🎧 New: AI-Generated Podcasts Turn your study notes into engaging audio conversations. Learn more

Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...

Full Transcript

‫سلم ‪108‬‬ ‫المحاضرة األولى‬ ‫الوحدة األولى‬ ‫مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬وضماناتها‪ ،‬ومصادرها‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم حقوق اإلنسان في اإلسالم وخصائصها‬ ‫ مصطلح (حقوق اإلنسان) مركب من مصطلحين‪ ( :‬الحقوق) و ( اإلنسان)‬ ‫‪.1‬مفهوم الحق‪ :‬الحق في ال...

‫سلم ‪108‬‬ ‫المحاضرة األولى‬ ‫الوحدة األولى‬ ‫مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬وضماناتها‪ ،‬ومصادرها‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم حقوق اإلنسان في اإلسالم وخصائصها‬ ‫ مصطلح (حقوق اإلنسان) مركب من مصطلحين‪ ( :‬الحقوق) و ( اإلنسان)‬ ‫‪.1‬مفهوم الحق‪ :‬الحق في اللغة يأتي لمعان‪ ،‬فهو نقيض الباطل‪ ،‬وهو‪ " :‬الثابت الذي ال‬ ‫يسوغ إنكاره"‬ ‫في االصطالح الفقهي‪ " :‬ما ثبت بإقرار الشرع وأثبت حمايته لصاحبه"‬ ‫في القانون‪" :‬مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون"‬ ‫يختلف الحقان في المصدر والشمول‪:‬‬ ‫المصدر عند الفقهاء‪ :‬الشرع‬ ‫وعند القانونيين‪ :‬القانون‬ ‫في الشرع يشمل المصالح الدينية والدنيوية‬ ‫‪.2‬مفهوم اإلنسان‪ :‬اإلنسان هو محل الحقوق التي تؤدي إليه تعبدا هلل تعالى‪.‬واالنسان ال يحتاج إلى‬ ‫تعريف‪.‬‬ ‫ الرؤية اإلسالمية تعتقد أن اإلنسان أحد مخلوقات هللا تعالى‪ ،‬غير أن هللا كرمه ﴿ َولَقَد َك مرمنَا بَنِي آ َد َم﴾‬ ‫ان ِفي أَح َ‬ ‫س ِن تَق ِويم﴾‬ ‫س َ‬ ‫ وأحسن خلقه‪ :‬قال تعالى‪ ﴿ :‬لَقَد َخلَقنَا ِ‬ ‫اإلن َ‬ ‫ين ﴾‬ ‫اج ِد َ‬ ‫س ِ‬‫ت فِي ِه ِمن ُّرو ِحي فَقَعُوا لَهُ َ‬ ‫ وأسجد له المالئكة‪ :‬قال تعالى‪ ﴿ :‬فَإ ِ َذا َ‬ ‫س مويتُهُ َونَفَخ ُ‬ ‫ون‬ ‫ط ِ‬‫ّللاُ أَخ َر َج ُكم ِمن بُ ُ‬ ‫ وجعله محال لالختبار والتكليف بما رزقه من عقل وصفات‪ :‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬و م‬ ‫ار َواْلَفئِ َدة َ ۙ لَعَلم ُكم تَش ُك ُر َ‬ ‫ون﴾‬ ‫ص َ‬‫سم َع َواْلَب َ‬ ‫أ ُ مم َهاتِ ُكم َال تَعلَ ُم َ‬ ‫ون شَيئًا َو َجعَ َل لَ ُك ُم ال م‬ ‫اإلنسان في اإلسالم محل الحقوق ومحور الرساالت السماوية‪.‬‬ ‫الفلسفات اْلخرى ترى اإلنسان مجرد تطور طبعي من كائنات أخرى‬ ‫‪.3‬تعريف حقوق اإلنسان في اإلسالم‪:‬‬ ‫"الحقوق التي كفلها اإلسالم لإلنسان في كل مجاالت الحياة اإلنسانية"‬ ‫ثانيا‪ :‬خصائص حقوق اإلنسان في اإلسالم‬ ‫الخصائص التي تتميز بها الحقوق في اإلسالم غير غيرها في الفلسفات اْلخرى‪:‬‬ ‫‪.1‬أنها ربانية المصدر‪ :‬في ليست منحة‪ ،‬وال منطلقة من معاهدة أو نظام قانوني معين‪ ،‬بل‬ ‫هي حقوق جاءت تشريعا من عند هللا‪.‬‬ ‫هذه الربانية تكسبها المكانة العالية واالحترام‪ ،‬وهذا يحفظها من التالعب والتحايل‪ ،‬فهي‬ ‫ّللا فَأُو َٰلَ ِئ َك‬ ‫ّللا فَ َال تَعت َدُو َها ۚ َو َمن يَتَعَ مد ُحدُو َد م ِ‬ ‫مقررة ومحددة بالشرع‪ :‬قال تعلى‪ِ ﴿ :‬تل َك ُحدُو ُد م ِ‬ ‫ون﴾‪.‬‬ ‫ُه ُم م‬ ‫الظا ِل ُم َ‬ ‫‪.2‬أن الحقوق أحكام شرعية‪ :‬من أعظم ما يميز حقوق اإلنسان في اإلسالم أنها في اعتقاد‬ ‫المسلمين من حدود هللا ال يجوز تعديها‪.‬‬ ‫‪.3‬أن غايتها تحقيق العبودية هلل‪ :‬خلق هللا اإلنسان لعبادته ليتحررمن عبودية البشر‬ ‫واْلهواء وال تنفصل الحقوق عن هذه الغاية فألجلها صينت حياته وجوارحه وماله‬ ‫نس ِإ مال ِليَعبُد ِ‬ ‫ُون﴾‪.‬‬ ‫اإل َ‬ ‫﴿و َما َخلَق ُ‬ ‫ت ال ِج من َو ِ‬ ‫وعرضه‪.‬قال تعاىل‪َ :‬‬ ‫‪.4‬الثبات واالستقرار‪ :‬فحقوق اإلنسان في اإلسالم‪ ،‬الستنادها إلى الوحي يسلم بها جميع‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وهذا يمنحها حماية عظيمة تمنع أي عقل أو فهم او مصلحة أن يغير فيها شيئا‪.‬‬ ‫وهذا بخالف الفلسفات اْلخرى فالحقوق ال تستند إلى مصدر قطعي يحميها من التعديل‬ ‫والتغيير‪.‬‬ ‫ولما كانت حركة اإلنسان المعاصر تفتقر إلى المرتكزات الثابتة وإلى المعايير الواضحة‬ ‫الموجهة‪ ،‬كان التخبط في كثير من اْلحيان سمة لها‪.‬فمرة تكون في خدمة اإلنسان ومرة‬ ‫ضده‪ (.‬التقدم العلمي مثال‪ ،‬أنتج الطاقة النووية وأيضا القنبلة الذرية)‪.‬‬ ‫‪.5‬أنها معززة بالدافع اإليماني والرقابة الذاتية‪ :‬مما يميز الحقوق في اإلسالم أن المسلم ال‬ ‫يتعامل معها على أنها فروض قانونية يجب عليه االلتزام بها ليتجنب الوقوع في تحت طائلة‬ ‫المسؤولية الدنيوية‪ ،‬بل لكونها واجبات دينية يحقق فيها مرضاة هللا‪ ،‬والنجاة من عقابه‪.‬‬ ‫القوانين والعقوبات مهما بلغت من القوة فإنها ال تستطيع أن توقف الظلم عن اإلنسان‪ْ ،‬لنها‬ ‫تعمل على حفظ حق اإلنسان في الجانب الظاهري‪ ،‬بينما يصل بها الجانب اإليماني إلى‬ ‫أعماق النفس فيحفظها المسلم كما يحفظ حقوقه ْلنها من حدود هللا‪.‬‬ ‫‪.6‬علـو مـرتبـة التكليف بهـا‪ :‬إن الحقوق في اإلسالم ترتفع إلى مستوى الواجبات‪،‬‬ ‫وليست مجرد حقوق مباحة فقط‪ ،‬فكفالة اإلسالم لها جعلها في مرتبة الواجبات‪ ،‬فهي من‬ ‫الواجبات التي يلزم الفرد والمجتمع والدولة القيام بها وحفظها امتثاالً ْلمر هللا‪ ،‬وخوفا ً‬ ‫من الوقوع في مخالفته‪.‬‬ ‫وزيادة في صون اإلسالم حقوق اإلنسان قيد حرية هذا اإلنسان في التعامل مع تلك‬ ‫الحقوق؛ فلم يدع له مطلق الحق في التعامل معها؛ فإذا كان مثالً من حقه أن يتنازل عن‬ ‫حقه المادي‪ ،‬فإن هناك حقوقا ً ال يجوز له التعدي عليها وال تمكين غيره من ذلك كحقه‬ ‫في بدنه‪ ،‬فال يجوز له وال لغيره التعرض له بقتل أو جرح أو قطع ‪ ،‬ولو كان حقا ً له‪،‬‬ ‫فهو من اْلمانات التي استرعاه هللا حفظها‪ :‬قال تعالى‪َ ( :‬والم ِذ َ‬ ‫ين ُهم ِْل َ َمانَا ِت ِهم َو َ‬ ‫عه ِد ِهم‬ ‫ون »‬ ‫ع َ‬‫َرا ُ‬ ‫وبناء على هذا لم تطلق الشريعة لإلنسان التصرف في جسده‪ ،‬بل جعلت التصرف فيه‬ ‫محكوم بقيود وضوابط شرعية‪.‬‬ ‫‪.7‬الموازنة بين الحقوق‪ :‬إن هذه الحقوق لما كانت من تنزيل حكيم عليم جاءت متوازنة ال يؤدي‬ ‫الحفاظ على حق منها إلى تضييع حق غيره ‪ ،‬كما هي طبيعة البشر الذين ال يستطيعون بمجرد عقولهم‬ ‫أن يحققوا التوازن بين الحقوق ‪ ،‬بل ربما غلبوا حقا ً على حق أو راعوا جانبا ً بما يؤدي إلى إهمال‬ ‫جوانب أخرى وتضييعها‪.‬‬ ‫ولذا كان في االلتزام بالشرع تحقيق التوازن في الحقوق ‪.‬‬ ‫ومن أمثلة اختالل التوازن في صـون الحقوق في الفلسفات الغربية‪ :‬تقنينهم حق المرأة في القيام بعملية‬ ‫إجهاض الجنين ‪ ،‬وقتله ْلي سبب كان‪.‬والخلل في هذا بين عظيم ؛ فإنهم نظروا إلى حق المرأة ‪ ،‬ولم‬ ‫يلتفتوا إلى حق الطفل الذي في بطنها ‪ ،‬وما ذلك إال لكونه إنسانا ً ضعيفا ً ال يملك حوال وال قوة حقه في‬ ‫وال يعلم عن جريمة قتله أحد ‪ ،‬وهذا ما تداركته الشريعة اإلسالمية حين حرمت إجهاض الجنين لغير‬ ‫ضرر بين معتبر شرعا ً)‪.‬‬ ‫ومن أمثلة هذا االختالل في التوازن في مراعاة الحقوق‪ :‬العناية الكبيرة التي توليهـا القـوانين‬ ‫المعاصرة لجانب الجناة‪ ،‬فقد دفعها االهتمام بأثر العقوبة في الجاني‪ ،‬وفي عائلته وجيرانه إلى اإلفراط‬ ‫في تخفيف العقوبة‪ ،‬فمنعـت مـن قـتـل القـاتل‪ ،‬وقطع يد السارق‪ ،‬ونحو ذلك من العقوبات الشرعية؛‬ ‫مراعاة للجاني وشفقة عليه‪ ،‬والحقيقة أن هذه المراعاة قد تحولت إلى ظلم حين ضيعت حق المجني‬ ‫عليه ‪ ،‬الذي هو أولى بالمراعاة ؛ وفرطت في حق المجتمع في صيانته من عدوانهم ‪ ،‬ومنع تكرار‬ ‫هذه الجرائم ‪.‬‬ ‫ضمانات حقوق اإلنسان‬ ‫ومن أبرز الضمانات التي تختص بها حقوق اإلنسان في اإلسالم ما‬ ‫يأتي ‪:‬‬ ‫ أوال ‪ :‬الضمانة المجتمعية‪ :‬فحقوق اإلنسان في اإلسالم أحكام يؤمن‬ ‫بها المجتمع المسلم‪ ،‬فمن يخالفها سيجد اإلنكار عليه من المجتمع‬ ‫نفسه‪ ،‬يجد ذلك من أقاربه وأصدقائه وكل من يعلم بهذا االنتهاك‪،‬‬ ‫فهو من المنكرات التي يجب إنكارها بقدر المستطاع كما قال النبي‬ ‫صلى هللا عيه وسلم‪( :‬من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم‬ ‫يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان)‪.‬‬ ‫ ثانيا‪ :‬الرقابة الذاتية‪ :‬الشرع يوجب على اإلنسان أن يراقب ربه في مستوى‬ ‫حفاظه على حقوق اإلنسان‪ ،‬فيستحضر اإلثم الديني‪ ،‬والخشية من العقاب في‬ ‫اآلخرة‪ ،‬فيدرك أنه وإن سلم في الدنيا‪ ،‬أو كانت له قوة تعصمه من الجزاء‪ ،‬فإنه‬ ‫سيكون مستحقا ً للجزاء يوم القيامة‪ ،‬وهذا مما يعطي هذه الحقوق ضمانة في‬ ‫اإلسالم تفتقر إليها بين أتباع الفلسفات الوضعية ‪.‬‬ ‫ ثالثاً ‪ :‬صون الحقوق من اإلسقاط‪ :‬إن ربط هذه الحقوق باإلسالم بعد ضمانا‬ ‫لها من اإلسقاط بالقوانين؛ ذلك أن كل ما يخالف الشريعة ساقط الشرعية‪ ،‬لقول‬ ‫النبي‪( :‬ال طاعة في معصية هللا ‪ ،‬إنما الطاعة في المعروف)‪ ،‬وهذه الضمانة‬ ‫تفتقر إليها حقوق اإلنسان في الفلسفات الوضعية من جهة كون الحامي لها هو‬ ‫القوانين؛ فالحماية التي كفلتها الدساتير الغربية للحقوق مقيدة بالنصوص‬ ‫القانونية‪ ،‬فهي تنص على جواز االعتقال أو الحبس إال بحكم القانون‪ ،‬ولما كان‬ ‫القانون من وضع الناس أنفسهم كان هذا سببا النتهاك الحقوق باسم القانون‪،‬‬ ‫مثل قانون الطوارئ‪ ،‬أو اْلحكام العرفية‪ ،‬أو المحاكم االستثنائية ‪.‬‬ ‫مصادر حقوق اإلنسان في اإلسالم‬ ‫ المصدر األول‪ :‬القرآن الكريم‪.‬فالقرآن هو المصدر األول واألعلى في‬ ‫اإلسالم لمعرفة األحكام الدالة على الهدى والنور ‪ ،‬وحين نقرأ القرآن لتستلهم‬ ‫موقف اإلسالم من الحقوق‪ ،‬وحمايته لها نجده قد نص على حقوق كثيرة ‪ ،‬كما‬ ‫سيأتي التدليل على كثير منها ‪ ،‬كما نص على حقوق لم يفطن إليهـا بعـد‬ ‫أصحاب المواثيق الوضعية‪ ،‬كحق الضيف‪ ،‬وحق الطريق‪ ،‬وحق الجار‪،‬‬ ‫وحق ضعاف العقول؛ مما يجعلنا تقول‪ :‬إن القـرآن الكـريـم يمثـل بحـق‬ ‫الوثيقة العظمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫المصدر الثاني‪ :‬السنة المطهرة‪.‬إن سنة النبي صلى هللا عليه وسلم المصدر‬ ‫الثاني للتشريع في اإلسالم ‪ ،‬فأقواله وأفعاله وتقريراته منبع نقي ‪ ،‬نستقي منه‬ ‫المنهج ‪ ،‬لمعرفة حقوق اإلنسان ‪ ،‬كما أن هديه وسيرته هي تطبيق عملي‬ ‫للمنهج الشرعي في فهم الحقوق وكيفية التعامل معها ‪.‬‬ ‫المصدر الثالث ‪ :‬اإلجماع ‪.‬اإلجماع أحد األدلة الشرعية المعتبرة ‪،‬‬ ‫والمقصود به ‪ « :‬اتفاق مجتهدي العصـر مـن هذه األمة على أمر‬ ‫ديني » ‪ ،‬واإلجماع في الحقيقة مصدر تابع للقرآن والسنة ‪ ،‬وليس‬ ‫مصدرا مستقال؛ فإجماعهم دليل على وجود دليل‪ ،‬وال يحتمل‬ ‫االختالف عليه) ‪.‬‬ ‫المصدر الرابع ‪ :‬األدلة والقواعد التبعية‪.‬ويشمل ذلـك ‪ :‬القياس‪،‬‬ ‫والمصالح المرسلة ‪ ،‬والعـرف ‪ ،‬وسـد الذريعـة‪ ،‬واالستحسان‪،‬‬ ‫والقواعد العامة التي تحكم الشريعة كقاعدة الضرورة والحاجة‬ ‫ورفع الحرج ورفع الضرر وغيرها‪.‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser