العقيدة - مستوى ثاني - PDF

Summary

هذا ملخص لكتاب العقيدة للمستوى الثاني، ويهدف إلى تعريف علم التوحيد وموضوعه وحكمه. يغطي الكتاب أركان العقيدة الإسلامية، ويساعد الطلاب على فهم الأسس الدينية.

Full Transcript

‫العقيدة‬ ‫المستوى الثاني‬ ‫الشيخ‪ :‬ماهر شاكر‬ 1 ‫علم التوحيد‬ ‫تعريف علم التوحيد‪:‬‬ ‫التوحيد يف اللغة‪...

‫العقيدة‬ ‫المستوى الثاني‬ ‫الشيخ‪ :‬ماهر شاكر‬ 1 ‫علم التوحيد‬ ‫تعريف علم التوحيد‪:‬‬ ‫التوحيد يف اللغة‪ :‬جعل الشيء واحدا‪ ،‬أو العلم أبن الشيء واحد‪.‬‬ ‫التوحيد يف الشرع‪ :‬إفراد املعبود ابلعبادة مع اعتقاد وحدته والتصديق هبا ذات وصفات وأفعال‪.‬علم التوحيد‪ :‬هو علم‬ ‫يقتدر به على إثبات العقائد الدينية مكتسبة من أدلتها اليقينية‪ ،‬واشتهر بعلم التوحيد‪ ،‬ألن مبحث الوحدانية أشهر‬ ‫مباحثه‪.‬‬ ‫موضوع علم التوحيد‪:‬‬ ‫ذات هللا من حيث ما جيب له وما جيوز وما يستحيل عليه‪ ،‬كذا الرسل وما يتعلق هبم‪ ،‬وكذا اإلنسان واملالئكة واجلان‬ ‫والقوانني الكونية‪ ،‬وكذا املوت والروح والقرب والساعة وأشراطها وأحداث القيامة‪.‬‬ ‫وقد أطلق علماء التوحيد على ما يتعلق ابلذات اإلهلية (اإلهليات)‪ ،‬وعلى ما يتعلق ابلرسل (النبوات)‪ ،‬وعلى ما يتعلق‬ ‫ابإلنسان والكون (الكونيات)‪ ،‬وعلى ما يتعلق ابملوت والروح والقرب والساعة وحنوها (الغيبيات) أو (السمعيات)‪.‬‬ ‫حكم علم التوحيد‪:‬‬ ‫الوجوب العيين على كل مكلف ذكرا أو أنثى؛ ألنه أصل العلوم وما سواه فرع عنه‪.‬‬ ‫واضع علم التوحيد‪:‬‬ ‫اإلمام أبو احلسن األشعري‪ ،‬علي بن إمساعيل املتوىف سنة ‪324‬هـ ومن تبعه‪.‬واإلمام أبو منصور املاتريدي‪ ،‬حممد بن‬ ‫حممد املتوىف سنة ‪333‬ه ومن تبعه‪.‬‬ ‫وهم الذين قاموا ابلتأليف والتصنيف والدعوة لبيان منهج اإلسالم يف العقيدة وأصول الدين ابألدلة العقلية والنقلية‪.‬‬ ‫ابإلضافة إىل العلماء الذين حافظوا على مذهب بعض السلف ابلقتصار على احلجج النقلية والوقوف عند النصوص‬ ‫اعتقادا وسلوكا ودعوة‪ ،‬وهم الذين يسمون ابألثرية (احلنابلة)‪.‬‬ ‫تعريف اإلسالم‪:‬‬ ‫اإلسالم لغة‪ :‬مطلق المتثال والنقياد‪.‬‬ ‫اإلسالم شرعا‪ :‬المتثال والنقياد ملا جاء به رسول هللا ﷺ من الدين ابلضرورة‪ ،‬وحيصل ذلك أبركان اإلسالم‪.‬‬ ‫تعريف اإلميان‪:‬‬ ‫َنت مِبُْؤممن لَّنَا) [يوسف‪ ]17 :‬أي وما أنت ِبصدق لنا‪.‬‬ ‫‪ -‬اإلميان لغة‪ :‬مطلق التصديق‪ ،‬ومنه قوله‪َ :‬‬ ‫(وَما أ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫شرعا‪ :‬التصديق ِبا جاء به الرسول الكري سيدان حممد ﷺ مما علم من الدين ابلضرورة أو ما أشبهها من‬ ‫‪ -‬اإلميان ً‬ ‫األدلة اليقينية‪ ،‬وذلك مثل اإلميان ابهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه ورسله‪.‬‬ ‫‪ -‬املقصود ابلتصديق‪ :‬العتقاد بصدقه اعتقادا جازما مع اإلذعان القليب ملا جاء به والقبول له‪.‬‬ ‫العالقة ما بني اإلسالم واإلميان والفرق بينهما‪:‬‬ ‫أفاض اإلمام الغزايل يف اإلحياء يف بيان العالقة بينهما فقال‪ :‬احلق فيه أن الشرع قد ورد ابستعماهلما على سبيل الرتادف‪،‬‬ ‫وورد على سبيل الختالف‪ ،‬وورد على سبيل التداخل‪.‬‬ ‫مم‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫مم‬ ‫م م‬ ‫ني) [الذارايت‪-35 :‬‬ ‫ني فَ َما َو َج ْد َان ف َيها َغ ْ َْي بـَْيت م َن الْ ُم ْسلم َ‬ ‫أما الرتادف يف قوله‪( :‬فَأ ْ‬ ‫َخَر ْجنَا َمن َكا َن ف َيها م َن الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫‪ ]36‬وقد سئل رسول هللا ﷺ مرة عن اإلميان فأجاب أبركان اإلسالم فهاهنا جاء اإلسالم ِبعىن اإلميان‪ ،‬فكاان مرتادفني‪.‬‬ ‫وأما الختالف‪ ،‬فقال تعاىل‪( :‬قالت األعراب آمنا قل مل تؤمنوا‪ ،‬ولكن قولوا أسلمنا) [احلجرات‪ ،]14 :‬ومعناه‪:‬‬ ‫استسلمنا يف الظاهر‪ ،‬فأراد ابإلميان هاهنا التصديق فقط وابإلسالم الستسالم ظاهرا ابللسان واجلوارح‬ ‫وأما التداخل‪ ،‬فما روي أيضا أن النيب ﷺ سئل‪ :‬أي األعمال أفضل؟ فقال‪( :‬اإلسالم)‪ ،‬فقيل‪ :‬أي اإلسالم أفضل؟‬ ‫فقال‪( :‬اإلميان)‪.‬‬ ‫وهذا دليل على التداخل فقــد عــد النيب ﷺ اإلميان جزءا من اإلسالم‪.‬‬ ‫ما خيرج اإلنسان عن اإلميان (املكفرات)‪:‬‬ ‫الكفر (يف الشرع)‪ :‬هو رفض التصديق عن معرفة وإرادة ولو بشيء مما جاء به النيب ﷺ ووصل إلينا بطريق يقيين قاطع‪.‬‬ ‫وميكننا أن نقسم املكفرات إىل ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫‪ -1‬املكفرات االعتقادية‪ :‬وهي كل اعتقاد خيل بركن من أركان اإلميان‪ ،‬أو خيالف معتقدا من املعتقدات اإلسالمية‬ ‫الثابتة قطعا‪ ،‬كإنكار اخلالق‪ ،‬أو إنكار صفة من صفاته‪ ،‬أو إنكار النبوة‪ ،‬أو إنكار املالئكة‪ ،‬أو الكتب السماوية‪ ،‬أو‬ ‫إنكار أحد أركان اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ -2‬املكفرات القولية‪ :‬وهي كل قول فيه إنكار لعقيدة من عقائد اإلسالم املعلومة من الدين ابلضرورة‪ ،‬أوفيه استهزاء‬ ‫ابلدين يف عقائده‪ ،‬أو أحكامه كالسب والشتم هلل‪ ،‬أو ألحد رسله‪ ،‬أو للدين‪ ،‬وكذلك كل قول فيه اعرتاف بعقيدة‬ ‫ينكرها اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ -3‬املكفرات العملية‪ :‬وهي أن يقوم اإلنسان بعمل يدل على عقيدة مكفرة‪ ،‬كتمزيق املصحف أو السجود لصنم‪،‬‬ ‫أو تعليق الصليب‪.‬‬ ‫ويشرتط للحكم بكفر من وقع يف شيء من املكفرات لتطبيق أحكام املرتد عليه أن يكون ابلغا عاقال يعلم أن اعتقاده أو‬ ‫قوله أو عمله يوقعه يف الكفر‪ ،‬كما يشرتط أل يكون مكرها وقام بذلك خطأ أو نسياان‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫زايدة اإلميان ونقصه‪:‬‬ ‫ذهب علماء التوحيد يف هذه املسألة إىل مذهبني‪:‬‬ ‫أوهلما ‪ :‬أن اإلميان يزيد وينقص ألن طاعة اإلنسان تزيد وتنقص‪ ،‬خبالف إميان األنبياء فهو يزيد كمال ول ينقص‪،‬‬ ‫آايتُهُ َز َاد ْْتُْم إمميَاان) (األنفال‪.)2 :‬وهذا قول‬ ‫وإميان املالئكة فهو ل يزيد ول ينقص‪ ،‬واحتجوا بقوله‪ :‬م‬ ‫(وإذَا تُليت ْلي مه ْم َ‬ ‫َ‬ ‫األشاعرة من أهل السنة واجلماعة‪.‬‬ ‫الثاين ‪ :‬اإلميان ل يزيد ول ينقص‪ ،‬وأتولوا أدلة الفريق األول أبن الزايدة والنقص يرجع كل منهما إىل األعمال ل إىل‬ ‫التصديق‪.‬أما أصل التصديق فال خيتلف من رجل آلخر‪ ،‬ألن املرء إما أن يكون مصدقا أو ل يكون‪.‬وهذا قول املاتريدية‬ ‫من أهل السنة واجلماعة‪.‬‬ ‫وقال املتأخرون من العلماء‪ :‬إن اخلالف خالف لفظي‪ ،‬وليس حقيقيا‪ ،‬فاإلميان أبصله من حيث هو تصديق ل يزيد‬ ‫ول ينقص‪ ،‬أما اإلميان على ما به كماله ‪ -‬وهو العمل – فيزيد وينقص‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫صفات هللا تعال‬ ‫أقسام صفات هللا‪:‬‬ ‫درج العلماء على تقسيم صفات هللا ﷺ إل أربعة أقسام‪:‬‬ ‫‪.1‬الصفة النفسية‪ :‬وهي صفة الوجود‪ ،‬ألهنا تدل على الذات دون شيء زائد عليها‪.‬‬ ‫‪.2‬الصفات السلبية‪ :‬وهي الوحدانية‪ ،‬والقدم‪ ،‬والبقاء‪ ،‬واملخالفة للحوادث‪ ،‬والقيام بنفسه‪.‬‬ ‫‪.3‬الصفات املعاين‪ :‬وهي القدرة‪ ،‬واإلرادة‪ ،‬والعلم‪ ،‬واحلياة‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬والكالم‪.‬‬ ‫‪.4‬الصفات املعنوية‪ :‬وهي مرتتبة على صفات املعاين‪ ،‬وهي كونه سبحانه قادرا مريدا عليما حيا مسيعا بصْيا متكلما‪.‬‬ ‫أوالً‪-‬الصفة النفسية ‪ -‬الوجود‬ ‫مفهوم كلمة «هللا»‪:‬‬ ‫اإلله يف أصل اللغة‪ :‬املعبود حبق‪.‬‬ ‫و (هللا)‪ :‬اسم علم يف اللغة العربية يدل على الذات اإلهلية اجلامعة جلميع صفات الكمال‪ ،‬واملنزهة عن أي صفة من‬ ‫صفات النقائص اليت ل تليق بكمال األلوهية والربوبية املهيمنة على مجيع املخلوقات املتصرفة يف كل شؤوهنا‪ ،‬اليت تستحق‬ ‫أن تعبد دون غْيها‪.‬‬ ‫وهذا السم هو أعظم أمسائه احلسىن‪ ،‬ولذلك قال بعض العلماء‪ :‬أبنه اسم هللا األعظم‪ ،‬ومن خواص هذا السم أنه مل‬ ‫(ه ْل تَـ ْعلَ ُم لَهُ‬ ‫يسم به غْي اخلالق عز وجل‪ ،‬ل على سبيل احلقيقة ول على سبيل اجملاز‪ ،‬ولذلك أشار هللا إىل ذلك بقوله‪َ :‬‬ ‫َممسيًّا) [مري‪.]65 :‬‬ ‫وجود هللا‪:‬‬ ‫أساس مسائل العقيدة كلها اإلميان بوجود هللا سبحانه‪:‬‬ ‫والوجود على نوعني‪:‬‬ ‫‪.1‬الوجود الذايت أو الكامل‪ِ :‬بعىن أنه موجود لذاته ل لعلة مؤثرة فيه‪ ،‬ووجود هللا تعاىل من هذا النوع‪ ،‬ومن خصائصه‬ ‫أنه ل يقبل العدم‪ ،‬ول يكون إل هللا جل وعال‪.‬‬ ‫‪.2‬الوجود التبعي أو الناقص‪ِ :‬بعىن أن وجوده مستمد من غْيه‪ ،‬ومتوقف على املوجد له‪ ،‬ووجود بقية املوجودات‬ ‫غْي هللا من هذا النوع‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫أدلة وجود هللا‪:‬‬ ‫وهذه بعض األدلة على وجود هللا‪:‬‬ ‫‪.1‬الدليل األول‪ :‬دليل الفطرة والبداهة‪:‬‬ ‫هو الشعور الذي يشرق يف أعماق اإلنسان إذا أتمل يف نفسه ويف الكون حوله بوجود سلطة كربى ْتيمن على هذا‬ ‫الكون ومتنحه التنظيم وتتصرف فيه‪ ،‬وهذا الشعور هو من أقوى األدلة الصادقة على وجود اخلالق‪.‬‬ ‫وهذا اإلحساس والشعور ليس خاصا بفرد من الناس‪ ،‬بل هو شعور مشرتك بني مجيع الناس‪.‬‬ ‫وقد تتسبب العوامل املختلفة يف إخفاء الفطرة واإلحساس هبا يف خبااي النفس وحناايها‪ ،‬ولعل مواجهة اإلنسان للمخاطر‬ ‫والشدائد من أبرز العوامل اليت تزيل ما حيجب الفطرة عن اإلميان بوجود هللا‪ ،‬قال هللا سبحانه مصورا ذلك‪( :‬إمذَا َم َّس ُك ُم‬ ‫الضُُّّر ميف الْبَ ْح مر َ‬ ‫ض َّل َمن تَ ْدعُون إل إايه) [اإلسراء‪)167 :‬‬ ‫‪.2‬الدليل الثاين‪ :‬بطالن الرجحان بدون مرجح‪ :‬ومعناه‪ :‬أن يكون الشيء جاراي على نسق معني مث يتغْي عن نسقه‪،‬‬ ‫ويتحول عنه بدون وجود أي مغْي أو حمول إطالقا‪ ،‬كرجحان إحدى كفيت امليزان على األخرى دون سبب‪ ،‬وهذا‬ ‫أمر واضح البطالن‪.‬‬ ‫فهذا الكون الذي كان يف أصله قابال لكل من الوجود والعدم على حد سواء‪ ،‬ل بد له من قوة خارجة عنه مؤثرة فيه‬ ‫خصصته جبانب الوجود وتلك القوة هي قوة هللا سبحانه‪.‬‬ ‫‪.3‬الدليل الثالث‪ :‬بطالن التسلسل‪ :‬لو أن اإلنسان كابر وافرتض أبن العامل قدي يف وجوده ل أول هلل ول سبق العدم‬ ‫عليه فما الدليل على وجود هللا؟‬ ‫إن هذا اإلنسان يدعي أن هذا العامل مستمر حبكم التوالد الذايت‪ ،‬الذي ل أول له وهذا الدعاء يستلزم إمكان التسلسل‪،‬‬ ‫ولقد علم العقالء حبكم البداهة استحالة التسلسل‪ ،‬فيتبني بذلك استحالة الدعاء الذي أدى إليه‪.‬‬ ‫ومعىن التسلسل‪ :‬افرتاض أن املخلوقات كلها متوالدة عن بعضها إىل مال هناية حبيث يكون كل واحد منها مولودا ملا‬ ‫قبله ووالدا ملا بعده دون أن تنبع هذه السلسلة أخْيا من علة واجبة الوجود‪ ،‬هي اليت تضفي التأثْي املتوالد على سائر تلك‬ ‫احللقات‪.‬‬ ‫واألمر الثاين أنه ل بد من وجود ذات واجبة الوجود تؤثر يف بقية املوجودات ول تتأثر بشي وذلك يبطل التسلسل‬ ‫املذكور‪.‬‬ ‫‪.4‬الدليل الرابع‪ :‬بطالن الدور‪ ،‬ومعىن الدور‪ :‬أن يتوقف الشيء يف وجوده املطلق أو تكييف معني على شيء آخر‪ ،‬إل‬ ‫أن هذا اآلخر متوقف يف وجوده أو تكييفه يف نفس الوقت على الشيء األول‪ ،‬وعند ذلك سيكون من احملال وجود‬ ‫أي منهما‬ ‫‪.5‬الدليل اخلامس‪ :‬دليل العلية أو العلة الغائية‪ :‬ويسمى هذا الدليل بدليل احلكمة أو دليل نظام العامل‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫وخالصة هذا الدليل‪ :‬أن العامل من أصغر جزء فيه إىل أكرب جرم فيه عند التأمل جنده قد وضع ليحقق غاية معينة‪ ،‬وكل‬ ‫جزء منه يتكامل مع بقية األجزاء لتحقيق نظام واحد‪ ،‬فال ميكن أن يكون ذلك وليد املصادفة‪ ،‬بل ل بد من أن وراء ذلك‬ ‫موجدا هلذا الكون أتقن صنعه وأحسن نظامه‪.‬‬ ‫اثنياً‪ -‬الصفات السلبية‬ ‫يُراد هبا كل صفة تدل على نفي ما ل يليق ابهلل‪.‬‬ ‫وهذه الصفات كثْية اجلزئيات‪ ،‬ألن كل نقص إمنا ينفى بعكسه‪ ،‬والنقائص كثْية األشكال واألنواع‪ ،‬إل أن هنالك مخس‬ ‫صفات هي أمهات الصفات السلبية كلها فيكتفى هبا عما سواها من اجلزيئات الكثْية‪.‬‬ ‫وهذه الصفات السلبية اخلمس هي‪:‬‬ ‫‪.1‬الوحدانية‪:‬‬ ‫التوحيد يف اللغة‪ :‬مصدر وحد الشيء يوحده توحيدا إذا أفرده ونفى عنه التعدد‪.‬‬ ‫ويف الشرع‪ :‬عدم التعدد‪ ،‬أي أن هللا واحد يف ذاته وصفاته وأفعاله‪.‬‬ ‫أما وحدة الذات‪ :‬فتنفي أن يكون هللا مركبا من أجزاء‪ ،‬أو من أن يكون له شريك‪.‬‬ ‫ووحدة الصفات‪ :‬تنفي أن يكون ألحد صفات كصفاته‪ ،‬وأن يكون له صفتان من نوع واحد‪.‬‬ ‫ووحدة األفعال‪ :‬تنفي أن يكون ألحد فعل كفعله‪ ،‬وتنفي أن يعينه أحد أو يساعده يف فعل من األفعال‪ ،‬قال هللا‬ ‫الر ْْح من َّ م‬ ‫تعاىل‪( :‬وإهل ُكم إملَه و م‬ ‫الرحيم) (البقرة‪ ،)163 :‬وقال هللا أيضا‪ (:‬هللا َل إملَهَ إمَّل ُه َو ا ْحلَ ُّي الْ َقيُّ ُ‬ ‫وم)‬ ‫احد ل إملهَ إمَّل ُه َو َّ‬ ‫َ ُ ْ َُ‬ ‫َحد) (اإلخالص)‪.‬‬ ‫(البقرة (‪ ،)255‬وقال‪( :‬قُ ْل ُه َو هللاُ أ َ‬ ‫ومن األدلة العقلية على ذلك‪ :‬أننا لو افرتضنا وجود إهلني اثنني‪ ،‬فإما أن يتفقا وإما أن خيتلفا‪.‬‬ ‫ففي احلالة األوىل وهي االتفاق‪ :‬إذا كان هذا التفاق واجبا ول ميكن ألحدمها أن خيالف اآلخر‪ ،‬فيكون اإلله مقهورا‬ ‫جمبورا ذليال‪ ،‬وهذا خيالف صفات اإلله املنزه عن النقص واملتصف ابلكمال فاإلله يتصف بغاية التكرب وهناية التجرب‪ ،‬لذا‬ ‫فلن يكون التفاق واجبا‪ ،‬وإن كان التفاق جائزا فإن الختالف جائز أيضا‪ ،‬وإذا حصل التفاق حينا فال بد من‬ ‫الختالف حينا آخر‪.‬‬ ‫فإن اختلف اإلهلان ‪ ،‬فإما أن ينفذ مرادمها‪ ،‬أو مراد أحدمها‪ ،‬فإن نفذ مرادمها فقد اجتمع النقيضان‪ ،‬وهذا مستحيل‪،‬‬ ‫كإجياد العامل وعدمه يف نفس الوقت‪.‬وإن نفذ مراد أحدمها ومل ينفذ مراد اآلخر‪ ،‬فالذي نفذ مراده هو اإلله‪ ،‬والذي مل ينفذ‬ ‫مراده مقهور جمبور ذليل خملوق ليس إبله‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪.2‬القدم‪:‬‬ ‫املراد ابلقدم يف حق هللا القدم الذايت‪ ،‬أي عدم األولية للوجود‪ ،‬أو عدم افتتاح الوجود‪.‬‬ ‫م‬ ‫اهر والْب م‬ ‫م‬ ‫اط ُن) [احلديد‪.)3 :‬‬‫قال هللا تعاىل‪ُ ( :‬ه َو ْاأل ََّو ُل َو ْاآلخ ُر َوالظَّ ُ َ َ‬ ‫دليل هذه الصفة‪ :‬أنه لو كان مسبوقا بعدم لكان لبد من مؤثر يف إجياده‪ ،‬فمن احملال أن يكون إهلا ألن اإلله هو‬ ‫السابق عليه واملوجد له فيكون هو القدي‪ ،‬وحيتمل أن يكون ذلك السابق مسبوقا بعدم وأن موجدا أثر فيه فأوجده وهكذا‪.‬‬ ‫ولكن هذا يستلزم التسلسل‪ ،‬والتسلسل ابطل كما بينا يف إثبات صفة الوجود‪ ،‬فال بد أن تكون املوجودات مستندة إىل‬ ‫ذات واجبة الوجود مؤثرة يف غْيها غْي متأثرة بسواها‪ ،‬وهذا يستلزم أن تكون تلك الذات قدمية‪.‬‬ ‫‪.3‬البقاء‬ ‫املراد ابلبقاء يف حق هللا له عدم اآلخرية أو عدم اختتام الوجود‪.‬‬ ‫م‬ ‫اهر والْب م‬ ‫م‬ ‫اط ُن) [احلديد‪.]3 :‬‬‫(ه َو ْاأل ََّو ُل َو ْاآلخ ُر َوالظَّ ُ َ َ‬ ‫وقد أثبت القرآن الكري هذه الصفة هللا بقوله‪ُ :‬‬ ‫دليل هذه الصفة‪ :‬أنه لو جاز عليه العدم لستحال عليه القدم‪ ،‬إذ كما ل يتصور وجود مؤثر يف واجب الوجود ابإلجياد‬ ‫فال يتصور وجود مؤثر فيه ابإلعدام‪ ،‬وإل مل يكن واجب الوجود‪ ،‬وقد ثبت أن هللا جل وعال موجود قدي لذاته‪ ،‬وما يثبت‬ ‫قدمه استحال عدمه‪.‬‬ ‫‪.4‬القيام ابلذات‪:‬‬ ‫أي أنه غْي مفتقر إىل موجد يوجده ول إىل حمل يقوم به‪.‬‬ ‫فاهلل ليس بصفة‪ ،‬بل هو ذات‪ ،‬إذ الصفة ل تتصف ابلصفة‪.‬‬ ‫الص َم ُد) [اإلخالص‪ ]2 :‬أي الذي ل حيتاج إىل شيء وحيتاج إليه كل شيء‪.‬‬ ‫قال سبحانه‪( :‬هللاُ َّ‬ ‫الدليل على عدم افتقاره إل املوجد أنه لو افتقر إليه لكان حاداث‪ ،‬وقد سبق الربهان على وجوب‪ ،‬وجوده‪ ،‬وقدمه‬ ‫وبقاءه‪.‬‬ ‫‪.5‬املخالفة للحوادث‪:‬‬ ‫س َك ممثْلم مه َش ْيء‬ ‫تعين هذه الصفة‪ :‬عدم مماثلة هللا للشيء من احلوادث‪ ،‬أي ل نظْي ول شبيه ول مثيل له‪.‬قال تعاىل‪( :‬لَْي َ‬ ‫م‬ ‫وهو َّ م‬ ‫َحد) [اإلخالص‪.]4 :‬‬ ‫(وَملْ يَ ُكن لَّهُ ُك ُفوا أ َ‬ ‫يع الْبَصْيُ) [الشورى‪ ،]11 :‬وقال أيضا‪َ :‬‬ ‫السم ُ‬ ‫ََُ‬ ‫والدليل على هذه الصفة‪ :‬أنه لو مل يكن خمالفا للحوادث لكان مماثال هلا‪.‬‬ ‫ولو كان مماثال للحوادث لكان حاداث‪ ،‬لكن ثبت ابلدليل القاطع قدمه وبقاؤه فهذا يثبت خمالفته للحوادث‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫اثلثاً‪ -‬صفات املعاين‬ ‫يراد هبا كل صفة قائمة بذات هللا سبحانه تستلزم حكما معينا له‪ ،‬كصفة العلم مثال تستلزم أن يكون املتصف هبا عليما‪.‬‬ ‫وصفات الكمال هلل كثْية‪ ،‬ولكنها جتتمع يف سبع صفات رئيسية قام عليها الدليل التفصيلي‪.‬‬ ‫وهذه الصفات هي‪:‬‬ ‫‪.1‬العلم‪:‬‬ ‫هي صفة أزلية قائمة بذاته تعاىل يتأتى هبا كشف األمور واإلحاطة هبا على ما هي عليه يف الواقع‪ ،‬أو على ما ستكون‬ ‫عليه يف املستقبل‪.‬‬ ‫وهذه الصفة ليس من شأهنا ختصيص املمكنات أو التأثْي فيها بوجه من الوجوه‪ ،‬ولكن شأهنا جمرد الكشف والطالع‪.‬‬ ‫‪.2‬اإلرادة‪:‬‬ ‫وهي صفة أزلية قائمة بذاته من شأهنا ختصيص املمكنات ببعض ما جيوز عليها من وجود وعدم‪ ،‬بقطع النظر عن أي‬ ‫مؤثر خارجي‪.‬‬ ‫قال سبحانه‪( :‬ومن يرد هللا فتنته فلن متلك له من هللا شيئا أولئك الذين مل يرد هللا أن يطهر قلوهبم) [املائدة‪]41 :‬‬ ‫‪.3‬القدرة‪:‬‬ ‫وهي صفة أزلية قائمة بذاته سبحانه‪ ،‬يتأتى هبا إجياد كل ممكن وإعدامه وتكيفه على وفق اإلرادة‪.‬‬ ‫وهذه الصفة ل عالقة هلا ابملستحيالت‪ ،‬ألنه ل يتصور يف العقل وجود املستحيل‪ ،‬ول ابلواجبات أنه ل يتصور يف‬ ‫العقل عدم وجود الواجب‪.‬‬ ‫‪.4‬السمع‪:‬‬ ‫وهي صفة أزلية قائمة بذاته تتعلق ابملسموعات‪ ،‬أو ابملوجودات سواء أكانت أصوات أم غْيها‪.‬‬ ‫ومسعه ل يفتقر إىل حاسة‪ ،‬ول حيتاج واسطة كاهلواء‪ ،‬ول إىل شيء مما حيتاجه اإلنسان‪.‬‬ ‫يم) [املائدة‪.]76 :‬‬‫الس مم م‬ ‫يع الْ َعل ُ‬ ‫قال هللا تعاىل‪َ ( :‬وهللاُ ُه َو َّ ُ‬ ‫‪.5‬البصر‪:‬‬ ‫هي صفة أزلية قائمة بذاته تتعلق ابملبصرات أو املوجودات‪.‬‬ ‫الس مميع الْب م‬ ‫صْيُ)‪.‬‬ ‫قال تعاىل‪( :‬اعملوا ما شئتم إنه ِبا تعملون بصْي)‪ ،‬وقال أيضا‪( :‬لَي م م م‬ ‫س َكمثْله َش ْيء َوُه َو َّ ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫‪9‬‬ ‫‪.6‬الكالم‪:‬‬ ‫هي صفة أزلية قائمة بذاته سبحانه‪ ،‬هو هبا آمر وانه وخمرب‪ ،‬عرب عنها نظم ما أوحاه إىل رسله‪ ،‬وهي ليست حبرف ول‬ ‫صوت‪ ،‬وهي منزهة عن أن تكون مثل كالم البشر‪.‬‬ ‫وينبغي اإلميان هبذه الصفات الثالث‪ ،‬وثبوْتا طبقا ملا وصف هللا به نفسه‪ ،‬وأن لكل صفة منها وظيفة متتاز هبا عن‬ ‫غْيها‪.‬‬ ‫‪.7‬احلياة‪:‬‬ ‫هي صفة أزلية قائمة بذاته لن يتأتى هبا ثبوت الصفات السابقة‪.‬‬ ‫قال تعاىل‪( :‬هللاُ َل إملَهَ إمَّل ُه َو ا ْحلَ ُّي الْ َقيُّ ُ‬ ‫وم) [البقرة‪.]255 :‬‬ ‫فاتصافه أبنه حي نتيجة لثبوت صفة احلياة له‪.‬‬ ‫رابعاً‪-‬الصفات املعنوية‬ ‫وهي نتائج صفات املعاين‪ ،‬أي هي األحكام اليت ترتتب على ثبوت صفات املعاين‪.‬‬ ‫وهذه الصفات هي سبع‪ :‬وهي كونه عليما نتيجة لصفة العلم‪ ،‬ومريدا نتيجة لصفة اإلرادة‪ ،‬وقديرا نتيجة لصفة القدرة‪،‬‬ ‫ومسيعا نتيجة لصفة السمع‪ ،‬وبصْيا نتيجة لصفة البصر‪ ،‬ومتكلما نتيجة لصفة الكالم وحيا نتيجة لصفة احلياة‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫املتشابه من الصفات‬ ‫تعريف متشابه الصفات ومثاله‪:‬‬ ‫ورد يف القرآن الكري ويف احلديث الشريف آايت وأحاديث تفيد بظاهر ألفاظها وتعابْيها ثبوت صفات هلل ﷺ تشابه‬ ‫صفات املخلوقات مما يعد نقصا أو تناقضا يف ذات هللا ﷺ‪ ،‬وقد قام الدليل سابقا على نفيه‪.‬‬ ‫تسمى هذه النصوص اليت توهم تشبيه هللا ِبخلوقاته (متشابه الصفات)‬ ‫صفًّا) [الفجر‪ ]22 :‬اجمليء من صفات املخلوقات‪ ،‬فكيف ينسب هلل؟‬ ‫صفًّا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َوالْ َملَ ُ‬ ‫(و َجاءَ َربُّ َ‬ ‫ومثال ذلك قوله‪َ :‬‬ ‫م م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ومنه قوله‪( :‬يَ ُد هللا فَـ ْو َق أَيْدي مه ْم) [الفتح‪ ،]10 :‬وقوله‪( :‬بَ ْل يَ َداهُ َمْب ُسوطَتَان يُنف ُق َكْي َ‬ ‫ف يَ َشاءُ) [املائدة‪.]64 :‬اليد تطلق‬ ‫على جارحة اإلنسان‪ ،‬فكيف تضاف هلل تعاىل؟‬ ‫املتشابه واحملكم‪:‬‬ ‫إن هذه النصوص من نوع املتشابه الذي ذكر يف القرآن الكري‪.‬‬ ‫واملقصود ابملتشابه كما بينـا مـن قبل‪ :‬كل نص جتاذبته الحتمالت حول املعىن املراد منه‪ ،‬وأوهم بظاهـره مـا قامت األدلة‬ ‫على نفيه‪.‬‬ ‫وأما النصوص احملكمة فهي اليت ل توهم معىن ل يليق ابهلل‪ ،‬ألن مدلوهلا ومعناها واضح غْي ملتبس ِبعاين تشبيه هللا‬ ‫ِبخلوقاته‪.‬‬ ‫مذاهب أهل السنة يف أتويل املتشابه‪:‬‬ ‫اتفق املسلمون كلهم على تنزيه هللا عما يقتضيه ظاهر املتشابه من الصفات املنافية للكمال اإلهلي عمال بقوله سبحانه‪:‬‬ ‫(ليس كمثله شيء وهو السميع البصْي) [الشورى‪ ،]1 :‬وانسجاما مع حتذيره من اتباع املتشابه مع ترك احملكم‪.‬‬ ‫ومع اتفاقهم على هذا القدر الذي جيب أن يعتقده املسلم يف املتشابه فإهنم اختلفوا يف موقفهم من هذه النصوص إىل‬ ‫مذهبني‪:‬‬ ‫املذهب األول‪ :‬مذهب السلف املسمى ِبذهب التفويض‪ ،‬وهو عدم اخلوض يف أي أتويل أو تفسْي تفصيلي هلذه‬ ‫النصوص‪ ،‬والكتفاء إبثبات ما أثبته هللا تعاىل لذاته‪ ،‬مع تنزيهه سبحانه عن كل نقص ومشاهبة للحوادث‪.‬‬ ‫املذهب الثاين‪ :‬مذهب اخللف‪ ،‬وهو أتويل هذه النصوص ِبا يضعها على صراط واحد من الوفاق مع النصوص احملكمة‬ ‫األخرى‪ ،‬اليت تقطع بتنزيه هللا عن اجلهة واملكان واجلارحة‪.‬‬ ‫ففسروا الستواء بتسلط القوة والسلطان‪ ،‬واليد ابلقوة أو الكرم‪ ،‬والعني ابلعناية والرعاية‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫وكان مذهب السلف يف عصرهم هو األفضل واألسلم واألوفق مع اإلميان الفطري املرتكز يف العقل والقلب‪ ،‬ومذهب‬ ‫اخللف أصبح يف عصرهم ضرورة يصعب التحول عنه بسبب ما قام فيه من املذاهب الفكرية واملناقشات العلمية‪ ،‬وبسبب‬ ‫ظهور البالغة العربية مقعدة يف قواعد من اجملاز والتشبيه والستعارة‪.‬‬ ‫واملهم أن كل واحد من املذهبني يوصل إىل غاية واحدة‪ ،‬هي تنزيه هللا عن مجيع صفات النقص‪ ،‬فاخلالف بني املذهبني‬ ‫شكلي فقط‪.‬‬ ‫وابلرغم من كون اإلمساك عن التأويل هو مذهب السلف عموما‪ ،‬فقد نقل عن بعضهم التأويل‪ ،‬كابن مسعود وعلي‬ ‫وابن عباس رضي هللا عنهم أمجعني‪.‬‬ ‫وهذا يؤكد أن امتناع السلف عن التأويل مل يكن من ابب حترميه‪ ،‬بل تورعا خمافة أل يوافق أتويلهم الصواب وهللا أعلم‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫وجل‬ ‫عز ّ‬‫رؤية هللا ّ‬ ‫املقصود برؤية هللا على يف اآلخرة‪:‬‬ ‫إن رؤية العباد رهبم يف اآلخرة أمر ممكن‪ ،‬ألن الرؤية أعم من أن تكون انطباعا لصورة املرئي يف احلدقة‪ ،‬وإمنا هي قوة‬ ‫جيعلها هللا يف اإلنسان مىت شاء وكيف شاء‪ ،‬ويتم هبا مشاهدة املرئي على حقيقته‪.‬‬ ‫آراء الفرق يف رؤية هللا‪:‬‬ ‫ذهب عامة أهل السنة واجلماعة ‪ -‬خالفا للمعتزلة والشيعة ‪ -‬إىل أن رؤية هللا يوم القيامة جائزة عقال‪ ،‬واثبتة ابلدليل‪،‬‬ ‫(و ُجوه يـَ ْوَمئمذ َان مضَرة إم َىل َرمهبَا َان مظَرة)‪.‬‬ ‫فقد وردت أدلة مسعية كثْية تثبت ذلك منها‪ :‬قال تعاىل‪ُ :‬‬ ‫ومن أجل وضوح هذه األدلة فقد أمجع عامة الصحابة على وقوع الرؤية يف اآلخرة‪.‬‬ ‫رؤية هللا يف الدنيا‪:‬‬ ‫اختلف أهل السنة واجلماعة يف وقوع هذه الرؤية ألحد من الناس يف الدنيا على قولني‪:‬‬ ‫‪.1‬ذهب األكثرون إىل إمكان رؤية هللا له يف دار الدنيا‪ ،‬وقالوا بوقوعها يف ليلة املعراج للنيب صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪.2‬ذهب فريق آخر إىل القول ابمتناع الرؤية هللا يف الدنيا قبل املوت‪.‬‬ ‫واملسألة خمتلف فيها بني الصحابة الكرام‪ ،‬فليس ما يدعو للجزم أبحد القولني‪ ،‬وإن كان املرجح مذهب اجلمهور من‬ ‫الصحابة ومن بعدهم من العلماء واألئمة‪ ،‬وهو أن السمع دل على إمكان الرؤية هللا له يف الدنيا‪ ،‬ودل على وقوعها أيضا‬ ‫من رسول هللا ﷺ‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫أمساء هللا احلسن‬ ‫أمساء هللا‪ :‬هي أعالم وأوصاف هلل والوصف فيها ل ينايف َ‬ ‫العلَمية‪ ،‬خبالف أوصاف العباد فإهنا تنايف العلمية‪.‬‬ ‫أما هللا سبحانه فالسم من أمسائه له دللة على الذات والصفة دللة تمة‪ ،‬ففي قولنا عن هللا‪ :‬العزيز احلكيم‪ ،‬يدل كل‬ ‫واحد من اللفظيني (العزيز) و (احلكيم) على ذات هللا وصفاته‪.‬‬ ‫حكم أمساء هللا‪:‬‬ ‫هذه األمساء هلل سبحانه توقيفية ورد هبا الشرع يف القرآن أو السنة الصحيحة أو ابإلمجاع‪ ،‬ول جيوز أن يدعى هللا أو‬ ‫يتعبد ابسم مستحدث مل يرد به الشرع‪.‬‬ ‫ول جيوز أن يسأل أحد هللا إل هبذه األمساء اليت وردت يف الشرع‪ ،‬ول يدعوه إل هبا‪ ،‬ول يقسم إل هبا‪.‬‬ ‫َمسَائممه َسيُ ْجَزْو َن َما كانُوا يـَ ْع َملُو َن) [األعراف‪:‬‬ ‫ين يـُلْ مح ُدو َن ميف أ ْ‬ ‫َّ م‬ ‫م‬ ‫(ومَّلِلم ْاأل ْ‬ ‫َمسَاءُ ا ْحلُ ْس َىن فَ ْادعُوهُ هبَا َوذَ ُروا الذ َ‬ ‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬ ‫‪.]180‬‬ ‫عدد أمساء هللا‪:‬‬ ‫قال النيب ﷺ‪( :‬إن هلل تسعة وتسعني امسا من أحصاها دخل اجلنة‪ ،‬وهو وتر حيب الوتر)‪.‬‬ ‫روي عن ابن مسعود أن النيب ﷺ قال‪ :‬ما أصاب أحدا قط هم ول حزن فقال‪ :‬اللهم إين عبده وابن عبدك أسألك‬ ‫بكل اسم هو لك‪ ،‬مسيت به نفسك أو أنزلته يف كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به يف علم الغيب عندك‪،‬‬ ‫أن جتعل القرآن العظيم ربيع قليب ونور صدري وذهاب حزين وجالء مهي وغمي إل أذهب هللا مهه وحزنه وأبدله مكانه‬ ‫فرجاء»‪ ،‬فقيل اي رسول هللا أل نتعلمها؟ فقال‪ :‬بلى‪ ،‬ينبغي ملن مسعها أن يتعلمها "‪.‬‬ ‫وأمساء هللا احلسىن هي احلقيقة املطلقة‪ ،‬ألن هللا سبحانه هو احلقيقة املطلقة‪ ،‬وأمساؤه يف احلقيقة الباقية‪ ،‬وسر ذلك أهنا‬ ‫تشْي إىل جالله وترمز لعزته‪.‬‬ ‫معن حفظ أمساء هللا تعال‪:‬‬ ‫يف احلديث الذي مر سابقا أن من حفظ أو أحصى األمساء دخل اجلنة‪ ،‬واإلحصاء غْي العد‪.‬‬ ‫فاملقصود حبفظ األمساء حفظ أمانتها وْحلها وعدم تضييعها وشهود حقيقتها‪ ،‬ألهنا بوصفها املثل األعلى‪ ،‬واحلقيقة‬ ‫املطلقة‪ ،‬فهي هدف املسلم يف حياته على األرض وبقدر ما حيمل املسلم من أمساء هللا احلسىن يكون حظه من التوحيد‪.‬‬ ‫وْح ل األمانة يقتضي املعرفة‪ ،‬واملعرفة طريق إىل التعلق والتخلق‪ ،‬ويتفق العلماء على أن مــن أمسائه مال جيوز إطالقه على‬ ‫غْيه كاهلل والرْحن‪ ،‬ول جيوز التخلق هبما‪ ،‬بل التعلق هو املطلوب‪.‬‬ ‫ومن األمساء ما جيوز للمسلم أن أيخذ من أخالقها كالرحيم والكري‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫ومن األمساء ما جيوز ذكره وحده كالعظيم والشكور‪ ،‬ومنها ما ل جيوز ذكره وحده كاملميت والضار أتداب يف حقه وتفاداي‬ ‫من إيهام مال يليق جبالله‪ ،‬فينبغي قرهنا أبضدادها‪ ،‬فيقال‪ :‬احمليي املميت والنافع الضار‪.‬‬ ‫وإن أمساء هللا ﷺ ألفاظ مشرفة هلا فضل على سائر الكالم‪ ،‬وفيها بركة ويف ذكرها ثواب عظيم‪.‬‬ ‫اسم هللا األعظم‪:‬‬ ‫وردت أحاديث عدة تتحدث عن اسم هللا األعظم‪:‬‬ ‫قال رسول هللا ﷺ‪« :‬والذي نفسي بيده لقد سأل هللا ابمسه األعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى‪.‬‬ ‫(وإم َهلُ ُك ْم إله واحد ل إملَهَ إمَّل ُه َو َّ‬ ‫الر ْْحَ ُن‬ ‫وورد عن أمساء بنت يزيد أن النيب ﷺ قال‪« :‬اسم هللا األعظم يف هاتني اآليتني‪َ :‬‬ ‫َّ م‬ ‫يم)‪ ،‬وقال عز وجل‪( :‬هللاُ َل لَهَ إمَّل ُه َو ا ْحلَ ُّي الْ َقيُّ ُ‬ ‫وم)‪.‬‬ ‫الرح ُ‬ ‫واختلف العلماء يف تعيني اسم هللا األعظم بسبب تعدد الرواايت يف ذلك‪.‬‬ ‫ووصلت أقوال العلماء‪.‬حنو األربعني قول‪ ،‬فهو عند بعض العلماء مل يعني ابلذات‪ ،‬بينما يرى بعضهم أن السم األعظم‬ ‫دعاء مركب من عدة أمساء من أمسائه ‪ -‬مجعا بني الرواايت املتعددة ‪ -‬إذا دعا به اإلنسان وتوفرت شروط الدعاء استجاب‬ ‫له سبحانه‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫ذات هللا سبحانه وتعال‬ ‫ذات هللا عز وجل ال ختضع لقوانني اخللق‪:‬‬ ‫قامت العقيدة اإلسالمية على املعرفة والسؤال‪ ،‬فمن حق اإلنسان أن يسأل عن كل شيء وعن أي شيء‪.‬‬ ‫ليس هناك إل منطقة حمرمة واحدة هي ذات هللا‪ ،‬لسبب بسيط‪ ،‬هو أن ذات هللا سبحانه تتجاوز طاقة العقل البشري‪،‬‬ ‫وقدرة الفكر اإلنساين‬ ‫ذات هللا ال ختضع لقوانني اخللق‪:‬‬ ‫ورد يف حديث أيب هريرة رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪( :‬ل يزال الناس يتساءلون حىت يقال‪ :‬هذا خلق هللا‬ ‫فمن خلق هللا؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل‪ :‬آمنت ابهلل)‪.‬‬ ‫هذا أحد األسئلة اليت ختطر ابلذهن البشري‪ ،‬وهو سؤال بلغ من خطورته إىل درجة أن حيدث النيب عنه‪ ،‬والسؤال أصال‬ ‫خطأ‪ ،‬وهو بتعبْي آخر غْي علمي ألنه يفرتض خضوع هللا ﷺ لقوانني احلياة اإلنسانية‪ ،‬ففي احلياة اإلنسانية ل بد لكل‬ ‫شيء من موجد‪ ،‬ول بد لكل خملوق من خالق‪ ،‬فصاحب هذا السؤال يتصور أن هذا القانون ميكن أن ينطبق على هللا‪،‬‬ ‫وهلذا يسأل‪ :‬من خلق هللا؟‬ ‫الغيب ال يتعارض مع العقل‪:‬‬ ‫حنن ننعم خبْيات عناصر كثْية دون أن نعرف ذواْتا أو حقائقها‪.‬‬ ‫صحيح أننا نعرف النتفاع هبا والستفادة منها‪ ،‬وصحيح أن هناك آلف الكتب العلمية عنها‪ ،‬ولكن كتااب واحدا من‬ ‫هذه الكتب ل حياول معرفة كنه هذه العناصر‪.‬‬ ‫لقد ضل أقوام كثْيون تكلموا يف ذات هللا‪ ،‬وكان كالمهم سببا يف اختالفهم وفتنتهم ألهنم تكلموا فيما ل يقدرون على‬ ‫معرفته‪ ،‬وإمنا اختص هللا وحده ِبعرفته‪ ،‬وهلذا هنى النيب ﷺ عن التفكْي يف ذات هللا قال‪( :‬تفكروا يف خلق هللا‪ ،‬ول تفكروا‬ ‫يف ذات هللا فتهلكوا)‬ ‫ليس هذا املنع حجرا على حرية الفكر ول تضييقا على العقل‪ ،‬ولكنه خوف عليه أن يقع يف اهلالك أو العبث‪ ،‬إذ يعاجل‬ ‫أمرا ل ميلك أدوات عالجه‪ ،‬ويبحث يف شيء ليس مستعدا يف األصل للبحث فيه‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الرسالة واملعجزات‬ ‫مهمة الرسل‬ ‫‪.1‬ضرورة بعثة الرسل واألنبياء‪:‬‬ ‫ك ا ْحلَ ُّق ل إملَهَ إمَّل ُه َو َر ُّ‬ ‫ب الْ َع ْر مش الْ َك مرمي)‬ ‫اىل َّ م‬ ‫قال تعاىل‪( :‬أَفَ َح مسْبـتُ ْم أََّمنَا َخلَ ْقنَا ُك ْم َعبَـثا َوأَنَّ ُك ْم إملَْيـنَا َل تـُ ْر َجعُو َن فَـتَـ َع َ‬ ‫الِلُ الْ َمل ُ‬ ‫َّخ َذ َهلْوا َّل َختَ ْذ َانهُ ممن لَّ ُد َّان إمن ُكنَّا‬ ‫السماء و ْاألَرض وما بـيـنَـهما‪َ.‬لعمبمني لَو أَرْد َان أَن نـَّت م‬ ‫َ ْ َ‬ ‫(وَما َخلَ ْقنَا َّ َ َ َ ْ َ َ َ َْ ُ‬ ‫[املؤمنون‪ ،]116-15 :‬وقال‪َ :‬‬ ‫ني) [األنبياء‪.]17-16 :‬‬ ‫مم‬ ‫فَاعل َ‬ ‫إذا ل بد من أن يبحث اإلنسان عن وظيفته يف الكون‪ ،‬ومسؤوليته جتاه خالقه العظيم‪ ،‬ولكي ل حيار الناس كثْيا يف معرفة‬ ‫جازْو َن على‬ ‫وظيفتهم ومسؤوليتهم أرسل هللا تعاىل رسله يبلغوهنم أوامر هللا ونواهيه‪ ،‬وحيذروهنم من أن حياة أخرى تنتظرهم‪ ،‬وأهنم سيُ َ‬ ‫كل ما اكتسبوهُ من خْي وشر‪.‬‬ ‫‪.2‬حاجة اإلنسان إل الرسل‪:‬‬ ‫‪.1‬اهلداية إل معرفة اخلالق جل جالله‪.‬‬ ‫‪.2‬إطالع اإلنسان على املغيبات اليت تتعلق به‪:‬‬ ‫ولكن هناك عواملُ ل تقع حتت مشاهدة اإلنسان‪ ،‬وهو يف حاجة إىل معرفة بعضها‪ ،‬إذ هلا عالقة حبياته ومصْيه‪ ،‬ول ميكن أن‬ ‫يصل إليها جبهد فكري ول بتأمل عقلي‪ ،‬وذلك كوجود املالئكة واجلن والبعث‪ ،‬واحلساب‪ ،‬واجلنة والنار‪.‬‬ ‫ولذلك كان اإلنسان حباجة إىل من يؤكد له وجود هذه العوامل‪ ،‬ويعرفه على أحواهلا‪ ،‬فأرسل هللا تعاىل رسله عليهم الصالة‬ ‫والسالم‪ ،‬يبينون للناس ويؤكدون أن هناك بعثا وحسااب وجنة وانرا ومالئكة وجنا وغْي ذلك من احلقائق الثابتة من عامل الغيب‪.‬‬ ‫‪.3‬إجياد منهج صاحل يكفل لإلنسان السعادة‪:‬‬ ‫اإلنسان حمدود العلم ل يستطيع أن حييط ِبا هو كائن‪ ،‬ول ِبا كان‪ ،‬ول ِبا سيكون‪ ،‬ابإلضافة أنه يقع حتت مؤثرات كثْية‪،‬‬ ‫وهلذا فاإلنسان غْي صاحل لوضع نظام اثبت قائم على أس ــس موضوعية حيقق العدالة من غْي حماابة ول متييز‪ ،‬وذلك ل يتوافر إل يف‬ ‫الذات اإلهلية‪ ،‬فالتشريع الثابت العادل ل يصدر إل عن هللا تعاىل‪.‬‬ ‫ول بد أن يكون هناك فئة من البشر يفهم عنهم البشر‪ ،‬وتكون الواسطة بني السماء واألرض‪ ،‬هذه الفئة هم الرسل عليهم‬ ‫َّاس مابلْ مق ْس مط) [احلديد‪.]25 :‬‬ ‫وم الن ُ‬ ‫م م‬ ‫اب َوالْم َيزا َن ليَـ ُق َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫الصالة والسالم‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬لََق ْد أ َْر َسلْنَا ُر ُسلَنَا مابلْبَـيمنَات َوأ َ‬ ‫َنزلْنَا َم َع ُه ُم الْكتَ َ‬ ‫‪.4‬إعالم اإلنسان أبنه مكلف ومسؤول كيال تكون له حجة‪:‬‬ ‫إن اإلنسان يف هذه الدنيا مكلف أبعمال‪ ،‬وهو مسؤول عما يعمل‪ ،‬وموضوع يف هذه الدار موضع البتالء والختبار‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ولكي يعلم اإلنسان أنه مكلف ومسؤول وأن حياته يف هذه الدار حياة ابتالء وهو يف حاجة إىل رسول يعلمه ذلك‪ ،‬ولول‬ ‫الرسل لكان للناس عذر وحجة عند رهبم يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪.5‬حاجة الناس للقدوة احلسنة‪:‬‬ ‫الناس يف حاجة مستمرة إىل مناذج بشرية يتمثل فيها األخالق الفاضلة والسلوك املثايل ويكونوا قدوة هلم ومثال حيتذونه يف‬ ‫سلوكهم‪.‬‬ ‫والرسل بعصمة هللا هلم جعلهم هللا تعاىل القدوة احلسنة واألسوة الرائعة يف األخالق واألسوة الرائعة يف السلوك وهذا هو اجلانب‬ ‫العملي يف مهمة الرسل جتاه الناس‪.‬‬ ‫م م‬ ‫قال هللا تعاىل‪( :‬لََق ْد َكا َن لَ ُك ْم ميف َر ُسول هللا أ ْ‬ ‫ُس َوة َح َسنَة) [األحزاب‪.]21 :‬‬ ‫‪18‬‬ ‫النبوة والرسالة‬ ‫تعريف النبوة والرسالة‬ ‫ُّبوة‪:‬‬ ‫‪.1‬الن ّ‬ ‫يف الشرع وصول خرب من هللا بطريق الوحي إىل من اختاره من عباده لتلقي ذلك‪.‬‬ ‫‪.2‬الرسالة‪:‬‬ ‫تكليف هللا أحد عباده إببالغ اآلخرين بشرع أو حكم معني‪.‬‬ ‫‪.3‬العالقة بني النبوة والرسالة والفرق بينهما‪:‬‬ ‫أعم من الرسالة‪ ،‬فكل رسول نيب‪ ،‬وليس كل نيب رسول‪.‬فالنيب هو إنسان أوحي إليه بشرع‪ ،‬سواء كلف بتبليغه أو مل‬ ‫النبوة ُّ‬ ‫يُكلف‪ ،‬بينما الرسول إنسان أوحي إليه بشرع وكلف بتبليغه إىل الناس‪.‬‬ ‫األنبياء الذين بعثهم هللا تعال‪:‬‬ ‫أول نيب أرسله هللا تعاىل هو آدم عليه السالم أبو البشر وآخر األنبياء هو حممد ﷺ‪.‬أما عدد الرسل الذين بعثهم هللا تعاىل‬ ‫فهو كثْي؛ ألنه ما مــن أمــة إل وبعث هللا تعاىل فيها رسول‪.‬‬ ‫وقد ذكر هللا تعاىل يف كتابه أمساء مخسة وعشرين نبيا ورسول‪ ،‬وأما األنبياء اآلخرون الذين مل يتعرض القرآن الكري لذكرهم‬ ‫تفصيال‪ ،‬ولكن أخربان عنهم ابجلملة فيجب اإلميان هبم ابجلملة‪ ،‬قال هللا ﷻ‪( :‬ورسال قَ ْد قَصصنَاهم علَي َ م‬ ‫ص ُه ْم‬ ‫صْ‬‫ك من قَـْب ُل َوُر ُسال َّملْ نـَ ْق ُ‬ ‫َ ْ ُْ َ ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك) [النساء‪]164 :‬‬ ‫َعلَْي َ‬ ‫متساواي) بال تفريق بينهم‪َّ ،‬‬ ‫ألن النُّبوة حقيقة واحدة ل تتفاوت‪ ،‬ول‬ ‫ً‬ ‫إمياًن‬ ‫أمران هللا على أن (نؤمن جبميع الرسل واألنبياء ً‬ ‫ختتلف ما بني نيب وآخر‪.‬‬ ‫أما من حيث املنزلة فال ريب أن أفضل اخللق على اإلطالق هو نبينا حممد ﷺ‪ ،‬فليس كل األنبياء والرسل ِبنزلة واحدة‪ ،‬بل‬ ‫إن بعض الرسل أفضل من بعض‪ ،‬ألن املصاعب اليت اعرتضتهم ليست واحدة‪ ،‬ووقوفهم يف وجه تلك املصاعب ليست واحدة‪.‬‬ ‫والذين بلغوا القمة يف ذلك (مخسة) رسل هم نوح‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى‪ ،‬وحممد صلوات عليهم‪ ،‬وهم الذين يُطلق عليهم‬ ‫أولو العزم من الرسل‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫صفات الرسل‪:‬‬ ‫مهام معينة ل بد أن تتوافر فيهم صفات معينة) تؤهلهم للقيام بتلك املهام لذا نص العلماء على صفات‬ ‫ط هبم ُّ‬ ‫(إن الذين تُنا ُ‬ ‫واجبة لألنبياء واملرسلني وهي‪:‬‬ ‫‪.1‬الذكورة‪:‬‬ ‫وهذه الصفة متفق عليها عند مجهور املسلمني ل خالف فيها‪ ،‬فالرسول ل يكون أنثى‪ ،‬نظرا للمهمات اليت تلقى على عاتقه‬ ‫يف التبليغ‪.‬‬ ‫‪.2‬األمانة والصدق والتبليغ‪:‬‬ ‫األمانة تعين احملافظة على ما أوحى هللا ﷻ إليه‪ ،‬أو حفظ ظواهرهم وبواطنهم من التَّلبس ِبنهي عنه‪.‬والصدق يف حق الرسول‬ ‫هو تبليغ ما أوحى هللا به إىل الناس بال زايدة أو نقصان أو حتريف‪.‬‬ ‫‪.3‬اخللو من األمراض والصفات املُنفرة‪:‬‬ ‫إن مهمة الرسول تستدعي اجتماع الرسول ابلناس والتحدث إليهم ليهديهم سبيل الرشاد‪ ،‬فإصابة الرسول ِبرض ُم منفر يتعارض‬ ‫مع مهمته اليت أرسله هللا من أجلها‪ ،‬وكذلك يستحيل على الرسل اجلنون واإلغماء الطويل وفقدان الذاكرة‪.‬‬ ‫أما السهو فهو جائز يف حق األنبياء يف غْي التبليغ‪ ،‬وأما يف التبليغ فإن هللا عصمهم من ذلك ألنه ُخيل بعملهم يف رسالتهم‪.‬‬ ‫وأما النسيان فهو ممتنع أيضا يف التبليغ قبل تبليغ األحكام قولية كانت أو فعلية‪ ،‬وأما بعد التبليغ فيجوز نسيان ما ذكر على أن يكون‬ ‫اإلنساء من هللا تعاىل ل من أعمال الشيطان‪.‬‬ ‫‪.4‬ال َفطانة‪:‬‬ ‫وهي التيقظ إللزام اخلصوم ونقض دعاويهم الباطلة‪.‬‬ ‫‪.5‬عصمة الرسل واألنبياء مما خيل أبداء الرسالة‪:‬‬ ‫تنقسم حياة الرسل واألنبياء إىل مرحلتني مها‪ :‬ما قبل النبوة والرسالة‪ ،‬وما بعد النبوة والرسالة‪ ،‬ولكل فرتة حكم خيصها‪.‬‬ ‫كما أن املعاصي تنقسم إىل نوعني‪ :‬كبائر وصغائر‪.‬‬ ‫أما الكبائر‪ :‬فقد أمجع العلماء على أهنم معصومون منها‪ ،‬سواء أكان ذلك قبل النبوة أم بعدها‪.‬‬ ‫وأما الصغائر‪ :‬فإهنا ل ختل ابملروءة‪ ،‬ول تستلزم خسة‪ ،‬فهي حمل خالف وحبث عند املسلمني‪ ،‬والبحث فيها داخل يف األمور‬ ‫الجتهادية‪ ،‬واخلطأ يف الجتهاد ليس داخال يف شيء من الذنوب‪.‬ولكن مجهور أهل السنة واجلماعة مييلون إىل القول ابمتناع الصغائر‬ ‫يف حق األنبياء ولسيما بعد البعثة‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫اجتهاد األنبياء والرسل‪:‬‬ ‫إن الرسول إذا ما تصرف تصرفا فهذا التصرف له وجه صحيح وال بد‪ ،‬ولكن إن كان هناك وجه هو أصح مما ذهب إليه‬ ‫الرسول فسرعان ما يرشده الوحي‪ ،‬ومن ذلك القبيل اجتهاد نبينا حممد ﷺ بفداء أسرى بدر‪.‬‬ ‫فاجتهاد الرسول ﷺ صحيح من حيث مقاصده وآلياته‪ ،‬ولكن جاء الوحي يرشده إل األصح‪.‬‬ ‫وأما يف األمور البشرية وأمر املعاش فالنيب وغريه فيها سواء‪.‬واألمور البشرية هي ما يعرتي اجلسم البشري من القوة والضعف‬ ‫واليقظة واملنام والراحة والتعب وما شابه ذلك‪.‬‬ ‫وحدة الرساالت السماوية‪:‬‬ ‫اتفقت مجيع الرسالت السماوية يف األسس‪ ،‬إذ إهنا كلها تدعو إىل عقيدة واحدة‪ ،‬تدعو إىل التمسك ابلفضائل‪.‬‬ ‫ين‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫صى بممه نُوحا والَّ مذي أَوحيـنا إملَيك وما و َّ مم م م‬ ‫(شرع لَ ُكم ممن م‬ ‫الدي من َما َو َّ‬ ‫يموا الد َ‬ ‫يسى أَ ْن أَق ُ‬ ‫وسى َوع َ‬ ‫صْيـنَا به إبْـَراه َيم َوُم َ‬ ‫ْ ََْ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعاىل‪َ َ َ :‬‬ ‫َول تَـتَـ َفَّرقُوا فم ميه) [الشورى‪.]13 :‬‬ ‫‪21‬‬ ‫املعجزات‬ ‫تعريف املعجزة‪:‬‬ ‫هي كل أمر خارق للعادة‪ ،‬يظهر على يد مدعي النبوة عند حتدي املنكرين له على وجه يبني صدق دعواه‪.‬‬ ‫وقد تكون املعجزة قول‪ ،‬كاإلعجاز البالغي يف القرآن الكري‪ ،‬وقد تكون فعال‪ ،‬كنبع املاء من بني أصابع الرسول ﷺ‪ ،‬وقد‬ ‫تكون تركا‪ ،‬كرتك النار حرق إبراهيم عليه السالم‪.‬‬ ‫شروط املعجزة‪:‬‬ ‫‪.1‬أن تكون من األمور اخلارقة للمعتاد املألوف يف قوانني الكون وأنظمته‪.‬‬ ‫‪.2‬التحدي‪ ،‬فاملعجزة ل حتصل مصادفة من غْي مناسبة‪ ،‬بل تكون مرتافقة مع دعوة الرسول وحتديه ملن تناولتهم دعوتُه ومشلتهم‬ ‫رسالتُه‪ ،‬ويطلب منهم أن أيتوا ِبثلها‪.‬‬ ‫‪.3‬أن تكون على يد مدعي النبوة أو الرسالة‪ ،‬لتتميز املعجزة عن الكرامة اليت حتصل على يد بعض الصاحلني‪.‬‬ ‫‪.4‬أن تكون مقرونة بدعوى النبوة أو الرسالة حقيقة‪.‬‬ ‫‪.5‬أن تكون موافقة للدعوة تظهر صدق مدعي النبوة‪.‬‬ ‫‪.6‬أن يتعذر على الناس معارضتها واإلتيان ِبثلها أو ِبا شاهبها‪.‬‬ ‫اتريخ املعجزة‪:‬‬ ‫كان هللا جلت حكمته وقدرته يؤيد رسله وأنبياءه ابلربهان واملعجزة اليت تثبت صدق دعواهم‪ ،‬وكانت املعجزة غالبا ما أتيت يف‬ ‫ظاهرها من النوع الذي برع فيه القوم الذين جاءت املعجزة إليهم‪.‬‬ ‫فموسى هللا أيده هللا بقلب العصا حية‪ ،‬وإبخراج يده من جيبه‪ ،‬وذلك مناسب ملا برع فيه قومه من سحر‪.‬‬ ‫وعيسى هللا أيده هللا إببراء األكمه واألبرص وإحياء املوتى إبذنه‪ ،‬وذلك مناسب ملا برع فيه قومه من طب وأدوية‪.‬‬ ‫وملا برع العرب ابلفصاحة والبالغة كانت معجزة رسولنا القرآن الكري الذي نزل بلغتهم وحتداهم أن أيتوا ِبا مياثله‪ ،‬ولو يف أقصر‬ ‫سورة منه‪.‬‬ ‫طرق ثبوت املعجزة‪:‬‬ ‫تثبت املعجزة بطريقني‪ :‬إما ابملشاهدة‪ ،‬أو ابخلرب الصادق‪:‬‬ ‫‪.1‬ثبوْتا ابملشاهدة‪ ،‬وهو خاص ِبن عاصر املعجزة وحدثت أمامه‪ ،‬ومثل هذا يعلم علما لشك فيه أن اخلارقة وقعت حقيقة‪.‬‬ ‫‪.2‬اخلرب الصادق‪ ،‬ويكون ملن مل يشاهد حدوث املعجزة‪.‬‬ ‫واخلرب الصادق قسمان‪ :‬اخلرب املتواتر‪ ،‬واخلرب الصادق اآليت عن طريق مل يصل إىل حد التواتر‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫املعجزة يف ميزان العقل‪:‬‬ ‫تقسم املستحيالت إىل نوعني‪:‬‬ ‫املستحيل العقلي‪ :‬وهو الذي ل وجود له أصال‪ ،‬وحييل العقل وقوعه كاجتماع النقيضني‪ ،‬أو كوجود شريك هللا تعاىل‪.‬‬ ‫واملستحيل العريف‪ :‬وهو الذي ل حييل العقل وقوعه‪ ،‬وهو من قبيل املمكنات‪ ،‬ولكن مل جتر العادة بوقوعه‪.‬‬ ‫ومجيع املعجزات هي من النوع املستحيل عادة‪ ،‬فال حييل العقل وجودها‪ ،‬ولكن يستغرب ذلك‪ ،‬ويتعجب بسبب غرابتها عن‬ ‫املشاهدة واملألوف‪.‬‬ ‫احلكمة من املعجزة‪:‬‬ ‫‪.1‬إثبات صدق مدعي النبوة‪.‬‬ ‫‪.2‬تكري الرسول‪.‬‬ ‫‪.3‬تنبيه الغافلني للعودة إىل احلق‪ ،‬والتميز عن الكافرين‪.‬‬ ‫‪.4‬هداية اخلالئق‪.‬‬ ‫حكم اإلميان ابملعجزات‪:‬‬ ‫ما من نيب إل وأكرمه هللا تعاىل ِبعجزة نبهت الناس إىل ضرورة اإلميان به والتمسك هبديه ويف ذلك يقول الرسول ﷺ‪« :‬ما‬ ‫من نيب إل وأويت من اآلايت ما مثلـه آمـن عـلـيـه البشر‪ ،‬وإمنا كان الذي أوتيته وحيا أوحي إيل‪ ،‬فأان أرجو أن أكون أكثرهم تبعا يوم‬ ‫القيامة)‪.‬‬ ‫حكم اإلميان ابملعجزات أيخذ األحكام اآلتية‪:‬‬ ‫‪.1‬اإلميان بثبوت املعجزات من حيث جنسها واجب‪ ،‬ومنكر املعجزات كافر؛ ألن املعجزة من حيث هي اثبتة ابألدلة القطعي‪.‬‬ ‫‪.2‬اإلميان ِبعجزة بعينها إن كانت اثبتة بدليل قطعي كالقرآن الكري أو التواتر واجب وحكم منكرها كحكم منكر املعجزة من‬ ‫حيث جنسها‪.‬‬ ‫‪.3‬اإلميان ِبعجزة بعينها إن كان ثبوْتا بدليل ظين كأحاديث اآلحاد واجب‪ ،‬إل أنه ل يُكفر جاحدها‪ ،‬بل يـُ َف مسق إن كان‬ ‫احلديث مشهورا‪ ،‬ويُعزر إن كان احلديث صحيحا‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫خوارق العادات‪:‬‬ ‫‪.1‬اإلرهاص‪ :‬هو ما يظهر من خرق للعادات على يد النيب‪ ،‬ولكن قبل البعثة‪ ،‬وهذه احلال ختتلف عن املعجزة أبن املعجزة‬ ‫تكون بعد البعثة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك كالم سيدان عيسى هللا يف املهد‪ ،‬وحادثة شق الصدر لسيدان حممد ﷺ‪.‬‬ ‫‪.2‬الكرامة‪ :‬وهي ما يظهر من خوارق العادات على يد إنسان ظاهر الصالح‪ ،‬متبع لألنبياء‪ ،‬عارف ابهلل وصفاته‪ ،‬مواظب‬ ‫على الطاعة‪ ،‬جمتنب للمعصية‪.‬‬ ‫اب َو َج َد عم َ‬ ‫ند َها‬ ‫م‬ ‫ومن أمثلة ذلك ما ذكره القرآن الكري يف قصة مري عليها السالم‪ ،‬قال تعاىل‪َ ( :‬كلَّ َما َد َخ َل َ‬ ‫عليها َزَك مرَّاي الْم ْحَر َ‬ ‫الِلم) [آل عمران‪ ،]37 :‬وكان جيد عندها فاكهة الشتاء يف الصيف‪ ،‬وفاكهة الصيف‬ ‫ك ه َذا قَالَت هو ممن عم م‬ ‫ال اي مرَيُ أ َّ م‬ ‫ند َّ‬ ‫ْ َُ ْ‬ ‫ََّن لَ َ‬ ‫مرْزقا قَ َ َ َ ْ‬ ‫ني َو ْازَد ُادوا) [الكهف‪.]25 :‬‬ ‫يف الشتاء‪.‬كذلك قصة أصحاب الكهف‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ولَبمثُوا ميف َكه مف مهم ثََال َ م م م‬ ‫ث مائَة سن َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪.3‬اخلذالن أو اإلهانة‪ :‬هو ما يظهر على يد الكافر من خوارق العادات على خالف ما ينبغي أن حيصل‪ ،‬كما روي أن‬ ‫مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة يف زمن نبينا حممد ﷺ قد تفل يف عني رجل لتشفي‪ ،‬فعميت عينه األخرى‪.‬‬ ‫‪.4‬االستدراج ‪ :‬هو ما يظهر على يد الفاسق من خوارق العادات‪ِ ،‬بعىن أن هللا تعاىل ميد له يف طغيانه حىت إذا أخذه مل‬ ‫يفلته‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫دالئل نبوة سيدًن حممد ﷺ‬ ‫املعجزات‪:‬‬ ‫‪.1‬القرآن الكرمي‬ ‫وهو أبلغ وأعظم املعجزات اليت أيد هللا هبا رسله وأنبياءه كافة‪ ،‬ألنه معجزة ابقية على مر الزمن انطقة بنبوته ﷺ يف كل زمان‬ ‫ومكان‪.‬‬ ‫ووجوه إعجاز القرآن الكري كثْية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪.1‬اإلخبار عن املغيبات اليت مل تكن قد وقعت بعد‪.‬‬ ‫‪.2‬اإلخبار عن األمم املاضية وقصصها‪.‬‬ ‫‪.3‬التشريع الشامل الدقيق الصاحل لكل زمان ومكان‪.‬‬ ‫‪.4‬القواعد والبحوث العلمية اليت أشار إليها القرآن الكري‪.‬‬ ‫‪.5‬النظم البديع الذي ليس بشعر ول بنثر مع بالغة سامية عجيبة‪.‬‬ ‫‪.6‬األسلوب الذي يستوي يف اإلفادة منه كل فئات الناس من عوام ومثقفني وأرابب اختصاص‪.‬‬ ‫‪.2‬انشقاق القمر‬ ‫‪.3‬إخباره ابملغيبات ووقوعها كما أخرب‬ ‫بشارة الكتب السماوية والرسل به‪:‬‬ ‫لقد بشرت الكتب السماوية ببعثة سيدان حممد ﷺ‪ ،‬وعند مراجعة التوراة واإلجنيل جند نصوصا تشْي إىل بعثة النيب حممد ﷺ‪،‬‬ ‫ومع أن الكتب السماوية بشرت صراحة ببعثته‪ ،‬ولكن الذين ترمجوا تلك الكتب حياولون حتريف الرتمجة‪ ،‬ليصرفوا عن األذهان البشارة‬ ‫ِبحمد ﷺ وإثبات نبوته‪ ،‬وقد ورد اسم الرسول ﷺ صراحة يف إجنيل براناب الذي ظهر حديثا‪ ،‬وكان قد أخفي زمنا طويال‪.‬‬ ‫صحابة رسول هللا الكرام‪:‬‬ ‫إن صحابة الرسول ﷺ أفضل الناس من بعده‪ ،‬وقرهنم خْي القرون‪ ،‬حلديث «خْي أمين الذين بعثت فيهم)‪.‬‬ ‫وهناك آايت كثْية نزلت خبصوصهم‪ ،‬وكذلك أحاديث شريفة تذكر فضلهم ومنزلتهم‪.‬ول خيفى ترجيح رتبة من لزم النيب ﷺ‬ ‫وقاتل معه‪ ،‬أو قتل حتت رايته على من مل يكن كذلك‪ ،‬وإن كان شرف الصحبة حاصال للجميع‪.‬‬ ‫أفضل الصحابة‪:‬‬ ‫إن أفضل الصحابة الذين ولوا اخلالفة‪ ،‬وهي النيابة عن النيب ﷺ يف عموم مصاحل املسلمني وترتيبهم يف الفضل على حسب‬ ‫ترتيبهم يف اخلالفة‪ ،‬فأفضلهم أبو بكر فعمر فعثمان فعلي‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫ويليهم الستة الباقون من العشرة املبشرين ابجلنة‪ ،‬وهم طلحة بن عبيد هللا والزبْي بن العوام وعبد الرْحن بن عوف وسعد بن أيب‬ ‫وقاص وأبو عبيدة عامر بن اجلراح وسعيد بن زيد‪ ،‬مث يلي الستة أهل بدر‪ ،‬ويليهم أهل أحد‪ ،‬ويليهم أهل بيعة الرضوان‪.‬‬ ‫فضل أهل بيت رسول هللا ﷺ‪:‬‬ ‫إن أهل بيت رسول هللا‪ ،‬وهم آله وأزواجه ابإلضافة إىل أهنم تنطبق عليهم شروط الصحابة هلم زايدة على ذلك كوهنم أهل بيت‬ ‫رسول هللا ﷺ‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الوحي واإلميان ابلكتب السماوية‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser