ملزمة الاختبار الموحد 84 صفحة PDF

Summary

This document covers the history of Qatar, from the emergence of the Al Thani family to the onset of the oil era. It examines key historical figures, significant events, and political, social, and economic transformations in Qatar's development. This document discusses important historical events for a history course.

Full Transcript

**المقدمة** تتناول موضوعات الامتحان النهائي من مقرر تاريخ قطر أحداث هامة وبارزة مرت بها دولة قطر منذ بروز اسرة آل ثاني على مسرح الأحداث ودورها في ظهور قطر كإمارة مستقلة عام 1868م وما تبع هذا التاريخ من تطورات كان له الأثر البارز في الوضع الذي أصبحت عليه البلاد على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتما...

**المقدمة** تتناول موضوعات الامتحان النهائي من مقرر تاريخ قطر أحداث هامة وبارزة مرت بها دولة قطر منذ بروز اسرة آل ثاني على مسرح الأحداث ودورها في ظهور قطر كإمارة مستقلة عام 1868م وما تبع هذا التاريخ من تطورات كان له الأثر البارز في الوضع الذي أصبحت عليه البلاد على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعى والثقافي ، ولإلقاء الضوء على هذه التطورات والأحداث سيعرض الموضوع إلى الظروف التي رافقت بدايات ظهور الامارة الذي حدده المؤرخون بتاريخ توقيع البريطانيين لاتفاقية السلم البحري مع القبائل القطرية بزعامة الشيخ محمد بن ثاني وما تبع ذلك من جهود قام بها الشيخ محمد بن ثاني وابنه جاسم والتي أسهمت في ظهور قطر كإمارة مستقلة ذات سيادة بعيدة عن الخضوع لأي من الإمارات المجاورة ، ولتوضيح ذلك سوف يتم الحديث عن شخصية الشيخ محمد بن ثان ودوره في توحيد القبائل القطرية ثم الجهود التي بذلها ابنه الشيخ جاسم في ذلك وسياستهما في توحيد القبائل وتعزيز الاستقلالية ، بعد ذلك يعرض الموضوع إلى الظروف المحيطة بقطر بعد ظهورها كإمارة مستقلة ومحاولات النظام السياسي فيها الحفاظ على الاستقلالية وسط الظروف الصعبة والمتمثلة بوجود القوة الدولية في المنطقة المتمثلة بالبريطانيين والعثمانيين وما رافق ذلك من دخول قطر ضمن النفوذ العثماني والإدارة العثمانية والموقف البريطاني من ذلك والتنافس بين البريطانيين والعثمانيين للسيطرة على قطر والخليج. بعد ذلك يعرض الموضوع إلى تطورت سياسية جديدة حتمتها ظروف مستجدة تمثلت بضعف العثمانيين وخروجهم من المنطقة، ووفاة الشيخ جاسم واستلام ابنه الشيخ عبد الله الحكم، ثم خروج العثمانيين وارتباط الشيخ عبد الله بالبريطانيين كآخر زعيم من زعماء الخليج بمعاهدة حماية عام 1916م لتصبح منطقة الخليج بحيرة بريطانية، ومثل هذا التاريخ بداية لعلاقة تعاهدية بين قطر وبريطانيا حتى عام 1971 بعد ذلك يتناول موضوع الحياة الاجتماعية والاقتصادية في قطر قبل النفط، تكوين المجتمع والأنشطة الاقتصادية وبدايات ظهور التعليم والقضاء منذ ظهور الامارة وحتى بدايات ظهور تأثيرات النفط على حياة المجتمع. ولفهم التحولات التي شهدتها قطر بعد عهد الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني والتي ارتبطت بالبدء في تصدير النفط ثم تقسيم موضوعات هذه المرحلة إلى سلسلة من التطورات تحمل عناوين تعكس مستوى التحديث الذي شهدته قطر تنازل الشيخ عبدالله بن جاسم عن الحكم وتسلم الشيخ علي بن عبدالله الحكم عام 1949م وما تبع ذلك من تطورات متسارعة نحو بناء الدولة الحديثة الذي بدأت تتبلور مظاهرها في عهد الشيخ احمد بن على بن عبدالله بين عامى 1972-1960 وبعد انتهاء العلاقة التعاهدية بين قطر وبريطانيا عام 1971م بدأت تشهد قطر بعد تولي الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عام 1972م مرحلة جديدة من النهضة الحديثة شملت مناحى الحياة المختلفة واستمرت هذه المرحلة حتى تنازل الشيخ خليفة بن حمد عن الحكم عام 1995 لابنه وولي عهده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي شهدت قطر في عهده ازدهارا شاملا في مختلف المجالات وأصبحت قطر تتمتع بحضور عربي واقليمى ودولي فاعل على الصعيد السياسى والاقتصادي والاجتماعي. وانسجاما مع توجهات جامعة قطر في التحول نحو التميز في التعليم من خلال التركيز على التعلم النشط والتعليم المتمحور حول المتعلم وتعزيز مهارات البحث العلمى والتعليم الريادي والتعليم المعزز بالرقمنة ، تم تضمين موضوعات المادة طرائق جديدة في تدريس المقرر تركز على \"التعلم النشط\" في الفصول الدراسية، وأنشطة التعلم التعاوني وتطوير أساليب التقييم وجعلها تتمحور حول حل المشكلات والتفكير الناقد بدلاً من التركيز على الحفظ من خلال الحلقات النقاشية التي تركز على توظيف الأحداث التاريخية في استيعاب الواقع المعاصر لتعزيز قدرات الطلبة في الربط والتحليل والاستنتاج وتوليد الأفكار الإبداعية. **بروز شخصية الشيخ محمد بن ثاني** كان من أبرز الآثار التي ترتبت على النزاع بين آل خليفة في البحرين امتداد هذا النزاع إلى قطر وبروز شخصية محمد بن ثاني على مسرح الأحداث وهذا يتطلب التعرف على موطن أسرة آل ثاني ونسبها وأسباب هجرتها والتعريف بجد الأسرة وابنه الشيخ محمد بن ثاني والعوامل التي أدت إلى نجاح الأسرة في زعامة القبائل القطرية ودور الشيخ بن ثاني وابنه جاسم في ظهور الإمارة في قطر. **أسرة آل ثاني** تنتمي أسرة آل ثاني إلى المعاضيد من بني تميم، وقد هاجرت الأسرة من نجد في الجزيرة العربية في أواخر القرن السابع عشر من بلدة أشيقر في إقليم الوشم في نجد، ووصلوا قطر في أوائل القرن الثامن عشر وكان خط انتقالهم إلى قطر من بلدة أشيقر ثم جبرين ثم إسكاك ثم الرويس، فالزيارة ثم فويرط، إلى أن استقروا في الدوحة التي وصلها محمد بن ثاني مع أسرته عام 1848م ، وكان من أهم الأسباب التي أدت إلى هجرة آل ثاني من أواسط شبه الجزيرة العربية ، الصراعات القبلية التي انتشرت في الجزيرة العربية ، والقحط الشديد الذي أصاب وسطها. وقد اشتهرت اسرة آل ثاني بهذا الاسم نسبة إلى جد الأسرة ثاني بن محمد، والد الشيخ محمد بن ثاني الذي كان أول شيخ مارس سلطته الفعلية في شبه الجزيرة القطرية خلال منتصف القرن التاسع عشر، وولد جد الاسرة في مدينة الزبارة واشتهر في تجارة اللؤلؤ بما ساعده على تكوين ثروة كبيرة، وكان يتمتع بمكانة مرموقة نظرا لمركزه الاجتماعي المستمد من قوة ومكانة قبيلة المعاضيد وكذلك مركزه المالي كونه من كبار تجار اللؤلؤ في الزيارة. **الشيخ محمد بن ثاني ودوره في نشأة الامارة 1868-1878** اشتهر الشيخ محمد بن ثاني بالعديد من الصفات التي أسهمت في نجاحه بتوحيد القبائل القطرية. ومن أبرز هذه الصفات، الكرم والذكاء والفطنة والحذر، وهنالك صفات اخرى ذكرها الرحالة بلجريف الذي زار قطر عام 1863 منها الفطنة والطباع الطيبة، وأنه كان متديناً يؤم الناس بالصلاة في المسجد الكبير شديد الحذر، سريع البديهة، ذا روح مرحة، متساهلاً فى مسلكه إلا أنه مساوم بارع، لديه وقت للمطالعة وهذا ساعده على توسيع آفاقه الأدبية ومعرفته بالشعر واشتهر الشيخ محمد بن ثاني بقيادته للقبائل القطرية في العديد من الاحداث والتطورات التي أدت الى نجاحه في ظهور كيان سياسي، جاء الاعتراف به في معاهدة السلم البحري التي وقعها البريطانيون مع الشيخ محمد بن ثاني عام 1868 بوصفه زعيما للقبائل القطرية، بعد أن انتقل بأسرة آل ثاني من الفويرط واستقر في الدوحة في عام 1848، وكان له دور كبير في توحيد أهالي قطر لمواجهة خصومه من آل خليفة. اشتهر لدى المؤرخين الأجانب باسم (شيح الدوحة). ووصف الرحالة بلجريف سلطة الشيخ محمد بن ثاني عام 1863 بأنه كان حاكما للبدع وصاحب سلطة ويعترف به الجميع رئيساً للمنطقة كلها. أدت عوامل عدة إلى نجاح الشيخ محمد بن ثاني في تزعم القبائل القطرية من بينها المكانة الاجتماعية والاقتصادية، فمن الناحية الاجتماعية فإن نسب أسرة آل ثاني إلى المعاضيد من بني تميم منحهم مكانة اجتماعية تمتعوا من خلاها بالسلطة والنفوذ في المنطقة مما جعل من الشيخ محمد بن ثاني زعيماً للأسرة وللمعاضيد، ومن الناحية الاقتصادية فإن نجاح جد أسرة آل ثاني في تكوين ثروة كبيرة من تجارة اللؤلؤ منحه مكانة اقتصادية مرموقة، وهذا كله أسهم في التفاف القبائل القطرية حوله، وبدأ يبرز اسم الشيخ محمد بن ثاني في قيادة بعض القبائل القطرية التي ساعدت محمد بن خليفة في انتزاع حكم البحرين من الشيخ عبد الله بن احمد آل خليفة عام 1842 وكان لالشيخ محمد بن ثاني دور هاماً وبارزاً في نشأة امارة قطر وظهر ذلك من خلال بروز نفوذه ومكانته بين القبائل القطرية بعد مقتل عيسى بن طريف شيخ قبيلة البنعلى، ومهارته وحنكته السياسية التي أبداها في تجنيبه أهالي قطر الصدام مع السعوديين عام 1850م بتحالفه مع فيصل بن تركي حاكم الدولة السعودية الثانية، بعد معركة مسيمير واستمر في هذه السياسة حتى عام 1865، يضاف إلى ما تقدم قيادته بعض القبائل القطرية التي ساعدت محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة في السيطرة على الحكم بالبحرين ثم بعد ذلك التصدي لمحاولات محمد آل خليفة الانتقام من القبائل القطرية لإعلانها التحالف مع الدولة السعودية الثانية والدخول في صراع مع حاكم البحرين انتهى بالتوقيع على اتفاقية السلم البحري مع المقيم البريطاني في الخليج في 12 سبتمبر عام 1868، تم بمقتضاها الاعتراف بقطر كياناً مستقلاً والاعتراف ببداية حكم أسرة آل ثاني عليه، وتبع ذلك الاتصال مع العثمانيين عام 1871م في الأحساء والذي أدى لاحقاً إلى دخول قطر تحت الحماية العثمانية، **التنافس العثماني البريطاني على قطر 1871- 1915 م** يعود الصراع بين العثمانيين والبريطانيين على قطر إلى أهمية موقعها الجغرافي والاستراتيجى فهي تقع وسط الخليج العربي، وتعد حداً فاصلاً بين الساحل الجنوبي للخليج الذي لا يسمح البريطانيون بوصول قوة خارجية إليه، والساحل الشمالي الذي اعتادوا أن يتركوا شؤونه للسلطات المحلية. ولفهم التطورات التي مرت بها قطر بعد تأسيس الإمارة خاصة في ظل وجود قوى دولية بالمنطقة متمثلة بالوجود العثماني والبريطاني يستلزم الإشارة إلى عدد من المحاور منها الوجود العثمانيين في لخليج العربي وقطر في النصف الثاني من القرن 19، والعوامل التي دفعت العثمانيين لإرسال حملة عسكرية عام 1871م على الأحساء وقطر و موقف بريطانيا من هذه الحملة، موقف جاسم بن محمد آل ثاني من الحملة ، مدى نجاح الحملة في تحقيق أهدافها ، والأسباب التي كانت وراء عدم نجاح العثمانيين في بناء وجود قوي في الخليج ، وكذلك الأسباب التي ادت إلى الصدام بين العثمانيين والقطريين رغم ترحيب القطريين بالعثمانيين عند وصولهم إلى قطر، والدور البريطاني في إنهاء الوجود العثماني في الخليج العربي والأهداف التي أرادوا حقيقها من ورء ذلك. **النفوذ العثماني في الخليج:** ظلت السيادة العثمانية على الخليج سيادة إسمية، فلم يكن للعثمانيين أي وجود عسكري جنوب البصرة، وقد اتاح غياب النفوذ العثماني في سواحل الخليج العربي الفرصة لبريطانيا لتبسط نفوذها على الخليج في ظل غياب أي قوة محلية وعربية مؤثرة، ومع نهاية الستينات من القرن التاسع عشر بدأ اهتمام الدولة العثمانية بالخليج العربي بشكل كبير وظهر ذلك واضحاً بإرسال الدولة العثمانية حملة عسكرية إلى الاحساء عام 1871، وكان من بين العوامل التي دفعت بالدولة العثمانية لإرسال هذه الحملة ما يلي: 1. تعيين مدحت باشا والياً على بغداد، 1869-1872م وكان أحد الولاة من ذوي الرؤية الاستراتيجية، ومن أقدر الإداريين في الدولة العثمانية، ومن دعاة الإصلاح، فقد طالب ببسط سلطة الدولة على الجزيرة العربية دعماً للنفوذ الروحي للدولة، كما كان يرمي لضم مشيخات وإمارات الخليج للدولة العثمانية، لتعويض الدولة العثمانية عما فقدته من أملاك وأقاليم في أوروبا 2. افتتاح قناة السويس عام 1869م مثل أهمية بارزة للربط بين مناطق النفوذ العثماني، فقد سهل افتتاح القناة دعم توجهات السياسة العثمانية في السيطرة على الممرات التجارية الرئيسية في العالم، وهما البحر الأحمر والخليج العربي. 3. التنظيمات الحديثة التي تم إدخالها على الجيش العثماني مما جعله في جاهزية عالية لخوض المعارك. 4. دعم الوجود العثماني في مناطق الجزيرة العربية، والتصدي للقوى الاستعمارية الطامعة في المنطقة وخاصة بريطانيا، من خلال العمل على تعزيز الرابطة بين الشعوب الإسلامية. 5. الصراع السياسى داخل البيت السعودي بين الأمير عبد الله بن فيصل واخيه سعود بعد وفاة والدهم فيصل بن تركى عام 1865م حيث أدى ذلك الصراع إلى طلب الأمير عبد الله بن فيصل مساعدة والي بغداد لدعم توليه الحكم في الرياض، بعد أن نجح شقيقه سعود في الاستيلاء على الرياض والإحساء، حيث أرسل إلى مدحت باشا يعلن رغبته في إعلان التبعية للدولة العثمانية بشرط دعمه في استعادة عرشه على الرياض، ومحذراً من وقوع نجد والإحساء تحت النفوذ البريطاني، حيث زعم أن البريطانيين يقفون إلى جانب أخيه سعود. **الحملة العثمانية على الإحساء 1871م ووصوها إلى قطر** جاء طلب عبد الله بن فيصل بن تركى من العثمانيين مساعدته ضد أخيه متوافقاً مع تطلعات مدحت باشا الذي بادر بتجهيز حملة عسكرية كبيرة تحت قيادة نافذ باشا التي غادرت البصرة في 20أبريل 1871، ووصلت بنجاح إلى رأس تنورة، وساند حاكم الكويت الشيخ عبد الله بن صباح آل الصباح الحملة بأسطول بحري يقوده بنفسه واورد مدحت باشا في مذكراته أن السفن الثمانين التي نقلت المؤنة واللوازم الحربية كانت تابعة لحاكم الكويت ،وقد نجحت الحملة في الاستيلاء على الإحساء ونجد ، وأسس مدحت باشا \"لواء نجد\" ثم منح حاكم الكويت لقب قائممقام تقدير لجهوده في الحملة. وتشير المصادر إلى أن شيخ الكويت عبد الله الصباح توجه في يوليو عام 1871م إلى الدوحة بحراً في مهمة تهدف لإقناع الشيخ محمد بن ثاني شيخ قطر بقبول الحماية العثمانية على قطر إلا أن الشيخ محمد بن ثاني لم يكن متحمساً لذلك، في حين أن ابنه جاسم الذي كان يساعد والده في إدارة شؤون الحكم كان متحمساً بقبول الحماية العثمانية على قطر وعبر عن ذلك برفع العلم العثماني فوق قصر الحكم في الدوحة، ومن المهم ملاحظة أن الشيخ محمد بن ثاني لم يعترض على تصرفات ابنه جاسم ولم يمنعه من ذلك ، وأراد الشيخ جاسم من هذه الخطوة تحقيق عدد من الأهداف منها: 1. تخليص قطر نهائيا من أي نفوذ لأي قوى إقليمية طامعة. 2. التخلص من قيود الاتفاقية الموقعة مع بريطانيا عام 1868م وما ترتب عليها من التزامات مالية. 3. الدوافع الدينية كان لها أثر كبير في تفضيل الشيخ جاسم للعثمانيين وإعلان ولائه لدولة الخلافة العثمانية ومعارضته خضوع قطر للبريطانيين. **النفوذ العثماني في قطر 1872م** أرسلت الدولة العثمانية في يناير 1872 م قوة إلى قطر مزودة بالمدفعية، كما وصلت السفينة العثمانية آشور لدعم الوجود العثماني في قطر، وأعلن قائد الحامية العثمانية عن مجموعة من الإجراءات التي تدل على دخول قطر ضمن النفوذ العثماني وتأسيس إدارة عثمانية وشملت هذه الإجرءات ما يلى: 1. أصبحت قطر قائممقامية عثمانية تتبع لواء نجد. 2. تعيين الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني قائممقاما على قطر. 3. إعفاء قطر من دفع أية ضرئب بسبب افتقار أرضها للزراعة 4. تقيم القوة العسكرية العثمانية في البدع رمزاً للسيادة العثمانية، وتتولى الدفاع عن قطر ضد أي عدوان خارجي ومنذ ذلك التاريخ أصبحت قطر تحت الحماية العثمانية، وتولى الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني منصب القائممقام فيها وخلال هذه المرحلة لم يتدخل العثمانيون بشكل كبير في شؤون قطر الداخلية، وتركوا إدارة شؤون البلاد الداخلية إلى الشيخ محمد بن ثاني وابنه الشيخ جاسم، وتولو هم حماية قطر من الأخطار الخارجية. **الموقف البريطاني من الحملة العثمانية على قطر والإحساء في عام 1871م** يتلخص الموقف البريطاني من الحملة على الإحساء والنتائج التي ترتبت عليها خاصة بعد دخول قطر ضمن الحماية العثمانية بما يلى: 1. [وصول مساعد المقيم السياسى البريطاني بالبحرين إلى الدوحة: ] مع قبول قطر الحماية العثمانية وصل إلى الدوحة مساعد المقيم السياسى البريطاني في الخليج ميجور هاري جرانت، بتكليف من لويس بيلي المقيم السياسى البريطاني في الخليج، حيث التقى الشيخ جاسم مستوضحاً عن سبب قبوله الحماية العثمانية على قطر ، ومؤكداً على أن ذلك يعد إخلالاً باتفاقية 1868، فرد عليه الشيخ جاسم قائلاً إن قبول قطر بالحماية العثمانية جاء نتيجة لعدم توفير البريطانيين الحماية الكافية لقطر من جهة البر، إضافة إلى أن الشيخ جاسم لم يكن من الموقعين على الاتفاقية ولم يكن طرفاً فيها ، كما أكد الشيخ جاسم على أن اتفاقية 1868م تقتصر على السلام البحري ولم تنص على منع قطر من إقامة علاقات من الدول الأخرى. [ب. العمل على إيقاف محاولات التوسع العثماني باتجاه البحرين وعمان: ] شعرت بريطانيا بالخطر على مصالحها في الخليج بعد وصول الحملة العثمانية البرية والبحرية الى قطر والإحساء، اذ كان ذلك يهدد مصالح الأسطول البريطاني في الخليج، وتزايد هذا القلق بعد كتابة القنصل البريطاني في بغداد عام 1871 م تقرير يشير فيه إلى رغبة الدولة العثمانية في فرض هيمنتها على البحرين ومسقط بعد قطر والإحساء، وعلى أثر ذلك كلفت الحكومة البريطانية المقيم البريطاني في الخليج لويس بيلي طمأنة حكام البحرين ومسقط بأنه ليس من أهداف الحملة مهاجمة أملاكهم وأراضيهم، وأنهم في ظل الحماية البريطانية، ثم نشط البريطانيون في الهند والخليج بمتابعة تحركات العثمانيين فكانت حكومة الهند تراقب الوجود البحري العثماني وتحركاته في الخليج عن كثب. وفي ظل هذه العلاقة بين قطر والدولة العثمانية كان التنافس العثماني البريطاني على قطر على أشده حيث برزت مشكلتان أثرتا في تطور أوضاع قطر وتطور علاقتها مع جيرانها أبو ظبي والبحرين إذ سعت بريطانيا إلى تأمين الحماية لحلفائها والدفاع عنهم وهما شيخ ابو ظبي وشيح البحرين، في حين عملت الدولة العثمانية على تأمين الحماية لقطر، غير أن الأخيرة لم تكن تمتلك آليات القوة والنفوذ في المنطقة نتيجة لصغر حجم الأسطول العثماني، ولذلك لم يكن العثمانيون بمستوى توقعات الشيخ جاسم في القدرة على مواجهة المشكلات التي أثارها البريطانيون في خور العديد والزيارة: **- مشكلة خور العديد:** رأت بريطانيا أن حدود قطر تقف دون العديد، حيث كانت بريطانيا تعتبر هذا الخور أحد مراكز القرصنة ضد سفنها، بينما أصرت الدولة العثمانية على إن المنطقة ضمن حدود قطر، وبالتالي تخضع للنفوذ العثماني. وكانت هذه المشكلة أولى حلقات التنافس الذي تحول إلى صرع بين الدولتين. **- مشكلة الزبارة:** برزت هذه المشكلة حينما حاول الشيخ جاسم وبمساعدة الدولة العثمانية عام 1874 م إعادة بناء ميناء الزبارة وإعماره، ما أثار احتجاج السلطات البريطانية في الخليج، على اعتبار إن هذا الميناء سيشكل نقطة ارتكاز معادية للبريطانيين ونفوذهم في البحرين، ومن ابرز التطورت المتعلقة بمشكلة الزبارة أنه عند وصول الحملة العثمانية إلى قطر كان آل خليفة يحاولون الإبقاء على الزبارة ضمن نفودهم، ولمواجهة ذلك عملت الدولة العثمانية مع الشيخ جاسم لمد سلطتهما على المنطقة للقضاء على أي نفوذ لآل خليفة، كما نجح العثمانيون عام 1874م في دعم الشيخ جاسم لفرض نفوذه على منطقة الزبارة، ونظر البريطانيون إلى هذا التحرك المدعوم من الدولة العثمانية يهدف إلى الاستيلاء على البحرين، خاصة مع تزايد وصول قوت عسكرية من القبائل تابعة لالشيخ جاسم الى الزيارة مما دفع بالبريطانيين ضرب القوات المتحالفة بالمدفعية في عام 1875م ما أدى إلى خرب ودمار الزيارة بشكل كبير. واحتج العثمانيون على الاعتداء البريطاني على الأراضي التي تقع ضمن سيادها، إلا أن البريطانيين لم يهتموا لذلك الاحتجاج، كما حذر البريطانيون -عن طريق سفيرهم في اسطنبول- الدولة العثمانية بعدم السماح لأي شخص بانتهاك سيادة البحرين واستقلاها، كما كثف البريطانيون من مرقبتهم الدائمة لمياه الخليج بسبب تجدد نشاط القرصنة البحرية المزعومة، وفي عام 1878م عمل العثمانيون على إعادة بناء ميناء الزبارة مرة ثانية. **وفاة الشيخ محمد بن ثاني وتولي الشيخ جاسم الحكم عام 1878م** بحلول عام 1876م سلم الشيخ محمد بن ثاني المسؤولية الإدارية لابنه الشيخ جاسم وذلك بسبب مرضه وكبر سنه وفي بداية شهر ديسمبر من عام 1878 توفي الشيخ محمد بن ثاني وانفرد الشيخ جاسم بالحكم في قطر في 18 ديسمبر1878 اكتسب الشيخ جاسم خبرة واسعة في إدارة شؤون البلاد من خلال مشاركته لوالده منذ حداثة سنه، ونجح في توجيه دفة سياستها بحكمة وذكاء في خضم متغيرات كثيرة كانت تمر بها المنطقة، ويعد ذلك بداية لتأسيس امارة قطر حيث عمل على تعزيز الاستقلال من خلال سعيه للحصول على اعتراف كل من البريطانيين والعثمانيين بذلك. كانت رؤية الشيخ جاسم أن النفوذ البريطاني يتعارض بشكل كبير مع توجهه الإسلامي وسيادته على البلاد، ورأى أن الوجود العثماني المحدود في هذه المرحلة لا يشكل خطورة على زعامته وتحقيق طموحاته السياسية. **\ ** **الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني: شخصيته ودوره في تأسيس امارة قطر (1878---1913 م)** تمت الإشارة إلى أن جهود وإصرار القبائل القطرية على الوحدة والتعاون لإنشاء كيان موحد ، واتفاقية السلم البحري الموقعة بين القبائل القطرية بزعامة الشيخ محمد بن ثاني والبريطانيين عام 1868م وظهور شخصية قوية ومؤثرة وذات إرادة صلبة تتولى تأسيس الامارة -ممثلاً في شخصية الشيخ جاسم -كلها عوامل ساهمت في ظهور كيان سياسي في قطر ، اذ سعى الشيخ جاسم نحو تأسيس كيان سياسي على غرار الكيانات السياسية المجاورة.وسيتم التركيز في هذا الموضوع على التعريف بشخصية الشيخ جاسم وصفاته وسياسته في فرض الشخصية الاستقلالية لقطر وعلاقته بالدولة العثمانية وموقف البريطانيين من هذه العلاقة في إطار تناول التنافس العثماني البريطاني على قطر والخليج. **مولده وصفاته** جاسم بن محمد بن ثاني ولد وفق أغلب الروايات حوالي 1826م وتربى في كنف والده على الدين وكرم الأخلاق، كان قوي الشخصية فارساً شجاعاً ساعد والده في إدارة شؤون الإمارة وتولى المسؤولية الكاملة في قطر عام 1878 ووردت العديد من الصفات للشيخ جاسم في المصادر تعكس دلالات هامة حول هذه الشخصية فقد وصفه (الرحالة البريطاني بلجريف) بأنه \"كان يمثل طرازاً متميزاً من زعماء الخليج\"، بينما وصفته الوثائق البريطانية بالثائر، ووصفته الوثائق العثمانية بأنه \"رجل شقوات\"، في حين وصفه آل سعود بأنه رجل المواقف وذو سمعة أسطورية ووصفه بعض المؤرخين المعاصرين بالمحسن الكبير ورجل ساحات القتال والمتوثب الحذر، ولعل السمة الأبرز التي وردت في العديد من المصادر أن الشيخ جاسم كان ذو نزعة دينية محافظة. وفي المجال الاقتصادي أشتهر الشيخ جاسم باشتغاله بالتجارة إذ كان من كبار تجار الخليج وكان يملك أكثر من 20 سفينة للغوص على اللؤلؤ واستخراجه واشتهر بتجارته مع الهند وبيعه اللؤلؤ القطري فيها. شكلت الصفات الشخصية التي تمتع بها الشيخ جاسم عاملاً هاماً في تبنيه مواقف وسياسات مناسبة ومهمة تجاه القضايا المتعلقة بتأسيس الإمارة، ومن هذه الصفات أنه اشتهر بأنه رجل ذو عقل يقظ وذو رؤية سياسية أهلته أن يكون من ضمن أبرز رجال عصره في منطقة الخليج وتمتع بصفات قيادية مثل الإصرار والجسارة ورباطة الجأش وروح المغامرة وعدم الخضوع للأخرين والقدرة على جمع شمل من حوله وبدا ذلك واضحاً من خلال مشاركته مع والده في جمع وتوحيد القبائل القطرية. واجهت إمارة قطر في بدايات تأسيسها ظروف داخلية وخارجية تمثلت بمؤامرات المتربصين بقطر (القوى المجاورة) وبخطر القوى الخارجية المتمثل بالبريطانيين أصحاب النفوذ في منطقة الخليج الذين كانوا يتطلعون لمد نفودهم على قطر، وقد تصدى الشيخ جاسم لهذه الأخطار خلال مشاركته والده في إدارة شؤون الإمارة وبعد انفراده بالحكم بعد وفاة والده، واستغل الشيخ جاسم فرصة إرسال الدولة العثمانية حملة مدحت باشا عام 1871م إلى الخليج لبسط سيطرتها الفعلية على ساحل الخليج الغربي من الكويت حتى مسقط، فدخلت قطر في كنف الدولة العثمانية وتم رفع العلم العثماني في عدة مناطق من قطر كدليل على الدخول تحت الحماية العثمانية ، وكان الشيخ جاسم يدرك أن هذه الخطوة ستعرضه للكثير من المتاعب، ومنها المعارضة التي أبداها البريطانيون أصحاب النفوذ في منطقة الخليج، وبالرغم من كل ذلك فقد مضى الشيخ جاسم في سياسته بالتحالف مع العثمانيين وتفعيل سياسته الهادفة إلى ترسيخ الشخصية القطرية لإمارته فاعتمد على العثمانيين لدفع خطر المؤامرات الداخلية في المنطقة وخطر البريطانيين فاتجه إلى توحيد القبائل القطرية وفرض الشخصية الاستقلالية عليها. **رؤية الشيخ جاسم في ترسيخ الشخصية الاستقلالية القطرية** الرؤية الاستقلالية لدى الشيخ جاسم على عدد من الخطوات الهامة بعد تحالفه مع العثمانيين هدفت إلى تعزيز الشخصية القطرية ومن ابرز هذه الخطوا ت: أولا: التخلص من تبعات معاهدة 1868 مع بريطانيا تميز الشيخ جاسم بالحنكة السياسية خاصة في تعامله مع البريطانيين عندما طالبوه بالالتزام بالمعاهدة الموقعة مع والده عام 1868 م، فرد عليهم بأنه لم يوقع على هذه المعاهدة وبالتالي ليس ملزما بتنفيذ ما ورد فيها، ثم قرر التخلص من الضريبة المفروضة على الإمارة، واعتبر ذلك انتقاصاً من الشخصية القطرية وفي عام 1872 م وقف في وجه السفينة البريطانية التي حضرت للمطالبة بدفع الضريبة وعادت دون الحصول على شيء. ثانيا: حماية الموارد الاقتصادية لقطر ومنع التدخل الخارجي لجأ الشيخ جاسم إلى العمل على التخلص من منافسة التجار من الرعايا البريطانيين للسكان المحليين في حرفة الغوص على اللؤلؤ التي مثلت الحرفة الرئيسية ومصدر عيش القطريين ، فقد كان التجار من الرعايا البريطانيين يمتلكون رؤوس أموال كبيرة تفوق ما كان يمتلكه القطريون وهذا أدى إلى مزاحمتهم للتجار القطريين في شراء اللؤلؤ بأسعار أغلى وأكثر كما استطاع الرعايا البريطانيون إغراء نواخذة بعض السفن للعمل في سفنهم ، واعتبر الشيخ جاسم أن في ذلك إضعاف لمكانة أهالي قطر في هذه الحرفة وتهميش دورهم مما يؤثر سلباً على مداخيل القبائل وجعل حرفة الغوص وتجارة اللؤلؤ تحت نفوذ التجار من الرعايا البريطانيين. جاء طلب التجار من الرعايا البريطانيين إعفائهم من الضرائب المفروضة عليهم لكونهم من رعايا الحكومة البريطانية مستندين بهذه المطالبات إلى ما ورد في معاهدة 1868م بين البريطانيين والشيخ محمد بن ثاني، رفض الشيخ جاسم المحاولات البريطانية لأن في ذلك من وجهة نظره يمثل تعدياً من جانب البريطانيين على السيادة الوطنية لأن تلك الضرائب تعد مستحقات وطنية وجزء من مداخيل قطر التي كانت تعاني آنذاك من شح الموارد الاقتصادية، لذلك أصر على التزام التجار بدفع الضرائب التي تترتب عليهم رغم إدراكه خطورة هذا الإجراء اذ سيؤدي إلى الصراع مع البريطانيين خاصة بعد طرده هؤلاء التجار من الدوحة وذلك لأن وجودهم في الدوحة كان من شأنه حرمان قطر من أرباح تجارة اللؤلؤ. ثالثاً: ترسيخ السيادة القطرية على جميع أراضيها من أجل مواجهة ادعاءات غيرهم بأن لهم نفوذ فيها ظهر ذلك واضحاً من خلال ما قام به الشيخ جاسم من العمل على إعادة النشاط لميناء الزبارة وذلك بهدف تأكيد شخصية قطر المستقلة والتأكيد على وحدة الأراضي القطرية وعدم تبعيتها لأية قوة اخرى، ويمكن توضيح الأهداف التي سعى الشيخ جاسم إلى تحقيقها من وراء اعادة النشاط لميناء الزبارة بما يلي : **المجال الاقتصادي** أ- رفع مركز قطر في مجال التجارة والغوص ومنافسة الدول الأخرى في تجارة اللؤلؤ خاصة وأن ساحل الزبارة اشتهر بكثرة مغاصاته ووفرة اللؤلؤ فيه. ب. الاستفادة من موقع الزبارة كحلقة وصل للتبادل التجاري بين الهند وشرق الجزيرة العربية وتنمية مكانتها الاستراتيجية **المجال العسكري** سعى الشيخ جاسم إلى الاستفادة من موقع الزبارة في رد أي عدوان خارجي على قطر، والاستفادة من هذا الموقع في مكافحة اعمال القرصنة. **رابعاً: ترسيخ الهوية القطرية على التركيبة السكانية في أراضي قطر.** ظهر ذلك من خلال رفض الشيخ جاسم عرضاً بريطانياً بإسكان بعض الأهالي غير التابعين له في الزبارة مقابل عشرة الاف روبية سنوياً، وتتلخص الأسباب التي أدت إلى رفض الشيخ جاسم العرض البريطاني إسكان بعض الأهالي من غير القطريين في الزبارة بما يلى 1. السكان الجدد منافسين للقطريين في حرفة التجارة. 2. استغلال السكان الجدد في إثارة المشاكل ضد الشيخ جاسم 3. يمكن ان يكون السكان الجدد عيوناً للبريطانيين في مراقبة تحركات الشيخ جاسم واعماله في الزبارة. **خامسا: رفض محاولات العثمانيين فرض هيمنتهم على الجوانب الإدارية والسياسية على قطر** وهذا كان متوافقاً مع الرؤية الاستقلالية الموجودة لدى الشيخ جاسم الرافضة لمحاولات العثمانيين فرض تنظيمات جديدة تؤدي إلى توسيع النفوذ العثماني على قطر ومنها: 1. مشروع العثمانيين عام 1877م الذي يهدف لتأسيس دائرة لتحصيل الجمارك. 2. مشروع متصرف الأحساء عاكف باشا عام 1889م الذي يهدف إلى انشاء إدارة عثمانية مباشرة في قطر إصرار الشيخ جاسم على رفض هذه التنظيمات دفع العثمانيين بالعمل على عزل الشيخ جاسم عن ادارة قطر، إلا أن جهودهم باءت بالفشل، أرسل بعدها العثمانيون حملة عسكرية ولكنها لم تحقق أهدافها ونجح الشيخ جاسم في إلحاق الهزيمة بها في معركة الوجبة عام 1893م **رؤية الشيخ جاسم في بناء إمارة قطر** تركزت رؤية الشيخ جاسم في بناء إمارة قوية في قطر على تعزيز الشخصية الاستقلالية بتأسيس إمارة تتوحد فيها القبائل القطرية تكون مستقلة وتعترف بها القوى المتنافسة على النفوذ في الخليج ، من خلال تنظيم شؤون الإمارة داخلياً وخارجياً، فعلى الصعيد الداخلي ركز الشيخ جاسم على جمع الصف الداخلي لإدراكه بأن تفكيك القبائل القطرية والحيلولة دون وحدتها كان له دور في استمرار النفوذ الخارجي عليها وذلك من خلال: الاعتماد على القبائل القطرية والعمل على امتلاك قوة منظمة يعتمد عليها في بناء الإمارة ومد السلطة على كافة مناطق قطر بعد أن كانت محصورة في البداية على منطقة البدع وضواحيها ، أما على الصعيد الخارجي فقد تحالف الشيخ جاسم في البداية مع الدولة العثمانية كقوة يستند إليها في تأسيس إمارة قوية، اما بالأسس التي قامت عليها سياسة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني في توحيد القبائل وتمتين العلاقة فيما بينها وبين الحكم فيمكن تلخيصها بما يأتي: 1. مصاهرة القبائل القطرية من أجل كسب ولائها والتفافها حوله. 2. دعوة القطريين للتعاون والتكاتف الاقتصادي عن طريق تشجيع التجار القطريين لامتلاك أسطول كبير قدر بنحو 3000 قارب يعمل عليها معظم القطريين، مبدياً استعداده لتقديم المساعدة المالية للأسطول، وكان الشيخ جاسم يهدف من وراء ذلك تحويل النزعة القبلية باتجاه الولاء لقطر بدلاً من الولاء للقبيلة. 3. تعميق الصلات بين القبائل القطرية فيما بينها، من جهة وحاكم قطر من جهة اخرى 4. اتباع سياسة تقوم على اللين والعدالة والحكمة مما عزز من احترام وتقدير القبائل القطرية لشخصية الشيخ جاسم هكذا نجح الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني في تأسيس امارة سياسية راسخة وقوية تتمتع بشخصية استقلالية ذات كيان متكامل داخلياً وخارجياً لها وضعها وتوجهاتها الخاصة. **العلاقة بين الشيخ جاسم والدولة العثمانية** مرت العلاقات العثمانية القطرية بثلاث مراحل: المرحلة الأولى 1871-1887م ارتبط الشيخ جاسم في هذه المرحلة بعلاقات صداقة قوية مع العثمانيين، وظل هو صاحب النفوذ في إدارة شؤون البلاد. ومن ملامح هذا التعاون الوثيق إصدار السلطان عبد الحميد الثاني عام 1884م فرماناً بتكريم الشيخ جاسم لإخلاصه للدولة العثمانية، وحسن إدارته لقطر، ووقوفه أمام الاطماع البريطانية، بتخصيص راتب شهري له، غير أن الشيخ جاسم تنازل عن الراتب كي تكون علاقته مع الدولة العثمانية علاقة لا مركزية. المرحلة الثانية 1887 -1913 من أبرز ملامح هذه المرحلة أن العثمانيين سعوا إلى زيادة نفودهم في قطر وحاولوا الحد من سلطة الشيخ جاسم، وقد رفض الشيخ جاسم هذه الإجراءات لأنها ستؤدي الى زيادة الأعباء على أهل قطر، وفي عام 1889م حاول متصرف الاحساء عاكف باشا اقناع الشيخ جاسم بالتنظيمات الجديدة، ولكن الشيخ جاسم أصر على موقفه في رفض هذه الإجراءات لأنه في حال تطبيقها ستؤدي الى هجرة الاهالي من البلاد، وستحرم قطر من أحد مصادر دخلها الأساسية الا وهي الجمارك. أدت سياسة والي البصرة العثماني حافظ باشا فرض التنظيمات الجديدة على قطر إلى الصدام بين الطرفين، وادى ذلك لمعركة الوجبة التي حقق فيها القطريون النصر على القوات العثمانية. المرحلة الثالثة يمكن تسميتها بالفتور (لا صداقة ولا عداء) بدأت بعد معركة الوجبة وانتهت بوفاة الشيخ جاسم عام 1913 وضمن المحاولات البريطانية في تأكيد وجودهم في سواحل الخليج حاولوا التنسيق مع الدولة العثمانية للحد من الاعتداءات البحرية بعقد هدنة بحرية بين قطر والبحرين تقضي بعدم الاعتداء، إلا أن العثمانيين رفضوا المقترحات البريطانية مؤكدين أن لديهم القوة الكافية لفرض سيطرتهم على سواحل شبه الجزيرة العربية دون الحاجة إلى مساعدة البريطانيين، فاتجه البريطانيون نحو اتخاذ سياسة تتيح لهم حق التفتيش البحري في السواحل التابعة للدولة العثمانية بحجة مواجهة القرصنة البحرية.وبذلك انتهزت السلطات البريطانية في الخليج هذه التطورات وأخذت تسعى لفرض نفودها على الشيخ جاسم، ففي اكتوبر عام 1888م سافر المقيم السياسي البريطاني من بوشهر إلى البدع حيث التقى بالشيخ جاسم ، وتم خلال هذا اللقاء طلب المقيم البريطاني زيادة عدد البريطانيين في الدوحة، مما جعل الشيخ جاسم في موقف لا يحسد عليه من جراء التنافس العثماني البريطاني على قطر. كان الهم الأكبر للشيخ جاسم حفظ استقلال قطر وصيانته، والسعي على ألا تقع فريسة في يد البريطانيين أو العثمانيين فكيف حاول ذلك؟ وكيف سعى العثمانيون إلى فرض نفوذهم وهيمنتهم على قطر؟ كان الشيخ جاسم يعتقد بأن قبول السيادة العثمانية الإسمية لن يخل بالوضع القطري وبنفوذه الإداري على قطر. غير أنه بعد سنوات قليلة من إقرار هذه السيادة بدأت تظهر من جانب العثمانيين إجراءات إدارية سوف تسلبه نفوذه وسلطته، مما دفعه للتصدي لزيادة النفوذ العثماني في قطر، وهذا ما أدخل علاقة العثمانيين بالشيخ جاسم في مرحلة جديدة كان من ملامحها: 1. بدء التوتر في العلاقات القطرية العثمانية عندما أخذ قاسم أغا قائد الحامية العثمانية في قطر يعمل على زيادة نفوذه في الدوحة وإصراره على استشارة شيوخ قطر له في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بقبائلهم. 2. قرر العثمانيين إنشاء دائرة لتحصيل الجمارك في قطر عام 1887، مما يعني تقليص الموارد المالية للإمارة بشكل كبير، وهذا دفع الشيخ جاسم التصدي لهذا القرار معلنا أن ذلك سيتبعه اضطرابات كبيرة من التجار، وغادر الدوحة وأعلن تنازله عن لقب قائممقام. 3. ممارسة البريطانيين العديد من الضغوط ضد الشيخ جاسم مستغلين خلافه مع العثمانيين فصادروا أمواله في البحرين وبومباي خاصة بعد طرد الشيخ جاسم للتجار الهنود (البانيان) من الدوحة، إذ اعتبرت بريطانيا ذلك اعتداء على رعاياها كما التقى مندوب المقيم البريطاني (محمد رحيم صقر) بالشيخ جاسم وحذره أنه إذا استمر في معاندة البريطانيين فسيتم القبض عليه ونفيه خارج البلاد كما حدث مع أحمد عرابي. وعلى الرغم من الظروف التي أحاطت بالشيخ جاسم فقد مضت الدولة العثمانية خلال الفترة بين عامي 1887 - 1891م في فرض نفوذها المباشر على قطر من خلال تأسيس إدارة عثمانية وتم الإعداد لذلك خلال زيارة متصرف الإحساء نافذ باشا الدوحة في 1887م الذي بدأ بالعمل على إنشاء مخزن للفحم لتزويد السفن العثمانية بالوقود، وزيادة عدد أفراد الحامية العثمانية في الدوحة ليصل إلى ألف جندي، ووضع زورقاً بخارياً للمرابطة في ميناء الدوحة، كما قرر تعيين وكيل عثماني للقائممقام ( الشيخ جاسم) بحجة تغيبه كثيراً عن الدوحة ، وإقامة مبني حكومى للإدارة العثمانية، وتعيين مديرين عثمانيين لميناء الدوحة والزبارة والعديد تكون مسؤوليتهم تحصيل العوائد من السفن العاملة في تجارة اللؤلؤ، فضلاً عن تعزيز الحامية العثمانية العسكرية في الدوحة. جاءت هذه الإجراءات على شكل مقترحات في البداية إلا أن الإدارة العثمانية سارعت في تنفيذ ذلك، من خلال وصول متصرف الإحساء الجديد عاكف باشا إلى الدوحة 1889 م الذي بدأ يعمل على إقناع الشيخ جاسم لقبول التنظيمات العثمانية التي رفضها الشيخ جاسم بالكامل؛ لأنها ستضعف من هيبة قطر واستقلالها، كما أنها ستحرم البلاد من أحد مصادر دخلها الأساسية الا وهى الجمارك. أصبحت الإدارة العثمانية في البصرة أكثر قناعة بعدم قدرتها على فرض التنظيمات العثمانية طالما بقي الشيخ جاسم في منصب القائممقام في قطر، فاختارت التاجر محمد بن عبد الوهاب السبيعي ليكون بديلا عن الشيخ جاسم في منصب القائممقامية، ولكنها لم تنجح في تحقيق ذلك. ثم بحث العثمانيون عن شخصية اخرى تتولى منصب القائممقام وحاولوا تنصيب ناصر بن مبارك آل خليفة أحد المنشقين عن آل خليفة إلا أن بريطانيا اعترضت على ذلك بسبب العداء بين ناصر وشيخ البحرين مما أدى إلى استبعاده. بدأت الإدارة العثمانية في البصرة تستعد لفرض نفوذها وسيطرتها على قطر، وقدمت أسباب عديدة للباب العالي لعزل الشيخ جاسم وجهز العثمانيون حملة من الفرسان والمشاة لإرسالها إلى البصرة ومنها إلى الإحساء ثم الدوحة بقيادة حافظ باشا والي البصرة الذي وصل الدوحة في فبراير 1893 م تصاحبه قوة عسكرية، إضافة لذلك طلبت الدولة العثمانية دعماً من شيخ الكويت محمد آل الصباح الذي أعد حملة بقيادة أخيه مبارك للمساعدة في دخول قطر حيث سار مبارك بالحملة إلى الإحساء بهدف الوصول إلى قطر من الجنوب. وعندما وصلت الأزمة بين الشيخ جاسم وحافظ باشا إلى حافة الانفجار أرسل جاسم رسالة إلى السلطان العثماني يطلب منه التصدي لسياسات حافظ باشا التي ستؤدي لخراب البلاد وفرار الأهالي إلا ان تلك الرسالة لم تلق صدى كبيرا في اسطنبول مما أدى إلى تدهور الأوضاع إذ بدأ الشيخ جاسم بالاستعداد للمواجهة مع العثمانيين بعد علمه بتجهيزات الحملة عن طريق وكيله في البصرة، وراسماً خطة اتسمت بالحنكة والمهارة وأعلن أنه سيغادر قطر الا انه اتخذ من الوجبة الواقعة غربي الدوحة مستقرا له، كما تقدم بالاستقالة من منصب قاثممقام ورشح مكانه شقيقه الشيخ أحمد مدعياً أن ذلك بسبب مرضه وشيخوخته، حيث ذكر الشيخ جاسم في خطاب استقالته الذي أرسله إلى حاكم البصرة أن المساعد العثماني المعين من الدولة العثمانية فيه الكفاية لإدارة شؤون البلاد، إلا أن الوالي العثماني رفض الاستقالة وطلب من الشيخ جاسم أن يستمر في عمله. **معركة الوجبة 1893 م:** عند وصول حافظ باشا إلى الدوحة، استقبله الشيخ أحمد آل ثاني لكن الوالي طلب استدعاء الشيخ جاسم واعداً إياه بالأمان، غير أن الشيخ جاسم رفض الحضور أمام حافظ باشا. واستمرت المفاوضات بين حافظ باشا ووفد من كبار زعماء واعيان القبائل القطرية برئاسة الشيخ احمد بن محمد بن ثاني ممثلا للشيخ جاسم، حوالي الشهر وفيها طلب حافظ باشا أن تدفع قطر ضرائب للدولة العثمانية عن خمس عشرة سنة مضت، وتم رفض طلب الوالي العثماني مما أدى الى المواجهة المسلحة بين الطرفين، لا سيما بعد قرار حافظ باشا في 25 مارس 1893م اعتقال الشيخ احمد بن محمد بن ثاني ومن معه من زعماء القبائل القطرية مما أثار حفيظة أهالي قطر، ثم حاصرت قوات حافظ باشا الدوحة براً وبحراً. بوصول هذه الأخبار إلى الشيخ جاسم بدأ بالاستعداد للقتال فأوهم العثمانيين بمغادرته قطر وتسريح قواته، واتخذ إجراءات اخرى يمكننا ان نلخصها بما يلي: 1. توزيع رجاله على الطريق الصحراوي الرابط. قطر والإحساء منع وصول البريد انتقاله بين القوات العثمانية والإحساء. 2. إعداد كمين محكم حيث قام بتوزيع قواته على عدة نقاط رئيسية نجحت في إيقاع الهزيمة في قوات حافظ باشا التي كان هدفها الاستيلاء على قلعة الوجبة، ووقعت هذه القوات في الكمين الذي أعده الشيخ جاسم حيث هاجمتها القبائل القطرية وكبدتها خسائر فادحة في الأروح والعتاد، مما دفعها للانسحاب والاحتماء بأحد القصور في الشقب. ثم حاصرتها القبائل القطرية واستولت على عدد من المدافع العثمانية وخسرت القوة العثمانية العديد من رجالها، وعلى رأسهم قائد الحملة العسكري يوسف أفندي، وجرح واسر عدد كبير من افراد القوة، مما اضطر أفراد القوة العثمانية المتبقية الانسحاب باتجاه الدوحة وأطلقت السفينة العثمانية (المريخ) مدافعها لتغطية عملية الانسحاب، ونقل حافظ باشا مقره من الدوحة إلى ظهر السفينة (المريخ) خوفاً من أية هجمات قد يشنها الشيخ جاسم. ساهمت عدة عوامل في انتصار القبائل القطرية بقيادة الشيخ جاسم على القوة العثمانية وتمثلت هذه العوامل في: 1. التخطيط الجيد من قبل الشيخ جاسم حيث أعد كميناً محكماً للقوات العثمانية. 2. السيطرة على آبار المياه في ميدان المعركة، ومنع الجنود العثمانيين من الوصول إليها. 3. قوة القبائل القطرية وتماسكها. 4. امتلاك القبائل القطرية أسلحة نارية وفرسان وهجانة. 5. استيلاء القبائل القطرية على المدفع من القوات العثمانية واستخدامه ضدها. في أعقاب هزيمة القوة العثمانية أرسل حافظ باشا إلى الشيخ جاسم يطلب منه المصالحة إلا أنه رفض أي طلب قبل إطلاق سراح الشيخ أحمد واعيان قطر، ومغادرة القوات التي حضرت معه مع بقاء الحامية العثمانية في الدوحة، وقد استجاب حافظ باشا لشروط الشيخ جاسم. **نتائج معركة الوجبة 1893** 1. أصبحت معركة الوجبة علامة بارزة في تاريخ قطر الحديث بسبب الشجاعة التي واجه بها الشيخ جاسم قوات والي البصرة حافظ باشا، بما زاد من شعبيته وبروزه كقائد قوي في قطر. 2. عزل والي البصرة حافظ باشا. 3. استغلال البريطانيين الوضع في قطر بإرسال القنصل البريطاني إلى الدوحة للقاء الشيخ جاسم في الوكرة، عارضاً عليه قبول الحماية البريطانية على قطر إلا أنه رفض ذلك. 4. لجوء الدولة العثمانية إلى تسوية الخلاف مع الشيخ جاسم حيث أرسل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني نقيب الأشراف في البصرة محمد شعيب النقيب إلى الشيخ جاسم بهدف الوصول إلى حل سياسي يمنع وقوع قطر في قبضة النفوذ البريطاني. ترتب على التسوية السياسية بين العثمانيين والشيخ جاسم استمرار الشيخ جاسم على ولائه للسلطان العثماني، وإطلاقه سراح الأسرى العثمانيين كدليل على حسن نيته، كما قدم استقالته من منصب قائممقام لنقيب الأشراف بحجة أن سنه لا تؤهله للاستمرار في الحكم، وتم الاتفاق بين الشيخ جاسم ومبعوث الدولة العثمانية على: 1. يعيد الشيخ جاسم الأسلحة التي استولى عليها من العثمانيين أثناء معركة الوجبة. 2. قبول استقالة الشيخ جاسم من وظيفة القائممقامية وإسناد هذه الوظيفة لأخيه الشيخ أحمد. بعد استقالة الشيخ جاسم من القائممقامية تولى الشيخ أحمد بن محمد بن ثاني شؤون القائممقامية في قطر عام 1893 يعاونه موظف عثماني واستمر في هذا المنصب حتى وفاته عام 1905، وعهدت إدارة شؤون البلاد مرة خرى إلى الشيخ جاسم وهو في لوسيل فأصبح ابنه الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني يدير شؤون القائممقامية في الدوحة بالنيابة، وكان الشيخ عبد الله يراجع والده في الأمور المهمة وهو في مقره بالوسيل. **العدوان البريطاني على الزبارة عام 1895** ارتبط العدوان البريطاني على الزبارة في مايو عام 1895م لجوء قبيلة آلبنعلى إلى الزبارة قادمة من البحرين؛ بسبب قيام أحد أخوة الشيخ عيسى بن على آل خليفة حاكم البحرين بالاعتداء على أحد أفراد هذه القبيلة، ولما لم يجد شيخ القبيلة سلطان بن سلامة الإنصاف من الشيخ عيسى، توجه بطلب إلى متصرف الإحساء العثماني الدخول في حماية الدولة العثمانية فرحب المتصرف بهذا الطلب وأرسل إليه علماً عثمانياً مع مرسوم يسمح بإقامته وأفراد قبيلته في الزبارة، وقد رحب الشيخ جاسم بالقبيلة وقدم لها كل التسهيلات اللازمة. وقد خشى البريطانيون من قيام السلطات العثمانية بالاستعانة بقبيلة آلبنعلى والقبائل الخاضعة للشيخ جاسم والقوات العثمانية بغزو البحرين وتعريض المصالح البريطانية للخطر، مما دفع بالبريطانيين بإصدار الأوامر لسفنهم الحربية بمهاجمة ميناء الزبارة، ومصادرة سفن قبيلة آلبنعلى ونقلها إلى البحرين، والطلب من شيخ القبيلة العودة للبحرين، إلا أن القبيلة رفضت الاستجابة لهذا الطلب. واكتفى العثمانيون بالاحتجاج الذي قدمه متصرف الإحساء للمقيم البريطاني لقيام السفن البريطانية بالتعدي على سفن رعايا الدولة العثمانية غير أن بريطانيا لم تهتم بهذا الاحتجاج ، ثم قامت السفينتان البريطانيتان بقصف ميناء الزيارة بالمدفعية، مما أدى إلى تدمير قلعة الزبارة وإحراق وتدمير العديد من السفن ومصادرتها. ولم يعد يشاهد في الزبارة أي مظاهر الوجود العثماني في الزيارة، ووجد الشيخ جاسم نفسه في موجهة البريطانيين الذين بدأوا بعرض عدد من الشروط عليه منها: إعادة قبيلة آلبنعلى إلى البحرين وتسريح الحشود القبلية التي تجمعت في مدينة الزبارة، ودفع تكاليف الحملة العسكرية على الزبارة، إلا أن الشيخ جاسم رفض المطلب الأخير بحجة أنه ليس المتسبب في تلك المشكلة وإنما الإدارة العثمانية، وأنه تكبد خسائر فادحة من وراء الهجوم البريطاني. وترتب على ذلك عودة قبيلة آلبنعلى إلى البحرين وبقاء شيخها سلطان بن سلامة وعدد من رجاله البقاء في قطر، واقتصر الموقف العثماني الرسمي بالاحتجاج على الهجوم البريطاني على الزبارة، مما أظهر العثمانيين في حالة من الضعف. **قطر في الاتفاقية البريطانية العثمانية 1913:** أصبحت الدولة العثمانية غير قادرة على مجابهة بريطانيا بسبب حروبها مع إيطاليا في ليبيا، والحركات الانفصالية في البلقان فقررت تسوية الخلافات مع بريطانيا في منطقة الخليج العربي، وانتهت هذه المفاوضات بتوقيع اتفاقية عام 1913 م بين الدولتين: وفيما يتعلق بقطر فقد نصت المادة الحادية عشرة من الاتفاقية على: 1. تتنازل الدولة العثمانية عن جميع حقوقها في شبه الجزيرة القطرية على أن تحكمها بالوراثة أسرة آل ثاني. 2. تتعهد بريطانيا بمنع البحرين من التدخل في الشؤون الداخلية لقطر، أو تهديد استقلاها. 3. توافق بريطانيا بموجب هذه الاتفاقية على بقاء الحامية العثمانية في الدوحة ورفع العلم العثماني، وتبعية نجد والإحساء للنفوذ العثماني. أكدت هذه الاتفاقية التي لم يتم التصديق عليها بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى على استقلال قطر وسيادتها في ظل حكم آل ثاني. وفي ظل هذه الظروف والتغيرات السياسية توفي الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني في 17 يوليو 1913 م، وخلفه على الحكم في قطر ابنه الشيخ عبد الله. **التطور السياسي في قطر** **عهد الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني 1913---1949** يتناول هذا الموضوع ملامح الأحوال السياسية والتغيرات التي أحاطت بقطر وكان لها تأثيراتها على علاقاتها مع القوى الموجودة في المنطقة، خاصة بعد وفاة الشيخ جاسم وتولي ابنه الشيخ عبدالله الحكم. **تولي الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني الحكم في قطر:** ولد الشيخ عبد الله بن جاسم عام 1880م بمدينة الدوحة، وفي 17 يوليو عام 1913م أصبح حاكما على قطر، في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية سوف يتم تناولها من خلال التركيز على تتبع التطورات السياسية الداخلية والخارجية لقطر خلال عهد الشيخ عبد الله بن جاسم ال ثاني والحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع القطري قبل ظهور آثار النفط على مجالات حياته. **علاقة قطر مع بريطانيا في عهد الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني** للوقوف على الظروف التي أحاطت بتحول قطر للدخول في علاقات مع البريطانيين بعد وفاة الشيخ جاسم ينبغي التعرف على العديد من التطورات الهامة والتي منها القوى الجديدة التي ظهرت في منطقة الخليج خلال النصف الأول من القرن العشرين، وموقفها تجاه قطر، وملامح السياسة البريطانية تجاه قطر مع بداية القرن العشرين والعوامل التي دفعت بريطانيا لتوقيع معاهدة 1916م مع قطر، وأهداف الشيخ عبد الله من قبول هذه المعاهدة، وأسباب تغير السياسة البريطانية تجاه قطر خلال الثلاثينيات من القرن 20، والدوافع التي كانت وراء عقد معاهدة جديدة مع قطر في عام 1935، وملامح التنافس بين شركات التنقيب عن النفط. شهد الخليج العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين تغييرات مهمة كان لها دور محوري في تاريخ قطر والمنطقة العربية ومنها: 1. انتهاء الوجود العثماني من الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية. 2. ظهور الدولة السعودية الثالثة كقوة إقليمية بعد سقوط الإحساء على يد عبد العزيز آل سعود عام 1913م متل ذلك بداية لقلق بريطاني قطري مشترك حول ما يمثله المد السعودي من خطر على إمارات الخليج وخاصة قطر. أما المتغيرات السياسية في قطر في بداية القرن العشرين فيمكن تلخيصها بما يلى: 1. تسليم الدولة العثمانية بزوال سيادتها على قطر، وقد \"قرت ذلك رسميا من خلال مشروع اتفاقيتها مع بريطانيا عام 1913، تم ترحيل حاميتها عن قطر في عام 1915 2. اعتراف بريطانيا والدولة العثمانية بحكم آل ثاني لقطر بموجب اتفاقية عام 1913، مما مهد لاستقرار الأسرة الحاكمة في قطر في السلطة. 3. انفراد الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني بالحكم في قطر، بعد سلسلة من المتاعب داخل اسرته، خلال الفترة الأخيرة من حكم والده، والتي كان فيها الشيخ عبد الله حاكما على الدوحة، ثم استقرت الأمور فأصبح حاكما على قطر بعد أشهر من وفاة والده الشيخ جاسم 1913 م. حيث كان قد تمرس بالحكم في حياة والده. 4. انفراد بريطانيا بالهيمنة على قطر، بعد خروج القوة العثمانية عام 1915، وبالتالي فقد سعت بريطانيا إلى إيجاد صيغة جديدة لفرض وجودها في قطر مما مهد السبيل لعقد اتفاقية الحماية البريطانية على قطر في عام 1916 سعت بريطانيا إلى الدخول في مفاوضات مع قطر تهدف إلى عقد اتفاقية تضمن بها فرض حمايتها على قطر في ظل مخاوف الشيخ عبد الله من تنامى قوة عبد العزيز آل سعود التي كانت تثير أيضاً قلق البريطانيين الذين رأوا أن عبد العزيز يسعى إلى توسيع حدود دولته، وربما تطلع للاستيلاء على مناطق في الخليج. لذلك قرر البريطانيون التصدي لذلك من خلال عدة وسائل متمثلة بما يلي: 1. يتعهد عبد العزيز آل سعود بموجب اتفاقية دارين (القطيف) عام 1915 م، عدم الاعتداء على قطر (وإمارات الخليج) وعدم التدخل في شؤونها الداخلية 2. عقد معاهدة الحماية معاهدة الحماية مع قطر عام 1916. **معاهدة الحماية البريطانية على قطر 1916م** معاهدة سياسية وقعت بين الشيخ عبد الله بن جاسم حاكم قطر والسير برسى كوكس المقيم البريطاني في الخليج بهدف تأمين الحماية البريطانية على قطر، وورد في كتاب تطور قطر الحديث ولمعاصر (ط2، 2014م (ص 118-117 ) نصوص معاهدة الحماية عام 1916 م وتضمنت : تضمنت المعاهدة النص على معاونة الشيخ لبريطانيا في القضاء على تجارة الرقيق، وعلى القرصنة وتجارة السلاح والمحافظة على السلم البحري (المادتان 1،3) كذلك فقد تعهد الشيخ بأن لا يقيم علاقات مع أية دولة، وألا يتنازل عن اي جزء من اراضي قطر، بأية صورة أو يقدم تنازلات أو امتيازات لأي دولة (المادتان 4،5) دون موافقة بريطانيا وفي المقابل تعهدت بريطانيا بحماية الشيخ ورعاياه وأراضيه ضد أي اعتداء من ناحية البحر، مع بذل مساعيها الحميدة (فقط) إذا جاء الاعتداء من ناحية البر، (يلاحظ أن هذه النقطة المتعلقة بالبر لم يسبق لبريطانيا أن تعهدت بها لشيوخ لخليج الآخرين). وباختصار شديد يمكن القول بأن هذه المعاهدة جعلت من بريطانيا قيما على شؤون الدفاع عن قطر، وكذلك على شؤونها الخارجية، بينما تركت الشؤون الداخلية المتعلقة بالحكم والإدارة للشيخ عبد الله. اعترض الشيخ عبد الله على ثلاثة مواد وضعتها بريطانيا في معاهدة الحماية وهى: 1. فتح معتمدية بريطانية وتعيين معتمد بريطاني في الدوحة، وقد اعترض الشيخ عبد الله بن جاسم على تنفيذ ذلك خوفا على سيادة قطر واستقلاها. 2. السماح للتجار الهنود (البانيانيين) دخول قطر بوصفهم رعايا بريطانيين؛ معللاً ذلك بأن دخولهم قطر يؤدي لمنافسة الأهالي في قوت يومهم ونشاطهم التجاري. 3. إنشاء مكاتب للبريد والبرق اللاسلكى، ورأى الشيخ عبد الله أن البلاد ليست بحاجة لمثل هذه الخدمات في الوقت الحاضر، ولكنه وعد بدراستها مستقبلا. فرضت الحرب العالمية الأولى ظروفاً سياسية على علاقة بريطانيا بالخليج، ومثلت معاهدة 1916 شأنها في ذلك شأن معاهدة دارين 1915 م مع عبد العزيز آل سعود حيث أراد البريطانيون من خلال هاتين المعاهدتين ؛ توظيف الإحساء وقطر لخدمة أهدافهم الاستراتيجية في الخليج للضغط على الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى والحيلولة دون وصول ألمانيا إلى مياه الخليج العربي، وعلى صعيد الداخل ارادت بريطانيا تقييد حركة عبد العزيز ال سعود ضد قطر حيث كانت حتي ذلك الوقت ليست ذات حدود سياسية مستقرة أو متفق عليها؛ لذلك أرادت بهذه المعاهدة منع عبد العزيز من التوسع باتجاه قطر. من خلال ما تقدم من عرض لمواد معاهدة الحماية الموقعة بين بريطانيا وقطر عام 1916م يمكن الخروج بالعديد من الاستنتاجات والتي منها أن المعاهدة لم تكن لحماية قطر بشكل أساسي، وإنما حماية المصالح البريطانية في المنطقة، كما كانت هذه المعاهدة ختام المعاهدات الموقعة بين بريطانيا وزعماء الخليج العربي، وبها أدخلت قطر في دائرة الحماية البريطانية، وحسب تعبير اللورد كرزون أن هذه المعاهدات جعلت منطقة الخليج العربي بحيرة بريطانية. جعلت هذه المعاهدة قطر، كباقي إمارات الخليج العربي تتقاسم وضعاً سياسياً غير واضح فهى ليست مستعمرات بريطانية، ولا تحت الانتداب البريطاني، ولا هى محميات بالمعنى المعروف للحماية، وإنما تنمو في ظل الإمبراطورية البريطانية في ظروف خاصة؛ عرفت بالعلاقات التعاهدية. **معاهدة عام 1916 م (التطبيق)** رغم قبول قطر معاهدة 1916م بمحض إرادتها، واقرار بريطانيا الوفاء بالتزاماتها الواردة تجاه قطر، إلا أن السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، وما صاحبها من تطورات جعلت بريطانيا تتجاهل ما يخصها من التزامات وتفسرها وفق مصالحها، فعندما أثيرت مسألة تسليح قطر والدفاع عنها من جراء ما اشيع حول احتمال تعرض حدودها للخطر بعد تزايد قوة عبد العزيز آل سعود قرر الشيخ عبد الله دعوة المستر تريفور المقيم السياسي في الخليج لاختبار نوايا بريطانيا تجاه قطر ، وبعد وصول تريفور إلى الدوحة في عام 1921م وجه له الشيخ عبد الله عدداً من الأسئلة تتعلق بمدى استعداد البريطانيين مساعدة قطر إذا تعرضت لأي فتن داخلية، وهل ستزود قطر بمدافع وبنادق ، وهل تساعد بريطانيا قطر إذ تعرضت لخطر من جهة ابن سعود وهل هذه المساعدة ستستمر حتى بعد عهد الشيخ عبدالله. تنبه الشيخ عبد الله من إجابات المسؤول البريطاني أن سياسة بريطانيا تتجه إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية القطرية، وكان واضحاً أن بريطانيا لن تستجيب لمطالب الشيخ عبد الله آل ثاني بخصوص التدخل لحمايته من أي أزمات أسريه قد تواجهه، وانها لن تساعد في الدفاع عن قطر إلا إذ تعرضت لاعتداء من جهة البحر، وفي موضوع تزويد قطر بالسلاح استمر البريطانيون في المماطلة بذلك. **المعاهدة السعودية البريطانية (معاهدة جدة عام 1927)** أنهى عبد العزيز آل سعود حكم الأشراف في الحجاز عام 1925م ومثل ذلك تنامياً واتساعاً في دولة وقوة بن سعود؛ لذلك قررت بريطانيا أن تنتزع مرة خرى تعهدات من جانب بن سعود بعدم التوسع والاعتداء على أي من إمارات الخليج العربي التي ترتبط مع بريطانيا بمعاهدات الحماية؛ لذلك فقد نصت معاهدة جدة الموقعة في مايو عام 1927 على ما يلي: 1. يتعهد عبد العزيز ال سعود بعدم الاعتداء على الكويت والبحرين وقطر وسواحل عمان التي ترتبط بمعاهدات حماية مع الحكومة البريطانية. 2. يتعهد عبد العزيز آل سعود بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لإمارات الخليج. 3. يتم النظر في تعيين الحدود بين المناطق الخاضعة للنفوذ البريطاني ودولة ابن سعود. المفاوضات بين البريطانيين والشيخ عبد الله بشأن المطار ظهر سلاح الجو البريطاني إلى الوجود عام 1918م نظرا لأهمية منطقة الخليج العربي في السياسة البريطانية بسبب موقعها في طريق رحلات الطيران إلى الهند؛ لذلك بدأت وزارة الطيران الملكي البريطاني عام 1929م اتصالاتها مع زعماء الخليج في محاولة منها لإقناعهم بالموافقة على إنشاء مطارات لاستقبال وتسهيل مهمات سلاح الجو البريطاني. وواجهت تلك المحاولات في بداية الأمر معارضة شديدة من زعماء وحكام المنطقة وخاصة من شيخ قطر، واستطاع البريطانيون عن طريق الترغيب والترهيب إبرام أول اتفاقية للطيران مع حاكم الشارقة سلطان بن صقر القاسمى في يوليو 1932 ، هبطت أول طائرة بريطانية في الشارقة مع نهاية العام وهى في طريقها للهند، وادى اكتشاف النفط في البحرين في عام 1932 م إلى تزايد أهمية المنطقة بشكل كبير في السياسة البريطانية، ومع تزايد أهمية النفط في السياسة الدولية كان على بريطانيا حماية مصالحها في المنطقة، ولم يكن ذلك ليتم إلا عن طريق إنشاء مطارات في المنطقة، وهو ما ادى الى تزايد الضغط البريطاني، وقد بدأت المفاوضات بين الحكومة البريطانية والشيخ عبد الله بن جاسم بين عامي 1931,1933م بشأن انشاء مطار في قطر حيث تلقى الشيخ عبد الله حاكم قطر رسالة من الوكيل السياسي في البحرين يبلغه بزيارته للدوحة في نهاية أكتوبر عام 1931 لبحث إنشاء مطار لهبوط الطائرات البريطانية في الدوحة، وخلال اللقاء رفض الشيخ عبد الله انشاء مطار في الدوحة لخشيته من أن ذلك سيؤدي إلى السيطرة البريطانية على البلاد، وإزاء رفض الشيخ عبد الله إقامة مطار في الدوحة طلب البريطانيون منه الموافقة على إقامة مطار في الريان، وأبدو تصميمهم على إنشاء مطار في قطر، وفي ظل الإلحاح البريطاني على إنشاء المطار وافق الشيخ عبد الله على ذلك، مشترطاً حماية بريطانيا لأمن قطر «وأن تلتزم بالدفاع عن البلاد ضد من تسول له نفسه من القبائل المساس بأمنها، أو التعدي على الطائرات عند هبوطها». وتم انشاء مطار الدوحة بداية عام 1934 هبطت أول طائرة بريطانية فيه في مايو من العام نفسه، وكان على متنها عدد من خبراء البترول، والوكيل السياسي في البحرين، وكان في استقبالهم الشيخ حمد بن عبد الله، والذي اصطحبهم لمقابلة والده. **امتياز التنقيب عن النفط واتفاقية تجديد الحماية عام 1935م** لما كانت معاهدات الحماية الموقعة بين بريطانيا والشيخ عبد الله عام 1916م لا تتضمن أية تعهدات من جانب بريطانيا لتأمين الحماية الشاملة لقطر ونظراً لتزايد المخاوف من جانب الشيخ عبد الله من أي عدوان بري على بلاده بعث الشيخ عبد الله بواسطة المقيم البريطاني في الخليج فاول (fowel) في مايو 1935م يطلب تجديد الحماية البريطانية على قطر على أن تشتمل المعاهدة الجديدة الحماية الشاملة على البلاد براً وبحراً، وأن تعترف بريطانيا بابنه حمد ولياً للعهد وحاكماً بعده. رحب البريطانيون بطلب الشيخ عبد الله عقد اتفاقية جديدة معه، خاصة وأن بريطانيا أصيبت بخيبة أمل كبيرة جراء ضياع أغلب حقول النفط في منطقة الخليج من شركاتها في وقت اصبح فيه النفط هو المحرك الرئيس للتنافس السياسي الدولي، إذ نجحت الشركات الأمريكية في الاستحواذ على معظم نفط البحرين، والسعودية، والعراق وإيران، ثم دخلت تلك الشركات بتنافس قوي مع الشركات البريطانية لما تبقى من أراضي نفطية في المنطقة، لذلك رأت بريطانيا في عرض الشيخ عبد الله فرصة ذهبية للسيطرة على امتياز التنقيب عن النفط في قطر ، وجاء الرد البريطاني سريعاً إذ تسلم الشيخ عبد الله رد الحكومة البريطانية المتمثل بتأكيد المقيم السياسي البريطاني على أن الحكومة البريطانية مستعدة لتلبية طلب الشيخ عبد الله بشرط موافقته على تجديد اتفاقية امتياز النفط للشركة الإنجليزية الفارسية. كان الشيخ قد وافق على طلب الشركة المذكورة بإجراء مسح جيولوجي لأراضي قطر، من أجل التنقيب عن النفط في عام 1925. ولاستكمال المناقشات بين الجانب البريطاني والشيخ عبد الله بشأن تجديد المعاهدة زار المقيم السياسي البريطاني قطر في النصف الثاني من أبريل عام 1935م، وأجرى مناقشات مع الشيخ عبد الله حول الأسس التي ستقوم عليها الحماية البريطانية لقطر، وفي 11 مايو 1935م بين الوكيل السياسي تلك الأسس في النقاط الأربع الآتية: 1. تمنح بريطانيا الحماية لقطر مقابل الحصول على امتياز بترولي للشركة الأنجلو ـ فارسية. 2. تعني الحماية بالهجمات الخارجية الخطيرة التي لا يكون الشيخ سبباً في حدوثها، سواء كانت من البحر أو البر. 3. يتحمل سلاح الجو البريطاني مسئولية تحقيق هذه الحماية. 4. تتولى قطر تأمين الحماية اللازمة لضباط سلاح الجو البريطاني ومعداتهم في الأراضي القطرية، وتضمن امن وسلامة المطارات والخدمات. 5. توافق بريطانيا على الاعتراف بولي العهد (الشيخ حمد بن عبد الله) شريطة التزامه بنصوص معاهدة 1916 وأن يقر كذلك بأن المعاهدات الجديدة تنسحب على من يخلفه في الحكم على قطر. تم التوقيع على الأسس الجديدة للمعاهدة في 24 مايو 1935م بعد أن سبقها بأيام في 17 مايو 1935 توقيع عقد امتياز النفط لصالح الشركة الإنجليزية الفارسية، وهكذا استغلت بريطانيا حاجة قطر للحماية الفعلية فقامت بفرض شروطها بعد أن علمت بوجود محاولات تجرى من قبل الشركات النفطية الأمريكية لإقناع الشيخ عبد الله بن جاسم بمنحها حق الامتياز في استخراج النفط من أراضيه مع بعض المميزات التي تفوق ما حصل عليها من قبل الشركات البريطانية النفطية، وظهر تخوف البريطانيين بعد زيارة الشيخ عبد الله للملك عبد العزيز آل سعود في الرياض عام 1933 حيث نصحه عبدا لعزيز بمنح امتياز التنقيب عن البترول للشركات التابعة للولايات المتحدة الأمريكية. **قطر اثناء وبعد الحرب العالمية الثانية** بعد أن أصبح النفط أحد العوامل الرئيسة المحركة للعلاقة بين قطر وبريطانيا فإن الظروف التي سبقت اكتشافه وتصديره بكميات تجارية سنوت عجاف عشرة (1949-1939) تعرضت قطر خلالها لتأثيرات سلبية نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية التي من ملامحها توقف عمليات البحث عن النفط عام 1942م بعد أن رأت السلطات البريطانية ضرورة ذلك وحاجتها للعمل في المجهود الحربي فأوقفت الشركة الانجليزية الفارسية أعمالها مما أدى إلى إغلاق أبواب الرزق في وجه عدد كبير من أبناء البلاد، كما كان من ملامح هذه المرحلة توقف وتدهور حرفة صيد اللؤلؤ نظراً لعدم توفر التمويل من قبل التجار، وتوقف تصريف الانتاج نتيجة لظروف الحرب العالمية في أوروبا، وإغلاق أسواق باريس. وأدى ذلك إلى سوء الأحوال العامة في البلاد فعم الغلاء وقلت المواد الغذائية، واستعان الشيخ عبد الله بالبريطانيين لمعالجة الوضع وتأمين المواد الغذائية، الذين البريطانيون أسسوا مركز تموين الشرق الأوسط في القاهرة، لينهض بعبء توفير المواد الغذائية للخليج والجزيرة العربية. **تزويد قطر بالسلاح** نصت معاهدة 1916م على تعهد البريطانيين تزويد قطر ب 500 بندقية و75000 طلقة ذخيرة في كل عام لاستعمال الشيخ وأتباعه من الحرس على أن يتعهد الشيخ بمنع استيراد الأسلحة وبيعها ومنع رعاياه من المتاجرة فيها ، واستمر البريطانيون بالمماطلة في ذلك حتى منتصف عام 1926 م حيث تمت الموافقة على طلب الشيخ عبد الله تزويد قطر بنحو 500 بندقية و75 ألف طلقة مقابل 25500 روبية، وذلك في محاولة من جانب البريطانيين للظهور بمظهر الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشيخ عبدالله ، والمتتبع للظروف التي أصبح عليها البريطانيون فإنه يمكن فهم الأسباب التي دفعت لظروف الحاجة إلى تأمين حماية للمهندسين والجيولوجيين البريطانيين الذين قدموا إلى قطر لإجراء مسح جيولوجي فيها خاصة وأن الشيخ عبدالله طلب تزويده بأسلحة لتأمين الحماية لهم، إضافة الى رفض الشيخ عبد الله استقبال مندوب شركة النفط الإنجليزية الفارسية ومن معه من المهندسين من رعايا بريطانيا في بداية عام 1926 م لعدم استتباب الأمن وعدم توفر الأسلحة اللازمة بيد رجاله، وهكذا دفعت هذه الظروف بالبريطانيين الاستجابة لطلب الشيخ عبدالله تزويده ببعض الأسلحة ، إلا أنها رفضت فيما بعد تزويده بكميات اخرى، بحجة أنها أي بريطانيا ملزمة بحمايته ولا حاجة لقطر لمزيد من السلاح. وفي العام 1937م تجدد النزاع بين البحرين وقطر بسبب عدم وضوح الحدود في وقت أصبحت الأرض مصدر أساسي للثروة مع منح امتيازات التنقيب عن النفط، وتعريض حكام البحرين بعض القبائل في شمال غرب قطر للخروج عن سلطة آل ثاني، كما تقدموا بالعديد من الطلبات للمقيم السياسي البريطاني يدعون احقيتهم في الزبارة، وعلى الرغم من رفض المقيم السياسي هذه الادعاءات وتأكيده على أن الزبارة جزء أساسي من مشيخة قطر، إلا أن الشيخ عبد الله كان في حاجة لتعزيز نفوذه على هذه المنطقة بشكل أقوى من خلال تشييد قلعة الزبارة في عام 1938م لمراقبة الساحل الغربي لقطر، وتأكيداً لنفوذه على هذه المنطقة كما عمل على كسب ولاء القبائل في شمال غرب قطر. دفعت التطورات الجديدة الناتجة عن التوتر في العلاقة بين قطر والبحرين الشيخ عبد الله عام 1938 لطلب بعض السيارات المصفحة من البريطانيين حسب الوعود البريطانية في اتفاقية عام 1935م حتى يتمكن من دعم نفوذه على كافة الأراضي القطرية، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من قبل البريطانيين بحجة أن هذه السيارات لا تصلح للعمل في هذه البلاد، ولم يفي البريطانيون بوعودهم، وربما يكون السبب في ذلك رغبة بريطانيا في الاحتفاظ بحق الدفاع عن قطر، ورغبتها في أن يبقى الشيخ في حاجة دائمة لطلب المساعدة منها. وكان رفض بريطانيا المستمر تزويد حاكم قطر بالأسلحة قابله رفض من الشيخ عبد الله بن جاسم تعيين معتمد سياسي بريطاني في قطر، وأمام هذا الإصرار من الشيخ عبد الله لجأ البريطانيون إلى الاستفادة من طبيب بريطاني كي يمارس مهام المعتمد البريطاني في قطر بشكل غير رسمي. **أزمة ولاية العهد عام 1948** في مايو من عام 1948م توفي ولي العهد الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني في مستشفى شركة النفط بدخان وأصبح والده الذي يعاني من المرض وتقدم السن يباشر شئون الدولة كلها بنفسه، لذلك عين ابنه الأكبر الشيخ على ولياً للعهد وطلب من السلطات البريطانية الاعتراف به وليا للعهد، فاستغل البريطانيون ذلك واشترطوا على الشيخ عبد الله مقابل الموافقة على طلبه تعيين معتمد سياسي بريطاني في قطر. حاول الشيخ عبد الله مقاومة الشروط البريطانية فدعى أفراد أسرته وزعماء وشيوخ القبائل وتم ترشيح ابنه الشيخ على لولاية العهد وحصل على موافقة الحاضرين ثم تم إعداد محضر بوقائع الترشيح وقعه الحاضرون بالموافقة، وفاجأ الشيخ السلطات البريطانية بذلك، واستمر البريطانيون في الضغط على الشيخ من أجل تعيين معتمد بريطاني في الدوحة **تنازل الشيخ عبد الله عن الحكم** قرر الشيخ عبد الله التنازل عن الحكم نهائياً لولي عهده في وقت اشتد عليه المرض، وكثرت عليه المتاعب من جانب أفراد أسرته بشأن المخصصات المالية التي كانت ترد للحاكم من شركة النفط، هذا بالإضافة إلى بعض الاضطرابات التي اندلعت في أحد أسواق الدوحة قتل فيها بعض الهنود والباكستانيين والتي بالغت السلطات البريطانية في تضخيمها بهدف الضغط على الشيخ للموافقة على تعيين معتمد سياسي بريطاني في الدوحة، وفي ظل هذه الأحداث المتسارعة وصل للدوحة الكولونيل وليم هاي القائم بأعمال المقيم السياسي في الخليج في 16 أغسطس من عام 1949م طالباً من الشيخ موافقة خطية على تعيين معتمد بريطاني في قطر، وفي 20 أغسطس من عام 1949م اعترف القائم بأعمال المقيم السياسي البريطاني بالشيخ على بن عبد الله آل ثاني حاكماً على قطر الذي وافق على تعيين معتمد سياسي بريطاني في قطر، ووقع على صلاحية الاتفاقيات التي عقدها والده مع الحكومة البريطانية، كما وقع خطابا يطلب فيه تعيين مستشار بريطاني له والذي وصل إلى قطر وبصحبته جهاز من المعاونين البريطانيين، وجاء ذلك كله بطبيعة الحال كخطوة تمهيدية لتوسيع نطاق العلاقات بين قطر وبريطانيا لإحكام ربط البلاد بعجلة السياسة البريطانية. **تعيين معتمد سياسي بريطاني في الدوحة:** عين البريطانيون في 23 أغسطس من العام 1949م جون ويلتون كأول معتمد سياسي لهم في قطر، وربما ارتبط تأخر البريطانيين في تعيين معتمد سياسي لهم في قطر بعدد من الأسباب منها؛ عدم حاجة البريطانيين لوج

Use Quizgecko on...
Browser
Browser