مبادئ أساسية في الاقتصاد الإسلامي

الاقتصاد في الإسلام

• لغةً: يعني التوسط والاعتدال، مستندًا إلى الآية الكريمة: ﴿واقصد في مشيك﴾.
• هناك ارتباط بين التوسط في الدين والاعتدال في الإنفاق، كما في الآية: ﴿وكلوا واشربوا ولا تسرفوا﴾.

تعريف النظام الاقتصادي الإسلامي

• هو مجموعة الأحكام والسياسات الشرعية التي تنظم المال وتصرف الإنسان فيه.
• يقوم على أصول من القرآن والسنة، مع مراعاة مصالح الناس في كل زمان ومكان.
• مجموعة أحكام: تشمل الأحكام الشرعية مثل المكروه والمباح والواجب، أو الوضعية مثل الصحة والفساد.
• النظام: مجموعة من القواعد والأحكام التي تنظم جانبًا من جوانب الحياة.
• سياسات شرعية: الإجراءات التي يتخذها ولي الأمر أو الدولة لتنظيم أحوال المجتمع.
• المال: كل ما له منفعة وقيمة مادية بين الناس، ويشمل:
• المال النقدي: النقود.
• المال العيني: الممتلكات.
• المنافع: منفعة لإنسان أو لعين.
• تصرف الإنسان فيه: يشمل كيفية التصرف في المال، مثل البيع.

العلاقة بين النظام الاقتصادي الإسلامي والعلوم المشابهة

بينه وبين فقه المعاملات

• فقه المعاملات: هو العلم الذي يهتم بدراسة الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية.
• يشمل فقه المعاملات أحكام العبادات (الطهارة، الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج) والمعاملات المالية وأحكام النكاح والطلاق (فقه الأسرة).
• هناك ارتباط بينهما، لكن لا يندمجان.
• من الفروق بينهما:
• النظام الاقتصادي الإسلامي أوسع، حيث يشمل الزكاة، النفقات، الفرائض، النظام المالي للدولة والعقود.
• فقه المعاملات يقتصر على تنظيم المعاملات بين الأفراد والمجتمعات.
• النظام الاقتصادي الإسلامي يدرس النظريات العامة مثل: الملكية، الحرية الاقتصادية، التكافل المالي، الإنتاج والاستهلاك.

بينه وبين علم الاقتصاد

• علم الاقتصاد (العلم التحليلي): علم اجتماعي يهتم بدراسة كيفية توزيع الموارد لتحقيق أقصى منفعة.
• ينقسم إلى فرعين:
• الاقتصاد الكلي: دراسة الاقتصاد ككل (استهلاك، إنتاج، توظيف).
• الاقتصاد الجزئي: الوحدات الاقتصادية الفردية (العرض والطلب، سلوك المستهلك).
• الفروقات:
• النظام الاقتصادي لا يفسر أحداث الاقتصاد، بينما علم الاقتصاد يدرس الظواهر ويفسرها.
• النظام الاقتصادي يتأثر بعوامل غير اقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
• علم الاقتصاد قد يتفاوت بسبب التحليلات، عكس النظام الاقتصادي الإسلامي.

مصادر النظام الاقتصادي الإسلامي

• القرآن الكريم: هو المصدر الأول والأعلى، يضع أحكامًا مثل الزكاة والمعاملات وحقوق اليتامى، مستندًا إلى الآية: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُربِي الصَّدَقاتِ﴾.
• السنة: تفصل الأحكام القرآنية وتضيف أحكامًا، مستندة إلى الحديث: "[من غشنا فليس منا]".
• الإجماع: اتفاق المجتهدين على حكم شرعي، مثل إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة.
• القياس: إلحاق فرع بأصل في الحكم الجامع بينهما، مثل قياس العملات الحالية على العملة التي وجدت في زمن النبي.
• المصلحة المرسلة:
• معتبرة: لتحقيق احتياجات الناس، مثل البيع.
• ملغاة: التي دل الشرع على إلغائها، مثل الميسر.
• مرسلة أو مطلقة: التي لم ينص دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها، مثل الإلزام بالسجل التجاري.
• سد الذرائع: منع المباح الذي يؤدي إلى محرم، مثل حرمة تأجير محلات لمن يستخدمها في القمار.
• العرف: ما تعارف عليه الناس واتفقوا عليه ولا يخالف نصًا شرعيًا، مثل تحديد مقدار النفقة ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾.

الأصول الاعتقادية للاقتصاد الإسلامي

• يرتبط الاقتصاد الإسلامي بالعقيدة، خاصة الإيمان بالله.

الأصل الأول: الإيمان بالله

• وهي أهم عقيدة يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي وتتضمن التوحيد بأنواعه الثلاثة:
• الربوبية: الإيمان بأن الله وحده خالق الكون لا شريك له في الرزق أو التدبير، ويترتب عليها:
• الإيمان بأن الأموال لله.
• تسخير الله الكون للإنسان لا يعني الحصول على الأموال بدون جهد.
• الاستفادة مما سخر الله في الأرض.
• دليل: ﴿اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ﴾.
• الألوهية: توجيه العبادة لله وحده مثل الدعاء والصلاة والاعتماد عليه.
• دليل: ﴿اللَّهُ لَطيفٌ بِعِبادِهِ يَرزُقُ مَن يَشاءُ وَهُوَ القَوِيُّ العَزيزُ﴾

الأصل الثاني: الإيمان باليوم الآخر

• يدرك المسلم أن الدنيا مزرعة للآخرة وليست محل العوض المالي، وأن المال لن ينفعه إلا بالعمل الصالح.
• يترتب عليها:
• معيار النجاح: التقوى والعمل الصالح ﴿إِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾.
• مراقبة المسلم نفسه وتجنب أخذ حق غيره أو الاعتداء.
• اهتمام المسلم بما عند الله والدار الآخرة.
• آثار الإيمان بالآخرة:
• الهمة العالية.
• الربح الحقيقي في الآخرة.
• تجنب المكاسب المحرمة.
• مراقبة الحقوق.

الأصل الثالث: الإيمان بالقدر خيره وشره

• يؤمن المسلم بالقدر وأن الله قد قدر كل شيء ﴿إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ﴾.
• يترتب عليها:
• طلب الرزق من محله والسعي (الأخذ بالأسباب) والتوكل (الرضا بالنتيجة).
• الرضا في السراء (الشكر) والضراء (الصبر).
• الثقة بالله تؤدي إلى الطمأنينة.

المبادئ المرتبطة بهذه الأصول

• مبدأ الاستخلاف: استخلف الله الأموال لنا لكي نعمر الأرض، مع: تجنب الإسراف، اعتبار المال مال الله ونحن وكلاء عليه، والإنفاق في الخير ﴿وَأَنفِقوا مِمّا جَعَلَكُم مُستَخلَفينَ فيهِ﴾.
• مبدأ المال وسيلة لطاعة الله: الإسلام موقفه وسط مع المال، فهو ليس إلهًا ولا من الخبائث، بل أداة للتقرب إلى الله (الصدقات والزكاة) وليست عبادة.
• كفاية الموارد الطبيعية: أسباب المجاعات تشمل: الفساد، الكفر بالنعم، الإسراف، الحروب، الظلم، اختلاف توزيع الموارد، والابتلاء.

النظام الاقتصادي الرأسمالي

• تعريفه: نظام يملك فيه الأفراد وسائل الإنتاج ويديرونها بالطريقة التي يرونها مناسبة.
• نشأته: من أقدم النظم الاقتصادية.
• خصائصه: الاعتقاد بأن قوة الدولة تقاس باحتياط الذهب، مما أدى إلى: الاهتمام بالتجارة الخارجية وسياسة تجارية حمائية (تشجيع الصادرات وتقييد الواردات).

المرحلة الرأسمالية التجارية

• هي أول مرحلة من تطور النظام الرأسمالي في أوروبا، من القرن 16 إلى منتصف 18.
• تُعرف بالمذهب التجاري (الميركنتيلية)، وتركزت على التجارة كأداة رئيسية للثروة.
• أسباب ظهورها:
• انهيار النظام الإقطاعي (الزراعي): هروب الفلاحين من الريف إلى المدن بسبب الضرائب، وتحول الاقتصاد من نظام عيني (مقايضة) إلى نقدي وبيع الإقطاعيون حقوقهم العينية.
• اكتشافات جغرافية كبرى: اكتشاف أمريكا 1493 وتدفق الذهب والفضة منها إلى أوروبا مما وسع التبادل النقدي وظهور طبقة التجار الذي يستخدمون العمال بأجور، وطريق رأس الرجاء الصالح 1498 وهو طريق بحري مباشر للهند والشرق.
• الاحتكاك بالحضارة الإسلامية في الحملات الصليبية: كشفت الحروب الصليبية عن ثروات العالم الإسلامي وقوته الاقتصادية مما حفز الأوروبيين على علاقات تجارية مع المسلمين.

المرحلة الرأسمالية الصناعية

• من القرن 18 إلى الآن.
• ظهرت نتيجة الثورة الصناعية في منتصف القرن الـ 18 وحولت الاقتصاد الأوروبي من التجارة إلى الصناعة عبر الآلات، مما أدى إلى زيادة هائلة في الإنتاج وجذب الاستثمارات وتحول الرأسمالية من التجارة إلى الصناعة.
• خصائصها:
• الحرية الاقتصادية: مبدأ عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وهي أفكار آدم سميث مؤسس الاقتصاد الكلاسيكي.
• تطبيقات آدم سميث: حرية اختيار النشاط الاقتصادي، إلغاء القيود التجارية، وحماية الملكية الفردية.
• التعديلات اللاحقة: فشل النظام الكلاسيكي بسبب الأزمات وتدخلت الحكومة عبر: فرض رسوم جمركية، إعانات للقطاعات الحيوية، واستخدام سياسات نقدية لمواجهة التضخم والكساد.
• الملكية الخاصة: حجر الزاوية في الرأسمالية، حيث يحق للفرد تملك عوامل الإنتاج مع غلبة المشروعات الخاصة.
• الإيجابيات: تشجيع الابتكار وتراكم الثروة.
• السلبيات: تفاوت الثروات بين الأفراد واستغلال العمال لتحقيق الأرباح.
• حافز الربح: هو المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي، والاستثمار في الأنشطة الأكثر ربحًا بغض النظر عن الأخلاق أو القيمة الاجتماعية.
• النقد: إهدار القيم والأخلاق وتجاهل الحاجات للفقراء.
• مقارنة بين الرأسمالية والاقتصاد الإسلامي:

• تطورت الرأسمالية الصناعية من حرية مطلقة إلى تدخل حكومي في القرن الـ 19 لمعالجة الأزمات.
• سلبيات الرأسمالية: إهمال الأخلاق، تفاوت كبير في الثروة، احتكار، وعرضة دائمة للأزمات.

النظام الاقتصادي الاشتراكي

• تعريفه: نقيض الحرية الاقتصادية، تتحكم الدولة في النشاط الاقتصادي وتسعى إلى تخفيف معاناة الطبقات الضعيفة. أنواعه:
• الاشتراكية الخيالية (الطوباوية): تعتمد على العاطفة بدون تحليل علمي، وتهدف لبناء مجتمع مثالي عبر إقناع الحكومات.
• الاشتراكية العلمية (الماركسية): أسسها كارل ماركس بتحليل مادي للصراع الطبقي، وتدعو لإلغاء الملكية الخاصة وضد الرأسمالية.
• أسسه وخصائصه:
• الملكية العامة لوسائل الإنتاج: تملك الدولة عوامل الإنتاج، مع ملكية فردية محدودة للسلع الاستهلاكية، ومنع تحقيق دخل غير ناتج عن العمل.
• إشباع الحاجات الجماعية: إنتاج السلع الضرورية أولاً ثم الكمالية، بهدف العدالة في تلبية احتياجات الأغلبية.
• التخطيط المركزي: بديل عن السوق الحرة، حيث تحدد الدولة الكميات وأنواع السلع، مع إلغاء دور العرض والطلب في توجيه الاقتصاد.
• سلبيات الاشتراكية: تقييد حرية الأفراد الاقتصادية وقتل الحافز، إلغاء الملكية الفردية الذي يصطدم مع الفطرة البشرية، محاربة الأديان السماوية ومحو التآخي، ونظام غير مرن يسبب فتور.

النظام الاقتصادي المختلط

• أنواعه: رأسمالي مختلط (يحافظ على نظام السوق والملكية الخاصة مع تدخل الدولة عبر سياسات مالية) واشتراكي مختلط (يحافظ على ملكية الدولة لوسائل الإنتاج مع سماح الملكية الخاصة قليلاً).
• أسباب ظهوره: معالجة أزمات وتعويض قصور القطاع الخاص وتحسين المعيشة.
• أدوات التدخل الحكومي: سياسات مالية (ضرائب)، سياسات نقدية (فوائد)، تخطيط جزئي وضمان اجتماعي.

خصائص النظام الاقتصادي الإسلامي

• النظام الاقتصادي الإسلامي جزء من النظام الإسلام.
• عليه رقابة ذاتية.
• أولاً: النشاط الاقتصادي في الإسلام ذو طابع تعبدي.
• ثانيًا: ذاتية الرقابة على ممارسة النشاط الاقتصادي في الإسلام.
• التوازن في رعاية المصلحة الاقتصادية للفرد والجماعة.
• التوازن بين الجانبين المادي والروحي.
• الاقتصاد الإسلامي أخلاقي.

أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي

• تحقيق الكفاية المعيشية (توفير حد الكفاية).
• الاستثمار الأمثل لكل الموارد الاقتصادية.
• تخفيف التفاوت الكبير في توزيع الثروة.
• تحقيق القوة المادية الدفاعية للأمة الإسلامية.

أسس النظام الاقتصادي الإسلامي

• التملك والاستثمار أمر فطري.

أنواع الملكية

• الملكية العامة: ما وجد بإيجاد الله، وتعود ملكيته لعموم الأمة كالأنهار والبراري.
• خصائص الملكية العامة: مرتبطة بالمصلحة العامة، تأسيس إلهي، دائمة، وحق جماعي.
• ملكية الدولة: ملكية للدولة ومواردها لبيت مال المسلمين، يتصرف فيها ولي الأمر للمصلحة العامة.
• بيت المال: جهة تختص بكل ما لا يعرف مالكه، ومصادرها: المعادن، الزكاة، الخراج، الفيء، خمس الغنائم، الجزية، العشور، اللقطات والتركات، الأوقاف، والضرائب.
• الملكية الخاصة: كل ما كان لفرد أو مجموعة للاستئثار بمنافعها والتصرف فيها.
• لها أساس شرعي وهدفها حماية الحقوق وتعزيز العدالة ومنع الظلم والاستغلال.
• خصائصها: لا حدود للتملك، حق كامل على جميع الأعيان، حرية التصرف، ديمومة الحق، حق التبرع، ودفع النمو الاقتصادي.
• أهمية إقرار الملكية الخاصة: تحقيق الحاجات الإنسانية، إعمار الأرض، بناء القوة الاقتصادية، والبذل في وجه البر.
• ضوابط الملكية في الإسلام: تحريم الظلم وعدم الإضرار بالغير.
• أسباب التملك المشروعة في الإسلام: التملك مقابل عوض (البيع، الإجارة, السلم)، التملك بغير عوض (الهبة، الوصية، الميراث)، التملك بالاستيلاء (احياء الموات، الصيد, الاحتطاب).
• تعريف البيع في الإسلام : مبادلة مال بمال تمليكاً و تملكاً.