تاريخ دولة بني بويه PDF
Document Details
Uploaded by ConciseMoose
جامعة دمنهور
Tags
Summary
This document provides a history of the Buyid dynasty. It details their rise to power, expansion, and the various rulers and figures associated with the dynasty, such as Ali ibn Buyeh, Ahmad ibn Buyeh, and the influential figure of 'Ezz al-Daula. The document also touches on the dynasty's relationships with other groups, such as the Abbasid caliphate.
Full Transcript
# تاريخ دولة بني بويه ## تاريخ دولة بني بويه - جزء من تاريخ الدولة العباسية والعصر الفارسي الثاني - بدأت هذه الدولة على يد بويه الذي كان من إقليم الديلم في شمال غرب إيران، قرب بحر قزوين - آراء مختلفة حول نسب بني بويه ## بداية ظهور بني بويه - بدأت الأسرة البويهية في الظهور عندما انضم بويه وأبناؤه...
# تاريخ دولة بني بويه ## تاريخ دولة بني بويه - جزء من تاريخ الدولة العباسية والعصر الفارسي الثاني - بدأت هذه الدولة على يد بويه الذي كان من إقليم الديلم في شمال غرب إيران، قرب بحر قزوين - آراء مختلفة حول نسب بني بويه ## بداية ظهور بني بويه - بدأت الأسرة البويهية في الظهور عندما انضم بويه وأبناؤه الثلاثة، وهم علي وأحمد والحسن، إلى خدمة مرداويج بن زياد الديلمي - حاكمًا في طبرستان والديلم تمكن مرداويج من الاستقلال عن الخلافة العباسية وفرض سيطرته على المنطقة - مقتل مرداويج في 324 هـ / 934م كان فرصة لبني بويه لتوسيع نفوذهم. ## توسعات بني بويه ### علي بن بويه - بدأ في حكم إقليم الكرخ أو الكرخ بين همدان وأصفهان بعد أن منحه مرداويج الحكم. - لم يكتف علي بحكم هذا الإقليم فقط، بل بدأ في توسيع نفوذه فاحتل همدان وأصفهان، ثم استعان بإخوته لضم مناطق جديدة في فارس. ### أحمد بن بويه - اتجه إلى كرمان والأهواز خوزستان)، ونجح في السيطرة عليها، مما جعل بني بويه يصبحون على مقربة من العراق. - هذه السيطرة على المناطق المجاورة للعراق مهدت لهم الطريق للتدخل في شؤون الخلافة العباسية . ### أخوه الحسن بن بويه - توجه إلى بلاد الجبال أو عراق العجم، ونجح في الاستيلاء عليها. - استقر في هذه المنطقة ليزيد من نفوذ العائلة في فارس. ## استمرار حكم بني بويه - استمر حكم بني بويه في العراق وفارس مدة قرن من الزمن، وكان عاصمتهم شيراز - بعض أفراد الأسرة استقروا في بغداد التي أسموها "دار المملكة". ## الخلفاء العباسيون في العصر البويهي - في فترة حكم بني بويه، تولى أربعة من الخلفاء العباسيين الخلافة - المستكفي الذي عزلوه في عام 334 هـ - المطيع (363-334هـ) - الطائع (281-262 هـ) - القادر الذي انتهت دولة بني بويه في عهده. ## المنازعات الداخلية - رغم النزاعات الحروب الأهلية بين إخوة بني بويه على السلطة والميراث، ظهرت شخصيات قوية ساهمت في ازدهار بلاد العراق وفارس ## عضد الدولة بن الحسن بن بويه - من أبرز الشخصيات البارزة في العصر البويهي - تولى الحكم من 949م حتى 982م - في عهده، وصلت الدولة البويهية إلى أوج عظمتها، حيث نجح في توحيد فارس والعراق تحت سلطته . - عضد الدولة عمل على تعزيز علاقاته مع الخليفة العباسي الطائع، وزوج ابنته له، كما تزوج الخليفة ابنته في محاولة الإحكام النفوذ العباسي. - عضد الدولة حافظ أيضًا على علاقات ودودة مع الخليفة الفاطمي العزيز بالله في مصر. - أظهر البويهيون ولاءهم للخلافة الفاطمية وحرصوا على التحالف ضد العدو المشترك، وهو البيزنطيين، حيث تعاونا في دفع الخطر البيزنطي عن حدودهما. ## الإصلاحات الداخلية - قام بني بويه بعدة إصلاحات داخلية في الأراضي التي خضعت لحكمهم مثل العراق وكرمان وري و همدان. - اهتموا بتحسين البنية التحتية، مثل الجسور والسدود، ما ساعد على تقدم الزراعة وزيادة الإنتاج . ## مشروعات عضد الدولة العمرانية - عضد الدولة قام بعدة مشروعات عمرانية ضخمة - بناء السّدّ العظيم بالقرب من مدينة شيزار في فارس، - بناء شكر السهيلة بالقرب من النهروان - هذه المشروعات ساهمت في تحسين الزراعة وأدت إلى استقرار اقتصادي في المنطقة . ## الاهتمام بالتنظيم الإداري - في ظلّ حكمه، كان عضد الدولة حريصًا على تحسين الأنظمة والإشراف على العمل - إدارة السدود والموارد المائية - كان يتابع صيانة السدود بعناية شديدة، ويحرص على استقرار المنطقة في أوقات المطر والعواصف. ## القصص والأحداث المرتبطة بحكم عضد الدولة - يروي المؤرخ أبو شجاع كيف كان عضد الدولة يشرف على مشروعاته بنفسه وتظهر إحدى القصص كيف أرسل رجلا من بغداد لتوزيع ألف درهم على إبراهيم الأخر العامل على شكر السهيلة ## التدهور السياسي والاقتصادي في العراق - في فترة ضعف الدولة العباسية، كان هناك تنافس كبير بين الأتراك على منصب إمارة الأمراء . - هذا التنافس أثر سلبًا على استقرار العراق، حيث عجز الأتراك عن دفع أرزاق الجند أو حفظ الأمن، مما جعل الوضع السياسي والاقتصادي يتدهور. ## تطلعات أهل العراق نحو أحمد بن بويه - شعر أهل العراق بهذا العجز في حكم الأتراك، فبدأوا يتطلعون إلى أحمد بن بويه كمنقذ لهم. - فطلبوا منه أن يزحف إليهم ويعدوه بالمؤازرة في حال وصوله. ## احتلال بغداد ومبايعة الخليفة المستكفي - أحمد بن بويه استغل هذه الفرصة فزحف بجيوشه نحو بغداد واحتلها عام 945م. - بايع الخليفة العباسي المستكفي، الذي استقبله بحفاوة، ومنحه لقب معز الدولة، بينما منح أخويه عماد الدولة وركن الدولة . ## تدهور العلاقة مع الخليفة المستكفي - بعد شهر من المبايعة، ساءت العلاقة بين أحمد بن بويه والخليفة المستكفي بسبب انعدام الثقة - اتهم معز الدولة الخليفة أنه يحاول العودة بالأتراك إلى الحكم فخلعه وبايع المطيع خليفة بدلاً منه. ## التغيير في السلطة - سيطر البويهيين على الحكم في فارس والعراق، وحلوا محل الأتراك . - الخلفاء العباسيين ظلوا في منصبهم ولكن دون سلطة حقيقية، حيث اقتصر دورهم على بعض المظاهر الدينية. - البويهيين استأثروا بالحكم واتخذوا لقب ملك أو شاهنشاه بدلاً من أمير الأمراء . ## حرص البويهيين على الظهور بالولاء للخلافة العباسية - على الرغم من سيطرتهم على الحكم، كان البويهيون يظهرون الطاعة للخليفة العباسي إظهارا للولاء بسبب النفوذ الديني الذي كان يتمتع به الخليفة العباسي في العالم الإسلامي. - كما كانوا يحرصون على إظهار احترامهم للمذهب السني، على الرغم من أنهم ينتمون للمذهب الزيدي الذي يعتبر أقرب الفرق الشيعية للسنة. ## الزيدية والمواقف السياسية للبويهيين - الزيدية، التي كانت منتشرة في بلاد الديلم، تميزت بقبول إمامة المفضول مع وجود الأفضل، مما جعلهم يظهرون الولاء للخلافة العباسية. - هناك روايات تفيد أن معز الدولة فكر في إلغاء الخلافة العباسية وإقامة خلافة علوية بدلاً منها، ولكن تراجع عن هذا القرار بعد نصائح من مستشاريه. ## التعايش مع المذاهب الأخرى: - البويهيون اتبعوا سياسة مرنة تستهدف التعايش السلمي مع المذاهب الأخرى، وحرصوا على توثيق علاقاتهم بالخلافة الفاطمية الشيعية في مصر. - كما كانوا يشاركون في الاحتفالات الشيعية مثل عيد غدير خم، وكان يتم الاحتفال بهذا العيد في بغداد بزينة وألعاب نارية، مما يعكس سياسة التسامح التي تبنوها. ## مشروعات عضد الدولة ### السّد العظيم في شيزار (فارس) - قام عضد الدولة ببناء سد عظيم بالقرب من مدينة شيزار في فارس. كان هذا السدّ يعرف بـ "سدّ الأمير". - الهدف من السدّ كان حماية الأراضي من الفيضانات وتأمين المياه للزراعة، وهو ما ساعد على استقرار الإنتاج الزراعي في المنطقة. ### شكر السهيلة النهروان العراق) - عضد الدولة أنشأ شكر السهيلة بالقرب من بلدة النهروان بين بغداد وواسط. - الشکر كان له دور كبير في تنظيم تدفق المياه إلى الأراضي الزراعية، مما ساعد على زيادة الإنتاج الزراعي في العراق. - كانت هذه المشروعات تعتبر من الإنجازات الهندسية المهمة في تلك الفترة، حيث مكنت من تحسين الري وزيادة المحاصيل. ### إعادة تأهيل الجسور - عضد الدولة عمل على إصلاح الجسور القديمة التي كانت تمثل أداة أساسية لربط المدن وتعزيز حركة التجارة. - كما أدار صيانة السدود، مما أدى إلى تحسين قدرة المناطق على الاستفادة من الموارد المائية . ### الاهتمام بالزراعة - كانت مشروعات عضد الدولة العمرانية تهدف إلى تحسين الزراعة وتنظيم الري، الأمر الذي ساعد على ازدهار الأراضي في فارس والعراق. - إصلاح السدود مثل شكر السهيلة والسدّ في شيزار أتاح توفير المياه الزراعية بشكل منتظم. ### إدارة المشروعات - عضد الدولة لم يكن فقط مشرفًا على هذه المشروعات، بل كان يتابعها عن كثب ويعطي أوامر دقيقة لضمان تنفيذها بشكل صحيح. - في إحدى القصص، كان إبراهيم الأخر، المشرف على السكر، يتلقى دعمًا ماليًا كبيرًا من الملك عضد الدولة لمواصلة تحسين المشروع. ## الأعمال العمرانية التي نفذها عضد الدولة ### المشهد العظيم على قبر الإمام علي بن أبي طالب - قام عضد الدولة ببناء مقبرة عظيمة على قبر الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف. يُعتبر هذا المعلم من أبرز الأعمال التي سعت إلى تكريم الإمام. ### المارستان (المستشفى العضدي - شيد عضد الدولة مارستانا (مستشفى) في بغداد لعلاج المرضى - كان هذا المستشفى من المعالم البارزة في مجال الرعاية الصحية في تلك الحقبة. ### تعمير مدينة بغداد - بعد تدهور مدينة بغداد بسبب الفتن، قام عضد الدولة بإعادة بناء المساجد والأسواق التي تهدمت. - اهتم ب إصلاح المعالم العمرانية للمدينة، مما ساعد على تحسين حالة بغداد الاقتصادية والاجتماعية. ### إعادة بناء الأنهار والجسور - عمل على تجديد الأنهار وإعادة حفرها وتسويتها لتأمين المياه للزراعة والحياة اليومية. - جسر بغداد الذي تم تحصينه بالدرابزينات وأقيمت عليه حراسة لضمان سلامة المرور. ### إصلاح الطرق - قام عضد الدولة بإصلاح الطريق بين العراق ومكة، مما ساعد في تسهيل حركة الحجاج وزيادة التجارة . ### الاهتمام بالزراعة - ألزم أصحاب الأملاك الخربة بإعادة عمارها وتحويل الأراضي المهجورة إلى حدائق خضراء ومتنزهات. ### الاهتمام بالمساجد والمزارات - قام بإطلاق المال لرعاية الأئمة المؤذنين العلماء، والضعفاء في المساجد . ### رعاية الكنائس والمبيعات - أمر نصر بن هارون، الوزير المسيحي، بإعادة بناء البيع والكنائس في بغداد، كما خصص أموالاً للفقراء والمحتاجين في المجتمعات المسيحية. ## الحياة العلمية في عهد عضد الدولة: ### تشجيع العلوم والفنون - عضد الدولة كان رعاءً للعلماء، وأدى دوره في إعانة الفقهاء المحدثين المتكلمين المفسرين، النحاة، والشعراء. - أعطى جوائز مالية للعلماء في مختلف المجالات وشجع على التأليف في علوم الفقه النحو الفلك، الطب، وغيرها. ### المصنفات العلمية: - من بين الكتب المشهورة التي ظهرت في عصره - كتاب "الحجة في القراءات السبع" لأبي علي الفارسي. - الكن العضدي في "الطب" لعلي بن العباس المجوسي. - "الإيضاح في النحو لأبي علي الفارسي. ### دعم الفلك: - تحت رعاية عضد الدولة، تم إنشاء مرصد فلكي في بغداد، مما ساعد في تطور العلوم الفلكية . - كان عضد الدولة مهتمًا بالعلوم الفلكية وكان لديه علاقة وثيقة مع علماء الفلك، مثل أبو الحسين الرازي. ### الشعر والأدب - كان عضد الدولة يحب الشعر وكان لديه علاقات مع الشعراء مثل المتنبي، الذي كتب له العديد من القصائد . - هو نفسه شاعر وكان له شعر يعكس قوه و اعتزازه بنفسه مثل قوله "قتلت صناديد الرجال فلم أداو، عدوا ولم أهمل على جيشه خلفا." ## في عهد بني بويه، كان للوزراء دور كبير في ازدهار الحركة العلمية والثقافية في البلاد، حيث جمعوا بين الرئاسة والعلم وساهموا في النهوض بالمعرفة والفكر. معظم هؤلاء الوزراء كانوا من الفرس، ومن أبرزهم: ### 1. أبو الفضل بن العميد (ت 360 هـ ): - أصل ينتمي إلى قم، إحدى المدن الفارسية. - دورة وزر للملك ركن الدولة في الري، وهمدان، وأصفهان. - كان له تأثير كبير في تنشئة وتعليم عضد الدولة - عرف بـ "الجاحظ الثاني" لإتساع معرفته في الفلسفة و النجوم و الكتب و الترسل - مدحه المتنبي في قصيدته الشهيرة التي هنأه فيها بمناسبة عيد النوروز، حيث وصفه بـ "عربي" اللسان فارسي الأعياد". - عضد الدولة كان يثني عليه دائمًا، ويعتبره من أهم أساتذته، وكان يطلق عليه لقب "الأستاذ الرئيس". - ### 2. الصاحب إسماعيل بن عباد: - خلف أبو الفضل بن العميد في الوزارة . - كان أيضًا فارسيًا وذو علم واسع في فن الرسائل والأدب، وله رسائل منشورة و كتاب في الأعياد و فضائل النوروز - مؤلفاته كانت تشمل أعمالاً أدبية تعكس اطلاعه الواسع على المؤلفات من المشرق والمغرب. وقد اشتهر بعبارته الشهيرة بضاعتنا ردت إلينا"، بعد أن اطلع على كتاب العقد الفريد" لأحمد بن عبد ربه الأندلسي. ### 3. سابور بن أردشير - كان وزيرًا في بغداد في عهد بهاء الدولة ، ابن عضد الدولة - أسس دارًا للعلم في بغداد وخصص لها مكتبة ضخمة تضم عشرة آلاف كتاب - ساهم في إرساء الأسس العلمية وتعزيز الحركة الأدبية في بغداد . ## العلماء والأدباء في عهد بني بويه : - شهدت العصور البويهية أيضًا ظهور عدد من كبار العلماء والأدباء مثل: - الفارابي والخوارزمي و المتنبي. - إخوان الصفا الذين كانت أفكارهم تجذب اهتمام الوزراء البويهيين. - ساهم هذا العصر في نشر وتطوير العلوم والفنون واهتم بالحركة الأدبية والعلمية، مما جعل فترة حكم بني بويه واحدة من أكثر الفترات تأثيرًا في التاريخ الثقافي والعلمي للشرق الإسلامي. ## دولة بني بويه التي استمرت نحو مائة سنة، بدأت في الضعف والانهيار نتيجة للانقسامات الداخلية والحروب المتكررة بين أفراد الأسرة البويهية. هذه الخلافات لم تقتصر على داخل الأسرة فقط، بل انتقلت لتشمل الصراع بين الشيعة والسنة، و الديلم و الترك، مما أدى إلى الحروب الداخلية في شوارع بغداد، وخصوصًا في حيّ الكرخ الذي كان معقلا للشيعة في غرب بغداد. ## ضعف الدولة وتدخل الخلفاء العباسيين - مع تراجع القوة البويهية، بدأ الخلفاء العباسيون في استعادة قوتهم والتدخل في السياسة. من أبرز مظاهر ذلك: - الخليفة القادر بالله (322-281 هـ) أصدر أمرًا في سنة 382 هـ بوقف الفواح والبكاء في بغداد في يوم عاشوراء، وهو ما كان تقليدا شيعيًا، ما يمثل تدخلا مباشرًا في شؤون الشيعة . - كما رفض الخليفة تعيين شخص شيعي في منصب قاضي بغداد، مما اضطر البويهيين لقبول تعيين قاضي خاص بالشيعة عرف بـ "النقيب" أو "نقيب الطالبيين". ## الثورات الشيعية والمعارك الداخلية : - في ظل ضعف الدولة، تصاعدت الحركات المعارضة - ثورة الشيعة في بغداد (398). طالبوا فيها بالدعوة لـ الخليفة الفاطمي في مصر، الحاكم بأمر الله. نشبت معركة بين الشيعة و الخليفة القادر انتهت بهزيمة الشيعة. - ثورة فراوش بن المقلد (401 هـ) : خرج عن طاعة الخليفة القادر ونادى بالخلافة الفاطمية في الموصل و الأنبار و الكوفة . أرسل الخليفة القادر جيشًا قضى على حركته. ## دور الفاطميين في الأحداث : - كان واضحًا أن الفاطميين وراء هذه التحركات، حيث أن الخليفة القادر عبّر عن عدائه لهم، وطعن في نسبهم وسمعتهم، وأصدر في سنة 402 هـ محضرًا رسميًا يشهر بهم ويصفهم بـ "أدعياء خوارج" و "زنادقة ". هذا الطعن استمر في عهد خليفته الخليفة القائم (467-422 هـ)، الذي أصدر محضرًا مشابها ضد الفاطميين. ## نهاية دولة بني بويه : - انتهت دولة بني بويه في سنة 447 هـ / 1055م على يد الأتراك السلاجقة، حيث دخل زعيمهم طغرل بك إلى بغداد وقضى على دولة الملك الرحيم، آخر ملوك البويهيين، لينة عن الحكم البويهي وتبدأ مرحلة جديدة من الهيمنة السلاجقة على المنطقة. ## السبب الرئيسي في انهيار الدولة : - كان السبب الرئيس وراء انهيار دولة بني بويه يعود إلى ضعفها الداخلي وعدم قدرتها على مواجهة الفتن والصراعات التي كانت تجتاحها، مما سمح للخلفاء العباسيين بتعزيز سلطتهم واستعادة نفوذهم، كما أن الاستقطاب المذهبي (الشيعة ضد السنة) و التدخلات الفاطمية ساهمت في زيادة هذه الفوضى. ## الوضع العام قبل ظهور السلاجقة - في القرن الخامس الهجري، عانى العالم الإسلامي من ضعف وانقسام شديد كانت الخلافة العباسية السنية في بغداد والخلافة الفاطمية الشيعية في القاهرة في حالة عداء مستمر. استنزفت كلتا الدولتين قواهما في الصراعات الداخلية، مما جعل حدود العالم الإسلامي مكشوفة أمام التهديدات الخارجية استغلت الدولة البيزنطية هذا الوضع، فبدأت بشن هجمات متكررة على شمال الشام والجزيرة. ## نشأة السلاجقة وتوسعهم - السلاجقة قبيلة تركية، قادها زعيمهم "سلجوق" إلى اعتناق الإسلام السني بعد إسلامهم، استقروا في بخاری و سمرقند، حيث تعاونوا مع الدولة السامانية في حماية الثغور الشرقية ونشر الإسلام بين القبائل الوثنية مع سقوط الدولة السامانية، زادت أعداد السلاجقة، وبدأوا بالتحرك غربًا بقيادة طغرلبك، حفيد سلجوق. - بحلول 429هـ / 1037م، سيطر السلاجقة على مدن رئيسية مثل مرو نيسابور وخوارزم كان توسعهم سريعًا ومدعومًا بتمسكهم بالمذهب أهل السنة، ما أكسبهم قبولًا واسعًا بين المسلمين. ## دور السلاجقة في دعم الخلافة العباسية - كانت الخلافة العباسية تعاني من سيطرة الدولة البويهية الشيعية، التي أضعفت السلطة العباسية وأثارت اضطرابات مذهبية بين السنة والشيعة. طلب الخليفة القائم مساعدة طغرلبك للقضاء على البويهيين دخل طغرلبك بغداد عام 447هـ، وأنهى نفوذ البويهيين وأسس الدولة السلجوقية. - لإظهار الولاء للخلافة، زوج طغرلبك ابنته أرسلان خاتون من الخليفة القائم بذلك، أصبح السلاجقة حماة للمذهب السني والخلافة العباسية. ## إنجازات طغرلبك - طغرلبك لعب دورًا رئيسيًا في استقرار الخلافة العباسية. أبرز إنجازاته كان القضاء على ثورة "البساسيري"، القائد الذي دعمه الفاطميون لإسقاط العباسيين بعد معركة حاسمة هزم طغرلبك البساسيري وأعاده الخليفة القائم إلى عرشه في بغداد. عزز طغرلبك مكانة المذهب السني وأعاد الهيبة للخلافة العباسية، قبل وفاته عام 455هـ/1063م. ## عهد ألب أرسلان (465-455هـ / 1072-1063م) - ألب أرسلان واصل سياسة التوسع السلجوقي. ركز أولاً على حلب التي كانت تحت حكم محمود بن مرداس الشيعي. بعد حصار طويل، أجبر ألب أرسلان محمود على إعلان الولاء للخلافة العباسية. - في نفس العام، أرسل جيشًا بقيادة أتمر بن أوق إلى فلسطين، حيث سيطروا على الرملة وبيت المقدس، لكنه لم يتمكن من السيطرة على عسقلان التي بقيت مع الفاطميين. - كان هدف ألب أرسلان الرئيسي هو ضرب القوى الشيعية في الشام لتأمين ظهر الدولة، ثم التوجه شمالاً نحو آسيا الصغرى لمواجهة البيزنطيين. ## معركة ملاذكرد (463هـ/1071م) وأبرز نتائجها ### الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس وجيشه - خرج الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس على رأس جيش ضخم قوامه 200 ألف مقاتل من مختلف الطوائف . - مثل الروم الروس الفرنجه الأرمن وغيرهم. - تقدم الجيش شرقًا حتى وصل إلى مدينة ملاذكرد شمالي بحيرة فان بأرمينيا، وكان يهدف لاختراق الأراضي الإسلامية والتوغل في العمق الإيراني ### رد فعل السلطان ألب أرسلان - كان السلطان ألب أرسلان متواجدًا في مدينة الري ومعه 15 ألف فارس فقط . - عندما علم بزحف الجيش البيزنطي، تقدم سريعًا نحو العدو رغم قلة عدد جيشه مقارنة بالجيش البيزنطي. - أرسل رسالة إلى الإمبراطور يطلب فيها المهادنة، لكنه قوبل بالرفض حيث أصر رومانوس على الحرب. ### الاستعداد للمعركة : - اختار ألب أرسلان يوم الجمعة موعدًا للمعركة لتزامنه مع دعاء الخطباء للمجاهدين بالنصر. - ألقى السلطان خطبة مؤثرة على جنوده، وأظهر استعداده للموت؛ حيث لبس الكفن الأبيض و تحنط، ودعا جنده للثبات والقتال احتسابا للأجر. - دعا الله أن ينصره ثم بدأ الهجوم على الجيش البيزنطي. ### سير المعركة والانتـصار - وقعت معركة ملاذكرد واشتد القتال، إلا أن جيش المسلمين أظهر شجاعة كبيرة ، وتمكن من هزيمة الروم. - قتل الآلاف من الجيش البيزنطي، - وأسر الإمبراطور رومانوس على يد أحد الجنود المسلمين. ### التعامل مع الإمبراطور الأسير - أحضر الإمبراطور الأسير إلى ألب أرسلان، حيث عاتبه السلطان على رفضه للهدنة. - طلب رومانوس العفو، فوافق السلطان مقابل شروط منها - دفع فدية مالية ضخمة بلغت مليون ونصف دينار - إطلاق سراح الأسرى المسلمين - تقديم الدعم العسكري للمسلمين عند الطلب. - عامل ألب أرسلان الإمبراطور بإحسان، وأطلق سراحه بعد توقيع الاتفاق. ## نتائج معركة ملاذ كرد - فتحت الطريق أمام المسلمين للتوسع في آسيا الصغرى واقتطاع أراض واسعة من الدولة البيزنطية. - تأسيس دولة سلاجقة الروم في المناطق المفتوحة، بقيادة سليمان شاه - إضعاف الدولة البيزنطية، مما أثار مخاوف أوروبا وأدى لاحجًا إلى انطلاق الحروب الصليبية عام 1096م. ## وفاة ألب أرسلان: - بعد المعركة، قاد السلطان حملة باتجاه بلاد ما وراء النهر، لكنه قُتل عام 465هـ على يد قائد يُدعى يوسف الخوارزمي . ## الأثر الحضاري لعصر ألب أرسلان: - أوصى السلطان بالخلافة لابنه ملكشاه قبل وفاته. - رغم الحروب، شهد عصر ألب أرسلان ازدهارًا علميًا وأدبيًا بفضل شخصيات مثل نظام الملك و عمر الخيام. - تطورت الفنون والصناعات، وكان العصر معروفًا بتحفه الفنية مثل المصنوعات المعدنية والخزفية المنقوشة. - تُعد معركة ملاذكرد واحدة من أعظم انتصارات المسلمين التي غيّرت موازين القوى في المنطقة، ورسخت هيمنة السلاجقة في العالم الإسلامي. ## جلال الدين أبو الفتح ملكشاه ### الخلافة ووراثة الحكم - خلف جلال الدين أبو الفتح ملكشاه والده ألب أرسلان في حكم الدولة السلجوقية، وواصل سياسته في محاربة النفوذ الفاطمي الشيعي في الشام. - استطاع قائده أتمر الاستيلاء على دمشق في سنة 468هـ بعد عدة محاولات. كما عين ملكشاه أخاه تنش بن ألب أرسلان ملكا على بلاد الشام، وجعل الحكم وراثيًا في أسرته، مما أسس لدولة سلاجقة الشام التي منعت الفاطميين في مصر من التقدم نحو الشام. ### اتساع الدولة السلجوقية - شهد عهد ملكشاه أقصى اتساع الدولة السلجوقية، حيث امتدت حدودها من أفغانستان شرقا إلى آسيا الصغرى غربا ومن فلسطين جنوبا. - وكان الفضل في تدبير الدولة يعود إلى الوزير أبي الحسن بن علي قوام الدين نظام الملك الطوسي الذي أخلص في خدمة السلاجقة وأدى دورًا مهمًا في الحفاظ على استقرار الدولة. ### الوزير نظام الملك وعلاقته بالسلطان - بعد وفاة ألب أرسلان، تم تعيين نظام الملك وزيرًا للسلطان ملكشاه، وعُرف بلقب أتابك الذي يعني "الأمير الوالد". - وكانت علاقة نظام الملك بالسلطان ملكشاه قوية جدا، حيث وصفه السلطان بأنه الوالد الذي يوجه شؤون الدولة. ### العلاقات مع الخلافة العباسية - توطدت العلاقات بين ملكشاه والخلافة العباسية من خلال زواج اثنين من الخلفاء العباسيين، وهما المقتدي و المستظهر من بنات ملكشاه. ### عصر العلم والنهضة في عهد ملكشاه - كان عصر ملكشاه عصرًا حافلا بالعلم والعلماء. وقد دعم السلطان النهضة العلمية وكان نفسه مشاركا في تلك الحركة. - من أبرز الأعمال في عهده - إصلاح التقويم الفارسي : أطلق نظام الملك لجنة من العلماء والفلكيين، ومن بينهم الشاعر عمر الخيام، لتصحيح عيوب التقويم الفارسي. - تم تعديل تاريخ النوروز رأس السنة الفارسية بحيث يتم تحديده في أول نقطة من دخول الشمس برج الحمل بدلاً من سابقه. - هذا الإصلاح سمي بـ التقويم الجلالي نسبة إلى ملكشاه، واعتبر أكثر دقة من التقويم الجريجوري . ## العلماء البارزون في بلاط ملكشاه - برز في بلاط السلطان ملكشاه ثلاثة من كبار العلماء: - نظام الملك: مؤلف كتاب "سياسة "نامه" الذي يعد مرجعًا في الآداب السلطانية. - عمر الخيام الشاعر والفلكي المعروف، الذي ساهم في إصلاح التقويم الفارسي وكتب "نوروز" "نامه" الذي يشرح فيه تاريخ النوروز وطقوسه. - الحسن الصباح الثائر الإسماعيلي الذي أسس دعوة الإسماعيلية النزارية وعُرفت جماعته بـ الحشاشين. ## مقتل نظام الملك - يرى البعض أن الحسن الصباح هو من قتل نظام الملك بتوجيه من أتباعه، بينما يعتقد البعض الآخر أن السلطان ملكشاه هو من دبر مقتل وزیره بسبب استبداده وطول فترة حكمه. ## وفاة ملكشاه وتفكك الدولة - توفي ملكشاه في 1092م بعد شهر من وفاة نظام الملك، مما فتح الباب للفتن والنزاعات داخل الأسرة السلجوقية. - بعد وفاته تولى ابنه بركياروق الحكم، إلا أن الدولة شهدت صراعات داخلية أدت إلى تفكك الدولة السلجوقية. - في النهاية، انتهت الدولة السلجوقية العظمى بسقوط آخر سلاطينها سنجار في 1157م. ## الأتابكيات السلجوقية: - تعتبر الأتابكيات جزءًا مهما من تاريخ الدولة السلجوقية، حيث كان المماليك الأتراك يشكلون طبقة حاكمة داخل هذه الدولة. - كانت الدولة السلجوقية تعتمد بشكل كبير على المماليك الذين كان يتم جلبهم من مناطق مثل القفجاق في آسيا الوسطى وتربيتهم بشكل خاص في البلاط السلجوقي هؤلاء المماليك كانوا يتعلمون الانضباط العسكري والسياسي، مما جعلهم يعتمدون على الولاء والطاعة المباشرة للسلاطين. ### سياسة التربية والتعليم للمماليك - كما أشار الوزير نظام الملك الطوسي في كتابه "سياسة نامه"، كانت تربية المماليك تتم وفقًا لنظام خاص يعتمد على التعليم العسكري والإدارة وتنظيم الخدمة. كان يتم تعليمهم كيفية الاجتماع والتنفيذ السريع للأوامر دون الحاجة لتكرار الأوامر. وهذا كان يعكس الاهتمام الكبير بكفاءة الخدمة العسكرية والإدارية في البلاط السلجوقي. ### انتشار الأتابكيات - العديد من الأتابكيات السلجوقية أنشأها مماليك بعد أن خدموا في الدولة السلجوقية. من أشهر هذه الأتابكيات: - بنو أرتق : الذين حكموا حصن كيفا وماردين. - أتابكة دمشق: الذين أسسهم طغتكين وكانوا مماليك للسلطان تتش ابن ألب أرسلان. - شاهات خوارزم الذين كان لهم تأثير كبير بعد تعيين أنوشتكين من قبل ملكشاه حاكمًا على خوارزم . ### تأثير الأتابكيات في تاريخ الشرق الأوسط - الأتابكيات لعبت دورًا كبيرًا في تاريخ المنطقة، خاصةً في فترة القرن الثاني عشر الميلادي. من أبرز الشخصيات التي ظهرت في هذه الفترة - عماد الدين زنكي: الذي أسس أتابكية الموصل وديار ربيعة، وكان له تأثير كبير في تاريخ المنطقة. - صالح الدين الأيوبي الذي تأثر كثيرًا بنظم السلاجقة، وكان له دور كبير في توحيد مصر والشام وتأسيس الدولة الأيوبية. ## تأثر السلاجقة على العادات العسكرية و الإدارية: - السلاجقة نقلوا العديد من العادات العسكرية والإدارية إلى مصر والشام، مثل: - الجاليش وهو شعور الحصان الذي كان يُرفع في مقدمة الجيش وكان يُعتبر رمزًا للجيش السلاجقي. - الغاشية: التي كانت ترفع بين يدي السلطان في المناسبات الرسمية، وأصبحت رمزًا للسلطنة. - نظام المدارس : الذي قام السلاجقة بتطويره. كان السلاجقة قد أسسوا العديد من المدارس في مختلف المدن الكبرى مثل بغداد ونيسابور، وهذا النظام تم تبنيه لاحقًا من قبل الأيوبيين. ## الأيوبيون والسلاجقة: - الأيوبيون تبنوا العديد من الأنظمة السلاجقية في الحكم، خاصة في ما يتعلق بإدارة الدولة واستخدام المماليك الأتراك في المناطق العسكرية والإدارية. كما قام الأيوبيون بإنشاء العديد من المدارس السنية في مصر والشام، تأثرًا بنظام السلاجقة في بناء المدارس ونشر المذهب السني.