التطورات السياسية في األردن من 1953 إلى 1967 PDF

Summary

This document provides a detailed overview of the political developments in Jordan from 1953 to 1967. It particularly focuses on the political crisis during the reign of King Abdullah's absence and the subsequent developments, including Jordan's attempts to join the Baghdad Pact. The document also explores the domestic and international factors that shaped Jordan's political landscape during this period.

Full Transcript

‫"المحور الخامس"‬ ‫"التطورات السياسية منذ تسلم الملك حسين‬ ‫سلطاته الدستورية عام ‪ 1953‬حتى عام ‪"1967‬‬ ‫لقد تال غياب الملك عبدهللا الذي أغتيل في ‪ 20‬تموز عام ‪ ،1951‬أزمة‬ ‫سياسية في البالد؛ إذ كان ولي العهد األمير طالل مريضا يعالج في إحدى‬ ‫المصحات السويسرية‪ ،‬ولكن عودته في ‪ 6‬كانون األول من...

‫"المحور الخامس"‬ ‫"التطورات السياسية منذ تسلم الملك حسين‬ ‫سلطاته الدستورية عام ‪ 1953‬حتى عام ‪"1967‬‬ ‫لقد تال غياب الملك عبدهللا الذي أغتيل في ‪ 20‬تموز عام ‪ ،1951‬أزمة‬ ‫سياسية في البالد؛ إذ كان ولي العهد األمير طالل مريضا يعالج في إحدى‬ ‫المصحات السويسرية‪ ،‬ولكن عودته في ‪ 6‬كانون األول من العام نفسه‪،‬‬ ‫والمناداة به ملكا على األردن‪ ،‬أنهى األزمة السياسية ومسألة غياب راس‬ ‫الدولة‪.‬ورغم قصر مدة حكم الملك طالل‪ ،‬التي لم تتجاوز العام‪ ،‬إال أنه تم‬ ‫وضع دستور جديد بمبادرة من الملك طالل‪ ،‬وقعه في أول كانون الثاني عام‬ ‫‪ ، 1952‬ويعد هذا الدستور من أحدث الدساتير في العالم وأكثرها ديمقراطية‬ ‫وشرى‪ ،‬نص على مسؤولية الو ازرة أمام مجلس األمة‪.‬كما بادر الملك طالل‬ ‫إلى التحالف مع السعودية وإنهاء فترة العداء بين البلدين‪.‬‬ ‫وبعد أن اشتد المرض على الملك طالل‪ ،‬أعفي من منصبه‪ ،‬ونودي‬ ‫باألمير حسين ملكا على األردن في ‪ 11‬آب عام ‪1952‬؛وبسبب صغر سنه‪،‬‬ ‫تألف مجلس وصاية من سليمان طوقان‪ ،‬وعبد الرحمن رشيدات‪ ،‬وإبراهيم‬ ‫هاشم‪.‬وفي ‪ 2‬أيار عام‪ ، 1953‬عندما بلغ الملك حسين سن الرشد‪ ،‬أقسم‬ ‫اليمين الدستورية أمام مجلس األمة‪ ،‬وتسلم سلطاته الدستورية كرئيس للدولة‪.‬‬ ‫واستطاع الملك حسين خالل فترة قصيرة من تحقيق نهضة شاملة في‬ ‫مختلف مستويات التنمية‪ ،‬والتطور االقتصادي واالجتماعي والتعليمي‪ ،‬حتى‬ ‫أصبحت نسبة التعليم العالي في األردن من أعلى النسب في العالم‪.‬ولم‬ ‫تمض أربع سنوات على حكم الملك حسين حتى أصبح الملك الشاب قاد ار‬ ‫على قيادة شعبه ومعالجة المشاكل والقضايا بحكمة ودراية‪ ،‬خاصة تلك التي‬ ‫‪1‬‬ ‫نتجت عن نكبة عام ‪ ، 1948‬وما ترتب عليها من التزامات جديدة حيال‬ ‫القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫وكان هم الملك حسين التخلص من المعاهدة األردنية – البريطانية‬ ‫وتوابعها؛ لذلك فقد طلب من البريطانيين تعديل المعاهدة‪ ،‬خالل زيارته لندن‬ ‫في كانون األول عام ‪ ،1954‬لكن الحكومة البريطانية طلبت تأجيل النظر‬ ‫في ذلك‪ ،‬لحين إنشاء حلف دفاعي في الشرق األوسط‪ ،‬واستطاعت بريطانيا‬ ‫إيجاد ميثاق عرف بـ "ميثاق حلف بغداد" في بداية عام ‪ ،1955‬وهو حلف‬ ‫عسكري مكون من بريطانيا والعراق وتركيا وإيران والباكستان‪ ،‬هدفه الوقوف‬ ‫ضد المد الشيوعي في منطقة الشرق األوسط‪.‬وفي ظل هذه الظروف أصبح‬ ‫األردن الدولة العربية األولى المرشحة لالنضمام إلى الحلف‪.‬‬ ‫وقد حاول البريطانيون إدخال األردن في الحلف‪ ،‬وكان من الممكن أن‬ ‫يوفر ذلك لألردن إمكانية مضاعفة عدد قواته المسلحة‪ ،‬وتعديل المعاهدة‬ ‫األردنية – البريطانية وتقليص مدته ا‪ ،‬مع استمرار المساعدات المالية‬ ‫والدفاعية التي كان األردن في أمس الحاجة إليها‪.‬وتوفير مساعدات اقتصادية‬ ‫لتنمية البالد صناعيا وزراعيا‪ ،‬وإقامة مشاريع كبيرة للتقليل من واالعتماد على‬ ‫الخارج والتخلص من القيادة البريطانية في الجيش األردني‪.‬‬ ‫وسعت حكومات كل من‪ :‬العراق وبريطانيا وتركيا إلى ضم األردن للحلف‬ ‫‪ ،‬وحاول الرئيس التركي جالل بايار خالل زيارته عمان في تشرين الثاني‬ ‫عام ‪ ، 1955‬إقناع الملك حسين الدخول في الحلف‪ ،‬والفوائد التي تنتظر‬ ‫األردن في حالة انضمامه‪ ،‬وقد أبدى الملك حسين استجابة األردن ورغبته‬ ‫في االنضمام إلى الحل ف‪.‬وتعهدت بريطانيا بزيادة عدد القوات األردنية‪،‬‬ ‫وإرسال أسلحة متنوعة لألردن‪ ،‬وإبدال معاهدة ‪ 1948‬باتفاقية خاصة ‪.‬وركز‬ ‫‪2‬‬ ‫األردن على أن تعلن بريطانيا عن تأييدها له في تحقيق المطالب والحقوق‬ ‫العربية في فلسطين‪.‬‬ ‫وعقد رئيس الوزراء سعيد المفتي اجتماعا في ‪ 12‬كانون األول لدراسة‬ ‫المقترحات البريطانية‪ ،‬وإعداد مشروع اتفاقية أردنية – بريطانية‪ ،‬ولكن أربعة‬ ‫وزراء من أصل فلسطيني رفضوا الدخول في الحلف‪ ،‬حيث قدموا استقالتهم‪،‬‬ ‫وحدثت أزمة و ازرية انتهت بتقديم سعيد المفتي استقالة حكومته‪.‬ويبدو أن‬ ‫اسباب معارضة الوزراء للحلف تكمن فيما يلي ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أن الدخول في الحلف معناه ربط مصير األردن مع الغرب‪ ،‬وبالتالي هدف‬ ‫الحلف الوقوف في وجه الشيوعية وليس حل القضية الفلسطينية‬ ‫واسترجاع حقوق العرب‪.‬‬ ‫ب – إن أهداف الحلف ليست قومية‪ ،‬خاصة أن معظم أعضائه دول غير‬ ‫عربية ؛ لذلك فأهدافه ال تتوافق مع أهداف العرب في الوحدة والحرية‪.‬‬ ‫ج – كره العرب وخاصة الفلسطينيين لبريطانيا وفرنسا‪ ،‬اللتين كان لهما دور‬ ‫كبير في مآسي العرب؛ لذلك رفضوا الحلف ألن بريطانيا عنصر أساسي‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫وكلف الملك حسين هزاع المجالي تشكيل حكومة جديدة في ‪ 15‬كانون‬ ‫األول عام ‪ ، 1955‬أعلنت عزمها على ضم األردن إلى حلف بغداد‪.‬ولكن‬ ‫المواطنين قاموا بمظاهرات واضطرابات أجبرت الحكومة على تقديم استقالتها‬ ‫في ‪ 19‬من الشهر نفسه‪ ،‬وأصدر هزاع المجالي كتابا بعنوان " هذا بيان‬ ‫لل ناس" ‪ ،‬أوضح فيه فوائد انضمام األردن إلى حلف بغداد‪.‬وجاءت حكومة‬ ‫إبراهيم هاشم‪ ،‬حيث فرضت األحكام العرفية وأعلنت حالة الطوارئ ومنع‬ ‫التجول في الشوارع‪ ،‬ومع ذلك استمرت المظاهرات‪ ،‬وهاجم الناس المراكز‬ ‫الحكومية‪ ،‬وبعض المالجئ في الضفتين‪ ،‬حيث نهبوها ودمروها‪.‬وقام الملك‬ ‫‪3‬‬ ‫بحل مجلس النواب واالستعداد إلجراء انتخابات جديدة‪ ،‬ولكن حل المجلس‬ ‫لم يكن دستوريا‪ ،‬فاحتج بعض النواب على هذا األمر‪ ،‬فاستقالت حكومة‬ ‫إبراهيم هاشم‪ ،‬ثم شكل سمير الرفاعي حكومته في ‪ 9‬كانون الثاني عام‬ ‫‪. 1956‬وعاش األردن في أزمة حقيقية؛ االحتجاجات من الداخل‪ ،‬والحمال ت‬ ‫اإلعالمية المصرية من الخارج‪ ،‬باإلضافة إلى دور المملكة العربية السعودية‬ ‫في تقديم األموال إلى بعض الشخصيات السياسية األردنية‪ ،‬وشراء الذمم من‬ ‫أجل مقاومة انضمام األردن إلى حلف بغداد‪.‬‬ ‫ويبدو أن الملك حسين أدرك ما سببته حوادث محاولة االنضمام إلى‬ ‫حلف بغداد واألزمة الو ازرية التي تلته‪ ،‬وكان الملك الشاب على اتصال مع‬ ‫النبض الشعبي‪ ،‬وبدأ يدرك من خالل جلساته مع رئيس هيئة األركان العامة‬ ‫جـون باجــوت غلــوب (‪ ،)J.B. Glubb‬الفرق في األفكار بينه وبين غلوب؛‬ ‫فالملك كان يتطلع نحو مستقبل الدولة األردنية‪ ،‬بحيث يصبح هناك جيش‬ ‫قوي ودولة حديثة‪ ،‬وبالمقابل كان غلوب يفكر بنهاية سليمة له في األردن‪.‬كما‬ ‫كان الملك يعي مدى الهيمنة لغلوب على الحياة السياسية العامة‪ ،‬وتخاذل‬ ‫غلوب في الرد على الهجمات اإلسرائيلية‪ ،‬عندها أنشأ الملك الحرس الوطني‬ ‫رغم عدم رضا غلوب‪ ،‬كما بدأ الملك يتعاون مع الضباط الشبان‪ ،‬ومنهم علي‬ ‫أبو نوار‪ ،‬الذي كان ملحق ًا عسكري ًا في السفارة األردنية بباريس؛ إذ أبعده‬ ‫غلوب عن الجيش ألنه جريء في طرح أفكاره‪.‬وبعدها أخذ أبو نوار يلتقي‬ ‫مع الملك ويقول له‪ ،‬لماذا هذا العجوز يسيطر علينا؟ ولماذا تسيطر علينا‬ ‫بريطانيا ونحن شباب أكفياء وأولى بقيادة بالدنا؟ وهنا اقتنع الملك حسين‬ ‫بطرد غلوب باشا والضباط البريطانيين‪ ،‬وكان ذلك في األول من آذار عام‬ ‫‪ ، 1956‬في عهد حكومة سمير الرفاعي‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫استقبل األردنيون تعريب قيادة الجيش األردني بفرح ومظاهرات‪ ،‬تأييدا‬ ‫للملك حسين‪ ،‬حيث تحول الملك نتيجة لهذا العمل إلى بطل شعبي‪.‬أما على‬ ‫الصعيد القومي فقد اعتبر قرار الملك حسين السابق بمثابة ضربة للوجود‬ ‫البريطاني في المنطقة؛ لذلك فقد بعث الرؤساء العرب وعلى رأسه جمال عبد‬ ‫الناصر بطاقات تهنئة وتأييد بهذه المناسبة‪ ،‬وقرروا مساعدة األردن في مقاومة‬ ‫كل ضغط أجنبي أو أي عدوان إسرائيلي ‪.‬‬ ‫وانفتح األ ردن بعد ذلك على الدول العربية؛ فزار الملك حسين دمشق في‬ ‫‪ 10‬نيسان من العام نفسه‪ ،‬وكان السوريون فرحين بخطوة الحسين السابقة‪،‬‬ ‫لدرجة أن الضباط السوريين قاموا بحمل الحسين على أكتافهم‪ ،‬حيث داروا‬ ‫به في شوارع دمشق‪ ،‬تعبي ار عن تأييدهم له في خطواته السابقة‪.‬وهكذا فقد‬ ‫أصبحت للملك حسين شعبية مذهلة في العالم العربي‪ ،‬وتفوق على جمال‬ ‫عبد الناصر‪.‬ويعد طرد غلوب باشا خطوة ممهدة‪ ،‬بل وحاثة لعبد الناصر‬ ‫كي يؤمم قناة السويس‪ ،‬ويطرد البريطانيين والفرنسيين من مصر‪.‬‬ ‫وتشكلت حكومة وطنية برئاسة سعيد المفتي في ‪ 22‬أيار عام ‪،1956‬‬ ‫وأول خطوة اتخذتها حكومة المفتي‪ ،‬كانت تعيين أبو نوار رئيس ًا ألركان‬ ‫الجيش األردني وترفيعه إلى رتبة أمير لواء‪ ،‬وترفيع عدد من الضباط وتمتعت‬ ‫األحزاب السياسية بحرية في عهد هذه الحكومة‪ ،‬وصدرت صحف باسم هذه‬ ‫األحزاب‪ ،‬وطالبت األحزاب بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة‪،‬‬ ‫وجرت هذه االنتخابات في عهد حكومة إبراهيم هاشم في ‪ 21‬تشرين األول‬ ‫من العام نفسه‪ ،‬شاركت فيها جميع األحزاب السياسية على اختالف‬ ‫اتجاهاتها‪ ،‬وحصل الحزب الوطني االشتراكي على أحد عشر مقعدًا‪ ،‬وحصلت‬ ‫األحزاب األخرى على مقاعد أيضا‪ ،‬وشكل زعيم الحزب الوطني االشتراكي‬ ‫الحكومة – كما ذكرنا سابقا – التي تعد الحكومة الحزبية الوحيدة في تاريخ‬ ‫‪5‬‬ ‫األردن‪.‬وهذا العمل العظيم الذي تبناه الملك الحسين‪ ،‬قوى من لحمة الوحدة‬ ‫الوطنية‪ ،‬رغم قصر عمر هذا الحدث‪.‬‬ ‫وكانت أزمة السويس في تشرين األول‪ ،‬أول امتحان واجهته حكومة‬ ‫النابلسي؛ إذ أن كل من ‪ :‬بريطانيا وفرنسا وإسرائيل اعتدت على مصر‪،‬‬ ‫بسبب تأميم قناة السويس في العام نفسه‪.‬وقد وقف األردن بقيادة الملك حسين‬ ‫وجه الملك رسالة إلى عبد الناصر بمناسبة تأميم القناة‪،‬‬ ‫مع مصر‪ ،‬حيث ّ‬ ‫أعلن تضامنه مع مصر ووقوفه إلى جانب الشعب المصري‪ ،‬في مواجهة أي‬ ‫اعتداء خارجي‪.‬وعندما وقع االعتداء على مصر في ‪ 29‬تشرين األول‪ ،‬أعلن‬ ‫األردن وقوفه إلى جانب مصر‪ ،‬وقطع عالقاته الدبلوماسية مع فرنسا‪،‬‬ ‫وصدرت اإلدارة الملكية بالدعوة إلى النفير العام‪ ،‬كما دخل حوالي عشرة‬ ‫آالف مقاتل سوري وعراقي إلى األردن بناء على طلب الحكومة األردنية‪.‬‬ ‫ونتيجة لتدخل االتحاد السوفيي تي والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬انتهت أزمة‬ ‫السويس‪ ،‬حيث خرج عبد الناصر أقوى من السابق‪ ،‬وانتصرت مصر‬ ‫دبلوماسيا في هذه الحرب‪.‬‬ ‫وقد سعى األردن إلى إنهاء المعاهدة األردنية – البريطانية لعام ‪،1948‬‬ ‫وعرضت الدول العربية على األردن معونة مالية‪ ،‬لتحل محل المعونة‬ ‫البريطانية‪ ،‬وفي ‪ 19‬كانون الثاني عام ‪ ، 1957‬اجتمع كل من الملك حسين‪،‬‬ ‫والملك سعود‪ ،‬وعبد الناصر ورئيس وزراء سوريا صبري العسلي مندوبا عن‬ ‫شكري القوتلي‪ ،‬وأسفر االجتماع عن توقيع " إتفاقية التضامن العربي"‪ ،‬التزمت‬ ‫من خاللها كل من سوريا والسعودية ومصر بدفع مبلغ قدره (‪ )12.5‬مليون‬ ‫جنيه مصري سنويا‪ ،‬تدفع مصر خمسة ماليين والسعودية خمسة ماليين‪،‬‬ ‫بينما تدفع سوريا مليونين ونصف‪.‬وكان عقد هذه االتفاقية ممهدا إلنهاء‬ ‫المعاهدة األردنية – البريطانية‪ ،‬وفي ‪ 4‬شباط من العام نفسه‪ ،‬بدأ الطرفان‬ ‫‪6‬‬ ‫األردني برئاسة رئيس الوزراء سليمان النابلسي والبريطاني برئاسة السفير‬ ‫جونستون (‪ ،) Johnston‬بشأن إنهاء المعاهدة وسحب القوات البريطانية من‬ ‫األردن‪ ،‬وفي ‪ 13‬آذار وقعت االتفاقية الخاصة بإنهاء معاهدة ‪ ،1948‬التي‬ ‫تعد نهاية التحالف األردني – البريطاني الذي استمر ستة وثالثين عاما‪.‬‬ ‫استقبل الشعب األردني إنهاء المعاهدة بحم اس بالغ‪ ،‬واعتبر الملك حسين‬ ‫هذا الحدث بمثابة الخطوة األولى نحو الوحدة والحرية‪.‬وهكذا تحرر األردن‬ ‫من الهيمنة األجنبية ومن الوجود العسكري األجنبي‪ ،‬ولكنه في الوقت نفسه‬ ‫واجه أزمة مالية؛ إذ أن الدول العربية الثالث لم تفي بالتزاماتها تجاه األردن؛‬ ‫فبدأ الملك حسين يبحث عن حلفاء جدد‪،‬بعد هزيمة بريطانياوفرنسا في حرب‬ ‫السويس‪ ،‬حيث وجد الواليات المتحدة األمريكية حليفا مهما‪ ،‬لمعالجة أوضاعه‬ ‫االقتصادية‪ ،‬خاصة بعد ظهورما يعرف بـ "مبدأ ايزنهاور" ( ‪Eisenhower‬‬ ‫‪ )Doctrine‬في كانون الثاني عام ‪ ، 1957‬ورغبة أميركا بملء الفراغ في‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬ودعم الدول التي تقف امام الخطر الشيوعي‪.‬وأبدى الملك‬ ‫حسين رغبة بهذا األمر ‪ ،‬للتخلص من األعباء المالية والصعوبات االقتصادية‬ ‫التي واجهت األردن آنذاك‪.‬‬ ‫وحصل خالف ما بين الملك حسين وحكومة سليمان النابلسي ذات‬ ‫االتجاه الناصري القومي؛ إذ عارضت الحكومة مبدأ ايزنهاور‪ ،‬وقررت إقامة‬ ‫عالقات مع االتحاد السوفييتي‪ ،‬ووصل األمر إلى إقالة حكومة النابلسي في‬ ‫العاشر من نيسان عام ‪ ، 1957‬نتيجة للصراع بين الملك والحكومة الحزبية‪.‬‬ ‫األردن ومشاريع الوحدة العربية‪:‬‬ ‫لقد تبنى الهاشميون في األردن ( األمير عبدهللا) وفي العراق (الملك‬ ‫فيصل ) سياسة التسوية مع بريطانيا‪ ،‬ورفعوا شعار "خذ وطالب" من أجل‬ ‫‪7‬‬ ‫الحصول على االستقالل وتنفيذ مشاريع الوحدة العربية‪.‬وهذا التيار‬ ‫(الهاشمي) هو الغالب بين التيارات العربية األخرى‪ ،‬حيث قام على أساس‬ ‫أن الوحدة تأتي خطوة خطوة‪ ،‬مع إيمان أصحاب هذا التيار بأن التعاون مع‬ ‫الغرب ال مفر منه‪.‬‬ ‫ورغم ما أشرت له سابقاً‪ ،‬إال أن األمير عبدهللا كان يدعو للوحدة أكثر‬ ‫من الملك فيصل؛ ألنها من وجهة نظره تقوي القوى التحررية وتسرع في‬ ‫الحصول على االستقالل الوطني‪ ،‬وكان األمير عبدهللا مقتنع ًا بأن التعاون‬ ‫مع القوى األجنبية وخاصة بريطانيا‪ ،‬يمكن م ن خالله تحقيق الوحدة؛ فكان‬ ‫يرى أن مصلحة بريطانيا وفرنسا أيضا توحيد سورية الطبيعية‪.‬‬ ‫وهكذا فلم ير أصحاب أو دعاة هذا التيار (عبدهللا وفيصل) حرجا في‬ ‫تحقيق الوحدة العربية بين قطرين أو أكثر في ظل الهيمنة الغربية‪.‬وحاول‬ ‫دعاة هذا التيار ربط هذه المشاريع بالغرب على اعتبار أنها من صالحه‪.‬‬ ‫وبقي هذا األمر منطلقهم في تحقيق كل المشاريع العربية التي طرحت‪.‬‬ ‫ولكن هذا الطرح دائما كانت تعارضه القوى العربية وتقف أمام تحقيقه‪،‬‬ ‫وأبرز هذه القوى‪:‬‬ ‫العائلة العلوية ( عائلة محمد علي باشا) في مصر‪ ،‬التي كانت تكره‬ ‫الزعامة الهاشمية للبالد العربية‪ ،‬وتجد في الهاشميين منافسا لها؛ فعندما أعلن‬ ‫الحسين بن علي نفسه خليفة للمسلمين في آذار عام ‪ 1924‬في عمان‪ ،‬أدان‬ ‫األزهر هذا األمر‪ ،‬وطالب أن يكون ملك مصر فؤاد األول ( أرناؤوطي)‬ ‫خليفة‪ ،‬حيث أوصلوا نسبه إلى فاطمة الزهراء‪.‬أما القوة األخرى المعارضة‬ ‫فهي قوة آل سعود في شبه الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫وهنا سأتحدث عن مشروعين طرحهما الهاشميون‪ ،‬األول في عهد الملك‬ ‫عبدهللا تحت اسم " مشروع سورية الكبرى"‪ ،‬والثاني في عهد الملك حسين "‬ ‫مشروع االتحاد العربي عام ‪."1958‬‬ ‫أوال‪ :‬مشروع سورية الكبرى‪:‬‬ ‫لقد كانت فكرة تحقيق هذا المشروع تراود األمير ( الملك ) عبد هللا منذ‬ ‫قدومه إلى شرقي األردن‪ ،‬ولكن الظروف حالت دون تحقيقه‪ ،‬واشتدت‬ ‫المطالبة به خالل األربعينات‪ ،‬خاصة بعد قيام الحرب العالمية الثانية عام‬ ‫‪ ،1939‬وأبرز المسوغات التي طرحها األمير ( الملك) عبدهللا وقام عليها‬ ‫هذا المشروع‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫أ – أنه امتداد لمشروع النهضة ( الثورة ) العربية الذي نادى به الشريف‬ ‫الحسين بن علي عام ‪.1916‬‬ ‫ب – يمثل حال للقضية الفلسطينية؛ وذلك بإيجاد كيان يهودي مستقل " إدارة‬ ‫ذاتية"‪.‬‬ ‫ج – وعلى اعتبار ان المشروع بمثابة إعادة للمملكة العربية السورية‪ ،‬التي‬ ‫أنشأها الملك فيصل وانهارت‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫د‪ -‬الرغبة الشعبية في وحدة األقطار الشامية" السورية" التي تمثلت في‬ ‫المؤتمر السوري األول عام ‪ ،1919‬والثاني في آذار عام ‪ 1920‬ومناداة‬ ‫الملك فيصل زعيما على سورية‪.‬‬ ‫هـ ‪ -‬إن ت حقيق هذا المشروع يعد خطوة أولى على طريق الوحدة العربية‪.‬‬ ‫و – المصلحة االقتصادية وهي وحدة واحدة‪ ،‬فالتجزئة ووجود الجمارك‬ ‫والحدود أضعفت من القوة العربية االقتصادية ومن حرية العمل‪.‬‬ ‫ز – إن قيام هذا المشروع من مصلحة بريطانيا‪ ،‬رغم أنها لم تشعر يوما من‬ ‫األيام بأن مصلحتها في هذه الوحدة‪.‬والوحيدان البريطانيان اللذان كانا‬ ‫مقتنعين بأن األردن لن يستمر دون قيام وحدة مع أحد األقطار العربية‪،‬‬ ‫هما "غلوب باشا والسيراليك كيركبرايد"‪ ،‬فكانت رؤيتهما أن من مصلحة‬ ‫األردن االتحاد مع فلسطين أو غيرها‪.‬‬ ‫أما الموقف العربي والدولي من مشروع سورية الكبرى‪ ،‬فقد تمثل بما يلي‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ - 1‬مصر‪ :‬كان هم زعمائها بأن ال تقوم أي وحدة أو دولة قوية تنافسهم‬ ‫في زعامة األمة العربية أو البالد العربية؛ لذلك عادت مصر مشروع‬ ‫سورية الكبرى وغيره من المشاريع العربية األخرى‪.‬‬ ‫‪ - 2‬سوريا‪ :‬وقفت الحركة الوطنية في سوريا بزعامة الحزب الوطني (‬ ‫جماعة شكري القوتلي) ضد المشروع؛ ألنهم من الناحية االقتصادية‬ ‫‪10‬‬ ‫سيخسرون‪ ،‬خاصة أن األردن بلد فقير‪ ،‬فكانت وجهة نظرهم أن الوحدة‬ ‫تكون مع البلد الغني وليست مع البلد الفقير‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الحاج أمين الحسيني ‪ :‬وقف ضد المشروع ألنه يريد زعامة فلسطين‬ ‫‪ ،‬في الوقت الذي كان الملك عبدهللا يؤيد زعامة أخرى هي عائلة‬ ‫النشاشيبي عدو الحسيني‪ ،‬لذلك فقد رفض الحسيني كل المشاريع التي‬ ‫كان يطرحها الملك عبدهللا؛ ألن فلسطين كانت دائما من ضمن هذه‬ ‫المشاريع‪.‬‬ ‫‪ - 4‬لبنان‪ :‬عارض المسيحيون المشروع‪ ،‬رغم أن الملك عبدهللا طرح في‬ ‫مشروعه بأن يكون للبنانيين كيان م ستقل‪ ،‬ألن الموازنة المسيحية ال‬ ‫يريدون أي وحدة عربية مع المسلمين يذوبون فيها مع قناعاتهم بأنهم‬ ‫ذراع فرنسا في البالد العربية‪.‬‬ ‫‪ - 5‬العراق‪ :‬لم يؤيد المشروع بسبب خوفه على زعامة العائلة الهاشمية‬ ‫التي كان الملك عبدهللا يطمح بتزعمها‪ ،‬كما أن العائلة الهاشمية نفسها‬ ‫في ا لعـراق كانت تطمح بضم سوريا إليها‪ ،‬وبأن يتولى الوصي على‬ ‫عرش العراق األمير عبد اإلله عرش سوريا؛ باإلضافة إلى سوء التفاهم‬ ‫القائم بين الملك عبدهللا واألمير عبد اإلله‪.‬‬ ‫‪ - 6‬بريطانيا‪ :‬رفضت المشروع ألنها ال تريد أن تزعج أو تغضب حلفاءها‪،‬‬ ‫وال تريد أن تؤثر على وجودها ومصالحها في المنطقة‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪ - 7‬فرنسا‪ :‬عارضت المشروع‪ ،‬ألنها ستفقد هيمنتها على سوريا ولبنان‪،‬‬ ‫والعتقادها بأن الملك عبدهللا حليف لالنجليز‪.‬باإلضافة إلى أن أي‬ ‫نوع من الوحدة سيضعف نفوذها لدى المسيحيين ونفوذ المسيحيين‬ ‫لديها‪ ،‬وخاصة الموازنة في لبنان‪.‬‬ ‫قدم األمير "الملك" عبدهللا مشروعه في عام ‪1943‬؛ وذلك بقيام وحدة‬ ‫بين األقطار الشامية "السورية" األربعة ( سوريا ولبنان وفلسطين وشرقي‬ ‫األردن)‪ ،‬أو اتحاد فيدرالي‪ ،‬تكون عاصمته دمشق‪ ،‬وتتحد هذه الدولة "سورية‬ ‫الطبيعية" مع العراق باتحاد كونفدرالي‪ ،‬ويكون هذا االتحاد بمثابة نواة للوحدة‬ ‫ال عن مشروع جامعة الدول العربية‪،‬‬ ‫العربية الشاملة‪.‬لقد كان هذا المشروع بدي ً‬ ‫الذي اقترحه نوري السعيد ومصطفى النحاس وظهر عام ‪ ،1945‬تحت اسم‬ ‫"جامعة الدول العربية"‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فإن طرح الملك عبدهللا لمشروع سورية الكبرى لم يتوقف‪ ،‬حتى‬ ‫بعد توقيع ميثاق الجامعة في آذار عام ‪ ،1945‬فقد استمر الملك عبدهللا‬ ‫بطرحه وبحثه في أروقة الجامعة وفي الدول األوروبية‪.‬وبقي العرب يبحثوا‬ ‫موضوعه حتى عام ‪ ، 1947‬عندما اتخذت الجامعة ق ار ار بعدم مناقشته بعد‬ ‫هذا التاريخ‪.‬‬ ‫أما وسائل اإلقناع التي اتبعها الملك عبدهللا في نشر فكرة المشروع‪،‬‬ ‫فكانت ‪:‬‬ ‫‪- 1‬إقن اع الحكومة البريطانية بأهمية المشروع وفوائده‪.‬‬ ‫‪ - 2‬االتصال المباشر بالقوى المؤيدة للوحدة‪ ،‬السورية واللبنانية‬ ‫والفلسطينية‪ ،‬حيث كان بعضها يتلقى األموال من الحكومة األردنية‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪- 3‬وسائل اإلعالم‪ ،‬والمؤتمرات‪ ،‬والخطب‪ ،‬والبيانات التي كانت توجه‬ ‫لألمة السورية؛ إذ كان الملك عبدهللا يضايق الزعماء بهذه البيانات‬ ‫والخطب‪ ،‬التي كان‬ ‫يعبر من خاللها عن تطلعاته ونوايا شعوب المنطقة‪ ،‬حيث كانت غالبية‬ ‫الناس تريد الوحدة‪.‬‬ ‫وقد ساق المعارضون للمشروع وللملك عبدهللا مجموعة من الحجج ضده‪،‬‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫أ – أن المشروع بريطاني هدفه الهيمنة على سوريا ولبنان كالهيمنة على‬ ‫شرقي األردن وفلسطين‪.‬‬ ‫ب – أن المشروع يعطي للصهيونية شرعية الوجود في سورية وبالتالي وجود‬ ‫كيان يهودي‪.‬‬ ‫ج – أن هدف المشروع إيجاد عرش للملك عبدهللا أكبر من عرشه في شرقي‬ ‫األردن‪ ،‬وهو بذلك جزء من أطماع الملك الشخصية‪.‬‬ ‫د – نادوا بتحقيق االستقالل أوال ثم الوحدة‪ ،‬ولكن هذا الشعار لم ينفذ حتى‬ ‫بعد استقالل سوريا ولبنان عن فرنسا عام ‪ ، 1946‬بل إنهم قاوموا المشروع‬ ‫على اعتبار أن األردن ما زال مربوط بمعاهدة تحالف مع بريطانيا‪ ،‬وهذا‬ ‫ينقص من استقالل سوريا ولبنان‪.‬‬ ‫ورغم ما سبق من حجج واتهامات ضد المشروع‪ ،‬إال أنه بقي في ذهن‬ ‫الملك عبدهللا يطرحه ويردده‪ ،‬وبالمقابل يرد عليه السوريون بمشاريع ‪ ،‬كمشروع‬ ‫‪13‬‬ ‫ناظم القدسي‪ ،‬وحتى رؤساء سوريا حسني الزعيم وسامي الحناوي وأديب‬ ‫الشيشكلي‪ ،‬لم يلبوا مطالب الملك عبدهللا الهادفة إلى تحقيق المشروع‪ ،‬بل‬ ‫رفضوه ألسباب مختلفة‪.‬‬ ‫ومات مشروع سورية الكبرى بموت الملك عبدهللا في ‪20‬تموز عام‬ ‫‪. 1951‬المشروع هو الذي مات ولكن الفكرة لم تمت؛ فبقيت موجودة حتى‬ ‫في عهد كل من الملك حسين وحافظ األسد‪.‬وفي بداية التسعينات طرح عدد‬ ‫من الم فكرين السوريين واألردنيين وحتى العراقيين وحدة سورية‪ ،‬بعد طرح‬ ‫مشروع السالم في الشرق األوسط‪ ،‬عقب حرب الخليج (‪.)1991/1990‬‬ ‫ثانيا‪ :‬االتحاد العربي عام ‪:1958‬‬ ‫تم إعالن قيام االتحاد العربي بين األردن والعراق في بداية عام ‪،1958‬‬ ‫وكان بإمكان أية دولة عربية أن تنضم إلى هذا االتحاد‪ ،‬حيث كانت الكويت‬ ‫أبرز الدول المرشحة لذلك‪.‬ويبدو أن القرب الجغرافي بين األردن والعراق‬ ‫وتشابه نظام الحكم بين البلدين ودرجة القرابة بين العائلتين‪ ،‬وحاجة األردن‬ ‫االقتصادية الماسة آنذاك لدولة غنية تتحد معها؛ باإلضافة إلى إعالن قيام‬ ‫الجمهورية الع ربية المتحدة بين مصر وسوريا في ‪ 2‬شباط من العام نفسه‪،‬‬ ‫كلها عوامل ساهمت في تسريع قيام االتحاد العربي‪.‬‬ ‫ورغم أن تحقيقه جاء في بداية عام ‪ ، 1958‬إال أنه قديم‪ ،‬فقد طرحه‬ ‫الملك عبدهللا منذ أواسط األربعينات‪ ،‬ولكن الظروف الدولية وظروف البلدين‬ ‫حال دون قيامه‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫وبدأت مفاوضات االتحاد بين الجانبين العراقي برئاسة الملك فيصل‬ ‫الثاني‪ ،‬واألردني برئاسة الملك حسين‪ ،‬وأصدرت الحكومة األردنية بالغا‬ ‫رسميا مشتركا في ‪ 14‬شباط‪ ،‬أعلنت فيه عن توصل الجانبين إلى عقد اتفاق‬ ‫بين األردن والعراق‪ ،‬يقوم على اسس أهمها؛ إنشاء حكومة اتحادية‪ ،‬وتوحيد‬ ‫السيا سة الخارجية للبلدين‪ ،‬وتوحيد الجيشين بجيش واحد‪ ،‬مع االحتفاظ‬ ‫بالمكانة الدولية المستقلة للبلدين‪ ،‬وتم االتفاق على تشكيل حكومة االتحاد‬ ‫والمجلس التشريعي لالتحاد‪ ،‬ووضع دستور اتحادي‪ ،‬إال أن رئاسة االتحاد‬ ‫اقتصرت على ملك العراق "الملك فيصل الثاني"‪ ،‬وينوب عنه الملك حسين‬ ‫في حالة غيابه‪.‬كما أصبح مركز حكومة االتحاد مناوبة بين بغداد وعمان‪،‬‬ ‫أي ستة شهور لكل واحدة منهما‪.‬وأن يصبح علم الثورة العربية علم دولة‬ ‫االتحاد ‪.‬‬ ‫وتم وضع دستور لالتحاد في شهر أيار الذي تضمن عدة أمور‪ ،‬من‬ ‫أهمها؛ أن االتحاد قام على أساس كونفدرالي‪ ،‬مع التزام كل دولة من دول‬ ‫االتحاد بالمعاهدات والمواثيق الدولية‪ ،‬المعقودة قبل قيام االتحاد‪ ،‬وأكد‬ ‫الدستور على ديمومة رئاسة ملك العراق لالتحاد‪ ،‬ونص الدستور على تأليف‬ ‫مجلس لالتحاد ‪.‬‬ ‫وقام نوري السعيد بتشكيل حكومة االتحاد األولى والوحيدة‪ ،‬وكان نائبه‬ ‫أردني (إبراهيم هاشم)‪ ،‬وروعي توزيع المناصب الو ازرية وفقا لعدد السكان في‬ ‫البلدين‪.‬وحاولت هذه الحكومة إيجاد مؤسسات دولة االتحاد‪ ،‬لكن بعضها لم‬ ‫ينجز بسبب قصر فترة االتحاد (‪ 14‬شباط – ‪ 14‬تموز)‪.‬‬ ‫وتباينت مواقف الدول العربية والدولية تجاه االتحاد العربي‪ ،‬فالدول‬ ‫العربية اتخذت مواقف متعددة على الصعيدين الشعبي والرسمي؛ فالجمهورية‬ ‫العربية المتحدة بزعامة عبد الناصر وقفت ضد دولة االتحاد‪ ،‬ولكن باقي‬ ‫‪15‬‬ ‫الدول العربية أيدت هذه الخطوة مثل؛ لبنان والسعودية‪.‬أما الكويت فكانت‬ ‫هناك نية لدى المسؤولين في االتحاد لضمها إليه ألسباب مختلفة‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫لم يتم ألسباب تتعلق بالكويت نفسها‪ ،‬عالوة على رفض الدول األجنبية بزعامة‬ ‫بريطانيا التي كانت مستعمرة الكويت‪.‬أما باقي الدول العربية فقد رحبت‬ ‫باالتحاد‪ ،‬وبعث مسؤولو تلك الدول ببرقيات ورسائل تهنئة بهذه المناسبة؛ إذ‬ ‫باركوا هذه الخطوة‪.‬‬ ‫كما أيدت كثير من الدول األجنبية قيام االتحاد‪ ،‬وعلى رأسها بريطانيا‪،‬‬ ‫والواليات المتحدة األميركية‪ ،‬ودول حلف بغداد‪ ،‬وكثير من الدول األجنبية‬ ‫سواء في أوروبا أو آسيا أو أميركا‪ ،‬باستثناء االتحاد السوفييتي وإسرائيل‪.‬‬ ‫وإنهار االتحاد العربي بعد خمسة شهور على قيامه‪ ،‬حيث حدث انقالب‬ ‫عسكري في العراق‪ ،‬نفذه عدد م ن الضباط العراقيين بزعامة عبد الكريم قاسم‬ ‫وعبد السالم عارف‪ ،‬في ‪ 14‬تموز‪ ،‬فانهار االتحاد وسقط نظام الحكم الملكي‬ ‫في العراق‪ ،‬وتعرض األردن إلى أزمة سياسية واقتصادية خانقة‪ ،‬تجاوزها عن‬ ‫طريق الدعم الغربي (البريطاني واألميركي) في الوقت الذي وقفت فيه معظم‬ ‫الدول العربية ضد األردن؛ فأغلقت مجاالتها الجوية أمام الطائرات األردنية‬ ‫وغير األردنية‪ ،‬ومنعت وصول النفط إليه‪.‬‬ ‫وهكذا يعد االتحاد العربي أبرز خطوة اتخذها المسؤولون في البلدين؛‬ ‫وآخر خطوة اتحادية في العهد الملكي بالعراق؛ إذ قتل على أثر انهيار االتحاد‬ ‫أفراد العائلة المالكة وتحول العراق الملكي إلى جمهوري‪.‬‬ ‫تعرض األردن لحمالت تحريض من إذاعات القاهرة ودمشق‪ ،‬بعد حدوث‬ ‫االنقالب العسكري في العراق وانهيار االتحاد العربي‪ ،‬وساد توتر في العالقات‬ ‫بين األردن والجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬وترتب على ذلك إغالق الحدود‬ ‫السورية أمام وسائط النقل األردنية‪.‬وما رافق ذلك من محاوالت اعتداء على‬ ‫‪16‬‬ ‫شخص الملك حسين من قبل الطارات السورية المقاتلة في تشرين الثاني عام‬ ‫‪ ، 1958‬كادت أن تحدث أزمة أردنية – سورية على أثر ذلك‪.‬‬ ‫وحاول األردن في عهد حكومة هزاع المجالي (‪ 6‬أيار ‪19-1959‬آب‬ ‫‪ ) 1960‬إعادة بناء العالقات الطيبة مع الدول العربية المجاورة‪ ،‬ولكن‬ ‫السلطات السورية عادت وأغلقت الحدود مع األردن في بداية حزيران عام‬ ‫‪ ، 1959‬بحجة زيادة عدد القوات األردنية بالقرب من حدودها‪.‬ولكن نتيجة‬ ‫لمساعي أمين عام جامعة الدول العربية عبد الخالق حسونة‪ ،‬فإن الحدود‬ ‫فتحت من جديد بين األردن وسوري ا‪ ،‬واستؤنف تبادل التمثيل الدبلوماسي بين‬ ‫األردن والجمهورية العربية المتحدة ابتداء من ‪ 15‬آب من العام نفسه‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فقد استمرت الحمالت الصحفية واإلذاعية ضد األردن‪ ،‬وكان‬ ‫عبد الناصر يشن حمالت التهديد من خالل خطاباته‪.‬وزاد من ذلك وقوع‬ ‫انفجار في مبنى دار رئاسة الوزراء في ‪ 29‬آب ‪ ،1960‬قتل على أثره رئيس‬ ‫الوزراء هزاع المجالي‪ ،‬باإلضافة إلى اثني عشر شخصا‪ ،‬وإصابة واحد‬ ‫وأربعين شخصاً بجراح وكسور مختلفة‪.‬‬ ‫وحاول األردن إعادة عالقاته مع العراق‪ ،‬الي انقطعت بعد انقالب تموز‬ ‫عام ‪ ، 1958‬حيث تم ذلك ابتداء من تشرين األول عام ‪ ،1960‬عندما التقى‬ ‫وزير خارجية العراق هاشم جواد الملك حسين في نيويوك؛ إذ طلب من‬ ‫الحسين أن تعود العالقات بين البلدين‪ ،‬واتخذ مجلس الوزراء األردني في‬ ‫األول من تشرين األول ق ار ًار باالعتراف بالوضع القائم في العراق‪.‬وعلى أثر‬ ‫ذلك قررت الحكومة العراقية فتح طرق النقل البرية والجوية‪ ،‬واستئناف‬ ‫االتصاالت الهاتفية والبرقية والبريدية مع األردن‪ ،‬بعد انقطاع استمر أكثر‬ ‫من سنتين‪.‬ثم تبادل البلدان السفراء ابتداء من كانون األول عام ‪،1960‬‬ ‫‪17‬‬ ‫حيث عين وصفي التل سفي ار في بغداد بينما عين عبد الكريم شاكر سفي اًر في‬ ‫عمان‪.‬‬ ‫وعقد في بغداد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في بداية كانون الثاني عام‬ ‫‪ ، 1961‬وشاركت جميع الدول العربية في هذا المؤتمر‪ ،‬الذي نتج عنه تحسن‬ ‫في العالقات بين األردن والجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬وتوقفت الحمالت‬ ‫المتبادلة بين البلدين‪ ،‬التي استمرت أكثر من ثالث سنوات‪.‬ولكن هذا التحسن‬ ‫في العالقات مع العراق والجمهورية العربية المتحدة لم يستمر طويالً‪ ،‬حيث‬ ‫عاد الخالف من جديد‪ ،‬بعد تهديدات الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم للكويت‪،‬‬ ‫وتأييد األردن لالنفصال بين سوريا ومصر في ‪ 28‬أيلول عام ‪1961‬؛ إذ‬ ‫قطعت مصر عالقاتها مع األردن في األول من تشرين األول من العام نفسه‪،‬‬ ‫على أثر ترحيبه باالنفصال ‪.‬وبالمقابل أقام األردن عالقات مع سوريا في‬ ‫الشهر نفسه‪ ،‬وعادت القطيعة بين مصر واألردن من جديد‪ ،‬وما رافقها من‬ ‫حرب اإلذاعات وتبادل االتهامات‪ ،‬يضاف إليه التأزم في العالقة مع العراق‪.‬‬ ‫موقف األردن من األزمة الكويتية‪ -‬العراقية‬ ‫(‪:)1963-1961‬‬ ‫حدثت أزمة بين الكويت والعراق في حزيران عام ‪ ،1961‬بعد أن اعترفت‬ ‫بريطانيا باستقالل إمارة الكويت؛ إذ أعلن الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم بأن‬ ‫الكويت جزء ال يتج أز من العراق‪ ،‬وأن حكومته تنوي ضم الكويت إلى بالده‪.‬‬ ‫وعلى أثر ذلك نشبت أزمة بين الطرفين‪ ،‬استمرت حتى بداية شباط عام‬ ‫‪ ،1963‬عندما وقع انقالب عسكري ضد عبد الكريم قاسم‪ ،‬أنهى حكمه‪.‬‬ ‫وقد وقف األردن في بداية حدوث األزمة موقفا إيجابيا‪ ،‬وحاول تسوية‬ ‫الخالف الكويتي – العراقي بالطرق الدبلوماسية‪ ،‬خشية من وقوع صدام‬ ‫‪18‬‬ ‫عسكري بين الطرفين‪.‬وتحرك الملك حسين على الصعيد العربي لحل األزمة‪،‬‬ ‫حيث اتصل بالملك سعود بن عبد العزيز‪ ،‬وتلقى برقية منه بهذا الشأن‪ ،‬مؤكدا‬ ‫الحسين على إزالة أسباب الفرقة والخالف بين الدول العربية‪.‬وزار الملك‬ ‫حسين السعودية في نهاية حزيران من العام نفسه‪ ،‬واقترح على الملك سعود‬ ‫تشكيل قوة عربية ( أردنية‪ -‬سعودية) وإرسالها إلى الكويت‪ ،‬لتحل مكان‬ ‫القوات البريطانية‪ ،‬لحفظ أمن الكويت واستقالله‪.‬‬ ‫ولعب السفير األردني في بغداد دو ار كبي ار في تهدئة العراقيين وإقناعهم‬ ‫بحل األزمة سلمياً‪،‬وعدم استخدام القوة ضد الكويت‪.‬كما أقنع المسؤولون‬ ‫األردنيون الجانب الكويتي بعدم التسرع في اتخاذ أي قرار‪ ،‬من شأنه يؤدي‬ ‫إلى صدام مع العراق‪.‬ودعا األردن الجانبين التوصل إلى حل بالطرق السليمة‬ ‫يرضيهما‪.‬‬ ‫وشارك األردن إخوانه العرب في بحث األزمة ضمن إطار جامعة الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وحاول مندوب األردن في الجامعة محمد سالم الجنيدي التنسيق مع‬ ‫اعضاء العرب اآلخرين‪ ،‬وأوضح موقف األردن الداعي لحل األزمة في إطارها‬ ‫العربي‪ ،‬في الوقت الذي اعترف فيه األردن باستقالل الكويت والترحيب‬ ‫بعضويتها في جامعة الدول العربية ‪.‬وصرح الجنيدي بأن األردن يؤكد على‬ ‫حماية الكويت من أي اعتداء خارجي‪.‬‬ ‫ووافق األردن على ما أبدته البعثة العسكرية التابعة لجامعة الدول‬ ‫العربية‪ ،‬والمتضمن إرسال وحدة عسكرية أردنية ضمن قوات الجامعة إلى‬ ‫الكويت‪ ،‬لتحل محل القوات البريطانية ‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫وتمثلت تلك المشاركة ب إرسال كتيبتين‪ :‬كتيبة الملك فيصل الثاني‪،16/‬‬ ‫وكتيبة الملك محمد الخامس‪ ، 14 /‬أما الكتيبة الثالثة ( كتيبة خالد بن‬ ‫الوليد‪ ) 15/‬فلم تشارك‪ ،‬رغم استعدادها للذهاب إلى الكويت في بداية عام‬ ‫‪ 1963‬؛ بسبب انتهاء األزمة‪.‬وتولي الزعيم "العميد" خالد الصحن قيادة القوة‬ ‫األردنية في الكويت‪ ،‬وعين مساعدا لقائد قوات أمن الجامعة اللواء السعودي‬ ‫عبدهللا عيسى‪.‬ووصل عدد القوة األردنية في الكويت إلـى (‪ )900‬ضابط‬ ‫وضابط صف وفرد‪ ،‬من بين (‪ٍ )3.300‬‬ ‫رجل هو مجموع قوات أمن الجامعة‪،‬‬ ‫كانوا يمثلون أكثر من دولة عربية‪.‬‬ ‫وقد أسند إلى القوة األردنية مهمة حماية الحدود الكويتية – العراقية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى حراسة مصافي تكرير المياه‪ ،‬وقام أفراد القوة األردنية بتنفيذ كل‬ ‫الواجبات المسندة إليهم في الكويت‪.‬وقد تحلى األردنيون في الكويت بروح‬ ‫االنضباطية‪ ،‬وتقدي ار لذلك منحتهم الجامعة الدول العربية أوسمة تحمل شعار‬ ‫الجامعة كنوع من التكريم‪.‬‬ ‫لقد تبنى األردن موقفا مبنيا على رفض احتالل أراضي الغير بالقوة‪ ،‬مما‬ ‫دفعه إلى إرسال قوة ضمن قوات أمن الجامعة؛ إذ كانت القوة األردنية في‬ ‫المرتبة األولى من حيث التدريب والتنظيم واالنضباط‪ ،‬وفي المرتبة الثانية من‬ ‫حيث العدد‪.‬ويدل إرسال القوة األردنية إلى الكويت على تعزيز مبدأ التضامن‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪1‬‬ ‫احملورالرابع‬ ‫اس تقالل الأردن بني عايم "‪1953 - 1946‬‬ ‫اكن ا ألمري عبدهللا ي توقع أأن ت بادر بريطان يا اىل اهناء انتداهبا عن رشيق ا ألرد ن واملوافقة‬ ‫عىل الاس تقالل بعد مسامهة جيشه يف الوقوف اىل جانب احللفاء‪ ،‬لكن بريطانيا أأجلت‬ ‫اعرتافها ابالس تقالل اىل ما بعد انهتاء احلرب‪ ،‬ونتيجة ملساعي ا ألمري عبدهللا وحكومته‪ ،‬فقد‬ ‫قررت احلكومة الربيطانية أأن تتخىل عن انتداهبا عىل رشيق ا ألردن‪ ،‬حيث أأبلغ اجلرنال السري‬ ‫أألن كننجهام (‪ )Kiningham Sir Alan‬ا ألمري بقرار بريطانيا يف ‪ 16‬اكنون ال ثاين عام‬ ‫‪.1946‬ويف يو ‪ 17‬من الشهر نفسه أألقى وزير خارجية بريطانيا ايرنست بيفن (‪) A.Bevin‬‬ ‫بني فيه أأن حكومته عازمة عىل اختاذ اخلطوات الالزمة‪،‬‬ ‫خطا ًاب يف اجامتع هيئة ا ألمم املتحدة ّ‬ ‫لالعرتاف برشيق ا ألردن دوةل مس تقةل ذات س يادة ‪.‬‬ ‫وزار ا ألمري عبدهللا ورئيس وزرائه ابراهمي هامش لندن يف ‪ 20‬ش باط من العام نفسه‪،‬‬ ‫حيث جرت مفاوضات بني الطرفني‪ :‬ا ألردين برئاسة هامش والربيطاين برئاسة وكيل وزارة‬ ‫املس تعمرات جريتش جونز (‪ ،)G.Jones‬واس مترت املفاوضات حول بنود املعاهدة‪ ،‬اليت‬ ‫وقعت يف ‪ 22‬أذار‪ ،‬حيث وقعها ابراهمي هامش عن اجلانب ا ألردين وبيفن وجونز عن اجلانب‬ ‫الربيطاين‪.‬‬ ‫لقد أألغي مبوجب معاهدة التحالف والصداقة ا ألردنية – الربيطانية الانتداب الربيطاين‬ ‫عىل رشيق ا ألردن‪ ،‬كام أألغيت اتفاقية عام ‪1928‬واالتفاقات املمكةل لها يف عايم (‪1934‬‬ ‫و‪.)1941‬واعرتفت بريطانيا برشيق ا ألردن دوةل اكمةل الاس تقالل واب ألمري عبدهللا مل ًاك علهيا‪.‬‬ ‫كام تعهد اجلانبان بأأن ال يقف أأحدهام من الخر يف ال بالد الأجنبية مبا ال ي تفق وبنود املعاهدة‪.‬‬ ‫واتفق عىل اقامة المتثيل ادلبلومايس بني البدلان وتعهدت بريطانيا بدفع معونة مالي ة اىل ا ألمري‬ ‫ولكهنا مقيدة برشوط و أأعطيت بريطانيا احلق يف امتالك قوات مسلحة يف رشيق ا ألردن‪،‬‬ ‫وأأن يقدم ا ألمري عبدهللا التسهيالت الالزمة لهذه القوات‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ويلحظ املمتعن يف بنود هذه املعاهدة‪ ،‬أأن بريطانيا مضنت همينهتا عىل رشيق ا ألردن من‬ ‫خالل ما ييل‪:‬‬ ‫أأ – وجود قوات بريطانية عسكرية عىل ا ألرايض ا ألردنية‪.‬‬ ‫ب – الس يطرة عىل اجليش العريب من خالل الضباط الربيطانيني‪ ،‬كام ظل تعداد هذا‬ ‫اجليش وجتهزيه مرتبط ًا بقرار احلكومة الربيطانية يف الاس مترار بدفع نفقاته‪.‬‬ ‫ج – الس يطرة عىل املعونة املالية املقدمة من بريطان يا اىل حكومة رشيق ا ألردن‪ ،‬من خالل‬ ‫االرشاف املبارش عىل أأوجه انفاقها‪.‬‬ ‫د – طول مدة نفاذ املعاهدة اليت اتفق علهيا ويه مخس وعرشون عام ًا‪.‬‬ ‫ونتيجة ل تقييد رشيق ا ألردن ببنود املعاهدة‪ ،‬وابلتايل ضامن بريطانيا س يطرهتا عىل البالد‪،‬‬ ‫من خالل اعامتد رشيق ا ألردن اللكي عىل بريطانيا ‪ ،‬اكنت هناك ردود فعل داخلية وخارجية‪.‬‬ ‫فامي يتعلق بردة الفعل ادلاخلية فقد اكنت ضعيفة؛ ألن الوعي الس يايس واليقظة الوطنية اكان‬ ‫يف طور المنو ؛ فاملعارضة الشعبية اكنت فردية وليست منظمة‪.‬واس تطاعت املعارضة يف‬ ‫اجمللس الترشيعي أأن جترب احلكومة عىل الغاء الامتيازات املمنوحة للرشاكت الربيطانية؛كرشكة‬ ‫البرتول العراقية‪ ،‬ورشكة كهرابء فلسطني ‪ ،‬ورشكة املياه املعدنية يف امحلة‪.‬كام طالب بعض‬ ‫النواب ابلغاء بعض القوانني القاس ية عىل الشعب‪ ،‬كقانون النفي واالبعاد وقانون العقوابت‬ ‫املشرتكة‪ ،‬وقانون الاجامتعات العامة وغريها ‪.‬كام طالبت الكتةل املس تقةل يف اجمللس يف اكنون‬ ‫ا ألول عام ‪ ،1946‬تعديل املعاهدة والغاء امللحق العسكري التابع لها‪ ،‬واس تكامل اس تقالل‬ ‫البالد عن طريق التخلص من أأحاكم الامتيازات الاقتصادية اليت أأوجبهتا ظروف الانتداب‪.‬‬ ‫أأما ردود الفعل اخلارجية‪ ،‬فقد تباينت من طرف لخر‪ ،‬فبعد اعالن بنود املعاهدة يف‬ ‫الصحف العربية والربيطانية‪ ،‬شنت الصحف العربية جهوم ًا عىل املعاهدة؛ فالصحافة السورية‬ ‫وا للبنانية ان تقدت وجود القوات الربيطانية يف ا ألردن‪ ،‬حيث هامجت املكل عبدهللا وبريطانيا‪.‬‬ ‫ومل تبد الصحافة العراقية أأية حامسة للمعاهدة‪ ،‬ألن ا ألردن مل حيصل عىل اس تقالهل الاكمل‪.‬‬ ‫ووهجت الصحافة الروس ية انتقادا للمعاهدة؛ ألن القوات الربيطانية بقيت يف ا ألردن ومل يتغري‬ ‫‪3‬‬ ‫عىل وجودها يشء‪.‬وهومجت املعاهدة يف الوالايت املتحدة ا ألمريكية من قبل الصحافة وجملس‬ ‫الش يوخ‪ ،‬اذلي طالب بعدم الاعرتاف ابس تقالل رشيق ا ألردن ‪.‬‬ ‫وبعد عقد املعاهدة ‪ ،‬احتفل ابالس تقالل يف ا ألردن‪ ،‬حيث اجمتع اجمللس الترشيعي يف‬ ‫‪ 25‬ااير عام ‪ ،1946‬واختذ قرارا ابعالن البالد ا ألردنية دوةل مس تقةل اس تقال ًال اتم ًا وذات‬ ‫حكومة ملكية وراثية نيابية‪ ،‬واملناداة بعبد هللا بن احلسني ملاكً ودس تور ًاي عىل رأأ س ادلوةل‬ ‫ا ألردنية بلقب "حرضة صاحب اجلالةل مكل اململكة ا ألردنية الهامشية" ‪.‬كام أأقر اجمللس تعديل‬ ‫القانون ا ألسايس ا ألردين " ادلس تور" ‪.‬وقد أأقمي الاحتفال‪ ،‬و ّتوج املكل عبدهللا واك ن العراق‬ ‫ادلوةل العربية الوحيدة اذلي أأرسل وفداً للمشاركة يف الاحتفال ‪.‬كام حرض ا ألمني العام‬ ‫جلامعة ادلول العربية عبد الرمحن عزام وبعض الشخصيات الأجنبية‪.‬‬ ‫وبعد التصديق عىل املعاهدة يف منتصف حزيران من العام نفسه‪ ،‬أأعلنت احلكومة‬ ‫الربيطانية تعيني املعمتد الربيطاين يف عامن الي ك كريكربايــد (‪ ) Kirkbride Alec‬وز ير ًا مفوض ًا‬ ‫ومبعو ًاث دلى ال بالط الهامشي‪.‬وبعد ذكل تقدمت ا ألردن بطلب اىل هيئة ا ألمم املتحدة من‬ ‫أأجل احلصول عىل عضوية يف الهيئة ‪ ،‬ولكن الطلب عارضه العضوان (السوفيييت وال بولندي)‪،‬‬ ‫حيث اس تخدم الاحتاد السوفيييت حق النقض (الفيتو) ‪ ،‬وتكرر الطلب ا ألردين مرة أأخرى‪،‬‬ ‫ولكن السوفييت اس تخدموا حق ال نقض ‪ ،‬ومل يدخل ا ألردن عضواً يف هيئة ا ألمم املتحدة ا ال‬ ‫يف ‪ 14‬اكنون ا ألول عام ‪ ،1955‬عندما اكنت احلكومة ا ألردنية تسعى لالنضامم اىل حلف‬ ‫بغداد جبانب العراق‪ ،‬وتركيا‪ ،‬وايران وابكس تان‪ ،‬وبريطانيا‪.‬‬ ‫ويظهر أأن سبب الرفض يف قبول ا ألردن عضو ًا يف هيئة ا ألمم ؛ ألن ا ألردن مل يقم‬ ‫عالقات دبلوماس ية مع الاحتاد السوفيييت‪ ،‬ابالضافة اىل أأنه ما يزال واقع حتت الهمينة‬ ‫الربيطانية من خالل معاهدة ‪ ،1946‬اليت أأثرت عىل اس تقالهل الس يايس وس يادته الاقلميية‪.‬‬ ‫سعت احلكومة ا ألردنية دلى السلطات الربيطانية اىل تعديل بنود املعاهدة‪ ،‬بعد أأن‬ ‫واهجت معارضة شديدة ‪ ،‬حيث واهجت احلكومة ا ألردنية ان تقادات نتيجة ذكل‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫أأن فشل ا ألردن يف احلصول عىل عضوية يف هيئة ا ألمم املتحدة؛ ذلكل طالب ا ألردن بتعديل‬ ‫‪4‬‬ ‫املعاهدة‪.‬وقد وهجت احلكومة الربيطانية دعوة اىل رئيس الوزراء ا ألردين توفيق أأبو الهدى‪،‬‬ ‫اذلي زار لندن يف ‪ 25‬اكنون ال ثاين عام ‪ ،1948‬جرت مفاوضات بني الطرفني‪ :‬الربيطاين‬ ‫وا ألردين‪ ،‬انهتت ابلتوصل اىل اتفاق مبد أأي عىل نصوص املعاهدة اجلديدة يف ‪ 6‬ش باط من‬ ‫العام نفسه‪.‬ومت ال توقيع عىل املعاهدة يوم ‪ 15‬أذار يف عامن‪ ،‬من قبل توفيق أأبو الهدى‬ ‫والوزير املفوض الربيطاين اليك كريكربايد ‪ ،‬ويف اليوم نفسه صادق املكل عبدهللا عىل نص‬ ‫املعاهدة‪.‬‬ ‫ويبدو أأن املعاهدة اجلديدة مل حتقق ما متناه ا ألردنيون من اس تكامل لالس تقالل‪ ،‬واهناء‬ ‫الس يطرة الربيطانية؛ ذلكل واهجت معارضة من قبل الشعب ا ألردين‪ ،‬فبعض ش يوخ املنطقة‬ ‫الشاملية من ا ألردن احتجوا عىل تصديق املعاهدة قبل نرشها‪ ،‬وقامت مظاهرات يف البالد‪،‬‬ ‫خاصة يف اربد‪ ،‬حيث قدمت خنبة من الشخصيات ا ألردنية بيهنم شفيق الرش يدات احتجاج ًا‬ ‫اىل املكل عبدهللا عىل هذه املعاهدة‪ ،‬ولكن املكل وحكومته وقفوا موقف ًا حازم ًا من املعارضني‬ ‫‪ ،‬وأأصدرت احلكومة بيا ًان رمسي ًا‪ ،‬أأعلنت فيه أأن تعديل املعاهدة جاء بصعوبة ومل يكن سه ًال ‪،‬‬ ‫وأأن ا ألردن هو اذلي طلب التعديل وليس بريطانيا‪.‬‬ ‫ونرشت بعض الصحف العربية ان تقادت ضد املعاهدة اجلديدة يف لك من ‪ :‬مرص وسوراي‬ ‫ولبنان والعراق ‪ ،‬حيث قامت مظاهراتن يف بغداد‪ ،‬و أأرسلت املعارضة ا ألردنية يف سوراي‬ ‫بزعامة محمد صبحي ابو غنمية احتجاجات عديدة‪ ،‬كام تظاهر الطالب ا ألردنيون يف دمشق‬ ‫احتجاج ًا عىل املعاهدة اجلديدة‪ ،‬ألهنا مضنت الس يطرة الربيطانية عىل ال بالد‪ ،‬ومضنت ادلفاع‬ ‫عن املواقع العسكرية الربيطاية يف قناة السويس ويف العراق‪.‬‬ ‫العالقة الأردنية ‪ -‬الفلسطينية‪:‬‬ ‫قبل احلديث عن دور ا ألردن يف احلرب العربية – االرسائ يلية يف عام ‪ ،1948‬ال بدّ من‬ ‫اعطاء حملة عن موقف ا ألردن من تطورات القضية الفلسطينية منذ نشوء االمارة ا ألردنية‪ ،‬مع‬ ‫‪5‬‬ ‫الرتكزي عىل العالقة ا ألردنية الفلسطينية‪.‬يالحظ أأن هذا املوضوع أأصبح يف كثري من ا ألحيان‬ ‫موضوع جتارة‪ ،‬بل عبارة عن "معةل مرصوفة" كام يقال‪.‬وجيدر بنا هنا أأن ن ّبني العنارص‬ ‫وا ُلسس ا ألولية لهذه العالقة‪ ،‬ويه عىل النحو اليت ‪:‬‬ ‫أأو ًال‪ :‬أأول صفة ميكن أأن توصف هبا هذه العالقة‪ ،‬أأهنا عالقة خاصة‪.‬‬ ‫اثنياً‪ :‬ان الشعبني ينمتيان ل ألمة العربية‪ ،‬وهلام ثقافة واحدة ( عربية واسالمية) ولغة وعادات‬ ‫وتقاليد مشرتكة‪ ،‬وان اكن يف البدلين لهجات متعددة وتقاليد متباينة‪.‬ولكن رمغ ذكل‬ ‫خفالل العهد العامثين حصل اختالط بني العشائر ا ألردنية والعشائر الفلسطينية؛ بسبب‬ ‫اجلفاف وقةل املطر والقتل ( اجللوة)‪ ،‬حيث اكنت ُجت رب بعض العشائر عىل الرحيل من‬ ‫منطقة ألخرى‪ ،‬فبنو خصر اكنوا يصلون اىل عاك‪ ،‬والعدوان اكنوا يتنقلون يف املنطقة‪،‬‬ ‫فاجمليء واذلهاب اكنت أأمورا عادية جدا بني الضفتني‪.‬‬ ‫اثلثاً‪ :‬اجلوار اجلغرايف أأدى اىل االتصال الساكين والاجامتعي بني البدلان‪ ،‬وهو موجود منذ‬ ‫زمن البزينطيني‪ ،‬فأأهل انبلس متصلون مع أأهل البلقاء‪ ،‬وأأهل اخلليل مع أأهل الكرك‪،‬‬ ‫وأأهل برئ الس بع مع أأهل معان‪ ،‬ذلكل ال يوجد اختالف كبري يف التكوين الساكين بني‬ ‫البدلين‪.‬‬ ‫رابع ًا‪ :‬بقيت احلدود مفتوحة منذ القدم حىت عام ‪ 1948‬عند قيام دوةل ا رسائيل؛ فأأي خشص‬ ‫من فلسطني يس تطيع أأن يذهب لرشيق ا ألردن دون جواز سفر‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬الشعور املبكر بوحدة اخلطر الاس تعامري الصهيوين عىل فلسطني وا ألردن‪ ،‬بعد‬ ‫احلرب العاملية ا ألوىل ‪ ،‬رمغ القيود الاس تعامرية اليت رمست خالل هذه احلرب‬ ‫وتكرست بعد انتاهئا ‪.‬‬ ‫وبعد انشاء االمارة ا ألردنية‪ ،‬اكن ا ألمري عبدهللا ينظر اىل لك ال بالد نظرة واحدة‪،‬‬ ‫ويطمح بأأن يكون حاكامً علهيا؛ ذلكل بدأأ بفتح عالقات مع العائالت وا ألحزاب الفلسطينية‪،‬‬ ‫واكن يكسب الناس املتنفذين؛ فاحلاج أأمني احلسيين اذلي اكن يعترب نفسه زعمي الفلسطينيني‬ ‫وجد هل نظرياً وهو ا ألمري عبدهللا ‪.‬وأأص بحت منطقة شامل فلسطني تؤيد ا ألمري عبدهللا؛ عاك‬ ‫‪6‬‬ ‫بزعامة أأسعد الشقريي‪ ،‬وانبلس بقراها واخلليل أأيضا‪ ،‬ابس تثناء القدس وايفا اللتني اكان حيمكهام‬ ‫احلس ينيون؛ ذلكل ظهر منذ البداية أأن هناك تعاطف مع ا ألمري ورشيق ا ألردن‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫نفسه ظهر أأانس ذوو نظرة حسد وغرية لهذه العالقة بني رشيق ا ألردن وفلسطني‪.‬وعىل‬ ‫الصعيد الشعيب اكن الاختالط موجودا‪ ،‬عىل مس توى الزعامات وش يوخ القبائل اذلين اكن‬ ‫هلم اتصاالت مع العائالت الفلسطينة ا ألرس تقراطية كام اكن هناك اختالط عىل مس توى‬ ‫املزارعني والفالحني‪ ،‬حيث اكن كثري من العامل ا ألردنيني يذهبون للعمل يف فلسطني‬ ‫وابلعكس‪.‬أأما عىل مس توى قيادات املنطقة فقد اكنت العالقة حمدودة؛ اذ أأن هناك نظرة‬ ‫دونية بني الطرفني وحساس ية‪ ،‬ولكهنا ال تصل اىل درجة الكراهية واحلقد‪.‬‬ ‫لقد شعر ا ألردنيون منذ عام ‪ ،1918‬أأن الوجود الهيودي يف فلسطني هو خطر عىل‬ ‫اجلانبني‪ :‬ا ألردين والفلسطيين‪ ،‬خاصة بعد انشاء املس تعمرات الهيودية قرب طرباي؛ ذلكل هامج‬ ‫بعض ا ألردنيني املس تعمرات الهيودية يف مسخ‪ ،‬واكن معظمهم من فاليح قرى شامل ا ألردن‬ ‫بزعامة ش يخ مشاخي الكفارات اكيد املفلح العبيدات‪ ،‬وبدافع ديين‪ ،‬دعامً الخواهنم‬ ‫الفلسطينيني‪،‬ورفضا للوجود الهيودي ‪ ،‬حيث أأصبح اكيد العبيدات أأول شهيد أأردين عىل‬ ‫أأرض فلسطني وذكل يف نيسان عام ‪.1920‬‬ ‫واكن الشعب ا ألردين خيىش أأن متتد جهرة الهيود اىل رشيق ا ألردن ؛ ذلكل فقد اكنت‬ ‫أأحداث فلسطني تؤثر عىل الر أأي العام ا ألردين‪ ،‬ولك ا ألحداث اليت حصلت يف فلسطني اكن‬ ‫لها ردة فعل يف رشيق ا ألردن؛ اكخلالف عىل حائط (املبىك) عام ‪ ،1929‬ومل يقترص هذا‬ ‫املوقف عىل فئة الشعب بل أأن ا ألمري عبدهللا نفسه اكن همامت مبا جيري يف فلسطني حي ث‬ ‫اكن يتدخل دلى السلطات الربيطانية يف فلسطني لوقف الهجرة الهيودية‪ ،‬وبيان مدى‬ ‫خطورة الوضع‪ ،‬وحماوةل اجياد تسوية مقبوةل دلى العرب والهيود‪.‬‬ ‫وجاءت ردة الفعل ا ألردنية قوية‪ ،‬عندما قامت الثورة الفلسطينية يف نيسان عام ‪،1936‬‬ ‫متعاطفة مع الفلسطينيني ‪ ،‬حيث قامت املظاهرات يف املدن ا ألردنية‪ ،‬وقدّ م عدد من ض باط‬ ‫اجليش العريب ا ألردين دع ًام حقيقي ًا للثوار ‪.‬كام اكن لها تأأثري عىل احلركة الوطنية ا ألردنية فكثري‬ ‫‪7‬‬ ‫من ا ألردنيني شاركوا هبا‪ ،‬وتركوا املدارس وال تحقوا ابلثوار‪ ،‬والبعض ّمت طرده من املدرسة‬ ‫نتيجة اش رتاكه يف املظاهرات‪ ،‬اليت قامت يف السلط واربد وغريهام‪.‬كام أأن كثري ًا من‬ ‫الشخصيات ا ألردنية قامت بهتريب ا ألسلحة اىل فلسطني‪ ،‬ومن أأبرزمه أأحد زعامء بين خصر‬ ‫حديثة اخلريشة‪ ،‬اذلي اكن يورد السالح للثوار عن طريق الغور ا ألردين‪.‬وهنا ال بدّ من‬ ‫االشارة اىل أأن أأول بدل تأأثر هبذه الثورة هو ا ألردن‪ ،‬حيث اكنت الثورة حديث الساعة‬ ‫ابلنس بة للناس‪.‬و أأحسن كتاب يوحض هذه الصورة "تسقط ادلبلوماس ية" للسفري ا ألردين‬ ‫ا ألس بق مدحت مجعة‪.‬‬ ‫وعىل الصعيد الرمسي بذل ا ألمري عبدهللا هجود ًا دبلوماس ية دلى السلطات الربيطانية‪،‬‬ ‫حلل مساةل اال رضاب واهناء الثورة عن طريق ال توصل اىل تسوية تريض اجلانب الفلسطيين‪،‬‬ ‫وذكل بتنفيذ مطالبه املتضمنة؛ وقف الهجرة الهيودية‪ ،‬ومنع انتقال ا ألرايض للهيود‪ ،‬واقامة‬ ‫حكومة وطنية عىل أأساس المتثيل النيايب‪.‬واكن هدف ا ألمري عبدهللا محل بريطانيا عىل تقدمي‬ ‫بعض التنازالت لعرب فلسطني‪ ،‬ومنع انتقال الثورة اىل رشيق ا ألردن‪.‬‬ ‫ورحب ا ألمري عبدهللا ابقرتاح اللجنة امللكية املرسةل اىل فلسطني برئاسة اللورد بيل‬ ‫(‪ )Lord Peel‬يف ترشين الثاين عام ‪ ،1936‬املتضمن الغاء الانتداب الربيطاين عىل‬ ‫فلسطني‪ ،‬وتقس ميها اىل ثالثة أأقسام‪ ،‬ا ألول ‪ :‬يضم ا ألرايض ادلاخلية الواسعة الفقرية من‬ ‫فلسطني مع رشيق ا ألردن لتشكيل دوةل عربية ‪.‬أأما الثاين ‪ :‬فدوةل هيودية تضم ا ألرايض‬ ‫الساحلية والسهلية من فلسطني ‪.‬والثالث‪ :‬يشمل مدينيت القدس وبيت حلم ويتصل ابلبحر‬ ‫مبمر ضيق‪ ،‬ويوضع هذا القسم حتت الانتداب الربيطاين‪.‬ولكن هذا الاقرتاح قوبل برفض من‬ ‫عرب فلسطني والبالد العربية‪ ،‬رمغ أأن ا ألمري عبدهللا اكن ميا ًال لقبول هذا الاقرتاح‪.‬‬ ‫قدم ا ألمري عبدهللا م رشوع ًا يف ااير عام ‪ ،1938‬حلل القضية الفلسطينية ؛ ا ذ تضمن‬ ‫اقامة دوةل عربية مكونة من فلسطني ورشيق ا ألردن واعطاء الهيود ادارة ذاتية‪ ،‬واكن الهدف‬ ‫من هذا املرشوع ضامن وحدة فلسطينية مع رشيق ا ألردن‪ ،‬ولكن جلنة التقس مي رفضت هذا‬ ‫املرشوع‪ ،‬رمغ أأنه تضمن احملافظة عىل املصاحل الربيطانية يف املنطقة‪ ،‬كام عارضه العرب‬ ‫‪8‬‬ ‫وخاصة مرص‪.‬‬ ‫واكن ا ألمري عبدهللا مع أأي حل يضمن حقوق العرب‪ ،‬ومع اقامة حكومة عربية‬ ‫بفلسطني؛ ذلكل وافق عىل الكتاب ا ألبيض اذلي أأصدرته بريطانيا يف أأاير عام ‪،1939‬‬ ‫املتضمن قيام دوةل مس تقةل يف فلسطني يشرتك فهيا العرب والهيود‪ ،‬مع ضامن مصاحل لك‬ ‫مهنام‪ ،‬وحتديد الهجرة الهيودية خبمس وس بعني أألف خشص خالل الس نوات امخلس ا ألوىل من‬ ‫معر ادلوةل‪ ،‬ولكن الكتاب ا ألبيض نص عىل ضامن الوطن القويم الهيودي‪ ،‬يف نطاق ادلوةل‬ ‫الفلسطينية الواحدة‪.‬ويبدو أأن دلى ا ألمري عبدهللا رؤية معيقة ل ألوضاع اليت اكنت سائدة‪،‬‬ ‫حيث فضل هذا الاقرتاح‪ ،‬واقرتاح التقس مي عام ‪1937‬؛ ألنه يعرف أأن العرب غري قادرين‬ ‫عىل مقاومة اخملططات الهيودية املدعومة من بريطانيا والغرب‪.‬‬ ‫وطالب ا ألمري عبدهللا ‪ ،‬بعد انهتاء احلرب العاملية الثانية‪ ،‬ابس تقالل فلسطني وضامن‬ ‫س يادهتا؛ ا ذ اكن يسعى اىل حتقيق مرشوع سورية الكربى‪.‬ويف ‪ 8‬أأاير عام ‪ 1946‬اشرتك‬ ‫املكل عبدهللا مبؤمتر انشاص‪ ،‬حيث وافق الزعامء العرب قرارمه القايض بدمع املطالب العربية‬ ‫يف فلسطني ولكن هذه الاقرتاحات وغريها مل يس تجب لها‪.‬‬ ‫ويف ‪ 29‬ترشين الثاين عام ‪ ،1947‬اجمتعت امجلعية العامة ل ألمم املتحدة واختذت قرارا‬ ‫ابلأغلبية‪ ،‬بتقس مي فلسطني اىل ثالث مناطق‪ :‬منطقة عربية ( اجلليل الغريب‪ ،‬وانبلس‪،‬‬ ‫والسهل الساحيل من مدينة أأشدود اىل احلدود املرصية) ‪ ،‬ومنطقة هيودية (اجلليل الرشيق‬ ‫ومعظم السهل الساحيل والنقب)‪ ،‬ومنطقة دولية ( مدينة القدس) وتضمن قرار امجلعية العامة‬ ‫اهناء الانتداب الربيطاين‪ ،‬وتقام ادلولتان املس تقلتان ‪ :‬العربية والهيودية والنظام ادلويل اخلاص‬ ‫مبدينة القدس‪ ،‬بعد انسحاب القوات الربيطانية بشهرين‪.‬‬ ‫وميكن حرص موقف ا ألردن من التقس مي مبوقفني‪.‬‬ ‫ا ألول‪ :‬املوقف الشعيب‪ ،‬اكن مؤيداً لوهجة النظر الشعبية الفلسطينية اليت اكن ميثلها احلاج محم د‬ ‫أأمني احلسيين‪ ،‬ويه رفض قرار التقس مي‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬املوقف الرمسي ‪ ،‬حيث اكن دلى املكل عبدهللا موقفان‪:‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪‬رمسي اكن منسجامً مع املوقف العريب العام‪ ،‬قامئا عىل التضامن مع عرب فلسطني‪.‬‬ ‫‪‬موقف أأكرث واقعية انبع من قناعات املكل عبدهللا الشخصية وينحرص يف طريقني‪:‬‬ ‫أأ – اما قبول قرار التقس مي عىل عالته‪ ،‬هذا يف حاةل عدم قدرة العرب عىل احلرب‬ ‫ضد الهيود‪.‬‬ ‫ب – أأو أأن يعهد للجيش ا ألردين مبواهجة الهيود‪ ،‬وينال ادلمع واملساعدة من ادلول‬ ‫العربية‪ ،‬عىل اعتبار أأن ا ألردن ليس عضواً يف هيئة ا ألمم املتحدة‪ ،‬ويس تطيع أأن‬ ‫يدخل يف حرب مع الهيود‪.‬‬ ‫ويبدو أأن موقف املكل عبدهللا ‪ ،‬اذلي متسك به حيال قرار التقس مي – رمغ عيوبه –‬ ‫انبع من قناعته بأأن ادلول العربية غري قادرة عىل كسب احلرب ضد الهيود يف فلسطني؛ بسبب‬ ‫عدم امتالك العرب القوة العسكرية والوسائل الالزمة للضغط عىل ادلول الكربى اكلوالايت‬ ‫املتحدة ا ألمريكية وبريطانيا‪ ،‬ابالضافة اىل أأن القبول ابلتقس مي أأقل خطورة عىل العرب من‬ ‫وقوع احلرب؛ ألهنا ستسبب هلم الهزمية وادلمار‪.‬‬ ‫لقد رفضت مجيع ادلول العربية اقرتاح املكل عبدهللا السابق ؛ ألن العرب اكنوا ض د‬ ‫تطلعات املكل عبدهللا يف حتقيق مرشوع سورية الكربى‪ ،‬واذلي من مضنه اكنت فلسطني‪،‬‬ ‫فالسعودية رفضت ذكل؛ ألهنا اكنت ختىش ازدايد نفوذ الهامشيني وابلتايل اسرتجاعهم للحجاز‪.‬‬ ‫أأما مرص فاكنت ضد أأن يصبح ا ألردن قوة كربى تنافسها عىل الزعامة العربية‪.‬وابلنس بة للبنان‬ ‫فقد اكنت ختىش أأن يذوب املس يحيون يف ادلوةل السورية‪ ،‬اليت اكن يتطلع اىل حتقيقها املكل‬ ‫عبدهللا‪ ،‬وابلتايل تذهب خصوصيهتم؛ ذلكل فقد اكن العرب ينظرون بعني احلسد اىل‬ ‫تطلعات ا ألردن‪ ،‬أأو أأن يصبح املكل عبدهللا زعاميً دلوةل كربى تضم لك بالد الشام مث ًال‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫دور ا ألردن يف حرب عام ‪:1948‬‬ ‫ساءت ا ألوضاع يف فلسطني ‪ ،‬بعد اعالن احلكومة الربيطانية انسحاهبا من ا ألرايض‬ ‫الفلسطينية يف مدة أأقصاها ‪15‬أأاير عام ‪ ،1948‬حيث أأجربت السلطات الربيطانية يف‬ ‫فلسطني وحدات اجليش العريب‪ ،‬اليت اكنت ترابط يف فلسطني منذ احلرب العاملية ال ثانية‬ ‫عىل الانسحاب‪.‬وأأعلنت بريطانيا يف الوقت نفسه أأهنا س ترضب أأية قوات نظامية تدخل‬ ‫فلسطني قبل ‪ 15‬ااير‪ ،‬وس تخرهجا ابلقوة واس تطاعت القوات الهيودية احتالل أأجزاء كبرية‬ ‫من فلسطني‪ ،‬والانتداب الربيطاين ما يزال مس متر ًا‪ ،‬يف الوقت اذلي اكن فيه العرب م تلفني‬ ‫فامي بيهنم‪ ،‬وانتقلت خالفاهتم اىل ميدان فلسطني‪.‬‬ ‫ورمغ ذكل فقد اثرت مشاعر العرب‪ ،‬بعد ا ألنباء اليت بلغهتم عن انتصارات الهيود يف‬ ‫فلسطني؛ ذلكل فقد طلب املكل عبدهللا من اللجنة الس ياس ية التابعة جلامعة ادلول العربية‬ ‫أأن تؤيده يف دخول اجليش العريب فلسطني النقاذها‪ ،‬وردت اجلامعة ابلقبول ‪ ،‬حيث أأرسل ت‬ ‫اللواء اسامعيل صفوت ملقابةل املكل عبدهللا واجراء مباحثات حول الوضع يف فلسطني‪ ،‬ولكن‬ ‫صفوت عرف بأأن اجليش العريب لن يسمح هل بدخول فلسطني قبل ‪ 15‬ااير‪.‬‬ ‫ويبدو أأن معنوايت العرب يف فلسطني قد هبطت نتيجة انتصارت الهيود املتتالية‪،‬‬ ‫خاصة بعد ضياع حيفا وطرباي وصفد وايفا‪ ،‬وحدوث مذحبة دير ايسني‪ ،‬ابلرمغ من خوض‬ ‫جيش االنقاذ عدة معليات عسكرية يف فلسطني يف شهر أذار‪ ،‬ولكن هذا اجليش مين‬ ‫ابالخفاق وظهر جعزه واحض ًا‪ ،‬واكد أأن يُقىض عليه هنائي ًا لوال تدخل املكل عبدهللا ونتيجة لهذا‬ ‫االخفاق فقد اضطر حوايل مئتني ومخسني أألف من العرب اىل ترك مدهنم وقرامه واللجوء اىل‬ ‫البالد العربية اجملاورة‪.‬‬ ‫ونتيجة لرتدي ا ألوضاع وتدهور احلاةل يف فلسطني‪ ،‬رأأى الزعامء العرب أأن تدخل املكل‬ ‫عبدهللا ودخول اجليش العريب املعركة قد ينقذ فلسطني من الهيود‪ ،‬لهذا عقد اجامتع يف عامن‬ ‫يف ‪ 25‬نيسان من العام نفسه‪ ،‬اشرتك فيه املكل عبدهللا وا ألمري عبداالهل‪ ،‬ورؤساء وزراء لك‬ ‫من‪ :‬العراق ولبنان وا ألردن ‪ ،‬وصفوت ابشا‪ ،‬وبعض كبار الضباط مكندوبني عن قيادات‬ ‫‪11‬‬ ‫اجليوش العربية اخملتلفة‪.‬وبعد اجراء مباحثات بني ا ألطراف العربية اقرتح املكل عبدهللا عىل‬ ‫اجملمتعني دمع اجليش ا ألردين حملاربة الهيود؛ وذكل بتقدمي معونة مالية لتحل حمل املعونة املالية‬ ‫الربيطانية يف حاةل قطع بريطانيا لهذه املعونة عن ا ألردن‪.‬ولكن هذا الاقرتاح رفض‪ ،‬و ّمت‬ ‫االتفاق عىل أأن يتوىل املكل عبدهللا القيادة العل يا للجيوش العربية‪ ،‬ويسمل اسامعيل صفوت‬ ‫ابشا قيادة جيش الانقاذ‪.‬‬ ‫واكن املكل عبدهللا حريص ًا عىل ا نقاذ فلسطني‪ ،‬حيث كتب رساةل اىل وزير خارجية‬ ‫بريطانيا بيفن يف ‪ 29‬نيسان‪ ،‬طلب منه أأن تبقى القوات الربيطانية يف القدس والنا رصة وبيت‬ ‫حلم حىت ‪ 15‬أأاير محلايهتا من الهيود‪ ،‬يف الوقت اذلي اكن فيه النواب الربيطانيون م ن أأنصار‬ ‫الصهيونية يثريون محةل ضغط يف جملس العموم الربيطاين‪ ،‬ويطالبون ابلتوقف عن تقدمي‬ ‫املساعدة ل ألردن‪ ،‬حبجة أأن ا ألردن يريد ارسال قواته اىل فلسطني النقاذها‪.‬‬ ‫وقسمت فلسطني اىل أأربع مناطق عسكرية بني اجل يوش العربية محلايهتا‪ ،‬واكنت اخلطة‬ ‫عىل النحو اليت‪:‬‬ ‫‪‬املنطقة الشاملية من ال ناقورة اىل حبرية طرباي يتوىل حاميهتا لك من ‪ :‬جيش االنقاذ‬ ‫واجليشني السوري واللبناين‪.‬‬ ‫‪‬املنطقة الوسطى من طرباي اىل اخلليل من اختصاص اجليشني ا ألردين والعرايق‪.‬‬ ‫‪‬املنطقة اجلنوبية من اخلليل اىل ال بحر املتوسط غر ًاب من اختصاص اجليشني املرصي‬ ‫والسعودي‪.‬‬ ‫‪‬تلتقي اجليوش ا للبنانية والسورية والعراقية وجيش اال نقاذ يف حيفا‪ ،‬بيامن تلتقي اجليوش‬ ‫املرصية والسعودية وا ألردنية يف (تل أأبيب)‪.‬‬ ‫ودخل اجليش ا ألردين ل يةل ‪ 15/14‬أأاير فلسطني‪ ،‬كام دخلها اجليش العرايق أأيض ًا‪ ،‬ولكنه‬ ‫مل حيقق تقدم ًا ملموس ًا ‪.‬واكن عدد االصاابت يف اجليش ا ألردين أأكرث من (‪ )300‬اصابة‪.‬واكن‬ ‫تركزي املكل عبدهللا منصب ًا عىل حامية مدينة القدس؛ ألن علهيا يتوقف مصري النرص أأو الهزمية‬ ‫‪12‬‬ ‫يف احلرب‪.‬‬ ‫اكنت القدس عزيزة عىل قلب املكل عبدهللا ابعتبارها أأوىل القبل تني وفهيا اثلث احلرمني‬ ‫الرشيفني‪ ،‬وفهيا رضحي وادله احلسني بن عيل (مفجر ال ثورة العربية الكربى)‪ ،‬واحملافظة علهيا‬ ‫من قبل اجليش ا ألردين رمبا يعوض – ولو جزئي ًا – عن فقدان مكة واملدينة قبل حوايل‬ ‫ثالثني عام ًا؛ ذلكل أأمر اجليش ا ألردين بدخول املدينة يف ‪ 18‬أأاير‪ ،‬حيث خاض معارك حامية‬ ‫ضد الهيود للس يطرة علهيا وعىل الطريق بيهنا وبني تل ابيب‪.‬‬ ‫وحققت القوات ا ألردنية انتصاراً عىل القوات الهيودية‪ ،‬بعد أأحد عرش يوما من القتال‪،‬‬ ‫وزار املكل عبدهللا املدينة‪ ،‬حيث اس تقبهل أأهلها حبامس ابلغ‪.‬وواصل اجليش ا ألردين‬ ‫انتصاراته يف القدس القدمية ويف ابب الواد واللطرون‪ ،‬حيث أأبدى فهيا ا ألردنيون بساةل‬ ‫اندرة‪ ،‬وقد جنحوا يف انقاذ القدس القدمية وجزءاً صغرياً من املدينة اجلديدة‪.‬‬ ‫تعد معركة القدس‪ ،‬اليت خاضها اجليش ا ألردين وعدد أأ فراده أأقل من س تة أالف رجل‬ ‫عسكري‪ ،‬من أأبرز املعارك يف حرب عام ‪1948‬؛ ألن املساحة اليت انترشوا فهيا اكنت تزي د‬ ‫عىل س تة أ الف كيلومرت مربع‪.‬وقد وضعت ثالث ك تائب غريب القدس هبدف اغالق الطريق‬ ‫املؤدية اىل تل أأبيب‪ ،‬أأما القوات الباقية فقد وضعت يف املدينة نفسها‪.‬‬ ‫وهنا ال بدّ من االشارة اىل أأن اجليش ا ألردين دخل أأرض فلسطني‪ ،‬ومل يكن دليه عتاد‬ ‫يكفيه لأكرث من مخسة أأايم‪ ،‬وطلبت القيادة ا ألردنية من وزارة احلربية الربيطانية تزويدها‬ ‫عتاد ًا اكفي ًا مجليع ا ألسلحة‪ ،‬يكفي لقتال شهر واحد‪ ،‬لكن احلكومة املرصية اس تولت عىل محوةل‬ ‫ابخرة من ع تاد مدافع ‪ 25‬رطال‪.‬ورمغ تدخل املكل خشصي ًا دلى املكل فاروق اال أأن الصفقة‬ ‫صودرت‪.‬‬ ‫ويف بداية حزيران وافقت اللجنة الس ياس ية جلامعة ادلول العربية عىل الهدنة اليت قررها‬ ‫جملس ا ألمن ادلويل ؛ ألن قوات ادلول العربية املشاركة يف احلرب شارفت عىل نفاذ عتادها‪،‬‬ ‫وابلتايل ال تس تطيع القيام بعمليات جهومية‪ ،‬ابالضافة اىل ضغط احلكومة الربيطانية عىل‬ ‫العرب‪.‬وخال ل الهدنة ا ألوىل اس تطاع مائة أألف هيودي اكنوا حمارصين يف مدينة القدس‪ ،‬أأن‬ ‫‪13‬‬ ‫يشرتكوا اىل جانب القوات الهيودية الحقا‪ ،‬حيث تلقوا تدري با عسكراي أأاتح هلم لعب دور همم‬ ‫يف جمرايت احلرب بعد الهدنة ا ألوىل‪ ،‬وابلتايل ميكن القول أأن الهدنة مل يس تفد مهنا غري الهيود‪،‬‬ ‫حيث تلقوا أأسلحة جديدة من الوالايت املتحدة ا ألمريكية ومن تش يكوسلوفاك يا‪ ،‬يف الوقت‬ ‫اذلي منعت ا ألسلحة من الوصول اىل ادلول العربية ؛ ذلكل تفوقت ارسائيل عىل ادلول‬ ‫العربية يف هذا اجملال‪ ،‬واكن ذلكل أأثر كبري عىل تطور جمرايت احلرب الحق ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪ 9‬متوز أأعلن الهيود احلرب من جديد عىل العرب‪ ،‬وامتنعت بريطانيا عن دفع املعونة‬ ‫املالية ل ألردن‪ ،‬واكنت أأسلحته قليةل؛ ا ذ اكنت بريطانيا وادلول الغربية متحمكة يف بيع ا ألسلحة‬ ‫للعرب‪.‬واس تطاع الهيود احتالل مدينيت الدل والرمةل‪ ،‬بعد جالء القوات ا ألردنية عهنام ‪ ،‬بناء‬ ‫عىل تعلاميت رئيس ا ألراكن غلوب ابشا‪ ،‬املتضمنة حامية منطقة بيسان ومنع القوات الهيودية‬ ‫من الوصول اىل وادي ا ألردن‪.‬ومل تس تطع القوة ا ألردنية املوجودة يف الدل والرمةل م ن حاميهتام‪،‬‬ ‫حيث استسمل ساكن املدينتني وغادروا منازهلم اىل القدس ورام هللا يف ‪ 12‬متوز ‪.‬ومنيت‬ ‫اجليوش العربية هبزمية ساحقة يف فلسطني وأأعلنت الهدنة الثانية يف ‪ 19‬متوز‪.‬‬ ‫وهنا ال بد من االشارة اىل أأن فرق شعبية تشلكت يف ا ألردن خالل احلرب‪ ،‬بزعامة‬ ‫محد بن جازي واحلويطات حملاربة الهيود‪ ،‬كام حارب االخوان املسلمون بزعامة عبد اللطيف‬ ‫أأبو قورة الهيود‪ ،‬ونزلوا لتخليص القدس‪.‬واكن

Use Quizgecko on...
Browser
Browser