Arabic Document on Public Policy and Media Strategies PDF
Document Details

Uploaded by UnfetteredDenouement
Minia University
Tags
Summary
This document examines the role of public policy and media strategies in shaping opinions and influencing public discourse. It explores various approaches to communication and discusses the importance of understanding the target audience. The document also analyzes the use of media in specific contexts.
Full Transcript
تمهيد: من أهم إيجابيات ثورات الربيع العربي أنها دفعت بالكثير من القراء إلى دخول عالم السياسة ،لفهم ما يحدث وما يدور حولهم ،لكن مازال هناك من يقف حائ اًر ال يعلم من أين البداية.هنا أضع بين أيديكم كتباً هامة ال غنى عنها لفهم العالم السياسي...
تمهيد: من أهم إيجابيات ثورات الربيع العربي أنها دفعت بالكثير من القراء إلى دخول عالم السياسة ،لفهم ما يحدث وما يدور حولهم ،لكن مازال هناك من يقف حائ اًر ال يعلم من أين البداية.هنا أضع بين أيديكم كتباً هامة ال غنى عنها لفهم العالم السياسي بمختلف جوانبه.. تمثل إدارة السياسات اإلعالمية تحديا جديدا أمام دول العالم فدول المستقبل لن يكون لها وجود حقيقي دون أن تكون لها سياسات إعالمية ،قرأت كثي اًر في هذا االتجاه باللغة اإلنجليزية ،أما باللغة العربية فال يوجد مؤلف محدد في هذا االتجاه ،فقط مؤلفات في اإلعالن وأسسه ،في االتصال الجماهيري ،اإلعالم ومعالجة األزمات إلى غير ذلك. الخبرات متراكمة لجهود العديد من المؤسسات في هذا المجل وكان أكثر تحديدا لمسألة إدارة السياسات اإلعالمية ،إن هذه اإلدارة هي فن من فنون الدبلوماسية شديدة التعقيد والتركيب ،إذ هي تجمع بين توازنات داخل المؤسسة قد تتطلب في وقت ما كبح جماح التوجه نحو اإلعالم بسرعة غير مطلوبة من بعض إدارات المؤسسة ،وفي وقت آخر حث وإقناع بعض اإلدارات على التوجه نحو اإلعالم وتلبية متطلباته ،كما أن هذه الدبلوماسية قد تمارس داخل الدولة وخارجها ،إذ من المطلوب تكثيف المادة اإلعالمية التي قد يجري بثها للوسائط اإلعالمية المختلفة ،أو التقليل من حجم هذه المادة ،لكن متى يتم هذا ومتى يتم ذاك ،ال شك أن ذلك يتطلب قراءة جيدة يومية من شخص ما للحياة السياسية والثقافية واألحداث الجارية ،حتى يتم يتسنى لهذا الشخص اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. ثم يلي هذا نوع المادة التي ستقدم للجمهور من خالل العديد من الوسائط اإلعالمية التي أصبحت من الكثرة بحيث قد تربك الشخص المسئول ،لكن هنا يبقى -5- الفيصل هل حدد هدفه ؟ هل حدد نوعية المادة ؟ هل حدد وسيلة االتصال المناسبة ؟ هل يستخدم كل الوسائط أم بعضها؟ المهارة التامة تكمن في استخدام كل الوسائط لكن االكتفاء بوسيط دون اآلخر قد يضعف أداء اإلدارة ،فاالتصال المباشر وهو أقدم الوسائط التي عرفها اإلنسان مازال أكثر الوسائط فاعلية وأكثرها صعوبة ،ألن فيه إما أن يفقد المتصل به إلى األبد ،أو يكسبه إلى األبد؟! هنا يبرز اإلقناع ولغة الحديث ولغة الخطاب كوسيلة من وسائل اإلعالم ،في عصر السماوات المفتوحة واإلنترنت ،قد يبدو مستغربا أن العديد من المؤسسات بل حتى الحكومات تلجأ إلى االتصال المباشر بالجماهير ،ألن العالقة المباشرة تحمل حميمية التواصل اإلنساني ،حتى الواليات المتحدة األمريكية واليابان تلجأن إلى مثل هذا النوع من الدعاية ،فالواليات المتحدة لديها برنامج الزائر ،حيث تستضيف من خالله أحد األشخاص المرشحين في بلد ما للصعود السياسي أو الثقافي أو اإلجتماعي لزيارة الواليات المتحدة لمدة شهر ،ليبهر ببلد العام سام ،تم من خالل هذا البرنامج استضافة شخصيات تبوأت مناصب عليا فيما بعد في بالدها سواء من أوروبا أو إفريقيا أو آسيا أو أمريكا الالتينية ،الملفت للنظر عند حديثي مع العديد من األشخاص سواء من مصر أو من دول أخرى ممن استفادوا من هذا البرنامج ،أن كل فرد منهم أعد ملف مسبقا عنه ،حدد من خالله ميول وأهواء هذا الشخص وما يحبه وما يكره ،بحيث تخطط الزيارة وفق هذه الدراسة التي هي في جانب منها لها بعد نفسي وآخر انثروبولوجي ،ولكي أوضح الجانب األخير ،فالبد وأن أنبه له ،فال يستحسن أن تدعو شخصا من بلد مسلم لديسكو ،في حين من المحبب أن تجعل زائر أوروبا ينبهر بالحداثة في مجال التكنولوجيا ،على حين يجب أن ترى صينياً ذا تراث عريق متحف المتروبوليتان ،في جانب آخر تقدم الواليات المتحدة نفسها على أنها أرض للتعايش الحضاري بين ثقافات متعددة ،وال مانع هنا من زيارة ناسا أو مفاعل نووي أو مشاهدة مترو لوس أنجلوس أو وادي التكنولوجيا في كاليفورنيا أو مصانع بيونج للطائرات مع العروج على البيت -6- األبيض ومكتبة الكونجرس ،المهم في نهاية األمر أن يتم غرس نوع من الحب واالنبهار ،وتركك وقد إقتنعت بعظمة أمريكا أم الدنيا المعاصرة. في عصر الرئيس جمال عبد الناصر ،كان طلبة المدارس والعامة من الشعب لديهم حالة إبهار بكاريزما الزعيم ،لذا كان يرسلون له طالبين صورة شخصية منه، سرعان ما يقوم مكتبة بإرسالها ممهورة بتوقيعة ،تخيل طفل في نجع في صعيد مصر في منطقة منسية مهملة ،تصله فجأة أمام أهل قريته رسالة من رئيس الجمهورية ،فيها صورة عليها توقيعه ،كيف سيكون رد فعلها لدى أهل القرية ،الشك أنه سيكون كبيرا ،بل ها هو تأثيرها لدى الطفل سيدافع عن عبد الناصر مدى الحياة ،لذا لم أكن مستغربا أن أرى صورة جمال عبد الناصر معلقة في بعض المحال أو المنازل ،ألن من أعدوا له صورته لدى الشعب أحسنوا وأدركوا أهمية اإلقتراب من رجل الشارع. هنا يجب أن ألفت االنتباه إلى الحضور اإلعالمي ،فهناك أشخاص ليس لديهم حضور إعالمي وآخرين تجذبهم الكاميرا ،بل وآخرين يخطفون الكامي ار الفرق بينهم شاسع ،لذا فمن المهم دراسة سيكولوجية األداء اإلعالمي. وتجنب السلبيات الخاصة بضعف شخصية أمام وسائل اإلعالم ،فعلى الرغم من جاذبية جورج االبن احتاج لمعالجات عديدة وتدريبات حتى يصبح لديه قابلية جماهيرية. إن تفهم طبيعة الجمهور المخاطب وسيلة أساسية من وسائل النجاح اإلعالمي، بل نجد كثير من الساسة لجاؤوا إلى حيل عديدة لكسب الجمهور ،فها هو نابليون عند غزوه لمصر يشهر إسالمه ويتبنى منشورات تدعو المسلمين في مصر لمساندته ضد الظلمة المماليك ،ويحضر الموالد اإلسالمية ،بل نرى الرئيس السادات يبرع في هذا حين يرتدي أحدث األزياء في القاهرة وعند سفره خارج مصر ،ويلبس الجلباب والعباءة في ميت أبو الكوم ،فاألولى لديه طبقة وجمهور معين يتناسب معه البذلة ورابطة العنق -7- المتناسقة معها وطريقة اإليليت في التعامل ،والثانية كان لدى السادات فيها جمهور آخر يخاطبه هو جمهور الفالحين والعمال وأهل المدن الصغيرة ،الذي كان يهدف إلى إقناعهم بأنه واحد منهم يأكل البط واألوز في المولد النبوي على الطبلية ،بل نشأ مثلهم، وأن لديه قيم الريف األصيلة. كان السادات رجل إعالم عشق الصحافة منذ صغره ،لذا كان من المتوقع أن تستقل شخصيته عن محمد حسنين هيكل اإلعالمي البارز الذي لعب دو اًر كبي ار في صناعة صورة وشخصية عبد الناصر أمام الرأي العام المحلي والعربي الدولي. لعل هذا هو المنشأ الحقيقي للخالف بينهما بعد العام ، 1973على الرغم من كونهما صديقين ،لكن السادات أراد أن يقدم نفسه برؤيته التي اكتسبها وبناها من عمله في اإلعالم.لكن في عصر اإلنترنت والفضائيات والصحف اإللكترونية والتلفاز والمذياع وغيرها من الوسائط اإلعالمية ،هل يصلح أن يعتمد شخص على ذاته في صناعة صورته ،أو تعتمد مؤسسة على فرد في تقديم صورتها ،أو شركة على وكالة إعالنات ذات إتجاه واحد في تقديم منتجها ،أو دولة على سياسات ثابتة في تقديم إنجازاتها، الشك أن هذا لم يعد يجدي في عصرنا ؟! لكن مثل هذا العلم ال يبنى على العشوائية بل يخضع لقواعد وخبرات متراكمة ،ال تخرج في نهاية األمر عن كونها تخضع للتخطيط Planningوتعني به توظيف اإلمكانيات البشرية والمادية المتاحة والتي يمكن أن تتاح خالل سنوات السعي من أجل تحقيق أهداف معينة مع االستخدام األمثل لهذه اإلمكانيات ،ويقوم على مجموعة عناصر :المدى الزمني ،معرفة الواقع ،تحديد األهداف والوسائل ،ويرتبط هذا المفهوم دائما بمفهوم السياسة ،وإن كانت السياسة Policyأوسع من الخطط فهي تحدد األسس العريضة التي يتم في إطارها أوجه النشاط المتصلة بالتخطيط فتنفيذ السياسات من مهام التخطيط. -8- لسنوات طويلة ظل المجتمع العربي تسيطر عليه فكرة الهيمنة األمريكية على وسائل اإلعالم وصناعته ،وغاب عنه التحوالت والتقلبات في اإلعالم األمريكي لكن هناك هيمنة الدولة األمريكية على العالم من خالل االقتصاد والقوة المسلحة واألدوات اإلعالمية التي تسيطر على عقول البشر بحيث يصبح البشر أسرى هذه األدوات ومنها األفالم السينمائية التي تبث السطوة األمريكية بطريقة ناعمة لدى المشاهد ومثلها المسلسالت األمريكية ،وهي قضية مثارة حتى في أوروبا ،وبصورة خاصة في فرنسا التي لديها تخوفات حادة من الهيمنة األمريكية ،حتى في مجال محركات البحث على شبكة اإلنترنت إذ أن سيطرة Googleعلى محركات البحث تجعل دائماً المواقع اإللكترونية األمريكية في المقدمة أمام الباحث عن أية معلومة على الشبكة الدولية للمعلومات إن هذا النوع من الهيمنة يفرض علينا ضرورة البحث عن تفعيل محركات بحث عربية. الحقيقة التي يقررها الواقع العملي أكثر تعقيداً ،ألن مراكز صنع القرار ال تمارس فعلها في المثالي المفترض ،وإنما تمارسه تحت سطوة صراعات تاريخية كبرى ومصالح يتعارض بعضها مع بعض ،والكثير منها غائر في زمانه ،أو جامح في مقاصده ،أو عنيف في ممارسته ،وفي ظل هذه األحوال فإن القرار السياسي تحكمه بالقطع عوامل غير مثالية! إن هناك شىء يتقاطع بين المثالي المفترض والواقع الذي يعبر عن المصالح أيا كانت هذه المصالح هل هي مصالح دولة أم مجتمع أم شركة أم فرد ،لذا فدور السياسات اإلعالمية عادة هو صناعة صورة مضيئة للمؤسسة أيا كانت ،وتبرير أفعالها أو إنقاذ الق اررات المتضاربة لها أو الضعيفة ،باتت السياسات اإلعالمية في طور التحول إلى علم له تشابكه مع علوم مختلفة ،فهي ليست قائمة على الخبر أو وسائط اإلعالم، بل تستخدم علوم األنثربولوجي واإلجتماع والتاريخ فضال عن التقنيات الحديثة. -9- صناعة هذه السياسات إذا ليست بالسهولة التي قد يتخيلها البعض ،فهي تحدد للمؤسسة أهدافها وطريقة الوصول لها ،وفلسفتها ،وعملية التغيير الالزمة في الوقت المناسب ،فضال عن كونها الوسيط الفعال بين المؤسسة والجمهور ،لخلق حالة من التوافق بينهما ،وتبادل التأثر لصالح الطرفين. أظهرت إحدى الدراسات أنه يربط المؤسسة بجماهيرها عالقة ذات ثالثة أبعاد مجتمعي شخصي Personalوبعد مهني Professionalوبعد بعد هي: Community.ويقصد بالبعد المهني :العالقات المهنية بين المنظمة وجماهيرها في ضوء طبيعة عمل المؤسسة سواء أكانت إنتاجية أم خدمية أم منظمة غير ربحية.فالجمهور يريد من المؤسسات أداءا مهنيا يتمشى مع احتياجاته ومصالحه. ويقصد بالعالقات الشخصية :العالقات التي تبنيها المؤسسة مع جمهورها على أساس شخصي ،وليس باعتبارهم أفرادا مجهولين أو مجموعا من القطيع ،أي أنه عليها أن تسعى لكسب احترامهم وثقتهم كأفراد.ويقصد بالبعد المجتمعي :إلتزام المؤسسة في عالقاتها بجماهيرها بإحتياجات وإهتمامات وقيم وأخالقيات المجتمع الذي تعيش فيه. إن أنجح السياسات هي التي تقوم على إقامة عالقة متوازنة بين الجمهور والمؤسسة ، Two – Way Symmetricalإذ يجب أال يتوقف دور المؤسسة على جعل الجماهير تتكيف معها ،ولكن يجب أن تتكيف المؤسسة نفسها مع البيئة الخارجية، بما فيها ا لجماهير الفاعلة اتجاه هذه المؤسسة ،فبناء عالقة إستراتيجية بين الطرفين تعتمد على الفهم المتبادل واالتصال الفعال في إتجاهين بدال من االعتماد على إستراتيجيات اإلقناع في اتجاه واحد ،وتتوقف قدرة القائمين على إدارة هذه العالقة على عدة عوامل منها :االستقاللية في اتخاذ القرار ،والقوة واألهمية التي تتمتع بها جماهير المؤسسة ،ومناخ تغطية وسائل اإلعالم ،وكذلك القيود القانونية والتنظيمية. - 10 - إن المسئولين عن إدارة هذه العالقة عليهم تصميم رسائل تخاطب الحاجات الشخصية لألفراد ،وإحدى هذه الحاجات هي أن يشعر بأنه مهم للمؤسسة ،وعدم القيام بذلك يعرض المؤسسة للعزلة من قبل هذه الجماهير. منذ منتصف القرن العشرين عرف العالم ثورة اإلعالم واالتصال ،التي أصبحت تنعت اليوم بالقنبلة المعلوماتية ،لقد تحول إنسان السنوات األخيرة إلى كائن اتصالي من دون أن يكون بالضرورة كائنا تواصلياً ،فإذا كانت الصحف كمنتج إعالمي ليست ملكا مشاعا بحكم استم اررية األمية إلى اآلن ،وإذا كان اإلنترنت مخترعا ال ينعم به إال األجيال الجديدة ،فإن الراديو قد أمسى ملكا مشاعا يتسلل إلى كل بيت بالمدينة كما بالقرية وفي السيارات على الطرق السريعة بين المدن ،وفي الطرق الداخلية للمدن ،كما أمسى التليفزيون ضيفا تحول إلى المقيم الدائم حتى في مناطق بعيدة ،ال يمكن إغفال دور الهاتف في تسهيل عملية نقل األخبار واالتصال االجتماعي ،كما ال يمكن إغفال ما حققته السينما من وظائف ثقافية ،جمالية وترفيهية متنوعة. هذا النمو الكاسح لوسائل االتصال ومولدها من رحم بعضها البعض يشكل توجيه هذه الوسائل نحو هدف معين أمر بالغ األهمية ،بالنسبة ألي دولة أو مؤسسة أو شركة أو فرد ،من هنا تكمن أهمية تحديد ماهية وأدوات السياسات اإلعالمية. مفهوم السياسة: تعتبر السياسة من أهم الحقول التي تُعنى بتنظيم العالقات بشكل رئيسي بين الدول في العالم ،ونظ اًر ألهميتة هذا الحقل في كونه أساساً الستقرار العالم سنقوم بالحديث عنه بشكل مفصل. إن مصطلح السياسة لغوياً مأخوذ من الفعل المضارع يسوس أي مفهوم السياسة ّ يعالج األمور ،أو من الفعل الماضي ساس أي سير ،ونظم ،ورتب شؤون ٍ أمر ما، أما اصطالحاً فتُعرف بمفهومها العام على ّأنها مجموعة اإلجراءات والطرق واألساليب الخاصة باتخاذ الق اررات من أجل تنظيم الحياة في شتّى المجتمعات البشرية، - 11 - التوجهات اإلنسانية الدينية ،واالقتصادية، ّ بحيث تدرس آليات خلق التوافق بين كاّفة واالجتماعية ،وغيرها ،وتضم أيضاً آليات توزيع الموارد ،والقوى ،والنفوذ الخاصة بمجتمع أو دولة ما ،وتختلف األنظمة السياسية بين دولة وأخرى حسب دستورها ونظامها الداخلي وطبيعة الحكم فيها ،ومدى تطبيق مبادىء الديمقراطية فيها. وظيفة السياسة يرى المختصون في علم السياسة ّأنها تمثل بشكل رئيسي عملية ص نع الق اررات التي تأخذ بعين االعتبار القيم الجوهرية المادية والمعنوية ،وذلك بحسب ظم بشكل أيديولوجيات معينة على كافة المستويات المحلية واإلقليمية والدولية ،وتن ّ أساسي العالقة بين كل من الحاكم والمحكوم ،أي بين السلطة المسؤولة والشعب ،وكذلك بين الحاكم والدولة وبين الدول األخرى المجاورة وغير المجاورة من منطلق ّ أن الدولة ال يتجز من البيئة المحيطة لها. تعيش بمعزل عن اآلخرين ،و ّأنها جزء ال ّأ أنواع السياسة تختلف أنواع السياسات من دولة إلى أخرى ومن نظام إلى آخر كما ذكرنا مسبقاً ،فمنها سياسة االحتواء والتي تتمثل في تحقيق ما يسمى باالكتفاء عن طريق ممارسة الضغوطات االقتصادية والدبلوماسية وكذلك المخابراتية ،وكذلك سياسة التكتل والتي تتمثل في السياسة التي يسعى كل طرف من خاللها إلى االنخراط والتحالف مع طرف آخر وتشكيل حزب خاص بهم ،والعمل على كسب أكبر عدد ممكن وخاصة في المجاالت الحربية أو ّ قوة مم ّكنة وأواسع نفوذ ممكن من الحلفاء لتحقيق أكبر ّ العسكرية ،والدعم الخاص بهذا الجانب للتم ّكن من التصدي واالنتصار على أي قوة معادية لها، وهناك السياسة االقتصادية والمالية والتي تتمثل في كونها مجموعة من التحالفات حصة الدول في السوق العالمي ،وتم ّكنها منوالصفقات التي من شأنها أن تزيد من ّ وبناء على اختالف هذهً خلق ميزة تنافسية خاصة بها ،وأخي اًر السياسة األيدلوجية، األنواع في السياسات هناك اختالف في السلطات تبعاً لهذه السياسات ،فهناك السياسة العامة وأيضاً االحتكارية والتي تحتكر وسائل السيطرة كالجيش والشرطة وغيرها ،وهناك السلطات التي تتمتع بالشرعية وغيرها. - 12 - الشغل الشاغل للكثير من مفهوم السياسة في الفلسفة كانت السياسة وما زالت ُ كيفية سريان األنظمة والمبادئ تحت سلطة الدولة، المؤرخين ونظرتهم إلى ّ الفالسفة و ّ ومدى قدرة سياسة هذه الدولة على تحقيق مقومات المساواة والعدالة بين جميع أفراد فإن هذه اآلراء قد اختلفت من فيلسوف إلى آخر ومن مذهب إلى غيره، المجتمع ،وعليه ّ نتطرق هنا إلى آراء بعض الفالسفة حول نظرتهم لمفهوم السياسة. وسوف ّ أن الدولة تقوم على ثالثة أنواع منمفهوم السياسة عند مونتسكيو يرى ّ حيث يدعو ُ القضائية، ّ التنفيذية ،والسلطة ّ يعية ،والسلطة السلطة :وهي السلطة التشر ّ مونتسكيو إلى الفصل بين هذه السلطات لضمان حقوق الفرد وحرّيته. مفهوم السياسة عند فوكو قام فوكو على تأسيس مفهوم جديد للسلطة والسياسة، البنيات التي تُخضع األفراد داخل سياسة دولة فهي ليست سجينة مجموعة من األجهزة و ُ المنبثقة من سيادة هذه الدولة وسلطة القانون فيهاّ ،إنما إن السلطة ليست القوة ُ معينة ،و ّ إليها السلطة ،والتي هي عبارة عن مجموعة من القوى التي هي األشكال التي تنتهي ّ مارس فيه ،كما وهي االسم الذي ُيطلق على وضعّية تقوم بعملها في المجال الذي تُ َ معين ،تجعل السلطة ذات تأثير يمتد إلى عالقات القوة في اتيجية ُمعّقدة في مجتمع ّ استر ّ الخفية السائدة ّ نيوي يعبر عن العالقات تصور ُب ّ المجتمع ،وهذا الفكر عند فوكو ينبع من ّ في مجمتع معين ،وعن النظام الدائر ّي للسلطة. مفهوم السياسة عند ابن خلدون ّ إن السياسة عند ابن خلدون تعني تحمل الدنيوية ُخروية و ّ في مصالحهم األ ّالعامة واألفراد على مقتضى النظر الشرعيّ مسؤولية ّ ّ الش ِ ارع على اعتبارها مرتبطة الراجعة إليها ،إذ إن أحوال الدنيا وما فيها ترجع َّ عند َّ كلها ّ ّ ُخروية ،فهي في الحقيقة ِخالفة يضعها صاحب الشرع في األرض لحراسة بالمصالح األ ّ الدين وسياسة الدنيا به. مفهوم السياسة عند ماكيافيل السياسة في نظر ماكيافيل تعني مجال الصراع بين األفراد والجماعات الذي يؤدي إلى اللجوء لجميع الوسائل المشروعة ،وغير المشروعة فالحاكم أو األمير يجب أن يكون ُمستعداً لتوظيف وتشغيل جميع األساليب - 13 - والطرق لحل هذا الصراع ،وعليه أن يكون قوياً وماك اًر حسب مقتضيات الظروف ومجريات األحداث ،ويمكنه أيضاً اللجوء إلى القوانين واألخالق إذا كان ضمان السلطة يتطلب ذلك ،فهكذا تصبح جميع الوسائل ُمباحة لضمان بقاء السلطة وممارستها ،فالغاية تبرر الوسيلة في نظره. وبذلك يكون بإمكان أمير أو حزب أو أي كيان يمارس السياسة أن يصل إلى جانبا السلطة ويحافظ عليها؟ وبحسب «ميكافيللي» فإن القيم واألخالق ينبغي أن تنحى ً من أي ممارسة سياسية لصالح األهداف وعليه فالسياسة عند «ميكافيللي» ليست مهمتها تغيير الواقع ولكن التكيف معه واالستفادة منه. مفهوم السياسة عند أنجلس مفهوم السياسة عند آنجلس ينطلق من تصور أن وجودها يعني الطبقي ،و ّ أن الدولة هي بلورة ونتيجة للصراع مادي ليبين كيف ّ ّ تاريخي ّ ّ مدى محافظتها على النظام والتخفيف من حدة هذا الصراع ،كما ّأنها تظل م ِ جسدة ُ المسي ِطرة التي تملك جميع وسائل اإلنتاج ،وزوالها مقرون بزوال لمصالح الطبقة السائدة ُ المشتركة لوسائل اإلنتاج لكية ُ الم ّ اإلجتماعية و تحقيق المساواة ،والعدل ،و ُ ّ الطبقات المختلفة. -العالقة بين مفهوم الدولة المدنية والسياسة العامة: بدأ مفهوم الدولة المدنية بالظهور عندما حاول الفالسفة التنوير ،إنشاء افكار حول نشأة أخالقية في الحكم ّ اإلنسانية ،وتنطلق من قيم ّ دولة حديثة تقوم على المساواة و الحقوق عدة مصادر في علم اإلجتماع.وعندما حاول المدنية في ّ ّ الدولة ،ثم تم تشكيل مفهوم ّ طبيعة ب ّأنها يحكمها الفوضى و المدنية قاموا بتصوير حالة ال ّ ّ الدولة الفالسفة تكوين فكرة ّ المدنية ّ األقوى يطغى دائماً ،فتسيطر عليها بشكل عام مشاعر الغضب وتفقد ّ الروح التي يجب أن تتّسم بالتّسامح و التّعاون للعيش المشترك .ومن أجل تحقيق هذا ال بد أمنية سياسّية مدنية تمنع اإلعتداءات ويسود فيها األمن من خالل جهات ّ من إنشاء دولة ّ الدولة إرادة الشعب. الدينية .وتمّثل ّ ّ الفردية و ّ قانونية ال تتأثّر بالمذاهب ّ و - 14 - المدنية :فهي تعني مجموعة من األفراد يعيشون في ّ أما عن تعريف الدولة ّ افية ويخضعون جميعهم بشكل متساوى لقانون ونظام ّ معين ،وهناك جهة منطقة جغر ّ قضائية تشرف على تطبيق هذه القوانين لنشر العدل و المساواة . ّ المدنية أن ال يتم نهك حق أي من األفراد ّ الدولة األساسية لقيام ّ ّ و من الشروط بأي شكل كان و ألي هدف أو سبب كان.وهناك دائماً جهة –سلطة -عليا وهي سلطة المدنية يلجأ إليها األفراد لحل النزاعات . ّ الدولة ّ النظام المدني ، المدنية على أساس ّ ّ الدولة من خصائص الدولة المدنية :تقوم ّ المدنية ،وهذه ّ تسمى هذه القيم بالثّقافة السالم ،التّسامح ،العدل ،قبول الرأي اآلخر و ّ ّ تتأسس على مبدأ اإلتّفاق و عدم تجاوز الخطوط الحمراء وهي مذكورة في القانون الثّقافة ّ الدولة المدنية إال بالمواطنة ،وهو (القواعد المكتوبة التي تنظم الدولة المدنية) ال تستقيم ّ الفرد الذي يعيش على إقليم هذه الدولة المدنية عليه واجبات و له حقوق. الدولة غصباً من غير رضا من قبل أفراد أو اطية وهي تمنع أن تؤخذ ّ الديمقر ّ الصلح العام ،تفويض المدنية من أجل تحقيق ّ ّ الدولة اطية هي وسيلة ّ قبائل ،والديمقر ّ النقاش اطية إال عن طريق ّ السلطة و التّنافس في األفكار المختلفة ،وال تتحّقق الديمقر ّ ّ العام والتواصل بين جماعات اآلراء المختلفة . وال يمكن أن توجد بسقوط أو ضعف أحد هذه القواعد ،وهي: المساواة المستندة إلى القانون و ّ الدستور ،بهدف إقامة المواطنة لكاّفة مكوناته ،دون النظر إلى أي انتماء ديني ،أو مذهبي ،أو أبناء الشعب بمختلف ّ عرقي ،أو جنسي ،أو اللغة ،أو الجهة ،أو أي نوع من حاالت اإلعاقة. الحرية ،والتي تشمل حرّية الضمير والرأي في قضايا ومجالت متعددة ّ دينية ،أم معتقداً ،وااللتزام باحترام اآلخر وعدم سياسية ،أم فكرّية ،أم ّ ّ سواء كانت االعتداء على حرّية الرأي عند اآلخرين سواء أكانوا أفراداً أم جماعات ،أو محاولة التطاول على معتقداتهم أو المساس بها. - 15 - الحيز العام القائم على أساس الفصل بين المؤسسات الحياد ،أو حياد ّ الدينية ومؤسسات الدولة. ّ الشعب هو مصدر السلطات ،ومنشأ التشريعات من خالل المؤسسات تعبر عن رأي وإرادة مجموعة من األفراد والجماعات المرتبطين فيما بينهم التي ّ اطياً.من هنا تحددت بعقد توافقي اجتماعي ،من خالل ممثليهم المنتخبين ديمقر ّ المدنية األربعة الثابتة في دول الغرب بشكل عام ،وأوروبا بشكل ّ قواعد الدولة األوروبية ذات التشكيلة ّ خاص ،والتي واكبت صعود البرجوازّية في الدول تطور النمط اإلنتاجي الرأسمالي تطو اًر ،ومع ّ االجتماعية األكثر ّ ّ االقتصادية و ّ المدنية على ّ تطور قواعد وأسس الدولة مر التاريخّ ،أدى هذا األمر إلى ّعلى ّ مرة يخية لم تأتي ّ عملية تار ّ ّ المدنية هي ّ فتطور الدولة ّ ذات المدى التّاريخي، تطور تدريجي جاء على مر التاريخ. واحدة ،بل هو ّ ِ اللغة اإلنجليزّية ِب ُمصطلح تعرف السياسةُ العامة في مفهوم السياسة العامة ُ المحلية في الدولة إلى ّ معين تسعى الحكومة ٍ ) ،(Public policyوهي عبارةٌ عن نظا ٍم اء أكانوا أفراداً أم مؤسسات، تطبيقها ،والتحقق من الت از ِم الجميع فيه سو ً ٍ مجموعة عمل حكومي يحتوي على عرف السياسةُ العامة بأنها برنامج ٍ ّ ُ وأيضاً تُ ُ تلتزم الحكومة بتطبيقها في المجتمع، من القواعد ،والتي ُ - 16 - ومن التعريفات األخرى للسياسة العامة :هي مجموع ٌة من االتجاهات الفكرّية ٍ مجموعة تنفيذ الهدف الخاصة بها ،من خالل االعتماد على التي تسعى الحكومة إلى ِ ٍ مجموعة من الفوائد العامة ،مثل: تشمل السياس ُة العامة تقديم من الوسائل واألدوات ،وقد ُ يساهم في تقدي ِم العديد من الخدمات للمجتمع. ُ طرق نقل مناسبة مماتوفير ُ ط نشأة السياسة العامة مع ِ بداية ظهور الدول ،والنظام نشأة السياسة العامة ترتب ُ ُ الحكومية في تطبيق السياسة ،وخصوصاً ّ يعتمد على دور المؤسسات ُ الحكومي الذي العالمية الثانية ،وحصول العديد من الدول على استقاللها ،وساهم ّ بعد انتهاء الحرب الحكومية ِ تطبيق الخطط ساعدت على ٍ مجموعة من االستراتيجيات التي ِ توفير ذلك في ّ ْ ِ كزت على ِ دور الحكومة في بناء مجتم ٍع حضار ّي ُ يوفر أُسس الحياة بنجاح ،والتي ر ْ أشار إلى مفهو ِم السياسة العامة في العالم السويل هو أول من َ ُ ويعتبر ُ المناسبة لألفراد، خمسينيات القرن الماضي. الشعبية؛ إذ تسعى السياس ُة العامة ّ خصائص السياسة العامة تحقيق المصلحة ظ على حقوقهم، يتناسب مع حاجاتهم ،ويحاف ُ ُ ِ ضمان تحقيق مصالح المواطنين بما إلى تشمل كافة فئات ٍ معينة من األفراد ،بل لذلك ال تقتصر السياس ُة العامة على ٍ فئة ُ ُ المجتمع. تساهم في ٍ مجموعة من اإلجراءات المدروسة ،والتي تعتمد السياسةُ العامة على ُ ُ تنفيذ ِ كافة األهداف الخاصة بها. ِ الصناعية، ّ الطبيعية ،و ّ تستخدم السياس ُة العامة مجموع ًة من الموارد البشرّية ،و ُ ِ الوصول إلى النتائج المطلوبة بنجاح. ِ ضمان تساعد على ُ والتي وتكليف ٍ كل منها ُ الحكومية، تهتم السياس ُة العامة في الجم ِع بين كافة المؤسسات ّ ُ كل ٍ تساعد على تطبيق السياسة العامة بنجاحٌ. ُ بمجموعة من المهام والوظائف ،التي تقدم األدوات ٍ ٍ يعتمد على مجموعة من المعايير ،والتي ُ ُ هدف من أهداف السياسة العامة يقة صحيحة. المناسبة لتحقيق األهداف بطر ٍ - 17 - *سيكولوجيا تأثير اإلعالم المعاصر في رسم السياسة. شهد العالم منذ بداية العقد األخير من القرن الماضي عدداً من المتغيرات في هيكل العالقات الدولية وتفاعالتها ،وقد انعكس ذلك بشكل واضح على معظم مجاالت الحياة ،ولعل ما حدث من تطورات تكنولوجية وما تبعها من تطور في وسائل اإلعالم ونظم االتصاالت ُيعد أبرز هذه المتغيرات ،بل أصبح اإلعالم وكيفية تطويعه لتكنولوجيا االتصال عنص اًر هاماً من عناصر تقييم القوة الشاملة للدولة ،وبالتالي تقييم قوة الدولة المتحكمة في النظام الدولي الحالي. وهكذا أصبح العصر الذي نعيشه اآلن ،هو عصر ثورة االتصال والفضائيات التي تبث عبر األقمار الصناعية ،بل وتحول العالم إلي قرية صغيرة ،وذلك كنتيجة مباشرة لما شهدته وسائل اإلعالم في السنوات األخيرة ،من تقدم تقني ووظيفي ،أدى إلى انتشار القنوات التليفزيونية الفضائية ،فضالً عن االنتشار المذهل لوسائل اإلعالم األخرى سواء المسموعة أو المقروءة ،ناهيك عن شبكة المعلومات الدولية (اإلنترنت) ، مما دفع باأل حداث المحلية إلى دائرة االهتمام العالمي ،وجذب األحداث العالمية إلى بؤرة االهتمام المحلي. لقد كتب الكثير منذ ربع قرن حول التأثير المتنامي لإلعالم ،واختلف منذ البداية رواد علوم اإلعالم السياسي في تحديد نوعية العالقة بين السياسة واإلعالم ،فرأى بعضهم ان العم ل السياسي والعمل اإلعالمي يشكالن مجالين متميزين ،ورأى البعض اآلخر انه ال يمكن الفصل بين هذين النشاطين باعتبار أهمية الوظيفة اإلعالمية هي التبليغ وإشراك المواطنين في الحياة السياسية ،وربط قنوات االتصال بين التشكيالت المتآلفة او المتعارضة ،فأضحى الجمهور مرتبطا بما يقرأه في الصحافة ويشاهده على الشاشة او يسمعه في اإلذاعة ،لذلك فانه ال تكتمل الحياة السياسية في الدولة العصرية اال باإلعالم الغزير والحوار الدائم بين المواطنين ومختلف أجهزة الحكم - 18 - وهذا العمل اإلعالمي الذي يطلق عليه صفة “اإلعالم السياسي” يتصل خاصة با هتماماته المحلية والدولية ذات الطابع السياسي ،ولإلعالم السياسي في النظام الدولي أو النظام السياسي المحلي أهداف كثيرة ،منها دعم الديمقراطية وخدمة التنمية السياسية وتكريس الحقوق اإلنسانية ،ولئن كان هذا اإلعالم يتصل بنشاط مشترك فهو يختلف في مستوى الممارسة ،ومن قطاع الى آخر ،وقد تقدم البحث العلمي في مجاالت االتصال السياسي وظهرت آليات جديدة لقياس مدى تأثير الرسائل اإلعالمية واإلعالنية في األذهان وتأكدت صحة نتائج التحقيقات واستطالعات الرأي ،فأفضى كل ذلك إلى برامج متكاملة ومتالئمة مع حاجة المجموعات في معالجة مختلف اإلشكاليات االجتماعية المتأصلة التي عجزت أجهزة اإلدارة عن معالجتها بالوسائل التقليدية التي عرفها اإلنسان. ومن الثابت منذ نهاية القرن الماضي أن تراجع الخطاب المطالب بإقامة نظام عالمي جديد لإلعالم واالتصال ،كامتداد طبيعي للمطالبة بإرساء أسس نظام اقتصادي عالمي جديد يكون الهدف منهما تقليص االختالفات والتفاوتات التي تطبع العالقات بين دول المال ودول الجنوب. ومن الثابت كذلك أن تراجع الخطابين إنما جاء نتيجة للمعارضة الشديدة التي لقيها من لدن الدول الغربية الكبرى ،عبرت عنها الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا باالنسحاب على اعتبار “أدلجة” المؤسسة (اليونسكو) التي تشبثت دول العالم الثالث في ظلها بالنظامين. لقد خلق النظام الدولي بقيادة الواليات المتحدة األمريكية لنفسه نظاما إعالميا برزت معالمه األولى في تغطية حرب الخليج الثانية عام 1991م ثم في أحداث 11 أيلول 2001م واحتالل أفغانستان عام 2002م وأخي اًر في حرب الخليج الثالثة عام 2003م ،موظفا في ذلك أقوى ما وصلت إليه تكنولوجيا اإلعالم واالتصال ،وأثبتت الوقائع تهميشه الممنهج لمشاكل العالم الثالث وتشويهه الصارخ لقضاياه وتطلعاته المستقبلية. - 19 - ما يشد المالحظ للتطورات العالمية التي واكبت خطاب النظام الدولي األمريكي مالمحه التكنولوجية البارزة ،والتي أهلت الواليات المتحدة بامتياز الحتالل مركز الصدارة بدون منازع في إعادة تشكيل بنية العالقات الدولية لما بعد الحرب الباردة. ويوجز أهل العلم سمات النظام الدولي األمريكي في السياسة الدولية المعاصرة في ثالثة سمات رئيسية أدت إلى تشكيل هيكلية النظام العالمي الحالي برفقة نظام إعالمي معاصر ،وهذه السمات هي: السمة االولى :تتمثل في “الثورة الهائلة في وسائل االتصال ونقل المعلومات وسرعة تداولها عبر الدول ،وما ترتب على ذلك من اختصار غير معهود للزمن والمسافات بين مختلف مناطق العالم … إلى الحد الذي حمل بعض المفكرين االجتماعيين ،مثل آلفن توفلر ،إلى التساؤل بشأن مدى قدرة اإلنسان على التكيف مع هذه الدرجة غير المسبوقة من السرعة في تداعي األحداث وتالحقها. السمة الثانية :وتتجلى في خاصية الثورة العلمية والتكنولوجية التي أغرقت “المجتمعات” بالسلع واألجهزة والمعدات ووسائل إنتاج وتوزيع واستهالك العلم والمعرفة. السمة الثالثة :وتكمن في تزايد االعتماد الدولي المتبادل ،سيما مع تصاعد ظاهرة الشركات المتعددة الجنسيات ،إذ أصبح من الشائع اليوم أن نجد العديد من المنتجات الصناعية (سيارات ،أجهزة إلكترونية ،حاسبات آلية…الخ) يتم تجميع مكوناتها في أكثر من دولة بحيث تقوم كل واحدة منها بالتركيز على/أو بالتخصص في صنع أحد هذه المكونات فقط. هذه السمات الكبرى هي التي أسست “ألطروحة” النظام الدولي المعاصر وكرست له بالتأكيد كمرجعية أولى في العالقات الدولية “الجديدة”. .فما يهم من خطاب النظام الدولي الجديد (واإلعالم السياسي أحد مكوناته البنيوية األساسية) ليس هيكله وال مستوى التزام الدول به كمرجعية لهذه العالقات ،ولكن ما يهم باألساس ،تداعياته ودرجة احترام القيم التي تبناها واضعوه. فعلى الرغم من تقلص الخطاب اإلعالمي السياسي (الذي ساد طيلة حرب الخليج - 20 - وبعدها) على إثر انهزام جورج بوش في االنتخابات الرئاسية ،فإن الظروف الدولية التالية للحرب والراهنة ال تزيده إال تكريسا على مستوى الممارسة ال فيما يخص العالقات السياسية بين الدول فحسب ،ولكن أيضا اعتبا ار للعالقات االقتصادية واإلعالمية الدولية السائدة. لقد بلغت قناعة الواليات المتحدة بأهمية وفعالية اإلعالم بشكل عام ،والسياسي بشكل خاص أن صرفت النظر في عام 1990م عن المضي في استكمال خطة لتطوير الصاروخ (أم-أكس) التي تتكلف 1.8بليون دوالر ،في الوقت الذي قبلت أن تنفق مبلغ 2.3بليون دوالر على مشروع لتطوير أداء إذاعة صوت أمريكا لكي تُسمع في جميع أنحاء العالم بصورة أكثر قوة وتأثي اًر وفي حرب الخليج الثالثة ،أطلق البعض عليها الحرب اإلعالمية أو حرب الخطاب السياسي اإلعالمي ،لكثرة ما شهدت من نزاع وتنافس بين وسائل اإلعالم كل على هواه وأدلجته السياسية الخاصة ، السياسي العربي والغربي في تقديم الحرب ٌ فعلى الرغم من التدفق الهائل لألخبار والمعلومات والتقارير بالصوت والصورة وبشكل دوري ومستمر ،اال أكثر ما امتاز فيه اإلعالم السياسي في هذه الحرب ،خاصة الغربي واألمريكي ،هو ممارسة التضليل والتوجيه باستعمال التقنية السمعية والبصرية الحديثة ،مما أفقد المشاهد والقارئ العربي والغربي المصداقية في العديد من وسائل اإلعالم األمريكية والغربية وبعض العربية ،بعدما انكشفت الحقيقة بالواقع ،وتبين أن معظم ما كان ُيبث لم يكن سوى من باب “الدعاية السياسية والتضليل الذكي يتضح مما سبق دور وأثر اإلعالم في السياسة المحلية والدولية في ظل النظام كرس أهمية اإلعالم السياسي في خدمة أهدافه واستراتيجياته الجديدة الدولي الجديد الذي ّ ،وسعى الى االعتماد على اإلعالم كسالح أكثر فعالية من اللجوء الى القوة العسكرية والعنف ،بل وسالح أكثر خطورة من السابق باعتباره يعتمد على وسائل اإلقناع والترغيب والترهيب والتضليل والخداع بصورة تبدو للعيان أنها الواقع أو الحقيقة. - 21 - التخطيط االستراتيجي لإلعالم مفهوم اإلعالم االستراتيجي : يقوم المفهوم البسيط لالتصال اإلعالمي على : مرسل..وسيلة..رسالة..مستقبل..هدف. وفق هذا المنظور ،فإن هناك هدفاً يتم السعي إلى تحقيقه عبر توجيه رسالة أو رسائل من المرسل إلى المستقبل باستخدام وسيلة معينة . إذا كان المفهوم أعاله يقوم في ظل ظروف بيئية بسيطة غالباً ما تكون محلية ،فإن المفهوم االستراتيجي لالتصال اإلعالمي يلبي حاجة البيئة الدولية المعقدة ويخرج بالتالي من العباءة المحلية المحدودة ذات األهداف المحلية البسيطة ،إلى البيئة العالمية ذات األهداف المعقدة ،كما أن اإلعالم االستراتيجي يعني قدرة الدولة على التواصل مع مواطن الدولة داخلياً والقدرة في التأثير عليه وان الضعف في ذلك يعني منح الفرصة لإلعالم األجنبي للتواصل مع المواطن وبالتالي تشكيله وفق متطلبات المصالح األجنبية ،كما يعني اإلعالم االستراتيجي على المستوى الخارجي القدرة على التواصل مع الجمهور العالمي وتشكيل رأي عالمي ،مما يعطي الفرصة لتمرير المصالح الوطنية على الساحة الدولية والعكس صحيح ،وهذا يعني أن المفهوم االستراتيجي لالتصال اإلعالمي يقوم على : مرسل ذو قدرات استراتيجية وتفكير استراتيجي ينطلق من منظور عالمي .1 وليس محلي . وسيلة تتناسب مع البيئة الدولية من حيث مواصفات اإلرسال ومن حيث .2 نطاق اإلرسال الذي يجب أن يكون عالمياً . رسالة تراعي التباين في البيئة الدولية بما في ذلك مستوى التقنيات والتطور .3 الحـضاري والقوانين والنظم ،بعد أن كانت في المفهوم البسيط تتعامل مع بيئة بسيطة . - 22 - مستقبل عالمي متباين من حيث األديان والثقافات والعادات والتقاليد .4 واألعراف والسلوك االجتماعي واللغات واللهجات الخ ،بعد أن كان اإلرسال موجهاً إلى مستقبلين موحدين إلى حد كبير من حيث التركيبة االجتماعية والثقافية والدينية واللغات المستخدمة وما إلى ذلك. مفهوم التخطيط االستراتيجي لإلعالم : يقوم مفهوم التخطيط االستراتيجي على امتالك القوة االستراتيجية اإلعالمية وتوفير السند المطلوب لتحقيق المصالح الوطنية االستراتيجية بما يشمله ذلك من القدرة على التواصل الفاعل مع مواطني الدولة وكذا القدرة على إحداث تأثير أساسي في الجمهور العالمي وبلورة رأي عالمي ،وذلك عبر بلورة أهداف استراتيجية يتم من خاللها تحقيق بناء فكري أساسي أو إحداث تغييرات فكرية أساسية وذلك من خالل استيفاء العناصر األساسية الخمسة (تحديد المداخل اإلعالمية المناسبة والتراكمات المعلوماتية المنظمة ،اإلرسال االستراتيجي الذي يصل للجمهور المستهدف ،بلغته ،وبالجودة العالمية) ،وذلك بغرض مواجهة التحديات على البيئة المحلية واإلقليمية والعالمية، ويتضمن تحقيق القدرات التنافسية اإلعالمية العالمية. األهداف األساسية لإلعالم االستراتيجي : امتالك القوة االستراتيجية اإلعالمية . .1 تحقيق قدر من السيطرة اإلعالمية. .2 توفير السند المطلوب لتحقيق المصالح الوطنية االستراتيجية. .3 التواصل الفاعل مع مواطني الدولة . .4 إحداث تأثير أساسي في الجمهور العالمي. .5 بلورة رأي عالمي. .6 تحقيق القدرات التنافسية اإلعالمية العالمية. .7 االنطالق على خلفية االستراتيجية القومية : - 23 - من الحقائق الجديرة بالمالحظة في هذا المفهوم هو انطالق اإلعالم االستراتيجي على خلفية االستراتيجية القومية ،وهذا يعني أهمية إدراك : طبيعة المصالح االستراتيجية الوطنية .1 المهددات الوطنية .2 نقاط الضعف الوطنية .3 محاور التغيير االستراتيجي وطبيعته. .4 وهذا يعني أن وضوح الرؤية الوطنية (المصالح الوطنية االستراتيجية ،المهددات ونقاط الضعف ،القضايا االستراتيجية) ،ينعكس في مستوى األداء والسلوك اإلعالمي اإلعالم السياسي شكل اإلعالم اليوم أحد أهم دعامات الثورة التكنولوجية الحديثة في االتصاالت، وانعكس ذلك على كل إنسان معاصر نظ اًر للتغييرات المستحدثة في آلياته والمستجدات في نمط حياة اإلنسان مقارنة مع ما كانت عليه في العهود السابقة ،حيث أحدث اإلعالم انقالباً شبه جذري في كل مجاالت الحياة المعاصرة وسلوكيات أفراد المجتمع؛ وطالت التغيرات األعراف والقواعد والقيم االجتماعية ،هذا فضالً عن ما تعرضه وسائله المتعددة في األجواء العالمية ،بعدما حولت العالم إلى قرية صغيرة...وقد نجحت السياسة بكل مقوماتها وأساليبها في توجيه دفة اإلعالم نحو أهدافها االستراتيجية المرسومة رغم تناقض أقوالها مع أفعالها ،وتعريض البشرية لحروب وأزمات مفتعلة تارة وحقيقية تارة أخرى.فتوجيه العالم نحو أهداف السياسة بات من مهام اإلعالم ووسائله المؤثرة ،واألهم من كل ذلك يكمن في الوقت نفسه في التأكيدات المستمرة والملحة في وسائل اإلعالم وخطابه السياسي على مفاهيم كالحرية والديمقراطية والتحرر ودعوة الشعوب إلى نبذ الخالفات وبناء مجتمعات قائمة على االختيار وإبداء الرأي..ولكن أين تكمن الحقيقة، هل في الخطاب المعسول لوسائل اإلعالم أم في االستراتيجيات بعيدة المدى ،وتغيير اتجاهات الشعوب نحو قضية معينة كالعولمة مثالً أم اقتصاديات السوق الحرة ،أم مفاهيم مبطنة تدعو إلى رفض القهر واالستغالل وتحطيم القيود االجتماعية واعادة - 24 - التنشئة على وفق مفاهيم وتربية جديدة في السلوك االجتماعي وإقامة العالقات؟ يؤكد لنا التاريخ مرة أخرى أن اإلعالم هو القوة األكثر تأثي اًر في مسار حياة الشعوب واتجاهاتها وقيمها ،ويعمل بنفس قوة السالح ،واإلعالم بحد ذاته أداة إذا أحسن استخدامها استطاعت أن تؤثر كما تؤثر األسلحة الفتاكة األخرى وربما أكثر ،إذا ما وجهت نحو قضية أو شعب ما ،فإنه يحدث بأسلحته المختلفة الكثير من اآلثار والنتائج..وهكذا أصبح زمننا زمن قوة تأثير اإلعالم في إدارة حياة الشعوب وخلق معاناتها أو سعادتها... وظيفة اإلعالم في العصر الحديث.. على الرغم من معارك التحرير التي خاضتها دولنا ضد كل أشكال االستعمار والتبعية ،فقد كان الوعي يقظاً بالقدر الذي يفرق فيه بين مقاومة االستعمار والتبعية من جهة ،وبين تقدير تراثه اإلنساني العظيم من جهة مقابلة إال أن األداة الكبرى التي تستطيع أن تبين للعالم أحقية قضيتنا في الدفاع والوجود والمحافظة على تراثنا غير فاعلة ،تكاد تكون معطلة تماماً ،وهي اإلعالم الذي يعد بحد ذاته سالحاً أقوى فتكاً من أي أداة أخرى ،سواء إلظهار قضية ما أو الرد على قضية أخرى..فاإلعالم في عصرنا الحديث بات من ضرورات الحياة المعاصرة ،وأن استخدامه في الدفاع عن الرأي والمعتقد وقضية الوجود هو أمر ال مفر منه.وان تخلفت هذه األداة ،فإن الكثير من الحقوق تتشوه صورها أو تفقد أحقيتها وربما تتحول إلى صورة أخرى غير الصورة الحقيقية ،كما هي صورة اإلرهاب التي ألصقتها وسائل اإلعالم بجماعات دون غيرها خالل عقد التسعينات من القرن الماضي.أو تحويل حركات التحرر والمدافعين عن حقوق شعوبهم إلى إرهابيين ،كما حدث للقضية الفلسطينية ولرجاالتها خالل العقد الماضي. فاإلعال م هو أداة للسياسة ،وهو القادر على التأثير على عقول الناس واتجاهاتها حيث قال (ماك كويل) عالم االجتماع المتخصص في االتصاالت اإلعالمية( :نحن نستطيع - 25 - تقصي بعض الظواهر على عدة مستويات -خصوصاً -الرأي والمعتقد واللذين قد يكونان من أمور الرأي الفردي والتعبير الجماعي للمؤسسات والمجتمعات كذلك ،ومن ناحية أخرى تتطلب منا دراسة تأثير وسائط اإلعالم على الطريقة التي تعمل بها المؤسسات أن ننظر في العالقات بين الناس الذين يقومون بأدوار مختلفة وفي تركيب تلك األدوار ومضمونها ،والسياسة مثال مناسب ،حيث ربما أثرت وسائط اإلعالم ليس على اآلراء السياسية للفرد فحسب بل وعلى الطريقة التي تدار بها السياسة وعلى طريقة تنظيم نشاطاتها الرئيسية.وربما تغيرت األدوار السياسية). لذا فإن اإلعالم أصبح في عالمنا اليوم أداة قوية للتأثير على عقول وسلوك الناس كأفراد أو مجموعات ،سياسيين أو ناس عاديين ،وأيضاً أداة للتغيير عن بعد، وخاصة فيما يتعلق بالسياسة العامة لتلك الدولة بوساطة اإليحاءات اإلعالمية باستخدام اللغة والبالغة في الحديث أو التأويل الكالمي. إن الرسالة التي تحملها وسائل اإلعالم اليوم عبر قنواتها المتعددة والمختلفة االتجاهات (إذاعة ،تلفزيون ،فضائيات ،سينما ،مسرح ،صحافة ،إنترنت )..تتضمن أبعاداً غير محسوسة وغير مباشرة ال يمكن تجاهل البعيدة وحتى القريبة (اآلنية) أو التقليل من شأن هذه الوسائل ،أو االبتعاد عنها ،فهي أصبحت ش اًر ال بد منه يدخل بيوتنا دون استئذان. *التضليل اإلعالمي وسيكولوجية اإلنكار والتبرير: لكي يؤدي التضليل اإلعالمي دوره بفعالية أكبر ،ال بد من إخفاء شواهد وجوده ،أي إن التضليل يكون ناجحاً عندما يشعر المضللون بأن األشياء هي على ما هي عليه من الوجهة الطبيعية والحتمية ،بإيجاز شديد نقول( :إن التضليل اإلعالمي يقتضي واقعاً زائفا هو اإلنكار المستمر لوجوده أصالً) ،ولو تأملنا جدياً في فكرة التضليل اإلعالمي لوجدناها قائمة أساساً على فكرة نفسية بالدرجة األولى تستمد تطبيقاتها العملية من استخدام آليات الدفاع الالشعورية عند اإلنسان وبالتحديد ميكانزمي اإلنكار والتبرير، وهما آليتان دفاعيتان يلجأ إليهما الفرد في مواقف يحتاجها العادة توازنه النفسي - 26 - طبقت تطبيقاً واسعاً على اإلعالم والتضليل والشخصي ،ولكن حولت هذه الفكرة و ُ لدى الفرد لغرض تشويه أساسا ً اإلعالمي.ويقوم عمل آليات (ميكانيزمات) الدفاع وتزييف الواقع من خالل خلط األفكار والخبرات والدوافع والصراعات التي تمثل تهديداً له ،ويقوم مبدأ اإلنكار على فكرة مؤداها أن األفراد ينكرون الواقع ويتجاهلونه ،أو يرفضون االعتراف بوجود الخبرات غير السارة والتي يدركونها تماماً وذلك لحماية أنفسهم ،وتدخل دائماً في عملية خداع الذات ،األفكار المختلفة غالباً ،وتعد استراتيجية اإلنكار استراتيجية شائعة لدى اإلنسان ،ونشاهدها بكثرة لدى األطفال عندما يصر بعضهم على القيام بعمل غير مرغوب فيه ،ويخافون عقاب آبائهم. أما آلية التبرير (ميكانيزم دفاعي) أيضاً ،وهي عملية إعطاء أسباب مقبولة اجتماعياً للسلوك بغرض إخفاء الحقيقة عن الذات ،فمثالً يقول الولد لنفسه( :كان بإمكاني أن اجتاز هذا االمتحان لوال أن المدرس وضع تلك األسئلة الصعبة) بدالً من االعتراف بتقصيره في االستعداد لالمتحان.ويحدث التبرير أيضاً حينما يخدع الناس أنفسهم بالتظاهر بأن الموقف السيئ في الحقيقة موقف جيد ،أو أن الموقف الجيد في الحقيقة سيئ ،وكما يعتقد الشخص الفقير بأن الفقر نعمة وأن الثروة تجعل اإلنسان بائساً ،وينطبق ذلك تماماً على المثل الشعبي الشائع (الماينوش العنب يقول مر). فاإلعالم عندما يستخدم التضليل ،إنما يلجأ إلى آليات نفسية في التأثير على عقول الناس وقلب الحقائق كما هو الحال بإعطاء الفرضية التبريرية التي ترى أن األفراد العدوانيين يرغبون في مشاهدة أفالم العنف؛ وذلك ألنهم يستطيعون اتخاذها كذريعة لتبرير سلوكهم العدواني بكونه سلوكاً سوياً بالمماثلة ،وهذا األمر يماثل عملية تبدل الموقف ولكن باتجاه معاكس. - 27 -