افكار وحلول تنازع القوانين في جامعة الشرقية PDF

Summary

This document outlines the modern ideas and solutions to the problem of conflict of laws. A' SHARQIYAH UNIVERSITY, it examines different perspectives on the subject matter.

Full Transcript

# جامعة الشرقية ## A' SHARQIYAH UNIVERSITY ## المطلب الثاني: الأفكار والحلول الحديثة لمشكلة تنازع القوانين ظهرت في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين للميلاد أفكار ودراسات جديدة تتضمن حلولا أخرى لمشكلة تنازع القوانين، ولاسيما بعد أن حققت بعض الدول وحدتها السياسية مثل إيطاليا، وبعد أن ظهرت دول أ...

# جامعة الشرقية ## A' SHARQIYAH UNIVERSITY ## المطلب الثاني: الأفكار والحلول الحديثة لمشكلة تنازع القوانين ظهرت في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين للميلاد أفكار ودراسات جديدة تتضمن حلولا أخرى لمشكلة تنازع القوانين، ولاسيما بعد أن حققت بعض الدول وحدتها السياسية مثل إيطاليا، وبعد أن ظهرت دول أخرى للوجود بفعل انتشار مبدأ القوميات. وترتب على ذلك الانتقال من التنازع المحلي ضمن السيادة الواحدة إلى التنازع الدولي أو التنازع الخارجي. وكانت بعض هذه الأفكار ذات نزعة وطنية، وبعضها الآخر ذا نزعة دولية أو عالمية، وبعضها انطلق من مبدأ محدد، وبعضها الآخر اعتمد أسلوباً تحليلياً لا مبدئيًا في استخلاص تلك الحلول. ومن أبرز هذه الأفكار أفكار الأستاذ الألماني سافيني المتعلقة بالتركيزالمكاني، وأفكار الأستاذ الإيطالي مانشيني في شخصية القوانين، وأفكار أخرى فرنسية مثل فكرة الإقليمية أو المؤسسات الحقوقية. وسنتناول تقديم هذه الأفكار بشكل مبسط فيما يلي: ### **أ- فكرة الاشتراك الحقوقي والتركيزالمكاني عند سافيني** وضع سافيني أفكاره في تنازع القوانين في الجزء الثامن من كتابه الشهير `"القانون الروماني"` الصادر عام 1849. ومن أهم الأفكار التي جاء بها فكرة الاشتراك الحقوقي كأساس لقيام تنازع القوانين أي كأساس لتطبيق القانون الأجنبي. وفكرة التركيز المكاني للعلاقات القانونية كأساس لتحديد القانون الواجب التطبيق. **- الاشتراك الحقوقي:** ملخص فكرة الاشتراك الحقوقي عند سافيني هي ان المجتمعات الغربية يضمها اشتراك حقوقي بالاستناد إلى عنصرين أساسيين هما الديانة المسيحية التي تدين بها هذه المجتمعات، والقانون الروماني الذي ورثته عن الرومان ومازال سائدًا لديها. ومن شأن الاشتراك في الديانة والقانون لدى هذه المجتمعات أن يؤدى إلى وحدة فكرة العدالة لديها، والى إيجاد قواعد مشتركة بينها ومقبولة عندها، مما يساعد بالتالي على تطبيق قوانين بعضها من قبل بعضها الآخر. وعملًا بفكرة الاشتراك الحقوقي لا يُعد تطبيق القانون الأجنبي الذي يضمه اشتراك حقوقي مع قانون القاضي من قبيل الاستثناء أو المجاملة. وأنما مجرد إعمال لهذه الفكرة، التي تُشكل عند سافيني المبدأ الأساسي لتنازع القوانين. **- التركيز المكاني:** أما فكرة التركيز المكاني فتعني تحديد مقر العلاقات القانونية، وتحديد مقر الأشخاص. وذلك لأن تحديد القانون الواجب تطبيقه عند سافيني يتوقف على تحديد المقر المكاني للشخص، أو للعلاقة القانونية محل النزاع. ومن أجل تحديد هذا المقر اعتمد سافيني فكرة المجموعات التي لجأ إليها الإيطاليون القدامى التي تقوم على تقسيم علاقات القانون الخاص إلى مجموعات. وهي: الدعاوى العقود الأشياء، الأشخاص، والوقائع. وحاول أن يُبّين المقر القانوني لكل فـئة مـن هـذه العـلاقات القـانونيـة، فوجد سافيني ان مقر الشخص هو موطنه الذي استقر فيه ولأنه الأداة الطبيعية التي يمكن بواسطتها ربط الشخص بمكان معين. لذلك يجب أن يخضع الشخص لقانون موطنه بالنسبة لجميع المسائل المتعلقة بحالته وأهليته. وبناء على ذلك قال بخضوع التَّرَكات لقانون موطن المتوفى، والزواج لقانون موطن الزوج. أما العلاقات الحقوقية المتعلقة بالأشياء فمقرها مكان وجود هذه الأشياء. وعلى ذلك يجب أن تخضع هذه العلاقات سواء تعلقت بالأموال المنقولة أم بغير المنقولة لقانون موقعها. وبالنسبة إلى الالتزامات التعاقدية، وجد سافيني ان الالتزام، وهو شيء غير مادي، لا يشغل حياز مكانيًا منظورا. لذلك يجب البحث عن بعض المظاهر المنظورة التي يمكن أن نربط بها الالتزام غير المنظور بغية تجسيده مادياً. ويمكن أن يتجلى الالتزام التعاقدي بمظهرين **الإبرام** وال**تنفيذ**. وقد فضل سافيني الأخذ بمكان **تنفيذ** الالتزام الذي يُعينُهُ المتعاقدان من أجل تحديد مقره. وعلى هذا قال بإخضاع الالتزام التعاقدي لقانون محل تنفيذه. غير أنه أجاز مع ذلك للمتعاقدين إخضاع الالتزام لقانون آخر غير قانون مكان التنفيذ وفقًا لإرادتهما الحرة. واعمالا لهذه الطريقة في التحليل قال سافيني ان مقر الالتزامات الناشئة عن الأفعال الضارة هو محل وقوعها، ويجب أن تخضع بالتالي لقانون موقعها. أما بالنسبة للدعاوى، ويقصد بذلك إجراءات التقاضي، فأخضعها لقانون القاضي باعتباره قانون محل تطبيقها. ### **ب- مبدأ شخصية القوانين عند مانشيني** **- المبدأ:** يقوم مبدأ شخصية القوانين عند مانشيني الإيطالي على اعتبارات سياسية مستمدة من فكرة الجنسيات التي أطلقها في محاضرته الشهيرة `"الجنسية أساس الحقوق الدولية العامة "`, التي ألقاها كأستاذ للقانون الدولي العام في جامعة تورينو بإيطاليا سنة 1851. وملخص هذه الفكرة ان كل مجموعة من الأفراد تجمعهم وحدة الأصل والدين واللغة والتقاليد تُكّون أمةً (مبدأ) القوميات)، ومن حقها أن يكون لها دولة مستقلة. وتأسيساً على ذلك يجب أن تكون قوانين هذه الدولة مستمدة من عاداتها وتقاليدها وتراثها، وتتلاءم مع أوضاعها، وتعبر عن إرادة الأمة وواقعها وتطلعاتها، فهي تتعلق أولا وأخيرا بالأشخاص وليس بالإقليم. ولهذا يجب أن يخضع الشخص لقانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته أي لقانونه الوطني. وهذا هو مبدأ شخصية القوانين. وهكذا خالف مانشيني مبدأ إقليمية القوانين، وأخذ على العكس بشخصيتها أي امتدادها خارج الإقليم. **- غير ان مانشيني لم يأخذ بهذا المبدأ على إطلاقه، بل أورد عليه الاستثناءات التالية:** **الاستثناءات:** 1. يجب تطبيق القوانين المتعلقة بالنظام العام تطبيقاً إقليميًا بحيث تسري على الوطنيين والأجانب على حد سواء. مثل قانون العقوبات وقوانين الملكية العقارية والقوانين العامة. لأن هذه القوانين تمثل المصالح العليا في الدولة، وتختلف عن حقوق الأفراد. لذلك يجب أن يتوقف تطبيق القانون الأجنبي الناظم لهذه الحقوق عندما يصطدم مع هذه القوانين. 2. خضوع العقد لقانون الإرادة دون النظر إلى القانون الشخصي للمتعاقدين. وذلك إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة في العقود الذي كشف عنه ديمولان وأخذ به سافيني. 3. خضوع شكل التصرفات القانونية لقانون محل إبرامها. ومن أهم الانتقادات الموجهة لأفكار مانشيني ان حجم الاستثناءات ونطاقها في نظريته أكبر من حجم المبدأ نفسه. ومع ذلك فقد كان لأفكار مانشيني الفضل في تعزيز موقع قانون الجنسية في مواجهة قانون الموطن لحكم المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية من جهة، وتوسيع نطاق هذه الأحوال من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى اتساع انتشار قانون الجنسية في العالم. ### **ج- فكرة المؤسسات الحقوقية عند بارتان** ربط بارتان الفرنسي نظام القانون واجب التطبيق على علاقة قانونية معينة بروح المؤسسة الحقوقية التي تنتمي إليها تلك العلاقة. ولابد من أجل الوصول إلى ذلك من تحليل هذه العلاقة وبيان طبيعتها على ضوء القانون الداخلي الوطني تمهيداً لربطها بإحدى المؤسسات القانونية. وهذا ما أطلق عليه عملية (التكييف)، ودعاه إلى وضع نظريته الشهيرة حولها. ولقد قسم بارتان المؤسسات القانونية إلى أربع مؤسسات، وخص كلا منها بقانون معين يحكمها وهي: 1. المؤسسات التي تمس تكوين الأسرة أو التي تهتم بحماية الأفراد، وتخضع لقانون الجنسية. 2. المؤسسات المتعلقة بنظام الأموال، ويُطبق عليها قانون موقع المال. 3. المؤسسات الخاصة بالالتزامات غير التعاقدية وشكل التصرفاتِ، وتخضع لقانون المحلي. 4. المؤسسات الخاصة بالتصرفات المالية، وتخضع لقانون الإرادة. ### **د- فكرة حماية المصلحة الوطنية والإقليمية عند نيبواييه** وهي من الاتجاهات التي تُعد امتداداً لمذهب إقليمية القوانين نذكر فقه الأستاذ الفرنسي نيبواييه الذي تميز بنزعته الوطنية. إذعد ان الغرض الأساسي من وضع قواعد الإسناد الفرنسية هو حماية المصالح الوطنية. وبناء على ذلك فقد دعا إلى تطبيق القانون الفرنسي في كل مرة يكون فيها أحد الفرنسيين طرفًا في علاقة قانونية. كما دعا أيضًا إلى تطبيق قانون الموطن بدلا من قانون الجنسية في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للأجانب. ## حلول تنازع القوانين المعاصرة في القانون المقارن ### **أساليب حلول تنازع القوانين** يمكن التمييز ضمن الحلول المعروفة حالياً لمشكلة تنازع القوانين بين أسلوبين: الأسلوب التنازعي و أسلوب القواعد المادية الخاصة بعلاقات الأفراد المشتملة على عنصر أجنبي. ### **11. الأسلوب التنازعي** يقوم الأسلوب المتبع حالياً لحل مشكلة تنازع القوانين في معظم النظم القانونية الوطنيـة علـى وضع قواعد تُسمى قواعد الإسناد أو قواعد تنازع القوانين؛ التي تتولى تحديـد القـانـون الواجب تطبيقه على مختلف علاقات الافراد المتضمنة لعنصر أجنبي. ويقوم نظام قواعد الإسناد على تقسيم هذه العلاقات إلى مجموعات أو فئات مختلفة ومتعددة، وخصيص كل فئة منها بقانون محدد يحكمها، بحيث تضم كل فئة مجموعةً من العلاقات التي تجمعها وحدة النسيج الحقوقي، لأنه من الصعوبة حصر علاقات الافراد بأنواعها المختلفة وتخصيص كل واحدة منها بقانون محدد. لهذا أبدع الفكر القانوني فكرة الفئات أو المجموعات القانونية التي يُمكن أن تضم مختلف علاقات الأفراد. غير ان هذه المجموعات أو الفئات المعتمدة حالياً في التشريعات الوطنية لا يقتصر عددها على الفئات التي أوجدها فقهاء نظرية الأحوال الإيطالية، بل عمل الفكر القانوني المعاصر على تطويرها وايجاد فئات جديدة أو فئات تفصيلية لكل منهـا خصـوصيتها التي تستدعي اختلاف القوانين التي تخضع لها، آخذاً بعـين الاعتبار طبيعتها القانونية. ومثال هذه القواعد: القاعدة القائلة بخضوع العقد لقانون إرادة المتعاقدين، وقاعدة خضوع العقـار لقـانون موقعه، والشكل لقانون محل الإبرام، و الإجراءات لقانون القاضي، وحالة الأشخاص المدنية لقانون جنسية الشخص، والوقائع القانونية لقانون محل وقوع الفعل الضار أو النافع، والميراث لقانون جنسية المورث. ويقوم بناء قواعد الإسناد في النظام القانوني الوطني لكل دولة على اعتبارات تخدم المصلحة الوطنية لكل دولة، وتلبي متطلبات سيادة الدولة على إقليمها والأشخاص التابعين لها من جهة، كما تأخذ بعين الاعتبار ضرورة استقرار تعامل الافراد على الصعيد الدولي، وسلامة المعاملات من جهة أخرى. ونظرا لاختلاف الاعتبارات التي تقوم عليها قواعد الإسناد يختلف مضمون بعض قواعد الإسناد بشـان مسألة محددة باختلاف الدول واختلاف فلسفتها التشريعية الوطنية، وبالتالي يختلف القانون الذي يحكم هذه المسألة من دولة إلى أخرى. فالقانون الذي يحكم حالة الأشخاص وأهليتهم في القانون الدولي الخاص الفرنسي، وفي معظم الدول الأوربية والعربية هو قانون جنسية الشخص، أما في النظم القانونية الإنكلوسكسونية هو قانون موطن الشخص. والقانون الذي يحكم الفعل الضار في بعض الدول هو قانون محل وقوع الفعل وفي بعضها الآخر قانون القاضي... الخ. فلكل دولة نظامها الوطني لتنازع القوانين. وقد لجأ المشرع في قانون قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29- 2013 المؤرخ في 6 مايو 2013 إلى هذا الأسلوب التنازعي في وضع حلول تنازع القوانين، ونظم قواعد الإسناد التي تحدد القانون الواجب تطبيقه على مختلف الفئات القانونية. وتضم هذه القواعد إلى جانب قواعد الإسناد عديد القواعد الأخرى المكملة أو المفسرة لها أو الناظمة لحسن تطبيقها. ونقصد بذلك القواعد المتعلقة بتكييف العلاقات القانونية والقانون الواجب اتباعـه بشـأنها (المادة (10) ، والمصادر الأخرى لهذه القواعد المعاهدات ومبادئ القانون الدولي الخاص (المادة (25) وتحديد جنسية الشخص في حال تعدد الجنسيات أو انعدامها (المادة 26 ) و رفض الإحالة (المادة (27) وحالة استبعاد القانون الأجنبي باسم النظام العام (المادة (27 ). وسنحاول لاحقاً شرح هذه القواعد بالإضافة إلى شرح مختلف قواعد الإسناد العمانية، ثم ننتقل بعدها إلى الأسلوب الآخر لحل مشكلة التنازع، وهو أسلوب القواعد الماديـــة للقانون الدولي الخاص التي تُطبق على علاقات الافراد ذات العنصر الأجنبي مباشرة دون المرور بقواعد الإسناد. ### **أ- تعريف قواعد الإسناد وبنيتها** قواعد الإسناد هي قواعد قانونية يضعها المشرع عادة لتحديد القانون الواجب تطبيقه على فئة محددة من علاقات الافراد القانونية. ولو استعرضنا قاعدة الإسناد الوراد ذكرها في المادة 11-1 من القانون المدني التي تنص على أنه: `"يسري على حالة الأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم..."` لوجدنا أنها تتكون من ثلاثة عناصر هي: - المادة المسندة وهي (حالة الأشخاص وأهليتهم)، وعنصر الإسناد وهو الجنسية، والقانون المسند إليه (هو القانون الوطني). **1. مادة الإسناد:** ويقصد بها الفكرة المسندة التي يمكن أن تنطوي تحتها العلاقة القانونية، وهي قاعدة الإسناد المشار إليها سابقاً حالة الأشخاص بالإضافة إلى أهليتهم. والمقصود بالحالة هنا هي الحالة المدنية للشخص، وتضم مختلف العناصر المتعلقة بالشخص بحد ذاته، وتميزه عن غيره من الأشخاص، مثل الاسم والنسب والموطن، بالإضافة إلى العناصر الأخرى المتعلقة بوضعه العائلي مثل الزواج والبُنُّوة أو النسب... الخ. ولقد خص المشرع الأفكار التالية بقاعدة إسناد، وهي: - حالة الأشخاص وأهليتهم، النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية، الشروط الموضوعية للزواج، آثار الزواج، الطلاق والتطليق والانفصال، النفقة بين الأقارب، الميراث، والحيازة، والملكية، والحقوق العينية الأخرى، والالتزامات التعاقدية، وشكل التصرفات والالتزامات غير التعاقدية... وتُشكل كل فكرة من هذه الأفكار فئةً مستقلة للإسناد. وبالتالي يختلف القانون الواجب تطبيقه باختلاف المادة أو الفكرة المسندة التي يمكن أن تنطوي تحتها العلاقة القانونية التي يثور بشأنها النزاع أمام القضاء الوطني. ويكفي لتحديد هذا القانون تحديد فئة الإسناد أو مادة الإسناد التي تجمعها بهذه العلاقة. ومتى تم تحديد هذه الفئة أو هذه الفكرة يتحدد القانون الذي يحكمها. **2. عنصر الإسناد (أو ضابط الإسناد):** لو دققنا النظر في قواعد الإسناد في القانون العماني لوجدنا ان كل قاعدة منها تتضمن عنصرا يدل على القانون المسند إليه، أي القانون الواجب تطبيقه على الفئة أو المادة المسندة، مثل جنسية الشخص، جنسية الزوج وقت الزواج أو وقت رفع النزاع، جنسية المدين، جنسية الشخص المطلوب حمايته، جنسية المورث أو الموصي، محل إبرام العقد، الجنسية المشتركة، الموطن المشترك، إرادة المتعاقدين الصريحة أو الضمنية، محل وقوع الفعل، موقع العقار أو موقع المال. وهذا العنصر يسمى ضابط الإسناد أو عنصر الإسناد. وهذا العنصر يمكن أن يكون شخصياً كالجنسية، أو إقليمياً كالموطن، ومحل العقار، أو محل وقوع الفعل، أو مكان الإبرام ... الخ وبعض هذه العناصر ثابت لا يتبدل مع الزمن، وبعضها الآخر قابل بطبيعته للتبدل أو التغير مع الزمن، مثل الجنسية أو الموطن أو موقع المنقول، الأمر الذي من شأنه أن يولّد مشكلة أخرى هي مشكلة التنازع المتغير، التي أشرنا إليها سابقا، والتي تجد حلا لها في قاعدة الإسناد نفسها من خلال ضبط عنصر الزمن فيها، كما سنرى لاحقاً. ويُمثل عنصر الإسناد العنصر الأكثر أهمية من بين العناصر المكونة للعلاقة القانونية، ويُشكل مركز الثقل فيها. ويتأثّر اختياره باعتبارات مختلفة باختلاف الدول واختلاف فلسفتها التشريعية في بناء قواعد الإسناد. ففي سلطنة عمان أخذ المشرع بجنسية الشخص كضابط للإسناد في مسائل الأحوال الشخصيـة لتحديد القانون الواجب تطبيقه بشأنها، وبجنسية الزوج دون الزوجة في مسائل الزواج، في حين تأخذ دول أخرى بموطن الشخص أو بالجنسية المشتركة للزوجين أو بموطنهما المشترك. ومن المفترض أن تقوم قاعدة الإسناد على ضابط وحيد للإسناد يتحدد بـه القـانون واجـب للتطبيق. إلا أنه يُمكن أحياناً بناء قاعدة الإسناد على أكثر من ضابط في الوقت نفسه، كما جاء في المادة 12 من القانون المدني العماني التي تقوم على أساس جنسية الزوج وجنسية الزوجة، مما يؤدي إلى ازدواجية القانون واجب التطبيق في هذه الحالة. وقد تتضمن قاعدة الإسناد ضابطاً أصلياً وضابطاً احتياطياً أو أكثر، كما في قاعدة الإسناد المحددة في المادة 20 من القانون المدني الخاصة بالعقود ؛ والتي تقوم على إرادة المتعاقدين كضابط أصلي وعلى الموطن المشترك لهما كضابط احتياطي أول في حال تخلف الإرادة، ومكان إبرام العقد كضابط احتياطي ثان عند عدم وجود موطن مشترك للمتعاقدين. كما يمكن أن تُبنى على أساس ضابط انتقائي، بحيث تتضمن قاعدة الإسناد أكثر من ضابط. وبالتالي يتم تحديد القانون واجب التطبيق بالاستناد إلى أحد هـذه الضوابط وفقاً لإرادة الافراد أو لتقدير القاضي. وكمثال على ذلك نذكر قاعدة الإسناد الورادة في المادة 21 من القانون المدني التي أجازت تحديد القانون واجب التطبيق على شكل العقد إما بالاستناد إلى مكان إبرامه أو بالاستناد إلى إرادة الطرفين، ونظراً لقابلية بعض ضوابط الإسناد للتغيير والتبدل كالجنسية وموقع المنقول، فقد حرص المشرع في صياغة قواعد الإسناد على تحديـد الوقت الذي يجب الاعتداد به لضبط عنصر الإسناد. فعندما تقرر قواعد الإسناد الاختصاص لقانون جنسية الموصي، مثلا ، لابد من معرفة هل المقصود بهذا قانون جنسية الموصي وقت الإيصاء أم قانون الموصي وقت الوفاة. لأنه قد يغير الموحي جنسيته بعد الإيصاء، وقد يتوفى على جنسية أخرى غير الجنسية التي كان عليها وقت الإيصاء، مما يستدعي ضبط عنصر الزمن في عنصر الإسناد. **3. القانون المسند إليه:** وهو القانون الذي يتحدد بموجب ضابط الإسناد، ويتولى حكم المادة المسندة بموجب قاعدة الإسناد. ونطلق عليه القانون الواجب تطبيقه. وهذا القانون قد يكون قانون القاضي الوطني أو قانون دولة أجنبية. فإذا كان العقار في سلطنة عمان كان القانون العماني هو الواجب تطبيقه على هذا العقار. أما إذا كان في أنقرة فيكون القانون التركي هو الواجب التطبيق. ### **ب- خصائص قواعد الإسناد** تتصف قواعد الإسناد عموما، وقواعد الإسناد العمانية خصوصا، بكونها قواعد عامة ومجردة، ووطنية، وتنظيمية وغير مباشرة، وثنائية الجانب. **1. قواعد عامة ومجردة:** بمعنى أنها تقرر أحكاماً عامة، ولا تتناول أوضاعاً أو حالات خاصة بحيث تسري على كل ما يدخل من مدلول فكرة الإسناد. فهي تُقرر مثلًا إخضاع العقار لقانون موقعه، والعقد لقانون الإرادة أياً كانت جنسية أطراف العلاقة أو العقد، ولا تتضمن تسمية دولة معينة بذاتها لحكم العلاقة محل النزاع. يستخلص من ذلك أن قواعد الاسناد هي قواعد عامة مجردة بمعنى أنها غير متحيزة لقانون دولة معينة. ومن مظاهر هـذه العمومية وهذا التجريد أنها توضع بصورة مسبقة على قيام النزاع أمام القاضي وبغض النظر عن هوية القوانين المتنازعة. فلا يمكن عملياً معرفة الدولة التي يكون قانونها واجب التطبيق على النزاع إلا بعد عرض النزاع على القضاء. وقد يكون هذا القانون هو قانون دولة القاضي أو قانون دولــة أجنبية. وهذا لا يظهر إلا بعد تحديد قاعدة الإسناد وتطبيق هذه القاعدة وفق معطيات النزاع وعناصره. و يكون الغرض من الصفة العامة لقاعدة الإسناد أن يتم ربط النزاع بأفضل القوانين وأنسبها لحكم العلاقة التي وضعت من أجلها. **2. قواعد وطنية:** وتستمد هذه الصفة الوطنية من مصادر قواعد الإسناد ومن الاعتبارات والمصالح التي يبتغيها المشرع وفق فلسفته التشريعية الوطنية. فهي من صنع المشرع الوطني، يضعها بملء حريته واستقلاله مراعياً عند وضعها سيادة الدولة وحاجة التعامل الدولي، وبما يتوافق مع متطلبات طبيعة النزاع والعدالة، وعند غياب النص التشريعي بشأنها يتولى القضاء الوطني وضعها بالاجتهاد وفق الاعتبارات الوطنية القانونية والاقتصادية والسياسية. **3. قواعد تنظيمية:** لا تنطوي قواعد الإسناد على أحكام مادية في موضوع النزاع بين الخصوم، فهي لا تُطبق مباشرة على هذا النزاع، ولا تقول إذا كان الزواج صحيحاً أو غير صحيح، ولا تقرر حقوقاً أو التزامات على أطراف النزاع، ولكنها تقود إلى تحديد القانون الذي يتولى تحديد هذه الأمور، ويفصل في موضوع النزاع لمصلحة المدعي أو ضده، ولذلك نقول عنها أيضاً بأنها قواعد غير مباشرة وغير مادية، كما نقول عنها أيضاً بأنها قواعد تنظيمية أو إسنادية، بمعنى ان دورها يقتصر على إخضاع مجموعة معينة من العلاقات القانونية لقانون محدد يشير إليه ضابط الإسناد فيها. **4. قواعد ثنائية الجانب** فلا تتضمن قواعد الإسناد تحديد حالات اختصاصات القانون الوطني فقط على المنازعات المنطوية على عنصر أجنبي، فهي ليست بقواعد أحادية الجانب، واعمالها بالصيغة التي وردت بها في القانون العماني يؤدي إما إلى تطبيق القانون الوطني أو القانون الأجنبي، ولهذا نقول عنها بأنها ثنائية الجانب، وهي تشكل صلة الوصل بين النظام القانوني الوطني والنظم القانونية الأخرى، ولهذا يقول عنها الفقه الحديث بأنها تتولى تحقيق التعايش بين النظم القانونية المختلفة، و تمنح القانون الأجنبي الذي تدل عليـه قـوة النفاذ أمام القاضي الوطني، ومن دون الاعتراف لها بهذا الدور تفقد قواعد الإسناد الوطنية مبرر وجودها في النظام القانوني الوطني. ### **القواعد المادية للقانون الدولي الخاص** يأخذ بعض الفقه على قواعد الإسناد أو على الأسلوب التنازعي في حل مشكلة تنازع القوانين أنه يؤدي إلى تعميق النزعة الوطنية للقانون الدولي الخاص. كما يؤخذ علـى هذا الأسلوب إخفاقه في حل مشكلة تنازع القوانين السلبي، أي المشكلة الناجمة عن رفض القانون الأجنبي، الذي أشارت إلى تطبيقه قاعدة الإسناد الوطنية، اختصاصه في موضوع النزاع، وذلك بموجب قواعد الإسناد لديه مما يعرض العلاقة موضوع النزاع لبقائها دون قانون يحكمها. يضاف إلى ذلك إخفاقه في معالجة التنازع الإيجابي، أي عندما تتعدد القوانين التي تَقْر لنفسها، بموجب قواعد الإسناد لديها، الاختصاص بموضوع النزاع. ولهذا ينادي هؤلاء بضرورة التخلي عن قواعد الإسناد ووضع قواعد مادية (موضوعية) تُطبق على مختلف علاقات الافراد ذات الطابع الدولي. وهذه القواعد هي غير القواعد التي تُطبق على العلاقات الوطنية، بحيث يكون للزواج بين الوطنيين نظامه وللزواج بين الوطنيين والأجانب أو بين الأجانب نظامه المختلف. ويكون للتجارة الداخلية قواعدها الخاصة وللتجارة الدولية قواعدها المختلفة. **1. تعريفها:** تُسمى هذه القواعد بالقواعد المادية، أو المباشرة للقانون الدولي الخاص. وتُطبق مباشرة على نزاعات الافراد المشتملة على عنصر أجنبي دون المرور عن طريق قواعد الإسناد في قانون القاضي. **2. مصادرها:** يمكن أن يكون مصدر هذه القواعد وطنيا ، كما يمكن أن يكون مصدرها دولياً. ويؤيد أصحاب هذا الأسلوب موقفهم بالإشارة إلى وجود بعض هذه القواعد المتماثلة في التعامل الدولي . الراهن، وفي تشريعات بعض الدول، وفي بعض المعاهدات . ومن الأمثلة على هذه القواعد المعمول بها في علاقات الافراد ذات الطابع الدولي، القاعدة التي تجيز صحة شرط الدفع بالذهب في العقود الدولية في قوانين بعض الدول وغيرها. وكذلك اتفاقية جنيف لعام 1931 الخاصة بالشيكات، واتفاقية لاهاي لعام 1955 المتعلقة بالبيوع الدولية للمنقولات المادية وغيرها من الاتفاقيات المتعلقة بالنقل البحري أو الجوي. كما يؤكد هؤلاء على وجود قواعد من هذا النوع تُطبق في نطاق التجارة الدولية مستمدة من مصادر أخرى غير وطنية وغير رسمية، مثل التعامل التجاري، والعقود النموذجية، وأحكام المحكمين الدولية، والمبادئ العامة للقانون، والشروط التعاقدية أو ما يطلق عليـه الفقه الحديث باللاتينية تعبير Lex Mercatoria **3. أهميتها:** لا يمكن لاحد إنكار وجود مثل هـذه القواعد. كما لا يمكن إنكار توسع نطاق انتشارها وتزايدها ولاسيما في نطاق التجارة الدولية. غير أنه لابد من الإشارة أيضاً إلى ان هذه القواعد محدودة العدد والنوع، ومازالت عاجزة لوحدها عن تكوين قانون دولي خاص مادي يُنظم علاقات الافراد على الصعيد الدولي. ولكنها مع ذلك تظل أحدى الوسائل الممكنة لتنظيم بعض أوجه النشاطات التجارية على الصعيد الدولي، وتشكل بالضرورة، وبحكم الواقع، جزءاً من قواعد القانون الدولي الخاص إلا ان قواعد الإسناد مازالت تحتل مركز الصدراة في الوقت الراهن. ==End of OCR for page 32==

Use Quizgecko on...
Browser
Browser