ثورة الزوية السورية (1920-1927) PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
2020
حسين علي الشرع
Tags
Summary
This research paper details the Syrian Revolution of 1920-1927, focusing on the Zawiya region. It outlines the causes of the revolt against French colonialism, the subsequent migration to Jordan, and the key figures involved. The document highlights the historical context and significance of this struggle for independence.
Full Transcript
كي ال ننسى.. ثورة الزوية السورية (المنسية) 1927 - 1920 (آل الشرع – آل السالمات – آل الطحان) إعداد وتأليف د.حسين علي الشرع 2020 ...
كي ال ننسى.. ثورة الزوية السورية (المنسية) 1927 - 1920 (آل الشرع – آل السالمات – آل الطحان) إعداد وتأليف د.حسين علي الشرع 2020 اإلهداء.. إلى أرواح ثوار الزوية وكل الشهداء: _1الشيخ طالب عبد المجيد آل الشرع (قائد الثورة). قرية جيبين _2المجاهد :قاسم عبد الرحمن الشرع. _3المجاهد :محمد الخالد الشرع. _4الشيخ عكاش السالم -شيخ السالمات( -قرية العال). _5الشيخ عبد الكريم الطحان ،وأخوه محمود الطحان (الجوخدار) قبيلة النعيم. وجميع من شارك يف هذه الثورة وتشرد بسببها لسبع سنوات يف األردن. محتويات البحث: (1قائمة باألشخاص الذين قادوا الثورة يف الزوية (.)1927 - 1920 (2مخطط تقريبي (خارطة منطقة) القائمقامية للزوية يف (فيق) كانت تابعة لمحافظة حوران آنذاك ،وأسماء القرى ،وحدود هذه المنطقة وموقعها الجغرايف. (3أسماء القرى والسكان والعائالت قبل النزوح يف 10حزيران .1967 إلى صفحة 5 1 (4توطئة للبحث. 8 6 (5الزمان والمكان آب .1920 15 9 (6األسباب المباشرة وغير المباشرة للثورة. 18 16 (7الهجرة إلى شرق األردن. 23 19 (8بداية الحملة الفرنسية االنتقامية. 26 24 (9دور العشائر األردنية يف حماية المهاجرين. 29 27 )10بداية التنظيم لمواجهة الموقف الجديد. 37 30 )11تزايد توافد السوريين إلى إمارة شرق األردن. 48 38 (12الثورة السورية الكبرى .1925 55 49 (13صدور العفو الفرنسي وعودة الثوار .1927 64 56 (14الجالء عن سوريا يف 17نيسان .1946 (15أسماء نخبة من الثوار ورؤساء الحكومات ،والمفوضون الفرنسيون ،ورؤساء 68 65 الدولة والجمهورية. 71 69 )16نبذة عن حياة قادة الثورة السورية .1945 – 1920 77 72 (17المقدمات األولى لالستقالل والجالء. 86 78 (18أسماء من تعاقب على حكم سوريا. 94 87 (19يف التحليل. 108 95 (20سوريا يف عهد الجالء والحكم الوطني. 1 األشخاص المشاركين يف ثورة الزوية ضد االستعمار الفرنسي (:(1927 – 1920 أوالا :من قرية جيبين: ( _1الشيخ طالب عبد المجيد الشرع). ( _2الشيخ قاسم بن عبد الرحمن الشرع). ( _3الشيخ محمد بن خالد الشرع). ( _4الشيخ هالل السويدان الشرع). ( _5الشيخ أحمد الحسين الشرع). ( _6الشيخ خليل عبد الوالي الشرع). ( _7الشيخ حسين األحمد الشرع). ( _8بديوي السويدان الشرع). ( _9صالح بن عبد الغني الشرع). ( _10عبد المجيد بن طالب الشرع). ( _11الشيخ خالد بن عبد الرحمن الشرع). ( _12محمد آل عامر). ( _13علي الحوري). ثانيًا :من قرية العال: ( _1الشيخ عكاش السالم السالمات). ( _2الشيخ عفاش السالم السالمات). ( _3الشيخ جبر الخالد السالمات). ( _4الشيخ عبد اهلل الترور). ( _5الشيخ العبد الحجي الحشيش السالمات). ثالثًا :من الجوخدار: ( _6الشيخ عبد الكريم الطحان من قبيلة النعيم). ( _7الشيخ محمود الطحان من قبيلة النعيم). ( _8وآخرين من عشيرة النعيم الهاشمية). رابعًا :من الشجرة: ( _1الشيخ محمد أبو كف المذيب). ( _2الشيخ عبد الكريم الجاعوين).وآخرين.. خامسًا :من عابدين( :الشيخ محمد أبو مشيلح وإخوانه). 2 3 ديموغرافية الزوية: السكان قبل النزوح يف 10حزيران ( 1967العائالت): _1الجوخدار :يسكنها جزء من قبيلة النعيم ،ويرأسها (عبد الكريم الطحان، ومحمود الطحان). _2قرية خسفين( :الفشتكي ،والحروب ،والغياضين ،وعائالت مسيحية). _3قرية ناب :موطن الدنداشة (وهي مملوكة بأكملها آلل الحسين من الجحيشان) كفر الما. _4العال :قبيلة السالمات ،ويرأسها عكاش السالم وأقاربه من آل الحجي (الحشيش) ،والهوادي ،والطحاوي حجارية ،والرفاعية ،والسكافنة ،والتر ،وآل الفراج ،وآل شراره ،وآخرين. _5فيق :وكان يسكنها سابقًا آل الشرع ،ولهم فيها بيوت تسمى بيوت الشرع، وزيتون يف وادي مسعود التابع لفيق.أما سكانها قبل النزوح :قبيلة الحجايرة ويرأسها آل شهاب الحمد ،والمحمود ،الصبابحية والذيابات ،ويرأسها بيت المقبل ،والنهار والحرافشة وآخرين. _6قرية جيبين :ويسكنها (آل الشرع ،وآل أبو شومر ،وآل الخياط ،وآل الفيش ،وآل كيوان ،وآل الحوري ،وآل النواصرة ،وآل أبو عامر ،والعقروباي ،والدنادشه ،وآل المرسال ،والرقيبات) ،وكانت تسمى سابقًا عاصمة القرار؛ ألهمية آل الشرع فيها. _7قرية حيتل :ويسكنها آل العاتقي (محي الدين ،وخنيفس ،وعويضه ،والعواضي، والباير ،وآخرون ،والقراعطة). _8قرية الياقوصة :ويسكنها جزء من الحرافشة. _9قرية دبوسيا :ويسكنها آل السالم ،وهم جزء من عشيرة الذيابات. _10قرية صفوريا :ويسكنها عائلة الفقير ،وآل البلها من الكليبات والحريري. _11قرية سكوفيا :ويسكنها الجزء األكبر من آل حرفوش ،وعائلة الرحال. _12قرية النقيب :ويسكنها آل الرقيبات وآل العلي ،ويمتون بصلة قرابة آلل الشرع يف جيبين. _13قرية جديه (قاطع وادي دفيله) :ويسكنها آل العقرباوي ،آل الصالح (صالح الحسين). _14قرية مجدوليا :ويسكنها (العفادله) :وهم من النعيم ،والفشتكي. _15عمرة الفريج :ويسكنها آل الفريج (صالح العلي ،وأحمد العلي ،وحسين العلي ،وحافظ العلي) وهم تقريبًا مالِكو وادي السمك. _16الدير عزيز :ويسكنها آل الصبيح وغيرهم :وهم من عشيرة الذياب. _17خوخة وزيتا :ويسكنها جزء من آل الذياب وآل السمكي. _18قرية عديسة :ويسكنها آل المجايدة :وهم على صلة قرابة مع الرقيبات وآل الشرع. _19قرية الشكوم :ويسكنها آل الشقيرات ،وآل الطالع من الرقيبات. _20أما سكان ناحية البطيحة :فتسكنها عدة عائالت ،وهذه المنطقة كانت إقطاعية آلل اليوسف والقره شولي :وهم أكراد يعيشون يف دمشق ،وقد تم توزيع األراضي على الفالحين يف عهد الوحدة السورية -المصرية ،1961 - 1958ومن أهم العائالت فيها (آل حمود الطبل ،وآل الخطيب ،وآل أبو نبوت). _21شقيف :يسكنها آل الذياب ،وإخوان سارة. _22قرية ساعد وبطاح( :بني كنانة) ويطلق عليهم الكنانية :وهم امتداد لعائالت بني كنانة يف األردن ،ويسكنها آل الهنداوي. _23قرية أبو خيط :كان سكانها جزء من قرية كفر الما ،لكن ألسباب نزح هؤالء السكان ،وبنوا قرية أبو خيط :وهي آلل الذيابات وآل المطلق ،وزعيمها كان (ذياب المطلق) ،وكلهم أقارب وبنو أعمام. _24قرية بورسعيد :وتقع إلى الشمال من حيتل ،وكانت جزء اا منها ،وألسباب ثأرية نزح هؤالء (آل الهزاع والفرحان) وبنو قرية سموها بورسعيد يف العام ،1959وقد سكن معهم آل كليب (محسن الكليب وأوالده وأقاربه). وتوجد قرى أخرى صغيرة.وللعلم فإن قرى الزوية تلك يرتبطون مع بعضهم البعض بصالت قربى ونسب ومصاهرة.وكان الحكماء بينهم يلجأون لحل المشاكل الناتجة عن حدود األراضي وخالفه بالطرق العشائرية. _25قرية كفر حارب :وهي قرية كبيرة ،وتقع إلى الجنوب الغربي من فيق والسراحين ،وتطل على بحيرة طبريا ،وهي مرتفعة عن سطح البحر ،وأمامها تقع طبريا ووادي الحمام الفلسطيني.يسكن يف هذه القرية عشيرة الفواعرة ،وشيخهم شمدين الفاعوري ،ثم انتقلت يف بداية عهد البعث إلى حسن الفاعوري ،وعائلة آل جبر الخالدي ،وعائلة أبو سويد النهار ،والسراجين ،والملكاوي ،والسوادي، والعربي الذياب. _26مزرعة عز الدين :وهي إلى الشمال من كفر حارب لصاحبها الشركسي (عز الدين) ،ويعيش فيها آل طويق. _27قرية عيون :تقع إلى الشمال من كفر حارب ،وعلى مرتفع من الحمه السورية، ويسكنها قسم من عشيرة الموالي السورية والفلسطينية ،وآل الكناين وآخرين. _28قرية التوافيق :وتقع إلى الغرب من قرية عيون ،وهي قرية صغيرة لكنها تطل على البحيرات الصغيرة التي أقامها العدو ،جنوب بحيرة طبريا ،وقطعة أرض صغيرة ،كثير اا ما يحاول العدو حرثها ،لكن كانت القوات من الحرس الوطني السوري كثير اا ما تتصدى لها ،وال سيما يف عهد الوحدة السورية – المصرية 1959 (معركة التوافيق المشهورة) ،وفيها يسكن بعض العائالت الفلسطينية والسورية. _29قرية الشعبانيه :يسكن فيها من النعيم وآخرين... _30قرية صيدا :يسكن فيها من النعيم وآخرين... _31قرية البطمية :ويسكنها من عشيرة النعيم. 4توطئة للبحث: أن تكتب عن حدث مهم كان قبل أكثر من مائة عام ،وهو موضوع بحثنا هذا عن ثورة الزوية ضد االستعمار الفرنسي الذي أطاح بالمملكة العربية السورية.فيها الكثير من الشجون والحزن؛ نظر اا لما تم االتفاق عليه بموجب اتفاقية "سايكس بيكو ،"1916وتنفيذ اا التفاقية "سان ريمو "1918التي قسمت سوريا الطبيعية: والمقصود هنا بالد الشام ،وقيام المملكة العربية السورية يف 8آذار 1920 (االستقالل) ،والتي كانت تضم :سوريا الحالية ،ولبنان ،وشرق األردن ،وفلسطين، وجزء اا من العراق.وكان يف تشكيلة حكومتها األولى والمجلس الوطني ممثلين /69/عضو اا عن هذه المناطق.وجاء (غورو) بجيش فرنسي مدجج؛ ليحتل (دمشق) عاصمة الدولة ويقصي الملك ،ويخلع الحكومة.وقد تصدى له وزير دفاع المملكة آنذاك (يوسف العظمة) ومعه أعداد من الجيش العربي يف معركة "ميسلون" التي كانت غير متكافئة ،ولكن لها معنى بل معان :إذ أصر البطل يوسف العظمة أن دخول قوات (هنري غورو) لن تكون بدون مقاومة ،وهذا ما كان. فهذا حدث يكتب عنه؛ ألهميته ،ألن :المناطق السورية شعرت باإلهانة لدخول المحتل الفرنسي وتقسيم سوريا الطبيعية إلى دول ،بل تقسيم سوريا إلى خمس دول صغيرة وإثنية وطائفية.فتحركت المناطق تحاول التصدي لهذا المحتل :فكانت "ثورة الزوية" بقيادة طالب الشرع وأبناء عمومته ،وعكاش السالم وأقاربه، 1 والطحان ،واالنطالق من مضافة الشيخ طالب الشرع ضد الوجود الفرنسي يف عاصمة المنطقة (فيق) ،وحدث ما حدث.ولكن المناطق السورية األخرى ثارت، والكتابة عنها يعطينا معنى :أن الشعوب ال تتوانى عن تحمل مسؤولياتها تجاه أوطانها ،وهذه الثورات عمت جميع المناطق السورية. ومن خالل هذا البحث تجدون أن ثورة إبراهيم هنانو انطلقت من (كفر تخاريم) باتجاه الحامية الفرنسية يف حارم.وكذلك ثورة محمد العياش يف دير الزور انطلقت من ريف دير الزور ،وثورة الغوطة انطلقت من حراس البساتين يف الغوطة ،ودعمها الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بتجنيد شباب من حي الشاغور ،وسميت الثورة الشواغرية.وثورة حوران انطلقت من درعا وقراها بقيادة المجاهد (مصطفى الخليلي) ،وشاركت يف معارك غباغب والمسيفرة.وكذا األمر ثورة الشيخ صالح العلي انطلقت من قريته (الشيخ بدر) من ريف طرطوس -قبل أن تكون محافظة.- وثورة حماة بقيادة فوزي القاوقجي وهو ابن طرابلس الشام :انطلقت من حماة وحمص والعشائر.وكذا األمر الثورة يف جبل العرب :انطلقت من قرية (القريا) وهي بلد سلطان باشا األطرش.وثورة قرى القنيطرة التي قادها (أحمد مريود) واألمير فاعور :انطلقت من جباتا الخشب وواسط ،وغيرها لم تصل إلينا أخبارها. كل هذه الثورات المناطقية ال رابط بينها؛ ألن االتصاالت كانت صعبة ،وحتى المواصالت ،والذين قاموا بها عمومًا من الريف والفالحين ،وعندما تم إعالن 2 الثورة السورية الكبرى وتسليم القيادة للباشا سلطان االطرش :1925كانت الثورات المناطقية سابقة.والثورة السورية الكبرى لم تكن كما يتوهم البعض :أنها ذات قيادة وسيطرة وعمليات مشتركة ،ولكنها كانت معنوية أكثر منها ذات فعالية عسكرية منظمة.وقد جاءت بنا اء لرغبة السياسيين السوريين ،ال سيما رجال الكتلة الوطنية التي تشكلت من شخصيات سياسية من أهل المدن؛ ولذا كان عليهم دعم ومساندة هذه الثورات المناطقية. وكانت هذه الثورات الموزعة بين (قائمقاميات) المناطق السورية :تقوم على مجهودات فردية ،ووسائل قتالية بدائية ،والهدف كان إشعار المحتل أن لهذه المناطق أهل وسكان يقاومون.ونجد خير مثال هنا يف "ثورة الزوية" إذ كان الذراع المسلح والذي يقوم بالعمل العسكري كقيادة ثالثة أشخاص هم :قاسم عبد الرحمن الشرع ،وعفاش السالم ،ومحمد الخالد الشرع ،الذين كانت تطلق عليهم فرنسا "األشقياء الثالثة". وقد وجد الثوار السوريون من مختلف المناطق ملجأ لهم يف األردن :حيث العشائر العربية التي استقبلتهم وساهمت بالقتال معهم ،ووجود األمير عبد اهلل بن الحسين -أمير شرق األردن -الذي كان يتطلع أيضًا لسوريا الكبرى؛ ولذلك تم تسمية الجيش عنده وحتى اآلن بالجيش العربي ،وهذا هو اسم جيش الثورة العربية الكبرى .1916 3 وجيش المملكة العربية السورية بقيادة الملك فيصل بن الشريف حسين ملك المملكة ،ويوسف العظمة وزير الدفاع والقائد العام للجيش العربي. ولعلنا من خالل بحثنا هذا :وجدنا كيف استوعب األردن الثوار واستضافهم لسنوات ،وكيف أن العشائر العربية األردنية ساهمت يف تنظيم الغزوات التي كان يقوم بها ما سمي (باألشقياء الثالثة) يف منطقة الزوية وحوران ،والتي أسفرت عن قتل رئيس الوزراء (عالء الدين الدروبي) يف حوران بعد تسلمه الوزارة بشهر واحد، والهجوم على الجنرال (غورو) وإصابته يف كتفه وقتل من معه ،وبقي مشلوالا بيده طوال حياته. ولكن لألسف الشديد..لم تصل التغطية لهؤالء المجاهدين ،واكتفوا برجاالت السياسة وثورة الجبل ،وهذا لم يكن الواقع؛ ألن ما قدمه هؤالء يف جميع المناطق يجب أن ينصف ،وهؤالء الثوار لم يرجوا مغانم أو مكاسب أو مكافأة على الواجب الذي قاموا به.ولكن وجدت من (واجبي كباحث) أن أعيد لهؤالء بعضًا من ذكراهم؛ لعلها تكون مفيدة لألجيال العربية المسلمة المتتابعة.ونحن بصدد كل هذا العسف واالحتالالت القائمة (ال زالت حية أمامنا).تمامًا ال يمكن أن نسمي ثورة درعا ويتم نسيانها ،وثورة الغوطة ويتم نسيانها ،وثورة الغوطة ويتم نسيانها ،وثورة القلمون ويتم نسيانها ،وثورة (داريا) ،وجوبر ،والقابون ،وحمص ،وحماة ،وإدلب، 4 وجبل الزاوية ،والمعرة ،وحلب ،وجسر الشغور ،والدير ،والشعيطات ،والبصيرة، والشدادي ،والحسكة ويتم نسيانها. ولو أن هذه الثورات جاءت يف زمن تطور االتصاالت والفضائيات ،بينما حاول حافظ األسد ما قام به يف :حماة ،وجسر الشغور ،وحي الكالسة ،وحمص ،والمذابح ) ،(1982ونجح يف ذلك.والكثير لم يعلم بها إال بعد قيام الثورة السورية ).(2011 هذه الثورات الممتدة من 1920إلى الوقت الحاضر :واجبنا يدفعنا للتذكير بها وتحليلها؛ ألن سوريا الحالية لم تستقر من يوم االستقالل يف 8آذار ،1920وقيام المملكة العربية السورية ،وتنصيب فيصل ملكًا عليها ،وتشكيل مجلس وطني /69/شخصًا يمثل :فلسطين ،واألردن ،والعراق ،ولبنان ،وسوريا الحالية، وحكومة برئاسة السيد هاشم األتاسي وأعضاء وزارته من هذه المناطق السورية الطبيعية.نعم..ال بد أن نعطي لكل من ساهم بإمكانياته سوا اء كانت متواضعة أو كبيرة ،وللسياسيين المتنورين الذين أصروا على االستقالل -صحيح بمساعدة بريطانيا العظمى -ولكن األخيرة كان لها قرار بتنفيذ "وعد بلفور" يف 2تشرين الثاين ،1916وتنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتسليمها للعصابات الصهيونية (الهاغاناه وشتيرن)؛ إلقامة دولة للصهيونية يف فلسطين. 5 خامسًا: أوالا( :الزمان) :آب 1920بعد إقامة المملكة السورية وتنصيب الملك فيصل بن الشريف حسين ملكًا على سوريا ،واالحتالل الفرنسي لسوريا ،وطرد الملك فيصل يف تموز ،1920وتصدي الجيش العربي بقيادة البطل يوسف العظمة لجيش (الجنرال غورو) يف معركة ميسلون :حيث أبى وزير الدفاع يف حكومة الملك فيصل أن يدخل الجيش الفرنسي إلى دمشق عاصمة المملكة العربية السورية بدون قتال استجابة إلنذار (غورو) الشهير للملك وحكومته.وبداية االحتالل الفرنسي لبالد الشام ابتدا اء من لبنان إلى سوريا ،وتطبيق اتفاقية سايكس بيكو ،1916ومؤتمر سان ريمو 1918بتقاسم بالد الشام والعراق بين القوتين آنذاك (بريطانيا وفرنسا) ،وتأييد عصبة األمم بتطبيق نظام الوصاية على بالد الشام (لبنان ،فلسطين ،سوريا ،وشرق األردن) لهاتين الدولتين االستعماريتين المنتصرتين يف الحرب العالمية األولى ،1918 – 1914وتفكيك الدولة العثمانية ،وخضوع البالد العربية للقوى الجديدة. فكانت الشرارة التي اندلعت للجهاد ضد المستعمرين الجدد يف بالد الشام والعراق. فكانت ثورة العشرين ( )1920يف العراق ضد اإلنجليز ،وثورة بالد الشام ضد االستعمارين البريطاين يف فلسطين وضد االستعمار الفرنسي يف سوريا.وكانت أولى بواكير هذه الثورة يف جميع أرجاء بالد الشام ابتدا اء من ثورة الزعيم إبراهيم هنانو 6 انطالقًا من كفر تخاريم وحارم ،إلى حلب وجبل الزاوية ،وثورة الزوية بقيادة طالب عبد المجيد الشرع وأقارب آل الشرع عكاش السالم. ولألسف الشديد :فقد سجل التاريخ بعضًا من هذه الثورات المناطقية يف األنحاء السورية ،وتجاهل الثورة األولى وهي ثورة الزوية أو ثورة آل الشرع ومن تضامن معهم ،وغيرها كما سنرى الحقًا ،وكان ذلك مذكور اا يف كتاب التاريخ للصف الخامس االبتدائي قبل عام 1950عن ثورة آل الشرع.لكن تم حذفها ولم تصل إلى ذكر أي شيء عنها ،وهي من الثورات المنسية بفاعل فاعل. وإذا كنا نريد إلقاء الضوء إلنصاف هؤالء المجاهدين؛ فإنما لنعيد الحقائق ونبرزها بشكل واضح ،ليس تبجحًا وادعا اء ،ولكن إلنصاف أرواح هؤالء المجاهدين األوائل من الثورة الشامية بعد دخول الجيش الفرنسي المحتل إلى هذه البالد يف تموز 1920بعد اإلنذار الشهير لقائد الجيش الفرنسي يف لبنان (هنري غورو). (المكان) :قرى الزوية الغربية والشرقية ،وسميت الزوية؛ ألنها تقع يف الزاوية األخيرة من سوريا التي تطل على (وادي خالد) حيث معركة اليرموك الشهيرة يف عهد الخليفة عمر بن الخطاب ﭬ ،والقائد اإلسالمي والعربي خالد بن الوليد ،ثم أبي عبيدة بن الجراح ﭭوعلى جميع الصحابة.فهي تطل على منطقة وادي مسعود الفاصل بين فلسطين وبحيرة طبريا ،وكانت آنذاك تسمى (ناحية فيق) نسبة إلى قرية (فيق) المطلة على بحيرة طبريا ومدينة طبريا ،وسمخ ،ووادي بيسان، 7 ووادي الحمام الفلسطيني ،وهذا كان جزء اا من بالد الشام والمملكة العربية السورية الفيصلية (نسبة للملك فيصل بن الحسين(. 8 سادسًا: األسباب المباشرة وغير المباشرة للثورة يف الزوية السورية: يف عام 1916شارك كل من الشيخ طالب عبد المجيد الشرع وأبناء عمومته :قاسم العبد الرحمن الشرع ،ومحمد الخالد الشرع ،وهالل السويدان الشرع ،وأحمد الحسين الشرع ،وخليل عبد الوالي الشرع ،وأخيه عبد العزيز الشرع ،وآخرين..يف ثورة الشريف حسين بن علي -شريف مكة -لالنفصال عن الدولة العثمانية؛ بقصد إقامة المملكة العربية من جبال طوروس شماالا حتى بحر العرب وعدن جنوبًا، ومن جبال زاغروس شرقًا حتى البحر األبيض المتوسط والبحر األحمر.وقد كان هذا االتفاق بين (الشريف حسين) و(مكماهون) المندوب البريطاين يف القاهرة، وتشرشل وزير المستعمرات البريطانية آنذاك ،ووعد من دول الحلفاء (بريطانيا العظمى وفرنسا) للشريف :فاتصل الشريف (شاكر) ابن عم الشريف حسين بشيوخ حوران والزوية من لالشتراك بالثورة ،وقد تحمس للمشاركة آل الشرع؛ ألنهم كانوا وجهاء المنطقة ،ولِنسبِ ِهم (آلل النبوة) وحسبِ ِهم ،وكالمهم المسموع ،والشيخ عكاش السالم وأقاربه من قرية العال ،وعالقات النسب بين آل الشرع وآل السالمات ،والشيخ عكاش شخصيًا ،فهو متزوج من نزهة بنت عبد المجيد الشرع أخت الشيخ طالب الشرع ،والشيخ طالب متزوج من أمونه السالم أخت الشيخ عكاش السالم ،وكذلك الشيخ خالد الشرع أخو قاسم وأبو محمد الخالد ،وابن عم 9 الشيخ طالب الشرع متزوج من عيوش السالم أخت عكاش.إذ اا :الصلة قوية بين السالمات يف قرية العال وآل الشرع يف جيبين. وعندما أعلن استقالل البالد الشامية يف 8آذار ،1920وتم تنصيب الملك فيصل ملكًا على سوريا الطبيعية ،وتشكيل الحكومة العربية برئاسة هاشم األتاسي :بدأت هذه الحكومة بالتعيينات للحكام الجدد يف العاصمة دمشق ،والمحافظات يف سوريا واألردن وفلسطين ولبنان.فكان أن تم بعد التشاور مع الشيخ طالب الشرع :تعيين الشيخ عكاش السالم مدير اا لناحية فيق ،ورئيسًا لبلديتها؛ مكافأة له وللشيخ طالب على وقوفهم مع ثورة الشريف حسين بن علي. لكن ما إن تم طرد الملك فيصل من سوريا ،وخضوع البالد السورية لجيش االحتالل الفرنسي :حتى بدأوا بطرد واعتقال من كان مع الملك فيصل والشريف حسين ،وخاصة بعد معركة ميسلون يف 24تموز ،1920واستشهاد وزير الدفاع والحامية التي كانت معه والتي تصدت للقوى المحتلة بقيادة الجنرال (غورو) ،ومن جملة ذلك تم إبعاد عكاش السالم عن مديرية الناحية ،وجيء بشخص شركسي اسمه (عبد القدوس) ،وتم تعيينه مدير اا للناحية بدالا من عكاش السالم.وقد احتج طالب الشرع وعكاش وآخرين على هذا :فتم اعتقالهم بعد استدراجهم من ِقب ِل مدير الناحية الجديد ،ويقال (سرقلوهم) عن طريق البطيحة ،حتى لم يمروا بهم من الطريق الرئيسي الواصل للقنيطرة إلى سجن الحامية الفرنسية يف القنيطرة؛ خوفًا من 10 تصدي القرى الواقعة على طريق القنيطرة الواصل من فيق ،ووضعوهم يف سجن مشدد جد اا؛ تمهيد اا لمحاكمتهم وإعدامهم بحجة التمرد ضد سلطة االحتالل الفرنسي.احتج أهل الزوية الغربية والشرقية ،والوجهاء يف حوران ،وعشائر النعيم والفضل والحجايرة والذيابات والحرافشة ،وهذه المنطقة مترامية األطراف ،فيها عشائر كثيرة يف هذه القرى.وقيض لهذين السجينين شرطي حارس عليهما من (تدمر السورية) اسمه (أحمد النجدي التدمري) ألنه عروبي وصاحب نخوة ،وحز يف نفسه تعامل عمالء فرنسا مع هذين الشيخين يف هذا السجن الحقير :فبدرت منه مبادرة أن يقوم بتهريبهما من السجن بدون أية شروط ،فرحبا بذلك ،سيما وأنهما كانا معرضان للحكم باإلعدام ،ولكن اشترطا عليه أن يرافقهما ويكون واحد اا من أبنائهم ،فقبِل.وهكذا هرب أحمد النجدي ومعه الشيخ طالب الشرع وعكاش السالم من هذا السجن اللعين ،وتم االتصال مع أهلهما عن طريق شخص آخر. فجاء قاسم عبد الرحمن ابن عم طالب الشرع وعفاش السالم أخو عكاش ومعهما األصايل من الخيل إلى نقطة محددة واصطحبا الثالثة ،وأشار (طالب) أن يتوجها إلى قرية (طفس) حيث شيخ مشايخ حوران آنذاك (طالل الحريذين)؛ من أجل تشكيل قوة للمجاهدين؛ لمقاتلة الفرنسيين وعمالئهم وجنودهم ،لكنهم لألسف لم يجدوا المساندة من هذا الشيخ؛ ألن ظروفه كانت صعبة أيضًا ،فتوجها غربًا إلى 11 بلدة الشجرة ،ونزال بضيافة (محمد أبو كف المذيب أبو عزام) شيخ الزوية الشرقية، فلقيا كل ترحيب.ومن هناك بدأوا االتصاالت وأرسلوا المراسيل إلى: _1أبناء عمومة الشيخ طالب الشرع ،وقد تكفل بذلك قاسم العبد الرحمن الشرع ومحمد الخالد الشرع ابن أخيه ،وأحمد الحسين الشرع الذي كان بمثابة المتكأ آلل الشرع -وهو محدث لبِق.- _2أبناء عمومة عكاش السالم ،وقد تكفل بذلك عفاش السالم أخو عكاش. _3تم إيفاد أحمد الحسين الشرع -وهورجل متدين ومحدث ويعتمد عليه الشيخ طالب -إلى شيوخ عشيرة النعيم يف الجوخدار إلى الشيخ (عبد الكريم الطحان) و(محمود الطحان(. _4وإلى األمير محمود الفاعور يف واسط من قضاء القنيطرة -وهو ذو عشيرة كبيرة وأميرها – (عشيرة الفضل الهاشمية) ،وقام بهذه المهمة (أحمد حسين الشرع) ومعه هالل السويدان الشرع وأخيه بديوي الشرع بن عبد الغني الشرع. _5وإلى شيوخ منطقة البطيحة (حمود الطبل ،وأحمد الخطيب ،وأبو نبوت). _6وإلى شيوخ نوى :حيث أن والدة شيخ نوى حسين المديب ومحمد المذيب من آل الشرع ،ولهم كلمة يف تلك المنطقة ،وكانت نوى ناحية. _7وإلى شيخ عابدين (محمد أبو مشيلح) وهو رجل وقومه أشداء وذو عزيمة، ومعروفون بالجرأة والشجاعة ،ولهم عالقات قوية مع آل الشرع. 12 _8شيوخ المناظرة يف (كويا) و(بيت آره) و(معريه) :وهم على صلة نسب مع آل الشرع (محمد أبا حسين) و(آل دماره(. وقد تم االتفاق مع كل من اتصلوا به أن االجتماع يف أوائل شهر آب 1920يف مضافة الشيخ طالب الشرع ليالا.وتم تجهيز /40/فارسًا ،و /40/فرسًا، وأسلحة ألمانية.وتم تجهيز الخيل من الحمدانيات ملك آل الشرع ،وأبو عرقوب ملك السالمات ،والصقالويات ملك عشيرة النعيم ،وأنواع أخرى.أربعون فرسًا ألربعين فارسًا ،وبنادق صناعة ألمانية.وتم تخطيط المعركة للهجوم على (سرايا فيق) ،واالنطالق من مضافة الشيخ طالب الشرع.وتم تقسيم هؤالء المجاهدين إلى مجموعات اقتحام يقودها (قاسم عبد الرحمن الشرع وابن أخيه محمد الخالد الشرع ،وعفاش السالم ،وهالل السويدان الشرع ،وخليل عبد الوالي الشرع) ،وفرقة مساندة من عشرة أشخاص ،وفرقة دعم.والهجوم عند الساعة العاشرة ليالا على مقر الناحية يف فيق ،ومقر الحامية الفرنسية المكونة من عساكر موالين للسلطة الفرنسية وبعضهم من السنغال والمغرب العربي حيث المستعمرات الفرنسية. وانطلق الموكب يتقدمه الشيخ طالب الشرع والشيخ عكاش السالم ،يف طريق بعيد عن أعين الجواسيس الذين كانوا يترصدون لهذين الشيخين ،وخاصة بعد هروبهما من السجن ،وما أن وصلوا إلى السرايا حتى تم اإلجهاز على مدير الناحية المعين من ِقب ِل الفرنسيين والحامية ،وتم القضاء على كل القوى الجديدة التي جاءت مع 13 المحتل تحت راية الفرنسي ،وإنزال العلم الفرنسي ورفع علم الثورة العربية الكبرى المعروف ،وهو علم المملكة العربية السورية المعتمد يف 8آذار ،1920واحتالل الموقعين بشكل كامل.وهكذا دار يف خل ِد هؤالء الثوار (المجاهدين) أن الوجود الفرنسي لم يعد موجود اا.ونظر اا لكبرياء هؤالء المجاهدين وعدم قدرتهم على تقدير الموقف ،والعنجهية التي يتميز بها هؤالء :اقترح أحدهم أن ينزلوا ضيوفًا عند الشيخ شهاب الحمد -شيخ عشيرة الحجايرة وشيخ فيق ،-وكان آلل الشرع بيوت وزيتون يف فيق؛ ألنهم كانوا من سكانها قبل أن يعمروا قرية جيبين.كما أن عكاش السالم له صلة قرابة مع الحجايرة ،ويعتبر عشيرته جزء منها ،ولهم عالقة مودة وتراحم مع الشيخ شهاب الحمد وآله. المهم :حل الركب المؤلف من أربعين فارسًا يف ضيافة الشيخ شهاب الحمد وأقاربه ،وعلى الفور ذبحت الذبائح وتم تجديد القهوة العربية والشاي ،وتم العشاء يف حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.لكن أحد المضيفين -وبعيد اا عن الشيخ شهاب الحمد -قام بتسجيل أسماء من شاركوا يف هذه الهجمة.وعندما تم استقدام القوات الفرنسية بعد ساعات على وقوع الحادث :تم تسليم تلك األسماء للسلطات العسكرية الفرنسية ،ومن فورهم قام هؤالء الثوار بإرسال أحدهم لقراهم؛ كي يحتاطوا ويهربوا الحالل من أغنام وأبقار ،والنساء واألطفال صوب األردن، والثوار ساروا جميعًا باتجاه األردن ،فقطعوا نهر الشريعة ووادي خالد ،ودخلوا 14 لألردن يف منطقة (بني كنانة( ،وتبعتهم نساؤهم وأوالدهم الصغار وبعض من مواشيهم.وقد فقدوا الكثير من أغنامهم التي تعد باآلالف؛ ألن الذين أسرعوا بها دفعوها دفعًا للركض والسرعة ،وعند وصلت لنهر اليرموك وهي الهثة ومتعبة، بدأت تعب من الماء من نهر الشريعة ،الذي أسفر عن موت المئات من هذه الثروة (األغنام خاصة) ،وكانت حصة آل الشرع نحو ألف رأس ،كما كان الحال مع آل السالمات. 15 سابعًا: الهجرة لألردن: وقد علموا أن الجيش الفرنسي قد علم بما حدث ،وأن النجدات قادمة إلى فيق، نجح هؤالء الثوار بالتوجه نحو األردن على خيولهم ،وأرسلوا أخبار اا ألهاليهم ألخذ الحيطة والحذر ،وضرورة استكمال تهريب العائالت لألردن.وساروا يف طريق غير مطروق إلى جنوب بلدة فيق إلى بلدة اسمها (صفورية) بلد آل الفقير -وهي على شفا وادي خالد الفاصل بين األردن وسوريا -ومنها انطلقوا إلى قرية (دبوسيا) وهي قريبة جد اا من محطة القطار يف وادي خالد (نسبة لخالد بن الوليد ﭬ) الذي يصل من (دمشق) إلى (درعا) إلى (سمخ) يف فلسطين ،وإلى ميناء حيفا ،ومن دبوسيا نزلوا إلى وادي خالد فقطعوا الشريعة (نهر اليرموك) وتسلقوا هضبة أوصلتهم إلى القرى األردنية يف منطقة بني كنانة -ما عدا قاسم الشرع -فقد اتفق مع ابن أخيه محمد خالد الشرع وأقاربه أن يذهبوا لقرية جيبين؛ للدفاع عنها بوجه القوات الفرنسي المتوقعة.وعند الظهر كان معظم المجاهدين قد توزعوا على القرى األردنية المقابلة لقرى منطقة الزوية يف الطرف الجنوبي لوادي اليرموك، فاستقبلتهم العشائر األردنية من عشيرة العبيدات التي تنتشر يف سبع قرى من لواء بني كنانة ،وشيخ العبيدات يف بلدة (حرثا) ،وقد كان شريكًا للشيخ طالب الشرع يف مطحنة على نهر الشريعة تعمل بطاقة المياه ،وكانت منطقة الزوية بكامل سكانها 16 يطحنون القمح يف هذه المطحنة والبرغل أيضًا ،وكذلك جميع قرى العبيدات يف حرثا ،والطره ،والرفيد ،وكفر سوم ،وسمر -أيضًا -يطحنون غاللهم يف هذه المطحنة. وكانت العالقات العشائرية قوية بين الجانب األردين والعشائر والعائالت على الجانب السوري ،ولم تكن أية حواجز تذكر.إذ كانت يف تلك األيام كل المنطقة الممتدة من الجزيرة وشرق الفرات ،وشمال سوريا وشرقها ،كلها شعب واحد. ولكن "سايكس بيكو" هذه هي التي فرقت بالد الشام ،وجعلت من سوريا مستعمرة فرنسية ،واألردن وفلسطين مستعمرة بريطانية بموجب قرارات الوصاية التي أقرتها عصبة األمم.فهي تتحرك بال قيود؛ ألن لهم أقارب وأرحام وصالت عشائرية. المهم :حل هؤالء المجاهدون ضيوفًا على عشيرة الطوالبة والغوانمة والرقيبات يف سحم الكفارات ،وسمر ،ويف كفر رسوم حيث عشيرة العبيدات ،واستضافوهم يف بيوتهم.وعندما وصلت العائالت بعد يوم أو يومين :نصب هؤالء المجاهدين بيوت الشعر لكل عائلة يف المنطقة الممتدة من (سمر) إلى (سحم الكفارات) إلى (كفر سوم).وقدمت العشائر العربية يف المنطقة ما يلزم للمساعدة من :بيوت للشعر ،وفراش ،ولوازم الطبخ من برغل وسمن وخراف ودجاج وقهوة ،وغيرها. وبدأت هذه العشائر تتعازم هؤالء الثوار القادمين من سوريا من منطقة الزوية. أما الشيخ (طالب الشرع) و(الشيخ عكاش السالم) استضافهم شيخ عشيرة 17 العبيدات يف حرثا لبعض الوقت ثم عادوا إلى عائالتهم يف منطقة سحم الكفارات. وكان شيخ الطوالبة هو (خلف القعدان) و(طوقان الطوالبة) ،و(بيت الموسى). وكذلك عشيرة الرقيبات التي لها صلة قرابة مع آل الشرع ،والطوالبة لهم نسب مع آل الشرع ،واآلخرين -أيضًا -كانوا يف ضيافة عشائر بني كنانة ،ولم يتفرقوا؛ ألن أمامهم مهام لم ِ تنته بعد. 18 ثامنًا: بداية الحملة الفرنسية االنتقامية: وصلت طالئع الحملة الفرنسية يف اليوم التالي ،وبعد التدقيق والتمحيص وأخذ شهادة الشهود وتقارير عيونهم :اتضح أن الرأس المخطط لهذه الثورة هو (طالب الشرع) وأبناء عمومته ،و(عكاش السالم) وأبناء عمومته ،و(عبد الكريم الطحان) وأقاربه.وتأكدوا أن من نفذ الهجوم وقتل مدير الناحية والحامية ،هو (قاسم عبد الرحمن الشرع) ومعه أبناء عمومته ،و(عفاش السالم) ،وقد كانوا ضمن القوة المهاجمة التي نفذت هذه العملية.وعليه فقد تم تشكيل قوة من منتسبي الجيش الفرنسي الذين حضروا لمهاجمة (قرية جيبين) و(العال) وقتل من يصادفهم.وفعالا فقد تم قتل سبعة أشخاص ليس لهم عالقة بالعملية من قريتي العال وجيبين؛ بقصد دب الذعر يف صفوف األهالي ،شأن أية قوة محتلة. لكن قاسم الشرع ومن معه ،وكذلك عفاش السالم تصدوا لهذه القوة ،لكن المطلوبين للسلطات الفرنسية هم مجموعة من آل الشرع وآل السالمات ،وعليه فقد تم الهجوم على هاتين القريتين.وقد تم ذلك يف البداية بالسؤال عن (طالب الشرع) و(قاسم الشرع) و(محمد خالد الشرع) ،وأين هم؟ وكانت دار (خالد العبد الرحمن الشرع شقيق قاسم الشرع وأخيه األكبر) وابنه محمد الخالد الشرع ،ودار طالب الشرع ،حيث لم يبق فيها غير ابنه الكبير (عبد المجيد). 19 وأما إخوته الصغار (عبد الكريم ،محمد فوزي ،وعبد العزيز) فقد التحقوا بوالدهم يف األردن.وبدأ هذا الجيش الهمجي يمارس التخريب يف هاتين الدارين :فقد خلطوا الحبوب والمؤونة والطحين والسمن ببعضه ،وتم قتل رؤوس الماشية، وبدأوا تعذيب بالشيخ (خالد العبد الرحمن الشرع) -وكان شيخًا كبير اا -لِيدلهم على أخيه وابنه ،وكان التعذيب متعدد الوجوه ،ويتسم بالقسوة ،وكذلك األمر مع عبد المجيد بن طالب الشرع.وخاصة أن الكمين الذين نصبه قاسم الشرع أوقع خسائر يف القوة المهاجمة. ومن أساليب التعذيب :كانوا يأتون بالصاج الذي يقلون فيه الخرفان بالسمن (الصاجيه) ويضعوه على النار ،ويضعوا فيه تنكة سمن حتى يغلي ،ثم يلوحون بالشيخ خالد الشرع ليضعوه يف هذا السمن المغلي ،وكذلك فعلوا مع عبد المجيد ظنًا منهم أن يدلهم أو يسلمهم المطلوبين للقوات الفرنسية ،ثم يختارون (ثور اا أو عجالا سمينًا) ويطلبون أن يتم ذبحه وطبخه ،وبعد ذلك يلقون األكل يف أرض الحوش ،ويطلبون من خالد الشرع -الشيخ الكبير يف السن -أن يحرسهم حين يناموا ،وأن يظل واقفًا طوال الليل حتى الفجر؛ خوفًا من قاسم الشرع وابن أخيه، وإذا أحسوا بأي شيء أو حركة يعاقبوا هذا الشيخ ،وكذلك يفعلون مع عبد المجيد. وتظل هذه المفارز جاثمة على صدور هاتين العائلتين لشهور طويلة بل سنين، وكذلك فعلوا مع آل عكاش السالم وأخيه :فخربوا بيوتهم ،وأتلفوا محاصيلهم من 20 القمح والطحين ،وذبحوا المواشي ،وعذبوا من بقي منهم يف الدار الواسعة.وكذا األمر مع آل الطحان يف الجوخدار.وقد كان يقوم بكل هذه األعمال الخسيسة العساكر المنتمين للمستعمر الفرنسي وغالبيتهم من السنغال والمستعمرات اإلفريقية ومن المغرب العربي ،وكان هؤالء جالف وغالظ ،ولكن تحت إمرة ضابط فرنسي يعطيهم األوامر للتنفيذ بقصد إيذاء من يسكن يف بيوت آل الشرع والسالمات. أما وقد علم المجاهدون يف األردن بما حدث ألهاليهم ،فجن جنونهم ،وخاصة (قاسم العبد الرحمن الشرع وابن أخيه محمد) ،وكذلك (عفاش السالم) بعد أن التحقوا بمن سبقهم لألردن :فبدأوا ينفذون عمليات ضد التواجد الفرنسي يف هذه القرى ،وقد أوقعوا بينهم قتلى ،إلى درجة أن أخشى ما يخشاه هؤالء العسكر هو ذكر اسم (قاسم ومحمد الشرع ،وعفاش السالم).كان اسم هؤالء المجاهدين مرعبًا للقوة الفرنسية المستوطنة ،وقد شكل هؤالء الثالثة ومن معهم من أقاربهم قوة هجومية تكاد تكون يومية يف الليل لهؤالء العساكر الذين يحتلون بيوت آل الشرع وآل السالمات.وكان هؤالء العساكر يرجون الشيخ خالد أن يحميهم من (قاسم) و(محمد) و(عفاش).وبعد أشهر من تواجد هؤالء المحتلين :بدأوا يخشون على أنفسهم من الثأر الذي استفحل ضدهم بفضل هؤالء الثوار الذين كان يقودهم قاسم عبد الرحمن الشرع ،وعفاش السالم ،ومحمد خالد الشرع ،وأطلقوا 21 عليهم "األشقياء الثالثة" ،وبدأوا يخففون الضغط على الشيخ خالد الشرع وعلى عبد المجيد ،وآل عكاش لسالمتهم؛ ألن الخوف استحكم فيهم من سطوة األشقياء الثالثة (القوات الضاربة).فقد كان هؤالء المجاهدون ومن معهم يأتون من سحم، أو من الوادي؛ ليهدد هؤالء الغزاة ،وتوسعت دائرة القوة المهاجمة :فشكلوا قوة ردع للقوات الفرنسية والقوات المتعاونة معها من السوريين ،ونفذوا عمليات هجومية يف معظم المناطق التي تواجد فيها الجيش الفرنسي يف منطقة الزوية وحوران والقنيطرة ،التي بدأت العشائر العربية تمرد اا ضد القوات الفرنسية ،يقودها األمير محمود وأخيه شامان الفاعور ،ومن جباتا الخشب (أحمد مريود) الذي كان قد لجأ إليه المجاهد (أدهم خنجر) الذي كان ضد الفرنسيين يف لبنان.لكن (أحمد مريود) كان يف دائرة الخطر فلم يستطع حمايته ،فطلب إليه االستجارة (بسلطان باشا األطرش) يف (القريا) من أعمال جبل الدروز.وفعالا وصل إلى مضافة الباشا ولم يكن الباشا وال رجاله موجودين ،حيث كانوا مطاردين يف مدينة األزرق األردنية ،فتم إلقاء القبض على المستجير (أدهم خنجر) وتم إعدامه فصاحت النساء( :وينك يا سلطان)( ،لقد دنسوا دارك ومضافتك وأعدموا المستجير بك).وهذه عند العرب كبيرة وكبيرة جد اا؛ ألن المستجير له كل الحماية والرعاية حتى يعود ألهله سالمًا غانمًا.فهب سلطان وقام معه جبل العرب ،واشتعلت الثورة ضد المحتل الفرنسي قوية ومكينة. 22 وكانت منطقة القنيطرة تغلي ضد المستعمر الفرنسي :فهب األمير محمود الفاعور مع قبيلته الفضل ،وبدأوا صراعًا مسلحًا مع الحاميات الفرنسية ،وكذلك فعل (أحمد مريود) انطالقًا من جباتا الخشب والقرى حول القنيطرة يف تحد واضح لقوات االحتالل الفرنسي.وعندما ضيقوا الخناق عليه جاء لألردن لاللتحاق برجال الثورة السورية.وكذا يف جبل الزاوية وحلب بقيادة (إبراهيم هنانو) ،ومنطقة العشائر العربية ثورة الشيخ محمد العياش وقبيلته يف دير الزور شرق وغرب الفرات (العكيدات ،شمر ،عنزه ،الجبور ،البكارة ،وطي) ،وحماة وريفها (الحديديين والتركاوي) ،ويف حمص (الزعيم هاشم األتاسي) رئيس (الكتلة الوطنية) ،وريف حمص من العشائر العربية (الفواعرة ،والخوالد ،والحديديين وآخرين.)..ومن قرية الشيخ بدر يف جبال العلويين انطلق المجاهد صالح العلي ضد التواجد الفرنسي معتمد اا على وطنية أبناء الساحل السوري. هذه الثورة السورية التي انطلقت يف كل منطقة على حدة ،معظم قادتها يف األردن الذي كانت إمارته حديثة العهد تحت حكم األمير (عبد اهلل بن الشريف حسين) ابتدا اء من ،1920ولكن تحت الوصاية البريطانية.ولكن األمير اعتبر أن إمارة األردن مقدمة إلقامة سوريا الكبرى (بالد الشام) ،وظل ينادي بذلك طوال حياته. ولذلك كان من لجأ لألردن من الثوار السوريين مكان ترحيب وحسن وفادة ،برغم وجود الجيش البريطاين والجنرال (كلوب باشا أبو فارس). 23 تاسعًا: دور العشائر األردنية يف استقبال الثوار: أما ثوار الزوية بقيادة الشيخ طالب الشرع وعكاش السالم وعبد الكريم الطحان ،بعد أن استتبت لهم اإلقامة يف الشمال األردين ،وبعد استقبال العشائر األردنية يف بيوت الشعر التي نصبوها بين قرية سمر وسحم الكفارات وكفر سوم ،فقد توافد إليهم زعماء العشائر: -زعيم عشيرة العبيدات يف الشمال األردين ،وله صالت مع الشيخ طالب الشرع. -زعيم عشيرة الطوالبة :حيث هم المضيفون لهم يف سحم الكفارات وسمر ،وهذه العشيرة لها صالت ونسب مع آل الشرع وآل الحسين يف كفر الما). -زعيم عشائر بني كنانة يف وادي الشريعة :وهذه العشيرة نصفها يف سوريا والنصف اآلخر يف الجانب األردين. -زعيم عشيرة الزعبية من الرمثا :وهذه العشيرة كبيرة وممتدة من حوران إلى األردن. -زعيم عشائر السرحان من وادي السرحان المحاذي للجاة السورية :وهي عشيرة بدوية لها ارتباطات واسعة مع العشائر السورية يف حوران والزوية. -زعيم عشيرة بني حسن من المفرق ونواحيها. 24 -زعيم عشيرة الخوالد القاضي العشائري (سعود القاضي) من (حوشا) ،وله صداقة مع آل الشرع وآل السالمات وآل الحسين. -وفود من عشيرة بني صخر والفايز :موفدين من الشيخ (حديثه الخريشه) ،وقد كان للشيخ حديثه الخريشه مواقف هامة مع آل الشرع والسالمات ومعظم السوريين. -ووفود من عشيرة العبادي يف (ماعص والفحيص). -ووفود من عشائر إربد وحواره ،ومن عجلون ،ومن النعيمة. -ووفود من السلط ،والعشائر العربية يف الجنوب األردين من الطفيلة والكرك ومعان (البطاينة ،التلول ،الشرع ،الخصاونه ،الحويطات يف الجنوب األردين ،ومن سما الروسان ،ومن (ملكا) ،وعشائر أم قيس يف منطقة بني كنانة. ومجمل هذه العشائر قامت بالواجب العريف المعروف تجاه هؤالء المجاهدين. وكان الشيخ طالب الشرع ،والشيخ عكاش السالم ،والشيخ عبد الكريم الطحان يشكرون هؤالء الذين أبدوا ترحيبهم بإخوتهم من منطقة الزوية والمناطق األخرى على حسن الضيافة والوفادة والتكريم ،معاهدين اهلل ثم العرب أن الثوار سيقتلعون المستعمر مهما طغى وتجبر. 25 يف الوقت والزمن الذي تتوافد وفود العشائر إلى مضارب ثوار الزوية ،كان السيف والرمح والتشكيل القتالي باألسلحة البسيطة بين يديهم يقوده البطل (قاسم عبد الرحمن الشرع أبو عارف وابن أخيه الخالد الشرع ،وعفاش السالم) وأبناء عمومتهم ،مقلقين وضع الحاميات الفرنسية التي كانت قد تمترست يف دار خالد العبد الرحمن الشرع ،وعبد المجيد بن طالب الشرع ،وما القوه من ضنك وتضييق عليهم.وقد هاجموا هذه الحاميات ضمن مضافات خالد الشرع وعبد المجيد وعكاش السالم ،وكانت هذه الحاميات تطلب من المشايخ حمايتهم من صوالت الثوار األبطال الميامين. 26 عاشر اا: بداية التنظيم لمواجهة الموقف الجديد: لذا اجتمع األربعون فارسًا الذين قاموا بالثورة ضد المحتل ،وبدأوا بتنظيم أنفسهم وفقًا لمشورة الشيخ طالب الشرع أبو عبد المجيد ،وعكاش السالم أبو سالم ،وعبد الكريم الطحان :فتم تشكيل وفد من هؤالء األربعة لالتصال أوالا مع األمير عبد اهلل، وشرح قضيتهم له.وفعالا :ذهب الوفد برئاسة الحاج طالب الشرع إلى عمان، وطلب مقابلة األمير عبد اهلل بن الحسين ،وطلب األمير عبد اهلل إدخال الشيخ طالب الشرع بقوله" :أدخلوا ابن عمي طالب" لصلته الهاشمية ،لكن الشيخ طالب قال :بل جميعنا ،فسلموا على األمير ،وشرح طالب لألمير كيف غدر الفرنسيون بالملك فيصل واحتلوا سوريا ،ومن حق الشعب أن يقاتل دفاعًا عن بلده ضد المحتل والغزاة ،وأشار إلى بطولة الشهيد وزير الدفاع يوسف العظمة ،واتساع نطاق الثورة، فرحب األمير بالوفد وطمأنهم أنهم يف حمايته وجميع الثوار السوريين ،وأشار إلى أن الثورة العربية الكبرى هدفها واضح ،وهو :تأسيس مملكة عربية مستقلة من حلب إلى عدن ،ومن جبال زاغروس -شرقي العراق -إلى البحر المتوسط والبحر األحمر ،ولكن كما تعرفون فإن اإلمارة الوليدة تحاول أن تؤسس الجيش العربي، وهو متاح للتطوع فيه لكل أبناء العرب ،ونتطلع إلى قيام سوريا الكبرى أو الهالل الخصيب.ونصحهم بتوثيق عالقاتهم مع العشائر العربية يف األردن ،وتوحيد 27 صفوفهم مع المناطق السورية األخرى؛ ألن قضيتكم تحتاج إلى تجميع القوى السورية جميعًا ،ونحن نبارك ذلك.خرج الوفد مسرور اا من مقابلة األمير عبد اهلل بن الحسين ،وتكررت الزيارات بعد ذلك.ومن فورهم نظموا زيارات لكل القوى السورية المتواجدة يف األردن لكل القوى السورية المتواجدة يف األردن :فزاروا السلطان باشا األطرش يف مدينة األزرق ،وزاروا أحمد مريود القادم الجديد، وكذلك زاروا عرب وادي السرحان وبلدة (المغير) التي تواجد فيها الثائر من درعا (مصطفى الخليلي) الذي قاد معركة (غباغب والمسيفرة) ضد الوجود الفرنسي ،ثم قاموا بجولة شملت الشيخ القاضي (سعود القاضي) شيخ عشيرة الخوالد يف حوشا، وبني حسن يف بلدة المفرق والحضاونه يف النعيمة ،والبطاينة يف إربد ،والشرع والغرايبيه يف حوارة ،وعرار الشاعر (مصطف التل) شيخ عشيرة التلول ،وجميع العشائر التي زارتهم وتضامنت معهم من عشائر األردن ،وزاروا الشيخ (حديثه الخريشه ،والفايز) شيوخ عشائر بني صخر ،وزاروا (مأدبا) و(عجلون) و(السلط) و(ماعص) و(الجنوب) ،وشيوخ عشائر البادية يف رحالت متقطعة.وجلبوا السالح والمال لتمويل العمليات العسكرية التي يقودها قاسم الشرع وعفاش السالم وأبناء عمومتهم.وقد كان لموقف العبيدات والطوالبة وبني كنانة وسما الروسان وأم قيس أكبر األثر يف تدعيم الهجمات المتقطعة وحرب العصابات التي شملت منطقة الزوية وحوران.وتم اإلجهاز على رئيس الوزراء المعين من ِقب ِل االحتالل (عالء الدين 28 الدروبي) المتعاون مع الفرنسيين يف منطقة الشيخ مسكين ،والذي قام بضرب هذا المتعاون هو قاسم عبد الرحمن الشرع وفريقه ،كما ضربوا الجنرال (هنري غورو) شمال مدينة القنيطرة بالتعاون مع ثوار جباتا الخشب (أحمد مريود) ،وأصابوه يف يده التي بقيت مشلولة طوال حياته. وانتظم السوريون الثوار يف لقاءات لتوحيد الصفوف :حيث تجمع يف األردن معظم القيادات السياسية والمجاهدين ،منهم :شكري القوتلي ،جميل مردم بك ،والدكتور عبد الرحمن الشهبندر ،وهاشم األتاسي الذي كان له دور مشهود يف تأسيس الكتلة الوطنية التي ضمت السياسيين السوريين المطالبين باستقالل بالدهم. ويف منطقة الزوية :كرس االحتالل مزيد اا من القوات ،وعمل الكمائن على الحدود األردنية السورية عند خط القطار الواصل إلى حيفا بجانب نهر الشريعة ،ويف القرى التي كان منها الثوار (جيبين ،العال ،عابدين ،الشجرة ،دبوسيا).وقد أمعن االحتالل يف السيطرة على أرزاق بيت طالب الشرع وخالد الشرع كونه األخ األكبر لقاسم الشرع ،وابنه محمود خالد الشرع ،وهذين البيتين كان لهما أرزاق كثيرة (أراضي واسعة ومحاصيل وبيوت عامرة) ،وعندهم العديد من العاملين يف هذين البيتين (ممن يعمل يف الحرث لألراضي وجني المحاصيل ،والعمل داخل البيوت). 29 حادي عشر: تزايد توافد السوريين إلى إمارة شرق األردن ،ودور العشائر يف حماية الثوار: بدأ توافد المزيد من قادة الثورة السورية ضد المحتل الفرنسي من سياسيين ،ورجال النخبة المثقفة ،ورجال العشائر العربية ،من دمشق بدأ يتردد على األردن شكري بيك القوتلي ،وجميل مردم بك ،والدكتور عبد الرحمن الشهبندر الذي كان أول رئيس وزراء يف حكومة الملك فيصل العربية ،وتم اختياره أكثر من مرة رئيسًا للجمهورية يف ظل االحتالل؛ لما يتمتع به من شخصية وطنية قادرة على قيادة التوجهات الوطنية ضد المحتل ،وإقامة السلطة الوطنية السورية تمهيد اا لالستقالل ،وعندما كان يجد أن األمور مستعصية والمستعمر يتمادى يف غيه :ينسحب ويستقيل. وقد شهد األردن توافد قادة الثورة السورية من جميع المناطق ،وقد سعى هؤالء إلى توحيد صفوفهم وتوسيع دائرة التمرد ضد الفرنسيين وأعوانهم يف جميع المناطق. ولذلك بدأ التفكير اعتبار اا من عام 1923بتشكيل التجمع السوري األول ،وأطلقوا عليه "الكتلة الوطنية" ،وكان رئيسها أوالا الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ،ثم هاشم بك األتاسي.وضمت يف عضويتها جميع القوى الثورية التي قامت ضد المحتل الفرنسي ،ومنهم شكري بيك القوتلي ،وعبد الرحمن الشهبندر (دمشق) ،وإبراهيم هنانو ،وصبري العسلي ،وفخري البارودي ،وحسن الحكيم ،والشيخ محمد األشمر ،والمجاهد حسن الخراط قائد ثورة الغوطة يف ريف دمشق ،ومن حوران 30 مصطفى الخليلي ،وقاسم الخليل ،وشخصيات عشائرية.ومن الزوية طالب الشرع، وعكاش السالم ،وعبد الكريم الطحان ،ومحمد خالد الشرع ،وعمه قاسم الشرع، وآخرين. وقد عقدوا عدة اجتماعات يف إربد ،ويف عجلون ،ويف عمان ،ويف بيت الشيخ حديثه الخريشه ،وقرروا أن تتولى الكتلة الوطنية قيادة العمل السياسي بالتباحث مع المندوب السامي الفرنسي ،ووزير خارجية فرنسا.وكان يرأس الوفود السياسي السوري القدير فارس بك الخوري ،وجميل مردم بك ،وسعد اهلل الجابري ،وناظم القدسي ،ومعروف الدواليبي.وهؤالء جميعًا كانوا شخصيات متعلمة ومثقفة ومنحازة للجهد الوطني السوري الذي كان يمثله المجاهدون يف الميدان. وقد انضم لهذه الكتلة المجاهد سلطان باشا األطرش الذي أعطى لهذه الكتلة وزنًا وقو اة.ويف العام 1925كان تشكيل الثورة قد اكتمل بإعطاء القيادة العملياتية يف لسلطان باشا األطرش ورفاقه يف جميع المناطق السورية.ففي كل مدينة ومنطقة لهم ممثلين سواء كانوا يف الداخل السوري أو يف االغتراب ،ومن ضمنهم ثورة الزوية ممثلين بطالب الشرع وابن عمه قاسم الشرع ،ومحمد خالد الشرع ،وكذلك بالشيخ عكاش السالم وأخيه عفاش السالم ،وعبد الكريم الطحان. ولألسف..يف تلك السنة وبعد رحلة طويلة من القتال والتصدي لقوى المحتل يف الزوية ،وللمسافات الطويلة التي كان يقوم بها أبو عارف قاسم الشرع ،فقد أنهكه 31 التعب وهده المرض ،وكان قد أصيب يف إحدى المرات إصابة قاتلة وتويف على إثرها ،وتم دفنه يف مقبرة سحم الكفارات ،وبهذا خسرت المنطقة والثورة السورية أحد قادتها الميدانيين ،وبعده تويف عفاش السالم -وكان مقاتالا شرشًا ،-وقام بِعدة أعمال بطولية ،ثم لحق بهم محمد خالد الشرع بعد ذلك :حيث حوصر يف بيته يف جيبين ،وكانت إحدى عيون الجواسيس قد رصدته فأخبرت السلطات الفرنسية عنه ،فهب يقفز من بيته على شفا الوادي (وادي جيبين) ،وقد طاردته القوات الفرنسية واستطاع أن يهرب منها ،وكانت المطاردة قوية ،ولكن الوادي بتضاريسه الصعبة وأشجاره الكثيفة ،فدس نفسه يف شجرة ِسدر حتى يموه عن القوات الفرنسية التي لم تتوقع أن أحد اا يمكن أن يدخل لمثل هذه الشجرة ذات الشوك الصعب على أي إنسان أن يتحمل وخزاته ،ولكن الروح غالية ،فآثر أن يدخل إلى جوف هذه الشجرة القوية يف وخزاتها لتضليل القوة الفرنسية المطاردة له ،وكونه محكوم باإلعدام ،فلو ألقوا القبض عليه ينفذ به حكم اإلعدام ال محالة.وكان أن صدرت أحكام باإلعدام على كل من :طالب الشرع ،وقاسم الشرع ،ومحمد خالد الشرع، وهالل سويدان الشرع ،وحسين األحمد الشرع ،وخليل عبد الوالي الشرع ،وكذلك على عكاش السالم وأخيه عفاش السالم ،وعلى عبد الكريم الطحان النعيمي وأخيه محمود الطحان ،وآخرين ،..وهي أحكام غيابية صادرة عن محكمة فرنسية ذات صفة قطعية؛ ألنها حكومة احتالل. 32 المهم :أن محمد الخالد الشرع مكث داخل هذه الشجرة لساعات متحمالا أشواكها كيفما تحرك ،إلى أن أفلست الحملة المطاردة له ،فرجعت هذه الحملة إلى بيت أبيه الشيخ خالد عبد الرحمن الشرع لممارسة عاداتهم يف التعذيب والتخريب ،ولماذا لم يخبرهم بوجود ابنه عندهم ،وكانت هذه عادات جيش االحتالل.بعد ذلك ويف المساء :خرج مجموعة من أهالي القرية والعاملين يف دار خالد الشرع على أضواء الفوانيس يبحثون عن محمد الشرع يف جوف الوادي ،وبعد فترة سمعوا أنينًا يف جوف شجرة السدر ،وعندما صاحوا عليه :رد لهم الجواب ،فبدأوا عملية انتشاله من جوف هذه الشجرة ذات اإلبر مثل السكاكين ،واهتدوا إليه وانتقلوا به صوب نهر الشريعة ،حيث عملوا له اإلسعافات األولية من ِ الجراح التي كانت يف جسده -وهي إسعافات بدائية ،-حيث تم ربط األجهزاء المصابة لمنع ازدياد تدفق الدم قدر اإلمكان.وأخير اا أوصلوه إلى مكان سكناه يف بيت الشعر المعد له يف سحم الكفارات ،فاستقبلته زوجته وبعض أقاربه ،وزاره الشيخ طالب الشرع ،والشيخ عكاش السالم متمنين له السالمة ،فحدثهم عما حدث معه بالضبط قائالا: لقد أحسست وأنا هنا أن والدي الشيخ خالد الشرع أصابه مكروه من ِقب ِل الجنود الفرنسيين ،فقررت أن أذهب إلى هناك ألطمئن على والدي وعلى أرزاقنا ،وعلى أوالد عمي الشيخ طالب الشرع وأرزاقه ،ودخلت عليهم يف دارنا وكانت األمور مستتبة ،ووجدت والدي بخير ،والقوات الفرنسية كانت تأتيهم بين يوم وآخر 33 يسألون عن عمي قاسم ،وعن عمي طالب ،وعن أقاربي ،ويمارس كعادتهم التخريب واالبتزاز ،وقد طمأنني والدي أنه يمكنك أن تنام الليلة هنا ،وهذا ما حدث.وبعد السهرة ذهبت لغرفتي ونمت ،وكنت أشعر أن جسمي تعب ،وربما أصابتني حمى ،وقبل صالة الفجر بنحو ساعة داهمت قوة فرنسية بيتنا ،وسمعت هرج ومرج ،وفهمت أنهم يسألون والدي خالد عني وعن عمي قاسم؛ ألنهم ال يعرفون أنه تويف وعمي طالب ،وكانوا متأكدين أنني هنا بواسطة دليل لهم يف القرية، وهو من أخبرهم بذلك ،وربما شاهدين وأنا أدخل إلى دارنا.فجاءت بعض النسوة وصاحوا يف وجهي أن أهرب فالدار مطوقة.ال أعرف كيف نهضت واقفًا ومعي بارودتي ،وصعدت إلى سطح الغرفة ونزلت إلى دار (محمد أبو قويدر) الملتصقة بدارنا ،ومنها قفزت إلى الوادي والبساتين ،وكانت القوة الفرنسية تتعقبني وتطلق الرصاص ،حتى نزلت إلى عمق الوادي حيث األشجار الكثيفة والغدران.ويف منطقة الغدران وجدت شجرة يف جوف الوادي الضيق بين جبلين -لم أكن أعرف كنه هذه الشجرة -فبدأت أدس جسمي بها -وكانت أشواكها كالسكاكين -وهي ذات أشواك حادة جد اا ،حتى وصلت لوسط هذه الشجرة ،وقد سمعت الجنود الفرنسيين يتكلمون العربية وهم من المغاربة والسنغال ،يحومون حول هذه الشجرة ،ولكن تم تعميتهم عني ،لكني بدأت أعاين من جروح أحدثتها يف جسمي هذه الشجرة وأشواكها الحادة كالسكاكين ،إلى أن أفلسوا من إلقاء القبض علي ،فحاولت أن 34 أخرج من جوف هذه الشجرة فلم أتمكن ،وسلمت أمري إلى اهلل ،وبقيت على هذا الحال حتى جاء أهل القرية الذين اكتشفوا وجودي هنا وأخرجوين بطريقة أصعب مما دخلت؛ ألين يف الدخول إليها كانت كلها هواجسي أال أقع فريس اة بيد هؤالء. وقد علمت من أهالي القرية المنقذين أن -فالنًا -قد وشى بي ،وكان عينًا للقوات الفرنسية علينا نحن ثوار آل الشرع ،وحينما يتاح له ذلك يخبر السلطات الفرنسية ويقبض ثمن خيانته.وأقسمت أنا وعمي قاسم أن ننتقم منه يف أقرب فرصة ونعزره أمام أهل القرية( ،إال الخيانة)! لكن األجل كان قد أنهى حياة عمه قاسم عبد الرحمن الشراع :حيث قام بنصب كمين يف مكان بعيد يف منطقة (الحالبات) القريبة من قرية خسفين -شمالها،- ويومها قد هده التعب.إذ انطلق مع مجموعة معه بعد أن استطلع تواجد قوة فرنسية ترابط هناك لترصد الثوار ،والمسافة تزيد على أكثر من /40/كم بين سحم الكفارات ومنطقة الحالبات يف الجوالن ،وقد أعياهم المسير ،ونفذوا ما قاموا به ورجعوا.حيث كانت األيام شتوية والمنطقة باردة جد اا ،وهي على مبعدة من جبل الشيخ المثلج ،وعند عودتهم أغرتهم مياه نهر اليرموك ،فاغتسلوا يف الماء البارد ولبسوا ثيابهم المبللة بالعرق ،فكانت إلى جانب التعب مرهقة ،وعلى ما يبدو أصيبوا بنزالت برد قوية ،فكان الموت قريب إلى قاسم الشرع.وبهذا فقد ثوار الزوية أبرز رجاالتهم من المقاتلين األشداء -وكان الشيخ طالب الشرع وهو ابن 35 عمه يعتمد عليه كثير اا -وراح اسمه يذاع وينتشر بين العشائر العربية وبين الثوار، لكن األجل والمكتوب ما عنه مهروب -رحم اهلل هذا المجاهد ابو عارف ورحم اهلل جميع الشهداء ،-وقد نعاه جميع ثوار السوريين ،وتقبل التعازي به الشيخ طالب والشيخ عكاش ،وابن أخيه محمد الخالد الشرع وأبناء عمومته ،وجميع ثوار الزوية. على أن القدر لم يمهل محمد الشرع بعد حادثة شجرة السدر طويالا ،إال أنه نفذ وصية عمه قاسم :إذ داهم يف يوم عند الظهيرة بيت العميل الذي كان يتجسس على آل الشرع ،فانتزعه من بيته وأخذه إلى مستنقع بقايا األمطار التي تزخر به هذه المنطقة ،فبهدله واجتمع أناس من نساء ورجال ،وصاح بأعلى صوته :هذا الخائن جاسوس لعدونا الفرنسي.وبعد دعكة ،مرغه يف الوحل والطين يف هذا المستنقع، وقال :هذه وصية عمي أبو عارف ،وقد نفذتها ،وليعلم كل من تسول له نفسه أن يكون عميالا وعينًا للمحتل ،عليه أن يتلقى هذا اإلنذار ،أما التالي فسيكون أشد وأدهى وتطير الرقاب. وبعدها بفترة تويف المجاهد محمد خالد الشرع ولحق بعمه أبو عارف ،وكذلك تويف عفاش السالم ،وكان هؤالء الثالثة ومعهم الكثير من أقاربهم وبعض الرجال من العشائر العربية يف األردن ،كانوا القوة التي يحسب لها حساب. -يف األردن :بدأ الجيش البريطاين يضيق ذرعًا بالثوار السوريين ،حيث خاطبت القوات الفرنسية يف سوريا الجيش البريطاين بضرورة تسليم هؤالء الثوار إلعادة 36 محاكمته