ملخص فاينل ثقة 1 PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
ملخص حول اإليمان بالقدر ، ومناقشة مراتب القدر وأقسامه. يستعرض مفهوم اإليمان بالقدر في الإسلام، وكيفية االحتجاج به.
Full Transcript
اإليمان بالقدر الوحدة السادسة:...
اإليمان بالقدر الوحدة السادسة: منزلة اإليمان بالقدر -اإليمان بالقدر من اإليمان بربوبية الله سبحانه وتعالى ؛ إذ اإليمان به يعني اإليمان يعلم الله السابق ومشيئته وكتابته وخلقه ،وكلها أفعال الله تعالى تتدرج في توحيد الربوبية ،قال تعالى(:إنا كل شيء خلقناه بقدر) -التصديق واإلقرار الجازم بأن الله تعالى قدر مقادير الخالئق قبل أن يخلقهم ،وقدر آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم ،وعلم كل شيء جملة وتفصيال أزال وأبًد ا ،وهو الذي كتب ما يصيرون إليه من سعادة أو شقاوة ،وهو الذي له المشيئة النافذة فما شاء كان وما لم يشأ لم معنى االيمان بالقدر: يكن ،وهو خالق كل شيء وربه ومليكه. ما يتضمنه اإليمان بالقدر ثانيا :التصديق واإلقرار الجازم بالكتابة في اللوح المحفوظ ، أوال :التصديق واإلقرار الجازم بعلم الله األزلي المحيط اوال:مراتب القدر قال تعالى(:ما فرطنا في الكتاب من شيء) بكل شيء ،قال تعالى(:ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء واألرضۗ إن ذلك في كتابۚ إن ذلك على الله يسير) وقال النبي «:كتب الله مقادير الخالئق قبل أن يخلق السموات واألرض بخمسين ألف سنة». ثالثا:التصديق واإلقرار الجازم بمشيئة الله النافذة رابعا :التصديق واإلقرار الجازم بأن الله خالق كل شيء ، وقدرته الشاملة ،قال تعالى(:وما تشاءون إال أن يشاء الله رب العالمين) قال تعالى(:الله خالق كل شيءۖ وهو على كل شيء وكيل) وقال النبيﷺ لمن قال له ما شاء الله وشئت «:أجعلتني لله عدًال! بل ما شاء الله وحده». وقال تعالى(:والله خلقكم وما تعملون) أقسام التقدير بحسب وقت وقوعه هي: -4التقدير -1التقدير العام ثانيا:أقسام التقدير -3التقدير -2التقدير اليومي السنوي العمري لجميع الكائنات -وهو تقدير ما يجري كل يوم من -وهو تقدير ما يجري كل سنة ، -وهو تقدير كل ما يجري على العبد -وهو المكتوب في اللوح عّز وذل وعطاء ومنع وإحياء وإماتة ✅ ويحصل ذلك في ليلة القدر من من نفخ الروح فيه إلى نهاية أجله ، المحفوظ قبل خلق السموات وغير ذلك ، كل سنة ، واألرض بخمسين ألف سنة. وفي الحديث قال النبيﷺ« :ثم يرسل قال تعالى(:يسأله من في السماوات قال تعالى(:وفيها يفرق كل أمر إليه الملك فينفخ فيه الروح ،ويؤمر بأربع واألرضۚ كل يوم هو في شأن) حكيم) كلمات :بكتب رزقه ،وأجله ،وعمله ، وشقي أو سعيد». -يجب اإليمان بأن للعباد مشيئة وقدرة يفعلون بها ما أقدرهم الله تعالى عليه ،مع اعتقاد أن العباد ال يشاؤون إال أن يشاء الله ، قال تعالى(:وما تشاءون إال أن يشاء الله) ثالثا:مسألة أفعال -فجميع األفعال المنسوبة للعباد ال تخرج عن خلق الله تعالى وتقديره العباد: وهي تنقسم -من حيث اختيارهم واضطرارهم إلى قسمين: النوع ما ليس للعبد فيها مشيئة ما يكون للعبد فيها مشيئة النوع واختيار الثاني: واختيار األول: -ما ليس للعبد فيها مشيئة واختيار ،مثل :اإلحياء واإلماتة والمرض -وهذه تتعلق بفعل العبد ومشيئته واختياره ،والله تعالى هو والصحة ، الذي أعطى العباد قدرة على الفعل أو الترك وجعل ذلك إليهم. قال تعالى(:وربك يخلق ما يشاء ويختارۗ ما كان لهم الخيرة) مثال على:افعال يحمد العبد على 🛑 قال تعالى(:لمن شاء منكم أن يستقيم) وقال تعالى(:هو الذي يصوركم في األرحام كيف يشاء) ✅ المحمود منها وقال تعالى(:فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) -والله تعالى ال يعاقب على النوع الثاني ،وهو األمر االضطراري ، وإنما يعاقب العبد على النوع األول وهو األمر االختياري ، -فالعباد يحمدون على المحمود منها ،ويذمون على المذموم. قال تعالى(:وما انا بظالم للعبيد) -واإلنسان يعرف الفرق بين االختيار واالضطرار ،فعند نزوله من سطح منزله قد ينزل بالسلم نزوال اختياريا ،وقد يسقطه غيره من السطح ،فاألول اختيار والثاني إجبار. -فإذا أمن العبد فهو بمشيئته وإرادته ،وإذا كفر فهو كافر بمشيئته ✅ وإرادته ، قال تعالى(:فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) األحداث التي يحصل فيها االحتجاج بالقدر نوعان: رابعًا :مسألة النوع الثاني :االحتجاج النوع األول:االحتجاج االحتجاج بالقدر: بالقدر على المصائب بالقدر على المعاصي -يعني أن يفعل أحدهم المعصية ويحتج بأن عملها من قدر الله تعالي ،أو يترك أحدهم الطاعة ويحتج بأن تركها -يجوز االحتجاج بالقدر على المصائب ال على من قدر الله. المعائب والذنوب ،فإذا نزلت بالعبد مصيبة -فنقول لمن يحتج بالقدر :إن من المشاهد المحسوس أن لك إرادة ،تستطيع أن تحصل مطلوباتك بها ،فتأكل وتشرب ⭕ يحسن أن يقول « :قدر الله وما شاء فعل » ، مثال ،ولم تترك الطعام والشراب اعتمادا على القدر ،بل سعيت في تحصيلهما وتناولهما ،فما الفرق بين الطعام والشراب وبين غيرهما من األعمال الصالحة. لقول رسول الله ﷺ« :وإن أصابك شيء فال تقل لو أني -ونقول ايضا :إن من المشاهد المحسوس أن لك إرادة ،تستطيع أن تبتعد عن مكروهاتك بها ،فتبتعد عن النار مثال ،ولم ⭕ تترك االبتعاد عنها اعتمادا على القدر ،بل سعيت في تجنبها واالبتعاد عنها ،فما الفرق بين النار وبين غيرها من المعاصي فعلت كان كذا وكذا ،ولكن قل قدر الله وما شاء فعل واآلثام. فإن ( لو ) تفتح عمل الشيطان». -ونقول أيضا :لو جاز ألحد أن يحتج بالقدر على ما يفعله من السيئات أو ما يترك من الواجبات لم ُيعاقب ظالم ،ولم يقم ⭕ على أحد حد ،وهذا من الفساد في الدين والدنيا. -وأما االحتجاج بعلم الله السابق :صحيح أن الله تعالى له العلم السابق ،ولكن ال يعلم الغيب إال هو وذلك معلوم الله تعالى ،ومجهول المكلفين ،فال يدري المكلف ما هو قدر الله قبل وقوعه ، لذلك قال النبيﷺ « :اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة ،ومن كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة ،ثم قرأ: (:فأما من أعطى واتقى ( )5وصدق بالحسنى ( )6فسنيسره لليسرى ( )7وأما من بخل واستغنى ( )8وكذب بالحسنى ()9فسنيسره للعسرى) والفرق بين االحتجاج بالقدر في النوع األول والثاني :أن(المعاصي) من اختيار العبد فال يحتج بالقدر عليها ألن له اختيارا . ✅وإرادة ،وأما (المصائب) فليست من اختيار العبد من األمور االضطرارية التي تقع عليه ،فال مانع أن يحتج بالقدر فيها ✅ -ما يعرض للعبد من األمور- من حيث قدرته على عمل شيء خامسا:مسألة تجاهه نوعان: األخذ باألسباب: النوع الثاني :ما لم يكن للعبد فيه النوع األول :ما كان للعبد فيه قدرة على عمل شيء تجاهه قدرة على عمل شيء تجاهه -فينبغي أن ال يعجز عن العمل ،ويستعين بالله تعالى في فعل المأمور واجتناب -كوفاة قريب من أقربائه مثال ،فإذا وقع القدر وجب الرضا به والتسليم له ؛ المحذور ،ويتوكل على الله. ألنه من تمام الرضا بربوبية الله تعالى ، -فإذا قصر العبد بإهمال األسباب والوسائل التي تجنبه الوقوع في مشكلة ما ؛فإنه مالم على -فينبغي لكل مؤمن أن يرضى بقضاء الله ؛ ألن فعل الله وقضاءه خير كله تقصيره في حماية نفسه وعدم استعماله لألسباب الطبيعية التي تحفظه األن األخذ باألسباب وعدل وحكمة ، ال ينافي القدر والتوكل بل هو جزء منه ،وآلن سبيل المكلف هو األخذ باألسباب المشروعة -فمن اطمأنت نفسه ورضي بالقضاء والقدر ؛ خلت نفسه من الحيرة والتردد ومدافعة األقدار باألقدار ، وانتفى من حياته القلق واالضطراب ،فال يحزن على ما فاته ،وال يتهيب من -فاألنبياء أخذوا باألسباب والوسائل التي تحفظهم من عدوهم مع أنهم مؤيدون بالوحي والحفظ مستقبله ،ويكون بذلك أسعد الناس حاًال وأطيبهم نفسًا وأهدأهم باال ،ألن ✅ من الله . ما حصل له من خير أو شر ال يجاوزه إلى غيره ،وما لم يحصل له من خير أو شر فلن يصل إليه ؛ ألن الله لم يقدره له. ،-وكان رسول الله ﷺ سيد المتوكلين يأخذ باألسباب مع قوة توكله على ربه ✅ قال تعالى(:وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) قال النبيﷺ « :واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك». وقال تعالى(:هو الذي جعل لكم األرض ذلوال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقهۖ وإليه النشور) -وقد جمع النبي ﷺ موقف المسلم من هذين النوعين في حديث واحد فقال« :احرص على ما ينفعك واستعن بالله وال تعجز ،وإن أصابك شيء فال تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ،ولكن قل قدر الله ما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان». -من عرف أن أجله محدود ورزقه معدود فال -الجبن يزيد في عمره ،وال الشح يزيد في رزقه ،صبر على ما أصابه من المصائب ،واستغفر لما فعله من الذنوب والمعائب ورضي بما قدره الله تعالى ،فيجمع بذلك كله بين طاعة الشرع ثمرات اإليمان بالقدر وبين الصبر على المصائب ،قال تعالى(:ما أصاب من مصيبة إال بإذن اللهۗ ومن يؤمن بالله يهد قلبهۚ والله بكل شيء عليم) -ولإليمان بالقضاء والقدر ثمار طيبة وآثار حسنة ،تعود على األمة والفرد بالصالح فمنها: أ -أنه يثمر أنواع العبادات الصالحة والصفات الحميدة كاإلخالص لله والتوكل عليه ،والخوف منه ،والرجاء ،وإحسان الظن به ،والقناعة وعزة النفس وعلو الهمة ،والحزم والجد في األمور ، واالعتدال في السراء والضراء ،والسالمة من الحسد واالعتراض ،وتحرير العقول من الخرافات ،وراحة النفس وطمأنينة القلب. ب-أنه يجعل المؤمن بالقدر يمضي في حياته على منهج سوي ،فال تبطره النعمة ،وال ييأس بسبب المصيبة ،ويستيقن أن ما أصابه من ضراء فبتقدير الله ابتالء له ،فال يجزع بل يطمئن ويصبر ويحتسب ،قال النبيﷺ « :عجبًا ألمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إال للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له». ج-أنه يثمر للمؤمنين مواجهة المصاعب واألهوال بقلب ثابت ويقين تام مع فعل األسباب والتوكل على الله تعالى. القسم الثاني :العبادة ،حقيقتها وطريقها يشمل: الوحدة األولى :حقيقة العبادة الوحدة الثانية :دوافع العبادة الوحدة الثالثة :قبول العبادة الوحدة الرابعة :رأس العبادة الوحدة الخامسة :الصوارف عن العبادة الوحدة السادسة:التفريط في العبادة تمهيد -تظهر أهمية العبادة إذا عرفنا ارتباطها الكبير بالعقيدة واإليمان ؛ -فالعقيدة :هي ما يجزم به اإلنسان ،وهي تشير إلى انعقاد القلب على أمر حصل به عند صاحبه جزم وإيمان ولم يخالط ذلك الجزم وال اإليمان أدنى شك أو ريب. فما يعتقده حقيقة ستظهر آثاره عليه ؛ ألن االعتقاد يؤثر على -والعقيدة كذلك تؤثر في سلوك صاحبها وعالقاته وتصوراته وأحكامه✅ صاحبه سلًب ا أو إيجاًبا بحسب نوع وصحة المعلومة ودليلها. -فاإليمان إذا استقر في النفس قناعًة ،وَح ّل في القلب شعورا وإرادة ،ال بد وأن يظهر في السلوك قوال وعمًال ،وال بد وأن يرتبط العمل بما استقر في القلب من إيمان ،ويؤكد هذا المعنى قول الله تعالى قال تعالى(:قالت األعراب آمناۖ قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل اإليمان في قلوبكم) وقال تعالى(:إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اللهۗ والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) -والعقيدة اإلسالمية تضبط تصرفات المسلم وتوجه سلوكه ،فهي كالميزان الذي يزن العبد به أعماله ويحكم عليها ،وهو من خاللها رقيب على نفسه ،فيحرص على مراقبتها ومجاهدتها ،حيث إنه أعرف الناس بها ، ولذلك يقول الله تعالى في معرض إنكاره على معاذير العباد يوم القيامة (:بل اإلنسان على نفسه بصيرة ( )14ولو ألقى معاذيره) -والعقيدة في مفهومها اللغوي" تؤكد ارتباط اإليمان بالعبادة وتشكلها في ُع قدة واحدة كعقدة الحبل التي تربط بين طرفيه ✅ فالعبادة تنعقد على اإليمان انعقاد طرفي الحبل ببعضهما البعض ،ولذلك فإن اإليمان يستلزم العبادة . الوحدة االولى :حقيقة العبادة قراءة️⬇ 🛑 حكمة الخلق: حينما يتأمل اإلنسان في خلق الله تعالى للسماوات واألرض وعظمة خلقهما ،وفي خلق الله لإلنسان ودقة صنعه ،وفي خلق الله لكل ما حولنا وترتيب نظامه ،وفي تدبير الله وصنعه وإحكامه ورزقه لخلقه ،سوف يقوده هذا التأمل إلى سؤال كبير لماذا كل هذا ؟ ومن الطبيعي أن يسأل اإلنسان :لماذا ؟ -فلو قمت بعمل صغير جدا ؛ مثل رسم لوحة ،أو قراءة كتاب ،أو قيادة السيارة في طريق لكان من الطبيعي أن يكون هناك سبب لذلك ،ولهذا يسألك من حولك :لماذا تفعل هذا الشيء ؟ -فكيف إذا كان العمل كبيرًا ،مثل بناء برج ضخم فإن السؤال يكون أكثر إلحاحًا ،وال يقبل العقالء أن يكون هذا الفعل بدون سببا ألن اإلجابة بعدم وجود سببه هو عبث يأباه العقالء في فعل صغير ،فضًال عن فعل كبير. -فكيف بخلق هذا الكون الفسيح العظيم الكبير المترامي األطراف المتسع األنحاء ،الدقيق التفاصيل ؟ وكيف إذا كان الخالق لهذا الكون هو الحكيم الذي اتصف بغاية وكمال الحكمة ؟ ال شك حينئذ أن سؤال ( :لماذا ؟) قال تعالى(:إن في خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنهار آليات ألولي األلباب ( )190الذين يذكرون الله ✅ يزداد إلحاحًا ،وال شك أن إجابة العبثية تزداد بعدا . -والعبثية تنفى عن تصرفات عقالء البشر ؛ فكيف بأحكم الحاكمين سبحانه ،قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات واألرض ربنا ما خلقت هذا باطال سبحانك) وقال سبحانه(:أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ال ترجعون ( )115فتعالى الله الملك الحقۖ ال إله إال هو رب العرش الكريم ) -والمعنى :افحسبتم أيها الخلق َأَّنَم ا َخ َلْق َن اُكم سدى وباطال ،تأكلون وتشربون وتمرحون. وتتمتعون بلذات الدنيا ،ونترككم ال نأمركم وال ننهاكم ،وال نثيبكم وال نعاقبكم ؟ -وألن الله تعالى هو الخالق :فقد أجاب عن حكمة الخلق بإجابة وصلتنا عن طريق رسله الذين بعثهم لتبليغ وحيه ،وكلهم قد بعثهم الله بهذه اإلجابة الواحدة ، وبهذا جاء رسولنا الكريم محمد(:أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قال الله تعالى( :ولقد بعثنا في كل أمة رسوال أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) قبلكم لعلكم تتقون) وقال تعالى( :وما أرسلنا من قبلك من رسول إال لوحى إليه أنه ال إله إال أنا فاعبدون) -والله تعالى لم يخلق الخلق وهو محتاج إليهم ،بل هو الغني عنهم وهم المحتاجون إليه: قال تعالى(:وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون ( )56ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ( )57إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) معنى العبادة وأركانها: العبادة لغة :التذلل ،فيقال مثًال :الطريق معبد ؛ إذا كان ُم ذلًال قد وطئته األقدام. وإذا اجتمعت المحبة مع ذّل الظاهر والباطن سمى ذلك عبادة ،وال يسمى العبد عابدًا لله إال باجتماع كمال الذل مع كمال الحب. للعبادة ركنان هما: قال ابن كثير (( :العبادة في الشرع عبارة عّم ا يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف)). -2كمال الذل -1كمال الحب االستقامة: العمل الصالح: الطاعة: مرادفات العبادة في قال تعالى(:إن الذين قال تعالى(:من عمل القران الكريم: قال الله تعالى: قالوا ربنا الله ثم صالحا من ذكر أو أنثى استقاموا تتنزل عليهم وهو مؤمن فلنحيينه (وأطيعوا الله المالئكة أال تخافوا وال حياة طيبةۖ ولنجزينهم والرسول لعلكم تحزنوا وأبشروا بالجنة أجرهم بأحسن ما ترحمون) التي كنتم توعدون) كانوا يعملون) حكم العبادة: العبادة حق واجب الله تعالى على خلقه ،وتحقيقها هو الغاية من الخلق ،وإرسال الرسل ،وإنزال الكتب ، قال تعالى(:وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون) قالﷺ(( :حق الله على عباده أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا)). وال أحد يخرج عن مقام العبودية تحت أي دعوى ال بدعوى الوالية ،وال بدعوى وصول اليقين ،وال ملك مقرب ،وال نبي مرسل ،بل الجميع عبيد لله ،وقد كان رسول الله ﷺ خاضعا متعبدا لله تعالى حتى قبضه الله على ذلك ،وهو خير البشرية. شرف العبودية لله تعالى: إن الذل والعبودية لله تعالى شرف عظيم ؛ بل هي أعلى وأجل مقامات اإلنسان في هذه الحياة الدنيا.ومما يدل على ذلك أمور ،منها: ثالثا: ثانيا: اوال: -أن من استكبر عن العبودية لله تعالى ؛ -أن رسول الله ﷺ اختار أن يكون عبدًا رسوًال -أن الله تعالى قد وصف الرسول ﷺ في أرفع مقاماته فإنه سيكون في هذه الدنيا عبدًا لغيره من على أن يكون ملكًا لما َخ َّي ره ربه بين أن يكون بأنه عبد الله تعالى ،وذلك في ثمانية مواطن في كتابه المخلوقات ،ومن زعم أنه ال يعبد شيئًا آخر الكريم ،منها: ملكًا وبين أن يكون عبدًا رسوًال: قال الله تعالى ( :الحمد لله الذي أنزل على عبده فهو في واقع األمر إنما يعبد هواه. فعن أبي هريرة الله قال(( :جلس جبريل عليه الكتاب ولم يجعل له عوجا) السالم إلى النبي ﷺ فنظر إلى السماء ،فإذا قال تعالى(:أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله وقال الله تعالى ( :تبارك الذي نزل الفرقان الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل ملك ينزل ،فقال له جبريل :هذا الملك ما نزل على عبده ليكون للعلمين نذيًر ا) على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد اللهۚ أفال منذ خلق قبل الساعة ،فلما نزل قال :يا محمد تذكرون) فوصفه بالعبودية في مقام اختياره واصطفائه أرسلني إليك ربك :أملكا أجعلك أم عبدا رسوال ؟ وشتان بين من كانت عبوديته لله الكبير العظيم لتنزيل الكتاب عليه. فقال له جبريل عليه السالم :تواضع لربك يا الجليل ،ومن كانت عبوديته لمخلوق مثله. وقال الله تعالى ( :إن كنتم امنتم بالله وما أنزلنا محمد ،فقال رسول الله ﷺ :بل عبدا رسوال)) َع َلى َع ْب ِد َنا َيْو َم اْلُف ْر َق اِن َيْو َم اْل َت َقى الَج ْم َع اِن ) فوصفه بالعبودية في مقام انتصاره يوم بدر. وقال الله تعالى ( :سبحان الذي أسرى بعبده ليال من المسجد الحرام إلى المسجد األقصا) وقال الله تعالى ( :فأوحى إلى عبده ما أوحى) فوصفه بالعبودية في مقام اإلسراء والمعراج وهو أعلى مقام وصل إليه بشر ،وهو من أجل كرامات النبي الكريم. ✅ - -ولم يصف الله تعالى نبيه الكريم بوصف العربي ، وال القرشي ،وال الهاشمي ،وإنما اختار أن يسميه في هذه المقامات العلَّي ة بأنه « عبد الله » ،وهذا ✅ يعني شرف مقام العبودية . أشكال العبادة: أشكال العبادة تتمثل في((:كل ما ُيحب الله ويرضاه من األقوال واألعمال الباطنة والظاهرة)). وإذا تأملنا في العبادة وجدناها على أحد هذه المراتب: أعمال الجوارح: قول اللسان: قول القلب وعمله: -وهي مشهورة معروفة: -والمراد به :أن ُيخبر العبد بما -والمراد به :كّل ما يعتقده العبد في قلبه عن الله تعالى ومالئكته وكتبه ورسله كالصالة ،والصيام ،وأداء مناسك يعتقده من أركان اإليمان ،ويدعو واليوم اآلخر ،وما يعمله العبد بقلبه كمحبة الحج والعمرة ،والصدقة ، اآلخرين إليه ويرشدهم ويدلهم الله تعالى ،والخوف منه ،والرجاء فيما ومساعدة المحتاجين ،ونحو ذلك. عليه ،وُيحذر الناس من البدع عنده والتوكل عليه ،وإخالص النية له ، والشرور ،متبعا في ذلك هدي النبي والصبر على طاعته وعن معصيته وعلى ﷺ في الدعوة إليه. أقداره ،وغير ذلك من أعمال القلوب التي لها مكانة عظيمة عند الله تعالى. للحياة جوانب عديدة :كالجوانب اإليمانية واالجتماعية واالقتصادية واألخالقية وغيرها ، وكلها يشملها (:مفهوم العبادة) ،فعبادة الله تعالى شاملة لكل جوانب الحياة ،وليست مقتصرة على جانب منها شمولية دون جانب آخر ،ولهذا أمر الله تعالى نبيه ﷺ َأْن ُيصرح بذلك: قال تعالى ( :قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) العبادة: فالصالة لله تعالى ،وذبح النسك في الحج الله تعالى والله تعالى الذي أمر نبيه بالصالة هو -أيًض ا -من أمره أن يكون ذبحه ألضحيته الله تعالى. التشريعات المالية المتعلقة بالمعامالت االقتصادية :كإباحة البيع ،وتحريم الربا ، 1 وللنية الصالحة مع العبد شأن عظيم ،تصاحبه في وتحريم الغرر سائر أحواله ،وتؤثر عليه في أعماله ،فأعمال اإلنسان اليومية الدنيوية ؛ كالنوم واألكل والشرب والتجارة التشريعات المتعلقة بتحريم الفساد والكسب تكتسب صفة العبادة إذا قصد بهذه األعمال في األرض والرشوة ،ووجوب الحكم بما 2 أنزل الله. وجه الله تعالى ومرضاته ،وكانت في سبيل تحقيق أهدافها المقصودة المشروعة ،فالطبيب والمهندس التشريعات المتعلقة بمظاهر الترف والصانع والتاجر وغيرهم تعتبر أعمالهم عبادة إذا قصد بها كل منهم نفع عباد الله ،واالستغناء عن واالستمتاع :مثل تحريم الخمر والميسر ، 3 والتبذير. الحاجة إلى الناس ،وإعالة العيال تحقيقا ألمر الله سبحانه وتعالى. القيام بما أمر الله به من تبليغ الدين وتعليمه للناس. 4 التحلي باألخالق الرفيعة :كالرحمة ،واألمانة، والوفاء بالعهد ،والصدق ،والصبر ،وبر بالوالدين ،وصلة األرحام ،واإلحسان إلى 5 الجيران واليتامى والرفق بالحيوان. -بل حتى ما ُينفقه العبد على أهل بيته فإنه يؤجر عليه إذا استحضر النية واحتسب األجر عند الله تعالى ، فقد قال النبي ﷺ لسعد بن ابي وقاص رضي الله عنهَ((:و ِإَّنَك َل ْن ُتْن ِف َق َنَف َق ًة َتْب َت ِغ ي ِبَه ا َو جَه الَّل ه إَّال ُأِج ْر َت ِبَه ا َح َّت ى َم ا َتْج عُل في فِّي امرَأِتَك )) -وهذا معاذ بن جبل يترجم ذلك عملًّي ا ،فكان ينام أول الليل ،وينوي بتلك الَّن ْو مة أن يتقوى على العبادة في الليل ،ثم يقوم من نومه ويصلي ويقرأ القرآن ،ويسأل الله األجر في نومته كما يسأل الله األجر في قومته ، وبها أجاب معاذ أبا موسى األشعري رضي الله عن الجميع حين سأله كيف تقرأ القرآن فقال معاذ((:اما انا فأنام وأقوم,فأحتسب نومتي كما احتسب قومتي)). -وهذا ينطبق على كل شأن من شؤون الحياة ،من مأكل ومشرب ومنكح ونوم ويقظة وسفر وإقامة ،وهكذا ،فمن نوى بكل هذه وأمثالها وجه الله فهي عبادة مأجور عليها ،وكلما كانت النية أشمل كان األجر أعظم لقول الرسولﷺ ((:إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)). ولهذا عظم أئمة السلف شأن النية ،قال عبد الله بن المبارك « :رب عمل صغير تعظمه النية ،ورب عمل كبير تصغره النية » -بل من كرم الله تعالى واحسانه أن العبد ينال أجر العمل الصالح الذي لم يعمله وقد كان في نيته أن يعمله ،لكن حال دونه حائل ،فعن أبي الدرداء ،عن النبي ﷺ قال((:من أنى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح؛ كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل)) الوحدة الثانية :دوافع العبادة دوافع العبادة إن إلقبال اإلنسان على عبادة الله تعالى واالنقياد له دوافع تدفع إليها ،وبواعث ترغب فيها ،وتلك الدوافع تبعث في المسلم روح اإلقبال على الطاعة ،والمحبة في العبودية ،والتعلق بالله ،واإلقدام على ممارسة العبادات المشروعة في اإلسالم ، ومن ابرز دوافع العبادة: الدافع الثاني:المحبة والشكر الدافع االول :الفطرة السليمة قلب المؤمن يتعلق بالله تعالى محبة له ،وإقباال عليه ،وكلما تفكر العبد بكمال الله إن كل إنسان يجد بفطرته السليمة شعورًا فطريًا بالرغبة في عبادة الله تعالى ، وجالله وجماله ،وتفكر في نعمه وآالئه ؛ ازداد حبا وشوقا وشكرا لخالقه. فالله هو المحبوب لذاته ،وما سواه فإنما ُيحب لغيره. ⭕ وذلك ألن في فطرته إيمانا بأن له رًّبا خالقًا َأْو َج َد ه من العدم ،ومنحه الحياة والله تعالى هو المستحق للشكر حقيقة ،وما سواه فإنما هو سبب من األسباب. ⭕ وأسبابها ،ويشعر في أعماق نفسه أن الرب الخالق سبحانه مستحق للعبادة والخضوع لحكمه. -وقد جمع الله بين محبته لعباده ومحبتهم له في قوله تعالى️⬇ (:يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) -فالعبودية لله تعالى مغروسة في الفطرة اإلنسانية ،ومتأصلة في الطبيعة البشرية ،وهي عهد الله تعالى الذي أخذه على بني آدم، -وكلما عظمت محبة العبد لربه كلما عظم تقُّر به له ،وقويت صلته به ،وازدادت فقال تعالى (:وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على عبادته ،وبذلك تحصل محبة الله تعالى للعبد ، أنفسهم ألست بربكمۖ قالوا بلىۛ شهدناۛ أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا فعن أبي هريرة قال :قال رسول الله ﷺ :قال الله تعالى (( :ما تقرب إلي عبدي بشيء غافلين) أحب إلي مما افترضته عليه ،وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) وقالﷺ((:ما من مولود إال يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو -فمن أحب الله حبا صادقا بحيث يدفعه للعمل المشروع والبعد عن المحذور فإن هذا بمجسانه.)).. يورث محبة الله له ،ومن أحبه الله فهو من أوليائه الذين قال الله تعالى فيهم️⬇ (:أال إن أولياء الله ال خوف عليهم وال هم يحزنون ( )62الذين آمنوا وكانوا يتقون ()63 -ولكن من الناس من انحرفت فطرتهم فعبد غير الله تعالى ،وجحد حقه عليه ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اآلخرةۚ ال تبديل لكلمات اللهۚ ذلك هو الفوز العظيم ) كما فعل قوم سبأ حين عبدوا الشمس من دون الله ، -وأخبر سبحانه عن أنبيائه ورسله عليهم الصالة والسالم أنهم شاكرين لنعمه ، فقال تعالى -على لسان هدهد سليمان(:وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم ال يهتدون) -فقال عن ابراهيم عليه السالم(:إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ( )120شاكرا ألنعمهۚ اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم) -وكما عبد قوم إبراهيم عليه السالم القمر والكواكب ،وعبد المجوس النار ، -وقال عن نوح عليه السالم(:إنه كان عبدا شكورا ) وعبدت العرب األحجار واألصنام ،إلى غير ذلك من المعبودات الباطلة. -وكان النبي ﷺ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فتقول عائشة(( :لم تصنع هذا يا رسول الله ،وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما الدافع الثالث:الرجاء والخوف تأخر ،قال :أفال أحب أن أكون عبدًا شکورا )) -فمحبة الله تعالى وشكره دافع وباعث للعبودية له سبحانه ؛وليس في الوجود أجدر من الله تعالى أن ُيحب ويشكر ،فهو صاحب الفضل واإلحسان ،الذي خلق اإلنسان ✅ -دافع الرجاء والخوف وباعث الرغبة والرهبة من أعظم دوافع العبادة . -وقد أثنى الله تعالى على األنبياء والمرسلين برغبتهم ورهبتهم ️⬇ ولم يكن شيئا مذكوًر ا. فقال تعالى (:إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهباۖ وكانوا لنا خاشعين) الدافع الرابع:الحاجة واالفتقار -وأخبر سبحانه عن أحوال المؤمنين الصالحين ،وذكر من صفاتهم أنهم يرجون رحمة الله ويخافون عذابه️⬇ فقال تعالى(:أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته -إن من الدوافع التي تدفع العبد لعبادة الله تعالى: ويخافون عذابهۚ إن عذاب ربك كان محذورا) حاجته إلى مواله ،وافتقاره إلى خالقه الذي يملك أمره ،وإلى سيده الذي بيده -ولذلك جاءت اآليات الكثيرة في القرآن بذكر الجنة والنار ،ترغيبا وترهيبا ،تحث على حياته وموته ،ورزقه وعافيته ،ويقدر على بعثه ونشره،وحسابه وعقابه، طاعة الله ،وتحذر من معصيته ️⬇ قال تعالى (:أال له الخلق واألمر تبارك الله رب العالمين) فمن ذلك قوله تعالى(:إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم -فهو فقير إلى الله تعالى غاية الفقر ،ومحتاج إليه غاية االحتياج ،والله تعالى بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذابۗ إن الله كان عزيزا حكيما ( )56والذين آمنوا وعملوا مستغن عنه وعن بقية خلقه غاية االستغناء غير محتاج إليهم ،بل هم المحتاجون الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها أبداۖ لهم فيها أزواج مطهرةۖ إليه والفقراء إلى فضله️⬇ وندخلهم ظال ظليال) كما قال تعالى (:يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى اللهۖ والله هو الغني الحميد ()15 -فالمؤمن ال يزال متعلقا بربه تعالى ،يرجو رحمته ،من غير يأس وال قنوط ألنه الرحيم سبحانه ، إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله ﷺ ((قضى الله الخلق كتب عنه فوق عرشهِ :إَّن َر ْح َم ِتي َس َب َق ْت َع َض بي)). ويكفي في بيان حاجة العبد إلى ربه وافتقاره إليه :حديث أبي ذر له عن النبي فيما روى عن ربه تبارك وتعالى أنه قال ((:يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فال تظالموا يا -ورجاء الله ليس اتكاال بال عمل صالح ،بل رجاؤه سبحانه وتعالى يدفع إلى العبادة️⬇ عبادي كلكم ضال إال من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إال من أطعمته قال تعالى (:إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إال من کسوته فاستكسوني أكسكم ،يا عبادي إنكم غفور رحيم) تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ،يا عبادي إنكم لن تبلغوا -وكذلك عندما يعصي العبد ربه فإنه يخاف عقابه ؛ ألنه يعصي العظيم الذي خضعت له ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ،يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم السماوات واألرض ومن فيهما ،وكيف ال يخاف العبد عاقبة معصيته ،وقد توعد الله من وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ،يا عبادي لو أن أولكم يتعدى حدوده بعذاب النار، وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك قال تعالى (:ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) مما عندي إال كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ،يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ،فمن وجد خيرا فليحمد الله ،ومن وجد غير ذلك فال يلومن إال نفسه)). -فكما أن المسلم يعبد ربه تبارك وتعالى حبا له ورجاء لثوابه وطمعا في جنته ،فإنه كذلك يعبده خوفا من عقابه وحذرا من ناره. الوحدة الثالثة :قبول العبادة شروط قبول العبادة لما شرع الله تعالى عبادته جعل لها شروطًا للصحة والقبول ،فال تكون صحيحة ومقبولة عنده إال إذا توافرت فيها هذه الشروط. وقد جمع الله بينها في قوله تعالى(:ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه اإليمان لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاۗ واتخذ الله إبراهيم خليال) شرط المتابعة (:وهو محسن)والمحسن:هو ما شروط اإلخالص ✅ كان عمله وفق ما جاء عن الله و رسوله . شرط االخالص (:أسلم وجهه لله ) شرط اإليمان (:واتبع ملة إبراهيم حنيفا) العبادة: المتابعة شروط العبادة: الشرط الثالث: الشرط الثاني: الشرط األول: متابعة النبي ﷺ إخالص العمل لله تعالى: ان تكون العبادة من مؤمن: -وهذا يعني أن تكون عبادة المسلم تابعة لما جاء -بان يكون العابد مؤمًن ا بما جاء عن الله وعن رسوله -اإلخالص هو :أن يريد العبد بطاعته التقرب إلى الله عن رسوله ،وهو بذلك يحقق شهادة أن محمدا ،مصدقا بكل خبر وجب اإليمان به ،وقد دل على سبحانه دون أي شيء آخر من تصنع لمخلوق ،أو رسول الله في نفسه بطاعته فيما أمر ،وتصديقه هذا الشرط️⬇ اكتساب محمدة عند الناس ،أو محبة مدح من فيما أخبر ،واجتناب ما نهى عنه وزجر ،وأال يعبد الخلق ،أو أي معنى من المعاني سوى التقرب إلى وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى(:ومن يعمل الله إال بما شرع عليه الصالة والسالم ، الله تعالى️⬇ ، من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك ودليل هذا الشرط قوله تعالى️⬇ يدخلون الجنة وال يظلمون نقيرا) كما قال تعالى (:وال يشرك بعبادة ربه أحدا) ✅ (:وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه -فهو لب الدين ،وعموده األعظم . -وال يثاب الكافر في اآلخرة على أي عبادة من فانتهوا) العبادات ،وال على أي عمل من األعمال الخيرة التي -وقد وردت أدلة كثيرة في الكتاب والسنة ُم قّر رة عملها في الدنيا ألن سيئة الكفر والشرك تمحو كل وقال تعالى(:من يطع الرسول فقد أطاع الله) هذا الشرط ،ومنها قوله تعالى امرا نبيه محمد ﷺ حسنة️⬇ وجاء في وصية النبي ﷺ لمالك بن الحويرث عليه حيث ان يوضح ألمته ما أمر به من قبل الله️⬇ قال تعالى(:وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه قال له ولقومه..((:وصلوا كما رأيتموني أصلي)) (:قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين) هباء منثورا) وعن جابر الله ؛ قال :رأيت النبي ﷺ يرمي على راحلته يوم -وقال تعالى مبينًا ما أمر به عباده المؤمنين️⬇ وعن عائشة قالت(( :قلت :يا رسول الله ،إَّن ابن جدعان النحر ،ويقول « :لتأُخ ذوا مناسككم» كان في الجاهلية يصل الرحم ،وُيطعم المسكين ،فهل (:وما أمروا إال ليعبدوا الله مخلصين له الدين -وقد حذر النبي ﷺ من االبتداع في العبادة️⬇ ؛ حنفاء) ذلك نافعه ؟ قال :ال ينفعه ،إنه لم يقل يوًم ا :رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)). فعن عائشة ،قالت :قال رسول اللهﷺ« :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد» وقالﷺ (( :إن الله ال ينظر إلى صوركم وأموالكم ،ولكن -ومن كمال عدل الله تعالى أنه يعطي الكافر في الدنيا ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )) -فالواجب هو أن يتبع العبد هدي النبي ﷺ ، جزاء حسناتها وأما المؤمن فله ثواب الدنيا واآلخرة ، وكما قالﷺ..« :وخير الهدي هدي محـمد ،وشر األمور -وإذا حّل إخالص العبد في العبادة ؛ نال بذلك قبول فعن أنس بن مالك قال :قال رسول الله ﷺ(( :إن الله ال محدثاتها ،وكل بدعة ضاللة» الطاعات وحصول البركات وتفريج الكربات ،وما يظلم مؤمنا حسنة ،يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في قصة الثالثة الذين انطبقت عليهم الصخرة ببعيد ، اآلخرة ،وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها الله في فقد كان من دعائهم « :الَّل ُه َّم ِإْن ُكنُت َف َع لُت ذلك الدنيا ،حتى إذا أفضى إلى اآلخرة ،لم تكن له حسنة ُيجزى بها)). ابتغاء وجهك» -4الفرح بالعبادة -1فعل العبادة -5عدم االغترار بالعبادة احوال المسلم مع -2عدم استصغار وسؤال الله قبولها العبادة: العبادة -2عدم استصغار -6شكر الله على -3التسابق الى العبادة: التوفيق للعبادة العبادة -نوع الله تعالى العبادات ليستكثر العبد منها ال ليهجرها ،ومهما كانت العبادة صغيرة فإن المسلم ال يتركها بدعوى أنها صغيرة أو غير مهمة أو غير مؤثرة! -1فعل العبادة: -فإن الله ال يضيع عنده عمل صالح️⬇ ؛ ّ -على المسلم أن يستكثر من العبادات فهي الباقيات قال تعالى(:إن الله ال يظلم مثقال ذرةۖ وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من الصالحات التي تبقى له عند ربه يوم القيامة️⬇ ، لدنه أجرا عظيما) قال تعالى(:المال والبنون زينة الحياة الدنياۖ والباقيات -كما أمر النبي ﷺ بفعل الطاعة ولو كانت قليلة️⬇؛ الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أمال) وقال رسول الله ﷺ «:اتقوا النار ولو بشق تمرة». -أحب األعمال الى الله هي️⬇: وقال رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه سبحانه أنه قال: الفرائض✅ « وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ،وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه». -5عدم االغترار بالعبادة وسؤال الله قبولها: -قد يدخل إبليس على المسلم الذي قام بعبادة من العبادات من مدخل العجب -3التسابق إلى والغرور فيوسوس له بأنه خيٌر من فالن الذي لم يقم بهذه العبادة ،وربما وسوس العبادة: له أنه قد صار من أهل الجنة ،فيدخل على هذا المسكين من العجب والغرور ما ُيفسد عليه عبادته ،وُيذهب عليه أجره. -إن من عرف أن الدنيا دار ممر وابتالء وفناء ،وأن اآلخرة دار مقر وجزاء وبقاء ،فال شك أنه سيكون مستكثرا من الطاعات ،مسابقا ومسارعا إليها. قال تعالى(:يمنون عليك أن أسلمواۖ قل ال تمنوا علي إسالمكمۖ بل الله يمن عليكم أن هداكم لإليمان إن كنتم صادقين) -ولذلك حذر الله تعالى عباده من الركون للحياة الدنيا واالغترار بزخرفها ،وبين لهم حقيقتها ، ثم أمرهم بالمسارعة إلى مغفرته ورضوانه والجنة الباقية️⬇ ، وقال تعالى(:يا أيها الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم بالمن واألذى فقال تعالى(:اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في األموال واألوالدۖ كمثل غيث كالذي ينفق ماله رئاء الناس) أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاماۖ وفي اآلخرة عذاب شديد ومغفرة من الله -فليس بالضرورة أن تكون كل عبادة مقبولة عند الله ،فربما لم تكن هذه ورضوانۚ وما الحياة الدنيا إال متاع الغرور ( )20سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء العبادة طبية كاملة مستوفاة ،والله تعالى طيب ال يقبل إال طيبا ،ولما قرب ابنا واألرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسلهۚ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاءۚ والله ذو الفضل العظيم) آدم قربانين ،تقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من اآلخر. وقال تعالى(:ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين) قال تعالى ۞ (:واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من ✅ -والتسابق إلى الطاعة هو منهج (صحابة رسول الله ﷺ )المهاجرين واألنصار . أحدهما ولم يتقبل من اآلخر قال ألقتلنكۖ قال إنما يتقبل الله من المتقين) -ثبت عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه️⬇، -وقد ذكر الله في صفات عباده المؤمنين أنهم يخافون أن ال ُيقبل منهم ️⬇، قال « :أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق ،ووافق ذلك ن ماًال ،فقلت :اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما.قال: كما قال تعالى (:والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) فجئت بنصف مالي ،فقال رسول الله ﷺ ( :ما أبقيت ألهلك ؟) فقلت :مثله.وأتى أبو بكر بكل ما عنده ،فقال: ( يا أبا بكر ؟ ما أبقيت ألهلك ؟).فقال :أبقيت لهم الله ورسوله.قلت :ال أسبقه إلى شيء أبدًا». -وهذا يورث المسلم انكسارًا بين يدي الله ،فيطلب من الله أن يغفر له خطأه وتقصيره في العبادة ،ويطلب منه أيضًا أن يتقبل عبادته ويجبر ما فيها من نقص ،وأال يؤاخذه بتقصيره. -وال يعني هذا أن ال يفرح العبد بطاعة الله تعالى ؛ بل يجمع في تعبده بين الخوف -4الفرح بالعبادة: والرجاء ،فيفرح بالعبادة ولكن ال يغتر بها. -العبادة شرف للعابد ،وسمو لروحه وعزة ،وإباء ،ولربما يفرح الناس بدراهم يصيبونها ،ومنازل يسكنونها ،وتجارات يربحونها ، -6شكر الله على التوفيق للعبادة: -ويغفلون عن الفرح بما هو أهم من ذلك وأعظم ،وهو الفرح بعبادة الله تعالى ⭕ ونعمه الدينية الشرعية ،مثل :نعمته على عبده بتوفيقه لحفظ القرآن أو بعض أجزائه ، -إن المسلم العالم بالله يعلم أن الله تعالى هو الذي وفقه للخير وهداه إليه ، أو توفيقه إلقام الصالة وإيتاء الزكاة كما أمر الله ،أو توفيقه لنعمة بلوغ شهر رمضان ويعلم أنه لوال فضل الله ورحمته لكان من الكافرين أو الفاسقين ،وهذا يستدعي وتمامه ، منه اعترافًا منه بفضل الله عليه ،ونعمته عليه بأن وفقه لعبادته وطاعته. -وسبب هذا الخلل منهم :تعلق القلب بحب الدنيا الفانية ،ونسيان اآلخرة الباقية. ⭕ -بل حتى هذا التوفيق لشكر الله تعالى على العبادة يعد نعمة جديدة تستوجب شكرًا قال تعالى(:يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى جديدا فيبقى العبد يتقلب في نعم الله شاكرا لربه معترفا له بالفضل واإلنعام⬇️. ورحمة للمؤمنين ( )57قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) قال الشافعي« :الحمد لله الذي ال ُيؤَّد ى شكر نعمة من نعمه ؛ إال بنعمة منه ». قال ابن كثير(« :بفضل الله) أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق ( -وثمرة هذا الشكر أن يوفق المسلم لعبادة جديدة ،فإن الله قد وعد الشاكر بالمزيد️⬇ فليفرحوا) ،فإنه أولى ما يفرحون به ( هو خير مما يجمعون) أي :من حطام الدنيا فقال تعالى (:وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم ألزيدنكمۖ ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)