مفهوم السوق في الفكر الاقتصادي الإسلامي PDF
Document Details
Uploaded by UnforgettablePlanet
University of Khartoum
عبد الرحمن التجري
Tags
Summary
This document discusses the concept of the market in Islamic economic thought. It explores the role of the market in determining prices and addresses the ethical considerations and regulations within an Islamic framework. The document covers various aspects of the market, from its definition to its role in resource allocation.
Full Transcript
# الفصل السادس: السوق في الفكر الاقتصادي الإسلامي ## مفهوم السوق ودوره في تحديد الأسعار يعرف السوق بأنه ذلك التنظيم الذي يهيئ لكل من البائعين والمشترين فرص تبادل السلع والخدمات وعناصر الإنتاج وفيه تحدد الأسعار. وعليه فإن الشرط الأساسي لوجود السوق هو توفر إمكانية الاتصال بين البائعين والمشترين سواء...
# الفصل السادس: السوق في الفكر الاقتصادي الإسلامي ## مفهوم السوق ودوره في تحديد الأسعار يعرف السوق بأنه ذلك التنظيم الذي يهيئ لكل من البائعين والمشترين فرص تبادل السلع والخدمات وعناصر الإنتاج وفيه تحدد الأسعار. وعليه فإن الشرط الأساسي لوجود السوق هو توفر إمكانية الاتصال بين البائعين والمشترين سواء كانوا في مكان واحد أم أماكن متفرقة. ويعتبر السوق الموجه الحقيقي للنشاط الاقتصادي في الأنظمة التي تعتنق مذهب الحرية الاقتصادية، حيث تعتبر الأسعار المؤشرات الرئيسية التي يهتدي بها أصحاب القرار الاقتصادي. ويرى أنصار هذا المذهب أن السوق يعتبر الأداة السليمة لتخصيص الموارد وللسير بالمجتمعات نحو الرفاهية الاقتصادية، لأن جهاز الأسعار يقوم تلقائياً بتوجيه جميع النشاطات الاقتصادية لتحقيق هذه الغايات. فالفرد في سعيه لتحقيق مصلحته الخاصة يحقق مصالح المجتمع ككل. ومع أنه لا زال للسوق الدور الرئيسي في توجيه النشاط الاقتصادي في الرأسمالية الحديثة فان هذا يتم في ظل نوع من الإشراف والتوجيه الحكومي المحدود. أما في الأنظمة الاشتراكية فإنه وان كان دور آلية العرض والطلب لا يزال محدوداً في عمليات التخطيط واتخاذ القرارات فان هذا الدور لا يستهان به. ## ماهية السوق ودوره في تخصيص الموارد بينما تقوم السوق في النظام الرأسمالي على مبادىء فلسفية يأتي في مقدمتها الإثرة وحب الذات، ومعيار النجاح هو العائد المادي، نجد السوق في الإسلام تقوم داخل إطار من المعايير الخلقية والتوجيهات الإسلامية، في شكل أوامر ونواه وترغيب وترهيب، غايتها إرضاء الله أولاً ثم تحقيق النفع العام والخاص لأفراد المجتمع. ويعتبر السوق جزءاً أساسياً في الفكر الاقتصادي الإسلامي، فلا يمكن للملكية الخاصة أن تعمل بدونه. كما يمكن من خلاله أن يعبر كل من البائعين والمشترين عن رغباتهم. أما الربح فيعتبر حافزاً هاماً وراء قيام السوق، اذ بدونه قد لا يجد الأفراد الدافع للاستثمار والانتاج بالرغم مما قد يكون للنشاط من أهمية في حياة المجتمع. لذا يأخذ السوق مركزاً في حياة المسلمين، اذ هو مكان آخر للتعامل مع الله، وتتضح هذه الأهمية من كثرة ارتياد الرسول ﷺ للاسواق واشتغاله فيها طلباً للمعاش، وهذا ما جعل بعض مشركي قريش يتساءلون عن فعل الرسول ﷺ . يقول تعالى: ﴿ وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك ## أخلاقيات وضوابط التعامل في السوق الإسلامي لتفادي الإجحاف بحق المتعاملين في السوق ( البائع و المشتري )، وللحد من الممارسات و الأعراف السيئة التي قد تمارس في الأسواق وللوصول بالسوق الى المستوى الذي ينمي مصلحة الفرد و المجتمع ضمن إطار شرعي و اجتماعي مقبول، يورد الإسلام الضوابط التالية: >- **الامر بالعدل في الكيل و الميزان:** > يأمر الإسلام بالعدل عند التعامل في السوق، وذلك على خلاف بعض الممارسات السيئة التي كانت تمارس في أسواق مكة وغيرها من الأمصار عند ظهور الإسلام. يقول تعالى:﴿ ويل للمطففين، الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون، واذا كالوا لهم أو زينوهم يخسرون ﴾. وقد اهلك سبحانه قوم شعيب لبخسهم الكيل والميزان. >- **النهي عن أكل الربا:** وتوعد آكليه بالعذاب الأليم، (سيناقش في فصل لاحق). >- **الصدق في المعاملة :** > يوجه الإسلام المتعاملين في السوق الى الالتزام بالصدق في معاملاتهم، مثل بيان البائع لعيوب السلعة متى وجدت. >- **النهي عن النجش:** > وهو الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، وعادة ما يتم النجش بالتواطؤ بين الناجش والبائع فيشتركان في الأثم. ومن صور النجش أيضاً ان يختص البائع به. >- **النهي عن تلقي الوافدين :** > نهى رسول الله ﷺ عن تلقي الوافدين بسلعهم من خارج المدينة قبل أن يصلوا السوق ويحيطوا علما بالاسعار. >- **النهي عن بيع السلع قبل اكتمال حيازتها:** >- **الامر بالسهولة والسماحة في الشراء والبيع والتقاضي:** > فعن جابر: ان رسول الله ﷺ قال: رحم الله عبداً سمحاً اذا باع، سمحاً اذا اشترى، سمحاً اذا قضى، سمحاً اذا اقتضى. ## تحديد الأسعار في الإسلام بين الإسلام قواعد التعامل في السوق الإسلامية، والمعايير الخلقية والتشريعات التي تحكم الأطراف المتعاملة في مثل هذا السوق. فتطبيق القواعد و المعايير الإسلامية و الالتزام بها يؤدي الى قيام سوق مثالية بل و مثالية جداً. لكن هل هناك التزام تام من قبل المتعاملين في السوق بهذه القواعد و الضوابط. وهنا يصبح السؤال عن الإجراء المكمل لهذه الضوابط لا سيما فيما يتعلق بالتسعير. فهل يحق لولي الأمر ( أو السلطة الحكومية ) التدخل في تحديد الأسعار في السوق مثلاً؟ هناك رأيان حول حق ولي الأمر في التدخل في تحديد الأسعار نبينهما فيما يلي: >- **الرأي الأول: تحريم التسعير:** > اصحاب هذا الرأي من الفقهاء امثال ابن حزم وابن الاثير، لا يجيزون التسعير مستدلين في ذلك ببعض الأحاديث عن الرسول. >- **الرأي الثاني: جواز التسعير بل وجوبه اذا دعت الحاجة:** > يرى اصحاب هذا الرأي كابن تيمية وابن القيم وغيرهم، ## مراقبة الأسعار في الإسلام لضمان صلاح السوق الإسلامية وتفاعلها بما يحقق الصالح العام، فلا بد من وجود مراقبة و جزاء يكفل التنفيذ. يقوم بهذه المهمة ما يعرف في الفقه الإسلامي بالمحتسب. ومهمته تتضمن مراقبة الأسواق والنظر في مكاييلها و موازينها ايضاً الاسعار و حالات الاحتكار و الغش كما تشمل اضافة الى التجار، الخياطين و الحدادين و الأطباء و الصيادلة و غيرهم من أصحاب المهن المختلفة. اما المخالفة لقواعد هذا السوق فتستوجب التعزير، وهي العقوبة فيما دون الحدود كالسجن و الغرامة و الجلد وغيرها. ## ثمن العادل ( أو ثمن المثل ) الثمن العادل في مفهوم الفكر الاقتصادي الإسلامي، هو ذلك الثمن الذي لا يلحق الضرر أو الظلم بأي طرف من المتعاملين في السوق، سواء البائعين أو المشترون. ## نهاية القسم