حينئذ املعاني املشار إليها سلفًا ؛ ولذل فإن كثريًا من كتب الرتاث النقدي‬ ‫اليت عنونت بهذا املصطلح مح مؤلفواا كلمة (ن قدد) يف ضدوء ادذه امل عداني‬ ‫السابقة الذكر؛ مث كتاب "نق الشعا" لقدامة بدن جع فدر ‪،‬و"ن قد الن ردا"‬ ‫املنسوب إليه ‪ ،‬وكتاب "الع مد ة يف حما سد ال شدعا آ ا دب ن قد " ال بدن‬ ‫‪ ، 103‬تار الشروق ‪ ،‬بريوت ‪ ، 4 ،‬سنة ‪1980‬م‪.‬‬ ‫(‪ )12‬النقد األتبي ‪ ،‬أصول و منااجه ‪ ،‬سيد قطب ‪،‬‬ ‫‪9‬‬ ‫رشيق القريواني الذي عقد بابًا من أبوا بده‪ ،‬أط لدق عل يده ( بداب يف الت صدرف‬ ‫ون قددد ال شددعر)‪ ،‬وغري اددا مددن املؤل فددات النقد مددة األ خددري ا لدديت مل حت مد يف‬ ‫عنوانها (مصطلح نقد)‪،‬لكنّ مفهوم النقد وممارساهه فيها‪،‬حتدتت وهأ كددت‬ ‫بشك ملحوظ على حنو ما جند عند كدثري مدن الن قدات كدأبي ب كدر ال صدولي‬ ‫(ت ‪335‬اـ) يف كتابه "أخبار أبي متام"‪ ،‬واآل مددي (ت‪ 371‬ادـ) يف كتا بده‬ ‫" ‪ ،‬والقا ضدي ع بدد العز مدز اجلر جداني‬ ‫"املوازنة بني أبي متدام ا لدبي‬ ‫(ت ‪392‬اـ) يف كتابه "الو سداةة بدني امل ندنخ خ صدوم " ‪ ،‬ح تدى إذا مدا‬ ‫وصلنا إىل القرن اخلامس اهلجري وجدنا مفهوم الن قدد مدزتات و ضدوحًا ع ندد‬ ‫عبد القاار اجلرجاني (ت‪471‬اـ ) ‪ ،‬واملرزوقي (ت ‪ 421‬ادـ ) وغريا مدا ‪،‬‬ ‫ح يددث نه ضددت كد اددذه املؤل فددات ع لددى ترا سددة ال شددعر و الن ثددر وترا سددة‬ ‫عناصراا‪ ،‬وفنونها وما متص بها من أسباب احلسن والقبح ‪ ،‬واإل شدارة إىل‬ ‫(‪)13‬‬ ‫املقبول والرتيء ‪ ،‬وحنو ذل مع التفسري واملوزانة واحلكم ‪.‬‬ ‫ومما مدل على ذل قول قدامة بن جع فدر (ت ‪ 337‬ادـ ) يف مقد مدة‬ ‫كتاب "نقد الشعر" "العلم بال شدعر منق سدم أق سدامًا فق سدم من سدب إىل ع لدم‬ ‫عروضه ووزنه‪ ،‬وقسم منسب إىل علم قوافيه ومقاطعه‪ ،‬وقسم مُنسب إىل ع لدم‬ ‫غرمبه ولغته‪ ،‬وقسم منسب إىل علم معانيه واملقصد به‪ ،‬وقسم منسب إىل علم‬ ‫‪. 104 ، 103‬‬ ‫(‪ )13‬أصول النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪10‬‬ ‫جي م ر فئ ‪ ،‬وقد ع النا؛ بوضع الكتب يف القسم األول و مدا مل يده‬ ‫إىل الرا بددع عنا مددة ها مددة ‪ ،‬فاستق صددوا أ مددر ال عددروض وا لددوزن‪ ،‬وأ مددر ال قددوايف‬ ‫واملقاطع وأمر الغرمب والنحو ‪ ،‬وهكلموا يف املعاني الدال عليها الشعر‪ ،‬و مدا‬ ‫الذي مرمد بها الشاعر‪.‬ومل أجد أحدًا وضع يف نقد الشعر وخت لديص ج يدده‬ ‫من رتمئه كتابًا ‪ ،‬وكان الكالم عندي يف اذا الق سدم أوىل بال شدعر مدن سدائر‬ ‫األقسام املعدوتة ‪....‬وملا وجدت األمر على ذل ‪ ،‬وهبينت أن الكالم يف اذا‬ ‫األمر أخص بالشعر من سائر األسباب األخرى ‪ ،‬وأن ال ندا؛ قدد ق صدّروا يف‬ ‫(‪)14‬‬ ‫وضع كتاب فيه ‪ ،‬رأمت أن أهكلم يف ل مبا مبلغه الوسع"‪.‬‬ ‫و جنددد اددذه الدال لددة نف سددها مل صددطلح الن قددد يف ك تدداب املواز نددة بددني‬ ‫الطائيني ألبي احلسن بن بِشر اآلمدي (ت ‪370‬اـ ) ؛ إذ مقول "فأما أ ندا‬ ‫فلست أفصح بتفضي أ حدداما ع لدى اآل خدر‪ ،‬ول كد أوازن بدني ق صديدهني‬ ‫من شعراما إذا اهفقتا يف الوزن والقافية‪ ،‬وإعراب القافية‪،‬وبني معنى ومعنى‬ ‫حكُمْ أنت حينئذ‬‫فأقول أمهما أشعر يف هل القصيدة‪ ،‬ويف ذل املعنى‪،‬ثم ا ْ‬ ‫على مجلة ما لك واحد منهما إذا أحطت علمًا باجليد وا لدرتيء‪ )15(".‬و ادو‬ ‫‪ ، 16 ، 15‬حتقيق كمال مصطفى ‪ ،‬مكتبة اخلاجني للطبع والن شددر ‪،‬‬ ‫(‪ )14‬نقد الشعر ‪ ،‬قدامة بن جعفر ‪،‬‬ ‫القاارة ‪ ،‬سنة ‪1978‬م ‪.‬‬ ‫‪ ، 12 ، 11‬أبو احلسن بن ب شددر اآل مدددي ‪ ،‬حتق يددق حم مددد حم يددي‬ ‫(‪ )15‬املوازنة بني أبي متام والبحرتي ‪،‬‬ ‫الدمن عبد احلميد ‪ ، 3 ،‬املكتبة التجارمة ‪ ،‬القاارة ‪ ،‬سنة ‪1959‬م ‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ليحكم من خال لده ع لدى شدعر‬ ‫حيي القارئ إىل االعتمات على ذوقه اخلا‬ ‫الشاعرمن ‪.‬‬ ‫ومقول يف موضع آخر من الكتاب "وأنا أذكر بإذن اهلل يف اذا اجلزء‬ ‫امل عدداني ا لدديت مت فددق في هددا الطائ يددان فدأُوازن بددني مع ندًى ومع ندًى‪ ،‬وأ قددول‬ ‫أمهما أ شدعر يف ذ لد املع ندى بعي نده‪...‬وإن طال بدت بالع لد واأل سدباب ا لديت‬ ‫أوجبت التفضي ‪ ،‬فقد أخربه فيما ه قددم مبدا أ حدا بده عل مدي مدن ن عدت‬ ‫مذابيهما‪ ،‬وذكر مساومهما يف سرقة معاني النا؛ وانتحاهلما‪ ،‬وغلطه مدا يف‬ ‫املعاني واأللفاظ‪،‬وإساءة مدن أ سداء منه مدا يف الط بداق والتج نديس واال سدتعارة‬ ‫ورتاءة النظم واضطراب الوزن‪،‬وغري ذل مما أو ضدحته يف موا ضدعه وبين تده‬ ‫وما سيعوت ذكره يف املوازنة من اذه األنواع على مدا م قدوته ال قدول وهقت ضديه‬ ‫احلجة‪،‬وما سنراه مدن حما سدنهما و بددائعهما وعج يدب اخرتاعه مدا؛ فدإني‬ ‫أوقع الكالم على مجيع ذل وعلى سدائر أغرا ضدهما ومعانيه مدا يف األ شدعار‬ ‫ا لدديت أرهب هددا يف األ بددواب وأ نددصُّ ع لددى اجل يددد وأف ضدعله ع لددى ا لددرتيء‪،‬‬ ‫وأ بديّن ا لددرتيء وأرذ لدده وأذ كددر مددن ع لد اجلم يددع مددا منت هددي إل يدده‬ ‫التلخيص‪،‬وحتيط به العبارة‪".‬‬ ‫(‪)16‬‬ ‫واذا معناه أن النقد ال هنشأ وظيفته مدن فدرا ‪ ،‬وإ مندا من شدأ األتب‬ ‫أوالً ثم مأهي النقد ليبدأ وظيف تده يف املرح لدة الثان يدة مدن خدالل ف هدم األ ثدر‬ ‫‪. 372‬‬ ‫(‪ )16‬املصدر السابق ‪،‬‬ ‫‪12‬‬ ‫األتبي أ مدا كدان شدعرًا أم ن ثدرًا‪ ،‬ق صديدة أم روا مدة أم مسرحية‪....‬وهف سدريه‬ ‫وحتليله وهقدمره واحلكم عليه ؛ مبعنى أنّ العم األتبي او موضوع الن قدد‬ ‫األتبي ؛أي أ نده " إذا كدان مو ضدوع األتب ادـو الطبي عدة واإلن سدان‪ ،‬فدإنّ‬ ‫موضوع النقـد األتبي او األتب نفسه ؛أي ال كدالم املن ثدور أو املن ظدوم ا لدذي‬ ‫مصور العق وال شدعور مق صدد إل يده شدارحًا؛ حم لدال؛ معلال؛حاك مدًُا‪ ،‬م عدني‬ ‫بددذل ال قدُرّاء ع لددى الف هددم و الت قدـدمر‪ ،‬وم شددري إىل أم ثد ال طددرق يف ا لددتفكري‬ ‫والتصومر والتعبري"(‪.)17‬فالن قدد أ قدرب إىل الع لدم م نده إىل ال فدن ‪ ،‬ف هدو م قدرر‬ ‫القواعد النظرمة اليت هلقي الضوء على اآلثار الفنية ؛ مبعنى أنه مي كدن مدن‬ ‫خالل اذه القواعد النقدمة أو النظرمات النقدمة أن نتعرف قطعة فنية مدا ‪،‬‬ ‫ونُقدعر مقدار جوتهها؛ أما البال غدة فيغ لدب علي هدا الناح يدة الفن يدة‪ ،‬وُهعْ ندى‬ ‫بالشك ‪ ،‬وصورة الكالم‪ ،‬ونظْمه‪ ،‬وهركيب مجله‪ ،‬ومظاار أسلوبه‪ ،‬وك يدف‬ ‫أخرجه املبدع يف قالب بليغ؛ فهي هستجلي الوسائ البالغ يدة‪ ،‬وهق صدد إىل‬ ‫(‪)17‬‬ ‫هدرمب املتعلم أن مأهي بقطع فنية بليغة‪.‬‬ ‫وميكن أن نلمح صدى الدالالت اليت مثري ادا م صدطلح (الن قدد) في مدا‬ ‫متعلق مبهمة الناقد األتبي فيما أمجله أحد النقات حني عرّف الن قدد األت بدي‬ ‫بأنه"هقومم الع مد األت بدي مدن الناح يدة الفن يدة‪ ،‬وب يدان قيم تده املو ضدوعية‪،‬‬ ‫‪. 106 ، 105‬‬ ‫(‪ )17‬أصول النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪ ، 4 ، 28 ،27‬تار الكتاب العربي ‪ ،‬بريوت ‪،‬‬ ‫(‪ )17‬منظر ‪ -‬النقد األتبي ‪ ،‬أمحد أمني ‪ ،‬جـ ‪، 1‬‬ ‫‪1967‬م ‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫وقِيمه التعبريمة وال شدعورمة‪ ،‬وه عديني مكا نده يف خدط سدري األتب‪،‬وحتد مدد‬ ‫ما أضافه إىل الرتاث األتبي يف لغ تده‪،‬ويف ال عدامل األت بدي ك لده‪،‬وقيا؛ مددى‬ ‫هأثره باحمليط وهأثريه فيه‪،‬وهصومر مسات صاحبه ‪ ،‬وخصائ صده ال شدعورمة‬ ‫والتعبريمة‪ ،‬وكشف العوا مد النف سدية ا لديت ا شدرتكت يف هكوم نده والعوا مد‬ ‫اخلارجية كذل ‪ )18(".‬والناقد يف ك اذه املمارسة النقدمة ال م هدتم مب سدائ‬ ‫خلقية أو مناقشة فلسفية أو قضاما أمدمولوجية أو تمنية ‪.‬‬ ‫أما مفهوم النقد عند ال غدربيني‪ ،‬فن جدد هدار ودو مدذكر أن الن قد‬ ‫هقييم ‪ ،‬وحتلي فكري مت عددت اجلوا ندب ‪ ،‬وم شدري إىل ا حنددار الكل مدة مدن‬ ‫األص اإلغرمقي ‪ Kritikos‬مبعنى (القاضي) ؛ ومن ثم ؛فالعملية النقدمة هزن‬ ‫وهُقيعم وحتكم ؛وال هتعام مع ال سدلبيات فح سدب ‪،‬وإ مندا الن قدد احل صديف‬ ‫حيدت اإلجيابيات والسلبيات ؛مظاار اجلوتة ‪،‬ومظاار ا لدرتاءة ‪ ،‬ثدم م صددر‬ ‫‪ )Literary‬يف‬ ‫‪Criticism‬‬ ‫احلكم املتأني ‪.‬وقد اُستخدم مصطلح (الن قدد األت بدي‬ ‫أور بددا م نددذ ال قددرن ال سددابع ع شددر يف حتل يد األع مددال األتب يددة أو هقييم هددا‬ ‫أو التعلي هلا أو وصفها أو احلكم عليها ‪.‬‬ ‫ومرى إنرم أندر سدون إ مدربت أن و ظدائف الن قدد عد مددة ؛ فيب سدط‬ ‫فيها القول ومذكر منها أنه خيربنا عن عم ما مل مقرأ بعد ‪ ،‬و أ نده طرم قدة‬ ‫للتعليم ‪ ،‬وطرمقة لإل عدالم ‪،‬وطرم قدة إلق نداع اآل خدرمن كدي مف كدروا مثل ندا ‪،‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫(‪ )18‬النقد األتبي ‪ ،‬أصوله و منااجه ‪،‬‬ ‫‪14‬‬ ‫وأنه مقوت الكتَّاب أنفسهم ‪ ،‬و أن مُبعد مبسئولية شرطي ما او مج يد ع مدا‬ ‫او قبيح ‪ ،‬و لكن إذا كان اذا او ك شيء مصبح النقد غري ضروري ؛ ألنه‬ ‫من املمكن أن مقوم به ذوق أي قارئ ‪ ،‬أنه جيع الع مد األ صدي متوا صد‬ ‫مع انطباعات نتلفة و هعليقات مجالية ‪ ،‬وأن مفسر حدسًا شدعرمًا أ صديال‬ ‫وأن مقدم لنا معاتالً منطقيًا له يف صورة نثرمة هعليم يدة ؛ و ادو ب هدذا معلم ندا‬ ‫القراءة ‪ ،‬وأن جيمع اآلراء املتتاب عدة ا لديت صددرت عدن قي مدة الع مد نف سده‬ ‫وأن موازن بينها ( ولكن القيام بهذا او هدارم الن قدد و لديس الن قدد نف سده )‬ ‫وأن مقوّم الرتاث األتبي طب قدًا مل بداتئ مو ضدوعية وهقليد مدة ‪،‬أ نده جيدب أن‬ ‫م ضددا العم ‪،‬هار كدًا لل قدارئ حر مددة أن م كدوّن رأ مدده الت قددوميي‪ ،‬وأن مو جدده‬ ‫اجلم هددور ال قددارئ ‪ ،‬ومع مدّق كفاء هدده يف ال تددذوق (‪ ،)19‬ثددم مددرى إنر مد أن‬ ‫الوظائف السابقة هدور حول ثالث وظائف مهمة اي‬ ‫" ‪ -‬وظيفة نسخية‪ ،‬وبها مرت الناقد فرتمًا على الع مد األت بدي ا لدذي قدرأه‬ ‫وهذوَّقه‪ ،‬وعاشه‪ ،‬وجع منه عمله ( حتى لو رفضه فيما بعد )‬ ‫‪ -‬ووظيفة هفسريمة ‪ ،‬مرفع الناقد بواسطتها سقالة الب نداء و مدب ف صدله ‪،‬‬ ‫ومفسر العم للجمهور ‪.‬‬ ‫(‪)20‬‬ ‫‪ -‬ووظيفة هقوميية مكون فيها الناقد قاضيًا ‪".‬‬ ‫‪ ، 49‬هرمجة ت‪.‬الطاار مكي ‪ ،‬القاارة ‪ ،‬سنة ‪2000‬م ‪.‬‬ ‫(‪)19‬منااج النقد األتبي‪ ،‬إنرم أندرسون إمربت‪،‬‬ ‫‪ 52‬و ‪. 53 ،‬‬ ‫(‪ )20‬منظر السـابق ‪،‬‬ ‫‪15‬‬ ‫فالناقد إذن خبري له قددرة خا صدة‪ ،‬وترا مدة بداحلكم ا لدذي م صددره‬ ‫على قطعة أتبية أو على عم مؤلف معني فيفحص مزاماه وعيوبه‪ ،‬وم صددر‬ ‫حكمًا عليه‪،‬أما التفسري الذي مقوم به النا قدد؛ ف هدو "عمل يدة حتليل يدة ه قدوم‬ ‫على الدرا سدة الفن يدة لطبي عدة الع مد األتبي‪،‬مات هده والعنا صدر املكو ندة لده‪،‬‬ ‫وطرمقة بنائه‪،‬واذه العملية التحليل يدة مت ضدي مدن ه صدور الع مد األت بدي يف‬ ‫جممله إىل تراسة املوقف املفرت أو الصورة املفرتة حسب ما ادو م سدتخدم يف‬ ‫اذا العم ‪ ،‬واذه العملية من شأنها أن هطلع ال قدارئ ع لدى كد شديء‪ ،‬وال‬ ‫(‪)21‬‬ ‫ختفي عنه شيئًا ‪".‬‬ ‫على أنه منبغي اإلشارة إىل أنّ موضوع العم األتبي ال حيدت طبيعةَ‬ ‫العم و لكنْ هُحدته طبيعةُ االنفعال‪ ،‬فإنّ وصف حقي قدة طبيع يدة مدا و صدفًا‬ ‫علميًا حبتًا ال مُعدّ ع مدال أتب يدا ح تدى وإن كا ندت صديغة الت عدبري عدن ادذه‬ ‫احلقيقة العلمية فصيحة مستكملة لشرو التعبري ؛ألن التعبري عدن التجر بدة‬ ‫الشعورمة ال منحصر يف جمرت الت عدبري اللف ظدي فح سدب ‪ ،‬بد املق صدوت بده‬ ‫"رسم صورة لفظية موحية مدثرية لالنف عدال الو جدداني يف ن فدو؛ اآل خدرمن؛‬ ‫واذا شر العم األتبي و غامته ‪،‬و به متم وجوته و مستحق صفته"(‪.)22‬‬ ‫***‬ ‫‪ ، 71‬تار الفكر العربي ‪ ،‬القاارة ‪ 1978 ، 7 ،‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )21‬األتب وفنونه ‪ ،‬ت‪.‬عز الدمن إمساعي ‪،‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫(‪ )22‬منااج النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪16‬‬ ‫عن العاب ‪:‬‬ ‫ العالقة بني النق اليوناني الق فم بيئة النفك النق‬ ‫مبدو أن ممارسة الن قدد األت بدي كا ندت أ قددم ع هددًا مدن امل صدطلح ؛‬ ‫(‪)23‬‬ ‫حيث استعملت يف الغرب عند اليونان منذ القرن الرا بدع ق بد ا ملديالت ‪.‬‬ ‫فقد وجد النقد ع ندد اليو ندان ال قددماء يف البدا مدة يف صدورة ب سديطة سداذجة‬ ‫ال هتجاوز التأثرات العفومة التلقـائية اليت معتمد الناقد فيها ع لدى ال شدـعور‬ ‫يف االسـتحسان واالسـتهجان‪ ،‬ثدم بِرُ دقيّ اإل بدـداع األت بدي وازت ادـار الف كدر‬ ‫هتجاوز األمم مرحـلة النقـد التأثري الذي معت مدد ع لدى ال شدعور إىل مرح لدة‬ ‫الن قددد املو ضددوعي ا لددذي م سددتند إىل الع قد وا لددتفكري يف القوا عددد واأل صددول‬ ‫واملباتئ اليت مفسرون بها اذه التأثرات واالنطباعات ا لديت خيلف هدا الع مد‬ ‫األتبي يف نفوسهم ‪ ،‬واذا ما حدث عند اليو ندان ‪ ،‬ف قدد بددأ الن قدد ع نددام‬ ‫بدءًا ساذجًا‪ ،‬ثم أخذ يف التعمق والتعقيد حتى اكتم ع لدى مدد املع لدم األول‬ ‫(‪)24‬‬ ‫أرسطو ‪.‬‬ ‫وقد حقق النقـد اليوناني ه طدـورًا كدبريًا م ندذ ال قدـرن الرا بدع ق‪.‬م ؛‬ ‫(‪)25‬‬ ‫وشهد أوىل حماوالت النقد املنهجي على مد رائـد فن امللهاة أرمستوفانيس‬ ‫ا لددذي عددام يف مؤلفا هدده الكوميد مددة ال كددثري مددن م شددكالت األتب وال شددـعر‬ ‫‪. 23 ، 22 ،21‬‬ ‫(‪ )23‬التفكري النقدي عند العرب ‪،‬‬ ‫‪ ، 6 ، 9‬تار املعارف ‪ ،‬القاارة ‪ ،‬سنة ‪1981‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )24‬يف النقد األتبي ‪ ،‬ت‪.‬شوقي ضيف ‪،‬‬ ‫‪ ، 68‬كمال بسيوني ‪ ،‬مكتبة النهضة املصرمة ‪ ،‬القاارة ‪،‬‬ ‫(‪ )25‬أثر النقد اليوناني يف النقد العربي القدمم ‪،‬‬ ‫سنة ‪1996‬م ‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫وقضامـاه كالبحث يف مـوضوعاهه وأغـراضـه وأسـاليبه‪،‬بعد أن كدان الن شدا‬ ‫النقـدي مقصورًا على ما مشـري به املتل قدـون وا لدرواة ع لدى ال شدعراء يف أث نداء‬ ‫إنشات الشعر من ضـرورة التجومد والتحسني والتهذمب واإلصالح (‪)26‬؛ ف قدد‬ ‫أتار أرمستوفانيس عدتًا من مسرحياهه حول نقد الفنون األتبية‪ ،‬ولعـ مدن‬ ‫أامها ملهاهه " الضفا ع " اليت قدّمهـا سنة ‪ 405‬ق‪.‬م‪ ،‬وقد هناولت الكـثري‬ ‫من مشكالت الشعر وقضاما فنية كثرية هتعلق ب شدعر الرتاج يددما ع لدى و جده‬ ‫اخل صددو ‪،‬مث املو ضددوع والل غددة وا حلددـوار واحلر كددـة ‪،‬واأل اددـداف وآ ثددـار‬ ‫املسرحية يف نفـو؛ املشاادمن و اجملتمع(‪)27‬؛ ك ذل مدن خدالل م نداظرة‬ ‫ساخنة أو مـباراة ‪ -‬أجرااـا يف قا لدب متثي لدي را ئدـع ‪ -‬بدـني إم سدخولو؛‬ ‫‪ Aischulos‬و مورمبيد؛ ‪ Euripides‬يف العـامل اآلخر أو عامل املوهى عار ضدًا‬ ‫بالنقـد ألع مدـال كدال ال شداعرمن ن قددًا أتب يدًا مو ضدوعيًا ب دنـّاء من صدفًا ذا كدـرًا‬ ‫سيئات ك ٍّ منهما على لسان اآلخـر وحمصيًا يف الوقت نف سده ح سدناهه ألن‬ ‫غامته من ادذا الن قدـد اإلر شدـات والتوج يده والب نداء؛ ممدا مدنم ع لدى م عدـرفة‬ ‫(‪)28‬‬ ‫أرمستوفانيس بفـن الشـعر التمثيلي وأ صدـوله م ندذ ذ لد الز مدـان املب كدر‬ ‫فقـد جع إله اخلمر تمونيسو؛ حكَمًا بني ال شداعرمن‪ ،‬وانت صدر يف النها مدة‬ ‫‪12 ، 11‬‬ ‫(‪ )26‬انظر منظر ‪ -‬يف النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪ ، 34 ، 33‬مكتبة األجنلو املصرمة ‪ ،‬القاارة ‪ ،‬سنة‬ ‫(‪ )27‬النقد األتبي عند اليونان ‪ ،‬ت‪.‬بدوي طبانة ‪،‬‬ ‫‪1967‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )28‬السابق ‪ ،‬ص ‪36‬‬ ‫‪18‬‬ ‫إلم سددخولو؛ ا لددذي جع لدده مي ثد ا رددـاه ال قدددمم ب كد هعالي مدده وقوا عددـده‬ ‫وأفكاره‪ ،‬كما جع تمونيسو؛ مسرتجعه من ال عدـامل اآل خدـر في عدوت بده إىل‬ ‫أثينا ليبعـث احلـياة يف املأسـاة مـرة أخـرى‪ ،‬يف حني أن مورمبيد؛ جع لده‬ ‫ميث املـنزع احلدمث يف عدم إميانه باآلهلة وااتمامه بدالفقراء واجنذا بده إىل‬ ‫أفكار السفسطائيني وهأثره بتعاليمهم ‪.‬‬ ‫والش يف أن مثة عالقةً وطيدة كانت قد نشأت بني الفكر اليو نداني‬ ‫القدمم وبيئة التفكري العر بدـي م ندذ و قدت مب كدر؛ ف قدد عدرف ال عدرب الن قدد‬ ‫اليوناني واألتب وسـائر آثار الفكر اليوناني من علم وفل سدفة و فدن يف ع صدور‬ ‫االزتاار الفكريّ ‪ ،‬ووقفوا على الكثري من آراء علمـاء اليونان وفال سدفتهم يف‬ ‫الدراسات اإلن سدانية والع لدوم الكون يدة مدن خدـالل الك تدب ا لديت نق لدت إىل‬ ‫العرب يددة‪ ،‬ومتثّ لددوا مددا في هددـا وا سددتطاعوا أن موفا قددوا بين هددا و بددني ث قددافتهم‬ ‫العربية(‪ )29‬مبا ال منايف األصالة فيهم ‪ ،‬وكان ذ لد م ندذ أن اه سدعت حر كدة‬ ‫النق والرتجـمة يف العصر العباسي األول‪ ،‬وبالتحدمد يف أواخر القرن الثاني‬ ‫اهلجـري‪ ،‬ثم ازتاتت ادذه ا حلدـركة ازت ادارًا وع طدـاءً يف ال قدرنيني الثا لدث‬ ‫والرابع اهل جدرمني ؛ ح يدث مذ كدـر ا لددكتور شدـوقي ضديف أن االحت كدا‬ ‫والتوا صد ال ثددـرّ واملث مددـر بددني الث قددـافة العرب يددة وث قددـافات األ مددم امل سددتعربة‬ ‫ومعارفهـا وعلومها‪ ،‬كان من أامّ األسباب اليت أتت إىل ازت ادار ا حلدركتني‬ ‫(‪ )29‬النقد األديب عند اليوانن ‪ ،‬د‪.‬بدوي طبانة ‪ ،‬ص ‪ ،4‬ط ‪ ،1‬مكتبة األجنلو املصرية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪1967‬م‬ ‫‪19‬‬ ‫العلمية واألتبية يف العصر العباسـي األول ؛ إذ كان اذا االهصال منذ ع صدر‬ ‫األمومني فس يف ةافقني طرمق املشافهة مع املستعربني‪ ،‬وطر مدق الن قد‬ ‫والرتمجـة الذي ظـ ّ ضيقًا زمن بـ أمية "و قد مضت بيئـات امل سدتعربني‬ ‫العلمية متدار؛ ن شداطها حين ئدذ‪ ،‬وكا ندت متث لدها األت مدرة ‪ ،‬و مدا ب هدا مدن‬ ‫جنْدم سدابور القرم بدة مدن الب صدرة‪ ،‬ويف‬ ‫حلقات علمية من املدار؛ متناثرة يف ُ‬ ‫نصيبني وحـرَّان والرُّاـا وأنطاكية واإلسكندرمة‪ ،‬وكانت هغلب عليها مجيعًا‬ ‫الثقـافة اليونانية ‪،‬كمـا كان مغلب عليها علمـاء السرمـان املسيحيني‪،‬وكانوا‬ ‫قد نشـطوا منذ القرن الرابع ا ملديالتي يف هر مجدة اآل ثدـار اليونان يدة وا سدـتمر‬ ‫نشاطهم يف اذه الرتمجة حمتدمًا حتى القرن التاسع"(‪. )30‬‬ ‫ويف العصر العباسي أخذ اخللفاء العباسيون معنون حبر كدة الرت مجدة‬ ‫والن قد عنا مددة كدبرية مددن نت لدف الثقا فددات املتا حدة آ نددـذا ‪ ،‬وم غددـدقون‬ ‫األموال يف سبي ذل ؛ إذ هُرمجت الكثري مدن اآل ثدار اليونان يدة إىل العرب يدة‬ ‫سـواء أكان اذا النق من اليونانية مباشـرة أم من اللغـة ال سدرمانية ؛ح يدث‬ ‫نهض السرمان قب اإلسالم بقرون برتمجـة الفلسفة اليونانية أوالً إىل ل غدتهم‬ ‫األصلية ألسباب تمنية ؛ فقد عدّ آباء الكنيسة هع لدام ادذه الفل سدفة و من طدق‬ ‫أرسـطو وسـيلة لإلقناع من أجـ نشر الدمن (‪ ،)31‬ثدم أ خدذوا يف نق لدها م ندذ‬ ‫(‪ )30‬العصر العباسي األول ‪،‬د‪.‬شوقي ضيف ‪ ،‬ص ‪،110،109‬ط ‪ ، 6‬دار املعارف ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪1976‬م‪.‬‬ ‫(‪ )31‬أثر النقد اليوانين يف النقد العريب القدمي ‪ ،‬ص ‪16 ،15‬‬ ‫‪20‬‬ ‫و قددت مب كددر إىل العرب يددة سددواء ق بد اإل سددالم أو م نددذ اه سدداع رق عددـة الدو لددة‬ ‫اإلسالمية يف منتصف القـرن األول للهجرة‪.‬‬ ‫وقد هعاقبت أجيال من اؤالء السرمان يف ع هدد اخلل فداء العبا سديني‬ ‫منقلون من الرتاث اليوناني إىل العربية كما كدان لل فدر؛ تور يف ن قد ب عدض‬ ‫اآلثار اليونانية إىل العرب يدة ؛ ف قدد ن قد ا لدرتاث اليو نداني إىل الفار سدية ثدم‬ ‫سـرعان ما هُرجم بعد ذل إىل من الفارسـية إىل العربية (‪.)32‬وكان اخللي فدـة‬ ‫أبو جعفـر املنصور أول خليفة هُر مجدت لده الك تدب مدن الل غدـات األعجم يدة‬ ‫فتُرجم له كتاب كليلة وتمنة اهلنـدي األص ‪ ،‬وكتاب السند ا ندد ‪ ،‬و عدن‬ ‫اليونانية‪ ،‬هُرجم له عدة كتب منها كـتاب أوقليد؛ يف األشكال اهلند سدـية‬ ‫وكتب أبقـرا و جدالينو؛ يف ال طدب اليو ندـاني ‪ ،‬ك مدا هُر مجدـت لده ك تدب‬ ‫أرسططاليس من املنطقيات وغرياـا (‪.)33‬‬ ‫ويف ع صددر الر شدديد ثددم يف ع هددـد وزرا ئدده الربام كددة‪ ،‬هن شددط حر كددة‬ ‫الرتمجـة نشاطًا واسـعًا بفض هشجيع نق النفائس والذ خدـائر إىل العرب يدـة‬ ‫كما هبلغ اذه احلركة أبعد مدًى هلدا يف ع هدد ا ملدأمون ا لدذي مت حدول بددار‬ ‫احلكمـة إىل مدا م شدـبه املع هدد العل مدي ال كدبري ومل حدـق بده مر صدده ال كدبري‬ ‫وهُنقـ له كتب فالسـفة اليونان من جز مدرة قدـرب ‪ ،‬و جيدـدّ موظ فدوه مدن‬ ‫(‪ )32‬يف الشعر العباسي ‪ :‬الرؤية و الفن‪ ،‬د‪.‬عز الدين إمساعيل ‪ ،‬ص ‪ ،187‬دار املعارف ‪ ،‬القاهرة ‪1980 ،‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )33‬العصر العباسي األول‪ ،‬ص ‪110‬‬ ‫‪21‬‬ ‫املرتمجني على النهوض بأع مدال الن قد والرت مجدة مدن ا لدرتاث اليو نداني يف‬ ‫الفلسفة والطب والفل والرماضيات والعـلوم (‪. )34‬‬ ‫وقد اسـتطاع العرب يف فـرتة مب كدرة أن مل مدّوا بدالكثري مدن جوا ندب‬ ‫الفكر اليوناني‪ ،‬ونق املرتمجـون إىل العرب يدة آراء فال سدـفتهم فعر فدوا ‪ -‬مدا‬ ‫بني مجلة ما عرفوا ‪ -‬آراء سقرا ‪ ،‬وقرءوا أف كدار أفال طدون‪ ،‬واطال عدوا ع لدى‬ ‫آثار أرسطو وفلسفته حتى صارت متداولة ذات أثـر قدويّ يف ه شدكي ا ملداتة‬ ‫اجلدلية والفلسفية لدى الفالسفة و املتكلمني العرب ‪.‬‬ ‫وكذل اطالع العرب على إبداع أرسطو‪ ،‬وخباصة ا لدذي متع لدق م نده‬ ‫بالنتـاج األتبي اإلبـداعي؛ بوصفـه مؤسس علم النقـد األتبي وفلسفته عدـرب‬ ‫نتلف ع صدور ال تدارم اإلن سداني وال عدـامليّ‪ ،‬و خبدـاصة كتا بدـاه اخلا لددان‬ ‫كتاب " فد ال شدعا" وك تداب "اخلطا بدة" ال لدذان مُ عدـدّان ع مددة الدرا سدات‬ ‫األتبية والنقدمة عند اليونان ‪ ،‬ويف هارم البشرمة ؛ حيث سيطرا بأفكاراما‬ ‫ومباتئهما الفنية على الفكر اإلنساني كله حتى أواخـر القـرن السابع ع شدر‬ ‫امليالتي وحـتى انتهاء عصر الكالسيكية يف األتب ‪.‬‬ ‫ولقد عرف العرب كتاب "فن الشعر" ألرسطو ‪ ،‬وأتركوا قيمته م ندذ‬ ‫القدمم ‪،‬ولذل ظفر الكتاب بأكثر من هرمجـة يف القـدمم واحلدمث ؛ ح يدث‬ ‫(‪ )34‬يف الشعر العباسي ‪ :‬الرؤية و الفن ‪ ،‬ص ‪189‬‬ ‫‪22‬‬ ‫ذ كددر صدداحب الفهر سددت يف م عددرض حدم ثدده عددن أع مددال أر سددـطو وأ سددـماء‬ ‫مرتمجيها إىل العربية أن كتاب ( أبوطيقا ) ومع نداه ال شدعر ن قدـله أ بدو بِ شدـر‬ ‫متَّى من السرماني إىل العربي كما نقـله هلميذه حييى بدن عددي‪ ،‬و مدذكر يف‬ ‫(‪)35‬‬ ‫الوقت نفسه أن للكندي نتصرًا فيـه‪.‬‬ ‫ومعـ اذا أن كتاب الشعر ألرسـطو قدد عدُرف يف البي ئدـة العرب يدة‬ ‫منذ وقت مبكر من خالل هرمجتني أوالامـا هرمجـة أ بدي بِ شدر م تدَّى بدن‬ ‫مونس القنائي (ت ‪328‬اـ ) ‪ ،‬واألخرى قام ب هدا هلم يدذه حي يدي بدن عددي‬ ‫(ت ‪ 363‬اددـ)إضافة إىل نت صددر أ بددي مع قددوب ا بددـن إ سددـحق ال كدِـندي‬ ‫(ت ‪259‬اـ) الذي عـاش يف عهد اخلليفـة املأ مدـون (‪ 218 -198‬ادـ)‪ ،‬ثدم‬ ‫خلا صدده ال فددارابي (ت ‪ 339‬اددـ)‪ ،‬وا بدن سددـينا (ت‪ 428‬اددـ)‪ ،‬وا بددن ر شددد‬ ‫(ت‪595‬اـ )بهدف إزالة التداخ عن الكثري من أجـزائه وعرضه يف معرض‬ ‫مسه قبوله على األذاان العربية (‪. )36‬‬ ‫أماكتاب " اخلطابة "(رطورمقا) ألرسطو فقد ذكر صاحب الفهرست‬ ‫أمضًا أن أبا معقوب إسحاق بن حنني الطبيب امل شدهور (ت ‪ 298‬ادـ ) قدد‬ ‫نق لدده إىل العرب يددة ‪ ،‬ونق لدده إ بددراايم بددن ع بددد اهلل(‪.)37‬ثددم ف سددره ال فددارابي‪،‬‬ ‫(‪ )35‬الفهرست ‪ ،‬ابن الندمي حتقيق رضا جتدد ‪ ،‬ص‪ ،250‬طهران ‪ ،‬سنة ‪1971‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )36‬كتاب أرسطوطاليس يف الشعر ‪ ،‬د‪.‬شكري عياد ‪ ،‬ص ‪ ،193‬اهليئة املصرية العامة للكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬ ‫سـنة ‪1993‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )37‬الفهرست ‪ ،‬ص ‪.170‬‬ ‫‪23‬‬ ‫و شددرحه ا بددن سددينا ‪ ،‬ثددم خل صدده ا بددن ر شددد ‪ ،‬و مددذكر ك مددال ب سدديوني أن‬ ‫"هلخيص ابن رشد لكتاب اخلطابة أسه فهمًا من شرح ابن سينا ‪ ،‬ول كدن‬ ‫الروح اليت فهمها من اجلدل ‪ ،‬ومن اخلطابة مبعنا ادا ا جلددلي أغر هده بدأن‬ ‫مطبقها على اجلدل الدم واملذايب؛ مما جعله مهم األمثلة األتبية ا لديت‬ ‫أوتعها أرسطو يف كتابه‪ ،‬لي ضدع مكان هدا أمث لدة تمن يدة مدن الف قده وال تدارم‬ ‫اإلسالمي واللغة العربية ال هتص إال بسببه وبوجهة نظره يف املوضوع ‪،‬و قدد‬ ‫تعاه إىل اذا رغبته يف التوفيق بني العلم والفلسفة "(‪.)38‬‬ ‫ويف العصر احلدمث هرجم الكتاب عن األص اليوناني‪ ،‬وعلاق عل يده‬ ‫وقـدّم له الدكتور عبد الرمحـن بدوي وأخر جده بع ندوان "أر سدطوطاليس فدن‬ ‫اخلطابة "‪ ،‬وقد أفـات النقـات العرب منه يف تراستهم لألسـلوب وخصائ صده‬ ‫الفـنية والصورة وسائر الوجوه البيانية ‪.‬‬ ‫وقد وقف أرسطو يف كتابه " فن الشعر " عند األسس الفن يدة لل شدعر‬ ‫املو ضددوعي شددعر املال حددم والرتاج يدددما والكوم يدددما‪ ،‬وج عددـ وظيفت هددا‬ ‫االجتمـاعية راينة بإهقـان نواحيها الفنية وكان لده ال سدبق يف الك شدف عدن‬ ‫الوحدة العضومة يف املالحم والرتاج يدـدما والكوميد مدـا ‪ ،‬و عدن أ ثدر امل ضدمون‬ ‫االجتماعي فيما أطلق عل يده ا لدتطهري و لده يف كدـتاب " اخلطا بدة " ن ظدرات‬ ‫(‪)39‬‬ ‫صائبة وتقيقة يف الصياغة الفنية واألسلوب"‪.‬‬ ‫(‪ )38‬أثر النقد اليوانين يف النقد العريب القدمي‪ ،‬ص ‪66‬‬ ‫(‪ )39‬السابق ‪ ،‬ص ‪66‬‬ ‫‪24‬‬ ‫وال ش ‪ ،‬فقد أثر كتاب فن الشعر ألر سدطو يف الن قدد العر بدي‪ ،‬ويف‬ ‫البالغة العربية هأثريًا كـبريًا ‪" ،‬وقد وُجد أن النقـد العربي إىل أوائ القـرن‬ ‫الثالث كان نقدًا جزئيًا ذوقيًا على طرمقة النقات ال عدرب اخل لدص‪ ،‬ثدم أ خدذ‬ ‫النقد بعد ذل متجه حنو التعميم‪ ،‬و كدان ذ لد ب غدـري شد نتي جدة للثقا فدة‬ ‫الفلسفية اليونانية اليت شاعت بالرت مجدة والتل خديص ‪ ،‬و قدد ه كدون نتي جدة‬ ‫لكتاب الشعر بالذات ‪ ،‬فاجلاح متأثر باملنطق يف نظره إىل البيان على أ نده‬ ‫نوع من الداللة ‪ ،‬وابن املعتز يف كتابه "البدمع"‪ ،‬حيـاول أول حماولة حندو‬ ‫التعميم ‪ ،‬وقدامة يف كتابه "نقد ال شدعر" م تدأثر بدالفكر اليو نداني هدأثرًا قو مدًا‬ ‫ظاارًا‪ ،‬فلم معد معنى مبا كان معنى به اآل مددي واجلر جداني مدن ال سدرقات‬ ‫األتبية ‪ ،‬وإن مكن اآل مددي جي مدع يف ن قدـده بدني الت يدار العر بدي ا خلدالص‬ ‫واآل ثددار اليونان يددة ‪ ،‬و جدداء أ بددو اددالل الع سددكري يف "ال صددناعتني " فددأولع‬ ‫بالتق سدديم والت صددنيف‪ ،‬وا اددتم ع بددد ال قدداار اجلر جدداني يف كتاب يدده "أ سددـرار‬ ‫البال غددة" و"تال ئد اإلع جددـاز" بف كددرة "ا لددن م" ا لددذي مددربط بددني م فددرتات‬ ‫اجلملة؛ واي فكرة شبيهة بفكرة "الوحـدة" ا لدـيت ورتت ع ندد أر سدطو يف‬ ‫كالمه عن الرتاجيدما"( ‪.)40‬‬ ‫***‬ ‫(‪ )40‬ينظر – تقدمي كتاب أرسطوطاليس ‪ ،‬بقلم د‪.‬زكي جنيب حمفوظ ‪ ،‬ص ك ‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫ أدوات الناقد يف الرتاث النقدي العربي ‪:‬‬ ‫ومهما مكن من أمر ‪ ،‬فإنّ الناقد البد أن مكون ذا ثقافة وعرفة أتبية‬ ‫وعلمية ‪،‬ومتمرسًا مبعاجلة األتب‪،‬وعارفًا بأطواره التارخيية وصالهه بالفنون‬ ‫األخرى ‪،‬وأن مكون ذانه مر ندًا متنب هدًا ‪،‬ولد مده مدن الرؤ مدة الثاقبة‪،‬و سدعة‬ ‫النظر واالستجابة السرمعة لك التأثريات و مدن مل كدة ال تدذوق أو ا لدذوق مدا‬ ‫جيعله قاترًا على مشاركة املنشا مشاركة عاطفية‪ ،‬وفهم األثر األتبي فه مدًا‬ ‫عميقًا وهفسري ميزاهه اجلوارمة ونقا القوة فيه أو نقا الضعف ليتح قدق لده‬ ‫(‪)1‬‬ ‫احلكم الصحيح املنصف ‪.‬‬ ‫أو الط بدع وا ملدزاج أو ك مدا أط لدق عل يده أو سدكار وام لدد‬ ‫ومُعدّ ا لددق‬ ‫‪ temperament‬أوىل أتوات الناقد األتبي وأام مطالبه؛ اذا املزاج البالغ‬ ‫اإلحسا؛ باجلمال ‪" )2(.‬ومعرف الذوق بأنه قوة مقدّر بها األ ثدر ال فد ‪ ،‬أو‬ ‫او ذل االستعدات الف طدري املكت سدب ا لدذي ن قددر بده ع لدى ه قددمر اجل مدال‬ ‫واال سددتمتاع بدده وحماكا هده‪ ،‬ب قدددر مددا ن سددتطيع يف أعمال نددا وأقوال نددا‬ ‫وأفكار نددا‪ )3(".‬ومُ صددق ُ ا لددذوق ومُن مدَّى ومُ هددذَّب بددالتعليم والثقا فددة واملعر فددة‬ ‫واملران ؛فهو أام وسائ النقد األتبي وأتوا هده‪ ،‬وخال صدة العوا مد الفطر مدة‬ ‫‪. 208‬‬ ‫(‪ )1‬النقـــــــــــد األتبي ‪،‬‬ ‫‪ ، 13‬تار الوفاء ‪ ،‬اإلسكندرمة ‪ ، 4 ،‬سنة ‪ 2004‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )2‬النقد و الدراسة األتبية ‪ ،‬ت‪.‬حلمي مرزوق ‪،‬‬ ‫‪. 108‬‬ ‫‪ ، 347‬نقالً عن أصول النقد األتبي ‪،‬‬ ‫(‪ )3‬يف علم النفس ‪ ،‬ت‪.‬حامد عبد القاتر ‪ ،‬جـ ‪، 3‬‬ ‫‪26‬‬ ‫واملكت سددبة ا لدديت ه عددني ع لددى ن قددد األ ثددر األت بددي ‪.‬ومُق سدّم ا لددذوق إىل سددليب‬ ‫أو قاب إلترا اجلمال و هذوقه تون هفسريه أو هعليله مع عدم إلغاء املت عدة‬ ‫اليت مظفر بها املتذوق نتيجة ذل ‪ ،‬وذوق إجيابي مقدر صاحبه على إترا‬ ‫(‪)4‬‬ ‫اجلمال وبيان مواطن احلسن و القبح وهعلي ك ٍّ منهما ‪.‬‬ ‫وقد جاء يف معجم املصطلحات األتبية أن لفظة "الذوق" ‪ Taste‬قد‬ ‫أصبحت مصطلحًا نقدمًا يف أواخر القرن السابع عشر امليالتي ؛ ف قدد ك تدب‬ ‫النا قددد الفرن سدي ال بددرومري أ ندده يف األ مددور الفن يددة؛ ا نددا ذوق سددليم وذوق‬ ‫فاسد‪ ،‬وحيدت أتمسون يف بدامة القرن الثامن عشر امليالتي مصطلح (الذوق)‬ ‫" بأنه هل امللكة النفسية اليت مدن شدأنها إترا ندواحي اجل مدال يف ن تداج‬ ‫كاهب ما والتلذذ ب هدا‪ ،‬و كدذل االلت فدات إىل جوا ندب ا لدنقص ف يده والن فدور‬ ‫منها‪،‬ثم استقر اذا االصطالح يف ميدان النقد األتبي يف ال قدرن ال ثدامن ع شدر‬ ‫(‪)5‬‬ ‫لينتشر بعد ذل يف الكتابات اليت هبحث فلسفة العلوم واجلمال ‪".‬‬ ‫ومصطلح الق ذو أص ماتي؛ حيث من صدرف يف أ صد مع نداه إىل‬ ‫ك ما متـذوقه اإلنسان من طعـام و شدـراب عدن طر مدق ال فدم ‪ ،‬و قدد اه سدـع‬ ‫مع ندداه ‪ ،‬ومل م عددد مقت صددر ع لددى املط عددوم وامل شددروب‪ ،‬بد اه سددع لي شددم‬ ‫امللموسـات واملسموعات واملرئيـات والعقـليات والوجـدانيات؛أي ك ألـوان‬ ‫‪. 111‬‬ ‫(‪ )4‬منظر أصول النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪ ، 20‬مكتبة الثقافة ‪ ،‬الدوحة ‪ ،‬سنة ‪2006‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )5‬التذوق األتبي ‪ ،‬ت‪.‬إبراايم عوض ‪،‬‬ ‫‪27‬‬ ‫الط يددف يف عددامل اإلح سددا؛ اجل سددمي وال شددعور الو جددداني واإلترا‬ ‫(‪)6‬‬ ‫العقـلي‪.‬‬ ‫وقد ورت مصطلح (الذوق) صراحة يف مقدمة كتاب (عيار الشعر) البن‬ ‫طباطَبا العلوي (‪322‬اـ ) على أنه امللكة الفطر مدة أو اال سدتعدات الف طدري إذ‬ ‫قال " الشعر ‪ -‬أسعد اهلل ‪ -‬كالم منظوم بائن عن املنثور الذي م سدتعمله‬ ‫النا؛ يف ناطباههم ‪ ،‬مبا خُصَّ به من ا لدنظم ا لدذي إن عدُدل عدن جه تده‬ ‫جمته األمساع ‪ ،‬وفسد على الق ‪ ،‬ون ْظمُه معلومٌ حمدوتٌ ‪ ،‬فمن صحّ طبعه‬ ‫وذ ق مل حيتج إىل االستعانة على نظم الشعر بالعروض اليت ادي ميزا نده‪،‬‬ ‫ومن اضطرب عليه الق مل مستغن من هصحيحه وهقوميه مبعرفة ال عدروض‬ ‫(‪)7‬‬ ‫واحلذق به‪ ،‬حتى هعترب معرفته املستفاتة كالطبع الذي ال هكلف معه‪".‬‬ ‫وملمح عبد القاار اجلرجاني يف أسرار البال غدة إىل ا لدذوق أو الط بدع‬ ‫ا لدذي مه يدا صداحبه لف هدم‬ ‫على أنه امللكة الفطر مدة أو اال سدتعدات ا خلدا‬ ‫الكالم وإترا أسرار اجلمال ف يده؛ في قدول يف م عدرض حدم ثده عدن الت شدبيه‬ ‫واالستعارة يف كتابه أسرار البالغة "واذا موضع يف غامة الل طدف‪ ،‬ال مدبني‬ ‫‪.9،8‬‬ ‫(‪ )6‬الســـابق ‪،‬‬ ‫‪ ، 9‬حتقيق ‪ ،‬عبا؛ عبد الستار ‪ ،‬تار الكتب العلمية ‪، 1 ،‬‬ ‫(‪ )7‬عيار الشعر ‪ ،‬ابن طباطبا العلوي ‪،‬‬ ‫بريوت ‪ ،‬سنة ‪ 1982‬م ‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫إال إذا كان املتصفح للكالم حساسًا معرف وحي طبع الشعر‪ ،‬وخ ِف َّي حركته‬ ‫(‪)8‬‬ ‫اليت اي كاهلمس‪ ،‬وكمسْرى النَّفَس يف النَّفْس‪".‬‬ ‫ويف كتابه تالئ اإلعجاز‪ ،‬جيع اجلرجاني اذا االستعدات اخلا‬ ‫واحلس اجلمالي الفطري شرطًا أساسيًا لتقدمر اجل مدال وهذو قده ‪ ،‬و مدرى أن‬ ‫اذه املزاما أو اجلماليات أمور خفية ومعان رُوحانية المي كدن هنب يده ال سدامع‬ ‫هلا وإعالمه بها ما مل مكن مهيئًا بطبعه وذوقه وقرحيته إلتراك هدا ‪ )9(.‬ك مدا‬ ‫مرى أن الذوق الفطري قلي يف النا؛ (‪" ،)10‬وكأنه مرى الثقافة األتبية مدن‬ ‫غري اذا االستعدات ال ردي شيئًا ‪ ،‬وال ههيا صاحبها لشيء‪ ،‬ومكون مث‬ ‫صاحبها‪ ،‬مث منْ مروي أرضًا ال بذر فيها"(‪.)11‬‬ ‫أما ابن خلدون فالمتحدث عن الذوق مبع ندى اال سدتعدات الف طدري أو‬ ‫‪ ،‬وإمنا متحدث عن الذوق املثقف املكتسب الذي صار كأنه ف طدري‬ ‫اخلا‬ ‫طبيعي مبضي الوقت؛ مقول يف مقدمته "إن امللكات إذا استقرت ور سدخت‬ ‫يف حماهلا ظهرت كأنها طبيعة وجبلة لذل احمل ‪ ،‬ولذل مظن كدثري مدن‬ ‫املغفلني ممن مل معرف شدأن املل كدات أن ال صدواب لل عدرب يف ل غدتهم إعرا بدًا‬ ‫(‪ )8‬أسرار البالغة ‪ ،‬عبد القاار اجلرجاني ‪. 283 ،‬‬ ‫(‪ )9‬تالئ اإلعجاز ‪ ،‬عبد القاار اجلر جدداني ‪ ، 547 ،‬حتق يددق حم مددوت حم مددد شدداكر أ مكت بددة ا خلدداجني ‪،‬‬ ‫القاارة ‪ ،‬سنة ‪2000‬م ‪.‬‬ ‫‪. 549‬‬ ‫(‪ )10‬املصدر الســـابق ‪،‬‬ ‫‪ ، 87‬نهضة مصر ‪ ،‬القاارة ‪ ،‬سنة ‪1996‬م‪.‬‬ ‫(‪ )11‬أسس النقد األتبي عند العرب ‪ ،‬ت‪.‬أمحد أمحد بدوي ‪،‬‬ ‫‪29‬‬ ‫وبالغة أمر طبيعي‪ ،‬ومقول كانت العرب هنطق بالطبع‪ ،‬وليس كذل وإمنا‬ ‫اي ملكة لسانية يف نظم الكالم متكنت ورسخت؛ فظهر يف باتئ األمر أنها‬ ‫(‪)12‬‬ ‫جبلة وطبع‪".‬‬ ‫"ومن أح اذا كانت الزاومة اليت نظر منها ابن خ لددون إىل ا لدذوق‬ ‫غري اذه اليت نظر منها عبد القاار‪ ،‬وإن كان عبد ال قداار مل مغ فد الثقا فدة‬ ‫(‪)13‬‬ ‫ب ال مكون الناقد ناقدًا حتى مكون من أا الذوق واملعرفة ‪".‬‬ ‫ال سددليم (بو صدفه ا سدتعداتًا‬ ‫ومفرعق ابن األثري بني الطبع أو ا لددق‬ ‫خاصًا أو مل كدة فطر مدة ) وأامي تده يف إن شداء األتب واحل كدم عل يده وهقو ميده‬ ‫النعليم ومقصد بده ا لدذوق امل صدقول‬ ‫بإترا مواطن اجلمال فيه‪ ،‬وبني ذ‬ ‫بالعلم ؛أي مصقول بدراسة قواعد البالغة والنقد؛مقول "واعلم أم هدا ال نداظر‬ ‫يف كتابي أن مدار علم البيان على حاكم الذوق ال سدليم‪،‬الذي ادو أن فدعُ مدن‬ ‫ذوق التعليم ‪".‬‬ ‫(‪)14‬‬ ‫وقب اؤالء الن قدات قدال ا بدن سدالم اجلم حدي (ت ‪ 232‬ادـ ) صددت‬ ‫حدم ثدده عددن ق ضددية انت حددال ال شددعر ومعر فددة ج يددده مددن رتم ئدده وزائ فدده مددن‬ ‫‪. 145‬‬ ‫(‪ )12‬انظر مقدمة ابن خلدون‬ ‫‪. 88‬‬ ‫(‪ )13‬أسس النقد األتبي عند العرب ‪،‬‬ ‫‪ ، 35‬حتق يددق أ محددد ا حلددويف ‪ ،‬و بدددوي طبا نددة ‪ ،‬تار‬ ‫(‪ )14‬املث السائر ‪ ،‬ضياء الدمن بن أألثري ‪ ،‬جددـ ‪، 1‬‬ ‫نهضة مصر للطباعة والنشر ‪ ،‬القاارة ‪( ،‬ت‪.‬ت) ‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫صحيحه " وللشعر صناعةٌ (*) وثقافةٌ معرفها أ اد ُ الع لدم ‪ ،‬ك سدائر أ صدناف‬ ‫العلم والصَّناعات منها ما هثقَفُه (**) العني و منها ما هثقَ فدُه األذن ‪ ،‬ومن هدا‬ ‫ما هثقَفُه اليد‪،‬ومنها ما مثْقَفُه اللسان من ذ لد اللؤ لدؤ وال يداقوت ‪ ،‬ال هعر فده‬ ‫ب صددفة والوزن‪ ،‬تون املعام نددة ممددن مُب صدرُه ‪،‬و مددن ذ لد اجلَهْ بدذة با لددعمنار‬ ‫(****)‬ ‫والدعرام (***)‪ ،‬الهُعـرفُ جوتهُهما بلون و ال مسٍّ وال طِــرازٍ و ال وسْمٍ‬ ‫وال صددفة‪، ،‬ومع ـددـرفه النا قددُ ع نددد املع ـددـامنة‪ ،‬في عددـرفُ بهْرج هددا وزائفَ هددا‬ ‫وستُّوقَها و مُفْرغَها (*****)‪ ،‬ومنه البصرُ بغرمب النخ والبصرُ بأنواع امل تداع‬ ‫وضروبه و اختالف بـالته مع ه شدابُه لو ندِه و م سدعه وذرْ عدِه ‪،‬ح تدى مُ ضداف‬ ‫ك ُّ صِنف‪ ،‬إىل بلده الذي خرج منه‪،‬و كذل بصرُ الرق يدق فتُو صدفُ اجلار مدةُ‬ ‫الشطْب (******)‪ ،‬نقية الث غدر ‪،‬ح سدنة ال عدني‬ ‫فيقال ناصعةُ اللون ‪ ،‬جيدة َّ‬ ‫واألنف ‪،‬ظرمفة اللسان ‪،‬وارتة الشَّعر(*) ‪،‬فتكون يف اذه الصفة مبئة تم ندار‬ ‫(*)الصِناعة بالكسر حرفة الصانع و عمله بيدمه ‪ ،‬و الصناعة بالفتح احلذق و الدربة على الشيء ‪.‬‬ ‫(**) الثقافة احلذق و اإلهقان و ضبط األصول ‪ ،‬و املعرفة جبيد ال شدديء و رتم ئدده ‪ ،‬ث قددف ال شدديء مثق فدده ثق فدًا‬ ‫حذقه وأهقنه و كان سرمع الفهم جليده و رتمئه ‪.‬‬ ‫(***) اجلهبذة أرات بها انا نقد الزموف و الصحاح من الدنانري و الدراام ‪.‬‬ ‫(****) الطراز او يف األص التقدمر املستوي معـ صيغة الدرام و الدمنار ‪ ،‬و الوسم ما مس عليه من‬ ‫صورة أو نقش أو كتابة‬ ‫(*****) البهرج الدرام الرتيء الفضة ‪ ،‬فيبط و مرت ‪ ،‬و الستّوق إذا كان من ثالث طبقات مرت و مطرح‬ ‫و املفر املصمت املصبوب يف قالب ليس مبضروب ‪.‬‬ ‫(******) الشطب جارمة شطبة أي طوملة حسنة اخللق هارة غضة ‪.‬‬ ‫(*) شعر وارت مسرتس حسن النبت طوم مرت كف املرأة ‪.‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ومبئيت تمنار‪،‬و هكون أخرى بألف تمنار وأكثر ‪...‬ومقال للر جد وا ملدرأة يف‬ ‫القـراءة والغناء إنه لنديّ احلَلق ‪،‬طَ ُّ الصوت (**)‪ ،‬طو مد ا لدنَّفَس م صديبٌ‬ ‫للحن ‪،‬وموصفُ اآلخرُ بهذه الصفة‪ ،‬وبينهما بون بعيدٌ‪ ،‬معرفُ ذل العلماءُ‬ ‫عند املعامنة واالستماع له‪،‬بال صفة مُنتهى إلي هدا ‪،‬وال ع لدم مُو قدف عل يده ‪،‬‬ ‫وإن كثــرة املدارسة لُتعْدِي (***) على العلم به‪ ،‬ف كدذل ال شدعر معل مده أ اد ُ‬ ‫العلم بـه"(‪.)15‬‬ ‫فابن سالم مؤكد يف النص السابق ع لدى أن ال شدعر مث لده م ثد اللؤ لدؤ‬ ‫وال يدداقوت وا لدددرام وغري اددا؛ فك مددا م عددرف ا جلددواري اللؤ لددؤ وال يدداقوت‬ ‫و مدددر كنه هددا مب جددرت املعام نددة‪،‬وكما م فدرّق ال صددرييف بددني ا لدددمنار اجل يددد‬ ‫والدمنار الزائف فكذل عامل الشعر أو الناقد معر فده مدن ك ثدرة املدار سدة لده‬ ‫واملخال طددة لددألتب واملمار سددة الطوم لددة حلف ظدده وروام تدده إىل جا نددب ذوق‬ ‫األتبي ‪ )16(.‬فهنا إ شدارة أسا سدية إىل ا لدذوق ا لدذي متدده الدر بدة واملمار سدة‬ ‫املكتسبتني حتى متمكن الناقد من الت عدرف ع لدى مدواطن اجل مدال وال قدبح يف‬ ‫(**) ندي احللق غري جايف احللق ‪ ،‬طري احللق ‪ ،‬فهو أرفع لصوهه ‪ ،‬و ط الصوت حسنه عذبه ناعمه ‪،‬‬ ‫بهيج النغمة كأنه صوت ط مهمي ‪.‬‬ ‫(***) أعداه على الشيء قوّاه و أعانه عليه ‪.‬‬ ‫‪ ، 6 ، 5‬حتقيق حمموت حممد شدداكر ‪،‬‬ ‫(‪ )15‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬حممد بن سالم اجلمحي ‪ ،‬جـ ‪، 1‬‬ ‫تار املدني ‪ ،‬جدة ( ت‪.‬ت) ‪.‬‬ ‫‪ ، 190 ، 189‬منشأة املعارف ‪ ،‬اإلسكندرمة ‪ ،‬سنة ‪1977‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )16‬ابن سالم و طبقات الشعراء ‪ ،‬ت‪.‬منري سلطان ‪،‬‬ ‫‪32‬‬ ‫مبجرت عرضها عليها ؛ فيتبني أسراراا وحييط بكنه هدا ‪ ،‬ومع لد‬ ‫النصو‬ ‫هلا مبا أوهي من علم ومعرفة وقدرة ع لدى االكت شداف ‪.‬إذن فالن قدد ا لدذوقي‬ ‫الذي جنده عند ابن سالم ادو ن قدد ذوي الب صدر والع لدم بال شدعر مدن الن قدات‬ ‫اخلبريمن به‪،‬املنصرفني إليه‪ ،‬كاملفض الضيب وخ لدف األ محدر و مدونس بدن‬ ‫حبيب ثم ابن سالم اجلمحي وغريام ؛ و ادؤالء الن قدات مل مظ هدروا إال ب عدد‬ ‫(‪)17‬‬ ‫استقرار األمر لإلسالم ‪.‬‬ ‫فدنصُّ ا بدن سدالم إذن مؤ كدد ع لدى أنَّ ا لدذوق وا خلدربة ضدرورمان يف‬ ‫هقومم الفن الشعري؛وأن األحكام اجلمال يدة منب غدي صددوراا عدن الب صدريمن‬ ‫بهذا الفن بغية أن هكون صحيحة؛حيث إن املقاميس اجلمالية ال مي كدن أن‬ ‫حتيط بصفة اجلمال ك لده؛ألن في هدا هنو عدًا وهفاو هدًا‪،‬وال مي كدن أن حي صدراا‬ ‫علم‪،‬وإمنا مسرباا الذوق املدرب املصقول بدالعلم و مددل عليها‪،‬و شدأن ال عدامل‬ ‫بالشعر شأن الصراف اخلبري بالنقوت يف ه قددمر قي مدة اعتمات ادا واأل خدذ ب هدا‬ ‫ومدل ابن سدالم ع لدى صدواب ذ لد ب هدذه الروا مدة "وقال قا ئد خل لدف إذا‬ ‫مسعتُ أنا بالشعر أستحسنه فما أبالي مدا ق لدت أ ندت ف يده وأ صدحاب ‪.‬قدال‬ ‫إذا أخذت ترامًا فاستحسنته فقال ل ال صدرَّاف إنه رتيء ؟ ف هد منف عد‬ ‫استحسانُ إماه ؟" (‪. )18‬‬ ‫‪ ، 19‬نهضة مصر للطباعة والنشر ‪ ،‬القاارة ‪1996،‬م‪.‬‬ ‫(‪ )17‬النقد املنهجي عند العرب ‪ ،‬ت‪.‬حممد مندور ‪،‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫(‪ )18‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬جـ ‪، 1‬‬ ‫‪33‬‬ ‫كما مذاب ابن رشيق القريواني ( ت ‪456‬اـ ) مذاب ابن سدالم يف‬ ‫بيان أامية الذوق واخلربة يف متييز جيد ال قدول مدن رتم ئده؛ في قدول و قدد‬ ‫مييز الشعر من ال مقوله‪ ،‬كالبزَّار مييز من الث يداب مدا مل منسجه‪،‬وال صدرييفع‬ ‫خيبُرُ من الدنانري ما مل مسبكه والضربه حتى إنه ليعرف مقدار مدا ف يده مدن‬ ‫(‪)19‬‬ ‫الغِش فينقص قيمته‪".‬‬ ‫فاخلربة امل شدار إلي هدا ع ندد ا بدن سدالم وا بدن ر شديق خدربة مت عددتة‬ ‫اجلوانب؛ منها ما او طبيعة أو فطرة يف الناقد؛ و ادي موا بدة ف يده مواب هدا‬ ‫مثلما ومواب الشاعر ملكة الشعر‪ ،‬ومنها ما مُكتسب بالدربة وطول املمار سدة‬ ‫من خالل الصلة الطوملة مبمارسة اذه الصناعة؛ مما ر عد النا قدد نتي جدة‬ ‫(‪)20‬‬ ‫نقده ملمًا بأصوهلا وخبامااا ‪.‬‬ ‫ويف اذا اإلطار مقرر ابن رشيق أمضًا أن الناقد البصري قد م كدون ادو‬ ‫الذي عانى قول ال شدعر وتُ فدع إىل م ضدامقه ف عدرف أ سدراره و ضدروراهه حدق‬ ‫املعرفة؛ولذل فالناقد ال شداعر ع نددام أك ثدر ب صدرًا بال شدعر مدن النا قدد غدري‬ ‫الشاعر؛مقول "وأا صناعة الشعر أبصر بها مدن العل مداء بلل تده مدن حندو‬ ‫‪ ، 187‬حتقيق ت‪.‬النبوي عبد الواحد شعالن ‪،‬‬ ‫(‪ )19‬العمدة يف صناعة الشعر ونقده ‪ ،‬ابن رشيق ‪ ،‬جـ ‪، 1‬‬ ‫‪ ، 1‬مكتبة اخلاجني ‪ ،‬القاارة ‪ ،‬سنة ‪2000‬م ‪.‬‬ ‫‪ ، 10‬من شددأة‬ ‫(‪ ) 20‬هارم النقد األتبي والبال غددة ح تددى ال قددرن الرا بددع اهل جددري ‪ ،‬ت‪.‬حم مددد زغ لددول سددالم ‪،‬‬ ‫املعارف ‪ ،‬اإلسكندرمة ‪( ،‬ت‪.‬ت) ‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫وغرمب ومث ‪،‬وخبرٍ ‪ ،‬وما أشبه ذل ‪،‬ولو كانوا تونهم بدرجات ‪ ،‬فك يدف‬ ‫(‪)21‬‬ ‫ملن قاربوام ‪ ،‬أو كانوا منهم بسبب‪".‬‬ ‫ومقول اآلمدي "ومبقى ما الميكن إخراجه إىل البيان ‪ ،‬وال إظ هداره‬ ‫إىل االحتجاج ‪ ،‬واي ع لدة مدا المُ عدرف إال بالدُّر بدة وتا ئدم التجر بدة و طدول‬ ‫املالمسة‪،‬وبهذا م ْفضُ أ اد احلذا قدة ب كد ع لدم و صدناعة مدنْ سدواام ممدن‬ ‫نقصت قرحيته ‪ ،‬و َقلَّت تُربته‪ ،‬بعد أن مكون انا طَ بدْع ف يده هقَ بدُّ لت لد‬ ‫الطباع وامتزاج بها ‪ ،‬وإال فال متمّ ذل ‪ ،‬ثم أ ِكلُ ب عدد ذ لد إىل اخت يدار ‪،‬‬ ‫وما هقضي عليه فِطنت ومتييز ؛ فينبغي أن هُنعم النظر فيما مدرت عل يد ‪،‬‬ ‫ولن منتفع بالنظر إال من مُحسن أن متأم ‪ ،‬و مدن إذا هأ مد ع لدم ‪ ،‬و مدن إذا‬ ‫(‪)22‬‬ ‫علم أنصف ‪".‬‬ ‫" وواضح من كالم اآلمدي أنه ميكن هقسيم اذه امللكة ؛ واي الذوق‬ ‫إىل ثالثة أقسام ؛ األول و ادو الط بدع‪ ،‬قدوة ف طدر علي هدا النا قدد‪ ،‬وا سدتعدات‬ ‫طبيعي‪ ،‬البد مدن هدوفره ف يده ‪.‬وال ثداني ا حلدذق‪ ،‬قدوة مكت سدبها باملمار سدة‬ ‫والدربة ‪ ،‬وطول االطالع على آثار الكتاب والشعراء‪ ،‬والتمر؛ باجليد من هدا‬ ‫والقبيح‪ ،‬ليتعرف على األسرار واخلباما‪.‬والثالث مجاع االثنني معًا ومسميه‬ ‫الفطنة ‪ ،‬واي امتزاج الطبع باحلذق ‪ ،‬وصاحب الفطنة أ قددر ع لدى التمي يدز‬ ‫‪. 187‬‬ ‫(‪ )21‬العمدة ‪ ،‬جـ ‪، 1‬‬ ‫‪. 373 ، 372‬‬ ‫(‪ )22‬املوازنة ‪،‬‬ ‫‪35‬‬ ‫واحلكم مدن صداحب الط بدع و حدده ‪ ،‬أو صداحب ا حلدذق و حدده ‪.‬و مددلنا‬ ‫اآلمدي على كيفية هنمية احلذق لشحذ الفطنة ‪ ،‬فددعا إىل ضدرورة اال طدالع‬ ‫واملالزمة لشعر القدماء ‪ ،‬وخاصة منْ فضلاهم علماء الشعر على غريام وقراءة‬ ‫الفاض واملفضول هعني على الوقوف على أسباب التفضي ‪ ،‬فيزمد بذل ما‬ ‫قاله ابن سالم وغريه من السابقني من اإلملام بالشعر واملعرفة جبيد األتب ‪،‬‬ ‫واملعر فددة جب هددوت ال سددابقني وآراء الن قددات ا حلدداذقني يف ج يددد ال شددعر ورتم ئدده‬ ‫للوقوف على أسباب هفضيلهم للجيد وهأخريام للرتيء واذا اال طدالع م ضدع‬ ‫بني مدي النقات أتوات للنقد واحلكم ‪".‬‬ ‫(‪)23‬‬ ‫عرف العرب إذن للذوق معنيني "أحداما امللكة الراسخة يف النفس‬ ‫‪ ،‬الناشئة من ممارسة كالم العرب‪ ،‬وثانيهما اذا االستعدات الف طدري ا لدذي‬ ‫مه يددا صدداحبه إلترا مددا يف ال كددالم مددن مجال‪،‬و مددا هلددذا اجل مددال مددن‬ ‫(‪)24‬‬ ‫أسرار؟"‬ ‫و مددن ثددم؛"مل مقت صددر ن قددات ال عددرب ع لددى االع تدددات بددالطبع وا لددذكاء‬ ‫وحداما يف الناقد‪ ،‬ب رأوا ضرورمًا له أن م ضديف إىل ذ لد ثقا فدة وا سدعة‪،‬‬ ‫الهقف ع ندد شدـيء بعي نده‪،‬ب هتط لدب اإل ملدام جبم لدة مدن الثقا فدات‪ ،‬قدال‬ ‫طلبت علم الشعر عند األصمعي‪ ،‬فوجدهه ال حي سدن إال غرم بده‪،‬‬ ‫اجلاح‬ ‫‪. 14 ، 13‬‬ ‫(‪ )23‬هارم النقد األتبي والبالغة ‪،‬‬ ‫‪. 88‬‬ ‫(‪ )24‬أسس النقد األتبي عند العرب ‪،‬‬ ‫‪36‬‬ ‫فرجعت إىل األخفش فوجدهه ال متقن إال إعرابه ‪ ،‬فعطفت على أبي عب يددة‬ ‫فوجدهه ال منق إال ما اه صد باألخ بدار ‪ ،‬وهع لدق باأل مدام واألن سداب ‪ ،‬ف لدم‬ ‫أظفر مبا أرتت إال عند أتباء الكتّاب ‪.‬فمعرفة الغرمب و حدداا ال هك فدي ‪،‬‬ ‫وكذل ال مكفي معرفة اإل عدراب واأل مدام واألن سداب ‪ ،‬بد ال بدد مدن ثقا فدة‬ ‫شاملة ؛ ولذل كدان أت بداء الك تدّاب وذوو الثقا فدة الوا سدعة ادم أ اد الع لدم‬ ‫(‪)25‬‬ ‫بالشعر وأحق النا؛ بتقدمره ونقده يف رأي اجلاح ‪".‬‬ ‫ومتأثر الذوق لدى الناقد واملبدع على حدد سدواء ب عددة عوام ؛من هدا‬ ‫البيئة املكانية ‪ ،‬والزمان ‪ ،‬واجلنس ‪ ،‬ونوعية الثقافة والدراسة ا لديت من شدأ‬ ‫علي هددا النا قددد (‪)26‬؛فالبي ئددة املكان يددة مددثالً ع نددد ال بدددوي غري اددا ع نددد أ اد‬ ‫احلضر؛ إذ بني البيئتني فروق ماتمة ومعنومة هطبع عناصر الذوق كالعاط فدة‬ ‫والعق واحلس بطوابعها ؛ فأا االباتمة كانوا مفضلون زاريمًا أل نده بددوي‬ ‫خالص وشعره صورة لبيئته لفظًا ومعنى وخ يداالً‪ ،‬يف حدني أنّ أ اد الكو فدة‬ ‫ذوو ذوق مرتف لتأثرام باحلضارات املختلفة؛ ولذا كانوا مف ضدلون األع شدى‬ ‫ألن يف شعره مسحة حضارة؛ فقد وفد على األمم واحل ضدارات ا جملداورة يف‬ ‫اجلزمرة العربية وهأثره بأذواقهم وعاتاههم و قال يف اخلمر والرتف مما مالئم‬ ‫‪. 82‬‬ ‫(‪ )25‬السـابق ‪،‬‬ ‫‪ 33‬و ما بعداا ‪.‬‬ ‫(‪ )26‬منظر أصول النقد األتبي ‪،‬‬ ‫‪37‬‬ ‫جانٌ و مرت فدون كدثريون؛ ن ظدرًا ل تدأثرام‬ ‫ذوق أا الكوفة الذمن كان فيهم مُ ّ‬ ‫باحلضارات املختلفة؛حيث إن للبيئة أثرًا مباشرًا على شعر الشاعر‪.‬‬ ‫ونلمس ذل فيما مرومه حممد بن سالم عن أثر البي ئدة احل ضدرمة يف‬ ‫شعر عدي بن زمد العباتي الذي كان مسكن ا حلدرية ومرا كدز الر مدف ح تدى‬ ‫الن لسانه ‪ ،‬وسه منطقه (‪)27‬؛ نظرًا لتأثره مبن حوله من األخال ح يدث‬ ‫نالت البيئة احلاضرة من ملكته الشعرمة ومن فصاحته اللغومة ‪.‬‬ ‫وكذل ما أورته صاحب األغاني من أن مدونس بدن حب يدب أرات أن‬ ‫مسقط االحتجاج بشعر ابن قيس الرق يدات‪ ،‬و قدد ق يد لده و ادو ح جدازي‬ ‫فصيح‪ ،‬فقال عنه ليس بفصيح وال ثقة‪ ،‬شغ نفسه بالشرب بتكرمت (‪)28‬؛‬ ‫فقد أتر مونس أن إقامة ا بدن قديس الرق يدات بتكر مدت أ ضدرت بف صداحته‬ ‫احلجازمة‪ ،‬وجعلت شعره ليس حبجة ‪.‬‬ ‫كما نرى ذل واضحًا فيما روي عن الشاعر العباسي علي بن اجلهم‬ ‫‪ -‬إن صحت اذه الروامة ‪ -‬أنه مدح املتوك بب غددات حدني و فدد عل يده مدن‬ ‫الباتمة بقصيدة منها اذان البيتان‬ ‫حفَـاظِك للـوُ ِّ‬ ‫ت كالكـلبِ يف ِ‬ ‫أن َ‬ ‫س فـــي قِــاَاع اخلُـطُـو ِ‬ ‫ب‬ ‫كالنيْـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪. 92‬‬ ‫(‪ )27‬املوشح ‪،‬‬ ‫‪. 154‬‬ ‫(‪ )28‬األغاني ‪ ،‬جـ ‪، 5‬‬ ‫‪38‬‬ ‫أنتَ كال َّلَــوِ ال عَـ ِمنَاكَ َلْــوًا‬ ‫(*)‬ ‫القنُوبِ‬ ‫م كِـبـار الـ ِّال ‪،‬كَرـ َ َّ‬ ‫خد ّ ع نده‬ ‫حتى إذا مسعوا قوله امَّ بعض احلضور بقتله ‪ ،‬فقال اخللي فدة‬ ‫فذل ما وص إليه علمه و مشهوته و لقد هومست ف يده ا لدذكاء ف لديقم بين ندا‬ ‫زمنًا وقد ال نعدم منه شاعرًا جميدًا ‪ ،‬فلما أقام عليّ بدن اجل هدم يف احل ضدر‬ ‫بضع سنني هأثر ذوقه بهذه البيئة احلضرمة اجلدمدة الطارئ علي هدا ‪،‬و قدال‬ ‫شعرًا رقيقًا مالئمًا ؛ مث قوله‬ ‫عيونُ امل َــا بني الاُّصَافة اجلِسْــاِ‬ ‫ال أ ر‬ ‫جَ َل ْب َ اهلوى م حيثُ أ ر‬ ‫أعِ ْنَ ليَ الشَّـو َ القـ فمَ مل أكـ‬ ‫جمْـاِ‬ ‫جمْـاًا على َ‬ ‫سلوتُ ‪ ،‬لكـ ْ زِ ْنَ َ‬ ‫ومقال إنه بعد ذل أصبح أقرب الشعراء إىل املتو كد و أ غددق عل يده‬ ‫من األموال واجلوائز كما كان ندميه وجليسه ا لدذي مُ سدر إل يده مبدا حيددث‬ ‫بينه وبني حمظياهه وجوارمه؛ وال ش أن مقولة املتو كد قدد حتق قدت ف يده‬ ‫(‪)29‬‬ ‫وأثرت عليه البيئة اجلدمدة ‪.‬‬ ‫(*) الذَّنوب الدلو العظيمة أو النصيب و احل ‪.‬‬ ‫(‪ )29‬منظر املرجع السـابق ‪.‬‬ ‫‪39‬‬ ‫وقد فرَّق ابن سالم بني شعراء الباتمة وشعراء القرى العرب يدة؛ م ثد‬ ‫املدمنة وال طدائف واليما مدة والبحرمن؛ح يدث ج عد شدعراء ال قدرى يف طب قدة‬ ‫خاصة نظرًا الختالف أسلوب احلياة والتفكري وكيف يدة ف هدم ال شدعر وهذو قده‬ ‫(‪)30‬‬ ‫ونقده يف الباتمة عن احلضر‪.‬‬ ‫فالذوق اجلمالي خيتلف من بي ئدة أل خدرى؛ و مدتغري بدتغري امل كدان؛‬ ‫ور مبددا جيددد ال شدعر ق بددوالً واستح سددانًا يف بي ئددة ما‪ ،‬فددإذا انت قد إىل بي ئددة‬ ‫أخرى فقَد اذا االستحسان والقبول؛وذل الختالف األذواق‪ ،‬وهبامنها ع ندد‬ ‫هأم الشعر؛ فل كد شداعرٍ مج هدورٌ ومعج بدون‪ ،‬مطر بدون ل شدعره؛مقول ا بدن‬ ‫سالم "أخربني مونس بدن حب يدب أن عل مداء الب صدرة كدانوا م قددمون ا مدرأ‬ ‫القيس بن حُجْر ‪ ،‬وأا الكوفة كانوا مقدمون األع شدى‪ ،‬وأن أ اد احل جداز‬ ‫(‪)31‬‬ ‫والباتمة كانوا مقدمون زاريًا والنابغة‪".‬‬ ‫فلك بيئة أو مجاعة مطالب فنية أو مجاليات بعينها ردداا ع ندد‬ ‫شاعر تون غريه(‪)32‬؛ومؤمد اذا ما مقول ابن سالم عن كُث يدعر "و كدان كث يدعر‬ ‫شاعر أا احلجاز ‪،‬وإنهم ليُقدعمونه على بعض من قدَّمنا عليه ‪.‬واو شاعر‬ ‫(‪)33‬‬ ‫فح ‪ ،‬ولكنه منقو ٌ حظاه بالعراق ‪".‬‬ ‫‪. 19 ، 18‬‬ ‫(‪ )30‬ابن سالم وطبقات الشعراء ن‬ ‫‪. 52‬‬ ‫(‪ )31‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬جـ ‪، 1‬‬ ‫‪. 121‬‬ ‫(‪ )32‬التفكري النقدي عند العرب ‪،‬‬ ‫‪.540‬‬ ‫(‪ )33‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬جـ ‪، 2‬‬ ‫‪40‬‬ ‫فقد أتر النقات ال عدرب أ ثدر البي ئدة املكان يدة يف ه شدكي الط بدع أو‬ ‫الذوق يف الذات املبدعة مما منعكس على إنتاج ال شداعر؛ ح يدث عر فدوا أ ثدر‬ ‫البيئة يف صالبة الشعر ووعورهه أو يف رقته وتماثته‪ ،‬يف جزالته وقو هده‪ ،‬أو‬ ‫يف سهولته وليونته ‪،‬ويف انعكا سدها ع لدى م عداني ال شداعر وه شدبيهاهه كدذل‬ ‫حيث ذكر القاضي عبد العزمز اجلرجاني أن البداوة من شأنها أن هؤتي إىل‬ ‫صالبة الشعر وهعقيد ال كدالم أو إىل كدزازة ب عدض األل فداظ وو عدورة اخل طداب‬ ‫حتى إن النيب صلى اهلل عليه وسلم من بدا جفا ‪( ،‬غل ) مقول يف ذ لد‬ ‫"وقد كدان ال قدوم خيتل فدون يف ذ لد ‪ ،‬وهت بدامن ف يده أ حدواهلم‪ ،‬فدريقّ شدعر‬ ‫أحدام‪،‬ومصلبُ شعر اآلخر‪،‬ومسه لف أحدام ‪،‬ومتوعر منطق غريام وإمنا‬ ‫ذل حبسب اختالف الطبائع وهرك يدب اخلِ لدَق ؛ فدإن سدالمة الل دف هت بدع‬ ‫سالمة الطبع ‪،‬وتماثة الكالم بقدر تماثة اخللقة ‪.‬أنت رد ذ لد ظداارًا يف‬ ‫أا عصر وأبناء زمان ‪،‬و هدرى ا جلدايف اجل لدْف مدنهم كدزَّ األل فداظ مع قدد‬ ‫الكالم ‪،‬وعْر اخلطاب ‪...‬ومن شأن البداوة أن حتدث بعض ذ لد ؛ وألج لده‬ ‫قال النيب صلى

Use Quizgecko on...
Browser
Browser