سيكولوجية المراهقة PDF

Summary

هذه الوثيقة هي دراسة عن سيكولوجية المراهقة. تتناول المراحل النمائية المتعددة التي يمر بها الفرد، والتغيرات البيولوجية، االجتماعية والمعرفية التي تحدث خلال هذه المرحلة. تقدم وجهات نظر مختلفة حول طبيعة المراهقة من منظور المجتمع، علم النفس و البيولوجيا.

Full Transcript

‫كلية اآلداب‬ ‫قسم علم النفس‬ ‫سيكولوجية‬ ‫المراهقة‬ ‫إعداد‬ ‫د‪ /‬سلمى محمد الدسوقى‬ ‫مقدمـــة‬ ‫المراهقة ‪Adolescence‬‬ ‫يمر الفرد في حياته بمراحل نمائية متعددة‪ ،‬ومن الثابت عل...

‫كلية اآلداب‬ ‫قسم علم النفس‬ ‫سيكولوجية‬ ‫المراهقة‬ ‫إعداد‬ ‫د‪ /‬سلمى محمد الدسوقى‬ ‫مقدمـــة‬ ‫المراهقة ‪Adolescence‬‬ ‫يمر الفرد في حياته بمراحل نمائية متعددة‪ ،‬ومن الثابت علميا أن كل‬ ‫مرحلة من هذه المراحل تتأثر بما قبلها وتمهد لما بعدها۔ أي أن النمو عملية‬ ‫متصلة ومستمرة ‪ ،‬فالفرد يصل الى الحياة ولديه قوی وامكانات الحياة والنماء‪،‬‬ ‫التي تستثيرها بيئته فيستجيب لها بشكل أو بآخر ليصل الى مرحلة النضج‬ ‫‪. Maturation‬‬ ‫والنمو في جوانبه المتعددة سواء كانت بيولوجية أو معرفية أو اجتماعية‬ ‫ال يقف عند مرحلة المراهقة بل يستمر النمو في هذه المرحلة لينقل الكائن البشري‬ ‫من مرحلة طفولته الى مرحلة رشده منا ار بمرحلة المراهقة التي تأخذ شكال متميزا‪،‬‬ ‫وممي از لها في جوانب النمو المختلفة‪ ،‬وعلى هذا فان مرحلة المراهقة في مرحلة‬ ‫االنتقال إلى الرشد‪The transition to adulthood.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫تعريف المراهقة‪:‬‬ ‫إن مصطلح ( المراهقة » مشتق من الفعل الالتيني ‪ adolesce‬ومعناه‬ ‫التدرج نحو النضج البدني والجنسي واالنفعالي والعقلي أي "النمو" أو "النمو الى‬ ‫النضج"‪ ،‬ويستخدم علماء النفس هذا المصطلح لالشارة الى النمو النفسي‬ ‫والتغيرات التي تحدث أثناء فترة االنتقال من الطفولة الى الرشد‪ ،‬ويتفق علماء‬ ‫النفس على أن المراهقة تبدأ بتغي ارت جسمية ويصحبها البلوغ ‪ Puberty‬وتنتهي‬ ‫باتمام حالة الرشد الكامل التي تقاس بالنضج االقتصادي واالجتماعي والبدني‪،‬‬ ‫وان كانت هذه الجوانب للنمو ال تتم في وقت واحد‪.‬‬ ‫وتتميز هذه المرحلة في بدايتها بحدوث تغيرات بيولوجية عند البنات‬ ‫واالوالد‪ ،‬ويصاحب هذه التغيرات تضمينات اجتماعية حيث يجتاز الفرد فيها‬ ‫عملية االنتفان من الطفولة وما يميزها ‪ -‬من اعتماد وعلى الكبار ‪ -‬الى الرشد‬ ‫بما يتميز من اعتماد على النفس وقدرة على تحمل المسئولية‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ويختلف مفهوم المراهقة ‪. adolescence‬عن مفهوم البلوغ ‪Puberty‬‬ ‫حيث يقتصر مفهوم البلوغ على ناحية واحدة من نواحى النمو وهي الناحية‬ ‫الجنسية‪.‬‬ ‫ومن الصعب استخدام تعريف العمر الزمني للمراهقة نظ ار لتفاوت بدء‬ ‫المراهقة حتى بين األسوياء من أفراد الجنس الواحد باالضافة إلى تفاوت بدء‬ ‫المراهقة بين الجنسين سواء من المسرعين في النمو منها أو بطيء النمو‪ ،‬وكذلك‬ ‫اختالف أعمار المراهقين عند وصولهم الى مرحلة الرشد‪.‬‬ ‫وتختلف وجهات النظر حول طبيعة مرحلة المراهقة والسمات التي تتميزها‬ ‫باعتبارها فترة نمو مميزة‪ ،‬ويمكن مناقشتها من خالل وجهات نظر المجتمع‪ ،‬وعلم‬ ‫نفس النمو‪ ،‬والبيولوجيا‪ ،‬وأخيرة وجه النظر العقلية‪.‬‬ ‫‪ -1‬وجة نظر المجتمع‬ ‫ينظر المجتمع الى المراهقة على أنها فترة هامة في حياة أفراده‪ ،‬وهي‬ ‫الفترة التي يصبح الفرد بعدها راشدا‪ ،‬له دور فعال في هذا المجتمع‪ ،‬ويحتاج‬ ‫المراهق الى فترة من الوقت ليتوافق مع عالم الراشدين‪ ،‬وليكتسب مهاراتهم ويعمل‬ ‫‪3‬‬ ‫‪،1969 Campbell‬‬ ‫(كمبيل‪:‬‬ ‫كراشد‬ ‫اجتماعيا‬ ‫فعالة‬ ‫بطريقة‬ ‫أميريتش ‪ ،)۱۹۷۳ Emmerich‬وفي المجتمعات البسيطة غير المعقدة‪ ،‬واألقل‬ ‫تطو ار وتحضر يكون من السهل على المراهق أن يتوافق مع المجتمع (بيندشن‬ ‫‪ ،۱۹۳۸ Benedict‬ميد ‪ )1953 ،1950 Mead‬حيث تمثل عملية البلوغ‬ ‫أنتقاال سريعا من أدوار الطفولة إلى الرشد‪.‬‬ ‫يطلق عليها البعض (الطفرة وتتضح في نمو وتغيرات مختلفة في أعضاء‬ ‫الجسم‪ ،‬والوزن وتبدأ القدرة على التناسل (أي أنها تغيرات كمية وكيفية معا)‪ ،‬وان‬ ‫كانت هذه التغيرات هامة في حد ذاتها‪ ،‬اال أنها أيضا دليل واضح على النضج‪،‬‬ ‫ويؤدي النضج المبكر أو المتأخر ألفراد الجنس الواحد الى بعض اآلثار النفسية‬ ‫الدائمة ويالحظ أن البنات يبلغن سن النضج قبل الصبية بنحو سنة ونصف السنة‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫وترتبط التغيرات البيولوجية بالتغيرات االجتماعية في ملوك الفرد‪ ،‬وسلوك‬ ‫اآلخرين ازاء المراهق‪.‬وتتفاوت معدالت النضج لألسوياء من أفراد الجنس الواحد‬ ‫تفاوت كبير وواسعا بين المراهقين‪ ،‬كما أن النضج اللبكر او المتأخر له تأثيره‬ ‫‪4‬‬ ‫على تطور نمو المراهق النفسي (من حيث الشخصية)‪.‬ويختلف هذا عند األوالد‬ ‫عنه عند البنات ‪.‬‬ ‫فالنضج المبكر لألوالد يعتبر ميزة‪ ،‬حيث أن األوالد المبكرين في النضج‬ ‫بكونون أكبر ثقة بأنفسهم بين زمالئهم‪ ،‬ويكونون أكثر اطمئنان عن األوالد‬ ‫المتأخرين في النضج وغالبا ما يكونون أكثر شعبية‪.‬أما المتأخرين في النضج‬ ‫من األوالد يميلون غالبا الى أن يكونوا متوترين‪ ،‬واشد قلقا‪ ،‬وأقل قدرة على ضبط‬ ‫الذات‪ ،‬ويراهم رفقاؤهم أقل جاذبية من الناحية الجسمية‪ ،‬ثم ان مشکالت هؤالء‬ ‫األوالد المتأخرين في النضج يبدو أنها تدوم وتبطيء‪ ،‬فقد تبين أن المتأخرين في‬ ‫النضج ظلوا حتى عند سن الثالثة والثالثين أقل قدرة على ضبط الذات واقل شعو ار‬ ‫بالمسئولية وميال الى السيطرة‪ ،‬وأكثر ميال الى التماس العون والتأييد من اآلخرين‪.‬‬ ‫ومع ذلك فان كثي ار من المشكالت عند األوالد المتأخرين في النضج يمكن أن‬ ‫يخفف منها كثي ار االرشاد المالئم السليم ( ماير ‪.) ۱۹۷۱ Mayer‬‬ ‫وأما عن تأثير الفروق في نضج الفتيات ‪ -‬على تطورهن النفسي‪ ،‬فأنها‬ ‫تتغير بتغير الزمن وال يظل تأثيرها مع الفتاة‪ ،‬مثال ذاك اذا كانت البنت في‬ ‫الصف السادس االبتدائي سريعة في النضج عن زميالتها فان ذلك يمثل مشكلة‬ ‫‪5‬‬ ‫لها (عكس الولد) حيث تنفر زميالتها المتأخرات في النضج منها ‪..‬فقد تبين أنه‬ ‫في حوالي الصف الثامن (الثالث االعدادي) تنظر زميالتها لها على أنها تمتلك‬ ‫سمات شخصية ايجابية مثل الشخصية القيادية ‪..‬وعلى الرغم من هذا يری ماير‬ ‫‪ ۱۹۷۱‬أن من الصعب أن يجزم العلماء بأن نضج الفتاة المبكر مطلوب وله‬ ‫ميزاته االيجابية أم العكس هو الصحيح‪ ،‬وذلك على عكس األوالد حيث يعتبر‬ ‫نضجهم المبكر ميزة لهم (مسن وآخرون ‪.)۱۹۸۰‬‬ ‫وقد أثبتت بعض األبحاث الحديثة التي أجرتها جامعة االسكندرية عام‬ ‫‪ ۱۹۸۰‬أن البلوغ يحدث مبك ار نسبيا عند البنات أي في حوالی ‪ ۱۳ - ۱۲‬سنة‪،‬‬ ‫ويميل لبلوغ إلى التأخر قليال عن األوالد أي حوالي ‪ 14 – ۱۳‬سنة أو بعدها‬ ‫بقليل ( فاروق صادق ‪. )۱۹۸۷‬‬ ‫‪ -2‬من وجهة النظر العقلية للمراهقة‬ ‫يعلم المراهق في هذه الفترة أن يسلك من خالل التفكير جرائي الشكلي باقتدار‪،‬‬ ‫كما تظهر لديه نتائج النمو االجتماعي ومفاهيم الذات‪ ،‬ويستخدم هذا النمو في‬ ‫حل مشاكله (الكنيد ‪( ،)۱۹6۸ ،۱۹6۷ Eikind‬لوفت ‪،۱۹۷۲ Looft‬‬ ‫‪6‬‬ ‫فالفيل ‪. )۱۹۷۷ Flavell‬حيث يأخذ الذكاء في الثبات تدريجيا في هذه الفترة‬ ‫أكثر من فترة الطفولة (هوتزيك ‪ Honzik‬ماك فارلين ‪ Micfarlanc‬الين ‪Allen‬‬ ‫‪ ،)1948‬ويؤكد الباحثون على أن التغيرات النوعية التي تحدث في الذكاء في‬ ‫فترة المراهقة غالب ما تكون عمليات شكلية‪ ،‬يسمح باحداث تغيرات جديدة في‬ ‫البي االجتماعية‪ ،‬وتجعل من الممكن حدوث أنماط جديدة للسلوك) كما يكون‬ ‫تفكير المراهق عن األخالقيات وأدوار الجنس محدودا‪.‬‬ ‫وينم االنتقال بشكل سريع وخاطف حيث تكون توقعات المجتمع األطفال‬ ‫واضحة وصريحة وغير مبهمة‪ ،‬فادوار الطفل االجتماعية ووظائفه محددة بوضوح‬ ‫‪ ،‬وكذلك الدور االجتماعي للراشد وما يرتبط به من وظائف‪ ،‬كما يكون بامكان‬ ‫المراهق القيام باألدوار المطلوبة منه‪ ،‬ألن كثي ار من المجتمعات األقل تقدما تكون‬ ‫توقعاتها األجوار المراهق مشابهة ألدوار األطفال والراشدين من حيث تحديدها‬ ‫‪.. ) ۱۹۷۰Mead‬أما في‬ ‫ووضوحها ( بنت ‪ ، ۱۹3۸ Benedict‬ميد‬ ‫المجتمعات المتقدمة ‪..‬فإن األدوار تكون غير محددة المالمح ‪ ،‬بل تفتقر إلى‬ ‫الدقة في تحدية ماميتها‪ ،‬وغالبا ما يكتنفها الغموض وعلى المراهق أن يتعلم‬ ‫العديد من المهارات الجديدة‪ ،‬وينتظم في تدريبات معقدة ومتنوعة كالتدريبات‬ ‫‪7‬‬ ‫المهنية (ماير ‪ )۱۹۷۱Mayer‬ای علی المراهق في المجتمعات المتقدمة أن‬ ‫يتعلم أدوارة معقدة ومتنوعة حتى يصبح راشدا ‪ ،‬وعلى هذا فعلى المراهق أن يتعلم‬ ‫أدوار الراشدين اآلخرين ‪ -‬كالزوجية‪ ،‬والوالدية وغيرهما (مارتينو ‪Marteneau‬‬ ‫‪ )۱۹66‬وعلى هذا فان الفترة الطويلة نسبيا لمرحلة المراهقة تعكس التعقيدات‬ ‫التي يتطلبها الحصول على الدور المناسب ليصبح المراهق راشدا فعاال‪.‬وعلى‬ ‫هذا فان سوء التوافق النفسي والصراعات النفسية تعد بمثابة محصلة للقوى‬ ‫الخارجية التي يحتك بها المراهق في المجتمعات المركبة المعقدة‪ ،‬وهذا يعني أن‬ ‫األشكال الثقافية لها تأثيرها في تحديد األدوار االجتماعية للمراهقين‪ ،‬وأن تأثيرها‬ ‫على المراهقين والشباب يفوق حجم التأثير الفطري أو النضج الجنسي عليهم (‬ ‫ماير ‪.)۱۹۷۱‬‬ ‫‪ -3‬وجهة نظر علم نفس النمو‪:‬‬ ‫يصف علم نفس النمو هذه الفترة بأنها وقت اجراء التجارب على مختلف‬ ‫أدوار الرشد والبحث عن الذات ‪ ،‬وبذلك فان المراهق يتكون لديه بالتدريج ادراك‬ ‫للذات يتسم بالثبات ‪ ،‬ويسبب له نوعا من الراحة والرضا (كامبيل‪Campbell :‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ ،۱۹6۹‬امير اتش ‪ ،۱۹۷3 Emerich‬أهامر ‪ ،)۱۹۷3Ahammar‬وفي هذه‬ ‫المرحلة كثي ار ما يسال المراهق نفسه من أنا ؟ والى أين أذهب؟‬ ‫وفى محاولته لالجابة على ذلك لتأكيد ذاته يتعلم ان يکون شخصا له‬ ‫دور في المجتمع مقلدا بذلك الكبار الراشدين المحيطين به في بيئته ويجري‬ ‫التجارب من أجل ذلك التعلم في هذه الفترة دون أن يضطر الى تحمل المسئولية‬ ‫الراشدة بالكامل ودون حل معين‪.‬ويرى البعض أن تغيرات األدوار بالنسبة للمراهق‬ ‫تعد صدمات أليمة حيث أن التغيرات الفسيولوجية لها آثارها المزعجة على مشاعر‬ ‫الذات‪ ،‬ويحتاج المراهق الى وقت ليس قصي ار حتى يستطيع أن يدمج هذه التغيرات‬ ‫في هويته او ذاتيته الفردية البازغة شيئا فشيئا‪ ،‬والتي تتصف بااليجابية والثقة‬ ‫بالذات‪.‬‬ ‫ومن خالل بحث المراهق عن هويته في تساؤله من أنا ؟ ومن خالل تعامله مع‬ ‫نفسه والتغيرات والمتناقضات التي تواجهه في األدوار المختلفة التي يجب أن يقوم‬ ‫بها مستقبال‪ ،‬تتضح له هويته‪.‬ويرى قشقوش أن ما يعرقل ذلك‪:‬‬ ‫‪9‬‬ ‫أوال‪ :‬انصياعه ألقران ومجاراتهم في السلوك االجتماعي‪ ،‬المظهر‪ ،‬المهارات‬ ‫الجسمية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ما يشيع في المجتمع من أفكار نمطية‪ ،‬ومفاهيم عن أدوار كل من الرجال‬ ‫والنساء ترفع أو تخفض مفاهيمهم عن أنفسهم ( ابراهيم قشقوش ‪.)۱۹۸۰‬‬ ‫‪ -4‬وجهة نظر البيولوجيا نحو المراهقة‪:‬‬ ‫تعتبر المراهقة فترة تغيرات بيولوجية كبرى وسريعة ويصحب التطور الجسمي‬ ‫والجنسي الهائل عند المراهق نموا أقل وضوحا في القدرة المعرفية‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فالولد العادي في سن الرابعة عشر أو الخامسة عشر يستطيع أن يتناول بسهولة‬ ‫واقتدار أنواعا كثيرة من األعمال العقلية‪ ،‬أو المشكالت والمسائل العقلية‪ ،‬في حين‬ ‫أن طفل العاشرة يجدها أم ار متعذ ار عليه‪ ،‬بل ويصعب عليه تناولها والتصرف‬ ‫فيها‪ ،‬وال خالف على أن المراهق أكثر تقدما ونضجا من الناحية المعرفية عن‬ ‫اخوته األصغر حتى وان اشتكى اآلباء من عجز أبنائهم المراهقين عند اتباع‬ ‫تعليمات بسيطة يقوم بها اخوتهم األصغر ( مسن وآخرون ‪.) ۱۹۸۰‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ان السنوات التي تقع فيما بين البلوغ الجنسي والرشد لها أهميتها الشديدة‬ ‫بالنسبة النمو الى المعرفي عند المرافق‪ ،‬حيث تصل قدرته على اكتساب واستخدام‬ ‫المعرفة ذروة الكفاية ولو أنه لم يحدث تقدم منحول في الغدرت تعلية خزل سنت‬ ‫تكوين شده‪ ،‬ومن المستبعد أن يتم ذلك في زمن الحق‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أبدا‬ ‫أن كثي ار من الناس ال يواصلون تنمية قدراتهم العقلية في مرحلة الرشد‪ ،‬فاألفراد‬ ‫الذين يتمتعون بصحة جيدة‪ ،‬ويعيشون حياة عقلية ميسرة نشطة ‪ ،‬غالبا ما يختفون‬ ‫ويشذون عن القاعدة (مسن وآخرون ‪.)۱۹۸۰‬‬ ‫ويقول ( جيرفك ‪ )۱۹۷۳ Jarvik‬ينبغي أن نعرف أن القدرات العقلية ال‬ ‫تتطور كلها أو تنحدر كلها بنفس المعدل‪.‬ان القدرات التي يبدو أنها تعكس‬ ‫بصورة مباشرة القدرات البيولوجية (المختصة) مثل سرعة االدراث الحسي والمرونه‬ ‫العقلية ‪ ،‬نجدها تنمو وتتطور بسرعة أكبر خالل الطفولة والمراهقة‪ ،‬وتتدهور في‬ ‫وقت أسبق وبسرعة أكبر خالل سنوات الرشد‪ ،‬وذلك بالنسبة لتلك القدرات التي‬ ‫هي أقرب إلى أن تتأثر بالخبرة مثل الطالقة اللفظية‪.‬‬ ‫وال تظهر فروق ثابتة مستمرة بين المراهقين والمراهقات في الذكاء عموما‪،‬‬ ‫إال أنه توجد بعض الفروق في بعض القدرات المحدودة‪.‬فابتداء من العاشرة تميل‬ ‫‪11‬‬ ‫البنات الى التفوق على اآلوالد في اختبارات القدرة اللغوية‪ ،‬على حين يتفوق‬ ‫األوالد في األعمال البصرية ‪ -‬الميكانيكية ( أي يسهل عليهم تصور شیء ما‬ ‫في الفراغ من زاوية مختلفة‪ ،‬أو حل المتاهات‪ ،‬أو تصور الطريقة التي تعمل بها‬ ‫طائفة من العجالت المسننة)‪.‬كذلك عند بلوغ الثانية عشرة أو الثالثة عشرة تقريبا‬ ‫يحصل األوالد على درجات أعلى بعض الشيئ في القدرة الرياضية‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫من الواضح حتى اآلن إلى أن مصدر تعود هذه الفروق هل تعود إلى تأثير‬ ‫الوراثة ؟ أم تكون نتيجة األفكار النمطة جنسيا في المجتمع؟ والتي تشجع األوالد‬ ‫على أن يكتسبوا المهارات الرياضية والميكانيكية‪ ،‬في حين تشجع البنات على أن‬ ‫يكتسبن المهارات اللفظية واللغوية (ماكوبی‪)1966 Maccoby, E.E.‬‬ ‫متطلبات النمو في مرحلة المراهقة ‪Developmental Tasks :‬‬ ‫أوضح هد فجرست ( ‪ )۱۹۷۲ ، ۱۹5۱ Havighurst‬أنه يجب على‬ ‫المراهق في هذه المرحلة أن يتعلم الكثير من المهام‪ ،‬وقام بايضاح األهمية العلمية‬ ‫للمراهنة على أنها فترة نمو تربط بين الطفولة والرشد بشكل حاسم‪ ،‬وقد فسر‬ ‫مصطلح مطلب النمو ‪ Task‬إلى أنه يشير الى اتخاذ الفرد لواجبات مدينة تتعلق‬ ‫بعملية االنتقال من مرحلة نمو الى المرحلة التالية لها‪ ،‬وهذه المتطلبات باعتبارها‬ ‫‪12‬‬ ‫مهارات‪ ،‬ومعرفة‪ ،‬ووظائف‪ ،‬واتجاهات يجب على الفرد أن يكسبها للتوافق مع‬ ‫الدورالذي ينتظره‪ ،‬أو ينتقل خالله في عملية النضج الجسمانی واالنجار‬ ‫االجتماعي‪ ،‬والجهود الشخصية الى المرحلة التالية‪..‬ويذكر مافجرست متطلبات‬ ‫النمو في هذه المرحلة على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬قبول الحالة الجسمية للمراهق‪ ،‬واكتساب دور الذكر أو األنثى‪.‬‬ ‫‪ -2‬تكوين عالقات مالئمة مع رفاق السن من كال الجنسين‪.‬‬ ‫‪ -3‬تحقيق االستقالل العاطفي عن الوالدين وغيرهما من الراشدين‪.‬‬ ‫‪ -4‬تحقيق التاكد من أن الفرد يصبح مستقال اقتصاديا أي تحقيق األمان‬ ‫االقتصادي المستقل‪.‬‬ ‫‪ -5‬التقرير واالستعداد للدخول في مهنة‪.‬‬ ‫‪ -6‬تكوين المهارات والمفاهيم المعرفية الالزمة للكفاية االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ -7‬فهم وأداء السلوك االجتماعي المسئول‪.‬‬ ‫‪ -8‬االستعداد للزواج وتكوين أسرة‪.‬‬ ‫‪ -9‬اكتساب قيم تتالءم والصورة العالمية العلمية‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ومهما كانت السمة االختبارية لهذه المتطلبات‪ ،‬فانها تشير الى جوانب هامة‬ ‫عديدة للنمو في مرحلة المراهقة وهذا ينبهنا ويركز اهتمامنا على مشاكل معينة‬ ‫تواجه المراهق في هذه المرحلة العمرية‪ ،‬فالوقت الذي تستغرقه مرحلة المراهقة‬ ‫طال أم قصر يوفر للفرد فرصا للتجريب يحتاج اليها حتى يتمكن من أداء هذه‬ ‫المتطلبات والدخول في مرحلة الرشد كشخص حسن التوافق‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫أهم النظريات التي تفسر المراهقة‬ ‫تعرضت نظريات عديدة للنمو خالل مرحلة المراهقة‪ ،‬ومن هذه النظريات‬ ‫ما يؤكد على التغيرات البيولوجية‪ ،‬ومنها ما يؤكد على العوامل االجتماعية‬ ‫الثقافية‪ ،‬ومنها أيضا ما هو ذو طابع ثقافي بيولوجي أي تؤكد على كال التغيرات‬ ‫البيولوجية واالجتماعية‪.‬ومن هذا التقسيم تتضح لنا الخلفية التاريخية الهامة في‬ ‫دراسة نمو المراهق‪.‬وسوف نعرض لهذه النظريات على النحو التالي‪:‬‬ ‫اوال ‪ -‬النظريات البيولوجية‪Biological Theories :‬‬ ‫وتركز هذه النظريات على التغيرات البيولوجية التي تتعلق بالنضج ومن‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫‪ -1‬نظرية هول ‪:G.S Hall‬‬ ‫وتتعلق بأصل الحياة‪ ،‬وقد وضعت قواعد هذه النظرية بناء على الدراسة‬ ‫العلمية للمراهقة وما تبعها من أعمال رائدة قام بها "هول" بعد ان نسر كتابة عن‬ ‫المراهقة عام ‪.1904‬ورغم أن عددا من االفتراضات التي أسند اليها هول في‬ ‫‪15‬‬ ‫نظريته قد ثبت خطؤها بالفعل اال أن تفكير هول ظل له تأثير فعال في هذا‬ ‫ألمجال لسنوات عديدة‪.‬‬ ‫ومفهوم « هول » عن التتابع التطوري يتفرع عن نظرية دارون ألصل‬ ‫األنواع ‪ )۱۸5۹( Origin of species‬أي أن التاريخ االختياري لألنواع يصبح‬ ‫جزءا من التكوين الوراثي للتركيب العضوي للفرد‪ ،‬ولذلك فهو ينتقل من جيل الى‬ ‫الجيل التالي وعلى ذلك فان التركيب العضوي للفرد يعكس نمو األنواع‪.‬أي أن‬ ‫الفرد الراشد مر خالل سلسلة من المراحل النمائية تتناسب وتلك المراحل التي مر‬ ‫بها الجنس البشري في نموه‪ ،‬ومن ثم فان العبارة التي نسمعها كثي ار من ان نمو‬ ‫التركيب العضوي الفردي يعكس النمو التطوري لإلنمائية "قد تكون صحيحة من‬ ‫وجهة نظر هول"‬ ‫وعلى هذا فإن نظرية هول هي نظرية "تلخيص واستعادة" اى ان الفرد‬ ‫في نموه يمر بفترات تتناسب مع تقابل الفترات التي مرت بها البشرية في تطورها‪.‬‬ ‫فطور اإلنسانية البدائي في البشرية الذي كان يعيش فيه االنسان كحيوان يصارع‬ ‫ليعيش‪..‬يقابله طور نماء الطفل في مراحل طفولته المتعددة‪..‬واذن مراحل‬ ‫‪16‬‬ ‫الطفولة من ميالد الطفل فيها طو ار بدائيا يجعله قريبا من الحيوان كنوع وفى هذا‬ ‫الطور تبرز أهمية المهارات الحس حركية لحفظ الذات‪.‬‬ ‫ويصور "هول" فترة المراهقة بنفس الطريقة‪..‬أي انها مرحلة انتقال بين‬ ‫الطفولة والرشد تناظر وتقابل فرة االضطراب التي مر بها االنسان قبل ان يعمل‬ ‫ويرتقى بنفسه الى صور واشكال المجتمعات المتحضرة ألنها تشبه المرحلة التي‬ ‫حاولت المجتمعات اإلنسانية ان تنتقل فيها من البدائية الى التحضر‪ ،‬وما تميزت‬ ‫به هذه المرحلة من تردد وانتكاس ونضال مرير‪.‬‬ ‫ويؤخذ عن "هول" مصطلح العواصف والتوتر ‪Storm and Stress‬‬ ‫حيث استعمله لما تتميز به فترة المراهقة من تعارض وتصارع لدى المراهق بين‬ ‫األنانية والمثالية‪ ،‬القسوة والرقة‪ ،‬العصيان والحب‪.‬‬ ‫وقد سقطت نظرية "هول" فيها بعد بفضل انتشار رفض التسليم بصحة‬ ‫االعتقاد الخاص بوراثة الخصائص والصفات المكتسبة‪ ،‬حيث تشير هذه النظرية‬ ‫الى ان الفرد يرث الخصائص البيولوجية الخاصة بالجنس البشري اذ انها تدخل‬ ‫في تركيب المورثات‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ولم يوضح "هول" دور التأثيرات الثقافية على النمو‪ ،‬ويرجع ذلك في نظره‬ ‫الى ان التركيب العضوي يخضع لسيطرة عوامل وراثية‪ ،‬وقد افترض ان النضج‬ ‫يحدث مهما كان الوضع االجتماعي او الثقافي‪.‬‬ ‫واعتبر هول كما اوضحنا ان المراهقة فترة عاصفة حافلة بالضغوط وهى‬ ‫فترة ميالد جديد تتسم بخصائص وصات تختلف عن مرحلة الطفولة وعلى هذا‬ ‫فالمراهقة فترة تتناسب مع فترة النمو االنسانى عندما كان الناس في فترة انتقال‬ ‫مضطربة‪.‬‬ ‫ومازالت أغلب المفاهيم الشائعة حاليا عن المراهقة تتشبث بهذه النظرية‪،‬‬ ‫حيث النظر الى المراهقة كفترة انتقالية مضطربة عل الرغم من سقوط نظرية هول‬ ‫كما اوضحنا حيث تم رفض التسليم بصحة االعتقاد الخاص بوراثة الخصائص‬ ‫والصفات المكتسبة‪.‬وتوجد أدلة حديثة ظهرت بعد ذلك (كما يرى وليام ج ماير‬ ‫وآخرون) تؤكد عكس نظرية هول للمراهقة حيث يرون ان المراهقة ليست فترة‬ ‫عاصفي مليئة بالضغوط والدليل على ذلك ان نسبة الذكاء تظل ثابتة نسبيا‪ ،‬كما‬ ‫انه ليس هناك دليل قوى على التغيرات السريعة في الشخصية او العالقات‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وان كانت بعض التغيرات تحدث فعال اال انها بطيئة وتمثل استم اررية‬ ‫‪18‬‬ ‫النمو‪ ،‬واذا كان بعض المراهقين قد يمرون بفترات عاصفة مليئة بالضغوط فان‬ ‫معظمهم قد ال يتعرضون لهذه الضغوط‪.‬‬ ‫ويعتقد "هول" أن الشخصية في فترة المراهقة تمر بتغيرات سريعة لدرجة‬ ‫يبدو معها المراهق شخصا مختلفا‪ ،‬أو بعبارة أخرى يعتقد "هول" أن النمو من‬ ‫الطفولة الى المراهقة لم يكن متصال ويأخذ دليله على هذا الرأي أن بعض‬ ‫التغيرات في فترة المراهقة تختلف تماما عما كانت عليه في فترة الطفولة‪ ،‬ودليله‬ ‫على ذلك النمو الجسمي وما يصاحبه من تغيرات واضحة وألن هذا النمو واضح‬ ‫وسريع فقد عممه هول على جوانب أخرى من جوانب نموالمراهقة ‪ ،‬كما أن‬ ‫عالقات الصداقة تبدا بين الجنسين في الظهور ونظهر بعض التغيرات المعرفية‬ ‫التفكير االجرائي اي الشكلي ‪ ،‬كل هذا يعتبر تغي ار كامال في نمو شخصية‬ ‫المراهق كما تصور (هول)‪.‬والحقيقة أن جوانب النمو هذه لم تكن متوقفة‪ ،‬بل‬ ‫هي مستمرة‪ ،‬ومتدرجة من الطفولة الى الرشد‪ ،‬كما انها متقطعة (ماير ‪.)۱۹۷۱‬‬ ‫ويرى (مندوس) فترة المراهقة بانها فترة من الحياة المتشنجة ‪ -‬وكذلك يرى (‬ ‫بوشلر) أن فترة المراهقة فترة سلبية ( عادل االشول ‪)۱۹۸۲ ،‬‬ ‫‪19‬‬ ‫ويری « ماير» أن النمو الجسمي للمراهق هو الذي يجعل الكثيرين‬ ‫يعتقدون أن التغيرات النفسية تحدث ايضا بنفس سرعة النمو الجسمي وانها غير‬ ‫مستمرة‪ ،‬والواقع انها ليست كذلك‪ ،‬ومن هنا يری « ماير » أنه عند دراسة النمو‬ ‫في مرحلة المراهقة يجب أن يراجع الفرد نفسه حتى ال يكون متحي از في تفسيره‬ ‫لطبيعة التغيرات التي تحدث في هذه المرحلة ( المراهقة ) ويتأكد من التفسير‬ ‫الموضوعي لهذه التغيرات (التي تدعمها البيئة كما يری ارنولد جيزيل‬ ‫‪.)1954 Gesell‬‬ ‫وبناء على ما سبق فان من يعرف التفسير الموضوعي لطبيعة تغيرات‬ ‫هذه الفترة ينظر لها على أنها مجرد امتد واستمرار في النمو وليست مرحلة تمثل‬ ‫طفرة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬نظرية التحليل النفسي‪Psychonalytic Theory :‬‬ ‫وضعت أنا فرويد ‪ 1948 Anna Freud‬ابنة سيجموند فرويد‬ ‫‪ Sigmond Freud‬بعض ديناميات نظرية التحليل النفسي للنمو في المراهقة‪،‬‬ ‫ومثل «هول» فهي تعتقد في عدم استم اررية النمو بسبب التغيرات البيولوجية التي‬ ‫‪20‬‬ ‫يسببها البلوغ والتي تؤدي الى نشاط الوظيفة الجنسية‪ ،‬وقد تسبب الرغبة الجنسية‬ ‫المتزايد لدى المراهق تكرار الموقف األوديبي الذي يجب أن يحل بتكوين عالقات‬ ‫جنسية مالئمة بين الجنسين مثل تكوين صداقات مع الجنس اآلخر‪ ،‬ونبهت انا‬ ‫فرويد الى ضرورة نقل بؤرة االهتمام من الهي ‪ Id‬واألنا األعلى ‪Super Ego‬‬ ‫الى األنا ‪.Ego‬وأوضحت ما يمكن أن يتخذه األنا من ميكانزمات للدفاع‪.‬وترى‬ ‫أنا فرويد ان األنا ‪.Ego‬يقوم بوظيفة توفيقية في مواجهة وقائع وأحداث العالم‬ ‫المادي الخارجي من ناحية‪ ،‬وداخليات الحياة النفسية للفرد من ناحية أخرى‪.‬‬ ‫وتعتقد «أنا فرويد» أيضا أن المراهق يعيش في حالة توتر مستمر تتطلب‬ ‫دفاعات‪.‬وهي بذلك تؤكد على العالقة بين آليات الدفاع ضد التوتر والقلق‪ ،‬وبين‬ ‫السلوك وترى أن هذه الدفاعات قد تؤدي اما الى نمو اجتماعي شاذ أو نمو‬ ‫اجتماعي سوی‪.‬وهكذا ترى أن (األنا) تقوم بوظيفة توفيقية في مواجهة وقائع‬ ‫وأحداث العالم المادي الخارجي من ناحية‪ ،‬وداخليات الحياة النفسية للفرد من‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬وذلك من خالل آليات الدفاع‪.‬‬ ‫ومن أمثلة اليات او ميكانيزمات الدفاع التي يستطيع المراهق أن يصل‬ ‫من خاللها الى تحقيق تكيفه الداخلي المنشود‪:‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪ -1‬الكبت ‪ Represion‬وهي حيلة دفاعية ال شعورية‪..‬تدفع ما ليس مقبوال‬ ‫الى الالشعور‪.‬‬ ‫‪ -2‬االنكار ‪ Dental‬أی االصرار على أن بعض ظواهر الواقع النفسي ال‬ ‫وجود لها‪ ،‬حيث يتوهم الفرد أن ما يتمناه حقيقة واقعة‪..‬ويختلف اإلنكار‬ ‫عن الكبت‪ ،‬فالكبت يحدث عندما يحاول الدافع الغريزي أن يكون‬ ‫شعوريا‪ ،‬أو أن يعبر عن نفسه في السلوك‪ ،‬والكبت يمكن عالجه نفسيا‪،‬‬ ‫حيث يتعرف المريض على المادة المكبوتة ويخرجها الى حيز الشعور‪..‬‬ ‫اما االنكار ‪ Denial‬فهو يجعل الشخص جاهال تماما بحادث معين‪،‬‬ ‫ولكنه ال يمنعه من التعبير عن دوافعه الغريزية ومشاعره واالنكار قد‬ ‫يأخذ صورة لغوية بان تقول في موقف مهدد هذا غير ممكن‪ ،‬وقد يأخذ‬ ‫صورة تكرار قهري ألبعاد الفكرة أو الرغبة عن الشعور‪ ،‬وقد‬ ‫يؤدى االنكار إلى فقدان االحتكاك بالواقع مثلما ينكر الفرد أن محبوبته‬ ‫قد ماتت على الرغم من كل ما يقطع فعال بموتها‬ ‫‪ -3‬التسامي او االعالء ‪ " Sublimation‬ويعنى أعادة توجيه الدوافع من‬ ‫هدف جنسي الى هدف اجتماعي‪ ،‬وهی حيلة دفاعية تفرغ بها الطاقات‬ ‫‪22‬‬ ‫الغريزية في أشكال سلوكية غير غريزية‪ ،‬وتحويل نوعية االنفعاالت‬ ‫المصاحبة للنشاط بحيث تفرغ من مضمونها الجنسي ومضمونها‬ ‫العدواني حتى يكون التسامي واالعالء مقبوال اجتماعية‪..‬ومفهوم‬ ‫األعالء أو التسامي يقدم لنا تفسي ار لالرتقاء من الوظائف الدني الى‬ ‫الوظائف العليا‪.‬‬ ‫‪ -4‬االنسحاب ‪ withdrawal‬أي الهروب العقلي أو الجسمي من المواقف‬ ‫غير السارة‪ ،‬وهو وسيلة بدائية دفاعية يتعلمها الطفل في مرحلة تطوره‬ ‫النفسي الفمي ويلجا اليها (األنا ‪ )Ego‬للدفاع عن نفسه‪ ،‬حيث يكون‬ ‫الطفل عاج از عن أن ينأی بنفسه بعيدا عن المواقف المهددة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يزيح عن نفسه القلق بأن ينسحب من الموقف او بان يشغل نفسه في‬ ‫وجود ما يتمناه‬ ‫وكما سبق واوضحنا وان « آنا فرويد » ترى أن األنا ‪ Ego‬يقوم بوظيفة‬ ‫توفيقية هامة في مواجهة وقائع وأحداث العالم المادي الخارجي من ناحية‪،‬‬ ‫وداخليات الحياة النفسية للفرد من ناحية اخرى‪.‬وفي هذا الموقف‪ ،‬يتمتع الدور‬ ‫الذي تقوم به الدفاعات ضد القلق بأهمية خاصة‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫ويمكن أن ينشا القلق او يحدث من ثالثة مصادر هي‪ -:‬األنا األعلى‪ ،‬الواقع‬ ‫الموضوعي الغرائز‪.‬‬ ‫وقلق األنا األعلى يتمثل في مشاعر االثم العادية المألوفة التي يمكن أن‬ ‫تصاحب او ترتبط بالصراعات الداخلية للضمير‪.‬اما القلق الموضوعي هو قلق‬ ‫المشكلة ‪Praivkentucak‬‬ ‫الظروف‬ ‫طريق‬ ‫عن‬ ‫يحدث‬ ‫واقعی‬ ‫‪ Circumstances‬التي يمكن أن يستتبعها عواقب وآثار مؤلمة‪..‬ويتمثل القلق‬ ‫الغرائزي في خوف ورهبة تعتري الفرد من قوة الغرائز ذاتها‪.‬‬ ‫ويصاحب االتزان النفسي ‪ Psychic Equilibrum‬الفرد حين تستطيع‬ ‫الشخصية أن تصل الى اقصى درجات االشباع‪ ،‬حيث يصبح مستوى التوتر من‬ ‫الممكن تحمله‪.‬وترى أن حالة االتزان المرغوب فيها ما بين الهی واألنا األعلى‬ ‫تعد بمثابة نوع من التسويات المؤقتة ‪ Modvs vivenli‬أكثر مما هي تعاون‬ ‫وطيد بين االهتمامات المادية والمجردة‪.‬‬ ‫وتعتبر «أنا فرويد» المراهقة فترة من االضطراب في االتزان النفسي‬ ‫تظهر نتيجة النضج الجنسي وما يستتبعه من يقظة القوى اللبيدية (الشهوانية)‬ ‫‪24‬‬ ‫وعودة نشاطها‪.‬وترى ان «األنا األعلى» في هذه الفترة قد يتعرض تطور من‬ ‫الضعف يعيشه بصورة متقطعة وغير مستمرة‪ ،‬مما يجعلها غير قادرة في بعض‬ ‫األوقات على صد هجمات ألهی الضاربة‪..‬وترى أن صعف «األنا األعلى‪ ،‬وقتئذ‬ ‫يرجع اساسا الى تشرب ناقص وغير كامل لصورة األب‪ ،‬نتيجة التسرع التغاضي‬ ‫عن متطلبات تدعيم وتعزيز " األنا األعلى" وتحدث الدفاعات عندئذ بطريقة‬ ‫تلقائية ‪ -‬وبصفة خاصة ضد مظاهر «العقدة األوديبية الثانية» ويبدو السلوك‬ ‫عندئذ كما لو كان يتأرجح بشدة ما بين نهايتين متطرفتين ‪،Two Extremes‬‬ ‫وذلك تبعا لما يصير اليه الصراع بين الجانبين من ارتفاع وانخفاض‪.‬وبالتالي‬ ‫يمكن ان يستتبع سمات التقشف والزهد ومختلف صور الكف أو التثبيط ومظاهر‬ ‫أية أعراض عصابية وقوع الفرد في صور االشباع الجنسي غير الصحيحة او‬ ‫الصحيحة التي تشبع في فترة ما قبل سن التناسل وانخراطه في عديد من صور‬ ‫السلوك العدواني او االجرامي ( أنا فرويد ‪)1948‬‬ ‫وتتميز فترة المراهقةةة من وجهةةة نظر « أنةةا فرويةةد » بةةآليتين دفةةاعيتين‬ ‫تعتبر كل منهما بصة ة ة ة ة ة ةةورة او باخرى إمتداد ل ليات الدفاعية السة ة ة ة ة ة ةةابقة الذكر‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫وه ة ة ةةات ة ة ةةان الحيلت ة ة ةةان هم ة ة ةةا‪.‬الزه ة ة ةةد والتقشة ة ة ة ة ة ةةف ‪ ،Ascenticism‬والعقالني ة ة ةةة‬ ‫والتعقل ‪.Intellectutlization‬‬ ‫والزهد والتقشف كحيلة دفاعية تعكس ارتيابا متطرفا واسع النطاق من‬ ‫جانب الفرد في جدوى الحياة الغريزية وتتضمن تقييدا لنشاط "األنا " في مجاالت‬ ‫حية تتصل بالغذاء والملبس الى جانب النشاط الجنسي‪.‬‬ ‫والعقالنية تعتبر حيلة ال شبقية او ال شهوانية ‪ Antilibidinal‬وغالبا ما‬ ‫تنضح او تعبر عن نفسها في صورة نزعة أو ميل لالبتعاد عن االهتمامات‬ ‫المادية‪ ،‬واالنصراف عنها إلى االهتمامات المجردة األكثر أمنا‪.‬‬ ‫وهكذا‪ :‬يستخدم المراهقون الزهد والعقالنية في الدفاع حيث يصبح الزهد‬ ‫محاولة إلنكار وجود الجوانب (او ما يجذبهم) مثل الجنس حيث يظهر المراهق‬ ‫وكأنه ال يخضع لها وغير مبال بها‪ ،‬والعقالنية تصبح محاولة إلى معالجة تجريدية‬ ‫للمواضيع‪ ،‬بطريقة توحی بأنها ليست صراعات مركزية‪ ،‬ومن ثم تصبح مناقشة‬ ‫حرية الحب ووجود اهلل وما شابه ذلك قد تمثل محاوالت من جانب المراهق‬ ‫لمواجهة صراعات الشخصية الشديدة الرسوخ‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫ويتضح مما سبق أن وجهة نظر علماء التحليل النفسي هي النظرة الى‬ ‫الفرد على انه يكون مجموعة من اليات أو ميكانزمات الدفاع التي تسمح بتكيفه‬ ‫الصحي مع التغيرات البيولوجية (النضجية) التي تحدث له في فترة المراهقة‪.‬‬ ‫وقد انصب اهتمام علماء التحليل النفسي على النمو الفردي للشخص‬ ‫في طفولتة ومراهقته بتأثير العوامل السيكولوجية في تشكيل ازمة المراهق‪ ،‬وقد‬ ‫أوضحوا أن فترة المراهقة هي فترة يكون فيها العالم الداخلي للفرد في حركة عنيفة‬ ‫‪ -‬كما يكون الفرد في نفس الوقت حساسا للغاية لمؤثرات العالم الخارجي‪.‬وبهذه‬ ‫النتائج التي توصل اليها التحليل النفسي استطاع علماء التحليل النفسي ان يلفتوا‬ ‫النظر الى دينامية المراهق مع التأكيد على عالم التنظيم السيكولوجي للفرد في‬ ‫هذه الدينامية‪.‬‬ ‫وتميل نظريات النضج الى االعتماد بشدة على الضغوط‪ ،‬وعدم‬ ‫‪ -‬االستم اررية في النمو بهدف تفسير سلوك المراهق‪ ،‬ويفترض اصحاب هذه‬ ‫النظريات ‪ -‬أن التأثيرات البيئية والثقافية ال تلعب اال دو ار ثانويا‪ ،‬ومن ثم فان‬ ‫هذه النظرة تتركز على العالقة بين النمو الجسمي وخاصة النمو العضوي‬ ‫والتأثيرات الهرمونية‪ ،‬وبين السلوك النفسي‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ثالثاً‪ -‬النظريات الثقافية‪Cultural Theories :‬‬ ‫تواجه اعمال هول وفرويد ‪ Freud & Hall‬وغيرهما ممن اعتبروا‬ ‫التغيرات البيولوجية هي المؤثر األكبر في نمو المراهق تحديا من علماء‬ ‫األنثروبولوجيا الذين يذكرون أن األنماط التطورية (أنماط النمو) التي توجد في‬ ‫المجتمعات الصناعية في الغرب غير موجودة في الثقافات األخرى التي تستخدم‬ ‫وسائل اخرى لتنشئة المراهق اجتماعيا‪.‬وعلى ذلك فان علماء االنثروبولوجيا‬ ‫ينظرون الى العوامل البيئية والثقافية على أنها ذات أهمية أساسية في تحديد النمو‬ ‫الجسمي‪ ،‬اما من الناحية الوراثية (التكوينية) فهي ليست اال عامال ثانويا تتحكم‬ ‫فيه العوامل الثقافية والبيئية‪.‬‬ ‫‪ -1‬رأی مرجريت ميد وروث بندكت‪:‬‬ ‫وقد تكون مرجريت ميد ‪ Margaret Mead‬وروث بنيدكت ‪Ruth‬‬ ‫‪ Benedict‬هما أكثر علماء األنثروبولوجيا اللذان كتبا عن نمو المراهق‪.‬فمنذ‬ ‫عام ‪ 1925‬ومع ظهور ابحاث « مارجريت ميد » اتضح ان السلوك الذي كان‬ ‫يعزي وينسب الى المراهقين في وقت ما ‪ -‬باعتباره يمثل جزءا من تكوينهم‬ ‫‪28‬‬ ‫وميراثهم البيولوجي ال يتخذ صفة العمومية والشمول بای حال من األحوال‪ ،‬حيث‬ ‫يصبح من المسلم به أن كل ما يصادفه المراهقون ويعايشونه من صراع وتوتر‬ ‫ومشكالت‪ ،‬ال يمكن تفسيره بمعزل عن الضوابط والمعايير الثقافية التي يخضع‬ ‫لها المراهق في مجتمعه‪.‬وفي الحقيقة ال يستطيع أحد أن ينكر أن الضغوط التي‬ ‫تنشأ عن التغيرات التي تحدث في بنية المجتمع وتركيبه ونظم مؤسساته وقيمه‬ ‫وعاداته وتقاليده ‪ -‬تؤثر الى حد كبير في طريقة تعامل أفراد ذلك المجتمع‪،‬‬ ‫وبالتالي في تكوينهم‪.‬‬ ‫وتری "مرجريت ميد" غلبة تأثير البيئة على ما عداها من تاثيرات في‬ ‫نمو شخصية الفرد بعد الدراسات التي قامت بها في جزر «ساموا»‬ ‫‪ ۱۹۵۰ Samwa‬حيث الحظت أن مرحلة المراهقة تمر بسالم ودون أي توتر‪،‬‬ ‫بل وتتسم بالبهجة وتخلوا من ای شدة وتوتر‪ ،‬ويتم انتقال المراهق من مرحلة‬ ‫الطفولة الى الرشد باحتفال يعلن فيه أن الفتى او الفتاة بلغ سن الرشد‪ ،‬وقد يخضع‬ ‫المراهق لبعض االختبارات التي يثبت من خاللها جدارته وكفاءته‪.‬وتعلل «ميد»‬ ‫ذلك بان مجتمع جزر «ساموا» تتسم حياة الراشدين فيه بالبساطة وذلك على‬ ‫خالف المجتمعات المتحضرة التي تحتاج حياة الراشد فيها الى ادوار وتعقيدات‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ومن خالل دراستها ايضا في غينيا الجديدة ‪ ۱۹۵۳‬وجدت نفس نتائج‬ ‫دراساتها الميدانية السابقة التي تشير إلى تأثير الثقافة علي نمو المراهق‪.‬‬ ‫ويقول «ماير»‪ :‬مع أن نظرية «ميد» ليست مقننة اال انها تعتقد إنه‬ ‫لضرورة فهم السلوك اإلنساني البد من النظر الى دور المؤسسات الثقافية في‬ ‫تشكيل هذا السلوك‪.‬‬ ‫ولقد اظهرت الدراسات التي تمت حول النمو الثقافي وتاثيره على بناء شخصية‬ ‫الفرد مفهومين هما‪:‬‬ ‫‪ -1‬التحديد الثقافي ‪culture determinism‬‬ ‫‪ -2‬النسبية الثقافية ‪Cultural relativism‬‬ ‫وعلى هذا فان الثقافة هي التي تحدد نمو الفرد الذي يعكس بدوره‬ ‫االختالفات الثقافية‪.‬فالثقافات المختلفة تولد انواع مختلفة من الشخصيات النسبية‬ ‫الثقافية‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫وال تنكر « ميد » ‪1961‬تناقضات البلوغ الجنسي وتبايناته وما تلعبه من‬ ‫دور في التأثير على تكوين شخصية الفرد ولكنها تری ان ما يصادفه المراهق‬ ‫ويعشه من مشكالت انما يرجع اساسا الى العوامل االجتماعية ‪ -‬وخاصة ما‬ ‫يتصل بمواقف الحياة اليومية‪.‬‬ ‫أما « روث بندكت » فقد أوضحت بمزيد من المهارة الطرق المختلفة‬ ‫التي تؤثر الثقافة بها على النمو‪ ،‬وذلك بالتركيز على متوسط التأثيرات الثقافية‬ ‫في اختالفات وتشابهات ادوار الطفولة‪ ،‬وادوار الرشد‪.‬‬ ‫ان « روث بندكت » تمثل آراء مدرسة النسبية الثقافية ‪Cultural‬‬ ‫‪ Relativistic School‬وقد شرحت ظاهرة تنميط السلوك او تقسيمه الى انماط‬ ‫باعتبارها صو ار او صيغا يجري تشكيلها عن طريق ما يسود المجتمع من‬ ‫مؤسسات وقيم وعادات وتقاليد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن فترة المراهقة هي فترة االستقالل النسبي‪.‬واالنتقال‬ ‫من الطفولة (حيث يكون اعتماد الطفل على اآلخرين) ‪ -‬الى فترة المراهقة (وهي‬ ‫فترة االستقالل النسبي كما ذكرنا) ‪ -‬اال ان المجتمعات تتباين فيما بينها الى حد‬ ‫‪31‬‬ ‫كبير من حيث الكيفية والطريقة التي يمكن أن يتم بها هذا االنتقال ‪..‬ففي بعض‬ ‫المجتمعات يتم االنتقال بهدوء واتصال يكاد يكون غير محسوس‪ ،‬بينما في‬ ‫مجتمعات اخرى يظهر التغير واضحا حين تؤكد هذه المجتمعات على حقيقة‬ ‫التغير او االنتقال الفجائي في الخبرة (بندكت ‪ )۱۹۳۸‬ومن األمثلة على ما سبق‬ ‫نجد ان مساعدة الصبي الصغير لوالده في اطعام األسرة‪ ،‬وبراعته في الصيد من‬ ‫أجل هذه المساعدة ‪ -‬تحظى باحترام الراشدين عند سكان الهند الصينيين‪.‬وهكذا‬ ‫نجد أن األطفال والراشدين يقومون بنفس األدوار تقريبا‪ ،‬وبالتالي يكاد يكون‬ ‫االنتقال الى المراهقة غير محسوس حيث ال نحدد األدوار بحرفية‪ ،‬وكذلك كانت‬ ‫خبرة الجنس وممارسته يعد أم ار مسموحا به في جزر " ساموا" ‪ Samwa‬بالنسبة‬ ‫لكل األعمار الزمنية‪.‬أما في مجتمعات أخرى نجد العكس ‪ -‬حيث أن كثي ار من‬ ‫ضروب انشطة الراشدين محرمة او ممنوعة في األطفال‪ ،‬وكثي ار من أنماط السلوك‬ ‫التي تعتبر مناسبة لألطفال تستمر معهم في نموها عندما يصبحون راشدين حيث‬ ‫ال يحتاجون إلى تعليم مفاجىء لها‪.‬ويعتقد «بندكت ‪ »1954‬انه في الغرب كان‬ ‫يوجد بصفة خاصة ثالثة انماط من الفجوات ‪ Disconinuity‬في عملية النضج‪،‬‬ ‫وترتبط بالتعارض والتناقض الذي يوجد ما بين‪:‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪ -1‬ادوار المسئولية والالمسئولية‪.‬‬ ‫‪ -2‬أدوار السيطرة والتبعية‪.‬‬ ‫‪ -3‬درجات الضبط والتقييد من ممارسة الدور الجنسي‪.‬‬ ‫ويری «ابراهيم قشقوش» أن التغيرات المطلوبة للمراهق في مجتمعات اليوم‬ ‫بالمثل تضمن‪:‬‬ ‫‪.۱‬محو تعلم اتجاهات اللعب عندما ينخرط الفرد في عالم والعمل‪.‬‬ ‫‪.2‬محو اتجاهات الخضوع عندما يضطلع الفرد بوظيفة ذات‪.‬‬ ‫‪.3‬تعلم متطلبات بدء االنخراط في حياة الزواج وتكوين األسرة‪.‬‬ ‫وأن قد ار كبي ار من التوتر العاطفي يمكن أن يصاحب كل هذه التغيرات‪.‬‬ ‫مما سبق يتضح ان «بندكت» تشير الى أن األطفال والراشدين في بعض‬ ‫الثقافات يقومون بنفس األدوار تقريبا‪ ،‬بينما في ثقافات اخری تختلف ادوار‬ ‫األطفال عن ادوار الراشدين اختالفا كبيرا‪.‬‬ ‫‪33‬‬ ‫وفكرة « بندكت » نشير الى ان الثقافات تختلف في االستم اررية بين‬ ‫أدوار الطفولة وادوار الرشد‪ ،‬وبالتالي يكون انتقال الفرد من مرحلة الى مرحلة‬ ‫اخرى محدد تماما اجتماعية وشرعيا في بعض المجتمعات (ای غير مستمر)‪،‬‬ ‫بينما يكون في مجتمعات اخرى لها ثقافات أخرى على عكس ذلك حيث يتم‬ ‫االنتقال فيها من الطفولة الى الرشد بشكل غير محسوس‪.‬‬ ‫ويذكر بندكت ‪ )۱۹۳۸( Benedict‬أن بعض الثقافات الغربية تشتمل‬ ‫على العديد من نماذج عدم االستم اررية التي تعترض االطفال عند نعمهم سلوك‬ ‫الطفولة ولكنها تنقلهم بطريقة ملمة وتدريجية وخالية من الضغوط إلى مرحلة‬ ‫الرشد‪ ،‬ومن ناحية اخرى فان الصراعات‪ ،‬واالحباط التي تتولد عن اعادة التعريف‪،‬‬ ‫واالرتباك باألدوار الجديدة يمكن أن تجعل من المراهقة فترة بالغة الصعوبة‬ ‫وان والتنشئة االجتماعية هي التي تجني االنتقال سهال او صعبا‪.‬‬ ‫ويرى « ماير » ‪ ۱۹۷۱‬أن ثمة مثل جيد لهذين الشكلين من االنتقال هو‬ ‫التنشئة االجتماعية والسلوك الجنسي ‪.‬ففي الثقافات الغربية نجد أن الحاسة‬ ‫الجنسية في فترات الطفولة والمراهقة والرشد لها دور مختلف تماما عما هي عليه‬ ‫في كثير من الثقافات األخرى‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ففي بعض الثقافات على الشباب أن ينتظروا حتى يتزوجوا قبل أن يباشروا‬ ‫العالقة الجنسية‪ ،‬ولكن في بعض الثقافات األخرى فإن األطفال وكذلك المراهقين‬ ‫يسمح لهم بل قد يحثون على مباشرة الجنس‪ ،‬وهناك ثقافات اخرى تعمل على‬ ‫تطور السلوك الجنسي اجتماعي من خالل التنشئة االجتماعية‪.‬‬ ‫وهكذا تصبح الم ازوالت الثقافية واتجاهاتها حول الحاسة الجنسية تحمل‬ ‫تباينا واسع النطاق‪.‬وترى «بندكت» أن هذه الفروق الثقافية تحدث رغم عالمية‬ ‫التغيرات البيولوجية التي تصاحب المراهقة‪ ،‬وهكذا ترى أنه ليست الظروف‬ ‫البيولوجية وحدها هي التي تلد الصراع‪ ،‬ولكن التنشئة الثقافية لها دورها أيضا‬ ‫طبقا لما يراه علماء االنثروبولوجيا‪.‬‬ ‫‪ - ۲‬نظرية التعلم االجتماعي ‪:‬‬ ‫ولعلم االنثروبولوجيا مقابل نفسي في نظرية التعلم االجتماعي وهو ما‬ ‫يفسر النمو على اساس تعلم المثير ‪ -‬االستجابة‪ ،‬والتقليد‪ ،‬حيث يقلد الطفل سلوك‬ ‫الكبار من خالل استخدام النماذج‪ ،‬ويأخذ الطفل نموذجا وقدوة من الكبار ويطابق‬ ‫بين سلوكه وسلوك القدوة‪.‬وتشكل العوامل الثقافية النمو االجتماعي من خالل‬ ‫‪35‬‬ ‫تعزيز السلوك المرغوب فيه ومن خالل نماذج السلوك الدورالمالئم ‪.‬وقد ناقش‬ ‫جويرتز ‪ 1969 Gewirtz‬وبندو ار ‪ 1969 Banadura‬وولترز ‪Walters‬‬ ‫‪ 1963‬تأثير هذه النظرية على النمو في المراهقة ويمكن أن نذكر وجهة نظرهم‬ ‫باختصار وهي (أن الفرد يستطيع اكتساب سلوك جديد تحت شروط معينة من‬ ‫خالل التعلم المباشر وبمالحظة األخرين)‪.‬‬ ‫ويفسر أصحاب نظرية التعلم االجتماعي سلوك المراهقين على أساس‬ ‫القمع الثقافي والتوقعات االجتماعية ويفترضون ان سولك المراهقين هو نتيجة‬ ‫تربية الطفل الذى تعلم أدوار معينه وبالتالي فان عملية التنشئة أو التطبيع‬ ‫االجتماعي هو المسئول عن نمو الفرد سواء كان سويا او كان منحرفا اذ ينبثق‬ ‫النمو من التنشئة االجتماعية في فترة الطفولة المبكرة ويظل مستم ار في المراحل‬ ‫الالحقة وعلى ذلك فان النمو يكون مستم ار وهو يمثل حاصل التنشئة االجتماعية‬ ‫وليس حاصال للنضج‪.‬‬ ‫‪36‬‬ ‫رابعاً‪ -‬النظريات البيوثقافية‪Bioculviral Theories :‬‬ ‫نظ ار ألن معظم النظريات التي تتناول النمو في مرحلة المراهقة ال تأخذ بأی من‬ ‫هذين الرأيين السابقين المتطرفين‪:‬‬ ‫اولهما‪ :‬االتجاه الذي ينظر الى العوامل البيولوجية (الفطرة) باعتبارها هي‬ ‫العوامل األساسية في تحديد الشخصية‪.‬‬ ‫ثانيهما‪ :‬االتجاه الذي ينظر الى العوامل االجتماعية الثقافية (االكتساب)‬ ‫باعتبارها في العوامل األساسية في تحديد الشخصية‪.‬‬ ‫فان معظم علماء النفس الذين يدرسون المراهقة يفضلون النظريات‬ ‫البيوثقافية التي تفسر النمو في مرحلة المراهقة على انه ناتج عن التفاعل بين‬ ‫التاثيرات البيولوجية والثانية وهذا االتجاه هو السائد حيث يفسر ماهية الشخصية‬ ‫في ضوء التفاعل بين التأثيرات البيولوجية واالجتماعية ‪ /‬الثقافية وأصحاب هذا‬ ‫االتجاه على الرغم من عدم اختالفهم حول مضمون التنشئة االجتماعية او الهدف‬ ‫منه بصفة عامة (حيث تقوم هذه العملية بتحويل الفرد من كائن بيولوجي الى‬ ‫كائن اجتماعي يشرب خالل هذه العملية مجموعة معينة من المعايير السلوكية‬ ‫‪37‬‬ ‫واألدوار االجتماعية بحيث يتكون لديه ما يعرف باإلطار القيمي الذي يحتكم اليه‬ ‫فيما يصدر عنه شخصيا من سلوك‪ ،‬ويستند اليه ايضا في تقييم ما يصدر عن‬ ‫اآلخرين من انشطة وتصرفات مختلفة)‪ ،‬اال اننا نجد أن وسائل عملية التنشئة‬ ‫واساليبها تبدو موضع تباين واختالف من مجتمع الى آخر‪ ،‬بل وفى داخل المجتمع‬ ‫الواحد من طبقة الى أخرى‪.‬‬ ‫وكذلك يوجد شبه اتفاق عام حول حقيقة انتماءات الفرد لجماعة ما‪ ،‬وان‬ ‫هذا االنتماء يعتبر حال يشبع به الفرد بعض حاجاته النفسية كالحاجة الى األمن‬ ‫او اإلحساس بقيمته الذاتية من خالل قيامه بدور ما داخل الجماعة اال ان‬ ‫االختالفات بين اهداف ومعايير الجماعات المتعددة قد يترتب عليه نوع من التوتر‬ ‫بالنسبة للفرد الذى يضطر الى االنتماء الى جماعات عده في وقت واحد‪.‬ومن‬ ‫النظريات البيوثقافية التي تؤكد على التفاعل بين العوامل الداخلية (الفطرة)‬ ‫والعوامل الخارجية (االكتساب) باعتبار ان التفاعل بينهما مبدا تفسيريا ذو أهمية‬ ‫بالغة في تحديد ماهية الشخصية‪:‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪ -1‬نظرية أوزيل (الدافعية)‪:‬‬ ‫ذكرت أوزيل ‪ 1954‬ناحيتين من التغير في فترة المراهقة‬ ‫أولهما‪ :‬أنه يوجد تغير بيولوجى وخاص ة ة ةةة الدافع الجنس ة ة ةةى الجديد الذى‬ ‫يتميز في هذه المرحلة بالنمو المفاجئ عند البلوغ – (اى يتسةةم بعدم االسةةتم اررية‬ ‫ب ة ة ةةل ية ة ةك ة ةةون الة ة ةنة ة ةم ة ةةو الة ة ةمة ة ةف ة ة ةةاج ة ةةئ بة ة ةي ة ةةن م ة ة ةةا قة ة ةب ة ة ةةل وم ة ة ةةا بة ة ةع ة ة ةةد الة ة ةبة ة ةل ة ةةوغ‬ ‫هو السة ة ة ةةمة البارزة) – وهى ترى ان الدافع الجنسة ة ة ةةي واالتجاهات المتصة ة ة ةةلة به‬ ‫والس ة ةةلوك الجنس ة ةةي أيض ة ةةا كلها تظهر فى هذه المرحلة من النمو‪.‬وذكرت أوزيل‬ ‫أيضا الذي يحتاج لتنشئة اجتماعية‪.‬‬ ‫ثانيهما‪ :‬تحقيق استقالل المراهق عن الراشدين حيث يعمل المراهق‬ ‫جاهدا من أجل تحقيق هذا االستقالل‪.‬‬ ‫والمراهقون يحبون ان يتعلموا التصرف من تلقاء أنفسهم مستقلين عمن‬ ‫يرعاهم ليحققوا ذواتهم ويشير النمو النفسى البيولوجى الى النتائج النفسية للتغير‬ ‫البيولوجي مثل التفاعالت النفسية المعقدة نحو البلوغ والتي تشمل التغيرات‬ ‫الجسمية‪ :‬مثل (الدافع الجنسي) والتغيرات النفسية‪ :‬مثل االتجاهات نحو الحاسة‬ ‫‪39‬‬ ‫الجنسية‪ ،‬ای ان التغيرات الجسمية للبلوغ لها مصاحبات نفسية‪.‬وتجدر االشارة‬ ‫هنا الى ان الجوانب النفسية للنمو يمكن اعتبارها عالمية‪ ،‬وانها تحدث في كل‬ ‫الثقافات على اختالفها غير ان االجراءات الثقافية كما تقول اوزيل هي التي تحدد‬ ‫الطريقة التي تظهر بها النواحي النفسية للنمو في مرحلة المراهقة‪.‬فالتغير‬ ‫االجتماعي غالبا ما يشير الى التغير النفسي بسبب العوامل الثقافية‪ ،‬وهذه‬ ‫التغيرات النفسية تكون أكثر تحديدا وظهو ار في السلوك الجنسى قبل ثم بعد‬ ‫المراهقة‪.‬‬ ‫وقد حاولت اوزيل ان تقدم صورة متكاملة لهذين النوعين من التأثيرات‬ ‫(البيولوجية والثقافية اي الجسمية الجنسية والثقافية) وخاصة في تأثيرها على‬ ‫الفكرة التي تكونت لدى الفرد عن ذاته من خالل التنشئة االجتماعية‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫المحاوالت التي يبذلها المراهق في سبيل االستقالل‪ ،‬والتوصل الى رؤيته لنفسه‬ ‫ككائن جنسی‪.‬‬ ‫ويبرز دور التنشئة االجتماعية ‪ Socialisation‬هل باعتبارها عملية‬ ‫تسهم في اكتساب الشخصية مجموعة من القيم التي تقودها وتسير حركتها في‬ ‫المجال االجتماعي‪.‬واذا كانت هذه العملية تبدأ منذ الصغر فانها تؤتي ثمارها‬ ‫‪40‬‬ ‫في الكبر وبعد نضج الفرد حتى يصبح قاد ار على الحياة في المجتمع بكل معاييره‪.‬‬ ‫ويحتوی مضمون التنشئة االجتماعية على مجموعة من القيم والمعايير وانماط‬ ‫السلوك واالتجاهات التي تعمل مؤممات التنشئة االجتماعية على غرمها في بناء‬ ‫الشخصية حتى تخلق الشخصية السوية التي تتسم بعدد من السمات المقبولة‬ ‫اجتماعيا هدی قناوی ‪.)۱۹۸۳‬‬ ‫واثناء عملية التنشئة بتكون الضمير لدى الطفل ويصبح رقيبا على سلوكه‬ ‫وتصرفاته والضمير هو مظهر الستمرار قيم وعادات وطقوس المجتمع من اآلباء‬ ‫الى األجيال القادمة ولهذا يتعرف الفرد على األساليب ومعايير السلوك والقيم‬ ‫المتعارف عليها في المجتمع‪ ،‬كما يتعلم ايضا ضوابط السلوك ويكف عن األعمال‬ ‫التي ال يقبلها المجتمع‪ ،‬ويخضع لقيود النظم التي تهذب النفس وتسمو بها‪ ،‬هذا‬ ‫باإلضافة الى معرفته لنفسه (هدى قناوى ‪.)1983‬‬ ‫‪ - ۲‬نظرية اريكسون ‪Erkson's Theory 1965 :‬‬ ‫يعد اريکسون من علماء مدرسة التحليل النفسي حيث التزم بالجوهر العام‬ ‫لالطار الفرويدى ولكنه تخلى عن االتجاه البيولوجی الصرف الذي يتميز به‬ ‫‪41‬‬ ‫اصحاب هذه المدرسة ونظرية اريکسون تری أن الجنين يتكون وفق سلسلة من‬ ‫التشكيالت المتعاقبة وهي تختلف عن نظرية التخلق السبقی ‪ Performation‬التي‬ ‫تذهب الى القول بأن جميع اعضاء الجنين توجد وجودا سبقيا في الجرثومة‪.‬‬ ‫وقد حاول اريكسون ‪ -‬مثله في ذلك مثل أوزبل ‪ -‬ان يجمع ببن األدلة‬ ‫التي تدور حول التأثيرات الثقافية على نمو الشخصية‪ ،‬وبين نظرية التحليل‬ ‫النفسي‪.‬فهو يعتقد ان ازمة المراهقة األولى هي ازمة التعرف على الذات‬ ‫واحساس الشخص بمن هو؟‪.‬وتقييمه لذاته‪.‬على ان نظرية اريكسون نعطى‬ ‫افضلية للمحددات الثقافية أكثر مما تعطيه نظرية فرويد‪.‬‬ ‫ويوضح قشقوش ‪ ۱۹۸۰‬ان «العلماء المتأثرين بوجهة نظر مدرسة‬ ‫التحليل النفسي وينتحون المنحى التفاعلى في تفسير السلوك ‪ -‬يتخذون من‬ ‫القلق ودوره في تشكيل السلوك االجتماعی محو ار فيما يقدمونه من آراء ونظريات‬ ‫بخصوص طبيعة االنسان‪.‬وتتميز نظريات أولئك الباحثين بخاصيتين‬ ‫أساسيتين‪:‬‬ ‫‪42‬‬ ‫اوال‪ -‬فيما تضعه هذه النظريات من اهمية على االرتباط المبكر بين‬ ‫القلق وانكان السوك غير المرغوب فيهما‪.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تحليل ميکانيزمات الدفاع واألساليب األخرى التي تستخدم الحماية‬ ‫الصورة المنبثقة للذات ‪ Emergent self image‬تجاه ماتتعرض له من التهديد‪.‬‬ ‫وقد خطي اريكسون بهذه النظريات خطوة ابعد من خالل نظرته الى‬ ‫المراهقة على انها الفترة التي تفقد فيها صور قلق الطفولة بعضا من قوتها‬ ‫وسلطانها‪ ،‬وتصبح صورة الذات اثناءها موضع تحديد جديد‪..‬وهو ينظر الى هذه‬ ‫العملية على اساس انها العملية التي تكافح فيها الذات السامية في سبيل الهوية‬ ‫او الكينونة‪..‬هذا على الرغم من أن هذه الخطوة ال تهدف آنذاك إلى أن يحرز‬ ‫الفرد استقالال ذاتيا كامال في طور المراهقة (ابراهيم قشقوش ‪.)۱۹۸۰‬‬ ‫ويري اريكسون أن سلوك الفرد يمر بأزمات نمائية متعاقبة ومتوالية كل‬ ‫منها ذات عالقة وثيقة بأحد العناصر األساسية في المجتمع ولذلك نجد أن كال‬ ‫من دورة حياة االنسان ونظمه ومؤسساته يتطوران معا‪ ،‬ای انه كلما تفتحت حياة‬ ‫‪43‬‬ ‫الفرد الداخلية مضى في المجتمع ليتكيف على نحو يتضمن التتبع المناسب‬ ‫لمراحل النمو‪.‬‬ ‫ويحدد اريكسون ثمان مراحل حياتية الزمة للنمو النفسي االجتماعي‪،‬‬ ‫وكل مرحلة تتطلب نوعا مناسبا من التصريف ‪ Resolution‬حتی يتسنى للفرد‬ ‫بلوغ المرحلة التالية على نحو مرض‪.‬‬ ‫وال تصل إلى مرحلة من هذه الم ارحل الى تصريفها المنشود لو افتقدت‬ ‫عنصر االنتظام المشترك أو التبادل‪ ،‬وشعر الفرد فيها أن الضوابط الطبيعية‬ ‫للسلوك ال تطاق‪.‬‬ ‫وسوف نوجز باختصار المراحل األربع التي تسبق فترة المراهقة‬ ‫واالتجاهات التي تصاحب النجاح أو االخفاق في ازمة التصريف الخاصة بكل‬ ‫منها ثم نعرض بعد ذلك للمراحل األربع التالية بنفس الطريقة‪ ،‬وذلك على النحو‬ ‫التالي‪- :‬‬ ‫‪ -1‬مرحلة الثقة مقابل الشك او االرتياب‪:‬‬ ‫‪44‬‬ ‫يري اريكسون انه بعد حياة الوليد النظامية الرتيبة والمحولة بالدفء‪،‬‬ ‫والحماية داخل رحم األم يواجه ذلك الوليد العالم الخارجی بكل مؤثراته ومثيراته‬ ‫مع أول لحظة من الميالد فيتكون لديه احساس بالترقب من خالل مزيج من الثقة‬ ‫والشك وتصبح حاسة الثقة األساسية لديه بالتعارض مع حاسة الشك األساسي‬ ‫هي النقطة الحرجة في مرحلة نموه األولى‪.‬‬ ‫وبالنسبة للوليد فان حاسة الثقة تتطلب شعو ار بالراحة الجسمية والحد‬ ‫األدنى من تجربة الخوف او عدم التأكد فاذا ماتوفر له ذلك فانه سيبسط ثقته الى‬ ‫تجارب جديدة ومن الناحية األخرى تنشأ حاسة الشك من الخبرات الجسمية‬ ‫والنفسية غير المرخية وتؤدي الى الخوف من توقع المواقف المستقبلية (هدی‬ ‫قناوی‪.)۱۹۸۱‬‬ ‫ويتمثل الواجب النمائي األول في ارساء حاسة الثقة األساسية‪ ،‬ويتناسب‬ ‫ذلك مع فترة النضج السريع في مرحلة الطفولة المبكرة‪ ،‬وهی فترة يبلغ فينا معدل‬ ‫نمو الجسم درجة هائلة‪ ،‬ويكون االهتمام الوحيد التركيب الجسمي من المحافظة‬ ‫على الوظائف العضوية مثل‪ :‬التنفس والهضم واألكل‪ ،‬وبذلك فان الخبرات‬ ‫العضوية توفر األساس لحالة من الثقة النفسية وتصبح االحساسات العضوية هي‬ ‫‪45‬‬ ‫الخبرة «االجتماعية » األولى وتعمم في عقل الفرد التي يمكن الرجوع اليها في‬ ‫المستقبل‪ ،‬سواء كان الطفل مقدر له أن يصبح شخصا واثقا سبل االرضياء في‬ ‫المجتمع‪ ،‬او متشككا كثير الطلبات يهتم اساسا باحتياجاته العضوية فان ذلك‬ ‫يتحدد بطريقة معاملته أثناء المرحلة األولي (اريكسون ‪.)1961 Erikson‬‬ ‫وأما عن طبيعة العالقات االجتماعية في هذه المرحلة فان األم او‬ ‫الشخص القائم برعاية الطفل هي التي تمثل اولى االتصاالت االجتماعية للطفل‪،‬‬ ‫وتبرز البيئة من خالل ثدي االم او الزجاجة البديلة ‪ -‬مصدر الرضاعة الصناعية‬ ‫‪ -‬حيث ان الحب وبهجة االعتماد ينتقالن اليه عندما تضمه األم اليها فيشعر‬ ‫بدفئها المريح وابتسامتها العذبة والطريقة التي تناجيه بها‪ ،‬كل هذا له أهميته‬ ‫البالغة في هذه المرحلة‪.‬‬ ‫وتنقسم هذه المرحلة عند اريکسون الى مرحلتين ‪:‬۔‬ ‫‪ -1‬مرحلة فمية نفسية حسية‪:‬‬ ‫تتخذ فيها كل االتصاالت االجتماعية نمطا حتميا تداخليا‪ ،‬وفيها تتوقف‬ ‫الخبرة االنفعالية على تناول األخذ والعطاء‪ ،‬وما تتضمنه من درجات االسترخاء‬ ‫‪46‬‬ ‫واألمان التي تتصل بعمليات االمساك والمص من خالل الشكل الفمي‬ ‫واالنضمامي لعملية المص الممتد لحلمة الثدي أو البديل المناسب‪ ،‬وبذلك يحاط‬ ‫الوليد بابتسامات امه ويجد في دفء جسمها مالذا وراحة وحماية الى جانب‬ ‫رعاية األم بتخليص الوليد مما يحيط به من مضايقات من برد او بلل أو ملل او‬ ‫ضوضاء أو جوع‪.‬وكلما نمى جسمه ازداد اعتماده على نفسه وازداد سروره بنمو‬ ‫حواسه وتاخرهم الحرکی مصحوبا برعاية األم وتشجيعها‪.‬‬ ‫‪ -2‬المرحلة الفمية الثانية‪:‬‬ ‫حيث المرحلة السنية العضية التي يبلغ المنوال االنضمامي فيها ذروته‬ ‫في الوقت الذي تظهر فيه أولى األسنان وهنا يصبح االمساك تحت سيطرته‬ ‫الكاملة‪ ،‬وفي هذه المرحلة الفمية الثانية تصبح الطريقة االجتماعية في االمساك‬ ‫مشابهة لعملية الشد الى اسفل (العض) بالسن الجديدة‪.‬‬ ‫وهنا يميل الطفل لالندماج الكلى وان يحتفظ لنفسه بكل ما يحصل عليه أو‬ ‫يعطى له بعد أن علمته التجربة الحالية أن باستطاعته االحتفاظ ببيئته من خالل‬ ‫جهده الخاص‪.‬غير أن االمساك واالحتفاظ عن طريق العض كثي ار ما يسبب‬ ‫‪47‬‬ ‫انسحاب األم مما قد يشعر الطفل بالشك وعدم الثقة فيتولد لديه حسا جديدا‬ ‫لالمساك بحدة وبشكل اشد (هدی قناوی ‪.)۱۹۸۱‬‬ ‫وهكذا يتضح‪:‬‬ ‫ان عنصر الثقة عنص ار هاما في الشخصية السوية وأن االحساس يتكون‬ ‫‪‬‬ ‫في وقت مبكر‪.‬‬ ‫ان الرعاية األسرية بشكل عام والرعاية األموية بشكل خاص لهما تأثيرهما‬ ‫‪‬‬ ‫الكبير في تشكيل الشخصية السوية فالطفل يستمد من خالل عملية المص غذاء‬ ‫الجسد بينما يتخذ من خالل الدفء والرعاية غذاء النفس ويتكون تبعا لذلك الكيان‬ ‫النفسي للفرد ويتضح ذلك من خالل استعراض العديد من الدراسات التي تناولت‬ ‫الحرمان األسرى واثر ذلك على االضطرابات الشخصية والنفسية للفرد‪:‬‬ ‫(جاكلين جالوب ‪ ،۱۹۷۲ Gallop‬جون ليمون ‪ ،۱۹۷۰ Immon‬مالكولم بوش‬ ‫‪ ، ۱۹۷۲ Bush‬عبداهلل زيد الكيالني وعلى حسن عباس ‪ ، ۱۹۸۱‬وسميره محمد‬ ‫شندی ‪ ،۱۹۸۳‬ورشيده عبد الرءوف رمضان ‪ ) ۱۹۸۵‬حيث توصلت هذه‬ ‫الدراسات الى ان الحرمان األسرى يؤدي بالطفل في الغالب الى ان يخبرنا الوانا‬ ‫من االضطرابات الشخصية والنفسية‪.‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪ - ۲‬مرحلة اكتساب حاسة االستقالل الذاتي مقابل حاسة‬ ‫الشك والخجل‪:‬‬ ‫وحتى يتكون االحساس بالثقة على نحو راسخ ‪ -‬يبدا الطفل فيما بين‬ ‫الشهر الثاني عشر والخامس عشر حتى نهاية السنة الثالثة في تأسيس المكون‬ ‫التالي الشخصية السليمة حيث تنصرف معظم طاقاته نحو تأكيد ذاته من حيث‬ ‫كونه انسان له عقل وارادة خاصة به‪ ،‬ويتضح ولع األطفال باالستطالع ‪ ،‬ويصبح‬ ‫الطفل أقل اعتمادا على اآلخرين واكثر استقالال بنفسه ومن اهم مهام هذه السنوات‬ ‫هو احساس الطفل باالستقالل ‪ -‬ای احساسه بانه انسان مستقل ومع ذلك فهو‬ ‫قادر على ان يستخدم مساعدة اآلخرين وتوجيههم في المسائل الهامة‪.‬‬ ‫وبالنسبة لواجبات النمو في هذه المرحلة فهي تتناسب مع طبيعة مرحلة‬ ‫النضج العضلي التي تتسم بها هذه المرحلة وما يترتب على هذا النضج من تآذر‬ ‫وتوافق عدد من أنماط الحركة واألفعال المتصارعة المختلفة كاإلمساك بشيء وتركه‬ ‫والمشيء والكالم والقبض وتناول هذه إشكال بطرق اكثر مهارة وأكثر تعقيدا‬ ‫ويصاحب هذه القدرات وينشا عنها حاجات أساسية تدفع بالطفل ان يستخدمها في‬ ‫االرتياد والكشف واإلمساك بشيء واسقاطه‪ ،‬واالحتفاظ به والنبذ والهجر والمحب‬ ‫‪49‬‬ ‫ويراعي هذا االحساس باالستقالل الذاتي معالجة الطفل الصغير التي تعبر عن‬ ‫احساس بعزة النفس واالستقالل من جانب األبوين وتوقع واثق أن هذا المرعی سابقا‬ ‫من االستقالل الذاتي لن يواجه باالحباط فيما بعد اريكسون ‪.)1950 Erikson‬‬ ‫وعن طبيعة العالقات االجتماعية في هذه المرحلة فان االحساس‬ ‫باالعتماد على الذات والكفاءة وهو ما يعرف باالستقالل يواكبه نمو في العالقات‬ ‫االجتماعية لدى الطفل فيكون في مقدوره االختيار بين الجلوس والوقوف واالقتراب‬ ‫من األقارب واألصدقاء وحو يستخدم ارادته في ذلك وهو في سبيل ذلك يواجه‬ ‫بتوجيهات واوامر الحق لها من الراشدين وسوف يقضي فترة كبيرة حتى يستطيع ان‬ ‫يميز بين حدود ما هو مقبول ومن هو ممنوع ولذلك فعلى األم أن تحمي طفلها من‬ ‫الفوضى التي يمكن أن يتردى فيها نتيجة الحساسه غير المدرب على التمييز‬ ‫والتفضيل وينبغي على الراشدين ان يعضدوا الصغير ويؤيدوه في رغبته في القيام‬ ‫ببعض المهام التي يريد اداءها في محاولة االستقالل بنفسه حتى ال يسيطر عليه‬ ‫الخجل وذلك من خالل االسراف في تحديد نوع األجهزة التدريبية الخاصة بالطفل‬ ‫والتي يمكن استخدامها لتنظيم سلوكه‪ ،‬وان كل انماط تربية األطفال كما يقول‬ ‫اريكسون تؤدي الى بعض االحساس بالشك والخجل والسلوك المعين الذي تتصل‬ ‫‪50‬‬ ‫به قيمة ايجابية أو سلبية هو فقط الذي يتغير من ثقافة الى اخرى‪ ،‬أو من أسرة الى‬ ‫أخرى وان درجة ونوع السلوك الذي يسمح به للطفل والطريقة التي تعالج بها السيطرة‬ ‫على سلوكه لها عالقة مباشرة على موقف الفرد نحو المنظمات االجتماعية والمثل‬ ‫في مستقبل حياته (هدی قناوی ‪.)۱۹۸۱‬‬ ‫‪ -3‬اكتساب حاسة المبادأة مقابل التغلب على االحساس بالذنب‪:‬‬ ‫بعد ان يتعلم الطفل بعض السيطرة على نفسه وبيئته ويبدا في اظهار‬ ‫مهاراته وقدراته‪ ،‬ويبتكر سلوكا يفوق خباياه وقدراته الشخصية ويتطفل على أوساط‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ويجعل اآلخرين ينخرطون في سلوك الخاص به أی أن سلوك الطفل‬ ‫ياخذ شكل المباراة من جانبه والمشاركة بفاعلية في عالم مجتمعه األمر الذي‬ ‫يجعله نشطا قوي العزيمة للسيطرة على بعض المهام فيقوم بتحمل مسئوليته بنفسه‬ ‫وكذلك ما يتضمنه عالمه الخاص من لعب وأدوات وحيوانات‪.‬‬ ‫وبذلك فان الطفل يرى بوضوح أنه قادر على ان يعمل أنواعا معينة من‬ ‫األشياء وأن يالحظ باهتمام بالغ ما يفله الراشدون من حوله ويحاول أن يقلد‬ ‫سلوكهم ويرغب في أن يشارك في انواع انشطتهم‪ ،‬وتمثل البواعث الكامنة في‬ ‫‪51‬‬ ‫الطفل لالنطالق والحياة الحرة الطليقة ‪ -‬وهی بواعث توصف عادة بأنها تجمع‬ ‫لعمليات الهوا ‪ -‬طاقة يمكن اآلن ان تبرز من خالل جسم الطفل وقد استكمل‬ ‫نموه‪.‬إن الفرد يبدأ في الكشف عن استعداده لمعالجة بواعثه الكامنة عن كبت‪.‬‬ ‫ويری اريکسون هنا طرفا ذا وجبين‪ ،‬فعمليات الهوا تتطلب تعبي ار جديدا في وقت‬ ‫تكون األنا قد نمت بدرجة تكفي إلمداد عمليات الهوا بأنماط تعبير جديدة وفي‬ ‫نفس الوقت تكون األنا العليا الشابة قد تطورت بما يكفي ألن تتعلم من األزمات‬ ‫وبصفة عامة فان الطفل يواجه باألزمة العامة وهو التحول عن ‪«..‬التعلق بوالديه‬ ‫الى العملية البطيئة وهي ان يكون أبا ناقال للتراث» (اريکسون‪Erikso :‬‬ ‫‪)1963‬‬ ‫وتتميز عالقة الطفل بابويه في هذه المرحلة بمضاعفات اوديبية ذلك ان‬ ‫اريکسون اليشك في مسألة تعلق الطفل بأبيه من الجنس اآلخر بمعنى أن هذا‬ ‫التصارع يتضمن حقيقة أن الحب يصل دائما الى الشخص الذي يستحقه والذي‬ ‫له وجود فعلی في نفس الطفل‪.‬ويشترك الطفل معظم الوقت مع اطفال من سنه‬ ‫وهو يدخل دخوال نشطا في حياة األطفال األخرين ويواجه بذلك العديد من الخبرات‬ ‫‪52‬‬ ‫التعليمية ويشارك ويخوض التجارب التي تولد لديه افكار جديدة ومشاعر جديدة‬ ‫رافعا صورية أو واقعية‪.‬‬ ‫وتتخذ مشاعر الطفل فيما يختص بعالقاته برفاق سنه شكلين‪:‬‬ ‫اوالً ‪ :‬السلوك بما هو متوقع من افراد جنسه فالشكل األساسی ‪ -‬للبنت‬ ‫يتضمن البداية التي تهيئها للتكيف المبكر للشكل األموی ای أن لقب الفتاة يمثل‬ ‫رمو از العداد نفسها لوظيفتها األموية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬بداية الشعور بعدة الخصاء اذ يندى الصبية والبنات اهتماما بالغا‬ ‫باعضاء التناسل للجنس اآلخر ويؤدي ادراك الفروق وخاصة في حالة عدم رؤية‬ ‫أعضاء ظاهرية لدى البنات يؤدي إلى قلق غير محدد لدى الجنسين ويتصور‬ ‫كال الجنسين أن شيئا ماقد حدث األعضاء تناسل األنثى وأن هذا الشيء يمكن‬ ‫أن يحدث ألعضاء التناسل الذكر ‪ -‬وهذا يولد االحساس بالخوف وعدم الثقة‬ ‫نتيجة لتلك الحالة التي اليوجد لها تفسير عند الصغار (هدی قناوی ‪. )۱۹۸۱‬‬ ‫اما بالنسبة لعالقة الطفل بالراشدين فان الشكل األساسي لهذه العالقة‬ ‫يتضمن االقتحام واالندفاع في حياة الناس ويعكس مزيدا من التأكد والرغبة‬ ‫‪53‬‬ ‫األساسية لدى الطفل في الفضول واستكشاف كل المجاالت المجهولة ومنازلة‬ ‫الناس عن طريق المشاركة والمواجهة المباشرة‪ ،‬ويظهر كل ذلك في معالجات‬ ‫الطفل للمواقف اليومية‪.‬‬ ‫‪ -4?

Use Quizgecko on...
Browser
Browser