أصول علم الإجرام PDF
Document Details
Uploaded by DeadCheapSplendor9963
جامعة الأزهر
2021
طه السيد أحمد الرشيدي
Tags
Summary
هذا الكتاب يتناول أصول علم الإجرام، ويشرح الظاهرة الإجرامية من منظور نظريات علمية وضعية ونظريات إسلامية. يقدم المؤلف الدكتور طه السيد أحمد الرشيدي، أستاذ القانون الجنائي، ورئيس قسم القانون العام بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، هذا الكتاب للباحثين في مجال علم الإجرام، وطلاّب كليات الشريعة والقانون والعلوم الإسلامية.
Full Transcript
ﺃﺻـﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﺟــــﺮﺍﻡ دكتور طه السيد أحمد الرشيدي أستاذ القانون الجنائي ورئيس قسم القانون العام بكلية الشريعة والقانون جامعة األزھر العام الجامعي ٢٠٢٢م - ٢٠٢١ حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف...
ﺃﺻـﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﺟــــﺮﺍﻡ دكتور طه السيد أحمد الرشيدي أستاذ القانون الجنائي ورئيس قسم القانون العام بكلية الشريعة والقانون جامعة األزھر العام الجامعي ٢٠٢٢م - ٢٠٢١ حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف -٠- ﺎء ﻓَ َﻌﻠَ ْﻴ َﻬﺎ ﻗﺎل اﷲ ﺘﻌﺎﻝﻰ :ﻤ ْن ﻋ ِﻤ َل ِ ِ ِ ِ َﺴ َ ﺼﺎﻝ ًﺤﺎ َﻓﻠ َﻨ ْﻔﺴﻪ َو َﻤ ْن أ َ َ َ َ ]ﺴورة ﻓﺼﻠت آﻴﺔ[٤٦ : وﻤﺎ رﺒ َك ِﺒ َظ ﻼٍم ِﻝ ْﻠﻌ ِﺒ ِ ﻴد َ ََ َ ﻴن َﻴ ْﻜ ِﺴ ُﺒ َ ون ﺎط َﻨ ُﻪ إِ ن اﻝِذ َ اﻹ ﺜِْم وﺒ ِ ِ وﻗﺎل ﺘﻌﺎﻝﻰ َ :وَذ ُروا َظﺎﻫَر ِْ َ َ ]ﺴورة اﻷﻨﻌﺎم آﻴﺔ[١٢٠ : ﺴ ُﻴ ْﺠَزْو َن ِﺒ َﻤﺎ َﻜﺎ ُﻨوا َﻴ ْﻘﺘَ ِرﻓُ َ ون ِْ اﻹ ﺜْ َم َ ﺼدق اﷲ اﻝﻌظﻴم -١- ﺘﻘـــــــدﻴم اﻝﺤﻤد ﷲ ،واﻝﺼﻼة واﻝﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺴﻴدﻨﺎ رﺴول اﷲ ﻤﺤﻤد وﻋﻠﻰ آﻝﻪ وﺼﺒﺤﻪ وﺴﻠم...وﺒﻌد. ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺴرﻨﻲ أن أﺘﻘدم إﻝﻰ اﻝﺒﺎﺤﺜﻴن ﻓﻲ ﻤﺠﺎل اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔٕ ،واﻝﻰ طﻼب ﻜﻠﻴﺎت اﻝﺸرﻴﻌﺔ واﻝﻘﺎﻨون وطﺎﻝﺒﺎت ﺸﻌﺒﺔ اﻝﻘﺎﻨون ﺒﻜﻠﻴﺎت اﻝدراﺴﺎت اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ واﻝﻌرﺒﻴﺔ ﺒﻜﺘﺎب ﻋﻠم اﻻﺠرام ﻓﻲ ﻀوء اﻝﻨظرﻴﺎت واﻝﻤذاﻫب اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ واﻝﻨظرﻴﺔ اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ. وﻗد اﺸﺘﻤل ﻋﻠﻰ اﻝﺘﻔﺴﻴر اﻹﺴﻼﻤﻲ ﻝﻠﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ واﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ اﺸﺘﻤل ﻤوﻗف اﻝﺸرﻴﻌﺔ اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤن ﻤﻌظم اﻝﻤذاﻫب واﻝﻨظرﻴﺎت اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ اﻝﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺘﻔﺴﻴر اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ وﻋواﻤﻠﻪ. وﻋﻠم اﻹﺠرام ﻫو أﺤد ﻓروع اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻝذي ﻴدرس اﻝظـﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴـﺔ – ﻓـﻲ ﺤﻴــﺎة اﻝﻔــرد واﻝﻤﺠﺘﻤــﻊ – ﻝﻠوﻗــوف ﻋﻠــﻰ أﺴــﺒﺎﺒﻬﺎ ﺘﻤﻬﻴــدا ﻝﻠوﺼــول إﻝــﻰ أﻨﺴــب اﻝطــرق ﻝﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺴﺒﺎب أو اﻝﺘﻘﻠﻴل ﻤن آﺜرﻫﺎ ﻗدر اﻻﺴﺘطﺎﻋﺔ. وﺴوف أﺘﻨﺎول ﻤوﻀوﻋﺎت اﻝﻜﺘﺎب ،ﺒﺄﺴﻠوب ﺴﻬل وﺒﺴﻴط ،ﻤﻊ اﻝﺘﻌﻤق ﻓﻲ اﻝﺸرح ﻗدر اﻹﻤﻜﺎن ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻔق ﻤﻊ ﻤﻠﻜﺎت اﻝطﻼب. اﻝﻤ َؤﻝف ﻋﻠﻰ درﺠﺔ ﻜﺒﻴرة ﻤن وﺤﺴﺒﻲ أﻨﻲ ﻗد ﺒذﻝت ﻗدر ﻤﺎ اﺴﺘطﻴﻊ ﻝﻴﻜون ﻫذا ُ اﻹﺘﻘﺎن وأرﺠو اﷲ أن ﻴﺤﻘق ﻝﻲ ﻤﺎ ﻗﺼدت ،وأﺴﺄﻝﻪ ﺘﻌﺎﻝﻰ اﻝﺘوﻓﻴق إﻨﻪ ﻨﻌم اﻝﻤوﻝﻰ وﻨﻌم اﻝﻨﺼﻴر،،،، اﻝﻤؤﻝف -٢- ﻤﻘـــدﻤــــــــﺔ إن اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ،ﺘﻌد ﻤن أﺨطر اﻝظواﻫر اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﻬدد اﻝﻜﻴﺎن اﻝﺒﺸري ﻓﻲ أﻤﻨﻪ ،واﺴﺘﻘ اررﻩ ،ﺒل وﺤﻴﺎﺘﻪ.واﻨطﻼﻗﺎ ﻤن اﻝﺨطورة اﻝﺘﻲ ﺘﺘﺴم ﺒﻬﺎ ﻫذﻩ اﻝظﺎﻫرة ﻗﺎم ﻋﻠﻤﺎء اﻝﻘﺎﻨون ،وﻋﻠﻤﺎء اﻝﻨﻔس ﺒدراﺴﺘﻬﺎ.وأوﻝوﻫﺎ اﻫﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﺒﻴ اًر؛ ﺤﺘﻰ ﻨﺘﺞ ﻋن ﻫذﻩ اﻝدراﺴﺎت ،ﻨﺸوء ﻋﻠم ﻤﺴﺘﻘل ،ﻴﺴﻤﻰ ﻋﻠم اﻹﺠرام .Criminologie وﻴﻌد ﻫذا اﻝﻌﻠم ﺤدﻴث اﻝﻨﺸﺄة ،ﺸﺄﻨﻪ ﻓﻲ ذﻝك ﺸﺄن اﻝﻌﻠوم اﻝﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒدراﺴﺔ اﻹﻨﺴﺎن ،واﻝﺘﻲ ﻝم ﺘﺘطور إﻻ ﺒﺘطور اﻝﻤﻨﻬﺞ اﻝﻌﻠﻤﻲ اﻝﺘﺠرﻴﺒﻲ ﻓﻲ دراﺴﺔ اﻝظواﻫر اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﺤﻘﺎﺌق اﻝﺤﻴﺎة. ﻓﻘد ظﻬر ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻤﻊ ظﻬور اﻝﻔﻜر اﻝوﻀﻌﻲ اﻝﺘﺠرﻴﺒﻲ) (١اﻝذي ﺼﺎﺤب اﻝﺜورة اﻝﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻝرﺒﻊ اﻷﺨﻴر ﻤن اﻝﻘرن اﻝﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸر ،ﺜم اﻜﺘﻤﻠت ﻤﻌﺎﻝﻤﻪ ﺤﺘﻰ أﺼﺒﺢ ﻋﻠﻤﺎ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ووﺠد ﻤﻜﺎﻨﻪ إﻝﻲ ﺠﺎﻨب ﻏﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺘﻲ ﺘﻬﺘم ﺒﺎﻹﻨﺴﺎن وﻤﺸﺎﻜﻠﻪ داﺨل اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ. واﻝﺠرﻴﻤﺔ ظﺎﻫرة ﻗدﻴﻤﺔ ﻗدم اﻹﻨﺴﺎن ،ﻓﻤﻨذ أن ظﻬر اﻹﻨﺴﺎن ﻋﻠﻲ وﺠﻪ اﻷرض ظﻬرت ﻤﻌﻪ اﻝﺠرﻴﻤﺔ ،ﺤﻴث ﻗﺘل اﺒن آدم أﺨﺎﻩ ،ﺒداﻓﻊ اﻝﻐﻴرة واﻝطﻤﻊ).(٢ وﻤﻨذ ﺒداﻴﺔ اﻝﺨﻠﻴﻘﺔ واﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻝم ﺘﻨﻘطﻊ ﻤن أي ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤن اﻝﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،ﺒﺼرف اﻝﻨظر ﻋن درﺠﺔ ﺘﻘدﻤﻪ أو ﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ،ﺤﺘﻰ أﺼﺒﺢ اﻹﺠرام ظﺎﻫرة اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.ذﻝك أن اﷲ ﺘﻌﺎﻝﻰ ﻗد ﺨﻠق اﻹﻨﺴﺎن وزود اﻝﻨﻔس اﻝﺒﺸرﻴﺔ ﺒﻘدرات اﻝﺨﻴر واﻝﺸر؛ ﻓﺈذا ﺘﺤﻜم ﺠﺎﻨب اﻝﺨﻴر ﻋﻠﻲ ﺠﺎﻨب اﻝﺸر اﺘﺠﻬت اﻝﻨﻔس إﻝﻲ طرﻴق اﻝﺼﻼح واﻻﻋﺘدالٕ ،واذا طﻐﻲ ﺠﺎﻨب اﻝﺸر ﻋﻠﻲ ﺠﺎﻨب اﻝﺨﻴر اﺘﺠﻬت إﻝﻲ طرﻴق اﻝﻔﺴﺎد واﻹﺠرام).(٣ ) (١ﺤﻴث ﻴرﺠﻊ ﻤﻨﺸﺄ "ﻋﻠم اﻹﺠرام" إﻝﻰ أﺒﺤﺎث ﻤؤﺴﺴﻲ اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻻﻴطﺎﻝﻴﺔ وﻫم ﺴﻴزار أو ﺸﻴزاري ﻝوﻤﺒروزو ،وأﻨرﻴﻜو ﻓﻴري ،وراﻓﺎﻴﻴل ﺠﺎروﻓﺎﻝو ،وﻴﻌد اﻷﺨﻴر ﻫو ﺼﺎﺤب اﻝﻔﻀل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻝﺘﺴﻤﻴﺔ ،ﻋﻨدﻤﺎ أﻝف ﻜﺘﺎﺒﺎ ﻋﺎﻝﺞ ﻓﻴﻪ ﻤوﻀوﻋﺎت ﻫذا اﻝﻌﻠم ،ﺴﻨﺔ ١٨٨٠م ،أﺴﻤﺎﻩ "ﻋﻠم اﻹﺠرام ."La Criminologie ل ِﻤ َن ْاﻵ َﺨ ِر ﻗَﺎ َل َﺤ ِد ِﻫ َﻤﺎ َوﻝَ ْم ُﻴﺘَﻘَﺒ ْ ِ آد َم ِﺒﺎ ْﻝ َﺤ ق إِ ْذ ﻗَرَﺒﺎ ﻗُْرَﺒﺎ ًﻨﺎ ﻓَﺘُﻘُﺒ َل ﻤ ْن أ َ ) (٢ﻗﺎل اﷲ ﺘﻌﺎﻝﻲ َ وا ْﺘ ُل َﻋﻠَ ْﻴ ِﻬ ْم َﻨ َﺒﺄَ ْاﺒ َﻨ ْﻲ َ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ﻴن * ﻝَﺌ ْن َﺒ َﺴ ْط َت إﻝَ ﻲ َﻴ َد َك ﻝﺘَ ْﻘﺘُﻠَﻨﻲ َﻤﺎ أََﻨﺎ ﺒ َﺒﺎﺴط َﻴد َي إﻝَ ْﻴ َك ﻷَﻗْﺘُﻠَ َك ِ َﻷَﻗْﺘُﻠَ ﻨ َك ﻗَﺎ َل إِ ﻨ َﻤﺎ َﻴﺘَﻘَﺒ ُل اﻝﻠُ ﻪ ِﻤ َن ا ْﻝ ُﻤﺘِ ﻘ َ ِ ﻴد أ َْن ﺘَﺒوء ِﺒِﺈﺜْ ِﻤﻲ ٕوِاﺜْ ِﻤ َك ﻓَﺘَ ُﻜ َ ِ ﺎف اﻝﻠَ ﻪ َر ب ا ْﻝ َﻌﺎ َﻝ ِﻤ َ ﺎب اﻝ ﻨ ِﺎر َو َذﻝ َك َﺠ َز ُ اء َﺼ َﺤ ِ ون ﻤ ْن أ ْ َ ُ َ ﻴن * إِ ﻨﻲ أ ُِر ُ إِ ﻨﻲ أَ َﺨ ُ ﻴن〈 ]ﺴورة اﻝﻤﺎﺌدة اﻵﻴﺎت[٣٠-٢٧ : ِ ِ َﺼ َﺒ َﺢ ﻤ َن ا ْﻝ َﺨﺎﺴ ِر َ ِ ِ اﻝظﺎﻝِ ِﻤ َ ﺴ ُﻪ ﻗَ ْﺘ َل أَﺨﻴﻪ ﻓَﻘَﺘَ َﻠ ُﻪ ﻓَﺄ ْ ﻴن * ﻓَطَ و َﻋ ْت ﻝَ ُﻪ َﻨ ْﻔ ُ ﺎﻫﺎ〈 ﺎب َﻤ ْن َد ﺴ َ ﺎﻫﺎ* َوﻗَ ْد َﺨ َ اﻫﺎ* ﻗَ ْد أَ ْﻓﻠَ َﺢ َﻤ ْن َزﻜ َ ورَﻫﺎ َوﺘَ ْﻘ َو َ اﻫﺎ* ﻓَﺄَْﻝ َﻬ َﻤ َﻬﺎ ﻓُ ُﺠ َ ﺴ و َ س َو َﻤﺎ َ ) (٣ﻗﺎل اﷲ ﺘﻌﺈﻝﻰَ :وَﻨ ْﻔ ٍ ]ﺴورة اﻝﺸﻤس اﻵﻴﺎت ﻤن [١٠ -٧ -٣- ٕواﻋطﺎء اﷲ ﺘﻌﺎﻝﻰ اﻹﻨﺴﺎن ﻫذﻩ اﻝﻘدرة واﻝﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ أﻨواع اﻝﺘﺼرﻓﺎت ،إﻨﻤﺎ ﻫو ﻨوع ﻤن اﻹﻋذار ﻝﻺﻨﺴﺎن ،وﺘﺤﻘﻴق ﻗدر ﻤن اﻝﺤرﻴﺔ واﻻﺨﺘﻴﺎر ﻝدﻴﻪ؛ ﺤﺘﻰ ﻴﻜون ذﻝك أﺴﺎﺴﺎً ﻝﻤﺤﺎﺴﺒﺘﻪ ﻋن أﻓﻌﺎﻝﻪ.وﺘﺼرﻓﺎﺘﻪ).(١ وﻝﻘد ﺤﺎول ﻜﺜﻴر ﻤن اﻝﻔﻼﺴﻔﺔ واﻝﻤﻔﻜرﻴن ،ﻗدﻴﻤﺎ وﺤدﻴﺜﺎ ،دراﺴﺔ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ وﺘﻔﺴﻴرﻫﺎ؛ ﻝﻤﻌرﻓﺔ اﻷﺴﺒﺎب واﻝﻌواﻤل اﻝﺘﻲ ﻗد ﺘدﻓﻊ ﺒﺒﻌض اﻷﺸﺨﺎص إﻝﻲ ارﺘﻜﺎب اﻝﺠراﺌم دون اﻝﺒﻌض اﻷﺨر. وﻫذﻩ اﻝﻤﺤﺎوﻻت ﻝم ﺘﻨﺘﻬﻲ إﻝﻲ رأي ﻤوﺤد ﺘرﺠﻊ إﻝﻴﻪ ﺘﻠك اﻝظﺎﻫرةٕ ،واﻨﻤﺎ ﺘﻌددت اﻵراء واﻝﻨظرﻴﺎت ﻝﺘﻔﺴﻴرﻫﺎ :ﻓﺎﻝﺒﻌض ﻴرﺠﻊ وﺠودﻫﺎ ﻷﺴﺒﺎب ﻓردﻴﺔ ﺸﺨﺼﻴﺔ داﺨﻠﻴﺔ ،أي ﺘﺘﻌﻠق ﺒﺎﻝﺘﻜوﻴن اﻝﺨﻠﻘﻲ واﻝﻨﻔﺴﻲ ﻝﺸﺨص اﻝﺠﺎﻨﻲ ،واﻝﺒﻌض ﻴرﺠﻌﻬﺎ إﻝﻲ ﻋواﻤل ﺨﺎرﺠﻴﺔ اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻝﺒﻴﺌﺔ واﻝﺘرﺒﻴﺔ ودرﺠﺔ اﻝﺘﻌﻠﻴم واﻝوﺴط اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻝﺴﻴﺎﺴﻲ...إﻝﻲ ﻏﻴر ذﻝك ﻤن اﻝﻌواﻤل اﻝﺨﺎرﺠﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﺤﻴط ﺒﺎﻝﺠﺎﻨﻲ ﻤن اﻝﺨﺎرج ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺠﻤﻊ ﻓرﻴق ﺜﺎﻝث ﺒﻴن ﻜل ﻫذﻩ اﻝﻌواﻤل ﻓﻲ ﻤﺤﺎوﻝﺔ ﻤن ﺠﺎﻨﺒﻬم ﻝﺘﻔﺴﻴر ﺘﻠك اﻝظﺎﻫرة وأطﻠﻘوا ﻋﻠﻲ ﻤﺤﺎوﻝﺘﻬم ﻫذﻩ" اﻝﺘﻔﺴﻴر اﻝﺘﻜﺎﻤﻠﻲ ﻝﻠظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ").(٢ ﻤوﻀوع ﻋﻠم اﻹﺠرام: وﻋﻠﻰ ذﻝك ﻓﻤوﻀوع ﻋﻠم اﻹﺠرام :ﻫو اﻝﺴﻌﻲ إﻝﻰ اﻴﺠﺎد ﺘﻔﺴﻴر ﻝﻠظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻋن طرﻴق ﺘﺤدﻴد اﻷﺴﺒﺎب واﻝﻌواﻤل اﻝداﻓﻌﺔ إﻝﻰ اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ).(٣وﺴوف ﻨﺘﻨﺎوﻝﻪ ﺘﻔﺼﻴﻼً ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌد. ﺨطﺔ اﻝدراﺴﺔ: ﺘﻘﺘﻀﻲ دراﺴﺔ ﻋﻠم اﻹﺠرام ،اﻝﺘﻌرﻴف ﺒﻬذا اﻝﻌﻠم ودراﺴﺔ ﻤوﻀوﻋﻪ ﺜم دراﺴﺔ ﻨﺸﺄﺘﻪ وﺘطورﻩ اﻝﺘﺎرﻴﺨﻲ ،وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﻐﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،وأﺴﺎﻝﻴب وطرق اﻝﺒﺤث ﻓﻴﻪ ،وﻜذا دراﺴﺔ اﻝﻨظرﻴﺎت واﻝﻤذاﻫب اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴر اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ،واﻝﻌواﻤل أو اﻷﺴﺒﺎب اﻝداﻓﻌﺔ أو ) (١د /ﻤﺤﻤد ﻋﺒد اﻝﻤﻨﻌم ﺤﺒﺸﻲ ،اﻝﺠرﻴﻤﺔ واﻝﻌﻘوﺒﺔ ﻓﻲ اﻝﻔﻘﻪ اﻹﺴﻼﻤﻲ واﻝﻘﺎﻨون ،طﺒﻌﺔ دار ﻨﺼر ﻝﻠطﺒﺎﻋﺔ واﻝﻨﺸر٢٠٠٩،م ) (٢وﻫذﻩ اﻝﻤﺤﺎوﻻت وﻏﻴرﻫﺎ – ﺒﺤق -ﻫﻲ اﻝﺘﻲ أدت إﻝﻲ ظﻬور وﺘطوﻴر " ﻋﻠم اﻹﺠرام " ﺤﺘﻰ أﺼﺒﺢ ﻋﻠﻤﺎ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ووﺠد ﻤﻜﺎﻨﻪ إﻝﻲ ﺠﺎﻨب ﻏﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺘﻲ ﺘﻬﺘم ﺒﺎﻹﻨﺴﺎن وﻤﺸﺎﻜﻠﻪ داﺨل اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ. ) (٣د /ﻋﺒد اﻝﻌظﻴم ﻤرﺴﻲ وزﻴر ،ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب ،ﻨﺸر دار اﻝﻨﻬﻀﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ،ﺒدون ﺘﺎرﻴﺦ ،ﺠـ ،١ﻋﻠم اﻹﺠرام ،ص.٧ -٤- اﻝﻤؤﺜرة ﻓﻲ اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ اﻝﺘﻲ ﻗﻴل ﺒﻬﺎ ﻗدﻴﻤﺎ وﺤدﻴﺜﺎً؛ وذﻝك ﻝﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻷﺴﺒﺎب واﻝﻌواﻤل اﻝﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘؤدي ﺒﺎﻹﻨﺴﺎن إﻝﻰ ﺤدوث اﻝﺠرﻴﻤﺔ؛ ﺤﺘﻰ ﻨﺘﻠﻤس اﻝﺴﺒل واﻝطرق ﻝﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺴﺒﺎب أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل اﻝﺘﻘﻠﻴل ﻤﻨﻬﺎ أو ﻤن آﺜﺎرﻫﺎ ﻗدر اﻹﻤﻜﺎن. وﻋﻠﻰ ﻀوء ذﻝك ﻓﺴوف أﻗﺴم ﻫذﻩ اﻝدراﺴﺔ إﻝﻰ ﻓﺼل ﺘﻤﻬﻴدي ،وﺒﺎﺒﻴن ،ﻜﺎﻝﺘﺎﻝﻲ: اﻝﻔﺼل اﻝﺘﻤﻬﻴدي :اﻝﻤﺒﺎدئ اﻝﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام. اﻝﺒﺎب اﻷول :اﻻﺘﺠﺎﻫﺎت اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴر اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ. اﻝﺒﺎب اﻝﺜﺎﻨﻲ :اﻝﻌواﻤل اﻝﻤؤﺜرة ﻓﻲ اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ. -٥- اﻝﻔﺼل اﻝﺘﻤﻬﻴدي اﻝﻤﺒﺎدئ اﻝﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺘﻤﻬﻴد وﺘﻘﺴﻴم: إن دراﺴﺔ اﻝﻤﺒﺎدئ اﻝﻌﺎﻤﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﺘﻘﺘﻀﻲ دراﺴﺔ :ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام، وﻤوﻀوﻋﻪ ،وﻨﺸﺄﺘﻪ وﺘطورﻩ اﻝﺘﺎرﻴﺨﻲ ،وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﺎﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻷﺨرى وأﺴﺎﻝﻴب اﻝﺒﺤث ﻓﻴﻪ.وﻋﻠﻰ ﻀوء ذﻝك ﻓﺴوف ﻨﻘﺴم ﻫذا اﻝﻔﺼل إﻝﻰ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﺒﺎﺤث ﻜﺎﻝﺘﺎﻝﻲ: اﻝﻤﺒﺤث اﻷول :ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻤوﻀوﻋﻪ وﺘطورﻩ اﻝﺘﺎرﻴﺨﻲ. اﻝﻤﺒﺤث اﻝﺜﺎﻨﻲ :ﻓروع ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﻐﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻷﺨرى. اﻝﻤﺒﺤث اﻝﺜﺎﻝث :أﺴﺎﻝﻴب اﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام. اﻝﻤﺒﺤث اﻷول ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻤوﻀوﻋﻪ وﺘطورﻩ اﻝﺘﺎرﻴﺨﻲ ﺘﻘﺴﻴم: ﺴوف أﺘﻨﺎول ﻫذا اﻝﻤﺒﺤث ﻤن ﺨﻼل ﺜﻼﺜﺔ ﻤطﺎﻝب :أﺘﺤدث ﻓﻲ اﻝﻤطﻠب اﻷول ﻋن ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام ،وﻓﻲ اﻝﻤطﻠب اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻋن ﻤوﻀوع ﻋﻠم اﻹﺠرام ،وﻓﻲ اﻝﻤطﻠب اﻝﺜﺎﻝث ﻋن اﻝﺘطور اﻝﺘﺎرﻴﺨﻲ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام. اﻝﻤطﻠب اﻷول ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام Criminologie ﺘﻌددت اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻌﻠم اﻹﺠرام.واﻝﺒﻌض وﺴﻊ ﻓﻲ ﻨطﺎق ﻫذا اﻝﻌﻠم واﻝﺒﻌض اﻵﺨر ﻀﻴق ﻤن ﻫذا اﻝﻨطﺎق ،وذﻝك ﻨظ ار ﻻﺨﺘﻼف اﻝزواﻴﺎ اﻝﺘﻲ ﻴﻨظر إﻝﻴﻬﺎ ﻜل ﻋﺎﻝم ﻤن ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺠرام واﻝﺘﻲ ﻴﺤﺎول إﺒرازﻫﺎ ﻓﻲ ﺘﻌرﻴﻔﻪ. -٦- أوﻻً :اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﻤوﺴﻌﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام):(١ ﻤن اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﻤوﺴﻌﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام :ﺘﻌرﻴف اﻝﻔﻘﻴﻪ اﻹﻴطﺎﻝﻲ اﻨرﻴﻜو ﻓﻴري Ferri Enricoأﺤد ﻤؤﺴﺴﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام وأﺤد أﻗطﺎب اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻹﻴطﺎﻝﻴﺔ ﺒﺄﻨﻪ" اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴﻀم ﻜل اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﻬﺘم ﺒﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ". وﺘﻌرﻴف اﻝﻌﺎﻝم اﻷﻤرﻴﻜﻲ ﺴذرﻻﻨد Sutherlandﺒﺄﻨﻪ " اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴدرس اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒوﺼﻔﻬﺎ ظﺎﻫرة اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ" ،ﻝﻜﻨﻪ أﻋطﻲ ﻫذﻩ اﻝظﺎﻫرة ﻤدﻝوﻻ ﻤوﺴﻌﺎ ﻴﺸﻤل ﻜﺎﻓﺔ ﺠواﻨب اﻝﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻫذﻩ اﻝظﺎﻫرة ﺒدء ﻤن ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﻜوﻴن اﻝﻘواﻨﻴن أو ﺼﻨﺎﻋﺘﻬﺎ وﻤرو ار ﺒﺎﻝﺠراﺌم اﻝﺘﻲ ﺘرﺘﻜب ﺒﺎﻝﻤﺨﺎﻝﻔﺔ ﻝﺘﻠك اﻝﻘواﻨﻴن واﻨﺘﻬﺎء ﺒردود اﻷﻓﻌﺎل اﻝﺘﻲ ﺘﺘﺨذ ﻀد ﻤرﺘﻜب ﻫذﻩ اﻝﺠراﺌم. وﺘﺄﺴﻴﺴﺎ ﻋﻠﻲ ذﻝك ﻓﺈن ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﺸﻤل ﺜﻼﺜﺔ ﻓروع رﺌﻴﺴﻴﺔ :ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم أﺴﺒﺎب أو ﻋواﻤل اﻝﺠرﻴﻤﺔ ) وﻫو ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﻤﻌﻨﺎﻩ اﻝﻀﻴق ( وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب. وﻤﻤﺎ أﺨذ ﺒﻬذا اﻻﺘﺠﺎﻩ اﻝﻤوﺴﻊ ﻓﻲ ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام اﻝﻤؤﺘﻤر اﻝدوﻝﻲ اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام اﻝذي اﻨﻌﻘد ﻓﻲ ﺒﺎرﻴس ﺴﻨﺔ ١٩٥٠ﺤﻴث ﻋرف ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﺄﻨﻪ ":اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴﻬﺘم ﺒﺎﻝدراﺴﺔ اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ ﻝظﺎﻫرة اﻹﺠرام وأن ﻤوﻀوﻋﻪ ﻫو دراﺴﺔ أﺴﺒﺎب اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ وﺴﺒل ﻋﻼﺠﻬﺎ").(٢ وﻫذا اﻻﺘﺠﺎﻩ ٕوان ﻜﺎن ﻗد ﺴﺎد زﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺒﻌض اﻝدول ،ﻓﻘد اﻨﺤﺴر ﻓﻲ اﻝوﻗت اﻝﺤﺎﻀر.ﻓﺘﻘوﻴم اﻝﻤﺠرم وﻋﻼﺠﻪ ،ﻴﻨﻘطﻊ ﻝﻪ أﺤد اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻫو ﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب.أﻤﺎ اﻝوﻗﺎﻴﺔ ﻤن اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻴﺠري اﻝﺒﺤث ﻓﻴﻬﺎ ،وﻋﻨﻬﺎ ﺨﺎرج داﺌرة اﻝﻘﺎﻨون واﻝﻘﻀﺎء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ؛ وﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ﻓﻬﻲ ﺘﺨرج ﻋن داﺌرة ﻋﻠم اﻹﺠرام واﻝﻌﻘﺎب).(٣ ) (٢اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﻤوﺴﻌﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ،ﺘﺠﻌل ﻤن ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻋﻠﻤﺎ ﻴﺘﺴﻊ ﻝﻴﺸﻤل ﻋددا ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﻬﺘم ﺒدراﺴﺔ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻤﻤﺎ ﻴؤﺜر ﻋﻠﻲ اﺴﺘﻘﻼل ﻫذا اﻝﻌﻠم وﺘﻤﻴزﻩ ﻋن ﻏﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻷﺨرى ﻤﺜل ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب وﻋﻠم اﻝوﻗﺎﻴﺔ ﻤن اﻝﺠرﻴﻤﺔ. ) (٢د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٧ ) (٣د /ﻋﺒد اﻝﻌظﻴم ﻤرﺴﻲ وزﻴر ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ﺠـ ،١ص.٧ -٧- ﺜﺎﻨﻴﺎً :اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﻤﻀﻴﻘﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام: ﻤن اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﻤﻀﻴﻘﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ،ﺘﻌرﻴﻔﻪ ﺒﺄﻨﻪ ":اﻝدراﺴﺔ اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ ﻝﻠظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ" وﺘﻌرﻴﻔﻪ ﺒﺄﻨﻪ" ﻋﻠم اﻹﻨﺴﺎن اﻝﻤﺠرم") ،(١وﻜذﻝك ﺘﻌرﻴﻔﻪ ﺒﺄﻨﻪ":ﻋﻠم اﻝﺠرﻴﻤﺔ" أي ﻤﻌرﻓﺔ أﺴﺒﺎﺒﻬﺎ وﻋواﻤﻠﻬﺎ ﻜظﺎﻫرة ﻓﻲ اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ).(٢ وﻴﻼﺤظ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت :أﻨﻬﺎ ﺘﺘﻔق ﻋﻠﻰ ﻀرورة اﺴﺘﺒﻌﺎد ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب وﻋﻠم اﻝﺘﺤﻘﻴق اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝﻘﻀﺎء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝوﻗﺎﻴﺔ ﻤن اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻤن ﻤدﻝول ﻋﻠم اﻹﺠرام ،ﻷن إدﺨﺎل ﻤﺜل ﺘﻠك اﻝﻌﻠوم ﻓﻲ ﻤدﻝول ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴؤدي إﻝﻲ اﻝﺘوﺴﻊ ﻓﻲ ﻤدﻝوﻝﻪ ﺒﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﻔق ﻤﻊ ﻤوﻀوﻋﻪ واﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺘﻪ. ﻜﻤﺎ ﺘﺘﻔق ﻋﻠﻰ ﻀرورة اﻝﺘﻤﻴﻴز ﺒﻴن ﻋﻠم اﻹﺠرام وﺒﻴن ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت ،ﻷن اﻷول ﻋﻠم ﺘﺠرﻴﺒﻲ أو ﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﺤﻴث ﻴﺘﻨﺎول اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ أو ظﺎﻫرة اﻻﻨﺤراف ﺒوﺠﻪ ﻋﺎم ﺒﺎﻝوﺼف واﻝﺘﺤﻠﻴل ﺒﻨﺎء ﻋﻠﻲ اﻝﺘﺠرﺒﺔ ﺒﻐﻴﺔ اﻝوﺼول إﻝﻲ اﻷﺴﺒﺎب واﻝﻌواﻤل اﻝداﻓﻌﺔ إﻝﻴﻬﺎ، ﻓﻲ ﺤﻴن أن اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻫو ﻋﻠم ﻗﺎﻋدي أو ﻗﺎﻨوﻨﻲ ﻴﻘوم ﻋﻠﻲ وﻀﻊ اﻝﻘواﻋد اﻝﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﺤدد اﻷﻓﻌﺎل اﻝﻤﺎﺴﺔ ﺒﻤﺼﻠﺤﺔ ﺠوﻫرﻴﺔ ﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺎ وﺘﻨدرج ﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ﻀﻤن اﻝﺠراﺌم ،وﺘﺤدد ﻜذﻝك اﻝﺠزاءات اﻝﻤﻘررة ﻝﻬﺎ واﻝﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻝﻌﻘوﺒﺔ أو اﻝﺘدﺒﻴر اﻻﺤﺘرازي).(٣ وﻗد ﺘﻌرض ﻜﺜﻴر ﻤن ﻓﻘﻬﺎء اﻝﻘﺎﻨون اﻝﻤﺼري ﻝﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام.ﻓﻌرﻓﻪ اﻝﺒﻌض ﺒﺄﻨﻪ :ذﻝك اﻝﻔرع ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻝذي ﻴدرس اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ – ﻓﻲ ﺤﻴﺎة اﻝﻔرد واﻝﻤﺠﺘﻤﻊ – ﻝﻤﻌرﻓﺔ اﻝﻌواﻤل اﻝﻤؤدﻴﺔ إﻝﻴﻬﺎ) (٤ﻜﻤﺎ ﻋرﻓﻪ اﻝﺒﻌض ﺒﺄﻨﻪ :ذﻝك اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴدرس اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻝﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ أﺴﺒﺎﺒﻬﺎ ﺘﻤﻬﻴدا ﻝﻠوﺼول إﻝﻰ اﻨﺴب اﻝطرق ﻝﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺴﺒﺎب أو اﻝﺘﻘﻠﻴل ﻤن آﺜرﻫﺎ ﻗدر اﻻﺴﺘطﺎﻋﺔ).(٥ ) (١د /ﻋﺒد اﻝﻔﺘﺎح اﻝﺼﻴﻔﻲ ،ﻋﻠم اﻹﺠرام ،طﺒﻌﺔ ﺒﻴروت ،١٩٧٣ ،ص ،٦٣ﻫﺎﻤش .٢ ) (٢د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٧ ) (٣د /اﺤﻤد ﺤﺴﻨﻲ طﻪ ،ﻤذﻜرات ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ،طﺒﻌﺔ ﺒﻬﺠﺎت ﻝﻠطﺒﺎﻋﺔ ،دون ﺘﺎرﻴﺦ ،ص ،١٥د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٧ ) (٤د /ﻤﺤﻤود ﻨﺠﻴب ﺤﺴﻨﻲ ،دروس ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب ١٩٨٢ ،ص ،١وﻓﻲ ﻨﻔس اﻝﻤﻌﻨﻰ أﻨظر د/ ﻤﺄﻤون ﻤﺤﻤد ﺴﻼﻤﺔ ،أﺼول ﻋﻠم اﻹﺠرام واﻝﻌﻘﺎب ،١٩٧٥دار اﻹﻨﺴﺎن اﻝﻌرﺒﻲ ،اﻝﻘﺎﻫرة ،ص ،٧د/ ﺤﺴﻨﻴن ﺼﺎﻝﺢ ﻋﺒﻴد ،اﻝوﺠﻴز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب ١٩٧٨ ،ص ،٦د /رءوف ﻋﺒﻴد ،أﺼول ﻋﻠﻤﻲ اﻹﺠرام واﻝﻌﻘﺎب ،طﺒﻌﺔ ،١٩٨٩ص ،٥د /ﻴﺴر أﻨور ﻋﻠﻲ ،د /آﻤﺎل ﻋﺜﻤﺎن ،ﻋﻠم اﻹﺠرام واﻝﻌﻘﺎب، ١٩٧٠ص ،٦١د /اﺤﻤد ﻓﺘﺤﻲ ﺴرور ،أﺼول اﻝﺴﻴﺎﺴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،دار اﻝﻨﻬﻀﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ،اﻝﻘﺎﻫرة ،١٩٧٢ ص .٢٩٩ ) (٥د /ﻋﻤر اﻝﺴﻌﻴد رﻤﻀﺎن ،دروس ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻝطﻠﺒﺔ دﺒﻠوم اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺴﻨﺔ ،١٩٦٥ص.١ -٨- وﺒﺎﻝﻨظر ﻝﻬذﻩ اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت ﻨﺠد أﻨﻬﺎ ﺘواﻜب اﻻﺘﺠﺎﻩ اﻝﻤﻀﻴق ﻝﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام؛ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﺘﻔق ﻓﻲ أن ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻫو اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴدرس اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﺴواء ﺒﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺴﻠوﻜﺎ ﻓردﻴﺎ أو ﺒﺎﻝﻨظر إﻝﻰ اﻹﺠرام ﻜظﺎﻫرة اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠق ﺒدراﺴﺔ اﻝﺴﺒب اﻝداﻓﻊ ﻻرﺘﻜﺎب اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜن اﻝﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺴﺒﺎب أو اﻝﺘﻘﻠﻴل ﻤن آﺜرﻫﺎ ﻗدر اﻻﺴﺘطﺎﻋﺔ. وﻤن ﺨﻼل اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت اﻝﺴﺎﺒﻘﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻀوء ﻤﺎ ﺘﻘدم؛ ﻓﻴﻤﻜن ﻝﻨﺎ ﺘﻌرﻴف ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﺄﻨﻪ :اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴدرس أﺴﺒﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺴﻠوﻜﺎ ﻓردﻴﺎ أو ﻜظﺎﻫرة اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻝﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺴﺒﺎب أو اﻝﺤد ﻤن آﺜرﻫﺎ ﻗدر اﻹﻤﻜﺎن. أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻠم اﻹﺠرام: ﺘﺒدو أﻫﻤﻴﺔ ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻓﻲ ﻜوﻨﻪ ﻴﻘدم ﻝﻨﺎ ﺘﻔﺴﻴ ار ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺼﺤﻴﺤﺎ ﻝﻠظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ، ﻴﺴﺎﻋد ﻋﻠﻲ ﻤﻌرﻓﺔ أﺴﺒﺎب ﻫذﻩ اﻝظﺎﻫرة واﻝﻌواﻤل اﻝداﻓﻌﺔ إﻝﻴﻬﺎ ﺴواء ﻜﺎﻨت ﻓردﻴﺔ أم اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻤﻬد ﻝﻠﻌﻤل ﻋﻠﻲ إزاﻝﺔ ﻫذﻩ اﻷﺴﺒﺎب واﻝﻌواﻤل أو اﻝﺤد ﻤﻨﻬﺎ ،وﺘﺘﺤﻘق ﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ اﻝوﻗﺎﻴﺔ ﻤن اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻗﺒل وﻗوﻋﻬﺎ.وﺘﺒدو ﻫذﻩ اﻝوظﻴﻔﺔ اﻝوﻗﺎﺌﻴﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﻤن اﻝﻨﺎﺤﻴﺔ اﻝﺘطﺒﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﻴﺎم اﻝﺒﺎﺤﺜﻴن ﻓﻲ ﻤﺤﻴط ﻫذا اﻝﻌﻠم ﺒﺎﻝدراﺴﺎت واﻷﺒﺤﺎث اﻝﻤﻴداﻨﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﺘﻌﻠق ﺒﺎﻝﺘﻨﺒؤ ﺒﺎﺤﺘﻤﺎل وﻗوع اﻝﺠراﺌم ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ أو ﻝدي طﺎﺌﻔﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤن اﻷﺸﺨﺎص ،ﻜطﺎﺌﻔﺔ اﻷﺤداث ﻤﺜﻼ ،ورﺼد اﻹﺤﺼﺎءات اﻝﺨﺎﺼﺔ ﺒذﻝك ،وﺘﺤدﻴد اﻷﺴﺒﺎب اﻝﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻫذﻩ اﻝطﺎﺌﻔﺔ أو ﺘﻠك ﻋرﻀﺔ ﻝﻠﺴﻘوط ﻀﺤﻴﺔ ﻝﻺﺠرام أﻜﺜر ﻤن ﻏﻴرﻫﺎ ،وﺘﻘدﻴم ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻫذﻩ اﻷﺒﺤﺎث واﻝدراﺴﺎت ﻝﺼﻨﺎع اﻝﺴﻴﺎﺴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻝﺘﺒﻨﻲ ﺴﻴﺎﺴﺔ وﻗﺎﺌﻴﺔ ﻝﻠﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬم اﻝﻤﺤﺘﻤﻠﻴن ﻤن اﻝﺠﻨﺎة اﻝﻤﺤﺘﻤﻠﻴن. ﻜﻤﺎ ﻴﻘوم ﻋﻠم اﻹﺠرام ،ﺒﻤﺎ ﻴﻘدﻤﻪ ﻤن ﺘﻔﺴﻴر ﻋﻠﻤﻲ ﺼﺤﻴﺢ ﻝﻠظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ،ﺒدور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﻤواﺠﻬﺔ اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﻌد وﻗوﻋﻬﺎ.وﻴﺒدو ﻫذا اﻝدور ﺒﺼورة ﺠﻠﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺠﻤﻴﻊ -٩- اﻝﻤﺴﺘوﻴﺎت اﻝﺘﺸرﻴﻌﻴﺔ واﻝﻘﻀﺎﺌﻴﺔ واﻝﺘﻨﻔﻴذﻴﺔ).(١ وﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﻝذﻝك ﻴدﻓﻊ ﻋﻠم اﻹﺠرام -ﺒﻤﺎ ﻴﻘدﻤﻪ ﻤن ﺘﻔﺴﻴر ﻋﻠﻤﻲ ﻝﻠظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ -اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ إﻝﻲ ﺘﺒﻨﻲ أوﺠﻪ ﺠدﻴد ﻝﻺﺼﻼح اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻ ﻴﻤﻜن اﻝﺘوﺼل إﻝﻴﻬﺎ إﻻ ﻤن ﺨﻼل ﻫذا اﻝطرﻴق ،وذﻝك ﻋﻨدﻤﺎ ﻴوﻀﺢ ﺠذور اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ اﻷﺴرة واﻝﻤﺠﺘﻤﻊ واﻝﺒﻴﺌﺔ ودواﻓﻌﻬﺎ اﻝﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﻨﻔس اﻝﺠﺎﻨﻲ.وﻴؤدي إﻝﻲ ﻓﻬم أﻋﻤق ﻝﻺﻨﺴﺎن ﻓﻲ ﻏراﺌزﻩ وﻤﻴوﻝﻪ وﻨزﻋﺎﺘﻪ وﺴﻘطﺎﺘﻪ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻤﻜن ﻤﻌﻪ ﻤﻌرﻓﺔ ﻤﺎ ﻴﺴﻌدﻩ واﻝﻌﻤل ﻋﻠﻲ ﺘﺤﻘﻴﻘﻪ وﻤﺎ ﻴؤﻝﻤﻪ واﻝﻌﻤل ﻋﻠﻲ ﺘﺨﻔﻴﻔﻪ ﻓﻲ إطﺎر ﻤن اﻝﺘوازن اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﻴن ﻤﺼﺎﻝﺤﻪ وﻤﺼﺎﻝﺢ اﻵﺨرﻴن ،وﻗد ﺘرﺘب ﻋﻠﻲ ﻫذا اﻝﻔﻬم اﻝﻤﻨﺎداة ﺒﺎﻝﺘﺨﻔﻴف ﻤن ﻗﺴوة اﻝﻌﻘوﺒﺎت ﻝﻤﺎ ﻓﻲ ذﻝك ﻤن إﻴﻼم ﻴرﻏب اﻹﻨﺴﺎن ﻓﻲ ﺘﺠﻨﺒﻪ).(٢ ) (١ﻓﻌﻠﻲ اﻝﻤﺴﺘوي اﻝﺘﺸرﻴﻌﻲ :ﻴﺴﺎﻋد ﻋﻠم اﻹﺠرام اﻝﻤﺸرع ،ﺒﻤﺎ ﻴﻘدﻤﻪ ﻤن دراﺴﺔ ﻝﺸﺨﺼﻴﺔ اﻝﻤﺠرم ﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ ورﺼد ﻝﻜﺎﻓﺔ اﻝظروف اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻝﺒﻴﺌﻴﺔ اﻝﻤؤﺜرة ﻋﻠﻲ اﻝﺠواﻨب اﻝﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻝﺸﺨﺼﻴﺘﻪ ﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ أﺨري ،ﻓﻲ اﺨﺘﻴﺎر اﻝﺠزاء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ اﻝﻤﻼﺌم ﻝﻬذﻩ اﻝﺸﺨﺼﻴﺔ ﺴواء ﻜﺎن ﻋﻘوﺒﺔ أم ﺘدﺒﻴ ار اﺤﺘ ارزﻴﺎ ،ﺒﻤﺎ ﻴﺤﻘق اﻝﺘﻔرﻴد اﻝﺘﺸرﻴﻌﻲ ﻝﻠﺠزاء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ﻋﻠﻲ ﻨﺤو ﻴﺘﻔق ﻤﻊ ﺸﺨﺼﻴﺔ اﻝﺠﺎﻨﻲ وظروف ارﺘﻜﺎﺒﻪ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ واﻷﺴﺒﺎب اﻝﺘﻲ دﻓﻌﺘﻪ إﻝﻲ ارﺘﻜﺎﺒﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﻨﺤو ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺘﺸدﻴد ﻫذا اﻝﺠزاء أو ﺘﺨﻔﻴﻔﻪ أو اﻹﻋﻔﺎء ﻤﻨﻪ. وﻋﻠﻲ اﻝﻤﺴﺘوي اﻝﻘﻀﺎﺌﻲ :ﺘﺴﺎﻋد اﻝدراﺴﺎت واﻷﺒﺤﺎث اﻝﺘﻲ ﺘﺘم ﻓﻲ ﻤﺤﻴط ﻋﻠم اﻹﺠرام اﻝﻤﺤﻘق واﻝﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ اﻝوﻗوف ﻋﻠﻲ ﻤدي ﺨطورة اﻝﺠﺎﻨﻲ وﻤظﺎﻫر ﻫذﻩ اﻝﺨطورة ،ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺎﻋد اﻝﻤﺤﻘق ﻋﻠﻲ اﺘﺨﺎذ اﻝﻘرار اﻝﺼﺤﻴﺢ ﺒﺎﻻﺴﺘﻤرار ﻓﻲ اﻝدﻋوى ٕواﺤﺎﻝﺘﻬﺎ إﻝﻲ اﻝﻤﺤﻜﻤﺔ اﻝﻤﺨﺘﺼﺔ أو ﺒﺤﻔظﻬﺎ ﻋﻨد ﺘواﻓر أﺴﺒﺎب ﻫذا اﻝﺤﻔظ.وﻴﺴﺎﻋد اﻝﻘﺎﻀﻲ ﻋﻠﻲ ﺘﺤدﻴد ﻨوع وﻤﻘدار اﻝﺠزاء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ اﻝﻤﻨﺎﺴب ﻝﻜل ﺠﺎﻨﻲ ﻋﻠﻲ ﺤدة واﻝﺤﻜم ﺒﺘﻨﻔﻴذ ﻫذا اﻝﺠزاء أو إﻴﻘﺎف ﺘﻨﻔﻴذﻩ أو ﺸﻤوﻝﻪ ﺒﺎﻝوﻀﻊ ﺘﺤت اﻻﺨﺘﺒﺎر ،ﻤﻤﺎ ﻴﺤﻘق ﻓﻲ اﻝﻨﻬﺎﻴﺔ اﻝﺘﻔرﻴد اﻝﻘﻀﺎﺌﻲ ﻝﻠﺠزاء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ. وﻋﻠﻲ اﻝﻤﺴﺘوي اﻝﺘﻨﻔﻴذي :ﻴﻌﺘﻤد ﺘﻨﻔﻴذ اﻝﺠزاء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ﻋﻠﻲ ﻤﻌطﻴﺎت ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴر اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ودراﺴﺔ أﺴﺒﺎﺒﻬﺎ وﻋواﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻴﺘم ﻓﺤص اﻝﻤﺤﻜوم ﻋﻠﻴﻬم وﺘﺼﻨﻴﻔﻬم ﻗﺒل ﺘوزﻴﻌﻬم ﻋﻠﻲ اﻝﻤؤﺴﺴﺎت اﻝﻌﻘﺎﺒﻴﺔ اﻝﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺒﻌد دراﺴﺔ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻜل ﻤﺤﻜوم ﻋﻠﻴﻪ ﻤن ﺠﻤﻴﻊ اﻝﺠواﻨب واﻻﺴﺘﻌﺎﻨﺔ ﻓﻲ ذﻝك ﺒﻤﺎ ﺘم ﻓﻲ ﻤﺤﻴط اﻝدراﺴﺎت اﻹﺠراﻤﻴﺔ ،ﺜم ﻴﺘم ﺒﻨﺎء ﻋﻠﻲ ذﻝك ﺘﻘﺴﻴﻤﻬم إﻝﻲ ﻤﺠﻤوﻋﺎت ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﺴﻨﻰ ﺘوزﻴﻌﻬم ﻋﻠﻲ اﻝﻤؤﺴﺴﺎت اﻝﻌﻘﺎﺒﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﺘﻼءم ﻤﻊ ظروف ﻜل ﻤﺠﻤوﻋﺔ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺎﻋد ﻓﻲ اﺨﺘﻴﺎر اﻷﺴﻠوب اﻷﻤﺜل ﻝﺘﻨﻔﻴذ اﻝﺠزاء اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ﺒﻤﺎ ﻴﺤﻘق اﻝﻐرض اﻝﻤرﺠو ﻤن وراء ﺘﻨﻔﻴذﻩ وﻫو إﺼﻼح اﻝﺠﺎﻨﻲ واﻝﺤﻴﻠوﻝﺔ ﺒﻴﻨﻪ وﺒﻴن اﻝﻌودة إﻝﻲ اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻤرة أﺨري.د /ﻤﺤﻤد أﺒو اﻝﻌﻼ ﻋﻘﻴدة ،أﺼول ﻋﻠم اﻹﺠرام ،دار اﻝﻔﻜر اﻝﻌرﺒﻲ ١٩٩٨ص٢٣ وﻤﺎ ﺒﻌدﻫﺎ ،د /ﺒﻜري ﻴوﺴف،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص .١٣ ) (٢د /رءوف ﻋﺒﻴد ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص .٣٦ - ١٠ - اﻝﻤطﻠب اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻤوﻀوع ﻋﻠم اﻹﺠرام إذا ﻜﺎن ﻋﻠم اﻹﺠرام – ﻜﻤﺎ ﺴﺒق -ﻫو اﻝﻌﻠم اﻝذي ُﻴﻌﻨﻰ ﺒدراﺴﺔ أﺴﺒﺎب وﻋواﻤل اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻜظﺎﻫرة اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو ﻓردﻴﺔ؛ ﻓﺈن ﻤوﻀوع ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﻨﺼب ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺼر اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ :وﻫﻲ اﻝﺠرﻴﻤﺔ واﻝﻤﺠرم واﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ.ﻓﺎﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻫﻲ اﻝﺴﻠوك اﻹﻨﺴﺎﻨﻲ اﻝذي ﻴﺤدث ﻓﻲ اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ اﻀطراﺒﺎ ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ " اﻝﺠرﻴﻤﺔ" ،ﻋن طرﻴق اﻹﻨﺴﺎن" اﻝﻤﺠرم" ،واﻝذي ﻗد ﻴﻜون ﻝﻠﻀﺤﻴﺔ" اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ" دور ﻓﻲ ﺤدوﺜﻪ. وﺴوف أﺘﻨﺎول ﻜل ﻋﻨﺼر ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻓرع ﻤﺴﺘﻘل ﻜﺎﻝﺘﺎﻝﻲ: اﻝﻔرع اﻷول اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﻝﻬﺎ ﺘﻌرﻴﻔﺎن :أﺤدﻫﻤﺎ ﻗﺎﻨوﻨﻲ واﻵﺨر ﻏﻴر ﻗﺎﻨوﻨﻲ )اﺠﺘﻤﺎﻋﻲ أو أﺨﻼﻗﻲ أو طﺒﻴﻌﻲ(. أو ًﻻ :اﻝﺘﻌرﻴف اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ: ﺘُﻌرف اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﻓﻘًﺎ ﻝﻠﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﻜل ﻓﻌل أو اﻤﺘﻨﺎع ﻴﻌﺎﻗب ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت.أو ﻫﻲ ﻓﻌل ﻏﻴر ﻤﺸروع ﺼﺎدر ﻋن إرادة ﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻴﻘرر ﻝﻪ اﻝﻘﺎﻨون ﻋﻘوﺒﺔ أو ﺘدﺒﻴر اﺤﺘرازي ).(١ وﻋﻠﻰ ذﻝك ﻓﻼ ﻴﻌﺘﺒر أي ﻓﻌل ﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻨظر اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ إﻻ إذا ﻜﺎن ﻤﻨﺼوﺼﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻝﻘﺎﻨون ،وﻫو ﻤﺎ ﻴﻌرف ﺒﻤﺒدأ اﻝﺸرﻋﻴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺤﻴث" ﻻ ﺠرﻴﻤﺔ وﻻ ﻋﻘوﺒﺔ إﻻ ﺒﻨص" وﺒﻨﺎء ﻋﻠﻲ ﻫذا اﻝﻤﺒدأ ﻴﻜون ﻫﻨﺎك ﻋﻠم ﻤﺴﺒق ﻷﻓراد اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺎﻷﻓﻌﺎل اﻝﺘﻲ ﻴﻌﺘﺒرﻫﺎ اﻝﻘﺎﻨون ﺠرﻴﻤﺔ واﻝﻌﻘوﺒﺎت اﻝﺘﻲ ﺴﺘطﺒق ﻋﻠﻴﻬم ﻋﻨد ارﺘﻜﺎﺒﻬﺎ.وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻼﺒد ﻻﻋﺘﺒﺎر اﻝﻔﻌل ﺠرﻴﻤﺔ أن ﻴﺘدﺨل اﻝﻤﺸرع وﻴﻨص ﻋﻠﻲ ﺘﺠرﻴﻤﻪ ،وﻴﺒﻴن ﻋﻘوﺒﺘﻪ ،ﻓﻬﻨﺎ ﻓﻘط ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ وﻴﻌﺎﻗب ﻤرﺘﻜﺒﻪ ﺒﺎﻝﻌﻘوﺒﺎت اﻝﻤﻘررة ﻝﻪ.وﻻ ﻴﻜﻔﻲ أن ﻴﻜون اﻝﻔﻌل ﻤﺴﺘﻬﺠﻨﺎ ﻤن اﻝﻨﺎﺤﻴﺔ اﻷﺨﻼﻗﻴﺔ أو اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو أن ﻴﻜون ﺨط ار ﻋﻠﻲ اﻝﺠﻤﺎﻋﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎرﻩ ﺠرﻴﻤﺔ. ) (١د /ﻤﺤﻤود ﻨﺠﻴب ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸرح ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت اﻝﻘﺴم اﻝﻌﺎم ،دار اﻝﻨﻬﻀﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ،١٩٧٧ص ،٤٥ د /ﻋوض ﻤﺤﻤد ﻋوض ،ﻤﺒﺎدئ ﻋﻠم اﻹﺠرام ،اﻹﺴﻜﻨدرﻴﺔ ،ﻤﻨﺸﺄة اﻝﻤﻌﺎرف ١٩٧٣ص .٣٢ - ١١ - وﻗد اُﻨﺘﻘد ﻫذا اﻝﺘﻌرﻴف :ﺒﺄن اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﻤﻔﻬوﻤﻬﺎ اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﺘﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻝزﻤﺎن واﻝﻤﻜﺎن ،ﻷن ﻤﺎ ﻴﻤﻜن أن ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻌﻴن وﻓﻲ وزﻤﺎن ﻤﻌﻴن ﻴﻤﻜن أﻻ ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ آﺨر أو ﻓﻲ زﻤﺎن آﺨر ،ﻓﻲ ﺤﻴن أن أﺒﺤﺎث أي ﻋﻠم وﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺘﻘوم ﻋﻠﻲ اﻓﺘراض ﻓﻜرة واﺤدة وﻋﺎﻤﺔ ﻝﻠظﺎﻫرة ﻤﺤل اﻝﺒﺤث ،ﻻ ﺘﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻝزﻤﺎن أو اﻝﻤﻜﺎن ،وذﻝك ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜن أن ﺘﻨﺘﻬﻲ ﺘﻠك اﻷﺒﺤﺎث إﻝﻲ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻋﺎﻤﺔ ﻝﺘﻔﺴﻴر ﺘﻠك اﻝظﺎﻫرة. وﻫذا اﻝﻨﻘد ﺠﻌل ﺒﻌض اﻝﺒﺎﺤﺜﻴن ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﺘﺠﻪ إﻝﻰ ﺘﻌرﻴف اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﻓﻘﺎ ﻝﻠﻤﻔﻬوم اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ. ﺜﺎﻨﻴﺎً :اﻝﺘﻌرﻴف اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ: ﺘُﻌرف اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﻓﻘﺎ ﻝﻠﻤﻔﻬوم اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﻜل ﺴﻠوك ﻴﺘﻨﺎﻓﻰ ﻤﻊ اﻝﻘﻴم اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ،أو ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻋدوان ﻋﻠﻲ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﻤن اﻝﻤﺼﺎﻝﺢ اﻝﺘﻲ اﺴﺘﻘررﻩ وﺒﻬﺎ ﻴﺴﻴر ﻨﺤو رﻗﻴﻪ وﻜﻤﺎﻝﻪ ،أو ﻫﻲ ﻜل ﻓﻌل ﻴؤﺴس اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻘﺎؤﻩ و ا )(١ ﻴﺘﻌﺎرض ﺘﻌﺎرﻀﺎ ﻗوﻴﺎ ﻤﻊ ﻤﺘطﻠﺒﺎت اﻝﺠﻤﺎﻋﺔ أو ﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺘﻬﺎ .ﻓﻬذﻩ اﻝﺘﻌرﻴﻔﺎت ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﺘﺴﺘﻨد إﻝﻲ ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع. وﻗد اٌﻨﺘﻘد ﻫذا اﻝﺘﻌرﻴف أﻴﻀﺎً :ﺒﺄﻨﻪ رﺒط اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺎﻝﻘﻴم اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻫﻲ ﻤﺴﺄﻝﺔ ﻨﺴﺒﻴﺔ ،ﻷن" اﻝﻘﻴم اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ" ﻫﻲ ﻓﻜرة ﻏﻴر ﻤﺤددة وﻏﻴر ﻤﻨﻀﺒطﺔ وﺘﺤﺘﺎج إﻝﻲ إﻴﻀﺎح ،ﻜﻤﺎ أﻨﻬﺎ ﺘﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻝﻤﻜﺎن واﻝزﻤﺎن ،ﻓﺎﻝﻘﻴم اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﺒﻠدان اﻝﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻝﻴﺴت ﻫﻲ اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﺒﻠدان اﻝزراﻋﻴﺔ ،واﻝﻘﻴم اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﺒﻠدان اﻝرأﺴﻤﺎﻝﻴﺔ ﻝﻴﺴت ﻫﻲ اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﺒﻠدان اﻻﺸﺘراﻜﻴﺔ ،واﻝﻘﻴم اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﺒﻠدان اﻝﻌرﺒﻴﺔ أو اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻝﻴﺴت ﻫﻲ اﻝﺴﺎﺌدة ﻓﻲ اﻝﺒﻠدان اﻷوروﺒﻴﺔ أو ﻏﻴر اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ وﻫﻜذا.ﺜم ﻤن ﻫو ﺼﺎﺤب اﻝﺴﻠطﺎن ﻓﻲ ﺘﺤدﻴد ﻫذﻩ اﻝﻘﻴم ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺎ ،ﻫل ﻫو اﻝﺴﻠطﺎت اﻝﻌﺎﻤﺔ أم ﻫو رﺠﺎل اﻝﻔﻜر أو ﻫو رﺠﺎل اﻝدﻴن أم ﻤن ؟.وﻓﻲ اﻝﻨﻬﺎﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻝﻤﻔﻬوم اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻫو ﻤن اﻻﺘﺴﺎع ﺒﺤﻴث ﻻ ﻴﺸﻤل ﻓﻘط اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝﻤﻨﺼوص ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺎﻨوﻨﺎ ٕواﻨﻤﺎ ﻴﺸﻤل أﻴﻀﺎ ﻜل ﺼور اﻻﻨﺤراف اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،اﻷﻤر اﻝذي ﻴﺨرج ﺒﻌﻠم اﻹﺠرام ـ إذا ﻤﺎ ﺘﻌرض ﻝﺒﺤث ﻫذﻩ اﻝﺼور ﺠﻤﻴﻌﺎ ـ ﻋن ﻤﻀﻤوﻨﻪ اﻝﺤﻘﻴﻘﻲ ﻜﻌﻠم ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ وﻴﺠرﻩ إﻝﻲ ﻤﺠﺎل اﻝﻌﻠوم ) (١د /ﻋﺒد اﻝﻔﺘﺎح اﻝﺼﻴﻔﻲ ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ص ٨٥وﻤﺎ ﺒﻌدﻫﺎ. - ١٢ - اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺒﺨﺎﺼﺔ إﻝﻲ ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع ،وﻴﻔﻘدﻩ ﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ذاﺘﻴﺘﻪ واﺴﺘﻘﻼﻝﻪ وﺼﻔﺘﻪ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ).(١وﻫذا اﻝﻨﻘد ﺠﻌل اﻝﺒﻌض ﻴﺘﺠﻪ إﻝﻰ اﻝﺘﻌرﻴف اﻷﺨﻼﻗﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ. ﺜﺎﻝﺜﺎً :اﻝﺘﻌرﻴف اﻷﺨﻼﻗﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ: ﻴﻘوم اﻝﺘﻌرﻴف اﻷﺨﻼﻗﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻋﻠﻲ اﻝرﺒط ﺒﻴن اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﺒﻴن اﻷﺨﻼق؛ ﻓﺘُﻌرف اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﻜل ﺴﻠوك ﻴﺘﻌﺎرض ﻤﻊ اﻝﻨﺎﻤوس اﻝطﺒﻴﻌﻲ ﻝﻸﺨﻼق).(٢أو أﻨﻬﺎ ﻜل اﻋﺘداء ﻋﻠﻲ ﺤق أو ﻤﺨﺎﻝﻔﺔ ﻝواﺠب.أو أﻨﻬﺎ ﻜل ﻓﻌل أو اﻤﺘﻨﺎع ﻴﺘﻌﺎرض ﻤﻊ اﻝﻘﻴم اﻷﺨﻼﻗﻴﺔ اﻝﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ).(٣ وﻗد اٌﻨﺘﻘد ﻫذا اﻝﺘﻌرﻴف ﻫو اﻵﺨر :ﺒﺄن ﻫذا اﻝﻤﻔﻬوم اﻷﺨﻼﻗﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻻ ﻴﺘطﺎﺒق ﻤﻊ ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت-اﻝﻤﻌول ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺘﺤدﻴد اﻝﺠرﻴﻤﺔ -ﻷﻨﻪ ﻴوﺠد اﻝﻌدﻴد ﻤن اﻷﻓﻌﺎل اﻝﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﻌﺎرض ﻤﻊ اﻝﻘﻴم اﻷﺨﻼﻗﻴﺔ وﻴﺠرﻤﻬﺎ اﻝﻘﺎﻨون ،ﻜﻤﺎ أن ﻓﻜرة" اﻝﻘﻴم اﻷﺨﻼﻗﻴﺔ" ﻫﻲ ﻓﻜرة ﻤﺜﺎﻝﻴﺔ ﻻ ﺘﺘﻔق ﻤﻊ اﻝواﻗﻊ وﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﻌرف اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻜﻤﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻝواﻗﻊٕ ،واﻨﻤﺎ ﺘﻌرف ﻤﺎ ﻴﺠب أن ﻴﻜون ﺠرﻴﻤﺔ).(٤ وﻝﺘﻔﺎدي اﻻﻨﺘﻘﺎدات اﻝﺘﻲ وﺠﻬت ﻝﻠﻤﻔﻬوم اﻷﺨﻼﻗﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ وﻤن ﻗﺒﻠﻪ إﻝﻲ ﻤﻔﻬوﻤﻬﺎ اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ واﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻘد ﺤﺎول اﻝﺒﻌض اﻝﻠﺠوء إﻝﻲ اﻝﻤﻔﻬوم اﻝطﺒﻴﻌﻲ ﻝﺘﻌرﻴف اﻝﺠرﻴﻤﺔ. راﺒﻌﺎً :اﻝﺘﻌرﻴف اﻝطﺒﻴﻌﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ: ﻤن أﺸﻬر ﻤن ﻗﺎل ﺒﺎﻝﺘﻌرﻴف اﻝطﺒﻴﻌﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ،اﻝﻔﻘﻴﻪ اﻹﻴطﺎﻝﻲ "ﺠﺎروﻓﺎﻝو" Garofaloأﺤد زﻋﻤﺎء اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻹﻴطﺎﻝﻴﺔ اﻝﺘﻲ أﺨذت ﻋﻠﻲ ﻋﺎﺘﻘﻬﺎ اﻝﺒﺤث ﻓﻲ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ وﺘﻔﺴﻴرﻫﺎ ﻋﻠﻲ أﺴس ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺒﺤﺘﺔ. واﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ) (٥ﺘﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻨظر"ﺠﺎروﻓﺎﻝو" ﻜل ﻓﻌل أو اﻤﺘﻨﺎع ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ص.١٤ ،١٣ )(١ د /رءوف ﻋﺒﻴد ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ص .٤٧ )(٢ د /ﻴﺴر أﻨور ﻋﻠﻲ ود /آﻤﺎل ﻋﺜﻤﺎن ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص .٧٦ ،٧٥ )(٣ د /ﻓوزﻴﺔ ﻋﺒد اﻝﺴﺘﺎر ،ﻤﺒﺎدئ ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب ،١٩٧٢دار اﻝﻨﻬﻀﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ،ص،١٢ )(٤ د /ﻋوض ﻤﺤﻤد ﻋوض ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص .٤٠ اﻝﺠراﺌم اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ ﺘﺠرح ﻋﺎطﻔﺔ اﻝﺸﻔﻘﺔ ،ﻜﺠراﺌم اﻝﻘﺘل ،وﻋﺎطﻔﺔ اﻷﻤﺎﻨﺔ ،ﻜﺠراﺌم اﻷﻤوال.ﻓﻬذﻩ اﻝﺠراﺌم اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ )(٥ ﺘﻠﻘﻰ ﻓﻲ ﻜل زﻤﺎن وﻤﻜﺎن اﺴﺘﻨﻜﺎر اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ.أﻤﺎ اﻝﺠراﺌم اﻝﻤﺼطﻨﻌﺔ :وﻫﻲ اﻝﺠراﺌم اﻝﺘﻲ ﻴﻨﺸﺌﻬﺎ اﻝﻤﺸرع اﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎرات ﺘﺘﻌﻠق ﺒﺘﻨظﻴم اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻜﺠراﺌم اﻝﺘﻬرب اﻝﺠﻤرﻜﻲ وﺠراﺌم اﻝﻤرور ،وﻨﺤوﻫﺎ.ﻓﻬذﻩ اﻝﺠراﺌم ﺘﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻝزﻤﺎن واﻝﻤﻜﺎن. - ١٣ - ﻜﺎﻓﺔ اﻝﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻝﻤﺘﻤدﻴﻨﺔ ،واﻝﺘﻲ اﻋﺘﺒرت ﻜذﻝك – أي ﺠرﻴﻤﺔ -ﻋﻠﻲ ﻤر اﻝﻌﺼور ﺒﺴﺒب ﺘﻌﺎرﻀﻬﺎ ﻤﻊ ﻗواﻋد اﻹﻴﺜﺎر واﻝرﺤﻤﺔ واﻝﺸﻔﻘﺔ واﻷﻤﺎﻨﺔ واﻝﻨزاﻫﺔ ،ﺘﻠك اﻝﻘواﻋد اﻝﺘﻲ ﺘوارﺜﺘﻬﺎ اﻝﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻻ ﺘﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼﻓﻬﺎ.وﻫو ﺒذﻝك ﻴري أﻨﻪ ﻴﺠب إﻋطﺎء اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻤﻔﻬوم ﺜﺎﺒت ﺼﺎﻝﺢ ﻝﻜل زﻤﺎن وﻤﻜﺎن ،وأﻨﻬﺎ ﻫﻲ اﻝﺘﻲ ﺘﺨﺎﻝف ﺒﻌض ﻗواﻋد اﻷﺨﻼق ﻻ ﺠﻤﻴﻊ ﻫذﻩ اﻝﻘواﻋد. وﻗد ﺘﻌرض ﻤﻔﻬوم "ﺠﺎروﻓﺎﻝو" ﺤول ﻓﻜرة اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ ﻝﻠﻨﻘد اﻝﺸدﻴد.ﻓﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ، ﻫو ﻴﻀﻴق ﻤن ﻤﻔﻬوم اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻷﻨﻪ ﻴﻘﺼرﻫﺎ ﻋﻠﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻝﺘﻲ ﺘﺘﻌﺎرض ﻤﻊ ﺒﻌض ﻗواﻋد اﻷﺨﻼق ﻓﻘط ﻤﺜل اﻝرﺤﻤﺔ واﻷﻤﺎﻨﺔ واﻝﺸﻔﻘﺔ ،أي ﺠراﺌم اﻝﻘﺘل واﻹﻴذاء اﻝﺠﺴﻴم واﻷﻤوال. وﻫو ﺒذﻝك ﻴﺴﺘﺒﻌد ﻤن ﻨطﺎق اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻋددا ﻜﺒﻴ ار ﻤن اﻷﻓﻌﺎل اﻝﺘﻲ ﺘﻤس ﻜﻴﺎن اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ واﻝﺘﻲ ﻴﺠب إدﺨﺎﻝﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻔﻬوم اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﺘﻨﺎوﻝﻬﺎ ﺒﺎﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻤﺜل اﻝﺠراﺌم اﻝﻤﺎﺴﺔ ﺒﺄﻤن اﻝدوﻝﺔ ،واﻝﺠراﺌم اﻝﻤﺨﻠﺔ ﺒﺎﻝﺜﻘﺔ اﻝﻌﺎﻤﺔ ،واﻝﺠراﺌم اﻝﻤﺎﺴﺔ ﺒﺎﻝﺸرف واﻻﻋﺘﺒﺎر.وﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ أﺨري ،ﻓﺈن ﻓﻜرة اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﻻ ﺘﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻝزﻤﺎن واﻝﻤﻜﺎن ﻫﻲ ﻓﻜرة ﻤﺤل ﻨظر وﻴﻜذﺒﻬﺎ اﻝواﻗﻊ ﻓﻲ ﺒﻌض اﻷﺤﻴﺎن ،ﻓﻘد ﻴﻌد ﻓﻌﻼ ﻏﻴر ﻤﺸروع ﻓﻲ ظروف ﻤﻌﻴﻨﺔ ﺜم ﻴﺼﻴر ﻤﺸروﻋﺎ إذا ﻤﺎ ﺘﻐﻴرت اﻝظروف.ﻓﻤﺜﻼ إذا ﻨظرﻨﺎ إﻝﻲ اﻝﻘﺘل ﻓﺈﻨﻪ ﻜﺎن ﻋﻤﻼ ﻤﺸروﻋﺎ ﻓﻲ اﻝﻘرون اﻝوﺴطﻲ ﻓﻲ ﺤﺎل اﻝﻤﺒﺎرزة ﺜم أﺼﺒﺢ ﻏﻴر ﻤﺸروع ،ﻜذﻝك اﻝﺤﺎل ﺒﺎﻝﻨﺴﺒﺔ ﻝﻠﺠراﺌم اﻝدﻴﻨﻴﺔ ﺤﻴث ﺘرددت ﺒﻴن اﻝﺤظر واﻹﺒﺎﺤﺔ ﺘﺒﻌﺎ ﻻﺨﺘﻼف اﻝزﻤﺎن واﻝﻤﻜﺎن ،وﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ﻓﻠو أﺨذﻨﺎ ﺒﻔﻜرة اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺒﻬﺎ "ﺠﺎروﻓﺎﻝو" ﻝﺘرﺘﻴب ﻋﻠﻲ ذﻝك إﺨراج ﻤﺜل ﻫذﻩ اﻝﺠراﺌم ﻤن ﻨطﺎق اﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻫو أﻤر ﻏﻴر ﻤﻘﺒول.ﻝذﻝك ﻋزف اﻝﺒﺎﺤﺜون ﻋﻨﻬﺎ؛ ﺤﻴث إن ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﻬﺘم ﺒﺎﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻜﻜل وﻝﻴس ﺒﻨوﻋﻴﺔ ﻤﺤددة ﻤن اﻝﺠراﺌم).(١ اﻝﺘﻌرﻴف اﻝراﺠﺢ : واﻝﺘﻌرﻴف اﻝراﺠﺢ ﻓﻲ ﻨظري واﻷﻜﺜر ﻗﺒوﻻ ﻝدى ﻏﺎﻝﺒﻴﺔ اﻝﻔﻘﻪ اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻫو اﻝﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ؛ أي أن اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﻌﻨﻲ اﻝﺒﺎﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻫﻲ :ﻜل ﻓﻌل أو اﻤﺘﻨﺎع ﻋن ﻓﻌل ﻴﺠرﻤﻪ اﻝﻤﺸرع وﻴﻘرر ﻝﻤن ﻴرﺘﻜﺒﻪ ﺠزاء ﺠﻨﺎﺌﻴﺎ).(٢ ) (١د /ﻫدى ﺤﺎﻤد ﻗﺸﻘوش ،أﺼول ﻋﻠﻤﻲ اﻹﺠرام واﻝﻌﻘﺎب ،طﺒﻌﺔ دار اﻝﻨﻬﻀﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ،٢٠١٣ص،٢٣ د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.١٥ ) (٢د /ﻋﺒد اﻝﻌظﻴم ﻤرﺴﻲ وزﻴر ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.١٧ - ١٤ - وذﻝك ﻷن اﻝﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻫو اﻝﻤﻔﻬوم اﻷﻜﺜر ﺜﺒﺎﺘﺎ ووﻀوﺤﺎ ودﻻﻝﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤن اﻝﻤﻔﺎﻫﻴم اﻷﺨرى اﻝﺘﻲ ﻻ ﺘﻌﺒر إﻻ ﻋن اﻝﻤﻴول واﻷﻫواء اﻝﺸﺨﺼﻴﺔ ﻝﻜل ﺒﺎﺤث وﺘﺼﺒﺢ ﺒذﻝك ﻤﺠرد ﻤﻔﺎﻫﻴم ﺘﺤﻜﻤﻴﺔ ﻻ ﺘﺴﺘﻨد إﻝﻲ أي أﺴس ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺴﻠﻴﻤﺔ. ﻜﻤﺎ أن اﻷﺨذ ﺒﺎﻝﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻤن اﻝﻤﻔﺘرض أن ﻴﺸﻤل ﺒطﺒﻴﻌﺔ اﻝﺤﺎل اﻝﻤﻔﺎﻫﻴم اﻷﺨرى ﻏﻴر اﻝﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ،وذﻝك ﻷن اﻝﻤﺸرع ﻋﻨد ﻗﻴﺎﻤﻪ ﺒﺘﻘﻨﻴن اﻝﺠراﺌم ﻴﻀﻊ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻩ اﻝﺠراﺌم اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ إذا ﻜﺎﻨت ﻋﻠﻲ درﺠﺔ ﻤن اﻝﺨطورة ﻋﻠﻲ ﻨﺤو ﻴﻤﺜل ﻤﺴﺎﺴﺎ ﺒﺤق أو ﺒﻤﺼﻠﺤﺔ ﺠوﻫرﻴﺔ ﻝﻠﻤﺠﺘﻤﻊ).(١ وﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﻝذﻝك ﻓﺈن اﻷﺨذ ﺒﺎﻝﻤﻔﺎﻫﻴم ﻏﻴر اﻝﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻴﻘﺘﻀﻲ اﻝﺘوﺴﻊ ﻓﻲ ﻤﻔﻬوﻤﻬﺎ وﻴﺘطﻠب ذﻝك ﻤن اﻝﺒﺎﺤﺜﻴن ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام دراﺴﺔ اﻷﺴﺒﺎب اﻝﺘﻲ ﺘؤدي إﻝﻲ ﻜﺎﻓﺔ اﻝﺠراﺌم اﻝﺘﻲ ﺘﺴﺘﻨد إﻝﻲ ﺘﻠك اﻝﻤﻔﺎﻫﻴم وﻝﻴس ﻓﻘط اﻝﺠراﺌم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ،وﻫذﻩ وﻻ ﺸك ﻤﻬﻤﺔ ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻝواﻗﻊ اﻝﻌﻤﻠﻲ ،ﻜﻤﺎ أﻨﻬﺎ ﺘﻔﻘد ﻋﻠم اﻹﺠرام ذاﺘﻴﺘﻪ واﺴﺘﻘﻼﻝﻪ ﻓﻲ ﻤواﺠﻬﺔ اﻝﻌﻠوم اﻷﺨرى اﻝﺘﻲ ﺘدرس اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﻓﻘﺎ ﻝﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ ﻏﻴر اﻝﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ﻤﺜل ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع. ﻋﻠﻰ أﻨﻪ ﻝﻴس ﻫﻨﺎك ﻤﺎ ﻴﻤﻨﻊ ﻤن اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻲ اﻝﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ،ﻤﻊ إﻤﻜﺎﻨﻴﺔ اﻷﺨذ ﺒﺎﻝﻤﻔﺎﻫﻴم اﻷﺨرى ﻤﺘﻲ ﻜﺎن ذﻝك ﻀرورﻴﺎ وﺒﺎﻝﺸﻜل اﻝﺘﻲ ﻴﺘطﻠﺒﻪ اﻜﺘﻤﺎل اﻝﺒﺤث ﺒﺼدد ﺠرﻴﻤﺔ ﻤﺎ؛ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺎﻫم ﻓﻲ إﺜراء اﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام وﺘطور ﺴﻴﺎﺴﺔ اﻝﺘﺠرﻴم واﻝﻌﻘﺎب).(٢ اﻝﻔرع اﻝﺜﺎﻨﻲ اﻝﻤﺠرم ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام اﻷﺼل أن اﻹﻨﺴﺎن ﺒرئ ﺤﺘﻰ ﺘﺜﺒت إداﻨﺘﻪ ،وﻫذا ﻤﺒدأ اﺴﺘﻘرت ﻋﻠﻴﻪ ﻜﺎﻓﺔ اﻝدﺴﺎﺘﻴر واﻝﻤواﺜﻴق اﻝدوﻝﻴﺔ ،وﻝذا ﻓﻼ ﻴﻜون اﻝﺸﺨص ﻤﺠرﻤﺎ ﻓﻲ ﻨظر ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت إﻻ إذا أﺘﻰ ﻓﻌﻼ ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ وﻓﻘﺎ ﻝﻤﺎ ﻨص ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت ،وﺤﻜم ﻋﻠﻴﻪ اﻝﻘﻀﺎء ﺒﺎﻹداﻨﺔ وأﺼﺒﺢ اﻝﺤﻜم ﺒﺎت ﻏﻴر ﻗﺎﺒل ﻝﻠطﻌن ﻓﻴﻪ. أﻤﺎ إذا وﺠﻬت ﺘﻬﻤﺔ إﻝﻰ ﺸﺨص ﻤﺎ ،أﺜﻨﺎء ﻤرﺤﻠﺔ اﻝﺘﺤﻘﻴق اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ،ﻓﻼ ﻴﻌد ﻤﺠرﻤﺎ ٕواﻨﻤﺎ ﻴﻌد ﻤﺘﻬﻤﺎ ،وﻫو ﺒرئ إﻝﻰ أن ﺘﺜﺒت إداﻨﺘﻪ ﺒﺤﻜم ﻗﻀﺎﺌﻲ ﺒﺎت. ) (١د /ﻨور اﻝدﻴن ﻫﻨداوي ،ﻤﺒﺎدئ ﻋﻠم اﻹﺠرام ،دار اﻝﻨﻬﻀﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ١٩٩٠ ،ص .٣٥ ) (٢د /أﺤﻤد ﻋوض ﺒﻼل ،ﻋﻠم اﻹﺠرام )اﻝﻨظرﻴﺔ اﻝﻌﺎﻤﺔ واﻝﺘطﺒﻴﻘﺎت( دار اﻝﺜﻘﺎﻓﺔ اﻝﻌرﺒﻴﺔ ،١٩٨٥ص .٥٢ - ١٥ - وﻗد اﺨﺘﻠف اﻝﻔﻘﻪ ﺤول ﺘﺤدﻴد ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠرم ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ،ﻫل ﻴﻘﺘﺼر ﻋﻠﻰ ﻤﻔﻬوﻤﻪ ﻜﻤﺎ ﻫو ﻓﻲ ﻨظر ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت.أم أﻨﻪ ﻴﺠب أن ﻴﺘﺴﻊ ﻫذا اﻝﻤﻔﻬوم ﻓﻴﺸﻤل ﻜل ﻤن أﺘﻰ ﻓﻌﻼ ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ وﻓﻘﺎ ﻝﻨﺼوص ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت ،ﺴواء ﺼدر ﻀدﻩ ﺤﻜم أو ﻝم ﻴﺼدر ﺒﻌد ،وﺴواء ﻜﺎن ﻤﻘﺒوﻀًﺎ ﻋﻠﻴﻪ أو ﻤﺤﺒوﺴﺎً اﺤﺘﻴﺎطﻴﺎً أو ﻜﺎن ﺤ ًار طﻠﻴﻘﺎً. ﻓذﻫب اﻝﺒﻌض ) ،(١وﻫو اﻝراﺠﺢ ﻓﻲ ﻨظري :إﻝﻲ اﻝﻘول ﺒﺄﻨﻪ ﻴﺠب اﻝﺘوﺴﻊ ﻓﻲ ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠرم ﻓﻲ ﻨطﺎق ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﺤﻴث ﻴﺸﻤل ﻜل ﺸﺨص أﺴﻨد إﻝﻴﻪ ارﺘﻜﺎب ﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺸﻜل ﺠدي ﺴواء أداﻨﻪ اﻝﻘﻀﺎء أم ﻝم ﻴدﻨﻪ.وﻫذا اﻝﺘوﺴﻊ ﻴﺤﻘق ﻤﻴزة ﺸﻤول اﻝﺒﺤث اﻹﺠراﻤﻲ ﻝﻤن ﻴﻨذر ﺴﻠوﻜﻪ ﺒﺎﻹﺠرام ﻜﺎﻝﻤﺸﺘﺒﻪ ﻓﻴﻬم واﻝﻤﺠرﻤﻴن اﻝﻤﻬرة ،وﻜذﻝك اﻷﺸﺨﺎص اﻝذﻴن ﻝم ﺘﺘم إداﻨﺘﻬم اﺴﺘﻐﻼﻻ ﻝﺜﻐرة ﻓﻲ ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت اﻝﻤوﻀوﻋﻲ أو اﻹﺠراﺌﻲ ﻜﺘﺠﺎر اﻝﻤﺨدرات.وﻻ ﻴﺨﺸﻰ ﻤن اﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻨطﺎق ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻋﻠﻲ اﻝﻤﺴﺎس ﺒﺎﻷﺸﺨﺎص اﻝذﻴن ﺒرأﺘﻬم ﺴﺎﺤﺎت اﻝﻤﺤﺎﻜم ﻷن ﻏرض ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻝﻴس ﺘوﺠﻴﻪ اﻻﺘﻬﺎمٕ ،واﻨﻤﺎ ﻫو اﻝﺒﺤث اﻝﻌﻠﻤﻲ وﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ﻝن ﻴﺘرﺘب ﻋﻠﻴﻪ اﻵﺜﺎر اﻝﺨطﻴرة اﻝﺘﻲ ﺘﺘرﺘب ﻋﻠﻲ ﺜﺒوت ﺼﻔﺔ اﻝﻤﺠرم ﻓﻲ ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت. ﺒﻴﻨﻤﺎ ذﻫب اﻝﺒﻌض اﻵﺨر :إﻝﻲ ﻀرورة اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻲ ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠرم ﻤن اﻝﻨﺎﺤﻴﺔ اﻝﻘﺎﻨوﻨﻴﺔ ) (٢وﺤﺠﺘﻬم ﻓﻲ ذﻝك أﻨﻪ ﻴﺠب اﺘﻔﺎق ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠرم ﻤﻊ ﻤﻔﻬوم اﻝﺠرﻴﻤﺔ ،ﻓﻜﻤﺎ أﻨﻪ ﻴﺠب اﻷﺨذ ﺒﺎﻝﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻓﺈﻨﻪ أﻴﻀﺎ ﻴﺠب اﻷﺨذ ﺒﺎﻝﻤﻔﻬوم اﻝﻘﺎﻨوﻨﻲ ﻝﻠﻤﺠرم ،وﻝذا ﻴﺠب ﻗﺼرﻩ ﻋﻠﻲ ﻜل ﺸﺨص ﻴرﺘﻜب ﻓﻌﻼ ﻴﻌد ﺠرﻴﻤﺔ وﺼدر ﻀدﻩ ﺤﻜم ﺒﺎت.ﻜﻤﺎ أن اﻝﺘوﺴﻊ ﻓﻲ ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠرم ﻴؤدي إﻝﻲ اﻝﻤﺴﺎس ﺒﺄﺸﺨﺎص ﺒرأﺘﻬم اﻝﻘواﻨﻴن وﺴﺎﺤﺎت اﻝﻤﺤﺎﻜم ،وﻴؤدي إﻝﻲ ﻋدم ﺼدق وﻋدم دﻗﺔ اﻹﺤﺼﺎءات اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ. وﻤﻤﺎ ﻫو ﺠدﻴر ﺒﺎﻝذﻜر أن اﻝدراﺴﺎت ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﺠب أن ﺘﺸﻤل اﻝﻤﺠرﻤﻴن اﻷﺴوﻴﺎء وﻫم ﻤن ﻴﺘﻤﺘﻌون ﺒﻘدر ﻜﺎف ﻤن اﻹدراك واﻝﺘﻤﻴﻴز ﻷن ﻫؤﻻء ﻫم ﻤن ﻴﺘواﻓر ﻓﻲ ﺤﻘﻬم اﻝﻤﺴﺌوﻝﻴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،وﻜذﻝك اﻝﻤﺠرﻤﻴن ﻏﻴر اﻷﺴوﻴﺎء وﻫم اﻝﻤﺼﺎﺒون ﺒﺄﻤراض ﻨﻔﺴﻴﺔ أو ﻋﻘﻠﻴﺔ أو ﻋﺼﺒﻴﺔ ﺘﺠﻌﻠﻬم ﻝﻴﺴوا أﻫﻼ ﻝﻠﻤﺴﺌوﻝﻴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ وﻝو ﻜﺎن اﻝﻤرض ﺴﺒﺒﺎ ﻻرﺘﻜﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ)ﻤﻤﺎ ﻴﺘرﺘب ﻋﻠﻴﻪ ﻋدم ﻤﺴﺌوﻝﻴﺘﻬم ﻋن أﻓﻌﺎﻝﻬم ﻤن ) (١د /ﻋوض ﻤﺤﻤد ﻋوض ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ص ،٤٩د /ﻴﺴر أﻨور ﻋﻠﻲ ود /آﻤﺎل ﻋﺜﻤﺎن ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ص ص ،٨٥د /أﺤﻤد ﻋوض ﺒﻼل ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٤٣-٤٢ ) (٢د /ﻋﺒد اﻝﻔﺘﺎح اﻝﺼﻴﻔﻲ ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ص ،٩٤د /ﻤﺤﻤد زﻜﻲ أﺒو ﻋﺎﻤر ،دراﺴﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام واﻝﻌﻘﺎب، اﻝدار اﻝﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،ﺒﻴروت ،١٩٨٢ص .٤٤ - ١٦ - اﻝﻨﺎﺤﻴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ( ،إذ ﻴﺠب أن ﻴﻜون ارﺘﻜﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒواﺴطﺔ ﻏﻴر اﻷﺴوﻴﺎء ﻤﺤﻼ ﻝﻠدراﺴﺔ واﻝﺒﺤث ﻝﻤﻌرﻓﺔ اﻷﺴﺒﺎب واﻝﻌواﻤل اﻝﺘﻲ دﻓﻌﺘﻬم ﻻرﺘﻜﺎب اﻝﺠراﺌم دون ﻏﻴرﻫم ﻤن اﻝﻤرﻀﻲ اﻵﺨرﻴن).(١ اﻝﻔرع اﻝﺜﺎﻝث اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻝم ﺘﻬﺘم اﻝدراﺴﺎت ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﺎﻝﺒﺤث ﻓﻲ دور اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ إﻝﻲ أن ظﻬر ﻋﻠم اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ Victimologieﻏداة اﻝﺤرب اﻝﻌﺎﻝﻤﻴﺔ اﻝﺜﺎﻨﻴﺔ ﺤﻴث اﻝﻘﻲ اﻝﻀوء ﻋﻠﻲ ﻫذا اﻝدور وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺤدوث اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ،ﻓﺒﻴن اﻝﻌواﻤل اﻝﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺒﻌض اﻷﺸﺨﺎص ﻋرﻀﺔ ﻝﻠوﻗوع ﻜﻀﺤﻴﺔ ﻝﻠﺠرﻴﻤﺔ أﻜﺜر ﻤن ﻏﻴرﻫم ،واﻝﺴﻤﺎت اﻝﻌﻀوﻴﺔ واﻝﻨﻔﺴﻴﺔ واﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻝﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻝﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ،واﻝﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻨﻪ وﺒﻴن اﻝﺠﺎﻨﻲ ،واﻝدور اﻝذي ﻴﻤﻜن أن ﻴﻘوم ﺒﻪ ﻓﻲ ﺨﻠق ﻓﻜرة اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻝدي اﻝﺠﺎﻨﻲ أو ﺘﺴﻬﻴل . ارﺘﻜﺎﺒﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ وﻴﺨﺘﻠف ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻝﻨﺼوص اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﻘﻊ اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺎﻝﻤﺨﺎﻝﻔﺔ ﻝﻬﺎ.ﻓﻤﺜﻼ اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺠرﻴﻤﺔ اﻝﻘﺘل ﻫو ﻤن وﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌل إزﻫﺎق اﻝروح ،وﻓﻲ ﺠرﻴﻤﺔ اﻝﻀرب واﻝﺠرح ﻫو ﻤن وﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌل اﻝﻀرب أو اﻝﺠرح، وﻓﻲ ﺠرﻴﻤﺔ اﻝﺴرﻗﺔ ﻫو ﻤن وﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌل اﻻﺨﺘﻼس وﻫﻜذا. وﻴرﺘﺒط ﺘﺤدﻴد ﻤﻔﻬوم اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﺘﺤدﻴد اﻝدور اﻝذي ﻴﻘوم ﺒﻪ ﻓﻲ إﺤداث اﻝﺠرﻴﻤﺔ واﻝذي ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺴﻠوك أو ﻤوﻗف ﻤﻌﻴن ﻴﺘﺨذﻩ اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻴﻜون ﻤن ﺸﺄﻨﻪ ﺘﺸﺠﻴﻊ اﻝﻤﺠرم ﻋﻠﻲ ارﺘﻜﺎب ﺠرﻴﻤﺘﻪ أو ﺘﺴﻬﻴل ارﺘﻜﺎﺒﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺒﻴد أن ﻫذا اﻝﺘﺸﺠﻴﻊ أو ذﻝك اﻝﺘﺴﻬﻴل ﻻ ﻴﻘوم ﻋﻠﻲ اﺘﻔﺎق ﺴﺎﺒق ﺒﻴن اﻝﺠﺎﻨﻲ واﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ٕواﻨﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ أن ﻴﺨﻠق اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜرة اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻓﻲ ذﻫن اﻝﺠﺎﻨﻲ اﺒﺘداء أو ﻴرﺴﺨﻬﺎ ﻓﻲ ذﻫﻨﻪ إذا ﻜﺎﻨت ﻤوﺠودة ﻤن ﻗﺒل.ﻤﺜﺎل ذﻝك ﻤظﻬر اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ أو ﺴﻠوﻜﻪ ﻏﻴر اﻝﻤﺄﻝوف واﻝذي ﻴﺸﺠﻊ اﻝﺠﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ارﺘﻜﺎب ﺠراﺌم اﻝﻌرض ﻋﻠﻴﻪ ،وﻜذﻝك إﻫﻤﺎل اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻝﻤﺤﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ أﻤواﻝﻪ أو ظﻬور ﻤظﺎﻫر اﻝﺜراء ﻋﻠﻴﻪ ﺒطرﻴﻘﺔ ﻤﺒﺎﻝﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﻬل ﻝﻠﺠﺎﻨﻲ ارﺘﻜﺎب ﺠراﺌم اﻷﻤوال ﻓﻲ ﺤﻘﻪ ﻜﺎﻝﺴرﻗﺔ ،وﻜذﻝك طﻤﻊ اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ أو رﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ اﻝﺤﺼول ﻋﻠﻲ ) (١د /ﻫدى ﻗﺸﻘوش ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٢٧ - ١٧ - ﺘﺤت اﻷﻤوال ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻪ ﻓرﻴﺴﺔ ﻝﺠراﺌم اﻝﻨﺼب إﻝﻲ ﻏﻴر ذﻝك ﻤن اﻷﻤﺜﻠﺔ اﻝﺘﻲ ﻻ ﺘﻘﻊ ﺤﺼر. وﺨﻼﺼﺔ اﻷﻤر :أن اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﻌﻨﻲ ﻜل ﺸﺨص ﻴرﺘﻜب ﻓﻌل أو اﻤﺘﻨﺎع ﻤن ﺸﺄﻨﻪ أن ﻴﺸﺠﻊ اﻝﺠﺎﻨﻲ أو ﻴﺴﻬل ﻝﻪ ارﺘﻜﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ دون اﺘﻔﺎق ﺴﺎﺒق ﺒﻴﻨﻪ وﺒﻴن اﻝﺠﺎﻨﻲ).(١ اﻝﻤطﻠب اﻝﺜﺎﻝث اﻝﺘطور اﻝﺘﺎرﻴﺨﻲ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﻴرﺠﻊ اﻝﻔﻀل ﻓﻲ ﺘطور اﻝدراﺴﺎت اﻝﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻌﻠم اﻹﺠرام إﻝﻰ اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻻﻴطﺎﻝﻴﺔ ،ﻓﻘﺒل ظﻬور ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ – أي ﻓﻲ ﻨطﺎق ﻤﺒﺎدئ اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝﺘﻘﻠﻴدﻴﺔ ﻝﻠﻘﺎﻨون اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ -ﻝم ﻴﻜن ﻫﻨﺎك اﻫﺘﻤﺎم واﻀﺢ ﺒﺸﺨﺼﻴﺔ اﻝﻤﺠرم أو ﺒظﺎﻫرة اﻝﺠرﻴﻤﺔ. وﻋﻠﻰ ذﻝك ﻓﺴوف ﺘﻜون دراﺴﺔ ﺘطور ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻓﻲ ﻨطﺎق ﻤرﺤﻠﺘﻴن :ﻤرﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ظﻬور اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ ،وﻤرﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﺒﻌد ظﻬور اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ.وذﻝك ﻓﻲ اﻝﻔرﻋﻴﻴن اﻝﺘﺎﻝﻴﻴن: اﻝﻔرع اﻷول اﻝدراﺴﺎت اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻗﺒل ظﻬور اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ إن اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺒﺘﻔﺴﻴر اﻝﺠرﻴﻤﺔ وﺒﻴﺎن أﺴﺒﺎﺒﻬﺎ ﻫو أﻤر ﻗدﻴم ﻗدم اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ اﻝﺒﺸري.ﺤﻴث ﻜﺎن ﻫذا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ اﻝﻌﺼور اﻝﻘدﻴﻤﺔ ﻴﺘﺨذ طﺎﺒﻌﺎ دﻴﻨﻴﺎ وﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ،ﻓﻘد ﻓﺴر اﻝﻔﻼﺴﻔﺔ اﻹﻏرﻴق ﻗدﻴﻤﺎ اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﺒﺎﻻﻀطراﺒﺎت اﻝﻨﻔﺴﻴﺔ واﻝﻌﻘﻠﻴﺔ ﻝﻠﻤﺠرم اﻝﺘﻲ ﺘﺤل ﺒﻪ ﻤﻊ ﻝﻌﻨﺔ ﻋز داروﻴن اﻹﺠرام إﻝﻲ وﺠود ﺼﻔﺎت ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻵﻝﻬﺔ أو ﻝﺘﻘﻤص اﻝﺸﻴطﺎن ﻝﺠﺴدﻩ.ﻜﻤﺎ ا ﺠﺒﻬﺔ وﻤﻼﻤﺢ ﻤرﺘﻜﺒﻲ اﻝﺠراﺌم.ﻜﻤﺎ ﻋزاﻫﺎ اﻝﺒﻌض إﻝﻲ اﻝﻨﻘص ﻓﻲ اﻝﻘﻴم اﻝدﻴﻨﻴﺔ ﻋﻨد اﻝﻤﺠرم وأﺼﺒﺢ ﺘﻨﻤﻴﺔ اﻝﻘﻴم اﻝدﻴﻨﻴﺔ ﻤن أﻫم وﺴﺎﺌل ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻝﺠرﻴﻤﺔ. ﺜم ﻜﺎﻨت ﻨﻘطﺔ اﻝﺒداﻴﺔ ٕوارﻫﺎﺼﺎت ﻫذا اﻝﻌﻠم ﺘظﻬر ﻓﻲ اﻝﻘرﻨﻴن اﻝﺴﺎﺒﻊ ﻋﺸر واﻝﺜﺎﻤن ﻋﺸر ﺤﻴث ﺤﺎول اﻝﺒﻌض اﻝرﺒط ﺒﻴن اﻝﻤﻼﻤﺢ اﻝﺠﺴدﻴﺔ ﻝﻠﺸﺨص واﺘﺠﺎﻫﻪ ﻝﻺﺠرام ،ﺜم ) (١د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.١٩ - ١٨ - اﻝرﺒط ﺒﻴن ﺸﻜل اﻝﺠﻤﺠﻤﺔ أو اﻝﻌﺎﻫﺔ اﻝﻌﻘﻠﻴﺔ واﻹﺠرام.ﻜﻤﺎ ﻓﺴر اﻝﻤؤرخ اﻹﻨﺠﻠﻴزي اﻝﺸﻬﻴر ﺘوﻤﺎس ﻤور Thomas Moresازدﻴﺎد اﻝﺠراﺌم ﻓﻲ ﻋﺼرﻩ ﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨت ﻋﻠﻴﻪ ﺤﺎﻝﺔ اﻝﻨﺎس ﻤن ﻓﻘر ﺒﺴﺒب اﻝﺒطﺎﻝﺔ اﻝﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋن اﻨﺘزاع ﻤﺴﺎﺤﺎت ﻤن اﻷراﻀﻲ ﻤن أﻴدي ﻜﺜﻴر ﻤن اﻝﻤزارﻋﻴن ﻻﺴﺘﻐﻼﻝﻬﺎ ﻓﻲ رﻋﻲ اﻝﻤﺎﺸﻴﺔ. وﻓﻲ اﻝﻘرن اﻝﺜﺎﻤن ﻋﺸر ﻻﺤظ ﻜل ﻤن ﺒﻴﻜﺎرﻴﺎ Beccariaوﻓوﻝﺘﻴر Voltaireأن اﻝﺴرﻗﺔ ﻫﻲ اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝﻤرﺘﺒطﺔ ﺒﺎﻝﻔﻘر ،ﻜﻤﺎ ﻨﺎدي ﺒﻨﺘﺎم - Benthamوﻫم ﻤن أﻨﺼﺎر اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝﺘﻘﻠﻴدﻴﺔ -ﺒوﺠوب رﻋﺎﻴﺔ ﻤن ﻻ ﻴﻤﻠﻜون ﻤوردا ﻝﻠرزق وﺘوﻓﻴر ﺴﺒل اﻝﻌﻴش اﻝﻜرﻴم ﻝﻬم ﻤن ﺠﺎﻨب اﻝدوﻝﺔ. ووﻓﻘﺎ ﻷﻓﻜﺎر أﻨﺼﺎر اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝﺘﻘﻠﻴدﻴﺔ ،ﻓﺎن ﻤﺴﺌوﻝﻴﺔ اﻝﺸﺨص ﺘﻜون ﻋﻠﻰ أﺴﺎس ﺘواﻓر ﺤرﻴﺔ اﻻﺨﺘﻴﺎر ﻝدﻴﻪ؛ وﺒﺎﻝﺘﺎﻝﻲ ﻓﻬو ﻤﺴﺌول ﻋن ﻜل ﻓﻌل ارﺘﻜﺒﻪ.وﻝم ﻴﻜن ﻝدراﺴﺔ ﺸﺨﺼﻴﺔ اﻝﻤﺠرم أو اﻝﻌواﻤل اﻝﻨﻔﺴﻴﺔ أو اﻝﺒﻴوﻝوﺠﻴﺔ أو اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘؤﺜر ﻓﻲ ﺴﻠوﻜﻪ ﻨﺤو اﻝﺠرﻴﻤﺔ أي ﺘﺄﺜﻴر ﻋﻠﻰ اﻓﻜﺎر ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ.ﻓﺎﻝﻐرض اﻷﺴﺎﺴﻲ ﻤن ﺘوﻗﻴﻊ اﻝﻌﻘوﺒﺔ ﻝدى ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ ﻫو ﺘﺤﻘﻴق اﻝﻌداﻝﺔ واﻝﻤﻨﻔﻌﺔ ،ﺒﻌﻴدا ﻋن دراﺴﺔ أﺴﺒﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ أو ﺘﻔﺴﻴر اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ).(١ ﺜم ﺠﺎء اﻝﻨﺼف اﻷول ﻤن اﻝﻘرن اﻝﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸر ﻝﻴﺸﻬد ﻫذا اﻝﻌﻠم أﻓﺎﻗﺎ ﺠدﻴدة ﺘﻘوم ﻋﻠﻲ دراﺴﺔ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻜظﺎﻫرة اﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﻴد اﻝﻌﺎﻝﻤﻴن اﻝﻔرﻨﺴﻲ "ﺠﻴري" Guerry واﻝﺒﻠﺠﻴﻜﻲ "ﻜﺘﻴﻠﻴﻪ" Quételetﺤﻴث ﺒﺤﺜﺎ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻋﻠﻲ أﺴس ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻓﻜﺎن اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺒﺎﻷﺴﺒﺎب اﻝداﺨﻠﻴﺔ ﻝﻺﺠرام ﻜﺎﻝﺴن واﻝﻨوع ،واﻷﺴﺒﺎب اﻝﺨﺎرﺠﻴﺔ ﻜﺎﻝﺒﻴﺌﺔ واﻝﻤﻬﻨﺔ، واﻋﺘﻤدت دراﺴﺎت ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ أﺴﻠوب اﻹﺤﺼﺎءات اﻝﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻓﻘﺎم اﻷول ﻋﺎم ١٨٣٣ ﺒﻨﺸر ﻜﺘﺎب ﺤﻠل ﻓﻴﻪ اﻹﺤﺼﺎءات ﻋن اﻝﺠراﺌم اﻝﺘﻲ ﺤدﺜت ﻓﻲ ﻓرﻨﺴﺎ ﻤﻨذ ﻋﺎم ١٨٢٦ أول ﻋﺎم ظﻬرت ﻓﻴﻪ اﻹﺤﺼﺎءات ﻓﻲ ﻓرﻨﺴﺎ وﺘﻨﺎول ﻓﻴﻪ أﺜر اﻝﺠﻨس واﻝﺴن واﻝﻤﻬﻨﺔ ودرﺠﺔ اﻝﺘﻌﻠﻴم واﻝطﻘس وﺘﻘﻠﺒﺎت اﻝﻔﺼول ﻋﻠﻲ اﻝﺠرﻴﻤﺔ ،ﻜﻤﺎ أَﺼدر ﻤؤﻝﻔﺎ أﺨر ﻝﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم ١٨٦٤ﺘﻌرض ﻓﻴﻪ ﻝﻠﺼﻠﺔ ﺒﻴن اﻹﺠرام واﻝﺠﻬل واﻝﻔﻘر.أﻤﺎ "ﻜﺘﻴﻠﻴﻪ" Quételetﻓﻘد ﻨﺸر ﻋﺎم ١٨٣٥ﻤؤﻝﻔﻪ ﺤول" اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ" ﺨﻠص ﻓﻴﻪ إﻝﻲ أن اﻝﺴﻠوك اﻹﻨﺴﺎﻨﻲ واﻝظواﻫر اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﺘﺨﻀﻊ ﻝذات اﻝﻘواﻋد اﻝﺘﻲ ﺘﺤﻜم اﻝظواﻫر اﻝطﺒﻴﻌﻴﺔ وﺘﺴﻴر ﺒﻨﻔس ﻗواﻨﻴن ﻋﺎﻝم اﻝطﺒﻴﻌﺔ.وﻗد ﺤﺎول "ﻜﺘﻴﻠﻴﻪ" أﻴﻀﺎ أن ﻴﻀﻊ ﻤﺠﻤوﻋﺔ ﻤن اﻝﻤﻘﺎﻴﻴس ) (١د /ﻫدى ﻗﺸﻘوش ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.١٣ - ١٩ - اﻝﺤﺴﺎﺒﻴﺔ ﻝﻠﺼﻔﺎت اﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ وﻗﺎم ﺒﺘﻘﺴﻴم اﻷﻓراد ﺘﺒﻌﺎ ﻝذﻝك ﻤﻊ ﺘﻤﻴﻴز اﻝرﺠل اﻝﻨﻤوذﺠﻲ اﻝﻤﺘوﺴط ﻤن ﺒﻴن ﺠﻤﻴﻊ ﻫذﻩ اﻝﺘﻘﺴﻴﻤﺎت).(١ اﻝﻔرع اﻝﺜﺎﻨﻲ اﻝدراﺴﺎت اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﺒﻌد ظﻬور اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ ﺒﻌد ظﻬور اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻹﻴطﺎﻝﻴﺔ ﻓﻲ أواﺨر اﻝﻘرن اﻝﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸر ،ﺘرﻜت ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝﻜﺜﻴر ﻤن أﻓﻜﺎر اﻝﻤدرﺴﺔ أﻝﺘﻘﻠﻴدﻴﺔ ﻓﺄﻨﻜرت ﺤرﻴﺔ اﻻﺨﺘﻴﺎر ﻝﻺﻨﺴﺎن وﻗررت ﻤﺒدأ ﺤﺘﻤﻴﺔ اﻝﺴﻠوك اﻹﺠراﻤﻲ ،اﻝﻤرﺘﺒط ﺒﻌواﻤل داﺨﻠﻴﺔ أو ﺨﺎرﺠﻴﺔ ،وﻗررت ﻋدم ﺠدوى اﻝﻌﻘوﺒﺔ ،وأﻨﻪ ﻴﺠب اﺴﺘﺒداﻝﻬﺎ ﺒﺒﻌض اﻝﺘداﺒﻴر اﻝوﻗﺎﺌﻴﺔ ،ورﻜزت ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ دراﺴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻠﻴل ﺸﺨﺼﻴﺔ اﻝﻤﺠرم ،ودراﺴﺔ ﺘﻜوﻴﻨﻪ اﻝﺒﻴوﻝوﺠﻲ واﻝﻨﻔﺴﻲ ،واﻝﻌواﻤل اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻝﻤؤﺜرة ﻓﻴﻪ ﻝﻤﻌرﻓﺔ أﺴﺒﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ ودراﺴﺘﻬﺎ ،ﺜم ﺒﻴﺎن ﻜﻴﻔﻴﺔ ﻋﻼﺠﻬﺎ).(٢ وﻫﻜذا أﺨذ ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻓﻲ اﻝﺘﺒﻠور ﺒﺼورة ﻋﻠﻤﻴﺔ دﻋت اﻝﺒﻌض إﻝﻲ أن ﻴؤرخ ﻝﻨﺸﺄة ﻋﻠم اﻹﺠرام ﺒﺘﺎرﻴﺦ ظﻬور ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ ،ودﻋت اﻝﺒﻌض اﻷﺨر إﻝﻲ أن ﻴﺼف ﻫذا اﻝﻌﺼر اﻝذي ظﻬرت ﻓﻴﻪ اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻹﻴطﺎﻝﻴﺔ ﺒﺎﻝﻌﺼر اﻝذﻫﺒﻲ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام. وﻗد ﻨﺸﺄت ﻫذﻩ اﻝﻤدرﺴﺔ ﻓﻲ إﻴطﺎﻝﻴﺎ ﻋﻠﻲ ﻴد ﺜﻼﺜﺔ ﻤن ﻤﺸﺎﻫﻴر اﻝﻔﻜر اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ :راﺌدﻫﺎ "ﻝوﻤﺒروزو" Lomborosoأﺴﺘﺎذ اﻝطب اﻝﺸرﻋﻲ ﺒﺠﺎﻤﻌﺔ ﺘورﻴﻨو اﻝذي ﻨﺸر ﻤؤﻝﻔﻪ ﻋن اﻹﻨﺴﺎن اﻝﻤﺠرم L'homme criminelﺴﻨﺔ ١٨٧٦واﺘﺒﻊ ﻓﻴﻪ اﻝﻤﻨﻬﺞ اﻝﺘﺠرﻴﺒﻲ اﻝﻘﺎﺌم ﻋﻠﻲ اﻝﺘﺠرﺒﺔ واﻝﻤﻼﺤظﺔ وﺨﻠص ﻓﻴﻪ إﻝﻲ أن اﻝﻤﺠرم ﻴﺘﻤﻴز ﺒﺘﻜوﻴن ﺠﺴﻤﺎﻨﻲ ﻴﺨﺘﻠف ﻓﻴﻪ ﻋن اﻹﻨﺴﺎن اﻝﻌﺎدي وأرﺠﻊ ذﻝك إﻝﻲ أن اﻝﻤﺠرم أﻗرب ﻤﺎ ﻴﻜون إﻝﻲ اﻹﻨﺴﺎن اﻝﺒداﺌﻲ واﻝﻤﺨﻠوﻗﺎت اﻝدﻨﻴﺎ.ﺜم ﺠﺎء ﻜل ﻤن اﻨرﻴﻜو ﻓﻴري Enrico Ferriأﺴﺘﺎذ اﻝﻘﺎﻨون اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ﺒﺠﺎﻤﻌﺔ روﻤﺎ واﻝذي ﻨﺸر ﻤؤﻝﻔﻪ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ La sociologie criminelleﺴﻨﺔ ، ١٨٨١وﺠﺎروﻓﺎﻝو Garofaloاﻝﻘﺎﻀﻲ ﺒﻤﺤﻜﻤﺔ اﺴﺘﺌﻨﺎف ﻨﺎﺒوﻝﻲ واﻝذي ﻨﺸر ﻤؤﻝﻔﻪ ﻋن ﻋﻠم اﻹﺠرام Criminologieﺴﻨﺔ ١٨٨٥ﻝﻴﻜﻤﻼ ﻤﺎ ﺒدأﻩ ) (١د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٢٦ ) (٢د /ﻫدى ﻗﺸﻘوش ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.١٤ - ٢٠ - ﻝوﻤﺒروزو ﺤﻴث اﻫﺘﻤﺎ ﺒﺈظﻬﺎر أﺜر اﻝﻌواﻤل اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﺘﻔﺎﻋل ﻤﻊ اﻝﺘﻜوﻴن اﻝﻌﻀوي واﻝﻨﻔﺴﻲ ﻝﻠﻤﺠرم ﻓﻲ إﺤداث اﻝﺠرﻴﻤﺔ. وﺒﻔﻀل ﻫؤﻻء اﻝﺜﻼﺜﺔ وﺒﻔﻀل ﻤؤﻝﻔﺎﺘﻬم وﻀﺤت ﻤﻌﺎﻝم ﻋﻠم اﻹﺠرام واﺴﺘﻘﻼﻝﻪ ﻋن ﺒﺎﻗﻲ اﻝﻌﻠوم اﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ اﻷﺨرى.إﻻ أن ﻫذا ﻝم ﻴﻌن ﺘوﻗف اﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻋﻨد ﻫذا اﻝﺤد ﺤﻴث اﻫﺘﻤت اﻝدراﺴﺎت اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺘرة ﺘﺎﻝﻴﺔ ﻋﻠﻲ ظﻬور اﻝﻤدرﺴﺔ اﻝوﻀﻌﻴﺔ اﻹﻴطﺎﻝﻴﺔ ﺒﺎﻝوﺴط اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ اﻫﺘﻤﺎﻤﺎ ﺒﺎﻝﻐﺎ أﺼﺒﺢ ﻤﻌﻬﺎ ﻤﺤو ار ﻝﻠدراﺴﺎت اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﻴد اﻝﻌدﻴد ﻤن اﻝﻌﻠﻤﺎء ،ﻤن أﺒرزﻫم اﻝﻔرﻨﺴﻴون دورﻜﺎﻴم وﺘﺎرد وﻻﻜﺎﺴﺎﻨﻲ ودي ﺘوﻝﻴو، واﺘﺴﻤت دراﺴﺎت ﻫؤﻻء ﺒﻤﺤﺎوﻝﺔ اﻻﻝﺘزام ﺒﺼورة أﻜﺒر ﺒﺎﻝﻤﻨﻬﺞ اﻝﻌﻠﻤﻲ واﻝﺸﻤوﻝﻴﺔ واﻝﺘﻜﺎﻤل ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴر اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ وﺘطوﻴر أﺴﺎﻝﻴب اﻝﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام. ﺜم ﺒدأ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻝﻌﺎﻝﻤﻲ ﺒﻌﻠم اﻹﺠرام :ﺤﻴث أﺴس اﻝﻌﺎﻝم اﻹﻴطﺎﻝﻲ دي ﺘوﻝﻴو Di Tullioاﻝﺠﻤﻌﻴﺔ اﻝدوﻝﻴﺔ ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﺴﻨﺔ ،١٩٣٤واﻨﻌﻘد أول ﻤؤﺘﻤر ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﻓﻲ روﻤﺎ ﺴﻨﺔ .١٩٣٨ﺜم اﻫﺘﻤت اﻷﻤم اﻝﻤﺘﺤدة ﺒﺒﺤث اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ وطرق ﻤﻜﺎﻓﺤﺘﻬﺎ ﺒﻌد ﺘﺄﺴﻴس ﻗﺴم اﻝدﻓﺎع اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﻬﺎ ودأﺒت اﻝﻤﻨظﻤﺔ ﻋﻠﻲ ﻋﻘد ﻤؤﺘﻤر ﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﻜل ﺨﻤس ﺴﻨوات ﻓﺎﻨﻌﻘد اﻝﻤؤﺘﻤر اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻝﻬذا اﻝﻌﻠم ﻓﻲ ﺒﺎرﻴس ﺴﻨﺔ ١٩٥٠ﺜم اﻝﻤؤﺘﻤر اﻝﺜﺎﻝث ﻓﻲ ﻝﻨدن ﺴﻨﺔ ١٩٥٥ﺜم اﻝﻤؤﺘﻤر اﻝراﺒﻊ ﻓﻲ ﻻﻫﺎي ﺴﻨﺔ ١٩٦٠ﺜم ﺘواﻝت ﻫذﻩ اﻝﻤؤﺘﻤرات) ،(١وﻝﻘد ﻜﺎن ﻝﻬذﻩ اﻝﻤؤﺘﻤرات دور ﻤﻠﻤوس ﻓﻲ ﻝﻔت أﻨظﺎر اﻝﺒﺎﺤﺜﻴن واﻝﻤﻬﺘﻤﻴن ﺒﻬذا اﻝﻌﻠم ﺒل واﻝﺤﻜوﻤﺎت ﻤن أﺠل ﺘطوﻴر وﺴﺎﺌل ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻝﺠرﻴﻤﺔ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺒﻤﻌﺎﻤﻠﺔ اﻝﻤﺠرﻤﻴن واﺴﺘﺤداث طرق ﺠدﻴدة ﻝﻠوﻗﺎﻴﺔ ﻤن اﻝﺠرﻴﻤﺔ).(٢ ) (١ﻝﻤزﻴد ﻤن اﻝﺘﻔﺼﻴل ﻋن ﻫذﻩ اﻝﻤؤﺘﻤرات أﻨظر د /رﻤﺴﻴس ﺒﻬﻨﺎم ،ﻋﻠم ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹﺠرام ،اﻹﺴﻜﻨدرﻴﺔ ،ﻤﻨﺸﺄة اﻝﻤﻌﺎرف ١٩٩١ص ١٧٣وﻤﺎ ﺒﻌدﻫﺎ ،د /ﻤﺤﻤد إﺒراﻫﻴم زﻴد ،ﻤﻘدﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﺠرام واﻝﺴﻠوك اﻝﻼﺠﺘﻤﺎﻋﻲ، اﻝﻘﺎﻫرة ١٩٧٨ص ٩وﻤﺎ ﺒﻌدﻫﺎ. ) (٢د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٢٨ - ٢١ - اﻝﻤﺒﺤث اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻓروع ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﻐﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺘﻤﻬﻴد وﺘﻘﺴﻴم: ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻴﺘﻜون ﻤن ﻋدة ﻓروع :ﻜﻌﻠم طﺒﺎﺌﻊ اﻝﻤﺠرم وﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝﻨﻔس اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻏﻴرﻩ ،وﻜل ﻓرع ﻤﻨﻬﺎ ﻴﺒﺤث ﻋن أﺴﺒﺎب اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،وﻋﻠم اﻹﺠرام ﻜذﻝك ﻤرﺘﺒط ﺒﺼﻠﺔ وﺜﻴﻘﺔ ﺒﺎﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻷﺨرى ﻜﻘﺎﻨون اﻝﻌﻘوﺒﺎت وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب وﻗﺎﻨون اﻹﺠراءات اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ وﻋﻠم اﻝﺴﻴﺎﺴﺔ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ.وﻋﻠﻰ ذﻝك ﺴوف ﻨﻘﺴم ﻫذا اﻝﻤﺒﺤث إﻝﻰ ﻤطﻠﺒﻴن :ﻨﺘﻨﺎول ﻓﻲ اﻝﻤطﻠب اﻷول ﻓروع ﻋﻠم اﻹﺠرام ،وﻓﻲ اﻝﻤطﻠب اﻝﺜﺎﻨﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﻐﻴرﻩ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ اﻷﺨرى. اﻝﻤطﻠب اﻷول ﻓروع ﻋـﻠم اﻹﺠرام ﻴﺘﻜون ﻋﻠم اﻹﺠرام ﻤن ﻤﺠﻤوﻋﺔ ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﻔرﻋﻴﺔ اﻝﺘﻲ ﻴﺨﺘص ﻜل ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺎﻝﺒﺤث ﻋن أﺴﺒﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ ﻤن ﺠﻬﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،وﻫذﻩ اﻝﻌﻠوم ﻫﻲ :ﻋﻠم طﺒﺎﺌﻊ اﻝﻤﺠرم وﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝﻨﻔس اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ وﻋﻠم اﻝﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ. أوﻻً :ﻋﻠم طﺒﺎﺌﻊ اﻝﻤﺠرم أو ﻋﻠم اﻷﻨﺘروﺒوﻝوﺠﻴﺎ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ : وﻫو أﺤد ﻓروع ﻋﻠم اﻝﺒﻴوﻝوﺠﻲ أي ﻋﻠم اﻷﺤﻴﺎء وﻫو ﻋﻠم ﻴﻌﻨﻲ ﺒدراﺴﺔ أﺴﺒﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝﺘﻲ ﺘرﺠﻊ إﻝﻲ اﻝﺘﻜوﻴن اﻝﺠﺴدي ﻝﻠﻤﺠرم ،ﺤﻴث ﻴﻌد اﻝﺘﻜوﻴن اﻝﺠﺴدي ﻫو اﻝوﺠﻪ اﻷول ﻤن أوﺠﻪ اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ اﻝذي ﺠذب اﻨﺘﺒﺎﻩ اﻝﺒﺎﺤﺜﻴن إﻝﻴﻪ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﻋﻠم اﻹﺠرام. وﻴﻌﺘﺒر اﻝﻌﺎﻝم اﻹﻴطﺎﻝﻲ ﺴﻴزار ﻝوﻤﺒروزو ﺒﺤق ﻫو ﻤﻨﺸﺊ ﻫذا اﻝﻌﻠم ،ﺤﻴث ﻻﺤظ أﻨﻪ ﻴوﺠد ﻝدي اﻝﺸﺨص اﻝﻤﺠرم ﺼﻔﺎت ﺘﺸرﻴﺤﻴﺔ وﺠﺴدﻴﺔ ﺘﻤﻴزﻩ ﻋن ﻏﻴرﻩ ﻤن ﻏﻴر اﻝﻤﺠرﻤﻴن. وﻋﻠم اﻷﻨﺘروﺒوﻝوﺠﻴﺎ اﻝﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻻ ﻴﻘﺘﺼر اﻝﻴوم ﻋﻠﻲ دراﺴﺔ اﻝﺼﻔﺎت اﻝﺘﺸرﻴﺤﻴﺔ واﻝﺠﺴدﻴﺔ ﻝﻠﻤﺠرم ٕواﻨﻤﺎ ﻴﻬﺘم أﻴﻀﺎ ﺒدراﺴﺔ أﺜر اﻝوراﺜﺔ واﻝﺒﻴﺌﺔ واﻝﺨﻠل اﻝﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺘﻜوﻴن اﻝﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻝﻜﻲ ﻴﻔﺴر ﻝﻨﺎ ﻓﻲ اﻝﻨﻬﺎﻴﺔ أﺴﺒﺎب اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ اﻝﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻝﻔرد - ٢٢ - اﻝﻤﺠرم ،أي ﻤن وﺠﻬﺔ اﻝﻨظر اﻝﻔردﻴﺔ.وﺤدﻴﺜﺎ أﺨذ ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻋﻠﻲ ﻋﺎﺘﻘﻪ دراﺴﺔ اﻝطﺎﺒﻊ اﻹﺠراﻤﻲ اﻝﺨﺎص ﻝﻜل ﻤﺠرم ﻋﻠﻲ ﺤدة واﻗﺘراح اﻝوﺴﺎﺌل اﻝطﺒﻴﺔ اﻝﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻝﻌﻼﺠﻪ ،ﺒﻤﺎ أﻀﺎف ﺠزﺌﻴﺔ طﺒﻴﺔ ﻝﻬذا اﻝﻌﻠم ﺒﺼﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ وﻝﻌﻠم اﻹﺠرام ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻗد ﻴﻔﺘﺢ أﻓﺎﻗﺎ ﺠدﻴدة أﻤﺎم اﻝدراﺴﺎت اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨص اﻝوﺴﺎﺌل اﻝطﺒﻴﺔ اﻝﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻝﻌﻼج اﻝﻤﺠرﻤﻴن).(١ ﺜﺎﻨﻴﺎً :ﻋﻠم اﻝﻨﻔس اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ : ﻋﻠم اﻝﻨﻔس اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ﻴﻬﺘم ﺒدراﺴﺔ أﺴﺒﺎب اﻝﺠرﻴﻤﺔ اﻝﺘﻲ ﺘﻌود إﻝﻲ اﻝﺘﻜوﻴن اﻝﻨﻔﺴﻲ ﻝﻠﻤﺠرم ﻜﻤﺴﺘوي ذﻜﺎﺌﻪ واﻨﻔﻌﺎﻻﺘﻪ وﻏراﺌزﻩ.وﻴﺘﻼﻗﻰ ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻤﻊ اﻝطب اﻝﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ اﻝﺒﺤث ﻓﻲ اﻝﻤظﺎﻫر اﻝﻨﻔﺴﻴﺔ اﻝﻤرﻀﻴﺔ ﻝدي اﻝﻤﺠرم ،ﻜﻤﺎ ﻴﺴﺘﻌﻴن ﺒﻌﻠم اﻝﻨﻔس اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ اﻝذي ﻴﻬﺘم ﺒدراﺴﺔ اﻝﺠﺎﻨب اﻝﻨﻔﺴﻲ ﻝﻐﻴر اﻝﻤﺠرﻤﻴن ﻤن أﻓراد اﻝﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺜل اﻝﺸﻬود ورﺠﺎل اﻝﻘﺎﻨون ورﺠﺎل اﻝﻘﻀﺎء وأﻓراد اﻹدارة اﻝﻌﻘﺎﺒﻴﺔ).(٢ ﺜﺎﻝﺜﺎً :ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ : ﻋﻠم اﻻﺠﺘﻤﺎع اﻝﺠﻨﺎﺌﻲ ﻫو ﻋﻠم ﻴﻬﺘم ﺒﺘﺤدﻴد اﻝﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴن اﻝظﺎﻫرة اﻹﺠراﻤﻴﺔ ﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ وﺒﻴن اﻝظروف اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻝﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤن ﻨﺎﺤﻴﺔ أﺨري ،أي أﻨﻪ اﻝﻌﻠم اﻝذي ﻴﺘﻨﺎول ﺒﺎﻝﺘﻔﺴﻴر أﺴﺒﺎب اﻹﺠرام اﻝﺘﻲ ﺘرﺠﻊ إﻝﻲ اﻝﺒﻴﺌﺔ أو اﻝوﺴط اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ اﻝذي ﻴﻌﻴش ﻓﻴﻪ اﻝﺠﺎﻨﻲ. وﻗد وﻀﻌت ﻤدرﺴﺔ اﻝوﺴط اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ اﻝﻔرﻨﺴﻴﺔ اﻝﺒﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﺒﻘﻴﺎدة ﺠﻴري وﻜﺘﻴﻠﻴﻪ أﺴس ﻫذا اﻝﻌﻠم.ﺜم ﺘطور ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻋﻠﻲ ﻴد اﻝﻌدﻴد ﻤن اﻝﻌﻠﻤﺎء ﻤﺜل ﺘﺎرد ، Tarde ودورﻜﺎﻴم ،Durkheimوﻻﻜﺎﺴﺎﻨﻲ ،Lacassagneوﺠوﻝﻲ ، Jolyوﻓﻴري . Ferriﺜم أﺼﺒﺢ ﻫذا اﻝﻌﻠم ﻤن اﻝﻌﻠوم اﻝﺘﻲ ﺘﻠﻘﻲ ﻋﻨﺎﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ اﻝوﻻﻴﺎت اﻝﻤﺘﺤدة اﻷﻤرﻴﻜﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﻴد ﺴذرﻻﻨد ،Sutherlandوﺴﻴﻠﻴن ، Sellinوﻜوﻴن Cohenوﻏﻴرﻫم).(٣ ) (١د /ﻫدى ﻗﺸﻘوش ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٣٩ ) (٢د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٣٠ ) (٣د /ﻋﻠﻲ ﻋﺒد اﻝﻘﺎدر اﻝﻘﻬوﺠﻲ ،د /ﻓﺘوح اﻝﺸﺎذﻝﻲ ،ﻋﻠم اﻹﺠرام وﻋﻠم اﻝﻌﻘﺎب ،طﺒﻌﺔ دار اﻝﻤطﺒوﻋﺎت اﻝﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،١٩٩٩،ص ،١٢د /ﻋﺒد اﻝﻌظﻴم ﻤرﺴﻲ وزﻴر ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص ،٣٤د /ﺒﻜري ﻴوﺴف ،اﻝﻤرﺠﻊ اﻝﺴﺎﺒق ،ص.٣٠