PDF: اضطرابات النمو: التوحد، التربية الخاصة
Document Details

Uploaded by CommendableSplendor8389
Tags
Related
Summary
يتناول هذا المستند الفصل الخامس من علم نفس ذوي الاحتياجات الخاصة ،ويغطي قضايا مثل اضطرابات النمو ،بما في ذلك اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وصعوبات التعلم . ويستكشف أيضًا استراتيجيات التدخل والتعليم لتقديم الدعم للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
Full Transcript
الفصل الخامس االض رابات النمائية مقدمة : تُعدّ االضطرابات النمائية من القضايا المحورية في مجال التربية الخاصة ،حيث تؤثر على مسارات النمو الطبيعي لألطفال في م...
الفصل الخامس االض رابات النمائية مقدمة : تُعدّ االضطرابات النمائية من القضايا المحورية في مجال التربية الخاصة ،حيث تؤثر على مسارات النمو الطبيعي لألطفال في مجاالت متعددة ،مثل النمو العقلي ،واالجتماعي ،واالنفعالي ،واللغوي ،والحركي. وتشمل هذه االضطرابات طيفًا واسعًا من الحاالت ،مثل اضطراب طيف التوحد ،واضطراب فرط الحركة وتشتت االنتباه ،واضطرابات صعوبات التعلم ،واضطرابات النمو الشاملة ،وغيرها من الحاالت التي تؤثر على األداء اليومي والتكيف االجتماعي واألكاديمي للفرد. ويكتسب االهتمام بهذه االضطرابات أهمية كبيرة في التربية الخاصة ،حيث يتطلب األمر استراتيجيات تعليمية وتأهيلية مخصصة لمساعدة هؤالء األطفال على تحقيق أقصى إمكاناتهم.كما تلعب التشخيصات دورا حاس ًما في تحسين فرص التعلم واالندماج االجتماعي لهم.ومن هنا ،يأتي المبكرة والتدخالت الفعالة ً دور األسرة ،والمعلمين ،والمتخصصين في تصميم وتنفيذ برامج تربوية تتناسب مع احتياجاتهم الفريدة، مما يسهم في تعزيز جودة حياتهم وتمكينهم من المشاركة الفعالة في المجتمع.وفيما يلى عرض لبعض هذه األطضرابات أوال :اضطراب التوحــــــــــد إن النمو العقلي والجسدي قد ينمو بصورة غير طبيعية متخذا أشكاال عديدة ،ومؤديا في بعض األحيان إلى مشكالت سلوكية ،ويعد اضطراب (التوحد) أحد األشكال التي يتضح من خاللها النمو غير الطبيعي ،ولهــذا يــوضع تحت فئة من االضطرابات تسمى االضطرابات النمائية الشــاملة Pervasive Developmental 130 ).Disorders (PDDsويثير االضطراب التوحدي) )Autistic Disorderتساؤالت عديدة وعالمات استفهام كثيرة منذ اكتشافه وحتى اآلن ،حول كيفية اإلصابه به ،مظاهره أو أعراضه ،أسبابه الغامضة التي احتار العلماء في وضع توصيف موحد لها حتى اآلن. ويعد التوحد أكثر االضطرابات النمائية صعوبة وتعقيدا ،ألنه يؤثر علي كثير من مظاهر نمو الطفل ويؤدي به إلى االنسحاب واالنغالق على الذات ،مما يضعف اتصال الطفل بعالمه المحيط ،ويجعل من حوله دائم الحيرة في طريقة التعامل معه. ويعتبر كانر ( )Kannerأول من عرف التوحد عام 1943عندما نشر دراسة وصف فيها حالة 11 طفال تتراوح أعمارهم من 11 :2سنة ،حيث الحظ اختالفهم عن غيرهم من الحاالت ومن ثم اعتبرهم كياناً تشخيصيا مستقال. باإلضافة إلى ما ذكره كانر هنالك بعض الخصائص المشتركة بين هؤالء األطفال؛ وهي: انعزالية توحديه مفرطة ،تأخر وانحراف في اللغة ،المصاداه أو الترديد الالإرادى للكالم Echolalia ،ذاكرة قوية ولها قدرة على الحفظ ،حساسية مفرطة إزاء المؤثرات الخارجية ،الرفض الشديد للتغير وتنوع محدود للنشاط العفوي والتلقائي ،قدرات إدراكية فائقة ،مظهر جسدي طبيعي ،عائالت تتميز بمستويات ذكاء مرتفعة. وقد أضاف آخرون إ لى ما ذكره كانر عن االضطراب التوحدي ،إلى عدم قدرة الطفل علي أن يتواصل مع الناس والمواقف بالطريقة العادية وذلك منذ بداية الحياة.ويصفه األبوان بأن لديه دائما اكتفاء ذاتيا ،ويكون أكثر سعادة عند تركه بمفرده ،يتصرف وكأنه يعيش بمفرده ،يعطي انطباعا بالمعرفة الكاملة، ويفشل في تنمية القدر الطبيعي من الوعي االجتماعي ،وهو ال يشبه في ذلك األطفال الفصاميون ،يعدل عن المبادأه في إقامة صداقات ،وتظهر لديه منذ البداية عالمات الرغبة الشديدة في البقاء منفردا ،يتجاهل أو يمنع أي شيء يأتي إليه من الخارج ،يخيفه االتصال الجسدي المباشر باآلخرين أو الضوضاء باعتبارها مهددات باختراق وحدته. تشير الصورة الرابعة للدليل التشخيصى واإلحصائي لألمراض العقلية ( )DSM IVإلى أن اضطراب التوحد يقع تحت فئة (اضطرابات نمائية شاملة) ،وتتميز هذه االضطرابات بتأخر أو قصور في التفاعل االجتماعي ومهارات التواصل مع وجود السلوك النمطي وقلة األنشطة واالهتمامات وتتمثل االضطرابات النمائية الشاملة في ( )DSM IVما يلي: Autistic Disorder .1اضطراب التوحد Rett’s Disorder .2اضطراب ريت 131 اضطراب ريت هو اضطراب جيني في األصل،ألنه يؤثر فقط علي جنس واحد هو اإلناث ،ويميز عن طريق حركة التوائية لليد ذات سمات معينة ،متكررة ،وصغر في حجم محيط الرأس.وغالبا ما يظهر ما بين ( 18 :6شهر) ،ويتسم اضطراب ريت بأنه نادر الحدوث مثله مثل اضطراب الطفولة التفككي، حيث تمثل نسبة حدوثه (( )100.000 :1أي طفل كل مائة ألف طفل). .3اضطراب اسبرجر Asperger’s Disorder يتشارك الطفل المصاب باضطراب اسبرجر مع الطفل التوحدى فى كثير من السمات اال انه يتميز بأن مشكالته فى النمو اللغوى والمعرفى اإلجتماعى أقل حدة من الطفل التوحدى ،وتشير اإلحصاءات إلى ان نسبة انتشار اضطراب اسبرجر بين الذكور اكثر من اإل ناث بنسبة ( 1 :9أي فتاه واحدة بين كل تسعة ذكور مصابين باضطراب اسبرجر). Childhood Disintegrative Disorder .4اضطراب الطفولة التفككي يعتبر اضطراب الطفولة التفككي احد االضطرابات النمائية الشاملة الن االطفال المصابين به يمرون بمرحلة من النمو الطبيعي حتي سن الثالثة او الرابعة يحدث بعدها فقدان للقدرات ،ويعد اضطراب الطفولة التفككي اضطراب نادر الحدوث تتضمن أعراضه فقدان لكل من اللغة المكتسبه سابقا ،والمهارات االجتماعية باالضافة إلى مشكالت التحكم في االخراج ،وفقدان المهارات الحركية ،ومهارات اللعب ،وظهور السلوكيات التك اررية النمطية. .5اضطرابات نمائية شاملة غير محددة Pervasive Developmental Disorders not otherwise (PDD, NOS. إن األطفال الذين يتم تشخيصهم بهذا االضطراب ال تنطبق عليهم أعراض التوحد بشكل كامل، انما تظهر لديهم بعض أعراض التوحد فيما يتعلق بقصور التواصل ،وقصور التفاعل االجتماعي ومحدودية األنشطة واالهتمامات ،ويعتقد بعض الباحثين أن االضط اربين هما مستويان مختلفان من الشدة لنفس االضطراب ،فاألطفال المصابون باالضطراب النمائي الشامل غير المحدد يتميزون بمستوي وظيفي مرتفع، ويستجيبون بشكل أفضل للتدخل مقارنة باألطفال التوحديين ،ويعد االضطراب النمائي غير المحدد واضطراب اسبرجر والتوحد أكثر االضطرابات النمائية الشاملة شيوعا. مفهوم اضطراب التوحد تُعرف الجمعية األمريكية للطب النفسـ ـ ـ ــي ( )American Psychiatric Associationاضـ ـ ـ ــطراب التوحد على أنه عدم القدرة على التحســن فى النمو مما يؤثر على التواصــل اللفظي وغير اللفظي والتفاعل االجتماعي وهو عادة يظهر قبل سـ ــن الثالث سـ ــنوات والذي يؤثر بدوره على األداء فى التعليم ،باإلضـ ــافة إلى س ـ ـ ــلوكيات نمطية تك اررية ومقاومة ش ـ ـ ــديدة فى أي تغيير فى الروتين اليومي كما يظهرون ردود أفعال 132 غير طبيعية ألي خبرات جديدة. كما عرفته منظمة الصـ ـ ـ ـ ـ ــحة العالمية ) ]WHO[ (World Health Organization, 2020بأنه العجز المس ـ ــتمر في القدرة على بدء التفاعل االجتماعي المتبادل والتواص ـ ــل االجتماعي والحفاظ عليهما ، وبمجموعة من أنمـاط السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلوك أو االهتمـامات أو األنش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـطـة المقيـدة والمتكررة والغير مرنة أوالنمطيـة أو المفرطة مقارنة بعمر الفرد والسياق االجتماعي والثقافي. ويرى (عادل عبد هللا) أنه اض ـ ــطراب نمائي عام أو منتش ـ ــر يؤثر س ـ ـ ًـلبا على العديد من جوانب النمو األخرى ،وليس على الجـانـب العقلي أو الجـانـب االجتمـاعي فقط ،بـل إن أغلـب جوانـب النمو تتـأثر بـه وهو األمر الذي يتميز به اضطراب التوحد عن غيره من اإلعاقات األخرى. وعرفتـه الجمعيـة األمريكيـة للتوحـد ( (Autism Society of Americanبـأنـه إعـاقـة نمـائيـة تطورية دائما في الثالث س ـ ــنوات األولى من العمر ،نتيجة لالض ـ ــطرابات العص ـ ــبية التي تؤثر على وظائف تظهر ً المخ ومختلف جوانب النمو ،فتؤدي إلى قص ـ ــور فى التفاعل االجتماعي والتواص ـ ــل اللفظي وغير اللفظي، واضطرابات خاصة باالستجابة للمثيرات الحسية وتكرار دائم للحركات أو مقاطع الكلمات. كما ترى ( ) Wingأن اضطراب التوحد هو فشل خالل الطفولة فى استعمال الكالم كوسيلة اتصال ، وعدم القدرة على اســتعمال مفاهيم غير محســوســة وعدم الوعي بالناس واســتخدام الوتيرة نفســها فى النشــاط، وعدم القدرة على اللعب الخيالي باأللعاب مع األطفال اآلخرين. ويعتبر اضــطراب طيف التوحد أحد اضــطرابات النمو االرتقائي الشــاملة التي تنتج عن اضــطراب فى الجهاز العصــبي المركزي ،مما ينتج عنه خلل وظيفي فى المخ يؤدي إلى قصــور فى التفاعل االجتماعي، وقص ــور فى التواص ــل اللفظي والغير لفظي ،وعدم القدرة على التخيل ،ويظهر فى الس ــنوات الثالثة األولى من عمر الطفل. أسباب التوحد تعد األسباب الحقيقية للتوحد غير معروفه حتي اآلن ،إال أن المقبول بشكل عام أن التوحد يحدث بسبب اضطراب في تكوين أو وظيفة المخ ،حيث يوضح فحص المخ أن هناك فروقا في شكل وتكوين المخ في األطفال التوحديين في مقابل األطفال األسوياء. ويشير(سايمون كوهين) إلى االعتقاد الذي كان سائداً قديما حول أن التوحد يحدث بسبب إهمال الوالدين لرعاية أبنائهم ،وقد اتضح أنه ال صحة لهذا االعتقاد وأن آباء وأمهات األطفال التوحديين ال يختلفون عن غيرهم في مدي حبهم وعطفهم ومقدرتهم على العناية بأطفالهم ،وقد تسبب هذا االعتقاد الخطأ في تنامي الشعور بالذنب لدى آباء وأمهات األطفال التوحديين ،واستمر هذا الشعور حتى أثبتت البحوث والدراسات الطبية أن اضطراب التوحد يحدث ألسباب بيولوجية. 133 وقد تعددت في اآلونة األخيرة النظريات التي تتحدث عن أسباب التوحد اال أن جميعها مازالت افتراضات لم تتأكد صحة أي منها بعد.و فيما يلي عرض ألهم النظريات حول أسباب التوحد. أوالً :األسباب الجينية Genetic Causes )1الخلل الوظيفي للـ ميتالوثيونين Metallothionein-او(:)MT أسفرت نتائج األبحاث التي قام بها دكتور ( )William Washوالذي أجرى العديد من التحاليل على ( ) 500طفال توحديا ،عن وجود خلل في نسب النحاس والزنك بالجسم ،تتمثل في ارتفاع نسبة النحاس وانخفاض نسبة الزنك ،وقد اكتشف أن تنظيم نسب النحاس والزنك بالجسم هي مسئولية مجموعة من البروتينات تسمي (ميتالوثيونين - MT )Metallothionein -وباإلضافة إلى وظيفة تنظيم مستويات النحاس والزنك بالجسم ،يقوم الـ ( )MTبالعديد من الوظائف ،مثل: −مساعدة الجسم علي التخلص من السموم من تلقاء نفسه. −مساعدة الجهاز الهضمي على أداء وظائفه. −مساعدة الجهاز المناعي على أداء وظائفه. وينتج عن الخلل في الـ ( )MTاألعراض التالية: −عدم اكتمال هضم الجلوتين والكازين ونفاذهما من األمعاء إلى الدم (.)Leaky Gut −خلل في وظيفة إنزيمات الهضم ناتج عن مستويات الزنك المنخفضة بالجسم. −ضعف مقاومة الجسم للفطريات باالمعاء. −خلل في وظيفة البنكرياس ناتج عن نقص هرمون السكريتين. ويستند دكتور ( ) William Washفي تبريره لنظريته إلى اإلحصائيات التي تشير إلى نسبة اإلصابة بالتوحد بين الذكور واإلناث تكون بين الذكور بنسبة أربع أضعاف اإلصابة بين اإلناث أي ( ،)1 :4ويفسر ذلك بأن جين ( ) MTيتم تدعيم وظيفته في الجسم من خالل هرمونين هما (إستروجين ،estrogen بروجيستورين ،) progesteroneوألن هذين الهرمونين هما هرمونان أنثويان ،فإن نسبة وجودهما لدى الذكور أقل من اإلناث ،ومن ثم يكون معدل الخلل بجين ( )MTلدى الذكور أعلى من اإلناث ،وهو ما ينتج عنه ارتفاع نسبة اإلصابة بالتوحد بين الذكور. )2عوامل جينية أخري Other genetic factors أشارت الجمعية األمريكية للتوحد إلى أنه تجرى حاليا العديد من البحوث والدراسات الكتشاف األساس الجيني للتوحد ،لكن حتي اآلن لم يكتشف أن هناك جينا معينا يتسبب في اإلصابة بالتوحد ،ويري البعض أن شدة أعراض التوحد وتعددها ال يمكن أن نرجعها إلى أحد الجينات ،لكن من الواضح أن التوحد وغيره 134 من االضطرابات النمائية يتكرر حدوثهم في بعض العائالت ،حيث أن نسبة عودة ظهور التوحد في األسرة التي لديها طفل توحدي تكون % 8 :%3ويكون هناك احتمال %15لحدوث مشكالت في النمو ألشقاء الطفل التوحدي ،هذا باإلضافة إلى تكرر حدوث بعض أمراض ضعف المناعة في تلك العائالت مثل: التهاب المفاصل ،البول السكري ،التهاب األمعاء ،وربما يدلل ذلك علي وجود ضعف بالجهاز المناعي في هذه العائالت.إال أن االرتفاع الشديد في نسب اإلصابة بالتوحد في العشرين عاما الماضية ،ال يمكن أن ينتج فقط عن أسباب جينية ،فال بد أن هناك أسبابا بيئية تؤدي لإلصابة بالتوحد. ويتم إجمال األعراض الطبية الناتجة عن األسباب السابقة فيما يلي: انخفاض عمل الجهاز المناعي. − سوء التمثيل الغذائي وافتقار الجسم للفيتامينات والمعادن الرئيسية. − قصور في عمل البنكرياس. − قصور في إنتاج مضادات االكسدة. − قصور قدرة الجسم على التخلص من السموم المعدنية (الرصاص ،التسمم الزئبقي). − زيادة نمو البكتيريا والفطريات داخل األمعاء. − انخفاض مستوي األحماض األمينية في الجسم. − عدم اكتمال هضم الجلوتين والكازين ( -نفاذية القناة الهضمية). − ثانياً :األسباب البيئية Environmental Causes )1التسمم الزئبقي الزئبق هو أحد المعادن الموجودة في البيئة ،حيث يدخل ضمن مكونات العديد من األشياء مثل السمك ،حشو الضروس ،لكن أكبر مصدر للتسمم الزئبقي هو مادة الـ (ثيميروسال )Thimerosalوهي المادة الحافظة للتطعيمات ،ولعل السبب في ارتفاع نسب اإلصابة بالتوحد في اآلونة االخيرة قد يرجع إلى زيادة نسبة مادة الـ (ثيميروسال ) Thimerosalفي التطعيمات ،حيث عملت شركات األدوية على زيادة نسبة هذه المادة في التطعيمات لتطيل من فترة صالحيتها ،ومما يضاعف من المفعول السلبي لتلك المادة أن عدد التطعيمات التي يتناولها األطفال في زيادة مستمرة نتيجة لظهور أمراض جديدة يتطلب األمر معها تطعيم األطفال في سن مبكرة لحمايتهم من اإلصابة بها ،و يدعم هذا االفتراض الشواهد التالية: −نسبة اإلصابة بالتوحد في الواليات المتحدة االمريكية ارتفعت بشكل كبير في العشرين سنة االخيرة، وقد تزامن مع هذه الزيادة في نسبة اإلصابة بالتوحد ،زيادة في عدد التطعيمات التي يتعرض لها الطفل في السنتين األوليين من حياته ،حيث زاد عددها من ( )8تطعيمات في سنة 1980إلى ( )33تطعيما في سنة .2001 135 −طبقا لما تم ذكره فإن العديد من التقارير في اآلونة األخيرة قد أشارت إلى أنه يقابل كل طفلين مصابين بالتوحد في فترة متأخرة من العمر ،أي بعد فترة من النمو الطبيعي ،طفل مصاب بالتوحد منذ الميالد، مما يدعم االفتراض القائل بأن أسباب التوحد بيئية أكثر منها جينية ،ولعل حدوثها في السنوات الثالثة األولى من عمر الطفل -وهى الفترة التي يتعرض فيها الطفل إلى كثير من التطعيمات -قد يدعم نظرية التسمم الزئبقي. )2مصل ()MMR إن مصل ( ) MMRهو أحد التطعيمات التي يفترض العالم البريطاني ( )Andy Wakefieldأنه هو التطعيم المسئول عن اإلصابة بالتوحد ،ويبرر نظريته باألسباب التالية : −يتكون هذا التطعيم من ثالثة تطعيمات فرعية تم تجمعها في تطعيم واحد ( ،)MMRرغم إمكانية فصلها إلعطائها لألطفال في جرعات منفصلة ،باإلضافة إلى أنه أحيانا ما يتعرض األطفال بجانب تطعيم ( )MMRإلى تطعيم آخر يعطي في نفس الوقت ،وهو ما ينتج عنه اإلثقال الشديد علي جهاز المناعة، وذلك ألن هذه التطعيمات هي في األصل فيروسات يتم إعطاؤها للجسم الستثارة جهاز المناعة على المقاومة.وألن ( ) MMRيتضمن جرعة زائدة ال يمكن لجهاز المناعة تحملها ،ينشأ هذا الخلل بالجهاز المناعي. −ينتج عن ضعف المناعة نمو للفطريات والبكتيريا بالجهاز الهضمي ،وهو ما كشفت عنه التحليالت التي أجريت لعدد كبير من األطفال التوحديين. )3اإلفراط في تناول المضادات الحيوية تشير الجمعية األمريكية للتوحد إلى أن الجسم يتضمن نوعين من البكتيريا( :النافعة ،والضارة) ،يحتاج الجسم إلى النوع النافع منها ،ويقوم جهاز المناعة بمقاومة النوع الضار ،وبتناول جرعات عالية من المضادات الحيوية ،تقضي تلك المضادات علي النوع النافع من البكتيريا ،ومع ضعف مقاومة الجهاز المناعي ،تزداد البكتيريا الضارة في الجسم وينتج عنها كثير من اآلثار السلبية. )4اإلصابات الشديدة في الطفولة عندما يضعف الجهاز المناعي ،وتنقص التغذية ،يكون األطفال أكثر عرضة لإلصابة بالعديد من األمراض مثل (األمراض المتكررة في األذن ،األمراض الجلدية – إكزيما -إلتهاب الجيوب األنفية) ومع تناول جرعات كبيرة من المضادات الحيوية تتفاقم المشكلة ،خاصة وأن تلك األمراض يتم معالجتها بالمضادات الحيوية ،ولهذا نجد بعض األطفال الذين يبدو نموهم طبيعيا في البداية يحدث لهم تراجع في 136 العديد من مظاهر النمو ليبدأ ظهور االضطراب التوحدي ،وذلك بعد إصابتهم بتلك االمراض ،وهو ما يفسر بأن هذه اإلصابات أو األمراض هي الحدث الذي استثار اضطراب التوحد على الظهور. يتضح من العرض السابق لالفتراضات الخاصة بأسباب اضطراب التوحد االستنتاجات التالية: أن األسباب الخاصة باإلصابة باضطراب التوحد ما زالت غامضة ،وأن جميع النظريات السابقة − ما هي إال افتراضات ما زالت قيد الدراسة. أن أسباب التوحد ال يمكن إرجاعها إلى العوامل الجينية فقط ،وإنما هي مزيج من األسباب الجينية − والبيئية. أن األسباب قد تختلف من طفل إلى آخر ،واألعراض الناتجة عنها أيضا قد تختلف من طفل إلى − آخر. أنه على اآلباء أال يسعوا نحو تجريب أي نوع من أنواع العالجات المقترحة في ضوء النظريات − السابقة قبل أن يجروا لطفلهم الفحوصات الكاملة التي يتحدد من خاللها احتياج الطفل لنوع معين من العالج ،وألن األسباب تختلف من طفل إلى آخر ،فإن العالج سيختلف من طفل إلى آخر، وه و األمر الذي ال يلتفت إليه اآلباء ،حيث قد يدفعهم األمل في الشفاء إلى خوض جميع التجارب، وربما في وقت واحد ،فنجد بعض األطفال يتعرضون لجميع أنواع العالج في نفس الوقت (رجيم الجلوتين والكازين ،العالج بالفيتامينات ،عالج التسمم الزئبقي ،عالج فطريات المعدة )....،مما ينتج عنه في الغالب آثار سلبية على صحة وسلوك الطفل ،حتي في األحيان التي قد يحدث فيها تحسن لحالة الطفل ،فانه يكون من الصعب إرجاع هذا التحسن إلى عالج معين دون اآلخر. أعراض اضطراب التوحد يميز اضطراب التوحد مجموعة من األعراض يتم تناولها فيما يلي: )1قصور التفاعل االجتماعي غالبا ما تظهر مظاهر االضطراب االجتماعي لدى الطفل التوحدي في بداية الحياة حيث يفشل الرضيع في إقامة تواصل بصري مع اآلخرين ،ويالحظ األبوان عدم اكتراثه لمحاولتهما تدليله أو ضمه أو تقبيله ،بل وربما ال يجدان منه اهتماما بحضورهما أو غيابهما ،من النادر أن يبدي الطفل عاطفته نحو اآلخرين ،تنقصه في كالمه النغمة االنفعالية والتعبيرية. ويكون للتفاعل االجتماعي أهمية قليلة لدى األطفال التوحديين إذا ما قورنوا بغيرهم من األطفال األسوياء واألطفال المتأخرين عقليا من غير المصابين بالتوحد ،ويكون لديهم تعلق شديد باألشياء غير 137 الحية ،هذا باإلضافة إلى ضعف التواصل بالعين ،افتقاد الدافع أو الرفض التام ألن يحمله اآلخرون، وضعف القدرة على التقليد ،وضعف القدرة على مشاركة اآلخرين في اللعب. كما تم تصنيف األطفال التوحديين تبعا لشدة قصور التفاعل االجتماعي إلى: مجموعة العزوف The Aloof Group يتجنب أطفال هذه المجموعة التفاعل االجتماعي بشدة ،ويصرون علي التجنب ،ويرفضون اإلحتكاك الجسدي أو االجتماعي. المجموعة السلبية The Passive Group يظهر أطفال هذه المجموعة قصو ار واضحا في التفاعل االجتماعي ،لكنهم يقبلون محاوالت االقتراب من اآلخرين ،ويمكنهم المشاركة في بعض األنشطة واأللعاب ،لكن دون فهم كامل لها ،والكالم لديهم أكثر تطو ار من أطفال المجموعة المنعزلة. المجموعة النشطة ذات التصرفات الغريبة Active But Odd Group تشمل هذه المجموعة األطفال الذين يتواصلون مع اآلخرين لكن بشكل غريب ،كأن يقومون بتكرار توجيه األسئله اليهم ،وقد يتعلقون بهم جسمانيا ويصرون على االحتكاك الجسدي بهم إلى الحد الذي يسبب الضيق واإلنزعاج ،وهم ال يقتربون من اآلخرين بهذا الشكل ألنهم يشعرون بالسعادة مع هذا االقتراب ،لكن ألنها سمة من سمات اضطرابهم ،ويتسم كالم أطفال هذه المجموعة بأنه أفضل من كالم أطفال المجموعتين السابقتين. يصعب على الطفل التوحدي إقامة عالقة مع أي شخص ،وذلك ألن إقامة عالقات اجتماعية يتطلب السماح لآلخرين باالقتراب الشديد ،وعادة ما ال يسمح األطفال التوحديون بهذا القرب إال ألسرهم فقط وهم غالبا ما يشعرون بالحب وسط أسرهم ألن الجو األسرى عادة ما يشعرهم باألمان ،وقد يشعرون بالراحة بالقرب من األشخاص الذين يبدون لهم الحب والحماية والرعاية والصبر فهم إذا قادرون على الحب ،وعلى استقبال الحب ،علي الرغم من أنه قد يكون حبا غريبا أو غير عادي ،ولذلك يجب أن يحرص كل من يتعامل مع الطفل التوحدي علي أن يحب الطفل ويحاول إبعاده عن األشياء التي تخيفه ،وأن يفسر له األحداث الجديدة التي قد تثير خوفه ،وال يتخذ من الطفل التوحدي مادة للضحك والتسلية ،ويحاول أن تتسم تصرفاته بالتناسق ،ويساعد الطفل على اتخاذ القرار ،ويصبر على التواصل معه ،ويساعده على أن يكون أكثر استقاللية ،ويحميه من األشخاص الذين يتظاهرون بحبهم له. 138 وتفترض الجمعية الوطنية لألطفال التوحديين أن قصور التفاعل االجتماعي لدى الطفل التوحدي يتلخص في العجز عن إدراك مشاعر وأفكار اآلخرين ،ومن ثم العجز عن تفسير اإلشارات وتعبيرات الوجه، وهو ما يطلق عليه نظرية العقل ( ،) theory of mindحيث يعجز الطفل عن رؤية األشياء من منظور اآلخرين. )2محدودية األنشطة واالهتمامات والنمطية والتكرار األطفال التوحديون ينشغلون بعدد قليل من األنشطة واالهتمامات ،ويتسم سلوكهم بالنمطية والتقولب باإلضافة إلى رفض التغيير في البيئة المحيطة ،فقد ينزعج الطفل كثي ار إذا حدث تغيير في روتين حياته والذي يتضمن البيئة المادية أو األحداث اليومية التي اعتاد عليها. كما أن لعب األطفال التوحديين يتسم بالجمود والنمطية بدال من أن يكون رمزيا خياليا ،باإلضافة إلى أنهم يميلون إلى اللعب الحسي مع األشياء المحيطة بهم ،ويعتمدون على حواس التذوق والشم واللمس في التعامل مع األشياء أكثر من اعتمادهم على الرؤية والسمع. )3قصور التواصل تشير كثير من الدراسات أن اضطرابات التواصل لدى األطفال التوحديين تمثل األعراض األكثر خطورة بين مجموعة األعراض المميزة الضطراب التوحد. وربما تعود خطورة اضطرابات التواصل إلى أنها تؤثر بدورها في ظهور اضطرابات أخرى مثل اضطراب التفاعل االجتماعي وغيره من االضطرابات التي تتأثر باكتساب اللغة ،هذا باإلضافة إلى ما أوضحته كثير من تقارير الدراسات السابقة حول تطور اللغة لدى األطفال التوحديين وبأنه يمثل عامالً حاسماً ومهماً بالنسبة للتطورات المحتملة لمهارات الطفل ،حيث إنه إذا لم يكن هناك حصيلة لغوية لدى الطفل التوحدي يكون قد اكتسبها من البيئة المحيطة به حتى سن الخامسة أو السادسة من عمره ،فإن نمو قدراته وتطورها في المستقبل سوف يكون محدودا. وفيما يلي عرض لمشكالت التواصل اللفظي وغير اللفظي لدى الطفل التوحدي وعالقتها بما يسمى بنظرية العقل (:)theory of mind مشكالت التواصل غير اللفظي يتضمن التواصل غير اللفظي نوعا من قراءة العقل ،أي أن يعرف الفرد ما يدور داخل عقله ويعمل على نقله إلى شخص آخر من خالل تعبيرات الوجه ،واإليماءات ،واإلشارات ،بدون استخدام الكلمات ،وأن يستطيع قراءة عقل اآلخرين من خالل إيماءاتهم ،إشارتهم ,تعبيرات الوجه.ويفتقد األطفال التوحديون القدرة على قراءة العقل مما ينتج عنه عدم وعي بمشاعر وأفكار اآلخرين. 139 فيما يلي عرض لمظاهر ضعف التواصل غير اللفظي لدي الطفل التوحدي: -1ضعف القدرة على استخدام اإليماء use of gestureفى التواصل. -2صعوبة استخدام الدالئل الوجهية فى التواصل : facial cuesمثل اإلبتسام والتواصل بالعين. -3صعوبة تنظيم المسافة بينهم وبين اآلخرين : use interpersonal spaceحيث يصعب عليهم االقتراب من اآلخرين ،وهذا ربما يرجع إلى أنهم يفتقدون القدرة على تنظيم المسافة بينهم وبين اآلخرين أو التحكم فيها. -4مدى التعبير االنفعالي range of emotional expression والذى يتمثل فى التعبير عن مشاعر السعادة أو الغضب من خالل (الضحك ،العبوث ،الصراخ، ،)...حيث يجد الطفل التوحدي صعوبة في إرسال مثل تلك االنفعاالت أو االستجابة لها عندما تصدر من اآلخرين.إال أن تلك المشاعر موجودة بداخلهم وأحيانا تصدر منهم لكنها غالبا تصدر في الوقت غير المناسب حيث يضحك الطفل أو يبكي بشدة بشكل فجائي وبدون سبب واضح. مشكالت التواصل اللفظي يفسر بعض العلماء مشكالت التواصل بشكل عام لدى الطفل التوحدي بما فيها مشكالت التواصل اللفظي في ضوء نظرية العقل ( ،)Theory of mindوالتى ترى أن الطفل التوحدي غير قادر على تصور الحالة العقلية لآلخرين ،ومن ثم فهو ال يقيم عالقات بين الكالم والحاالت العقلية ،مما يؤدي إلى ارتباط الكلمات بمعان محددة سواء على مستوي الفهم أو التعبير. وتتمثل مشكالت التواصل اللفظي (الكالم) لدى الطفل التوحدي تتمثل فيما يلي: -1فقدان اللغة ،حيث تشير الدراسات إلى أن من %25إلى %50من األطفال التوحديين يتم وصفهم بأنهم صامتون طوال حياتهم أو ربما يتحدثون بكلمات قليلة. -2قلب الضمائر Pronoun Reversal من المشكالت الشائعة في التواصل اللفظي لألطفال التوحديين مشكلة (قلب الضمائر) ،حيث يشير الطفل إلى نفسه بالضمائر (هو ،أو هي ،أو أنت) أو مستخدماً اسمه ،وترتبط مشكلة قلب الضمائر بمشكلة ترديد الكالم ،فبمجرد أن تبدأ مشكلة ترديد الكالم يقوم الطفل باإلشارة إلى نفسه مستخدماً الضمائر التي يستخدمها اآلخرون في اإلشارة إليه. -يجيب الطفل (هو هنا). مثال :إنت فين يا أحمد؟ 140 -3المصاداه : echolalia يشير مصطلح المصاداه إلى تكرار كالم اآلخرين ،وغالبا ما يكرر الطفل ما يسمع بدون فهم ،وقد يقوم الطفل بترديد الكالم من أجل التواصل مع اآلخرين أومن أجل تهدئة نفسه ،أو لمحاولة التركيز على نشاط معين أو لمجرد ممارسة الكالم.ويشير إلى أن هناك عدة أنواع من المصاداه: أ) المصاداه الفورية لكالم اآلخرين ( )Immediate Echolaliaأى الترديد المباشر لكالم اآلخرين. ب) المصاداه المتأخرة لكالم اآلخرين ) (Delayed Echolaliaوهى تحدث عندما يحاول الطفل استرجاع مفردات اللغة التي تم سماعها في الماضي. -4نغمة الصوت Prosody Or Tone Of Voice عندما يتحدث طفل توحدي غالبا ما نلمح اختالفا في كالمه ،يتمثل في تميز صوته بنغمة غير عادية ،عادة ما تكون نغمة نمطية على وتيرة واحدة وقد يكون الصوت مرتفعا أو منخفضا؛ وربما يحدث ذلك ألن الطفل التوحدي ال يستطيع استيعاب المعنى العاطفي اإلضافي الذي يتضمنه الصوت ولهذا يبدو الطفل كأنه يتعامل مع لغتين في وقت واحد (لغة) للتنغيم وإيقاع الصوت( ،واللغة الثانية) تتمثل في محتوى أو معنى الكالم. -5المعالجة السمعيةauditory processing : إ ن السبب في قيام الطفل التوحدي بترديد كالم اآلخرين يتمثل في أن نمو الذاكرة السمعية (الذاكرة الخاصة باألصوات المسموعة) يتم بمعدل طبيعي لكن القدرة على االستيعاب يظل نموها بطيئا ،حيث تنمو الذاكرة األولية مبك اًر مقارنة بذاكرة هضم أو استيعاب المعلومات ،ومن ثم نجد األطفال التوحديين قادرين على حفظ كثير من الكلمات واألغاني باللغة اإلنجليزية والفرنسية بدون القدرة على ترجمة كلمة واحدة منها، ويقوم األطفال التوحديون أحيانا باستخدام نقاط قوتهم ومنها ذاكرتهم السمعية لمحاولة تعويض نقاط ضعفهم وعدم قدرتهم على االستيعاب ،فينتج عن ذلك ترديد كالم اآلخرين. -6المهارة الحوارية Conversational Skill الطفل التوحدي ال يمكنه الكالم في شكل محادثة ،ولذا فإنه قد يستخدم الكالم في طلب األشياء أكثر من التعليق عليها.ويوضح أن هناك مبادئ عامة يجب وضعها في االعتبار عند تنمية اللغة لدى الطفل التوحدي: -1فهم اللغة يسبق التعبير ،ومن ثم فإن تنمية الفهم يجب أن يسبق تنمية التعبير. -2اللغة ال تقتصر فقط على الكالم ،ومن ثم يجب تنميتها في جميع أشكالها. 141 -3يفتقد الطفل التوحدي إلى الدافع للتواصل ،لذلك على المحيطين بالطفل محاولة إضفاء نوع من الصعوبة على حياته ،فال يتعجلون في تلبية احتياجاته ويصرون على أن يبدي الطفل أي تعبير باإلشارة أو الكالم مع النظر إلى اآلخرين عند طلب الحصول على شيء. باإلضافة إلى هذه األعراض (قصور التفاعل االجتماعي ،ومحدودية األنشطة واالهتمامات ،وقصور التواصل) هناك مجموعة أخرى من األعراض لم يتم تضمينها بالفئات العامة الثالثة السابقة وهي: ) 1استجابات غير طبيعية للمثيرات الحسية يستجيب األطفال التوحديون للعالم من حولهم بطرق غير عادية ،وذلك ألنهم ربما ال يشعرون باألشياء اً أو يستقبلونها بالشكل الذي نقوم به نحن ،فربما يتميز إحساس الطفل تجاه أشياء معينة بالحساسية المفرطة ،over sensitiveبمعني أن تلك األشياء تحتاج إلى قدر ضئيل من اإلحساس لتؤثر فيه ،وقد يكون إحساس الطفل تجاه أشياء معينة أقل من الطبيعي ،under sensitiveبمعني أنها تحتاج قد ار عاليا من اإلحساس لتؤثر فيه أو ليشعر بها ،واألطفال الذين يتسم إحساسهم بأنه أقل من الطبيعي under ،sensitiveغالبا تتسم حركاتهم بالنشاط الزائد; ألنهم يحاولون الحصول على ما يحتاجون إليه من إحساس ،فيلجأون إلى القفز ،الجري لألمام وللخلف ،االهتزاز....،وعلى الجانب اآلخر هناك بعض األطفال الذين يتسم إحساسهم بأنه أقل من الطبيعي ويتسم نشاطهم بالسلبية الشديدة أو التبلد ،فيستجيبون بصعوبة للعالم من حولهم ،ألنهم ال يحصلون منه على االستثارة الكافية. تتضمن حساسية األطفال التوحديين تجاه األشياء الحساسية تجاه بعض األصوات فيعاني بعضهم من الحساسية المفرطة لسماع أصوات معينة متضمنة األصوات اآلدمية بما فيها أصواتهم هم ،وكذلك بالنسبة للمثيرات البصرية فينجذبون إلى بعض المثيرات وينزعجون بشدة من مثيرات أخرى ،باإلضافة إلى أنهم لديهم استجابات مشابهة تجاه المثيرات الحسية األخرى مثل اللمس،التذوق،الشم،األلم. كما أن الطفل التوحدي قد ينزعج بشدة عندما يحاول أحد لمس رأسه ،في حين يشعر بالسعادة عندما يجلس ما بين الحائط والكرسي ،ليشعر بالضغط علي جسمه ،وكثير من األطفال ال يبكون عندما يتعرضون لأللم ،وكذلك بالنسبة للشم ،فقد يرفض الطفل تناول بعض األطعمة ،ربما ألنه ال يتقبل رائحتها ،وفي نفس الوقت قد يستمتع بشم رائحة شعر أمه ،ويفسر البعض هذه المشكلة بأنها ترجع إلى مشكالت حسية ،على سبيل المثال :رفض بعض األطفال تناول األطعمة (المقرمشة) مثل الشيبسي ،ربما يكون بسبب الحساسية الزائدة over sensitivityالتي تجعل من صوت هذه األطعمة صوتا مزعجا ومؤلما. 142 )2اضطرابات السلوك يتخذ سلوك األطفال التوحديين أشكاال عديدة من االضطراب فقد يتسم سلوك بعضهم بالنشاط الزائد، في حين يتسم سلوك البعض اآلخر بالبطء الشديد والتراخي ،ولدى بعضهم قدر عال من القلق ومن السهل إصابتهم باإلحباط ،وقد تظهر لديهم مشكالت السلوك غير السوي ،كالعنف والعدوانية تجاه اآلخرين وتجاه الذات مثل خبط الرأس ،ضرب الذات ،العض … وغيرها من سلوكيات إيذاء الذات. قد يصاحب التوحدية تقلب المزاج ،فهم أحيانا يبكون أو يضحكون بدون سبب واضح ،وقد يعاني بعضهم من الخوف والقلق عند بداية تعلم شيء جديد أو عند الخوض في تجارب جديدة ،هذا باإلضافة إلى مشكالت األكل والشرب والنوم. )4الخصائص المعرفية اضطراب التوحد يصاحبه في أغلب الحاالت تأخر عقلي ( ، )Mental Retardationفتشير الدراسات إلى أن % 75تقريبا من األطفال التوحديين لديهم نسبة من التأخر العقلي ،و %10من هؤالء األطفال على الرغم مما يبدونه من مظاهر سلوكية غير عادية مثل افتقار التفاعل االجتماعي ،التواصل، إال أنهم يتمتعون بمهارات خاصة ،غير عادية وغالبا ما تظهر تلك المهارات في القدرة الحسابية ،القدرة الموسيقية أو الفنية وهذا يفسر االفتراض القائل إن هناك جزيرة أو بقعة معزولة داخل المخ تكون كفاءتها العملية مماثلة أو تفوق كفاءة قدرة عقلية ما لدى طفل طبيعي. فكثي ار من األطفال التوحديين الذين يمتلكون قدرات خاصة والذين يتمتعون بنسب ذكاء عادية أو مرتفعة ال يتركون هذا االنطباع لدى الغير بسبب ما يعانونه من صعوبات في قدرتهم علي التواصل والتفاعل االجتماعي. أشارت بعض الدراسات التي تناولت مخ الطفل التوحدي إلى أن مخ األطفال التوحديين يبعد عن الشكل الطبيعي للمخ من حيث :كبر حجمه عن الحجم الطبيعي ،وقلة كثافة التالفيف بالمخيخ ،لكن نظ ار ألن البحوث في هذا المجال تمت على مجموعات صغيرة من األطفال ،فإنه ال يمكن االعتماد علي نتائجها كمعايير للتشخيص.هذا باإلضافة إلى أن هناك عديدا من االفتراضات النفسية التي توضح القصور المعرفي المرتبط باالضطراب التوحدي ،إال أنها في مجملها تركز على مجموعة مشكالت أساسية ؛ هي: فشل الطفل التوحدي في فهم الحاالت العقلية لآلخرين ،وصعوبة فهم اللغة غير اللفظية لآلخرين مثل: تعبيرات الوجه ،والقصور الوظيفي بالمخ ،والعجز عن إقامة ارتباطات أو عالقات ،الرؤية غير الشاملة لألشياء والتركيز على التفاصيل دون إدراك األبعاد الرئيسية لألشكال ،فهم يدركون الجزء وال يدركون الكل، باإلضافة إلى مشكالت فى اإلنتباه ،والتركيز والتذكر. 143 بعد العرض السابق ألعراض اضطراب التوحد ،يبقى توضيح عملية التشخيص من حيث الصعوبات التي تعترضها ،األساليب المختلفة للتشخيص ،والتشخيص الفارق بين التوحد وغيره من االضطرابات المشابهة. تشخيص التوحد يعد التشخيص عملية أساسية تُمكن من فهم الحالة التي نحن بصددها وبالتالي تسهل من عملية التدخل أو العالج لسائر حاالت اإلعاقة وكلما تمت عملية التشخيص في وقت مبكر كان التدخل في وقت مبكر و كانت النتائج أفضل، لم يكن التوحد فئة تشخيصية معترفا بها في دليلى التشخيص اإلحصائي األول والثاني ،وظهر للمرة األولى في دليل التشخيص اإلحصائي الثالث لالضطرابات العقلية عام ,1980حيث وضع التوحد تحت فئة (اضطرابات نمائية شاملة) ).Pervasive Developmental Disorders (PDDsوتبعه بعد ذلك التصنيف الثالث المعدل عام 1987ثم التصنيف الدولي العاشر ICD_ 10عام 1992وأخي ار التصنيف اإلحصائي الرابع 1994 DSM IVوالرابع المعدل .2000 وفيما يلي يمكن عرض تشخيص اضطراب التوحد طبقا لدليل التشخيص اإلحصائي الرابع DSM :IV -حدد دليل التشخيص اإلحصائي الرابع ( ) DSM IVالذي تصدره الجمعية األمريكية للطب النفسي ( )A.P.Pعام 1994المحكات التشخيصية للتوحد ،حيث أشار إلى أنه حتي ينطبق تشخيص _٠ التوحد يجب أن: أ) ينطبق ( ) 6أعراض أو أكثر من مجموعة األعراض الثالثة ( ،)3( ،)2( ،)1عرضين من المجموعة ( )1وعرضا من المجموعة ( )2وعرضا من المجموعة ( )3على األقل. مجموعة ( ) 1قصور واضح في التفاعل االجتماعي يظهر علي األقل في اثنين من المظاهر التالية: قصور واضح في استخدام السلوك غير اللفظي الذي يتطلبه التفاعل االجتماعي مثل التواصل - البصري ،التعبير الوجهي ،األوضاع الجسمية ،اإليماءات. -القصور في نمو عالقات الصداقة المناسبة للمستوى االرتقائي. نقص الرغبة في السعي التلقائي لمشاركة اآلخرين في االهتمامات أو االنشطة. - نقص المشاركة االجتماعية أو االنفعالية. - 144 مجموعة ( ) 2قصور واضح في التواصل يظهر علي األقل في واحد من المظاهر التالية: تأخر /أو نقص ارتقاء اللغة اللفظية (الكالم) ،غير المصحوبة بمحاولة تعويض ذلك من خالل - أشكال بديلة من التواصل مثل اإليماءات أو لغة الجسم. -بالنسبة لألشخاص الذين لديهم القدرة على الحديث المالئم يظهر قصور واضح في القدرة على بدء محادثة مع اآلخرين (المبادأة). -استخدام اللغة بشكل تكراري نمطي أو استخدام لغة خاصة. -نقص التلقائية والتنوع في اللعب وخاصة اللعب االجتماعي القائم على التقليد بالشكل الذي يتناسب مع المستوى االرتقائي. األنماط المحدودة التك اررية والنمطية من السلوك واالهتمامات واألنشطة ،يظهر علي األقل مجموعة ()3 في واحد من المظاهر التالية: -االنشغال الكامل وغير السوي بواحد أو أكثر من أشكال االهتمامات النمطية والتي تتسم بأنها غير عادية سواء في شدة االهتمام بها أو التمركز حولها. التمسك الشديد بأشكال خاصة من األفعال غير الوظيفية أو الطقوس الخاصة. - -وجود سلوكيات حركية نمطية وتك اررية على سبيل المثال: التمسك بحركات معينة لليد أو األصابع (الرفرفة ،أو االلتواء) ،وغير ذلك من الحركات الجسمية النمطية المعقدة االنشغال الكامل بأجزاء الموضوعات أو األشياء. - ب) يظهر هذا االضطراب قبل العام الثالث من العمر في شكل تأخر أو شذوذ في واحد على األقل من المظاهر التالية: -التفاعل االجتماعي -اللغة المستخدمة في التواصل االجتماعي -اللعب الرمزي أو التخيلي ج) غياب أعراض اضطراب ريت Rett’s Disorderأو اضطراب الطفولة التفككي Childhood Disintegrative Disorder 145 أساليب تشخيص التوحد تشير الجمعية األمريكية للتوحد إلى أنه ال يوجد تشخيص طبي الضطراب التوحد ،إنما يقوم التشخيص الدقيق علي أساس مالحظة سلوك الطفل ،فإن المالحظة السلوكية للطفل تعتمد علي العديد من الطرق لتجميع البيانات ،وتتضمن تلك البيانات ما يلي: )1التاريخ التطوري للحالة Developmental History )2التاريخ الوراثي للحالة Genetic History )3تاريخ الحمل Pregnancy History )4التقييم السلوكي Behavioral Assessment يعد التقييم السلوكي جزءا مهما في تقييم الطفل التوحدي ،ويوجد اسلوبان لتجميع المعلومات السلوكية عن ال طفل؛ هما :المالحظة غير المقننة ،المالحظة المقننة ،ويستند التشخيص السليم على كال األسلوبين: تتمثل المالحظة غير المقننة في :وضع الطفل في موقف لعب بمصاحبة األم ،وفي هذا الموقف يبدأ - _« -# المالحظ في مالحظة بعض النقاط منها ،رد فعل الطفل علي وجود األم ،هل يقترب من األم ،هل يستجيب لمحاوالتها لالشتراك معه في اللعب ،هل يتواصل معها بصريا ،هل يجلس بجانبها أو يعانقها، … هذه المالحظة تجعل القائم بالتشخيص يجمع أكبر قدر من المعلومات عن الطفل. تتمثل المالحظة المقننة في :تطبيق مقايي س معينة لها أسس ودرجات معينة وذلك من أجل الخروج - بنتيجة مقننة ،وقد صمم عديد من المقاييس واألدوات لتستخدم في تشخيص الطفل التوحدي.نذكر منها: -1أداة تقدير سلوك األطفال التوحديين. Behavior Rating Instrument for Autistic and Typical Children -2قائمة تقدير السلوك التوحدي )Autism Behavior Checklist (ABC -3مقياس تقدير توحد الطفولة )Childhood Autism Rating Scale (CARS -4جدول المالحظة التشخيصي للتوحد)Autism Diagnostic Observation Schedule (ADOS -5المقابلة التشخيصية للتوحد )(Autism Diagnostic interview Siegel) (ADI-R -6مقياس جيليام لتقدير التوحد ))Gilliam Autism Rating Scales) (GARS وأخي ار يجب أن يتذكر اإلخصائيون واآلباء أن عملية التشخيص ليست هي الهدف ،وإنما هي البداية لعملية تدخل تسعى إلى الحد من األعراض التي كشف عنها التشخيص ،وكما الحظنا من العرض السابق ألعراض االضطرابات النمائية الشاملة ،فإن األعراض ال تختلف كثي ار فيما بين االطفال المنتمين لتلك 146 االضطرابات ،ومن ثم فإن السعي المضني نحو إعطاء مسمي للطفل بأنه طفل توحدي أو أنه مصاب باضطراب اسبرجر ،أو غيره من اضطرابات النمو ،ال يجب أن يستحوذ على اهتمام اآلباء والمتخصصين، فاألهم من إعطاء مسمي للطفل هو التدخل السريع والمكثف. النظريات المفسرة الضطراب التوحد أوًال :نظرية العقل Mind Theory تفترض هذه النظرية بأن القصور فى الجوانب االجتماعية والتواصلية والتخيلية الذي يمتاز به األفراد التوحديون يأتي من شذوذ الدماغ التي تمنع الشخص من فهم المواقف االجتماعية وبالتالي تمنعه من تكوين نظرية العقل ،والتي تعني أن التوحدي غير قادر على التنبوء بسلوك اآلخرين وتفسيره من خالل حالتهم العقلية أو أنه ال يرى األشياء من وجهة نظر الشخص اآلخر بينما األشخاص العاديون لديهم فهم خاص يستطيعون من خالله قراءة أفكار اآلخرين. كما أن العجز االجتماعي المالحظ عند األطفال التوحديين ما هو إال نتيجة لعدم قدرتهم على فهم الحاالت العقلية لآلخرين ،وبالتالي فإن العجز االجتماعي يرجع إلى عيوب فى نظرية العقل. ولقد ذكر ) (Cohenمصطلح عمى العقل لدى التوحديين للداللة على عدم قدرة العقل لديهم على قراءة أفكار اآلخرين ومشاعرهم والتنبوء بأفعالهم ،وعدم قراءة العقل هذه ال تساعد الطفل التوحدي على التمييز بين المزاح والجدية والتهديد. أوضح ) (Cohenمظاهر القصور فى نظرية العقل لدى األطفال التوحديين: - ١التمييز بين المظهر والجوهر :يستطيع األطفال العاديون فى حوالى عمر أربع سنوات التمييز بين الحقيقة والمظهر أو المظهر والجوهر ،أي يمكنهم التمييز بين ما يبدو عليه الشيء والشكل الفعلي الذي يعرفونه عنه. - ٢التمييز بين األحداث المادية واألحداث العقلية :ويعتبر هذا حجر األساس فى نمو مفاهيم نظرية العقل حيث يتضمن االختبار االستماع لقصة يستطيع من خاللها الطفل التمييز بين خبرة عقلية وأخرى مادية مثال التمييز بين الكلب الحقيقي والكلب اللعبة ،ويستطيع الطفل العادي فعل ذلك فى عمر ٤-٣سنوات. ً - ٣اختبارات االعتقاد الخاطئ من الدرجة األولى :ترتكز هذه االختبارات على قياس مفهوم أن األفراد اآلخرين لديهم تصورات أو أفكار خاطئة أو مختلفة حول نفسه ،ويستطيع الطفل العادي أداء هذا االختبار فى حوالي عمر ٤سنوات. 147 - ٤فهم وإدراك أسباب المشاعر واالنفعاالت :يمكن أن تحدث المشاعر أو االنفعاالت نتيجة ظروف أو فمثال يمكن أن تكون ً سعيدا أحداث مادية فسقوطك يجعلك تبكي ،أو أحداث عقلية مثل الرغبات والمعتقدات ً ألنك ستحصل على ما تريد. - ٥الرؤية تؤدي للمعرفة :وتعني قدرة األطفال على فهم ومعرفة األشياء التى مرت عليهم أو التي توجد فى خبراتهم سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة مما يدعم التواصل كما أنه يؤدي إلى فهم الخداع. شهرا ،وقد أوضحت - ٦اللعب اإليهامي التلقائي :يبدأ األطفال باللعب اإليهامي ابتداء من سن ً ١٨ -١۰ نتائج الدراسات أن األطفال التوحديين لديهم قصور فى اللعب اإليهامي التلقائي وهذا يعكس إخفاقهم فى التعبير عما يدور فى خيالهم ،كما يعكس عدم مرونتهم فى نقل االنتباه من نمط الحقيقة إلى نمط الخيال (الوظيفة التنفيذية). - ٧الخداع :يرتبط بفهم ما يدور فى عقل اآلخرين وذلك بسبب ارتباطه بمحاولة جعل اآلخر يعتقد أن شيئا ما حقيقة بينما هو فى الواقع مزيف ،فالخداع هو محاولة التأثير فى أفكار وعقول اآلخرين. - ٨اللغة العملية :يعتبر فهم الكالم الرمزي والفكاهة مجرد مجموعة فرعية من اللغة العملية التي تتضمن ما يلي: مهذبا صاد ًقا. طا ً احترام قواعد المحادثة العامة وأن يكون الحديث متراب ً األخذ والعطاء فى الكالم بشكل مناسب لكي يكون هناك مساحة لكل المشاركين فى الحوار. أن يدرك القول الصحيح والقول الخاطئ فى السياق االجتماعى. - ٩االستعارة والسخرية والتهكم :يمكن لألطفال فى سن المدرسة فهم السخرية والتهكم والكذب واالستعارات والتمييز بين الحديث اللفظي والغير لفظي بينما يواجه الطفل التوحدي صعوبة فى ذلك . ثانيا :نظرية الوظائف التنفيذية Executive Functions ً إحدى صور العجز المعرفي والعرض األساسي لتشخيص التوحد هى وظيفة التخطيط واإلدارة ،والتي تعني القدرة على رسم الخطط لتحقيق أهداف معينة والوصول إليها ،باإلضافة إلى مرونة الفرد فى التفكير وقدرته على تعديل وتغيير الترتيبات التي كان قد خطط لها مسبًقا. وقد وجد أن األطفال التوحديين لديهم صعوبة فى وضع الخطط وتنفيذها مما جعل الباحثين يفترضون أن هذه الصعوبة هى السبب فى الصعوبات األخرى التي يعانون منها مثل عدم القدرة على قراءة أفكار اآلخرين ،وفهم تعابير وجوههم والتفاعل معهم بصورة مناسبة ،وهي نفس المهارات التي أشارت إليه نظرية العقل. 148 يعرف األداء التنفيذى بأنه القدرة على تحرير العقل من الحالة الفورية والسياق اآلني لتوجيه السلوكيات من خالل نماذج عقلية وتمثيالت داخلية ،ويشمل التخطيط والتنظيم وتوجيه التقدم نحو هدف ما واتباع منهج مرن فى حل المشكالت كما أن العديد من التوحديين يواجهون صعوبة فى الوظائف التنفيذية تتمثل فى خمس مهارات أساسية هي التنظيم والتخطيط والمعالجة والمشاركة وصنع القرار مما يؤدي إلى ترتيب استحواذي وسلوك تكرار. نفسيا يشير إلى مجموعة من العمليات اإلدراكية مفهوما ً ً ويمكن تعريف الوظائف التنفيذية باعتبارها الموجهة إلى الذات والتي تتيح انضباط النفس وحل المشكالت وهو ما يتم فى الفصين األماميين من الدماغ ،حيث يقوم الفصان األماميان بدور السؤال التنفيذى الذي يدير جميع المعلومات وانتقاء السلوك. ثالثًا :نظرية الترابط أو التماسك المركزي Central Coherence يرى أصحاب هذه النظرية أن المشكالت المعرفية األساسية التي يعاني منها األفراد التوحديون ترجع إلى افتقارهم إلى دافع " التماسك المركزي" وهي الطاقة التى تنشأ لدى األفراد العاديين وتدفعهم إلى تنظيم المعلومات المستقاه من البيئة من حولهم ،لكي يصلوا إلى تفسير وفهم شامل للمواقف التي يواجهونها من خالل قراءة أفكار اآلخرين ونواياهم ونظرات أعينهم وإيماءاتهم وغيرها من اإلشارات والتلميحات المهمة. يرى بعض الباحثين أن التوحديين عادة ما يكون لديهم تماسك أو ترابط مركزي ضعيف ،وطبًقا لهذه النظرية فإن الترابط المركزي هو الميل الطبيعي لمعظم األفراد إلضفاء النظام أو الترتيب المبني على تلك بدال من إدراكها كأجزاء مختلفة. المعلومات التي توجد فى بيئتهم ،وذلك عن طريق إدراكها ككل ذي معنى ً ابعا :نظرية اإلدراك الحسيSensory Perceptual Theory رً يرى أصحاب هذه النظرية أن التوحد يحدث بسبب إصابة فى الدماغ تؤثر على واحدة أو أكثر من القنوات الحسية التي تجعل عقول التوحديين تدرك المدخالت الخارجية بشكل مختلف عما تقوم به عقول األطفال العاديين ،باإلضافة إلى أن األطفال التوحديين يعانون من إعاقة حسية فى واحدة أو أكثر من حواسهم ،كما يعانون من فروق فى اإلدراك.وقد تشمل هذه الفروق على عدم القدرة على تصفية المعلومات، واإلدراك الجزئي ،والحساسية المفرطة أو ضعف الحساسية. قام (أورنيتز) بوصف اضطرابات اإلدراك الشائعة فى التوحد ،كما قام بتوسيع فكرة اضطراب العمليات الحسية إلى فكرة المعالجة الحسية والمعلوماتية ،ولقد أتاح له هذا األسلوب توضيح المراحل المنفصلة ووظائف اإلدراك الحسي وتعريفه ،والتفكير بالمعالجة المعلوماتية حسب وظائف منفصلة مثل االنتباه، التذكر ،والتعلم ،كما افترض أن الخبرات الحسية غير العادية تعتبر خصائص أولية مميزة للتوحد قادرة على 149 جدا ال يمكن تفسيرها عن تفسير األعراض األساسية للحالة.وعلى الرغم من أن التوحد يعتبر ظاهرة معقدة ً كبير فى تشخيص طريق إيجاد فروق فى الخبرات الحسية ،إال أن المشكالت اإلدراكية الحسية تلعب ًا دور ًا التوحد . خامسا :نظرية التعلم االجتماعيSocial Learning Theory ً ترى نظرية التعلم االجتماعي أن خصائص التوحديين تكون نتيجة لفشل عمليات التعلم االجتماعي. سلبا على قدرة الطفل والقصور فى الجانب المعرفي يعلن عن نفسه فى قصور التقليد االجتماعي مما يؤثر ً قصور فى قدرة ًا على النمو االجتماعي.وفى الحاالت الشديدة يعيق عملية التواصل االجتماعي ،كما تظهر الفرد على المشاركة فى التبادالت االجتماعية أو الفشل فى تكوين عالقات األقران السوية وتطوير السلوك االجتماعي السوي فى مرحلة الطفولة ،واالستمرار فى العالقات االجتماعية الغير سوية فى مراحل الحياة. سادسا :النظرية المعرفية ً تحدد الخصائص المعرفية المالحظة عند التوحديين طريقتهم في إدراك البيئة المادية واالجتماعية فالمكون المعرفي يتحدد في قاموس ، Larousseبأنه المكون الذي يتوافق مع األنساق التي يكتسب الكائن الحي عبرها معلومات عن بيته ،وتمر هذه المعلومات بوظائف ذهنية تجمع بين التفكير والحكم واإلدراك والذاكرة واالنتباه ،وبالتالي يجب أخذ هذه الخصائص في االعتبار لفهم األشخاص المصابين بالتوحد، ولتحديد نوع المساعدة الخاصة المتكيفة مع حاجاتهم ولتنميتهم من تنمية طاقاتهم ،فقد تكون خصائص معالجة المعلومات مسؤلة عن الصعوبات التي يواجهها. فطفل التوحد ال يستطيع ربط األحداث الشخصية وتذكر مضمون األحداث ،حيث يستطيع أن يسترجع األحداث الموجودة فى الذاكرة فى تسلسل كامل إال أنه ال يستطيع أن يبحث عن أحداث معينة فى الذاكرة عندما يطلب منه ذلك.حيث أن استخدام طفل التوحد لذاكرته يعتمد على سياق مجموعة من عوامل التلميح نظر جدا أو مستحيلة ًا وأن عملية بحث الطفل التوحدي عن شيء معين في ذاكرته تصبح عملية صعبة ً لعدم وجود خبرات ذاتية في ذاكرته ،وهذا يؤدي بدوره إلى ظهور مجموعة من الصعوبات أو المشكالت لدى الطفل التوحدي. سابعا :النظرية النفسية ً يرى أصحاب هذه النظرية أن سبب االضطراب التوحدي هو اإلصابة بمرض الفصام الذي يصيب األطفال في مرحلة الطفولة ،ومع زيادة العمر يتطور هذا المرض لكي تظهر أعراضه كاملة في مرحلة المراهقة وقد افترض أن التوحد ينشأ بسبب وجود األطفال التوحديين في بيية تفتقد التفاعل والتواصل والجمود مما يؤثر على نمو الطفل النفسي واالجتماعي واهتماماته.ويعتبر( ليو كانر) أول من وصف آباء هؤالء األطفال بأنهم شديدو االهتمام بالتفاصيل ،ويتسمون باالنطوائية والبرود االنفعالي ،وال يظهرون الود ألوالدهم 150 إلى جانب أنهم متفوقون ً عقليا لذا يرى أصحاب وجهة النظر هذه أن التوحد ناتج عن إحساس الطفل بالفصل من قبل والديه وعدم إحساسه بالعاطفة.وقد تعرض وصف (كانر) للخصائص األبوية لالنتقاد من بعض الباحثين ولكن بعضهم اعترف بأنه يمثل التفسير النفسي ،بعد سنوات من وصف كانر لسبب التوحد، والذي أدى إلى إرباك بسبب كال السببين الفطري أو عند الوالدة وكرد فعل للبرود واألنانية الوالدية . ثامنا :النظرية السلوكية ً تفترض هذه النظرية أن المشكالت السلوكية التي يعاني منها األطفال التوحديين هي مشكالت أولية وتسبب مشكالت اجتماعية ،حيث يرى البعض أن المشكلة الرئيسية تتمثل في تغيير ودمج المدخالت من الحواس المختلفة تقوم على عدم وجود تكامل بين الحواس بعضها ببعض وتتسم بالصفات اآلتية: زيادة في االستقبال الحسي للحاسة الواحدة نقص في االستقبال الحسي للحاسة الواحدة زيادة ونقصان لالستقبال الحسي استقبال القناة الواحدة إثارة حاسة واحدة تؤدي إلى استثارة حواس أخرى كما أن التوحد ليس نتيجة مفردة لعيوب إدراكية رئيسية ولكنه نتيجة لعيوب إدراكية متعددة وهذا البحث أدى إلى أنواع مهمة من العالج التي تطوق العيوب المعرفية والسلوكية ،وبعض المعالجين السلوكيين علموا اعتمادا على استغالل حساسيتهم للحس ً األطفال التوحديين بعض التعبيرات االنفعالية المختلفة ولغة اإلشارة والحركة وعدم حساسيتهم للكالم المنطوق ،وذلك بواسطة معززات مكافيات العالج السلوكي . تاسعا :النظرية اإلدراكية ً يرى أنصار هذا االتجاه أن التوحد هو اضطراب إدراكي نمائي فالطفل التوحدي يعاني من انخفاض في القدرات العقلية المختلفة ،والتي ترجع بدورها إلى انخفاض في قدرته على اإلدراك باإلضافة إلى اضطراب في اللغة ،كما ترجع بعض الدراسات أسباب التوحد إلى الخلل الحادث في اإلدراك وعدم تنظيم االستقبال الحسي مما يعوق قدرة الطفل على تكوين أفكار مترابطة وذات معنى على البيئة ،كما تحد من قدرته على التعلم والتكيف مع البيئة وينعزل وينغلق على ذاته وٌلوحظ أن معظم أطفال التوحد لديهم إعاقات في واحدة أو أكثر من حواسهم ،هذه اإلعاقات يمكن أن تشمل السمع واللمس والتذوق واالتزان والشم واإلحساسات العميقة ،وهذه اإلحساسات قد تكون زائدة الحس أو ناقصة الحس وكنتيجة لذلك قد يصعب على أطفال التوحد معالجة اإلحساسات القادمة إليهم حاملة معلومات غير صحيحة ،فبعض أطفال التوحد يتجنبون معظم أشكال االحتكاك الجسماني. 151 عاشر :النظرية الحركية ًا تشير الدراسات التي قارنت بين أطفال توحديين مع إلى وجود ازدياد دال في مظاهر االختالل الوظيفي العصبي ،وعلى مستوى وضع الجسم ،وتبين أن االختالل عند التوحديين يطال الوضعيات البسيطة أكثر مما يطال الوضعيات المعقدة ،ويدوم مع الوقت ويترابط مع حدة التوحد ،وباختصار يمكن القول بأن البعض أشار إلى وجود تشوهات ومظاهر تأخر في هذا المجال ،ربطها هو بالوظائف التنفيذية وربطها آخرون باختالل سلوكيات التقليد ،وقد تؤثر اضطرابات الحركة على النمو في مجاالت أخرى وخاصة مجال العالقات االجتماعية . جدا تعكس عالقة أصحاب التوحد باآلخرين وبالعالم المحيط بهم، كما أن السمات الحركية الخاصة ً متصلبا عندما يتجه نحو شخص آخر أو عندما يحمل ً فعدم ارتباط طفل التوحد باآلخرين يجعل جسده يبدو معينا كما تتضمن هذه السمات الحركية لطفل التوحد صعوبات التقاط أو رمي كرة ما موجودة أسفل شيئا ً ً الذراع وصعوبات عمل كعكة يطبطبها الطفل براحة يده وصعوبات في ارتشاف أو كشط الطعام من معلقة أمامه ،فكل هذه الصعوبات تمثل مظاهر لسوء النمو الحركي لدى أطفال التوحد.