مقدمة في علم الآثار وتقنياته PDF

Summary

هذا النص هو مقدمة في علم الآثار، يتحدث عن تعريف علم الآثار، نشأته، مجالاته، و العلوم المساعدة لعلم الآثار بالإضافة الى العناصر الأساسية لعمليات التنقيب في مواقع الآثار.

Full Transcript

‫الستاذ‪ :‬عبدالقادر دحدوح‬ ‫كلية العلوم النسانية والعلوم الجتماعية‬ ‫قسم التــاريــخ والثــــــار‬ ‫المقياس‪ :‬مدخل الى علم الثار وتقنياته‬ ‫المستوى‪ :‬الولى والثالثة آثار‬...

‫الستاذ‪ :‬عبدالقادر دحدوح‬ ‫كلية العلوم النسانية والعلوم الجتماعية‬ ‫قسم التــاريــخ والثــــــار‬ ‫المقياس‪ :‬مدخل الى علم الثار وتقنياته‬ ‫المستوى‪ :‬الولى والثالثة آثار‬ ‫المحتوى‪:‬‬ ‫أ‪ -‬مدخل الى علم الثار والتنقيب‬ ‫‪ -1‬تعريف علم الثار‬ ‫‪ -2‬نشأة علم الثار‬ ‫‪ -3‬مجالت علم الثار وميادينه‬ ‫‪ -4‬فروع واختصاصات علم الثار‬ ‫‪ -5‬العلوم المساعدة لعلم الثار‬ ‫‪ -6‬مفهوم التنقيب الثري‬ ‫‪ -7‬اهداف التنقيب الثري‬ ‫‪ -8‬عوامل اندثار المباني وتشكل المواقع الثرية‬ ‫ب‪ -‬المسح الثري واساليب الكشف عن الثار‬ ‫‪ -1‬المسح الثري‬ ‫‪ -2‬اساليب الكشف عن الثار‬ ‫ج‪ -‬الحفرية واساليب التعامل مع المكتشفات الثرية‬ ‫‪ -1‬الملف الثري‬ ‫‪ -2‬الحفرية‬ ‫‪ -3‬اساليب التعامل مع المكتشفات الثرية‬ ‫‪ -4‬التقرير الثري‬ ‫د‪ -‬تخزين وصيانة وعرض المكتشفات‬ ‫‪ -1‬تخزين المكتشفات الثرية‬ ‫‪ -2‬صيانة وترميم الثار‬ ‫‪ -3‬عرض المكتشفات الثرية‬ ‫أ‪ -‬مدخل الى علم الثار والتنقيب‬ ‫‪1‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫‪ -1‬تعريف علم الثار‪:‬‬ ‫علم الثار ترجمة لكلمة اركيولوجيا‪ ،‬المأخوذة من اللغة اليونانية‪ ،‬وهي مشكلة من كلمتين اركيو‪:‬‬ ‫‪ ARCHEO‬ومعناها قديم‪ ،‬ولوجوس‪ LOGOS:‬ومعناها علم او حديث‪ ،‬ومن هنا يتضح اشكال معرفة المعنى‬ ‫الحقيقي لركيولوجيا‪ ،‬فهل المقصود منها ذلك العلم الذي يدرس القديم او حديث بخصوص القديم‪.‬‬ ‫اما كلمة اركيولوج فقد كان ظهورها في القرن الول ميلدي‪ ،‬وكانت تطلق عند اليونان على فئة من ممثلي‬ ‫الدراما الذين يمثلون الساطير القديمة على المسرح‪ ،‬غير انه سرعان ما اختفى هذا المعنى بصورة نهائية‪ ،‬والغريب‬ ‫في المر ان كلمة اركيولوجية او اركيولوج غير معروفة ل في اللغة اللتينية ول في أي لغة اخرى‪ ،‬وانما تم‬ ‫اقتباسها من اليونانية‪.‬‬ ‫وبعد اليونان عادت الكلمة الى الظهور عند الرومان من جديد‪ ،‬وكان ذلك خلل القرن الول ميلدي‪ ،‬عندما‬ ‫الف المؤرخ دنيس داليكارنس"‪ "DENYS D’HALICARNASSE‬في عهد المبراطور اغسطس كتابا سماه‪:‬‬ ‫الركيولوجيا الرومانية‪ ،‬والذي تناول فيه حروب روما مع قرطاجنة‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك العهد انقطعت كلمة اركيولوجيا‪ ،‬ولم تعاود الظهور ال في القرن ‪ 17‬على يد الرحالة الفرنسي جاك‬ ‫سبون‪ JAQUE SPON:‬ولكنه كان يخلط بين اركيولوجيا واركيوغرافيا‪ ،‬وفي الخير استقر المعنى على‬ ‫اركيولوجيا وانتشرت في كل اللغات‪.‬‬ ‫‪ -2‬نشأة علم الثار‪:‬‬ ‫لقد سبق الهتمام بالثار وجمعها ظهور مصطلح اركيولوجيا‪ ،‬حيث يعد الملك البابلي نابونيد في القرن ‪6‬ق‪.‬م‬ ‫اول من اهتم بجمع الثار والتحف القديمة‪ ،‬كما يعد هوميروس الذي عاش خلل القرن ‪5‬ق‪.‬م اب علم الثار واول‬ ‫من ضمن كتاباته معطيات ووصف جد هام لمعالم اثرية‪ ،‬ثم زاد الهتمام بالثار خاصة عند المؤرخين‪ ،‬مثل الكاتب‬ ‫بلينوس في القرن الول ميلدي‪ ،‬وديدور الصقلي‪ ،‬واسترابو‪ ،‬وفيترو فيوس (ق ‪1‬م)‪.‬‬ ‫ولم يقتصر الهتمام بالثار على الكتاب فقط بل حتى الملوك والباطرة‪ ،‬وقد سبق وان ذكرنا الملك نابونيد‪،‬‬ ‫ومنهم ايضا قيصر يوليوس الذي يقول فيه استرابو بانه كان مولع بجمع التحف القديمة خاصة الحجار الكريمة‬ ‫المنقوشة‪ ،‬كما يعد هادريان ايضا من المهتمين بالثار القديمة‪ ،‬ويذكر بانه قام بتجديد وتزيين منشآت معمارية كبرى‬ ‫اغريقية‪ ،‬وبنى في قصره مدرسة واكاديمية ورواقا لحفظ الرسوم‪ ،‬واول من انشأ متحفا للهندسة المعمارية ومتحفا‬ ‫للنحت‪.‬‬ ‫اما في العصر السلمي فان الهتمام بقي مستمرا سواء عند الكتاب او المراء والسلطين‪ ،‬فاما الكتاب فان‬ ‫الكثير منهم –خاصة الرحالة والجغرافيين‪ -‬من جاءت نصوصه مطعمة باوصاف لمعالم اثرية واطلل مدن قديمة‬ ‫واوصاف دقيقة لمنشآت معمارية‪ ،‬ومن أولئك الكتاب الدريسي والمقريزي والمقديسي وابن رسته والبكري‪ ،‬ومن‬ ‫الكتاب من دعى الى حفظ الثار وصيانتها‪ ،‬كابن خلدون وعبداللطيف البغدادي‪ ،‬باعتبارها من تراث المة‪.‬‬ ‫اما الحكام فقد عمدو الى جلب وجمع البقايا الثرية القديمة واعادة استعمالها في بناء منشآتهم الجديدة‬ ‫وتزيينها كالعمدة والتيجان‪ ،‬واحيانا احتفظوا بعمائر واعادوا استعمالها دون تهديمها‪ ،‬واحيانا اخرى لم يتعرضوا‬ ‫لمعالم اثرية لتصل الينا سالمة من أي تخريب‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫ويدل هذا الهتمام على الحساس الكبير بقيمة تلك الثار سواء الجمالية او التاريخية عند القدماء‪ ،‬غير انه لم‬ ‫يرق ذلك الهتمام الى دراسة هذه الثار والتنقيب عنها‪ ،‬حتى الكتاب انذاك لم يقدموا سوى اوصاف لها ل غير‪.‬‬ ‫ويبدوا ان الهتمام الصريح بدراسة الثار كان في ايطاليا‪ ،‬خلل القرنين ‪15‬و ‪16‬م‪ ،‬عندما انصبت البحاث‬ ‫حول الثار الغريقية والرومانية‪ ،‬وفي القرن ‪18‬م تم اكتشاف حضارات اقدم من الحضارة الغريقية والرومانية‪،‬‬ ‫وبدأ يتوسع مجال البحث الثري خاصة بعد اكتشاف مراحل ما قبل التاريخ وما رافقها من جدل حول اصل ظهور‬ ‫النسان والحيوانات المنقرضة‪ ،‬وتم اجراء العديد من الحفريات في كبريات المدن الثرية‪ ،‬مثل هرقولنوم"‬ ‫‪ "HERCULANUM‬وبومبي"‪ ،"POMPEI‬واتسع التنقيب بعدها لتشمل مناطق عديدة لبلد الرافدين ومصر‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من اهمية هذه التنقيبات التي كانت بمثابة الخطوات الساسية لتطور علم الثار‪ ،‬ال انها لم تخلو‬ ‫من اخطاء كثيرة‪ ،‬فقد تعرضت المواقع التي اجريت فيها الحفريات الى تخريب جوانب كثيرة منها‪ ،‬بسبب الهتمام‬ ‫بالتحف الثمينة واهمال غيرها من اللقى‪ ،‬التي اصبحت تعد في علم الثار الحديث ذات اهمية بالغة ل تقل عن تلك‬ ‫التحف‪ ،‬حيث اصبح عالم الثار ل يفرق بين تحفة من طين وتحفة من ذهب‪ ،‬وبين بقايا عظمية وأخرى فضية‪ ،‬وبين‬ ‫بقايا حجرية واخرى رخامية‪.‬‬ ‫‪ -3‬مجالت علم الثار وميادينه‪:‬‬ ‫يدرس علم الثار البقايا والمخلفات المادية للنسان‪ ،‬من هياكل عظمية وعمائر وصناعات على اختلف‬ ‫انواعها‪ ،‬وفظل عن ذلك فهو يهتم ايضا بدراسة المحيط الذي كان يعيش فيه النسان‪ ،‬وما يرتبط به من ظواهر‬ ‫طبيعية‪ ،‬كالزلزل والبراكين والفيضانات والمناخ والتضاريس‪ ،‬باعتباران لها تأثير مباشر في حياة النسان‬ ‫واستقراره‪ ،‬ومن ثم من الضروري دراستها‪ ،‬ونفس الشيئ بالنسبة للثروة النباتية والحيوانية التي الفها النسان‬ ‫واستأنسها‪.‬‬ ‫ومن ثم ل يمكن حصر مجال علم الثار في دراسة البقايا الصناعية والفنية والعظمية للنسان‪ ،‬بل لبد من‬ ‫توسيع افقه ليشمل النسان ومخلفاته والبيئة التي عاش فيها‪ ،‬ليتعرف في الخير ومن كل ذلك على مختلف جوانب‬ ‫حضارته القتصادية والسياسية والثقافية والجتماعية‪...‬‬ ‫ومن ناحية اخرى‪ ،‬فان المجال التاريخي لعلم الثار ليمكن حصره بفترة زمنية محدودة‪ ،‬كما كان سائدا‪ ،‬اذ‬ ‫حسب بعض الراء يبدأ مجال علم الثار من بداية ظهور النسان وصناعته اول اداة الى غاية القرن ‪18‬م‪ ،‬لكن في‬ ‫الحقيقة ل يمكن تحديده بفترة معينة‪ ،‬لن الحياة متواصلة‪ ،‬وكلما استمرت توسع مجال البحث الثري‪ ،‬حتى اذا اردنا‬ ‫ان نعرف الثر فان بعض القوانين والشرائع ل تحدد فترة زمنية معينة ينبغي ان يجتازها الثر ليصبح اثرا‪ ،‬وانما‬ ‫هو كل ما خلفه النسان وله قيمة تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية‪.‬‬ ‫‪ -4‬فروع واختصاصات علم الثار‪:‬‬ ‫يقسم علم الثار عادة الى مجموعة من الفروع والقسام‪ ،‬وهي تختلف من منطقة الى اخرى‪ ،‬حسب الفترات‬ ‫التاريخية والحضارات التي عرفتها‪ ،‬وفي الغالب ل نجد مجال للثار السلمية في الدول التي لم تشملها الحضارة‬ ‫السلمية‪ ،‬كما ان الثار الغريقية والرومانية تعد فرعا قائما بذاته بالنسبة لمناطق‪ ،‬وفي مصر ايضا تعتبر الثار‬ ‫‪3‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫الفرعونية فرعا‪ ،‬بينما في الجزائر هناك فروع معتمدة وتدرس على اساس انها تخصصات مستقلة عن بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬نذكرها فيما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬آثار ما قبل التاريخ‪:‬‬ ‫وهو يهتم بدراسة الثار العائدة الى بداية ظهور النسان والى غاية ظهور الكتابة‪.‬‬ ‫‪-2‬الثار القديمة‪:‬‬ ‫في هذا الفرع يتم دراسة آثار الحضارات القديمة بداية من الحضارة الفرعونية‪ ،‬بلد الرافدين والحضارة‬ ‫الغريقية ثم الرومانية والساسانية‪ ،‬بالضافة الى باقي الحضارات الخرى في مختلف انحاء العالم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الثار السلمية‪:‬‬ ‫يدرس هذا الختصاص مختلف الثار التي خلفها المسلمون‪ ،‬منذ ظهور السلم الى غاية نهاية الخلفة السلمية‬ ‫العثمانية‪ ،‬واحيانا تقسم هذه الثار الى فترتين فترة العصر الوسيط وفترة العصر الحديث‪ ،‬ويقابل هذا في اوربا‬ ‫العصر الوسيط ثم عصر النهضة او العصر الحديث‪.‬‬ ‫بينما تدرس ضمن ما قبل التاريخ آثار فجر التاريخ‪ :‬وهي المرحلة التي تفصل بين ما قبل التاريخ والفترات‬ ‫التاريخية‪ ،‬والتي فيها بدأت تظهر البوادر الولى للكتابة‪ ،‬كما نظيف الى الفروع السابقة الصيانة والترميم‪ ،‬والذي‬ ‫يدرس كتخصص مستقل هو الخر‪ ،‬اضافة الى تخصص آخر حديث لم يدرس بعد في الجزائر‪ ،‬وهو آثار ما تحت‬ ‫الماء‪ ،L’Archéologie Sous Marine :‬وهو يهتم بالثار الغارقة في البحار والمحيطات والتي تحت الماء بصفة‬ ‫عامة‪.‬‬ ‫‪ -5‬العلوم المساعدة‪:‬‬ ‫كثير هي العلوم التي تحتاج الى غيرها من التخصصات‪ ،‬وعلم الثار هو الخر يحتاج مساعدة علوم اخرى‬ ‫لتحقيق اهدافه‪ ،‬ومن تلك العلوم نذكر ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬علم بصمات الصابع‪:‬‬ ‫يعد هذا العلم من العلوم الحديثة الناتجة عن التطور التكنولوجي الحاصل في السنوات الخيرة‪ ،‬وبفضل هذا‬ ‫العلم اصبح بامكاننا تصنيف التحف الثرية حسب صناعها‪ ،‬حيث في كثير من الحيان تبقى بصمات هؤلء الصناع‬ ‫على مختلف مشغولتهم دون ان يزيلها الزمان‪ ،‬وبواسطة اجهزة خاصة يتم جمع هذه البصمات وادخالها في برامج‬ ‫الكمبيوتر‪ ،‬وهذه الخيرة تقوم بعملية التصنيف‪ ،‬ويتم اللجوء الى هذه الطريقة عندما تكون معارفنا قليلة‪ ،‬حول‬ ‫التطور الفني والصناعي لصناعة معينة في منطقة ما‪.‬‬ ‫ب‪ -‬علم الركيوزولوجيا‪:‬‬ ‫يطلق هذا العلم احيانا اسم الزوركولوجيا‪ ،‬وهو علم يهتم بتحديد ودراسة الحيوانات من خلل بقاياها العظمية‬ ‫المكتشفة اثناء التنقيبات الثرية‪ ،‬وهو يقدم مساهمة كبيرة لعلم الثار‪ ،‬اذ من خلل تحاليله ونتائجه يمكن التعرف على‬ ‫النظام الغذائي للنسان وبيئته الطبيعية‪ ،‬وما يتعلق بها من مناخ وغطاء نباتي‪ ،‬وجوانب من معتقداته الدينية‪ ،‬فهناك‬ ‫مناخ ملئم لحوانات دون اخرى‪ ،‬ولنباتات دون اخرى‪ ،‬كما ان بعض المعتقدات تمنع اكل لحوم حيوانات دون‬ ‫اخرى‪ ،‬كلحم البقار في الهند والخنازير عند المسلمين‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫ت‪ -‬علم المساحة‪:‬‬ ‫يفيد علم المساحة كثيرا في تسجيل الثار‪ ،‬ودون تسجيل المكتشفات تكون حفراتنا تخريبا‪ ،‬ول تختلف عن‬ ‫اعمال الحفر التي كان اصحابها يبحثون عن الكنوز الثمينة‪ ،‬وللتسجيل طرق عدة‪ ،‬اهمها وضع مخططات للمكتشفات‬ ‫المعمارية‪ ،‬واماكن تواجد اللقى الثرية والعثور عليها‪ ،‬ورسم خريطة يحدد عليها مكان الموقع بالنسبة لمحيطه‬ ‫الجغرافي‪ ،‬وما فيه من مدن او مظاهر طبيعية اخرى‪.‬‬ ‫ث‪ -‬علم اللغة‪:‬‬ ‫يستعين الثري بهذا العلم في تحليل مضمون النقوش الكتابية‪ ،‬وفهم معاني كلماتها ومفرداتها‪ ،‬بل واحيانا‬ ‫بامكانه ان يؤرخها‪ ،‬فالمفردات التي استعملت في فترة ما قد تختفي في فترة اخرىوتحل محلها مفردات جديدة‪ ،‬كما‬ ‫انه يمكن العتماد على نوع الخط في تاريخ النقيشة او الوثيقة المخطوطة‪ ،‬فانواع الخطوط في لغة من اللغات لم‬ ‫تظهر دفعة واحدة بل عبر مراحل‪ ،‬وقد وضعت في هذا الشأن معاجم عدة وفي لغات مختلفة تحدد نوع الخط وتاريخ‬ ‫ظهوره وشرح المفردات وتاريخ تداولها واختفائها‪.‬‬ ‫ج‪ -‬علم الخطوط القديمة‪:‬‬ ‫يهتم هذا العلم بدراسة الكتابات والخطوط القديمة‪ ،‬كالخط المسماري عند الرافدين‪ ،‬والخط الهيروغليفي عند‬ ‫الفراعنة‪ ،‬واليوناني عند الغريق‪ ،‬واللتيني عند الرومان‪ ،‬والخط العربي في الحضارة السلمية‪ ،‬وتطور كل خط‬ ‫من هاته الخطوط عبر التاريخ‪ ،‬ودراسة هذا الجانب مهم في البحث الثري‪ ،‬سواء في التأريخ كما هو الحال في علم‬ ‫اللغة‪ ،‬او في تفسير المعاني والرموز التي يتولى امرها فرع آخر من علم الباليوغرافيا وهو علم البيغرافيا‪ ،‬اضافة‬ ‫الى اهتمامه بدراسة المواد المستعملة في الكتابة‪ ،‬كاللواح والجلود والوراق على اختلف انواعها‪.‬‬ ‫ح‪ -‬علم التنولوجيا‪:‬‬ ‫يعد هذا العلم احد فروع علم النتروبولوجيا‪ ،‬وهو يقوم على الدراسة المقارنة للثقافات المعاصرة‪،‬‬ ‫لستخلص مفاهيم عامة يمكن تطبيقها على المجتمعات البشرية‪ ،‬وتكمن استفادة علم الثار من هذا العلم في ان‬ ‫العادات والتقاليد واساليب العيش قد تبقى حية عبر التاريخ عند شعب من الشعوب‪.‬‬ ‫وما دام علم التنولوجيا يهتم بهذا الجانب عند الشعوب الحالية‪ ،‬فان الثري قد يلجأ الى اجراء مقارنة بين‬ ‫الشعوب القديمة التي يبحث عنها والشعوب الحالية‪ ،‬وقد يعثر الثري احيانا على لقى اثرية او منشآت ل يدرك‬ ‫وظيفتها او كيفية صنعها‪ ،‬وبمقارنته لمثيلتها الحالية فانه سيجد فيها تفسيرا لتساؤلته‪ ،‬كما حدث هذا ايضا للبعثة‬ ‫الثرية السبانية اثناء حفريات في موقع تل بيدر بسوريا‪ ،‬لما اكتشفت بقايا افران هلنستية شبيهة بالفران التي‬ ‫تستعملها حاليا قرية قريبة من الموقع‪ ،‬وانطلقا من هذه الخيرة تم التعرف على كيفية بناء الفران الهلنستية وطريقة‬ ‫استعمالها‪.‬‬ ‫خ‪ -‬علم الباليوايدافولوجيا‪:‬‬ ‫يهتم هذا العلم بمحاولة اعادة الحالة التي كانت عليها الرض في العصور القديمة‪ ،‬استنادا لدراسة السويات‬ ‫الثرية العائدة لكل عصر من العصور‪ ،‬وتحليل عينات من تربتها وما تحتويه من اثار نباتية ممثلة في بقايا غبار‬ ‫الطلع‪ ،‬ولهذا النوع من الدراسات دور كبير في التعرف على الحالة والكيفية التي كان عليها سطح الرض‬ ‫والتغييرات التي شهدها عبر التاريخ‪ ،‬فسطح الرض معرض لتغييرات مختلفة‪ ،‬فقد يحدث ان تتحول المنطقة التي‬ ‫‪5‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫كانت في زمن ما خضراء الى صحراء‪ ،‬وقد تتحول المنطقة الجافة الى بحيرة‪ ،‬وقد يتغير خط الساحل فتغمر مياه‬ ‫البحر مناطق كانت ساحلية يابسة‪.‬‬ ‫د‪ -‬علم الباليوكليماتولوجيا‪:‬‬ ‫يدرس هذا العلم الحالة التي كان عليها المناخ في العصور القديمة‪ ،‬انطلقا من دراسة السويات الثرية التي‬ ‫ترجع لكل عصر من العصور‪ ،‬ولمعرفة المناخ اهمية كبيرة في البحاث الثرية‪ ،‬فهو يفيد في التعرف على الثروة‬ ‫النباتية والحيوانية‪ ،‬ومنه التعرف على النظام الغذائي للنسان‪.‬‬ ‫ذ‪ -‬علم البترولوجيا‪:‬‬ ‫يقوم هذا العلم بتحاليل فيزيائية وكيميائية على بنية الصخور للتعرف على المعادن والمناجم وتحديد مراكزها‪،‬‬ ‫وهذا النوع من الدراسات له دور بالغ في الدراسات الثرية‪ ،‬فان حدث وان وجدت مواقع اثرية بالقرب من معدن او‬ ‫منجم ما‪ ،‬فانه يمكن ان يكون اهل المنطقة قد استغلوه ولربما كان من العوامل الرئيسية التي جعلتهم يستقرون بالقرب‬ ‫منه‪.‬‬ ‫ر‪ -‬علم الجيولوجيا‪:‬‬ ‫او علم الرض‪ ،‬وهو يدرس كوكب الرض والمواد المصنوعة منها‪ ،‬والعمليات التي تؤثر على هذه المواد‬ ‫ونواتجها وتاريخ الرض‪ ،‬واشكال الحياة عليها منذ نشأتها‪ ،‬وبيولوجية سكانها القدماء كما تدل عليهم الحفريات‪،‬‬ ‫ويقدم معلومات حول المعادن والمواقع الكثر ثباتا حتى يقيم عليها منشآته الساسية‪ ،‬كما يعطي بعض المعلومات‬ ‫المسبقة عن المخاطر المحتملة المرتبطة بالقوى الناشئة عن حركية الرض‪.‬‬ ‫ز‪ -‬علم الجيومورفولوجيا‪:‬‬ ‫وهو علم شكل الرض‪ ،‬يتناول الشكل العام للرض‪ ،‬بدراسة طبيعية وتقسيم ووصف ونشأة وتطور الملمح‬ ‫التضاريسية الموجودة حاليا على سطح الرض‪ ،‬وعلقتها بما تحتها من صخور وتراكيب‪ ،‬ومامر بها من احداث‬ ‫خلل الزمن الجيولوجي‪ ،‬وتتركز معظم جهوده في مفهومه الحالي على الملمح الناتجة من عمليات التعرية‬ ‫والترسيب‪.‬‬ ‫ط‪ -‬علم الجغرافيا‪:‬‬ ‫يدرس هذا العلم جميع جوانب سطح الرض‪ ،‬وما يشمل من تقسيمات طبيعية وسياسية وتوزيع وتفريق‬ ‫المناطق والنسان عادة بالنسبة للظروف البيئية‪.‬‬ ‫ظ‪ -‬علم الخرائط‪:‬‬ ‫هو فن رسم اللوحات والخرائط والمصورات الجغرافية‪ ،‬والعلم الذي يقوم على اساسه هذا الفن‪ ،‬ويهتم علم‬ ‫الخرائط بالمساقط ومشاكلها وجميع او اغلب عمليات المساحة‪ ،‬خصوصا جمع القياسات المختلفة وتمثيلها على‬ ‫الخرائط‪.‬‬ ‫ولعلوم الرض السابق ذكرها‪ ،‬كعلم الباليوايدافولوجيا والجيومورفولوجيا والجغرافيا والخرائط اهمية كبيرة‬ ‫في الدراسات الثرية‪ ،‬فالثري في حاجة ماسة الى معرفة تضاريس المنطقة التي يبحث فيها والموارد الطبيعية‬ ‫المتوفرة فيها‪ ،‬من مياه وغابات ومعادن وصخور والطرق والمسالك القديمة‪ ،‬التي تفيد في اعادة تصور الشبكات‬ ‫التجارية والمواصلت التي كانت تربط المدن فيما بينها‪ ،‬والطرق الحديثة التي توصلنا الى المواقع الثرية‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫ك‪ -‬علم الباليونتولوجيا‪:‬‬ ‫يتشابه هذا العلم مع علم التنولوجيا في نقاط كثيرة‪ ،‬وهو يهتم باعادة تصور الحالة التنولوجية القديمة‬ ‫لمجتمع من المجتمعات‪ ،‬وكامل مظاهرها الصناعية والثقافية والدينية انطلقا من المكتشفات الثرية‪.‬‬ ‫ل‪ -‬علم النتروبولوجيا‪:‬‬ ‫وهو العلم الذي يهتم بدراسة النسان سواء من الناحية الجتماعية او الطبيعية‪ ،‬فمن الناحية الولى يدرس‬ ‫مظاهر السلوك البشري للنسان في المجتمعات خصوصا البدائية في الوقت الحاضر او في الماضي ان توفرت‬ ‫المعلومات الكافية‪ ،‬ويهدف من خلل هذه الدراسة الى معرفة البناء الجتماعي عن طريق شرح وتحليل النظم‬ ‫الجتماعية ووظائفها‪.‬‬ ‫اما من الناحية الثانية فهو يدرس بيولوجيا او تاريخ النسان من حيث نشأته ومكانته بين المملكة الحيوانية‬ ‫وتطوره وتوزيع خصائصه البشرية‪ ،‬ويهتم هذا العلم حاليا بالمجموعات الدموية او الزمر الدموية‪ ،‬والتشريح المقارن‬ ‫والوراثة‪.‬‬ ‫م‪ -‬علم الكيمياء‪:‬‬ ‫كثيرا ما يلجأ الثري الى الكيمياء ليستعين بتحاليلها في تحديد تاريخ الهياكل العظمية‪ ،‬او تاريخ اللقى‬ ‫الثرية‪ ،‬وتحديد اسباب وعوامل تلف الثار‪ ،‬وكيفية او تراكيب المواد الخاصة بترميم كل نوع من الثر‪.‬‬ ‫ن‪ -‬علم الفيزياء‪:‬‬ ‫يفيد علم الفيزياء في الدراسات الثرية في الكشف عن المواقع الثرية‪ ،‬وذلك انطلقا من استخدام الطرق‬ ‫الجيوفيزيائية‪ ،‬كطريقة تقدير مقاومة التربة للتيار الكهربائي‪ ،‬وطريقة قياس المجال المغناطيسي‪.‬‬ ‫ص‪ -‬علم المسكوكات‪:‬‬ ‫وهو علم يدرس النقود والعملت التي تعامل بها الناس على مر العصور‪ ،‬وتظهر اهمية هذا العلم اكثر في‬ ‫المعلومات التي عادة ما تنقش على النقود‪ ،‬وهي تكشف النقاب عن جوانب مختلفة من حياة المم والمجتمعات‪ ،‬حيث‬ ‫منها يمكن التعرف على الحوال القتصادية وطرق المعاملت التجارية والسعار‪ ،‬اضافة الى الجانب السياسي‪،‬‬ ‫كالتسلسل التاريخي للحكام والمراء الذين قادوا الدول‪ ،‬واسمائهم والقابهم وشعاراتهم السياسية والدينية‪.‬‬ ‫وتزداد قيمة هذا العلم في ان النقود عبر التاريخ تعد وثيقة رسمية غير قابلة للتزييف او التحريف‪ ،‬وقد كان‬ ‫العديد من النماذج منها وراء الفصل في قضايا تاريخية اختلف بشأنها المؤرخون وقضايا غفلوا عن ذكرها‪.‬‬ ‫ض‪ -‬علم التاريخ‪:‬‬ ‫يعد علم التاريخ بمثابة العمود الفقري لعلم الثار‪ ،‬فهو يمده بمعلومات جد هامة حول المدن والمعالم الثرية‬ ‫المندثرة وغير المندثرة‪ ،‬فكم من مدينة او معلم اندثر وانمحى اثره الى البد ولم نكن لنسمع به او نعرف عنه شيئا‬ ‫لول ما حفظته كتب التاريخ والرحالة والجغرافيين القدماء‪.‬‬ ‫‪ -6‬مفهوم التنقيب الثري‪:‬‬ ‫يعتبر التنقيب عن الثار احد الوسائل الرئيسية وابرزها في علم الثار‪ ،‬والذي من خلله يتم جمع اللقى‬ ‫والتحف الثرية على اختلف انواعها وموادها‪ ،‬من ابنية وفخار ونقود وحلي وغيرها‪ ،‬ولقد تطور مفهوم التنقيب‬ ‫الثري عبر مرحلتين‪ ،‬الولى ساد فيها المفهوم القائل بان التنقيب هو عبارة عن مغامرة للبحث عن الكنوز الثمينة‪،‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫للتجار بها او لتزيين قصور الحكام والثرياء‪ ،‬ومن ثم كانت اعمال التنقيب ل تعبأ باتلف البقايا غير الثمينة‪ ،‬وقد‬ ‫شهدت اغلب المواقع الثرية المنقب فيها خلل هذه المرحلة اتعس ايامها لما لحق بها من تخريب وتدمير‪.‬‬ ‫غير ان هذا المفهوم تغير خلل المرحلة الثانية‪ ،‬وبدأ التنقيب يأخذ الصبغة العلمية الصحيحة‪ ،‬فاصبح يبحث‬ ‫عن كل المخلفات المادية للحضارات السابقة‪ ،‬ل يفرق بين اناء من الطين واناء من الفضة او الذهب‪ ،‬ول يتوقف‬ ‫الباحث الثري عند المصنوعات الطينية فحسب بل يجمع حتى العظام‪.‬‬ ‫فقيمة المكتشفات حسب المفهوم الول‪ ،‬كان يحددها الجانب المادي فيها‪ ،‬بينما في المفهوم الثاني اصبحت‬ ‫قيمة الثر في قيمة ما يقدمه من معلومات تاريخية فنية وثقافية وسياسية وغيرها من المجالت‪.‬‬ ‫ولما تغير مفهوم التنقيب الثري‪ ،‬تغيرت معه الطرق والوسائل وظهرت المناهج التي تقنن وتؤسس لعمال‬ ‫الحفر‪ ،‬التي اصبح يشترط فيها اول وقبل كل شيئ ضمان سلمة الثر‪ ،‬وضمان تسجيل كل المعلومات المتعلقة‬ ‫باكتشافه‪ ،‬من تاريخ وموقع والطبقة التي كان متموضعا فيها وتصويره ورسمه ووضع مخططات له‪ ،‬اضافة الى‬ ‫توفير الحماية والحفظ والصيانة الكاملة له‪ ،‬منذ اللحظات الولى لكتشافه‪ ،‬بل منذ الضربة الولى بالفأس في الموقع‬ ‫الى ان ينقل الى العرض او المخزن في المتحف‪.‬‬ ‫‪ -7‬اهداف التنقيب الثري‪:‬‬ ‫‪-1‬انقاذ الثار‪:‬‬ ‫تهدف بعض العمال التنقيبية الى انقاذ الثار التي تكون معرضة للخطار من جراء بعض المشاريع التي تبرمج‬ ‫في محيطها‪ ،‬كأن تشق الطرق او تحفر القنوات او تبنى الدور والمساكن او تشيد السدود وغيرها‪.‬‬ ‫‪-2‬حماية الثار‪:‬‬ ‫تهدف مختلف التنقيبات الى حماية الثار‪ ،‬فالخطار التي تتعرض لها البقايا الثرية المتواجدة في باطن الرض‬ ‫ل تقل عن تلك التي تتعرض لها الثار الموجودة فوق سطح الرض‪ ،‬فلربما يمكن التحكم في حماية هذه‬ ‫الخيرة‪ ،‬بينما تبقى الولى تموت موتا بطيئا ويجد النسان نفسه عاجزا عن حمايتها وهي في تلك الحالة دون‬ ‫التنقيب عنها واخراجها‪.‬‬ ‫‪-3‬دراسة الثار‪:‬‬ ‫تعد المكتشفات الثرية مخلفات مادية لحضارة من الحضارات ونتاج مجتمع من المجتمعات صنعها واستعملها‬ ‫في مختلف الغراض‪ ،‬والثري لما ينقب عنها ويدرسها لما لها من صلة وعلقة بالنسان‪ ،‬فهي مرآة عاكسة له‬ ‫ومنها يمكن التعرف على قدرته الصناعية وذوقه الفني ومستواه الحضاري والقتصادي وافكاره ومعتقداته‪،‬‬ ‫فالمنقب لما يحفر فهو يبحث عن النسان عبر مختلف العصور‪ ،‬والكشف عن تاريخه ومساره الحضاري انطلقا‬ ‫من المخلفات والبقايا الثرية‪.‬‬ ‫‪-4‬تكوين الطلبة‪:‬‬ ‫تتألف العديد من فرق التنقيب من الطلبة‪ ،‬فهم من جهة يد عاملة متخصصة ل يخشى منها شيئ على المكتشفات‪،‬‬ ‫ويكفي ان يكون معها مراقب وموجه له خبرة مسبقة‪ ،‬ومن جهة اخرى لتدريبهم وتكوينهم على اعمال الحفر‬ ‫وطرق تنفيذه لكسابهم الخبرة الكافية وتأهيلهم لقيادة اعمال تنقيب مستقلة في مواقع اثرية مختلفة‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫‪ -8‬عوامل اندثار المباني وتشكل المواقع الثرية‪:‬‬ ‫‪-1‬العوامل الطبيعية‪:‬‬ ‫تلعب العوامل الطبيعية الدور الكبير في اندثار المباني واختفائها‪ ،‬كالفيضانات والزلزل والبراكين‬ ‫والعاصير والرياح والزوابع المحملة بالرمال‪ ،‬التي تترسب وتتراكم فوق المعالم الثرية الى ان تغطيها كاملة او‬ ‫جزئيا‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لثار مدينة سدراتة بورقلة التي غزتها الرمال‪ ،‬فأصبح ل يرى ال القليل من الجزاء‬ ‫التي تم كشفها على اثر الحفريات التي اجريت فيها‪.‬‬ ‫كما ان في فيضان النهار خطر على المدن التي اقيمت على ضفافها‪ ،‬وقد يتغير مجراها فتغمر مياهها المدن‬ ‫التي امامها‪ ،‬وتهجر المدن التي كانت مقامة على ضفافها في المجرى الول‪ ،‬ونفس الحال بالنسبة للمدن والمباني‬ ‫التي تقام على شواطئ البحار‪ ،‬فهذه الخيرة قد يرتفع مستوى مياهها بسبب المد والجزر والعاصير والزلزل‬ ‫والبراكين‪ ،‬فتختفي المدن الساحلية وتغور الجزر‪.‬‬ ‫‪-2‬العوامل البشرية‪:‬‬ ‫لتقل العوامل البشرية خطورة عن العوامل الطبيعية‪ ،‬فهي تساهم مساهمة كبيرة في خراب المدن واندثار‬ ‫معالمها‪ ،‬فقد يلجأ النسان الى بقايا مباني قديمة فيقتلع احجارها واعمدتها‪ ،‬ليعيد استعمالها في بناء مدنه الجديدة‪ ،‬وقد‬ ‫يختار مواقع تلك المدن فيهيئها ليشيد فوقها مبانيه‪ ،‬وقد حدث هذا اكثر من مرة‪ ،‬فمدينة تروادة تقوم على انقاض تسع‬ ‫مدن متراكبة فوق بعضها البعض‪ ،‬ومدينة تاقدمت في عهد المير عبدالقادر بنيت على جانب من انقاض مدينة‬ ‫تاهرت الرستمية‪.‬‬ ‫كما ان النسان يلجأ احيانا الى اعادة بناء بعض المعالم الدينية كالمعابد والمساجد‪ ،‬وتجديدها لقداسة موقعها‪-‬‬ ‫كجامع القيروان الذي جدد في عهد الغالبة كلية ما عدا المحراب الذي احتفظ به والكتفاء بتكسيته باللواح الرخامية‬ ‫والبلطات الخزفية‪ ،‬تيمنا ببناء الصحابي الفاتح عقبة بن نافع الفهري‪.‬‬ ‫‪-3‬العوامل القتصادية‪:‬‬ ‫لقد دأب النسان منذ القدم على اختيار مواقع للستقرار وبناء المدن فيها‪ ،‬لما توفره له من موارد طبيعية‬ ‫مختلفة تساعده في نمو اقتصاده وتطويره‪ ،‬غير انه قد تتغير الظروف وتنقطع الموارد فيهجر النسان المكان ويرحل‬ ‫الى مكان اخر‪ ،‬فقد تبنى مدينة على ضفاف نهر ثم يغير النهر مجراه فيؤثر هذا سلبا على اقتصاد المدينة ويدفع‬ ‫اهلها لهجرانها‪ ،‬وقد ينتشر فيها وباء خطير او يطالها الجفاف والقحط فتنتشر المجاعة والفقر‪ ،‬ومن ثم يضطر اهلها‬ ‫الى الرحيل عنها للبحث عن الرزق في اماكن اخرى‪.‬‬ ‫‪-4‬العوامل السياسية‪:‬‬ ‫للعوامل السياسية هي الخرى دور كبير في خراب المدن واندثارها نتيجة الحروب‪ ،‬فكثيرا ما يتحصن‬ ‫النسان داخل اسوار مدنه وقلعه وحصونه‪ ،‬فيضطر العدو المهاجم الى ضرب السوار ودكها وقد يهدمها ويحرقها‬ ‫بعد فتحها‪ ،‬ويقتل اهلها ويجليهم عنها‪ ،‬واحيانا يبني الحكام مدينة ويتخذونها عاصمة بدل من العاصمة الولى التي‬ ‫كانت مستبحرة في العمران‪ ،‬فيهجرها الناس الى العاصمة الجديدة‪ ،‬كما حدث لقلعة بني حماد لما بنيت مدينة بجاية‬ ‫الناصرية‪ ،‬وانتقال المراء الحماديين اليها‪ ،‬فخربت القلعة وهجرها اهلها‪ ،‬بينما عمرت بجاية وزاد ساكنوها‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫ب‪ -‬المسح الثري واساليب الكشف عن الثار‬ ‫‪ -1‬المسح الثري‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تعريف المسح الثري‪:‬‬ ‫يقصد بالمسح الثري ذلك المجهود الذي يبذله المختصون في الثار‪ ،‬لتحديد المواقع والمعالم الثرية وجردها‬ ‫وحصر آفاقها وحيزها‪ ،‬و وصف م خلفاتها وبقاياها ا لمادي ة التي تظهر فوق سطح الرض‪ ،‬ك العناصر ا لمعمارية‬ ‫والجدران و المباني‪ ،‬و اللقى الثرية كالفخاريات والمعدنيات والزجاجيات و غيرها‪ ،‬بالستعانة بالخرائط الطبوغرافية‬ ‫والصور الجوية‪ ،‬والوسائل والطرق العلمية المستخدمة في الكشف عن المواقع الثرية‪ ،‬دون القيام بأسبار أو أعمال‬ ‫حفر‪.‬‬ ‫ب‪ -‬أهمية المسح الثري‪:‬‬ ‫كان ا لمسح الثري في ب داي ة المر ل يعدو ان يكون مجرد إجراء أولي ي سبق الحفرية‪ ،‬يحدد ع ن طريقه‬ ‫حيزها وإطارها‪ ،‬غي ر ان ه مع مرور الوقت أ صبح المسح الثري هدفا مقصودا‪ ،‬وتخصصا قائما بذات ه كغيره من‬ ‫التخصصات ا لتي يتضمنها علم الثار‪ ،‬ويفضله ا لكثير م ن الثريين على الحفرية‪ ،‬ل سهولة وسرعة انجازه وقلة‬ ‫تكاليفه‪ ،‬مقارنة بالحفرية التي تتطلب إمكانيات كبيرة‪ ،‬ووقت طويل قد تستغرق سنوات عدة‪.‬‬ ‫فالمسح الثري فضل عن ذلك يجعل نظرة الباحث الثري واسعة وشاملة‪ ،‬ويسمح بتكوين طلبة في مختلف‬ ‫أنواع المعالم والبقايا الثرية وفترات تاريخية متعددة‪ ،‬عكس الحفرية التي تهتم بموقع واحد ودراسة بقاياه المكتشفة‬ ‫معزولة عن م حيطها الثري‪ ،‬وهذا ل ي عني أن الحفري ة غي ر مهم ة ب ل هما م تكاملن‪ ،‬ولك ن المسح يكسب ا لباحث‬ ‫الثري معلومات كافية في بعض الحيان عن مواقع كثيرة‪.‬‬ ‫ومن خلل التحاليل ا لتي يجريها على ما ج مع ه م ن لق ى‪ ،‬وربط العلقة ب ينها ومقارنتها ب بعضها البعض‪،‬‬ ‫يتعرف على مختلف الجوانب الخاصة بأصحابها‪ ،‬حيث بإمكانه التعرف على المراحل التاريخية التي عرفتها المنطقة‬ ‫الممسوحة‪ ،‬وتطور ا لستيطان البشري ب ه ا‪ ،‬والحركة العمرانية المصاحبة له‪ ،‬وظروف ت طورها او ا نحصارها‪،‬‬ ‫وتوز يعها الجغرافي‪ ،‬و العوامل المتحكمة فيها‪ ،‬وبإمكانه أ يضا ا ستجلء ا لمظاهر القتصادية والتجارية والعلقات‬ ‫الجتماعية بين التجمعات السكانية داخل المنطقة الممسوحة وخارجها‪.‬‬ ‫كما ان للمسح الثري مساهمة فعالة في حماية المعالم والمواقع الثرية‪ ،‬فبتحديده وحصره لها يسهل عملية‬ ‫وضع برامج لتأهيلها وتنميتها وقد ينقذها من برامج كانت ستدمرها‪ ،‬وقد تندثر وتتهدم بعض المعالم فتبقى الصور‬ ‫الملتقطة أثناء ا لمسح شاهدا له ا‪ ،‬وكم من ا ثر زال ولم يبق م ما يعرفنا به إل ا لصور والمخططات والخرائط التي‬ ‫أنجزت حوله‪.‬‬ ‫ت‪ -‬متطلبات المسح الثري‪:‬‬ ‫‪ -1‬بعثة المسح الثري‪:‬‬ ‫يتطلب المسح الثري تضافر جهود رجال من مختلف التخصصات‪ ،‬على رأسهم عالم في الثار متخصص‬ ‫في المسح الثري‪ ،‬له خبرة في الدراسات الميدانية والمسوحات الثرية والتحكم في الجهزة‪ ،‬والوسائل المستعملة في‬ ‫الكشف عن الثار و تحديدها‪ ،‬و إليه ت وكل م سؤولية ت سيير ا لبعثة و توجيه أعضائها ك ل حسب ا ختصاصه‪ ،‬ومراقبة‬ ‫سير العملية من بدايتها إلى نهايتها‪ ،‬وإصدار النتائج والتقرير‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫وما دام المسح الثري يشمل كل المواقع والمعالم الثرية التي ترجع الى فترات تاريخية مختلفة‪ ،‬فانه يجب‬ ‫ان تضم ب عث ة المسح ب احثي ن أثريين في ك ل التخصصات‪ ،‬ك تخصص آ ثار م ا قبل التاريخ والثار القديمة والثار‬ ‫السلمية والصيانة و الترميم‪ ،‬بالضا فة الى متخصصين في علم الكتبات ا لثرية واللغات ا لقديمة وعلم ا لمسكوكات‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫كما يجب ان ي رافق هؤلء ا لباحثي ن الثريين علماء م تخصصون في علوم م ساعدة لعلم الثار‪ ،‬كعلم‬ ‫الجيولوجيا الذي يقوم ا لمخت ص فيه بتحديد أ ماك ن تواجد المعادن وطبيعت ها وأنواع التربة والحجار وخصائصها‪،‬‬ ‫ونفس الحال بالنسبة للطبوغرافيا حيث يجب ان يرافق البعثة متخصص فيها‪ ،‬ليحدد المواقع الثرية على الخريطة‬ ‫ورسم خرائط لها وفق مقاسات مختلفة صغيرة وكبيرة‪ ،‬فضل عن تفسيره للخرائط الطبوغرافية والصور الجوية‪.‬‬ ‫الهندسة المعمارية هي الخرى مطلوبة في المسح الثري‪ ،‬خاصة في حالة مسح موقع اثري كبير‪ ،‬او مسح‬ ‫منطقة ح ضرية تحتوي على معالم اثري ة ك بيرة‪ ،‬حيث في مثل هذه الحالت ي ج ب ان تضم ا لبعثة عددا ك افيا من‬ ‫المهندسين‪ ،‬للقيام بوضع مخططات لكل المعالم وتحديد مقاساتها وأشكالها‪ ،‬وقد تكتفي البعثة بمهندس معماري واحد‬ ‫في ا لمناطق التي ل تكون المعالم ا لثرية ف يها كثيرة‪ ،‬وإذا ك ان فيهم من ا لثريين م ن يتق ن عملي ة الرفع المعماري‪،‬‬ ‫فانه بإمكان البعثة ان تستغني عن المهندس المعماري‪.‬‬ ‫ويجب ان ي رافق البعثة كيميائي تسند إ لي ه مهم ة معالج ة التحف واللقى المعثور عليها أثناء عملي ة المسح‪،‬‬ ‫وتنظيفها من الشوائب لحمايتها وصيانتها‪ ،‬وتحديد تاريخها‪.‬‬ ‫والى جانب الكيميائي تستعين البعثة بالرسام في التفريغ الزخرفي‪ ،‬ونسخ الصور والرسومات التي تتزين بها‬ ‫المعالم او التحف الثرية‪.‬‬ ‫كما ان البعثة يجب أن تزود بمصور ماهر ومحترف‪ ،‬يتميز بقدرة عالية في اختيار الوقت والجهة المناسبة‬ ‫للتقاط الصور وطرق تحميضها‪ ،‬التي يجب ان تتم في مخبر يكون بحوزة البعثة وتحت تصرفها‪ ،‬لخراج الصور‬ ‫في الحال والتأكد من سلمتها‪.‬‬ ‫وبالضا فة إ لى م ا سبق‪ ،‬يج ب أن تضم البعثة أفرادا آ خرين كسائقي ا لسيارات‪ ،‬ودليل يفضل ان يكون من‬ ‫أبناء المنطقة الممسوحة‪ ،‬يستبدل كلما انتقلت البعثة إلى منطقة جديدة‪.‬‬ ‫‪ -2‬وسائل المسح الثري‪:‬‬ ‫يحتاج المسح الثري إلى مجموعة من الوسائل‪ ،‬تأتي في مقدمتها الخرائط على اختلف أنواعها‪ ،‬الجغرافية‪،‬‬ ‫الجيولوجية‪ ،‬و الطبوغرافية و الصور الجوية‪ ،‬فبهذه الخرائط والصور تتعرف البعثة على ط بيعة ا لمنطق ة جبلية او‬ ‫سهلية‪ ،‬مرتفعة او منخفضة‪ ،‬الطرق والمسالك وغيرها من الظواهر الطبيعية‪ ،‬ويساعد هذا في تنظيم عملية المسح‬ ‫وتسهيلها‪ ،‬كما تفيد الصور الجوية وقد سبقت الشارة إليها في أنها تظهر الكثير من المواقع المطمورة تحت الرض‪،‬‬ ‫وهي من الوسائل الهامة التي تستعمل في الكشف عن الثار‪.‬‬ ‫وبالضافة إلى الخرائط والصور‪ ،‬يحتاج المسح الى أجهزة تصوير فوتوغرافي وكاميرات‪ ،‬ومخبر لتحميض‬ ‫الصور والتأكد م ن سلمتها وجود تها‪ ،‬وأجهزة لقياس الطوال والرتفاعات‪ ،‬كجهاز ا لتيودوليت و أشرطة مترية‬ ‫بعشرين مترا او أكثر وأخرى صلبة ب مترين‪ ،‬واجهزة الكتاب ة والرسم كالوراق الملمترية واوراق ا لكتابة والقلم‬ ‫والمساطر ومقص وعلب ارشيف لحفظ الملفات‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫كما يجب ان تزود البعثة بادوات تهيئة قد تحتاجها في نزع العشاب التي تنموا فوق الثار وتغطيها لتظهر‬ ‫في الصورة واضحة كالمسطرين وفأس وفرشاة‪ ،‬دون ان ننسى وسائل نقل ملئمة لطبيعة المنطقة تخصص لفراد‬ ‫البعثة وتكون تحت تصرفهم‪.‬‬ ‫ث‪ -‬انواع المسح الثري‪:‬‬ ‫‪ -1‬المسح الشامل‪:‬‬ ‫يعد المسح ا لشامل احدث انواع ا لمسح الثري‪ ،‬وهو يهدف الى مسح كل اجزاء ا لمنطق ة مرتفعاتها‬ ‫ومنخفضاتها سهولها ووديانها‪ ،‬وتحديد المواقع الثرية الظاهرة والمطمورة‪ ،‬بالوسائل والطرق العلمية المستخدمة في‬ ‫الكشف عن الثار‪ ،‬مهما كان نوع الثار وفتراتها التاريخية‪ ،‬شظايا ادوات حجرية وفخار وعناصر معمارية وقبور‬ ‫وكهوف واسوار ومباني‪.‬‬ ‫‪ -2‬المسح الختياري‪:‬‬ ‫او المسح الجزئي‪ ،‬وهو كما ي ظهر م ن عنوانه اختيار ا ماكن م عينة ومحددة حسب الهداف المنشودة من‬ ‫عملي ة المسح‪ ،‬فاذا ك نا نهدف الى ا لحصول على معلومات عن فترة ت اريخية م عين ة‪ ،‬فاننا نقوم ب مسح المواقع التي‬ ‫ترجع اليها دون غيرها من المواقع‪ ،‬واذا كانت دراستنا تهدف الى التعرف على نوع من المنشآت او المعالم الثرية‬ ‫كالطرق او المدافن او الرسوم الجدارية ضمن نطاق جغرافي محدد فاننا سنهمل المعالم الخرى‪.‬‬ ‫كما انه يمكن ان نقوم بعملية مسح بغية معرفة تاريخ منطقة معينة واهم شواهدها ومعالمها الثرية‪ ،‬وفي هذه‬ ‫الدراسة سنركز على المواقع الكبيرة وذات الهمية البالغة في حين نغفل المواقع الصغيرة‪ ،‬وفي جميع هذه الحالت‬ ‫تكون عملية المسح الختياري قليلة التكاليف وسريعة النجاز‪ ،‬عكس المسح الشامل الذي يتطلب جهدا ووقتا كبيرين‪.‬‬ ‫‪ -3‬المسح النقاذي‪:‬‬ ‫يتم هذا المسح في ا لمناطق ا لت ي ستقام ف يها مشاريع كبرى كالسدود وشق الطرقات ا لرئيسية و الوطنية‬ ‫والمؤسسات الصن اعية الهامة التي تستدعي الضرورة الى انجازها في منطقة محددة‪ ،‬ويصبح دور ا لمسح في مثل‬ ‫هذه المناطق انقاذ ما يمكن انقاذه من الثارن والمعلومات المهددة بالزوال والندثار‪ ،‬ويجب ان يتم بسرعة وبطريقة‬ ‫دقيقة وشاملة‪ ،‬حتى ت تبعه حفريات ا نقاذي ة هي الخرى‪ ،‬ويجب ان ت سجل ك ل المواقع كبيرها وصغيرها‪ ،‬و من أي‬ ‫فترة تاريخية كانت‪ ،‬ب الصور والمخططات والخرائط والشكال و الوصف ومختلف المعطيات المتعلقة ب ه ا التاريخية‬ ‫والجغرافية والثرية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬منهج المسح الثري‪:‬‬ ‫يختلف م نهج ا لمسح الثري حسب طبيع ة كل م نطق ة‪ ،‬فالمسح في ا لمناطق الحضرية ل يس ك المسح في‬ ‫المناطق الريفية او الساحلية او البحرية‪ ،‬فلكل منطقة خصوصياتها يجب ان تراعى‪ ،‬فالمسح في المناطق الحضرية‬ ‫كالمدن والقرى والتجمعات السك نية ام ر صعب‪ ،‬ذلك ان ا رضيتها ستغطي ارضيات المخلفات ال قديم ة لها‪ ،‬ولن ي بق‬ ‫الشيئ الكثي ر من تلك المخلفات ظاهرا كم ا هو الحال في المناطق ا لريفي ة‪ ،‬وم ن ثم ن جد انفسنا ن بحث عن آثار‬ ‫مطمورة فوقها بنايات حديثة ومستغلة‪ ،‬ومعالم اثرية ظاهرة‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫فأما في الحالة الولى ف إنها تتطلب م نا البح ث في المصادر التاريخية والجغرافية التي ت عرضت ل تاريخ‬ ‫المنطقة‪ ،‬وقد نجد في التربة التي يتم اخراجها من جراء اشغال الحفر المختلفة كالبار والقنوات وغيرها ما يستعان‬ ‫به في التعرف على طبيعة الثار المدفونة‪ ،‬وقد نجد بين تلك التربة بقايا فخارية او نقود أثرية‪.‬‬ ‫ام ا في الحالة ا لثانية ف انه ي توجب التجوال ا لدقيق لكامل اجزاء المدين ة والسير في جميع د روبها‪ ،‬وبهذه‬ ‫الطريقة يمك ن التمييز بين المعالم ا لثري ة والمباني الحديثة‪ ،‬و يمكن ا لتمييز حتى بين ت رميم الجزاء القديم ة منها‬ ‫واعادة استعمالها‪ ،‬وهنا يجب التنبيه انه قد يعيد النسان استعمال مواد بناء جلبها من مكان آخر‪ ،‬وتوجد امثلة عديدة‬ ‫عن هذه الحالة في الجامع الموي بدمشق وجامع القيروان وجامع قرطبة‪ ،‬حيث استعملت فيهم اعمدة قديمة رومانية‬ ‫وبيزنطية‪.‬‬ ‫وفي الجزائر امثلة كثيرة لهذه الظاهرة منها جسر باب القنطرة الذي اعاد تشييده صالح باي بحجارة ج لبها‬ ‫من معالم أثري ة قديمة و في مدين ة خميستي ب ولية تسمسيلت ت وجد عدة م باني ت ضم في جدرانها احجار ر ومانية‬ ‫مجلوبة من معسكر كولمناطة الذي شيد ضمن خط الليمس‪.‬‬ ‫واذا كان المسح في المناطق الحضرية صعبا فانه في المناطق الريفية سهل الى حدا ما‪ ،‬ذلك ان مواقعا اثرية‬ ‫كثيرة في مثل هذه المناطق تكون بارزة الى العيان‪ ،‬وعادة ما تكثر شقف الفخار فوق سطحها‪ ،‬او تظهر منها بعض‬ ‫الجزاء كالسوار او العمدة‪ ،‬وغالبا ما تتوضع آثار المدن في شكل تلل يكبر حجمها ويصغر حسب كبر المدينة‬ ‫او صغره‪.‬‬ ‫اما اذا كانت المعالم الثرية غير واضحة فيمكن ان تكون مدفونة على عمق كبير نتيجة لتراكم كميات كبيرة‬ ‫م ن الرواسب والطمي‪ ،‬وفي هذه الحالة ي ج ب علينا ان ن ستعمل الطرق ا لعلمي ة في الكشف عنها‪ ،‬كالطرق‬ ‫الجيوفيزيائية والكيميائية وغيرها‪.‬‬ ‫وفي المناطق الساحلية او المائية تزداد عملية المسح صعوبة وتعقيدا‪ ،‬وهي تتطلب الستعانة بخبراء في هذا‬ ‫المجال‪ ،‬كعلماء ا لبحر والغواصين و الصيادين‪ ،‬و استعمال الجهزة و الوسائل التي ذ كرناها سابقا كأجهزة التصوير‬ ‫الفوتوغرافي والماجنتومتر وغيرها‪.‬‬ ‫غي ر ان ه وبالرغم من هذه الختلفات الناتج ة عن عدة معطيات‪ ،‬ال ا نها تشترك في ا لكثير من النقاط‬ ‫والمبادئ الساسية التي نجملها في ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الدراسة التحضيرية‪:‬‬ ‫ا‪ -‬تحديد المنطقة‪:‬‬ ‫نقصد ب تحديد المنطقة ذلك ا لقليم ا لمزمع اجراء عملية ا لمسح الثري فيه‪ ،‬و تخضع هذه العملية الى عدة‬ ‫اعتبارات‪ ،‬ف قد ترغ ب الدولة في التعرف على تاريخها‪ ،‬او لوضع برام ج تنموية لحماي ة المواقع والمعالم الثرية‬ ‫وترقيتها‪ ،‬وقد تختار اماكن معينة لسباب مختلفة كأن تكون آثارها ترجع الى فترة تاريخية واحدة‪ ،‬او تبرمج الدولة‬ ‫مشاريع كبرى كشق الطرق اوبناء س د في منطق ة م ا‪ ،‬فتضطر الى ب رمجة عملية م سح انقاذي ف يها ق بل البدء في‬ ‫الشغال‪.‬‬ ‫ب‪ -‬جمع المعلومات‪:‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫تجمع المعلومات حول المنطقة المعنية بالمسح من المصادر التاريخية والجغرافية التي تعرضت لتاريخها او‬ ‫وصفها عبر مختلف الفترات والعصور‪ ،‬والدراسات الحديثة ا لتي اقيمت ح ولها‪ ،‬والحفريات ا لتي اجريت فيها‪،‬‬ ‫ونشرت نتائجها في دوريات علمية او في شكل تقارير خاصة‪ ،‬ويفيدنا البحث البيبليوغرافي في جمع معلومات جد‬ ‫هامة تاريخية واثرية ومعرفة اسماء المدن والماكن القديمة والحديثة‪ ،‬وفي الجزائر توجد اسماء بعض الماكن تشير‬ ‫الى ان المنطق ة اثرية مثل ك لمة " خربة" وهي مستعملة كثيرا‪ ،‬ومن المثلة على ذلك خ ربة اولد بوزيان بسيدي‬ ‫الحسني ولية تيارت فهذه المنطقة تحوي خرائب رومانية ل زالت بقاياها ماثلة الى اليوم‪.‬‬ ‫ولمعر فة الجانب ا لجغرافي و الجيولوجي للمنطقة ن ستعين بالخرائط ا لجيولوجية والطبوغرا فية و الصور‬ ‫الجوية‪ ،‬ولهذه الخيرة فائدة كبيرة في الكشف عن المواقع الثرية المطمورة وتحديد حيزها ومخططها‪.‬‬ ‫كما تعتبر معلومات اهل المنطقة من اهم المصادر التي ل يمكننا الستغناء عنها‪ ،‬ويحدث كثيرا ان يكتشف‬ ‫اهل ا لمنطقة اثارا اثناء ق يامهم باشغال الحفر ا لمختلفة‪ ،‬ويعثرون على تحف ينقلونها من م واقعها ا لصلية ا لى مقر‬ ‫سكناهم او الى اماكن اخرى‪ ،‬وقد تكون لديهم معلومات حول مواقع كانت و اضحة معالمها وظاهرة ثم بعد مدة‬ ‫ولعوامل طبيعية اوبشرية اختفت‪.‬‬ ‫وقد افادنا ا ه ل المنطق ة في معرفة م واقع ا ثرية هامة ب ولية تيسمسيلت فمنهم من وجدناه جلب ع ناصر‬ ‫معمارية كالعمدة والتيجان والحجار ا لمنحوتة الى د اره ودلنا على ا لموقع ا لصلي ل ها‪ ،‬و في منطقة اخرى جلب‬ ‫مواطن احجارا من موقع أثري قديم وشيد بها مسكنه‪ ،‬وبواسطة اهل المنطقة ايضا تعرفنا على مواقع اثرية بولية‬ ‫تيسمسيلت غ ير موجودة في الطلس الثري للجزائر الذي وضعه قزال‪ ،‬م ن بينها م وقع يطلق علي ه اهل ا لمنطقة‬ ‫قصر الروم‪ ،‬وبعد معاينتنا له عثرنا فيه على بقايا معمارية قديمة اعمدة واسوار وفخار‪.‬‬ ‫‪ -2‬الدراسة الميدانية‪:‬‬ ‫ا‪ -‬تخطيط المنطقة‪:‬‬ ‫بعد تحديد حيز المسح وانطلقا من الخرائط الطبوغرافية والصور الجوية تقسم المنطقة الى مربعات‪ ،‬وتسهل‬ ‫عملية التخطيط في المناطق السهلية اكثر م ن غيرها لنبساطها ووضوح الرؤية فيها‪ ،‬وتختلف مقاسات المربعات‪،‬‬ ‫ولعل التقسيم الكثر استعمال ومريحا هو ‪ 2×1‬كلم في اليوم‪ ،‬وقد تقسم هذه المساحة بدورها الى شبكة من المربعات‬ ‫الصغيرة تتراوح اطوالها بين ‪30‬و ‪ 50‬متر مربع‪ ،‬ولما يتم العثور على موقع اثري كبير كآثار مدينة واسعة يمكن‬ ‫تقسيمها الى مربعات اصغر‪ ،‬ل ما تتطلب ه م ن رسم ورفع معماري ومسح اثري مكثف‪ ،‬و يتحكم في ت حديد م قاسات‬ ‫المربعات عدة عوامل‪ ،‬منها طبيعة المنطقة‪ ،‬وعدد افراد البعثة وامكانياتها‪ ،‬وكثافة المواقع الثرية‪ ،‬فكلما كانت هذه‬ ‫الخيرة كثيرة كلما توجب تصغير المربعات‪ ،‬لما تتطلبه العملية من تدقيق وتركيز‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المعاينة الميدانية‪:‬‬ ‫وتتم عملية المعاينة بتوزيع افراد البعثة على مربع او اكثر حسب عددهم‪ ،‬ويصطفون متجولين في استقامة‬ ‫واحدة على طول ا لمستطيل‪ ،‬في المرتفعات والمنخفظات‪ ،‬من اعماق الوديان الى اعالي ا لجبال‪ ،‬مع ا لتدقيق في‬ ‫ملحظة البقايا والمخلفات الثرية المتواجدة على سطح الرض‪.‬‬ ‫ت‪ -‬التسجيل‪:‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫يعد ا لتسجيل م ن اهم العمال ا لتي ينبغي ان تصاحب ع ملي ة المسح الثري‪ ،‬وينبغي ت سجيل ك ل صغيرة‬ ‫وكبيرة في د فتر يومي خاص ب المسح‪ ،‬ي قسم الى عدة ا جزاء كل جزء خاص ب موقع أثري تدون في ه كل المعلومات‬ ‫الخاصة به‪ ،‬ح ي ث فيه يتم وصفه و تحديد م وقعه و محيطه الجغرافي ومقاساته ووصف م نشآته و بقاياه الثرية‪،‬‬ ‫وابعادها ومواد بنائها او صناعتها‪.‬‬ ‫وينبغي ان يكون افراد ا لبعث ة قد حضروا بطاقات ت عريفية ت حمل معطيات ش املة للموقع تمل ا ثناء عملية‬ ‫المسح ‪ ،‬وليس ه ناك نموذجا واحدا للبطاقات‪ ،‬ولكنها ب صف ة عامة تشترك في عدة ج وانب مثل ا حتوائها على خانة‬ ‫لسم الموقع وأخرى لحداثياته‪ ،‬وخانات للمقاسات وطبيعة الموقع والمسالك المؤدية اليه‪ ،‬وطبيعة المخلفات والبقايا‬ ‫الثرية من أبنية او فخار او غيرها‪ ،‬وحالة الموقع ان كان محميا او مهددا بالزوال‪ ،‬واهم المراجع التي تتحدث عنه‪.‬‬ ‫ث‪ -‬رسم المخططات‪:‬‬ ‫تدعم ملفات المسح الثري بخرائط طبوغرافية و رسوم تخطيطية ل لمواقع الثرية بمقياس كبير‪ ،‬ويفضل ان‬ ‫يرسمها رجال مختصون في الطبوغرافيا‪ ،‬ويجب ان يحدد عليها اتجاه الشمال‪ ،‬و اماكن ت واجد البقايا المعمارية‬ ‫والفنية‪ ،‬واذا كان الموقع الثري كبيرا بامكان البعثة ان تقسمه الى ق طاعات‪ ،‬وتضع لكل قطاع مخطط تفصيلي لما‬ ‫في ه م ن ابنية ومخلفات اثرية‪ ،‬دون ان ت نسى القيام ب التفريغ الزخرفي للرسوم والنقوش ا لجداري ة سواءا ك انت على‬ ‫الجص او الصخور او غيرها من المواد‪ ،‬ورسم الكتابات الثرية وما تحتويه من زخارف‪.‬‬ ‫ج‪ -‬التصوير‪:‬‬ ‫والى ج انب المخططات ي ج ب تصوير ك ل ما ي عثر علي ه من آثار ثابتة او منقولة‪ ،‬واذا ك انت ا لبعثة مزودة‬ ‫بكاميرا فيديو يصور الموقع الثري و محيطه الجغرافي والطرق والمسالك المؤدية ا ليه‪ ،‬واذا كان ت آلة التصوير‬ ‫فوتوغرا فية فان ه ينبغي ان تؤخذ صور ق ريبة من ا لثر ح تى تظهر تفاصيله وجزئيا ته‪ ،‬وصور اخرى بعيدة عنه‬ ‫لتظهره مع محيطه‪ ،‬وينبغي ان تدمج صور كل موقع في ملفه الخاص به‪.‬‬ ‫ح‪ -‬جمع اللقى الثرية‪:‬‬ ‫يقصد باللقى الثرية تلك ا لقط ع الصغيرة و التحف المنقولة‪ ،‬كالواني الفخارية او ا لمعدنية او ا لزجاجية‬ ‫والسلحة والحلي والنقود وغيرها‪ ،‬ولجمع هذه اللقى اهمية كبيرة‪ ،‬فالنقوش والنقود تحمل معلومات هامة حول تاريخ‬ ‫الموقع واسماء المدن والمراء‪ ،‬والنقود تفيدنا فضل عن ذلك في معرفة الشبكات ا لتجارية بي ن مجتمع ا لمنطقة‬ ‫والمجتمعات المجاورة‪.‬‬ ‫ومن ثم يعتبر جمع اللقى اثناء المسح امرا ضروريا ينبغي على افراد البعثة ان يجمعوا منها عينات يوميا‪،‬‬ ‫وحتى تكون العملي ة ممنهج ة وسهلة ي مكن و ضع لق ى كل م وقع في ك يس ي ميز عن غيره ب بطاقة ي كت ب عليها ا سم‬ ‫الموقع ورمزه ا لحرفي وتاريخ المسح ‪ ،‬ثم تنظيف القط ع التي بداخله‪ ،‬ويدون على كل ق طعة منها ب الحبر ا لصيني‬ ‫رمزا ورقما تسلسليا يشير الى اسم الموقع وتاريخ ا لمسح واسم القطاع و رقم القطعة‪ ،‬وبهذه الطريقة يمكننا معرفة‬ ‫مصدر اللقى بسهولة حتى اذا اختلطت بلقى مواقع اخرى‪.‬‬ ‫ويجب ان يتم جمع اللقى بطريقة مدروسة ومنظمة تراعى فيها عدة معطيات متعلقة بالموقع واللقى على حد‬ ‫سواء‪ ،‬فيجب ان لنهتم بموقع فنجمع كميات كبيرة منه ونهمل موقع آخر ول نجمع منه ال القليل‪ ،‬او نأخذ عينات‬ ‫من قطاع دون قطاع آخ ر م ن الموق ع‪ ،‬بل ي نبغي ان ت كون عملية ا لجمع متناس بة مع الكميات المعثور عليه ا في‬ ‫‪15‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫المواقع‪ ،‬فالموقع الذي يحتوي على ك ميات كبيرة من القطع الفخارية يجب ان نجمع منه كميات اكبر من أي موقع‬ ‫آخر تقل فيه هذه المادة‪ ،‬أي ان العملية يجب ان تتم وفق نسب مئوية ثابتة في كل موقع‪ ،‬ويجب ايضا ان ل نجمع‬ ‫كل م انعثر عليه ‪ ،‬ب ل ينبغي ان ن جمع نماذج م ختلفة للمادة الواحدة فالفخار مثل ن جم ع قطع م ن الفوهة وأخرى من‬ ‫المقابض وأخرى من ال قاعدة وغيرها‪ ،‬وقطع مصنوعة م ن طينة حمراء واخرى من ط ينة بيضاء‪ ،‬وقطع تحمل‬ ‫زخارف مختلفة‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة لباقي اللقى‪.‬‬ ‫‪ -3‬الدراسة المخبرية‪:‬‬ ‫بعد انتهاء مرحلة ا لمعاينة و المسح ا لميداني يجتمع افراد ا لبعث ة في المخبر الذي ت وضع في ه كل الملفات‬ ‫والصور والخرائط و اللقى ا لت ي تم ج معه ا‪ ،‬ويتم في هذه المرحلة معالجة الل قى بدءا ب تنظيفها ان لم تكن لم تنضف‬ ‫بعد‪ ،‬وصيانتها وتصنيفها سواءا حسب طبيعة المادة او حسب نوعية الزخارف او الفترات التاريخية‪ ،‬ووضع قوائم‬ ‫لهذه اللقى‪ ،‬ورسمها‪ ،‬ثم اخضاع نماذج منها لتحاليل كيميائية لستخلص التاريخ منها‪.‬‬ ‫كما يحاول افراد البعثة ان يجمعوا النتائج ا لمتحصل عليها و تفسيرها و تحليلها انطلقا من الخرائط‬ ‫الطبوغرافية والمخططات التي حددت فيها اماكن تواجد المواقع واللقى‪ ،‬فاذا لوحظ مثل ان التجمعات السكنية التي‬ ‫ترجع الى فترة ت اريخية ما ت وجد ك لها في المرتفعات و المناطق ا لجبلية فان هذا ي عني ان ا لمنطقة ك انت خلل تلك‬ ‫الفترة تعيش في حالة اللستقرار وحرب وثورات وفتن‪ ،‬اما اذا كانت مشيدة في السهول والمنخفضات فان الفترة هي‬ ‫فترة امن واستقرار‪.‬‬ ‫واذا سجل تواجد ك مي ة كبيرة من الجرار و الوعي ة الكبيرة من الفخار في ن قط ة ما‪ ،‬فان المكان كان عبارة‬ ‫عن مخزن‪ ،‬واذا تواجدت قطع الفخار بنسبة كبيرة في قطاع ما من المدينة الثرية فانه يمكن ان يكون محل تجاريا‬ ‫تباع فيه الواني الفخارية او مصنعا لصناعتها‪ ،‬وكذلك هو الحال مع باقي التحف كالزجاج او المعادن وغيرها‪.‬‬ ‫وينبغي على افراد البعثة ان يقارنوا بين اللقى والمواقع الثرية وربط العلقة بينها‪ ،‬ومعرفة مدى التواصل‬ ‫بين التجمعات السكنية والتأثير والتأثر فيما بينها فنيا وثقافيا وحضاريا‪.‬‬ ‫ويجب على افراد البعثة ان يختموا اعمالهم بوضع خريطة اثرية للمنطقة الممسوحة‪ ،‬تسجل فيها كل المواقع‬ ‫الثرية مميزة عن بعضها البعض حسب تاريخها او طبيعتها‪ ،‬كأن يوضع رمز لمواقع ماقبل التاريخ ورمز للمواقع‬ ‫القديمة و رمز آخر للمواقع والمعالم ا لسلمية‪ ،‬وبامكان وضع رموز ل ماك ن تواجد الفخار او الطرق والمسالك‬ ‫القديمة او القلع او رموز تفرق بين المعالم الباقية والمواقع المندثرة‪.‬‬ ‫ويجب على ا لبعث ة ان تسجل نتائج ا لمسح وتكتب تقريرا ي نشر في الدوريات اوالمجلت او تقريرا م نفصل‪،‬‬ ‫ليطلع عليه الباحثون الثريون ويتعرفوا من خلله على مواقع أثرية قد تجلب انتباههم فيبرمجوا فيها حفريات‪ ،‬وقد‬ ‫تعتمد الدولة على هذا ا لتقرير و تبرمج م شاريع ل تنمية و تأهيل ا لمناطق و المواقع الثرية و حمايتها‪ ،‬وتأخذها بعين‬ ‫العتبار ول تبرمج فيها مشاريع تمس بها كالبناء او شق الطرق وغيرها‪.‬‬ ‫‪ -2‬اساليب الكشف عن الثار‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الكشف عن الثار في اليابس‪:‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫‪ -1‬الطرق الكيميائية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التحليل الكيميائي لعينات التربة‪:‬‬ ‫تتميز المناطق التي يأهلها النسان باحتواء تربتها على كميات كبيرة من الفوسفات والكالسيوم والنيتروجين‬ ‫والكربون‪ ،‬ن تيجة النفايات والفضلت ا لتي يرميها النسا ن‪ ،‬بينما ت قل ن سبة هذه ا لعناصر في غيرها من ا لمناطق‪،‬‬ ‫ولما ت حلل عينات من ا لترب ة‪ ،‬يتم التعرف على الماكن ا لغنية بهذه ا لعناصر‪ ،‬وبالمكان ا لتدقيق في ا لعملي ة واخذ‬ ‫عينات من التربة على مسافات قصيرة ومنتظمة لتحديد حيز الموقع الثري بصورة تقريبية اكثر‪.‬‬ ‫ب‪ -‬فحص حبوب اللقاح‪:‬‬ ‫تعتبر حبوب اللقاح م ادة تنتجها الزهار ا لذكرية لتخصيب الزهار النثوية‪ ،‬و عادة ما يتم ن قل هذه الحبوب‬ ‫من زهرة الى اخرى عن ط ريق الرياح او الطيور او الحشرات‪ ،‬ويحدث ان ت سقط ا ثناء نقلها دون ان ت صل الى‬ ‫زهرة انثى‪ ،‬فاذا سقطت في تربة صالحة لبقائها كالتربة الطينية او الحمضية او الفحمية فانها تتحجر‪ ،‬وعن طريق‬ ‫الميكروسكوب يمكن التعرف عليها وتحديد نوعها‪ ،‬فاذا كانت من النباتات التي يزرعها النسان فهذا يعني ان المنطقة‬ ‫كانت آهلة بالسكان‪.‬‬ ‫كما يمكن من خلل هذه الطريقة التعرف على الحوال الجوية التي كانت سائدة في ذلك العصر‪ ،‬انطلقا من‬ ‫معرفة انواع النباتات التي نمت بالمنطقة‪ ،‬حيث ان لكل نوع من النباتات مناخه المناسب له‪ ،‬فالصنوبر مثل ينبت في‬ ‫المناطق الباردة‪ ،‬والنخيل في المناطق الحارة‪.‬‬ ‫‪ -2‬الطرق الجيوفيزيائية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تقدير مقاومة التربة للتيار الكهربائي‪:‬‬ ‫يرجع اول استخدام لهذه الطريقة في الكشف عن الثار الى عام ‪ ،1946‬من طرف الستاذ اتكنسون بموقع‬ ‫يعود الى ا لعصر الحجري الحدي ث في دورستر باكسفورد‪ ،‬وتقوم هذه الطريقة على ت قدير مقاومة الجزاء ا لمختلفة‬ ‫المكونة للتربة من طين وأحجار للتيار الكهربائي‪ ،‬فاذا كانت التربة طينية فان شدة المقاومة تكون ضعيفة‪ ،‬لحتوائها‬ ‫على نسبة عالية من الماء الذي يسهل عملية نقل التيار الكهربائي‪ ،‬اما اذا كانت فيها احجار فان المقاومة تكون قوية‪،‬‬ ‫واذا كان فراغ حاصل في ب اطن الرض كحفرة قبر او مطمورة فان التيار الكهربائي ي نقطع مروره تماما‪ ،‬و تصلح‬ ‫هذه الطريقة أكثر في المناطق الرسوبية لحتمال ان المقاومة فيها تكون بسبب وجود آثار‪ ،‬بينما النتائج تكون غير‬ ‫مضمونة ومؤكدة في المناطق الصخرية‪ ،‬ونفس الحال بالنسبة للمناطق الصحراوية الرملية الجافة‪.‬‬ ‫ولقياس مقاوم ة التربة للتيار الكهربائي استعملت ا جهزة عديدة ه ي في تطور مستمر‪ ،‬فقد ا ستعمل الستاذ‬ ‫الجهد "‬ ‫منها جهاز مقياس فرق‬ ‫‪ ،‬ثم ظهرت اجهزة اخرى‬ ‫ميجر"‪"MEGGER‬‬ ‫اتكنسون جهاز‬ ‫‪ "POTENTIOMETER‬وجهاز مقياس النسبة بين ك ميتين كهرومغن طيسيتين "‪ "RATIOMETER‬وجهاز "‬ ‫‪ "GALVANOMETER‬وجهاز "‪."ELECTRONIC MILLIVOLTMETER‬‬ ‫وتتم العملية بغرس وتدين معدنيي ن في باطن ا لرض على عمق م تساوي‪ ،‬ثم يمرر اليهما تيار كهربائي‬ ‫متصل بجهاز قياس شدة المقاومة‪ ،‬ثم يغير الوتدين الى اماكن اخرى على مسافات متساوية‪ ،‬وتسجل النتائج في كل‬ ‫نقطة تم قياسها‪ ،‬وتوضع في شكل مخطط بياني تحدد فيه مواقع ضعف المقاومة التي تدل على وجود آثار‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪www.manaraa.com‬‬ ‫وفي غالب الحيان بدل من وتدين تغرس اربعة اوتاد تفصلها مسافات متساوية وفي استقامة واحدة‪ ،‬وعلى‬ ‫حسب المسافة الفاص لة بي ن ك ل نقطة و نقطة يكون العمق الذي يمكن ان ي صل ا ليه التيار الكهربائي‪ ،‬فاذا كانت‬ ‫المسافة بين النقطتين المتتاليتين ‪1‬متر فان العمق الذي سيبلغه التيار هو ‪1‬متر‪.‬‬ ‫ورغم الستخدام الواسع لهذه الطريقة ال انه لها عيوب كثيرة‪ ،‬فهي بطيئة‪ ،‬وتتطلب في كل مرة غرس اوتاد‬ ‫ونزعها‪ ،‬كما انها تتطلب وجود على القل اربعة اشخاص لستعمالها‪ ،‬اضافة الى صعوبة تطبيقها في بعض المناطق‬ ‫الصخرية والجافة‪ ،‬والماكن التي تكثر فيها المياه الجوفية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تحديد قوة المجال المغناطيسي‪:‬‬ ‫تعد هذه الطريقة م ن أفضل الطرق الجيوفي زيائية ا لمست عملة في الكشف عن ا لمواقع والمخلفات الثرية‬ ‫المتواجدة في باطن الرض‪ ،‬وهي تتميز ببساطتها وسهولة وسرعة تنفيذها ودقتها في تحديد اللقى الثرية التي يقل‬ ‫عمقها عن ‪6‬م من سطح الرض‪ ،‬ومع ذلك فهي تتأثر بعدة عوامل تقلل من اهمية نتائجها في بعض المناطق‪ ،‬خاصة‬ ‫الماكن الحضرية لما تحتويه من اسلك كهربائية ومعدات حديدية كالسيارات والسكك الحديدية وغيرها التي تشوش‬ ‫على جهاز قياس قوة المجال المغناطيسي‪ ،‬وهي تصلح في المناطق الريفية البعيدة عن أي تأثير من هذا القبيل‪.‬‬ ‫وتقوم هذه الطريقة على ان هناك موادا لها خاصية مغناطيسية ك الصخور والتربة التي تحتوي على مادة‬ ‫الحديد‪ ،‬او اللقى و التحف الحديدية‪ ،‬والفخار الذي يصنع من ط ين ة صلصالية م ركب ة في ا صلها م ن اكاسيد ا لحديد‪،‬‬ ‫وبعد حرقها تكتسب خاصية مغناطيسية‪ ،‬ونفس الحال بالنسبة للجر والطوب المشوي‪ ،‬فهذه المواد اذا كانت مدفونة‬ ‫في باطن الرض فانها ستجعل نسبة قوة المجال المغناطيسي عالية‪.‬‬ ‫ويتم ت قدير هذه النسبة ب واسطة جهاز الماجنتوم تر‪ ،‬و هو يحتوي على اقراص مدرجة تظهر عليها النسب‪

Use Quizgecko on...
Browser
Browser