محاضرات في القانون الدولي الخاص PDF
Document Details
Uploaded by InstructiveHope
École Nationale d'Ingénieurs de Sfax
د. راسم قصارة
Tags
Summary
هذه المحاضرات في القانون الدولي الخاص تقدم لمحة عامة عن الموضوع. وهي تسلط الضوء على أهمية القانون الدولي الخاص في تنظيم العلاقات بين الأفراد الدوليين, وتنازع القوانين, ومركز الأجانب.
Full Transcript
**محاضرات في** **القانون الدولي الخاص** **د. راسم قصارة** **أستاذ مساعد في القانون التجاري** **المقدمة** لقد خلق المولى - عز وجل - البشر بمختلف الألوان والأجناس، وجعل التعاون والتعارف بينهم سنة ُجبِل عليها كل البشر، فكما قال الله سبحانه وتعالى: \"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم...
**محاضرات في** **القانون الدولي الخاص** **د. راسم قصارة** **أستاذ مساعد في القانون التجاري** **المقدمة** لقد خلق المولى - عز وجل - البشر بمختلف الألوان والأجناس، وجعل التعاون والتعارف بينهم سنة ُجبِل عليها كل البشر، فكما قال الله سبحانه وتعالى: \"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير\" \[الحجرات:13\]. ورغم أن هنالك حدوداً سياسية جغرافية تفصل كل دولة عن الأخرى وكل شعب عن الآخر، فإن التعامل بين أفراد هذه الشعوب وهذه الدول قائم، وهو في ازدياد مستمر نتيجة لتطور وسائل الاتصالات والمواصلات، فكثيراً ما تجد أزواجاً من دول مختلفة، وعمليات بيع وشراء تتم بين أفراد من دول مختلفة. وقد أوجدت هذه المعاملات وقائع تحتاج إلى قانون ينظمها، ويمتد إلى خارج إقليم الدولة بشكل لا يخل بسيادة الدولة التي يُطبق فيها. ويرتبط وجود اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺒﻨﺸﺄة ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ، وﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد ذات اﻟطﺎﺒﻊ اﻟدوﻟﻲ، ﺤﻴث ﺘﺜﻴر ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻤﺸﻛﻼت تتعلق باﻟﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن اﻟﻤواطﻨﻴن واﻷﺠﺎﻨب ﻋن طرﻴق ﺘﺤدﻴد ﺠﻨﺴﻴﺔ اﻷﺸﺨﺎص، واﻟﻤرﻛز اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻟﻸﺠﺎﻨب، وﺘﺤدﻴد اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺒﺎﻟﻔﺼﻝ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻬذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت وﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻤﺨﺘص. **ﻟﻤﺎذا وﻛﻴف وﺠد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص؟** ﻤن اﻟﺜﺎﺒت أن ﻓﻛرة اﻟﻘﺎﻨون ﻤﻼزﻤﺔ ﻟوﺠود اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﺎﻟﻨظﺎم اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻫو وﻟﻴد اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. وﻻ ﻴﻤﻛن ﺘﺼور ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺎ دون ﻨظﺎم ﻗﺎﻨوﻨﻲ ﻟﻬذا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻴﻨظم ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد وﻴﺤدد ﻟﻛﻝ ﻓرد ﻓﻴﻪ ﺤﻘوﻗﻪ وواﺠﺒﺎﺘﻪ وﻴﻀﻤن ﻟﻪ، ﻀﻤن اﻟﺤدود اﻟﻤﺸروﻋﺔ ﻟﻨﺸﺎطﻪ، اﻟﺤﻤﺎﻴﺔ اﻟﻀرورﻴﺔ. واﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻛﻐﻴرﻩ ﻤن ﻓروع اﻟﻘﺎﻨون اﻷﺨرى، ﻟم ﻴﻛن ﺴوى اﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻀرورات ﺘطور ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد ﻤن دوﻝ وأﻤم ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻘﻴﺎم ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺠدﻴد، اﺼطﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻤﻴﺘﻪ \"اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻟﻸﻓراد\" إﻟﻰ ﺠﺎﻨب اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟوطﻨﻲ وﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟدوﻝ. وﻟﻘد ﻨﺸﺄ ﻫذا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻊ اﻨﻔﺘﺎح اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺒﺸرﻴﺔ واﺘﺼﺎﻟﻬﺎ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺒﻌﻀًﺎ ﻋﻨدﻤﺎ ﺒدأ اﻷﻓراد ﺒﺎﻟﺘﻨﻘﻝ ﻋﺒر اﻟﺤدود واﻟدﺨوﻝ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﻤﻼت ورواﺒط ﻋﺎﺌﻠﻴﺔ وﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﺘﺠﺎوز ﺒﻌﻨﺎﺼرﻫﺎ وآﺜﺎرﻫﺎ ﺤدود اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟدوﻟﺔ اﻟواﺤدة ﻟﺘﺘﺼﻝ ﺒﺄﻛﺜر ﻤن دوﻟﺔ. وﺸﻛﻠت ﻫذﻩ اﻟﻤﻌﺎﻤﻼت واﻟرواﺒط مجالا جديدا، ﻟﻪ ﺨﺼﺎﺌص وﺤﺎﺠﺎت وﻤﺼﺎﻟﺢ ﺘﺨﺘﻠف ﻋن ﺨﺼﺎﺌص اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟوطﻨﻲ وﺤﺎﺠﺎﺘﻪ وﻤﺼﺎﻟﺤﻪ. ﻤﻤﺎ اﺴﺘدﻋﻰ ﺒﺎﻟﻀرورة إﻴﺠﺎد ﻨظﺎم ﻗﺎﻨوﻨﻲ ﺠدﻴد ﻴﻨظم ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت. وﻟم ﺘﻛن ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻟﺘﻨﺸﺄ ﻓﻲ زﻤن اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘدﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻨت ﺘﻌﻴش ﻤﻐﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﺼﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﺎ إﻻ ﻋن طرﻴق اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت واﻟﺤروب، وﻻ ﺘﻌﺘرف ﻟﻸﺠﻨﺒﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﺒﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ اﻟﻼزﻤﺔ ﻟﻠدﺨوﻝ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻗﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻤﺴﺎواة ﻤﻊ أﺒﻨﺎﺌﻬﺎ اﻟوطﻨﻴﻴن، ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﻴوﻨﺎن واﻟروﻤﺎن وﺤﺘﻰ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﻋﺼر اﻹﻗطﺎع ﻓﻲ أورﺒﺎ. واﻨﻤﺎ ﻨﺸﺄت ﻋﻨدﻤﺎ ﺘطورت ﺤﺎﺠﺎت ﻫذﻩ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻤﻊ ﺘطور ﻋﻼﻗﺎت أﻓرادﻫﺎ وأﻓﻛﺎرﻫﺎ، ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎدﻴن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ واﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ. وﻨظرا ﻟﺘﻌدد اﻟدوﻝ واﺨﺘﻼف ﺘﺸرﻴﻌﺎﺘﻬﺎ، ظﻬرت اﻟﺤﺎﺠﺔ ﻹﻴﺠﺎد ﻨظﺎم ﻗﺎﻨوﻨﻲ ﻴﻀﻤن ﺤﻤﺎﻴﺔ، واستقرار اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋن ﺘﻌﺎﻤﻝ اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴد اﻟدوﻟﻲ ﻤن ﺠﻬﺔ، واﺤﺘرام ﺴﻴﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﻴﻤﻬﺎ ﻤن ﺠﻬﺔ أﺨرى، ﻓﻛﺎن ظهوراﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. وﻫﻛذا ﻨرى أن اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻗد وﺠد ﻤن أﺠﻝ ﺘﻨظﻴم ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد ذات اﻟطﺎﺒﻊ اﻟدوﻟﻲ، أو ﺒﺘﻌﺒﻴر آﺨر ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ أو ﻛﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻬﺎ ﺒﻌﻀﻬم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺨﺎﺼﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ. وﺘﻌد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ إذا دﺨﻠﻬﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟدوﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻋﻨﺼر ﻏﻴر وطﻨﻲ، أي إذا اﺘﺼﻠت ﺒﺤﻛم ﻋﻨﺎﺼرﻫﺎ اﻟﻤﻛوﻨﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﺄﻛﺜر ﻤن دوﻟﺔ، وﻫذا ﻤﺎ ﻴﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟطﺎﺒﻊ اﻟدوﻟﻲ. ﻓﻬﻲ ﺒذﻟك ﺘﺨﺘﻠف ﻋن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟوطﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﺨﻀﻊ ﻷﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟوطﻨﻲ (اﻟداﺨﻠﻲ) ﻤن ﺠﻬﺔ، وﻋن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺘﻘوم ﺒﻴن اﻟدوﻝ وﻏﻴرﻫﺎ ﻤن أﺸﺨﺎص اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ وﺘﺨﻀﻊ ﻷﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻤن ﺠﻬﺔ أﺨرى. **أ. ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟوطﻨﻴﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ** ﺘﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ وطﻨﻴﺔ وﺘﺨﻀﻊ ﻷﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟوطﻨﻲ (اﻟداﺨﻠﻲ) إذا ﻛﺎﻨت ﻋﻨﺎﺼرﻫﺎ ﻛﻠﻬﺎ وطﻨﻴﺔ، ﻓﻲ أطراﻓﻬﺎ وﺴﺒﺒﻬﺎ وﻤوﻀوﻋﻬﺎ. ﻛﻤﺎ ﻟو ﺘزوج عماني ﻤن ﻓﺘﺎة عمانية ﻓﻲ سلطنة عمان، أو ﺒﺎع ﻤواطن عماني إﻟﻰ ﻤواطن عماني آﺨر ﻋﻘﺎرا ﻓﻲ مسقط. أو ﺘوﻓﻲ عماني ﻓﻲ صلالة ﺘﺎرﻛًﺎ أﻤواﻟﻪ اﻟﻤﻨﻘوﻟﺔ وﻏﻴر اﻟﻤﻨﻘوﻟﺔ ﻓﻲ سلطنة عمان ﻟورﺜﺘﻪ. وﻤﺘﻰ اﻨطوت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﺨرﺠت ﻤن ﻨطﺎق اﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ ﻟﺘﺨﻀﻊ ﻷﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. ﻓﻛﻤﺎ أﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻛن ﻤﻌﺎﻤﻠﺔ اﻷﺠﺎﻨب ﻓﻲ عمان ﻤﻌﺎﻤﻠﺔ اﻟوطﻨﻴﻴن ﻤن ﺤﻴث اﻟﺤﻘوق واﻟواﺠﺒﺎت، ﻛذﻟك ﻻ ﻴﻤﻛن ﻤﻌﺎﻤﻠﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﻤﻌﺎﻤﻠﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟوطﻨﻴﺔ. **ب. اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺒﻴن اﻟدوﻝ وﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ** ﻤن اﻟﻤﻌﻠوم أن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋن ﻗﻴﺎم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﺘﻘﺘﺼر ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﺒﻝ ﺘﺸﺘﻤﻝ أﻴﻀًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺒﻴن اﻟدوﻝ. وﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺒﻴن اﻟدوﻝ وﻏﻴرﻫﺎ ﻤن اﻷﺸﺨﺎص اﻟدوﻟﻴﺔ ﺘﺸﻛﻝ ﻤوﻀوﻋﺎً ﻟﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم. وﺘﺨﺘﻠف ﻗواﻋد ﻫذا اﻟﻘﺎﻨون ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﺘﺠﻪ ﺒﺎﻟﺨطﺎب أﺼﻼً إﻟﻰ اﻟدوﻝ وﻏﻴرﻫﺎ ﻤن اﻟوﺤدات اﻟﺘﻲ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ. أﻤﺎ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻓﺘﺘﺠﻪ إﻟﻰ أﺸﺨﺎص اﻟﻘﺎﻨون اﻟﺨﺎص ﺴواء أﻛﺎﻨوا طﺒﻴﻌﻴﻴن أم اﻋﺘﺒﺎرﻴﻴن. وﺘﺨﺘﻠف ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻋن ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺒﻌﻀﺎً ﻤن ﺤﻴث ﻗوﺘﻬﺎ اﻹﻟزاﻤﻴﺔ. ﻓﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻗواﻋد ﻗﺎﻨوﻨﻴﺔ وطﻨﻴﺔ أو ﻤﺴﺘﻤدة ﻤن اﻻﺘﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﻴﺔ، ﺘﺼدر ﻋن اﻟﺴﻠطﺔ اﻟﺘﺸرﻴﻌﻴﺔ ﺼﺎﺤﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎدة ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ وﺘﻠزم اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟوطﻨﻴﺔ ﺒﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ. أﻤﺎ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻬﻲ ﻗواﻋد ﺘﻌﺎﻗدﻴﺔ أو ﻋرﻓﻴﺔ ﻻ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻟﻘوة ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤن اﻹﻟزام. ﻷﺠﻝ ذﻟك ﻛﺎن ﻻﺒد ﻤن اﻟﺘﻤﻴﻴز، ﻤن ﺤﻴث اﻟﻨظﺎم اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ، ﺒﻴن ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺨرى اﻟﺘﻲ ﺘﻘوم ﺒﻴن اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟوطﻨﻲ أو ﺒﻴن اﻟدوﻝ، ٕواﺨﻀﺎع اﻟطﺎﺌﻔﺔ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﺤﻠوﻝ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ﺘﻀﻤن ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻨﻔﺴﻪ، ﺘوﻓﻴر اﻟطﻤﺄﻨﻴﻨﺔ ﻟﻸﻓراد ﻓﻲ ﻤﻌﺎﻤﻼﺘﻬم ورواﺒطﻬم اﻟﻤﺘﻛوﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟدوﻟﻲ واﺤﺘرام ﻤﺒدأ ﺴﻴﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﻴﻤﻬﺎ ﺒﺸﻛﻝ ﻴؤدي إﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴق اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﺸﺘرﻛﺔ ﻟﻠدوﻝ. وﻴطﻠق اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺤﻠوﻝ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. فيجب أن تكتسب العلاقة أو الرابطة القانونية الخاصة الصفة الدولية لكي ما تُحكم بالقانون الدولي الخاص، وتكتسب العلاقة القانونية الخاصة الصفة الدولية إذا تطرقت الصفة الدولية لأحد عناصرها بحيث تصبح متصلة بأكثر من نظام قانوني لدولة واحدة، والعلاقات والروابط القانونية مركبة من ثلاثة عناصر: **أولا: أشخاص الرابطة القانونية:** هم الأطراف الذين تتعلق بهم الرابطة القانونية كالبائع والمشتري والعامل ورب العمل والزوج والزوجة، وقد توصف العلاقة بأنها دولية إذا كان أحد الأشخاص فيها أجنبيا أي ينتمي لدولة بخلاف التي ينتمي لها الطرف الآخر في العلاقة القانونية. **ثانياً: موضوع الرابطة القانونية:** هو ما اتجه التصرف القانوني أو العلاقة القانونية إلى إحداثه وترتيبه، وموضوع العلاقة القانونية قد يكون التزاماً بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه أو بإعطاء شيء، فإذا نشأ عن العلاقة القانونية التزام يتم تنفيذه في دولة أجنبية، تحكم هذه العلاقة بموجب أحكام القانون الدولي الخاص لتطرق الصفة الدولية لموضوع الرابطة القانونية. **ثالثاً: سبب الرابطة القانونية:** السبب في الرابطة القانونية قد يكون تصرفاً قانونيا ينشأ بالإرادة كالعقود عموماً، وقد يكون واقعة قانونية، وهي بدورها إما أن تكون واقعة مادية، كالعمل الخاطئ أو الضار، الذي يرتب المسؤولية التقصيرية أو الالتزام بالتعويض، وأما أن تكون واقعة طبيعية ترتب آثاراً قانونية معينة، كالولادة والوفاة، وإذا لحقت الصفة الأجنبية بأي عنصر من العناصر الثلاثة كان القانون الذي يحكمها القانون الدولي الخاص. **موضوعات القانون الدولي الخاص:** لم تتفق النظم القانونية في العالم على محتوى واحد للقانون الدولي الخاص، فهنالك من يعتبر أن القانون الدولي الخاص يشتمل على موضوع واحد ومنها ما يعتبره يشتمل على أكثر من ذلك، ويمكن حصر الحالات التي تحدد ما يحتوي عليه القانون الدولي الخاص في أربع اتجاهات على النحو التالي: **الاتجاه الأول:** يعتبر هذا الاتجاه أن تنازع القوانين -- وجود أكثر من قانون يحكم العلاقة القانونية - هو الموضوع الوحيد للقانون الدولي الخاص، وهذا الاتجاه أكثر الاتجاهات تقييداً، لهذا يمكن أن يتم تعريف القانون الدولي الخاص وفق هذا الاتجاه بأنه: القانون الذي ينظم تنازع القوانين التي تحكم العلاقات الخاصة الدولية. **الاتجاه الثاني:** يعتبر هذا الاتجاه أن القانون الدولي الخاص يحتوي على موضوعين هما تنازع القوانين، وتنازع الاختصاص القضائي الدولي -- وجود أكثر من سلطة قضائية تختص بنظر النزاع في العلاقة الخاصة الدولية والنظام الذي يتبنى هذا الاتجاه هو النظام الأنجلوسكسوني، ويمكن أن نعرف القانون الدولي الخاص وفقا للنظام الأنجلوسكسوني بأنه: القانون الذي ينظم تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي في حكم العلاقات الخاصة الدولية. **الاتجاه الثالث:** يعتبر هذا الاتجاه أن القانون الدولي الخاص يحتوي على ثلاثة مواضيع هي تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي ومركز الأجانب، ويأخذ بهذا الاتجاه الفقه الإيطالي والإسباني، ويمكن تعريف القانون الدولي الخاص وفقا لهذا الاتجاه بأنه: القانون الذي ينظم تنازع القوانين وتحديد الاختصاص القضائي الدولي ومركز الأجانب، للعلاقات الخاصة الدولية. **الاتجاه الرابع:** يعتبر هذا الاتجاه أن القانون الدولي الخاص يحتوي على القواعد القانونية التي تنظم الجنسية ومركز الأجانب وتنازع القوانين، وتحديد المحكمة ذات الاختصاص الدولي، وهذا هو الاتجاه الذي يأخذ به الفقه اللاتيني، ويمكن تعريف القانون الدولي الخاص وفقاً لهذا الاتجاه بأنه: القانون الذي ينظم الجنسية ومركز الأجانب وينظم تنازع القوانين وتحديد الاختصاص القضائي الدولي. وﺴﻨﺘﻨﺎوﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ اﺴﺘﻌراض ﻤﺨﺘﻠف ﻫذﻩ اﻟﻤوﻀوﻋﺎت، وﺘﺤدﻴد اﻟﻘواﻋد التي تنظمها. ﻓﻲ اﻟﻤﻔﻬوم اﻟواﺴﻊ ﻟﻠﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻴﻀم ﻫذا اﻟﻔرع ﻤن اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻤوﻀوﻋﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴدﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ واﻟﻤرﻛز اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻟﻸﺠﺎﻨب وﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن وﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ. **أ. اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ** ﻴﻤﻛن ﻟﻠﺼﻔﺔ اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ أن ﺘﻠﺤق ﺒﺄﺤد ﻋﻨﺎﺼر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ اﺴﺘﻨﺎداً إﻟﻰ ﺘﺒﻌﻴﺔ أﺤد أطراﻓﻬﺎ إﻟﻰ دوﻟﺔ أﺠﻨﺒﻴﺔ. أي اﺴﺘﻨﺎداً إﻟﻰ ﺠﻨﺴﻴﺘﻪ، وﻫذﻩ اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻗد ﺘﻤﻬد ﻟﻨﺸوء ﺘﻨﺎزع ﺒﻴن اﻟﻘﺎﻨون اﻟوطﻨﻲ واﻟﻘﺎﻨون اﻷﺠﻨﺒﻲ أو ﺒﻴن ﻗواﻨﻴن أﺨرى أﺠﻨﺒﻴﺔ ذات ﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻤوﻀوع اﻟﻨزاع ﺒﺤﻛم ﺘﻌدد اﻟدوﻝ اﻟﺘﻲ ﺘرﺘﺒط ﺒﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ. ﻟذﻟك ﺘﺤرص ﻛﻝ دوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺤدﻴد المواطنين اﻟذﻴن ﻴﺤﻤﻠون ﺠﻨﺴﻴﺘﻬﺎ، اﻟﻤﻛوﻨﻴن ﻟﻌﻨﺼر اﻟﺸﻌب ﻓﻴﻬﺎ ﻋن طرﻴق ﺘﻨظﻴم ﺠﻨﺴﻴﺘﻬﺎ، ﻓﺘﺤدد ﺘﺸرﻴﻌﺎﺘﻬﺎ اﻷﺤﻛﺎم اﻟﻨﺎظﻤﺔ ﻷﺴس اﻛﺘﺴﺎﺒﻬﺎ وأﺴﺒﺎب ﻓﻘدﻫﺎ، وﻓق اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺘﻲ ﺘﺨدم ﻤﺼﻠﺤﺘﻬﺎ اﻟوطﻨﻴﺔ. وﺒﻤوﺠب ﻫذﻩ اﻟﺘﺸرﻴﻌﺎت ﻻ ﻴﻌّد اﻟﺸﺨص وطﻨﻴًﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ دوﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ، أي ﻤﺘﻤﺘﻌًﺎ ﺒﺠﻨﺴﻴﺘﻬﺎ، إﻻ وﻓﻘﺎً ﻷﺤﻛﺎم ﻗﺎﻨوﻨﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﺒﻬﺎ. وﻴﺘرﺘب ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻟﺼﻔﺔ اﻟوطﻨﻴﺔ ﺤﻘوق والالتزاﻤﺎت ﻤﺤددة ﻻ ﺘﺴري ﻋﻠﻰ اﻷﺠﻨﺒﻲ. وﻟﻘد ﻨظم اﻟﻤﺸرع العماني أﺤﻛﺎم اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ العمانية ﺒﺎﻟﻤرﺴوم السلطاني رقم 1 - 1972 والمؤرخ في 27 أبريل 1972 وتم تنقيح هذا القانون بالمرسوم السلطاني رقم 3 -1983 المؤرخ في 12 يناير 1983 والذي نقح بدوره بالمرسوم السلطاني رقم 38- 2014 المؤرخ في 12 أغسطس 2014. **ب. اﻟﻤرﻛز اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻟﻸﺠﺎﻨب** إن ﺘﺸﻛﻝ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﻴﺘوﻗف إﻟﻰ ﺤد ﻛﺒﻴر ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘراف ﻟﻸﺠﻨﺒﻲ ﺒﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ وﺒﺈﻤﻛﺎﻨﻴﺔ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺒﺒﻌض اﻟﺤﻘوق اﻟﺨﺎﺼﺔ اﻟﻼزﻤﺔ ﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ ﺤﻴﺎﺘﻪ اﻟطﺒﻴﻌﻴﺔ ﺨﺎرج إﻗﻠﻴم دوﻟﺘﻪ. ﻓﻼ ﻴﻤﻛن، ﻤﺜﻼً ﻟﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘﻪ ﺒﺸﺄن اﻨﺘﻘﺎﻝ ﻤﻠﻛﻴﺔ ﻋﻘﺎر ﻓﻲ سلطنة عمان إﻟﻰ ﺸﺨص أﺠﻨﺒﻲ، إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺠﻨﺒﻲ ﻻ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺤق اﻟﻤﻠﻛﻴﺔ اﻟﻌﻘﺎرﻴﺔ ﻓﻲ سلطنة عمان وﻓق التشرﻴﻌﺎت اﻟوطﻨﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺘﺤدد اﻟﺤﻘوق اﻟﺘﻲ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻬﺎ اﻷﺠﺎﻨب ﻋﻠﻰ إﻗﻠﻴﻤﻬﺎ. وﻟﻘد ﻨظﱠم اﻟﻤﺸرع ﻫذﻩ اﻟﺤﻘوق، أو اﻟﻤرﻛز اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻟﻸﺠﺎﻨب، ﺒﻤوﺠب ﻨﺼوص ﺘﺸرﻴﻌﻴﺔ وﺘﻨظﻴﻤﻴﺔ ﻤﺘﻌددة وﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. **ج. ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن** ﺘﺜﻴر ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ ﻫﺎﻤﺔ وأﺴﺎﺴﻴﺔ، ﻫﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن، وﺒﺘﻌﺒﻴر آﺨر ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟذي ﻴﺤﻛﻤﻬﺎ ﻤن ﺒﻴن ﻗواﻨﻴن اﻟدوﻝ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﺼﻝ ﺒﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ. ﻷن اﺘﺼﺎﻝ ﻋﻨﺎﺼر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﺒدوﻝ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ذات ﺘﺸرﻴﻌﺎت ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ، ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺈﻤﻛﺎن إﺨﻀﺎع ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ إﻟﻰ أﻛﺜر ﻤن ﻗﺎﻨون واﺤد. ﺒﺤﻴث ﻴﻤﻛن اﻟﻘوﻝ ﺒﺄن ﺜﻤﺔ ﺘﻨﺎزﻋﺎً ﺒﻴن ﻗواﻨﻴن ﻫذﻩ اﻟدوﻝ ﻟﺤﻛم ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ. **ﻓﻛﻴف ﻴﺘم ﺤﻝ ﻫذا اﻟﺘﻨﺎزع وﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘﻪ؟** ﻟﻘد اﻨﺘﻬﻰ اﻟﻔﻛر اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ اﻟﺤدﻴث إﻟﻰ إﺘﺒﺎع وﺴﻴﻠﺔ ﻗﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻓﻨﻴﺔ، ﺘﺴﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺤﻝ ﻫذا اﻟﺘﻨﺎزع وﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻤوﻀوع اﻟﻨزاع، ﺘﺴﻤﻰ ﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن أو ﻗواﻋد اﻹﺴﻨﺎد. وﻴﺘم وﻀﻊ ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻤن ﻗﺒﻝ اﻟﻤﺸرع اﻟوطﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻝ دوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺴﺎس اﻋﺘﺒﺎرات وطﻨﻴﺔ ﻗﺎﻨوﻨﻴﺔ وﺴﻴﺎﺴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ. واﺨﺘﻼف ﻫذﻩ اﻻﻋﺘﺒﺎرات ﺒﻴن دوﻟﺔ وأﺨرى ﻴؤدي إﻟﻰ اﺨﺘﻼف ﻗواﻋد اﻹﺴﻨﺎد ﻓﻲ ﺘﺸرﻴﻌﺎتها. وﻴطﻠق ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد اﻹﺴﻨﺎد واﻟﻘواﻋد اﻟﻨﺎظﻤﺔ ﻟﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ، ﻨظﺎم ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن. وﻟﻘد ﺒﻴن اﻟﻤﺸرع العماني اﻟﻘواﻋد اﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺒﻴﺎن اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب اﻟﺘطﺒﻴق ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت ذات اﻟطﺎﺒﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲالمواد من (10 إلى 28) من قاﻨون المعاملات المدنية العماني ﺘﺤت ﻋﻨوان: ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻤن ﺤﻴث اﻟﻤﻛﺎن الصادر بمقتضى المرسوم السلطاني رقم 29-2013 المؤرخ في 6 مايو 2013 اﻟﺘﻲ ﺘﺸﻛﻝ ﺒﻤﺠﻤوﻋﻬﺎ ﻗواﻋد اﻹﺴﻨﺎد اﻟوطﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻨون العماني. وﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﺒﻤﻌﻨﺎﻩ اﻟدوﻟﻲ ﻴﻘﺘﺼر ﻋﻠﻰ ﺘﻨﺎزع ﻗواﻨﻴن اﻟدوﻝ اﻟﺘﻲ ﺘﺤﻛم ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد. وﻤﺜﺎﻝ ذﻟك اﻟﺘﻨﺎزع اﻟذي ﻴﻤﻛن أن ﻴﻘوم ﺒﻴن أﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻤدﻨﻲ العماني وأﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻤدﻨﻲ اﻟﻔرﻨﺴﻲ. أو ﺒﻴن أﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟﺘﺠﺎري العماني واﻟﻘﺎﻨون اﻟﺘﺠﺎري اﻟﻤﺼري\... اﻟﺦ. **د. ﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ** ﺘﺜﻴر ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ أﺨرى ﻫﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ، أي ﺘﺤدﻴد اﻟﻤﺤﻛﻤﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ دوﻟﻴﺎً ﻟﻠﻨظر ﻓﻲ ﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻷﻓراد اﻟﺘﻲ ﺘﻨﺸﺄ ﺒﺼددﻫﺎ. ﻓﻛﻤﺎ أن اﺘﺼﺎﻝ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﺤﻛم ﻋﻨﺎﺼرﻫﺎ ﺒﺄﻛﺜر ﻤن دوﻟﺔ ﻴؤدي إﻟﻰ تزاﺤم ﻗواﻨﻴن ﻫذﻩ اﻟدوﻝ ﻟﺤﻛﻤﻬﺎ، ﻛذﻟك ﻓﺈن ﺘﻌدد اﻟدوﻝ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﺼﻝ ﺒﻬﺎ ﻋﻨﺎﺼر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻴؤدي أﻴﻀﺎً إﻟﻰ ﺘزاﺤم ﻤﺤﺎﻛﻤﻬﺎ ﻟﻠﻨظر ﻓﻲ ﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻷﻓراد اﻟﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻨﻬﺎ. وﻟﻘد عملت عديد اﻟدوﻝ ﻋﻠﻰ وﻀﻊ ﻗواﻋد ﺘﺒﻴن اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺘﻛون ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺤﺎﻛﻤﻬﺎ اﻟوطﻨﻴﺔ ﻤﺨﺘﺼﺔ ﻟﻠﻨظر ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﻴﺎ اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ، ﺘﺴﻤﻰ ﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ وذﻟك ﻤﺎ فعله اﻟﻤﺸرع العماني ﻓﻲ ﻗﺎﻨون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29-2002 المؤرخ في 6 مارس 2002 ﻋﻨدﻤﺎ ﻨص ﻓﻲ اﻟﻤواد ﻤن 29 إﻟﻰ 35 ﻋﻠﻰ ﺤﺎﻻت اﺨﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﺎﻛم العمانية. وﻴﻤﻛن أن ﻨورد ﻤﺜﺎﻻً ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺘﻲ ﺠﺎءت ﺒﻬﺎ اﻟﻤﺎدة 29 ﻤن ﻫذا اﻟﻘﺎﻨون واﻟﺘﻲ ﺘﻘوﻝ: \" تختص المحاكم العمانية بنظر الدعاوى \...التي ترفع على غير العماني الذي له موطن أو محل إقامة في السلطنة، \". وﺘﺸﻛﻝ ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺒذاﺘﻬﺎ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋن ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن وﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻨﻬﺎ. ﻓﺤﻝ اﻟﻤﺸﻛﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻻ يترتب عنه ﺤﻝ اﻟﻤﺸﻛﻠﺔ اﻟﺜﺎﻨﻴﺔ. وﺒﺘﻌﺒﻴر آﺨر، إن ﺘﻌﻴﻴن اﻟﻤﺤﻛﻤﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب اﻟﺘطﺒﻴق، أي أن ﺜﺒوت اﻻﺨﺘﺼﺎص دوﻟﻴًﺎ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛم العمانية ﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﺎﻟﻀرورة ﺘطﺒﻴق اﻟﻘﺎﻨون العماني ﻋﻠﻰ ﻤوﻀوع اﻟﻨزاع، ﻓﺒﻌد ﺜﺒوت اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛم العمانية ﺘﺘوﻟﻰ ﻗواﻋد اﻹﺴﻨﺎد اﻟوطﻨﻴﺔ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻤوﻀوع اﻟﻨزاع، والذي ﻗد ﻴﻛون اﻟﻘﺎﻨون العماني أو ﻗﺎﻨون دوﻟﺔ أﺠﻨﺒﻴﺔ. وﺘرﺘﺒط ﺒﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ أﺨرى ﻤن ﻤﺸﻛﻼت اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻫﻲ ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﻔﻴذ أﺤﻛﺎم اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ (اﻵﺜﺎر اﻟدوﻟﻴﺔ ﻟﻸﺤﻛﺎم). وﻟﻘد ﻨظم اﻟﻤﺸرع العماني ﻫذﻩ اﻟﻤﺴﺎﺌﻝ ﺒﻤوﺠب اﻟﻤواد من 352 إلى 355 ﻤن ﻗﺎﻨون الإجراءات المدنية والتجارية. **موقف الشريعة الإسلامية من القانون الدولي الخاص:** قسم فقهاء الشريعة الإسلامية العالم إلى دار الإسلام ودار الحرب، وزاد بعضهم دار العهد، ودار الإسلام هي الدولة التي يحكمها حاكم مسلم، وتنفذ فيها أحكام الشريعة الإسلامية، ودار الحرب هي الدار الواقعة تحت سيادة الحاكم غير المسلم الذي لا يربطه عهد بالمسلمين ولا تحكم بالشريعة، ولا يقصد بدار الحرب قيام حالة الحرب فعلاً بين دار الإسلام ودار الحرب؛ لأن الأصل في علاقات الدولة الإسلامية السلم، ودار العهد هي الدار أو الجماعة التي عقدت معها دار الإسلام عهداً أو صلحا. ويعتبر المسلمون جميعاً أمة واحدة، وإن اختلفوا في الجنس أو اللغة؛ لأن وحدة الدين غلبت كل هذه الفروق، فالأمة الإسلامية واحدة، والدول الإسلامية متعددة، ولذلك تتعدد التبعية، أي الجنسية، وظاهر مما تقدم أن الفقه الإسلامي توصل إلى فكرة الجنسية وتحديد المواطنين من الأجانب بصورة واضحة لم يصل إليها الفقه القانوني إلا في العصر الحديث وهذا ما يعني أن فقهاء الشريعة الإسلامية قد تحدثوا عن مواضيع القانون الدولي الخاص. وبناء ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺘﻘدم ﻴﻤﻛن ﺘﻌرﻴف اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺒﺄﻨﻪ ﻓرع ﻤن ﻓروع اﻟﻘﺎﻨون ذو طﺒﻴﻌﺔ ﻤﺨﺘﻠطﺔ ﻴﻬدف إﻟﻰ ﺘﻨظﻴم ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ، ﻋن طرﻴق ﻗواﻋد ﺘﺤدد ﺠﻨﺴﻴﺔ اﻷﺸﺨﺎص اﻟﺘﺎﺒﻌﻴن ﻟﻠدوﻟﺔ وﻤرﻛز اﻷﺠﺎﻨب اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ وﺘﻌﻴﻴن ﺤﺎﻻت اﺨﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟوطﻨﻴﺔ ﺒﻨظر اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻬﺎ وآﺜﺎر اﻷﺤﻛﺎم اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ، وﻗواﻋد اﺴﻨﺎدﻴﺔ ﺘﺤدد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘﻪ ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ. **ثانياً: خصائص قواعد القانون الدولي الخاص** للقانون الدولي خصائص يشترك فيها مع القوانين الأخرى تسمى بالخصائص العامة، وله خصائص يتميز بها عن القوانين الأخرى تسمى بالخصائص الذاتية للقانون الدولي الخاص ونتناول هذه الخصائص على النحو التالي: **أولاً: الخصائص العامة:** **1. قواعد القانون الدولي الخاص قواعد وضعية داخلية:** قواعد القانون الدولي الخاص قبل كل شيء قواعد وطنية تختلف من دولة إلى أخرى، حيث يقوم كل منظم في كل دولة من الدول بسن قواعد القانون الدولي الخاص؛ و قد أفرد المشرع بسلطنة عمان نظماً كاملة بخصوص المواضيع التي يتناولها القانون الدولي الخاص، فهنالك نظام الجنسية العمانية، ونظام إقامة الأجانب في السلطنة، والقواعد التي تنظم تنازع الاختصاص القضائي. **2. قواعد القانون الدولي الخاص قواعد ملزمة:** كل القواعد القانونية قواعد ملزمة وقواعد القانون الدولي الخاص هي أيضا قواعد ملزمة، وتختلف درجة الإلزام في القواعد القانونية الخاصة بالقانون الدولي الخاص حسب الموضوع الذي تتناوله تلك القواعد، ففي القواعد المتعلقة بالجنسية مثلا نجدها متعلقة بالنظام العام وهي ملزمة تماما ولا يجوز الاتفاق على خلافها، بينما نجد القواعد المتعلقة بالاختصاص القضائي الدولي وتنازع القوانين لا تتعلق بالنظام العام. **ثانياً: الخصائص الذاتية للقانون الدولي الخاص:** **1. قواعد القانون الدولي الخاص قواعد مباشرة وقواعد وسيطة:** يقوم القانون الدولي الخاص على العديد من القواعد القانونية التي تنظم مواضيع القانون الدولي الخاص المختلفة، ونميز في مادة القانون الدولي الخاص بين القواعد القواعد المباشرة (مادية)، بمعنى أنها تتكفل بإعطاء الحل الموضوعي والمباشر للمسألة المثارة، والقواعد الإرشادية أو الوسيطة المتعلقة بتنازع الاختصاص القضائي وتنازع القوانين، والصفة الإرشادية تعني أنها لا تعطي بذاتها وبمجرد الرجوع إليها حلاً موضوعياً للنزاع، فهي تربط العلاقة القانونية محل النزاع بقانون معين باعتباره القانون الذي يعطي الحل النهائي للعلاقة ذات الطابع الدولي. **2. قواعد مفردة وأخرى مزدوجة**: إذا نظرنا إلى معظم قواعد القانون الدولي الخاص وجدناها مفردة الجانب، بمعنى أنها لا تهتم الا بتحديد حالات تطبيق القانون الوطني فقط على المنازعات ذات الطابع الدولي، دون أن تتعرض لتطبيق القانون الاجنبي، بينما نجد قواعد القانون الدولي الخاص المتعلقة بتنازع القوانين وتحديد الاختصاص القضائي الدولي قواعد مزدوجة، بمعنى أنها تنظم تطبيق القانون الاجنبي داخل الدولة وتنظم الاختصاص القضائي الدولي للعلاقات القانونية الخاصة الدولية، والصياغة المزدوجة لقواعد القانون الدولي الخاص هي التي تتيح للقانون الاجنبي حكم علاقة محل النزاع وتعطيه فرصة التطبيق أمام المحاكم الوطنية **طبيعة قواعد القانون الدولي الخاص** انقسم الفقه القانوني حول طبيعة القانون الدولي الخاص هل هو قانون عام أم خاص إلى ثلاث اتجاهات، نعرض لها على النحو التالي: **الاتجاه الاول**: القانون الدولي الخاص فرع من فروع القانون العام: يعتبر بعض فقهاء القانون أن القانون الدولي الخاص فرع من فروع القانون الدولي العام، ويستند هذا الاتجاه إلى أن كل موضوعات القانون الدولي الخاص تعتبر متعلقة بالقانون العام، ويظهر ذلك في مواضيع القانون الدولي الخاص، حيث إن الجنسية تحدد ركن الشعب في الدولة، وتحديد أركان الدولة من القانون العام؛ لهذا يعتبر قانون الجنسية من القانون العام، وكذلك الوضع بالنسبة لمركز الاجانب، لان مركز الاجانب هو علاقة بين الفرد والدولة، وكل علاقة تكون الدولة طرفاً فيها تكون من القانون العام **الاتجاه الثاني:** القانون الدولي الخاص فرع من فروع القانون الخاص هنالك اتجاه آخر من الفقه يرى أن القانون الدولي الخاص قانون خاص وليس فرعا من فروع القانون العام، وذلك لان القانون الدولي الخاص ينظم علاقات خاصة، وإذا أردنا تحديد طبيعة أي قانون ينبغي الاعتداد بالموضوع الرئيسي الذي ينظمه هذا القانون، والقانون الدولي الخاص يعتبر الموضوع الرئيس فيه تنازع القوانين، وطالما أن تنازع القوانين من القانون الخاص فيجب اعتبار القانون الدولي الخاص في مجموعه من القانون الخاص. **الاتجاه الثالث**: القانون الدولي الخاص قانون مختلط ذهب بعض الفقه القانوني إلى أن القانون الدولي الخاص قانون مختلط فليس هو فرعاً من فروع القانون الخاص، وليس فرعا من فروع القانون العام، بل القانون الدولي الخاص يمثل فرعاً مستقلاً قائماً بذاته له قواعده التي يتميز بها عن القانون العام وعن القانون الخاص، وتعتبر طبيعة قواعده خليط بين القانون العام والقانون الخاص. **ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص** ﻴﻤﻛن اﻟﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن ﻨوﻋﻴن ﻤن اﻟﻤﺼﺎدر: ﻤﺼﺎدر رﺴﻤﻴﺔ وﻤﺼﺎدر ﻏﻴر رﺴﻤﻴﺔ. واﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص العماني ﻫﻲ ﻤن ﺤﻴث اﻟﻤﺒدأ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻌﺎﻤﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ. ﻴﻀﺎف إﻟﻴﻬﺎ ﻤﺼدر آﺨر، ذو ﺼﺒﻐﺔ دوﻟﻴﺔ، ﺘﻔرﻀﻪ طﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻴﺤﻛﻤﻬﺎ ﻫذا اﻟﻔرع ﻤن اﻟﻘﺎﻨون، وﻫو اﻟﻤﻌﺎﻫدات، أﻤﺎ اﻟﻤﺼﺎدر ﻏﻴر رﺴﻤﻴﺔ ﻓﻬﻲ اﻻﺠﺘﻬﺎد اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ واﻟﻔﻘﻪ. **اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ** ﻨﻤﻴز ﺒﻴن ﻨوﻋﻴن ﻤن اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ: اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ وﻫﻲ اﻟﻤﻌﺎﻫدات واﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ، واﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻛﻤﻴﻠﻴﺔ وﻫﻲ اﻟﻌرف وﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. **أ- اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ:** **[أوﻻً- اﻟﻤﻌﺎﻫدات ]** ﺘﻌد اﻟﻤﻌﺎﻫدات أﻓﻀﻝ اﻟوﺴﺎﺌﻝ اﻟدوﻟﻴﺔ اﻟﻤﻤﻛﻨﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻛﻼت اﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻤن ﺠراء اﺨﺘﻼف ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص وﺘﺒﺎﻴﻨﻬﺎ، وﺘوﻓر ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﺒﻝ اﻨﺴﺠﺎم اﻟﺤﻠوﻝ ووﺤدﺘﻬﺎ ﺒﻴن اﻟدوﻝ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗدة. وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻤﺎ ﺘﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﻟدوﻝ ﻤن أﺠﻝ ﺘﻨظﻴم ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤن ﻤﺴﺎﺌﻝ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، ﻛﺎﻻﺘﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺘوﺤﻴد ﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻤن أﺠﻝ ﺤﻝ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻴﻤﻛن أن ﺘﻨﺸﺄ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﺒﺼدد ﺒﻌض اﻟﻤﺴﺎﺌﻝ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﺼﻝ ﺒﻤﻴدان اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، أو ﻛﺎﻻﺘﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺘوﺤﻴد اﻷﺤﻛﺎم اﻟﻤﺎدﻴﺔ اﻟﻤوﻀوﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺘطﺒق ﻋﻠﻰ ﻤوﻀوع ﻤﺤدد ﻤن اﻟﻤوﻀوﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺘﻬم ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد وﺘﺨﺘﻠف ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ اﻟﺘﺸرﻴﻌﺎت اﻟوطﻨﻴﺔ، ﻤﺜﻝ ﺘوﺤﻴد اﻷﺤﻛﺎم المنظمة ﻟﻸو راق اﻟﺘﺠﺎرﻴﺔ أو ﺘوﺤﻴد اﻟﻘواﻋد اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺤﻤﺎﻴﺔ ﺤقوق الملكية الفكرية \... ﻛﻤﺎ ﺘﻌد اﻟﻤﻌﺎﻫدات اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻤن أﻫم وﺴﺎﺌﻝ اﻟﺘﻌﺎون ﺒﻴن اﻟدوﻝ ﻤﺜﻝ اﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﻨﻴوﻴورك ﻟﺘﻨﻔﻴذ أﺤﻛﺎم اﻟﻤﺤﻛﻤﻴن اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻟﻌﺎم 1958 واﺘﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟرﻴﺎض ﺒﻴن دوﻝ اﻟﺠﺎﻤﻌﺔ اﻟﻌرﺒﻴﺔ ﻟﻌﺎم 1983 واﺘﻔﺎﻗﻴﺔ واﺸﻨطن ﻟﻌﺎم 1965 اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺤﻝ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻻﺴﺘﺜﻤﺎر. وتعتبر المعاهدات الدولية من أهم مصادر القواعد القانونية الخاصة بموضوع الجنسية وكان لها دور هام في تلافي المشاكل المترتبة على تعدد جنسيات الاشخاص أو انعدامها. وهنالك العديد من المعاهدات الدولية التي تنظم موضوع الجنسية ونتناول بعضها على النحو التالي: اتفاقية لاهاي لعام 1930: نصت هذه الاتفاقية على أن تختص كل دولة بأن تحدد في قوانينها الاشخاص الذين يتمتعون بجنسيتها وتعترف الدول الاخرى بتلك القوانين في حدود عدم تعراضها مع الاتفاقيات الدولية أو العرف الدولي ومبادئ القانون العام المعترف به من الدول على وجه العموم في مسائل الجنسية. الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948: الذي اعتبر الحق في الجنسية من الحقوق الاساسية للانسان فقد نصت الفقرة الاولى من المادة 15 منه على: لكل إنسان الحق في أن يكون له جنسية. كذلك اتفاقية جامعة الدول العربية المتعددة عام 1952م لمكافحة انعدام وتعدد الجنسيات: وقد نصت هذه الاتفاقية على أن \"كل شخص ينتمي بأصله إلى إحدى دول الجامعة العربية ولم يكتسب جنسية معينة ولم يتقدم لاختيار جنسية بلده الاصلي بموجب المعاهدات والقوانين يعتبر من رعايا بلده الأصلي\". اتفاقية الامم المتحدة بشأن خفض حالات انعدام الجنسية لعام 1961م: وقد نصت في المادة الثانية منها على أن \"أي لقيط يعثر عليه داخل أراضي الدولة يعتبر ما لم يثبت العكس، أنه مولود على أراضي هذه الدولة من أبوين يحملان جنسيتها\". كما أن هنالك معاهدات دولية تنظم مركز الاجانب وتحدد حقوق الاجانب في الدولة وأهم هذه المعاهدات الاتفاقية الاقتصادية الموحدة الموقعة في عام 1982 بين دول مجلس التعاون الخليجي والتي أقرت في مادتها الثالثة أن \"تعامل دول المجلس الاشخاص الطبيعيين والاعتبرايين في أي دولة من الدول الاعضاء معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات\". **القوة الملزمة للمعاهدة الدولية:** تتوفر للمعاهدة الدولية قوة ملزمة على الدولة الموقعة عليها حيث يترتب على مخالفة الدولة للمعاهدة تقرير مسؤوليتها الدولية قِبل أي دولة من الدول الاعضاء معها في هذه المعاهدة، وهذه القوة الملزمة للمعاهدة الدولية تجعلها تسود على القانون الداخلي إذا تعارضت أحكام المعاهدة مع القانون الداخلي ويتضح لنا هذا الامر في ما قررته محكمة العدل الدولية بلاهاي عام 1932 حيث قررت أن الدول لا يمكنها الاستناد إلى دستورها بقصد التهرب من الالتزامات الملقاة على عاتقها بسبب المعاهدات السارية. **[ﺜﺎﻨﻴﺎً- اﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ ]** ﻴﻘﺼد ﺒﺎﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ، ﻛﻤﺼدر ﻤن ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، اﻟﻨﺼوص اﻟﺘﺸرﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﻛﺘوﺒﺔ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻴﻀﻌﻬﺎ اﻟﻤﺸرع ﻟﺘﻨظﻴم ﻤوﻀوﻋﺎت اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. وﻫو ﻴﻌد اﻟﻤﺼدراﻷﺴﺎﺴﻲ ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص العماني، وﻘد ﻨظم اﻟﻤﺸرع، ﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع وﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻻﺨﺘﺼﺎص اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ اﻟدوﻟﻲ وﻗواﻋد ﺘﻨﻔﻴذ اﻷﺤﻛﺎم واﻟﻘرراات اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﻨظم الجنسية واﻟﻤرﻛز اﻟﻘﺎﻨوني ﻟﻸﺠﺎﻨب ﺒﻌدة ﻨﺼوص ﺘﺸرﻴﻌﻴﺔ. **ب-اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻛﻤﻴﻠﻴﺔ:** **[أوﻻً- اﻟﻌرف ]** ﻴﻘﺼد ﺒﺎﻟﻌرف ﻛﻤﺼدر ﻤن ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون. اﻟﻘواﻋد ﻏﻴر اﻟﻤﻛﺘوﺒﺔ والتي تعتقد مجموعة من الناس في الزاميتها، وﺘﻘﻀﻲ هذه القواعد ﺒﺄﻋﻤﺎﻝ ﺤﻛم ﻤﻌﻴن ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻨﺘﻴﺠﺔ تواتر هذا اﻟﺴﻠوك ﻤدة طوﻴﻠﺔ ﻤن اﻟزﻤن. وﻴﻤﻴز اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺒﻴن ﻨوﻋﻴن ﻤن اﻷﻋراف ﺒﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻤﺼدرا ﻤن ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص: اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ واﻟﻌرف اﻟداﺨﻠﻲ. وﻴرون ﻓﻲ اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ ﻤﺠﻤوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد ﻏﻴر اﻟﻤﻛﺘوﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻨﺸﺄت ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺘواﺘر اﻟدوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻝ واﻻﻟﺘزام ﺒﻬﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ. واذا ﻛﺎن اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ ﻤﺼدرا أﺴﺎﺴﻴﺎً ﻤن ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم إﻻ أﻨﻪ ﻗﻠﻴﻝ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، ﻨظرا ﻟﻘﻠﺔ ﻗواﻋدﻩ ﻤن ﺠﻬﺔ واﻓﺘﻘﺎرﻫﺎ إﻟﻰ الاعتقاد في الزاميتها اﻟﺘﻲ ﺘﻛﻔﻝ اﺤﺘرام ﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ ﻤن ﺠﻬﺔ أﺨرى. وقد اختلف الفقه في وجود عرف دولي من عدم وجوده إلى رأيين: ا**لرأي الاول:** لا يعتبر أن هنالك عرفا دوليا في مجال القانون الدولي الخاص فحتى لو تشابهت قواعد العرف الوطني في مختلف دول العالم، فان هذه القواعد تنبع أساسا من النظام الداخلي أو الوطني لكل دولة من الدول، وبالتالي فهو يستمد قوته الالزامية من هذا النظام الداخلي، كما أنه يتعين لتفسير قواعد العرف الرجوع إلى القانون الداخلي للدولة التي نشأ فيها. **الرأي الثاني:** يذهب إلى أن العرف الدولي يعتبر مصدرا من مصادر القانون الدولي الخاص؛ ذلك لان العرف الدولي ينشأ عن طريق اتباع دولة من الدول مسلكا معيّنا في مجال معين، ثم يتكرر هذا السلوك من غيرها من الدول حتى يستقر العرف في ضمير المجتمع الدولي ويصبح عرفا دوليّا. وﻤن اﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﻤﻌﻤوﻝ ﺒﻬﺎ ﺤﺎﻟﻴًﺎ ﺒﻴن اﻟدوﻝ، واﻟﺘﻲ ﻴﻨﺴﺒﻬﺎ ﺒﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ: اﻟﻤﺒدأ اﻟذي ﻴﻘﻀﻲ ﺒﻀرورة ﺘواﻓر راﺒطﺔ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺒﻴن اﻟدوﻟﺔ وﺒﻴن اﻷﻓراد اﻟذين يتمتعون بجنسيتها، واﻟﻤﺒدأ اﻟﻤﺘﻀﻤن ﻀرورة اﻻﻋﺘراف ﻟﻸﺠﺎﻨب ﺒﺤد أدﻨﻰ ﻤن اﻟﺤﻘوق واﻟرﻋﺎﻴﺔ ﺘﻠزم ﺒﻪ اﻟدوﻝ ﻋﻨد ﺘﺤدﻴدﻫﺎ اﻟﺤﻘوق اﻟﺘﻲ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻬﺎ اﻷﺠﺎﻨب ﻋﻠﻰ إﻗﻠﻴﻤﻬﺎ، واﻟﻤﺒدأ اﻟﻘﺎﻀﻲ ﺒﻌدم إﻤﻛﺎن أﻴﺔ دوﻟﺔ اﻻﻤﺘﻨﺎع ﺒﺼورة ﻤطﻠﻘﺔ ﻋن ﺘطﺒﻴق اﻟﻘواﻨﻴن اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ، واﻟﻤﺒدأ اﻟذي ﻴﻔرض ﺘواﻓر ﺼﻠﺔ ﺒﻴن اﻟﻨزاع اﻟﻤطروح وﺒﻴن ﻤﺤﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ ﻋﻨدﻤﺎ ﺘﻘوم ﻫذﻩ اﻷﺨﻴرة ﺒﺘﻨظﻴم ﺤﺎﻻت اﺨﺘﺼﺎص ﻤﺤﺎﻛﻤﻬﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎزﻋﺎت ذات اﻟطﺎﺒﻊ اﻟدوﻟﻲ. **[ﺜﺎﻨﻴﺎً -- ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص]** تعتبر مبادئ القانون الدولي الخاص مصدرا مستقلا للقواعد القانونية الخاصة بالقانون الدولي الخاص، وتستند قواعد القانون الدولي الخاص إلى المبادئ الدولية المحددة في شأن تحديد الاختصاص التشريعي والقضائي، وهذه المبادئ لا تنفي مبدأ السيادة الوطنية، لكنها تضع طائفة من القيود على السلطة التي تتولى التشريع داخل إقليم الدولة، فيجب وفق المبادئ الدولية أن يسمح تشريع كل دولة بتطبيق القانون الاجنبي على أراضيها، وأن تقبل الدولة أن يتم الفصل في نزاع دولي لاحد رعاياها أمام محاكم أجنبية، ويجب أن يسمح تشريع كل دولة بتنفيذ الاحكام الاجنبية بواسطة محاكمه الوطنية، وإذا كان تشريع الدولة يخلو من هذه المبادئ العالمية، فإن الدولة صاحبة التشريع ستكون بمعزل عن الدول الاخرى في العالم. ومبادئ القانون الدولي الخاص هي حلول عملية، أو بالاحرى حلول موضوعية ملائمة لطبيعة العلاقة المشوبة بعنصر أجنبي، ويتم عبر هذه المبادئ تحديد قانون ملائم لحكم العلاقة القانونية. ويرى جانب من الفقه أن الكشف عن تلك المبادئ العامة ليس أمرا سهلا، وأنه على الفقه أن يوضح كيفية الوصول إلى مبادئ القانون الدولي الخاص، وتعتبر هذه المسألة شاقة ذلك أنها تفترض أشياء غير موجودة في الواقع، مثل اتفاق كل النظم في العالم على قواعد قانونية واحدة تنظم مسألة القانون الدولي الخاص. وتُعرف مبادئ القانون الدولي الخاص بأنها: جملة الحلول الشائعة المستقرة التي يمكن للقاضي تطبيقها عند غياب النص أو عدم كفايته لحكم العلاقة المشوبة بعنصر أجنبي. وقد وجد المشرع في مبادئ القانون الدولي الخاص وسيلة مرنة يستطيع أن يلجأ إليها القاضي ليوجد بها الحلول لكل ما لا نص عليه، الا أن إعمال القاضي مبادئ القانون الدولي الخاص لا يعني إمكانية استغنائه عن الأعراف. ولقد اختلفت الاراء بشأن موضع مبادئ القانون الدولي الخاص بين مصادر القانون الدولي الخاص إلى ثلاثة اراء نتناولها على النحو التالي: **الرأي الاول**: ويرى أن مبادئ القانون الدولي الخاص تعد مصدرا رسميا ملزما. **الرأي الثاني:** يرى أن ترتيب مصادر القانون الدولي الخاص على النحو التالي: المعاهدات ثم التشريع ثم مبادئ القانون الدولي الخاص، ويستنبط القاضي مبادئ القانون الدولي الخاص من العرف الوطني والعرف الدولي وأحكام القضاء الداخلية والدولية واراء الفقه واجتهاداته بوجه عام. **الرأي الثالث**: يرى أن مبادئ القانون الدولي الخاص مصدر يأتي في المرتبة الرابعة في ترتيب مصادر القانون الدولي الخاص بعد المعاهدات الدولية والتشريع والعرف، وهذا ما يعني أنه في حالة تعراض العرف مع مبادئ القانون الدولي الخاص فإن العرف هو الذي يسود. **اﻟﻤﺼﺎدر ﻏﻴر اﻟرﺴﻤﻴﺔ** اﻟﻤﺼﺎدر ﻏﻴر اﻟرﺴﻤﻴﺔ ﻫﻲ اﻻﺠﺘﻬﺎد اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ واﻟﻔﻘﻪ وﻫﻲ ﻤﺼﺎدر اﺤﺘﻴﺎطﻴﺔ ﺘﻔﺴﻴرﻴﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎدر اﻷﺨرى. **أ. اﻻﺠﺘﻬﺎد اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ :** ﻴراد ﺒﺎﻻﺠﺘﻬﺎد اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ، ﻛﻤﺼدر ﻤن ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، أﺤﻛﺎم اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟوطﻨﻴﺔ، أي ﻤﺠﻤوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﺜﺎﺒﺘﺔ اﻟﺘﻲ درﺠت اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟوطﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ إﻋﻤﺎﻟﻬﺎ وﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ. ويلعب اﻻﺠﺘﻬﺎد اﻟﻘﻀﺎﺌﻲ دورا ﺨﻼﻗًﺎ، ﻤﺴﺘﻘﻼ أﺤﻴﺎﻨﺎً وﻤﻛﻤﻼ ﻟﻠﻌرف أو اﻟﻨص أﺤﻴﺎﻨًﺎ أﺨرى، ﻤن ﺨﻼﻝ اﺴﺘﻨﺒﺎطﻪ ﻟﻠﺤﻠوﻝ ووﻀﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ وﺼﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻋﻨد ﺘﻔﺴﻴرﻩ ﻟﻠﻨﺼوص وﺘطﺒﻴﻘﻪ ﻟﻬﺎ، أو ﻋﻨد إﻋﻤﺎﻝ اﻟﻌرف. واﻟﻰ ﺠﺎﻨب اﺠﺘﻬﺎدات اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟوطﻨﻴﺔ ﺘوﺠد أﻴﻀﺎً أﺤﻛﺎم اﻟﻤﺤﺎﻛم اﻟدوﻟﻴﺔ وﻨﻌﻨﻲ ﺒذﻟك أﺤﻛﺎم ﺒﻌض اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ، ﻛﺎﻟﻤﺤﻛﻤﺔ اﻷورﺒﻴﺔ ﻟﺤﻘوق اﻹﻨﺴﺎن واﻟﻤﺤﻛﻤﺔ اﻟداﺌﻤﺔ ﻟﻠﻌدﻝ اﻟدوﻟﻲ وﻤﺤﻛﻤﺔ اﻟﻌدﻝ اﻟدوﻟﻴﺔ، وﻤﺤﻛﻤﺔ اﻟﺘﺤﻛﻴم اﻟدوﻟﻴﺔ. وﻤن ﺠﻤﻠﺔ اﻟﻤﺒﺎدئ واﻵراء اﻟﺘﻲ ﺼدرت ﻋن ﺒﻌض ﻫذﻩ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟدوﻟﻴﺔ: ﻤﺒدأ ﺤرﻴﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺘﻨظﻴم ﺠﻨﺴﻴﺘﻬﺎ دون ﻗﻴد ﺴوى ﻤﺎ ﺘﻔرﻀﻪ اﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟدوﻟﻴﺔ، وﻤﺒدأ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﺎﻝ ﺘﻌدد اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت، واﻟﻤﺒدأ اﻟﻘﺎﺌﻝ ﺒﺄﻨﻪ لايجوز ﻨزع ﻤﻠﻛﻴﺔ اﻷﺠﻨﺒﻲ دون ﺘﻌوﻴض ﻋﺎدﻝ. **ب. اﻟﻔﻘﻪ :** ﻴﻘﺼد ﺒﺎﻟﻔﻘﻪ، ﻛﻤﺼدر ﻤن ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، ﻨﺘﺎج ﻛﺒﺎر اﻟﻤؤﻟﻔﻴن واﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴن ﺒﻘﻀﺎﻴﺎ اﻟﻘﺎﻨون ﻤن ﻨظرﻴﺎت واﺘﺠﺎﻫﺎت وﺘﺤﻠﻴﻝ وﺸرح وﻨﻘد وﺤﻠوﻝ ﺘﺘﺼﻝ ﺒﻤﺴﺎﺌﻝ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. وﻛون اﻟﻔﻘﻪ ﻤﺼدرا اﺤﺘﻴﺎطﻴﺎً ﻏﻴر رﺴﻤﻲ، ﻻ ﻴﻌﻨﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﻝ ﻤن أﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺘطوﻴر ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. ﻓﻌﻤﻠﻪ ﻻ ﻴﻘﺘﺼر ﻋﻠﻰ ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻤﺴﺎﺌﻝ اﻟدﻗﻴﻘﺔ وﺘﻘدﻴم اﻟﺤﻠوﻝ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻤن ﺨﻼﻝ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴم اﻟﻛﺒرى، ﺒﻝ ﻴﺘﻨﺎوﻝ أﻴﻀًﺎ دراﺴﺔ أﺤﻛﺎم اﻟﻘﻀﺎء وﺘﺤﻠﻴﻠﻬﺎ وﻨﻘدﻫﺎ وﺘﺄﺼﻴﻝ اﻟﻘواﻋد اﻟﺤﻘوﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺒﻨﻴت ﻋﻠﻴﻬﺎ. **ﺘرﺘﻴب ﻤﺼﺎدر اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺤﺴب ﻗوﺘﻬﺎ اﻹﻟزاﻤﻴﺔ** ﻤن اﻟﺜﺎﺒت أن اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ ﺘﺘﻘدم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎدر ﻏﻴر اﻟرﺴﻤﻴﺔ، وﻴطﺒﻘﻬﺎ اﻟﻘﺎﻀﻲ ﻗﺒﻝ ﻏﻴرﻫﺎ. ﻓﻬﻲ ﺘﺴﺘﻤد ﻗوﺘﻬﺎ اﻹﻟزاﻤﻴﺔ ﻤن أﻤر اﻟﻤﺸرع اﻟوطﻨﻲ اﻟذي ﻨص ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺠﻌﻠﻬﺎ ذات ﺼﻔﺔ رﺴﻤﻴﺔ. ﻛﻤﺎ أن اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺘﻘدم وﺘﺴﻤو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻛﻤﻴﻠﻴﺔ وذﻟك ﺒﺤﻛم ﺼﻔﺘﻬﺎ. ﻓﻌﻨد ﻗﻴﺎم ﺘﻌﺎرض ﺒﻴن ﻨص ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻨون أو اﻟﻤﻌﺎﻫدة، وﺒﻴن ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﻴﺔ أو ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، ﻴﺘوﺠب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻀﻲ إﻋﻤﺎﻝ اﻟﻨص أو اﻟﻤﻌﺎﻫدة واﻫﻤﺎﻝ اﻟﻌرف وﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص. وﻟﻘد أﻛدت عديد التشريعات ﻋﻠﻰ أﺴﺒﻘﻴﺔ اﻟﻨص اﻟﺘﺸرﻴﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌرف ﻤن ﺤﻴث اﻟﻤرﺘﺒﺔ، وﺠﻌﻠت ﻤن ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻤﺼدرا ﻤﻛﻤﻼً ﻟﻠﻤﺼﺎدر اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻛن اﻟﻠﺠوء إﻟﻴﻪ إﻻ ﻋﻨد غياب اﻟﻨص. وﻟﻛن ﻛﻴف ﻴﺤﻝ اﻟﺘﻌﺎرض اﻟذي ﻴﻤﻛن أن ﻴﻘوم ﺒﻴن اﻟﻤﺼﺎدر اﻟرﺴﻤﻴﺔ اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ أي ﺒﻴن اﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ واﻟﻤﻌﺎﻫدة، أو اﻟﺘﻌﺎرض ﺒﻴن اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻛﻤﻴﻠﻴﺔ أي ﺒﻴن اﻟﻌرف وﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص؟ **أ. اﻟﺘﻌﺎرض ﺒﻴن اﻟﻤﻌﺎﻫدة واﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ:** ﻤن اﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﻤﻌروﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ ﺘﻔوق اﻟﻘواﻋد اﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ اﻟداﺨﻠﻴﺔ وذﻟك ﻋﻠﻰ أﺴﺎس ﻤﻛﺎﻨﺘﻬﺎ اﻟدوﻟﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻤﻌﺎﻫدة وﻟﻴدة اﺘﻔﺎق ارادة ﻋدة دوﻝ، وﺘﺼدر ﻋن ﻋدة ﺴﻴﺎدات، وﺘﺘﻀﻤن ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠت ﺒﻬﺎ وأﺼﺒﺤت طرﻓﺎً ﻓﻴﻬﺎ، اﻟﺘزاﻤﺎ ﺒﺎﺤﺘرام أﺤﻛﺎﻤﻬﺎ وﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴد اﻟوطﻨﻲ. وﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻴﺤق ﻹﺤدى اﻟدوﻝ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗدة ﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻬﺎ ﺒﺈﺼدرا ﺘﺸرﻴﻊ داﺨﻠﻲ ﻴﺘﻌﺎرض ﻤﻊ أﺤﻛﺎﻤﻬﺎ. وﻴؤﻛد اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻨﻔﺴﻪ أن اﻟﻘواﻋد اﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ اﻟداﺨﻠﻴﺔ ﺘﺸﻛﻝ ﻤﺠﻤوﻋﺔ واﺤدة ﻤن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ، إﻻ أن اﻟﻘواﻋد اﻟدوﻟﻴﺔ ﺘﺤﺘﻝ ﻀﻤﻨﻬﺎ ﻤرﺘﺒﺔ أﻋﻠﻰ ﻤن ﻤرﺘﺒﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟداﺨﻠﻴﺔ. وﻗد أﺨذ اﻟﻤﺸرع العماني، ﺒﺘﻔوق اﻟﻤﻌﺎﻫدات ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻬﺎ. **ب. اﻟﺘﻌﺎرض ﺒﻴن اﻟﻌرف وﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص:** أقرت غالب التشريعات واجب إﺘﺒﺎع ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻓﻲ ﺤﺎﻝ ﻋدم وﺠود ﻨص ﺘﺸرﻴﻌﻲ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤن ﻤﺴﺎﺌﻝ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن. ﻓﻬﻝ ﻴﺴﺘﻔﺎد ﻤن ذﻟك أﻨﻪ ﻴﺘوﺠب أﻋﻤﺎﻝ ﻫذﻩ اﻟﻤﺒﺎدئ ﻗﺒﻝ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﺎﻝ وﺠودﻫﺎ؟ يعتبر عديد الفقهاء أن ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﻫﻲ ذﻟك اﻟﺠزء اﻟﻤﺘﺨﺼص واﻟﻤﺘﻤﻴز ﻤن ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟطﺒﻴﻌﻲ وﻗواﻋد اﻟﻌداﻟﺔ، وﺘﻌد ﻓﻲ ﻤرﺘﺒﺔ واﺤدة ﻤﻊ ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟطﺒﻴﻌﻲ وﺘﺄﺘﻲ ﺒﻌد اﻟﺘﺸرﻴﻊ واﻟﻌرف. وﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻛن أﻋﻤﺎﻝ ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص إﻻ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻋدم وﺠود ﻨص ﺘﺸرﻴﻌﻲ أو ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﻴﺔ. **اﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن** **ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن وﺨﺼﺎﺌﺼﻬﺎ** ﺘﺜور ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﺒشأن ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ أو أﻛﺜر ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ دوﻟﺔ ﻤﻌﻨﻴﺔ، ﻛﺎﻟﺘﻨﺎزع اﻟذي ﻴﻨﺸﺄ أﻤﺎم اﻟﻘﻀﺎء العماني ﺒشأن ﻋﻘد ﺘورﻴد أُﺒرم ﻓﻲ ﺒﻴروت ﺒﻴن ﺸرﻛﺔ عمانية وﺘﺎﺠر ﻴوﻨﺎﻨﻲ اﻟﺘزم ﺒﻤوﺠﺒﻪ اﻟﺘﺎﺠر اﻟﻴوﻨﺎﻨﻲ ﺒﺘورﻴد ﺒﻀﺎﺌﻊ إﻟﻰ اﻟﺸرﻛﺔ العمانية ﻓﻲ مسقط، ويترتب عن ذلك امكانية رﺒط ﻫذا اﻟﻌﻘد ﺒﺎﻟﻘﺎﻨون اﻟﻴوﻨﺎﻨﻲ ﻟﻛون أﺤد طرﻓﻴﻪ ﻴوﻨﺎﻨﻲ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ، أو ﺒﺎﻟﻘﺎﻨون اﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﺒﺤﻛم إﺒرام اﻟﻌﻘد ﻓﻲ ﺒﻴروت، ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻨون العماني ﺒﺤﻛم ﻛون اﻟطرف اﻵﺨرعمانيا وﻤﻛﺎن ﺘﻨﻔﻴذ اﻟﻌﻘد ﻓﻲ سلطنة عمان. وﻫذا اﻻرﺘﺒﺎط ﻴﺠﻌﻝ ﻗواﻨﻴن ﻫذﻩ اﻟدوﻝ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺎﺒﻠﺔً ﻟﻠﺘطﺒﻴق ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ. وﻫذﻩ اﻟﻘﺎﺒﻠﻴﺔُ ﺘﻌﻨﻲ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻤر ﻗﻴﺎَم ﺘﻨﺎزٍع أو ﺘزاﺤٍم أو ﺘﻨﺎﻓس ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻟﺤﻛم ﻫذا اﻟﻌﻘد. ﻷّﻨﻪ ﻤن ﻏﻴر اﻟﻤﺘﺼّور ﺘطﺒﻴق كل ﻫذﻩ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤﺠﺘﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻴﺜور ﺒﺼددﻫﺎ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن. ﻟذﻟك ﻻﺒﱠد ﻤن ﺤﱢﻝ ﻫذا اﻟﺘﻨﺎزِع، وﺤﺴِم ﻫذا اﻟﺘزاﺤِم ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ واﺤد ﻤﻨﻬﺎ. ﻓﻛﻴف ﻴﺘﱡم ﺘﺤدﻴد ﻫذا اﻟﻘﺎﻨون اﻟذي ﻴﺠب أن ﺘﺨﻀﻊ ﻟﻪ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻤن ﺒﻴن ﻫذﻩ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ؟. ﻗﺒﻝ أن ﻨﺘطرق إﻟﻰ أﺴﻠوب ﺘﺤدﻴد ﻫذا اﻟﻘﺎﻨون ﻻﺒّد ﻤن اﻟﺘذﻛﻴر ﺒﺄﻫّم ﺨﺼﺎﺌص ﻤﻔﻬوم ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن: 1. **ﺘﻌّدد اﻟدوﻝ واﺨﺘﻼف ﺘﺸرﻴﻌﺎﺘﻬﺎ:** إن ﺴﺒب ﻗﻴﺎم ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻫو ﺘﻌّدد اﻟدوﻝ واﺨﺘﻼف ﺘﺸرﻴﻌﺎﺘﻬﺎ اﻟوطﻨﻴﺔ. ﻓﻠو ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﱠدوﻟﻲ دوﻟﺔً واﺤدة، أو ﻟو ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﱠدوﻟﻲ ﻤؤﻟﻔًﺎ ﻤن دوﻝ ﻋّدة، وﻟﻛّﻨﻬﺎ ذات ﺘﺸرﻴﻌﺎت ﻤﺘﻤﺎﺜﻠﺔ أو ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ، ﻟﻤﺎ ظﻬرت ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن. 2. **اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﻤﺘﻨﺎزﻋﺔ:** إن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻴﺜور ﺒﺼددﻫﺎ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد. وﻨﻘﺼد ﺒذﻟك اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻴﺤﻛﻤﻬﺎ اﻟﻘﺎﻨون اﻟﺨﺎﱡص أﺼﻼً ﻛﺎﻟﻘﺎﻨون اﻟﺘﺠﺎرّي أو اﻟﻤدﻨﻲ، أو اﻟﻌﻤﻝ أو اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ\... أي اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺘﻘوم ﺒﻴن أﺸﺨﺎص اﻟﻘﺎﻨون اﻟﺨﺎص ﺴواء أﻛﺎﻨوا أﺸﺨﺎﺼﺎً طﺒﻴﻌﻴﻴن أو اﻋﺘﺒﺎرﻴﻴن. واﻟﺼﻔﺔ اﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻻ ﺘﻌﻨﻲ ﻗﻴﺎم ﺘﻨﺎزٍع ﺒﻴن اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ واﺤدة ﺒﻝ اﻟﺘﻨﺎزع ﺒﻴن ﻗﺎﻨون ﺨﺎص وطﻨﻲ وﻗﺎﻨون ﺨﺎص أﺠﻨﺒﻲ، ﻛﺎﻟﺘﻨﺎزع ﺒﻴن ﻗﺎﻨون اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ العماني وﻗﺎﻨون اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔرﻨﺴﻲ. ﻛﻤﺎ أن دﺨوﻝ اﻟﺼﻔﺔ اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻴﻔﺘرض ﺒﺎﻟﻀرورة اﻋﺘراف ﻨظﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟوطﻨﻲ ﺒﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻟﻸﺠﻨﺒﻲ اﻟﻼزﻤﺔ ﻟدﺨوﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻗﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻤﺴﺎواة ﻤﻊ اﻟوطﻨﻴﻴن، وﻤﻨﺤﻪ ﺒﻌض اﻟﺤﻘوق اﻟﺨﺎﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺴﺘﻘﻴم ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻤن دوﻨﻬﺎ. وﻫذا اﻷﻤرﻴﻔﱢﺴر ﻏﻴﺎب ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻓﻲ اﻟدوﻝ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻨت ﺘُﻨﻛر ﻋﻠﻰ اﻷﺠﻨﺒﻲ ﺤق اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺒﻬذﻩ اﻟﺤﻘوق. 3. **اﻟﻌﻨﺼر اﻷﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد:** إن دﺨوﻝ اﻟﻌﻨﺼر اﻷﺠﻨﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت اﻷفراد ﻫو اﻟذي ﻴُﺨِرُﺠﻬﺎ ﻤن ﻨطﺎق اﻟﻘﺎﻨون اﻟداﺨﻠﻲ ﻟﻴُدﺨﻠَﻬﺎ ﻓﻲ ﻨطﺎق اﻟﻘﺎﻨون اﻟﱠدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص، وﻴُﺨﻀﻌﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻘواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﺘﻲ ﺘﺘوﻟﱠﻰ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘُﻪ ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ، وﺘﺸﻛﻝ ﺠزءاً ﻤن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻨون اﻟﱠدوﻟﻲ اﻟﺨﺎص اﻟﺘﻲ ﻴﻀﻌﻬﺎ اﻟﻤﺸﱢرع اﻟوطﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻝ دوﻟﺔ وﻓق اﻋﺘﺒﺎراﺘﻬﺎ اﻟوطﻨﻴﺔ. وﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻟم ﺘﻛن ﻟﺘﺘﺸﻛﻝ ﻟوﻻ اﻻﻋﺘراف ﻟﻸﺠﻨﺒﻲ ﺒﺎﻟﺤﻘوق اﻟﻼزﻤﺔ ﻟوﺠودﻩ. أﻤﺎ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻟم ﺘﺘطرق إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺼﻔﺔ اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻓﺘﺒﻘﻰ ﺨﺎﻀﻌﺔ ﻷﺤﻛﺎم اﻟﻘﺎﻨون اﻟوطﻨﻲ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ اﻟﻨﺎظر ﻓﻲ ﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻷﻓراد. 4. **اﻟﻔﺼﻝ ﺒﻴن اﻟﻤﺤﻛﻤﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺒﻨظر اﻟﻨزاع وﺒﻴن ﻗﺎﻨوﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻤوﻀوع اﻟﻨزاع:** إن اﻟﻘﺎﻨون اﻟذي ﺘدﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻗد ﻴﻛون ﻗﺎﻨوﻨﺎً وطﻨﻴًﺎ، وﻗد ﻴﻛون ﻗﺎﻨوﻨﺎً أﺠﻨﺒﻴًﺎ. وﻻ ﻴﻤﻛن ﻤﻌرﻓﺔ ﻫوّﻴﺘﻪ إﻻ ﺒﻌد ﻗﻴﺎم اﻟﻨزاع، وﺒﻌد ﻤﻌرﻓﺔ أطراﻓﻪ، وﺘﺤدﻴد ﻋﻨﺎﺼرﻩ ووﻗﺎﺌﻌﻪ. وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻴُﻔﺘرض ﻟﻘﻴﺎم ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن واﻟوﺼوﻝ إﻟﻰ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟذي ﻴﺤﻛم النزاع، أن ﺘﺴﻤﺢ اﻷﻨظﻤﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ اﻟوطﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠف اﻟدوﻝ ﻟﻤﺤﺎﻛﻤﻬﺎ اﻟﻨﺎظرة ﻓﻲ ﻤﻨﺎزﻋﺎت الافراد اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ ﺒﺘطﺒﻴق ﻗﺎﻨون أﺠﻨﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت. 5. **اﻟﺼﻔﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﻤﺘﻨﺎزﻋﺔ:** ان اﻟﻤﻘﺼود ﺒﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن، ﻛواﺤد ﻤن ﻤوﻀوﻋﺎت اﻟﻘﺎﻨون اﻟﱠدوﻟﻲ الخاص، ﻫو اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﱠدوﻟﻲ وﻟﻴس اﻟداﺨﻠﻲ، أي اﻟﺘﻨﺎزع اﻟذي ﻴﻘوم ﺒﻴن ﻗواﻨﻴن دوﻝ ﻤﺘﻌددة وﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﱠدوﻟﻴﺔ (وﻓق ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟﱠدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم) وﺒﺼﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ (وﻓق ﻤﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻨون اﻟدﺴﺘوري) ﺒﺂن واﺤد. أﻤﺎ اﻟﺘﻨﺎزع اﻟداﺨﻠﻲ ﻓﻬو اﻟﺘﻨﺎزع اﻟذي ﻴﻘوم ﺒﻴن ﺘﺸرﻴﻌﺎت اﻟدوﻟﺔ اﻟواﺤدة اﻟﺘﻲ ﺘﺘﻌّدد ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸراﺌﻊ داﺨﻠﻴﺎً ﺘﻌّدداً ﺸﺨﺼﻴًﺎ ﺒﺘﻌّدد اﻟطواﺌف ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ، ﻛﺎﻟﺘﻨﺎزع اﻟذي ﻴﺤﺼﻝ ﺒﻴن ﺘﺸرﻴﻌﺎت اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠطواﺌف اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ وﻏﻴر اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن، أو ﺘﻌدداً إﻗﻠﻴﻤﻴًﺎ ﺒﺘﻌّدد اﻷﻗﺎﻟﻴم ﻓﻲ اﻟّدوﻟﺔ اﻻﺘﺤﺎدﻴﺔ، ﻛﺎﻟﺘﻨﺎزع اﻟذي ﻴﻘوم ﺒﻴن ﺘﺸرﻴﻌﺎت اﻷﻗﺎﻟﻴم واﻟدوﻝ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﺄﻟّف ﻤﻨﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﻤﺜﻝ ﺴوﻴﺴرا واﻟوﻻﻴﺎت اﻟﻤﺘﺤدة اﻷﻤرﻴﻛﻴﺔ. 6. **اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺜﺎﺒت واﻟﺘﻨﺎزع اﻟﻤﺘﻐﱢﻴرأو المتحرك ﻓﻲ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن:** ﻴﻨﺸﺄ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﱠدوﻟﻲ ﺒﻤﺠرد ﻨﺸوء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼر أﺠﻨﺒﻲ، وﻫذا ﻫو اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺜﺎﺒت. وﻗد ﻴطرأ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻌد ﻨﺸوﺌﻬﺎ ﺘﺒدﻝ ﻓﻲ ﺒﻌض ﻋﻨﺎﺼرﻫﺎ، ﻛﻤﺎ ﻟو ﻏّﻴر اﻟزوج ﺠﻨﺴﻴﺘﻪ ﺒﻌد اﻟزواج وأﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ ﺠﻨﺴﻴﺔ أﺨرى ﻋﻨد اﻟطﻼق. ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻴﺤﺼﻝ ﺘﻨﺎزع ﺒﻴن ﻗﺎﻨون دوﻟﺔ اﻟزوج وﻗت اﻟزواج، وﻗﺎﻨوﻨﻪ اﻟﺠدﻴد وﻗت اﻟطﻼق. وﻫذا اﻟﺘﻨﺎُزع ﻴُﺴﻤﻰ ﺘﻨﺎُزﻋﺎً ﻤﺘﻐّﻴرا أو ﻤﺘﺤرﻛًﺎ، وﻫو ﺘﻨﺎزع ﻤﻛﺎﻨﻲ وﺘﻨﺎزع زﻤﺎﻨﻲ. ﺘﻨﺎزع ﻤﻛﺎﻨﻲ ﻷﻨﻪ ﺘﻨﺎزع ﺒﻴن ﻗﺎﻨوﻨﻴن ﻟدوﻟﺘﻴن ﻤﺨﺘﻠﻔﺘﻴن، وﻫو ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻨﻔﺴﻪ ﺘﻨﺎزع زﻤﺎﻨﻲ ﺒﻴن ﻗﺎﻨوﻨﻴن ﻤﺨﺘﻠﻔﻴن؛ ﻗﺎﻨون ﺴﺎﺒق وﻗﺎﻨون ﻻﺤق. وﻟﻬذا ﻴﻠﺠﺄ اﻟﻤﺸﱢرع ﻓﻲ ﻤﺜﻝ ﻫذﻩ اﻟﺤﺎﻻت إﻟﻰ ﻀﺒط ﻋﻨﺼر اﻟزﻤن ﻓﻲ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘﻪ ﻋﻨد وﻀﻊ ﻗواﻋد ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن، ﻫﻝ ﻫو ﻗﺎﻨون اﻟزوج وﻗت اﻟزواج، أم وﻗت رﻓﻊ النزاع، أم وﻗت إﻴﻘﺎع اﻟطﻼق؟ **اﻟﺠذور اﻟﺘﺎرﻴﺨﻴﺔ ﻟﻨظﺎم ﺘﻨﺎُزع اﻟﻘواﻨﻴن وﺘطّورﻩ** ﻏﺎﺒت ﺤﻠوﻝ اﻟﺘﻨﺎزع ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘدﻴﻤﺔ، اﻟﺘﻲ ﺴﺎدت ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺤرﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ، ﻓﻠم ﺘﻌرف ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن، ﻤﺜﻝ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏرﻴﻘﻲ واﻟروﻤﺎﻨﻲ، ٕوان ﻛﺎﻨت اﻟدراﺴﺎت اﻟﺘﺎرﻴﺨﻴﺔ ﻗد ﺴﺠﻠت ﺒﻌض اﻟﻤﻼﻤﺢ ﻟﻬذﻩ اﻟﻤﺸﻛﻠﺔ، وﻟﻛن دون أن ﺘﻘّدم ﻟﻨﺎ ﻨظﺎﻤﺎً ﻤﺘﻛﺎﻤﻼ وﻤوﺤداً. ﻛﻤﺎ ﺴﺠﻠت ﻫذﻩ اﻟدراﺴﺎت ﻏﻴﺎب ظﺎﻫرة اﻟﺘﻨﺎُزع ﻓﻲ ظﻝ ﻨظﺎم اﻟﻤﻤﺎﻟك اﻟﺠرﻤﺎﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺴﺎد ﻓﻴﻬﺎ ﻨظﺎم ﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟذي ﻛﺎن ﻴﻘﻀﻲ ﺒﺨﻀوع اﻟﻔرد ﻟﻘﺎﻨون اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻴﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﺒﺄﺼﻠﻪ، ﻛﻤﺎ ﻏﺎﺒت ﻓﻲ ظﻝ ﻨظﺎم اﻹﻗطﺎع اﻟذي ﻛﺎن ﻗﺎﺌﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤطﻠﻘﺔ. وﻟم ﺘُطرح ﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﺒِﺜَﻘﻠﻬﺎ إﻻ ﺒﻌد أن ﺘواﻓر اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺴﻴﺎﺴﻲ واﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻘﻴﺎﻤﻬﺎ؛ اﻟذي ﺴﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺘطّور اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ واﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺴﺔ وﺘطّور ﻤواﻗف اﻟدوﻝ ﻤن اﻷﺠﺎﻨب، وﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﺸﻤﺎﻝ إﻴطﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﻤطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﺜﺎﻟث ﻋﺸر ﻟﻠﻤﻴﻼد. وﻫذا ﻤﺎ ﻗﺎد ﻓﻘﻬﺎء القانون في إﻴطﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠف اﻟﻤدن اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ وﻀﻊ اﻟﻔﺘﺎوى واﻟﺤﻠوﻝ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻤﺸﻛﻼت اﻟﻤﺘﻌّﻠﻘﺔ ﺒﺘﻨﺎزع أﺤواﻝ اﻟﻤدن اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌددة واﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، أي ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻋد اﻟﻤطّﺒﻘﺔ ﻟدﻴﻬﺎ واﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻌﻼﻗﺎت الافراد اﻟﻌﺎﺌﻠﻴﺔ واﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎرﻴﺔ. وﻟﻘد ﺸﻛﻠت ﻫذﻩ اﻻﺠﺘﻬﺎدات اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻤﺎ ﻴُﺴﱠﻤﻰ ﻨظرﻴﺔَ اﻷﺤواﻝ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘدﻴﻤﺔ. وﻤن أﺸﻬر ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻹﻴطﺎﻟﻴﻴن اﻟﻔﻘﻴﻪ ﺒﺎرﺘوﻝ. ﻛﻤﺎ ﺸﻛﻠت اﻟﺤﻠوﻝ اﻟﺘﻲ وﻀﻌﻬﺎ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻔرﻨﺴﻴون ﻟﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻷﺤواﻝ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎطﻌﺎت اﻟﻔرﻨﺴﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸر، ﻤﺎ ﻴُﺴﱠﻤﻰ ﺒﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻔرﻨﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻤن أﺸﻬر ﻓﻘﻬﺎﺌﻬﺎ دﻴﻤوﻻن و دراﺠﻨﺘرﻴﻪ. وﻛذﻟك ﻛﺎن اﻷﻤر ﻓﻲ ﻫوﻟﻨدا اﻟﺘﻲ ﻋرﻓت ﻨظرﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻨﺎزع اﻷﺤواﻝ اﻟﻬوﻟﻨدﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرﻨﻴن اﻟﺜﺎﻤن ﻋﺸر واﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸر،ﺴﱢﻤﻴت ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻬوﻟﻨدﻴﺔ، وﻤن أﺒرز ﻤﻔﻛرﻴﻬﺎ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻫوﺒر. وﺴﻨﺴﺘﻌرض ﻤﺨﺘﻠف ﻫذﻩ اﻟﻨظرﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻤطﻠب اﻷوﻝ، ﺜم ﺴﻨﺴﺘﻌرض ﻓﻲ اﻟﻤطﻠب اﻟﺜﺎﻨﻲ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺤﻠوﻝ اﻟﺤدﻴﺜﺔ. **المطلب الاول: اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺤﻠوﻝ التقليدية ﻟﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن** **أ- ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ:** **أوﻻً - ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﻤﺠﻤوﻋﺎت:** وﻴُﻘﺼد ﺒﻬﺎ ﻤﺠﻤوﻋﺔُ اﻟﺤﻠوﻝ اﻟﺘﻲ وﻀﻌﻬﺎ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻤدرﺴﺔ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘدﻴﻤﺔ ﺒزﻋﺎﻤﺔ ﺒﺎرﺘوﻝ ﻟﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع أﺤواﻝ اﻟﻤدن اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ. وﺘﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻨظرﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﻤﺠﻤوﻋﺎت: أي ﺘﻘﺴﻴم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻤن ﺤﻴث اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘُﻪُ ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻤﺠﻤوﻋﺎت ﺒﺤﻴث ﺘﺨﻀﻊ ﻛﱡﻝ ﻤﺠﻤوﻋﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﻨون ﻤﺤدد ﻴﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻟﻤﺠﻤوﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ. وﻤن أﺒرز ﻫذﻩ اﻟﺤﻠوﻝ: 1. اﻟﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن اﻹﺠراءات واﻟﻤوﻀوع ﻤن ﺤﻴث اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب اﻟﺘطﺒﻴق، ﺒﺤﻴث ﻴﺴري ﻗﺎﻨون اﻟﻘﺎﻀﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﺠراءات اﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻛن ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ اﻟﺴﻤﺎح ﺒﺘطﺒﻴق ﻗﺎﻨون أﺠﻨﺒﻲ. أﻤﺎ اﻟﻤوﻀوع ﻓﻴﻤﻛن ﺒﺼددﻩ ﻓﻘط ﺘﺼّور إﻤﻛﺎﻨﻴﺔ ﺘطﺒﻴق ﻗﺎﻨون أﺠﻨﺒﻲ، وﻫذا اﻟﻘﺎﻨون ﻴﻤﻛن أن ﻴﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف ﻤوﻀوع اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻴﺜور ﺒﺸﺄﻨﻬﺎ اﻟﺘﻨﺎزع. 2. اﻟﻌﻘود: وأﺨﻀﻌوﻫﺎ ﻟﻘﺎﻨون ﻤﺤﻝ إﺒراﻤﻬﺎ ﺴواء ﻤن ﺤﻴث اﻟﺸﻛﻝ أم اﻟﻤوﻀوع، وذﻟك وﻓﻘﺎً ﻟﻘﺎﻋدﺘﻬم اﻟﺸﻬﻴرة \'\'locus regit actum\'\' وذﻟك ﺒﺎﺴﺘﺜﻨﺎء ﺒﻌض اﻟﻤﺴﺎﺌﻝ اﻟﻔرﻋﻴﺔ، ﻤﺜﻝ إﺠراءات ﺘﻘدﻴم دﻟﻴﻝ إﺜﺒﺎت اﻟﻌﻘد، إذ أﻟﺤﻘوﻫﺎ ﺒﺎﻹﺠراءات ﻤن ﺤﻴث اﻟﻘﺎﻨون واﺠب اﻟﺘطﺒﻴق، وﻛذﻟك اﻵﺜﺎر ﻏﻴر اﻟﻤﺒﺎﺸرة ﻟﻠﻌﻘد وﺘﻨﻔﻴذﻩ؛ اﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠوﻫﺎ ﻤن اﺨﺘﺼﺎص ﻗﺎﻨون ﻤﻛﺎن اﻟﺘﻨﻔﻴذ أو ﻗﺎﻨون اﻟﻘﺎﻀﻲ. وﻤﻤﺎ ﻫو ﺠدﻴر ﺒﺎﻟذﻛر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺼدد ان أﺤد اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻹﻴطﺎﻟﻴﻴن اﻟﻘداﻤﻰ وهو كورتيس (Curtius) ﻗد ﻓﺴر ﻗﺎﻋدة إﺨﻀﺎع اﻟﻌﻘد ﻟﻘﺎﻨون ﻤﺤﻝ إﺒراﻤﻪ ﻋﻠﻰ أﺴﺎس رﻀﺎء اﻟﻤﺘﻌﺎﻗدﻴن اﻟﻀﻤﻨﻲ. إذ ﻋّد ان اﺘﻔﺎق اﻟﻤﺘﻌﺎﻗدﻴن ﻋﻠﻰ إﺒرام اﻟﻌﻘد ﻓﻲ ﻤﻛﺎن ﻤﻌﻴن ﻴﺘﻀﻤن ﻗﺒوﻻً ﻀﻤﻨﻴﺎً ﻤﻨﻬﻤﺎ ﺒﺎﻟﺨﻀوع ﻟﻘﺎﻨون ﻫذا اﻟﻤﻛﺎن. ﻓﻛﺎﻨت ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﻤﻨطﻠﻘًﺎ، ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌد، ﻟﺒﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻼﺤﻘﻴن ﻟﻠﻘوﻝ ﺼراﺤﺔ ﺒﻤﺒدأ إﺨﻀﺎع اﻟﻌﻘد ﻟﻘﺎﻨون اﻹ رادة اﻟﺼرﻴﺤﺔ. 3. اﻟﺠراﺌم: ووﻀﻌوا ﻟﻬﺎ ﻗﺎﻋدة أﺨرى ﺸﻬﻴرة \'\'Lex loci delicti\'\' ﺘﻘﻀﻲ ﺒﺨﻀوﻋﻬﺎ ﻟﻘﺎﻨون ﻤﺤﻝ وﻗوﻋﻬﺎ. وﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة وﻀﻌت أﺼﻼً ﻟﻠﺠراﺌم اﻟﺠزاﺌﻴﺔ، ﺜم طُﱢﺒﻘت، ﻤن ﺒﻌدﻫم، ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺘزاﻤﺎت اﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋن اﻷﻓﻌﺎﻝ اﻟﻀﺎرة واﻟﻨﺎﻓﻌﺔ. وﻤﺎزاﻟت ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻤطّﺒﻘﺔ ﻓﻲ أﻴﺎﻤﻨﺎ ﻫذﻩ ﻓﻲ ﻛﺜﻴر ﻤن اﻟدوﻝ. ﻴُﻀﺎف إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻔﺌﺎت أو اﻟﻤﺠﻤوﻋﺎت (اﻹﺠراءات، اﻟﻌﻘد، واﻟﺠراﺌم) ﻓﺌﺘﺎن ظﻬرﺘﺎ ﻻﺤﻘًﺎ، وﻫﻤﺎ ﻓﺌﺔ اﻷﻤواﻝ وﻓﺌﺔ اﻷﺸﺨﺎص. 4. اﻷﻤواﻝ: وطﺒﻘوا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺎﻨون ﻤوقعها: وﻗد ظﻬرت ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة أوﻝ ﻤﺎ ظﻬرت ﺒﺸﺄن اﻟﺘﱠِرَﻛﺎت، ﺜم ﻤّد اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻝ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺘﻛون اﻷﺸﻴﺎء ﻤﺤﻼً ﻟﻬﺎ. وﺒذﻟك ﺘوﺼﻝ اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ ﻤﻔﻬوم اﻷﺤواﻝ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ، ووﻀﻌوا ﻟﻬﺎ ﻨظﺎﻤًﺎ ﺨﺎﺼﺎً ﻴﻘوم ﻋﻠﻰ أﺴﺎس إﺨﻀﺎع اﻟﻤﺎﻝ ﻟﻘﺎﻨون ﻤوﻗﻌﻪ. 5. اﻷﺸﺨﺎص: وﺒﺎﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻤﻊ اﻷﺤواﻝ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻷﺸﻴﺎء اﺴﺘﺨﻠص ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻤﻔﻬوم اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، أي اﻷﺤواﻝ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻷﺸﺨﺎص، وﺠﻌﻠوا ﻨظﺎﻤﻬﺎ اﻟﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻤرﺘﺒطًﺎ ﺒﺎﻟﻤوطن. واﻨﺘﻬوا ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﻟﻰ إﺨﻀﺎع ﺤﺎﻟﺔ اﻟﺸﺨص وأﻫﻠﻴﺘﻪ ﻟﻘﺎﻨون ﻤوطﻨﻪ. وﻤﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻔﻘﻴﻪ Curtius ﻓﻲ ﺘﺒرﻴر اﻷﺨذ ﺒﻘﺎﻨون اﻟﻤوطن وﺘطﺒﻴﻘﻪ ﻀﻤن ﻤدﻴﻨﺔ أﺨرى \"ان اﻟﻘﺎﻨون ﻴﻔﻘد ﻛﻝ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ إذا ﻛﺎن ﺒﺎﻹﻤﻛﺎن ﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﺨﺎرج ﻤدﻴﻨﺘﻪ\". ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻟﻤﺠﻤوﻋﺎت ﻗﺎﻝ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻹﻴطﺎﻟﻴون ﺒﻀرورة اﻟﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن اﻷﺤواﻝ اﻟﻤﻼﺌﻤﺔ وﺒﻴن اﻷﺤواﻝ اﻟﻤﺴﺘﻬﺠﻨﺔ ﻀﻤن اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﻤدن اﻷﺨرى. وﺴﻤﺤوا ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺒﺘطﺒﻴق أﺤواﻝ اﻟﻤدن اﻟﻤﺴﺘﺤﺴﻨﺔ، أي اﻷﺤواﻝ اﻟﺘﻲ ﻴُﻘﺼد ﻤﻨﻬﺎ ﺤﻤﺎﻴﺔ اﻟﺸﺨص وﻤﻨﻔﻌﺘﻪ. أﻤﺎ اﻷﺤواﻝ اﻟﻤﺴﺘﻬﺠﻨﺔ، أي اﻟﺘﻲ ﺘﻀّر ﺒﺎﻟﺸﺨص وﻻ ﻴﻘﺒﻠﻬﺎ اﻟﻤﻨطق واﻟﻌدﻝ ﻓﻠم ﺘﻛن ﺘﻤﺘد ﺨﺎرج ﻤدﻴﻨﺘﻬﺎ ﻷّﻨﻪ ﻟم ﻴﻛن ﻤرﺨﺼﺎً ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺘطﺒﻴﻘُﻬﺎ. وﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺘﻘدم، ﻴرﺠﻊ اﻟﻔﻀﻝ إﻟﻰ ﻓﻘﻬﺎء ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﺼورة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴر ﻋن ﻓﻛرة اﻟﻨظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻌﻤوﻝ ﺒﻬﺎ ﺤﺎﻟﻴًﺎ ﻻﺴﺘﺒﻌﺎد اﻟﻘﺎﻨون اﻷﺠﻨﺒﻲ اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘُﻪ، ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺴﻬﺎﻤﻬم ﻓﻲ ﻏرس اﻟﺒذرة اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﺒدأ ﺴﻠطﺎن اﻹرادة ﻓﻲ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟذي ﻴﺤﻛم اﻟﻌﻘد. **ب- ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻔرﻨﺴﻴﺔ اﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ (إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷﺤواﻝ ﻛﻤﺒدأ واﻤﺘدادﻫﺎ ﻛﺎﺴﺘﺜﻨﺎء): ﺘﻌﺘﻤد ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻔرﻨﺴﻴﺔ ﻴﺸﻛﻝ رﺌﻴﺴﻲ ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎر اﻟﻔﻘﻴﻪ ﺒرﺘران دراﺠﻨﺘرﻴﻪ وﺸﺎرﻝ دﻴﻤوﻻن** 1. **ﻨظرﻴﺔ درا ﺠﻨﺘرﻴﻪ:** وﺘﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻨظرﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ واﺴﺘﺜﻨﺎء. واﻟﻤﺒدأ ﻫو إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷﺤواﻝ (إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻘواﻨﻴن)، اﻟذي ﻛﺎن ﻴﺴود ﻓرﻨﺴﺎ ﻓﻲ ظﻝ ﻨظﺎم اﻹﻗطﺎع، وﻟﻛن ﺒﻌد أن أدﺨﻝ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﻘﻴﻪ درا ﺠﻨﺘرﻴﻪ ﺘﺤﺴﻴﻨﺎت أﻓﺴﺤت اﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﺘطﺒﻴق أﺤواﻝ اﻷﻗﺎﻟﻴم اﻷﺨرى واﻟﻘواﻨﻴن اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﺒﺸﻛﻝ ﻋﺎم، وﺒﺸﻛﻝ ﻴﺘﻼءم ﻤﻊ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺴﺎﺌدة ﻓﻲ ﻋﺼرﻩ. أﻤﺎ اﻻﺴﺘﺜﻨﺎء ﻓﻛﺎن ﻴﻘﻀﻲ ﺒﺘطﺒﻴق اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺘطﺒﻴﻘًﺎ ﻤﻤﺘدا، ﺒﺸﻛﻝ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺘطﺒﻴق أﺤواﻝ اﻷﻗﺎﻟﻴم واﻟﻘواﻨﻴن اﻷﺨرى اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ. وﻟﺘﺤدﻴد ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴق اﻟﻘﺎﻋدة واﻻﺴﺘﺜﻨﺎء ﻗﺴم درا ﺠﻨﺘرﻴﻪ اﻷﺤواﻝ إﻟﻰ ﺜﻼﺜﺔ أﻨواع: اﻷﺤواﻝ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ، واﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، واﻷﺤواﻝ اﻟﻤﺨﺘﻠطﺔ. وﺘﻌد اﻷﺤواﻝ ﻋﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻨظرﻩ إذا ﻛﺎﻨت ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻌﻘﺎر ﻓﻘط. وﻫذﻩ اﻷﺤواﻝ ﻴﺠب أن ﺘطﺒق ﺘطﺒﻴﻘًﺎ إﻗﻠﻴﻤﻴﺎً ﻋﻤﻼً ﺒﻘﺎﻋدة ﻋﻴﻨﻴﺔ اﻷﻋراف (أي إﻗﻠﻴﻤﻴﺘﻬﺎ) اﻟﻤوروﺜﺔ، وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻴﺠب أن ﻴﺨﻀﻊ اﻟﻌﻘﺎر ﻟﻘﺎﻨون ﻤوﻗﻌﻪ. وﺘﻛون اﻷﺤواﻝ ﺸﺨﺼﻴﺔ إذا ﻛﺎﻨت ﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺤﺼرا ﺒﺤﺎﻟﺔ اﻟﺸﺨص، أو ﺒﺄﻫﻠﻴﺘﻪ، أو ﺒﺎﻟﻤﻨﻘوﻝ. وﻫذﻩ اﻷﺤواﻝ ﺘُطﱠﺒق ﺘطﺒﻴﻘًﺎ ﻤﻤﺘدا، وﺘﺘّﺒﻊ ﻗﺎﻨون ﻤوطن اﻟﺸﺨص ﻋﻠﻰ ﻨﺤو ﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺒﻪ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻤدرﺴﺔ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘدﻴﻤﺔ، أي أﻨﻬﺎ ﺘﻼزم اﻟﺸﺨص وﺘﻼﺤﻘﻪ أﻴﻨﻤﺎ وﺠد، وذﻟك اﺴﺘﺜﻨﺎء ﻤن ﻤﺒدأ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷﺤواﻝ. ﻏﻴر ان درا ﺠﻨﺘرﻴﻪ ﻀﱠﻴق ﻤن ﻨطﺎق ﻫذا اﻻﺴﺘﺜﻨﺎء، ﻓﺠﻌﻝ ﻓﻛرة اﻷﻫﻠﻴﺔ ﻗﺎﺼرة ﻋﻠﻰ اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻌﺎﻤﺔ. ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟﻨﺼوص اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻬﺎ ﻛﺎﻨت وﺤدﻫﺎ ﺘطّﺒق ﺘطﺒﻴﻘﺎً ﻤﻤﺘدا، وﺘﺨﻀﻊ ﻟﻘﺎﻨون ﻤوطن اﻟﺸﺨص. أﻤﺎ اﻷﺤواﻝ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﻌﻠق ﺒﺂن واﺤد ﺒﺎﻟﻌﻘﺎر واﻷﺸﺨﺎص أو اﻟﻤﻨﻘوﻝ، ﻓﻌﱠدﻫﺎ دراﺠﻨﺘرﻴﻪ ﻤن اﻷﺤواﻝ اﻟﻤﺨﺘﻠطﺔ. وﻗﺎﻝ ان ﻫذﻩ اﻷﺤواﻝ ﺘطﱠﺒق ﺘطﺒﻴﻘًﺎ إﻗﻠﻴﻤﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻷﺤواﻝ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ اﻨﺴﺠﺎﻤًﺎ ﻤﻊ اﻟﻤﺒدأ اﻟذي أﻗﺎم ﻋﻠﻴﻪ ﻨظرﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺘﻨﺎُزع اﻷﺤواﻝ. 2. **أﻓﻛﺎر دﻴﻤوﻻن** وﻤن أﻫم اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺘﻲ ﺠﺎء ﺒﻬﺎ دﻴﻤوﻻن، ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺴﻬﺎﻤﻪ ﻓﻲ ﺒﻨﺎء ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻔرﻨﺴﻴﺔ، ﻓﻛرة أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻛﻴﻴف ﻓﻲ ﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب ﺘطﺒﻴﻘُﻪ، وذﻟك ﻓﻲ ﻓﺘواﻩ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﻨزاع ﺒﻴن زوﺠﻴن ﺒشأن اﻟﻨظﺎم اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟزواﺠﻬﻤﺎ. وﻋﱡد ﻫذا اﻟﻨظﺎم أﻗرب إﻟﻰ ﻨظﺎم اﻟﻌﻘود ﻤﻨﻪ إﻟﻰ ﻨظﺎم اﻷﻤواﻝ. وﻓﻛرة ارادة اﻟﻤﺘﻌﺎﻗدﻴن ﻛﺄﺴﺎس ﻟﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟذي ﻴﺤﻛم اﻟﻌﻘد، اﻟﺘﻲ اﺴﺘﻤدﻫﺎ ﻤن ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻤدرﺴﺔ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘدﻴﻤﺔ؛ واﻟﺘﻲ ﺨﻠُص ﻤﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘوﻝ: إذا ﻛﺎن ﻤرﱡد ﺘطﺒﻴق ﻗﺎﻨون ﻤﺤﻝ اﻹﺒرام ﻫوارادة اﻟﻤﺘﻌﺎﻗدﻴن اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ ﻓﻤن ﺒﺎب أوﻟﻰ أن ﻨﺴﻤﺢ ﻟﻬﻤﺎ ﺒﺎﺨﺘﻴﺎر ﻗﺎﻨون آﺨر ﻏﻴر ﻗﺎﻨون ﻤﺤﻝ اﻹﺒرام ﻟﻴﺤﻛم اﻟﻌﻘد اﻟﻤﺒرم ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ. وﻫﻛذا أطﻠق ﻤﺒدأ ﺴﻠطﺎن اﻹرادة ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻟدوﻟﻴﺔ. واذا ﻛﺎن ﻓﻘﻬﺎء ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻔرﻨﺴﻴﺔ ﻗد ﺘﺄﺜّروا ﺒﺄﻓﻛﺎر ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻹﻴطﺎﻟﻴﺔ، ﻓﺈن أﻓﻛﺎرﻫم اﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻷﺜر اﻟﻬﺎم ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎم ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻬوﻟﻨدﻴﺔ. **ج- ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ اﻟﻬوﻟﻨدﻴﺔ:** ﺘﻘوم اﻟﻨظرﻴﺔ اﻟﻬوﻟﻨدﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻨﺎزع اﻷﺤواﻝ واﻟﻘواﻨﻴن ﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻘواﻨﻴن اﻟﻤطﻠﻘﺔ، وﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ اﻟﻤﺠﺎﻤﻠﺔ اﻟﱠدوﻟﻴﺔ، ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻓﻛﺎر أﺨرى ﺘُﺸﱢﻛﻝ إﻀﺎﻓﺎت ﻫﺎﻤﺔً ﻋﻠﻰ ﻨظرﻴﺔ اﻷﺤواﻝ. 1. **ﻤﺒدأ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤطﻠﻘﺔ:** ﺘﺴري ﺒﻤوﺠب ﻫذا اﻟﻤﺒدأ ﻗواﻨﻴن اﻹﻗﻠﻴم وﺤدﻫﺎ دون ﻏﻴرﻫﺎ ﻀﻤن ﻫذا اﻹﻗﻠﻴم. ﻷّﻨﻪ ﻻ ﺴﻴﺎدة ﻟﻠﻘواﻨﻴن إﻻ ﻀﻤن ﺤدود إﻗﻠﻴم اﻟدوﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﺼدرﺘﻬﺎ. وﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﺘطﺒﻴق أ ﱢي ﻗﺎﻨون أﺠﻨﺒﻲ داﺨﻝ إﻗﻠﻴم ﻤﻌﻴن ﻴُﻌّد ﺘﻌّدﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺎدة ﻫذا اﻹﻗﻠﻴم. وﻫﻛذا أﺴس اﻟﻬوﻟﻨدﻴون ﻤﺒدأ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﺴﻴﺎدة اﻟوطﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﻴم، ﻤﺘﺄﺜرﻴن ﻓﻲ ذﻟك ﺒﺎﻷوﻀﺎع اﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻨت ﺘﻤّر ﺒﻬﺎ ﺒﻼدﻫم ﻓﻲ ﻤواﺠﻬﺔ اﻻﺤﺘﻼﻝ اﻹﺴﺒﺎﻨﻲ. وأﻋﻤﻠوا ذﻟك أﻴﻀًﺎ ﻓﻲ ﻤواﺠﻬﺔ ﻤﺸﻛﻠﺔ اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺨﺎرﺠﻲ ﺒﻴن ﻗواﻨﻴﻨﻬم واﻟﻘواﻨﻴن اﻹﺴﺒﺎﻨﻴﺔ اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ، ورﺒطوا ﺒﻴن ﻤﻔﻬوم اﻟﺴﻴﺎدة وﻤﻔﻬوم ﺘﻨﺎُزع اﻟﻘواﻨﻴن. وﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك، رﻓض اﻟﻬوﻟﻨدﻴون اﻷﺨذ ﺒﻔﻛرة ﺘطﺒﻴق اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺘطﺒﻴﻘًﺎ ﻤﻤﺘدًا ﻛﺎﺴﺘﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻘواﻨﻴن، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺒذﻟك اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻔرﻨﺴﻴون. 2. **ﻤﺒدأ اﻟﻤﺠﺎﻤﻠﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ:** ﻏﻴر ان اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻬوﻟﻨدﻴﻴن ﺸﻌروا ﺒﻘﺴوة ﻤﺒدأ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤطﻠﻘﺔ، وﺒﻨﺘﺎﺌﺠﻪ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺎﻟﺢ اﻷﻓراد، وﻋﻠﻰ ﺘطّور ﻋﻼﻗﺎﺘﻬم اﻟﺨﺎرﺠﻴﺔ، وﻛذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺸﺘرﻛﺔ واﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﻟﻠدوﻝ، ﻓﺄﺒدﻋوا ﻓﻛرة اﻟﻤﺠﺎﻤﻠﺔ اﻟدوﻟﻴﺔ ﻛﺄﺴﺎس ﻟﺘطﺒﻴق اﻟﻘواﻨﻴن اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻼدﻫم، اﺴﺘﻨﺎداً إﻟﻰ اﻻﻋﺘﺒﺎ رات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﺘﺤﻘﻴق اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ واﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺸﺘرﻛﺔ ﻟﻠدوﻝ ﺒﺸﻛﻝ ﻴﻨﺴﺠم ﻤﻊ اﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺴﻴﺎدة اﻟوطﻨﻴﺔ. وﺒذﻟك ﻛﺎن ﺘطﺒﻴق اﻟﻘﺎﻨون اﻷﺠﻨﺒﻲ ﻟدﻴﻬم ﻨﺎﺒﻌﺎً ﻤن ﻤﺘطﻠﺒﺎت اﻟﺴﻴﺎدة اﻟوطﻨﻴﺔ واﻋﺘﺒﺎراﺘﻬﺎ اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ، وﻟﻬذا ﻟم ﻴﻛن ﻓﻲ ﻨظرﻫم ﺸﻛﻼً ﻤن أﺸﻛﺎﻝ اﻻﺴﺘﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻤﺒدأ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ. وﺒﻤوﺠب ﻤﻔﻬوم اﻟﻤﺠﺎﻤﻠﺔ ﻛﺎن ﻻﺒّد ﻤن ﻤراﻋﺎة ﻤﺒدأ المعاملة ﺒﺎﻟﻤﺜﻝ، ﻓﻲ ﻤﻌِرض ﺘطﺒﻴق اﻟﻘﺎﻨون اﻷﺠﻨﺒﻲ، وﻫذا ﻤﺎ ﺘﻔرﻀﻪ اﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺴﻴﺎدة. وﻟﻘد ﻛﺎن ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴق ﻓﻛرة اﻟﻤﺠﺎﻤﻠﺔ اﻟﱠدوﻟﻴﺔ ﻟدﻴﻬم ﻴﻘﺘﺼر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎﺌﻝ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺤﺎﻟﺔ اﻷﺸﺨﺎص وأﻫﻠﻴﺘﻬم واﻷﻤواﻝ اﻟﻤﻨﻘوﻟﺔ واﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻹرادﻴﺔ. وﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﺼﺒﺢ ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ أوﺴﻊ ﻤن ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴق اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺘطﺒﻴﻘﺎً ﻤﻤﺘداً ﻟدى اﻟﻔرﻨﺴﻴﻴن. 3. **اﻟﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن اﻷﺤواﻝ ﻤن ﺤﻴث ﻤوﻀوﻋﻬﺎ وﻤن ﺤﻴث ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ:** ﻻﺒّد ﻤن اﻹﺸﺎرة إﻟﻰ ان اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻬوﻟﻨدﻴﻴن اﻗﺘﻔوا آﺜﺎر اﻟﻔرﻨﺴﻴﻴن ﻓﻲ ﺘﻘﺴﻴم اﻷﺤواﻝ إﻟﻰ ﻋﻴﻨﻴﺔ وﺸﺨﺼﻴﺔ وﻤﺨﺘﻠطﺔ. إﻻ أّﻨﻬم ﻤّﻴزوا ﻓﻲ ﺘﻘﺴﻴﻤﻬﺎ ﻤن ﺤﻴث اﻟﻤوﻀوع، وﻤن ﺤﻴث ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ. ﻓﺄوﻀﺤوا ان اﻷﺤواﻝ ﺘُﻘﺴم ﻤن ﺤﻴث ﻤوﻀوﻋﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﻴﻨﻴﺔ وﺸﺨﺼﻴﺔ وﻤﺨﺘﻠطﺔ. واﻷﺤواﻝ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﺤواﻝ اﻟﺘﻲ ﻴﻛون ﻤوﻀوﻋﻬﺎ اﻟرﺌﻴس ﻫو اﻟﻤﺎﻝ. أﻤﺎ اﻷﺤواﻝ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻬﻲ اﻷﺤواﻝ اﻟﺘﻲ ﻴﻛون ﻤوﻀوﻋﻬﺎ اﻟرﺌﻴس اﻟﺸﺨص. وﺘﻛون اﻷﺤواﻝ ﻤﺨﺘﻠطﺔ إذا ﻛﺎن ﻤوﻀوﻋﻬﺎ ﻴﺘﻌﻠّق ﺒﺎﻟﺸﻛﻝ أو اﻹﺠراءات. وﺒذﻟك اﺨﺘﻠف اﻟﻬوﻟﻨدﻴون ﻋن ﺴﺎﺒﻘﻴﻬم اﻟﻔرﻨﺴﻴﻴن ﻓﻲ ﺘﻌرﻴف اﻷﺤواﻝ ﻤن ﺤﻴث ﻤوﻀوﻋﻬﺎ. ﻛﻤﺎ ان ﺘﻘﺴﻴﻤﻬم ﻟﻸﺤواﻝ ﺠﺎء ﺸﺎﻤﻼً ﻤﺴﺘوﻋﺒﺎً ﻤﺎ أﻏﻔﻠﻪ اﻟﻔرﻨﺴﻴون، وﻨﻘﺼد ﺒذﻟك اﻷﺤواﻝ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﺸﻛﻝ واﻹﺠراءات وﻏﻴرﻫﺎ. أﻤﺎ ﻤن ﺤﻴث ﻨطﺎق ﺘطﺒﻴﻘﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻟوا ان اﻷﺤواﻝ أّﻴﺎً ﻛﺎن ﻤوﻀوﻋﻬﺎ ﻻ ﻴﻤﻛن أن ﺘﻛون إﻻ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ. وطّﺒﻘوا ﻫذا اﻟﻤﺒدأ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺨﺎرﺠﻲ. 4. **ﻓﻛرة اﻟﻨظﺎم اﻟﻌﺎم:** ﻻﺒّد ﻤن اﻹﺸﺎرة أﻴﻀًﺎ إﻟﻰ ان ﺒﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻬوﻟﻨدﻴﻴن ﺘﻠﻤس أﻴﻀًﺎ ﻓﻛرة اﻟﻨظﺎم اﻟﻌﺎم، ﻛﺎﺴﺘﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻨون اﻷﺠﻨﺒﻲ اﻟواﺠب اﻟﺘطﺒﻴق، ﻋﻨدﻤﺎ طﺎﻟﺒوا ﺒﺎﻻﻤﺘﻨﺎع ﻋن ﺘطﺒﻴق ﻗﺎﻨون أﺠﻨﺒﻲ إذا اﺴﺘدﻋت ذﻟك ﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨظﺎم اﻟﻤﺤﻠﻲ. وﻋﻨدﻤﺎ ﻗﺎﻟوا ﺒﻀرورة اﺴﺘﺒﻌﺎد اﻟﻘواﻨﻴن اﻷﺠﻨﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﺒدو ﺒوﻀوح ﻏﻴر ﻋﺎدﻟﺔ، وﺒﻀرورة ﺘﻘّﻴد اﻟﻘﺎﻀﻲ ﺒﺎﻷﺤﻛﺎم اﻟﻨﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﻗواﻨﻴن ﺒﻼدﻩ. **المطلب الثاني: اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺤﻠوﻝ اﻟﺤدﻴﺜﺔ ﻟﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن** ظﻬرت ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸر وﻤطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﻌﺸرﻴن ﻟﻠﻤﻴﻼد أﻓﻛﺎر ودراﺴﺎت ﺠدﻴدة ﺘﺘﻀﻤن ﺤﻠوﻻً أﺨرى ﻟﻤﺸﻛﻠﺔ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن، وﻻﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌد أن ﺤﻘﻘت ﺒﻌض اﻟدوﻝ وﺤدﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺜﻝ إﻴطﺎﻟﻴﺎ، وﺒﻌد أن ظﻬرت دوﻝ أﺨرى ﻟﻠوﺠود ﺒﻔﻌﻝ اﻨﺘﺸﺎر ﻤﺒدأ اﻟﻘوﻤﻴﺎت. وﺘرﺘب ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻻﻨﺘﻘﺎﻝ ﻤن اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻀﻤن اﻟﺴﻴﺎدة اﻟواﺤدة إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﱠدوﻟﻲ أو اﻟﺘﻨﺎزع اﻟﺨﺎرﺠﻲ. وﻛﺎﻨت ﺒﻌض ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر ذات ﻨزﻋﺔ وطﻨﻴﺔ، وﺒﻌﻀﻬﺎ اﻵﺨر ذا ﻨزﻋﺔ دوﻟﻴﺔ أو ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ، وﺒﻌﻀﻬﺎ اﻨطﻠق ﻤن ﻤﺒدأ ﻤﺤدد، وﺒﻌﻀﻬﺎ اﻵﺨر اﻋﺘﻤد أﺴﻠوﺒﺎً ﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺎً ﻻ ﻤﺒدﺌﻴًﺎ ﻓﻲ اﺴﺘﺨﻼص ﺘﻠك اﻟﺤﻠوﻝ. وﻤن أﺒرز ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر: أﻓﻛﺎر اﻷﺴﺘﺎذ اﻷﻟﻤﺎﻨﻲ ﺴﺎﻓﻴﻨﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ باﻟﺘرﻛﻴز اﻟﻤﻛﺎﻨﻲ، وأﻓﻛﺎر اﻷﺴﺘﺎذ اﻹﻴطﺎﻟﻲ ﻤﺎﻨﺸﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻘواﻨﻴن، وأﻓﻛﺎر أﺨرى ﻓرﻨﺴﻴﺔ ﻤﺜﻝ ﻓﻛرة اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ أو اﻟﻤؤﺴﺴﺎت اﻟﺤﻘوﻗﻴﺔ. وﺴﻨﺘﻨﺎوﻝ ﺘﻘدﻴم ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر ﺒﺸﻛﻝ ﻤﺒﺴط ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ: **أ- ﻓﻛرة اﻻﺸﺘراك اﻟﺤﻘوﻗﻲ واﻟﺘرﻛﻴز اﻟﻤﻛﺎﻨﻲ ﻋﻨد ﺴﺎﻓﻴﻨﻲ** وﻀﻊ ﺴﺎﻓﻴﻨﻲ أﻓﻛﺎرﻩ ﻓﻲ ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن ﻓﻲ اﻟﺠزء اﻟﺜﺎﻤن ﻤن ﻛﺘﺎﺒﻪ اﻟﺸﻬﻴر \"اﻟﻘﺎﻨون اﻟروﻤﺎﻨﻲ\" اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم.1849 وﻤن أﻫم اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺘﻲ ﺠﺎء ﺒﻬﺎ ﻓﻛرة اﻻﺸﺘراك اﻟﺤﻘوﻗﻲ ﻛﺄﺴﺎس ﻟﻘﻴﺎم ﺘﻨﺎزع اﻟﻘواﻨﻴن أي ﻛﺄﺴﺎس ﻟﺘطﺒﻴق اﻟﻘﺎﻨون اﻷﺠﻨﺒﻲ. وﻓﻛرة اﻟﺘرﻛﻴز اﻟﻤﻛﺎﻨﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻛﺄﺴﺎس ﻟﺘﺤدﻴد اﻟﻘﺎﻨون اﻟواﺠب اﻟﺘطﺒﻴق. - **اﻻﺸﺘراك اﻟﺤﻘوﻗﻲ:** ﻤﻠﺨص ﻓﻛرة اﻻﺸﺘراك اﻟﺤﻘوﻗﻲ ﻋﻨد ﺴﺎﻓﻴﻨﻲ ﻫﻲ ان اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐرﺒﻴﺔ ﻴﻀﻤﻬﺎ اﺸﺘراك ﺤﻘوﻗﻲ ﺒﺎﻻﺴﺘﻨﺎد إﻟﻰ ﻋﻨﺼرﻴن أﺴﺎﺴﻴﻴن ﻫﻤﺎ: اﻟ