مقدمة في الفن القبطي

مقدمة عامة

• تعتبر الفنون القبطية تطورًا وامتدادًا للحضارة المصرية القديمة.
• تشمل الآثار المنتشرة في مصر قطعًا أثرية ثابتة وأخرى منقولة مصنوعة من مواد متنوعة.
• واجه الفن القبطي تحديات كبيرة خلال الحكم الروماني الذي دام أكثر من ستة قرون، لكنه نجح في تأسيس هوية فنية فريدة.
• سعى الفنان القبطي إلى تقديم فن يعبر عن عقيدته وحياته بالرغم من وجود انتقادات تعتبره ضعيفًا.

ظهور الفن القبطي

• يختلف مؤرخو الفن في تحديد بداية الفن القبطي بدقة.
• يُعتبر الفن القبطي من أوائل الفنون الشعبية غير الرسمية التي استمدت خصائصها من الجوانب الدينية والاجتماعية والفنون السابقة كالروماني واليوناني.
• كلمة "قبطي" مشتقة من الكلمة اليونانية "Aegyptos" التي تعني "مصري" وتشير إلى المصريين المسيحيين.
• لم تكن كلمة "قبطي" تعني الانتماء الديني، بل كانت تعني المصريين عمومًا.

ظهور المسيحية في مصر

• بشر القديس مرقس بالمسيحية في الإسكندرية أثناء حكم نيرون (54-68 م).
• بدأ انتشار المسيحية في منتصف القرن الثالث الميلادي.
• تعرض المسيحيون لاضطهادات شديدة من الرومان، خاصة في عهد ديقلديانوس (284 م)، مما جعل هذا العام بداية التقويم القبطي.
• اعترف الإمبراطور قسطنطين بالمسيحية (323-337 م).
• أصبحت المسيحية الدين الرسمي في عهد الإمبراطور ثيودوسيوس (394 م).
• قضى جستنيان على الوثنية في مصر نهائيًا (527-565 م).

السمات الفنية للفن القبطي

• يعتبر الفن القبطي أول فن شعبي في الشرق القديم.
• يمثل حلقة وصل بين العصر اليوناني الروماني والعصر الإسلامي.
• تميزت مصر بفنون عديدة مثل النسيج، التصوير الجداري، المخطوطات، الأيقونات، والنحت.

المراحل الزمنية للفن القبطي

• المرحلة الأولى (القرن الثالث الميلادي): تأثرت بالفن اليوناني الروماني.
• المرحلة الثانية (القرن الرابع - الخامس الميلادي): استمرار لتقاليد الفن الروماني وإدخال الرموز المسيحية مثل السمكة والحمل.
• المرحلة الثالثة (القرن الخامس - السادس الميلادي): مرحلة انتقالية بين الفن الروماني والقبطي مع انتشار أكبر للرموز المسيحية.
• المرحلة الرابعة (القرن السادس - الثامن الميلادي): طغت روح الفن القبطي مع تطور الرموز المسيحية وزيادة استخدام الألوان الفضفاضة والرسوم التعبيرية.
• المرحلة القبطية (القرن الخامس - الثامن الميلادي): اتسمت بطابع الزخرفة والتعبير عن الموضوعات المسيحية.
• مرحلة الانتشار (القرن الثامن - الثاني عشر الميلادي): زيادة انتشار الرموز المسيحية مثل الصليب والحمامة والسمكة.

الفن القبطي وعناصره الأساسية

• اعتمد الفن القبطي في العهد المسيحي على عنصر الموضوع وارتبط بالدين بشكل وثيق.
• كان الفن القبطي حلقة وصل بين العلوم والفكر الديني والمتلقي.

الموضوعات الفنية القبطية

• تنقسم الموضوعات الفنية في الفن القبطي إلى ثلاثة أنواع رئيسية: موضوعات مستوحاة من العهد القديم، موضوعات مستوحاة من العهد الجديد، وموضوعات مستوحاة من الحياة اليومية.

أهم الموضوعات في الفن القبطي

• تعتبر حياة السيد المسيح من الموضوعات المنتشرة في الفن القبطي من البشارة وحتى رفعه من الأرض وتظهر هذه الموضوعات في الأيقونات والرسوم الجدارية.
• انتشرت موضوعات السيدة العذراء مع السيد المسيح الطفل في أوضاع مختلفة مثل حمل الطفل على يدها اليمنى، النظر إليه فقط، إرضاعه، والإمساك بتفاحة.
• تعكس جميع أوضاع العذراء الأم مفهوم الأمومة والطفولة في الفن القبطي وتحفظ العديد من هذه الأيقونات في المتحف القبطي والكنائس المصرية.
• احتلت الكنيسة القبطية المصرية مكانة دينية خاصة بسبب ارتباطها برحلة العائلة المقدسة إلى مصر هربًا من هيرودوس ملك اليهود.
• لم تستقر العائلة المقدسة في مكان واحد، بل انتقلت عبر أنحاء مصر، من ساحل سيناء إلى دلتا النيل وصولًا إلى الصعيد.
• موضوع الهروب إلى مصر من الموضوعات المهمة في الفن القبطي، إذ ربط مصر بالمسيحية منذ بدايتها، وأتاح لها حماية المسيح الطفل عليه السلام ويعتبر الفنان القبطي هذا الموضوع كعنصر فني لإثبات عمق ارتباطه بالمسيحية وهي في مهدها.

أهمية الرحلة المقدسة

• تعتبر رحلة العائلة المقدسة جزءًا استثنائيًا من التراث المصري العالمي وتم توثيقها في الكتاب المقدس والسنكسار والميمار والمخطوطات القبطية ومن أهم المصادر التاريخية التي تناولتها:
• ميمر البابا ثاؤفيلس الـ 23 (412-385 م).
• ميمر البابا تيموثاؤس الثاني الـ 26 (480-458 م).
• ميمران للأنبا قرياقوص أسقف البهنسا.
• ميمر الأنبا زخارياس أسقف سخا (723-693 م).
• بردية من القرن الرابع الميلادي، نُشرت عام 1997 في جامعة كولون بألمانيا.
• أصدر بابا الفاتيكان قرارًا باعتماد محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر كأحد طرق الحج المسيحي المقدسة عالميًا.

مسار العائلة المقدسة في مصر

• تنقسم مراحل الرحلة إلى ثلاث مراحل رئيسية:
  • المرحلة الأولى: العريش، الفرما، تل بسطة، مسطرد، بلبيس، سمنود، سخا، وادي النطرون.
  • المرحلة الثانية: المطرية، بابليون (مصر القديمة)، المعادي.
  • المرحلة الثالثة: البهنسا، جبل الطير، الأشمونين، فيليس، قسقام، مير، جبل قسقام، جبل درنكة، منف.
• قضت العائلة المقدسة أيامًا قليلة في بعض المناطق وأشهرًا في أماكن أخرى وأطول مدة كانت في جبل قسقام (185 يومًا).
• استمرت الرحلة في مصر حوالي أربع سنوات، حتى وفاة هيرودوس وتولي أرخيلاوس الحكم.
• ما زالت المواقع الأثرية التي مرت بها العائلة المقدسة تحتفظ بالكثير من القصص والآثار وبنيت كنائس ومزارات في هذه المواقع تخليدًا للرحلة المقدسة وأصبحت مراكز حج للمصريين والسائحين.
• أكثر الفنان القبطي من تصوير القديسين الشهداء في هيئة فارس يطعن تنينا أو ثعبانا، حيث يرمز الفارس للخير المطلق والتنين أو الثعبان للشر المطلق.

الحياة اليومية في الفن القبطي

• يُعد الفن القبطي أول فن شرقي يتميز بالشعبية نتيجة لكون مصر ولاية رومانية تابعة لروما البيزنطية.
• استمد الفن القبطي موضوعاته من حياة عامة الشعب وابتعد عن الطبقة الحاكمة كما أدخل موضوعات ساخرة مثل لعبة صلح على قطعة نسيج، مناظر الصيد والفروسية، وقط وثلاث فئران.

التأثيرات الفنية على الفن القبطي

• تأثر الفن القبطي بفنون أخرى مثل الفن المصري القديم، الفن الروماني، الفن الساساني، والفن الإسلامي.
• ظهر هذا التأثير في المراحل المبكرة بشكل غير مباشر، ثم أصبح سمة مميزة للفن القبطي بعد أن وظف لخدمة الديانة المسيحية.
• أجمع المؤرخون أن الأقباط هم من سلالة سكان وادي النيل واحتفظوا بتقاليد الأجداد.

التأثير المصري القديم

• بالرغم من التأثر بالفنين الهلينستي والروماني، استمد الفن القبطي جذوره من الفن الفرعوني إما مباشرة من العناصر المصرية أو غير مباشرة من خلال الفنين الهلينستي والروماني.
• من أبرز الأمثلة موضوع العذراء والطفل الموروث عن مشهد إيزيس وحورس استخدم النساج القبطي عناصر زخرفية ذات جذور فرعونية مثل "عنخ" وتنوع أوضاع الوجوه وكذلك وظّف مشاهد الفروسية لخدمة العقيدة المسيحية واقتبس من الطبيعة مشاهد بحرية ونيلية.

التأثير الفارسي الساساني

• وصل التأثير الفارسي إما عن طريق الغزوات أو عبر الشام بالتجارة وتجلى في رسم فرسان محاطين بحيوانات وطيور محورة، وأشرطة مزخرفة تحتوي رسومًا داخل جامات أو مفردة، واستخدام هالة التقديس حول رؤوس القديسين والمسيح والعذراء والميل لملء الفراغات بالزخارف تفاديًا للأرواح الشريرة.

التأثير الهلينستي

• بالرغم من التحوير القبطي، ظهرت العناصر الهلينستية في أوضاع راقصة لآدميين (الساقين والأيدي المتحركة)، الفارس المدرع، رسم الأشخاص أسفل عقود، الكائنات البحرية، والزهريات والسالل النباتية واستخدام اللغة اليونانية لتسجيل أسماء القديسين إضافة للقبطية والعربية
• يضاف إلى ذلك، تصوير الأشخاص بشكل نصفي أو في وضع ثلاثي الأرباع ورسم شخصية "إيروس" الإغريقية.

التأثير البيزنطي

• كانت الإمبراطورية البيزنطية من أعظم الوحدات الحضارية والسياسية في التاريخ وشملت مناطق مثل: البلقان، آسيا الصغرى، أعالي بلاد الرافدين، الشام، مصر، وبرقة.
• قسمت الإمبراطورية في مايو 330 م إلى قسمين: شرقي وغربي وتولى الإمبراطور قسطنطين القسم الشرقي واتخذ "بيزنطة" عاصمة له وسماها "القسطنطينية".
• بدأت ملامح الفن البيزنطي تتبلور تدريجيًا حتى اكتملت في أواخر القرن الخامس والسادس الميلادي وكان لموقع القسطنطينية المتوسط بين آسيا وأوروبا واتصالها بسوريا ومصر دور كبير في تدفق عناصر فنية متنوعة الأصول إليها وكانت مصر، قبل الفتح الإسلامي، ضمن أملاك الدولة البيزنطية.
• أثر الفن البيزنطي على الفن في مصر بشكل كبير وظهرت تأثيراته في الاهتمام بجمال الشكل وتعبيرات الوجه، العيون الواسعة المحدقة، الأنف المدببة، الشفتان كخطين متوازيين، الشعر المتموج، تنسيق الشخصيات بترتيب متماثل، الوضع الأمامي في التصوير، تكبير الرأس مقارنة بالجسم، واستخدام الأطر ذات الزخارف الهندسية والنباتية.

التأثير الإسلامي

• بدأ الفن الإسلامي في مصر بعد الفتح العربي وتأثر بعدة اتجاهات فنية سابقة منها الفن الروماني والفن المصري القديم والفن البيزنطي والفن الساساني والفن القبطي.
• اقتصر تدخل المسلمين على حذف الزخارف والنصوص المخالفة لتعاليم الإسلام وإضافة الكتابة العربية وأصبحت الزخارف القبطية من الروافد الأساسية للفن الإسلامي في نشأته.
• تجلت تأثيرات الفن الإسلامي على النسائج القبطية في استخدام اللغة العربية لتسجيل أسماء القديسين وألقابهم والعبارات الدعائية وبيانات الصناعة والميل إلى استخدام الزخارف الهندسية والنباتية مثل المراوح النخيلية والتعريقات النخيلية.