محاضرات في حقوق اإلنسان والفساد PDF

Summary

هذه المحاضرات تُناقش حقوق الإنسان والفساد، وتركز على المواطنة، وتقدم فهرسًا للمحتويات، وتشرح حقوق الإنسان في مختلف المراحل التاريخية. بعض الحقوق المذكورة تشمل الحق في الحياة والحرية والمساواة.

Full Transcript

‫محاضرات في‬ ‫حقوق اإلنسان والفساد‬ ‫الشعبة ‪/‬جميع الشعب‬ ‫الفرقة ‪ /‬األولـــى‬ ‫إعداد‬ ‫د ‪ /‬ليلى توفيق‬ ‫‪2024/2023‬م‬ ‫‪1‬‬ ‫رؤية كلية التربية جامعة ‪...

‫محاضرات في‬ ‫حقوق اإلنسان والفساد‬ ‫الشعبة ‪/‬جميع الشعب‬ ‫الفرقة ‪ /‬األولـــى‬ ‫إعداد‬ ‫د ‪ /‬ليلى توفيق‬ ‫‪2024/2023‬م‬ ‫‪1‬‬ ‫رؤية كلية التربية جامعة ‪ 6‬أكتوبر‬ ‫أن تكون كلية التربية جامعة ‪ 6‬أكتوبر من القمم التربوية تعليميًا‪،‬‬ ‫وبحثيًا‪ ،‬ومجتمعيًا ‪ ،‬محليًا وعربيًا‬ ‫رسالة كلية التربية جامعة ‪ 6‬أكتوبر‬ ‫تلتزم كلية التربية جامعة ‪ 6‬أكتوبر بتخريج معلمين قادرين على تلبية‬ ‫متطلبات سوق العمل‪ ،‬وإنتاج بحوث علمية تنافسية تبعا للمعايير‬ ‫القومية‪ ،‬وتقديم خدمات مجتمعية متميزة فى إطار من القيم البحثية‬ ‫واألخالقيات المجتمعية‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫فهـــــرس الـمحـتـويــــــات‬ ‫الصفحة‬ ‫الموض ـ ـ ـ ـ ـ ــوع‬ ‫مقدمة‬ ‫▪‬ ‫▪ فهرس المحتويات‬ ‫▪ المحاضرة األولى‪ :‬المواطنة‪:‬‬ ‫‪ o‬حقوق اإلنسان‬ ‫‪ o‬تعريف حقوق اإلنسان‬ ‫‪ o‬أهمية حقوق اإلنسان‬ ‫‪ o‬خصائص حقوق اإلنسان‬ ‫ حقوق غير قابلة للتجزية‬ ‫ حقوق متساوية وغير تمييزية‬ ‫‪ o‬حقوق اإلنسان في الحضارة المصرية القديمة‬ ‫‪ o‬حقوق اإلنسان في العصور الوسطى‬ ‫‪ o‬في الشرايع السماوية‪( :‬الديانة اليهودية – الديانة‬ ‫المسيحية – اإلسالم)‬ ‫‪ o‬حقوق اإلنسان في العصور الحديثة‬ ‫▪ المحاضرة الثانية‪ :‬العناصر األساسية للمواطنة‪:‬‬ ‫‪ o‬العنصر المدني – العنصر السياسي – العنصر‬ ‫االجتماعي‬ ‫‪ o‬مفهوم حقوق اإلنسان‬ ‫‪ o‬دور األمم المتحدة في صيانة حقوق اإلنسان‬ ‫‪ o‬المعاهدات‪ :‬الجمعية العامة لألمم المتحدة‬ ‫‪ o‬عصر التشريعات‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ o‬حقوق اإلنسان في القوانين‬ ‫‪ o‬التدابير التجارية والدبلوماسية‬ ‫‪ o‬اإلغاثات والمساعدات‬ ‫‪ o‬حفظ السالم‬ ‫‪ o‬محاكم جرائم الحرب‬ ‫▪ المحاضرة الثالثة‪ :‬حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫‪.1 o‬حق الحياة‬ ‫‪.2 o‬حق الحرية‬ ‫‪.3 o‬حق المساواة‬ ‫‪.4 o‬حق العدالة‬ ‫‪.5 o‬حق الفردى في محاكمة عادلة‬ ‫‪.6 o‬حق الحماية من تعسف السلطة‬ ‫‪.7 o‬حق الحماية من التعذيب‬ ‫‪.8 o‬حق الفرد في حماية عرضه وسمعته‬ ‫‪.9 o‬حق اللجوء‬ ‫‪.10 o‬حقوق األقليات‬ ‫‪.11 o‬حق المشاركة في الحياة العامة‬ ‫▪ المحاضرة الرابعة‪ :‬حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫‪.12 o‬حق حرية التفكير واالعتقاد والتعبير‬ ‫‪.13 o‬حق الحرية الدينية‬ ‫‪.14 o‬حق الدعوة والبالغ‬ ‫‪.15 o‬الحقوق االقتصادية‬ ‫‪.16 o‬حق حماية الملكية‬ ‫‪.17 o‬حق العمل وواجبه‬ ‫‪.18 o‬حق الفرد في كفايته من مقومات الحياة‬ ‫‪.19 o‬حق بناء األسرة‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.20 o‬حقوق الزوجة‬ ‫‪.21 o‬حق التربية‬ ‫‪.22 o‬حق الفرد في حماية خصوصياته‬ ‫‪.23 o‬حق حرية االرتحال واإلقامة‬ ‫▪ المحاضرة الخامسة‪ :‬أنواع حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫‪ o‬أ) الحقوق األساسية وغير األساسية‬ ‫‪ o‬ب) الحقوق الفردية والحقوق الجماعية‬ ‫‪ o‬تصنيف الحقوق الجماعية‪:‬‬ ‫ أواال‪ :‬الحقوق المدنية والسياسية‬ ‫ثانيا‪ :‬الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬ ‫ ا‬ ‫ ثالثاا‪ :‬الحقوق البيئية والثقافية والتنموية‬ ‫‪ o‬اتفاقيات حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫ أواال‪ :‬اتفاقية حقوق الطفل‬ ‫ثانيا‪ :‬اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة‬ ‫ ا‬ ‫ ثالثاا‪ :‬اتفاقية مناهضة التعذيب‬ ‫ابعا‪ :‬االتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال‬ ‫ را‬ ‫المهاجرين وأفراد أسرهم‬ ‫‪ o‬منظمات حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫ أواال‪ :‬منظمة العفو الدولية‬ ‫ثانيا‪ :‬منظمة مراقبة حقوق اإلنسان‬ ‫ ا‬ ‫ ثالثاا‪ :‬منظمة مدافعون عن الحقوق المدنية‬ ‫ابعا‪ :‬منظمة بال حدود‬ ‫ را‬ ‫خامسا‪ :‬منظمة أطباء من أجل حقوق اإلنسان‬ ‫ا‬ ‫ ‬ ‫سادسا‪ :‬المنظمة الدولية لمناهضة العبودية‬ ‫ا‬ ‫ ‬ ‫سابعا‪ :‬منظمة الحقوق العالمية‬ ‫ا‬ ‫ ‬ ‫‪5‬‬ ‫▪ المحاضرة السادسة‪ :‬واجبات والتزامات األفراد في المجتمع‬ ‫‪ o‬الوالء للوطن‬ ‫‪ o‬المشاركة في الحياة العامة‬ ‫‪ o‬خصائص المواطنة‬ ‫‪ o‬أهمية المواطنة‬ ‫‪ o‬التربية الوطنية‬ ‫‪ o‬المواطنة العالمية في المناهج الدراسية‬ ‫‪ o‬المواطنة العالمية وثقافة المقاطعة والمواجهة‬ ‫‪ o‬ثقافة المواطنة العالمية‬ ‫▪ المحاضرة السابعة‪ :‬الفساد‪:‬‬ ‫ مفهوم الفساد‬ ‫ تعريف الفساد‬ ‫ أنواع الفساد‬ ‫▪ المحاضرة الثامنة‪ :‬الفساد اإلداري‪:‬‬ ‫‪ o‬مفهوم الفساد اإلداري‬ ‫‪ o‬مظاهر الفساد اإلداري‬ ‫▪ المحاضرة التاسعة‪ :‬تنظيم حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫‪ o‬تنظيم حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمي‬ ‫‪ o‬الجهود اإلقليمية لمكافحة الفساد‬ ‫▪ المحاضرة العاشرة‪ :‬آثار الفساد‪:‬‬ ‫‪ o‬مظاهر الفساد‬ ‫‪ o‬مبادرات القضاء على الفساد‬ ‫‪6‬‬ ‫محاضرة ‪1‬‬ ‫المواطنة‪(citizenship) :‬‬ ‫تعني الفرد الذي يتمتع بعضوية بلد ما‪ ،‬وفي معناها السياسي‪ ،‬تشير المواطنة إلى الحقوق التي‬ ‫تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها‪ ،‬وااللتزامات التي تفرضها عليه؛ أو قد تعني مشاركة الفرد في‬ ‫أمور وطنه‪ ،‬وما يشعره باالنتماء إليه‪.‬ومن المنظور االقتصادي االجتماعي‪ ،‬يقصد بالمواطنة‬ ‫إشباع الحاجات األساسية لألفراد‪ ،‬بحيث ال تشغلهم هموم الذات عن أمور الصالح العام‪ ،‬وفضالا‬ ‫عن التفاف الناس حول مصالح وغايات مشتركة‪ ،‬بما يؤسس للتعاون والتكامل والعمل الجماعي‬ ‫حقوق االنسان‪:‬‬ ‫تعتبر حقوق اإلنسان حقوق طبيعية وغريزية تولد مع والدة اإلنسان فقد كرستها واعترفت بها كل‬ ‫األديان السماوية والدول والمنظمات‪...‬في العصر الحديث‪ ،‬فهي تمس بصيفه مباشرة جوهر‬ ‫اإلنسان في كرامته‪.‬‬ ‫والحديث عن حقوق اإلنسان حديث قديم متجدد‪ ،‬فهي موجودة مع وجود اإلنسان وباقية على وجه‬ ‫األرض‪ ،‬وهي نابعة من االحترام المتبادل بين اإلنسان وأخيه اإلنسان‪ ،‬وكان اإلسالم سباق ا في‬ ‫تثبيت الحقوق األساسية لإلنسان باعتباره كائن كرمه هللا بالعقل واصطفاه على سائر خلقه‪ ،‬وجعله‬ ‫سيدا في األرض وأمده بالوحي السماوي وأرسل له األنبياء وأنزل عليه الكتب ليسير على الصراط‬ ‫المستقيم‪ ،‬وشرع له األحكام لبيان الحقوق‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫تعريف حقوق اإلنسان‪(Human rights):‬‬ ‫الحقوق المكتسبة لكل إنسان على وجه األرض بال تحيز أو تمييز‪ ،‬وبغض النظر عن عرفه‪ ،‬أو‬ ‫جنسيته‪ ،‬أو جنسه‪ ،‬أو لغته‪ ،‬أو دينه‪ ،‬وبذلك يحق لكل فرد في العالم بأن يتمتع بالحقوق الخاصة‬ ‫به دون أي مساس بها بما يضمن له العيش بكرامة ومساواة‪ ،‬وتتمثل حقوق اإلنسان في مجاالت‬ ‫عديدة أولها الحرية؛ كحرية المعتنق وحرية الرأي والتعبير‪ ،‬والحماية من االستعباد والتعذيب‪ ،‬وحق‬ ‫الحياة‪ ،‬وحق العمل والتعلم‪ ،‬وحق الحماية‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذه الحقوق تعد مكتسبة لكل‬ ‫فرد في أي مكان في العالم؛ ويتم المطالبة بها تلقائيا من قبل الجهات المسئولة أو المكلفين بالقيام‬ ‫بها‪.‬‬ ‫ويقال انه ليس هناك اتفاق على مصطلح واحد لحقوق اإلنسان‪ ،‬بل هناك مصطلحات عدة تستخدم‬ ‫للداللة عليها‪ ،‬منها‪" :‬حقوق اإلنسان"‪" ،‬الحقوق اإلنسانية"‪" ،‬حقوق الشخصية اإلنسانية"‪ ،‬ولكن‬ ‫أكثر المصطلحات شيوعا منذ القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا‪ ،‬هو مصطلح "حقوق اإلنسان"‪،‬‬ ‫كما اختلف الباحثون في تعريفاتهم لحق اإلنسان فنجد تعريف السيد فودة لحقوق اإلنسان بأنها‪:‬‬ ‫"تلك الحقوق التي يتمتع بها اإلنسان‪ ،‬لمجرد كونه إنسان‪ ،‬وهذه الحقوق يعترف بها لإلنسان‬ ‫بصرف النظر عن جنسيته أو ديانته أو أصله العرقي أو القومي أو وضعه االجتماعي أو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وهي حقوق طبيعية يملكها اإلنسان حتى قبل أن يكون عضوا في مجتمع معين"‪.‬‬ ‫وعرفتها ليا ليفين ‪ Leah Levin‬بأنها "مطالب أخالقية أصيلة وغير قابلة للتصرف مكفولة لجميع‬ ‫بني البشر بفضل إنسانيتهم وحدها‪ ،‬فصلت وصيغت هذه الحقوق فيما يعرف اليوم بحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وجرت ترجمتها بصيغة الحقوق القانونية وتأسست وفق ا لقواعد صناعة القوانين في المجتمعات‬ ‫الوطنية والدولية‪ ،‬وتعتمد هذه الحقوق على موافقة المحكومين بما يعني موافقة المستهدفين بهذه‬ ‫الحقوق"‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫كما عرفها جابرال الروي بأنها‪" :‬الحقوق التي تهدف إلى ضمان وحماية معنى اإلنسانية في‬ ‫مختلف المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية"‪.‬‬ ‫أهمية حقوق االنسان‪:‬‬ ‫تكمن أهمية حقوق اإلنسان في كونها تضمن الحد األدنى والضروري لعيش اإلنسان بكرامة سواء‬ ‫على مستوى حاجاته األساسية؛ كالطعام‪ ،‬والمسكن‪ ،‬والتّعلم؛ الذي يقود به إلى االستفادة من‬ ‫الفرص المتاحة له‪ ،‬أو على مستوى حرياته؛ كحرية اختيار أسلوب الحياة‪ ،‬وحرية التعبير‪ ،‬وحرية‬ ‫اختيار التوجهات السياسية التي يرغب الفرد بدعمها‪ ،‬وبذلك يضمن تأمين كل تلك الحريات لألفراد‬ ‫الحماية من االعتداء واالضطهاد من قبل أي جهة أقوى أو أعلى سلطة منهم‪.‬‬ ‫خصائص حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫يوجد لحقوق اإلنسان خصائص عدة يبين اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -‬أبرزها (الحقوق عالمية وغير قابلة للتصرف)‪ :‬يعد هذا المبدأ بمثابة حجر األساس في‬ ‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد ظهر ألول مرة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬ ‫في عام ‪1948‬م؛ الذي وافقت جميع الدول على معاهدة واحدة على األقل من المعاهدات‬ ‫الرئيسية التي تتعلق بحقوق اإلنسان الواردة فيه‪ ،‬كما وافقت حوالي ‪ %80‬من الدول على‬ ‫‪ 4‬معاهدات أو أكثر‪ ،‬وتتميز حقوق اإلنسان بأنها غير قابلة للتصرف‪ ،‬وال يمكن سحبها‬ ‫من اإلنسان إال في ظروف معينة؛ كتقييد حق حرية الشخص نتيجة اكتشاف المحكمة‬ ‫القضائية بأنه مذنب وقد ارتكب جريمة من نوع ما‪.‬‬ ‫‪( -‬الحقوق غير قابلة للتجزئة)‪ :‬تُعد جميع حقوق اإلنسان غير قابلة للتجزئة‪ ،‬سواء كانت‬ ‫هذه الحقوق مدنية أو سياسية؛ كالحق في المساواة أمام القانون‪ ،‬أو الحق في حرية التعبير‪،‬‬ ‫‪9‬‬ ‫أو حقوقا اقتصادية واجتماعية وثقافية؛ كالحق في حرية في العمل‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والضمان‬ ‫االجتماعي‪ ،‬أو حقوق ا جماعية؛ كالحق في تقرير المصير‪.‬‬ ‫‪( -‬الحقوق متساوية وغير تمييزية)‪ :‬ينطبق هذا المبدأ على جميع األشخاص والحريات؛‬ ‫فهو موجود في كل المعاهدات الرئيسية التي تتعلق بحقوق اإلنسان‪ ،‬ويتلخص هذا المبدأ‬ ‫بأن جميع الناس يولدون أحرار‪.‬‬ ‫حقوق االنسان في الحضارة المصرية القديمة‪:‬‬ ‫أخذت فكرة حقوق اإلنسان تتبلور منذ القرن الثامن عشر قبل الميالد وانتهاء به بظهور مقدونيا‬ ‫كقوة جديدة‪ ،‬حيث أستطاع اإلسكندر المقدوني أن يبني من خاللها إمبراطورية وصلت إلى أوج‬ ‫قوتها في العهد الهليني‪ ،‬وكانت معظم حقوق الناس في تلك الفترة تعد مباشرة من قبل السيد‬ ‫المال‪.‬‬ ‫ولقد ساهمت الحضارة الفرعونية التي تعد من أقدم الحضارات البشرية إن لم تكن أقدمها في‬ ‫تجسيد الفكر القانوني لحماية حقوق اإلنسان ويذهب المؤرخون إلى أن أول صفحات التاريخ‬ ‫البشري المكتوب بدأت في أراضي وادي النيل األدنى‪ ،‬مصر الفرعونية – حوالي ‪ 3300‬قبل‬ ‫الميالد‪ ،‬وذلك عندما اتخذت القرى الزراعية على طول النيل في مملكتين هما مصر العليا ومصر‬ ‫السفلى تحت حكم الفراعنة آنذاك‪ ،‬أخضع أهلها إلى قانون سماوي أسمه (ماعت)‪ ،‬وأن أهم الركائز‬ ‫التي كان يستند إليها هذا القانون هي مفاهيم الحق والعدل والصدق وبقي العمل بهذا القانون لفترة‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫ويذكر أيضا أنه أنشئ في عهد األسرة الثامنة عشر مجالس للبالد تحكم بالعدالة‪ ،‬وتنادي بضرورة‬ ‫تطبيق معايير العدالة‪ ،‬حيث صار من حق كل فرد ضمن حقوقه الدينية أن يحفظ جثته بعد‬ ‫موته‪ ،‬خاصة وأن التحنيط لم يكن من حقوق العامة‪ ،‬إذ تمارسه طبقة األمراء والملوك فقط‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ونرى أنه لمن المفيد في هذا السياق اإلشارة إلى أن (ثورة أخناتون)‪،‬تعد من أهم الثورات التي‬ ‫جاءت لتجسد معايير ومفاهيم حقوق اإلنسان في تلك الحقبة‪ ،‬حيث دعت إلى السالم والرحمة‬ ‫والتسامح ونبذ الحروب ونشر المساواة بين الناس في شؤونهم الدنيوية‪ ،‬كما دعت إلى تحقيق‬ ‫العدالة للجميع من دون تمييز‪ ،‬وألغت التقديس المبالغ به لألسرة المالكة وذلك بشكل أصبح‬ ‫بموجبه افراد العائلة المالكة كسائر أبناء الشعب من حيث المعاملة واإلمتيازات‪.‬‬ ‫كما أن أهم ما جاء في تعاليم الملك (حريكارع) أحد حكماء األسرة العاشرة الذي أوصى بإقامة‬ ‫العدل وضرورة الشعور من اآلخرين في محنهم‪ ،‬وفي هذا السياق تقول أحد التعاليم (أحتفظ بذكراك‬ ‫بين الناس‪ ،‬بحبهم فاإلنسان الذي يصل إلى األخرة من دون أن يرتكب خطيئة فإنه سوف يمكث‬ ‫هناك ويمشي مرحا مثل األرباب الخالدين) ونشير هنا إلى أن جميع األمثال المرتبطة بحقوق‬ ‫اإلنسان قام بتقديمها الحكماء المصريون في إطار التعليم والتربية قد كتبت على قطع من الخزف‬ ‫وشظايا من الحجر الجبري‪.‬‬ ‫حقوق االنسان في العصور الوسطي‪:‬‬ ‫تتميز هذه المرحلة بحدث هام ‪ ،‬وهو ظهور الشريعة اإلسالمية في ذلك العصر كانت تعيش‬ ‫أوضاعا خاصة أثرت على مسيرة حقوق اإلنسان‪ ،‬وهي نظرة الشرائع السماوية‪.‬‬ ‫في الشرائع السماوية‪:‬‬ ‫كرس األساس الديني لحقوق اإلنسان الكرامة اإلنسانية في الشرائع الدينية السماوية خاصة‬ ‫المسيحية واإلسالم‪ ،‬ولعبت التعاليم الدينية دو ار تاريخيا حاسما في إنشاء القواعد القانونية وتقدمها‪.‬‬ ‫غير أن هذه الديانات حرفت ولم يسلم من التحريف إال اإلسالم‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪ -1‬الديانة اليهودية‪:‬‬ ‫احترمت شريعة موسى عليه السالم اإلنسان ومنحته حقوقه األساسية‪ ،‬واحترمت األسرة وحقوقها‬ ‫في المجتمع العبري‪ ،‬غير أنها ميزت بين اليهودي والغريب ومن األمثلة عن هذا التمييز قضية‬ ‫الحرية واسترقاق البشر‪ ،‬فاليهود ال يسترقون ألنهم عبيد هللا الذين أخرجهم من مصر‪ ،‬فال يباعون‬ ‫بيع العبيد‪.‬وق د جاء في سفر الخروج أن هللا كلم موسى بقوله‪ ":‬إذا اشتريت عبدا عبرانيا فليخدم‬ ‫ست سنين وفي السنة السابعة ينصرف ح ار مجانا‪...‬وإن باع رجل ابنته أمة‪ ،‬فال تنصرف‬ ‫انصراف العبيد‪ ،‬و إن لم تعجب سيدها الذي أخذها لنفسه‪ ،‬فليدعها تفتدى وليس له أن يبيعها‬ ‫لقوم غرباء" أما غير اليهود فيجوز استرقاقهم بالحرب أو بالشراء و يعاملون بعنف‪.‬‬ ‫‪ -2‬الديانة المسيحية‪:‬‬ ‫ركزت الديانة المسيحية على كرامة اإلنسان وعلى المساواة بين جميع البشر باعتبارهم أبناء هللا‬ ‫وأوصى المسيح عليه السالم تالمذته أن يعاملوا الناس بمثل ما يحبون أن يعاملوهم به‪.‬فكانت‬ ‫دعوته خروجا عن العنصرية اليهودية‪ ،‬ووضعت أسسا لتقييد السلطة التي وجدت لخدمة اإلنسان‬ ‫قال يسوع لتالمذته‪":‬تعلمون أن الذين يعدون رؤساء األمم يسودونها‪ ،‬و أن أكابرها يتسلطون عليها‬ ‫فليس األمر فيكم كذلك‪ ،‬بل من أراد أن يكون كبي ار فيكم فليكن لكم خادما و قال أيضا ‪ " :‬أدوا‬ ‫لقيصر ما لقيصر‪ ،‬وما هلل هلل‪".‬‬ ‫لقد كانت المبادئ التي رسختها المسيحية ثروة متقدمة في مجتمع يبني عالقاته على القوة والتمايز‬ ‫الطبقي‪ ،‬فهي دعت إلى المحبة والتسامح بأرقى أشكاله اإلنسانية "أحبوا أعداءكم أحسنوا إلى‬ ‫مبغضيكم‪ ،‬من ضريك على خدك فاعرض له اآلخر أيضا" وقللت من قيمة ملكية األشياء‪،‬‬ ‫ورفضت النزاعات الناجمة عنها‪ ،‬ووعدت المضطهدين والمعذبين في األرض المؤمنين بقدسية‬ ‫العقيدة بعالم من نوع آخر غير العالم الذي يعرفونه آنفا ورسمت حدودا فاصلة بين ما هو ديني‬ ‫‪12‬‬ ‫وما هو دنيوي من أجل تنظيم المجتمع اإلنساني على أسس واضحة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالروابط‬ ‫بين الفرد والسلطة هذا اإليمان بوجوب خلق مجتمع تسوده العدالة و المساواة بين البشر ظهر‬ ‫جليا في سلوك الكنيسة الذي ترك انعكاسات أخالقية واضحة‪.‬‬ ‫وعلى المستوى العائلي أيدت الكنيسة بقوة التشريعات العائلية كتشجيع الزواج ومنع الزنا وتقوية‬ ‫الوحدة العائلية‪...‬الخ‪.‬‬ ‫أما على المستوى االقتصادی واالجتماعي أقامت الكنيسة على أراضيها حرف مهنية لتشغيل‬ ‫العاطلين عن العمل والمطرودين من أراضيهم‪ ،‬كذلك بناء المستشفيات للمرضى والعاجزين‬ ‫ودوراأليتام والمشردين كما بذلت جهود لتحرير العبيد وعتقهم حيث أعطت الكنيسة قيمة إجتماعية‬ ‫كبيرة للعمل‪ ،‬حيث عملت على إصدار تشريع يجعل من مسألة العمل في حد ذاتها المدخل‬ ‫األساسي لإلرتقاء إلى المناصب األخرى‪ ،‬فأصبح العمل مأجو ار والحوادث الناجمة عنه يجب أن‬ ‫يتحملها رب العمل و ليس العامل‪.‬غير أن اإلمبراطورية الرومانية كرست المسيحية لصالح‬ ‫األباطرة ورجال الدين فاستعبدوا الشعوب وانتهكوا حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ -3‬اإلسالم‪:‬‬ ‫لقد جاء اإلسالم إلقرار الحقوق والحريات العامة وكفالتها للجميع‪ ،‬بدون أي تمييز بسبب الجنس‬ ‫أو اللون أو العقيدة أو الوضع االجتماعي أو االقتصادي‪.‬‬ ‫إن حقوق اإلنسان التي يقرها اإلسالم هي حقوق أزلية ال غنى عنها وتتميز بأنها منح إلهية‪ ،‬ولقد‬ ‫وفقت الشريعة اإلسالمية بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية توفيقا ال تعارض فيه‪ ،‬فال إفراط‬ ‫في حقوق الفرد على حساب الجماعة‪ ،‬وال في حقوق الجماعة على حساب حقوق الفرد‪ ،‬فقد اعتمد‬ ‫اإلسالم مجموعة من المبادئ لتكوين أساس المجتمع اإلنساني‪ :‬المساواة‪ ،‬العدل‪ ،‬الحرية‪ ،‬وقد جاء‬ ‫في اإلسالم خصوصا التركيز عل التكريم اإللهي لإلنسان بجعله أساس الحياة كما جاء في القرآن‬ ‫‪13‬‬ ‫"ولقد كرمنا بني آدم"‪ ،‬وفي الحديث النبوي (في خطبة الوداع)‪" :‬أيها الناس إن ربكم واحد‪ ،‬وإن‬ ‫أباكم واحد‪ ،‬ال فضل لعربي على أعجمي ‪ ،‬وال ألعجمي على عربي و ال ألسود على أحمر وال‬ ‫ألحمر على أسود إال بالتقوى‪ ،‬أال هل بلغت"‪.‬‬ ‫والخالصة أن اإلسالم يهدف أساسا لحماية ما يسمى بالكليات الخمس‪ ،‬والمتمثلة في حفظ (الدين‪،‬‬ ‫النسل‪ ،‬العرض‪ ،‬المال‪ ،‬العقل) وهي مدار حقوق اإلنسان في أقسامها مجتمعة (الحقوق المدنية‬ ‫والسياسية واالجتماعية والثقافية)‪.‬‬ ‫حقوق اإلنسان في العصور الحديثة‪:‬‬ ‫شهدت حقوق اإلنسان في بداية العصر الحديث نقلة نوعية‪ ،‬ونهضة كبيرة؛ حيث أدت العديد من‬ ‫العوامل إلى صدور عدد من التشريعات‪ ،‬والمواثيق التي أقرت‪ ،‬وكرست حقوق اإلنسان؛ ففي‬ ‫عصر الملك (شارل األول)‪ ،‬تم إصدار ما يعرف بعريضة الحقوق ‪ ،1628‬وتمثل هذه العريضة‬ ‫مذكرة تفصيلية لحقوق البرلمان التاريخية‪ ،‬والتذكير بالحقوق التقليدية للمواطنين‪ ،‬ومن المبادئ‬ ‫التي أقرتها هذه العريضة‪ ،‬المبدأ اآلتي‪" :‬ال يجبر أحد على دفع أية ضريبة‪ ،‬أو تقديم أية هبة‪،‬‬ ‫أو عطاء مجاني ّإال بقرار من البرلمان"‪ ،‬باإلضافة إلى وفي اآلونة األخيرة‪ ،‬دخلت حقوق اإلنسان‬ ‫العديد من القوانين‪ ،‬والشرائع التي تقر حقوق اإلنسان‪ ،‬وتضمنها عهدا جديدا ومرحلة متطورة على‬ ‫مستوى العالم ككل وليس على مستوى الدولة الوحيدة‪ ،‬وذلك بعد االنتهاء من الحرب العالمية‬ ‫األولى والثانية‪ ،‬وبعد تأسيس عصبة األمم التي يحتوي ميثاقها على بعض البنود التي تخص‬ ‫حقوق اإلنسان وتكفلها لهم‪ ،‬وفي عام ‪1948‬م تم اإلعالن عن ميثاق األمم المتحدة والذي كان‬ ‫من ضمنه إعالن ا لمبادئ وحقوق اإلنسان وإلزام الدول الموقعة على هذا الميثاق باحترام حقوق‬ ‫اإلنسان ومعاقبة كل من يعتبر منتهكا لها‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫محاضرة ‪2‬‬ ‫حقوق اإلنسان في القوانين‪:‬‬ ‫تكفل القوانين وتضمن األنظمة التشريعية في معظم بالد العالم صيانة حقوق اإلنسان وعلى الرغم‬ ‫من ذلك فإن هذه األنظمة ال تكون دائما فعالة وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق اإلنسان‬ ‫إال أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها فمنظمة‬ ‫األمم المتحدة التي تعمل للمحافظة على األمن والسالم الدوليين قد سنت معظم القوانين الدولية‬ ‫التي تقر حقوق اإلنسان وتكفل صيانتها ويذكر أن كافة دول العالم المستقلة تقريبا لها مقاعد‬ ‫باألمم المتحدة وأيضا تقوم األمم المتحدة وبعض المنظمات األخرى بالكشف عن انتهاكات حقوق‬ ‫اإلنسان حول العالم وتعمل على وقف هذه االنتهاكات ومن الوسائل التي ساعدت على نشر‬ ‫الوعي بحقوق اإلنسان في جميع أنحاء العالم هي العولمة والتي تعني ببساطة تواصل المجتمعات‬ ‫البشرية ببعضها البعض من خالل تفاعل الثقافات والتجارة ووسائل اإلعالم كالصحف وشبكات‬ ‫اإلنترنت والتلفاز‪.‬‬ ‫التدابير التجارية والدبلوماسية‪:‬‬ ‫تنتهك بعض الحكومات بانتظام ومع سبق اإلصرار حقوق اإلنسان وقد ترفض هذه الحكومات‬ ‫التعاون مع جهود األمم المتحدة الدبلوماسية لضمان صيانة هذه الحقوق‪.‬عندها تبادر األمم‬ ‫المتحدة وتوصي بفرض عقوبات على الدولة اآلثمة‪ ،‬إال أن ذلك لم يحدث إال في حاالت قليلة‬ ‫جدا أو خالل فترة العقوبات تحظر الدولة األخرى القيام بأي نشاط تجاري مع هذا البلد وتقطع‬ ‫عالقاتها الدبلوماسية معه‪.‬وغالبا ما تكون العقوبات رادعة وفعالة إال أن أثرها يأخذ وقتا طويال‬ ‫ففي عام ‪1962‬م أوصت األمم المتحدة بفرض عقوبات على النظام العنصري في جنوب أفريقيا‬ ‫جراء تبنيه سياسة الفصل العنصري أو االبارتيد‪.‬وفي عام ‪1991‬م وبعد سنوات طويلة من‬ ‫‪15‬‬ ‫العقوبات وغيرها من الضغوط ألغت حكومة إفريقيا قوانين االبارتيد وقد وجهت انتقادات حادة‬ ‫لسياسة فرض العقوبات ألنها تجر الويالت على الشعوب دون تحقيق التغييرات الجوهرية المنشودة‬ ‫من جانب الحكومة المعنية‪.‬‬ ‫الرقابة‪:‬‬ ‫تراقب لجان دولية تابعة لألمم المتحدة تعرف باسم (هيئات المعاهدة) تنفيذ معاهدات حقوق‬ ‫اإلنسان وإذا ساور األمم المتحدة شك وحدث انتهاك لحقوق اإلنسان فإنها تعمل على تعيين فريق‬ ‫أو شخصية ؟؟؟ األمن وتلزمه بتقديم تقرير بشأن هذا األمر وقد كشفت تقارير األمم المتحدة عن‬ ‫مشاكل معينة تطلب ممارسة ضغوط على كل مكون‪ ،‬حتى ترضخ وتقوم بحل هذه المشكلة‬ ‫بمساعدة األمم المتحدة‪.‬‬ ‫اإلغاثة والمساعدات األخرى‪:‬‬ ‫تعجز بعض الدول أحيانا عن تقديم ما يكفل حقوق اإلنسان األساسية لمواطنيها فتعمل األمم‬ ‫المتحدة على تزويدهم بالغذاء والمسكن واالعدادات الطبية وغيرها من المساعدات ‪.‬‬ ‫حفظ السالم‪:‬‬ ‫تتسبب االضرابات المدنية والصراعات المسلحة في انتهاكات صريحة لحقوق اإلنسان وعندما تعجز‬ ‫بعض الحكومات عن بسط النظام في منطقة ما فإن األمم المتحدة ترسل قواتها إلى هذه المنطقة لفرض‬ ‫النظام وال تبادر األمم المتحدة بإرسال قواتها لحفظ السالم إال بعد موافقة أحداث النزاع‪.‬‬ ‫محاكم جرائم الحرب‪:‬‬ ‫ينتهك كثير من القادة العسكريين أثناء الصراعات المحلية حقوق اإلنسان بل يتخذ ذلك استراتيجية‬ ‫لتحقيق انتصارات ميدانية‬ ‫‪16‬‬ ‫محاضرة ‪3‬‬ ‫حقوق االنسان في اإلسالم‪:‬‬ ‫‪ -1‬حق الحياة‪:‬‬ ‫(أ) حياة اإلنسان مقدسة ‪...‬ال يجوز ألحد أن يعتدي عليها‪" :‬من قتل نفسا بغير نفس أو فساد‬ ‫في األرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (المائدة‪.)۳۲ :‬وال‬ ‫تسلب هذه القدسية إال بسلطان الشريعة وباإلجراءات التي تقرها‪.‬‬ ‫(ب) كيان اإلنسان المادي والمعنوي حمى‪ ،‬تحميه الشريعة في حياته‪ ،‬وبعد مماته‪ ،‬ومن حقه‬ ‫الترفق والتكريم في التعامل مع جثمانه‪" :‬إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" (رواه مسلم وأبو داود‬ ‫والترمذي والنسائي)‪.‬ويجب ستره سوءاته وعيوبه الشخصية‪" :‬ال تسبو األموات فإنهم أفضوا إلى‬ ‫ما قدموا" (رواه البخاري)‪.‬‬ ‫‪ -۲‬حق الحرية‪:‬‬ ‫(أ) حرية اإلنسان مقدسة ‪ -‬كحياته سواء ‪ -‬وهي الصفة الطبيعية األولى التي بها يولد اإلنسان‪:‬‬ ‫"ما من مولود إال ويولد على الفطرة" (رواه الشيخان)‪.‬وهي مستصحبة ومستمرة ليس ألحد أن‬ ‫يعتدي عليها‪" :‬متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أح اررا" من كلمة لعمر بن الخطاب رضي‬ ‫هللا عنه‪.‬ويجب توفير الضمانات الكافية لحماية حرية األفراد‪ ،‬وال يجوز تقييدها أو الحد منها إال‬ ‫بسلطان الشريعة‪ ،‬وباإلجراءات التي تقرها‪.‬‬ ‫(ب) ال يجوز لشعب أن يعتدي على حرية شعب آخر‪ ،‬وللشعب المعتدى عليه أن يرد العدوان‪ ،‬ويسترد‬ ‫حريته بكل السبل الممكنة‪" :‬ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل" (الشورى‪.)41 :‬وعلى‬ ‫المجتمع الدولي مساندة كل شعب يجاهد من أجل حريته‪ ،‬ويتحمل المسلمون في هذا واجبا ال‬ ‫‪17‬‬ ‫ترخص فيه‪" :‬الذين إن مكناهم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن‬ ‫المنكر" (الحج‪)41:‬‬ ‫‪ -۳‬حق المساواة‪:‬‬ ‫(أ) الناس جميعا سواسية أمام الشريعة‪" :‬ال فضل لعربي على عجمي‪ ،‬وال لعجمي على عربي‪،‬‬ ‫وال ألحمر على أسود‪ ،‬وال ألسود على أحمر إال بالتقوى" من خطبة للنبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫وال تمايز بين األفراد في تطبيقها عليهم‪" :‬لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" (رواه‬ ‫البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي)‪.‬وال في حمايتها إياهم‪" :‬أال إن أضعفكم عندي‬ ‫القوي حتى أخذ الحق له‪ ،‬وأقواكم عندي الضعيف حتى أخذ الحق منه" من خطبة ألبي بكر‬ ‫رضي هللا عنه عقب توليته خليفة على المسلمين‪.‬‬ ‫(ب) الناس كلهم في القيمة اإلنسانية سواء‪" :‬كلكم آلدم وآدم من تراب" من خطبة حجة الوداع‪.‬‬ ‫وإنما يتفاضلون بحسب عملهم‪" :‬ولكل درجات مما عملوا"(األحقاف‪ ،)۱۹ :‬وال يجوز تعريض‬ ‫شخص لخطر أو ضرر بأكثر مما يتعرض له غيره‪" :‬المسلمون تتكافأ دماؤهم" (رواه أحمد)‪.‬وكل‬ ‫فكر وكل تشريع‪ ،‬وكل وضع يسوغ التفرقة بين األفراد على أساس الجنس‪ ،‬أو العرق‪ ،‬أو اللون‪،‬‬ ‫أو اللغة‪ ،‬أو الدين‪ ،‬هو مصادرة مباشرة لهذا المبدأ اإلسالمي العام‪.‬‬ ‫(ج) لكل فرد حق في االنتفاع بالموارد المادية للمجتمع من خالل فرصة عمل مكافئة لفرصة‬ ‫غيره‪" :‬امشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" (الملك‪.)15 :‬وال يجوز التفرقة بين األفراد في األجر‪،‬‬ ‫ما دام الجهد المبذول واحدا‪ ،‬والعمل المؤدي واحدا كما وكيفا‪" :‬فمن يعمل مثقال ذرة خي ار يره‪،‬‬ ‫ومن يعمل مثقال ذرة ش ار يره (الزلزلة‪ 7 :‬و‪.)8‬‬ ‫‪ -4‬حق العدالة‪:‬‬ ‫(أ) من حق كل فرد أن يتحاكم إلى الشريعة‪ ،‬وأن يحاكم إليها دون سواها‪" :‬فإن تنازعتم في شئ‬ ‫‪18‬‬ ‫فردوه إلى هللا والرسول" (النساء‪" ،)59:‬وأن احكم بينهم بما أنزل هللا وال تتبع أهواءهم" (المائدة‪.)49:‬‬ ‫(ب) من حق الفرد أن يدفع عن نفسه ما يلحقه من ظلم‪" :‬ال يحب هللا الجهر بالسوء من القول‬ ‫إال من ظلم" (النساء‪ )148 :‬ومن واجبه أن يدفع الظلم عن غيره بما يملك‪" :‬لينصر الرجل أخاه‬ ‫ظالما أو مظلوما‪ :‬إن كان ظالما فلينه وإن كان مظلوما فلينصره" (رواه الشيخان والترمذي)‪.‬ومن‬ ‫حق الفرد أن يلجأ إلى سلطة شرعية تحميه وتنصفه‪ ،‬وتدفع عنه ما لحقه من ضرر أو ظلم‪،‬‬ ‫وعلى الحاكم المسلم أن يقيم هذه السلطة‪ ،‬ويوفر لها الضمانات الكفيلة بحيدتها واستقاللها‪" :‬إنما‬ ‫اإلمام جنة يقاتل من ورائه‪ ،‬ويحتمي به" (رواه الشيخان)‪.‬‬ ‫(ج) من حق الفرد ‪ -‬ومن واجبه ‪ -‬أن يدافع عن حق أي فرد آخر‪ ،‬وعن حق الجماعة "حسبة"‪:‬‬ ‫"أال أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي‬ ‫والنسائي) ‪ -‬يتطوع بها حسبة دون طلب من أحد‬ ‫(د) ال تجوز مصاد رة حق الفرد في الدفاع عن نفسه تحت أي مسوغ‪" :‬إن لصاحب الحق مقاال"‬ ‫(رواه الخمسة)‪" ،‬إذا جلس بين يديك الخصمان فال تقضين حتى تسمع من اآلخر‪ ،‬كما سمعت‬ ‫من األول‪ ،‬فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء" (رواه أبو داود والترمذي بسند حسن)‪.‬‬ ‫(هـ) ليس ألحد أن يلزم مسلما بأن يطيع أم ار يخالف الشريعة‪ ،‬وعلى الفرد المسلم أن يقول‪" :‬ال"‬ ‫في وجه من يأمره بمعصية‪ ،‬أيا كان األمر‪" :‬إذا أمر بمعصية ال سمع وال طاعة" (رواه الخمسة)‪.‬‬ ‫ومن حقه على الجماعة أن تحمي رفضه تضامنا مع الحق‪" :‬المسلم أخو المسلم ال يظلمه وال‬ ‫يسلمه" (رواه البخاري)‪.‬‬ ‫‪ -5‬حق الفرد في محاكمة عادلة‪:‬‬ ‫(أ) البراءة هي األصل‪" :‬كل أمتي معافى إال المجاهرين" (رواه البخاري)‪.‬وهو مستصحب ومستمر‬ ‫حتى مع إتهام الشخص ما لم تثبت إدانته أمام محكمة عادلة إدانة نهائية‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫(ب) ال تجريم إال بنص شرعي‪" :‬وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال" (اإلسراء‪ ،)15 :‬وال يعذر‬ ‫مسلم بالجهل بما هو معلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬ولكن ينظر إلى جهله ‪ -‬متى ثبت ‪ -‬على أنه‬ ‫شبهة تد أر بها الحدود فحسب‪" :‬وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم"‬ ‫(األحزاب‪.)5 :‬‬ ‫(ج) ال يحكم بتجريم شخص‪ ،‬وال يعاقب على جرم إال بعد ثبوت إرتكابه له بأدلة ال تقبل المراجعة‪،‬‬ ‫أمام محكمة ذات طبيعة قضائية كاملة‪" :‬إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" (الحجرات‪".)6 :‬وإن الظن‬ ‫ال يغني من الحق شيئا" (النجم‪.)۲۸ :‬‬ ‫(د) ال يجوز ‪ -‬بحال ‪ -‬تجاوز العقوبة‪ ،‬التي قدرتها الشريعة للجريمة‪" :‬تلك حدود هللا فال تعتدوها"‬ ‫(البقرة‪ ،)229 :‬ومن مبادئ الشريعة مراعاة الظروف والمالبسات‪ ،‬التي ارتكبت فيها الجريمة درءا‬ ‫للحدود‪" :‬اد أروا الحدود عن المسلمين ما استطعتم‪ ،‬فإن كان له مخرج فخلوا سبيله" (رواه البيهقي‬ ‫والحاكم بسند صحيح)‪.‬‬ ‫(هـ) ال يؤخذ إنسان بجريرة غيره‪" :‬وال تزر وازرة وزر أخرى" (اإلسراء‪ ،)15 :‬وكل إنسان مستقل‬ ‫بمسئوليته عن أفعاله‪" :‬كل امرئ بما كسب رهين" (الطور‪ ،)۲۱ :‬وال يجوز بحال ‪ -‬أن تمتد‬ ‫المساءلة إلى ذويه من أهل وأقارب‪ ،‬أو أتباع وأصدقاء‪" :‬معاذ هللا أن نأخذ إال من وجدنا متاعنا‬ ‫عنده إنا إذا لظالمون" (يوسف‪)79 :‬‬ ‫‪ -6‬حق الحماية من تعسف السلطة‪:‬‬ ‫لكل فرد الحق في حمايته من تعسف السلطات معه‪ ،‬وال يجوز مطالبته بتقديم تفسير لعمل من‬ ‫أعماله أو وضع من أوضاعه‪ ،‬وال توجيه اتهام له إال بناء على قرائن قوية تدل على تورطه فيما‬ ‫يوجه إليه‪" :‬والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"‬ ‫(األحزاب‪.)58 :‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪ -٧‬حق الحماية من التعذيب‪:‬‬ ‫(أ) ال يجوز تعذيب المجرم فضال عن المتهم‪" :‬إن هللا يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" (رواه‬ ‫الخمسة)‪ ،‬كما ال يجوز حمل الشخص على االعتراف بجريمة لم يرتكبها‪ ،‬وكل ما ينتزع بوسائل‬ ‫اإلكراه باطل‪" :‬إن هللا وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (رواه ابن ماجه بسند‬ ‫صحيح)‪.‬‬ ‫(ب) مهما كانت جريمة الفرد‪ ،‬وكيفما كانت عقوبتهما المقدرة شرعا‪ ،‬فإن إنسانيته‪ ،‬وكرامته اآلدمية‬ ‫تظل مصونة‪.‬‬ ‫‪ -۸‬حق الفرد في حماية عرضه وسمعته‪:‬‬ ‫عرض الفرد‪ ،‬وسمعته حرمة ال يجوز انتهاكها‪" :‬إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة‬ ‫يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" من خطبة الوداع‪.‬ويحرم تتبع عوراته‪ ،‬ومحاولة النيل‬ ‫من شخصيته‪ ،‬وكيانه األدبي‪" :‬وال تجسسوا وال يغتب بعضكم بعضا" (الحجرات‪" ،)۱۲ :‬وال تلمزوا‬ ‫أنفسكم وال تنابذوا باأللقاب" (الحجرات‪.)۱۱ :‬‬ ‫‪ -9‬حق اللجوء‪:‬‬ ‫(أ) من حق كل مسلم مضطهد أو مظلوم أن يلجأ إلى حيث يأمن‪ ،‬في نطاق دار اإلسالم‪.‬وهو‬ ‫حق يكفله اإلسالم لكل مضطهد‪ ،‬أيا كانت جنسيته‪ ،‬أو عقيدته‪ ،‬أو لونه ويحمل المسلمين واجب‬ ‫توفير األمن له متى لجأ إليهم‪" :‬وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كالم هللا ثم‬ ‫أبلغه مأمنه" (التوبة‪.)6 :‬‬ ‫(ب) بيت هللا الحرام ‪ -‬بمكة المشرفة ‪ -‬هو مثابة وأمن للناس جميعا ال يصد عنه مسلم‪" :‬ومن‬ ‫دخله كان أمنا" (آل عمران‪".)97 :‬وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" (البقرة‪" ،)256 :‬سواء‬ ‫العاكف فيه والباد" (الحج‪.)25 :‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪ -۱۰‬حقوق األقليات‪:‬‬ ‫(أ) األوضاع الدينية لألقليات يحكمها المبدأ القرآني العام‪" :‬ال إكراه في الدين" (البقرة‪.)256 :‬‬ ‫(ب) األوضاع المدنية‪ ،‬واألحوال الشخصية لألقليات تحكمها شريعة اإلسالم إن هم تحاكموا إلينا‪:‬‬ ‫"فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم‬ ‫بينهم بالقسط" (المائدة‪.)42 :‬فإن لم يتحاكموا إلينا كان عليهم أن يتحاكموا إلى شرائعهم ما دامت‬ ‫تنتمي ‪ -‬عندهم ‪ -‬ألصل إلهي‪" :‬وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم هللا ثم يتولون من بعد‬ ‫ذلك" (المائدة‪" ،)43 :‬وليحكم أهل اإلنجيل بما أنزل هللا فيه" (المائدة‪.)47 :‬‬ ‫‪ -۱۱‬حق المشاركة في الحياة العامة‪:‬‬ ‫(أ) من حق كل فرد في األمة أن يعلم بما يجري في حياتها‪ ،‬من شؤون تتصل بالمصلحة العامة‬ ‫للجماعة‪ ،‬وعليه أن يسهم فيها بقدر ما تتيح له قدراته ومواهبه‪ ،‬إعماال لمبدأ الشورى‪" :‬وأمرهم‬ ‫شوری بينهم" (الشوری‪.)38 :‬وكل فرد في األمة أهل لتولي المناصب والوظائف العامة‪ ،‬متى‬ ‫توافرت فيه شرائطها الشرعية‪ ،‬وال تسقط هذه األهلية‪ ،‬أو تنقص تحت أي اعتبار عنصري أو‬ ‫طبقي‪" :‬المسلمون تتكافأ دماؤهم‪ ،‬وهم يد على من سواهم‪ ،‬يسعى بذمتهم أدناهم" (رواه أحمد)‪.‬‬ ‫(ب) الشورى أساس العالقة بين الحاكم واألمة‪ ،‬ومن حق األمة أن تختار حكامها‪.‬بإرادتها الحرة‪،‬‬ ‫تطبيقا لهذا المبدأ‪ ،‬ولها الحق في محاسبتهم وفي عزلهم إذا حادوا عن الشريعة‪" :‬إني وليت عليكم‬ ‫ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني‪ ،‬وإن رأيتموني على باطل فقومومني‪.‬أطيعوني‬ ‫ما أطعت هللا ورسوله فإن عصيت فال طاعة لي عليكم" من خطبة أبي بكر رضي هللا عنه عقب‬ ‫توليته الخالفة‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫محاضرة ‪4‬‬ ‫‪ -۱۲‬حق حرية التفكير واالعتقاد والتعبير‪:‬‬ ‫(أ) لكل شخص أن يفكر‪ ،‬ويعتقد‪ ،‬ويعبر عن فكره ومعتقده‪ ،‬دون تدخل أو مصادرة من أحد ما‬ ‫دام يلتزم الحدود العامة التي أقرتها الشريعة‪ ،‬وال يجوز إذاعة الباطل‪ ،‬وال نشر ما فيه ترويج‬ ‫للفاحشة أو تخذيل لألمة‪" :‬لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة‬ ‫لنغرينك بهم ثم ال يجاورونك فيها إال قليال‪ ،‬ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيال" (األحزاب‪:‬‬ ‫‪.)61 ،60‬‬ ‫(ب) التفكير الحر ‪ -‬بحثا عن الحق ‪ -‬ليس مجرد حق فحسب‪ ،‬بل هو واجب كذلك‪" :‬قل إنما‬ ‫أعظكم بواحدة أن تقوموا هللا مثنى وفرادي ثم تتفكروا" (سبأ‪.)46 :‬‬ ‫(ج) من حق كل فرد ومن واجبه‪ :‬أن يعلن رفضه للظلم‪ ،‬وإنكاره له‪ ،‬وأن يقاومه‪ ،‬دون تهيب‬ ‫مواجهة سلطة متعسفة‪ ،‬أو حاكم جائر‪ ،‬أو نظام طاغ ‪..‬وهذا أفضل أنواع الجهاد‪" :‬سئل رسول‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أي الجهاد أفضل؟ قال‪ :‬كلمة حق عند سلطان جائر" (رواه الترمذي‬ ‫والنسائي بسند حسن)‪.‬‬ ‫(د) ال حظر على نشر المعلومات والحقائق الصحيحة‪ ،‬إال ما يكون في نشره خطر على أمن‬ ‫المجتمع والدولة‪" :‬وإذا جاءهم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا به‪ ،‬ولو ردوه إلى الرسول وإلى‬ ‫أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" (النساء‪.)83 :‬‬ ‫‪23‬‬ ‫(هـ) احترام مشاعر المخالفين في الدين من خلق المسلم‪ ،‬فال يجوز ألحد أن يسخر من معتقدات‬ ‫غيره‪ ،‬وال أن يستعدي المجتمع عليه‪" :‬وال تسبوا الذين يدعون من دون هللا فيسبوا هللا عدوا بغير‬ ‫علم‪ ،‬كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم" (األنعام‪.)۱۰۸ :‬‬ ‫‪ -۱۳‬حق الحرية الدينية‪:‬‬ ‫لكل شخص‪ :‬حرية االعتقاد‪ ،‬وحرية العبادة وفقا لمعتقده‪" :‬لكم دينكم ولي دين" (الكافرون‪.)6 :‬‬ ‫‪ -14‬حق الدعوة والبالغ‪:‬‬ ‫(أ) لكل فرد الحق أن يشارك ‪ -‬منفردا ومع غيره ‪ -‬في حياة الجماعة‪ :‬دينيا‪ ،‬واجتماعيا‪ ،‬وثقافيا‪،‬‬ ‫وسياسيا‪ ،‬الخ‪ ،‬وأن ينشئ من المؤسسات‪ ،‬ويصطنع من الوسائل ما هو ضروري لممارسة هذا‬ ‫الحق‪" :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى هللا‪ ،‬على بصيرة أنا ومن اتبعني" (يوسف‪.)۱۰۸ :‬‬ ‫(ب) من حق كل فرد ومن واجبه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر‪ ،‬وأن يطالب المجتمع‬ ‫بإقامة المؤسسات التي تهيئ لألفراد الوفاء بهذه المسئولية‪ ،‬تعاونا على البر والتقوى‪" :‬ولتكن منكم‬ ‫أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (آل عمران‪" ،)104 :‬وتعانوا على‬ ‫البر والتقوى" (المائدة‪" ،)12 :‬إن الناس إذا أروا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم هللا‬ ‫بعقاب" (رواه أصحاب السنن بسند صحيح)‪.‬‬ ‫‪ -15‬الحقوق االقتصادية‪:‬‬ ‫(أ) الطبيعة ‪ -‬بثرواتها جميعا‪ -‬ملك هللا تعالى‪" :‬هلل ملك السموات واألرض وما فيهن" (المائدة‪:‬‬ ‫‪.)120‬وهي عطاء منه للبشر‪ ،‬منحهم حق االنتفاع بها‪" :‬وسخر لكم ما في السموات وما في‬ ‫األرض جميعا" (الجاثية‪.)13 :‬وحرم عليهم إفسادها وتدميرها‪" :‬وال تعثوا في األرض مفسدين"‬ ‫(الشعراء‪.)183 :‬وال يجوز ألحد أن يحرم آخر أو يعتدي على حقه في االنتفاع بما في الطبيعة‬ ‫من مصادر الرزق‪" :‬وما كان عطاء ربك محظورا" (اإلسراء‪.)20 :‬‬ ‫‪24‬‬ ‫(ب) لكل إنسان أن يعمل وينتج‪ ،‬تحصيال للرزق من وجوهه المشروعة‪" :‬وما من دابة في األرض‬ ‫إال على هللا رزقها" (هود‪" ،)6 :‬فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" (الملك‪.)15 :‬‬ ‫(ج) الملكية الخاصة مشروعة ‪ -‬على انفراد ومشاركة ‪ -‬ولكل إنسان أن يقتني ما اكتسبه بجهده‬ ‫وعمله‪" :‬وأنه هو أغنى وأقنى" (النجم‪.)48 :‬والملكية العامة مشروعة‪ ،‬وتوظف لمصلحة األمة‬ ‫بأسرها‪" :‬ما أفاء هللا على رسوله من أهل القرى هللف وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين‬ ‫وابن السبيل كي ال يكون دولة بين األغنياء منكم" (الحشر‪.)۷ :‬‬ ‫(د) لفقراء األمة حق مقرر في مال األغنياء‪ ،‬نظمته الزكاة‪" ،‬والذين في أموالهم حق معلوم للسائل‬ ‫والمحروم" (المعارج‪.)25، 24 :‬وهو حق ال يجوز تعطيله‪ ،‬وال منعه‪ ،‬وال الترخص فيه‪ ،‬من قبل‬ ‫الحاكم‪ ،‬ولو أدى به الموقف إلى قتال مانعي الزكاة‪" :‬وهللا لو منعوني عقاال‪ ،‬كانوا يؤدونه إلى‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لقاتلتهم عليه" من كالم أبي بكر رضي هللا عنه في مشاورته‬ ‫الصحابة في أمر مانعي الزكاة‪.‬‬ ‫(هـ) توظيف مصادر الثروة‪ ،‬ووسائل اإلنتاج لمصلحة األمة واجب‪ ،‬فال يجوز إهمالها وال تعطيلها‪:‬‬ ‫"ما من عبد استرعاه هللا رعية فلم يحطها بالنصيحة إال لما يجد رائحة الجنة" (رواه الشيخان)‪،‬‬ ‫كذلك ال يجوز استثمارها فيما حرمته الشريعة‪ ،‬وال فيما يضر بمصلحة الجماعة‪.‬‬ ‫(و) ترشيدا للنشاط االقتصادي‪ ،‬وضمانا لسالمته‪ ،‬حرم اإلسالم‪:‬‬ ‫‪ -1‬الغش بكل صوره‪" :‬ليس منا من غش" (رواه مسلم)‪.‬‬ ‫‪ -2‬الغرر والجهالة‪ ،‬وكل ما يفضي إلى منازعات‪ ،‬ال يمكن إخضاعها لمعايير موضوعية‪:‬‬ ‫"نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيع الحصاة‪ ،‬وعن بيع الغرر" (رواه مسلم وأبو‬ ‫داود والترمذي والنسائي)‪" ،‬نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود‬ ‫وعن بيع الحب حتى يشتد" (رواه الخمسة)‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪ -3‬االستغالل والتغابن في عمليات التبادل‪" :‬ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس‬ ‫يستوفون‪.‬وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" (المطففين‪.)۲، ۱ :‬‬ ‫‪ -4‬االحتكار‪ ،‬وكل ما يؤدي إلى منافسة غير متكافئة‪" :‬ال يحتكر إال خاطئ" (رواه مسلم)‪.‬‬ ‫‪ -5‬الربا‪ ،‬وكل كسب طفيلي‪ ،‬يستغل ضوائق الناس‪" :‬وأحل هللا البيع وحرم الربا" (البقرة‪:‬‬ ‫‪.)275‬‬ ‫‪ -6‬الدعايات الكاذبة والخادعة‪ :‬البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في‬ ‫بيعهما‪ ،‬وإن غشا وكذبا محقت بركة بيعهما" (رواه الخمسة)‪.‬‬ ‫(ز) رعاية مصلحة األمة‪ ،‬والتزام قيم اإلسالم العامة‪ ،‬هما القيد الوحيد على النشاط االقتصادي‪،‬‬ ‫في مجتمع المسلمين‪.‬‬ ‫‪16‬۔ حق حماية الملكية‪:‬‬ ‫ال يجوز انتزاع ملكية نشأت عن كسب حالل‪ ،‬إال للمصلحة العامة‪" :‬وال تأكلوا أموالكم بينكم‬ ‫بالباطل" (البقرة‪ ،)188 :‬ومع تعويض عادل لصاحبها‪" :‬من أخذ من األرض شيئا بغير حقه‬ ‫خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين" (رواه البخاري)‪.‬وحرمة الملكية العامة أعظم‪ ،‬وعقوبة‬ ‫االعتداء عليها أشد ألنه عدوان على المجتمع كله‪ ،‬وخيانة لألمة بأسرها‪" :‬من استعملناه منكم‬ ‫على عمل فكتمنا منه مخيطا فما فوقه كان غلوال يأتي به يوم القيامة" (رواه مسلم)‪".‬قيل يا رسول‬ ‫هللا‪ :‬إن فالنا قد استشهد! قال‪ :‬كال! لقد رأيته في النار بعباءة قد غلها‪.‬ثم قال‪ :‬يا عمر‪ :‬قم فناد‪:‬‬ ‫إنه ال يدخل الجنة إال المؤمنون ‪ -‬ثالثا‪( "-‬رواه مسلم والترمذي)‪.‬‬ ‫‪ -۱۷‬حق العامل وواجبه‪:‬‬ ‫"العمل" ‪ :‬شعار رفعه اإلسالم لمجتمعه‪" :‬وقل اعملوا" (التوبة‪ ،)105 :‬وإذا كان حق العمل‪:‬‬ ‫اإلتقان‪" :‬إن هللا يحب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنه" (رواه أبو على‪ ،‬مجمع الزوائد‪ ،‬جـ ‪.)4‬‬ ‫‪26‬‬ ‫فإن حق العامل‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يوفى أجره المكافئ لجهده دون حيف عليه أو مماطلة له‪" :‬أعطوا األجير حقه قبل أن‬ ‫يجف عرقه" (رواه ابن ماجة بسند جيد)‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن توفر له حياة كريمة تتناسب مع ما يبذله من جهد وعرق‪" :‬ولكل درجات مما عملوا"‬ ‫(األحقاف‪.)۱۹ :‬‬ ‫‪ -3‬أن يمنح ما هو جدير به من تكريم المجتمع كله له‪" :‬اعملوا فسيرى هللا عملكم ورسوله‬ ‫والمؤمنون" (التوبة‪".)105 :‬إن هللا يحب المؤمن المحترف" (رواه الطبراني‪ ،‬مجمع الزائد‪،‬‬ ‫جـ ‪.)4‬‬ ‫‪ -4‬أن يجد الحماية التي تحول دون غبنه واستغالل ظروفه قال هللا تعالى‪" :‬ثالثة أنا خصمهم‬ ‫يوم القيامة‪ :‬رجل أعطى بي ثم غدر‪ ،‬ورجل باع ح ار فأكل ثمنه‪ ،‬ورجل استأجر أجي ار‬ ‫فاستوفى منه ولم يعطه حقه" (رواه البخاري (حديث قدسي))‪.‬‬ ‫‪ -۱۸‬حق الفرد في كفايته من مقومات الحياة‪:‬‬ ‫من حق الفرد أن ينال كفايته من ضروريات الحياة ‪..‬من طعام‪ ،‬وشراب‪ ،‬وملبس‪ ،‬ومسكن ‪..‬‬ ‫ومما يلزم لصحة بدنه من رعاية‪ ،‬وما يلزم لصحة روحه‪ ،‬وعقله‪ ،‬من علم‪ ،‬ومعرفة‪ ،‬وثقافة‪ ،‬في‬ ‫نطاق ما تسمح به موارد األمة ‪ -‬ويمتد واجب األمة في هذا ليشمل ما ال يستطيع الفرد أن يستقل‬ ‫بتوفيره لنفسه من ذلك‪" :‬النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" (األحزاب‪.)6 :‬‬ ‫‪ -۱۹‬حق بناء األسرة‪:‬‬ ‫(أ) الزواج ‪ -‬بإطاره اإلسالمي ‪ -‬حق لكل إنسان‪ ،‬وهو الطريق الشرعي لبناء األسرة وإنجاب‬ ‫الذرية‪ ،‬واعفاف النفس‪" :‬يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها‬ ‫وبث منهما رجاال كثي ار ونساء" (النساء‪.)۱ :‬‬ ‫‪27‬‬ ‫لكل من الزوجين قبل اآلخر ‪ -‬عليه وله ‪ -‬حقوق وواجبات متكافئة قررتها الشريعة "ولهن مثل‬ ‫الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" (البقرة‪ ،)228 :‬ولألب تربية أوالده‪ :‬بدينا‪ ،‬وخلقيا‪،‬‬ ‫ودينيا‪ ،‬وفقا لعقيدته وشريعته‪ ،‬وهو مسئول عن اختياره الوجهة التي يوليهم إياها‪" :‬كلكم ارع وكلكم‬ ‫مسئول عن رعيته" (رواه الخمسة)‪.‬‬ ‫(ب) لكل من الزوجين ‪ -‬قبل اآلخر ‪ -‬حق احترامه‪ ،‬وتقدير مشاعره‪ ،‬وظروفه‪ ،‬في إطار من‬ ‫التواد والتراحم‪" :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"‬ ‫(الروم‪.)۲۱ :‬‬ ‫(ج) على الزوج أن ينفق على زوجته وأوالده دون تقتير عليهم‪" :‬لينفق ذو سعة من سعته ومن‬ ‫قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه هللا" (الطالق‪.)7 :‬‬ ‫(د) لكل طفل على أبويه حق إحسان تربيته‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬وتأديبه‪" :‬وقل رب ارحمهما كما ربياني‬ ‫صغيرا" (اإلسراء‪ ،)24 :‬وال يجوز تشغيل األطفال في سن باكرة‪ ،‬وال تحميلهم من األعمال ما‬ ‫يرهقهم‪ ،‬أو يعوق نموهم أو يحول بينهم وبين حقهم في اللعب والتعلم‪.‬‬ ‫(هـ) إذا عجز والدا الطفل عن الوفاء بمسئوليتهما نحوه‪ ،‬انتقلت هذه المسئولية إلى المجتمع‪،‬‬ ‫وتكون نفقات الطفل في بيت مال المسلمين ‪ -‬الخزانة العامة للدولة ‪" :-‬أنا أولى بكل مؤمن من‬ ‫نفسه‪ ،‬فمن ترك دينا أو ضيعة ضيعة‪ :‬أي ذرية ضعافا يخشى عليهم الضياع فعلي‪ ،‬ومن ترك‬ ‫ماال فلورثته" (رواه الشيخان وأبو داود والترمذي)‪.‬‬ ‫(و) ولكل فرد في األسرة أن ينال منها ما هو في حاجة إليه‪ :‬من كفاية مادية‪ ،‬ومن رعاية وحنان‪،‬‬ ‫في طفولته‪ ،‬وشيخوخته‪ ،‬وعجزه وللوالدين على أوالدهما حق كفالتهما ماديا ورعايتهما بدنيا‪،‬‬ ‫ونفسيا‪" :‬أنت ومالك لوالدك" (رواه أبو داود بسند حسن)‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫(ز) لألمومة حق في رعاية خاصة من األسرة‪" :‬يا رسول هللا‪ :‬من أحق الناس بحسن صحابتي؟‬ ‫قال‪ :‬أمك قال (السائل)‪ :‬ثم من؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬ثم من‪ :‬قال‪ :‬أمك‪ :‬قال‪ :‬ثم من؟ قال‪ :‬أبوك"‬ ‫(رواه الشيخان)‪.‬‬ ‫(ح) مسئولية األسرة شركة بين أفرادها‪ ،‬كل بحسب طاقته‪ ،‬وطبيعة فطرته‪ ،‬وهي مسئولية تتجاوز‬ ‫دائرة اآلباء واألوالد‪ ،‬لتعم األقارب وذوي األرحام‪" :‬يا رسول هللا من أبر؟ قال‪ :‬أمك! ثم أمك! ثم‬ ‫أمك! ثم أباك ثم األقرب فاألقرب" (رواه أبو داود والترمذي بسند حسن)‪.‬‬ ‫(ط) ال يجبر الفتى أو الفتاة على الزواج ممن ال يرغب فيه‪" :‬جاءت جارية بكر إلى النبي صلى‬ ‫هللا عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى هللا عليه وسلم" (رواه أحمد‬ ‫وأبو داود)‪.‬‬ ‫‪ -۲۰‬حقوق الزوجة‪:‬‬ ‫(أ) أن تعيش مع زوجها حيث يعيش "أسكنوهن من حيث سكنتم" (رواه أحمد وأبو داود)‪.‬‬ ‫(ب) أن ينفق عليها زوجها بالمعروف طوال زواجهما‪ ،‬وخالل فترة عدتها إن هو طلقها‪" :‬الرجال‬ ‫قوامون على النساء بما فضل هللا بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" (الطالق‪".)6:‬وإن‬ ‫كن أوالت حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" (النساء‪" ،)34 :‬وأن تأخذ من مطلقها نفقة‬ ‫من تحضنهم من أوالده منها‪ ،‬بما يتناسب مع كسب أبيه "فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن"‬ ‫(الطالق‪.)6 :‬‬ ‫(ج) تستحق الزوجة هذه النفقات أيا كان وضعها المالي وأيا كانت ثروتها الخاصة‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫(د) للزوجة‪ :‬أن تطلب من زوجها‪ :‬إنهاء عقد الزواج ‪ -‬وديا ‪ -‬عن طريق الخلع‪" :‬فإن خفتم أال‬ ‫يقيما الزوجان حدود هللا فال جناح عليهما فيما افتدت به" (البقرة‪.)229 :‬كما أن لها أن تطلب‬ ‫التطليق قضائيا في نطاق أحكام الشريعة‪.‬‬ ‫(هـ) للزوجة حق الميراث من زوجها‪ ،‬كما ترث من أبويها‪ ،‬وأوالدها‪ ،‬وذوي قرابتها‪" :‬ولهن الربع‬ ‫مما تركتم إن لم يكن لم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم" (النساء‪.)۱۲ :‬‬ ‫(و) على كال الزوجين أن يحفظ غيب صاحبه‪ ،‬وأال يفشي شيئا من أس ارره‪ ،‬وأال يكشف عما قد‬ ‫يكون به من نقص خلقي أو خلقي‪ ،‬ويتأكد هذا الحق عند الطالق وبعده‪" :‬وال تنسوا الفضل بينكم"‬ ‫(البقرة‪.)237 :‬‬ ‫‪ -۲۱‬حق التربية‪:‬‬ ‫(أ) التربية الصالحة حق األوالد على اآلباء‪ ،‬كما أن البر وإحسان المعاملة حق اآلباء على األوالد‪:‬‬ ‫"وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كالهما فال‬ ‫تقل لهما أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما‪ ،‬واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب‬ ‫ارحمها كما ربياني صغيرا" (اإلسراء‪.)24، 23 :‬‬ ‫(ب) التعليم حق للجميع‪ ،‬وطلب العلم واجب على الجميع ذكو ار وإناثا على السواء‪" :‬طلب العلم‬ ‫فريضة على كل مسلم ومسلمة" (رواه ابن ماجة)‪.‬‬ ‫والتعليم حق لغير المتعلم على المتعلم‪" :‬وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال‬ ‫تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليال فبئس ما يشترون" (آل عمران‪" ،)۱۸۷ :‬ليبلغ‬ ‫الشاهد الغائب" من خطبة حجة الوداع‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫(ج) على المجتمع أن يوفر لكل فرد فرصة متكافئة‪ ،‬ليتعلم ويستنير‪" :‬من يرد هللا به خي ار يفقهه‬ ‫في الدين‪.‬وإنما أنا قاسم وهللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬يعطي" (رواه الشيخان)‪.‬‬ ‫ولكل فرد أن يختار ما يالئم مواهبه وقدراته‪" :‬كل ميسر لما خلق له" (رواه الشيخان وأبو داود‬ ‫والترمذي)‪.‬‬ ‫‪ -۲۲‬حق الفرد في حماية خصوصياته‪:‬‬ ‫سرائر البشر إلى خالقهم وحده‪" :‬أفال شققت عن قلبه" رواه مسلم‪ ،‬وخصوصياتهم حمى‪ ،‬ال يحل‬ ‫التسور عليه‪" :‬وال تجسسوا" (الحجرات‪.)۱۲ :‬‬ ‫يا معشر من أسلم بلسانه‪ ،‬ولم يفض اإليمان إلى قلبه‪" :‬ال تؤذوا المسلمين وال تعيروهم وال تتبعوا‬ ‫عوراتهم‪ ،‬فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم‪ ،‬تتبع هللا عورته‪ ،‬ومن تتبع هللا عورته يفضحه ولو في‬ ‫جوف رحله" (رواه أبو داود والترمذي واللفظ هنا له)‪.‬‬ ‫‪ -۲۳‬حق حرية االرتحال واإلقامة‪:‬‬ ‫(أ) من حق كل فرد أن تكون له حرية الحركة‪ ،‬التنقل من مكان إقامته وإليه‪ ،‬وله حق الرحلة‬ ‫والهجرة من موطنه‪ ،‬والعودة إليه دون ما تضييق عليه‪ ،‬أو تعويق له‪" :‬هو الذي جعل لكم األرض‬ ‫ذلوال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" (الملك‪" ،)15 :‬قل سيروا في األرض ثم انظروا كيف‬ ‫كان عاقبة المكذبين" (األنعام‪" ،)۱۱ :‬ألم تكن أرض هللا واسعة فتهاجروا فيها" (النساء‪.)97 :‬‬ ‫(ب) ال يجوز إجبار شخص على ترك موطنه‪ ،‬وال إبعاده عنه ‪ -‬تعسفا ‪ -‬دون سبب شرعي‪:‬‬ ‫"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل هللا وكفر به والمسجد‬ ‫الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند هللا" (البقرة‪.)۲۱۷ :‬‬ ‫‪31‬‬ ‫(ج) دار اإلسالم واحدة ‪..‬وهي وطن لكل مسلم‪ ،‬ال يجوز أن تقيد حركته فيها بحواجز جغ ارفية‪،‬‬ ‫أو حدود سياسية ‪..‬وعلى كل بلد مسلم أن يستقبل من يهاجر إليه أو يدخله من المسلمين استقبال‬ ‫األخ ألخيه‪" :‬والذين تبوأوا الدار واإليمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم وال يجدون في صدورهم‬ ‫حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم‬ ‫المفلحون" (الحشر‪)9 :‬‬ ‫‪32‬‬ ‫محاضرة ‪5‬‬ ‫أنواع حقوق االنسان‬ ‫أ‪-‬الحقوق األساسية وغير األساسية‪:‬‬ ‫الحقوق األساسية‪ :‬هي الحقوق الالزمة لحياة اإلنسان والثابتة لكل شخص بمجرد وجوده لكونه‬ ‫إنسانا‪ ،‬وتتسم بصفة القواعد اآلمرة التي ال يجوز انتهاكها أو مخالفتها والتي يعد تحقيقها وتعزيزها‬ ‫شرطا سابقا وجوهريا للتمتع بكافة حقوق اإلنسان األخرى‪ ،‬كحق الحياة‪ ،‬والحرية واالمان‬ ‫الشخصي‪.‬‬ ‫اما الحقوق غير االساسية‪ :‬وهي بقية الحقوق المتعلقة باستكمال حياته ورفاهيته وسعادته والتي‬ ‫تحقق له قد ار كافيا من الكرامة والعيش الجيش الرغيد‪ ،‬منها حقوق سياسية متعلقة بمشاركته في‬ ‫الحياة العامة‪ ،‬كالحق في حرية التفكير والوجدان والدين‪ ،‬وحرية التعبير والرأي‪ ،‬وحرية االجتماع‬ ‫وانشاء الجمعيات‪.‬‬ ‫(ب) الحقوق الفردية والحقوق الجماعية‪:‬‬ ‫الحقوق الفردية‪ :‬هي حقوق الفرد في مواجهة الدولة أي ضد التدخل التعسفي أو غير المشروع‬ ‫من جانب الدولة‪ ،‬وهي حقوق يتمتع بها الفرد بذاته كحقه في الحياة‪ ،‬وعدم التعرض للتعذيب او‬ ‫المعاملة القاسية‪ ،‬وحقه في محاكمة عادلة أو حقه بالعمل والتعليم واالنتماء وحرية الفكر والضمير‬ ‫واألمن ‪...‬الخ‪.‬‬ ‫اما الحقوق الجماعية‪ :‬فهي تلك الحقوق التي يثبت لمجموع االفراد حق التصرف بها‪ ،‬فهي‬ ‫ليست حقا شخصيا لفرد بعينه‪.‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ويمكن تصنيف الحقوق إلى ثالث أنواع رئيسة‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬الحقوق المدنية والسياسية‪:‬‬ ‫الحقوق األساسية أو الفردية أو المدنية التي يمكن اإلشارة إليها ضمن هذه المجموعة والتي ظهرت‬ ‫تباعا في االهتمامات الفكرية الفردية والعامة وتضمنتها النصوص التشريعية باالهتمام والتكريس‬ ‫هي حق التمتع باألمن واألمان واحترام اإلنسان ككائن قائم بذاته ح ار بال تقييد وإهدار لكرامته‬ ‫وحق الذهاب واإلياب واحترام الذات الشخصية من عدم انتهاك حرمة المنزل أو المراسلة وتسمى‬ ‫هذه الحقوق بحقوق الجيل األول وهي مرتبطة بالحريات‪.‬‬ ‫أما الحقوق السياسية فينطبق الغموض على مفهومها باعتبارها نوع من أنواع الحقوق فقد اختلف‬ ‫فقهاء السياسة وتباينت تعريفاتهم لهذا الحق فيرى بعضهم بأنه (الحكومة الدستورية أي الحكومة‬ ‫التي يكون للشعب فيها صوت مسموع) أو هو (الحكومة الحرة أي البلد الذي تحكمه حكومة نيابيه‬ ‫ديمقراطية فالشعب هو الذي يقرر تشكيل الحكومة بنفسه)‪.‬بينما يرى بعضهم بأنه (شعور المواطن‬ ‫بالطمأنينة واألمن في المجتمع وهذا الشعور يعني انعدام كل حكم تعسفي أو مستعبد)‬ ‫وتشمل الحقوق اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -‬حق الحياة‪.‬‬ ‫‪ -‬حق حرية األمن‬ ‫‪ -‬حق عدم التعرض للتعذيب‬ ‫‪ -‬حق التحرر من العبودية‬ ‫‪ -‬حق المشاركة السياسية‪.‬‬ ‫‪ -‬حق الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪ -‬حرية االشتراك الجمعيات واالشتراك فيها‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الحقوق االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬ ‫ويقصد بها كل الحقوق التي تدخل في نظامها كل النشاطات ذات الصفة الجماعية أي تلك التي‬ ‫ال تخص الفرد لوحده وإنما تشمل مجموعة من األشخاص‪.‬وتسمى الجيل الثاني من الحقوق وهي‬ ‫مرتبطة باألمن وتشمل ما يأتي‪:‬‬ ‫‪ -‬حق العمل وحق التعليم‪.‬‬ ‫‪ -‬حق المستوى الالئق من المعيشة‪.‬‬ ‫‪ -‬حق المأكل والمشرب والرعاية الصحية‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الحقوق البينية والثقافية والتنموية ‪:‬‬ ‫إن حق التفكير يعد ام أر داخلي يتم في أعماق النفس وثنايا العقل لذا فهو بعيد عن سيطرة الحكام‬ ‫وسلطان القانون إال إن له مظاه ار خارجية واثأ ار ظاهرية تتمثل بحرية العبادة أو العقيدة كما تشمل‬ ‫حرية الرأي والتعبير والصحافة والتعليم وتسمى الجيل الثالث من الحقوق وتشمل حق العيش في‬ ‫بيئة نظيفة ومصونة من التدمير والحق في التنمية الثقافية والسياسية واالقتصادية‪.‬‬ ‫اتفاقيات حقوق اإلنسان‬ ‫استمرت المنظمات في وضع االتفاقيات بعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد وضعت‬ ‫مجموعة من االتفاقيات الحقوقية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪35‬‬ ‫اوال‪ :‬اتفاقية حقوق الطفل‪:‬‬ ‫وضعت هذه االتفاقية في عام ‪1989‬م بقرار من الجمعية العامة‪ ،‬وتم تنفيذها في عام ‪1990‬م‪،‬‬ ‫وهي مختصة بحقوق الطفل‪ ،‬عبر رؤية تتمثل بأهمية االهتمام بالطفل؛ لكونه غير ناضج بدنيا‪،‬‬ ‫وعقليا‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة‪:‬‬ ‫تم وضع هذه االتفاقية في عام ‪1979‬م‪ ،‬وبدأ العمل بها في عام ‪1981‬م‪ ،‬وهي اتفاقية تفصيلية‬ ‫ألحد بنود اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان؛ فهي تؤكد على أهمية عدم التمييز على أساس‬ ‫الجنس‪ ،‬وأن الناس يولدون متساويين في الكرامة‪ ،‬والحقوق‪ ،‬وهي تُركز بشكل أكبر على المرأة‬ ‫والحقوق الخاصة بها‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬اتفاقية مناهضة التعذيب‪ ،‬وغيره من ضروب المعاملة‪ ،‬أو العقوبة القاسية‪ ،‬أو الالإنسانية‪،‬‬ ‫أو المهينة‪ :‬صيغت هذه االتفاقية في عام ‪1984‬م‪ ،‬وبدأ تطبيقها عام ‪1987‬م‪ ،‬وهي اتفاقية‬ ‫تفصيلية للمادتين رقم ‪ ،5‬ورقم ‪ 7‬من اتفاقية حقوق اإلنسان؛ حيث تنص هاتان المادتان على‬ ‫عدم جواز تعرض أحد للتعذيب‪ ،‬أو العقوبة القاسية‪ ،‬أو الالإنسانية‪ ،‬أو المهينة‪ ،‬أو غيرها‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬االتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم‪:‬‬ ‫اعتمدت هذه االتفاقية في عام ‪1990‬م‪ ،‬وهي تنظر إلى حجم المشاكل التي قد يعاني منها‬ ‫المهاجرين بغية العمل في دول غير دولهم‪ ،‬وتؤكد على أهمية وضع الحقوق الخاصة بهم‪،‬‬ ‫وحمايتها‪.‬‬ ‫منظمات حقوق اإلنسان‬ ‫تتنوع توجهات منظمات حقوق اإلنسان‪ ،‬وتهدف جميعها إلى المحافظة على حقوق اإلنسان‬ ‫عالميا‪ ،‬ويبين اآلتي أبرز المنظمات التي تُعنى بحقوق االنسان وتدافع عنها‪:‬‬ ‫‪36‬‬ ‫اوال‪ :‬منظمة العفو الدولية‪:‬‬ ‫(باإلنجليزية‪ ،)Amnesty International :‬تعد هذه المنظمة حركة دولية يشترك فيها أفراد من‬ ‫مختلف األعراق‪ ،‬واألديان‪ ،‬والتوجهات السياسية‪ ،‬واالقتصادية؛ لرفع الظلم في العالم‪ ،‬وتتركز‬ ‫أنشطتها عالميا في إجراء البحوث‪ ،‬والدعوة والتجمع وإنشاء الحمالت التي تسهم في معالجة‬ ‫انتهاك حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬منظمة مراقبة حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫تعتبر هذه المنظمة منظمة عالمية تعنى بالتحقيق وتقديم التقارير الخاصة بانتهاكات حقوق‬ ‫اإلنسان في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وهي تعمل مع الحكومات واألطراف االقتصادية والقوات المسلحة‬ ‫بهدف تغيير سياساتها ورفع االنتهاكات المختلفة الخاصة بحقوق اإلنسان‪ ،‬وتضم ما يقارب ‪450‬‬ ‫موظف ا من مختلف المجاالت كالمحامين‪ ،‬والصحفيين‪ ،‬والعاملين على حقوق اإلنسان في البلدان‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬منظمة مدافعون عن الحقوق المدنية‪:‬‬ ‫تأسست هذه المنظمة في عام ‪1982‬م في السويد‪ ،‬وتضم خبراء مستقلين يهدفون إلى حماية‬ ‫الحقوق المدني

Use Quizgecko on...
Browser
Browser