الاقتصاد الكلي PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
هذا نص حول مفهوم الاقتصاد الكلي كأحد أهم فروع علم الاقتصاد، ويهتم بدراسة المتغيرات الاقتصادية على المستوى الكلي، ويشمل ذلك الدخل القومي، الناتج المحلي الإجمالي، النمو، التضخم، البطالة، ميزان المدفوعات، أسعار الصرف، والسياسات الاقتصادية. هو حقل دراسي واسع يتناول قضايا و ظواهر اقتصادية كلية، مع التركيز على السياسات الاقتصادية، ومدارس فكرية مثل الكلاسيكية والكينزية والنقدية.
Full Transcript
الفصل األول األقتصاد الكلي :مفاهيم أساسية أولا -مفهوم القتصاد الكلي: هو أحد أهم فروع علم االقتصاد ،يهتم االقتصاد الكلي بدراسة المتغيرات االقتصادية على المستوى الكلي في فترات األزدهار وفترات ا...
الفصل األول األقتصاد الكلي :مفاهيم أساسية أولا -مفهوم القتصاد الكلي: هو أحد أهم فروع علم االقتصاد ،يهتم االقتصاد الكلي بدراسة المتغيرات االقتصادية على المستوى الكلي في فترات األزدهار وفترات الركود مثل الدخل القومي والناتج الكلي من السلع والخدمات ،نمو االنتاج ،معدالت التضخم والبطالة ،ميزان المدفوعات وأسعار الصرف ...ألخ .ويؤكد على السلوك واإلجراءات والسياسات التي تؤثر على االستهالك واالستثمار والعمالت والميزان التجاري والعوامل المحددة لتغيرات االجور واالسعار والسياسات النقدية والمالية واالحتياطي النقدي من العمالت الصعبة في البنك المركزي والموازنة العامة للحكومة وأسعار الفائدة والدين العام. تعتبر النظرية االقتصادية الكلية مكملة للنظرية االقتصادية الجزئية التي تهتم بدراسة وتحليل سلو ك الوحدات االقتصادية الفردية كاألشخاص واألسر والمشاريع أو المؤسسات االقتصادية في مختلف القطاعات االقتصادية (الصناعية والزراعية والخدمية).حيث تقوم النظرية االقتصادية الجزئية بتحديد مستوى االنتاج الذي يمكن للمؤسسة من خالله تغطية تكاليفها وتحقيق االرباح.بينما تتعامل النظرية االقتصادية الكلية مع االقتصاد الوطني ككل وتتجاهل التحليل على مستوى الوحدات الفردية ،لذلك نجد االقتصاد الكلي يهتم بدراسة قضايا وظواهر كلية كالرواج والكساد والناتج المحلي األجمالي ،النمو االقتصادي ،معدالت التضخم والبطالة ،سعر صرف العملة المحلية ،وبالتالي فهو يتعامل مع الموضوعات االقتصادية الرئيسة والمشاكل المعاصرة التي تؤثر على أداء االقتصاد الوطني. وعلى الرغم من أهتمام النظرية االقتصادية الكلية بالعوامل التي تبحث في تحديد هذه المتغيرات الكلية والمعبرة عن األداء االقتصادي فهي تهتم أيضا ً بدراسة العوامل التي تعمل على تحديد مجموعة أخرى من المتغيرات الفرعية.فعند دراسة الدخل القومي مثالً يتم دراسة توزيع الدخل بين األجور واألرباح والفائدة والريع.كما إنه عند تحليل اإلنفاق القومي يتم دراسة اإلنفاق االستهالكي واإلنفاق اإلستثماري والصادرات والواردات واإلنفاق الحكومي.وال تتوقف النظرية االقتصادية الكلية عند الكيفية التي يتم من خاللها الوصول الى المستوى التوازني للمتغيرات السابق ذكرها ،بل وتهتم أيضا ً بدراسة العوامل التي تؤدي الى تحقيق التقلبات والنمو في هذه المتغيرات خالل الفترات الزمنية المختلفة. ثانيا ا -أنواع التحليل القتصادي: يمكن تقسيم التحليل االقتصادي الى أنواع مختلفة ،وتختلف هذه التقسيمات بأختالف األسس التي يقوم عليها التحليل.فقد يكون الحجم هو األساس في التقسيم الى تحليل جزئي وتحليل كلي أو أجمالي.وبالرغم من صعوبة الفصل أحيانا ً بين هذين المجالين بطريقة واضحة، إال أن أهم تمييز بينهما هو أن كالهما يذهب لتحديد ما يعده النوع اآلخر كمعلومة معطاة.فمثالً 1 الدخل القومي ومستوى البطالة والمستوى العام لألسعار يتم التعامل معها في التحليل االقتصادي الجزئي على أنها معلومات مفترضة أو معطاة ،بينما تكون هذه المتغيرات هي الهدف الذي يريد أو يتجه التحليل االقتصادي الكلي لتفسره.وبالمقابل ال يهتم دارسو التحليل االقتصادي الكلي بالمسائل التي يعالجوها أصحاب التحليل االقتصادي الجزئي مثل سعر سلعة معينة أو الطلب على سلعة معينة أو سلوك المستهلك أو توزيع الموارد بين المؤسسات وتحديد األسعار النسبية للسلع والخدمات. وقد يكون الزمن هو أساس التقسيم في التحليل ،وفي هذه الحالة يمكن تقسيم التحليل االقتصادي الى ثالثة أنواع هي :التحليل الساكن والتحليل الساكن المقارن والتحليل الديناميكي. فالتحليل الساكن هو التحليل الذي ال يكون عامل الوقت أي أثر في الدراسة ،فهو التحليل القائم على أساس الدراسة في لحظة معينة.فعند دراسة أثر تغير السعر على الكمية المطلوبة فأننا ال نأخذ في أعتبارنا سوى أثر السعر في لحظة معينة وال نهتم بالسعر في الماضي أو المستقبل. أما التحليل الساكن المقارن يتناول دراسة حالة التوازن واألنتقال الى حالة توازن أخرى دون أن يتعرض الى العوامل التي تؤثر في الظواهر االقتصادية خالل فترة االنتقال من حالة التوازن األولى الى حالة التوازن الثانية ،أي أن هذا النوع من التحليل يتناول مقارنة التوازن في نقطتين زمنيتين مختلفتين.في حين أن التحليل الديناميكي هو التحليل الذي يأخذ في األعتبار عامل الزمن. ومن بين طرق وأنواع التحليل في األقتصاد الكلي هناك التحليل التطبيقي والتحليل النظري.فالتحليل النظري يقوم في الحصول على األستنتاجات بطريقة منطقية أنطالقا ً من الفروض المعتمدة في الدراسة.أما الطريقة التطبيقية في التحليل تقوم على أستنتاج المبادئ من خالل تحليل البيانات التي نحصل عليها من الدراسة التطبيقية.فمثالً عندما يوجد عدد كبير من الدراسات التطبيقية (الميدانية) توضح أن تخفي ض السعر يؤدي الى زيادة الطلب فيمكن الحصول على مبدأ أو قاعدة هو أن تخفيض السعر يؤدي الى زيادة الطلب على السلعة. ثالثا ا -أهداف السياسات القتصادية وأسلوب إعدادها: إن أحد المجاالت المركزية لالقتصاد الكلي هو التوجه نحو السياسة االقتصادية.تكون أهداف االقتصاد الكلي متعددة مثل التشغيل الكامل واستقرار األسعار ورفع معدل النمو االقتصادي وتوازن ميزان المدفوعات ،هذه األهداف تكون مرغوبة من طرف الحكومات وصانعي السياسات االقتصادية والباحثين في مجال الدراسات االقتصادية الكلية ،إال أن القائمة يمكن توسيعها حسب الحاجة وقد تكون في بعض البلدان إحدى أهم انشغاالتها هو أستقرار سعر الصرف كما هو حاصل في بلدنا العراق بالوقت الحاضر. ويحدث في الغالب أن بعض هذه االهداف تتضارب مع بعضها البعض ،حيث أن الزيادة في معدل العمالة ال يمكن تحقيقها إال بتضخم مرتفع أو أن هدف استقرار األسعار يمكن أال يتزامن مع االهتمام باستقرار أسعار الصرف.أضافة الى ذلك يمكن لبعض االهداف أن تؤثر سلبيا ً على اهتمامات المجتمع ،فمعدل النمو االقتصادي المرتفع يمكن أن يجعل حماية البيئة مثالً في خطر. 2 وعندما تكون أهداف االقتصاد الكلي واضحة ومميزة فالبد من تشكيل السياسات االقتصادية القادرة على تحقيق النتائج المرجوة ،ويكون بين أيدي المسؤولين االقتصاديين حزمة من السياسات مثل السياسة النقدية والسياسة المالية وسياسة سعر الصرف والسياسة التجارية والبد من التنسيق بين هذه السياسات وجعلها تسير باالتجاه الالزم لتحقيق االهداف االقتصادية المخطط لها وتجنب حدوث اآلثار السلبية والنتائج المتناقضة. وهناك خطوات عديدة يجب أتباعها في أعداد السياسة القتصادية منها: -1التحليل والتقييم :يجب فحص االقتصاد بشكل شامل وتحديد نقاط القوة والضعف والتحديات التي تواجه االقتصاد.كما يتعين تقييم تأثير السياسات السابقة ودراستها لتحديد مدى نجاحها والتعلم من األخطاء. -2تحديد األهداف :عند وضع سياسة اقتصادية البد من تحديد الهدف الذي يجب على السياسة االقتصادية تحقيقه.ولتحديد الهدف البد من تحديد المشكلة التي من أجلها يجب أتباع السياسة االقتصادية.وتحديد المشكلة بدورها يتطلب فهم االحوال والظروف التي تحيط بالمشكلة ،فإذا أردنا مكافحة ظاهرة التضخم فإن عملية تحديد المشكلة في هذه الحالة تتطلب معرفة نوع التضخم الموجود ودراسته وتحليله الى عوامله المختلفة ،وإذا ما تم ذلك يمكن تحديد الهدف واالجراءات األكثر أهمية لتحقيق ذلك الهدف. -3وضع السياسات :أي وضع السياسة التي تدعم تحقيق األهداف المحددة مع األخذ في األعتبار التوجهات االقتصادية واالجتماعية ،وفي هذه المرحلة البد من تحديد األدوات االقتصادية المناسبة لتنفيذ السياسة. -4تقييم الخيارات الممكنة وأختيار األنسب منها :قبل تنفيذ السياسة ،ينبغي إجراء عملية تطوير السياسات لتقييم الخيارات الممكنة واختيار األنسب منها.وهذا يساعد المخططين وصانعي السياسة على اختيار السياسات األكثر مالءمة لبرنامج معين.ومن المهم أيضًا تطوير قدرا كافيًا من المرونة إلجراء التغييرات المستقبلية التي قد تكون ضرورية. السياسات التي تتيح ً -5تحليل الفوائد والتكاليف واآلثار القتصادية لألنظمة والسياسات :ينبغي إجراء التحليالت االقتصادية للبرامج والسياسات االقتصادية لتقييم الفوائد والتكاليف واآلثار االقتصادية لهذه البرامج والسياسات ،بما في ذلك تقييم توزيع التكاليف والفوائد بين مختلف القطاعات من أبناء المجتمع. -6التواصل والتشاور :ضرورة التواصل والتشاور مع األطراف المعنية مثل القطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين لضمان المشاركة بوجهات النظر المختلفة.أذ ينبغي للسياسات االقتصادية أن تساعد الناس على المشاركة الكاملة في االقتصاد المتغير والتكيف معه لمعالجة مختلف القضايا والمشاكل في المجتمع. -7التنفيذ والمتابعة :تنفيذ السياسات واإلجراءات بنا ًء على الخطة المعدة وتنسيق العمل بين الجهات المعنية ،ومن ثم متابعة تنفيذ السياسات وقياس األداء بإنتظام لضمان تحقيق األهداف والتحسين المستمر. 3 -8التقارير واإلفصاح :أعداد تقارير دورية تعكس األداء االقتصادي وتقييم تأثير السياسات، أضافة الى ذلك نشر النتائج والتقارير للجمهور لضمان الشفافية وتعزيز الثقة والتواصل مع المجتمع. رابعا ا -المدارس الفكرية في األقتصاد الكلي: لقد تطور االقتصاد الكلي بمرور الوقت إلى مدارس فكرية مختلفة.تقدم كل مدرسة وجهات نظر فريدة حول كيفية عمل االقتصاد وكيف يمكن للسياسات الحكومية أن تؤثر على مساره.سوف نستكشف المدارس الفكرية البارزة في االقتصاد الكلي ،بدءا من المدرسة الكالسيكية واالنتقال إلى أساليب أكثر حداثة. .1المدرسة الكالسيكية: ظهرت المدرسة الكالسيكية لالقتصاد في أواخر القرن الثامن عشر وهيمنت على الفكر االقتصادي حتى أواخر القرن التاسع عشر.الشخصيات الرئيسية المرتبطة بهذه المدرسة تشمل آدم سميث ،ديفيد ريكاردو ،وجون ستيوارت ميل.تدور المبادئ األساسية للمدرسة الكالسيكية حول االعتقاد بآلية السوق ذاتية التنظيم وأهمية سياسات عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي.وأكدوا أن األسواق الحرة ،المدعومة بقانون العرض والطلب ،ستصل بطبيعة الحال إلى حالة من التوازن وتخصيص الموارد بكفاءة. .2المدرسة الكينزية: ظهرت المدرسة الكينزية كرد فعل على الكساد الكبير في الثالثينيات وسميت على اسم مؤسسها جون مينارد كينز.تحدى االقتصاد الكينزي اعتقاد المدرسة الكالسيكية بالتنظيم الذاتي للسوق ودعا إلى التدخل الحكومي الفعال في النشاط االقتصاد للتخفيف من االنكماش االقتصادي.يؤكد الكينزيون على دور الطلب الكلي والحاجة إلى اإلنفاق الحكومي لتحفيز النمو االقتصادي وتقليل البطالة خالل فترات الركود االقتصادي. ومن المبادئ األساسية للمدرسة الكينزية: إدارة الطلب الكلي :يجب على الحكومة إدارة الطلب الكلي من خالل السياسات المالية والنقدية لتحقيق االستقرار في االقتصاد. التأثير المضاعف :للتغيرات في اإلنفاق تأثير مضاعف على الدخل القومي ،مما يؤثر بشكل أكبر على الطلب الكلي. فخ السيولة :في ظروف معينة ،قد تصبح أسعار الفائدة غير فعالة في تحفيز االستثمار بسبب اكتناز األموال. .3المدرسة النقدية: ظهرت المدرسة النقدية ،المرتبطة باقتصاديين مثل ميلتون فريدمان ،في منتصف القرن العشرين.يعتقد علماء النقد أن التغيرات في المعروض النقدي لها تأثير كبير ومباشر على النمو 4 االقتصادي والتضخم والتوظيف.ويؤكدون على أهمية السياسة النقدية في التأثير على النتائج االقتصادية ويطالبون بمعدل نمو مستقر للمعروض النقدي للحفاظ على االستقرار االقتصادي. ومن المبادئ األساسية للمدرسة النقدية: نظرية كمية النقود :عالقة مباشرة بين عرض النقود ومستوى األسعار ،بافتراض سرعة ثابتة للنقود. قاعدة السياسة النقدية :تدعو إلى معدل نمو ثابت في المعروض النقدي ويمكن التنبؤ به لتحقيق االستقرار االقتصادي على المدى الطويل. نقد السياسة المالية التقديرية :يوجه أقتصاديو هذه المدرسة االنتقادات ضد التغييرات المتكررة في اإلنفاق الحكومي والضرائب ،ويشجعون على اتباع نهج أكثر استنادا إلى القواعد. .4المدرسة الكالسيكية الجديدة: ظهرت المدرسة الكالسيكية الجديدة في السبعينيات وتحدت بعض االفتراضات الكينزية.وهي تؤكد على التوقعات العقالنية للمؤسسات االقتصادية واألسواق التي تعمل بكفاءة ويمكن التنبؤ بها.ويعتقد االقتصاديون الكالسيكيون الجدد أن األفراد يتخذون قرارات عقالنية استنادا إلى كل المعلومات المتاحة ،مما يؤدي إلى تصحيح األسواق ذاتيا وعدم فعالية السياسات. المبادئ األساسية للمدرسة الكالسيكية الجديدة: التوقعات العقالنية :يتمتع الوكالء االقتصاديون بإمكانية الوصول إلى جميع المعلومات ذات الصلة واستخدامها لتكوين توقعات عقالنية حول الظروف االقتصادية المستقبلية. األسواق الفعالة :تقوم األسواق بمعالجة المعلومات بسرعة ودقة ،مما يؤدي إلى تخصيص الموارد بكفاءة. حياد السياسة :يرى أقتصاديو هذه المدرسة أن السياسة الحكومية النشطة غالبًا ما تكون غير فعالة وأن هذه السياسة يجب أن تركز على إنشاء إطار مستقر لعمل األسواق. .5المدرسة الكينزية الجديدة: ظهرت المدرسة الكينزية الجديدة استجابة النتقادات المدرسة الكالسيكية الجديدة وتسعى إلى دمج بعض أفكارهم مع الحفاظ على انتقادهم آللية السوق.ويتفق أتباع الكينزية الجدد مع الحاجة إلى التدخل الحكومي أثناء فترات الركود االقتصادي ،ولكنهم يدمجون رؤى حول ديناميكيات السوق والتوقعات العقالنية. المبادئ األساسية للمدرسة الكينزية الجديدة: عيوب السوق :يقر بأن األسواق قد ال تتكيف دائ ًما بسرعة مع الصدمات بسبب أوجه الجمود والعيوب المختلفة. 5 تجنب حدوث تغيرات سريعة في األسعار واألجور :قد ال يتم تعديل األسعار واألجور على الفور بسبب التكاليف المرتبطة بتغييرها. السياسة القتصادية المثلى :يدافعون عن سياسات منهجية يمكن التنبؤ بها لتحقيق االستقرار في االقتصاد ،ودمج رؤى من وجهات النظر الكينزية والكالسيكية الجديدة. ويمكن أن نختم كالمنا عن المدارس الفكرية المختلفة في االقتصاد الكلي ،بأنها توفر وجهات نظر متنوعة حول كيفية عمل االقتصاد ودور الحكومة في التأثير على النتائج االقتصادية.يؤكد االقتصاد الكالسيكي على كفاءة األسواق الحرة ،في حين يدعو االقتصاد الكينزي إلى التدخل الحكومي النشط.ويركز أنصار النظرية النقدية على السياسة النقدية ،في حين تسعى المدارس الكالسيكية الجديدة والكينزية الجديدة إلى دمج التوقعات العقالنية وعيوب السوق في أطر عمل كل منهما.إن فهم هذه المدارس الفكرية أمر ضروري لصناع السياسات واالقتصاديين لتطوير سياسات اقتصادية فعالة والتعامل مع تعقيدات االقتصاد الحديث. 6 دورة الدخل القومي والناتج القومي أو التدفق الدائري للدخل والناتج واالنفاق القومي يمكن النظر الى إنتاج السلع والخدمات في أي مجتمع خالل سنة معينة من خالل ثالث زوايا: -1الناتج المحلي اإلجمالي GDP -2الدخل المحلي اإلجمالي GDI -3اإلنفاق القومي AE فالناتج المحلي االجمالي هو إجمالي قيمة السلع والخدمات النهائية التي يقوم المجتمع بإنتاجها خالل سنة معينة. أما الدخل المحلي االجمالي فهو إجمالي دخول عناصر االنتاج التي شاركت في إنتاج الناتج المحلي خالل سنة معينة وتشمل دخول عناصر االنتاج كالً من األجور والمكافئات +عوائد رأس المال +أرباح المنظمين +ريع األرض. وأما اإلنفاق القومي فهو طلب المجتمع الكلي (الطلب الكلي) ويتكون من طلب القطاع الخاص على السلع والخدمات االستهالكية واالستثمارية وطلب القطاع الحكومي على السلع والخدمات االستهالكية واالستثمارية وصافي الطلب الخارجي (الصادرات -الواردات) خالل سنة معينة. ويؤكد المنطق االقتصادي أن الدخل والناتج واالنفاق القومي هي ثالثة أوجه لعملة واحدة، وللتوصل الى مفاهيم هذه المتغيرات والعالقة بينهم البد أن نستعرض ما يعرف ب"نموذج التدفق الدائري للدخل والناتج القومي". أوالً :النموذج البسيط (دورة الدخل والناتج القومي في اقتصاد مكون من قطاعين) نفترض في البداية أننا نواجه أقتصاد بسيط مغلق ( أقتصاد ال توجد فيه مؤسسات مالية ومصرفية وغياب دور الحكومة في االقتصاد وال يتعامل مع العالم الخارجي) ،أي اقتصاد مكون من قطاعين فقط هما القطاع العائلي (اإلستهالكي) وقطاع االعمال (االنتاجي) مع أفتراض أن الدخل الذي يحصل عليه القطاع العائلي سوف ينفق بأكمله على شراء السلع والخدمات النهائية التي ينتجها قطاع االعمال.ويتلخص هذا النموذج في التدفقات التالية: -1يقدم القطاع العائلي خدمات عناصر االنتاج من عمل وأرض ورأس المال والنتظيم لقطاع األعمال. -2يحصل القطاع العائلي من قطاع االعمال على عوائد أو دخول عناصر االنتاج والمتمثلة باألجور والريع والفوائد واألرباح ،ومجموع هذه العوائد نطلق عليها "الدخل المحلي". -3ينتج قطاع االعمال السلع والخدمات النهائية ويقدمها الى القطاع العائلي والقيمة النقدية ألجمالي هذه السلع والخدمات يطلق عليها "الناتج المحلي". 7 -4يقوم القطاع العائلي باإلنفاق على شراء هذه السلع والخدمات ويدفع قيمتها الى قطاع االعمال ،ويطلق عليه باإلنفاق المحلي. والشكل التالي يوضح نموذج التدفق الدائري للدخل في اقتصاد يتكون من قطاعين فقط. 8 ثانياً :النموذج العام للتدفق الدائري للدخل في اقتصاد مكون من خمسة قطاعات -1جباية وتحصيل اإليرادات العامة من مصادر الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم والعوائد النفطية وغيرها. -2اإلنفاق العام على السلع والخدمات االستهالكية واالستثمارية ،أي الطلب الحكومي على السلع والخدمات. ( )5القطاع الخارجي :ويمثل صافي الطلب الخارجي ويتكون من عنصرين رئيسيين هما: -1الصادرات التي تمثل الطلب أو إنفاق العالم الخارجي على السلع المنتجة محلياً. -2الواردات التي تمثل الطلب المحلي أو اإلنفاق المحلي على السلع المنتجة في الخارج. والشكل التالي يوضح ذلك: 9 يالحظ من الشكل انه في ظل هذا النموذج تم إضافة كل من االدخار واالستثمار والضرائب واالنفاق الحكومي وكذلك الواردات والصادرات الى النموذج البسيط من أجل الحصول على النموذج العام للتدفق الدائري للدخل.وبالتالي هناك ثالث تسربات من الدخل وهي :االدخارات والضرائب واالستيرادات ،وجميعها تؤدي الى تقليل مستوى الدخل.وفي المقابل هناك ثالث أضافات للدخل وهي :القروض االستثمارية واالنفاق الحكومي والصادرات، وجميعها تؤدي الى ارتفاع مستوى الدخل.فإذا كان مجموع التسربات أكبر من مجموع اإلضافات ينخفض مستوى الدخل ،والعكس صحيح إذا كان مجموع االضافات أكبر من مجموع التسربات يرتفع مستوى الدخل ،اما إذا كان مجموع التسربات مساويا ً لمجموع اإلضافات يبقى مستوى الدخل ثابتاً. 10 النظرية األقتصادية الكالسيكية اعتقد االقتصاديون الكالسيك و لفترة طويلة من الزمن أن النظام الرأسمالي قادر على تحقيق االستخدام الكامل لجميع الموارد االقتصادية بشرط وجود الحرية االقتصادية وعدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي .أال أن األيام أثبتت عدم صحة نظريتهم نتيجة الكساد العظيم الذي بدأ في الواليات األمريكية عام 1929واجتاح العالم في الثالثينيات من القرن الماضي ،وكذلك ظهور كتاب ( النظرية العامة في االستخدام والفائدة والنقود) عام 1936والذي عرف فيما بعد بالنظرية الكينزية نسبة إلى مؤلفه االقتصادي اإلنجليزي "جون مينارد كينز" والتي كانت ذات قيمة وأهمية كبرى حتى ظهور حالة جديدة مخالفة والمعروفة بظاهرة "التضخم الركودي" Stagflationوهي عبارة عن "االرتفاع المستمر في المستوى العام لألسعار والمصحوب بمعدالت من البطالة". تشير النظرية االقتصادية إلى أن نظام التحليل االقتصادي نشأ في بريطانيا والواليات المتحدة األمريكية منذ ظهور العالم االقتصادي ديفيد ريكاردو(1823-1772م) وقبله آدم سميث ومن عاصرهما أو جاء بعدهما مثل جيمس ميل وجون ستيوارت ميل وجان باتيست ساي وحتى عقد الثالثينات من القرن ال عشرين.وال يشير هذا النظام الكالسيكي إلى نظرية متكاملة بالمعنى الدقيق ،ألنه رغم وجود الكثير من األفكار في كتابات االقتصاديين الكالسيك والتي تتعلق بالناتج والتوازن والعمالة ،إال أنها كتاباتهم ال تحتوي توضيح كامل للعوامل األساسية المحددة لتلك المتغيرات ،كما أنه ال توجد نظريات كاملة في التحليل االقتصادي الكلي. اعتقد الكالسيك أن النظام االقتصادي الرأسمالي قادر على تحقيق التوظف الكامل للموارد ،وأنه إذا ما حدث أي انحراف عن مستوى التوظف الكامل كما في حاالت الحروب أو الكوارث أو اإلضرابات السياسية ،فإن ضوابط تلقائية من خالل جهاز األسعار سرعان ما تعيد االقتصاد القومي إلى حالته الطبيعية وهي حالة االستخدام الكامل.وعلى الرغم من كون النظرية أصبحت مرفوضة من جانب غالبية االقتصاديين إال أنه من الضروري لنا دراستها كخلفية لدراسة النظرية الحديثة للتوظف.وتقوم النظرية الكالسيكية على اعتقادين أساسيين هما-: -1أنه من غير المحتمل حدوث قصور في الطلب الكلي أواإلنفاق(أي عدم وجود فائض في األنتاج) وهذا األعتقاد مشتق من قانون ساي لألسواق. ً -2أنه حتى لو حدث قصور(عجز) في اإلنفاق فإن تعديال في األسعار واألجور يحدث ليمنع انخفاض اإلنفاق الكلي من أن يؤدي إلى انخفاض الناتج الحقيقي والتوظف والدخل. ومن هنا يظهر أن النظرية الكالسيكية ترتكز على عدة افتراضات عامة منها : -1توافر شروط المنافسة الكاملة في أسواق السع والخدمات :أفترض الكالسيك سيادة المنافسة التامة في األقتصاد بكل ما فيها من شروط وقواعد مثل عدد الباعين والمشترين كبير جدا" ،وحرية الدخول والخروج من السوق دون قيود ،وعدم تدخل الدولة في النشاط األقتصادي ،المعرفة التامة لدى البائعين والمشترين عن السوق ،وتجانس السلع والخدمات ...الخ . -2سيادة الملكية الخاصة في المجتمع . -3األنسان أقتصادي رشيد في طبيعته :أي أن األنسان يتصرف دائما" بشكل عقالني وفق مصلحته ،فهو بصفته منتجا" يسعى لتعظيم األرباح وهو بصفته مالكا" لعوامل األنتاج يسعى لتعظيم الدخل وهو بصفته 11 مستهلكا" يسعى لتعظيم المنفعة لنفسه من أستهالك السلع والخدمات.واألنسان عندما يسعى لتحقيق مصلحته يحقق في الوقت نفسه المصلحة العامة ،لذا فال حاجة لتدخل الدولة في النشاط األقتصادي حيث هناك (( اليد الخفية )) Invisible Handكما سماها آدم سميث . -4مرونة األسعار واألجور نحو األعلى واألسفل . -5األستخدام الكامل للموارد األقتصادية وتتضمن هذه الفرضية عدم وجود بطالة أجبارية ،وأن وجدت هذه البطالة األجبارية فهي حالة طارئة التلبث أن تزول . قانون ساي لألسواق يعود قانون ساي نسبة إلى االقتصادي الفرنسي "جان باتست ساي" ومضمونه أن عملية إنتاج السلع إنما تولد قدرا ً من الدخل يعادل تماما ً قيمة السلع المنتجة.بمعنى أن إنتاج أي قدر من الناتج إنما يولد تلقائيا ً المال الكافي لسحب هذا الناتج ،وينص القانون باختصار على أن "كل عرض يخلق الطلب الخاص به" ” “Every Supply Creates Its Demandأو (عرض السلع والخدمات يخلق الطلب عليها). فرضيات قانون ساي :أضافة الى الفرضيات العامة للمدرسة الكالسيكية فإن قانون ساي لألسواق يفترض مايلي: -1إن الغاية من كل نشاط اقتصادي هي اإلستهالك :فالفرد يعمل وينتج من أجل أشباع حاجاته من خالل األنفاق األستهالكي للدخل الذي يحصل عليه ،وحتى األدخار يعتبر أستهالكا ً مؤجالً. -2البد لالدخار أن يتحول الى أستثمار. -3أن للنقود وظيفة واحدة هي المبادلة. أهمية قانون ساي: تأتي أهمية قانون ساي في الفكر الكالسيكي كونه توصل الى نتيجتين هامتين أصبحتا ركنين أساسيين في الفكر الكالسيكي هما : أ -عدم حصول فائض في األنتاج أو شحة فيه ب -أن االقتصاد ال يستقر أال في حالة األستخدام الكامل . ويعتقد الكالسيك أن القطاع العائلي سوف يعرض الموارد في السوق وذلك فقط إذا كانت لديهم الرغبة في استهالك بعض السلع والخدمات التي ينتجها االقتصاد القومي.ولو فرضنا أن مكونات الناتج إنما هي متفقه مع رغبات و تفضيالت المستهلكين فالبد من سحب ذلك الناتج من األسواق بواسطة طلب المستهلكين.أي إذا رغب رجال األعمال في بيع إنتاج التوظف الكامل فما عليهم إال أن يقوموا بعرض هذا الناتج ،و قانون ساي يضمن لهم توافر القوة الشرائية الكافية المتصاص هذا الناتج.وأن هذين األستنتاجين من قانون ساي أوصال االقتصاديين الكالسيك لغاية مهمة وهي ضرورة عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي ،فاالقتصاد يكون في حالة االستخدام الكامل دون عجز أو فائض في األنتاج مع عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي.وقد دافع عن قانون ساي كل من ديفيد ريكاردو وجيمس ميل وجون سيتوارت ميل وأديجوورث وبيجو وألفريد مارشال وغيرهم من األقتصاديين الكالسيك. 12 األنتقادات الموجهة لقانون ساي: عارض توماس مالثوس قانون ساي وأبدى شكوكه في صحته ،فكان بعكي الكالسيك في نظرته التشاؤمية للحياة االقتصادية حيث أبدى مخاوفه من أن السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية في حين أن االنتاج يزداد بمتوالية عددية وبالتالي فال بد ان يصل المجتمع الى حالة المجاعة ونقص السلع والخدمات ما لم تحصل الحروب أو األوبئة التي تقضي على جزء من السكان أال أذا قام المجتمع بتقليل معدل نموه طواعية.ولكن نجد أن مالثوس الذي كان يتخوف من قلة األنتاج يعارض فكرة ساي حين يستفسر عما سيحدث ل و أن السكان لم ينفقوا كل الدخول التي حصلوا عليها.فكان يحوم حول فكرة الطلب الفعال Effective Demandلكنه لم يوضح هذه الفكرة بشكل مقنع لمعاصريه. أما هوبسن J. A. Hobsonفقد وجه نقده لقانون ساي من خالل عرضه لما ذكره جون ستيوارت ميل من أن الفرد ينفق كل دخله في شراء السلع والخدمات ،يعتقد هوبسن أن الفرد الذي يمتلك القدرة على الشراء قد ال يستخدمها في أي وقت من األوقات وال يقتصر ذلك على أوقات األزمات.أن فكرة هوبسن في نقد قانون ساي جاءت بما يدعى العجز في اإلستهالك الذي يعني أن أستمرار الزيادة في إنتاج السلع والخدمات االستهالكية تقابلها قدرة محدودة على األستهالك من قبل ذوي الدخل المنخفض في حين أن ذوي الدخول العالية ال يستهلكون من دخولهم إال نسبة قليلة. وأما كينز فقد وجه ضربة قوية لقانون ساي ،حيث أوضح كينز أن قانون ساي في األقتصاد النقدي يحدد نفسه للفكرة القائلة بأن األفراد ينفقون دخولهم النقدية في شراء السلع والخدمات بنفس المعدل الذي يستلمون فيه هذه الدخول عندما ينتجون السلع والخدمات.ويبين كينز قائالً بأن الكالسيك بذلك خلطوا بين فكرتين مختلفتين هما :أن كل الدخول التي تستلم تصرف بالمعدل نفسه الذي تكونت فيه ،مع فكرة أخرى وهي أن مجموع الدخول المستلمة من قبل األفراد لقاء مساهمتهم بأنتاج السلع والخدمات البد أن تساوي قيمة السلع والخدمات المنتجة.ويذكر كينز أن هناك حقيقة أساسية في قانون ساي وهي أن االنتاج هو مصدر الدخول في المجتمع ،ولكن ذلك ال يعني منطقيا ً بأن هذا الدخل البد أن ينفق بمعدل معين بحيث ال تبقى سلع وخدمات في السوق غير مشتراة في السوق.إذ ان قرارات االنتاج وبالتالي خلق الدخول قد ال تتطابق دائما ً مع قرارات إنفاق هذه الدخول.أضافة الى ذلك بين كينز أن قرارات االستثمار تختلف عن قرارات االدخار وأن أختالفهما وارد جداً ،وعدم تساوي األدخار مع االستثمار يخلق فائضا ً في األنتاج أو نقصا ً فيه ،كما ويؤدي الى حدوث بطالة أجبارية أو تضخم في السعار نتيجة لزيادة الطلب الفعال على السلع والخدمات المعروضة.وبالتالي ينهار قانون ساي لألسواق في أن عرض السلع والخدمات دائما ً يساوي الطلب عليه. نظرية كمية النقود التقليدية تعتبر النظرية الكمية للنقود من أهم واقدم النظريات األقتصادية التي ما زالت تدور حولها نقاشات الى يومنا هذا ،وهي تشير في شكلها البسيط الى أن التغير في المستوى العام لألسعار يتحدد بواسطة التغيرات التي تحدث في كمية النقود المتداولة في األقتصاد.وتعتبر هذه النظرية منبعا ً رئيسيا ً لوصف وتوضيح السياسة الكالسيكية المعتمدة على قاعدة الذهب ،حيث حظيت بتعديالت مستمرة في ظل المذاهب المسماة بانصار المدرسة النقدية الحديثة. الفرضيات الخاصة بنظرية كمية النقود: 13 أضافة الى الفرضيات العامة للمدرسة االقتصادية الكالسيكية هناك عدد من الفرضيات الخاصة بهذه النظرية هي: -1أفترض الكالسيك أن للنقود وظيفة واحدة هي المبادلة وأنجاز المعامالت ،والنقود ال تطلب لذاتها وأنما لتسهيل عملية المبادلة. -2ال يحتفظ األفراد ورجال األعمال بالنقود عاطلة فقط بمقدار ما يتطلبه تنظيم الدفع ألنجاز المعامالت وأنفاق الدخل خالل الفترة بين دخلين ،بعبارة أخرى ليس هناك مبرر لوجو األكتناز.أي أنهم نفوا وجود األكتناز واألكتناز السلبي. -3المرونة التامة لألسعار نحو األعلى ونحو األسفل. -4أن العادات الخاصة بدفع األجور وباقي الدخول األخرى ال تتغير ويمكن وصفها ثابتة في المدى القصير والمتوسط ،وعلى هذا األساس فأن سرعة تداول النقود يمكن أفتراضها ثابتة في المدى القصير والمتوسط ألغراض التحليل في هذه النظرية. -5يمكن أفتراض ثبات حجم المعامالت التي تتم باستخدام النقود في المدى القصير والمتوسط أعتمادا ً على فرضية األستخدام الكامل للموارد األقتصادية. يتعلق الشكل األول لهذه النظرية بمعادلة المبادالت الشهيرة لألقتصادي فيشر Irving Fisherبحيث ينطلق من فكرة أن األفراد يحتفظون بالنقود لغرض شراء السلع والخدمات وكلما كانت حاجتهم كبيرة للنقود كلما أحتفظوا بها اكثر.فالنقود المتوفرة في األقتصاد تكون مرتبطة بعدد الوحدات النقدية المتبادلة في إطار المعامالت.وحسب فيشر يمكن صياغة المعادلة الكمية للنقود على النحو التالي: M. V= P. T )………………. (1 حيث أن T ، P ، V ، Mهي على التوالي كمية النقود في التداول ،سرعة تداول النقود، المستوى العام لألسعار ،وحجم المعامالت.يشير الطرف األيمن لمعادلة فيشر الى الحجم العيني لجميع المعامالت المنجزة خالل السنة مضروبة في متوسط أسعارها.أما الطرف األيسر من المعادلة يمثل حجم النقود مضروبة في سرعة تداولها.تعتبر المعادلة أعاله معادلة تعريف وتبين بأنه إذا تغيرت إحدى المتغيرات فإن متغيرا ً أو أكثر يجب أن يتغير للمحافظة على المساواة ،لكن بافتراض ثبات كل من سرعة تداول النقود وحجم المعامالت في األقتصاد فأن أي تغير في كمية النقود في التداول سيؤدي الى تغيرا ً مماثالً في المتوسط العام لألسعار. وبالتالي تصبح العالقة مقتصرة على كمية النقود بالطرف األيسر من المتطابقة ومستوى األسعار بالطرف األيمن منها وتكون العالقة بينهما طردية ،أي أنه أي زيادة في حجم النقود تؤدي الى أرتفاع األسعار بنفس النسبة. بقيت نقطة اخيرة بما يتعلق بصياغة فيشر لنظرية كمية النقود وهي أن األسعار هنا يقصد بها أسعار المعامالت كافة وليست أسعار السلع والخدمات النهائية ،لذا فقد تتغير كمية النقود ويصاحب هذا التغير تغيرا ً في أسعار األسهم والسندات في األسواق المالية وال يحصل أي تغير ف ي أسعار السلع والخدمات.وأن هذه المسألة جعلت من صياغة فيشر لنظرية كمية النقود يشوبها الغموض.لذا قام عدد من األقتصاديين في جامعة كامبردج بتطوير هذه الصياغة وأُطلقت عليها صياغة مدرسة كامبردج وهي: M C =Y = Po y )…………….. (2 14 حيث Mهي كمية النقود في التداول C ،سرعة تداول النقود لشراء وبيع السلع والخدمات النهائية Y ،تمثل القيمة النقدية للدخل أو الناتج المحلي األجمالي Po ،متوسط أسعار السلع والخدمات النهائية y ،الحجم العيني أو الطبيعي للنتاج من السلع والخدمات النهائية.ولو أخذنا معادلة كامبردج بمتغيراتها األربعة سنصل الى كونها متطابقة يظهر في طرفها األيسر اإلنفاق القومي متمثالً بكمية النقود مضروبة في سرعة تداولها وهذا يتطابق مع الطرف األيمن حيث الناتج القومي وهو كميات السلع والخدمات النهائية مضروبة في متوسط أسعارها.وبأعتماد الفرضي ات السابقة نفسهان فأن حجم النقود يتناسب مع متوسط أسعار السلع والخدمات النهائية وأن المرونة التامة لألسعار من أستجابة متوسط األسعار أستجابة كاملة لتغير كمية النقود في التداول بحيث أن المتغيرين يتغيران بنفس النسبة واألتجاه. قبل أن ننهي عرضنا لنظرية كمية النقود تجدر األشارة الى أشتقاقين األول من معادلة فيشر واآلخر من معادلة مدرسة كامبردج.فيمكن أن نعيد كتابة معادلة فيشر كاآلتي: M=mPT )…………………. (3 حيث أن mهي مقلوب Vأي أن . m = 1/ Vومن هذه الصياغة يمكن القول بأن كمية النقود تساوي نسبة معينة من حجم المعامالت للنشاط األقتصادي ألن ) (Vتعبر عن عدد المرات التي تتداول بها النقود ،فمقلوبها يكون نسبة مقابلة لسرعة تداول النقود. أما معادلة كامبردج تصبح : M = L Y = L PO y )………………….(4 حيث أن ) (Lهي مقلوب © بالمعادلة األصلية لمدرسة كامبردج ،أي أن .L = 1/Cوبذلك تكون الصياغة األخيرة هي أن حجم النقود في التداول يساوي نسبة معينة (مقدارها مقلوب سرعة تداول النقود) من الدخل القومي أو الناتج المحلي األجمالي بالقيم النقدية. أهمية نظرية كمية النقود التقليدية: -1قدمت النظرية وألول مرة التفسير النقدي للدورات األقتصادية ،فقد أوضحت أن التغير في حجم النقود قد يكون المسؤول عن التقلبات باألسعار بعد أن كانت التقلبات في األسعار لدى األقتصاديين الكالسيك تمثل الدورات األقتصادية. -2تدعم نظرية كمية النقود النتيجة التي توصل أليها قانون ساي بأن األقتصاد ال يستقر أال في حالة األستخدام الكاملوبدون فائض أو عجز في األنتاج. -3أن الصياغة التي قدمها أقتصاديو مدرسة كامبردج قدمت األساس للطلب الكلي من النظرية الكالسيكية. -4أنطلقت نظرية كمية النقود لمدرسة كامبردج من أن النقود هي وسيلة لخزن القيمةخالل الفترة ما بين تبادل السلعة أو الخدمة بالنقود وتبادل النقود بسلعة أو خدمة أخرى ،وهذا ما يدعى باألرصدة النقدية.أن فكرة وظيفة النقود بأعتبارها مخزن للقيم أدخلت على تحليل نظرية كمية النقود متغيرا ً أقتصاديا ً جديد وهو سعر الفائدة مؤشرا ً لسرعة تداول النقود. األنتقادات الموجهة لنظرية كمية النقود التقليدية: -1بين كينز أن النقود ال يحتفظ بها فقط ألغراض المبادلة بل يحتفظ بها بصفة أحتياطي للطوارئ وكذلك ألغراض المضاربة في األسواق المالية. -2في معادلة فيشر لكمية النقود أفترض أن حجم المعامالت ثابت بالمدى القصير والمتوسط لوجود حالة األستخدام الكامل وهذا يمكن للسلع والسلع الوسيطة لكنه غير ممكن فيما يتعلق ببيع وشراء األسهم والسندات واألوراق المالية واألقتراض ،إذ أن 15 هذا الجزء من المعامالت يمكن أن يتغير بالمدى القصير بتأثير سعر الفائدة في السوق. -3أكدت نظرية كمية النقود أن المستوى العام لألسعار يعتمد على كمية النقود.والسؤال هنا أليس من الممكن أن يحصل العكس؟ أي أن كمية النقود يمكن أن تعتمد على مستوى األسعار. 16 النظرية األقتصادية الكالسيكية -نظرية سعر الفائدة -نظرية العمالة التقليدية النظرية التقليدية لسعر الفائدة تشمل النظرية التقليدية لسعر الفائدة بحث كل من األدخار واألستثمار والكيفية التي يحقق سعر الفائدة التوازن بينهما في سوق رأس المال.يمثل األدخار عرض رؤوس األموال بينما يمثل األستثمار الطلب على تلك األموال.إن األدخار هو ذلك الجزء من الدخل الذي لم ينفقه الفرد بعد أستالمه الدخل ،ولم يستبعد الكالسيك حدوث األدخار بالرغم من أنهم أكدوا أن الغاية من عمل الفرد هو األستهالك ،ويبرر الكالسيك أدخار الفرد جزء من دخله حاليا لينفقه بعد أن يزداد ذلك الدخل بعض الشيء لحصوله على سعر الفائدة. أما األستثمار فهو شراء السلع الرأسمالية من أجل زيادة القدرة األنتاجية للسلع والخدمات والحصول على عائد من جراء هذه العملية.أن حصول المستثمر على عائد يجعله مستعدا لدفع جزء من هذا العائد لألشخاص أو المؤسسات التي أقرضته األموال وأستخدمها في شراء السلع الرأسمالية ،وهذا الجزء من العائد هو سعر الفائدة لذا نجد ان كل من األدخار واألستثمار يتأثر بسعر الفائدة. الفرضيات: أضافة الى األفتراضات العامة للمدرسة الكالسيكية ،هناك عدد من األفتراضات الخاصة بالنظرية الكالسيكية لسعر الفائدة هي: -1بما أن الفرد يتصرف تصرفا رشيدا من الناحية األقتصادية فهو يفضل الحصول على فائدة بوضع إدخاراته تحت تصرف المستثمرين بدال من األحتفاظ بها عاطلة ،وأضافة الى مكافأة األنتظار حيث يضحى المدخر بتأجيل أنفاق جزء من دخله للمستقبل فأن المدخر يطلب تعويضا عن مخاطرته بأقراض أمواله للمستثمر ( إذا كان هناك أحتمال عدم أستطاعة المستثمر أرجاع األموال في الوقت المحدد أو عدم أرجاعها مطلقا).وبذلك فأن سعر الفائدة في السوق يساوي سعر الفائدة الخالص زائدا عمولة المخاطرة. -2يتميز سعر الفائدة بسهولة الحركة التامة في السوق المالية سواء كان تغيره لألعلى أو لألسفل ،أي عدم وجود قوانين أو سياسات تمنع سعر الفائدة من التحرك نحو األعلى أو األسفل. -3أن األدخار دالة موجبة لسعر الفائدة واألستثمار دالة سالبة لسعر الفائدة.ويتميز كل من األدخار واألستثماربالمرونة العالية للتغير في سعر الفائدة.وهذا األفتراض فيه شيئا من األعتراف بأمكانية أستخدام السياسة النقدية في التأثير على سعر الفائدة من أجل أعادة التوازن بين األدخار واألستثمار ،رغم أن النظرية التقليدية أكدت عدم الحاجة الى تدخل الدولة في النشاط األقتصادي. 17 التوازن: بعد توضيح كل من دالة األدخار ودالة األستثمار وسعر الفائدة الذي يحقق التوازن في السوق المالية ويعمل على معالجة األختالالت بين األدخار واألستثمار ،يمكن القول أنه يحدث التوازن في السوق المالية بين األدخار واألستثمار حسب النموذج األقتصادي الكالسيكي كما موضح في الشكل اآلتي: 18 نظرية العمالة التقليدية يشير الكالسيك الى التشغيل الكامل على أنه حالة عدم وجود البطالة اإلجبارية والتي يقصد بها عدم توفر فرصة عمل لفرد قادر على العمل ويرغب فيه باألجر السائد في سوق العمل.ولكن الكالسيك لم ينفوا أحتمال وجود البطالة اإلختيارية التي يكون فيها الفرد غير راغب بالعمل سواء وجد طلب على خدمته أو أنه غير موجود.ولما كان الفرد غيرراغب في العمل بإختياره فهو ال يحسب أساسا من القوى العاملة وكذلك ضمن البطالة. وقد أعترف الكالسيك بوجود البطالة األحتكاكية والتي تنشأ عندما يترك الفرد عمله بقصد األنتقال الى عمل آخر في مكان آخر أو في مشروع آخر.وكذلك ما يسمى بالبطالة الهيكلية وهي الناتجة عن التقدم التكنولوجي الذي يؤدي الى األستغناء عن بعض القوى العاملة وحتى يحصل هؤالء العمال على أماكن عمل أخرى في صناعات أو أنشطة جديدة تنشأ نتيجة التقدم التكنولوجي. لم يهتم الكالسيك الى هذه األنواع األخرى من البطالة ألنهم أعتقدوا بأنها حاالت غير طبيعية وتكون مؤقتة أضافة إلى أنها تشكل نسبة قليلة من القوى العاملة. تشتمل نظرية العمالة التقليدية على الطلب على العمل وعرض العمل والتوازن في سوق العمل: أوالً :الطلب على العمل أرتباطا بسلوك المنتجين أتجاه زيادة األنتاج المحدد بشرط تعظيم األرباح ،فأن الطلب على 𝑤 العمل ) (Ldيرتبط بمستوى األجر الحقيقي ) = 𝑊( يمثل األجر الحقيقي القوة الشرائية لألجر 𝑝 النقدي الذي يستلمه العامل.وتكون العالقة بين الطلب على العمل واألجر الحقيقي عالقة عكسية، أي كلما أرتفع األجر الحقيقي ينخفض مستوى الطلب على العمل ،وكلما أنخفض مستوى األجر الحقيقي زاد األقبال على الطلب على العمل ،وبهذا تكون دالة الطلب على العمل كالتالي: 𝑤 ) 𝑝 ( 𝑓 = 𝑑𝐿 ثانياً :عرض العمل يفترض الكالسيك أن األفراد ال يقعون في الوهم النقدي ،وبالتالي ال يتحدد عرض العمل 𝑤 ) (Lsباألجر األسمي ) (wبل يتحدد باألجر الحقيقي ) 𝑝 ( .ويكون عرض العمل في عالقة طردية مع األجر الحقيقي على عكس الطلب على العمل ،فكلما أرتفع مستوى األجر الحقيقي 19 أرتفع عرض العمل ،وكلما أنخفض األجر الحقيقي أنخفض عرض العمل ،وتكون دالة عرض العمل كالتالي: 𝑤 ) ( 𝑓 = 𝑠𝐿 𝑝 الشكل التالي يوضح منحنى عرض العمل: ثالثاً :توازن سوق العمل يحدث التوازن في سوق العمل عندما تتساوى قوى الطلب على العمل مع قوى عرض العمل، ويعبر عن هذا التوازن بنقطة تقاطع أحدهما مع األخر عند مستوى األجر الحقيقي التوازني وعدد وحدات العمل عند التوازن ،كما هو موضح في الشكل التالي: يالحظ من خالل الشكل ما يلي: 20 -1عند النقطة ) (Eهناك توازن في سوق العمل عند مستوى األجر الحقيقي التوازني 𝑤 ) ) 𝑝 (( وعدد وحدات العمل ) . (𝐿0 0 𝑤 -2عند مستوى األجر الحقيقي ) 𝑝 ( هناك فائض في عرض العمل أي وجود بطالة ،ألن 1 عرض العمل 𝐿𝑠1أكبر من الطلب على العمل ، 𝐿𝑑1ويمكن حساب هذا الفائض بحساب الفارق ما بين النقطة Aوالنقطة ،Bوللقضاء على هذه البطالة يجب على العمال القبول 𝑤 بتخفيض أجورهم ليصبح التوازن عند مستوى األجر الحقيقي التوازني ) 𝑝 ( . 0 𝑤 -3عند مستوى األجر الحقيقي ) 𝑝 ( هناك فائض في الطلب على العمل ،ألن الطلب على 2 العمل 𝐿𝑑2أكبر من عرض العمل ،𝐿𝑠2ويمكن حساب هذا الفائض من خالل الفارق بين النقطة Cوالنقطة ،Dوبالتالي نتيجة األنخفاض في عروض العمل يتنافس المنتجون في الحصول على العمال مما يؤدي الى أرتفاع األجر الحقيقي الى مستوى األجر 𝑤 التوازني ) 𝑝 (. 0 وختاما يمكن القول بأن الفكر التقليدي الكالسيكي لم يتبلور عنه ما يمكن أن يعتبر نظرية اقتصادية متكاملة تبحث في مستوى النشاط االقتصادي.وكما سبق وذكرنا فإنه فكر يقوم على أن النظام الرأسمالي قادر على إدارة نفسه ذاتيا و تلقائيا بالشكل الذي يجعل من توازن األستخدام الكامل للموارد أمر دائم التحقق.ويالحظ أن الفكر الكالسيكي فكر يميل إلى التفاءل وقد يرجع ذلك إلى الجو االقتصادي العام الذي ساد تلك الفترة الزمنية قبل حدوث الكساد العظيم. 21