الوحدة الاولى مكافحة فساد PDF

Summary

This document, titled "الوحدة الاولى مكافحة فساد", explores the concept of corruption from a philosophical perspective. It examines the origins of corruption, its impacts on various aspects of society, and the role of Islamic law in combating it. The document also discusses the relationship between human rights and corruption and the historical context of the development of the concept of the state as a social contract.

Full Transcript

‫الفصل األول‬ ‫“ماهية الفساد واآلثار‬ ‫الناجمة عنه”‬ ‫‪11‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫الفصل األول‬ ‫ماهية الفساد واآلثار الناجم...

‫الفصل األول‬ ‫“ماهية الفساد واآلثار‬ ‫الناجمة عنه”‬ ‫‪11‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫الفصل األول‬ ‫ماهية الفساد واآلثار الناجمة عنه‬ ‫أهداف ومخرجات التعلّ م للفصل األول‪:‬‬ ‫‪1.‬التعرف على نشأة الفساد من ناحية فلسفية‪.‬‬ ‫لغة واصطالحاً ‪.‬‬‫‪2.‬اإللمام بمعنى مصطلح الفساد ً‬ ‫‪3.‬تحديد مفهوم الفساد من وجهة نظر محلية وإقليمية ودولية‪.‬‬ ‫‪4.‬التعرف على أسباب ظهور الفساد في المجتمعات‪.‬‬ ‫‪5.‬التعرف على اآلثار السياسية واالقتصادية واالجتماعية للفساد‪.‬‬ ‫‪6.‬التعرف على اإلطار المفاهيمي للعالقة بين حقوق اإلنسان والفساد بأنواعه‪.‬‬ ‫‪7.‬التعرف على آثار الفساد على التمتع بحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪8.‬التعــرف علــى حجــم الفســاد ومــدى انتشــاره فــي العالــم‪ ،‬وترتيــب الــدول على مؤشــر مدركات‬ ‫الفساد‪.‬‬ ‫‪9.‬التعرف على دور الشريعة اإلسالمية في محاربة الفساد‪.‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪12‬‬ ‫ال يخــص الحديــث عــن الفســاد مجتمعــاً بعينــه وال دولــة بذاتهــا‪ ،‬إنمــا هــو‬ ‫ظاهــرة عالميــة تشــكو منهــا كل الــدول وبدرجــات متفاوتــة‪ ،‬وأصبــح الفســاد‬ ‫ظاهــرة ممتــدة‪ ،‬تؤثــر علــى جميــع المجتمعــات واالقتصاديــات‪ ،‬ويشــكل‬ ‫الفســاد ظاهــرة خطيــرة حيثمــا كان وكيفمــا تمــت ممارســته‪ ،‬وينتــج عنــه‬ ‫مشــاكل ومخاطــر تؤثــر علــى اســتقرار المجتمعــات وأمنهــا‪ ،‬وأخطــار كبيــرة‬ ‫علــى النمــو االقتصــادي واإلنفــاق الحكومــي واالســتثمار‪ ،‬ويؤثــر علــى القيــم‬ ‫األخالقيــة والعدالــة‪ ،‬كمــا يؤثــر علــى تنميــة المجتمــع وســيادة القانــون فيــه‪،‬‬ ‫ويقتــرن الفســاد بأشــكال الجريمــة‪ ،‬خصوصــاً الجريمــة المنظمــة والجريمــة‬ ‫االقتصاديــة وغســيل األمــوال؛ ممــا يهــدد االســتقرار السياســي والتنميــة‬ ‫المســتدامة لهــذه الــدول والمجتمعــات‪.‬‬ ‫وقــد حاربــت مختلــف األديــان الفســاد بكافــة أشــكاله‪ ،‬واحتــوت علــى مبــادئ‬ ‫ســامية وأخالقيــات عاليــة تدعــو إلــى الصــاح واإلصــاح والنزاهــة‪ ،‬وتؤكــد‬ ‫علــى حســن التصــرف واإلدارة الســليمة‪ ،‬ولجــأت مختلــف دول العالــم إلــى‬ ‫تجريــم الفســاد ووضــع القوانيــن لمحاربتــه‪ ،‬كمــا رفضــت المجتمعــات علــى‬ ‫اختــاف مســتوياتها الفســاد ونبذتــه‪ ،‬وذلــك لمــا كان للفســاد مــن نتائــج‬ ‫ســلبية علــى الناحيــة االجتماعيــة‪ ،‬وتأخــر برامــج النهضــة والتنميــة المجتمعيــة‬ ‫والوطنيــة بســببه‪ ،‬وســوء اســتخدام المــوارد‪ ،‬وســوء اإلدارة والتنظيــم‪.‬‬ ‫يتنــاول هــذا الفصــل التأصيــل الفلســفي لمفهــوم الفســاد‪ ،‬وتعريــف الفســاد‬ ‫مــن وجهــة نظــر محليــة وإقليميــة ودوليــة‪ ،‬ويوضــح صــور وأشــكال الفســاد‬ ‫ـواء االقتصاديــة أو‬ ‫فــي فلســطين‪ ،‬ويســلط الضــوء علــى أســباب الفســاد سـ ً‬ ‫االجتماعيــة أو السياســية‪ ،‬واآلثــار الناجمــة عنــه‪ ،‬وآثــار الفســاد علــى التمتــع‬ ‫بحقــوق اإلنســان‪ ،‬وحجــم الفســاد ومــدى انتشــاره فــي دول العالــم‪ ،‬ودور‬ ‫الشــريعة اإلســامية فــي محاربــة الفســاد‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪ 1.1‬التأصيل الفلسفي لمفهوم الفساد‬ ‫إذا كانـــت النظريـــات يجـــب ان تبـــدأ مـــن حيـــث تبـــدأ الموضوعـــات التـــي تتناولها‪ ،‬فـــإن الظاهرة‬ ‫“الفســـاد” يجـــب ان يبـــدأ تأطيرهـــا المعرفـــي مـــن صلـــة العالقـــة بين الدولـــة كعقـــد اجتماعي‬ ‫محايـــد والحكومـــة كجهـــاز تنفيذي للدولـــة‪ ،‬وألنه ال يمكن أن تســـتقيم نظرية مـــا وتصبح ذات‬ ‫إال إذا كان المنظور التاريخـــي ركيزتها األولى‪ ،‬فالمعرفـــة الحقة تفترض‬ ‫قـــدرة تفســـيرية أعلـــى‪ّ ،‬‬ ‫بداهـــة معرفـــة الـــكل وليس أجـــزاء مختلفـــة متناثـــرة منـــه‪ ،‬وذلـــك ألن المعرفة تتغيـــر وتتطور‬ ‫عندمـــا تكـــون جزءاً من نســـق معرفـــي أكبر‪.‬‬ ‫إال إذا تقابـــل الفســـاد‬ ‫وحتـــى يمكـــن إدراك القبـــح الكامـــن فـــي الفســـاد فـــإن ذلـــك ال يتأتـــى ّ‬ ‫مـــع الحكـــم الصالـــح‪.‬والتقابـــل هـــو عالقة بين شـــيئين أحدهمـــا مواجـــه لآلخر‪ ،‬كتقابل الســـلب‬ ‫واإليجـــاب‪ ،‬أو كتقابـــل الســـواد والبيـــاض أو تقابـــل العمـــى والبصـــر‪ ،‬أو تقابل الصالح والفاســـد‪.‬‬ ‫وألن طبيعـــة الدماغ البشـــري ال تقبل الفصل بين المتقابـــات‪ /‬المتناقضات‪ ،‬فحين تبدأ عمليتا‬ ‫التقابـــل والتناقض في العقل البشـــري باالشـــتغال فإنهـــا تضع الطرف األول فـــي حالة تعارض‬ ‫وتناقـــض مـــع الطرف الثاني فـــوراً ‪ ،‬أي الحكم الصالح فـــي مواجهة الحكم الفاســـد‪ ،‬والخير في‬ ‫مواجهـــة الشـــر‪ ،‬والضـــوء في مواجهـــة العتمـــة‪ ،‬والظلم في مواجهـــة العدل‪.‬‬ ‫بد من اإلشـــارة‬ ‫وحتى يتضح المضمون القبيح والرديء والظالم والمشـــين لماهية الفســـاد‪ ،‬ال ّ‬ ‫أو االنطـــاق مـــن القيمـــة المضـــادة للفســـاد وهـــي الحكـــم الصالـــح‪.‬ولكـــن هـــل يوجـــد حكـــم‬ ‫سياســـي (نظـــام سياســـي) دون دولـــة؟ وهل وجدت فـــي التاريخ دولـــة دون عقـــد اجتماعي؟‬ ‫ومـــا هـــي القيـــم الكامنـــة فـــي العقـــد االجتماعي الـــذي أســـس لمؤسســـة الدولـــة؟ وما هي‬ ‫الدولـــة‪ ،‬وهـــل يمكـــن أن تكـــون هناك دولـــة دون نظام سياســـي؟ وهـــل تكمن جذور الفســـاد‬ ‫السياســـي فـــي الدولـــة أم فـــي النظـــام السياســـي‪ ،‬وهل هنـــاك وظائـــف للدولـــة مختلفة عن‬ ‫وظائـــف الحكومـــة؟ ولماذا تلتقي الشـــعوب على الدولـــة وتختلف على الحكومـــة؟ وهل كان‬ ‫البشـــر فـــي مجتمعاتهـــم المختلفة بحاجة إلـــى الدولة؟ قد تكـــون هذه بعضاً من اإلشـــكاليات‬ ‫التـــي تطرح نفســـها بقوة عند “اللحظـــة المعرفية” التي تتوق للفهم العميق لظاهرة الفســـاد‬ ‫إال من حيث يبـــدأ الموضوع‬ ‫السياســـي‪ ،‬االقتصـــادي‪ ،‬االجتماعـــي‪ ،‬الثقافـــي ‪...‬فال نظرية تبـــدأ ّ‬ ‫الذي فـــي إطاره تنمـــو الظاهرة‪.‬‬ ‫‪.1.1.1‬تبلور ظاهرة الفساد والعقد االجتماعي والدولة‪:‬‬ ‫في الســـياق التاريخي وتطور الفكر اإلنســـاني‪ ،‬انشـــغل البشر في ســـعيهم الدائم لتحقيق األمن‬ ‫والرفـــاه‪.‬وجـــد العلماء أن غياب الملكية الخاصة لدى المجتمعات البدائية مكن تلك المجتمعات‬ ‫مـــن البقاء والعيـــش اآلمن بعيداً عن الصراع واألزمات واالقتتال والعنف والهيمنة واالســـتبداد‪.‬‬ ‫وســـادت العدالـــة والمســـاواة والحريـــات اإلنســـانية‪ ،‬وهي القيـــم واألخالق اإلنســـانية المالزمة‬ ‫والملتصقة بالذات اإلنســـانية‪.‬ومع زيادة األعداد البشـــرية في حيز التجمعات اإلنســـانية وتعقد‬ ‫العالقـــات االجتماعيـــة وتداخلهـــا‪ ،‬ونـــدرة الغـــذاء والمـــاء أحياناً‪ ،‬بـــدأت الملكية الخاصـــة بالظهور‬ ‫فأتاحـــت لنمـــو نظام اجتماعـــي يعتمد على قانون شـــريعة الغاب “البقاء لألقـــوى” وهو القانون‬ ‫الـــذي فـــي إطـــاره جـــرى اختـــراق معظـــم القيـــم اإلنســـانية وســـحقها ومحاولـــة طمســـها على‬ ‫اإلطـــاق‪.‬أي إن عموميـــة الفســـاد المضـــاد لألخالق اإلنســـانية قاد إلى ما يشـــبه تحول البشـــر‬ ‫إلـــى قطيع مـــن الذئاب المتناحرة‪ ،‬وكما هو اإلنســـان مدني بطبعه فهو عقالنـــي بوجوده أيضاً‪.‬‬ ‫والطبـــع المدنـــي “العيش المشـــترك” دفع اإلنســـان (العقالني)‪ ،‬العقالني بالموضـــوع والوجود‬ ‫نحـــو البحـــث عـــن نظـــام اجتماعي آخـــر لحماية األمـــن والملكيـــة وأســـباب االطمئنـــان المختلفة‬ ‫األخـــرى لتجـــاوز حرب الجميع ضـــد الجميع‪.‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪14‬‬ ‫بحـــث علمـــاء القـــرن الســـابع عشـــر وخاصـــة هوبـــس وجـــون لـــوك وروســـو وميكافيلـــي وجون‬ ‫بـــودان ثـــم الفالســـفة الذين بحثوا فـــي العدالـــة المثالية من خـــال الملكية العامة (المدرســـة‬ ‫الماركســـية) عـــن الجـــذور األولـــى لتبلـــور نشـــوء الدولـــة (كعقـــد اجتماعـــي) للخـــروج مـــن حالة‬ ‫االضطـــراب العموميـــة المســـتدامة الداميـــة المدمـــرة التـــي يمتنـــع فيهـــا اإلنتـــاج ويتعطـــل‬ ‫اإلبـــداع وينعـــدم فـــي ظاللهـــا القاتمـــة الســـواد قيـــام صناعـــة أو علـــم أو تجـــارة أو حيـــاة آمنة‬ ‫علـــى المســـتوى الشـــخصي والعام بســـبب الخـــوف الدائم والخطـــر الداهم للقتـــل أو الطرد أو‬ ‫اإلقصاء أو االســـتعباد عند كل لحظة تاريخية أو اشـــراق شـــمس أو غيابها‪.‬وألن الكائن البشري‬ ‫بد إذا من‬‫إال بالعيش المشـــترك مع اآلخرين فـــا ّ‬ ‫ككائـــن مدنـــي ال يســـتطيع أن يحيا ويتكامـــل ّ‬ ‫تحكيـــم العقـــل لتالفي المـــوت الذي يطارد البشـــر للعيش بســـام وأمن أصبحا نادريـــن‪.‬الرغبة‬ ‫فـــي الســـام واألمـــن الدائـــم جعـــل المجتمعـــات واألفـــراد يميلـــون إلى التنـــازل عن أجـــزاء من‬ ‫الحقـــوق الطبيعيـــة واالقتصـــار على قـــدر من الحرية يتســـاوى بحرية اآلخرين من خـــال التعاقد‬ ‫بيـــن الناس المتســـاوين‪.‬‬ ‫وقـــد أشـــار جـــان جـــاك روســـو‪ :‬إن الخضـــوع للقـــوة هو فعـــل من أفعـــال الضـــرورة‪ ،‬ولكـــن هذا‬ ‫الخضـــوع لقـــوة أخـــرى فوق قـــوة المجتمـــع التي أصبحت تســـمى (دولـــة)‪ ،‬يلزمه وجـــود حاكم‬ ‫يفوضـــه المجتمـــع (بالحكـــم) بشـــرط حماية أمـــن المجتمع الـــذي أصبح مفقـــوداً ‪.1‬‬ ‫إن التفويـــض الـــذي يقـــوم بـــه المجتمـــع للحاكم هـــو بمثابـــة عقد اجتماعـــي للخـــروج أو الهرب‬ ‫مـــن قانون شـــريعة الغـــاب إلى قانـــون الدولـــة المحايـــدة العادلـــة المفوضة باســـتخدام القوة‬ ‫فـــارغ كما يقـــول هوبس‪.2‬‬‫ٍ‬ ‫كالم‬ ‫ٍ‬ ‫الشـــرعية‪.‬فالعقـــود بال ســـيف ليســـت ســـوى ســـرابٍ أو‬ ‫أصبـــح العقـــد االجتماعي بمثابة التعبير الدقيق واألمين عن إرادة الشـــعب‪ ،‬والذي افترض تبلور‬ ‫قـــوة ضاغطـــة مفوضة باســـتخدام القوة الشـــرعية فـــوق الجميـــع وضمان احتـــرام المتعاقدين‬ ‫لعقدهـــم‪ ،‬وأن تفـــرض عليهـــم هـــذه القـــوة الناشـــئة (الدولـــة) العقـــاب الـــازم عنـــد الضـــرورة‪،‬‬ ‫ويتجـــاوز العقـــاب المنفعـــة التي يحوزونها إذا خرجـــوا عن عهدهم بالعقـــد االجتماعي‪ ،‬وتمارس‬ ‫الدولـــة ســـلطتها على الجميع مقابل تنازل الناس لها عن ســـلطاتهم الطبيعيـــة أو أجزائها منها‬ ‫ولهـــذا وجدت الدولـــة التي يدينون لهـــا جميعاً بالســـام والحماية‪.‬‬ ‫مفهـــوم أدق مـــن وصـــف العقـــد االجتماعي بعقـــل المجتمـــع المنزَّ ه عـــن الهوى‬ ‫ٌ‬ ‫ليـــس هنـــاك‬ ‫حيـــث اســـتهدف تاريخيـــاً فـــض اشـــتباك المصالـــح والتوتـــرات الناجمـــة عنهـــا‪ ،‬وأن العقـــد الذي‬ ‫أفضـــى لظهـــور (الحاكـــم) أو النظام السياســـي الحقـــاً أصبحت مهمتـــه التاريخيـــة الحفاظ على‬ ‫إال‬ ‫الصالـــح العـــام دون انحيـــاز لفئـــة علـــى حســـاب أخـــرى‪.‬وأن ال يتنـــازل األفـــراد عـــن حقوقهم ّ‬ ‫بالقـــدر الـــذي يتيـــح للســـلطة الناشـــئة القيـــام بواجباتها للدفـــاع عـــن مصالحهم بحياديـــة تامة‪.‬‬ ‫طرف في العقد شـــأنه شـــأن المحكوميـــن‪ ،‬فإذا‬ ‫ٌ‬ ‫ووفـــق منطـــق العقـــد االجتماعـــي‪ ،‬والحاكم‬ ‫تجـــاوز الحاكـــم حـــدود صالحياتـــه المفـــوض بهـــا وهـــي تحقيـــق العـــدل والصالـــح العـــام‪ ،‬يكون‬ ‫للشـــعب الحـــق فـــي تغييـــر حكومتـــه إذا انحـــازت (بالفســـاد) أو انحرفـــت (باإلفـــراط) بالعنف أو‬ ‫مصـــادرة الحريـــات الطبيعية‪.3‬‬ ‫وإذا كان العقـــد االجتماعـــي هـــو عقـــل المجتمع فإن الدولـــة كجهاز تعاقدي هـــي عبقرية هذا‬ ‫العقل الذي شـــكل القيمة المعيارية األســـمى لفكرة فلســـفية مجردة تجســـد ســـيادة الشعب‬ ‫‪.1‬جان جاك روسو‪.‬العقد االجتماعي‪.‬ترجمة ذوقان قرقوط‪.‬دار القلم‪.‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،1973.‬ص‪.39‬‬ ‫‪.2‬مطر‪ ،‬أميرة‪ :‬الفلسفة السياسية من أفالطون إلى ماركس‪.‬دار غريب للطباعة والنشر‪.‬القاهرة – جمهورية مصر العربية‪ ،1999.‬ص‪.80‬‬ ‫‪.3‬مجاهد‪ ،‬حورية مجاهد‪ :‬الفكر السياسي من أفالطون إلى محمد عبده‪.‬مكتبة األنجلو المصرية‪.‬القاهرة – جمهورية مصر العربية‪.1999.‬ص ‪.402-383‬‬ ‫‪15‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫الـــذي يختـــار بإرادتـــه الحرة حكومتـــه التي تمـــارس الســـلطة نيابة عنه وهـــي المخولـــة قانونياً ‪/‬‬ ‫تعاقديـــاً بإصـــدار األوامـــر‪ /‬منظومـــة القوانين لتمكيـــن الدولة من القيـــام بوظيفتهـــا التاريخية‬ ‫األساســـية التـــي وجـــدت ألجلهـــا‪ ،‬وهـــي حماية أمـــن المواطنيـــن وحرياتهـــم من األخطـــار التي‬ ‫كانـــت تهددهـــم فـــي ظـــل الحالـــة الطبيعية التـــي وجدوا فيهـــا “بعد ظهـــور الملكيـــة الخاصة”‬ ‫منافيـــة للوجود اإلنســـاني اآلمن واألخالقي‪.‬ولذلك تعين على الدولـــة أن تمتلك إرادة حيادية‬ ‫كاملـــة نزيهة وســـط المصالـــح المتباينة للفئـــات االجتماعية‪.‬لذلك فهي المؤسســـة األخالقية‬ ‫األعظـــم ألنهـــا الجهـــة الحياديـــة المعبـــرة عـــن تطلعـــات كافـــة الناس ضمـــن مصلحـــة عامة‪ ،‬ال‬ ‫تخضـــع أليـــة انحيـــازات عرقيـــة‪ ،‬أو دينيـــة‪ ،‬أو جنســـية‪ ،‬أو جهويـــة‪ ،‬أو طائفية‪ ،‬أو مذهبيـــة أو أي‬ ‫متغيـــر اثنـــي أو اجتماعـــي تحت أية ظـــروف طارئة‪.‬‬ ‫تأســـس علـــى ذلـــك الفكر اإلنســـاني القائل‪ :‬بـــأن العقـــد االجتماعي الـــذي أفضى إلـــى الدولة‪،‬‬ ‫جعـــل منهـــا دولـــة اإلنســـان فـــي إنســـانيته ال فـــي شـــهواته وميولـــه الطبيعيـــة نحـــو الملكيـــة‬ ‫واالســـتحواذ على حقوق اآلخرين الســـاكنين فـــي حيزه الجغرافي‪ ،‬دولـــة تجمعها االخالق التي‬ ‫تعتبـــر أساســـاً لها ممـــا يجعل هذه الدولـــة في تناقض مباشـــر ودائم مع العـــرق والدم والدين‬ ‫والفئـــة والتراتـــب واالصطفاء واالســـتعالء‪.‬وهي الجهـــة الحيادية األرقى من كل المؤسســـات‬ ‫االجتماعيـــة األقـــدم ألنهـــا تهيـــئ اإلرادة العامـــة لخدمـــة الفـــرد وتهيـــئ الفرد لخدمـــة اإلرادة‬ ‫والمصلحـــة العامـــة‪“.‬الدولـــة تتكـــون – مهمـــا كانـــت طريقـــة تكونهـــا – تنمـــو‪ ،‬تتطـــور‪ ،‬تنظـــم‬ ‫نفســـها إداريـــاً ووظيفيـــاً ‪ ،‬وسياســـياً ‪ ،‬تأخـــذ طريقهـــا فـــي التنميـــة االقتصاديـــة‪ ،‬تتحـــرك ككائن‬ ‫اجتماعـــي عضـــوي‪ ،‬ال تقبـــل بالجمود أو الســـكون أو التراجع‪.‬ومنذ نشـــأتها وهـــي تحمل معها‬ ‫مصداقيتهـــا”‪.‬لذلـــك فـــإن الشـــعوب لم تختلف علـــى وظيفة الدولـــة وإنما كان الخـــاف دائماً‬ ‫علـــى حكومـــة هـــذه الدولـــة أو نظامها السياســـي الذي قـــد يتعثر أو ينحـــاز أو يمتهن الفســـاد‬ ‫ويشـــجعه باالســـتبداد والمحســـوبيات والحســـابات العرقيـــة والدينيـــة والتراتبيـــة والطبقيـــة‬ ‫والســـلطوية والتســـلط والعنف ومصادرة الحريات والرشـــاوى وســـوء اســـتخدام المال وإهدار‬ ‫المـــوارد والطاقات‪.4‬‬ ‫والمصداقيـــة المشـــار إليهـــا مشـــتقة من الفعـــل الثالثي “صدق” ومن االســـم المقتـــرن بالفعل‬ ‫وهـــو “الصـــدق” كأعظـــم المعاييـــر األخالقيـــة الجامعـــة المحيطـــة بـــكل المثـــل العليـــا لألخالق‬ ‫إال بضده‪ ،‬فإن الكذب وفـــق مقاربة الثنائيات الضدية‬ ‫اإلنســـانية‪ ،‬وإذا أدركنـــا أن المعيـــار ال يعرف ّ‬ ‫يندرج ضمن أشـــد المعايير اإلنســـانية االخالقية انحطاطاً وتوحشـــاً وفساداً وظلماً وتخريباً‪.‬بل إن‬ ‫الكـــذب مـــن أخطر الصفـــات اللصيقة بالظلم والفوضى والعدوان والســـرقة والســـلب واالحتيال‬ ‫والغـــش والغطرســـة والســـفاهة والفظاعة واإلجـــرام واالنحطـــاط واالبتذال‪.‬وإذا كان الفســـاد‬ ‫لصيقـــاً بالكـــذب المنافـــي للصـــاح والصالـــح العام‪.‬فإن الفســـاد كمفهـــوم وداللة أشـــد ارتباطاً‬ ‫بالكـــذب مـــن أية صفة أخـــرى قريبة مـــن الـــدالالت المقترنة به‪.‬‬ ‫لذلـــك‪ :‬فـــإن األصـــل للموضـــوع المطـــروح للدراســـة وهـــو “الفســـاد” يفتـــرض أن “الدولـــة هـــي‬ ‫المؤسســـة االجتماعيـــة األرقـــى ألنهـــا المؤسســـة القيميـــة المرتبطـــة بالصـــدق والمصداقيـــة‬ ‫فـــي الحكـــم السياســـي للمجتمع السياســـي‪ /‬المدني‪ ،‬وهـــي خاصيتهـــا األبرز فـــي التعاطي مع‬ ‫المجتمـــع وفق مضمون العدل والمواطنة المتســـاوية وتحقيق أمن وســـامة الجميع‪ ،‬بما في‬ ‫ذلـــك حماية حقـــوق المواطنين كافـــة (اإلرادة العامة) بما يحقق حماية الحريـــات الطبيعية التي‬ ‫ولـــد اإلنســـان بهـــا‪.‬وهـــذه هـــي الوظيفة األساســـية للدولـــة التي لـــم تنقطـــع مصداقيتها منذ‬ ‫اختلقتهـــا الشـــعوب للخـــروج إلـــى األبد من شـــريعة الغاب الوحشـــية‪.‬وحتى تحقـــق الدولة هذه‬ ‫‪..4‬غالب‪ ،‬عبد الكريم‪ :‬أزمة المفاهيم وانحراف التفكير‪.‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬بيروت – لبنان‪ ،1998.‬ص ‪219-189‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪16‬‬ ‫بـــد من تطوير المؤسســـة التنفيذية “الحكومة” كمخزن للســـلطات المعبرة عن‬ ‫الوظيفـــة كان ال ّ‬ ‫وظيفـــة الدولة من جهة‪ ،‬تصبح الحكومة هي الوســـيلة لتجســـيد ســـلطة الدولـــة وإرادتها وهي‬ ‫أداة تصنـــع وتنفـــذ سياســـاتها مـــن جهة أخرى‪.‬ومـــن ثم فهي مـــرآة للتعبير عنها ولكنها ليســـت‬ ‫بديال عنها‪.‬وسياســـة الدولة ليســـت سياســـة شـــخصية أو حزبية أو طائفية ‪...‬وبالتالي‬ ‫ً‬ ‫مرادفاً أو‬ ‫فالدولـــة هـــي التـــي تختار وتدرب األفراد الذين يتشـــكل منهـــم الجهاز اإلداري الـــذي يتم تجهيزه‬ ‫ألداء مهـــام تتســـم بالـــدوام واالســـتمرار‪.‬لذلـــك كلـــه‪ ،‬إذا كانت وظائـــف الدولـــة ذات طابع عام‬ ‫وفلســـفي مجـــرد‪ ،‬فإن وظائـــف الحكومة أكثر تحديـــداً وذات طابع عملي مباشـــر يمكن اخضاعه‬ ‫للمعاينة والبحث والدراســـة للحكم عليه إن كان حكماً سياســـياً صالحاً أو حكماً سياســـياً فاسداً ‪.5‬‬ ‫‪.2.1.1‬االتجاهات النظرية لتأطير مفهوم الفساد‪:‬‬ ‫نظـــراً للنتائـــج الكارثيـــة لحلـــول ظاهـــرة الفســـاد واســـتفحالها‪ ،‬وســـرطنتها لخاليـــا المجتمعـــات‬ ‫الحيـــة‪ ،‬ونتائجهـــا الكارثية على أمن المجتمعات ومســـتقبلها‪ ،‬فقد كانـــت الظاهرة دوماً محطة‬ ‫محورية للبحث والدراســـة ســـواء لفهم جذورها ألجل تعطيل وإعاقة تطورها واســـتفحالها‪ ،‬أو‬ ‫مدها في الحيز السياســـي الرســـمي‬ ‫ألجل فهم النتائج المترتبة على نموها وتطورها واتســـاع ّ‬ ‫أو المدنـــي أو االســـتثماري التنمـــوي (القطـــاع الخـــاص)‪.‬وعموماً تبلـــورت االتجاهـــات النظرية‬ ‫لتعريـــف الفســـاد في أربعة اتجاهات كبرى تشـــكل معاً التقاربات األساســـية لدراســـة الظاهرة‪،‬‬ ‫وهـــي فيمـــا يلي‪ :‬االتجاه األخالقي‪ ،‬واالتجـــاه القانوني‪ ،‬واتجاه المصلحـــة العامة‪ ،‬واتجاه الرأي‬ ‫العام ‪.6‬‬ ‫أوال‪ :‬االتجاه األخالقي‬ ‫ً‬ ‫الـــذي نجـــد موروثـــه فـــي الفكـــر السياســـي اليونانـــي ومـــا تـــاه من آثـــار فـــي الفكر السياســـي‬ ‫العالمي‪ ،‬فهو يشـــير إلى أن الحكم يعد فاســـداً إذا حكم عليه المجتمع بذلك‪ ،‬وإذا أحس الذي‬ ‫يمارس الفســـاد بالذنب‪.‬والمجتمع الفاســـد هو الذي تســـيطر عليه وتخترقه المصلحة الخاصة‬ ‫فـــا يأبـــه للقيـــم المدنية وتغيب عنـــه معاني الوالء والتعـــاون ويحكمه العنف والرشـــوة‪.‬‬ ‫ثانياً ‪ :‬اتجاه الرأي العام‬ ‫قـــدم هـــذا المدخـــل مســـاهمة كبيـــرة فـــي مجـــال تحديـــد مواطـــن الفســـاد وتحليلهـــا كنتيجة‬ ‫َّ‬ ‫لتطـــور منهـــج الدراســـات السياســـية المقـــارن التـــي تضمنـــت االهتمـــام بقيـــاس الـــرأي العـــام‬ ‫ونظرتـــه وإدراكه ألشـــكال الفســـاد وحجمهـــا وآثارهـــا الكارثية على النســـق المجتمعـــي والبناء‬ ‫ســـواء كانـــت الثقافة‬ ‫ً‬ ‫السياســـي‪.‬حيـــث تلعـــب ثقافة المجتمـــع دوراً هاماً في تحديد الفســـاد‪،‬‬ ‫فـــي مســـتوى المثـــل والمعاييـــر المجتمعيـــة التي يقاس بهـــا الســـلوك‪ ،‬أو الثقافة السياســـية‬ ‫وأهميتهـــا العميقـــة في تحديد توجهـــات المواطنين حول القضايا والمشـــكالت التي تبرز خالل‬ ‫عمل النظام السياســـي‪.‬فما تراه بعض المجتمعات ســـلوكاً فاســـداً قد تراه أخرى أنه ســـلوك‬ ‫اعتيـــادي‪ ،‬ويدخـــل ضمن الفســـاد األبيـــض الذي يمارســـه الجميع‪.‬‬ ‫ثالثاً ‪ :‬االتجاه القانوني‬ ‫أصبـــح هـــذا االتجـــاه أكثـــر نفعاً وتأثيـــراً في مقاومة الفســـاد وإجهـــاض خالياه مع تطـــور النظم‬ ‫السياســـية باتجـــاه الديمقراطيـــة التـــي تقـــوم علـــى القضـــاء المســـتقل‪ ،‬وفصـــل الســـلطات‬ ‫والمواطنة والتعددية والمشـــاركة السياســـية والشـــفافية واإلعالم الحر لضبـــط عمل النظام‪.‬‬ ‫‪.5‬نافعة‪ ،‬حسن‪ :‬مبادئ علم السياسة‪.‬مكتبة الشروق الدولية‪.‬القاهرة – جمهورية مصر العربية‪.‬ص ‪.228‬‬ ‫‪.6‬ليام‪ ،‬محمد حليم‪ :‬ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر األسباب واآلثار واإلصالح‪.‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬بيروت – لبنان‪.2011.‬ص‪.80-68‬‬ ‫‪17‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫لذلـــك فـــإن هـــذا االتجاه ينطلق مـــن تحديد مفهوم الوظيفـــة العمومية وشـــروطها وإجراءات‬ ‫عملهـــا وشـــروط صحتهـــا قانونياً ‪.‬وعليه يصبح الفســـاد مـــن ناحية قانونية‪“ :‬هو الســـلوك الذي‬ ‫يخالـــف الواجبات الرســـمية للمنصـــب‪ /‬الوظيفة العموميـــة مهما كانت صالحياتهـــا‪ ،‬تطلعاً إلى‬ ‫مكاســـب خاصـــة أو مكانـــة اعتبارية‪/‬معنوية في البنـــاء االجتماعي”‪.‬‬ ‫لـــذا فهو ســـلوك ينطوي علـــى انتهاك القانون بممارســـته أنواعـــاً معينة من التأثير تســـتهدف‬ ‫تحقيـــق مصلحـــة خاصـــة علـــى حســـاب‪ /‬أو من حســـاب المصلحـــة العامـــة‪.‬وتتمثل أبـــرز تجليات‬ ‫هـــذا الســـلوك المخالـــف للقانـــون في الرشـــوة‪( :‬تقديـــم تســـهيالت أو منح‪ /‬أعطيات لشـــاغل‬ ‫المنصـــب العام بهدف اســـتمالته والتأثير عليه وشـــراء ذمته وضميره)‪.‬والمحســـوبية‪ :‬أولويات‬ ‫القرابـــة والصداقـــة أو المشـــترك الدينـــي أو المكاني أو السياســـي‪ /‬األيدولوجـــي على الكفاءة‬ ‫واالســـتحقاق فـــي التســـهيالت أو التوظيفـــات أو أداء الخدمات فيما يتضمـــن االعتداء ونهب‬ ‫المـــال والمـــوارد العامة‪ ،‬أو اســـتخدامها بصورة غير مشـــروعة في التشـــريعات التي ينص عليها‬ ‫القانـــون‪.‬ووفقـــاً لهذا المدخل‪ :‬ال يكون الســـلوك الوظيفي فاســـداً فقـــط باإلقدام على فعل‬ ‫غيـــر مشـــروع‪ ،‬وإنمـــا يكـــون أيضـــاً باالمتنـــاع أو تعطيـــل عمل مشـــروع كتعطيـــل إجـــراء قانوني‬ ‫معين ‪.‬‬ ‫إال انعكاس لغياب النظام السياســـي‬ ‫ال شـــك أن عموميـــة الفســـاد‪ ،‬وارتفاع مســـتوياته ما هـــو ّ‬ ‫الديمقراطـــي الكـــفء المتعـــارف عليـــه فـــي الثقافـــة العربيـــة (بالحكـــم الصالـــح) الـــذي يتوخى‬ ‫الحكمـــة والعقالنيـــة والمعايير األخالقية المتعـــارف عليها في المجتمعات اإلنســـانية‪.‬ولذلك‬ ‫فـــإن الفســـاد السياســـي هـــو المدخـــل العريـــض واألساســـي واالســـتراتيجي الـــذي تنبثـــق عنه‬ ‫ً‬ ‫كافة‪.7‬‬ ‫الممارســـات االجتماعيـــة والثقافيـــة واإلعالميـــة واالقتصادية الفاســـدة‬ ‫رابعاً ‪ :‬اتجاه المصلحة العامة‬ ‫ضمـــن هـــذا االتجـــاه يمكـــن الحديث عن الفســـاد عندمـــا يكون صاحـــب الوظيفة العامـــة مكلفاً‬ ‫بالقيـــام بأعمـــال الوظيفـــة وتقـــدم له مزايـــا أو منح مالية غيـــر منصوص عليها فـــي القانون من‬ ‫طـــرف مـــا؛ التخـــاذ تدابير تفيد هذا الطرف الذي قـــدم المزايا‪ ،‬وتضر بالجمهـــور ومصالحه‪ ،‬حيث‬ ‫ُع ِّـــرف الفســـاد ضمن هذا االتجـــاه بأنه انتهاك المصلحة المشـــتركة بجلب مصالح شـــخصية عبر‬ ‫خيانة المســـؤولية فـــي العمل العام‪.‬‬ ‫‪ 2.1‬مفهوم الفساد (‪)Corruption‬‬ ‫سنستعرض فيما يلي تفسير مفهوم الفساد ً‬ ‫لغة واصطالحاً ‪:‬‬ ‫‪.1.2.1‬تعريف الفساد‪:‬‬ ‫الفساد لغة‪ :‬التلف والعطب‪ ،‬واالضطراب والخلل‪ ،‬والجدب والقحط والحاق الضرر‪. 8‬‬ ‫الفســـاد اصطالحـــاً ‪ :‬هنـــاك كثير مـــن التعريفات الخاصة بالفســـاد كمـــا يتضح في الجـــدول (‪،)1‬‬ ‫وبشـــكل عـــام‪ ،‬تتفـــق كل التعريفـــات على أن الفســـاد هو الحصـــول على منفعة شـــخصية‪ ،‬من‬ ‫الوظيفـــة العامـــة التي هـــي مرتكز الفســـاد إال إن المقصود بذلك‪ ،‬هو حدوث الفســـاد في كل‬ ‫مـــن القطاعين‪ :‬العـــام والخاص‪.‬‬ ‫‪.7‬السعيد‪ ،‬مصطفى كامل‪ :‬العوامل واآلثار السياسية للفساد‪.‬الفساد والحكم الصالح في البالد العربية‪.‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬بيروت‪ -‬لبنان‪.2004.‬ص ‪.280-273‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪18‬‬ ‫الجدول (‪ :)1‬بعض تعريفات الفساد‬ ‫التعريف‬ ‫المنظمات‬ ‫واالقتصاديون‬ ‫اســتخدام المنصــب العــام لتحقيــق مكاســب خاصــة‪ ،‬وهــو أيضــا اســتغالل‬ ‫موظفــي الدولــة لمواقعهــم وصالحياتهــم للحصــول علــى كســب غيــر‬ ‫حمد‬ ‫مشــروع او منافــع يتعــذر تحقيقهــا بطــرق مشــروعة‪.9‬‬ ‫الخــروج عــن القانــون والنظــام أي عــدم االلتزام بهما أو اســتغالل غيابهما‬ ‫مــن أجــل تحقيــق مصالــح سياســية‪ ،‬أو اقتصاديــة‪ ،‬أو اجتماعيــة للفــرد أو‬ ‫حمد‬ ‫لجماعــة معينــة‪.‬فهــو ســلوك يخالــف الواجبــات الرســمية للمنصــب العــام‬ ‫تطلعــا إلــى تحقيــق مكاســب خاصــة ماديــة ومعنويــة‪.10‬‬ ‫ســوء اســتعمال الســلطة لتحقيــق أربــاح أو منافــع خاصــة‪ ،‬ويشــمل ذلــك‬ ‫جميــع أنــواع الرشــاوى للمســؤولين المحلييــن أو السياســيين‪ ،‬ولكنــه‬ ‫األمم المتحدة‬ ‫يســتبعد الرشــاوى التــي تحــدث فــي القطــاع الخــاص‪.11‬‬ ‫منظمة الشفافية‬ ‫استغالل السلطة من أجل المنفعة الخاصة‪.12‬‬ ‫الدولية‬ ‫اســتخدام الوظيفــة لتحقيــق منافــع خاصــة أو االســتغالل الســيئ‬ ‫البنك الدولي‬ ‫للوظيفــة العامــة والرســمية مــن أجــل تحقيــق مصلحــة خاصــة‪.13‬‬ ‫الفساد = االحتكار ‪ +‬حرية التصرف – المساءلة‪.‬‬ ‫روبرت ليتجارد‬ ‫ســلوك يتضمــن انحــراف المســؤولين العاميــن وانتهاكهــم لألســس التــي‬ ‫صامويل هنتغوتن‬ ‫يقــوم عليهــا النظــام السياســي بغيــة تحقيــق مصالحهــم الخاصــة‪.‬‬ ‫‪.8‬حمد‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن “دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة”‪.‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪.‬عمان‪ -‬األردن‪.2019.‬ص ‪.28‬‬ ‫‪.9‬نفس المصدر السابق‪.‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.10‬نفس المصدر السابق‪.‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.11‬داود‪ ،‬ابتهــال محمــد رضــا‪ ،‬الفســاد اإلداري وآثــاره السياســية واالقتصاديــة مــع اإلشــارة إلــى التجربــة العراقيــة فــي الفســاد‪ ،‬دراســات دوليــة‪ ،‬العــدد (‪ ،)48‬جامعــة بغــداد‪،‬‬ ‫العــراق‪.2011 ،‬‬ ‫‪.12‬وارت‪ ،‬محمد‪ :‬الفساد وأثره على الفقر إشارة إلى حالة الجزائر‪.‬جامعة سعد دحلب البليدة‪ ،‬العدد (‪ ،)8‬الجزائر‪.2013 ،‬‬ ‫‪.13‬داود‪ ،‬ابتهال‪ ،‬مصدر سابق‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪.2.2.1‬تحديد مفهوم الفساد من وجهة نظر محلية وإقليمية ودولية‪:‬‬ ‫‪.1.2.2.1‬مفهوم الفساد من وجهة نظر محلية‪:‬‬ ‫علـــى صعيـــد الحالـــة الفلســـطينية فقـــد ورد تعريـــف للفســـاد فـــي تقريـــر المجلس التشـــريعي‬ ‫الفلســـطيني حول ملف الفســـاد في العام ‪“ :1997‬بأنه الخروج عن أحكام القانون أو األنظمة‬ ‫الصـــادرة بموجبـــه‪ ،‬أو مخالفـــة السياســـات العامـــة المعتمدة مـــن قبل الموظـــف العام بهدف‬ ‫جنـــي مكاســـب لـــه‪ ،‬أو آلخريـــن ذوي عالقـــة‪ ،‬أو اســـتغالل غياب القانـــون بشـــكل واع للحصول‬ ‫علـــى هـــذه المنافع”‪.‬ولـــم يتطرق قانـــون مكافحة الفســـاد رقـــم (‪ )1‬لســـنة ‪ 2005‬وتعديالته‬ ‫لتعريـــف الفســـاد ولكنـــه حدد أشـــكاله كما ســـيرد الحقاً ‪.‬‬ ‫‪.2.2.2.1‬مفهوم الفساد من وجهة نظر إقليمية‪:‬‬ ‫عرفـــت االتفاقيـــة العربيـــة لمكافحة الفســـاد بأنه ظاهـــرة إجراميـــة متعددة األشـــكال ذات آثار‬ ‫ســـلبية على القيـــم االخالقيـــة والحياة السياســـية والنواحـــي االقتصاديـــة واالجتماعية‪.14‬‬ ‫تهدف االتفاقية إلى‪:‬‬ ‫ تعزيـــز التدابيـــر الراميـــة إلى الوقاية من الفســـاد ومكافحته وكشـــفه بكل أشـــكاله‪ ،‬وســـائر‬ ‫الجرائـــم المتصلـــة به ومالحقـــة مرتكبيها‪.‬‬ ‫ تعزيز التعاون العربي على الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه واسترداد الموجودات‪.‬‬ ‫ تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون‪.‬‬ ‫ تشـــجيع األفراد ومؤسســـات المجتمـــع المدني على المشـــاركة الفعالة في منع الفســـاد‬ ‫ومكافحته‪.‬‬ ‫‪.3.2.2.1‬مفهوم الفساد من وجهة نظر دولية‪:15‬‬ ‫هنـــاك عـــدة تعريفـــات للفســـاد مـــن المؤسســـات والمنظمـــات الدوليـــة العاملـــة فـــي مجـــال‬ ‫مكافحـــة الفســـاد‪:‬‬ ‫عرفـــه برنامـــج األمـــم المتحـــدة اإلنمائـــي بأنه “ إســـاءة اســـتخدام القـــوة الرســـمية أو المنصب‬ ‫أو الســـلطة للمنفعـــة الخاصـــة‪ ،‬ســـواء عـــن طريـــق الرشـــوة أو االبتـــزاز او اســـتغالل النفـــوذ أو‬ ‫المحســـوبية أو الغـــش أو تقديـــم إكراميـــات لتفعيـــل الخدمـــات أو عـــن طريـــق االختـــاس‪.‬‬ ‫أما البنك الدولي فعرفه بأنه “استغالل المنصب العام بغرض تحقيق مكاسب شخصية”‪.‬‬ ‫أمـــا منظمـــة الشـــفافية الدوليـــة فعرفتـــه بأنـــه “اســـتغالل المصلحـــة العامة لتحقيـــق مصلحة‬ ‫خاصـــة” وعرفتـــه اكاديميـــة اإلنتربـــول لمكافحـــة الفســـاد بأنـــه‪ “ :‬أي تدبيـــر يتخـــذه أو يتقاعس‬ ‫عـــن اتخـــاذه األشـــخاص أو المنظمـــات العامـــة أو الخاصة بما يشـــكل انتهاكاً للقوانيـــن أو خيانة‬ ‫لألمانة”‪.‬‬ ‫أمـــا صنـــدوق النقـــد الدولـــي فقد وضـــع تعريفا للفســـاد اإلداري جاء فيه إنه “ســـوء اســـتعمال‬ ‫الوظيفـــة العامـــة مـــن أجـــل الحصـــول علـــى مكســـب خـــاص‪ ،‬ويتحقـــق عندمـــا يقبـــل الموظف‬ ‫الرســـمي رشـــوة أو يطلبهـــا أو يبتزها”‪.‬‬ ‫مـــع التركيـــز هنا على الفســـاد في القطاع العام‪ ،‬فيحدث الفســـاد عندما يقـــوم موظف بقبول‬ ‫‪.14‬الموقع االلكتروني لجامعة الدول العربية‪.https://carjj.org/sites/default/files/achievements/ltfqy_lrby_lmkfh_lfsd.pdf، 2019/11/5 :‬‬ ‫‪.15‬حمد‪ ،‬أحمد‪.‬مصدر سابق‪.‬ص ‪.31-30‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪20‬‬ ‫أو طلـــب أو ابتـــزاز أو رشـــوة‪ ،‬لتســـهيل عقـــد أو إجـــراء طـــرح منافســـة عامـــة‪ ،‬كمـــا يتـــم عندمـــا‬ ‫يعـــرض وكالء أو وســـطاء لشـــركات أو أعمـــال خاصـــة تقديم رشـــوة لالســـتفادة من سياســـات‬ ‫أو إجـــراءات عامـــة للتغلـــب على المنافســـين‪ ،‬وتحقيـــق أرباح خارج إطـــار القوانيـــن المرعية‪ ،‬كما‬ ‫يمكـــن للفســـاد أن يحصـــل عـــن طريـــق اســـتغالل الوظيفـــة العامـــة دون اللجـــوء إلى الرشـــوة‪،‬‬ ‫وذلـــك بتعييـــن األقارب أو ســـرقة أمـــوال الدولة‪.‬‬ ‫وقـــد توســـع مفهـــوم الفســـاد ليشـــمل كل خـــروج عـــن القواعـــد القانونيـــة والقيم اإلنســـانية‬ ‫المتعـــارف عليهـــا بشـــأن العمل الوظيفـــي‪ ،‬وبدأت تختلـــف تعريفات الفســـاد باختـــاف الزاوية‬ ‫التـــي ينظـــر مـــن خاللها إليه‪ ،‬فيعد فســـاداً كل ســـلوك انتهك أيا مـــن القواعـــد والضوابط التي‬ ‫يفرضهـــا النظـــام‪ ،‬كما يعد فســـاداً كل ســـلوك يهدد المصلحـــة العامة بخيانتها وعـــدم االلتزام‬ ‫بهـــا وذلـــك بتغليـــب المصلحـــة الخاصة علـــى المصلحـــة العامة‪ ،‬وكذلك أي إســـاءة الســـتخدام‬ ‫الوظيفـــة العامة لتحقيق مكاســـب خاصة‪ ،‬وقد يتضمن مفهوم الفســـاد النيـــة واإلرادة اآلثمة‬ ‫التـــي تســـتهدف التكســـب من الوظيفـــة العامة بـــأي صورة‪.16‬‬ ‫‪.3.2.1‬أشكال الفساد في فلسطين‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫تمكنت فلســـطين كغيرها من الدول من وضع قانون لمكافحة الفســـاد‪ ،‬ولهذه الغاية أنشـــئت‬ ‫هيئـــة مكافحـــة الفســـاد بموجـــب القـــرار بقانـــون رقم (‪ )7‬لســـنة (‪ )2010‬بشـــأن تعديـــل قانون‬ ‫الكســـب غير المشـــروع رقـــم (‪ )1‬لســـنة ‪2005‬م وتعديالتـــه‪ ،17‬حيث حدد القانون الفلســـطيني‬ ‫الفســـاد بأنـــه‪ :‬يعتبر فســـاداً لغايات تطبيق أحـــكام هذا القـــرار بقانون الجرائـــم المبينة أدناه‪:‬‬ ‫‪.1‬الرشوة (‪:)Bribery‬‬ ‫وتشـــمل طلب الرشـــوة‪ ،‬قبول الرشوة‪ ،‬عرض الرشوة سواء لنفســـه أو لغيره وال تقتصر الرشوة‬ ‫علـــى البـــدل المادي وإنما تشـــمل هديـــة أو وعداً أو أيـــة منفعة أخرى ليقـــوم بعمل حق بحكم‬ ‫عمـــا غير حق أو ليمتنـــع عن عمل كان يجب أن يقوم بـــه بحكم وظيفته‪.‬‬‫ً‬ ‫وظيفتـــه أو ليعمـــل‬ ‫‪.2‬االختالس (‪:)Embezzlement‬‬ ‫كل موظـــف عمومـــي أدخـــل فـــي ذمته مـــا وكل إليه بحكـــم الوظيفـــة أو بموجـــب تكليف من‬ ‫رئيســـه أمـــر إدارتـــه أو جبايتـــه أو حفظـــه مـــن نقود وأشـــياء أخرى للدولـــة أو ألحد مـــن الناس‪.‬‬ ‫‪.3‬التزوير (‪:)Forgery and forfeiture‬‬ ‫تحريـــف مفتعـــل للحقيقـــة فـــي الوقائـــع والبيانـــات التي يـــراد إثباتها بصـــك او مخطـــوط يحتج‬ ‫بهمـــا‪ ،‬نجـــم أو يمكـــن أن ينجـــم عنه ضـــرر مادي أو معنـــوي‪ ،‬ويجب حتـــى تكتمل هـــذه الجريمة‬ ‫اســـتخدام هذا المســـتند أو الوثيقـــة المزورة‪.‬‬ ‫‪.4‬استثمار الوظيفة (‪:)Exploitation of office‬‬ ‫مـــن وكل إليـــه بيع أو شـــراء أو إدارة أمـــوال منقولة أو غير منقولة لحســـاب الدولة أو لحســـاب‬ ‫إدارة عامـــة‪ ،‬فاقتـــرف غشـــاً في أحد هذه األعمـــال أو خالف األحكام التي تســـري عليها إما لجر‬ ‫مغنـــم ذاتـــي أو مراعاة لفريق أو إضـــراراً بالفريق اآلخر أو إضراراً بـــاإلدارة العامة‪.‬‬ ‫‪.16‬الفســاد اإلداري والمالــي‪ :‬الواقــع واآلثــار وســبل الحــد منــه‪.‬الموقــع اإللكترونــي لالئتــاف مــن أجــل النزاهــة والمســاءلة (أمــان)‪https://www.aman-palestine.org/media- :‬‬ ‫‪ center/2045.html‬بتاريخ ‪.2020/2/2‬‬ ‫‪.17‬القانــون األصلــي‪ ،‬قانــون الكســب غيــر المشــروع رقــم (‪ )1‬لســنة ‪.2005‬المنشــور فــي الوقائــع الفلســطينية‪.‬العــدد الثالــث والخمســون‪.‬فبرايــر ‪.2005‬رام اللــه‪ -‬فلســطين‪.‬وجــرى‬ ‫تعديــل هــذا القانــون ‪ 6‬مــرات بموجــب‪ :‬قــرار بقانــون رقــم (‪ )7‬لســنة ‪2010‬م بشــأن تعديــل قانــون الكســب غيــر المشــروع رقــم (‪ )1‬لســنة ‪2005‬م‪ ،‬وقــرار بقانــون رقــم (‪ )13‬لســنة ‪2014‬م‬ ‫بشــأن تعديــل قانــون مكافحــة الفســاد رقــم (‪ )1‬لســنة ‪2005‬م‪ ،‬وقــرار بقانــون رقــم (‪ )4‬لســنة ‪2017‬م بشــأن تعديــل قانــون مكافحــة الفســاد رقــم (‪ )1‬لســنة ‪2005‬م‪ ،‬وقــرار بقانــون رقــم‬ ‫(‪ )37‬لســنة ‪.2018‬وقــرار بقانــون رقــم (‪ )9‬لســنة ‪ 2019‬بشــأن تعديــل قانــون مكافحــة الفســاد رقــم (‪ )1‬لســنة ‪2005‬م وتعديالتــه‪ ،‬وقــرار بقانــون رقــم (‪ )27‬لســنة ‪2019‬م بشــأن تعديــل‬ ‫قانــون مكافحــة الفســاد رقــم (‪ )1‬لســنة ‪2005‬م وتعديالتــه‪.‬‬ ‫‪21‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪.5‬إساءة االئتمان (‪:)Breach of trust‬‬ ‫كل من ســـلم إليه على ســـبيل األمانة أو الوكالة‪ ،‬وألجل اإلبراز واإلعادة‪ ،‬أو ألجل االســـتعمال‬ ‫علـــى صـــور معينـــة‪ ،‬أو ألجل الحفظ‪ ،‬أو إلجـــراء عمل ‪ -‬بأجر أو دون أجر‪ -‬مـــا كان لغيره من أموال‬ ‫ونقـــود وأشـــياء‪ ،‬وأي ســـند‪ ،‬يتضمـــن تعهـــداً أو إبراء وبالجملـــة كل من وجد في يده شـــيء من‬ ‫هـــذا القبيـــل فكتمـــه أو بدله أو تصرف بـــه تصرف المالك أو اســـتهلكه أو أقـــدم على أي فعل‬ ‫يعـــد تعديـــاً أو امتنع عن تســـليمه لمن يلزم تســـليمه إليه‪.‬‬ ‫‪.6‬التهـــاون فـــي القيـــام بواجبـــات الوظيفـــة (‪Complacency in carrying out office‬‬ ‫‪:)duties‬‬ ‫كل موظـــف تهـــاون بـــا ســـبب مشـــروع فـــي القيـــام بواجبـــات وظيفتـــه وتنفيـــذ أوامـــر أمـــره‬ ‫المســـتند فيهـــا إلـــى األحكام القانونيـــة‪.‬وإذا لحق ضرر بمصالـــح الدولة من جراء هـــذا اإلهمال‪،‬‬ ‫فإنـــه يتـــم معاقبتـــه مع ضمـــان قيمة هـــذا الضرر‪.‬‬ ‫‪.7‬غســـل األمـــوال الناتجـــة عـــن جرائـــم فســـاد (‪Money Laundering Emanating from‬‬ ‫‪:)Corruption Crimes‬‬ ‫وفقاً للقرار بقانون رقم (‪ )20‬لســـنة ‪2015‬م فإنه يعد مرتكباً لجريمة غســـل األموال وتمويل‬ ‫‪18‬‬ ‫اإلرهـــاب كل من قام بأي فعـــل من األفعال اآلتية‪:‬‬ ‫‪1.‬اســـتبدال أو تحويـــل أو نقـــل األمـــوال مـــن قبـــل أي شـــخص‪ ،‬وهو يعلـــم بأن هـــذه األموال‬ ‫تشـــكل متحصـــات جريمـــة لغـــرض إخفـــاء أو تمويـــه األصل غيـــر المشـــروع لهـــذه األموال‪،‬‬ ‫أو لمســـاعدة شـــخص متـــورط فـــي ارتـــكاب الجريمـــة األصليـــة علـــى اإلفـــات مـــن التبعات‬ ‫القانونيـــة المترتبـــة علـــى أفعاله‪.‬‬ ‫‪2.‬إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية أو المصدر أو الموقع أو التصرف أو الحركة أو الملكية أو‬ ‫الحقوق المتعلقة باألموال من قبل أي شخص يعلم أن هذه األموال تشكل متحصالت جريمة‪.‬‬ ‫‪‌3.‬تملـــك األمـــوال أو حيازتهـــا أو اســـتخدامها مـــن قبـــل أي شـــخص وهـــو يعلـــم فـــي وقـــت‬ ‫االســـتالم أن هـــذه األمـــوال هـــي متحصـــات جريمـــة لغـــرض إخفـــاء أو تمويـــه األصـــل غير‬ ‫المشـــروع لهـــذه األمـــوال‪.‬‬ ‫‪‌4.‬االشـــتراك أو المســـاعدة أو التحريض أو التآمر أو تقديم المشـــورة أو النصح أو التســـهيل أو‬ ‫التواطؤ أو التســـتر أو الشـــروع في ارتـــكاب أي من األفعال المنصـــوص عليها أعاله‪.‬‬ ‫‪.8‬الكسب غير المشروع (‪:)Illicit gain‬‬ ‫كل مـــال حصـــل عليـــه أحـــد الخاضعيـــن ألحـــكام هـــذا القـــرار بقانـــون‪ ،‬لنفســـه أو لغيـــره بســـبب‬ ‫اســـتغالل الوظيفـــة أو الصفـــة‪ ،‬ويعتبر كســـباً غير مشـــروع كل زيادة في الثروة تطـــرأ بعد تولي‬ ‫الخدمـــة أو قيـــام الصفة علـــى الخاضع لهذا القـــرار بقانون أو على زوجه أو علـــى أوالده القصر‪،‬‬ ‫متـــى كانـــت ال تتناســـب مـــع مواردهـــم‪ ،‬وعجز عن إثبـــات مصدر مشـــروع لها‪.‬‬ ‫‪.9‬المتاجرة بالنفوذ (‪:)Influence Peddling‬‬ ‫قيـــام الموظـــف أو أي شـــخص آخر‪ ،‬بشـــكل مباشـــر أو غيـــر مباشـــر‪ ،‬بالتماس أو قبـــول أي مزية‬ ‫غيـــر مســـتحقة لصالحـــه أو لصالح شـــخص آخر‪ ،‬لكي يســـتغل ذلك الموظف أو الشـــخص نفوذه‬ ‫الفعلـــي أو المفتـــرض بهـــدف الحصول مـــن إدارة أو ســـلطة عمومية على مزية غير مســـتحقة‪.‬‬ ‫‪.18‬فلســطين‪ :‬قــرار بقانــون رقــم (‪ )20‬لســنة ‪2015‬م بشــأن مكافحــة غســل األمــوال وتمويــل اإلرهــاب‪.‬الوقائــع الفلســطينية‪.‬عــدد ممتــاز ‪.10‬المنشــور بتاريــخ ‪.2015/12/30‬رام‬ ‫اللــه – فلســطين‪.‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪22‬‬ ‫‪.10‬إساءة استعمال السلطة (‪:)Misuse of Office‬‬ ‫قيـــام الموظـــف أو عـــدم قيامه بفعل مـــا‪ ،‬لدى االطـــاع بوظائفه‪ ،‬بغرض الحصـــول على مزية‬ ‫غيـــر مســـتحقة لصالحه أو لصالح شـــخص أو كيان آخر‪ ،‬مما يشـــكل انتهـــاكاً للقوانين‪.‬‬ ‫‪.11‬الواسطة والمحسوبية والمحاباة (‪:)Acceptance of Favouritism and Nepotism‬‬ ‫قيـــام الموظـــف بعمل من أعمال وظيفتـــه أو امتناعه عن القيام بعمل مـــن أعمال وظيفته أو‬ ‫إخاللـــه بواجباتـــه نتيجـــة لرجـــاء أو توصية أو العتبـــارات غير مهنيـــة‪ ،‬كاالنتماء الحزبـــي أو العائلي‬ ‫أو الدينـــي أو الجهوي‪.‬‬ ‫‪.12‬عـــدم اإلعـــان عـــن اســـتثمارات أو ممتلكات أو منافع تـــؤدي إلى تضارب فـــي المصالح‬ ‫(‪Failure to Reveal Investments، Property or Benefits that lead to a Conflict of‬‬ ‫‪:)Interest‬‬ ‫الوضـــع أو الموقـــف الـــذي تتأثر فيـــه موضوعية واســـتقاللية قرار الموظف بمصلحة شـــخصية‬ ‫ماديـــة أو معنويـــة تهمـــه شـــخصياً أو أحـــد أقاربـــه أو أصدقائـــه المقربيـــن‪ ،‬أو عندما يتأثـــر أداؤه‬ ‫للوظيفـــة العامـــة باعتبـــارات شـــخصية مباشـــرة أو غير مباشـــرة‪ ،‬أو بمعرفتـــه بالمعلومات التي‬ ‫تتعلـــق بالقرار‪.‬‬ ‫‪.13‬إعاقة سير العدالة (‪:)Obstruction of Justice‬‬ ‫اســـتخدام القـــوة البدنيـــة أو التهديـــد أو الترهيـــب أو الوعـــد بمزية غيـــر مســـتحقة أو عرضها أو‬ ‫منحهـــا للتحريـــض على اإلدالء بشـــهادة زور أو للتدخل فـــي اإلدالء بالشـــهادة أو تقديم األدلة‬ ‫مجرمة وفق أحكام هذا القرار بقانون‪ ،‬أو اســـتخدام القوة‬ ‫فـــي إجـــراءات تتعلق بارتكاب أفعـــال ّ‬ ‫البدنيـــة أو التهديـــد أو الترهيـــب لعرقلـــة ســـير التحريـــات الجارية بشـــأن األفعـــال المجرمة وفقاً‬ ‫ألحـــكام هذا القـــرار بقانون‪.‬‬ ‫حالة دراسية (‪ :)1‬شبهة فساد في إحدى المحاكم‬ ‫وردت لهيئة مكافحة الفســـاد شـــكوى مفادهـــا‪ :‬قيام أحـــد المواطنين بمراجعة‬ ‫قلـــم المحكمـــة مـــن أجل تجديـــد كتاب بـــراءة الذمة‪ ،‬كان قـــد حصل عليـــه بتاريخ‬ ‫ســـابق‪ ،‬وظهـــر لموظـــف المحكمـــة خـــال عمليـــة تجديـــد التاريـــخ والفحـــص أن‬ ‫المواطـــن عليـــه مخالفات مرورية لم يتم تســـديدها خالف الكتاب الســـابق الذي‬ ‫ُأعطـــى لـــه والمختوم بختـــم المحكمة‪.‬‬ ‫‪1.‬ما هو الدور الواجب على الموظف الذي تلقى المعاملة؟‬ ‫‪2.‬ما هو اإلجراء الواجب اتخاذه من قبل المؤسسة والموظف؟‬ ‫‪3.‬ما هي أشكال الفساد الواردة في هذه القضية؟‬ ‫‪23‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪.4.2.1‬أسباب الفساد‪:‬‬ ‫هنالـــك العديد من األســـباب التي تـــؤدي إلى وجود الفســـاد في المجتمعـــات‪ ،‬والتي يوضحها‬ ‫الشكل (‪:)1‬‬ ‫الشكل (‪ )1‬أسباب الفساد في المجتمعات‬ ‫أسباب الفساد‬ ‫أسباب اجتماعية ثقافية‬ ‫ضعف الحكومة‬ ‫أسباب اقتصادية‬ ‫تدني األجور في‬ ‫نمط األعراف السائدة‬ ‫قلة معاقبة الفاسدين‬ ‫القطاع العام‬ ‫ضعف المنظومة‬ ‫الثقافة السائدة‬ ‫التضخم اإلداري‬ ‫القضائية‬ ‫نفوذ بعض المسؤولين‬ ‫أسباب سلوكية فردية‬ ‫االحتالل‬ ‫الحكوميين‬ ‫أوال‪ :‬األسباب االقتصادية‪ :‬والتي تتمثل بما يأتي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪1.‬تدنـــي األجـــور فـــي القطـــاع العـــام‪ :‬هناك عالقـــة عكســـية بين مســـتوى تدنـــي األجور في‬ ‫القطـــاع العام وزيادة انتشـــار الفســـاد‪ ،‬مما قد يدفـــع بموظفي القطاع العام إلى تحســـين‬ ‫مســـتوى دخلهم مـــن خالل اســـتغالل وظائفهـــم الحكومية وأخذ الرشـــوة‪.‬‬ ‫‪2.‬التضخـــم اإلداري‪ :‬مـــن المعـــروف أن حجـــم الكـــوادر العاملـــة فـــي القطـــاع العـــام تفـــوق‬ ‫احتياجاتـــه‪ ،‬ممـــا قـــد يـــؤدي إلـــى تعقيـــد فـــي اإلجـــراءات اإلداريـــة وصعوبـــة الوصـــول إلـــى‬ ‫المواطنيـــن‪ ،‬باإلضافـــة إلـــى أن رواتـــب هـــذا الـــكادر قـــد تشـــكل عبئاً وهـــدراً لمـــوارد الدولة‬ ‫المحـــدودة‪.‬‬ ‫‪3.‬نفـــوذ ســـلطة بعـــض المســـؤولين الحكومييـــن‪ :‬ممـــا قـــد يـــؤدي إلـــى تدخلهـــم فـــي جميع‬ ‫أنشـــطة القطاع العام‪ ،‬وظهور أشـــكال الفســـاد‪.‬مثـــل التدخل في التعيينـــات‪ ،‬أو في تنفيذ‬ ‫واختيـــار العطـــاءات الحكومية‪ ،‬أو تســـيير المعامـــات وغيرهم‪.‬‬ ‫ثانياً ‪ :‬األسباب السياسية‪ :‬والتي تتمثل فيما يأتي‪:‬‬ ‫‪1.‬ضعـــف الحكومـــة‪ :‬يؤدي ضعـــف الحكومة إلـــى ظهور أشـــكال الفســـاد المختلفة‪ ،‬وضعف‬ ‫الحكومـــة يتمثـــل بعـــدة مؤشـــرات منها‪ :‬غيـــاب المجلـــس التشـــريعي الفلســـطيني‪ ،‬وعدم‬ ‫االلتـــزام بمبـــدأ فصـــل الســـلطات‪ ،‬وتقييـــد اإلعـــام‪ ،‬ومـــدى الشـــفافية أو الغمـــوض فـــي‬ ‫المعامـــات الحكوميـــة‪ ،‬ومـــدى الرقابة والمســـاءلة عن أنشـــطة الدولـــة المختلفة‪ ،‬ومدى‬ ‫ثقـــة المواطنيـــن بإجـــراءات الحكومة‪ ،‬وضعـــف الرقابة العامـــة‪ ،‬والتغييرات السياســـية التي‬ ‫قـــد تـــؤدي إلـــى وجود موظفيـــن لديهـــم والء سياســـي ومن دون كفـــاءة عاليـــة بالعمل‪.‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪24‬‬ ‫‪2.‬تبايـــن اهتمـــام الدولـــة بمحاربة الفســـاد‪ :‬إذا لـــم تكن محاربة الفســـاد من أولـــى األجندات‬ ‫التـــي تعمـــل عليهـــا الدولة‪ ،‬فمن الطبيعي أن تنتشـــر أشـــكال الفســـاد فيها‪.‬‬ ‫‪3.‬معاقبـــة الفاســـدين‪ :‬علـــى الرغم من انتشـــار الفســـاد بشـــكل عـــام في فلســـطين وفق ما‬ ‫أشـــارت إليـــه العديد من الدراســـات والمســـوحات اإلحصائية؛ إال أنه مـــن المالحظ قلة عدد‬ ‫األفـــراد الذين يعاقبون بتهم الفســـاد‪.‬‬ ‫‪4.‬ضعـــف المنظومـــة القضائيـــة‪ :‬يعتبـــر القضـــاء العنـــوان األول إلقامـــة العـــدل بيـــن النـــاس‬ ‫وصـــون الحقـــوق والحريـــات والمصلحـــة العامـــة‪ ،‬وضعـــف المنظومـــة القضائية قـــد يؤدي‬ ‫إلـــى تجاوزات في النصوص التشـــريعية‪ ،‬او عـــدم وضع العقوبات والجزاءات المناســـبة التي‬ ‫تضمـــن الـــردع‪ ،‬وعدم تفعيـــل األنظمة المتعلقة بالمســـاءلة والمحاســـبة والرقابة‪ ،‬أو تدخل‬ ‫بعـــض المتنفذيـــن بتطويع األنظمـــة والقوانيـــن لخدمة مصالحهم الشـــخصية‪.‬‬ ‫‪5.‬االحتالل اإلســـرائيلي‪ :‬ســـاهم االحتالل اإلســـرائيلي في خلق بيئة مشـــجعة على الفســـاد‪،‬‬ ‫وتعزيـــز فســـاد الســـلطة الفلســـطينية واســـتغالله لتحقيـــق مكاســـب سياســـية‪ ،‬ألن وجود‬ ‫الفســـاد يســـاعد على صرف االنتباه عن اآلثار المدمرة الذي يلحقها االحتالل بالفلسطينيين‬ ‫سياســـياً واقتصادياً واجتماعياً ‪.‬‬ ‫ثالثاً ‪ :‬األسباب االجتماعية أو الثقافية‪:‬‬ ‫‪1.‬نمط األعراف والعالقات بين أفراد المجتمع‪:‬‬ ‫والتـــي تتمثـــل بطبيعـــة العالقـــات الســـائدة بيـــن األفـــراد فـــي المجتمـــع‪ ،‬فعلى ســـبيل المثال‬ ‫مـــن الطبيعـــي جداَ أن يقـــوم موظف بمســـاعدة أو خدمة أو تســـهيل معامالت أحـــد أقاربه أو‬ ‫معارفه علماَ بأن هذه المســـاعدة أو التســـهيل قد تكون أحد أشـــكال الفســـاد وهي الواســـطة‬ ‫والمحسوبية‪.‬‬ ‫‪2.‬الثقافة السائدة‪:‬‬ ‫التـــي ترتبط بمدى انتشـــار الفســـاد والفاســـدين وقله المحاســـبين منهم‪ ،‬مما قـــد يخلق ثقافة‬ ‫خاطئـــة‪ ،‬وهي أن الفســـاد قد استشـــرى في جميع مناحـــي الحياة وهناك صعوبـــة في إيقافه‪.‬‬ ‫‪3.‬أسباب سلوكية فردية‪:‬‬ ‫تتعلق بعض أســـباب الفســـاد بشـــكل عام بســـلوك الفرد نفســـه بغض النظر عن نوع المنظمة‬ ‫التـــي يعمـــل فيهـــا أو المجتمـــع الـــذي يعيـــش فيـــه أو حتى مســـتوى الدخـــل والوضـــع المادي‬ ‫للموظـــف‪ ،‬حيـــث ترتبـــط بالمعتقـــدات الداخليـــة لإلنســـان والتـــي قـــد يكـــون مرجعهـــا الجهـــل‬ ‫أو ضعـــف الـــوازع الدينـــي واألخالقـــي‪ ،‬ممـــا يـــؤدي إلـــى ظهور ممارســـات الفســـاد بأشـــكالها‬ ‫المختلفـــة‪ ،‬وال يـــكاد يخلـــو مجتمـــع من وجـــود حاالت الفســـاد والتي تظهر ســـواء فـــي الدول‬ ‫المتقدمـــة أو النامية‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫حالة دراسية (‪ :)2‬شبهة فساد في ديوان الموظفين العام‬ ‫تـــم اإلعالن في الجريـــدة اليومية عن الحاجة لوظيفة إدارية فـــي ديوان الموظفين‬ ‫العـــام‪ ،‬وتـــم تقديـــم الطلبات وفق األصـــول ومن ثم تـــم فرزها وإجـــراء المقابالت‪،‬‬ ‫وفـــي أثنـــاء المقابلـــة تفاجـــأ أحـــد أعضاء لجنـــة المقابـــات أن هنـــاك متقدمـــاً حائزاً‬ ‫علـــى أعلـــى عالمة فـــي االمتحـــان الكتابي وهـــي ‪ 50/49‬وهـــذه العالمـــة األولى‬ ‫فـــي تاريـــخ ديـــوان الموظفين العـــام‪ ،‬وأن ما لفت انتبـــاه عضو اللجنة أمـــران‪ :‬األول‬ ‫الضعـــف الكبيـــر للمتقدم فـــي المقابلـــة الشـــفهية‪ ،‬والثاني ســـكوت اللجنة وعدم‬ ‫أخذهـــا هـــذا الموضـــوع بعيـــن االعتبار‪ ،‬رغـــم إثارته من ذلـــك العضو‪.‬‬ ‫‪1.‬ما هو توقعك بالجرم الذي يتنبأ به عضو اللجنة؟‬ ‫‪2.‬ما هو الدور الذي يجدر القيام به من اللجنة؟‬ ‫‪.5.2.1‬اآلثار المترتبة على انتشار الفساد‪:‬‬ ‫تســـبب الفســـاد في حدوث المآسي آلالف الماليين من البشـــر عبر التاريخ‪.‬ويحارب المصلحون‬ ‫وأصحـــاب الضمائـــر الحيـــة الفســـاد؛ للحد من آثـــاره المدمرة علـــى المجتمعات والـــدول وخفض‬ ‫مســـتويات الظلـــم المتولـــد عنـــه‪.‬ويلجـــأ المفســـدون إلـــى شـــتى الطـــرق والوســـائل للوصول‬ ‫إلـــى غاياتهـــم ممـــا يتســـبب في آثـــار ســـلبية سياســـيا واقتصاديـــا واجتماعيا علـــى المجتمعات‬ ‫والثقافـــات العالميـــة كمـــا يتضح في الشـــكل (‪.)2‬‬ ‫الشكل (‪ :)2‬اآلثار االجتماعية واالقتصادية والسياسية للفساد‬ ‫آثار الفساد‬ ‫اآلثار السياسة‬ ‫اآلثار االقتصادية‬ ‫اآلثار االجتماعية‬ ‫الحد من المنافسة‬ ‫التعدي على حقوق االنسان‬ ‫االنكشاف امام القوى الخارجية‬ ‫غسل االموال ودعم التطرف‬ ‫تراجع العدالة االجتماعية‬ ‫التاثير على صناع القرار‬ ‫زيادة الفقر وسوء توزيع الدخل‬ ‫تراجع الثقة بالمؤسسات‬ ‫زيادة البطالة‬ ‫اثارة الفتن والحروب‬ ‫خفض معدالت النمو االقتصادي‬ ‫تراجع القيم االخالقية واالنسانية‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪26‬‬ ‫أوال‪ :‬اآلثار السياسية للفساد‪:‬‬ ‫تتجلى اآلثار السياســـية للفســـاد فـــي العديد من المظاهـــر التي تؤثر على الـــدول وأمنها‪ ،‬ومن‬ ‫هذه اآلثار‪:‬‬ ‫‪1.‬إثارة الفتن والحروب داخل المجتمعات وبين الدول‪:‬‬ ‫تعتبـــر الحـــروب الداخليـــة والخارجيـــة أســـوأ آثـــار الفســـاد‪ ،‬وقلمـــا حدثت حـــرب أو نـــزاع محلي أو‬ ‫خارجـــي ال يكـــون للفســـاد دور فيـــه‪ ،‬وترتفـــع معـــدالت الفســـاد في أزمنـــة النزاعـــات والحروب‬ ‫وصفقات الســـاح بســـبب تراخي األنظمة واســـتخدام مبررات األمن القومي والســـرية لتغطية‬ ‫ممارســـات الفســـاد‪ ،‬ويحـــاول المفســـدون دومـــاً التقـــرب للســـلطات بكافـــة أشـــكالها وإيجـــاد‬ ‫تحالـــف بيـــن المـــال والســـلطة ليتمكنوا من تنفيـــذ مآربهم‪ ،‬حتـــى لو اضطروا الســـتخدام القوة‬ ‫والترهيـــب‪ ،‬ولـــو تســـبب هـــذا التحالف فـــي إزهاق حياة كثيـــر من البشـــر وتدمير البيئـــة والقيم‪.‬‬ ‫‪2.‬التأثير على صانع القرار السياسي‪:‬‬ ‫يـــؤدي الفســـاد إلـــى افتقـــار العقالنية عنـــد المســـؤولين الحكوميين الفاســـدين فـــي اتخاذهم‬ ‫للقـــرارات السياســـية التـــي تؤثـــر فـــي مصيـــر الدول‪ ،‬وهـــذا ناجـــم عن تركز الســـلطة لـــدى قمة‬ ‫جهـــاز الدولـــة وغيـــاب حكم القانـــون‪ ،‬مما يؤدي إلـــى اتخاذ قرارات سياســـية خطيـــرة من جانب‬ ‫المســـؤولين دون تشـــاور أو االســـتفادة مـــن أجهـــزة الدولـــة ومراكـــز البحـــث وعـــن بدائل صنع‬ ‫القـــرارات وعـــن تكلفة كل منها‪ ،‬مما يـــؤدي إلى عقوبات دولية أو دفـــع تعويضات مالية يكون‬ ‫الشـــعب بأمس الحاجـــة إليها‪.‬‬ ‫‪3.‬االنكشاف أمام القوى الخارجية‪:‬‬ ‫يعمـــل الفســـاد علـــى إضعاف الدولـــة ويجعلها أكثر انكشـــافا أمـــام القوى الخارجيـــة فهو يقلل‬ ‫مـــن قدرتهـــا التفاوضية مع الدول والشـــركات الدولية‪ ،‬ويفتح الباب أمام تمرير هذه الشـــركات‬ ‫لعقـــود غيـــر متوازنـــة مع كبار المســـؤولين في هـــذه الدولة‪ ،‬ممـــا يحرم الدولة مـــن التأييد في‬ ‫المحافـــل الدوليـــة‪ ،‬كمـــا حصـــل مـــع رئيس الـــوزراء الماليزي الســـابق نجيـــب عبد الـــرازق‪ ،‬وتورط‬ ‫دول أخرى في الفســـاد فـــي ماليزيا‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اآلثار االقتصادية للفساد‪:‬‬ ‫يعتبـــر الفســـاد مـــن المعضالت التـــي تواجه الـــدول لما فيه مـــن هدر للمـــال والقدرات البشـــرية‬ ‫الموجـــودة فـــي الدول‪ ،‬والتي ال تســـاعد الـــدول على التطور والنمو واالســـتدامة فـــي مواردها‬ ‫ولذلك يترك الفســـاد العديد من اآلثار الســـلبية على المجتمعات والدول ســـنذكر بعضاً منها‪:19‬‬ ‫‪1.‬خفض معدالت النمو االقتصادي وتباطؤ مسيرة التنمية‪:‬‬ ‫يحـــاول الفاســـدون وضـــع العراقيـــل فـــي وجـــه االســـتثمار لالســـتئثار بمجاالته وللحصـــول على‬ ‫مكاســـب غيـــر مشـــروعة‪ ،‬مما يرفـــع تكاليـــف االســـتثمار ويخفض مســـتوياته ويشـــوه تركيبته‪.‬‬ ‫ويتســـبب الفســـاد أيضـــاً فـــي قصـــور تغطيـــة الخدمـــات الحكوميـــة والخاصـــة‪ ،‬وتـــردي البنيـــة‬ ‫األساســـية ونوعيتهـــا مؤديـــاً إلـــى خفـــض معـــدالت النمـــو االقتصـــادي‪ ،‬بحيـــث تتركـــز هـــذه‬ ‫االســـتثمارات في أيدي بعض المتنفذين نتيجة الفســـاد المستشـــري في المؤسســـات العامة‪،‬‬ ‫حيـــث إن العديـــد مـــن الـــدول الناميـــة تعانـــي من تمركـــز المال فـــي شـــركات معينة‪.‬‬ ‫‪.19‬البسام‪ ،‬بسام بن عبد الله‪ :‬الحوكمة في القطاع العام‪.‬معهد اإلدارة العامة‪.‬الرياض‪ -‬المملكة العربية السعودية‪.2016.‬ص ص ‪.107-103‬‬ ‫‪27‬‬ ‫مكافحة الفساد | تحديات وحلول‬ ‫‪2.‬زيادة البطالة (‪:)Unemployment‬‬ ‫يقـــود خفـــض معدالت النمو االقتصادي الناتج عن الفســـاد إلى تراجـــع معدالت نمو التوظيف‬ ‫وازديـــاد معدالت البطالة‪ ،‬ويؤدي الفســـاد بصورة مباشـــرة وغير مباشـــرة إلـــى انخفاض إنتاجية‬ ‫العمالـــة وتراجـــع الدخل‪ ،‬وينتج عن فســـاد التوظيف‪ ،‬تراجع مســـتويات الموائمـــة بين المهارات‬ ‫والوظائـــف ممـــا يخفـــض مـــن اإلنتاجية ويقلـــل من معـــدالت نمو الناتـــج المحلـــي وخاصة في‬ ‫التوظيف على أســـاس الواســـطة والمحسوبية‪.‬‬ ‫‪3.‬زيادة الفقر (‪ )Poverty‬وسوء توزيع الدخل ورفع تكاليف المعيشة‪:‬‬ ‫ترفـــع عمـــوالت ومدفوعـــات الفســـاد مـــن تكاليـــف األنشـــطة االقتصاديـــة التـــي تضـــاف إلى‬ ‫أســـعار الســـلع والخدمات وتدفـــع معدالت التضخم وتكاليف المعيشـــة إلى مســـتويات أعلى‪،‬‬ ‫ويؤثـــر الفســـاد بدرجـــة أكبـــر علـــى الفقـــراء ويفاقـــم من معضـــات الفقر على شـــريحة واســـعة‬ ‫مـــن المجتمع‪ ،‬حيـــث يقود عدم اســـتطاعتهم دفع الرشـــاوى وضعف عالقاتهم بالمســـؤولين‬ ‫الحكومييـــن إلـــى فقدانهـــم كثيـــراً مـــن حقوقهـــم‪ ،‬مما يفاقـــم من معضـــات الفقـــر ويزيد من‬ ‫تبايـــن الدخـــول بيـــن الشـــرائح االجتماعيـــة المختلفـــة وتنخفـــض عدالـــة توزيـــع الدخـــل بين هذه‬ ‫الشرائح‪.‬‬ ‫‪4.‬غسل األموال (‪ )Money Laundering‬ودعم التطرف‪:‬‬ ‫والصحيـــح أن هنـــاك فســـاداً أو

Use Quizgecko on...
Browser
Browser