Summary

This document details the importance of gratitude, its definition, components, and historical roots. It also explores gratitude through a psychological perspective. It explores issues relating to the interpersonal aspects of gratitude.

Full Transcript

‫االمتنان‬ ‫أهمية االمتنان وتعريفه ومكوناته‪.‬‬ ‫‪ -‬الخصال المميزة لألفراد الممتنين‪.‬‬ ‫‪-‬الجذور التاريخية لبدايات االهتمام باالمتنان ‪.‬‬ ‫‪-‬االمتنان من المنظور النفسى ‪.‬‬ ‫‪-‬األبعاد األربعة لدراسة االمتنان ‪.‬‬ ‫‪-...

‫االمتنان‬ ‫أهمية االمتنان وتعريفه ومكوناته‪.‬‬ ‫‪ -‬الخصال المميزة لألفراد الممتنين‪.‬‬ ‫‪-‬الجذور التاريخية لبدايات االهتمام باالمتنان ‪.‬‬ ‫‪-‬االمتنان من المنظور النفسى ‪.‬‬ ‫‪-‬األبعاد األربعة لدراسة االمتنان ‪.‬‬ ‫‪-‬أوجه النزعة لالمتنان ‪.‬‬ ‫‪-‬العالقة بين أبعاد االمتنان وأوجهه‪.‬‬ ‫‪-‬ارتقاء االمتنان ‪.‬‬ ‫‪ -‬الفروق الجندرية فى االمتنان ‪.‬‬ ‫وتعد قدرة الفرد على مالحظة عناصر حياته وتقديرها وتذوقها محددات‬ ‫ضرورية لرفاه الفرد ‪.‬‬ ‫وقد أوضحت البحوث الحديثة أن االمتنان يُولد السلوكيات الموالية‬ ‫للمجتمع ‪ ،‬والتبادلية ‪ ،‬ويُفضى بالفرد إلى أن يستجيب على نحو فعال‬ ‫اجتماعيًا تجاه من ساعده أو قدم له هدية ‪.‬‬ ‫والشخص الممتن يتصرف على نحو فعال اجتماعيًا كشكل من أشكال‬ ‫التعبير عن امتنانه ‪ ،‬لذلك يمكن أن تعزز هذه السلوكيات االمتنانية من‬ ‫التفاعالت االجتماعية للفرد الممتن ‪.‬‬ ‫ويسهم االمتنان فى بناء الثقة فى العالقات االجتماعية ‪ ،‬ويحافظ على‬ ‫مصادر المساندة االجتماعية ‪ ،‬ويعززها ‪.‬‬ ‫ضا حاالت الشعور بالسرور أكثر من كونه يقلل‬ ‫ويُعزز االمتنان أي َ‬ ‫‪‬‬ ‫االنفعاالت السلبية ‪ ،‬ويرتبط بالتدين والروحانيات ‪ ،‬ويفيد فى كف‬ ‫السلوكيات التخريبية المتبادلة ‪ ،‬واالمتنان كاتجاه يكمن خلف األداء‬ ‫الوظيفى الناجح للفرد عبر دورة الحياة ‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى الفوائد النفسية واالجتماعية لالمتنان ‪ ،‬هناك أدلة‬ ‫‪‬‬ ‫علمية متنامية تشير إلى أن االمتنان والحاالت الوجدانية المرتبطة به‬ ‫يمكن أن يؤثر على الوظائف الفسيولوجية والصحة الجسمية ‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫فالدراسات الخاصة بالتأثيرات الفسيولوجية للمشاعر اإليجابية‬ ‫المرتبطة باالمتنان – وأعنى هنا اإلعجاب بالنعم والرحمة – تكشف‬ ‫عن حدوث تغيرات ثابتة فى وظائف القلب واألوعية الدموية ‪،‬‬ ‫والمناعة ‪.‬‬ ‫وقد أجرى إيمونز ‪ Emmons‬وماكلو ‪ McCullough‬دراسة سنة‬ ‫(‪ )2003‬حيث تم تقسيم المشاركين فى الدراسة ‪ ،‬وفقًا لظروف المعالجة‬ ‫التجريبية على النحو التالى ‪:‬‬ ‫ظرف االمتنان اليومى‬ ‫طلب من المشاركين فى هذه المجموعة تسجيل مذكراتهم عن‬ ‫حيث ُ‬ ‫خبرات االمتنان التى يمرون بها بشكل يومى ‪.‬‬ ‫ظرف المنغصات اليومية‬ ‫طلب من المشاركين تسجيل مذكراتهم عن المنغصات اليومية التى‬ ‫حيث ُ‬ ‫يمرون بها يوميًا‪.‬‬ ‫‪-3‬ظرف المقارنة االجتماعية‬ ‫حيث قام المشاركون فى ظل هذا الظرف بمقارنة أنفسهم باآلخرين‪.‬‬ ‫فتبين أن المشاركين الذين كتبوا مذكراتهم عن االمتنان ‪ ،‬عبروا عن‬ ‫أعراض جسمية مرضية أقل ‪ ،‬ويشعرون أنهم أفضل فى كل أمور حياتهم‬ ‫‪ ،‬وكانوا أكثر تفاؤالً باألسبوع القادم ‪ ،‬وذلك بالمقارنة بالمشاركين الذين‬ ‫سجلوا المنغصات اليومية ‪ ،‬أو أولئك الذين قاموا بالمقارنات االجتماعية ‪.‬‬ ‫صا آخر لديه‬ ‫وقرر المشاركون فى " ظرف االمتنان اليومى " أنهم ساعدوا شخ ً‬ ‫مشكلة شخصية ‪ ،‬أو قدموا مساندة وجدانية لآلخرين ‪ ،‬وذلك بالمقارنة‬ ‫بالمشاركين فى المجموعتين األخريين ‪.‬‬ ‫والتساءل المهم الذى تثيره نتائج هذه الدراسة هو ‪:‬‬ ‫إلى أى مدى تستمر هذه التأثيرات اإليجابية ؟‬ ‫ال توجد إجابة محددة ‪ ،‬فنحن فى حاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات مستقبالً‬ ‫لفحص النواتج طوبلة المدى " لحصر النعم " كـــــــــــإستراتيجية لتعزيز‬ ‫االمتــــــنـــــــــــان‪.‬‬ ‫وكلمة امتنان مشتقة من الكلمة الالتينية ‪ gratia‬التى تعنى السمو‬ ‫والفضيلة والحفاوة واالعتراف بالجميل ‪.‬‬ ‫وترتبط كل هذه المعانى المشتقة من األصل الالتينى بالطـيبة ‪ ،‬والكرم‬ ‫‪ ،‬واإلنعام ‪ ،‬وجمال األخذ والعطاء ‪ ،‬أو أخذ شئ ما دون مقابل ‪.‬‬ ‫سا ذاتيًا من العجب والشكر والتقدير ‪ ،‬يشعر به‬‫ويعتبر االمتنان إحسا ً‬ ‫الفرد لما يحصل عليه من مساعدات ‪ ،‬ويوجه هذا اإلحساس نحو األفراد ‪،‬‬ ‫أو يتعدى األفراد ليوجهه نحو هللا أو الطبيعة أو الكون ‪ ،‬ولكنه اليوجهه‬ ‫نحو الذات ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن خبرات الحياة المتنوعة يمكنها أن تولد لدى الفرد‬ ‫مشاعر االمتنان ‪ ،‬فإنه عادة ما ينشأ عندما يدرك الفرد أنه‪:‬‬ ‫‪-1‬جنى نوات ًجا إيجابية أو عايش خبرة إيجابية‪.‬‬ ‫صا آخر (ال ُمحسن) قد بذل جهدًا مقصودًا ليمنحه هدية ولهذا‬ ‫‪-2‬أن شخ ً‬ ‫المبرر يعد االمتنان انفعاال تفهميًا‬ ‫ويُعرف االمتنان بأنه " شعور المرء باالبتهاج والسعادة كاستجابة لتلقى‬ ‫هدية أو منحة ‪ ،‬سواء أكانت الهدية التى تم تلقيها هدية مادية منحه‬ ‫إياها شخص آخر ‪ ،‬أو لحظة سعادة خالصة منحتها إياه الطبيعة الجميلة‬ ‫‪.‬‬ ‫وهو شعور باالعجاب الممزوج بالشكر لتلقيه شيئ ًا مرغوبًا‬ ‫حدد فيتسجيرالد ثالثة مكونات لالمتنان هى ‪:‬‬ ‫إحساس قوى بالتقدير لشخص ما ‪ ،‬أو لشئ ما ‪.‬‬ ‫إحساس بالنوايا الحسنة تجاه شخص ما أو شئ ما‪.‬‬ ‫ج‪-‬استعداد الفرد أن يتصرف بإيجابية تنبع من هذا التقدير ‪ ،‬ومن إحساسه‬ ‫بحسن النوايا ‪ ،‬فالشخص الممتن يعترف ويُقدر ما يقدمه له اآلخر من كرم‬ ‫وعطاء ‪.‬‬ ‫‪-1‬يعبر األفراد الممتنون عن مستويات مرتفعة من الوجدان اإليجابى ‪،‬‬ ‫والرضا عن الحياة ‪ ،‬والحيوية ‪ ،‬والتفاؤل ‪.‬‬ ‫‪ -2‬ويعبرون عن مستويات منخفضة من االكتئاب والمشقة‪.‬‬ ‫‪-3‬ويتسم األفراد الممتنون بأنهم منفتحون على الخبرة ‪.‬‬ ‫‪-4‬يكونون أكثر وعيًا ‪.‬‬ ‫‪-5‬ويتسمون بالمقبولية االجتماعية ‪.‬‬ ‫وإيثارا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪-6‬يكونون أكثر تفه ًما وتعاطفًا ‪،‬‬ ‫‪-7‬يكونون أقل عصابية ‪ ،‬وأقل نرجسية (‪.‬‬ ‫‪-8‬ويتبنى الممتنون نظرة إيجابية نحو بيئاتهم االجتماعية‪.‬‬ ‫‪-8‬ويركزون على الجوانب اإليجابية فى البيئة ‪.‬‬ ‫‪ -10‬ويستخدمون إستراتيجيات مواجهة بناءة (‪.)97‬‬ ‫‪-11‬اليضعون أهمية كبيرة للمكاسب المادية ‪.‬‬ ‫‪-12‬من األقل احتماالً أن يُقدّروا نجاحهم ونجاحات اآلخرين من خالل ما‬ ‫يمتلكونه من أشياء مادية ‪.‬‬ ‫‪ -13‬والممتنون اليحسدون اآلخرين ‪.‬‬ ‫‪ -14‬ويقتسمون ممتلكاتهم مع اآلخرين (‪.)554 :69‬‬ ‫‪ -15‬واألفراد الذين يتسمون باالمتنان يقرون العبارات التالية ‪:‬‬ ‫من المهم أن تُقدّر كل يوم تكون فيه حيًا‪.‬‬ ‫أنا غالبًا أتأمل إلى أى مدى حياتى أيسر نتيجة لما بذله اآلخرون من جهد من‬ ‫أجلى‪.‬‬ ‫الحياة بالنسبة لى منحة أكثر من كونها عبء‪.‬‬ ‫أفضل أوقات السنة بالنسبة لى هى األوقات التى أمارس فيها الشكر ‪.‬‬ ‫ى لما قدماه من أجلى ‪.‬‬ ‫أنا ممتن لوالد ّ‬ ‫أنا لم يكن بإمكانى أن أحصل على ما حصلت عليه اليوم لوال مساعدة الكثيرين‬ ‫لى‪.‬‬ ‫واعتبرت خبرات االمتنان وتعبيراته عبر الثقافات وعبر الزمن جوان ًبا أساسية ‪،‬‬ ‫ومرغوبة فى الشخصية اإلنسانية ‪ ،‬والحياة االجتماعية‪.‬‬ ‫فيعد االمتنان نزعة إنسانية قيّمة فى الفكر اليهودى والمسيحى واإلسالمى‬ ‫والبوذى والهندوسى‪.‬‬ ‫واعتبر الفالسفة الرومان القدامى أمثال ‪ :‬سينيكا وشيشرون االمتنان فضيلة‬ ‫إنسانية سامية ‪ ،‬وعلى النقيض ؛ اعتبر الجحود نو ًعا من االنحطاط األخالقى ‪،‬‬ ‫وقد أُخذت المقولة التالية من الفيلسوف ديفيد هيوم ‪ ،‬حيث يقول إن الحجود " من‬ ‫أبشع وأغرب الجرائم التى يمكن لإلنسان أن يرتكبها "‬ ‫ويوجد بالفعل إتفاق وإجماع بين كتاب العالم المتخصصون فى الدين‬ ‫واألخالق على أنه يجب أن يشعر األفراد باالمتنان ‪ ،‬ويعبروا عنه نظير ما‬ ‫يتلقونه من نعم من هللا ‪ ،‬وما يقدم لهم من مساعدات من قبل اآلخرين ‪ ،‬وقد‬ ‫أولى ال ُكتاب أهمية كبيرة لالعتراف باالمتنان ‪.‬‬ ‫ويمكننا أن نستنتج من اآلراء التاريخية هذه أن استجابة األفراد الممتنة ال‬ ‫تفيد هؤالء األفراد فحسب ‪ ،‬وإنما تفيد المجتمع بأسره ‪.‬‬ ‫وترجع فى أغلب االحتماالت أول معالجة نظرية مهمة لالمتنان من‬ ‫منظور مجتمعى واسع إلى كتاب آدم سميث " نظرية المشاعر األخالقية "‬ ‫الذى قدم فيه االمتنان كعاطفة اجتماعية أساسية ‪ ،‬تقف على قدم المساواة‬ ‫مع انفعاالت أخرى كاالستياء والمودة ‪.‬‬ ‫ويعتبر االمتنان – وفقًا لسميث – أحد أهم الدوافع األساسية للسلوك‬ ‫الخيًر من الشخص فاعل الخير‪.‬‬ ‫واتبع عالم االجتماع "جورج سيميل" نهج " سميث " فى التفكير ‪ ،‬حيث‬ ‫برهن أن االمتنان يعد إمدادًا معرفيًا –عاطفيًا يحافظ على اإللتزامات‬ ‫المتبادلة بين األفراد ‪ ،‬ذلك أن البناءات االجتماعية الرسمية مثل القانون‬ ‫والعقود االجتماعية ال تعتبر كافية لتنظيم التبادلية فى التفاعل اإلنسانى ‪،‬‬ ‫وتأكيد تحققها ‪ ،‬ويعمل االمتنان على تذكير األفراد بحاجتهم إلى الرد‬ ‫بالمثل‪.‬‬ ‫صا ما (المستفيد)‬‫فعندما يحدث تبادل فى المساعدات ‪ ،‬يدفع االمتنان شخ ً‬ ‫إلى أن يرتبط بشخص آخر هو (فاعل الخير)‪.‬وبالتالى يُذ ّكر المستفيدين‬ ‫بالتزاماتهم فى المعاملة بالمثل ‪ ،‬فقد أشار إلى االمتنان باعتباره " الذاكرة‬ ‫األخالقية لإلنسانية " ‪.‬فإذا ما تم فجأة تجاهل كل عمل يعبر عن االمتنان‬ ‫؛ فعندئذ ينهار المجتمع ( على األقل فى صورته التى عهدناها ) ‪.‬‬ ‫فاالمتنان وفقًا لهذا المنظور السيوسيولوجى البحت يحقق وظيفة نفعية‬ ‫وهى التماسك االجتماعى ‪ ،‬وذلك مقارنة بالمنظور النفسى الذى يؤكد أن‬ ‫االمتنان حالة داخلية ذات قيمة ينميها الفرد ‪ ،‬ويحرص عليها لذاتها‬ ‫‪.‬‬ ‫لم يكن لدى علماء النفس حتى وقت قريب ما يقال عن االمتنان ‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫مقارنة بما أدلى به فالسفة األخالق ‪ ،‬وعلماء االجتماع ‪ ،‬حتى من‬ ‫تخصص من علماء النفس فى دراسة االنفعاالت قد فشل إلى حد كبير‬ ‫فى استكشاف معالم االمتنان‪.‬‬ ‫وقد اعتبر علماء النفس أن االمتنان وجدان أخالقى ‪ ،‬ونقصد به‬ ‫‪‬‬ ‫ماله من مقدمات وتبعات أخالقية ‪.‬‬ ‫فافترضوا أنه عندما يمر الفرد بخبرة االمتنان ؛ فإنه يكون لديه دوافع ألن‬ ‫يقوم بسلوك اجتماعى إيجابى ‪ ،‬ويكون لديه الحماس للحفاظ على هذه‬ ‫ضا من الدوافع ما يمنعه من ارتكاب‬ ‫السلوكيات األخالقية ‪ ،‬ويكون لديه أي ً‬ ‫سلوكيات تدمر عالقاته مع اآلخر‬ ‫وقد افترض الباحثون ثالثة افتراضات ‪:‬‬ ‫أوالً ‪ :‬أن االمتنان تحديًدا يعد بمثابة مقياس ومعيار أخالقى يزود األفراد‬ ‫صا ما قد عاملهم بصورة‬ ‫بقراءة انفعالية ‪ ،‬تصاحب إدراكهم أن شخ ً‬ ‫اجتماعية إيجابية ‪.‬‬ ‫ثانيًا ‪ :‬أن االمتنان يعد دافعًا أخالقيًا ‪ ،‬يُحفز األفراد على التصرف بصورة‬ ‫اجتماعية إيجابية بعد أن كانوا أنفسهم المستفيدين من سلوك اآلخرين‬ ‫االجتماعى اإليجابى ‪.‬‬ ‫ثالثًا ‪:‬أن االمتنان يعد مدع ًما أخالقيًا يشجع السلوك االجتماعى االيجابى‬ ‫من خالل تعزيز وتدعيم األفراد على ما قاموا به من قبل من سلوك‬ ‫اجتماعى إيجابى‪.‬‬ ‫وقد قدم العلماء أدلة تدعم هذا التصور‪ ،‬فيعد االمتنان عملية تطور وتكيف‬ ‫تهدف إلى التعديل من استجابات األفراد نحو األفعال اإليثارية ‪ ،‬وبهذا يعد‬ ‫عنصرا أساسيًا فى منظومة االنفعاالت يقوم عليه اإليثار المتبادل‬ ‫ً‬ ‫االمتنان‬ ‫‪.‬‬ ‫وتشير األبحاث الحديثة إلى أن االمتنان يعد آلية نفسية تكمن وراء‬ ‫التبادلية والمعاملة بالمثل ؛ تظهر لدى اإلنسان وغيره من الرئيسيات غير‬ ‫البشرية ‪ ،‬وهذا اليعنى أن يقتصر االمتنان على هذه الوظيفة فحسب ‪ ،‬أو‬ ‫أن يُختزل االمتنان ليكون مجرد آلية تبادل فى مجتمع اقتصادى ‪ ،‬فهناك‬ ‫أسباب أخرى تدعو إلى االعتقاد بأن خبرات االمتنان هذه ترتبط‬ ‫بمؤشرات السعادة والرفاة فى عالقة يمكن اعتبارها سببية‪.‬‬ ‫ويمكن تلخيص وجهات النظر التى تم عرضها حتى اآلن فى عدة نقاط ‪ ،‬تمثل‬ ‫ُجماع ما اتفقت عليه نظريات وأبحاث االمتنان ‪ ،‬وتتمثل فى اآلتى ‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تتفق المعالجات القائمة على أن االمتنان جزء من جهاز نفسى وظيفى ‪،‬‬ ‫ضا ‪.‬‬ ‫يساعد األفراد على الحفاظ على التزاماتهم تجاه بعضهم بع ً‬ ‫ثان ًيا ‪ :‬تتفق معظم المعالجات النظرية على أن االمتنان يوجد فى ظل مجموعة‬ ‫من الظروف ‪ ،‬تتمثل فى ‪:‬‬ ‫تقديرا إيجاب ًيا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أ‪-‬عندما تُقدّر المنفعة أو المساعدة‬ ‫ب‪-‬عندما التتناسب المنفعة أو المساعدة التى تلقاها الفرد مع ما بذله من جهد‬ ‫ج‪-‬عندما تقدم المنفعة أو المساعدة من الشخص الخيّر عن عمد وبشكل قصدى ‪.‬‬ ‫ثالثًا ‪ :‬يعد االمتنان خبرة ممتعة ترتبط بالرضا والسعادة واألمل ‪.‬‬ ‫يُفترض أن هناك أربعة أبعاد ‪-‬على األقل ‪ -‬يمكننا فى ضوئها فهم االمتنان‬ ‫‪.‬‬ ‫وتختص األبعاد األربعة التى يمكن من خاللها مالحظة االمتنان بــــــــــــ‬ ‫‪:‬‬ ‫أ – الميول والنزعات ‪.‬‬ ‫ب‪-‬المنفعة أو المساعدة ‪.‬‬ ‫ج‪-‬فاعل الخير ‪.‬‬ ‫د‪-‬المنفعة ‪ x‬فاعل الخير ‪.‬‬ ‫ويعتبر بُعد النزعة والميل البعد األعـــــــم الذى مــــــــن خالله نشير إلى‬ ‫الفرد بأنـــــــــه " ممتن " أو " ناكر للجميل " ‪ ،‬وتوضح هـــــــــــــذه‬ ‫التسميات ظاهريًا مدى استعداد الفرد ليمر بخبرة االمتنان على مر الزمن‬ ‫‪ ،‬وعبر عديد من المواقف ‪.‬‬ ‫ويُفهم االمتنان من خالل بُعد " المنفعة أو المساعدة " من خالل مالحظة‬ ‫درجة امتنان الفرد استجابة لمنفعة أو مساعدة مـا حصل عليها ‪.‬ويكون‬ ‫السؤال هــــــنا هو ‪:‬‬ ‫هل تشعر باالمتنان نحو شئ ما قًدم لك ؟‬ ‫ويفهم االمتنان من خالل بُعد " فاعل الخير" من خالل مالحظة‬ ‫‪‬‬ ‫درجة امتنان األفراد تجاه شخص بعينه منحهم منفعة أو مساعدة ما‬ ‫فى الماضى ‪.‬‬ ‫فيتوقع من األطفال أن يكونوا ممتنيين آلبائهم دون الحاجة إلى حصر‬ ‫‪‬‬ ‫أبرز المنافع والفوائد التى قُدمت لهم‪.‬‬ ‫وال تمثل طبيعة المنافع أو المساعدات التى تم الحصول عليها فى‬ ‫‪‬‬ ‫الماضى مركز االهتمام من منظور المستفيد ‪ ،‬وإنما تعد المسألة‬ ‫األساسية فى كون الشخص يشعر باالمتنان نحو شخص ما‪.‬‬ ‫أما عن بُعد " المنفعة أو المساعدة ‪ x‬فاعل الخير" فهو يمثل المزاوجة‬ ‫بين بُعد المنفعة ‪ ،‬والبُعد المتمركز حول فاعل الخير ‪ ،‬ونهتم فى هذا البعد‬ ‫األخير بدرجة االمتنان التى يشعر بها الفرد نحو منفعة بعينها‪.‬‬ ‫على سبيل المثال‪:‬‬ ‫رسوم الدراسة فى كلية فرد ما ‪ ،‬أو السماح لشخص ما بالمرور فى‬ ‫زحام المرور ‪ ،‬أو إخراج القمامة ‪ ،‬والتى يمنحها فاعل الخير الذى قد‬ ‫يكون األب ‪ ،‬أو غريب فى الطريق السريع ‪ ،‬أو مرافق الحجرة ‪.‬‬ ‫وبنا ًء على ماسبق ‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫يكون السؤال محط االهتمام فى ضوء هذا المنظور هـو ‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪-‬هل يمكن أن يشعر الفرد باالمتنان نحو شخص ما لتقديمه شيئًا ما‬ ‫‪‬‬ ‫له؟‬ ‫فالتركيز هنا على كل من المنفعة والمساعدة المقدمة ‪ ،‬ومن قدمها ‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫إن النزعة لالمتنان تعد ميالً انفعاليًا نحو االعتراف واالستجابة لدور‬ ‫العوامل الخيرية األخالقية فى مخرجات الفرد اإليجابية ؛ لذا توجد عدة‬ ‫أوجه لهذه النزعة تعبر عن نفسها فى خبرات انفعالية متفردة ( ونعنى‬ ‫بذلك خبرات الفرد اليومية فى االمتنان ) ‪.‬‬ ‫ونشير فى استخدامنا لمصطلح " أوجه" –بدالً من مصطلح " أبعاد " –‬ ‫كون النزعة لالمتنان ؛ ذلك ألننا النفترض أن‬ ‫إلى العناصر التى ت ُ ّ‬ ‫العناصر التالية من خبرات األفراد النفسية والشخصية لالمتنان عناص ًرا‬ ‫مستقلة ‪ ،‬أو منفصلة بالضرورة ‪ ،‬ولكننا نعتقد أن هذه األوجه تمثل مالم ًحا‬ ‫من خبرات امتنان متفردة يمر بها األفراد الممتنون‬ ‫‪.‬‬ ‫ويمكن تسمية الجانب األول لنزعة االمتنان بشدة االمتنان ‪ ،‬فالفرد الذى‬ ‫لديه نزعة قوية نحو االمتنان ‪ ،‬يتوقع أن يشعر باالمتنان بعمق عندما‬ ‫يعايش حدثًا إيجابيًا ‪ ،‬خاصة إذا ما قورن بشخص ذى نزعة أقل نحوه ‪،‬‬ ‫وعايش الحدث ذاته ‪.‬‬ ‫ويعتبر عدد وتكرارات الشعور باالمتنان الجانب الثانى لنزعة االمتنان ‪،‬‬ ‫فيعلن الفرد ذو النزعة القوية نحو االمتنان عن إحساسه بالعرفان بالجميل‬ ‫مرات عديدة فى اليوم ‪ ،‬ويتجلى ذلك فى أبسط ما يُقدم له من معروف ‪ ،‬أو‬ ‫فيما يُقدم له من أفعال تتصف بحسن الخلق ‪.‬‬ ‫وعلى النقيض ؛ ال يعد تقديم معروف أو أفعال تتصف بحسن الخلق‬ ‫للفرد ذى النزعة األقل نحو االمتنان كافيًا لظهور االمتنان ‪ ،‬سواء فى‬ ‫حينها أو فى المستقبل ‪.‬‬ ‫وبنا ًء على ذلك ؛ تقل فرص هذا الشخص فى الشعور باالمتنان خالل‬ ‫مدة محددة ( على سبيل المثال ساعات ‪ ،‬أيام ‪ ،‬أسابيع ‪.‬إلخ )‪.‬‬ ‫‪ ‬ويمثل مدى االمتنان الجانب الثالث منه ‪ ،‬ويقصد بذلك عدد األحداث‬ ‫الحياتية التى يشعر فيها الفرد باالمتنان فى وقت محدد‪.‬‬ ‫‪ ‬فالفرد الذى لديه نزعة قوية نحو االمتنان يشعر باالمتنان تجاه‬ ‫أسرته ‪ ،‬ووظيفته ‪ ،‬وصحته ‪ ،‬ونحو الحياة ذاتها ‪ ،‬وغير ذلك من‬ ‫أمور عديدة ‪.‬‬ ‫أما الفرد الذى لديه نزعة أقل نحو االمتنان فيقتصر إدراكه لخبرة‬ ‫االمتنان على جوانب محدودة من حياته‬ ‫وثمة جانب رابع لنزعة االمتنان يتمثل فى كثافة االمتنان ‪ ،‬ويشير إلى‬ ‫عدد األفراد الذين يشعر الفرد باالمتنان لهم نتيجة لحدث واحد إيجابى ‪ ،‬أو‬ ‫نتيجة لظروف حياتية إيجابية مر بها ‪.‬‬ ‫فعندما يُسأل الفرد عن األشخاص الذين يُكن لهم بالعرفان بالجميل نتيجة‬ ‫لحدث ما كحصوله على وظيفة جيدة ‪ ،‬فسوف تتضمن إجابة الفرد الذى‬ ‫لديه نزعة قوية نحو االمتنان قائمة كبيرة بأسماء عديد من األفراد كاآلباء‪،‬‬ ‫ومدرسى المرحلة االبتدائية ‪ ،‬والمدربين ‪ ،‬والموجهين ‪ ،‬والزمالء ‪ ،‬وذلك‬ ‫على خالف من لديه نزعة أقل نحو االمتنان ؛ فشعوره باالمتنان يكون‬ ‫نحو عدد أقل من األفراد ‪.‬‬ ‫التنطبق أبعاد االمتنان األربعة بالتساوى على كل األوجه األربعة التى‬ ‫يمكن من خاللها دراسته ‪.‬‬ ‫ففيما يتعلق ببُعد النزعة والميل ( حيث تعد سمات الفرد واستعداده العام‬ ‫ليكون ممتنًا نحو عديد من ظروف الحياة المختلفة محور االهتمام ) يمكننا‬ ‫قياس امتنان األفراد على جميع األبعاد األربعة (الشدة والتكرار والمدى‬ ‫والكثافة ) ‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق ببُعد المنفعة أو المساعدة ( ومحور اهتمامه امتنان األفراد‬ ‫نحو منفعة واحدة ومحددة بعينها ) سنكون مهتمين بشدة االمتنان ‪،‬‬ ‫وتــــــــــــكراره ‪ ،‬وكثافنه ‪ ،‬ولكن ليس بمداه ‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق ببُعد فاعل الخير ( ومحور اهتمامه هو امتنان األفراد‬ ‫لشخص ما بعينه لما قدمه من منفعة ما غير محددة ‪ ،‬أو مجموعة‬ ‫مــــــــــــن المساعدات ) ‪ ،‬فاهتمامنا سينصب على بُعد شدة االمتنان ‪،‬‬ ‫وتكراره ‪ ،‬ولكن ليس على بُعد الكثافة‬ ‫أما عن بُعد المنفعة أو المساعدة‪ x‬فى فاعل الخبر ( وفيه يعد شعور‬ ‫الفرد باالمتنان نحو فاعل خير ما بعينه لما قدمه من منفعة محددة هو‬ ‫موضع االهتمام ) فيكون اهتمامنا ببُعد شدة االمتنان ‪ ،‬وتكراره ‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس بمداه أو كثافته‬ ‫تكشف البحوث االرتقائية أن فهم األطفال لالمتنان –كعملية‪ -‬يحدث‬ ‫‪‬‬ ‫عبر سنوات عديدة ‪ ،‬وبشكل أكثر تحديًدا ‪ ،‬اليحدث االمتنان‬ ‫كاستجابة لتلقى هدية حتى مرحلة الطفولة المتوسطة ‪.‬‬ ‫وقد وجد جيلسون ‪ Gleason‬ووينتروب ‪Weintraub‬‬ ‫‪‬‬ ‫(‪)1976‬على سبيل المثال أن نسبة قليلة من األطفال (‪ )%21‬األقل‬ ‫من ست سنوات ‪ ،‬عبروا عن شكرهم للراشدين الذين قدموا لهم‬ ‫حلوى ‪ ،‬ولكن معظم األطفال فى سن العاشرة فأكثر (‪ )%80‬قد‬ ‫عبروا عن امتنانهم فى ذات الموقف ‪.‬‬ ‫وبنا ًء على هذه البيانات ؛ يبدو أن خبرة االمتنان ‪ ،‬والرغبة فى عمل شئ‬ ‫طيب لمن يُحسن إلينا ‪ ،‬تبزغ فى المدى العمرى من ‪ 10:7‬سنوات ‪.‬‬ ‫عن ولكن هناك ندرة فى الدراسات االرتقائية التى عنيت بالكشف‬ ‫توقيت بزوغ االمتنان لدى األطفال‪.‬‬ ‫التتوفر لدينا أدلة كثيرة تتعلق بالفروق الجندرية ‪ ،‬ولكننا نثير فى البداية‬ ‫التساؤل اآلتى ‪:‬‬ ‫‪-‬هل يمكن لالمتنان كإستراتيجية معززة للشعور بطيب الحال أن يكون‬ ‫مؤثرا على الرجال والنساء بالقدر نفسه ؟‬ ‫ً‬ ‫على الرغم من ارتباط االمتنان بالنواتج النفسية اإليجابية ‪ ،‬فإن االمتنان قد‬ ‫يكون‬ ‫انفعاال ينشد الرجال تجنب معايشته ‪ ،‬أو التعبير عنه ؛ ألنه يرتبط من‬ ‫منظورهم باالنفعاالت والظروف السلبية ‪.‬‬ ‫ونظرا‬ ‫ً‬ ‫فالرجال عادة تعبر عن االنفعاالت التى ترتبط بالقوة والمكانة ‪.‬‬ ‫الرتباط االمتنان باالعتمادية جزئيًا ‪ ،‬فقد يدرك الرجال معايشة االمتنان‬ ‫والتعبير عنه على أنه دليل على الضعف ‪ ،‬ويمثل تهديدًا لرجولتهم ‪،‬‬ ‫ويضر بمكانتهم ‪ ،‬وبالتالى لكى يحموا أنفسهم من االنفعاالت السلبية ‪،‬‬ ‫والعواقب االجتماعية المرتبطة بها ؛ فإنهم يتجنبون معايشته والتعبير عنه‬ ‫‪.‬‬ ‫أما النساء –مــــــــقـــــــارنة بالرجال‪ -‬فإنهن من األكثر احتماالً أن‬ ‫يعايشن االمتنان ‪ ،‬ويعبرن عنه‪.‬‬ ‫وتوصلت ثالث دراسات مختلفة إلى أن معايشة النساء لالمتنان لم تكن‬ ‫خبرة جديدة بالنسية إليهن ‪ ،‬وهى خبرة مركبة ‪ ،‬وغير مؤكدة ‪ ،‬ويشوبها‬ ‫الصراع ‪ ،‬وهى خبرة مثيرة ‪ ،‬وعندما طلب منهن وصف موقف حديث‬ ‫كن فيه مستفيدات ‪ ،‬أوضحت النساء المشاركات أنهن كن أقل سأ ًما ‪،‬‬ ‫وأكثر امتنانًا ‪.‬‬ ‫أخيرا ‪ :‬كانت النساء المشاركات األكثر امتنانًا على مدى ثالثة أشهر –‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بالرجال المشاركين فى الدراسة‪ -‬أكثر احتماالً ألن يُشبعن حاجاتهن‬ ‫النفسية لالنتماء واألستقاللية ‪.‬‬ ‫وربما نكون فى حاجة إلى إعادة التعليم االنفعالى للرجال إلقناعهم أن‬ ‫عزو نحاجهم لآلخرين اليقلل من شعورهم باإلنجاز الذاتى‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser