التاريخ الجديد قابل للبحث PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Related
- Lecture Notes: Creation and Development of Qatar Until 1868 (PDF)
- LEC (3 & 4) Pre-1868 Qatar Creation Lecture Notes 2023 PDF
- Document on Sheikh Jassim's Role in Qatar's Foundation (1878-1913) PDF
- Past Paper - تاريخ قطر - Fall 2024
- Mercy for the Universe - History of the Arabian Peninsula PDF
- UAE History and Culture PDF
Summary
This document delves into the historical background of central Arabia before the establishment of the first Saudi state. It examines social, economic, and political conditions, focusing on the social divide between urban and rural populations, agricultural practices, trade routes, and the role of religious and scholarly figures. The piece highlights the various factors that impacted these societal structures before the rise of religious reform movements and political unification.
Full Transcript
األوضاع العامة في وسط الجزيرة العربية قبيل قيام الدولة السعودية األولى الحالة االجتماعية ينقسم مجتمع وسط الجزيرة العربية إلى قسمين :الحاضرة والبادية.فكان استقرار الحاضرة في وسط الجزيرة العربية حول المياه في الو...
األوضاع العامة في وسط الجزيرة العربية قبيل قيام الدولة السعودية األولى الحالة االجتماعية ينقسم مجتمع وسط الجزيرة العربية إلى قسمين :الحاضرة والبادية.فكان استقرار الحاضرة في وسط الجزيرة العربية حول المياه في الواحات ،وعلى ضفاف األودية ،وقد يكون االستقرار بجانب المناطق التجارية ،إال أن االستقرار في معظمه مرتبط بالزراعة في ذلك الوقت.أما القسم الثاني فهم البادية وهم الذين كانوا يتنقلون حول المراعي الخصبة لرعي أغنامهم وإبلهم ،وكانوا ينزلون أحيانا ً إلى أسواق الحاضرة لبيع ما ينتجون وشراء ما يحتاجون. الحياة االقتصادية لدى الحاضرة أوال :الزراعة من أهم الزراعات في وسط الجزيرة العربية زراعة النخيل ،حيث تأتي في الدرجة األولى، ويعود ذلك إلى أسباب ،منها :أنها تتحمل الظروف المناخية المختلفة وال يحتاج إلى عناية كبيرة، كما أنها تعتبر مصدرا ً هاما ً للغذاء. ويوجد في وسط الجزيرة العربية بعض المزروعات التي تعتمد على المياه ،إال أنها تواجه بعض العوائق كقلة األمطار ،وجفاف اآلبار ،والجراد ،والبرد والصقيع والعواصف ثانيا :التجارة وهي ثالثة أنواع: المحلية :التي تجري بين أهالي المنطقة من حاضرة وبادية. اإلقليمية :التي تجري بين بلدة وأخرى في اإلقليم الواحد. الخارجية :بين أهالي المنطقة من بادية وحاضرة واألقاليم األخرى ،مثل األحساء و مناطق الخليج والعراق والشام ومصر وغيرها.وكانت التجارة في المنطقة تواجه بعض المشكالت، خاصة الخارجية منها ،بسبب انعدام األمن وندرة المياه على الطرق التجارية الذي قد يفقد اإلنسان في غيابه تجارته أو حياته.وتوجد في منطقة وسط الجزيرة العربية بعض الحرف التي توفر البضائع لألهالي للمتاجرة بها مثل :صناعة النسيج ودباغة الجلود وصناعة الفخار والحصر وغيرها. الحالة السياسية كانت السلطة السياسية في وسط الجزيرة العربية تتمثل في زعامات لدى الحاضرة والبادية، وللزعامة مؤهالت من أهمها :عراقة النسب ،والشجاعة والكرم وغيرها من الصفات الحميدة. وكان الوصول إلى الزعامة يتم من خالل عدة طرق من أهمها الوراثة ،أو فرض السيطرة بالقوة. وكانت المنطقة قبيل قيام الدولة السعودية األولى غير مستقرة سياسيا ً لوجود كثير من اإلمارات المحلية.فلقد كان في كل بلدة صغيرة إمارة ،وكأنها دولة مستقلة مما جعل المنطقة مشتتة ومقسمة.فانتشرت الحروب والنزاعات داخل البلدة الواحدة وبين البلدان من أجل السيطرة والنفوذ ،فانظر مثالً إلى العيينة وحريمالء والخرج والرياض والدرعية وملهم وشقراء وثرمداء وغيرها ،كانت بمثابة إمارات وزعامات ال يجمعها كيان واحد. والتاريخ المحلي لوسط الجزيرة العربية يصف لنا كيف كانت فيه معظم تلك اإلمارات من عدم استقرار وحروب ونزاعات وقتال. الحالة الدينية والعلمية ً عاشت منطقة وسط الجزيرة العربية أوضاعا غير مستقرة قبل قيام دعوة الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب ،ويرجع ذلك إلى عدة عوامل من أهمها: أوالً :صعوبة الظروف االقتصادية التي تؤمن حياة مستقرة تحث على العلم والتعلم. ثانيا ً :قلة وجود من يتولى شؤون التعليم ويقوم على رعايته. ثالثا ً :انعدام الناحية األمنية ،مما أدى إلى ضعف التعليم. كان العامل الديني هو الدافع لدى البعض إلى التعلم ،فمن تعلم القرآن الكريم بدأ يعلم الناس. ومن المالحظ على علماء تلك الفترة أنهم ركزوا على الفقه باهتمام كبير ،ولم تأخذ العلوم األخرى من الدين -كالعقيدة -نصيبها كما هو الحال بالنسبة للفقه ،أما تركيزهم على الفقه فألنه يؤهل ألمرين :هما إمامة الناس في الصالة ،والقضاء بين الناس. والمذهب السائد في وسط الجزيرة العربية هو المذهب الحنبلي ،مع وجود المذهب المالكي والشافعي ،وترجع سيادة المذهب الحنبلي في نجد إلى أسباب هي: أوالً :أن عددا ً من علماء المذهب الحنبلي في المناطق المجاورة لنجد كانوا ،لظروف طارئة ،قد رحلوا إلى منطقة وسط الجزيرة العربية ثانيا ً :أن دراسة العلماء في منطقة نجد كانت على أيدي علماء حنابلة. ثالثا ً :أن المذهب الحنبلي هو أقرب المذاهب لنصوص القرآن الكريم ،مع سهولة شرحه التي جعلته محببا ً إلى النفوس. وتشير المصادر الموثوقة كابن بشر وابن غنام إلى وجود الشرك عند بعض سكان نجد بنوعيه األكبر واألصغر ،والدليل على ذلك وجود بعض الفئات التي كانت تعتقد النفع والضرر من األشجار واألحجار ،وكانت تقدسها ،كذلك بناء القباب على القبور ،كقبر زيد بن الخطاب رضي هللا عنه مثالً. وذلك كله يؤكد أن وسط الجزيرة العربية مثل بقية أجزائها قبل قيام الدعوة والدولة السعودية األولى كانت تعاني من الكثير من المخالفات في أمور الدين عامة واألمور العقدية خاصة. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال: هل كان الناس في وسط الجزيرة العربية بحاجة إلى دعوة دينية؟ ولماذا كانت هذه المنطقة مكانا ً مناسبا ً لها ؟ إن االستقراء الصحيح لواقع الحياة في وسط الجزيرة العربية آنذاك يجعلنا نقول :نعم كانت وسط الجزيرة العربية بحاجة ماسة لقيام دعوة دينية تدعم بقوة سياسية ،فقد كان الشرك موجودا ً عند البعض -كما ذكرنا -وكان الصالحون غير قادرين على الجهر بتصحيح ما يرونه من أخطاء عقدية ،فكان البد من وجود سلطة سياسية تدعم هذه الدعوة وتسعى إلى نشرها وتعميمها الشيخ محمد بن عبد الوهاب : نسبه :هو محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد ابن بريد بن مشرف آل وهبة التميمي. مولده ونشأته ولد الشيخ محمد في العيينة سنة ١١١٥هـ ١٧٠٣ /م في أسرة لها مكانتها العلمية والدينية ،فهي من األسر التي تولت مركز الصدارة في العلوم الشرعية وظهر من هذه األسرة علماء كثيرون لهم مكانتهم في العلم الشرعي ،وقد برز منهم عبد القادر بن بريد بن مشرف ،وكان أحد العلماء الحنابلة ،كذلك أحمد بن محمد بن مشرف وهو ممن تولى القضاء في نجد ،ومن طلبة الشيخ شهاب الدين العسكري أستاذ المذهب الحنبلي في بالد الشام ،وجد الشيخ محمد وهو سليمان ابن علي الذي تتلمذ على يد الشيخ أحمد بن محمد بن مشرف. دراسته األولى: نشأ الشيخ في ظل أسرة علمية وفرت له البيئة القادرة على تفريغ األبناء للدراسة والتحصيل العلمي ،ومن الذين أثروا في شخصية الشيخ جده سليمان ووالده الذي كان قاضيا ً لحريمالء ،فكان يحضر مجالس والده ويستفيد من هذه المجالس العلمية. ومن األمور التي أثرت في تحصيل الشيخ العلمي ،وجود دافع ذاتي (شخصي) إلى العلم ،وذلك لما توفر لديه من ذكاء وفطنة وقوة وحفظ . كما أن الشيخ كان يمتاز بشخصية جادة فلم يكن كأقرانه في مرحلة طفولته ،فقد حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره ،وتزوج وعمره حوالي الثالثة عشرة ،ومن المؤثرات في شخصيته أنه أدى فريضة الحج وهو في سن مبكرة مما جعله يشاهد الحجاج ،ويحتك بطلبة العلم والوعاظ ،وقد أعجبه ما شاهده من وحدة إسالمية في فريضة الحج ،وكل ذلك من األمور التي أثرت في نفسه ،يقول والده الشيخ عبد الوهاب عنه (لقد استفدت من ابني) ،ويقصد بذلك استفادته منه في بعض األحيان في حكم من األحكام مثالً ،وهذا يعطي مؤشرا ً على كبر عقله في وقت مبكر. وفي حجه األول تعرف على أستاذه الشيخ عبد هللا بن إبراهيم بن سيف النجدي في المدينة المنورة ،وهو أحد الذين أثروا في شخصية الشيخ. وبعد عودة الشيخ من الحج إلى العيينة كان يرى بأنه البد له من االستزادة من العلم ،كل ذلك يعطي داللة على التحصيل العلمي القوي للشيخ ،انطالقا ً من حرصه الشديد على طلبه واالستزادة منه. رحالته العلمية أوال :رحلته العلمية إلى الحجاز كانت رحلة الشيخ األولى إلى مكة المكرمة عندما ذهب يؤدي فريضة الحج ،والتقى فيها بطلبة العلم ،ثم رحل إلى المدينة المنورة بعد عودته من الحج ،حيث شاهد فيها العلماء ،وتعرف على أستاذه األول الشيخ عبد هللا بن إبراهيم النجدي وقد أفاد منه الشيخ في تعلم الفقه والحديث ،وفي االتجاه إلى قراءة كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية وابن قيم الجوزية ،وكان الشيخ عبد هللا النجدي يدرك معاناة المنطقة ،لذلك أرشد تلميذه الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية لمعرفته بحال المنطقة وبحاجتها لتقويم بعض األمور الدينية.كذلك التقى بالشيخ محمد حياة السندي ،وهو أحد النابذين للبدع في الدين وقد تعلم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،على يدي هذين الشيخين ،الشيء الكثير في أثناء إقامته هناك ما يقارب الشهرين. ثم عاد الشيخ إلى العيينة ،ومع أنه عاد مؤهالً للدعوة ،فإنه رأى أنه ما يزال بحاجة إلى مزيد من العلوم لكي يكون صاحب دعوة مؤثرة ،فعزم على الذهاب إلى العراق محطته الثانية في رحالته العلمية ثانيا :رحلته العلمية إلى العراق «البصرة» طبيعة العراق آنذاك جعلتها تحوي أجناسا ً متعددة يتحقق بينها االمتزاج السكاني ،فلم تكن ذلك المجتمع الصغير المحافظ ،كما هو الحال في نجد ،لذلك واجه الشيخ الكثير من المشكالت في رحلته إلى العراق ،وتعلم فيها الكثير من العلوم الفقهية والحديث ،وتعلم بشكل كبير على يد الشيخ محمد المجموعي ولوجود بعض األمور الشركية عند بعض أهل العراق من شعوذة وغيرها أصبح الشيخ شخصا ً غير مرغوب فيه في العراق ،لمحاربته لهذه المعتقدات الخاطئة ،وهذا األمر هو الذي دفع الشيخ إلى تأليف كتابه (التوحيد) في العراق.وعندما نذكر العراق ،فإننا نقصد البصرة تحديداً؛ ألنه لم يذهب لغيرها في ذلك الوقت ،وقيل إنه عاد من البصرة إلى (الزبير) وكان ينوي الذهاب إلى الشام إال أنه عاد إلى األحساء دون أن يتوجه إلى بالد الشام. ثالثا :رحلته العلمية إلى األحساء كانت األحساء معروفة بمركزها الثقافي والحضاري ،فكانت تحوي مجموعة من العلماء ،منهم الشيخ عبد هللا بن فيروز الذي درس على يديه الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،كما التقى الشيخ في األحساء عددا ً من مشايخها الحنابلة غير عبد هللا بن فيروز ،ومن األحساء عاد الشيخ إلى نجد. عودته إلى نجد : عاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى نجد سنة ١١٤٩هـ ١٧٣٦ /م ،وعندما وصل إلى العيينة وجد أن أباه عبد الوهاب اختلف مع أمير العيينة ،وذهب إلى حريمالء حيث عمل في القضاء، فلحق الشيخ محمد بوالده. دعوة الشيخ في حريمالء عند وصول الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى حريمالء كان مؤهالً للقيام بالدعوة والبدء بها ، ووجدت الدعوة صدى متوقعا ً بين الناس إال أن هناك من عارضها ،وكان لوالده الشيخ عبد الوهاب بن سليمان -رحمه هللا -رأي في البدء بالدعوة حيث طالب ابنه الشيخ محمد -رحمه هللا -بالتريث وعدم مواجهة الناس. ولم يجهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته إال بعدما توفي والده سنة ١١٥٣هـ ١٧٤٠ /م، وكان الجهر بالدعوة في حريمالء ،فوجد من حاول االعتداء عليه ،وهذا ما كان يخافه والده. أهم أهداف الدعوة أوالً :إفراد هللا بالعبادة. ثانياً :نبذ الشرك بجميع أنواعه. ثالثاً :سد الذرائع المؤدية للشرك. رابعاً :محاربة البدع في الدين. خامساً :تطبيق الشريعة اإلسالمية في ظل دولة قادرة على تطبيقها. وبعدما جهر الشيخ بدعوته في حريمالء ،اضطر إلى االنتقال منها إلى العيينة وكان النتقاله إلى العيينة عدة أسباب من أهمها : أوالً :عدم القبول للدعوة في حريمالء. ثانياً :قبول رئيس العيينة بالدعوة وتأييدها. ثالثاً :مركز العيينة في المنطقة. الدعوة في العيينة سنة ١١٥٤هـ : عندما عاد الشيخ محمد من حريمالء إلى العيينة رحب به أميرها ،وأمر الناس بأن يتبعوه ،وكان أميرها عثمان بن معمر الذي زوج الشيخ من عمته الجوهرة بنت عبدهللا بن معمر . وعندما وجد الشيخ الدعم سارع إلى إزالة بعض المعالم الشركية في المنطقة حيث أمر بقطع بعض األشجار التي يعتقد فيها النفع والضر مثل شجرة الزيب وقريوه ،والقباب التي كانت على القبور كقبر زيد بن الخطاب رضي هللا عنه. كما قام الشيخ باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وأمر الناس بالصالة مع الجماعة وعقاب المتخلف عنها ،وقام بإرسال الوفود إلى البلدان والقرى والقبائل لتوضيح أمر الدعوة ومبادئها كذلك قام بتطبيق حدود الشريعة اإلسالمية ،فقد طبق حد الزنا على امرأة اعترفت عند الشيخ أربع مرات أنها زانية ،فرجمت. ردود الفعل على تطبيق مبادئ دعوة الشيخ عندما بدأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تطبيق مبادئ دعوته ظهرت ردة فعل من بعض العلماء ،وفي مقدمتهم بعض علماء نجد ،وأولهم الشيخ سليمان بن سحيم من الرياض ،والشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخو الشيخ في حريمالء وعبدهللا المويس عالم حرمة. وكانت هناك أسباب لهذه المعارضة من أهمها ما يلي: أوالً :اعتبار الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن ما يأخذه القاضي أجرا من المتخاصمين ً هو رشوة ،مما جعل العلماء يعارضون الدعوة. ثانياً :خوف بعض العلماء من فقد مكانتهم االجتماعية عند الناس ،ببزوغ نجم جديد هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب. ثالثاً :االختالف في بعض األمور الجزئية في الدعوة ،حيث اتفق معه الكثير من العلماء في المبادئ العريضة ،لكن عندما بدأ التفصيل في األمور الدقيقة كانت ردة الفعل من قبل المعارضين خصوصا ً في مسألة الشرك. لكن ردة الفعل هذه لم تؤثر سلبا ً في دعوة الشيخ ،لذلك عمد بعض العلماء المعارضين إلى إرسال الرسائل للعلماء خارج نجد ،وتأليب القوى السياسية على دعوته ،زاعمين أن الشيخ كان يؤلب الشعب على الساسة ،ولذلك قام حاكم األحساء سليمان بن محمد بن عريعر بالضغط على حاكم العيينة ،وذلك للمصلحة والعالقة السياسية التي تربط حاكم العيينة بحاكم األحساء ،وألسباب اقتصادية تربط ابن معمر بحاكم األحساء.لذلك طلب ابن معمر من الشيخ أن يخرج من العيينة. وبعد ذلك ذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية إلكمال دعوته فيها ،وكان ذهابه إليها لعدة أسباب من أهمها: أوالً :تنامي قوة الدرعية في ذلك الوقت. ثانياً :استقاللية الدرعية وعدم وجود سلطة خارجية عليها. ثالثاً :تطبيق أمراء آل سعود ألحكام الشريعة اإلسالمية ومبادئ الدين اإلسالمي الحنيف ،ووجود عدد من أبنائهم يتلقون الدروس على يد الشيخ محمد في العيينة.البد من التوقف هنا للحديث عنما حصل بعد ذهاب الشيخ إلى الدرعية لكي نتطرق إلى تاريخ آل سعود والدرعية ،وذلك قبل المبايعة التاريخية بين الشيخ محمد ابن عبد الوهاب واألمير محمد بن سعود ،أو ما يعرف باتفاق الدرعية ،ومن ثم نكمل الحديث عن ذهاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية. آل سعود نسبهم تنتسب أسرة آل سعود إلى قبيلة بني حنيفة إحدى قبائل بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وكان وجود أسرة آل سعود يتركز في شرق الجزيرة العربية ،ووجودهم في تلك البقعة من الجزيرة يعود لهجرات حدثت من وسط الجزيرة العربية قام بها فرع من بني حنيفة بعد تدهور األوضاع السياسية واالقتصادية في اليمامة ،واستمر وجودهم في تلك المنطقة حتى منتصف القرن التاسع الهجري تقريبا ً /الخامس عشر الميالدي ،شاء هللا عز وجل أن يعودوا إلى منبعهم األصلي ،فكان يتزعم األسرة في شرق الجزيرة العربية مانع بن ربيعة المريدي ،وكان يقطن منطقة أو مكانا ً في شرق الجزيرة يقال له الدروع أو الدرعية ،وكان بينه وبين قريبه ابن درع مراسالت نتج عنها انتقال مانع المريدي إلى نجد هو وأفراد قبيلته ،وأقطعه ابن درع في عام ٨٥٠هـ ١٤٤٦ /م أرضي المليبيد وغصيبة اللتين أصبحتا فيما بعد نواة لتأسيس الدولة السعودية األولى ،وسميت بالدرعية التي أصبحت إمارة فيما بعد ،وتوارثها أبناء مانع المريدي وأحفاده من بعده حتى قيام الدولة السعودية األولى . سارت األحداث حتى استلم إمارة الدرعية سعود بن محمد بن مقرن سنة ١١٣۲هـ ١٧۲٥ /م، وكانت إمارة سعود بن محمد بداية مرحلة مهمة من تاريخ حكم آل سعود في الدرعية قبل قيام الدولة السعودية األولى ألنه كان ذا أثر في زيادة قوة إمارة الدرعية التي أصبحت ذات تأثير في سير األحداث في منطقة العارض وسط نجد). بعد وفاة سعود بن محمد بن مقرن تولى اإلمارة زيد بن مرخان بن وطبان وكان األكبر سنا ً من آل سعود ،ولكن حكمه لم يمتد طويالً ،مما دعا مقرن بن محمد بن مقرن إلى انتزاع اإلمارة منه، لكن األمور لم تستمر طويالً لمقرن ،وذلك عندما حاول الغدر بزيد بن مرخان الذي كان يحكم قبله ،مما دعا محمد بن سعود و مقرن بن عبد هللا إلى قتله ،وكان ذلك سنة ١١٣٩هـ ١٧۲٧ /م. بعد ذلك عاد إلى اإلمارة زيد بن مرخان ،إال أنه عندما هجم على إمارة العيينة سعت -بعد ذلك - إلى التحايل عليه وطلبت التفاوض معه ،وعندما ذهب تم قتله ،وبعد قتل زيد بن مرخان تولى محمد بن سعود بن مقرن اإلمارة في الدرعية سنة ١١٣٩هـ ١٧۲٧ /م ،وظل حكمه حتى سنة ١١٧٩هـ ١٧٦٥ /م.هذه نبذة مختصرة نعود لنكمل الحديث بعدها عن انتقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية ،وقيام الدولة السعودية األولى. تأسيس الدولة السعودية األولى التقاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب باإلمام محمد بن سعود ،واتفاق الدرعية ١١٥٧هـ ١٧٤٤ /م : عندما سار الشيخ محمد من العيينة إلى الدرعية استقر به المقام في بيت أحد تالميذه من أسرة آل سويلم ،وعندما علم اإلمام محمد بن سعود بوصول الشيخ إلى الدرعية اتجه إلى منزل ابن سويلم والتقى بالشيخ الذي وضح له مبادئ الدعوة وأهدافها ،التي كان لها أثر في نفس اإلمام محمد بن سعود وتبايع االثنان على نصرة الدين الشيخ بعلمه ،واإلمام بسلطته. وكان هذا اللقاء بداية قيام الدولة السعودية األولى ،بعد ذلك ازداد أتباع الدعوة والتالميذ الذين اجتمعوا حول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرعية. بداية انتشار الدعوة ومد نفوذ الدولة ً لم تكن الدولة مع بدايتها ذات مساحة تسمح لها بأن تتجه في نفوذها خارج نجد ،خصوصا وأن نجدا ً احتاجت إلى عدة سنوات كي تكون تحت سيادة الدولة السعودية األولى بكاملها. وأول صراع بين الدولة وخصومها كان مع أمير الرياض دهام بن دواس وكان سبب الصراع هو أن أهالي منفوحة كانوا من الموالين للدعوة والدولة ،وقد اعتدى أمير الرياض على منفوحة مما جعل اإلمام محمد بن سعود يتحرك دفاعا ً عن منفوحة ضد دهام بن دواس ،ومن هنا كانت البداية لتوحيد نجد. مرحلة توحيد البالد أوال :توحيد نجد يقسم المؤرخون توحيد نجد إلى ثالث مراحل ،ذلك ألن توحيدها استمر حوالي ( )٤٠سنة ويعود طول مدة توحيدها إلى ما تأصل في نفوس أمراء المناطق وزعماء القبائل من نزعة استقاللية، ولم يدركوا أنه البد لهم من وحدة ،وفي مرحلة توحيد نجد واجهت الدولة مشكالت من أههما دهام بن دواس ،فكانت بداية العمل لتوحيد نجد سنة ١١٥٩هـ ١٧٤٦ /م ،حيث دخلت الدولة في صراع مع خصومها ،وأبرز خصومها في نجد أمير الرياض الذي كان يضيق ذرعا ً بتوسع نفوذ الدولة السعودية األولى في نجد ،فكان دائم التحرش بمنفوحة الموالية للدولة ،لذلك يقدر عدد المواجهات بين الدولة ودهام بن دواس حوالي ( )١٧موقعة ،وطبيعة المواجهات كانت متأرجحة ،فعندما يرى دهام أنه على وشك النهاية يلجأ إلى طلب الصلح ،وإن أحس بقوة سعى إلى المواجهة ،هذا مما أدى إلى استمرار الصراع معه إلى أكثر من ( )۲٨عاما ً تقريباً ،لكنه في النهاية لم يكن قادرا ً على مواجهة الدولة فاضطر إلى الهرب من الرياض سنة ١١٨٧هـ / ١٧٧٣م.في عهد اإلمام عبد العزيز بن محمد بن سعود ،حيث انضمت الرياض إلى بوتقة الدولة السعودية األولى. المشكلة النجرانية «معركة الحائر ١١٧٨هـ ١٧٦٤ /م : كانت المشكلة النجرانية من أهم المشكالت التي واجهت الدولة وهي تسعى إلى توحيد بلدان نجد، وكان سبب المشكلة لجوء البعض من قبيلة العجمان إلى حاكم نجران الحسن بن هبة هللا ،الذي قاد جيشا ً لمواجهة الدولة السعودية األولى.التقى الجيشان في الحائر القريبة من الرياض ،وكان الجيش السعودي بقيادة اإلمام عبد العزيز بن محمد بن سعود قبل توليه الحكم ،وجيش نجران بقيادة الحسن بن هبة هللا ،وعندما دارت المعركة هزمت قوات الدولة السعودية األولى وأوشكت على االنهيار ،مما دعا الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أن يشير على اإلمام عبد العزيز بن محمد بن سعود القائد بأن يلجأ للصلح ،وهذا ما حصل بالفعل وعاد جيش نجران بعد عقد الصلح. ضم الدولة الجنوب نجد كانت عالقة الدولة بجنوب نجد تتمثل في بدايتها في إرسال الدعاة إلى الخرج وما بعدها ،ولكن الخرج ومناطق جنوب نجد لم تستجب للدعوة ،واستمر الحال ساكنا ً حتى ضمت الدولة الرياض سنة ١١٨٧هـ ١٧٧٣ /م ،وقامت بتوجيه رسالة إلى حاكم الخرج زيد بن زامل لكي يدخل تحت كنف الدولة لكن زيد بن زامل لم يستجب للرسالة ،فلم يكن أمام الدولة إال العمل على إخضاع جنوب نجد ،وكان زيد بن زامل يعلم أنه ال يستطيع مواجهة الدولة وحده ،فقام بإرسال رسالة إلى حاكم نجران يطلب منه أن يقف معه ولكنه رفض إال مقابل المال ،وتمت بالفعل المواجهة بين قوات الدولة والمتحالفين أكثر من مرة كان آخرها في ضرماء حيث انتصر فيها اإلمام عبد العزيز بن محمد بن سعود وقواته على التحالف ،وتوالت بعد ذلك الحمالت على جنوب الخرج، فأرسل اإلمام عبد العزيز حملة بقياد سليمان بن عفيصان ،هزم فيها زيد بن زامل وهرب من الخرج مما أدى إلى دخول سليمان بن عفيصان الخرج ،لكن زيد بن زامل أعيد إلى الخرج بعد مساعدة األهالي مما أدى إلى خروج سليمان بن عفيصان بعد ذلك توجه اإلمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود على رأس حملة إلى الخرج ،وقام ببناء قصر البدع بالقرب من الخرج أمالً في مضايقة زيد بن زامل الذي قام باالستنجاد ببني خالد في األحساء ،وأتى جيش من بني خالد لكي يقتحموا القصر ،لكن لم يكتب لهم التوفيق في سعيهم فعادوا.وحصل خالف بين آل زامل بعد مقتل زيد بن زامل سنة ١١٩٦هـ ١٧٨۲م ،وتولى ابنه براك الذي قتل أيضا ً والتجأ قتلته إلى الدرعية. وفي سنة ١١٩٩هـ ١٧٨۵ /م توجهت حملة إلى الدلم والخرج أخضعتهما الحكم الدولة السعودية األولى ،وبعد ذلك أصبحت المنطقة الواقعة جنوب نجد سنة ١۲٠۲هـ ١٧٨٨م بكاملها تحت حكم الدولة السعودية األولى بعد ضم الحريق والحوطة حتى وادي الدواسر. ضم الدولة لشمال نجد : كانت بداية ضم شمال نجد سنة ١١٨۲هـ ١٧٦٨ /م ،واستقر األمر للدولة فيها سنة ١۲٠۲هـ / ١٧٨٨م بعد دخول عنيزة في بوتقة الدولة السعودية األولى.بعد ضم القصيم تمكنت الدولة من ضم حائل سنة ١۲٠١هـ ١٧٨٧ /م ،فكان دخولها تحت الحكم السعودي قبل عنيزة التي دخلت بعدها بعام.ثم عين على حائل محمد بن عبد المحسن آل علي الذي قام بالتوسع شماالً حتى تمكن من السيطرة على (دومة الجندل) وتيماء ووادي السرحان لتنضم إلى الدولة السعودية األولى. ثانيا :ضم األحساء: كانت األحساء تحكم من قبل بني خالد ،وكان بداية التوتر بين بني خالد والدولة السعودية األولى ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،عندما أراد بنو خالد خروج الشيخ من العيينة ،ومن ثم سيطرت الدولة السعودية على أجزاء من نجد كانت على عالقة مع بني خالد ،كذلك كانت المعارضة في نجد دائمة اللجوء للخوالد ضد الدولة السعودية األولى. وفي الصراع مع بني خالد في البداية كانت الدولة السعودية األولى تقف موقف المدافع ضد هجماتهم ،وضد تحالفهم مع حاكمي الخرج ونجران ،ويعود سبب ذلك إلى أن الدولة السعودية ال زالت في طور توحيد منطقة نجد. لكن بعد أن استقرت الدولة تغيرت إستراتيجية المواجهة من الدفاع إلى الهجوم وتوجيه الحمالت إلى شرقي الجزيرة العربية ،وقد استمرت المواجهة بعد تغير اإلستراتيجية من سنة ١١٩٨هـ / ١٧٨٤م حتى سنة ١۲١٠هـ ١٧٩٦ /م ،جرى خاللها العديد من المواجهات ،كانت غالبيتها لصالح الدولة السعودية األولى ،ومن أبرز حكام بني خالد الذين عاصروا الصراع :زيد بن عريعر ودويحس بن عريعر ،وعبد المحسن بن سرداح ،وبراك بن عبد المحسن وسعدون بن عريعر . وكانت طبيعة الصراع تقوم على المواجهة المباشرة ،وقد تغيرت هنا الموازين فبعدما كان المعارضون يلجؤون إلى بني خالد نجد هنا بني خالد يلجؤون إلى والي البصرة في العراق لمساعدتهم ضد الدولة السعودية األولى ،حتى استقر األمر للدولة بمنع أتباع الدعوة من الحج سنة ١١٩٧هـ ،ولكنه بعدما أرسل له اإلمام عبد العزيز الهدايا الثمينة سمح لهم بالحج. وفي سنة ١۲٠۲هـ تولى الشريف غالب بن مساعد ،وطلب من الدولة السعودية أن ترسل عالما ً يتباحثون معه حول مبادئ الدعوة ،فقامت الدولة بإرسال الشيخ عبد العزيز الحصين فرفض علماؤهم التباحث معه ،وكان ذلك بتدبير من الشريف غالب لكي يثبت للناس حسن نيته تمهيدا ً لحمالته العسكرية.أرسل الشريف غالب أخاه عبد العزيز بن مساعد على رأس حملة انضم لها عدد من أفراد قبيلة شمر وقبيلة مطير ،لكن الحمالت فشلت وانسحب الشريف القرب موسم الحج سنة ١۲٠۲هـ.بعد ذلك بدأ ميزان القوى بين الطرفين يتغير ،وذلك بعدما هزم اإلمام سعود بن عبد العزيز قبيلتي شمر ومطير المتحالفتين مع األشراف ،مما دعا قبائل الحجاز إلى االنضمام إلى الدولة السعودية األولى. وفي سنة ١۲١٠هـ جهز الشريف غالب حملة بقيادة الشريف ناصر بن يحيى وصلت إلى عالية نجد ،وقد تواجه الجيشان وانتصر الجيش السعودي ،مما دعا الشريف ناصر ومن بقي معه إلى الهرب إلى الحجاز ،وكانت هذه إحدى المعارك الفاصلة مع األشراف وهي معركة (الجمانية) والتي غيرت من إستراتيجية األشراف من الهجوم إلى الدفاع ،وأدت إلى زيادة النفوذ السعودي في الحجاز. ً السعودية في األحساء سنة ١۲١٠هـ ١٧٩٦ /م ،فأصبحت المنطقة الشرقية جزءا من الدولة السعودية. ثالثا :ضم الحجاز كان حكام الحجاز يحتمون بالدولة العثمانية ،حيث إنهم يحكمون باسمها.وكانت العالقة بين األشراف والدولة السعودية األولى قد تمت في البداية عن طريق دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،فقد ذهب ثالثون عالما ً من علماء الدعوة إلى الحجاز في عهد الشريف سعود بن سعيد الذي حكم بين ١١٦٥ - ١١٤٦هـ ،وتناظروا مع علماء مكة ،وبعد إقامة الحجة على علماء مكة لجأ األشراف إلى منع أتباع الدعوة من الحج. وبعد تولي الشريف أحمد بن سعيد سنة ١١٨٤هـ ،تحسنت العالقات بين األشراف وحكام الدولة السعودية األولى ،وفي سنة ١١٨٥هـ طلب الشريف أحمد من اإلمام عبد العزيز بن محمد إرسال من يبين لهم حقيقة الدعوة ،فأرسل إليهم الشيخ عبد العزيز الحصين ،وقد تناقش مع علماء الحجاز حول أصول الدعوة ثم عاد معززا ً مكرماً. ثم خلع الشريف أحمد بن سعيد سنة ١١٨٦هـ ،وتولى مكانه الشريف سرور بن مساعد الذي قضى على محاولة التفاهم بين الدولة السعودية واألشراف ،وقام استمرت المواجهة إلى أن تغيرت موازين القوى بين الطرفين مما اضطر الشريف غالب إلى الهرب من مكة ،ودفع بأخيه الشريف عبد المحسن أن يرسل إلى اإلمام سعود بن عبد العزيز سنة ١۲١٨هـ ،ويعرض عليه التبعية شريطة أن يكون أميرا ً على الحجاز من قبل الدولة السعودية األولى ،وبالفعل وافق اإلمام سعود ودخل مكة دون حرب وبعد عودته إلى نجد عاد الشريف غالب وطرد الحامية السعودية وعاد الصراع مرة أخرى ،حتى حاصر جيش الدولة الشريف غالب سنة ١۲۲٠هـ ،في مكة ،وقد علم أنه ليس له مفر من الطاعة للدولة السعودية األولى، فعرض على اإلمام سعود أن يكون أميرا ً على مكة مقابل التبعية ،وهذا ما حدث ،وكان من نتائج ضم مكة طاعة المدينة المنورة ،ودخولها في بوتقة الدولة السعودية األولى. رابعا :ضم جنوب غرب البالد عسير :ضمت عسير إلى الدولة السعودية األولى بعد ضم جنوب نجد ،حيث إن ربيع بن زيد الدوسري أحد قادة الدولة السعودية قام بحمالت على بيشة حتى تمكن من ضمها للدولة تماما ً عام ١۲١٣هـ ،ومن ثم بدأت البلدان العسيرية تدخل في طاعة الدولة ،مما دعا عبد الوهاب بن أبي نقطة المتحمي حاكم عسير أن يدخل في طاعة الدولة سلماً ،وأصبح عبد الوهاب هذا من أبرز قادة الدولة الذين دافعوا عنها في وقت حمالت محمد علي باشا. المخالف السليماني وصلت مبادئ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى المخالف السليماني عن طريق أهل المخالف الذين كانوا يأتون إلى مكة لتأدية فريضة الحج ،لذلك أصبح للدولة أنصار وأتباع في المخالف السليماني عن طريق الدعوة ،كذلك كان للذين اقتنعوا بمبادئ الدعوة أثر كبير في نشر دعوة الشيخ في اليمن. ووصول دعوة الشيخ إلى المخالف السليماني يعني وصول نفوذ الدولة إليها ،وهذا مما أثار الشريف حمودا ً في أبي عريش ،الذي بدأ الصراع مع عبد الوهاب بن أبي نقطة حاكم عسير التابع للدولة ،وخالل الصراع تفوق أبو نقطة على الشريف حمود بسبب دعم الدولة السعودية األولى ألبي نقطة ،وكان الشريف حمود ينتظر من حاكم اليمن مساعدته ضد هجمات حاكم عسير ،ولكن دون جدوى ،حتى أصبح الشريف حمود يظهر الوالء للدولة السعودية األولى والتبعية لها ،لكنه كان غير مستقر في ذلك. نهاية الدولة السعودية األولى كان لضم الدولة السعودية األولى للحرمين الشريفين أثر كبير في سعي الدولة العثمانية إلى إنهاء حكم الدولة السعودية األولى ،وذلك الستعادة هيبتها أمام العالم اإلسالمي ،وحتى تعود لها الصبغة الشرعية التي كانت تتمتع بها عندما كانت الحجاز تابعة لها . وأوعزت الدولة العثمانية لواليها على مصر محمد علي باشا سنة ١۲۲۲هـ ،بالقيام بحملة للقضاء على النفوذ السعودي في الحجاز والجزيرة العربية عموماً ،ووجد محمد علي باشا الفرصة سانحة له وألطماعه التوسعية باسم الدولة العثمانية. حمالت محمد علي باشا جهز محمد على الحملة األولى سنة ١۲۲٦هـ ،بقيادة ابنه طوسون ،وقد نزلت الحملة إلى ميناء ينبع ،وانتصرت على الحامية السعودية فيها ،وبعد ذلك بدأ طوسون يجهز جيشه للتوجه جنوب المدينة المنورة ،وقد واجه طوسون قوات الدولة السعودية األولى في وادي الصفراء ،ولحقت به هزيمة كبيرة ،وهرب هو ومن بقي معه إلى ينبع ،وأرسل إلى والده يطلب المدد ،وبالفعل أمده والده مما جعله يتجه مره أخرى إلى المدينة المنورة ،ويحاصرها حتى استطاع السيطرة عليها، وبذلك أصبح طوسون يسيطر على شمال الحجاز من ينبع إلى المدينة المنورة ،حيث توجه بعد ذلك إلى جدة بعد اتفاق سري بينه وبين الشريف غالب ،ومنها زحف إلى مكة واستولى عليها دون قتال ،وكان اإلمام عبد هللا بن سعود في الحجاز ،ومع تقدم قوات طوسون انسحب إلى الطائف ليعسكر فيها ،وبعد ذلك تواجه الجيشان السعودي بقيادة اإلمام سعود وجيش طوسون، واستطاع اإلمام هزيمة قوات طوسون.بعد هزيمة طوسون دعا األمر لحضور محمد علي باشا إلى ميدان القتال بنفسه سنة ١۲۲٨هـ ،وحدثت عدة حروب ومناوشات بين الطرفين ،لكنها لم تكن حاسمة. وفي سنة ١۲۲٩هـ ،توفي اإلمام سعود بن عبد العزيز الذي وصلت فيه الدولة السعودية إلى أقوى نفوذها وانتشارها ،وخلفه ابنه اإلمام عبد هللا بن سعود. وفي سنة ١۲٣١هـ أتت الحملة التي استهدفت القضاء على الدولة السعودية األولى بكاملها ،وهي حملة إبراهيم باشا ،وقد وصلت الحملة إلى ينبع ،ومنها كان الزحف نحو وسط الجزيرة العربية، وكان اإلمام عبد هللا بن سعود متحصنا ً في الرس ،مما دعا إبراهيم باشا إلى التوجه نحو الرس التي تركها اإلمام عبد هللا متجها ً نحو شقراء ،وقد حاصر إبراهيم باشا الرس لمدة ثالثة أشهر عجز فيها هو وقواته وعتاده عن السيطرة عليها إال صلحاً ،برغم أن عنيزة وما يحيط بها قد رضخت لقوات إبراهيم باشا ،وبعد ذلك اتجه نحو بريدة ،وبعد قتال استمر ثالثة أيام متصلة سلمت المدينة ،ومن ثم اتجه إبراهيم باشا نحو وادي حنيفة بعد أن سقط إقليم الوشم في يده ،ثم اتجه إلى ضرماء حيث قاوم أهلها إبراهيم باشا وكبدوا جيشه خسائر كبيرة.وبعد استيالئه عليها أصبح قريبا ً من الدرعية عاصمة الدولة السعودية األولى. حاصر إبراهيم باشا الدرعية مدة طويلة تجاوزت خمسة أشهر أظهرت خاللها قوات الدولة السعودية األولى بسالة واضحة وصمودا ً أعجز إبراهيم باشا عن التسلل داخل أسوار الدرعية ،إال أن الصمود وحده ال يكفي أمام قوات كانت معدة لمثل هذه المواقف ،مما دفع باإلمام عبد هللا إلى التسليم سنة ١۲٣٣هـ ،وبذلك سقطت الدولة السعودية األولى وكانت نهايتها. نبذة مختصرة عن أئمة الدولة السعودية األولى أوال :اإلمام محمد بن سعود : يعتبر اإلمام محمد بن سعود آخر أمراء الدرعية ،وأول األئمة من آل سعود ،ومؤسس الدولة السعودية األولى ،وقد تولى الحكم بعد زيد بن مرخان في إمارة الدرعية ،واإلمام محمد هو أكبر أبناء سعود بن محمد بن مقرن.ولد اإلمام محمد بن سعود في الدرعية سنة ١١٠٠هـ ،ونشأ في أسرة حريصة على العلم ،وااللتزام بالمبادئ الدينية ،لذا كانت مناصرته للشيخ محمد بن عبد الوهاب بسبب إدراكه للعقيدة السليمة التي كان ينادي إليها. توفي اإلمام المؤسس -يرحمه هللا -سنة ١١٧٩هـ. ثانيا :اإلمام عبد العزيز بن محمد هو اإلمام عبد العزيز بن محمد بن سعود ،ولد سنة ١١٣٣في الدرعية ،وقد تعلم على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،وتحلى اإلمام عبد العزيز بالعلم والعمل والفضيلة ،وكان داعيا ً إلى هللا عز وجل تولى اإلمام عبد العزيز الحكم بعد وفاة والده سنة ١١٧٩هـ ،ولإلمام عبد العزيز خصلتان هما العلم والقوة ،حيث تربى على يد العلماء ،وتعلم منهم العلم والدين ،وعلى يد األمراء الذين ربوه على الحكم والقوة. توفي اإلمام عبد العزيز ساجدا ً بين يدي هللا ،بعدما طعن بسكين غادر سنة ١۲١٨هـ في الدرعية ،وهو يصلي بالناس ثالثا :اإلمام سعود بن عبد العزيز ولد اإلمام سعود على الراجح سنة ١١٦١هـ ،ونشأ على العلم ،وتتلمذ على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،وكان فطنا ً ذكياً ،وسريع البديهة والحفظ ،لذلك أصبح خطيبا ً ومحدثا ً جيدا ً فيما بعد. كان اإلمام سعود من أشجع أئمة الدولة السعودية األولى ،وأشدهم حرصا ً على مشورة الرعية في أمور الدولة ،وباألخص العلماء منهم ،وبويع اإلمام سعود بعد استشهاد والده اإلمام عبد العزيز سنة ١۲١٨هـ.وتوفي عام ١۲۲٩هـ ،إثر إصابة كان يعاني منها أسفل بطنه. رابعا :اإلمام عبد هللا بن سعود : تولى اإلمام عبدهللا بن سعود اإلمامة سنة ١۲۲٩هـ ،بعد وفاة والده اإلمام سعود ،وقد وصف اإلمام عبد هللا بأنه يتفوق على العلماء أنفسهم في الفقه ،وكان بليغا ً ذكيا ً ومتواضعاً. أعدم اإلمام عبد هللا في استنابول -عاصمة الدولة العثمانية -بعد سقوط الدولة السعودية األولى وكان إعدامه سنة ١۲٣٤هـ. أوضاع البالد في أعقاب سقوط الدولة السعودية األولى سقطت الدرعية في يد إبراهيم بن محمد علي باشا سنة ١۲٣٣هـ ،وبسقوط الدرعية سقطت الدولة السعودية األولى ،فأصبحت الجزيرة العربية ،وباألخص وسطها تحت سيطرة جيش محمد علي. موقف األهالي من سقوط الدولة السعودية األولى: انقسم األهالي إلى ثالث فئات ،األولى كانت موالية لجيش محمد على ،وكان دافعها للمواالة هو الخوف من بطش قوات محمد علي ،والثانية أظهرت بعض المقاومة ،ولكنها لم تستطع الصمود أمام إمكانات جيش محمد على ،أما الثالثة فلم تستطع المقاومة ،ولم ترض باالستسالم ،ففضلت هذه الفئة الرحيل عن المناطق التي وقعت تحت نفوذ جيش محمد علي. أعمال إبراهيم باشا بعد سقوط الدولة السعودية األولى: قام بقتل عدد من الزعماء السياسيين والعلماء ،وأسر مجموعة منهم وأرسلهم إلى مصر ،كما قام بهدم الدرعية وأسوارها خوفا ً من أن تحصن فيما بعد وتقوم مرة أخرى ،كما قام باألمر نفسه في المدن األخرى للغرض نفسه ،وارتحل إبراهيم باشا عن الجزيرة العربية سنة ١۲٣٥هـ وترك جيشا ً محدودا ً في نجد لجمع الضرائب. أحوال الجزيرة العربية بعد انسحاب إبراهيم باشا بدأت بوادر ظهور قوى في المنطقة وهي كالتالي: أوال :بنو خالد في األحساء عاد ماجد بن عريعر ،وهو من زعماء بني خالد الذين كانوا حكام األحساء قبل قيام الدولة السعودية األولى ،وقد توجه ماجد بن عريعر إلى األحساء وتسلم مقاليد السلطة فيها. ولم يتركه إبراهيم باشا ،فقد أرسل إليه فرقة بقيادة محمد كاشف ،ولم يعلن ابن عريعر المقاومة أو االصطدام وإنما انسحب إلى الحدود الشمالية من الجزيرة العربية لكي يعود متى ما عادت فرقة إبراهيم باشا ،وبالفعل فقد أخذت قوات محمد علي ما في البالد من ذخائر وأموال للدولة السعودية األولى ،وبعودة إبراهيم باشا إلى مصر تكون قوات محمد علي باشا قد انسحبت من األحساء، وعاد ماجد بن عريعر إليها وبسط نفوذه من جديد. ثانيا :آل معمر في نجد بعد سقوط الدولة السعودية األولى ،كان هناك محاولة لتكوين دولة ،وهذه المحاولة قام بها محمد بن مشاري بن معمر ،الذي يمت بصلة قرابة آلل سعود ،فقد كان اإلمام عبد العزيز بن محمد بن سعود خال محمد بن مشاري بن معمر ،وكانت هناك عدة عوامل مشجعة لمحمد بن مشاري على تأسيس دولة في الدرعية وهي: - ١محمد بن مشاري كان من الذين سلموا من األسر والتنكيل من قبل قوات محمد علي ،فقد لجأ إلى العيينة التي لم تتعرض لما تعرضت له الدرعية. - ۲خلو المنطقة من الزعمات السياسية وباألخص من آل سعود. -٣الرصيد التاريخي الذي كان يتمتع به محمد بن مشاري ،حيث كانت إمارة آل معمر في العيينة ،من أقوى اإلمارات النجدية قبل ظهور قوة الدرعية. - ٤صلة القرابة التي كان يتمتع بها مع آل سعود. سبب اختيار محمد بن مشاري للدرعية من المؤكد أن سببا ً إستراتيجيا ً جعل محمد بن مشاري يختار الدرعية ،وهو حرصه أال يشعر الناس أنه يبحث عن مجد شخصي له بقدر ما هو حريص على إحياء الدولة ،وتوفّر األمن واالستقرار للمنطقة ،كما كان في عهد الدولة السعودية األولى باإلضافة إلى أنه لو انطلق من العيينة لكثر المعارضون له ،بينما الدرعية ستوفر له الكثير من المؤيدين والمناصرين حتى من آل سعود. موقف األهالي من محاولة ابن معمر وجد محمد بن مشاري التأييد من سكان نجد ،لكن البعض منهم رأى أن حركة ابن معمر إيذان بعودة قوات محمد علي باشا من جديد ،لذلك رأى البعض أنه البد من االتصال ببني خالد في األحساء لكي يقضوا على حركة ابن معمر . وبالفعل فقد توجه ماجد بن عريعر إلى نجد ووصل العارض والخرج ومنفوحة ،وتبعه الناس، لكن ابن معمر امتص غضب ابن عريعر عن طريق إرسال رسالة محملة بالهدايا ،يعلن فيها التبعية للدولة العثمانية. ازدادت شعبية ابن معمر بعد هذا التصرف ،فعاد الكثير من الذين هربوا وقت الغزو من نجد، ومن هؤالء اإلمام تركي بن عبد هللا ،وأخوه األمير زيد بن عبد هللا ،ووقفوا بجانب ابن معمر ،ما جعله يدخل حريمالء في طاعته وبعض البلدان النجدية. ثالثا :ظهور األمير مشاري بن سعود على مسرح األحداث األمير مشاري بن سعود هو أخو آخر أئمة الدولة السعودية األولى اإلمام عبدهللا بن سعود ،وكان األمير مشاري من الذين أسروا من قبل الجيش المصري ،لكنه تمكن من الهرب فيما بين المدينة المنورة وينبع ،وبعودة األمير مشاري بن سعود يصبح الوريث الشرعي للحكم في نجد ،فانضم إليه األنصار ،وعاد إلى الدرعية مما اضطر محمد بن مشاري بن معمر إلى التنازل عن الحكم لألمير مشاري بن سعود ،ومع زيادة قوة مشاري ونموها ،نجد أن ابن معمر يضمر الشر لمشاري ،ألن األمر لم يكن هيئا ً عليه ،وفي أثناء خروج األمير مشاري بن سعود من الدرعية ذاهبا ً إلى الخرج لمواجهة عسكرية بها ،هرب ابن معمر إلى سدوس مدعيا ً المرض وزيارة أقاربه ،بينما كانت الحقيقة تؤكد أنه ذهب لجمع األنصار من حوله. وفي المقابل علم محمد علي باشا في مصر بما يقوم به األمير مشاري بن سعود من توحيد جديد للدولة ،فأرسل فرقة بقيادة أبوش أغا وصلت إلى عنيزة ،فأرسل محمد بن مشاري بن معمر ألبوش أغا يعلن التبعية لمحمد على ،وفي هذه األثناء كان ابن معمر قد قبض على األمير مشاري بن سعود وهو في عودته من الخرج ،وعاد الحكم الدرعية. لكن األمور لم تستقر لمحمد بن مشاري بن معمر؛ ألنه قام بتسليم األمير مشاري ابن سعود لقوات محمد علي ،وتوفي مشاري في السجن ،مما أغضب اإلمام تركي ابن عبد هللا الذي كان أميرا ً على الرياض. قيام الدولة السعودية الثانية لقد ذكرنا بأن اإلمام تركي بن عبد هللا قرر مواجهة محمد بن مشاري بن معمر ،بعدما فعل فعلته باألمير مشاري بن سعود ،فانطلق اإلمام تركي بن عبدهللا من بلدة الحائر ،ومن ثم إلى ضرما، وانضم حوله األنصار ثم توجه إلى الدرعية ،وقام بأسر محمد بن مشاري بن معمر وابنه مشاري بن محمد.وقد كان ما فعله محمد بن مشاري باألمير مشاري بن سعود دافعا ً قويا ً لإلمام تركي بن عبد هللا ألن يقوم بما كان يهدد به ،وهو قتل ابن معمر وابنه ،وبالفعل هذا ما حدث ثأرا ً لمشاري. الرياض عاصمة الدولة السعودية الثانية بعد استقرار األمر لإلمام تركي بن عبدهللا ،قرر تحويل العاصمة من الدرعية إلى الرياض ،وذلك لعدة أسباب: أوالً :معرفة اإلمام تركي بن عبد هللا أسوار الرياض ومكانتها ،حيث كان أميرا ً عليها قبل األمير مشاري بن سعود ،فكانت دافع اطمئنان له أكثر من الدرعية. ثانياً :عدم صالحية الدرعية عاصمة بعد تدميرها وانتقال عدد من السكان منها إلى غيرها. ثالثاً :ربما أراد اإلمام تركي بن عبد هللا أن تبقى الدرعية داللة على الماضي واالعتبار بما حدث والتعرف على الماضي. اإلمام تركي بن عبد هللا وجهوده في تأسيس الدولة السعودية الثانية :تفرقت البالد قبل بداية عهد اإلمام تركي إلى عدة قوى سياسية مختلفة ،وكان عليه أن يبدأ بحمالت توحيد البالد ،كما فعل اإلمام محمد بن سعود في بداية توحيد الدولة السعودية األولى. أبرز الخصوم الذين واجههم اإلمام تركي أوال :األشراف قوة األشراف كانت تمثل الدولة العثمانية في الحجاز ،وعلى اإلمام تركي بن عبد هللا أن يكون حذرا ،وأن ال يصطدم بقوة األشراف ألنه سوف يعرض بداية حكمه للخطر ،وكان عليه الحذر من أن يحدث ما حدث في عهد الدولة السعودية األولى من إثارة للدولة العثمانية. ثانيا :بقايا جيش محمد علي حاولت قوات محمد علي عدة محاوالت للقضاء على قوة اإلمام تركي بن عبد هللا وأرسلوا عددا من القوات بقيادة أبوش أغا وحسين بك ،وانضمت قوات أبوش أغا وحسين بك معاً ،وحاصروا اإلمام تركي في الرياض حتى هرب منها ،وقام اإلمام بلم الشتات من جديد وإجبار قوات محمد علي على االنسحاب ،وعاد اإلمام تركي إلى الرياض واستقر بها نهائيا منذ عام ١۲٤٠هـ ،وقد قامت قوات محمد علي بعقد صلح مع اإلمام تركي على أن تغادر نجدا بعد أن يعمل تركي على تسهيل خروجهم من الرياض ومناطق نجد.وبعد رحيل قوات محمد علي ،أتى الناس ليبايعوا اإلمام تركي بن عبد هللا وتوافد بعض ممن سجنوا في مصر والهاربين إلى اإلمام ،وكان من هؤالء حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكان من الذين سجنوا في مصر ،وهو الشيخ عبد الرحمن بن حسن الذي أصبح ساعد اإلمام تركي األيمن ،كما عاد اإلمام فيصل بن تركي من مصر ،حيث اعتمد عليه والده في حمالت التوحيد. ثالثا :بنو خالد في األحساء بعد أن استتب األمر لإلمام تركي اتجه نظره إلى األحساء ،وكان لهذا االتجاه أسبابه ،وهي: أن مناطق األحساء امتداد لنفوذ الدولة السعوية وجزء منها. تعتبر األحساء منفذا ً هاما ً على الساحل ،فكانت األحساء بالنسبة لإلمام تركي تمثل أهمية اقتصادية لبالده. لذلك توجه نظر اإلمام إلى األحساء ،التي كانت تحت حكم بني خالد وحدثت عدة مناوشات في سنتي ١۲٤۲هـ و ١۲٤٥هـ ،وأمر اإلمام ابنه فيصل بقيادة القوات لمواجهة جيش ماجد بن عريعر وأخيه محمد ،وتقابل الجيشان في موقعة السبية ،وقتل فيها ماجد ،واستطاع اإلمام فيصل بن تركي االنتصار ،وأخذ ما كان الجيش بني خالد من أموال وأغنام وإبل. وكتب اإلمام تركي إلى ابنه فيصل ،بأنه سوف يأتي إلى األحساء كي يبايعه أهلها ،وهرب بنو خالد من األحساء ،ودخلها اإلمام دون مقاومة ،وأعلنت المناطق المحيطة باألحساء التبعية لإلمام تركي. نهاية عهد اإلمام تركي : كانت نهاية عهد اإلمام تركي بن عبد هللا بقتله على يد األمير مشاري بن عبدالرحمن بن حسن بن مشاري بن سعود بن محمد بن مقرن ،وهو ابن أخت اإلمام تركي بن عبدهللا ،وكان مشاري بن عبد الرحمن من ضمن األسرى في مصر ،وعند عودته إلى نجد ،واله اإلمام تركي على منفوحة، وقد عزله اإلمام عن منفوحة بعد وشاية تفيد بأن مشاري يدبر مؤامرة ضد اإلمام لإلطاحة به. وفي سنة ١۲٤٦هـ حاول مشاري التحرك ضد اإلمام تركي ولكنه فشل في ذلك ،فلجأ لدى األشراف ،ولكن الشريف محمد بن عون رفض مساعدته وبقي حتى سنة ١۲٤٨هـ ،وبعدها عاد إلى نجد وتحديدا ً إلى القصيم ،وقد تقدم إلى اإلمام بطلب الشفاعة ،فعفى عنه. دخل األمير مشاري الرياض وهو ما زال يضمر الشر ضد اإلمام ،وفي سنة ١۲٤٩هـ ،استغل مشاري خلو الرياض من القوات التي كانت مشغولة في مهمة خارج نجد بقيادة اإلمام فيصل بن تركي ،وقد اتفق مشاري مع مملوكه إبراهيم بن حمزة لقتل اإلمام ،وبالفعل قام ابن حمزة بقتل اإلمام بعد خروجه من صالة الجمعة وبعد ذلك استولى األمير مشاري على القصر ،وصل الخبر إلى اإلمام فيصل بن تركي الذي كان يقود حملة على األحساء ،واجتمع مع عدد من قادته وقرروا الذهاب إلى الرياض ،وقد تيسر لإلمام فيصل بن تركي السيطرة على الوضع في الرياض، وإعادة الحق بقتل األمير مشاري. اإلمام فيصل بن تركي الفترة األولى ١۲٥٤ - ١۲٤٩هـ بعدما قتل اإلمام فيصل األمير مشاري بن عبد الرحمن ،توافد الناس إلى الرياض المبايعته على الحكم. أهم أعمال اإلمام فيصل بن تركي بعد توليه الحكم: أوال :دعوة القضاة قام اإلمام فيصل بن تركي بتوجيه دعوة للقضاة في البلدان إلى الرياض وأكرمهم ،وحثهم على االجتهاد في العمل والعدل بين الناس. ثانيا :خطابه للرعية وجه اإلمام خطابا ً عاما ً للرعية يدعوهم فيه إلى اتباع مبادئ الشريعة اإلسالمية ،والحرص على األمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثالثا :أخذ الزكاة قام بالدعوة إلى دفع الزكاة ،وذلك ألن الزكاة ركن من أركان اإلسالم ،وهي دخل مهم للدولة، وألن دفع الزكاة ،يدل على صدق التبعية للدولة. فمن يمتنع عن دفع الزكاة فهو متمرد على الدولة ،لذلك لما امتنعت بعض القبائل عن دفع الزكاة، أرسل اإلمام القوات إليها وأعلن الحرب على من تمرد ورفض دفع الزكاة ،حتى أعلن المتمردون الوالء للدولة ،وكانت هذه خطوة إيجابية استطاع اإلمام فيصل بها توطيد الحكم ،وإعادة الوحدة للبالد من جديد. رابعا :تعيين عبد هللا بن رشيد على حائل كان تعيين عبد هللا بن رشيد على حائل من باب المكافأة الشخصية له ،بسبب موقفه اإليجابي في حصار األمير مشاري بن عبد الرحمن ،ورؤية اإلمام بأنه شخصية قادرة على إدارة األحداث. وكان تعيين عبد هللا بن رشيد على حائل بذرة لنواة قوة سياسية في المنطقة أصبح لها دور كبير في األحداث ،خاصة في نجد ،بعد سقوط الدولة السعودية الثانية على أيديهم ،إلى قيام الدولة السعودية على يد الملك عبد العزيز. خامسا :حل المشكالت التي كانت في نهاية عهد والده بعد أن وطد نفوذه في وسط الجزيرة العربية ،وجه اإلمام فيصل أنظاره إلى شرق الجزيرة العربية التي كانت ثائرة في عهد والده ووطد األمن فيها ،كذلك القبائل المتمردة التي تمكن اإلمام بقوته وحزمه من إجبارها على الوالء والطاعة للدولة. نهاية عهد اإلمام فيصل بن تركي في الفترة األولى من حكمه لم يلبث اإلمام فيصل في حكمه حتى سير عليه محمد علي باشا حملة عسكرية ضده ،وقد اختلف سبب الغزو الجديد عن سابقه في عهد الدولة السعودية األولى ،حيث كان في عهد الدولة السعودية األولى بإيعاز من الدولة العثمانية لمحمد علي الذي كان رأس حربة قاتلت بها الدولة العثمانية ،أما الغزو الجديد فهو ألطماع و توسعات شخصية لمحمد علي في تكوين إمبراطورية عربية عظمى ،حيث إنه وصل األناضول بنفوذه ووصل السودان واليونان ،فكان يرمي إلى الوصول إلى الخليج العربي. استخدم محمد على باشا في غزوه الجديد أسلوبا ً يختلف عن سابقه ،حيث استغل شخصية من أفراد األسرة السعودية ،وهو األمير خالد بن سعود أخو آخر أئمة الدولة السعودية األولى اإلمام عبد هللا بن سعود ،وكان خالد من الذين أسرتهم قوات محمد علي باشا بعد احتاللها الدرعية عام ١۲٣٣هـ ١٨١٨ /م. وضع محمد علي األمير خالد بن سعود على رأس القوات القادمة إلى الجزيرة العربية ليوضح أن البالد لن تحكم إال من أسرة آل سعود ،وهذا ما سيعطي البعض قبول الغزو الجديد ،خصوصا ً وأن األمير خالد بن سعود يرمي إلى إقناع الناس بهذا الغزو ،وبالفعل وجد ذلك قبوالً لدى البعض بسبب الخوف من أن يكون مصيرهم كمصير من سبقوهم في الحمالت السابقة. موقف اإلمام فيصل من تحركات محمد علي عمل اإلمام فيصل بأمرين هما : - ١محاولة تجنب االصطدام المباشر بقوات محمد علي باشا ،واحتواء األزمة بالطرق السلمية. -أخذ الحيطة والحذر المواجهة مرتقبة مع قوات محمد علي.أرسل محمد علي مندوبا ً إلى اإلمام فيصل بن تركي يطلب منه تزويد قوات محمد علي باشا بما تحتاجه في سيرها إلى نجد وشرق الجزيرة العربية ،وما كان إرسال المندوب إال افتعاالً ألزمة بينه وبين اإلمام ،مما جعل اإلمام يرفض طلب محمد علي ،وكان رفضه لسببين هما: - ١يعلم اإلمام فيصل بأنه إذا ساعد قوات محمد علي سيكون هو هدفا ً له فيما بعد ،سواء أكان ذلك عاجالً أم آجالً. - ۲يعلم اإلمام بأن المؤن والمساعدات التي سوف يعطيها الجيش ستوجه ضد جنوب الجزيرة العربية التي يربطها مع الدولة السعودية الثانية عالقات حسنة. مع ذلك لم يكن رد اإلمام جافاً ،بل قام ببعث األمير جلوي بن تركي إلى ممثل محمد علي محمالً بالهدايا ،وكان ذلك عمالً دبلوماسيا ً من اإلمام فيصل بن تركي أمالً منه في منع قوات محمد علي من التحرك نحو نجد ،لكن محمد علي لم يكن ينوي إال إشعال الفتنة فقام باالحتفاظ بجلوي بن تركي لديه رهينة لضمان تحركاته في الجزيرة. تحركات إسماعيل بك وخالد بن سعود : جهز محمد علي حملة عسكرية بقيادة إسماعيل بك من ناحية فعلية ،ومن ناحية اسمية بقياد األمير خالد بن سعود ،زحفت قوات الحملة من الحجاز إلى القصيم واستقر رأي اإلمام فيصل بعد عزم محمد على الحرب على أن يتحرك هو ومن معه من أهالي نجد ،وفضل عدم االنتظار في الرياض ،ووضع جبهة متقدمة لمواجهة قوات محمد علي ،وتحرك نحو القصيم ،وأقام في عنيزة، وانضمت إليه بقية القبائل والبلدان ،ثم اتجه إلى رياض الخبراء ،وأقام فيها عشرين يوماً ،لكن بوادر الهزيمة ظهرت في قوات اإلمام ،بسبب ويالت غزو قوات محمد علي ،وما علق في أذهان الناس من خوف ،فدبت الفوضى في قوات اإلمام ،وقرر العودة إلى الرياض ،ووجد أن األمر أسوأ بكثير ،فقرر اإلمام ترك المنطقة بكاملها والتوجه نحو األحساء ،وتقدمت قوات محمد علي باشا واستطاعت االستيالء على القصيم ،وانتقلت منها إلى حائل ،واستطاعت انتزاع الحكم من عبد هللا بن رشيد ،وتعيين أحد الحكام السابقين وهو عيسى بن علي ،وعادت تلك القوة وانضمت إلى قوات محمد علي باشا ،ثم توجه خالد بن سعود وإسماعيل بك إلى الرياض ،ودخلوها دون مقاومة تذكر ،والذين لم يرضهم االستسالم قرروا الخروج من الرياض إلى الخرج والحريق وحوطة بني تميم ،وحاولوا تكوين جبهة المقاومة األمير خالد بن سعود ،توجهت قوات خالد بن سعود وإسماعيل بك إلى جنوب الرياض ،لمواجهة المقاومين ،حيث تواجه المقاومون مع القوات المصرية ،وهزم جيش محمد على في الحلوة ،وعاد إلى الرياض بعد الهزيمة ،وكان هذا الحدث من األحداث الهامة التي أثرت في سير األحداث لفترة مؤقتة. ما حدث كان كفيالً برفع معنويات اإلمام فيصل ،مما دفعه إلى أن يتوجه إلى جنوب الرياض لينضم إلى المقاومين لكن األمور لم تتجه كما كان يتوقع حيث استطاع األمير خالد بن سعود أن يضم قبائل سبيع وقحطان التي رجحت كفة خالد بن سعود ،واضطر اإلمام فيصل بن تركي الذي كان محاصرا الخالد بن سعود في الرياض إلى فك الحصار ومما رجح كفة القوات المصرية بشكل كبير ،وصول حملة جديدة بقيادة خورشيد باشا ،الذي سار من الحجاز إلى القصيم ،حتى وصل إلى جنوب الرياض حيث اإلمام فيصل ،وفي أثناء سير الحملة الجديدة إلى الرياض، استغل عبدهللا بن رشيد الظروف و قابل خورشيد باشا في المدينة المنورة ،وطلب منه المساعدة السترداد حائل من عيسى بن علي مقابل تأييد الحملة المصرية ،وبالفعل أمده خورشيد بالقوة التي أعادت حكم حائل إليه. وعند وصول قوات خورشيد باشا إلى جنوب الرياض وخصوصا الدلم ،علم اإلمام بأنه ال يستطيع مقاومة الحملة الجديدة فاضطر اإلمام إلى االستسالم وعقد الصلح ،والرضا بتولي األمير خالد بن سعود ،وأخذ اإلمام فيصل إلى مصر وسجن هناك ،وكان ذلك سنة ١۲٥٤هـ. تخلي قوات محمد علي باشا عن خالد بن سعود لقد علمنا أن محمد على يهدف إلى إقامة إمبراطورية عربية في الشام والجزيرة العربية، والتغلغل في أراضي الدولة العثمانية ،لكن الدول الكبرى لم تترك محمد علي يتحرك في الجزيرة العربية ،كما يحلو له حتى يصل إلى مناطق نفوذها ،وكان ممن وقف في وجه محمد على بريطانيا ،وصدر في معاهدة لندن سنة ١۲٥٦هـ ،?