كتاب العقيدة - الوحدة الأولى PDF
Document Details
Uploaded by ProdigiousNebula
Tags
Summary
This document describes the importance of faith in God (Allah) in Islam. It covers different aspects of belief, including the nature of faith, and provides arguments in support of those beliefs. It is intended for religious or theological study.
Full Transcript
# ٣٧ ## المحاضرة ## منزلة الإيمان بالله وما يتضمنه من قضايا الإيمان بالله تعالى فطرة أساسية فطر عليه الإنسان، فهو محتاج الله في كل أمره، كحاجته إلى ما يحفظ ذاته من الغذاء والدواء، وإلى ما يحفظ نوعه من الزوجة والولد. والإيمان بالله تعالى هو أول أركان الإيمان، وهو رأس كل فلاح، وأن كل نجاح، وما...
# ٣٧ ## المحاضرة ## منزلة الإيمان بالله وما يتضمنه من قضايا الإيمان بالله تعالى فطرة أساسية فطر عليه الإنسان، فهو محتاج الله في كل أمره، كحاجته إلى ما يحفظ ذاته من الغذاء والدواء، وإلى ما يحفظ نوعه من الزوجة والولد. والإيمان بالله تعالى هو أول أركان الإيمان، وهو رأس كل فلاح، وأن كل نجاح، وما أنزلت الكتب، ولا أرسلت الرسل إلا لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد كما قال ربعي بن عامر اله في جوابه عن سؤال رستم الذي قال له: ما الذي جاء بكم؟ فقال له ربعي بن عامر قوله المشهور : ( جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ) . الإيمان بالله تعالى يتضمن ثلاث قضايا جوهرية هي: | **أولاً** | التصديق والإقرار الجازم بوجود الله وربوبيته | | ---------------------------- | ------------------------------------------------- | | **ثانياً** | التصديق والإقرار الجازم بأسماء الله وصفاته | | **ثالثا** | التصديق والإقرار الجازم باستحقاق الله وحده للعبادة | وضد الإيمان بالله تعالى الكفر بالله، ومن ذلك الكفر بوجود الله تعالى، قال الله تعالى عن فرعون: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهِ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَهَمَنُ عَلَى الطِينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَعَلَى أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص : ٣٨]. # ٣٨ ## الإيمان والعبادة ## الوحدة الأولى: الإيمان بالله ## المحاضرة ومن الكفر بالله عدم الانقياد والإذعان لله تعالى، ولو كان مصدقاً بوجود الله وربوبيته وأسمائه وصفاته، وهذا كفر إبليس، فإنه مصدق بالله، عارف بربوبيته، ولكنه أبي الانقياد والإذعان له. قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: ٣٤]. ومن الكفر بالله الإشراك بالله تعالى في العبادة، ولو كان مصدقاً بوجود الله وربوبيته قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَيْهَا ءَاخَرَ لَا بُرْهَنَ لَهُ بِهِ، فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون:1]. ## الإيمان بوجود الله وربوبيته الايمان بوجود الله وربوبيته يعني التصديق والإقرار الجازم بوجوده سبحانه وتعالى وأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين، فله الخلق والملك والرزق والتدبير والأمر، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَرَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ F فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: ۳۱). ## أدلة الإيمان بوجود الله تعالى وربوبيته **أولا - دليل الفطرة** : معرفة الله والإيمان به والتوجه إليه من المعارف الفطرية التي خلق الله الإنسان عليها ، قال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهُ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: ١٣٠ ، وقال رسول الله ﷺ: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه ، وقال رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه أنه قال: «خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم . (۲۸) ينظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية: ٣٦٦/٨-٣٧٩ (۲۹) متفق عليه، صحيح البخاري رقم (۱۳۵۸ ) ، وصحيح مسلم رقم (٢٦٥٨). (۳۰) صحيح مسلم رقم (٢٨٦٥). والكفر بوجود الله سبحانه أو بربوبيته قرار شاق يتخذه الإنسان، ليعاند به نفسه والكون الذي حوله، ويكفر بالحقائق المحيطة به الدالة كلها على الله تعالى، وجحود الفطرة والإعراض عنها يدفع صاحبه مع كثرة الشبهات وما يخالطها من الهوى والكبر لترك الخضوع والانقياد لله ولاتباع هوى النفس ورغباتها . يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي ءَايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَنْهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرُ مَا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر: 10. والبقاء على الفطرة النقية يبعث الطمأنينة والراحة واليقين وانشراح الصدر، وقد استشعر هذا الصحابة والسلف وعبّروا عنه، قال ابن عمر ه: «ما فرحت بشيء من الإسلام أشد فرحا بأن قلبي لم يدخله شيء من هذه الأهواء ، وقال أبو العالية: «ما أدري أي النعمتين عليّ أعظم إذ أخرجني من الشرك إلى الإسلام أو عصمني في الإسلام أن يكون لي فيه هوى ) . ## ثانياً - دليل الحس وذلك بما نسمعه ونشاهده من إجابة المضطرين في دعواتهم؛ ومنه إجابة دعوات الأنبياء ؛ قال الله تعالى: (ثُمَّ صَدَقْنَهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ) الأنبياء:9) ، وقال الله تعالى: ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنبياء: 1) وكذلك إجابة دعوة النبي ﷺ فقد أصاب الناس قحط وجدب على عهد رسول الله ، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا أن يسقينا ، فرفع رسول الله ﷺ يديه وما في السماء قزعة ، فثار سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رؤي المطر يتحادر على لحيته . وإجابة الداعين ليست خاصة بالأنبياء؛ بل ما زالت أمرا مشاهدا محسوسا يشعر به من دعا الله سبحانه وتعالى بإلحاح وتضرع، ما لم يلابس موانع إجابة الدعاء ، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر : ١٦٠، وقال النبي ﷺ: «رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ، وأخبر النبي ﷺ أن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له . ## ثالثاً - أدلة العقل: - دليل الخلق والإيجاد إن بحث الإنسان عن الفاعل وراء فعل من الأفعال بحث عقلي وفطري لا يتصور خلافه فلا يمكن لبشر أن يتصور حدوث شيء دون وجود محدث له؛ فلو كان ثمة كوب مملوء من الماء، ثم أصبح فارغا، لم يقبل العقل البشري إلا أن يكون هناك سبب لهذا الأمر، فربما كان أحد قد شربه، أو آخر قد سكبه، أو تبخر بفعل الحرارة، أو حصل له شيء ما. لقد أدرك الإنسان - بعقله - أنه لا يمكن أن يكون هذا الكون العظيم قد وجد بدون خالق، ولا يمكن أن تكون هذه المخلوقات قد خلقت نفسها ، ولا يمكن أن يكون هذا المخلوق مخلوقا من مخلوق غيره، إذ لن تنتهي حينئذ هذه السلسلة، فلم يبق إلا أن ينتهي الأمر عند خالق مؤثر أول، هو خالق غير مخلوق، مؤثر غير متأثر، مخالف المخلوقاته في وجوده وفي ذاته وفي أسمائه وصفاته، وهو الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وهذا المعنى هو المذكور في قوله تعالى : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور: ٣٥ . وذكر الدليل بصيغة استفهام الإنكار؛ لبيان أن هذه القضية بديهية مستقرة في النفوس، لا يمكن لأحد إنكارها . فلو ضُرب صبي ضربة، فقال: من ضربني؟ فقيل له: لم يضربك أحدا فإن هذا الطفل لن يصدق أن الضربة حدثت من غير فاعل فعل هذا الضرب . (۳) ولقد حاول النمرود قديمًا أن يصف نفسه بأنه الخالق المدير المتصرف في هذا الكون، وناظره نبي الله إبراهيم العليا في لحظة عاجلة .. لا تستحق دعوى النمرود أكثر من ذلك: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَ إِبْرَاهِمَ فِي رَبِّهِ أَنْ ءَاتَلَهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِ، وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: ٢٥٨). - دليل الإحكام والإتقان والتقدير هذا الدليل يعني أن كل ما في المخلوقات من إحكام وإتقان وتقدير يدل على وجود الخالق سبحانه وتعالى، من خلال مقدمتين ضروريتين المقدمة الأولى: أننا نشاهد الأشياء من حولنا محكمة الصنع، متقنة النظام، متناسقة الوظائف، متراتبة الحركات، وهذا الإحكام والإتقان معلوم بالحس والمشاهدة. المقدمة الثانية: أن هذا الإتقان والإحكام لا يمكن أن يكون صدفة، ولا لأمر يعود إلى طبيعة المخلوقات، فلم يبق إلا أن تكون مقتضى إتقان الخبير القدير سبحانه وتعالى. وهذا الاستدلال هو مفهوم قول الله تعالى: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: ١٨ وقوله تعالى: وَالَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: ١٧ . وكلما تعرفنا على شيء من إحكام خلق الإنسان قادنا هذا إلى الإيمان بالخالق الموجد، واشتدت ضرورتنا للإيمان به؛ فهل يمكن لقائل أن يقول إن هذا الإحكام والإتقان كان صدفة؟ بل كيف إذا علمنا أوجه الإحكام والإتقان في خلق هذه الحيوانات المختلفة والنباتات المتنوعة والجبال الشاهقة والطيور المحلقة وغيرها ، كلها تسير في خلق عجيب، وإحكام دقيق، يعجز الإنسان عن تصوره وفهمه فضلا عن إيجاده وخلقه. لقد خلق الله تعالى كل شيء بمقدار وميزان وترتيب يتلاءم مع مكانه وزمانه، ويتناسق مع غيره، وفق توازن شامل، وتكامل عجيب، وقدر لكل شيء هيئة مخصوصة يتحقق فيها الانتظام وينتفي الاضطراب والتناقض. دليل الهداية هدى الله تعالى جميع المخلوقات لما خلقت له من غايات، وهذه الهداية لا تختص بالمخلوقات التي لها إرادة كالإنسان، وإنما هي عامة لكل مخلوق. وهذا الدليل قد استدل به موسى العليا في محاورته لفرعون، فقال: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ، ثُمَّ هَدَى [طه: 10؛ فإعطاء الخلق: إيجادهم في الخارج، وهدايتهم دلالتهم إلى سبيل بقائهم. ## الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته الحسنى الإيمان بأسماء الله وصفاته يعني التصديق والإقرار الجازم بما أثبته الله لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات العلى، أو أثبته له رسوله ، دون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. ## أدلة الإيمان بأسماء الله وصفاته الإيمان بأسماء الله وصفاته يبنى على قواعد هي: **أولاً : إثبات ما أثبته الله عل لنفسه في كتابه أو سنة رسوله من الأسماء والصفات.** ودليل هذه القاعدة: أن الله هو الأعلم بذاته وصفاته، وأن الرسول ﷺ هو أعلم الخلق بالله، لذا يجب على العبد إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، أو أثبته له رسوله ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله . ومثال ذلك: إثبات اسم السميع البصير ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ونفي الظلم عن الله إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [النساء: ٤٠) **ثانيا: إثبات أن أسماء الله تتضمن الصفات؛ وأن لكل اسم صفة تدل عليه.** ودليل هذه القاعدة: أن الله وصف أسماءه بأنها حسنى، وأمر عباده أن يدعى بها ، وذلك يستلزم إثبات الصفة التي تضمنها الاسم ، قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠). فإذا علمنا أن من أسماء الله تعالى (الرحيم) كان معنى ذلك أن الله متصف بالرحمة وهذه المعاني لها أثرها على العبد، فإذا علم العبد أن من أسماء الله تعالى الرحيم، وأن هذا الاسم يتضمن إثبات صفة الرحمة الله تعالى؛ كان لذلك أثر على العبد، فإنه لا يقنط من رحمة الله حين يذنب ذنبا أو يفعل معصية؛ بل يستشعر رحمة الله تعالى ويبادر إلى التوبة والاستغفار، ولو قلنا إن أسماء الله لا تدل على الصفة، فمعنى ذلك أن أسماء الله عبارة عن ألفاظ لا معنى لها ، وأن هذه الأسماء ليس لها أثر على سلوك العبد وإيمانه. **ثالثا : إثبات الأسماء الله تعالى وما تضمنته من صفات على الوجه اللائق به.** ودليل هذه القاعدة: أن الله له المثل الأعلى، وهذا يستلزم إثبات كل صفة متضمنة في كل اسم من أسماء الله على الوجه اللائق به سبحانه، وهو أعلى وأكمل الوجوه. قال الله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [النحل : ١٦٠. والمراد بالمثل الأعلى: الوصف الأعلى والأكمل والأفضل. **رابعا : إثبات الأسماء لله وما تضمنته من صفات من غير تحريف ولا تعطيل لها .** ودليل هذه القاعدة: أن الله قد نهى عن الإلحاد في أسمائه، والإلحاد فيها هو تعطيلها وتحريفها، وهذا يستلزم إثبات أسمائه دون تحريف ولا تعطيل. قال الله تعالى: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَتَبِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعرافة ١٨٠). والمراد بالتعطيل هو نفي أسماء الله وصفاته، فمن زعم أن الله تعالى ليس له أسماء ولا صفات، فقد كذب الله ورسوله : لأن الله قد أثبت لنفسه الأسماء والصفات، وأثبتها له الرسول . والمراد بالتحريف هو نفي المعنى الحق، وتفسير النص الشرعي بالمعنى الباطل، كتحريف معنى استوى» في قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 0] بـ«استولى». **خامسا: إثبات الأسماء الله تعالى وما تضمنته من صفات من غير تكييف أو تمثيل لها .** ودليل هذه القاعدة: أن الله قد تنزه عن أن يحيط به أحد علما، وتنزه عن المثل والنظير سبحانه ، وهذا يستلزم إثبات كل صفة دون تكييف. قال الله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (طه: 110]. وإثبات كل صفة دون تشبيه أو تمثيل بشيء من خلقه. قال الله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (الإخلاص :١٤ ، وقال الله تعالى: ﴿وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11]. ## الإيمان بتوحيد العبادة وأدلته توحيد العبادة هو إفراد الله بجميع العبادات بأنواعها، وأن لا يشرك العبد مع ربه أحدا. ## أدلة الإيمان بتوحيد العبادة **أولا - إثبات الربوبية يستلزم توحيد العبادة:** إذا عرف العبد بأن الله تعالى هو الخالق المدبر الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وعرف أن غيره لو اجتمعوا على أن يخلقوا ذبابة ما قدروا على شيء، فإن قلبه يتجه إلى خالقه وربه سبحانه، معرضا عن عبادة كل ما عداه، لأن الله وحده هو المتفرد بالخلق والرزق والتدبير، فكان عندئذ هو المتفرد باستحقاق العبادة سبحانه. وقد جاء هذا الاستدلال في عدد من آيات القرآن الكريم، ومنها: 1- قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِى رَبَّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: ١٦٤]. وهذا استفهام إنكاري أن يتخذ غير الله ربا ، لأنه سبحانه رب كل شيء. -- قال الله تعالى: ﴿رَّبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَأَصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ وَ سَمِيًّا ﴾ [مريم : 10] . وممن استدل بهذا الدليل قبل نبينا محمد نبي الله إبراهيم عليهما جميعا أفضل الصلاة والتسليم؛ حيث قال لقومه : ﴿قَالَ أَفَرَهَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴾ [الشعراء - 1 . **ثانيا - كمال الله تعالى يستلزم توحيد العبادة** وخلاصة هذا الاستدلال أن العبد إذا عرف أن الله سبحانه هو المتصف بصفات الكمال والجلال والجمال اقتضى هذا أن يعبده وحده لا شريك له. وقد جاء هذا الاستدلال في عدد من آيات القرآن الكريم، منها آية الكرسي، قال الله تعالى: ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة : ٢00-٢٥٦]. E وآية الكرسي بين الله فيها صفات جلاله وكماله، ثم أعقبها بقوله سبحانه: فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنُ بِاللهِ﴾ [البقرة: ٢٥٦) وهذا هو معنى توحيد العبادة. **ثالثًا - تجرد الشركاء من صفات الربوبية يستلزم توحيد الله بالعبادة:** وخلاصة هذا الاستدلال أن العبد إذا عرف أن الشركاء من دون الله متجردون عن صفات الربوبية التي هي الخلق والرزق والإحياء والإماتة، فإنه لا يصرف لهم حينئذ من العبادة شيئا؛ لأن المتجرد عن صفات الربوبية لا يستحق أن يُعبد ، فيبقى أن المستحق للعبادة هو الله وحده. وقد جاء هذا الاستدلال في عدد من آيات القرآن الكريم، ومنها: 1 - قال الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ عَالِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْا وَهُمْ يُخْلَقُونَ الفرقان : ٣] . ٢- قال الله تعالى: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ، بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ القمان: 11]. وهذا أدل شيء على بطلان كل آلهة تعبد من دون الله، فإنهم إن زعموا أن آلهتهم قد خلقت شيئا طولبوا بإظهاره، وإن لم يظهروه كانت باطلا . **رابعا - وصف الشركاء بالنقص يستلزم توحيد الله بالعبادة** وخلاصة هذا الاستدلال أن العبد إذا عرف أن ما سوى الله تعالى متصف بالنقص والقصور والفناء والفقر، فإنه لا يصرف له حينئذ من العبادة شيئا ؛ لأن الناقص بطبيعة الحال لا يستحق أن يُعبد، فيبقى أن المستحق للعبادة هو الله وحده. وقد جاء هذا الاستدلال في عدد من آيات القرآن الكريم، ومنها: ١- قال الله تعالى: ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ [فاطر: ١١٤ . وممن استدل بهذا الدليل نبي الله إبراهيم ال ، قال: ﴿يَابَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيَا [مريم: ٤٢] . ## ثمرات الإيمان بالله للإيمان بالله ثمرات جليلة، وفوائد جمة، وفضائل كثيرة منها : - دخول الجنة والنجاة من النار : قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَرُ (محمد (١٢). - تحقق الأمن التام والاهتداء التام، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَنَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُهْتَدُونَ ) الأنعام: لهم الأمن يوم القيامة من عذاب الله، وهم مهتدون ) أي: حصلت لهم الهداية إلى الصراط المستقيم، وسلكوا طريق النجاة. - حلول الخير ونزول البركة، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَةٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف (197). - الفوز بولاية الله ، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد . مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا أي: وليهم وناصرهم ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلى لَهُم معناه: لا ناصر لهم . (٤٢) الرفعة والعلو، قال تعالى يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَة [المجادلة: (1). فإن من آمن بالله، وتواضع لأمر الله رفع الله قدره في الدنيا، ونشر ذكره، وأعلى منزلته في الجنة. # أنشطة الوحدة 1- أتقن الله تعالى خلق المخلوقات وهداها لما خلقت له ، والأمثلة في هذا كثيرة تحدث عن عظمة خلق الله مستدلا بمثال لأحد مخلوقاته في الكون؟ - هل دعوت الله تعالى بيقين وتحقق لك الدعاء ؟ تحدث عن قصتك أو قصة حدثت القريب أو صديق لك في سطور لنستفيد منها. لماذا كان إبليس كافرا مع أنه مصدق بوجود الله بل إنه خاطب الله بقوله (أنظرني إلى يوم يبعثون ؟ - ما هي الأسباب التي جعلت بعض الناس لا يعبد الله أو يشرك مع الله مع علمهم وتصديقهم بأن الله هو الخالق؟ مع بيان نماذج لهذا؟ ==End of OCR for page 12==