Full Transcript

1- ماهي الحوكمة =============== أهداف الوحدة الأولي، التعرف علي: [1-1 المقدمة والخلفية التاريخية] -------------------------------------------- مقدمة الحوكمــة "Governance "علــم ينمــو فــي حقــل العلـوم الإنسانية، كان لـه جـذوره الأولى فـي قيـم وأخــلاق الحضــارات الإنسانية المتوارثة والتــي ات...

1- ماهي الحوكمة =============== أهداف الوحدة الأولي، التعرف علي: [1-1 المقدمة والخلفية التاريخية] -------------------------------------------- مقدمة الحوكمــة "Governance "علــم ينمــو فــي حقــل العلـوم الإنسانية، كان لـه جـذوره الأولى فـي قيـم وأخــلاق الحضــارات الإنسانية المتوارثة والتــي اتفقــت علــى تحريــم الظلــم وإحقــاق العــدل، وتعظيــم حســن الأداء، وتنظيــم العمــل، وتحديــد المهمــات تحــت ضوابــط الرقابــة والتدقيــق علــى انجــاز واتخــاذ القــرارات الفصليــة للجماعــة بنــاء علــى التشــاركية وتبــادل الــرأي، ومــن هــذه المفاهيــم الراســية فــي حضـارات الأمم فـي صقـل مبـادئ الحوكمـة الحديثـة بمضامينهـا المعروفـة \"قاعـدة تفويـض أولـي الأمر\" لتطبيـق إدارة رشـيدة مقابـل حـق الأفراد في الرقابــة والمحاســبة. وقـد كثَـر الحديـث فـي الآونة الأخيرة عـن الحوكمـة سواءً فيمــا يتعلــق بحوكمــة الشــركات أو الحوكمــة فــي القطــاع العــام، ولكــن تشــير المتابعــة الدقيقــة لتطــور هــذا المفهــوم بوضــوح، إلــى جــذور حقبــة إسلامية تاريخيــة محــددة بدولــة المدينــة الأولى؛ ابتداءً بولايــة الرســول عليــه الصلاة والســلام الدينيــة والمدنيــة مــروراً بزمــن الخلفــاء الراشــدين؛ حيــث اسـتطاع تحقيـق الأهداف الثابتـة مثـل إقامـة العـدل والمســاواة وإقــرار حــق مســاءلة الحاكــم وفــرض الشــفافية ورعايــة الأقليات وأصحــاب المصالــح الأخرى، وتــرك آليــة تنصيــب الحاكــم إلــى الاجتهاد الوضعـي المسـتند إلـى الشـرع علـى أسـاس التشـاور وحــق الاختيار. ونظــراً لحــدوث سلســلة مــن الأزمات الماليــة والافلاسـات المتتاليـة للعديـد مـن كبريـات الشـركات فـي العالـم؛ فقـد تـم إثـارة تساؤلات حـول الأسباب التــي أدت إلــى الفضائــح الماليــة، والتــي كان مــن أبرزهــا الفســاد المالــي والإداري، وحــدة المنافســة ً بيــن الشــركات واتخاذهــا منحــى عدوانيا وضعــف البيئــة القانونيــة، وغيــاب الحوكمــة وغيرهــا، فقــد أدت هـذه الأسباب إلـى اكتسـاب حوكمـة الشـركات أهميــة كبيــرة، والعمــل علــى ضمــان حمايــة مصالــح كافــة الأطراف ذات العلاقــة بالشــركة. مــن ناحيــة أخــرى فــإن انتشــار الفســاد فــي القطــاع العـام فـي كثيـر مـن الـدول، وتراجـع أداء الحكومـات، قــد أدى إلــى ضــرورة التــزام القطــاع العــام أيضــاً بمبــادئ الحوكمــة، وظهــور مــا يســمى بالحوكمــة فــي القطــاع العــام. وأن الالتزام بهــا ســيؤدي إلــى زيــادة ثقــة الشــعب فــي إدارة الحكومــة، وبالتالــي قــدرة الــدول علــى جــذب مســتثمرين محلييــن أو أجانـب، ومـا يترتـب علـى ذلـك مـن تنميـة اقتصـادات تلـك الـدول، ولذلـك فقـد أضحـت الحوكمـة متطلبـاً أساســياً علــى مســتوى الشــركات لتحســن أدائهــا ً وتطويرهـا، كمـا تعـد الحوكمـة مطلبًّا ضروريـا لإيجاد مؤسســات أعمــال تتصــف بالاستقلالية والتركيــز علــى الرســالة التــي أنشــئت مــن أجلهــا، وهــو مــا يمكنهــا مــن الاضطلاع بمســؤولياتها، والتعبيــر عــن مصالحهـم بصـورة فعالـة فـي دوائـر صنـع السياسـة العامــة. 1-1-1 ظهور مفهوم حوكمة الشركات ظهر مفهوم حوكمة الشركات (Corporate Governance) لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي حينما قامت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) بتناول قضية حوكمة الشركات وجعله في مقدمة أولوياتها، وظهر مصطلح "حوكمة الشركات" في عام 1976م  لأول مرة في السجل الفيدرالي الأمريكي، وهو الجريدة الرسمية للحكومة الفيدرالي، وكان ذلك في أعقاب أكبر قضية إفلاس مرت على أمريكا في ذلك الوقت حيث أعلنت شركة النقل Penn Central إفلاسها عام 1970م بعد سلسلة من النجاحات في خططها التوسعية و الإندماجات و التنوع في الاستثمار وتسبب ذلك في أزمة اقتصادية، وبعد سلسلة من التحقيقات في الأمر اتخذت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في عام 1974م مجموعة من الإجراءات القانونية ضد ثلاثة من الرؤساء وذلك جراء تقديمهم بيانات مظللة تجاه البيانات المالية للشركة، كما شملت الإجراءات مجموعة كبيرة من المدراء التنفيذيين لقاء خرقهم لقواعد مهنية تحت نطاق أعمالهم كانت السبب خلف هذا الانهيار. وبنفس التوقيت تقريباً اكتشفت هيئة الأوراق المالية والبورصات مدفوعات واسعة النطاق من قبل الشركات إلى مسؤولين حول تزوير سجلات الشركات. الأمر الذي دفع الشركات لتشكيل لجان مراجعة داخلية والبدء بتعيين أعضاء مستقلين، الأمر الذي دفع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) لتوجيه بورصة نيويورك New York Stock Exchange (NYSE) لأن تطلب من الشركات المدرجة بأن تشكل لجان مراجعة داخلية لديها وبعضوية أعضاء مستقلين، الأمر الذي دفع المؤيدين لهذه الإصلاحات بالمطالبة بلجان مشابهة لإقرار المكافئات والترشيحات والتعيين. ثم جاء أحد أبرز التقارير التي ناقشت مفهوم \" حوكمة الشركات\" وأطّرت له هو ما يعرف بتقرير كادبوري (المملكة المتحدة، 1992)، نسبة إلى أدريان كادبوري الذي ترأس لجنة الجوانب المالية لحوكمة الشركات والتي شكلها مجلس العموم البريطاني والذي جاء مضمونه على مجموعة من الترتيبات بخصوص تشكيل مجالس الإدارات وهيكلية اللجان المنبثقة عنها وبيان أدوارها ومسؤولياتها والمدد المقررة لدورتها، وقد تم اعتماد توصيات ذلك التقرير لدى الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي وغيرها. وتجدر الإشارة كذلك إلى تقرير كنغ (The King Report on Corporate Governance) في جنوب أفريقيا الذي يعد إسهاماً رائدًا للمبادئ التوجيهية لهياكل الحوكمة وتشغيل الشركات. وقد صدرت عنه مجموعة تقارير أولها كان في عام 1994م وآخرها في عام 2016م وقال أدريان كادبوري بأنه يرى مستقبل الحوكمة في هذا التقرير كما تبنت بعض مبادئه أنظمة الحوكمة الأسترالية. وفي عام 1995م أصدرت فرنسا تقريراً Rapport Vienot بعد الأزمات المالية الي مرت بها بعض للشركات وكذلك في ألمانيا صدر قانون KonTraG الذي قدم معاييراً جديدة لحوكمة الشركات المدرجة في السوق الألماني ويعد التطوير الأول لقانون الشركات في ألمانيا منذ عام 1965م.  كما تجدر الإشارة الى الأزمة المالية التي تعرضت لها أسواق جنوب شرق آسيا عام 1997، أعقبتها الانهيارات والفضائح التي تعرضت لها العديد من الشركات العالمية مثل إنرون للطاقة، وورلد كوم وغيرها بداية القرن الحادي والعشرين، كذلك من التقارير ذات الأهمية حينما يتم استعراض تاريخ الحوكمة هو إسهام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إذ طرحت في عام 1998م تقريراً يستعرض مبادئ حوكمة الشركات. وهو ما أيده وزراء مالية دول مجموعة العشرين G20 بالاجتماع الذي عقد في عام 2015 هذا فضلاً عن الأزمة المالية العالمية الأخيرة والتي ظهرت علاماتها بوضوحٍ اعتباراً من منتصف عام 2008، حيث عمت آثارها أرجاء العالم، وقد كشفت كلّ هذه الأزمات القصور الواضح في تطبيق مبادئ الحوكمة، مما دفع بالدول وأجهزتها المعنية إلى اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه. وفي هذا السياق جاء إصدار قانون ساربينس - أوكسلي (السيناتور الأمريكي بول ساربينس والنائب الأمريكي ميشيل أوكسلي) وهو قانون أصدره الكونغرس الأمريكي في عام 2002 ويهدف إلى حماية المستثمرين من احتمالية قيام الشركات بالأعمال المحاسبية الاحتيالية، واقتضى قانون ساربينس - أوكسلي إصلاحات صارمة لتعزيز الإقرارات المالية من المؤسسات ولتجنب الاحتيال المحاسبي. والذي تميز بأنه: 1. 2. ومنذ ذلك الحين اتجهت أنظار العالم إلى مبادئ وممارسات الإدارة الرشيدة وأفضلها من أجل تطبيق معايير وقواعد حوكمة الشركات وأخذت كل دولة تسعى إلى وضع ضوابط تكفل عدم تعرض أسواقها المالية للاضطراب، وبرز مفهوم حوكمة الشركات كرد فعلي طبيعي لهذه الأحداث، وقد ترتب على ذلك توجيه اهتمام على مستوى الحكومات والدول والمستثمرين والمتعاملين بالأسواق المالية نحو ضرورة إيجاد آلية رقابية وإدارية تتمتع بتطبيقات حازمة وقوية تضمن إحكام وتعميق الدور الرقابي، وتراعي حقوق كافة الأطراف المرتبطة بالشركات وبما يحفظ الثقة في أسواق المال والتعاملات فيها ويجذب الاستثمارات إليها، فكانت قواعد ومعايير حوكمة الشركات أحد الآليات الهامة التي برزت لتغطي هذا الاحتياج والمطلب الأساسي، حيث تجمعت لديها الآليات والأساليب والأدوات الكفيلة بتحقيق الأهداف المشار إليها. +-----------------------------------------------------------------------+ | 1-1-2 بعض الأحداث التاريخية التي أدت إلى ظهور مفهوم الحوكمة | | | | **شركة وورلد كـوم 2002** | +=======================================================================+ | هي ثاني أكبر شركات الاتصالات الهاتفية وخدمات المعلومات الأمريكية، | | أعلن في يونيو 2002 أنها قد بالغت في تقدير أرباحها وأوردت أنَّ أرباحها | | في الفترة من يناير 2001 حتى مارس 2002 كان مبالغاً فيها بنحو 3.8 مليار | | دولار أمريكي، وذلك حيث تقدمت بطلب لإعلان إفلاسها. | | | | وقد كان ذلك بسبب قيامها بإجراء بعض المعالجات المحاسبية التي ترتب | | عليها توجيه تكاليف تشغيلية كرسوم استخدام شبكات شركات اتصالات على أنها | | استثمارات رأسمالية طويلة الأجل، في حين أنه كان يتعين معالجتها على | | أنها تكاليف جارية تشغيلية مما أدى إلى إظهار أرباح غير حقيقية. | | | | وقد كانت حسابات شركة وورلد كوم تُراجَع وتُدقَّق من خلال مؤسسة أرثر | | أندرس العالمية للتدقيق والمحاسبة، وتعمل في نحو 65 دولة، وقد ترتب على | | ذلك اضطراب في أسواق أسهم التكنولوجيا ووسائل الإعلام والاتصالات، وقد | | بلغت قيمة أسهم وورلد كوم السوقية عام 1999 نحو 175 مليار دولار أمريكي. | | وجديرٌ بالذكر أنَّ سعر تداول سهم البنك قد وصل قبل الإعلان عن طلب | | الإفلاس إلى 64 دولار للسهم، ثم انخفض بشكلٍ سريعٍ حيث بلغ 56 سنتاً في | | بداية الإعلان عن الفضيحة، انخفض بعدها إلى 8 سنت فقط. | +-----------------------------------------------------------------------+ | **شركة أنرون للطاقة 2001** | +-----------------------------------------------------------------------+ | ![](media/image2.png) | +-----------------------------------------------------------------------+ **بيرني مادوف (2008)** في ديسمبر 2008 قامت شركة Bernard L. Madoff Investment Securities LLC هي شركة استثمارية في وول ستريت أسسها بيرني مادوف بالاحتيال على المستثمرين بمبلغ 64.8 مليار دولار من خلال أكبر مخطط احتيال هرمي في التاريخ ( علي غرار مخطط بونزي) وذلك بوعدهم للمستثمرين بإعطائهم عوائد استثمارية على مدخراتهم تبلغ حوالي 30 -- 40 % وتضمن الاحتيال حصول المستثمرون على عوائد من أموالهم الخاصة أو من أموال مستثمرين آخرين وليس من الأرباح. وقد اعترف مادوف لأبنائه عن مخططه الاحتيالي وقاموا بدورهم بالإبلاغ عنه لهيئة الأوراق المالية واعتقل وحكم عليه بالسجن لمدة 150 عامًا اضافة لدفع تعويضات قدرها 170 مليار دولار. علماً بأنه تم الكشف عن احتيال مادوف بعد أشهر فقط من الانهيار المالي للولايات المتحدة عام 2008. **ليمان براذرز (2008)** حيث قامت شركة الخدمات المالية العالمية (ليمان براذرز) بإخفاء أكثر من 50 مليار دولار من القروض في صورة مبيعات. حيث زعمت الشركة أنها باعت أصولاً سامة (فقدت قيمتها بشكل كبير) لبنوك في جزر الكايمان على أساس أنه سيتم إعادة شرائها في نهاية المطاف مما خلق انطباعا زائفا بأن بنك ليمان لديه 50 مليار دولار نقدي إضافي و50 مليار دولار أقل من الأصول السامة وبعد الكشف عن الفضيحة تم إجبار ليمان براذرز على الدخول في أكبر عملية إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة. علما بأنه في عام 2007، كان تم تصنيف Lehman Brothers في المرتبة الأولى \"شركة الأوراق المالية الأكثر إثارة للإعجاب\" من قبل مجلة Fortune. 1-1-3 مفهوم الحوكمة الحوكمة هي مفهوم يشير إلى الإطار والآليات التي تتيح للمؤسسات والمنظمات أن تتحكم في أنفسها وتدير شؤونها بطريقة فعالة وشفافة ومسؤولة. تتعدد مجالات تطبيق مفهوم الحوكمة، بما في ذلك الحكومة، والشركات، والمؤسسات الغير ربحية، والمنظمات الدولية. في القرن العشرين، شهدت الحوكمة تطوراً هاماً مع ظهور الشركات الكبيرة والمؤسسات المالية التي تحتاج إلى آليات للتحكم والمراقبة. وتزايدت أهميتها بصورة ملحوظة نتيجة لعدة عوامل. من بين هذه العوامل: - - - واليوم، أصبحت مبادئ الحوكمة جزءًا أساسيًا من إدارة الشركات والمؤسسات. وتطبق مبادئ الحوكمة لضمان شفافية العمليات، وتعزيز المسؤولية والأخلاق في اتخاذ القرارات، وتوفير التوازن بين مصالح الأطراف المعنية المختلفة مثل المساهمين، والموظفين، والعملاء، والمجتمع. من المهم أن نلاحظ أن الحوكمة ليست مجرد إطار قانوني أو مجموعة من القواعد واللوائح. إنها ثقافة تنظيمية تتطلب التزاماً قوياً من قبل القيادة العليا وتشجيعاً للنزاهة والشفافية والمساءلة على جميع المستويات داخل المؤسسة. -- --

Use Quizgecko on...
Browser
Browser