مدخل إلى العلوم السياسية PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
This document provides an introduction to political science, focusing on the systems and functional approaches to understanding political systems. It discusses concepts such as inputs, outputs, and feedback mechanisms within political systems. It also details the different functionalities and capabilities of political systems and the factors that contribute to their stability or change.
Full Transcript
# مدخل إلى العلوم السياسية ## المحور الثالث : مناهج أو مدارس علم السياسية ### أولا : التحليل النسقي: 1. **تعريف:** يسمى كذلك تحليل النظم، ويقوم على مفهوم النسق أو النظام كوحدة لتحليل، وهو مجموعة من العناصر المترابطة والمتفاعلة فيما بينها، بحيث أي تعديل في أحدها يؤدي إلى تعديل باقي العناصر وبالت...
# مدخل إلى العلوم السياسية ## المحور الثالث : مناهج أو مدارس علم السياسية ### أولا : التحليل النسقي: 1. **تعريف:** يسمى كذلك تحليل النظم، ويقوم على مفهوم النسق أو النظام كوحدة لتحليل، وهو مجموعة من العناصر المترابطة والمتفاعلة فيما بينها، بحيث أي تعديل في أحدها يؤدي إلى تعديل باقي العناصر وبالتالي فالمجموعة كلها تتحول. والنظام السياسي على هذا الأساس يضم العديد من النظم الفرعية كالبرلمان والحكومة وغيرها. يعتبر عالم السياسة الأمريكي دافيد إستون النظام السياسي نظاما مفتوحا والنظام يعيش في بيئة ويتحد معها ويعتبره علبة سوداء في إشارة إلى التعقيد الذي يعتريه, ولهذا فهو يتجاهل النظام نفسه ليهتم فقط بالعلاقات التي يقيمها مع بيئته, بحيث أنه لا يدرس مثلا كيف يتخذ القرار في النظام السياسي ولكن يهتم بتفسير علاقاته مع المجتمع. 2. **عناصر التحليل النسقي:** يميز إستون بين العلبة السوداء والبيئة ويربطهما بنظام للتبادل، بحيث تتلقى العلبة السوداء تعليمات من البيئة تسمى مدخلات وتعيد توجيهها إليها من جهة أخرى في شكل استجابات تسمى مخرجات. * **أ-** **المدخلات** وتنقسم إلى فئتين: الفئة الأولى هي المطالب الموجهة للنظام بحيث ترتبط بتنظيمين: تنظيم بنيوي أي مجموع الأفراد والجماعات الذي يتولون في إطار البنى السياسية وظيفة صياغة المطالب وإدخالها إلى النظام السياسي، وتنظيم ثقافي يرسم الحدود بين الطلبات الممكنة وغير الممكنة في إطار مجتمع ما. وتنطوي المطالب على ضغطين كمي (كثرة المطالب) وآخر نوعي (صعوبة إشباع بعض المطالب) ولهذا قد تساهم في إحداث خلل في النظام أمام الاضطرابات التي قد تظهر في صياغة هذه المطالب وذلك حينما تعتمد أساليب خطيرة على توازن النظام مثل المظاهرات السلمية أو العنيفة وغيرها من التصرفات اللامسؤولة ذات الطابع الفوضوي. - الفئة الثانية هي الدعامات أي القوى التي تدعم النظام وتسمح له بذلك بأن يثبت برغم اندفاع المطالب إليه، مثل مظاهرات الولاء دعم إيجابي أو حياد المواطنين أمام دعوات التمرد (دعم سلبي). تكمن أهمية الدعم الذي توفره الدعامات للنظام السياسي في موازنة المطالب وبالتالي تحديد مصير النظام. ويتمثل هذا الدعم في ذلك الموجه لقواعد اللعبة السياسية أي لقواعد عمل النظام السياسي، ليس فقط القواعد المكتوبة (أي الدستور الذي يحدد طبيعة النظام ويعرف أجهزته ويبين صلاحياتها وينظم علاقاتها) ولكن حتى غير المكتوبة التي تشكل بنية الحياة السياسية وتضع حدودا لتحولاتها. * **ب -** **المخرجات:** - هي بخلاف المدخلات من نموذج واحد، وهي قرارات وسياسات يتخذها النظام تبعا للمطالب والدعامات التي يتلقاها. وهي تسمح للنظام بالبقاء من خلال إشباعه للمطالب وإثارته للدعامات مثل تعديل تشريع أو الزيادة في الأجور). وتؤدي المخرجات بدورها لإحداث مدخلات جديدة من خلال آلية التأثير العكسي (التغذية الراجعة)، وقد تؤثر المخرجات بدورها في البيئة بحيث تؤدي إلى استقرارها. * **ج-** **التغذية الراجعة:** - معنى ذلك أن القرارات ستولد مطالب جديدة لأن المجموعات غير الراضية ستجدد طلباتها بإلحاح، ودعامات جديدة لأن المجموعات التي حصلت على مزايا ستتصرف باعتبارها من أنصار النظام وستدافع عنه, وهو ما يعبر عن ديناميكية العالم السياسي باعتباره دائرة بلانهاية للاستجابات للمطالب. * **د -** **البيئة** وتتميز بمظهرين: - البيئة الاجتماعية الداخلية المكونة من مجموع النظم الأخرى التي يتألف منها المجتمع الشامل على الصعيد الوطني النظام الاقتصادي والسكاني والثقافي...), والبيئة الاجتماعية الخارجية التي تضم النظم الدولية المختلفة (السياسية والاقتصادية...). - تتميز البيئة بكونها موجودة في كل شيء يمثل الخارج بالنسبة للنظام السياسي، وتتحرك باستمرار ، ومنتظمة ذاتيا. ### 3 - تقييم نموذج التحليل النسقي: - تكمن أهمية التحليل النسقي في كونه ليس نموذجا وصفيا وإنما يفسر كيف يمكن للنظام السياسي أن يبقى متوازنا برغم ضغوط البيئة عليه، والتي يمكن أن تجعله ينهار. - من الانتقادات الموجهة لهذا النموذج التحليلي هو تحيزه المنهجي المتمثل في استبعاد دراسة النظام السياسي بمعناه الضيق، حيث يجعل النظام السياسي كعلبة سوداء مسكونا بأدوار ولا يحدد من يسكنها وماذا يجري فيها وكيف تعالج فيها الطلبات، كما أنه لا يوضح أي أجزاء النظام السياسي يعتبر أساسيا ومؤثرا, فضلا عن استحالة التنبؤ بكيفية تأثير التحول الذي يحدث في أحد أجزاء النظام على الأجزاء الأخرى. كما تؤخذ عليه نزعته المحافظة وذلك على أساس أن الرغبة في البقاء هي خاصية كل الأنظمة السياسية. ثم عجزه عن وضع مؤشرات للمفاهيم تقبل الملاحظة والقياس ### ثانيا: التحليل الوظيفي البنائي 1. **تعريف:** - جاء هذا النموذج التحليلي ليكمل ويطور من نموذج تحليل النظم، فجوهره هو أن النظام السياسي له وظائف يسعى لتحقيقها، لكنه يضم أنساقا فرعية لكل منها وظيفة أو أكثر تتكامل وتتساند وظيفيا من أجل أن يحافظ النظام على توازنه. أي أن هذا النموذج يقوم على التحديد الدقيق لوظائف النظام السياسي وكل جزء من أجزائه، والنظر إلى المجتمع كنظام مترابط الأجزاء تعمل كل مكوناته سويا لتحقيق الاستقرار اعتمادا على آليته التنظيمية وعلى تعديل نمط أدائه عند الضرورة، ويعتمد بقاء النظام السياسي على قبول وتمسك غالبية أعضائه بمجموعة مبادئ وقيم (الرضا القيمي). - يعتبر تالكوت بارسونز رائد هذا المنهج حينما استعاره من الكائنات الحية التي تملك القدرة على إعادة إنتاج ذواتها بالتكيف والتوازن الذاتي مع المتغيرات. وطوره جبرائيل ألموند على أساس أن النظام السياسي الذي له وظيفة التكامل والتكيف إنما يستخدم القوة أو يهدد بها لتحقيق وظائفه التي هي نوعان من الوظائف. وبموازاة ذلك يؤكد ألموند على أن النظام السياسي مشكل من بنى على مستوى من التخصص الوظيفي ولكي تستمر هذه البنيات في أداء وظيفتها عليها أن تطور عبر أدائها لتلك الوظائف أنواعا من القدرات. 2. **قدرات النظام السياسي:** * القدرة التنظيمية التي تسمح بتنسيق التصرفات الفردية أو الجماعية، أي القدرة على امتلاك آليات السيطرة المؤسساتية والقانونية على التبادل الاجتماعي والاقتصادي في مخيط بيئة معينة بالشكل الذي يجعله قادرا على منع صراعات المصالح والاحتجاجات الاجتماعية داخل هذه البيئة. * القدرة الاستخراجية أي القدرة على تعبئة الموارد الضرورية من وسائل اقتصادية وبشرية ومالية ودعم سياسي وغيرها لتحقيق هدف معين. * القدرة التوزيعية أي القدرة على توزيع الموارد والمنافع التي جرى استخراجها بين الأفراد والمجموعات بهدف تقوية الدعم للنظام. * التعبير عن المصالح أي نقل المطالب من البيئة إلى صناع القرار وتعتمد على الاتصال السياسي أي نقل الرسائل سواء داخل النظام أو بينه وبين بيئته. * القدرة الاستجابية: أي القدرة على تلبية مطالب البيئة التي تحيط بالنظام وضغوطاتها المختلفة ### 3 - وظائف النظام السياسي: * **أ -** **وظائف التحويل** وتتعلق بالوسائل الضرورية التي تسمح بتحويل المطالب (المدخلات) إلى استجابات أو قرارات أو سياسات (المخرجات)، ويقسمها ألموند إلى: * وظائف تتعلق بالمطالب تجميع المطالب وتوضيحها وصياغتها وفرزها * وظائف تتعلق بالمخرجات يسميها ألموند الوظائف الحكومية وتتمثل في وظيفة التشريع (سن القوانين) ووظيفة التنفيذ (تطبيق القوانين) ووظيفة القضاء (مراقبة تطبيق القوانين). * **ب -** **وظائف المحافظة على النظام والتكيف** * التجنيد السياسي أي اختيار وتدريب القيادات السياسية. * التنشئة السياسية أي عملية التعلم السياسي وتتعلق بنقل الثقافة السياسية على اعتبار أن هذه الأخيرة هي الوسيلة التي تترسخ بواسطتها المواقف السياسية أي الاستعدادات أو التحضيرات للتحرك بطريقة ما دون أخرى. وهي العملية التي تتحقق عبر قنوات مختلفة من أسرة ومدرسة وإعلام و غيرها، وتلازم الفرد طيلة حياته. * تجميع المصالح أي بلورة المطالب حتى يسهل على النظام أن يستجيب لها. * توظيف القدرات السابقة لأداء وظيفته في المجال الدولي. ### 4- خصائص النظم السياسية: * أنها بنيات سياسية، بحيث تتم المقارنة بينها على أساس الشكل ودرجة التخصص الوظيفي وذلك مهما كانت درجة بساطتها. * جميع البنيات السياسية مهما بلغت درجة تخصصها سواء وجدت في بيئات متقدمة أم متخلفة فإنها تقوم بوظائف متعددة. * يتم أداء نفس الوظائف في جميع النظم السياسية، بحيث يمكن مقارنة النظم من حيث تكرارية أداء هذه الوظائف وأنواع البنيات التي تقوم بأدائها وكذلك كيفية هذا الأداء. * جميع النظم السياسية مختلطة ثقافيا ولا تختلف إلا في درجة السيطرة النسبية. ### 1- تقييم: تكمن أهمية المنهج الوظيفي البنائي في تركيزه على البنى من خلال دراسة العمليات الضرورية للحفاظ على أي نظام سياسي في بيئات متنوعة، عوضا عن التركيز على المؤسسات الديمقراطية الليبرالية وذلك عل اعتبار أن السياسة لا تنحصر فقط بالمؤسسات الدستورية التقليدية، بل تتأثر أيضا بظروف الدولة الاجتماعية والاقتصادية. فضلا عن أهميته في الدراسة المقارنة للنظم السياسية على أساس الوظائف، وتركيزه على دور التكوينات المدنية كالأسرة، وعلى الفعل والنشاط كأساس للتحليل السياسي ومع ذلك وجهت له بعض الانتقادات تمثلت في كوته موغل في الغائية نحو هدف أساسي هو استمرار الأمر الواقع، من خلال وصف المؤسسات بالاستناد إلى وظائفها وتركيزه على الجوانب الثابتة في النظام دون الاهتمام بالمتغيرات، وهو بذلك منهج متحيز لصالح الاستقرار على حساب القيم، بل إن الاتفاق بين أعضاء النظام السياسي على مجموعة من القيم لا يتحقق باستمرار خاصة في البلدان النامية حيث التباينات الطبقية صارخة. فضلا عن مبالغته في محاكاة نموذج علم البيولوجيا بتنزيله النظام منزلة الكائن الحي ومحاولة إخضاعهما لنفس القوانين.