تاريخ اليهود 1 PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
يقدم هذا المستند معلومات حول تاريخ اليهود و نشأتهم في الشرق الأدنى القديم. يناقش الوثائق التاريخية مثل العهد القديم و الآثار المصرية. يُعتبر تاريخ اليهود من العصور القديمة موضوعًا مثيرًا للجدل والنقاش بين العلماء.
Full Transcript
**العبريون** تعود نشأة العبريين في تاريخ الشرق الأدنى القديم إلى الهجرات العربية من شبه الجزيرة العربية إلى المنطقة السورية وبخاصة إلى فلسطين الواقعة إلى الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية. **التسمية:** عبري ، إسرائيلي ، يهودي **أ-عبري:** وأحيانا تذكر \"عبراني\" ، وقد ورد الاسم في سفر التكوين 1...
**العبريون** تعود نشأة العبريين في تاريخ الشرق الأدنى القديم إلى الهجرات العربية من شبه الجزيرة العربية إلى المنطقة السورية وبخاصة إلى فلسطين الواقعة إلى الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية. **التسمية:** عبري ، إسرائيلي ، يهودي **أ-عبري:** وأحيانا تذكر \"عبراني\" ، وقد ورد الاسم في سفر التكوين 13:14 حيث أطلق على النبي إبراهيم عليه السلام اسم \"ابرام العبراني\" ، والكلمة هنا تعني العبور أو الانتقال من مكان إلى آخر ويحمل اللفظ \"عبري\" ، مدلولات أخرى منها أنه يدل على غربة الشعب المسمى بهذا الاسم ففي سفر التكوين 14:39 ، 18 وكذلك 12:41 وفى سفر الخروج 19:1 وفى صموئيل الأول 6:4 ورد الاسم بما يدل على أن صاحبه غريب أجنبي ويجب أن لاحظ أن القرآن الكريم لم يستخدم إطلاقا اللفظ \"عبري\" أو \"عبراني\" وهذا لأن هذا اللفظ يحتوى على دلالات قومية وعرفية ليست أصلية في الدين. **ب-إسرائيلي:-** وهى التسمية التي يفضلها اليهود ويفتخرون بها وقد وردت أولاً في سفر التكوين 22:32 -31 وفى رؤيا يعقوب عليه السلام والتي تغير فيها اسم يعقوب إلى إسرائيل لأنه جاهد مع الله فكلمة إسرائيل إذن تعنى \"المجاهد مع الله\" ، وهذا الاسم خصص لنسل يعقوب عليه السلام ويستبعد العرب وغيرهم وهو ينطبق على كل نسل أسباط بني إسرائيل الإثنى عشر. وبعد قيام دولة إسرائيل عاد استخدام الاسم \"إسرائيل\" ليطلق على اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين وأسسوا دولة إسرائيل ولا يطلق هذا الاسم على كل اليهود **ج-يهودي:** وهو مصطلح يستخدم للدلالة على من يؤمن بالديانة اليهودية ولهاذ المصطلح أيضا تاريخ ، فاصله يهوذا نسبة إلى يهوذا أحد أبناء يعقوب عليه السلام والذي يعود إلى سبط يهوذا ، فاليهودي هو أحد أفراد سبط يهوذا وورد هذا الاسم لأول مرة في سفر الملوك الثاني 6:16 واستخدمه النبي ارميا في سفره وأيضا هذا الاسم ليدل على اليهود الذين كانوا في السبي ويعتقد أنه مع السبي انتهى استخدام الاسم \"عبري\" تماما وساد استخدام الاسم \"يهود\" كاسم جنس يطلق على كل الشعب. **مصادر التاريخ اليهودي** في معظم الكتابات اليهودية أو الصهيونية التي تعالج القضايا المتعلقة بالجماعات اليهودية في العالم يلاحظ الدارس أنه لا توجد أية تفرقة بين تواريخ الجماعات اليهودية من جهة وتاريخ اليهودية من جهة أخرى ولذا ، يجب أن نستعرض المصادر التي وصلنا منها هذا التاريخ ونعنى بها المصدر الديني اليهودي وتواريخ الشعوب الأخرى المتداخلة في الحدث التاريخي اليهودي وأهم هذه المصادر: - **1-العهد القديم:** ينقسم العهد القديم إلى ثلاث أقسام رئيسية (التوراة -- الأنبياء -- المكتوبات). فالتوراة والأنبياء يحكيان قصة حياة العبرانيين/بنى إسرائيل منذ البداية وحتى عودتهم من السبي البابلي في القرنين الخامس والرابع ق.م. ولكى يتم ظهور الشخصية العبرية/الإسرائيلية خلال هذه الملحمة على مسرح التاريخ الإنساني. فنجد التوراة تبد بالحديث عن خلق العالم بحيث يتم اختيار شعب الله المختار من بين الأمم الأخرى. وتنقسم التوراة إلى خمسة أقسام أسفار أي كتب وهى تنسب إلى موسى وتغطى الفترة التاريخية منذ بدء الخليقة وحتى وفاة موسى وهذه الأسفار وترتيبها على النحو التالي: **سفر التكوين:** ويقع في خمسين إصحاحا (فصل) ، ويعنى بقصة خلق العالم وآدم ونوح والطوفان وأبناء نوح بعد الطوفان. **سفر الخروج:** ويقع في أربعين إصحاحا و يحكى الخروج من مصر. **سفر اللاويين:** يقع في سبعة وعشرون إصحاحا وفيه يتوقف سرد التاريخ حيث يعرض علينا التعاليم الخاصة بالحياة الدينية **سفر العدد:** يقع في ستة وثلاثون إصحاحا وسمى بهذا الاسم لتكرار التعداد خلال نصوصه. **سفر التثنية:** يقع في ستة وأربعون إصحاحا ويحتوى على إعادة الشريعة وتكرارها على بني إسرائيل مرة ثانية. **الأنبياء وينقسم إلى قسمين:** **أ-[الأنبياء الأول]:** ويقع في أربعة أسفار: 1. **يشوع:** ويقع في أربعة وعشرون إصحاحا تروى قصة دخول الإسرائيليين إلى فلسطين تحت قيادة يشوع بن نون الذي خلف موسى. 2. **القضاة** ويقع في أحدى وعشرون إصحاحا ، يرى خلالها قصة الزعماء العسكريين والدينيين 3. **صموئيل:** وينقسم إلى قسمين: يروى الأول انتقال صموئيل من صفة القاضي إلى صفة النبى 4. **الملوك:** وهو أيضا في جزئيين ، الملوك الأول والملوك الثاني **ب-[الأنبياء الآخر]:** وينقسم إلى أربعة أقسام وهى أشعيا وأرميا وحزقيال والأنثى عشر (الأنبياء الصغار) ، وهذا الجزء يحتوى على تراث القادة الروحيين الذين حاولوا الوصول ببنى إسرائيل/اليهود إلى بر الأمان والسلام في ظل ظروف سياسية وعسكرية سيئة. **المتكوبات:** ويطلق عليه أيضا كتب الحكمة أو أسفار الحكمة وهى مجموعة من الأسفار يغلب عليها الطابع الأدبي وبعضها يتضمن تراث القصص اليهودية عبر الأجيال. كما أن بعضها يتصل بالكيان السياسي والاجتماعي ولا ديني وهى مرتبة على النحو التالي: مزامير داود -- الأمثال -- أيوب -- نشيد الأناشيد -- روث -- المراثي -- الجامعة -- استير -- دانيال -- عزرا -- نحميا -- أخبار الأيام. وإلى جانب التنقيب على الجانب التاريخي في التوراة جاء عصر الاكتشافات الأثرية الكبرى في آشور وبابل وفى سورية ليضع بين أيدي الباحثين معلومات تاريخية وأثرية لا تقل قيمة عن هذا المصدر التوراتي. مختارا بمعنى أنهم انتقوا من الأحداث التاريخية والمداخلات الأسطورية والذاتية ما يتفق مع توجههم العام في هذا التدوين. **2-آثار مصر الفرعونية:** يمكن الاستعانة على صعيد البحث في مصداقية التاريخ اليهودي ببعض الآثار الفرعونية التي تتفق في بعض نواحيها مع النصوص التوراتية أو على الأقل في جزء منها وإن كان هذا لا يعنى أنها وثائق مدعمة للحقيقة التاريخية ، بل ربما كانت من قبيل التأثير الفرعوني القديم في حضارات الشعوب والجماعات المحيطة والمعاصرة. **أ-نص من عصر الفرعون سنوسرت الثالث ، 1880 ق.م.** يتحدث كاتبه عن حملة الفرعون المتجهة جنوباً نحو بلاد النوبة ثم انقلابه شمالا لتأديب الآسيويين **ب-لوح مرنبتاح الحجري** اكتشف عام 1886 ويعود تاريخه إلى عام 1220 ق.م. وفيه جاء ذكر اسم إسرائيل ولأول مرة يذكر هذا الاسم خارج نصوص التوراة ويقول \"ل. طومسون\" ، أن اسم إسرائيل الوارد في هذا اللوح يرجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد حيث كانت اسما لشعب كنعان (فلسطين) ، **ج-مسار حملة تحتمس الثالث:** وعلاقتها بما جاء في سفر يشوع وانتصار باراق وديبورة في سفر القضاة. لقد أدرك تحتمس الثالث مهندجس الإمبراطورية المصرية أنه لكي يصنع من مصر عنصراً سياسيا يحتل موقع الصدارة الفعلية أن يضم أرض فلسطين وسوريا وقد حقق هدفه هذا من خلال عمل عسكري مخطط **د-اخناتون وخطابات تل العمارنة:** ترجع الأهمية الحقيقية لوثائق تل العمارنة فيما يتعلق بتاريخ فلسطين وكذلك تاريخ بنى إسرائيل فهى تسلط الأضواء على أوضاع العواصم الكنعانية المتفرقة وعلى العلاقات فيما بينهم والتي كانت تتغير بين الحين والآخر. **ه-وثائق الملك سيتي الأول:** تشير الاكتشافات الأثرية التي ظهرت في فلسطين (شواهد قبور بيت شان وتل الشهاب في حوران وصور) ، الى حملات الفرعون سيتي الأول إلى كنعان ، بالإضافة إلى القوائم الجغرافية الخاصة بالمدن التي غزاها في كنعان ، والنقوش والكتابات التي زين بها معبد أمون في الكرنك. ويمكن أن نستخلص من قوائم سيتي الجغرافية أن هدفه الأساسي كان استعادة السيطرة المصرية **ز-وثائق الملك رمسيس الثاني:** وصل الصراع المصري الحيثي من أجل السيطرة على منطقة على النهر إلى ذروته في عهد وريث سيتي الأول الفرعون رمسيس الثاني خلال معركة قادش والتي تفاخر فيها رمسيس بهذه المعركة بوصفها أكبر انتصاراته ومن المعروف أن المصريين والحيثيين عقدوا بعد هذه المعركة معاهدة سلام ولا توجد في الميثاق التفصيلي المنسوخ لدى الطرفين تفصيلات بشأن الخطوط الحدودية المتفق عليها بينهما. **3 -آثار وادي الرافدين:** 1. 2. 3. 4. 5. 6. 7. 8. **4-الآثار الكنعانية:** وسيأتي ذكر كل منها في حينه لدى تقاطعها مع الحدث التاريخي. وهكذا ، فإننا نجد أنفسنا في النهاية أمام عدة تسميات العبرانيين والإسرائيليين ، واليهود وكل منها له دلالته الخاصة التي تختلف اختلافا عن الأخرى وإذا كانت التوراة قد خلطت بينها. وهكذا يمكننا القول بأن ما يسمى بالجنس العبري أو الإسرائيلي أو اليهودي هو جنس يحيط به الغموض ولم يعرف بعدها التاريخي. ولقد اعتمد المؤرخون هو جنس يحيط به. وقد وحد كاتبوا التوراة بنيها من الناحية العقائدية وهذه المراحل هي: 1- مرحلة الآباء ، أو عصر الآباء: وهو العصر الذي يمكن أن نصطلح مؤقتا على تسميته بعصر \"العبريين\" أو ما قبل الإسرائيليين 2 - مرحلة بني إسرائيل ، أو عصر بني إسرائيل ، أو عصر موسى: وهو يبدأ بالخروج من مصر ويمتد حتى نهاية المملكة الجنوبية (مملكة يهوذا) ، على يد نبوخذ نصر عام 587 ق.م. وهو عصر مستقل بذاته كما سنرى لاحقا. 3 -عصر ما بعد السبي ، أو العصر اليهودي: حيث عادت إلى فلسطين أقوام تختلف كلية عن \"الآباء\" وعن قوم موسى وأتوا باليهودية كدين دون أن يكونوا من جنس واحد أو على أكثر تقدير يمكن القول أنهم أقوام مختلطة ، ربما كان من تبقي من بني إسرائيل جزءا منهم. **اليهود في مصر** **دخول الإسرائيليين مصر:** ترجع علاقة اليهود بمصر إلى دخول سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام أرض الكنانة ، كرقيق اشتراه أحد كبار الموظفين المصريين وقد جاء ذلك في التوراة في سفر التكوين 37(1-11) وأيضا في القرآن الكريم ، ويعيش يوسف في مصر وتمر به الأحداث فقد دخل اليهود مصر واستقروا في أرض جوش وإن كان بعض الباحثين يتشكك في ذلك كله وينفى دخول العبرانيين مصر من أساس معتمدين في ذلك على عدة أسباب منها أنه لا توجد وثائق غير إسرائيلية تؤكد صحة التقاليد العبرية الخاصة بإقامة الإسرائيليين في مصر وخروجهم منها وإن كان بعض المفسرين قد بحثوا إعطاء النصوص والتفسيرات المطلوبة. وأيضا فإن النقوش المصرية المختلفة تسجل دخول الآسيويين مصر ولكن ليس أي منها يشير إلى دخول بني إسرائيل أرض الفراعنة وعلى الرغم من أن مصر لم تقدم دليلا مباشراً على إقامة العبرانيين فيها ، ولكنها قدمت ما يجعل الإقامة والخروج منها أمراً مقبولا فهناك صلات عديدة بين الحياة في مصر كما نعرفها من الآثار وتفاصيل الرواية الإسرائيلية عن هذه النقطة أيضا هناك بعض أسماء الأعلام الإسرائيلية من أصل مصر ، فمثلا \"فينحاس\" ، ومعناه (زنجي) وكذلك موسى وهو اسم مصري ، كذلك هناك فقرات كاملة من أدب الحكمة في مصر ، ثم يتحدث كتاب الله الكريم بعد ذلك عن حياة بني إسرائيل في مصر وعن نماذج العذاب الذي أنزله فرعون مصر وجنده ببني إسرائيل حيث يقول الله تعالي {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} (سورة البقرة ، آية 49). وعلى هذا يختلف العلماء في وقت دخول الإسرائيليين مصر ولعل السبب في ذلك أن التوراة وكذلك الكتب المقدسة -- لم تحدد وقت دخول بني إسرائيل أرض الكنانة ، بل إنها حتى لم تذكر اسم الملك الذي عاصر يوسف الصديق -- هذا فضلا عن أن مصر هي البلد الذي كان يأمل العلماء أن يجدوا فيه وثائق معاصرة للأحداث التي جاءت في التوراة **حياة الإسرائيليين في مصر:** جاء الإسرائيليون إلى مصر -- لا كغزاة فاتحين وإنما كلاجئين من جدب كنعان فوجدوا في مصر وفى ظل أخيهم يوسف ضيافة كريمة واختار لهم يوسف -- أرض جوشن في وادي طميلات لأنهم رعاة ماشية وهذه أرض مراع ولأنها تبعدهم عن مخالطة اهل البلاد والاندماج معهم وكان المصريون دائما ينظرون إلى عداهم من الناس نظرة تعال ويحتقرون الأجانب. وأيا ما كان الأمر ، فقد عاش بنو إسرائيل في ظل الهكسوس الغزاة الأجانب حتى جاءت ثورة التحرير وحرر أبناء الصعيد من طيبة مصر من هؤلاء الغاصبون على يد أحمس الأول وهكذا عاش اليهود في مصر فترة رخاء في بادئ الأمر واعتنقوا ديانة المصريين ثم مضت فترة لا ندري مداها ثم بعد ذلك بدء اضطهاد المصريين للإسرائيليين. وتشير التوراة إلى أن سبب الاضطهاد أن بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم ولهذا قرر فرعون مصر أن يقضى عليهم حتى لا ينمو وأنه إذا حدثت حرب لا ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصمدون من الأرض. وربما أن الفرعون الذى تشير إليه التوراة وأنه قام باضطهاد اليهود ربما كان \"رعمسيس الثاني\" أو سيتي الأول\". ولا شك في أن النص التوراتي قد أوغل في المبالغة عندما ذكر أن اليهود أصبحوا شعباً أعظم وأكثر من المصريين لأن هذا المنطق غير مقبول هذا فضلا عن أن الشعب المصري لم يكن ينظر بارتياح إلى اليهود منذ أول يوم عرفهم فيه ثم تحول هذا الشعور إلى كره واحتقار وعندما رحل الهكسوس من أرض مصر بقى هؤلاء الأذناب ليلعبوا دور الذئاب. وقد استخدم الفرعون بنو إسرائيل في بناء المدن والمحاريب والتماثيل وجمع قوالب من اللبن لاستخدامها في بناء المدن خاصة مدينة \"بر عمسيس\" ولكن حتى هذه المرحلة لم يكن هناك تعذيب للإسرائيليين ولكن بعد ذلك بدء العذاب المهين لهم **الخروج والتيه:** في تلك الفترة كانت شخصية سيدنا موسى عليه السلام هي أكبر وأعظم الشخصيات في التاريخ اليهودي وهو أول من جعل لهم كيان سياسي ، كما أنه هو الذي منحهم الشريعة التي منحتهم بدورها الاسم والبقاء وكان لهذه الشخصية الفذة أثرها البالغ في شغل الباحثين في التاريخ وإن كان أول ما اصطدم به البحث العلمي في دراسته للرواية التوراتية أيضا اسم موسى هو اسم مصري وليس يهودي ، بل أن هناك من يرى أن موسى نفسه كان مصريا وأن اسمه باللغة العبرية على صيغة اسم فاعل من الفعل \"ماشا\" بمعنى انتشل والصيغة كما وردت في سفر الخروج تعنى \"المنتشل من الماء\" وهذا الاسم مصري على أية حال ، فإن قصة خروج بني إسرائيل من مصر أثارت جدلا عنيفا بين العلماء المحدثين وطرحت تساؤلات محيرة حول القصة حيث يكاد يجمع العلماء على أن الخيال لعب دورا بارزا فيها خاصة وأن الكشوف الأثرية في مصر لم تثبت حتى الآن أن هناك أي فرعون قد غرق في مياه البحر في تعقبه لأى قوم من الغزاة. **خروج اليهود من مصر** يختلف العلماء في الأسباب التي دعت اليهود إلى الخروج من مصر أو طردهم منها ولعل السبب في ذلك هو تناقض نصوص التوراة ، فهي تصوره وكأنه إضراب عن العمل ومن ثم ، فإنها تتحدث في سفر الخروج عن تكاسل هؤلاء العمال عن القيام بما كان قد ألقى على عاتقهم من أعمال. وإن كان هناك من يتجه اتجاها مضاداً ويرى أن الخروج كان بناء على رغبة المصريين وذلك لأن الطاعون قد انتشر بين اليهود مما اضطر المصريين إلى أن يتركونهم يخرجون حتى لا ينتشر الوباء بين المصريين أنفسهم ولعل هذا الرأي يتفق وما رواه \"يوسف بن متى\" نقلا عن مانيتون من أن سبب خروج بني إسرائيل من مصر إنما كان رغبة من المصريين في أن يتقوا وباء تفشى بين اليهود المستعبدين وأن موسى نفسه كان كاهنا مصريا خرج للتبشير بين اليهود المجذومين والتوراة تزخر بالنصوص التي تدل على أن دعوة موسى كانت تهدف إلى إطلاق سراح بني إسرائيل لحديث نقرأ في سفر الخروج 3 : 7-11 ، 5 : 1-4 ، 3 : 10-13 وتشير النصوص في التوراة إلى أن الخروج من مصر قد تم يأمر من فرعون وموافقته وتقرر بصراحة أن اليهود أكرهوا على أن يخرجوا من مصر ولم يكن كل اليهود راضين عن الخروج من مصر إذ وافق فريق وأنكر فريق آخر. **تاريخ الخروج:-** اختلف المؤرخون القدامى منهم والمحدثون في تاريخ الخروج وبالتالي في الاستقرار الذى تلاه في كنعان ومن ثم فقد قدموا لنا نظريات مختلفة حيث يرى البعض أن طرد الهكسوس من مصر هو تاريخ خروج اليهود بينما يرى آخرون أنه كان بعض عصر رمسيس الثالث والفرق بينهما كبير يصل قرابة أربع قرون. ولعل صعوبة الوصول إلى رأى محدد بشأن تاريخ الخروج إنما يرجع إلى أسباب ثلاث 1. أن الآثار المصرية وكذا الفلسطينية لم تقدم لنا تاريخا محددا عن هذا الحدث 2. يرجع إلى الاضطراب الواضح بين نصوص التوراة ، حتى استطاع العلماء أن يستخرجوا منها تاريخين للخروج في وقتين مختلفين يكاد الواحد منهما أن يبعد عن الآخر بأكثر من قرنين من الزمان. 3. فيرجع إلى أن القرآن الكريم وكذا التوراة لم يذكر أي منها اسم الفرعون الذى عاصر موسى عليه السلام و هناك بعض الآراء حول من هو كان فرعون مصر وهى :- **[(1) الرأي الأول -- الخروج في عهد أحمس الأول]** يزعم المؤرخ اليهودي \"يوسف بن متي\" أن مانيتون المؤرخ المصري إنما يرجع بالهكسوس إلى أصول يهودية وانطلاقا من هذا فإن الخروج في نظر المؤرخ اليهودي -- ليس إلا طرد الهكسوس من مصر ، بقيادة أحمس الأول ، حوالي عام 1575 ق.م. ثمن يقترح \"هول\" ، بعد ذلك أن تكون لحظة الخروج من مصر هي لحظة بداية الأسرة الثامنة عشرة وأن يوسف اليهودي كان على حق في رأيه وأن التقرير التوراتي عن الخروج ما هو إلا ترجمة عبرية لطرد الهكسوس وأن الملك أحمس الأول إنما هو الفرعون. غير أن كثير من المؤرخين إنما ينكرون الصلة بين اليهود والهكسوس ، فالمؤرخ الإنجليزي \"سير ألن جاردنر\" ، يرى أنه ليست هناك صلة بين الاثنين بدليل أن الهكسوس لم يتركوا أي أثر من قصص العبرانيين ، كما ذكر في التوراة أن الإسرائيليين أو اليهود أقاموا بمصر 430 سنة بينما يتفق العلماء على أن مدة إقامة الهكسوس في مصر لا تتجاوز القرن ونصف القرن من الزمان. ويجمع العلماء على أن الهكسوس ليسوا شعبا معينا وإنما خليط من شعوب متعددة اختلطت بعضها بالبعض الأخر. بالإضافة إلى من يرى في طرد الهكسوس قصة خروج الإسرائيليين من مصر -- إنما يتعارض تماما مع نصوص التوراة التي لم تحدثنا أبدا أن اليهود قد دخلوا أرض مصر غزاة فاتحين على العكس وعلى هذا ، فإن هذا الرأي مستبعد تماما ولا يمكن أن نرى أن خروج بني إسرائيل من مصر قد تم أثناء تحرير أرض مصر من دنس الهكسوس. **[(2) الرأي الثاني -- الخروج في عهد تحتمس الثالث]** هناك رأي ثان يذهب إلى أن الخروج إنما تم في عهد تحتمس الثالث أو في عهد ولده أمنحتب الثاني ويعتمد أصحابه على نص التوراة في سفر الملوك الأول وإذا قبلنا هذا الرأي فإن تحتمس الثالث يكون فرعون الخروج والصورة التي تقدم له كفرعون للخروج مقبولة تماما ذلك لأننا نعرف أنه كان بناء عظيم وأنه استخدم الأسرى الآسيويين في مشروعات البناء ورغم جاذبية هذه النظرية إلا أن هناك عقبات تقف في طريق قبولنا إياها والتي منها: **أولاً:** أن توحيد عابيرو رسائل العمارنة بعبراني التوراة أمر بعيد الاحتمال. **ثانياً:** أن رسائل العمارنة تفيد أن مدينة أورشليم كانت عرضة لهجوم كبير **ثالثا:** أن التفاصيل الموجودة في التوراة كما يقدمها سفر يشوع والقضاة عن الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين ، لا يتفق بصفة عامة مع المعلومات الواردة في رسائل العمارنة **رابعاً:** أن الخروج طبقا لهذه النظرية قد تم في عام 1447 ق.م. وإذا سمحنا بفترة 430 سنة للإقامة في مصر طبقا لرواية التوراة فإننا سوف نصل إلى حوالي 1877 ق.م. وهذا يصل بنا إلى قرابة قرن ونصف القرن قبل دخول الهكسوس وأنه لأمر غير معقول أن يدخل اليهود مصر قبل عصر الهكسوس **خامساً:** أن نص سفر الملوك الأول يناقضه نص توراتي آخر يجعل من رمسيس الثاني فرعونا للتسخير وذلك لأن اليهود إنما سخروا في بناء مدينة رمسيس. **سادسا:** أن تحتمس الثالث كان بناءاً عظيما طبقا لأصحاب هذه النظرية ولكن مشاريع هذا الفرعون العظيمة كانت في الصعيد وخاصة في طيبة **سابعا:** أن الفترة ما بين عام 1500 ، 1200 ق.م. كانت فترة تقدم في الفن الكنعاني وكان العصر الذهبي لصناعة الفخار. ثم ألبس من الغريب أن يتطابق ازدهار الفن مع غزو البلاد بواسطة هؤلاء البدو الذين كانوا أقل مدنية من السكان الأصليين **[(3) الرأي الثالث -- الخروج بين وفاة أخناتون وتولية حور محب العرش]** هناك رأى يرى أن خروج بني إسرائيل من مصر إنما تم على أثر موت أخناتون وربما كان ذلك نتيجة لآراء العالم اليهودي \"سيجموند فرويد\" حيث قام بعقد مقارنة بين دين موسى والديانة المصرية ورأى أنهما على طرفي نقيض. ولكنه يرى أن أخناتون ودعوته للتوحيد تتشابه جدا مع الديانة اليهودية ويرى أن اليهودية والأتونية تتوافق تماما في هذه النقطة ، كما أنه يرى أن موسى كان مصريا وليس عبرانيا وأنه كان طموحا عالي الهمة وربما راودته فكرة أن يصبح في يوم ما زعيم شعبه ورئيس الإمبراطورية المصرية. وإذا سلمنا بنظرية خروج بني إسرائيل من مصر بعد وفاة أخناتون فإن معنى هذا أن يكون ذلك على أيام سيتي الأول ويكون الخروج عام 1342 ق.م. ودخول فلسطين عام 1302 ق.م. على أساس أن فترة التيه كانت أربعين عاما فهل استطاع الإسرائيليون دخول فلسطين في عهد سيتي الأول وهل استطاعوا أن ينزلوا بفلسطين كل هذا الدمار والخراب الذي جاء ذكره في التوراة في سفر يشوع ورمسيس الثاني حي يرزق بل وما يزال جالسا على عرش الكنانة دون أن ينجح في القضاء على هؤلاء البدو الرحل. وعلى هذا ، فإن هذه النظرية ليس لها أساس من الآثار والتاريخ تعتمد عليه. فضلا عن معارضتها لما جاء في الكتب المقدسة بشأن خروج بني إسرائيل من مصر وعلى هذا فإنه لا يمكن قبول نظرية فرويد قبولا حسنا. **[(4) الرأي الرابع -- الخروج على أيام رمسيس الثاني]** ربط المؤرخون بين الجهود التي بذلت في إنشاء مدينة \"بر -- رعمسيس\" وبني ما روته التوراة في قصة الخروج من تسخير فرعون للعبرانيين في أنشاء مدينة ضخمة في أرض جوشن بشرق الدلتا ، حيث أن رمسيس الثاني قد أعتبره الباحثين فرعون التسخير وهو أمر يتفق تماما مع نشاطه البنائي الكبير وخاصة أنه استقر في شرق الدلتا والانطباع العام الذي يعطيه لنا سفر الخروج أن الإسرائيليين إنما كانوا يقيمون في مكان ليس ببعيد عن البلاط الملكي. ويقترح \"جاك فنجان\" أن الإسرائيليين استخدموا في البداية في عهد سيتي الأول ، ولكنهم لم يحملوا أثقالهم إلا في أيام رمسيس الثاني مما دفعهم إلى محاولة الهروب وفى هذا الوقت ولد موسى ، ويجد \"وليم فوكسويل أولبرايت\" أن تاريخ الخروج هو عام 1290 ق.م. على أساس أن حكم رمسيس الثاني هو منذ عام 1201-1234 ق.م. وأن السنين الأولى كانت للبناء والعمران وأن المطابقة المدهشة بين هذا التاريخ 1290 ق.م. وبين طول مدة أقامتهم في مصر والتي يحددها سفر الخروج بــ 430 سنة تكاد تكون تامة. ولكن هذه النظرية يقف أمامها بعض العقبات التي لا يمكن أن تجعلنا نقبلها وهى أن من يقول بأن رمسيس الثاني هو فرعون التسخير والخروج يجعل ذلك يتعارض مع نصوص التوراة ، وأن الفترة الأولى من حكم رمسيس الثاني والتي انشغل فيها بالبناء لا تتناسب ودة بقاء موسى في مدين والتي قدرت بحوالي أربعين عاماً وأيضاً معنى ذلك أن موسى ولد في عهد رمسيس الثاني نفسه. **[(5) الرأي الخامس -- الخروج في عهد مرنبتاح]** يرى الباحثون أن اسم \"إسرائيل\" جاء على لوح الملك مرنبتاح والذي ذكر فيه لأول مرة في النصوص المصرية ويتفق العلماء أن الخروج كان على أيام مرنبتاح وأن الخروج كان عام 1225 ق.م. ولكن هناك ما يقف عقبة في طريق هذه النظرية. **أولاً:** أن الدكتور/ أحمد فخري طيب الله ثراه يرى أن احتساب الزمن والحفائر الأثرية في فلسطين لا تتفق مع هذا الرأي. **ثانيا:** أن ما عرف بتقرير موظفو الحدود والذي يذكر صاحبه أن سمح لقبائل البدو من \"أدوم\" بالعبور من قلعة مرنبتاح لرعى ماشيتهم بالقرب من بيثوم أمر لا يمكن أن يحدث لأن الإسرائيليين كانوا لا يزالون في مصر حتى تاريخ التقرير في السنة الثامنة من عهد مرنبتاح. **ثالثا:** وأيضا القائل بهذه النظرية تضعف القول بأن جسد الفرعون قد وجد في طيبة وبذلك لا يمكن قد غرق في البحر الأحمر طبقا للتقاليد الإسرائيلية. **الخروج :-** التف بنو إسرائيل حول موسى عليه السلام لا كنبي وإنما كقائد يرجى علي يديه الخلاص من استعباد المصريين ، وبدأ موسى مسيرة الخروج معه بطانة من كهنة مصريين وكانت البداية من مدينة بر -- رعمسيس مقر الفرعون وعاصمة مصر وتذكر التوراة أن عددهم كان 600 ألف وهذا الرقم آثار جدلا كبيرا واتخذوا طريق بحر سوف ثم نزلوا في إيثام في طريق البرية ثم كلم الرب موسى قائلا: \"كلم بني إسرائيل أن يرجعوا وينزلوا أمام فم الحيروت بين مجدل والبحر ، أمام بعل صفون ، مقابلة تنزلون عند البحر\". الخروج 13 : 20 ، 14 : 1-2. ولقد قام جدل بين العلماء حول تحديد البحر حيث يرى شراح التوراة أنه البحر الأحمر في حين يرى آخرون أنه بحيرة المنزلة وهكذا ، نرى أن انفلاق البحر كان معجزة لنبي الله موسى وأن غرق فرعون لم يكن تكريما للإسرائيليين أبدا فتلك عاقبة من أصر على الكفر ولم يؤمن بالله الواحد الأحد ، وأما حساب بني إسرائيل فهو عسير عند الله لأنه عز وجل نجاهم من فرعون ولكنهم يتيهوا في الأرض أربعين عاماً ثم يحرم عليهم الأرض المقدسة. كما أن المصريين لم يتعقبوهم بعد ذلك ورأوا أنهم لن يكون منهم خطرا على مناجمهم في سيناء.