مكيافيللي كنموذج لمفكري عصر النهضة (1469-1527) PDF

Document Details

SelfSufficientUnakite9543

Uploaded by SelfSufficientUnakite9543

جامعة الإسكندرية

أحمد وهبان - أسامة العادلي

Tags

مكيافيللي الفلسفة السياسية العلوم السياسية عصر النهضة

Summary

هذه محاضرة عن مكيافيللي، تركز على مسيرته ونشأته وبيئته وافكاره السياسية، وسياساته الداخلية والخارجية. المحاضرة موجهة لطلبة العلوم السياسية.

Full Transcript

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫مادة ‪/‬مدخل العلوم السياسية‬ ‫محاضرة (‪)5‬‬ ‫(موجز)‬ ‫القائمان على التدريس‪ :‬د‪/‬أحمد وهبان – د‪/‬أسامة العادلي‬ ‫كلية الدراسات االقتصادية والعلوم السياسية – جامعة اإلسكندر...

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫مادة ‪/‬مدخل العلوم السياسية‬ ‫محاضرة (‪)5‬‬ ‫(موجز)‬ ‫القائمان على التدريس‪ :‬د‪/‬أحمد وهبان – د‪/‬أسامة العادلي‬ ‫كلية الدراسات االقتصادية والعلوم السياسية – جامعة اإلسكندرية‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مكيافيللي كنموذج لمفكري عصر النهضة(‪)1527 :1469‬‬ ‫بيئته ونشأته‬ ‫ولد نيقوال مكيافيللي بفلورنسا اإليطالية عام ‪ ،1469‬حيث كانت إيطاليا وقتذاك‬ ‫مقسمة إلي خمس دويالت من ضمنها فلورنسا‪.‬وقد عني مكيافيللي منذ نعومة‬ ‫أظفاره بقراءة التاريخ حيث كان يجيد اللغة الالتينية‪.‬وفي ظل أجواء سياسية‬ ‫فاسدة عاش مكيافيللي حياته‪ ،‬حيث حالة من الحرب الدائمة بين اإلمارات اإليطالية‬ ‫تقوم عليها عصابات من المرتزقة المأجورة التي ال تدين بالوالء إال للمال‪ ،‬كما‬ ‫سادت اإلمارات المؤامرات والدسائس‪ ،‬وانتشر الفساد األخالقي‪ ،‬بحيث أصبح‬ ‫اإليمان والصدق والخير مجرد وساوس صبيانية ال يؤمن بها من يرى نفسه مستني ار‬ ‫من البشر‪ ،‬وأصبحت القوة و الحيلة والخديعة هي مفاتيح النجاح‪ ،‬غير أن هذه‬ ‫‪1‬‬ ‫الحقبة كانت في ذات الوقت بداية ما يعرف بعصر النهضة في أوربا حيث بدأ العقل‬ ‫األوربي يدير ظهره لمملكة السماء و يعطي وجهه لمملكة األرض فيفصل بين‬ ‫الدين (الكنيسة) والدولة (فكرة العلمانية) األمر الذي أسهم دون شك في استشراء‬ ‫االنهيار األخالقي‪ ،‬وفي المقابل بدأ عصر الكشوفات الجغرافية كاألمريكتين‪ ،‬كما‬ ‫اخترعت الطباعة‪.‬‬ ‫وقد عمل مكيافيللي في شبابه أمينا لهيئة العشرة للحرية والسالم التي تمثلت‬ ‫وظيفتها في االتصال بممثلي فلورنسا الدبلوماسيين في الخارج‪ ،‬وقد هيأت هذه‬ ‫الوظيفة له أن يزور دوال أوربية موحدة عديدة حال إسبانيا وفرنسا وانجلت ار‪ ،‬وأصبح‬ ‫حلم حياته أن يرى بالده إيطاليا وقد توحدت في دولة واحدة‪.‬غير أنه بحلول عام‬ ‫‪ 1512‬وصلت إلى الحكم في فلورنسا أسرة من الصيارفة هي أسرة المديتشي بعد‬ ‫أن أطاحت بالجمهوريين‪ ،‬وسرعان ما ألغت الحكومة الجديدة هيئة العشرة للحرية‬ ‫والسالم ففقد مكيافيللي وظيفته‪ ،‬وجلس في بيته الريفي حزينا‪ ،‬لكي يؤلف كتابه‬ ‫الشهير في عالم فن السياسة والحكم أال وهو كتاب اإلمارات والذي اشتهر بمسمى‬ ‫األمير‪ ،‬وهو الكتاب الذي تضمن مجموعة من قواعد فن الحكم والسياسة قدمها‬ ‫مكيافيللي لألمير الجديد على هيئة نصائح‪ ،‬نصحه بالتزامها حتى يدوم سلطانه‬ ‫ويرسخ حكمه وتتوطد أركان عرشه‪ ،‬ويكون قاد ار على تحقيق حلم اإليطاليين في‬ ‫الوحدة‪.‬وهي نصائح كلها قامت على الفصل التام بين السياسة واألخالق‪.‬‬ ‫منهجه‬ ‫هو المنهج االختباري الصرف (االستقرائي) القائم على مالحظة الواقع‪ ،‬بهدف تقديم‬ ‫صورة للواقع كما هو دون تفسير أو تعميم‪ ،‬حيث كل ما قام به مكيافيللي كما قلنا‬ ‫‪2‬‬ ‫هو تقديم مجموعة من قواعد العمل السياسي المصورة من الواقع‪ ،‬دونما تدخل من‬ ‫جانبه بالتفسير أو التعميم‪ ،‬وبذلك فهو يعتبر رائدا لفن السياسية ال علم السياسة‪.‬‬ ‫فكره السياسي‬ ‫قدم مكيافيللي لألمير مجموعة من النصائح تتعلق بالسياسة الداخلية (أي سياسة‬ ‫األمير لرعاياه)‪ ،‬وأخرى تتعلق بالسياسة الخارجية (أي عالقة األمير بأمراء الدول‬ ‫األخرى)‪ ،‬وهي كلها قائمة على الفصل بين السياسة واألخالق‪ ،‬ويرى مكيافيللي أن‬ ‫اتباع هذه النصائح (أو قواعد العمل السياسي) من شأنه أن يديم حكم األمير‬ ‫ويرسخ سلطانه‪ ،‬ويوطد أركان عرشه ويجعله قاد ار على توحيد إيطاليا‪ ،‬حيث يبدأ‬ ‫كالمه لألمير مذك ار إياه بأن جموع اإليطاليين تتطلع إلي بيته كي يجمع شتاتهم في‬ ‫دولة واحدة‪.‬‬ ‫السياسة الداخلية لألمير‬ ‫نصحه مكيافيللي أال يعبأ بالفضائل بل وأن يلجأ إلي الرذائل إن كان ذلك يحقق‬ ‫مصلحته‪ ،‬فال يجب على األمير أن يكون كريما ألن الكرم يؤدي إلي الفقر وهو إن‬ ‫افتقر سيخسر هيبته لدى رعاياه‪ ،‬وعليه أن ال يكون طيبا ألن ذلك يثير روح الثورة‬ ‫عليه في نفوس رعاياه‪ ،‬أما القسوة فتقيم النظام وتمنع الفوضى وتحقق الوحدة‬ ‫وتقضي على الفتنة وهي في المهد‪ ،‬كما أن رضا الرعايا متغير فال تعتمد في‬ ‫استمرار حكمك على رضاهم‪ ،‬بل اعتمد على قوتك فهي إن دامت سيدوم حكمك‪.‬‬ ‫ويضيف مكيافيللي‪ :‬أنا ال ألوم الحاكم الروماني روميلوس الذي قتل أخاه وشريكه‬ ‫في الحكم لكي ينفرد بالسلطة ويوطد سلطانه‪ ،‬وال ألوم الروماني اآلخر بروتس‬ ‫الذي حكم على أوالده الخمسة بالموت لكي يستمر عرشه‪ ،‬فإذا كانت الواقعة (أي‬ ‫القتل) تتهمه فإن الغاية النبيلة (أي دوام سلطانه) تبرؤه‪.‬ويضيف‪ :‬ربما يكون هذا‬ ‫‪3‬‬ ‫الكالم ليس طيبا لو أن الناس كانوا طيبين لكن الواقع أن األصل في بني البشر‬ ‫أنهم كذابون منافقون غشاشون جشعون نهمون شريرون مراؤون ال يتطلعون إال‬ ‫إلى ما ليس في أيديهم‪ ،‬كما أنهم ربما يسامحونك إن قتلت أباهم لكنهم أبدا لن‬ ‫يسامحوك إن سلبت أموالهم‪.‬‬ ‫السياسة الخارجية لألمير‬ ‫أما بصدد السياسة الخارجية أي عالقة األمير بأمراء الدول األخرى فقد بدأ بوصف‬ ‫العالقات الدولية وكأنها غابة‪ ،‬ونصحه بأن يجمع بين أسلوب اإلنسان وأسلوب‬ ‫الحيوان‪ ،‬فإن اختار أسلوب الحيوان فعليه أن يكون ثعلبا وأسدا في ذات الوقت‪ ،‬أي‬ ‫يتبع أسلوب الثعلب القائم على الحيلة والمكر والخداع والمراوغة و النفاق والرياء‪،‬‬ ‫وأسلوب األسد القائم على القوة والعنف والبطش‪(.‬ذكاء الثعلب وقوة األسد)‪.‬‬ ‫فبالنسبة ألسلوب الثعلب على األمير أن ال يفي بالعهود التي يقطعها على نفسه‬ ‫لألمراء اآلخرين إال إذا كان في الوفاء بالعهد مصلحة له‪ ،‬وعلى األمير أن يتزين‬ ‫أما العالم الخارجي بحلل زائفة من الصدق والسالم والعدل والوفاء (ذئب في جلد‬ ‫شاة)‪ ،‬وأن يظهر أمراء الدول األخرى بأنهم هم الكاذبون وخالفو العهود‪ ،‬إن األمراء‬ ‫الذين أجادوا أساليب الثعالب وأفلحوا فيها فعرفوا كيف يحيكون الغش والخداع كان‬ ‫التوفيق حليفهم الدائم‪.‬‬ ‫كذلك على األمير أن يكون أسدا فيبني جيشه النظامي القوي الذي يدين بالوالء له‪،‬‬ ‫فال يجب أن يعتمد الحاكم على المرتزقة األوغاد الذين ال يدينون بالوالء إال للمال‪،‬‬ ‫القوة ثم القوة فإن األمير الذي ال يهتم ببناء قوته (جيشه) كمن يركض إلى هالكه‪،‬‬ ‫وويل لألمراء منزوعي السالح‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫إذن علي األمير أن يكون ثعلبا وأسدا في ذات الوقت ألنه إن كان مجرد ثعلب عجز‬ ‫عن التعامل مع الذئاب والغابة الدولية مليئة بالذئاب‪ ،‬وان كان مجرد أسد عجز أن‬ ‫يتبين ما ينصب له من فخاخ والغابة الدولية مليئة بالفخاخ‪.‬‬ ‫عليك أن تبدأ بأسلوب الثعلب فإن لم يفلح أسلوب الثعلب في خطف عنقود العنب‬ ‫فليسمع زئير األسد ( أي إن لم تجد الدبلوماسية فلتدق طبول الحرب)‪.‬‬ ‫تقويم فكر مكيافيللي‬ ‫اختلف المفكرون والساسة ورجال الدين حول أخالقية هذا الفكر‪ ،‬حيث مجده‬ ‫البعض على النحو التالي‪:‬‬ ‫_ كتب أحد األمراء اإليطاليين على نصب تذكاري أقامه على قبر مكيافيللي (ارقد‬ ‫في سالم ال كلمات ترقى إلي شرف هذا الرجل)‪.‬‬ ‫_ المفكر اإلنجليزي فرانسيس بيكون‪ :‬كم نحن مدينون لهذا الرجل‪ ،‬فهو الذي أرانا‬ ‫حقيقة عالم السياسة‪ ،‬إذ علمنا الفارق بين براءة الحمامة ورياء الثعبان على‬ ‫نعومة ملمس كليهما‪.‬‬ ‫_ نابليون الثالث كان ال يق أر ليلة الحرب إال كتاب واحد هو كتاب األمير‪.‬‬ ‫في المقابل اعتبرت الكنيسة أن مكيافيللي هو شيطان رهيب هبط على اإلنسانية‬ ‫فا ار من الجحيم‪ ،‬وأن كتابه األمير هو كتاب أودعته يد الشيطان‪.‬‬ ‫****************************************‬ ‫‪5‬‬ ‫فالسفة العقد االجتماعي‬ ‫وهم توماس هوبز و جون لوك اإلنجليزيان و جان جاك روسو الفرنسي‪ ،‬والذين‬ ‫عاشوا في القرنين السابع عشر والثامن عشر‪ ،‬ويقولون بأن المجتمع السياسي‬ ‫(الدولة) نشأ من خالل عقد أبرمه الناس فيما بينهم‪ ،‬هو (العقد االجتماعي)‪.‬‬ ‫منهجهم‬ ‫هو المنهج الفلسفي المثالي بمقدمات عقلية‪ ،‬حيث تنطلق أفكارهم من فرضين‬ ‫عقليين هما‪:‬‬ ‫(‪ )1‬حالة الطبيعة‪ :‬ويعني أن الناس قد عاشوا في حالة من الطبيعة ال تعرف‬ ‫السلطة وال المجتمع وال السياسة قبل قيام المجتمع (أو الدولة)‪.‬‬ ‫(‪ )2‬العقد االجتماعي‪ :‬ويعني أن الناس قد انتقلوا من حالة الطبيعة إلى حالة‬ ‫المجتمع من خالل عقد أبرموه فيما بينهم‪.‬‬ ‫وقد اتفق الفالسفة الثالثة على هذين الفرضين غير أنهم اختلفوا‬ ‫على مضامينهما (فحواهما أو محتواهما)‪ ،‬لكي ينتهي كل منهم إلي صورة‬ ‫مختلفة عن اآلخرين بصدد أمثل أشكال الحكومات‪ ،،،‬وذلك على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫‪6‬‬ ‫توماس هوبز (‪)1679 :1588‬‬ ‫نبذه عن بيئته ونشأته‬ ‫ولد في إنجلت ار عام ‪ 1588‬وتوفي عام ‪ ،1679‬وكانت والدته في غير موعدها‬ ‫الطبيعي حيث خرج إلى الدنيا قبل أن تكمل أمه شهور حمله التسعة‪ ،‬وقد كان‬ ‫يرجع سيطرة الخوف عليه إلى مولده الشاذ هذا‪ ،‬وكان يقول دائما (أنا والخوف‬ ‫توأمان)‪ ،،‬ومع ذلك فقد كان الرجل يجمع بين جسد مخواف وروح مقدامة‪ ،‬وكان‬ ‫من األسباب األخرى التي جعلت الخوف الدائم يسيطر عليه أنه عاش حياته في‬ ‫فترة عانت فيها إنجلت ار من صراعات هائلة منها ما هو ديني (يتصل بالدين‬ ‫والكنيسة) ومنها ما هو سياسي بين البرلمان والملك‪ ،‬وعلى ذلك فقد كانت غاية‬ ‫فكره هي تحقيق األمن والسالم داخل المجتمع‪.‬‬ ‫فكره السياسي‬ ‫قدم هوبز أهم أفكاره السياسية في كتابه الشهير (لوفيثان) واللوفيثان هو وحش‬ ‫أسطوري ضخم ورد ذكره في العهد القديم‪ ،‬ويشير هوبز باللوفيثان إلى الدولة‬ ‫كمجتمع إنساني ضخم‪ ،‬وينطلق فكر هوبز (شأنه في ذلك شأن فكر كل من لوك‬ ‫وروسو) كما قلنا من فرضين عقليين هما‪ :‬حالة الطبيعة والعقد االجتماعي الناقل‬ ‫للناس من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع (الدولة)‪.‬أما فحوى الفرضين عنده فهو‬ ‫على النحو التالي‪:‬‬ ‫(‪)1‬حالة الطبيعة‪ :‬هي حالة شر وتعدي‪ ،‬حالة حرب دائمة بين الفرد والفرد‪،‬‬ ‫والكل والكل‪ ،‬اإلنسان فيها ذئب ألخيه اإلنسان‪ ،‬ال أحد يأمن على نفسه وال على‬ ‫ممتلكاته‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ثم كان أن اجتمع الناس للخروج من هذه الحالة السيئة فأبرموا عقدا أنشأوا‬ ‫من خالله المجتمع (الدولة)‪.‬وهو‪:‬‬ ‫(‪)2‬العقد االجتماعي‪ :‬وهو عند هوبز عقد أطرافه الناس جميعا من جهة‪ ،‬وفرد‬ ‫ليس طرفا في العقد(وبالتالي ال يتحمل بأية التزامات) من جهة أخرى‪ ،‬وبمقتضى‬ ‫هذا العقد تنازل الناس عن كافة حقوقهم التي كانت لهم في حالة الطبيعة لذلك‬ ‫الشخص (الذي أصبح الملك)‪ ،‬دون أية التزامات عليه (ألنه ليس طرفا في‬ ‫العقد)‪ ،‬ولكن عليه واجب واحد فقط هو بناء قوته وصيانتها حتى يتمكن من‬ ‫تأمين ركب الجماعة‪ ،‬وتحقيق األمن والسالم في ربوع المجتمع ‪.‬ولعل من‬ ‫المقوالت البليغة المعبرة عن هذا العقد مقولة الدكتور محمد طه بدوي (رحمه‬ ‫اهلل)‪ :‬إن مثل الموطن في دولة هوبز كمثل رجل اشترى بكل ماله خزانة وماله‬ ‫بعد شرائها من مال ليضعه في تلك الخزانة!!!‬ ‫وبناء على ما تقدم فإن أمثل أشكال الحكومات عند هوبز هي الملكية المطلقة‬ ‫أي التي ال تتقيد بأية قيود دستورية أو غيرها‪ ،‬معتب ار إياها القادرة على تحقيق‬ ‫األمن والسالم داخل المجتمع‪ ،‬وهو ما كان هوبز يتمناه ويتحرق شوقا إليه‪.‬‬ ‫جون لوك (‪)1704 :1632‬‬ ‫بيئته ونشأته‬ ‫ولد في إنجلت ار عام ‪ 1632‬و توفي عام ‪ 1704‬وقد عاصر صراعا على السلطة‬ ‫والسيادة بين التاج (الملك) والبرلمان‪ ،‬وكان من أشد أعداء السلطة المطلقة للملك‬ ‫لذلك فقد ناصر حزب الهويج (المؤيد للبرلمان) في مواجهة حزب التوريز(المؤيد‬ ‫‪8‬‬ ‫للملك)‪ ،‬وقد جاء لوك بمبدأ سيادة األمة حيث قال بأن السيادة ليست للملك وال‬ ‫للبرلمان وانما السيادة لألمة‪ ،‬ولكن نظ ار ألن األمة هي كينونة اعتبارية فالبد من‬ ‫جهاز عضوي يمارس سيادة األمة نيابة عن األمة وهذا الجهاز هو البرلمان‬ ‫المنتخب من األمة‪ ،‬بمعنى أن البرلمان هو نائب عن األمة في ممارسة السيادة‪،‬‬ ‫وعلى ذلك فأي نظام يأخذ بمبدأ سيادة األمة يعرف بأنه(نظام نيابي)‪.‬‬ ‫حالة الطبيعة والعقد االجتماعي عند لوك‬ ‫(‪ )1‬حالة الطبيعة‪ :‬على عكس هوبز يرى لوك أن حالة الطبيعة كانت حالة‬ ‫طيبة‪ ،‬الناس فيها أحرار سواسية يتمتعون بحقوق طبيعية ترتبت لهم‬ ‫باعتبارهم بش ار‪ ،‬وأهم هذه الحقوق هي الحرية والملكية‪ ،‬غير أن الناس أرادوا‬ ‫أن ينتقلوا من هذه الحالة الطيبة إلى حالة أفضل فاجتمعوا وأبرموا عقدا‬ ‫وهو‪:‬‬ ‫(‪ )2‬العقد االجتماعي‪ :‬وهو عند لوك عقد أطراف الناس جميعا من جهة‪ ،‬وأحدهم‬ ‫(الذي سيصير ملكا) من جهة أخرى‪ ،‬وبالتالي فهذا الشخص هو طرف في‬ ‫العقد وبالتالي يتحمل بالتزامات‪ ،‬وبمقتضى هذا العقد تنازل الناس لحساب‬ ‫ذلك الشخص عن بعض حقوقهم الطبيعية فتولدت له بذلك السلطة عليهم‬ ‫في مقابل أن يلتزم (أي الملك) بصيانة ما تبقى للناس من حقوق وحريات‬ ‫طبيعية واال حقت لهم الثورة عليه وخلعه‪ ،‬وبناء عليه فشرعية السلطة عند‬ ‫لوك مرهونة (مشروطة) بالتزام الحاكم بصيانة الحقوق والحريات الفردية واال‬ ‫فللناس(الشعب) حق الثورة عليه‪ ،‬واذن فأمثل أشكال الحكومات عند لوك هي‬ ‫الحكومة المقيدة‪ ،‬أي التي ال تحكم بالهوى وانما استنادا إلى قانون‪ ،‬والتي‬ ‫تلتزم في ذات الوقت بصيانة الحقوق والحريات الفردية‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫جان جاك روسو (‪)1778 :1712‬‬ ‫هو فيلسوف فرنسي عاش حياته في القرن الثامن عشر‪ ،‬وأهم مؤلفاته كتاب العقد‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وكان يرفض فكرة النيابة والنظم النيابية ‪.‬‬ ‫حالة الطبيعة والعقد االجتماعي عند روسو‬ ‫(‪)1‬حالة الطبيعة‪ :‬يراها روسو حالة طيبة الناس فيها أحرار‪ ،‬وقد عبر عن ذلك‬ ‫بمقولته الشهيرة‪ :‬يولد اإلنسان ح ار لكنه مكبل باألغالل في كل مكان‪ ،،‬كيف‬ ‫حدث هذا؟ ثم يقول بنشأة المجتمع من خالل العقد االجتماعي على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫(‪ )2‬العقد االجتماعي‪ :‬وهو عند روسو عقد تنازل الناس بمقتضاه عن حقوقهم‬ ‫الطبيعية لصالح الكل أو اإلرادة العامة‪ ،‬والتي هي تتكون من مجموع إرادات‬ ‫األفراد‪ ،‬واذن فالسيادة هي للشعب أو اإلرادة العامة التي لن تكون جائرة ألنه ال‬ ‫يتصور من الفرد أن يجور على نفسه‪ ،‬أما الحكومة أو البرلمان فهما ليسا‬ ‫صاحبي سيادة‪ ،‬وال حتى ينوبان عن الشعب أو اإلرادة العامة وانما هما مجرد‬ ‫مندوبين(خادمين) عند الشعب صاحب السيادة ألنه ال أحد ينوب عن الشعب‬ ‫صاحب السيادة‪ ،‬وقد انتقد روسو فكرة النيابة وسخر منها قائال‪ :‬إن الشعب‬ ‫اإلنجليزي يعتقد أنه حر‪ ،‬غير أن الحقيقة أنه ليس ح ار إال أثناء عملية‬ ‫االنتخاب فإذا ما انتهت هذه العملية انقلب عبدا للبرلمان‪.‬‬ ‫‪############‬‬ ‫تحياتي‬ ‫‪10‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser