تاريخ عُمان ودراسات في الحضارة الإسلامية - اختبار أول - 2024
Document Details
جامعة السلطان قابوس
2024
Tags
Summary
This document is an outline of a course on the history of Oman and studies in Islamic civilization, focusing on topics such as Oman's history in ancient times, Islamic periods, and modern history. The document also details the course's schedule, including dates and topics for the exam, the first exam is scheduled on October 22,2024.
Full Transcript
جامعة السلطان قابوس كلية اآلداب والعلوم االجتماعية قسم التاريخ تاريخ عُمان ودراسات في الحضارة اإلسالمية خريف 2024 1 الموضوعات الرئيسة للمقرر: الموضوعات...
جامعة السلطان قابوس كلية اآلداب والعلوم االجتماعية قسم التاريخ تاريخ عُمان ودراسات في الحضارة اإلسالمية خريف 2024 1 الموضوعات الرئيسة للمقرر: الموضوعات م التعريف بالمادة 1 عمان وحضارتها في العصور القديمة مسميات عمان. الزراعة ومنشآت الري. 2 موانئ عمان القديمة. عمان في العصر اإلسالمي الوسيط عمان قبيل اإلسالم. إسالم أهل عمان +عمان في عصر الخلفاء الراشدين. عمان في عصري الخلفاء األمويين والعباسيين (حتى سنة 280هـ). 3 عصر النباهنة في عمان - دور عمان الحضاري في العصر االسالمي. االمتحان األول2024/10/22م 4 تاريخ عمان الحديث والمعاصر االمام ناصر بن مرشد مؤسس دولة اليعاربة +اإلمام سلطان بن سيف اليعربي +دور عمان الحضاري في عهد اليعاربة. 5 اإلمام احمد بن سعيد (اعماله الداخلية -عالقاته بالقوى اإلقليمية). عهد السيد سعيد بن سلطان وقيام اإلمبراطورية العمانية (1856-1804م) األوضاع العامة في عمان خالل القرن العشرين االمتحان الثاني2024/11/19م 6 الحضارة اإلسالمية الحضارة اإلسالمية (نشأتها -مولدها -نموها -ازدهارها). الدعائم الداخلية للحضارة اإلسالمية حركة الترجمة. 6 القضاء في اإلسالم. النظام اإلداري امتحان نهاية الفصل 7 2 الباب األول تاريخ عمان وحضارتها في العصور القديمة ا (أوال) :المصادر التاريخية التي تناولت ذكر إقليم ماجان الحضاري: عمان في التاريخ القديم ،وتعد أقدم إشارة كثيرة هي المصادر التي تناولت ذكر ُ لها تلك التي وردت في النصوص المسمارية مع منتصف األلف الثالث قبل الميالد ( 2500ق.م) ،والتي كانت تشير إلى التواصل الحضاري والتجاري بين حضارات جنوب بالد الرافدين ومناطق الخليج العربي ،والتي كانت ماجان من أهم أقاليمه بجانب دلمون. ويمكن ترتيب هذه المصادر زمنيًا على النحو التالي: .1سجالت ملوك (سومر) و(أكاد) و(أشور) والدولة البابلية األولى ،وملوك الدولة البابلية الحديثة (الكلدانية). .2أسفار العهد القديم (التوراة). .3المصادر المسيحية (اآلدب السرياني). .4الكتابات الكالسيكية (اليونانية والرومانية). .5النقوش اليمنية القديمة وباألخص الحضرمية منها؛ والتي كتبت بخط المسند. .6األدبيات العربية اإلسالمية. كل تلك المصادر تشكل المعطيات العلمية ،واألدوات المعرفية األساسية في عمان القديم.ولكن أهمها على اإلطالق هي المدونات دراسة تاريخ وحضارة ُ المسمارية ،وتنقسم هذه المدونات حسب وصف وتسجيل النصوص إلى عدة أقسام، منها :النصوص األدبية والدينية ،والسجالت العسكرية ،واالقتصادية.وتعد جميعها من أقدم وأوفى المصادر القديمة في الكشف عن حضارة (ماجان).كما أنها تؤكد عمق عمان القديمة ،وبالد الرافدين.وتتعدد الصالت التاريخية والتجارية البعيدة المدى بين ُ النصوص المسمارية التي ذكرت (ماجان) ،إذ تغطي فترة زمنية طويلة من األحداث. 3 (ثانياا) :اإلطار الجغرافي إلقليم ماجان الحضاري: بات من المؤكد أن إقليم ماجان كان يضم مساحة واسعة من الركن الجنوبي الشرقي للخليج العربي ،تشمل حاليا ً سلطنة عمان ،ودولة اإلمارات العربية المتحدة. وقد حظيت ماجان بموقع جغرافي إستراتيجيي؛ فى البؤرة المركزية لحضارات الشرق دورا مه ًما في هذا اإلطار ،يَسر لها المجال األدنى القديم.وكان للبيئة الطبيعية المتميزة ً فعاال في منظومة التجارة على الصعيدين اإلقليمي والدولي[. دورا رياديًا ًفي لعب ً خريطة ]1 [ خريطة :]1الموقع االستراتيجي لحضارتي ماجان ودلمون هذا الدور يبدو واض ًحا وتتجلى تفاصيله ومفرداته من خالل الوثائق والنصوص المسمارية باختالف صنوفها.وهي وثائق تمتد زمنيًا وبدون انقطاع من األلف الثالث وحتى النصف األول من األلفية األولى قبل الميالد.وهناك عدد من الحقائق واألدلة التي تؤكد ذلك ،نذكر منها: .1ذكر اسم إقليم (ماجان) الحضاري في النصوص السومرية واألكادية مقترنًا مع حضارتي (دلمون) و(ملوخا) ،وجميع تلك الحضارات قامت في (البحر 4 األسفل) أي (البحر الجنوبي) من العراق القديم ،ويقصد به الخليج العربي وبحر عمان.تمييزا ً له عن (البحر األعلى) الذي يقصدون به كما يظن بعض العلماء البحر المتوسط. .2تكرر ذكر نحاس (ماجان) في المسماريات ،إذ لعب نحاس ماجان دورا ً كبيرا ً بين منطقة الخليج ،وبالد الرافدين ،فالنحاس كان ،وما يزال حتى وقتنا الحاضر، من أهم صادرات عمان.والواقع أن النصوص المسمارية نفسها أشارت بشكل مباشر وصريح إلى جبل المعادن فى (عمان) ،ورغم أن عمليات المسح الجغرافي الحديثة قد أخفقت فى التعرف على موقع هذا الجبل ،إال أن أعمال التنقيبات األثرية توصلت مؤخرا ً إلى مكان يدعى (جبل المعادن) فى (وادى عاهن) فى الداخل من مدينة (صحار)؛ أطلق عليه الباحثون اسم (الميدان )6 ألنه فى قرية على الوادي المذكور تسمى (الميدان). وليس هناك من شك فى أن عمان كانت مصدرا مه ًما للنحاس فى العصور القديمة.حيث أن المناطق التى استخرج منها ال تزال مرئية.ومن الظواهر الجديرة بالمالحظة الورش الواسعة (أفران صهر النحاس) فى مناطق منظومة (وادى الجزي) بشمال عمان الغنية بالنحاس ،وقد تم العمل فى هذه الورش منذ األلف الثالثة قبل الميالد ،وباإلضافة لذلك عثر على ورش واسعة تعود لنفس الحقبة الزمنية فى كال من (وادى عندام) ،و(وادي عبري).وعلى ما يبدو أن الجماعات التى استقرت في هذه األودية الجبلية كانت تعتمد على استغالل النحاس وتصديره إلى بالد الرافدين ،وهو األمر الذى تحدثت عنه النصوص المسمارية. .3وصفت المصادر السومرية (ماجان) بـ (أرض الجبال) ،ومن المعلوم أن (الخليج العربي) ينتهي عند مدخله بسلسلة جبال (مسندم) والتي عرفت عند اليونان بـ (رؤوس الجبال) وبهذا االسم تعرف اآلن أيضاً ،وعبر المياه المجاورة لرأس (مسندم) تقع طريق السفن ،الخارجة من الخليج والقادمة إليه ،وال توجد جنوبي هذا الخليج جبال شامخة مثلها ،فهي إذن المقصودة ،ومنها كانت تجلب صخور (الديورايت) إلى العراق في العصور القديمة.وقد أيقن السومريون منذ األلف الثالث قبل الميالد حقيقة هذه السالسل الجبلية والقيمة االقتصادية بها، حتى أنهم حينما وصفوا ماجان بأنها بلد أجنبى أضافوا إليها العالمة (كود) أى جبال ماجان ،وإذا كانت ماجان تعرف فى النصوص السومرية (بجبال ماجان) فهذا يعنى القيمة االقتصادية واألهمية الحضارية لهذه الجبال. 5 )ثالثاا) :مسميات عُمان في المصادر القديمة: المسميات التي أُطلقت على (عمان) عبر مراحلها التاريخية المختلفة كثيرة وتكرارا ،ولعل أهمها: ً مرارا ً ومتنوعة.ورد ذكرها في المصادر التاريخية .1ماجان (ماكان): أشارت السجالت السومرية واألكدية إلى ماجان بالقراءة التالية( :ما -جان- كي) ويمكن نطقها (ماجان) ،كما أشارت إليها بعض المصادر بالنطق (ماكان) ،وقد يعني هذا االسم (أرض السفن) أو (ميناء السفن) ،حيث أن المقطع األول من االسم والذي ينطق (ما) إنما يعني سفينة وذلك وفقًا لما ورد في أقدم المعاجم المكتوبة والتي تعرف باسم (خار -را -خوبولم). ورد ذكر مسمى (ماجان) الحضاري ألول مرة في منتصف األلف الثالث قبل الميالد ( 2500ق.م) ،من خالل أسطورة (جلجامش وأرض األحياء) ،وهي من روائع األدب السومري ،وقد احتوت على إشارات متعددة لماجان ،منها( :أن قارب ماجان تعرض للغرق).ويتألف نص األسطورة من أربعة عشر لوحا ً طينيا ً معظمها عثر عليه في مدنية (نيبور) ،ويفهم من نص األسطورة أن ماجان كانت معروفة لسكان بالد الرافدين بكونها بالد بحرية كانت قوارابها تجوب موانئ سومر وأكاد.وفي أسطورة (انكي ونظام الكون) يرد ذكر سفن ماجان التي رست في أرض سومر محملة بالهدايا الثمينة لمدينة (نفر) مقر المعبود (انليل) ،وقد تضمنت قائمة الهدايا :الذهب والفضة عمان باإلتجار بها على مر والنحاس والقصدير والبرونز ،وهي منتجات أشتهرت ُ العصور ،ومازالت. وبخصوص المدونات المسمارية ذات الطابع العسكري ،هناك العديد من اإلشارات التي تناولت مسمى ماجان ،وأول هذه اإلشارات تعود للملك "سرجون األكدي" ( 2316 -2371ق.م) ،حيث ذكر في سجالته الحربية ما يفيد بأنه هيأ لسفن (ماجان) و(دلمون) و(ملوخا) الرسو في ميناء آكاد].أنظر الشكل .[1 6 ] شكل [1نقش لسرجون األكادي يذكر فيه اسم ماجان ألول مرة يعود تاريخه إلى الثلث األخير من األلف الثالث قبل الميالد ( 2316 -2371ق.م) وفي أحد النصوص المسمارية األخرى ،يذكر الملك األكادي "مانيشتوسو" (2306ـ 2292ق.م) أنه جهز حملة عسكرية بحرية عبرت البحر األسفل (الجنوبي) إلى الساحل الجنوبي ،إذ نشبت بين جنوده وجنود ملوك (ماجان) معركة على هذا الساحل ،انتهت بانتصاره عليهم وخضوعهم لسلطانه ،واستولى على الجبال أسفل (البحر األسفل) وحمل ما وجده فيها من األحجار التي تنحت منها التماثيل ،وهي أحجار (الديورايت) ،وصنع منها تماثيل قدمها نذرا ً لإلله (إنليل). وقد سار على نهجه الملك "نارام سين" ( 2255 -2291ق.م) ،إذ يذكر في نقش على قاعدة تمثال له أنه انتصر في تسعة حروب خالل سنة واحدة ،وبعد أن انتصر في هذه الحروب أخضع مجان واستخرج حجر الديورايت من جبالهم ونقلها إلى مدينة ً تمثاأل لنفسه. آكاد ،وصنع وجدير بالذكرأن حملة نارام سين هذه تأكد حدوثها ليس فقط في السجالت المدونة ،بل من خالل اكتشاف عدد من األواني الحجرية المنقوشة أو كسر (قطع) منها ،مصنوعة في ماجان نفسها ،والتي بال شك تم االستيالء عليها خالل حملته العسكرية على عمان ،ومن بين األوعية وعاء مصنوع من حجر المرمر ،تذكر الكتابة عليه..( :نارام سين ملك الجهات األربع ،وعاء غنيمة من مجان.)..وهناك كسر لوعائين آخرين أحدهما عثر عليه في (سوسة) عاصمة (عيالم) ،واآلخر محفوظ في 7 المتحف البريطاني.يحتوي النصف األول من النصين على الوعاءين المكسورين من الحافة العبارة اآلتية..( :وعاء غنيمة مجان). .2كادي (:)Qade كادي؛ من األسماء التي أطلقها ملوك اإلمبراطورية اآلشورية الحديثة (-934 عمان ،مع استمرار استخدام مسمى (ماجان) الذي ظل معمول به في 609ق.م) على ُ السجالت الرافدية حتى منتصف األلف األول قبل الميالد. وقد ورد مسمى (كادي) في نص للملك األشوري "آشوربانيبال" (627 -668 ق.م) ،عثر عليه في معبد اآللهة (عشتار) في العاصمة األشورية (نينوى)؛ يتحدث عن ملك اسمه (بادي) ملك أرض (كادي) ،ويقيم في مدينة (إسكي).قدم إلى نينوى ليقدم الجزية إلى الملك اآلشوري. وجدير بالمالحظة ،أن االسم (إسكي) الوارد في النقش المذكور أعاله ربما المقصود به هو (إزكي) المدينة العمانية المشهورة الواقعة في المنطقة الداخلية من عمان.أما االسم (بادي) مع إضافة أداة التعريف (البادي) أو (البداة)؛ فهو اسم عربي األصل معروف في عمان واليمن ،تُسمى به إحدى القبائل العمانية الشهيرة ،وهي قبيلة قحطانية النسب من األزد. .3ماكا: بعد أن خضعت حضارات الخليج العربي وبالد الرافدين لنفوذ األخمينيين (الفرس) في عهد ملكهم المؤسس "قورش الكبير" ( 530- 559ق.م).استبدل مسمى (ماجان) بـ (ماكا) ،وال نستبعد أن يكون االسم محرفا ً من اسم (ماجان) خاصة وأن اسم (ماجان) يكتب بالمسمارية (ماكان).وقد ذكر هذا االسم في المصادر الفارسية القديمة ألول مرة في عهد الملك "داريوس األول" ( 485 -521ق.م).وجدير باإلشارة ،أن أهالى (ماكا) عرفوا فى المصادر الكالسيكية باسم (ماشيا) ،وهو بال شك اسم منحدر من ماكا ولكن باستبدال حرف الــ (ك) بـ (ش). وفي هذا السياق أشارت بعض المصادر الكالسكية إلى مكان سمته (ماكا)، وذكرت أن سكانها يعرفون بـ (ماسيال) أو (ماشيا).ولقد ذكر المؤرخ اليوناني (هيرودوت) أن (ماسى) أو (ماسيال) ،كانت والية فارسية فى عهد الملك (داريوس األول). 8 .4عُمان: هو االسم العربي الذي عرفت به أرض ماجان ،وقد أرجعه بعض المؤرخين عمان بن إبراهيم الخليل عليه السالم ،وقيل والجغرافيين المسلمين إلى شخص يُدعى ُ إنه نسبة إلى عمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم ،وقيل إن قبيلة األزد هي التي سمتها بهذا االسم؛ نسبة إلى واد نزلوا حوله بعد هجرتهم من مأرب. وقد ذكر المؤرخ اليمني الحسن الهمداني (عاش خالل القرن العاشر الميالدي) في كتابه (صفة جزيرة العرب) قصيدة تتحدث عن هجرة األزد إلى أنحاء الجزيرة العربية ،محددا فيها موقع وادي عمان في منطقة السراة شمال مأرب. عمان شائعا في الكتابات الكالسيكية ومنذ القرن األول الميالدي أصبح اسم ُ (اليونانية والرومانية) كإقليم جغرافي واسع يقع في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية ،وتمتد حدوده الجغرافية من (رأس فرتك) جنوبا ً وحتى (رأس مسندم) شماالً ،ومن (رأس الحد) شرقا ً وحتى (خور العديد) عند (قطر) غربا ً ،وميز ال ُكتَّاب عمانا) كميناء لهذا اإلقليم ،وهذا من قبيل عمان كإقليم جغرافي ،وبين ( ُ بشكل جلي بين ُ عمانيتا). تغليب الجزء على الكل ،كما أطلقوا على شعب عمان اسم ( ُ ولقد ذ ُ ِكر الموقع الجغرافي لـ (عمانا) عند الكثير من الجغرافيين والمؤرخين، إال أن أقدم ذكر لمسمى عمان جاء في الكتابات الكالسيكية ،إذ أُطلق اسم عمان على أرض اللبان عند اليونانيين قبل (البريبلوس) ،فقد ذكر (إزيدوروس) السلوقي الذي عاصر اإلمبراطور الروماني "أكتافيوس أغسطس" ( 63ق.م 14 -م) اسم الملك العماني في أرض اللبان ( King of the Omanite،in the Frankincense عمان) حتى اآلن. ،)Countryوهذه أقدم إشارة إلى (أرض اللبان) باسم ( ُ وأشار كاتب يوناني مجهول في كتاب يحمل عنوان( :الطواف حول البحر األرتيري) إلى أن هناك ميناء يسمى عمانا Ommanaيقع على بعد مسيرة ستة أيام من مدخل الخليج ،تأتي إليه المراكب بشكل منتظم من (بريجازا) Barygazaحاملة خشب الند ( ،)Sandal Woodوخشب الساج ( )Teak Woodواألبنوس وإلى ميناء عمانا) ،ومنه تصدر القوارب المخيطة المعروفة بالمدرعات ،إلى بالد العرب ويصدر( ُ اللؤلؤ إلى (بريجازا) وإلى بالد العرب أيضاً ،ويصدر كذلك الصباغ ،والمالبس ومقادير كبيرة من التمر ،والرقيق. واختلف العلماء حول التحديد الجغرافي لميناء عمانا هل يقع على الساحل العربي للخليج العربي؟ أم على بحر عمان؟ إذ يُظن أنه موقع (الدور) األثري الذي يقع حاليا ً في إمارة (أم القيوين) ،وهناك من يرجح أن ميناء عمانا يقع على بحر عمان، 9 عمان في عصر قبل وربما يقصد به ميناء دبا أو ميناء صحار وهما من أشهر موانئ ُ اإلسالم. .5مزون: اسم عرفت به عمان عامة ،و(صحار) وجميع أراضي (الباطنة) ،و(مسندم) بشكل خاص في الفترة التي سبقت مجيء اإلسالم ،بخاصة في العهد الساساني.وتردد اسم (مزون) كثيرا ً في المصادر الفارسية ،واإلسالمية ،ومنها العمانية كاسم أطلقه الفرس على عمان.وليس ببعيد ان يكون اسم مزون هو (مجان) أو (مجون) نظرا لتقارب حرف الكاف والزال والجيم من بعضهم البعض في اللغات القديمة خاصة وأن الحروف المتحركة غير واردة في الكتابات القديمة ،وقد أشار (بطليموس) إلى خليج شمال الخليج العربي سماه (خليج ماجون ،)Magon Kolposوقد سبق وأطلق ملوك بالد الرافدين على الخليج العربي اسم (خليج ماجان). والواقع أن المصادر السريانية قد أطلقت هي األخرى على عمان اسم (مزون)، وعلى سكانها اسم (مازونايا).وتشير تلك المصادر إلى أن بعض سكان المناطق الساحلية في (مزون) قد أعتنق المسيحية قبل اإلسالم ،وقد حدثتنا المصادر السريانية عن أسماء لبعض أساقفة مسيحي عمان. وخالصة القول ،فيما يتعلق بالمسميات التي أطلقت على (عمان) في العصور القديمة ،أن الخالف القائم فى النطق ما بين (ماكا ،ومكان ،وماكيتا ،ومزون ،وماجان) ال يعد دليال على تنوع أو تعدد المواقع.وإنما هى قراءات مختلفة لموقع واحد.ويمكن تفسير هذا التباين فى نطق االسم بالتحريف المنطقي الذى تقتضيه طبيعة النطق فى اللغات القديمة (السومرية واألكادية واآلشورية والفارسية واليونانية؛ وحتى العربية)، نضيف إلى ذلك أن العامل الزمني الذي كان له بصمته الخاصة فى تحريف بعض الحروف أو إبدالها بغيرها ،وهو أمر شائع فى اللغات القديمة. (رابعاا) :نماذج من اإلبداع الحضاري للعمانيين في العصور التاريخية: .1الزراعة ومنشآت الري (األفالج): مما ال شك فيه أن وفرة الماء والحرص على االستفادة منها في الزراعة ،شكل دعامة أساسية من دعائم نشأة الحضارة العمانية القديمة ،فنشطت الزراعة وتنوعت الثروة النباتية ،والحيوانية بتنوع التضاريس وتنوع المناخ ،لقد توزعت المستوطنات 10 الزراعية في الداخل إلى وحدات شبه مستقلة وفق مجرى الماء ،وقد كشفت التنقيبات األثرية عن نوع من المنشآت الزراعية يسمى (الجلول) أو المصاطب الزراعية، والسدود التي بناها العمانيون على حواف الوديان وسفوح الجبال لمنع انجراف التربة. وابتكر العمانيون منذ األلف الثالث قبل الميالد نظاما ً جديدا ً للري ،ج َّ سد العبقرية العمانية ،أطلق عليه نظام األفالج ،ويقصد بالفلج هو قناة محفورة في باطن األرض، أو على سطح األرض ،تكون غالبا مغطاة وأحيانا مكشوفة ،والغرض منها تجميع ونقل المياه الجوفية أو مياه العيون والينابيع الطبيعية ،أو المياه السطحية ،أو اعتراض وتجميع مياه السيول ،وإيصالها إلى مناطق االحتياج في القرية.وتنقسم األفالج في عمان إلى ثالثة أنواع؛ نسبةً إلى منبع الفلج ،وهي األفالج الغيليَّة ،واألفالج العينيَّة، واألفالج ال ِعدية وتسمى أيضا (الدَّاؤوديَّة).وعلى الرغم من اختالف إلى هذه التصنيفات الثالثة حسب منبعهاَّ ،إال أنَّها تتشابه في طريقة اإلدارة وتقسيم حصص مياه األفالج ،وبقية الجوانب التنظيمية األخرى المرتبطة بالفلج. عمانية في قائمة التراث العالمي وفي عام (٢٠٠٦م) ،أدرجت خمسة أفالج ُ لمنظمة (اليونسكو)؛ اعترافًا بقيمتها الثقافية االستثنائية ،وهذه األفالج هي :دارس، والخطمين ،والملكي ،في محافظة الداخلية ،وفلج الميسر في محافظة جنوب الباطنة، وفلج الجيلة في محافظة جنوب الشرقية. ومن الواضح أن شق هذه األفالج تتطلب مهارة هندسية دقيقة ،وخاصة األفالج ال ِعدية (الدَّاؤوديَّة) ،فتقوم على عدد من األسس أولها :معرفة منسوب الماء في الخزان المائي الجوفي ،ووفقا ً لهذا المنسوب يخططون القناة الجوفية التي يشقونها بين المرتفعات.وثانيها :كيفية شق القناة الجوفية بحيث يكون انحدارها تدريجيا ً نحو السهل المستفيد من هذا الماء ،وقد يتم تدعيم القناة الجوفية الرئيسية ،بتفرعات جانبية أصغر منها تسمى (السواعد) وذلك بهدف زيادة كمية المياه الداخلة إلى القناة الرئيسية.وتتخلل القناة الجوفية الرئيسية مجموعة من الفتحات العمودية تسمى (الفرضة) ،وهي عبارة عن فتحة رأسية تصل بين القناة الرئيسية الجوفية للفلج تحت األرض وبين سطح األرض ،ويتم من خاللها إجراء عمليات التنظيف وإزالة األتربة ،والحصى ،وإجراء الصيانة واإلصالح والمتابعة الدورية.ويسمى أول مكان تظهر فيه القناة الجوفية للفلج العدي (الداؤودي) على سطح األرض اسم (الشريعة).أما األفالج العينية والغيلية، فتكون منطقة (الشريعة) الخاصة بها هي مكان وصول الماء إلى منطقة منطقة االحتياج بالقرية. 11 أما األساس الثالث المرتبط بالفلج فهو وضع قواعد محددة وأحكام ثابتة لتوزيع الماء توزيعا ً عادالً بين المستفيدين منه ،واالعتماد في ذلك على ضوابط دقيقة ،نهارية وليلية.ولألفالج سنن وأعراف ،وقواعد خاصة ،تعارف عليها الناس ،كما اهتمت كتب الفقه بمسائل األفالج ،وأفردت مساحة لها ،ومن األمثلة على ذلك كتاب بيان الشرع لمؤلفه محمد بن ابراهيم الكندي الذي يتكون من 73جزءا.واحتوى على مسائل عديدة تتعلق باألفالج. شق األفالج واالستفادة من مياهها بطريقة عادلة ،تطلب مهارات وهكذا فإن َّ عالية في علوم عديدة منها :علم الهندسة ،وعلم الفلك ،إلى جانب الطريقة التي شق بها األفالج -ونظمت توزيع مياهها بين المستفيدين -تدل على روح تعاونية مثالية بين أفراد المجتمع ،إذ حرصوا على أن يأخذ كل إنسان حقه من الماء ،وعلى أن تحصل كل منطقة على نصيبها بالعدل والقسطاط. .2الموانئ: منذ منتصف األلف الثالث وحتى القرون األولى للميالد برزت في عمان عدد من الموانئ التي ساهمت بدور حيوي في حركة التجارة العالمية ،كميناء (أم النار)، على الخليج العربي بالقرب من إمارة أبوظبي بدولة اإلمارات العربية المتحدة. وميناء(رأس الحد) وهو ميناء معاصر ألم النار.وهناك ميناء(أوفير) على بحر العرب. وقد اختلف المؤرخون والجغرافيون كثيرا ً حول تحديد الموقع الجغرافي لهذا الميناء، فمنهم من يرى أن (أوفير) منطقة تقع جنوب الجزيرة العربية غير بعيدة عن حضرموت ،وأصحاب هذا الرأي اعتمدوا على ما ذكرته التوراة في (سفر األخبار األول )4/29 ،بشأن أرض أوفيرالتي كانت مشهورة بتجارة الذهب واألحجار الكريمة، وهي سلع تجارية اشتهرت حضرموت باإلتجار بهما من الحضارات المجاورة.ويرى آخرون أن المقصود بأوفير (ظفار) العمانية أرض اللبان.ولعلنا نميل إلى أن أوفير من نظرا للتقارب الجغرافيً الوارد أن تشغل الحيز الجغرافي لحضرموت وظفار معًا والتشابه في المعطيات البيئية والحضارية لكال اإلقليمين. وفي منتصف األلف األول قبل الميالد تعاظمت التأثيرات الحضارية الخارجية، وسقطت حضارة بالد الرافدين بيد الفرس ،ووقع الشريط الساحلي للمناطق الشمالية لعمان تحت وطأة االحتالل الفارسي ،وعلى ضوء تلك المتغيرات انتقل الثقل الحضاري والتجاري لعمان إلى المناطق الجنوبية (أرض اللبان) ،فبرزت لعمان موانئ جديدة 12 شهدت انتعاشا ً كبيرا ً منها :ميناء (سمهرم)؛ الميناء المصدر للبان ،السلعة التي كان لها عمانا) على الخليجرواج كبير في العالم القديم ،أما في شمال عمان فبرز ميناء ( ُ العربي ،وبوسط عمان أشار (بطليموس) في خريطته إلى ميناء أطلق عليه (كريبتوس ليمن) Kryptos limenومعناه (الميناء الخفي).وقد تطابق وصف هذا الميناء في رأي علماء الجغرافيا مع ميناء مسقط. وبعد الميالد تذكر المصادر اإلسالمية عدد من الموانئ العمانية المنتعشة منها ميناء (قلهات) الذي تحدثت عنه المصادر اإلسالمية كأول إقليم عماني يستقبل قبيلة األزد بزعامة مالك بن فهم ،و(صحار) ،و(صور) ،و(مسقط) و(ريسوت) في ظفار. 13 أوال :عُمان قبيل اإلسالم .1هجرة مالك بن فهم عمان قبيل اإلسالم بهجرة مالك بن فهم األزدي من اليمن إلى ارتبط تاريخ ُ عمان ،والذي ينتمي إلى نسل أزد بن الغوث بن نبت بن مالك ،وارتبط اسمه بتحرير ُ عمان من السيطرة الفارسية ،وبالتالي سيطر على جميع المناطق ،وجمع معظم القبائل تحت لوائه.وتتباين الروايات التاريخية حول األسباب التي أدت إلى هجرة مالك بن عمان ،منها :تصدع سد مأرب في اليمن بسبب السيول ،وكان أشهرها فهم من اليمن إلى ُ سيل العرم حوالي عام 532م ،إذ كان له األثر السلبي في الحياة االقتصادية ،فاضطرت العديد من القبائل إلى الهجرة ،ومن هذه الهجرات هجرة مالك بن فهم وقبيلته. أما السبب الثاني في خروجه وفق الروايات التاريخية؛ أنه خرج بعد خالف وقع بينه وبين أبناء عمه من قبائل األزد باليمن؛ مما اضطره للخروج إلى عمان.وكما اختلف المؤرخون في أسباب هجرته اختلفوا أيضا في خط سيره إلى عمان؛ إذ تذكر أحدث الروايات أنه خرج من اليمن إلى الحجاز ،ثم سار منها إلى العراق ،واستقر في الحيرة لفترة من الزمن ثم عاد إلى السراة بعد أن ترك ابنه جذيمة األبرش في الحيرة نيابة عنه.ثم خرج إلى حضرموت ،ثم إلى الشحر حتى وصل إلى ريسوت في طريقه إلى عمان ،وهناك وصله نبأ أن الفرس يحتلون أجزاء من السواحل العمانية ،وبعض سمه إلى كون جيشا ق َّ المناطق في الداخل ،فعزم على إخراجهم منها.وبناء على ذلك َّ قسمين :األول :يتجه عن طريق البحر إلى قلهات ،والثاني :يتجه عن طريق البر إلى داخلية عمان ،واتفقوا على اللقاء في أرض الجوف.وبعد أن وصل مالك بن فهم إلى قلهات اتخذها مسكنا له ولعائلته ،ثم توجه بعد ذلك إلى أرض الجوف ،إذ التقى مع جيشه الثاني عند قرية سلوت في بهالء.وكان عامل الفرس على عمان في تلك الفترة يعرف بالمرزبان (المرزبان مصطلح اداري (والي)) ،يتخذ من دستجرد مركزا لحكمه ،وقد تصدى المرزبان لمالك بن فهم وقومه ،وقرر طرده من عمان لعدم الحاجة له ولقربه منهم ،ولكن مالك بن فهم استعد لقتال قائد الفرس بعد أن رفض اعطائه أحد األقاليم فيها.ودارت معركة طاحنة بين الطرفين ،انتهت بانتصار مالك على الفرس ومقتل قائدهم المرزبان ،وهي المعركة التي عرفت بسلوت ،على الرغم من استخدام الفرس للفيلة في المعركة ،وعندما حلت الهزيمة بالفرس طلبوا من مالك الصلح بشرط أن يمهلهم مدة سنة حتى يخرجوا من عمان ،وأعطوه على ذلك عهدا ومبلغا من المال. إال أن الفرس استغلوا هذه الهدنة ،بالقيام بأعمال تخريبية للكثير من المنشآت الحيوية في عمان خاصة األفالج.كما طلبوا المدد من كسرى فارس والذي أمدهم بثالثة آالف جندي ،وعندما وصل هذا الجيش إلى عمان ،ودارت بينهم وبين مالك بن فهم معركة ثانية ،انتصر فيها مالك أيضا ،وبالتالي طردهم من عمان نهائيا. استمر حكم مالك بن فهم عمان مدة سبعين سنة حتى وفاته مقتوال بالخطأ على يد ابنه سليمة.ثم توالى أبناؤه وأحفاده على حكم عمان حتى ضعفت دولتهم.ومنهم على سبيل المثال :الجلندى بن كركر ،وهو أول من تلقب بالجلندى.واستغل الفرس هذا الضعف فاستولوا على بعض المناطق ،ولكن معوله بن شمس دخل في صراع مع 14 الفرس حتى تم الصلح بينهم على أن يحكم الفرس السواحل الشمالية من عمان ،وأن تكون عاصمتهم دستجرد ،بينما يكون لمعوله بن شمس واألزد البادية والجبال وأطراف عمان ،واتخذوا صحار مركزا لهم.وقد حكمت أسرة معولة بن شمس حتى ظهور اإلسالم ،إذ توفي الجلندى بن المستكبر من نسل معولة بن شمس قبيل اإلسالم.وكان أبناؤه َج ْيفَر َو َع ْبد على حكم عمان حينما دخال اإلسالم على يد مبعوثي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (عمرو بن العاص وأبا زيد األنصاري). .2هجرة القبائل العربية األخرى: كانت هجرة مالك بن فهم إلى عمان مقدمة لهجرة قبائل أخرى كثيرة من األزد وغيرهم، ومن هذه القبائل عمران بن عمر ،عامر بن ماء السماء ،الحجر واألسود ،وغيرهم من القبائل.وإضافة إلى هجرة قبائل األزد إلى عمان ،فقد وفدت عدة قبائل عدنانية ،منها: بنو سعد ،بنو تميم ،بنو عبد شمس ،بنو الحارث بن كعب ،وبنو رواحة وغيرهم. ثانيا :عُمان والدولة اإلسالمية :1دخول أهل عمان في اإلسالم: اختلفت الروايات التاريخية حول التحديد الزمني لدخول أهل عمان في اإلسالم حيث تشير الكثير من المصادر إلى أن الرسول صلى هللا عليه وسلم هو الذي بادر بدعوة ملكي عمان إلى اإلسالم وهما جيفر وعبد أبناء الجلندى بيد أن الذي اختلف عليه المؤرخون هو تحديد الفترة التي بعث فيها الرسول صلى هللا عليه وسلم برسالته إلى ملكي عمان ،حيث تذكر بعض المصادر أن ذلك قد حدث عام 6هـ بعد صلح الحديبية إال أن مصادر أخرى تحدد تاريخ المراسله بعد فتح مكه عام 8هـ بينما أشار أخرون إلى أن ذلك حدث بعد حجة الوداع عام 11هـ. أ -اسالم مازن بن غضوبة: تشير المصادر التاريخية وكتب األنساب إلى أن أول من أسلم من أهل عمان هو مازن بن غضوبة الطائي من سكان مدينة سمائل وكان أحد كهنتها حيث كان يقوم بخدمة صنم مشهور في سمائل يسمى (باجر أو ناجر) فقد قدم على الرسول صلى هللا عليه وسلم فشرح هللا صدره لإلسالم ثم رجع إلى سمائل وقام يدعو أهله وعشيرته إلى الدين الجديد وقد استجاب بعض الناس للدعوة الجديدة وقام ببناء مسجد يعرف باسمه إلى اآلن أو يعرف باسم مسجد المضمار. 15 ب -الوفود العمانية إلى المدينة المنورة: ان انتشار اإلسالم في عمان جاء نتيجة رغبة واقتناع بالعقيدة اإلسالمية فبعد اسالم مازن بن غضوبة تذكر المصادر إلى أن الكثير من الوفود العمانية ذهبت لمقابلة الرسول صلى هللا عليه وسلم وإعالن اسالمها ومن هذه الوفود: -وفد قبيلة ثمالة بقيادة عبدهللا الثمالي -وفد قبيلة الحدان بقيادة مسلبة الحداني -وقد قبيلة أزد دبا وكان لهذه الوفود الدور الفعال في نشر اإلسالم بين أهل عمان قبل أن يبعث الرسول صلى هللا عليه وسلم عمرو بن العاص وأبا زيد االنصاري إلى ملكي عمان جيفر وعبد. ج -اسالم جيفر وعبد أبناء الجلندى ملكي عمان: في الوقت الذي بدأ فيه الرسول صلى هللا عليه وسلم بنشر الدعوة اإلسالمية خارج منطقة الحجاز ،بعث بعمرو بن العاص وأبو زيد األنصاري إلى ملكي عمان حاملين معهم رسالة من الرسول صلى هللا عليه وسلم يدعو فيها أهل عمان إلى الدخول في اإلسالم.فقدم أبو زيد وعمرو إلى عمان واتجها إلى صحار فأوصال كتاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الذي جاء فيه "بسم هللا الرحمن الرحيم.من محمد رسول هللا إلى جيفر وعبد ابنى الجلندى ،السالم على من اتبع الهدى.أما بعد ،فإني ادعوكما بدعاية اإلسالم اسلما تسلما فإني رسول هللا إلى الناس كافة النذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين.وانكما ان اقررتما باالسالم وليتكما ،وان ابيتما أن تقرأ باإلسالم فان ملككما زائل عنكما ،و ساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما". وتذكر المصادر العمانية ان األخوين جيفر وعبد اسلما بسرعة ثم أخذا يدعوان وجوه العشائر والقبائل فأجابوا إلى اإلسالم.وبعث ابناء الجلندى دعاة إلى مختلف مناطق عمان فاستجاب أهلها لدعوة الدين الجديد عن رضى وقناعة ،في حين رفض الفرس القاطنون على السواحل اعتناق اإلسالم ،فوجد جيفر وعبد في اإلسالم سالحا روحيا يقوي من عزيمة العمانيين لطرد الفرس ،فاجتمعت قبائل األزد حول جيفر وعبد وتم طرد الفرس من عمان وذلك بعد قتال شديد جرى بين الطرفين هزمت فيه الفرس وقتل قائدهم والكثير منهم ثم تحصنوا في دستجرد بالقرب من صحار ،حتى طلبوا الصلح فوافق أهل عمان وذلك على أن يخرجوا من عمان وبذلك تحقق للعمانيين طرد الفرس من بالدهم. بقي جيفر وعبد أبناء الجلندى يحكمان عمان ،بينما ظل عمرو بن العاص عامال للرسول في جمع الصدقات ،بينما كان أبو زيد األنصاري معلما للناس في أمور دينهم.وقد أثنى الرسول صلى هللا عليه وسلم على أهل عمان ومدحهم ألنهم أمنوا بدعوته في الوقت الذي تنكر لها بعض عشيرته وهنالك أقوال كثيرة منسوبة إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم وأصحابه تذكر أهل عمان بالخير والفضيلة ،منها":لو اهل عمان اتيت ما سبوك وال ضربوك"" ،رحم هللا اهل الغبيراء امنوا بي ولم يروني". 16 -2عمان في عصر الخلفاء الراشدين 40-11هـ: ما أن وصلت أنباء وفاة الرسول صلى هللا عليه وسلم إلى أهل عمان حتى أراد عمرو بن العاص الرجوع إلى المدينة المنورة ،وعلى إثر ذلك النبأ جهز العمانيون وفدا ضم حوالي سبعين فارسا على رأسهم عبد بن الجلندى ،وأبو صفرة ظالم بن سارق وجعفر بن جشم. وعندما وصل الوفد العماني المصاحب لعمرو بن العاص إلى المدينة التقى بالخليفة أبي بكر الصديق ،وتحدث أبو صفرة عن العمانيين وقال" :يا خليفة رسول هللا ،ويا معشر قريش هذه أمانة كانت بين أيدينا ...ووديعة لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقد برئنا إليكم منها" فقال أبو بكر" :جزاكم هللا خيرا".وقد شكرهم أبو بكر الصديق وقام يخطب بالثناء عليهم ،ثم جاءت وفود األنصار ليسلموا على الوفد العماني، وأرسل أبو بكر معهم كتابا يشكرهم فيه ويثني عليهم ،وقد أمر عليهم جيفر وأخاه عبد، كما أوكل إليهما مهمة جمع الصدقات من أهلها وتوزيعها على مستحقيها. أ -العمانيون وموقفهم من حركة الردة: في الوقت الذي ذهب فيه الوفد العماني إلى المدينة بعد وفاة الرسول صلى هللا عليه وسلم كانت شرارة حركة الردة قد بدأت ،ولم يتردد العمانيون الذين كانوا ضمن ذلك الوفد من المشاركة في التصدي حروب الردة ،حيث استنهض الخليفة أبو بكر عبد بن الجلندى لمقاتلة آل جفنه (عناصر من الغساسنة في الشام) فخرج عبد في سرية إلى ديار آل جفنه ،وقد تمكنت هذه السرية من تحقيق األهداف المرجوة منها. ومن ناحية أخرى تشير المصادر اإلسالمية إلى حدوث ردة في دبا من قبل ذو التاج لقيط بن مالك األزدي ،غير أن المصادر العمانية تعتبرها سوء تقدير من قبل عمال الصدقات ،وأنه كان تمردا أكثر منه ردة ،ومهما يكن فقد استطاع العمانيون بمساعدة الجيش الذي أرسله الخليفة أبو بكر من إخماد هذه الحركة ،وإعادة دبا إلى سابق عهدها باالسالم ،وقد تم تتبع الفلول الهاربة من معركة دبا إلى منطقة الشحر، وتمكنوا من القضاء عليها. -3عمان والدولة األموية 132-40هـ: تشير المصادر العمانية إلى أن إدارة عمان ظلت في أيدي آل الجلندى بقيادة عباد بن عبد بن الجلندى ويساعده ولداه سعيد وسليمان ،إذ بقوا محافظين على استقاللهم اإلداري خاصة في بداية قيام الدولة األموية ،ذلك أن انتقال مركز السلطة من الكوفة إلى دمشق جعل عمان أكثر استقالال نظرا لبعدها الجغرافي ،مما ساعدها على بقائها خارج سيطرة األمويين ،الذين لم يعينوا وال من قبلهم على عمان حتى عهد عبدالملك بن مروان. 17 وفي عهد الخليفة يزيد بن معاوية (64-60هـ 683-679 /م) بدأ الوضع يضطرب في األقاليم ،وبدأت المعارضة تنشط في الحجاز والعراق ،وفي تلك الفترة ظهر على مسرح األحداث نجدة بن عامر الحنفي زعيم الخوارج النجدات الذي تمكن من السيطرة على اليمامة والبحرين وتطلع لمد نفوذه إلى عمان بعد انتصاره على جيش مصعب بن الزبير ،حيث أرسل أحد قادته ويدعى عطية بن األسود الحنفي الى عمان فتمكن من االستيالء عليها بعد قتل عباد بن عبد ،وأقام بها عدة أشهر ،ثم خرج منها مستخلفا أحد رجاله ويدعى "أبو القاسم" ،ولكن سعيد وسليمان أبناء عباد استعادا عمان، وتم طرد الخوارج النجدات من عمان بعد قتل أبي القاسم. وتشير المصادر إلى أن عطية أراد الرجوع إلى عمان ،عندما وصله خبر قتل واليه على عمان ،ولكنه لم يقدر على ذلك بسبب استعداد أبناء عباد لمواجهته ،فاضطر إلى االنسحاب إلى كرمان.وهكذا تمكن العمانيون من القضاء على الخوارج النجدات، واستمرت عمان بعد ذلك بعيدة عن األنظار حتى تولى الحجاج بن يوسف والية العراق من قبل عبدالملك بن مروان ،فقام بإرسال عدة حمالت على عمان من أجل السيطرة عليها ،حتى تمكن من ذلك من خالل حملة مجاعة بن شعوة المزني ،وقد انقسمت هذه الحملة إلى قسمين (برية وبحرية) واستطاع سليمان بن عباد من التغلب على الحملة البرية التي جاءت إلى شمال عمان ،أما الحملة البحرية فكانت بقيادة مجاعة الذي نزل إلى جلفار ثم اتجه إلى بركاء ،فتصدى لهم سعيد بن عباد ولكنه لم يستطع الصمود فانسحب إلى الجبل األخضر ،وهناك وافاه أخوه سليمان واستطاعا هزيمة القوات األموية في معركة سمائل ،كما تمكن سليمان من إحراق بعض سفن مجاعة الذي انسحب إلى جلفار ،وقام بمراسلة الحجاج الذي أرسل له بدوره مددا ً يتكون من 5000 فارس عليهم عبدالرحمن بن سليمان ،ونتيجة لذلك أدرك األخوان صعوبة التصدي لتلك الحشود من القوات األموية فقررا مغادرة عمان والتوجه إلى شرق أفريقيا. وبذلك إستطاع الحجاج بن يوسف السيطرة على عمان وبعد وفاة الحجاج ال نجد ذكرا في المصادر عن صراع عسكري حصل بين عمان والدولة األموية حتى سقوطها عام 132هـ749/م ،فعندما تولى سليمان بن عبدالملك (96هـ714/م – 99هـ717/م) ولى يزيد بن المهلب على العراق وخراسان فولى يزيد بدوره أخاه زياد على عمان حتى وفاة سليمان بن عبدالملك.ولما تولى عمر بن عبدالعزيز (99هـ717/م – 101هـ719/م) عزل زياد وولى مكانه سعيد بن مسعود المزني الذي أساء السيرة في أهل عمان فقام عمر بعزله وتولية عمرو بن عبدهللا األنصاري الذي ظل واليا على عمان حتى وفاة عمر بن عبدالعزيز ،ثم خرج منها ،وقال لزياد بن المهلب "هذه البالد بالد قومك فشأنك بها".وظل زياد واليا على عمان حتى عام 102هـ.وقد توالى على عمان عدة والة من قبل الدولة االموية حتى سقوطها على ايدى العباسيين في سنة 132هـ. 18 -4عمان والدولة العباسية 280-132هـ: قامت الدولة العباسية عام 132هـ749/م على يد الخليفة أبي العباس السفاح، الذي عين أخاه أبا جعفر المنصور على أقاليم عمان واليمامة والبحرين ،وقد اختار أبوجعفر جناح بن عبادة الهنائي عامال على عمان ثم خلفه إبنه محمد بن جناح الذي حسنت سيرته في أهل عمان.فبادر أهل عمان وعقدوا اإلمامة للجلندى بن مسعود الذي يعتبر المؤسس الحقيقي لإلمامة اإلباضية في عمان سنة 132هـ وبذلك استقلت عمان عن الخالفة العباسية. لكن هذه اإلمامة اإلباضية لم تدم أكثر من سنتين حيث أرسل الخليفة أبو العباس السفاح حملة بقيادة خازم بن خزيمة التميمي إلخماد الثورة التي قامت في جزيرة ابن كاوان بقيادة شيبان بن عبدالعزيز اليشكري زعيم الخوارج الصفرية الذي كانت نهايته على يد جيش الجلندى بن مسعود في معركة جلفار األولى.وعند وصول جيش الدولة العباسية وجد شيبان مقتوال ،فطلب من اإلمام الجلندى سيف شيبان وخاتمه ،كما طلب الطاعة والوالء للخالفة العباسية ،األمر الذي رفضه العمانيون ،فحدثت معركة جلفار الثانية عام 134هـ751/م ،وقد قتل فيها اإلمام الجلندى بن مسعود والكثير من أهل عمان ،وبذلك انتهت االمامة اإلباضية األولى بعمان وسيطرت الدولة العباسية على عمان من جديد لمدة ثالثة وأربعين سنة حتى عام 177هـ793/م. وفي عام 177هـ793/م قامت اإلمامة اإلباضية الثانية بعمان على يد اإلمام محمد بن عبدهللا بن عفان اليحمدي بعد هزيمة راشد بن النظر ومحمد بن زائدة في معركة المجازة.وظل اإلمام محمد اليحمدي في اإلمامة لمدة سنتين ثم خلفه الوارث بن كعب الخروصي 192-179هـ808-795 /م.وفي عهد اإلمام الوارث أرسل هارون الرشيد حملة بقيادة عيسى بن جعفر للقضاء على اإلمامة اإلباضية ولكن اإلمام الوارث استطاع هزيمة عيسى بن جعفر في معركة (حتى) ثم أسر وقتل في قلعة صحار عام 189هـ804/م. وقد استمرت هذه اإلمامة حتى عام 280هـ863/م حيث امتد نفوذها إلى الكثير من المناطق مثل حضرموت واليمامة وجزيرة سقطرى التي استطاع اإلمام الصلت بن مالك (273-237هـ 886-851 /م) استرجاعها من نصارى الحبشة. وفي أواخر القرن الثالث الهجري انفجرت الصراعات بين القبائل العمانية فدخلت عمان في عصر الفوضى ،وقد ترتب عليه االستعانه بالوالي العباسي على البحرين محمد بن نور الذي استطاع القضاء على اإلمامة اإلباضية الثانية بعد معركة سمد الشأن التي قتل فيها اإلمام عزان بن تميم أخر إمام في اإلمامة اإلباضية الثانية وذلك سنة 280هـ893/م.وبذلك استولى محمد بن نور على معظم المدن العمانية وأقام الخطبة للخليفة العباسي المعتضد.ثم رجع إلى البحرين بعد أن عين والة من قبل الخليفه العباسي وهم بنو سامه ،منهم :محمد بن القاسم وأحمد بن هالل السامي. 19 -5عصر النباهنة في عمان (1034-549هـ1624-1154/م): نسب النباهنة: ينتمي ملوك النباهنة إلى قبائل العتيك ثم إلى االزد تلك القبيلة العربية اليمنية التي ينتهي نسبها إلى يعرب بن قحطان بن النبي هود عليه السالم. استمر حكم ملوك النباهنة بعمان قرابة خمسة قرون على فترتين: الفترة االولى وتعرف بفترة ملوك النباهنة األوائل (906-549هـ1500-1154/م). ومن أهم أحداثها أن عمان تعرضت للغزو الفارسي عدة مرات منها في عهد أبي المعالى كهالن بن نبهان من قبل حاكم هرمز محمود بن احمد الكوشي عام (660هـ1261/م) أما المحاولة الثانية فكانت في عام (674هـ1275/م) في عهد عمر بن نبهان عندما غزا حاكم شيراز عمان واستولوا على نزوى وبهال ولكنهم أخرجو بعد ذلك. كما كان من بين أهم أحداث هذه الفترة زيارة الرحالة العربي الشهير إبن بطوطة في عام 731هـ 1330 -م ،ثم عادت المحاوالت الفارسية من أجل السيطرة على عمان مرة أخرى في عهد سليمان بن المظفر عندما قام ملك هرمز نور بن لقمه باحتالل مدينة بهال عام 866هـ1461/م هرب على أثرها سليمان بن المظفر إلى االحساء ثم إلى شرق أفريقيا وعلى أثرها تدهور نفوذ النباهنة في عمان ،مما دفع بعض قبائل عمان إلى إعالن البيعة لإلمام عمر بن الخطاب الخروصي 894-885هـ -1482 / 1488م الذي سيطر على أمالك النباهنة وانتهت هذه الفترة بانتصار محمد بن إسماعيل الحاضري على سليمان بن سليمان ومبايعته إماما عام 906هـ 1500 /م. الفترة الثانية (1034-964هـ1624-1556/م): من أهم أحداثها سيطرة سلطان بن محسن بن سليمان على نزوى عاصمة اإلمامة في عام 964هـ1556/م.وقد تناوب على هذه الفترة عدد من ملوك النباهنة كان أشهرهم الفالح بن المحسن ،وآخرهم سليمان بن المظفر الذي اتصف بالشدة والحزم وأصبحت بهال عاصمة لملكه ،وامتدت سيطرته إلى المنطقة الشرقية.وقد كثر منافسيه الذين كانوا سببا في فقدانه للسلطة كان أهمهم سلطان بن مالك بن أبي العرب عم اإلمام ناصر بن مرشد الذي انتهت على يده وبشكل نهائي دولة النباهنة في عمان عام 1034هـ1624/م. بعض خصائص عصر النباهنة: -كانت زعامتهم للبالد زعامة قبلية عربية ،فال حجاب وال بالط وال ابهة بل البساطة في الحكم. -اتصفوا بالكرم العربي األصيل. -سلك ملوك النباهنة أسلوبا ً مغايرا ً ألسلوب األئمة االباضيين المنتخبيين ،الذين اتصفوا بالزهد والتقشف ،في حين مال ملوك النباهنة إلى حياة الرفاهية والفخامة مما انعكس 20 ذلك على النواحي األدبية والعمرانية ،لذا عد عصرهم بأنه قد امتاز بالناحية العمرانية فقد أكثروا من تشييد القالع والحصون المنيعة الدالة على تحضرهم ورفاهيتهم. -ظهر العديد من الشعراء في ذلك العصر. -كما إنهم جلبوا إلى عمان صناعة الجص والصاروج فطوروا بذلك فن البناء في عمان. -طوروا أيضا الزراعة فقد جلبوا محاصيل جديدة إلى عمان كشجرة االمباء التي انتشرت زراعتها في عصرهم. -وطوروا أيضا أنواع المأكوالت والمشروبات وكانت الحلوى العمانية والقهوة من ثمار جهودهم. -6دور عمان الحضاري في العصر اإلسالمي الوسيط: أسهههههم العمانيون في البناء الحضههههاري بنصههههيب وافر من المعرفة والبناء وذلك بفضهههههل تراكم الجهود والعطاء المتبادل بين األجيال عبر التاريخ وتبادل العمانيون هذه المعارف اخذا ً وعطاءا ً مع كثير من الحضارات اإلنسانية فأثرت وتأثرت بذلك وهذا ما أشهههههههارت إليه مصهههههههادر التاريخ التي أظهرت جهود العمانيين في نقل األفكار الحضههههههارية قديما وحديثا ً عبر حقب التاريخ المتعاقبة. لقد تهيأت للعمانيين عوامل سهههههاعدتهم على مد جسهههههور التواصهههههل ونقل قيمهم وثقافتهم إلى العالم الخارجي وأن يؤسسوا النفسهم مكانا حضاريا ً مرموقاً. وفي هذا المحور نسههههههلط الضههههههوء على دور اإلنسههههههان العماني في إثراء الحضههههههارة العربية واإلسههههههالمية وما قدمه من منجزات حضههههههارية تتجلى في الجوانب المختلفة. ففي الجانب االقتصههههههادي فإن عمان قد تبادلت التجارة مع عدد من دول العالم قبل ظهور اإلسالم وبعده.كما ظهر أثر عمان في الجانب الفكري والثقافي بتقديم عدد كبير من رواد الفكر ولعل أفضههههل مثال صههههحار التي فاقت شهههههرتها اآلفهههاق خالل القرون الثالثهههة األولى للهجرة وحظيهههت بعنهههايهههة الجغرافيين والتاريخيين. ويكفي العمههانيين فخرا ً أن رسههههههول هللا (ص) مههدحهم وأثني عليهم منههذ استجابوا لدعوة اإلسالم مخلصين طائعين وهذا ما أشاد به اإلمام مسلم إذ أفرد بابا ً في صههههحيحه سههههماه " فضااااائل أهل عمان" وأكد اإلمام أحمد بن حنبل هذا المديح فذكر بعضها ً من األحاديث في حقهم في باب "فضااائل الصااحابة".فضههال عن روايات مازن بن غضههههوبة ومقابلته رسههههول هللا– صههههلى هللا عليه وسههههلم - ودعوته له وألهل عمان والحديث المشههههههور في كتب التاريخ العماني "رحم هللا أهال الغبيراء ممنوا بي ولم يروني" ويكفي العمهانيين فخرا ً أن رسههههههول هللا – صهههههلى هللا عليه وسهههههلم -كفن في ثوبين صهههههحاريين؛ كما يذكر ابن هشهههههام في سيرته. 21 وقد تاجرت عمان بالذهب والعاج والعنبر وهي سههههههلع ثمينة حيث كان التجار العمانيون يجلبون هذه السههههههلع الثمينة من بلدان شههههههرق إفريقيا ثم يعيدون تصههديرها إلي بالد الرافدين (العراق) والصههين وبالد فارس كما كانوا يجلبون من الصههههههين العود القماري والمسهههههههك والحرير واللؤلؤ والكافور والخزف الصهههههيني ومن افريقيا العاج.أن العمانيين لم يقتصهههههروا على هذه السهههههلع دون غيرها و إنما خصهههصهههنا هذه السهههلع؛ ألنها سهههلع ثمينة وتدر أرباحا كبيرة على المجتمع العماني. وال بُد لنا من وقفة لكي نسهههتحضهههر بعض الشههههادات من عصهههور مختلفة على أهمية التجارة وإسهههههههامات العمانيين فيها :فقد ذكر ابن حبيب في كتابه "المحبر" عن أهم ية مدي نة د با الع مان ية ف قال " :يأتي ها ت جار الساااااا ند واله ند والصين وأهل المشرق والمغرب" و ذكر باربروسا عند زيارته لعمان في عام 1511م " :أن العالم لم يعرف حتى اآلن تجارة أو سع من تجارة هذا المكان أو أغنى" ووصههههههف الرحالة الهولندي نيبور العمانيين عند زيارته لعمان بقوله: "فالعمانيون هم أفضل َمالحي الخليج ،فهم يبعثون بنحو 50سفينة كل عام إلى البصاااااارة حاملاة شااااااحناات من البن " ومن قبهل هؤالء أسههههههههب الجغرافيون والمؤرخون في وصههههههف الموانئ العمههانيههة وتجههارتههها كههالمسههههههعودي والبكري والمقدسي واألصطخري واليعقوبي. وقد كشفت المسكوكات أن من أقدم الدور اإلسالمية لضرب النقود في شبه الجزيرة العربية قد أنشئت في عمان؛ إذ عثر على درهم فضي يعود لعهد الخليفة عبد الملك بن مروان ،ويحمل اسم عمان وتاريخ الض ْرب (81هـهههههه700/م) ،وقد ت عليه صهههورة اإلمبراطور أكتشهههف -في منطقة الظاهرة قالبا ً لسهههك العملة نُ ِق َ شههه ْ هرقل.ويتبادر إلى الذهن سههههههؤا نل مضههههههمونه من الذي أحضههههههر هذا القالب إلى ب العملههة بعمههان.وبمتحف قطر لضهههههه ْر ِ عمههان؟ والجواب يتجلى في وجود دار َ الوطني نماذج متعددة من المسههههكوكات المضههههروبة في عمان لسههههنوات مختلفة. وكتاب "تاريخ النقود في سههههلطنة عمان" الذي أصههههدره البنك المركزي العماني في عام 1990م يحمل نماذج من النقود المسههكوكة في عمان عبر العصههور التي تؤرخ لحقبة طويلة من التاريخ العماني كل ذلك يدل على دور عمان التجاري النشط. أمهها في الجههانههب الفكري واألدبي فقههد قههدمههت عمههان للحضههههههههارة العربيههة واإلسههههههالمية عددا ً من الرجال ا لذين حملوا لواء العلم والمعرفة.وعلى رأس هؤالء العلماء التابعي جابر بن زيد الذي يعتبر من أهم العلماء وحفظة الحديث الشههههريف ،وممن ُ شهههه ِهدَ له بسههههعة العلم والفتاوى في العراق ،ومن قبله قاضههههي الخليفة عمر بن الخطاب على البصههههههرة كعب بن سههههههور ،ومن تابعي التابعين العالمة الربيع بن حبيب الذي تتبع َج ْم َع أحاديث رسههههههول هللا التي رواها اإلمام 22 ف " بمسهههههند الربيع بن جابر بن زيد عن ابن عباس وغيره ،وضهههههمنها كتابا ً ُ ع ِر َ حبيب". وقدمت عمان عددا ً من الرجال الذين أسهههموا في الحضههارة العربية ،نذكر منهم الخليهل بن أحمهد الفراهيهدي ،والهذي أغنى المكتبهة العربيهة بمؤلفهات عهدة، منها :كتاب العين ،وكتاب العروض ،فضههههالً عن اختراعه بحور الشههههعر السههههتة عشرة.وأبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرد (ت 286هـ899 /م) الذي عرف بإمام العربية ببغداد في زمانه ،وله من المؤلفات زهاء أربعين كتابا ً منها: الكامل في األدب. كمهها قههدمههت عمههان لألدب العربي أبهها بكر محمههد بن الحسههههههن بن د ُُر ْي هد (ت321:هـهههه933/م) إمام اللغة واألدب الذي قدم للحضارة العربية ما يربو على خمسة وعشرين كتابا ً ،منها :كتاب االشتقاق ،والجمهرة في اللغة وهو أشهر كتبه وله ديوان شههعر.وكان من تالميذه النابغين أبو الفرج األصههفهاني صههاحب كتاب األغاني ،والمؤرخ المسههعود ي صههاحب "كتاب مروج الذهب" ،وهؤالء األدباء العمانيون الذين أثروا المكتبة العربية بالكتب وخصهههههههم الجاح في كتابه البيان والتبيين بقوله“ :لربما سمعت من ال علم له يقول :ومن أين ألهل عمان البيان؟ وهل يعدون لبلدة واحدة من الخطباء البلغاء ما يعدون ألهل عمان". أما الشعراء العمانيون الذين ذاع صيتهم في عصر األمويين ،فمنهم :ثابت بن كعب العتكي المعروف بثابت قطنة (ت110 :هـهههههههههههه728/م) ،وكان شههههههاعر المهلب بن أبي صفرة.ومن شعراء ذلك العصر أيضا ً كعب بن معدان ألشقري المتوفى في عمان في عام 104هـهه722/م ،وقد سمع الخليفة عمر بن عبد العزيز أبياتا ً من شههههههعره فأعجب بها ،وحينما أخبر أنها لكعب قال " :ما كنت أظن أهل عمان يقولون مثل هذا الشااااااعر" كما يرويه الجاح في البيان والتبيين.وذكر صههههاحب األغاني " أن الخليفة عبد الملك بن مروان كان معجبا بشااااعر كعب " وينقل أيضا عن الفرزدق أنه قال " :شعراء اإلسالم أربعة :أنا وجرير واألخطل وكعب األشقري". ومن أدباء عمان فيما يرويه ابن األثير في اإلصههههههابة ،واألصههههههفهاني في األغاني مسلية بن هزان الحداني الذي تشرف بمقابلة رسول هللا -صلى هللا عليه وسهههههلم -مع نفر من قومه بعد فتح مكة المكرمة ،وروي عنه أنه مدح الرسهههههول عليه السهههههالم.ونذكر أيضههههها من خطباء عمان ومن قادتها البارزين المختار بن عوف المعروف بأبي حمزة الشاري (ت130 :هـههههه747/م) ،له خطبة شهيرة في أهل المدينة المنورة.وقدمت عمان من رجالها في مجال السههياسههة واإلدارة عددا ً كبيراً؛ نذكر منهم آل المهلب ودورهم البارز في التاريخ اإلسههههالمي ،حيث غدوا منههارات يهتههدى بهم خالل قرون عههديههدة ،فقههد كههان منهم القههادة والوالة والعلمههاء واألدباء ،وقد ذكرت مصهههادر التاريخ أنهم جاهدوا مع الدولة األموية في بالد ما 23 وراء النهر ،حيث فتح يزيد بن المهلب بن أبي صفرة القيقان وقندابيل والهور ثم تولى يزيد – بعد ذلك -والية العراق وتولى أخوه زياد والية عمان.كما أن عددا ً منهم تولى والية مصر و إفريقية خالل العصر العباسي وانتشر نسلهم في المشهههههرق اإلسهههههالمي وخاصهههههة في جرجان وكذلك في بالد األندلس والمغرب العربي. وقد أشهههارت المصهههادر إلى أن للعمانيين السهههبق في مجال صهههناعة السهههفن فوقيادتها.ومن الذين ألفوا في قواعده ونظمه أحمد بن ماجد السهههههعدي الذي خَلَّ َ لنا عددا ً من "المؤلفات تربو على سههههههتة وأربعين بين نظم ونثر ،تضههههههم خبراته واكتشافاته العديدة كاستخدام البوصلة التي ساعدت في معرفة االتجاهات. وألف العمانيون كتبا عديدة في الفقه وأصههههول العقيدة والتاريخ واألنسههههاب واللغة عكسههههههت األحوال االجتماعية واالقتصههههههادية والثقافية ،مثل" :كتاب بيان الشرع" لمؤلفه محمد بن إبراهيم الكندي (ت508:هـههههه1114/م) الذي يتكون من 72مجلدا.كما ألف العوتبي مؤلفات عديدة أشهرها الضياء واإلبانة واالنساب. تلك إذن قراءة مقتضههبة ألهم اإلس ههامات العمانية في مضههمار الحضههارة، نظرا ً لضههههيق المقام عن االسهههههاب ،وهي إن دلت على شههههيء فإنما تدل على أن العمانيين قد طرقوا العديد من أبواب العلم والمعرفة التي سهههههههاعدت على التقدم الحضههاري.وال بد من اإلشههارة إلى أن هنالك معلومات مضههافة أخرى عن دور عمان الح ضاري في الف صل الثاني والف صل الثالث من الق سم الثاني الذي يتناول الحياة االقتصادية والحياة العلمية. 24