الفصل الأول: مدخل مفاهيمي لمهنة التعليم PDF

Summary

يقدم هذا النص مدخلًا مفاهيميًا لمهنة التعليم، حيث يناقش مفهوم المهنة بشكل عام، وعلاقتها بمفاهيم أخرى كالوظيفة والحرفة. ويُلقي الضوء على مقومات مهنة التعليم، من خلال تحليل لأعمالها العقلية، وثقافتها المهنية، وإعدادها، وخدماتها الاجتماعية، ودور الروابط المهنية. بالإضافة إلى الحرية في ممارسة المهنة والتعلم الذاتي. PDF

Full Transcript

# الفصل الأول ## مدخل مفاهيمي لمهنة التعليم ### تمهيد: يشهد العالم اليوم تطورات متسارعة ومتلاحقة في العلوم والتكنولوجيا، أدت بدورها إلى تغيرات اجتماعية وثقافية وتعليمية وسياسية، الأمر الذي تطلب ضرورة إعادة النظر في عمليات تأهيل وتدريب المعلمين قبل الخدمة وفي أثنائها. فيما مضى كان ينظر إلى التعليم...

# الفصل الأول ## مدخل مفاهيمي لمهنة التعليم ### تمهيد: يشهد العالم اليوم تطورات متسارعة ومتلاحقة في العلوم والتكنولوجيا، أدت بدورها إلى تغيرات اجتماعية وثقافية وتعليمية وسياسية، الأمر الذي تطلب ضرورة إعادة النظر في عمليات تأهيل وتدريب المعلمين قبل الخدمة وفي أثنائها. فيما مضى كان ينظر إلى التعليم على أنه خدمة، تؤدى تطوعاً حيث كان يقوم بها كبار القوم ممن لا يبتغون من ورائها كسب العيش، ثم تحول بعد ذلك إلى حرفة أقبل عليها من كان في حاجة إلى عمل للارتزاق منه حيث احترفه في بادئ الأمر كل من ألم بالقراءة والكتابة وابتغى من وراء ذلك الرزق حتى صار يقال عنه آنذاك بأنها: "مهنة من لا مهنة له". غير أنه مع تعقد أمور الحياة وتحول نظرة المجتمعات إلى التعليم بحسبانه قاطرة التقدم والتنمية وما صاحب ذلك من نمو البحوث في مجال التربية وتكنولوجيا التعليم واستراتيجيته كذا التطورات التي لازمت ذلك في مجالات العلوم النفسية والاجتماعية، فقد تعدلت النظرة إلى التعليم وبات ينظر إليه على أنه مهنة لا يستطيع ممارستها إلا من تلقى الإعداد والتدريب اللذين يخولانه امتلاك الكفايات والقدرات التي تعينه على الوفاء بمتطلبات الممارسات المهنية في مجال مهنة التعليم. وفيما يلي تحليل لمفهوم المهنة، ومقوماتها، وعلاقتها ببعض المفاهيم الأخرى؛ ومحاولات ضبط ممارسة المهنة. ### أولاً: تحليل مفهوم المهنة: يتطلب تحليل مفهوم المهنة التعرف على الأصل اللغوي للفظ؛ فالمهنة من فعل امتهن أي اتخذ ذلك النشاط المنتج حرفة له، ويقال المهن بالجمع للإشارة إلى الأعمال التي يتكسب منها الإنسان. ومهنة الرجل: أي صنعته ويُقال كان فلان يمتهن البحر، أي يشتغل بحارًا. وإذا حذق الفرد مهنته وصار متميزا فيها، أشار له الناس بأنه أحد أربابها. والمهنة هي العمل الذي يحتاج إلى خبرة ومهارة وحنق بممارسته. على حين يرى بعضهم أن المهنة هي: - نشاط عقلي مدرك قصدي يقوم به الفرد لإنتاج شيء مادي أو فكري؛ فكل نشاط لا يخضع لتصميم مسبق ولا يؤدي إلى منتج ما، ولا يخضع إلى معايير مضبوطة، لا يدخل في باب المهنة، وإنما قد يعتبر ضمن الهوايات أو ما يعرف بالنشاط الحر. ومن هذا المنظور فإن المهنة هي عمل عقلي يمارسه الفرد وفق معايير وضوابط محددة. - ما يقوم به الإنسان من نشاط انتاجي في وظيفة أو مهنة أو حرفة. وهذا يبين أن ثمة ركنين للعمل أساسين: النشاط، والانتاج؛ فالنشاط هو لب العمل، سواء كان نشاطاً جسدياً أو ذهنياً. - ميل واستعداد شخصي يدفع صاحبه إلى ممارسة عمل خاص مقنع له نفسياً وأدبياً... والمهنة من هذا المنظور هي "عمل منظم يقتنع به المرء ويحاول أن ينهض من خلاله بمسئوليات ومطالب وظيفية محددة يلتزم في أدائها بمعايير خلقية معينة. - عمل عام، لا يسعى من يزاولها إلى تحقيق نفع خاص، وأن مزاولتها تتطلب مهارات وقدرات عقلية وجسمية تكتسب من خلال التعليم والدراية والمران .... ومن ثم فإن مفهوم المهنة من هذا المنظور يشير إلى أنها عمل خدمي يتطلب فترة إعداد، ويحتاج إلى ثقافة واسعة فيمن يمارسه. - المهنة هي مجموعة من المهام والوظائف المحددة التي يؤديها موظفون ي النهضون بها وفق نماذج سلوكية محددة ... وعلى هذا الأساس فإن مفهوم المهنة يشير إلى أنها أعمال محددة تجمع أشخاصاً حول أهداف مشتركة، وتتطلب توافر إطار قيمي وأخلاقي منظم للعلاقات بين أربابها. وهكذا يمكن القول أن لمهنة التعليم مقومات محددة؛ كما يأتي: (شبل بدران، وسعيد سليمان، (٢٠١٦) 1. تتضمن أي مهنة من المهن بشكل أساس أعمالاً عقلية، بمعنى أن أصحاب كل مهنة يمارسون جملة من المهارات العقلية، ولكن لا يعني ذلك أن المهنة لا تتطلب مهارات يدوية أو جسمية، ولكن ما يُقصد هنا أن المهارات العقلية هي المتحكم الأساس في كافة المهارات الأخرى. 2. تستند كل مهنة على ثقافة مهنية، أي مجموعة من المعلومات والمعارف والأنماط السلوكية والاتجاهات المرتبطة بالمهنة، فكل مهنة تقوم على واحد أو أكثر من المباديء المعرفية، والتي تتبنى بها المهنة تطبيقات ومهارات لازمة لها، ولا تتوافر هذه الثقافة إلا بوجود أرباب هذه المهنة، أي وجود مسئولين عن نقل تلك الثقافة. 3. تتطلب كل مهنة فترة إعداد طويلة ( عدد من السنوات على المستوى الجامعي. وهي تختلف عن فترات التدريب التي تتراوح بين أيام إلى شهور. 4. تسعى كل مهنة لتحقيق جملة من الأهداف، فأي مهنة تهتم بالخدمة التي تقدمها للمجتمع أكثر من اهتمامها بما يعود على أعضائها من نفع مادي، وهذا أساس "لتنظيم المهنة وممارستها، كما يعزز من الثقافة العامة للممارسين للمهنة. 5. تتطلب كل مهنة توافر رابطة مهنية تقوم على رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأصحابها، وتقوم على تحسين مستوى الخدمات التي تؤديها المهنة للمجتمع من خلال تحديد المستويات العلمية والأخلاقية للقائمين على المهنة، ورفع مستوى أدائهم. 6. يتوافر لكل مهنة دستور أخلاقي يمثل مرجعية لأصحاب كل مهنة، ولذلك كان لإنشاء المنظمات والروابط المهنية (النقابات) دورًا أساسيًا في مراقبة السلوك المهني والحرص على تطبيق الدستور، وأعضاء الرابطة هم من يضعوا هذا الدستور ويحملون على عاتقهم واجب الدفاع عنه والالتزام به. 7. يتمتع أعضاء كل مهنة بقدر من الحرية في ممارسة عملهم المهني، وذلك في إطار ما يقره دستور الدولة وقوانينها من حريات. 8. تتطلب كل مهنة أن يتوافر لدى أصحابها فرص التعلم الذاتي، لأن أي مهنة يضاف إلى معارفها دائما الجديد والحديث، وكذلك تظهر بعض التطبيقات الحديثة في المجال المهني الأمر الذي يتطلب أن يكون أصحابها على دراية بكل ما هو جديد في مهنتهم، لمواكبة التطور والتراكم المعرفي السريع. وهكذا فإن مفهوم المهنة يتشابك مع بعض المفاهيم الأخرى، مثل الوظيفة، والعمل، والحرفة، وهذا ما سنعرض له فيما يأتي. ### : ثانياً : المهنة وعلاقتها ببعض المفاهيم الأخرى يتداخل مفهوم المهنة مع بعض المفاهيم الأخرى ذات الصلة، مما يتطلب ضرورة الفصل بينهم.. - **الحرفة:** وهي الصناعة التي تعتمد أساساً على المهارة اليدوية. وهي من فعل حَرَفَ، فيُقال حَرَفٌ لأَبْنَائِهِ : كَسَبَ لَهُمْ عَيْشَهُمْ بِما يَمْتَهِنُ مِنْ مِهْنَةٍ. ومن ثم فإن المهنة تختلف عن الحرفة في أن الأولى تعتمد بالأساس على المهارات اليدوية، أما المهنة فهي نشاط عقلي ومهاري. - **أما عن مفهوم الوظيفة**: فهي العمل الدائم بأجر في شركة أو مؤسسة حكومية. وهي من فعل وظف، فيقال وظف أخاه: أسند إليه وظيفة أو عملاً معيّنا. والوَظِيفَةُ هي المنصِبُ والخدمة المعينة، ومن ثم فإن المهنة تختلف عن الوظيفة في أن الثانية هدفه الأساس الحصول على أجر، بينما الثانية هي نشاط خدمي. - **أما العمل**: فهو المِهْنَةُ والفِعْلُ، أي عَمِلَ وأَعْمَلَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ غَيْرُه. والعَمَلُ (في الاقتصاد): مجهود يبذله الإنسان لتحصيل منفعة. وتختلف المهنة عن العمل في أن الثانية تستهدف تحقيق منفعة شخصية، بينما الأولى نشاط خدمي يسعى به الفرد للارتقاء بالمجتمع. وعليه فإن المهنة هي نشاط خدمي يؤديه الفرد للمجتمع، يسعى من خلاله للارتقاء بالواقع، يحتاج إلى ثقافة مهنية متجددة يكتسب بعضها أثناء فترة الإعداد؛ حيث يتعلم أصحابها جملة من المعارف النظرية، والمهارات العملية والسلوكيات الأخلاقية، والبعض الآخر يكتسب بعد مزاولة المهنة في إطار فرص التعلم الذاتي المستمر ولكل أصحاب مهنة ثقافة تميزهم عن غيرهم من أصحاب المهن الأخرى، كما أن كل مهنة رابطة تنظيمية تدافع عن حقوق أصحابها، وتسعى للارتقاء بهم. ### ثالثاً : التعليم كمهنة: لقد كانت النظرة القديمة إلى العملية التعليمية على أنها عملية يمكن أن تتم دون حاجة إلى مهارة خاصة، وأن أي شخص يعرف المعلومات أو المهارات المطلوب تعليمها يستطيع أن يعلمها للغير، ومازالت هذه النظرة السائدة في كثير من الأوساط التعليمية، وبخاصة في التعليم الفني والجامعي، وواضح أن هذه النظرة تجمد التعليم، وتجعل منه حرفة من الحرف البسيطة التي لا تحتاج إلى ثقافة مهنية، ولا تهتم إلا بنقل المعلومات فتهمل الأهداف التربوية من التعليم وتتجاهل أثر الطريقة التي تستخدم على تفكير الطالب ونمو شخصيته، وغير ذلك من الأثار السلوكية التي ترتبت على هذا التعليم. وطالما نادى المعلمون بأن التعليم مهنة من المهن الرفيعة، على الرغم مما يجابههم به المجتمع أحياناً من عدم الاعتراف بهذه المهنة، فالمهنة ككل ينقصها في أحيان كثيرة بعض المقومات الهامة، وفيما يلي تحليل لمهنة التعليم في ضوء المقومات السابقة شبل بدران، وسعيد سليمان، (٢٠١٦). 1. بالنسبة للأعمال أو الأنشطة العقلية تنطوي مهنة التعليم على جانبين؛ فالجانب النظري لأي مهنة يتمثل في جملة المعارف والمهارات المتعلقة أو المرتبطة بها، وهذا واضح فيما يتلقاه المعلم أثناء فترة إعداده وجانب كبير من هذه المعارف والمهارات يتعلق بالمادة الدراسية التي سيقوم بتدريسها بعد انتهاء فترة الإعداد، وعن كيفية توصيل المادة، وطرائق التدريس والتقويم إضافة للمقررات الثقافية التي ترتبط بتاريخ التربية والعلاقة بين التربية والمجتمع إلى غير ذلك من المقررات. ومن هنا تتضح أهمية الجوانب المهنية في إعداد المعلم، إضافة إلى أن عملية التعليم في جوهرها تتضمن تحليلاً عقليًا ، كما أن صياغة الأهداف التربوية والاجرائية وبناء المقررات الدراسية يتطلب تحليلاً عمليا للمعلومات المتعلقة بالمجتمع والمتعلم والمادة الدراسية. كذلك فإن الموقف التعليم يتطلب من المعلم معرفة قدرات التلاميذ واستعدادتهم وميولهم، الأمر الذي يتطلب من المعلم الالمام بالعديد من الدراسات المختلفة. 2. الثقافة المهنية في مجال التعليم أكدت عديد من البحوث والدراسات على أهمية الثقافة المهنية في مجال التعليم، والتي انتجت قدراً هائلاً من المعلومات والمعارف والمهارات، وتناولت القيم والاتجاهات المرتبطة بالثقافة المهنية التربوية التي تشتمل على علم النفس، والتربية، والتدريب العملي، وعلى مجموعة منتقاه من المواد المفيدة للمعلم كالفلسفة والمنطق والتاريخ واللغة العربية، والتي من خلالها توصلنا لمجموعة كبيرة من القوانين والمعلومات والمهارات الخاصة اضافت كلها للقيم والاتجاهات المتعلقة بالثقافة المهنية التربوية، كما أسهمت كثير من العلوم المتطورة حديثا مثل الفلسفة والاجتماع والانثروبولوجي في بناء ثقافة مهنة التعلم. 3. الإعداد للمهنة: إن مهنة التعليم لا يكفي فيها الموهبة، فلم يعد الباب مفتوحاً لأي فرد لامتهان مهنة التعليم. حيث صار هناك اهتمام بتوفر شروط ومستويات معينة فيمن يلتحق بمهنة التعليم، وتنوعت أساليب الإعداد " التتابعي، والتكاملي" هذا بالاضافة إلى تعمق النظرة نحو فلسفة وأسس إعداد المعلم من حيث التركيز على الجانب الثقافي العام الذي يعد ضرورة لمعلمي المدارس الابتدائية والثانوية، والذي يعد الأساس الأول في إعداد المعلم والذي من شأنه خلق نوع من التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه، فالمعلم بدون هذا الإطار الثقافي كمن يعيش في كهف مظلم، هذا إلى جانب الاعداد المهني التخصصي الذي يكسب المعلم الحس المهني اللازم لعمله. وهكذا فإن الإعداد هو صناعة أولية للمعلم كي يزاول مهنة التعليم، وتتولاه مؤسسات تربوية متخصصة مثل معاهد إعداد المعلم، وكليات التربية، وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة تبعاً للمرحلة التي يعد المعلم فيها، وكذلك تبعاً لنوع التعليم وبهذا يعد الطالب المعلم ثقافيًا وعلميًا في مؤسسة علمية قبل مزاولة المهنة. وتتنوع أساليب إعداد المعلم بين النظامين التكاملي والتتابعي، أما الإعداد التكاملي وهو الشائع في مصر، حيث يتكامل تدريس المواد التخصصية، مثل العلوم، واللغات، والدراسات الاجتماعية، والرياضيات مع المقررات التربوية والثقافية خلال أربع سنوات، وأما افعداد التتابعي؛ ففيه يُعد الخريجون من الحاصلين على الدرجة الجامعية الأولى إعداداً تربويا لمدة عام دراسي، يفترض بعده أ يصيروا مؤهلين لممارسة المهنة. 4. ما تقدمه المهنة من خدمات اجتماعية للمجتمع وهذا ينطبق على مهنة التعليم فهي كأي مهنة أخرى، ينطبق عليها معيار "الدافعية الاجتماعية" أي تقديم خدمات اجتماعية لمجتمع بغية تقدمه وتطوره نحو الأفضل، دون انتظار من جانب القائمين على عملية التعليم أي مكاسب شخصية أو ذاتية. 5. روابط وتنظيمات المهنة (النقابات المهنية) يتوافر لدى معظم المعلمين في البلاد المختلفة جمعيات أو اتحادات أو روابط أو نقابات مهنية، وهذه التنظيمات أو الروابط تختلف سلطاتها من بلد إلى أخرى، من حيث التركيز على تمثيل مصالح المعلمين باعتبارها تعبر عن مصالح هذه الفئة في المجتمع، أو تحسين أحوالهم المادية أو الاجتماعية، أو من حيث التركيز على السيطرة على المهنة والعمل على رفع مستوى الأداء في الخدمة والتدخل في مستوى الإعداد لها، واشتراط المؤهلات اللازمة لممارستها، والمطالبة بحد أدنى لمستوى الأداء، ومساءلة المعلم عن عدم وصول التلاميذ إلى المستوى المطلوب. 6. دستور المهنة الأخلاقي تتضمن أخلاقيات مهنة التعليم تأكيدات لضمان المصلحة العامة تتمثل في دستور أو ميثاق أخلاقي، يعد الأساس لمحاسبة أفراد المهنة بما يضمن حماية أفرادها، علاوة على إعلام المجتمع وتنويره من ناحية ثانية على تقديم بعض الخدمات والأعمال للعاملين بمهنة التعليم. وقد قامـت بعـض نقابات المعلمين فـي الـبلاد العربية بوضع ميثاق لأخلاقيات المهنة الواجب مراعاتها في عملهم، بحيث يُحال المخالفون إلى المحاكمة التأديبية حرصا على سمعة المهنة وثقة الجمهور بها. 7. حرية التصرف واتخاذ القرار يمارس المعلم مدى معين من الحرية في مهنته حيث يحدد مستوى المتعلم ويقومه، ويرفض نوعاً من السلوك ويقبل آخر، ويحدد الطريقة الملائمة في التدريس، وهكذا وهو في هذا كله يمارس حريته، غير أن هذه الحرية شأنها شأن المهن الأخرى – مشروطة بتحمل مسئولية أحكام المعلم وقراراته، كما أن هذه الحرية تتباين تبايناً كبيراً وفقاً لنوع الإدارة التعليمية من زاوية المركزية واللامركزية وطبيعة وبنية النظام السياسي السائد. 8. التعليم الذاتي والتدريب أثناء الخدمة: وهذه السمة تعد من أهم مقومات المهنة، لأنها ترتبط بتجديد المعرفة واثراءها للقائمين على المهنة، وبالنسبة للتعليم فإن قضية إعداد المعلم وتدريبه وتنميته مهنيًا لم تعد قضية ثانوية ولكنها قضية مصيرية تمليها تطورات الحياة وبخاصة ونحن نعيش في عصر التحديات والتحولات الهامة وذلك من أجل الارتقاء بمهنة التعليم ونوعية المعلمين، ولقد ترتبت على التغيرات الحديثة التي باتت تجتاح العالم في السنوات الأخيرة أن أخذت الدول جميعها في إعادة النظر في نظمها التعليمية بشكل عام، ونظام إعداد وتدريب المعلم بشكل خاص وذلك من خلال برامج وتزودهم بالمعارف التربوية التعليمية، واكسابهم المهارات المهنية وذلك استجابة للعديد من العوامل التي من أبرزها الوعي بالتغيرات الحادثة والتكيف معها، وذلك دعماً لمكانة هذه المهنة وتمكينا للمعلم من القيام برسالته الحقيقية في المجتمع وفقاً للمتغيرات السريعة والمستمرة التي تحدث في المجتمع. ### رابعاً : نحو ضبط ممارسة مهنة التعليم شهدت الولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع الثمانينيات عناية متزايدة بالتعليم عبرت عن نفسها في الدعوة الصريحة إلى ضمان جودة التعليم، وكفاءته، وذلك عقب صدور تقرير " أمة في "خطر" عام ۱۹۸۳ والذي أكد على ضرورة تغيير الطريقة التي يُعد بها المعلم، وضرورة النظر إلى التعليم كمهنة، وأوصى التقرير بضرورة توافر كفايات ملائمة فيمن يلتحق بالمهنة، وأن يكون الحكم على برامج الإعداد من خلال جودة خريجيها، والحرص على التطوير المهني للمعلمين، وتحسين المستوى المادي للمعلم، وضرورة مشاركة كبار المعلمين في عملية تصميم برامج إعداد المعلم، والإشراف عليهم خلال سنوات التربية العملية.

Use Quizgecko on...
Browser
Browser